4497778798081828384858687888990919293949596979899100101102

الإحصائيات

سورة الصافات
ترتيب المصحف37ترتيب النزول56
التصنيفمكيّةعدد الصفحات7.00
عدد الآيات182عدد الأجزاء0.35
عدد الأحزاب0.70عدد الأرباع2.90
ترتيب الطول28تبدأ في الجزء23
تنتهي في الجزء23عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
القسم: 1/17_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (77) الى الآية رقم (82) عدد الآيات (6)

= وأتباعَه المؤمنين، وأغرقَ غيرَهم من قومِه الكافرين.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (83) الى الآية رقم (98) عدد الآيات (16)

القصَّةُ الثانيةُ: قصَّةُ إبراهيمَ عليه السلام لمَّا استنكرَ على أبيِه وقومِه ما يعبُدونَ من دونِ اللهِ، ثم يتعلّل إبراهيمُ عليه السلام عن الخروجِ معَ قومِه إلى عيدِهم بقولِه: إنِّي مريضٌ، ثُمَّ يكسرُ الأصنامَ، فتشاورُوا أن يجعلُوه في النَّارِ، فنجَّاهُ

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (99) الى الآية رقم (102) عدد الآيات (4)

إبراهيمُ عليه السلام يهاجرُ من بلدِه، ثُمَّ سألَ ربَّه الولدَ فَبُشِّرَ بهِ، فلمَّا شبَّ إسماعيلُ عليه السلام أخبرَهُ بما رأى في المنامِ؛ فاستجابَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الصافات

استسلم لأوامر الله حتى لو لم تدرك الحكمة منها/ عزة أولياء الله وذُل وصَغَار أعداء الله

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • رسالة سورة الصافات: استسلم لأوامر الله حتى لو لم تدرك الحكمة منها.:   لذلك تأتي السورة بمثل رائع: سيدنا إبراهيم، لما طلب منه ذبح ابنه إسماعيل، فتلقى الأمر دون أي تردد أو سؤال عن الحكمة والغاية من هذا الطلب، وكأن السورة تقول لنا: سيأتيكم يا مسلمون عدد من الأوامر التي لن تفهموا الحكمة منها، فاقتدوا بسيدنا إبراهيم في تنفيذه للأوامر الربانية. مثال يوضح الأمر: إن الواحد منا يستجيب لرأي طبيبه، ويرى أنه هو الصواب، وينفذ تعليماته بكل دقة، وهو بشر لا يملك أن يضر أو ينفع إلا بإذن الله، ولا يسأله ما الحكمة من وراء هذا العلاج بالذات، بل ينفذ أوامره ويخضع لأمره دون مناقشة، ثم نفس هذا الشخص تجده يعترض على خالق الخلق، ألم يكن الأولى أن يستجيب لأوامر ربه العليم الحكيم ولو لم تظهر له حكمة الأمر؟! استسلام الأب والابن: وبالعودة لإبراهيم، فإننا نرى في قصته استسلامًا كاملًا لله تعالى، فهو قد ترك قومه وهاجر إلى الغربة في سبيل الله: ﴿وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبّى سَيَهْدِينِ﴾ (99)، ثم تصوّر لنا السورة اشتياقه وحاجته للولد: ﴿رَبّ هَبْ لِى مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينِ﴾ (100)، فاستجاب الله لدعائه: ﴿فَبَشَّرْنَـٰهُ بِغُلَـٰمٍ حَلِيمٍ﴾ (101). تخيل فرحة قلبه! رجل كبير عجوز مهاجر وبعيد عن بلده، تخيّل تعلّقه بهذا الولد، الذي ليس غلامًا عاديًا، بل أنه (غلام حليم)، فماذا بعد؟ نرى في الآية (102): ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْىَ﴾، لما كبر الولد أمام عيني والده، رأى إبراهيم في منامه رؤيا صعبة: ﴿قَالَ يٰبُنَىَّ إِنّى أَرَىٰ فِى ٱلْمَنَامِ،﴾ ليس أمرًا مباشرًا من الله أو عن طريق جبريل، بل عن طريق الرؤيا، ومع ذلك لم يتذرع إبراهيم بذلك؛ لأنه يعلم أن رؤيا الأنبياء حق. ولم يطلب إبراهيم معرفة الحكمة من هذا الطلب، بل لم يسأل عنها أصلاً، لكنه قال لابنه بكل استسلام: ﴿إِنّى أَرَىٰ فِى ٱلْمَنَامِ أَنّى أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ﴾، وهذا السؤال ليس ترددًا لأنه سيذبحه أصلًا، لكن إبراهيم ذاك النبي المستسلم لله تعالى في كل أوامره، أراد أن يشارك ابنه في الأجر، فماذا قال إسماعيل؟ إن أباه تركه وهو طفل في صحراء قاحلة، ويأتي اليوم ليخبره أنه سيذبحه: ﴿قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَاء ٱلله مِنَ ٱلصَّـٰبِرِينَ﴾. وهنا تأتي الآية المحورية: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ (103)، وهنا يأتي سؤال: ألم يكونا مسلمين قبل هذا الطلب؟ طبعًا، لكن ﴿أَسْلَمَا﴾ هنا تصور معنى الإسلام الكامل، وهو الاستسلام لله تعالى دون أي تردد. وليس هذا غريبًا على إبراهيم عليه السلام، فهو الذي أُلقى في النار فاستسلم، وأُمر بترك زوجته وولده في مكان موحش لا أنيس فيه ولا جليس فاستسلم. مثال عكسي: استكبار الرجل الذي كان يشكك قرينه في البعث ويدعوه إلى التكذيب، فما التفت إليه بل آمن: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ (51-57).
  • • لماذا سميت السورة بالصافات؟:   ما هي الصافات؟ هي الملائكة التي تصطف بين يدي الله تعالى استسلامًا له، لذلك بدأت السورة بداية رائعة بذكر هؤلاء العباد المخلصين.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الصافات».
  • • معنى الاسم ::   الصافات: الملائكة التي تصف في السماء للعبادة كصفوف الناس في الصلاة في الأرض، أو هم الملائكة التي تصف أجنحتها في الهواء واقفة حتى يأمرها الله بما يريد.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بالقسم الإلهي بالصافات، وهم ‏الملائكة.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   الخضوع لله والاستسلام له ولشرعه وأحكامه، حتى لو لم ندرك الحكمة منها.
  • • علمتني السورة ::   عزة أولياء الله وذُل وصَغَار أعداء الله.
  • • علمتني السورة ::   : احفظ لسانك وأفعالك، حتى لا تقف موقفًا يسوؤك بين يدي الله: ﴿وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أنه لا مجيب إلا الله، ولا مغيث إلا هو: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عن ابن عمر قال: «إن كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليأمُرُنَا بالتخفيف في الصلاة، وإن كان ليؤُمُّنا في الصبح بالصَّافَّات».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الصافات من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • أول سورة -بحسب ترتيب المصحف- تفتتح بالقسم، وعدد هذه السور 17 سورة، وهي: الصافات، والذاريات، والطور، والنجم، والقيامة، والمرسلات، والنازعات، والبروج، والطارق، والفجر، والبلد، والشمس، والليل، والضحى، والتين، والعاديات، والعصر، وكلها سور مكية.
    • يبلغ عدد آيات سورة الصافات 182 آية، فهي تعتبر -من حيث كثرة عدد الآيات- في الترتيب الخامس من سور القرآن الكريم، فهي تأتي بعد سور: البقرة 286 آية، والشعراء 227 آية، والأعراف 206 آية، وآل عمران 200 آية.
    • ألحقت حلقات سلسلة قصص نوح، وإبراهيم، وموسى وهارون، وإلياس عليهم السلام بلازمة تكررت عقب كل قصة من هذه القصص الأربع -مثل حلقات سورة الشعراء-، وهي قوله تعالى: ﴿سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ﴾ (79-81)، وهذه اللازمة تؤكد تأييد الله تعالى ونصره لعباده، وأن سبب ذلك هو الإحسان في العبادة.
    • خُتمت السورة بثلاث آيات اشتهرت بتلاوتها عند ختم المجلس، وهي قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (180-182)، وقد ذُكِرَ في ذلك بعض الأحاديث، ولكنها ضعيفة.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نستسلم لأوامر الله؛ حتى لو لم ندرك الحكمة منها.
    • أن نتذكر نصيحة سمعناها ونبادر بالامتثال لها: ﴿وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ﴾ (13).
    • ألا نسلم عقولنا لأحد ونتبعه دون علم؛ فإنه سيتبرأ منا يوم القيامة: ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ * قَالُوا بَل لَّمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (27-29).
    • أن نحذر من الكبر؛ فإنه خطيئة إبليس: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ (35).
    • أن نتجنب ظلم الناس؛ فشجرة الزقوم عذاب الظالمين: ﴿أَذَٰلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ۞ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ﴾ (62).
    • أن نطهر قلوبنا من كل دنس، ونستعذ بالله من أمراض الشهوات والشبهات: ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ (84).
    • أن نستسلم دومًا لأقدار الله تعالى، ونصبر عليها: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ (102).
    • أن نكثر من ذكر الله وتسبيحه: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ (143، 144).
    • أن ندخر لأنفسنا خبيئة تنجينا في الملمات، يونس عليه السلام لم يكن ليخرج من بطن الحوت لولا تسبيحه: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ۞ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ (143، 144).
    • أن نعتقد اعتقادًا جازمًا أن دين الله تعالى منصور لا محالة: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ۞ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ ۞ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ (171-173).

تمرين حفظ الصفحة : 449

449

مدارسة الآية : [77] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ

التفسير :

[77] وجعلنا ذرية نوح هم الباقين بعد غرق قومه.

وأغرق جميع الكافرين، وأبقى نسله وذريته متسلسلين، فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام، وجعل له ثناء حسنا مستمرا إلى وقت الآخرين، وذلك لأنه محسن في عبادة الخالق، محسن إلى الخلق، وهذه سنته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب إحسانهم.

وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ أى: وجعلنا ذريته من بعده هم الذين بقوا وبقي نسلهم من بعدهم، وذلك لأن الله- تعالى- أهلك جميع الكافرين من قومه، أما من كان معه من المؤمنين من غير ذريته، فقد قيل إنهم ماتوا، ولم يبق سوى أولاده.

قال ابن كثير: قوله- تعالى-: وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ: قال ابن عباس: لم تبق إلا ذرية نوح.

وقال قتادة: الناس كلهم من ذرية نوح.

وروى الترمذي وابن جرير وابن أبى حاتم عن سمرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم في قوله:

وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ قال: «هم سام، وحام، ويافث» .

وروى الإمام أحمد- بسنده- عن سمرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم» .

( وجعلنا ذريته هم الباقين ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس يقول : لم تبق إلا ذرية نوح - عليه السلام - .

وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة في قوله : ( وجعلنا ذريته هم الباقين ) قال : الناس كلهم من ذرية نوح [ عليه السلام ] .

وقد روى الترمذي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من حديث سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( وجعلنا ذريته هم الباقين ) قال : " سام ، وحام ويافث " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ; أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " سام أبو العرب ، وحام أبو الحبش ، ويافث أبو الروم " .

ورواه الترمذي عن بشر بن معاذ العقدي ، عن يزيد بن زريع ، عن سعيد - وهو ابن أبي عروبة - عن قتادة ، به .

قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر : وقد روي عن عمران بن حصين ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله . والمراد بالروم هاهنا : هم الروم الأول ، وهم اليونان المنتسبون إلى رومي بن ليطي بن يونان بن يافث بن نوح - عليه السلام - . ثم روي من حديث إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : ولد نوح - عليه السلام - ثلاثة : سام وحام ويافث ، وولد كل واحد من هذه الثلاثة ثلاثة ، فولد سام العرب وفارس والروم ، وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج ، وولد حام القبط والسودان والبربر . وروي عن وهب بن منبه نحو هذا ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77)

وقوله ( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ) يقول: وجعلنا ذريّة نوح هم الذين بقوا في الأرض بعد مَهْلِك قومه، وذلك أن الناس كلهم من بعد مَهْلِك نوح إلى اليوم إنما هم ذرية نوح، فالعجم والعرب أولاد سام بن نوح، والترك والصقالبة والخَزَر أولاد يافث بن نوح، والسودان أولاد حام بن نوح، وبذلك جاءت الآثار، وقالت العلماء.

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا ابن عَشْمَة، قال: ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سَمُرة، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، في قوله ( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ) قال: " سام وحام ويافث ".

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله ( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ) قال: فالناس كلهم من ذرية نوح.

حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله ( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ) يقول: لم يبق إلا ذرية نوح

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[77] ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾ من مظاهر الإنعام على نوح: نجاته ومن آمن معه، وجعل ذريته أصول البشر والأعراق والأجناس، وإبقاء الذكر الجميل والثناء الحسن.
وقفة
[77] ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾ أبونا الأول هو آدم عليه السلام، وأبونا الثاني هو نوح عليه السلام، ولولاه ما بقي على وجه الأرض منا أحد.
وقفة
[77] ﴿وَجَعَلنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقينَ﴾ يقينًا الخير هو الذى سيبقى.
عمل
[77] قال الله عن نبيه نوح: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾، فأنت يا هذا من نسل نبي، فاحذر أن تأخذ بطريق لا يليق بك.

الإعراب :

  • ﴿ وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ:
  • الواو عاطفة. جعل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.ذريته: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به اول
  • ﴿ هُمُ الْباقِينَ:
  • هم: ضمير فصل او عماد لا محل له من الاعراب لانه زائد.الباقين: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [77] لما قبلها :     وبعد أن نَجَّى اللهُ نوحًا عليه السلام ومَن معه، وأغرقَ جميعَ الكافرين؛ أبقى نَسْلَه وذريتَه متسلسلين؛ فجميعُ النَّاس مِن ذريةِ نوحٍ عليه السلام، قال تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [78] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ

التفسير :

[78] وأبقينا له ذِكْراً جميلاً وثناءً حسناً فيمن جاء بعده من الناس يذكرونه به.

وأغرق جميع الكافرين، وأبقى نسله وذريته متسلسلين، فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام، وجعل له ثناء حسنا مستمرا إلى وقت الآخرين، وذلك لأنه محسن في عبادة الخالق، محسن إلى الخلق، وهذه سنته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب إحسانهم.

وقوله: إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ تعليل لما منحه- سبحانه- لعبده نوح من نعم وفضل وإجابة دعاء.

أى: مثل ذلك الجزاء الكريم الذي جازينا به نوحا- عليه السلام- نجازي كل من كان محسنا في أقواله وأفعاله. وإن عبدنا نوحا قد كان من عبادنا الذين بلغوا درجة الكمال في إيمانهم وإحسانهم.

قال صاحب الكشاف: قوله: وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ أى من الأمم هذه الكلمة، وهي: «سلام على نوح» يعنى: يسلمون عليه تسليما ويدعون له. فإن قلت: فما معنى قوله: فِي الْعالَمِينَ.

قلت: معناه الدعاء بثبوت هذه التحية فيهم جميعا، وأن لا يخلو أحد منهم منها، كأنه قيل: ثبت الله التسليم على نوح وأدامه في الملائكة والثقلين، يسلمون عليه عن آخرهم.

علل- سبحانه- مجازاة نوح بتلك التكرمة السنية، من تبقية ذكره، وتسليم العالمين عليه إلى آخر الدهر، بأنه كان محسنا، ثم علل كونه محسنا، بأنه كان عبدا مؤمنا، ليريك جلالة محل الإيمان، وأنه القصارى من صفات المدح والتعظيم، ويرغبك في تحصيله وفي الازدياد منه .

وقوله : ( وتركنا عليه في الآخرين ) ، قال ابن عباس : يذكر بخير .

وقال مجاهد : يعني لسان صدق للأنبياء كلهم .

وقال قتادة والسدي : أبقى الله عليه الثناء الحسن في الآخرين . قال الضحاك : السلام والثناء الحسن .

القول في تأويل قوله تعالى : وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (78)

يعني تعالى ذكره بقوله ( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ ) وأبقينا عليه، يعني على نوح ذكرا جميلا وثناء حسنا في الآخرين، يعني: فيمن تأخَّر بعده من الناس يذكرونه به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ ) يقول: يُذْكَر بخير.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ ) يقول: جعلنا لسان صدق للأنبياء كُلِّهم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ ) قال: أبقى الله عليه الثناء الحسن في الآخرين.

حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله ( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ ) قال: الثناء الحسن.

التدبر :

وقفة
[78، 79] ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ﴾ من جزاءات الله لنوح عليه السلام أنه ترك له ثناء حسنًا يذكره به الناس الذين يأتون من بعده, ومن فوائد ذلك: أنه يأتي من يعرف للداعية قدره ولو بعد قرون.

الإعراب :

  • ﴿ وَتَرَكْنا عَلَيْهِ:
  • الواو عاطفة. ترك: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. عليه:جار ومجرور متعلق بتركنا. ومفعول «تركنا» محذوف تقديره: ثناء. او تكون الآية التالية في محل نصب على الحكاية مفعول «تركنا» او يكون المفعول المحذوف: قولهم: سلام على نوح فتكون الآية سَلامٌ عَلى نُوحٍ» منصوبة على الحكاية-مقول القول-للمصدر «قولهم» و «عليه» جار ومجرور متعلق بتركنا.
  • ﴿ فِي الْآخِرِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بثناء او بتركنا وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد بمعنى: في الآخرة. او في الامم المتأخرة.'

المتشابهات :

الصافات: 119﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ
الصافات: 78﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
الصافات: 108﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
الصافات: 129﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [78] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ أنَّهُ بارَكَ في نَسْلِ نوح عليه السلام؛ ذكرَ هنا أنَّهُ جعلَ له الذِّكرَ الجَميلَ، والثَّناء الباقي في الَّذين يأتُونَ مِن بَعدِه، قال تعالى:
﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [79] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ

التفسير :

[79] أمان لنوح وسلامة له من أن يُذْكر بسوء في الآخِرين، بل تُثني عليه الأجيال من بعده.

وقال:{ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} فاستجاب اللّه له، ومدح تعالى نفسه فقال:{ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ} لدعاء الداعين، وسماع تبتلهم وتضرعهم، أجابه إجابة طابق ما سأل، نجاه وأهله من الكرب العظيم، وأغرق جميع الكافرين، وأبقى نسله وذريته متسلسلين، فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام، وجعل له ثناء حسنا مستمرا إلى وقت الآخرين، وذلك لأنه محسن في عبادة الخالق، محسن إلى الخلق، وهذه سنته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب إحسانهم.

سلام على نوح فى العالمين: أى تحية وأمان وثناء جميل على نوح فى العالمين .

مفسر لما أبقى عليه من الذكر الجميل والثناء الحسن أنه يسلم عليه في جميع الطوائف والأمم.

وقوله ( سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ) يقول: أمنة من الله لنوح في العالمين أن يذكره أحد بسوء; وسلام مرفوع بعلى. وقد كان بعض أهل العربية من أهل الكوفة يقول: معناه: وتركنا عليه في الآخرين، ( سَلامٌ عَلَى نُوحٍ ) أي تركنا عليه هذه الكلمة، كما تقول: قرأت من القرآن الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فتكون الجملة في معنى نصب، وترفعها باللام، كذلك سلام على نوح ترفعه بعلى، وهو في تأويل نصب، قال: ولو كان: تركنا عليه سلاما، كان صوابا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[79] ﴿سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ﴾ قال الزمخشري: «فإن قلت: فما معنى قوله: (فِي الْعَالَمِينَ)؟ قلتُ: معناه الدعاء بثبوت هذه التحية فيهم جميعًا، وأنه لا يخلو أحد منهم منها، كأنه قال: ثبت الله التسليم على نوح، وأدامه في الملائكة والثقلين، يسلمون عليه عن آخرهم».
وقفة
[79] ﴿سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ﴾ هذه الآية الوحيدة في القرآن بهذا اللفظ بزيادة (فِي الْعَالَمِينَ)، فكل الأمم يدعون لنوح عليه السلام؛ لأن نوحًا عليه السلام هو أبو البشر الثاني بعد آدم عليه السلام.

الإعراب :

  • ﴿ سَلامٌ عَلى نُوحٍ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة وجاز الابتداء بالنكرة لانه موصوف على المعنى وحذفت صفته. بمعنى: سلام من الله. على نوح: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ
  • ﴿ فِي الْعالَمِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من نوح. بمعنى: داعين له في العالمين ومسلمين عليه وعلامة جر الاسم الياء لانه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [79] لما قبلها :     ولَمَّا جعلَ اللهُ لنوحٍ عليه السلام الذِّكرَ الجَميلَ؛ ذكرَ سبحانه هنا أنه سلم عليه؛ ليقتدى به، فلا يذكره أحدٌ بسوء، قال تعالى:
﴿ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [80] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

التفسير :

[80] مثل جزاء نوح نجزي كلَّ مَن أحسن من العباد في طاعة الله.

وقوله: إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ تعليل لما منحه- سبحانه- لعبده نوح من نعم وفضل وإجابة دعاء.

أى: مثل ذلك الجزاء الكريم الذي جازينا به نوحا- عليه السلام- نجازي كل من كان محسنا في أقواله وأفعاله. وإن عبدنا نوحا قد كان من عبادنا الذين بلغوا درجة الكمال في إيمانهم وإحسانهم.

قال صاحب الكشاف: قوله: وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ أى من الأمم هذه الكلمة، وهي: «سلام على نوح» يعنى: يسلمون عليه تسليما ويدعون له. فإن قلت: فما معنى قوله: فِي الْعالَمِينَ.

قلت: معناه الدعاء بثبوت هذه التحية فيهم جميعا، وأن لا يخلو أحد منهم منها، كأنه قيل: ثبت الله التسليم على نوح وأدامه في الملائكة والثقلين، يسلمون عليه عن آخرهم.

علل- سبحانه- مجازاة نوح بتلك التكرمة السنية، من تبقية ذكره، وتسليم العالمين عليه إلى آخر الدهر، بأنه كان محسنا، ثم علل كونه محسنا، بأنه كان عبدا مؤمنا، ليريك جلالة محل الإيمان، وأنه القصارى من صفات المدح والتعظيم، ويرغبك في تحصيله وفي الازدياد منه .

أي هكذا نجزي من أحسن من العباد في طاعة الله تعالى نجعل له لسان صدق يذكر به بعده بحسب مرتبته في ذلك.

وقوله ( إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) يقول تعالى ذكره: إنا كما فعلنا بنوح مجازاة له على طاعتنا وصبره على أذى قومه في رضانا وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ وأبقينا عليه ثناء في الآخرين ( كَذَلِكَ نَجْزِي ) الذين يحسنون فيطيعوننا، وينتهون إلى أمرنا، ويصبرون على الأذى فينا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[80] ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ مقام الإحسان مقام رفيع، وهو أعلى مراتب الدين؛ فمن حققه فاز بخيري الدنيا والآخرة، اللهم ألحقنا بالمحسنين.
وقفة
[80] من أخصِّ صفات من يستجيب الله دعواتهم؛ القيام بعبادة الإحسان ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ﴾ [75، 76] جاء عقبها: ﴿إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
وقفة
[80] ختمت قصة نوح في (الصافات) بـ: ﴿إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ فكل من أحسن فالله يجزيه كما جزى نوحًا عليه السلام، والذي جزاه الله بأمرين: بما ترك عليه في الآخرين، وبما سلمه في العالمين.وكذلك من كان مؤمنًا بالله، محسنًا في عبادته، وإلى عباده، فالله يجزيه كما جزى نوحًا: ينجيه من الهلاك، ويُسلِّم عرضه من الذكر السيئ، ويلقي محبته وثناء الناس على ألسنة الخلق.
عمل
[80] كن من المحسنين؛ وذلك بإحسانك عبادة ربك، وبإحسانك إلى الناس ﴿إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
وقفة
[80، 81] ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ﴾ علَّل تحيته بالسلام بأنه كان محسنًا، ثم علَّل إحسانه بكونه كان مؤمنًا، فدلَّ ذلك على أن أعظم الدرجات وأشرف المقامات: الإيمان بالله.

الإعراب :

  • ﴿ إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
  • هذه الآية الكريمة تعرب اعراب الآية الكريمة الرابعة والثلاثين. المحسنين:مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وعلامة رفع الفعل المضارع يجزي الضمة المقدرة على الياء للثقل.'

المتشابهات :

الصافات: 80﴿ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الصافات: 105﴿قَدۡ صَدَّقۡتَ ٱلرُّءۡيَآۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الصافات: 121﴿ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الصافات: 131﴿ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
المرسلات: 44﴿ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [80] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الجزاء الكريم الذي جازى اللهُ به نوحًا عليه السلام؛ بَيَّنَ اللهُ هنا السبب، وهو الإحسان، وبمثل هذا الجزاء الكريم نجازي كل من كان محسنًا، قال تعالى:
﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [81] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

التفسير :

[81] إن نوحاً من عبادنا المصدقين المخلصين العاملين بأوامر الله.

ودل قوله:{ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} أن الإيمان أرفع منازل العباد وأنه مشتمل على جميع شرائع الدين وأصوله وفروعه، لأن اللّه مدح به خواص خلقه.

وقوله: إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ تعليل لما منحه- سبحانه- لعبده نوح من نعم وفضل وإجابة دعاء.

أى: مثل ذلك الجزاء الكريم الذي جازينا به نوحا- عليه السلام- نجازي كل من كان محسنا في أقواله وأفعاله. وإن عبدنا نوحا قد كان من عبادنا الذين بلغوا درجة الكمال في إيمانهم وإحسانهم.

قال صاحب الكشاف: قوله: وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ أى من الأمم هذه الكلمة، وهي: «سلام على نوح» يعنى: يسلمون عليه تسليما ويدعون له. فإن قلت: فما معنى قوله: فِي الْعالَمِينَ.

قلت: معناه الدعاء بثبوت هذه التحية فيهم جميعا، وأن لا يخلو أحد منهم منها، كأنه قيل: ثبت الله التسليم على نوح وأدامه في الملائكة والثقلين، يسلمون عليه عن آخرهم.

علل- سبحانه- مجازاة نوح بتلك التكرمة السنية، من تبقية ذكره، وتسليم العالمين عليه إلى آخر الدهر، بأنه كان محسنا، ثم علل كونه محسنا، بأنه كان عبدا مؤمنا، ليريك جلالة محل الإيمان، وأنه القصارى من صفات المدح والتعظيم، ويرغبك في تحصيله وفي الازدياد منه .

أي المصدقين الموحدين الموقنين.

وقوله ( إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ) يقول: إن نوحا من عبادنا الذين آمنوا بنا، فوحدونا، وأخلصوا لنا العبادة، وأفردونا بالألوهة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[81] ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا المُؤْمِنِينَ﴾ إن قلتَ: كيف مدح تعالى نوحًا وغيره كإِبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم السلام بذلك، مع أن مرتبة الرسل فوق مرتبة المؤمنين؟! قلتُ: إنما مدحهم بذلك، تنبيهًا لنا على جلالة محلِّ الإِيمان وشرفه، وترغيبًا في تحصيله، والثباتِ عليه، والازدياد منه، كما قال تعالى في مدح إبراهيم عليه السلام: ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [130].

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «ان».من عباد: جار ومجرور متعلق بخبر «ان» و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الْمُؤْمِنِينَ:
  • صفة-نعت-للعباد مجرورة مثلها وعلامة جرها الياء لانها جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

الصافات: 122﴿ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الصافات: 81﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الصافات: 111﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الصافات: 132﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [81] لما قبلها :     وبعد أن وصفَ اللهُ نوحًا عليه السلام بالإحسان؛ وصفَه هنا بالإيمان، قال تعالى:
﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [82] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ

التفسير :

[82] ثم أغرقنا الآخرين المكذبين من قومه بالطوفان، فلم تبق منهم عين تَطْرِف.

ثم ختم- سبحانه- القصة بقوله: ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ أى: لقد أضفنا إلى تلك النعم التي أعطيناها لنبينا نوح- عليه السلام- أننا أغرقنا أعداءه الذين آذوه، وأعرضوا عن دعوته.

وتلك سنتنا لا تتخلف، أننا ننجي المؤمنين، ونهلك الكافرين.

وجاءت بعد قصة نوح- عليه السلام- قصة إبراهيم- عليه السلام- وقد حكى الله- تعالى- ما دار بين إبراهيم وبين قومه، كما حكى بعض النعم التي أنعمها- سبحانه- عليه، بسبب إيمانه وإحسانه، فقال- تعالى-:

أي أهلكناهم فلم يبق منهم عين تطرف ولا ذكر ولا عين ولا أثر ولا يعرفون إلا بهذه الصفة القبيحة.

وقوله ( ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ ) يقول تعالى ذكره: ثم أغرقنا حين نجَّينا نوحا وأهله من الكرب العظيم من بقي من قومه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ ) قال: أنجاه الله ومن معه في السفينة، وأغرق بقية قومه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[82] ﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ﴾ كل من لم يؤمن غرق، فكل طغيان لابد له من عقوبة: إما دنيوية أو أخروية.
تفاعل
[82] ﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا:
  • حرف عطف للتراخي. اغرق: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ الْآخَرِينَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لانه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من الحركة في المفرد.'

المتشابهات :

الشعراء: 120﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ
الشعراء: 66﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ
الصافات: 82﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [82] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ نجاةَ نُوحٍ ونجاةَ أهلِه؛ إذ كانوا مُؤمِنينَ؛ ذكَرَ هنا هلاكَ غَيرِهم بالغَرَقِ، قال تعالى:
﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [83] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ

التفسير :

[83] وإنَّ من أشياع نوح على منهاجه وملَّته نبيَّ الله إبراهيم،

{ وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ} أي:وإن من شيعة نوح عليه السلام، ومن هو على طريقته في النبوة والرسالة، ودعوة الخلق إلى اللّه، وإجابة الدعاء، إبراهيم الخليل عليه السلام.

والضمير في قوله: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ يعود على نوح- عليه السلام- وشيعة الرجل: أعوانه وأنصاره وأتباعه، وكل جماعة اجتمعوا على أمر واحد أو رأى واحد فهم شيعة، والجمع شيع مثل سدرة وسدر.

قال القرطبي: الشيعة: الأعوان، وهو مأخوذ من الشياع، وهو الحطب الصغار الذي يوقد مع الكبار حتى يستوقد..

والمعنى: وإن من شيعة نوح لإبراهيم- عليهما السلام- لأنه تابعه في الدعوة إلى الدين الحق، وفي الصبر على الأذى من أجل إعلاء كلمة الله تعالى ونصرة شريعته.. وهكذا جميع الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- اللاحق منهم يؤيد السابق، ويناصره في دعوته التي جاء بها من عند ربه، وإن اختلفت شرائعهم في التفاصيل والجزئيات، فهي متحدة في الأصول والأركان.

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما "وإن من شيعته لإبراهيم" يقول من أصل دينه وقال مجاهد على منهاجه وسنته.

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ (83)

يقول تعالى ذكره: وإن من أشياع نوح على منهاجه وملته والله لإبراهيمَ خليل الرحمن.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبْرَاهِيمَ ) يقول: من أهل دينه.

حدثني ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بَزّة، عن مجاهد، في قوله ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبْرَاهِيمَ ) قال: على منهاج نوح وسنته.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبْرَاهِيمَ ) قال: على مِنهاجه وسنته.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبْرَاهِيمَ ) قال: على دينه وملته.

حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبْرَاهِيمَ ) قال: من أهل دينه.

وقد زعم بعض أهل العربية أن معنى ذلك: وإن من شيعة محمد لإبراهيم، وقال: ذلك مثل قوله وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ بمعنى: أنا حملنا ذرية من هم منه، فجعلها ذرية لهم، وقد سبقتهم.

التدبر :

وقفة
[83] ﴿وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ﴾ قال القرطبي: «قال الأصمعي: الشيعة: الأعوان، وهو مأخوذ من الشِّياع، وهو الحطب الصغار الذي يوقد مع الكبار حتى يستوقد»، فإبراهيم ممن شايع نوحًا على دينه وتقواه.
وقفة
[83] ﴿وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ﴾ المراد أنه عاش ومات على طهارة القلب من دنس الشهوات وغبار الشبهات وجميع الآفات، كن صاحب قلب إبراهيمي وسبق إيماني.
وقفة
[83، 84] ﴿وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إذ جاء ربه بقلب سليم﴾ أول صفات الأولياء سلامة القلب، فكم من مقتصد بالعبادات سابق بالدرجات، وما ذلك إلا لسلامة الطويات.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ:
  • الواو استئنافية. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. من شيعته: جار ومجرور متعلق بخبر «ان» المقدم والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: وان من حزبه.
  • ﴿ لَإِبْراهِيمَ:
  • اللام لام التوكيد-ابراهيم-اسم «ان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لانه ممنوع من الصرف-التنوين-للعجمة والتعريف.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [83] لما قبلها :     القصَّةُ الثانيةُ: قصَّةُ إبراهيمَ عليه السلام، قال تعالى :
﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [84] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

التفسير :

[84] حين جاء ربه بقلب بريء من كل اعتقاد باطل وخُلُق ذميم،

{ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} من الشرك والشبه، والشهوات المانعة من تصور الحق، والعمل به، وإذا كان قلب العبد سليما، سلم من كل شر، وحصل له كل خير، ومن سلامته أنه سليم من غش الخلق وحسدهم، وغير ذلك من مساوئ الأخلاق، ولهذا نصح الخلق في اللّه، وبدأ بأبيه وقومه .

كان بين نوح وإبراهيم، نبيان كريمان هما: هود، وصالح- عليهما السلام- والظرف في قوله- تعالى-: إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ متعلق بمحذوف تقديره: اذكر أى: اذكر- أيها العاقل لتعتبر وتتعظ- وقت أن جاء إبراهيم إلى ربه بقلب سليم من الشرك ومن غيره من الآفات كالحسد والغل والخديعة والرياء.

والمراد بمجيئه ربه بقلبه: إخلاص قلبه لدعوة الحق، واستعداده لبذل نفسه وكل شيء يملكه في سبيل رضا ربه- عز وجل-.

فهذا التعبير يفيد الاستسلام المطلق لربه والسعى الحثيث في كل ما يرضيه.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما معنى المجيء بقلبه ربه؟ قلت: معناه أنه أخلص لله قلبه، وعرف ذلك منه فضرب المجيء مثلا لذلك .

( إذ جاء ربه بقلب سليم ) قال ابن عباس : يعني شهادة أن لا إله إلا الله .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، عن عوف : قلت لمحمد بن سيرين : ما القلب السليم ؟ قال : يعلم أن الله حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور .

وقال الحسن : سليم من الشرك ، وقال عروة : لا يكون لعانا .

وقوله ( إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) يقول تعالى ذكره: إذ جاء إبراهيم ربه بقلب سليم من الشرك، مخلص له التوحيد.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) والله من الشرك.

حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله ( إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) قال: سليم من الشرك.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد ( بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) قال: لا شك فيه. وقال آخرون في ذلك بما حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عَثَّام بن عليّ، قال: ثنا هشام، عن أبيه، قال: يا بني لا تكونوا لعانين، ألم تروا إلى إبراهيم لم يلعن شيئا قطّ، فقال الله: ( إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )

التدبر :

وقفة
[84] ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ رغم كل الجراح بقي سليمًا.
وقفة
[84] ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ اختصر إبراهيم الخليل على نفسه الطريق؛ ركَّز على قلبه فوصل إلى ربِّه مبكرًا.
وقفة
[84] ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ مخلص من الشرك والشك، وقال عوف الأعرابي: سألت محمد بن سيرين: ما القلب السليم؟ فقال: الناصح لله عز وجل في خلقه.
وقفة
[84] ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ سئل محمد بن سيرين: ما القلب السليم؟، فقال: «الناصح لله عز وجل في خلقه».
عمل
[84] ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ ما أحب صاحب القلب السليم إلى الله! حتى أثنى الله على الخليل لقلبه السليم، فكن مثله إن طمعت في نفس الثناء.
وقفة
[84] ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ سلامة القلب من الحسد والحقد والغلِّ من أسباب النجاة يوم القيامة.
وقفة
[84] ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ النجاح في الابتلاء يكون في لحظات معدودة، ولكن يسبقه قلب سليم وإحسان العلاقة مع الله.
اسقاط
[84] ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ سلامة القلب ونقاء السريرة كانت مطلب إبراهيم عليه السلام وهمه في الدنيا والآخرة، فكم أدركنا من هذه السلامة؟
عمل
[84] ما قام به إبراهيم عليه السلام من صنيع بأصنام قومه ما كان إلا بعد أن أعانه الله علي ذلك، وهذه الإعانة إنما هى بسبب: ﴿إِذ جاءَ رَبَّهُ بِقَلبٍ سَليمٍ﴾؛ فأقبل على ربك يعينك.
اسقاط
[84] ﴿إِذ جاءَ رَبَّهُ بِقَلبٍ سَليمٍ﴾ وهذا هو المهم، كيف حال قلبك؟
عمل
[84] ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ متى أحببت أن تأتيَ الله بقلب سليم في أُخراك، فكن سليم القلب في دنياك.
وقفة
[84] أعظم أسباب السعادة والنجاة: أن لا يتعلّق القلب إلا بالله، ويخلو من غيره: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: 88، 89]، وقال عن إبراهيم: ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.
وقفة
[84] لن يكمل جمال مظهرك إلا بتحقق جمال مخبرك، ولن يتم ذلك إلا بسلامة القلب وخلوصه من الضغائن والبغضاء والآثام، فلنكن كأبينا إبراهيم عليه السلام: ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾، وبذلك أمر الله نبينا محمد ﷺ: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4] أي: قلبك.
تفاعل
[84] استعذ بالله من أمراض الشهوات والشبهات ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.
عمل
[84] طهر قلبك من كل دنس، واسأل الله دومًا سلامة قلبك ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.
وقفة
[84] لا نجاة إلا بقلب سليم، لا شرك فيه ولا بدعة ولا غل ولا حسد، قال الله عن الخليل: ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ .
عمل
[84] هل يسرك أن يعلم الناس ما في صدرك -مما تحرص على كتمانه ولا تحب نسبته إليك-؟! قطعًا لا تحب، بل ستتبرأ منه لو ظهر، إذن قف مع هذه الآية متدبرًا، وتأمل ذلك المشهد العظيم: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ [الطارق: 9]، ﴿وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾ [العاديات: 10]، أتريد النجاة من هذا كله؟ إذن حاول أن تأتي ربك كما أتى الخليل ربه تعالى: ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾، وهنا؟ «لن ترى ما يسوؤك!».
وقفة
[84] أقصر الطرق إلى الله: ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.
عمل
[84] أخرج من قلبك كل ما علق به من أمور الدنيا، شهوات، شبهات، قابل ربك بقلب نقي تقي متعلق به ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِذْ:
  • ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين» متعلق بما في الشيعة من معنى المشايعة بمعنى: وان ممن شايعه على دينه وتقواه حين جاء ربه بقلب سليم لابراهيم او يكون اسما مبنيا على السكون في محل نصب مفعولا به بفعل محذوف تقديره اذكر.
  • ﴿ جاءَ رَبَّهُ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد «اذ».جاء:فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.ربه: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ:
  • جار ومجرور متعلق بجاء او بحال محذوفة بتقدير: جاء ربه غير مشرك. سليم: صفة-نعت-لقلب مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة.'

المتشابهات :

الشعراء: 89﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
الصافات: 84﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [84] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ نبيَّه إبراهيمَ عليه السلام؛ مدحه هنا بأنه جاء إلى ربِّه بقلب سليم من الشرك، ومن غيره من الآفات، كالحسد والغل والخديعة والرياء، قال تعالى:
﴿ إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [85] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا ..

التفسير :

[85]حين قال لأبيه وقومه منكراً عليهم:ما الذي تعبدونه من دون الله؟

{ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ} هذا استفهام بمعنىالإنكار، وإلزام لهم بالحجة.

وقوله: إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ماذا تَعْبُدُونَ شروع في حكاية ما دار بينه وبين أبيه وقومه. والجملة بدل من الجملة السابقة عليها، أو هي ظرف لقوله سَلِيمٍ أى: لقد كان إبراهيم- عليه السلام- سليم القلب، نقى السريرة، صادق الإيمان، وقت أن جادل أباه وقومه قائلا لهم: أى شيء هذا الذي تعبدونه من دون الله- تعالى-

وقوله تعالى "إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون" أنكر عليهم عبادة الأصنام والأنداد ولهذا قال عز وجل :

وقوله ( إِذْ قَالَ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ ) يقول حين قال: يعني إبراهيم لأبيه وقومه: أي شيء تعبدون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[85] ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ﴾ يكفي لهدم الأصنام التي بناها الوهم في القلوب أن تتساءل عن ماهيَّة الكذب الذي صُنعت منه!
عمل
[85] ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ﴾ لا تمنعك قرابتك وحسن صلتك بمن تحب من الإنكار عليهم، وتنبيههم على مواضع خطئهم.
وقفة
[85، 86] ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّـهِ تُرِيدُونَ﴾ دون الله! يكفى لجعل فكرة الألهة المزيفة منفردة لن تتخيل أن هناك من هو فوقها، إذن لماذا لا أختار الأعلى وأترك الأدنى؟
وقفة
[85، 86] أنكر المنكر بحكمة إذا رأيته، ولو كان من أقرب قريب؛ كالأب ونحوه ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّـهِ تُرِيدُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِذْ قالَ لِأَبِيهِ:
  • إذ قال: تعرب اعراب إِذْ جاءَ».لأبيه: جار ومجرور متعلق بقال وعلامة جر الاسم الياء لأنه من الاسماء الخمسة. والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَقَوْمِهِ ماذا:
  • معطوفة بالواو على «لابيه» وتعرب اعرابها وعلامة جر الاسم الكسرة. ماذا: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به لتعبدون بمعنى: اذ قال لهم وهو يوبخهم اي شيء تعبدون لان «ماذا» يستفهم بها لغير العاقل. وثمة وجه آخر لاعراب «ماذا» وهو ان تكون «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل رفع مبتدأ. و «ذا» بمعنى «الذي» مبنيا على السكون في محل رفع خبر «ما».وجملة «تعبدون» صلتها لا محل لها.
  • ﴿ تَعْبُدُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل'

المتشابهات :

مريم: 42﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ
الأنبياء: 52﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ التَّمَاثِيلُ
الشعراء: 70﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ
الصافات: 80﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [85] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أنَّ إبراهيمَ عليه السلام جاء رَبَّه بقَلبٍ سَليمٍ؛ ذكَرَ هنا أنَّ مِن جُملةِ آثارِ تلك السَّلامةِ: أنْ دعا أباه وقَومَه إلى التَّوحيدِ، قال تعالى:
﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [86] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ

التفسير :

[86]أتريدون آلهة مختلَقَة تعبدونها، وتتركون عبادة الله المستحق للعبادة وحده؟

{ أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} أي:أتعبدون [من دونه] آلهة كذبا، ليست بآلهة، ولا تصلح للعبادة، فما ظنكم برب العالمين، أن يفعل بكم وقد عبدتم معه غيره؟ وهذا ترهيب لهم بالجزاء بالعقاب على الإقامة على شركهم.

ثم أضاف إلى هذا التوبيخ لهم توبيخا آخر فقال لهم: أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ؟. والإفك أسوأ الكذب. يقال أفك فلان يأفك إفكا فهو أفوك.. إذا اشتد كذبه. وهو مفعول به لقوله تُرِيدُونَ وقوله آلِهَةً بدل منه. وجعلت الآلهة نفس الإفك على سبيل المبالغة.

أى: أتريدون إفكا آلهة دون الله؟ إن إرادتكم هذه يمجها ويحتقرها كل عقل سليم.

"أئفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين" قال قتادة يعني ما ظنكم أنه فاعل بكم إذا لاقيتموه وقد عبدتم معه غيره.

وقوله ( أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ ) يقول: أكذبا معبودا غير الله تريدون.

التدبر :

وقفة
[86] ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً﴾ كانت مجرد أكذوبة قبل أن تصبح عبارة عن آلهة.
وقفة
[86] ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّـهِ تُرِيدُونَ﴾ قال المبرد: «الإفك هو أسوأ الكذب، وهو الذي لا يثبت ويضطرب»، وأطلق على اتخاذ الآلهة إفكًا؛ لأنه لا يقوم عليه أدنى دليل.
وقفة
[86] ﴿آلِهَةً دُونَ اللَّـهِ﴾ يكفي لجعل فكرة الآلهة المزيّفة منفرة أن تتخيل أن هناك من هو فوقها، إذن لماذا لا أختار الأعلى وأترك الأدنى.
وقفة
[86، 87] ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّـهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ من تأمل هذا الموضع حق التأمل، علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل ظنه بربه أن يجازيه على أعماله، ويثيبه عليها ويتقبلها منه، فالذي حمله على العمل حسن الظن، فكلما حسن ظنه حسن عمله.

الإعراب :

  • ﴿ أَإِفْكاً آلِهَةً:
  • الهمزة همزة توبيخ بلفظ‍ استفهام. إفكا: مفعول له-لاجله- منصوب وعلامة نصبه الفتحة. آلهة: مفعول به مقدم على الفعل منصوب بتريدون وعلامة نصبه الفتحة بتقدير: أتريدون آلهة من دون الله إفكا. وقد قدم المفعول على الفعل للعناية، وقدم المفعول له على المفعول به لانه كان الاهم عنده ان يكافحهم لأنهم على إفك وباطل في شركهم. ويجوز ان يكون «إفكا» مفعولا به. أي أتريدون به إفكا ثم فسر الإفك بقوله آلهة من دون الله على أنها إفك في أنفسها. ويجوز ان يكون «آلهة» بدلا من «إفكا» ويجوز ان تكون «إفكا» حالا بمعنى: أتريدون آلهة من دون الله آفكين.
  • ﴿ دُونَ اللهِ:
  • ظرف مكان متعلق بتريدون منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ تُرِيدُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [86] لما قبلها :     ولَمَّا وَبَّخَهم؛ أضاف هنا توبيخًا آخر، قال تعالى:
﴿ أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [87] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ

التفسير :

[87]فما ظنكم برب العالمين أنه فاعل بكم إذا أشركتم به وعبدتم معه غيره؟

وما الذي ظننتم برب العالمين، من النقص حتى جعلتم له أندادا وشركاء.

فأراد عليه السلام، أن يكسر أصنامهم، ويتمكن من ذلك، فانتهز الفرصة في حين غفلة منهم، لما ذهبوا إلى عيد من أعيادهم، فخرج معهم.

ثم حذرهم من السير في طريق الشرك فقال: فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ.

والاستفهام للإنكار والتحذير من سوء عاقبتهم إذا ما استمروا في عبادتهم لغيره- تعالى-. أى: فما الذي تظنون أن يفعله بكم خالقكم ورازقكم إذا ما عبدتم غيره؟ إنه لا شك سيحاسبكم على ذلك حسابا عسيرا، ويعذبكم عذابا أليما، وما دام الأمر كذلك فاتركوا عبادة هذه الآلهة الزائفة. وأخلصوا عبادتكم لخالقكم ورازقكم.

قال الآلوسى: قوله: فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ أى: أى شيء ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة، لكونه ربا للعالمين؟ أشككتم فيه حتى تركتم عبادته- سبحانه- بالكلية، أو أعلمتم أى شيء هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه أو أى شيء ظنكم بعقابه- عز وجل- حتى اجترأتم على الإفك عليه، ولم تخافوا عذابه.

وعلى أية حال فالآية تدل دلالة واضحة على استنكاره لما كان عليه أبوه وقومه من عبادة لغير الله- تعالى- وعلى نفور فطرته لما هم عليه من باطل.

"أئفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين" قال قتادة يعني ما ظنكم أنه فاعل بكم إذا لاقيتموه وقد عبدتم معه غيره.

القول في تأويل قوله تعالى : فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل إبراهيم لأبيه وقومه: ( فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ )؟ يقول: فأي شيء تظنون أيها القوم أنه يصنع بكم إن لقيتموه وقد عبدتم غيره.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فما ظنكم برب العالمين) يقول: إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ على قدر (ظنونك) يكون تيسير (أمورك).
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الثقة بالله شقَّت لموسى عليه السلام البحر، وبرَّدت النار على إبراهيم عليه السلام، ونجَّت محمدًا ﷺ في الغار، هذه الثقة بالله لا يذوق حلاوتها إلا من عرف الله!
عمل
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ تأمَّل حال قلبك تجاه أقدار الله الكونية والشرعية؛ لتعرفَ حقيقة ظنك بالله!
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: «والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن إلا أعطاه الله ظنه، ذلك بأن الخير في يده».
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ مع ماذا تظن بربك؟ أينصرك أم يخذلك؟ يسترك أم يفضحك؟ يجيب دعاءك أم يردك؟ يقبل توبتك أم يطردك؟ الله لك بحسب ما تظن.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ انظر ما في قلبك! على قدر ظنك يكون المآل.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ لا يكون حسن ظن إلا بحسن عمل، ومن أساء العمل أساء الظن.
عمل
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ على قدر إحسان ظنك بالله تتحقق أحلامك، ففي الحديث: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» [البخاري 7505]، فظن بالله خيرًا ترى خيرًا.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ظنُّنا بمولانا الكمال والجلال والجمال، ظننا الخير والرحمة والعفو والعافية، ظننا الإجابة والإثابة والقبول الحسن.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ لتعرف حقيقة ظنك بربك، تأمل حال قلبك عند الشدائد!
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻀﻴﻊ ﻋﻤﻞ ﻋﺎﻣﻞ، ﻭﻻ يُخيِّب ﺃﻣﻞ آمل.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ هنا الأمل، هنا الأمان، هنا الرحمة.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ غسلنا أيدينا من البشر وخذﻻنهم، وعلقنا أملنا بك، فأنت وحدك، إن قلنا حسبنا الله كانت قوة الكون معنا.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ حُسن الظن بالله وإنتظار الفرج من أجلِّ العبادات، من حفظ يونس في بطن الحوت لن يعجزه حفظك وتدبير أمرك.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ هو الذي إن خذلنا وصدمنا الجميع لن يخذلنا، وهو إن كسر قلوبنا الجميع ﻻ يكسرها، بل ويجبر عطبها ويطيب خاطرها!
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ يقبل التائب، يشفي المريض، يحفظ الغائب، يرفع البلاء، يُتم النعماء، يصلح الحال، يجمع الشمل.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ تأمل في قدر يقينك وإيمانك بربك، وبخاصة حين تتوجه إليه في حاجاتك ومطالبك! هنا قد تكتشف خللًا أو نقصًا في قدر هذا اليقين !
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ من انتظر الفرج أثيب، لأن انتظار الفرج حسن ظن بالله، وحسن الظن بالله عمل صالح يثاب عليه الإنسان.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ صباحك الجميل ابدأه بحسن الظن بالله؛ لتشعر بالأمان والراحة والإطمئنان!
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ مهما كانت أمانيك فأحسن الظن بربك.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فما ظنكم برب العالمين أن يفعل بكم وقد عبدتم معه غيره؟ وهذا ترهيبٌ لهم بالجزاء بالعقاب على الإقامة على شركهم.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ما ظنَّ أحدٌ بالله ظنًا؛ إلا أعطاه ما يظن، اللهم إنَّا نظن بك: غفرانًا وتوفيقًا ونصرًا وثباتًا وتيسيرًا وسعـادةً ورزقًا وشفاءً وحسنَ خاتمةٍ؛ فهْب لنا مزيدًا من فضلك.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ من حسن ظنه بربه حسن عمله، يا ألله حُسن ظني بك أن تعفو وتغفر وتقبل منا، إنك أنت الغفور الرحيم.
عمل
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ بَالِغ في حُسنِ ظنِّكَ بِاللَّه، فإنّ جَزاءَ حُسنِ الظّنِ أن تَنالَ مَا ظَنَنْت، اللهُم بشرنا بما ننتظره وأنت خير المبشرين.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أظنك يا رب ستسعدني هذا الصباح.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ظننا فيك أنك الغفور الرحيم، فاغفر لنا وارحمنا.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ يقول ابن مسعود: «قسمًا بالله ما ظن أحد بالله ظنًا إلا أعطاه الله ما يظن، وذلك لأن الفضل كله بيد الله ﷻ».
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أيام جميلة محملة بالفرح ستأتي على غير موعد من عند الله، نسيم السعد سيدخل إلى ذلك القلب الكسير فيجبره الله، فينتشي بالسعادة من جديد، كأن لم يدخله همٌّ قط.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أوقات الشدائد محكات الظنون برب العالمين.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أحسن الظن بالله يا مكروب وأبشر.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الله خلقك وأطعمك وكبرك وحفظك وشافاك وأغناك وأوصلك وسترك، ولا زالت تمر بك ظروف، ولا زلت تظن بالله ظنًّا لا يليق به، كمال الإيمان باليقين بالله.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ والله لن تجد أجمل من اختيارات الله لك، كلها تنصب في صالحك وأنت لا تعلم، وكل الخير في تدبير الله، فقل بقلبٍ راض: «رضيت يا رب»، لا تكره شيئًا اختاره الله لك، فعلى البلاء تؤجر، وعلى المرض تؤجر، وعلى الفقد تؤجر، وعلى الصبر تؤجر، فالحمد لله.
عمل
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ هنا الأمل، هنا الأمان، هنا العطاء، هنا الرحمة، هنا الحب، هنا السلام، سيجبر الكسور، ويشرح الصدور، وييسر اﻷمور، ويجدد فرحًا، فيارب هذا ظننا بك؛ تفاءلوا وأحسنوا الظن بالله.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ إلى كل الذين تتأخر أمانيهم شهورًا وسنوات: لا بأس، فما أخذه الله لحكمة، وما أبقاه لرحمة، قد تتأخر الأمنيات لتكثر الرحمات؛ فأحسنوا الظن بالله.
وقفة
[87] ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ كلما كان العبد حسن الظن بالله حسن الرجاء له صادق التوكل عليه؛ فإن الله لا يخيب أمله فيه ألبتة، فإنه سبحانه لا يخيب أمل آمل، ولا يضيع عمل عامل.
وقفة
[87] كمثل هذا الصباح يُشرق الأمل في النفوس المؤمنة؛ بأن كل ما كتبه الله لنا خيرًا ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
وقفة
[87] يا رب العالمين: قلت في كتابك: ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، ظَنُّنا فيكَ يا ربِّ أن تغفر لنا، فاغفر لنا.
وقفة
[87] على قدر ظنك يكون المآل ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾؟
وقفة
[87] حُسن الظن بالله وإنتظار الفرج من أجلِّ العبادات ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
عمل
[87] لا تدعُ ربك بدعوةٍ إلا وأنت (محسن الظن) به أنه سيحققها لك، وهذا الظن بالله الكريم ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
وقفة
[87] ماذا تظن بربك؟ قل خيرًا وتوقع فضلًا ولطفًا ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وما ظن عبدٌ بربه ظنًا إلا تحقق.
وقفة
[87] وتضيقُ دنيانا فنحسبُ أننا سنمُوت يأسًا أو نمُوت نَحيبًا، فإذا بلُطف اللهِ يهطِل فجأةً يُرْبي من اليَبس الفُتاتَ قلوبًا ﴿فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
عمل
[87] كلما سمعت أو قرأت قصص الكرماء وسعة جودهم وسخاء أعطياتهم؛ تذكر: ﴿فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
وقفة
[87] إبراهيم عليه السلام دعا بولد فأكرمه الله بولد، وللولد ولد، مع صلاحهما، تأمل وانظر توالي هذه الكرامات: ﴿ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين﴾ [العنكبوت: 27]؛ ﴿فما ظنكم برب العالمين﴾.
وقفة
[87] عطاؤه سبحانه، قد يأتيك دون إختيار منك أو سؤال، فكيف إذا دعوته عن يقين؟! ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
وقفة
[87] كم هـي مريحـة هـذه اﻵية: ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾! اللهم إنا نظن بك غفرانًا، وعفوًا، ومعافاةً، وسِـترًا وتوبةً وهدايةً، ونصرًا، وسعادةً، وثباتًا، ورزقًا، وتوفيقًا، وفرجًا قريبًا؛ وحُسْن خاتمة.

الإعراب :

  • ﴿ فَما ظَنُّكُمْ:
  • الفاء استئنافية. ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ظنكم: خبر «ما» مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ بِرَبِّ الْعالَمِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بظنكم. العالمين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لانه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [87] لما قبلها :     وبعد التوبيخ؛ هَدَّدَهم هنا، وحذرهم من السير في طريق الشرك، قال تعالى:
﴿ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [88] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ

التفسير :

[88] فنظر إبراهيم نظرة في النجوم -على عادة قومه في ذلك- متفكراً فيما يعتذر به عن الخروج معهم إلى أعيادهم،

{ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} في الحديث الصحيح:"لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات:قوله{ إِنِّي سَقِيمٌ} وقوله{ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} وقوله عن زوجته "إنها أختي"والقصد أنه تخلف عنهم، ليتم له الكيد بآلهتهم.

ويهمل القرآن الكريم هنا ردهم عليه لتفاهته. وتنتقل السورة للإشارة إلى ما أضمره إبراهيم- عليه السلام- لتلك الآلهة الباطلة فتقول: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ. فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ. فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ.

قالوا: كان قوم إبراهيم يعظمون الكواكب، ويعتقدون تأثيرها في العالم.. وتصادف أن حل أوان عيد لهم. فدعوه إلى الخروج معهم كما هي عادتهم في ذلك العيد.

إنما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه ذلك ، ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم ، فإنه كان قد أزف خروجهم إلى عيد لهم ، فأحب أن يختلي بآلهتهم ليكسرها ، فقال لهم كلاما هو حق في نفس الأمر ، فهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه ، ( فتولوا عنه مدبرين ) قال قتادة : والعرب تقول لمن تفكر : نظر في النجوم : يعني قتادة : أنه نظر في السماء متفكرا فيما يلهيهم به ، فقال : ( إني سقيم ) أي : ضعيف .

فأما الحديث الذي رواه ابن جرير هاهنا : حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو أسامة ، حدثني هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لم يكذب إبراهيم ، عليه الصلاة والسلام ، غير ثلاث كذبات : ثنتين في ذات الله ، قوله : ( إني سقيم ) ، وقوله ( بل فعله كبيرهم هذا ) [ الأنبياء : 62 ] ، وقوله في سارة : هي أختي " فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن من طرق ، ولكن ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله ، حاشا وكلا وإنما أطلق الكذب على هذا تجوزا ، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني ، كما جاء في الحديث : " إن [ في ] المعاريض لمندوحة عن الكذب "

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كلمات إبراهيم الثلاث التي قال : " ما منها كلمة إلا ماحل بها عن دين الله تعالى ، فقال : ( إني سقيم ) ، وقال ( بل فعله كبيرهم ) ، وقال للملك حين أراد المرأة : هي أختي " .

قال سفيان في قوله : ( إني سقيم ) يعني : طعين . وكانوا يفرون من المطعون ، فأراد أن يخلو بآلهتهم . وكذا قال العوفي عن ابن عباس : ( فنظر نظرة في النجوم . فقال إني سقيم ) ، فقالوا له وهو في بيت آلهتهم : اخرج . فقال : إني مطعون ، فتركوه مخافة الطاعون .

وقال قتادة عن سعيد بن المسيب : رأى نجما طلع فقال : ( إني سقيم ) كابد نبي الله عن دينه ( فقال إني سقيم ) .

وقال آخرون : فقال : ( إني سقيم ) بالنسبة إلى ما يستقبل ، يعني : مرض الموت .

وقيل : أراد ( إني سقيم ) أي : مريض القلب من عبادتكم الأوثان من دون الله - عز وجل - .

وقال الحسن البصري : خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم ، فأرادوه على الخروج ، فاضطجع على ظهره وقال : ( إني سقيم ) ، وجعل ينظر في السماء فلما خرجوا أقبل إلى آلهتهم فكسرها . رواه ابن أبي حاتم .

وقوله ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) ذكر أن قومه كانوا أهل تنجيم، فرأى نجما قد طلع، فعصب رأسه وقال: إني مَطْعُون، وكان قومه يهربون من الطاعون، فأراد أن يتركوه في بيت آلهتهم، ويخرجوا عنه، ليخالفهم إليها فيكسرها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) رأى نجما طلع.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عليه، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب (فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم) رأى نجما طلع.

حدثنا بشر، قال: كَايَدَ نبي الله عن دينه، فقال: إني سقيم.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) قالوا لإبراهيم وهو في بيت آلهتهم: أخرج معنا، فقال لهم: إني مطعون، فتركوه مخافة أن يعديهم.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، عن أبيه، &; 21-64 &; في قول الله: (فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم) قال: أرسل إليه ملكهم، فقال: إن غدا عيدنا، فاحضر معنا، قال: فنظر إلى نجم فقال: إن ذلك النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقم لي، فقال: ( إِنِّي سَقِيمٌ )

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) يقول الله: ( فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ )

التدبر :

وقفة
[88] ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ﴾ أي: ليريهم على أنه يستدل بها على شيء لأنهم كانوا منجمين، قال قتادة: «والعرب تقول لمن تفكر: نظر في النجوم، يعني نظر إلى السماء متفكرًا فيما يلهيهم به، وهذا دليل جواز استعمال الحيلة والتورية للوصول إلى هدف نبيل».
وقفة
[88] تفكَّر الخليل عليه السلام في حال قومه ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ﴾ ؛ ثم تعذَّر عن حضور عيدهم ﴿فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾؛ أي عليل.

الإعراب :

  • ﴿ فَنَظَرَ نَظْرَةً:
  • الفاء عاطفة. نظر: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. نظرة: مفعول به سمي بالمصدر ويجوز ان تكون «نظرة» نائبة عن المصدر-المفعول المطلق-والمفعول محذوفا بتقدير:فنظر نظرة المكتوب في النجوم.
  • ﴿ فِي النُّجُومِ:
  • جار ومجرور متعلق بنظر او بمفعولها المحذوف بتقدير: فنظر نظرة المكتوب في علم النجوم او في كتابها او في احكامها. وفي هذه التقديرات يكون المجرور المضاف محذوفا حل محله المضاف اليه. ويكون الجار والمجرور فِي النُّجُومِ» في محل رفع نائب فاعل لاسم المفعول المكتوب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [88] لما قبلها :     وبعد أن وَبَّخَ إبراهيمُ عليه السلام قَومَه وهَدَّدَهم على عبادةِ غيرِ اللهِ، وأراد أن يُريَهم أنَّ أصنامَهم لا تَنفَعُ ولا تَضُرُّ؛ عَهِدَ إلى ما يَجعَلُه مُنفَرِدًا بها حتَّى يَكسِرَها، ويُبَيِّنَ لهم حالَها وعَجْزَها، قال تعالى:
﴿ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [89] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ

التفسير :

[89]فقال لهم:إني مريض. وهذا تعريض منه،

{ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} في الحديث الصحيح:"لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات:قوله{ إِنِّي سَقِيمٌ} وقوله{ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} وقوله عن زوجته "إنها أختي"والقصد أنه تخلف عنهم، ليتم له الكيد بآلهتهم.

فتطلع إلى السماء، وقلب نظره في نجومها، ثم قال لهم معتذرا عن الخروج معهم- ليخلوا بالأصنام فيحطمها-: إِنِّي سَقِيمٌ أى مريض مرضا يمنعني من مصاحبتكم.

إنما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه ذلك ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم فإنه كان قد أزف خروجهم إلى عيد لهم فأحب أن يختلي بآلهتهم ليكسرها فقال لهم كلاما هو حق في نفس الأمر فهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه "فتولوا عنه مدبرين" قال قتادة والعرب تقول لمن تفكر نظر في النجوم يعني قتادة أنه نظر إلى السماء متفكرا فيما يلهيهم به فقال "إني سقيم" أي ضعيف فأما الحديث الذي رواه ابن جرير ههنا حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة حدثني هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاث كذبات: ثنتين في ذات الله تعالى قوله "إني سقيم" وقوله "بل فعله كبيرهم إنما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه ذلك ، ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم ، فإنه كان قد أزف خروجهم إلى عيد لهم ، فأحب أن يختلي بآلهتهم ليكسرها ، فقال لهم كلاما هو حق في نفس الأمر ، فهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه ، ( فتولوا عنه مدبرين ) قال قتادة : والعرب تقول لمن تفكر : نظر في النجوم : يعني قتادة : أنه نظر في السماء متفكرا فيما يلهيهم به ، فقال : ( إني سقيم ) أي : ضعيف .

فأما الحديث الذي رواه ابن جرير هاهنا : حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو أسامة ، حدثني هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لم يكذب إبراهيم ، عليه الصلاة والسلام ، غير ثلاث كذبات : ثنتين في ذات الله ، قوله : ( إني سقيم ) ، وقوله ( بل فعله كبيرهم هذا ) [ الأنبياء : 62 ] ، وقوله في سارة : هي أختي " فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن من طرق ، ولكن ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله ، حاشا وكلا وإنما أطلق الكذب على هذا تجوزا ، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني ، كما جاء في الحديث : " إن [ في ] المعاريض لمندوحة عن الكذب "

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كلمات إبراهيم الثلاث التي قال : " ما منها كلمة إلا ماحل بها عن دين الله تعالى ، فقال : ( إني سقيم ) ، وقال ( بل فعله كبيرهم ) ، وقال للملك حين أراد المرأة : هي أختي " .

قال سفيان في قوله : ( إني سقيم ) يعني : طعين . وكانوا يفرون من المطعون ، فأراد أن يخلو بآلهتهم . وكذا قال العوفي عن ابن عباس : ( فنظر نظرة في النجوم . فقال إني سقيم ) ، فقالوا له وهو في بيت آلهتهم : اخرج . فقال : إني مطعون ، فتركوه مخافة الطاعون .

وقال قتادة عن سعيد بن المسيب : رأى نجما طلع فقال : ( إني سقيم ) كابد نبي الله عن دينه ( فقال إني سقيم ) .

وقال آخرون : فقال : ( إني سقيم ) بالنسبة إلى ما يستقبل ، يعني : مرض الموت .

وقيل : أراد ( إني سقيم ) أي : مريض القلب من عبادتكم الأوثان من دون الله - عز وجل - .

وقال الحسن البصري : خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم ، فأرادوه على الخروج ، فاضطجع على ظهره وقال : ( إني سقيم ) ، وجعل ينظر في السماء فلما خرجوا أقبل إلى آلهتهم فكسرها . رواه ابن أبي حاتم .هذا" وقوله في سارة هي أختي" فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن من طرق ولكن ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا ولما إنما أطلق الكذب على هذا تجوزا وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث "إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب" وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات إبراهيم عليه الصلاة والسلام الثلاث التي قال "ما منها كلمة إلا ما حل بها عن دين الله تعالى فقال "إني سقيم" وقال "بل فعله كبيرهم هذا" وقال للملك حين أراد امرأته هي أختي" قال سفيان في قوله "إني سقيم" يعني طعين وكانوا يفرون من المطعون فأراد أن يخلو بآلهتهم وكذا قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى "فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم" فقالوا له وهو في بيت آلهتهم: أخرج فقال إني مطعون فتركوه مخافة الطاعون وقال قتادة عن سعيد بن المسيب رأى نجما طلع فقال "إني سقيم" كابد نبي الله عن دينه فقال "إني سقيم" وقال آخرون "فقال إني سقيم" بالنسبة إلى ما يستقبل يعني مرض الموت وقيل أراد "إني سقيم" أي مريض القلب من عبادتكم الأوثان من دون الله تعالى وقال الحسن البصري: خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم فأرادوه على الخروج فاضطجع على ظهره وقال "إني سقيم" وجعل ينظر في السماء فلما خرجوا أقبل إلى آلهتهم فكسرها ورواه ابن أبي حاتم.

وقوله ( إِنِّي سَقِيمٌ ) : أي طعين، أو لسقم كانوا يهربون منه إذا سمعوا به، وإنما يريد إبراهيم أن يخرجوا عنه، ليبلغ من أصنامهم الذي يريد.

واختلف في وجه قيل إبراهيم لقومه: ( إِنِّي سَقِيمٌ ) وهو صحيح، فروي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إلا ثَلاثَ كَذَبَاتٍ" .

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثني هشام، عن محمد، عن أبي هريرة، أن رسول الله قال: " وَلَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ غَيْرَ ثَلاثَ كَذَبَاتٍ ، ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ الله ، قوله ( إِنِّي سَقِيمٌ ) وقَوْلِهِ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ، وقَوْلِهِ فِي سارَة: هِي أُخْتِي" .

حدثنا سعيد بن يحيى، قال: ثنا أبي، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثني أبو الزناد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إلا فِي ثَلاثٍ" ثم ذكر نحوه .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن المسيب بن رافع، عن أبي هريرة، قال: " ما كذب إبراهيم غير ثلاث كذبات، قوله ( إِنِّي سَقِيمٌ ) ، وقوله بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ، وإنما قاله موعظة، وقوله حين سأله الملك، فقال أختي لسارَة، وكانت امرأته ".

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أيوب، عن محمد، قالَ: " إن إبراهيم ما كذب إلا ثلاث كذبات ، ثنتان في الله، وواحدة في ذات نفسه; فأما الثنتان فقوله ( إِنِّي سَقِيمٌ ) ، وقوله بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا وقصته في سارَة، وذكر قصتها وقصة الملك ".

وقال آخرون: إن قوله ( إِنِّي سَقِيمٌ ) كلمة فيها مِعْراض، ومعناها أن كل من كان في عقبة الموت فهو سقيم، وإن لم يكن به حين قالها سقم ظاهر، والخبر عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخلاف هذا القول، وقول رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الحقّ دون غيره.

التدبر :

وقفة
[89] ﴿فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ أي سقيم القلب بسبب ما هم فيه من كفر وضلال، فإن العاقل يقلقه ويزعجه ما هم فيه من الكفر، وقال لهم ذلك ليتركوه حتى ينفذ ما أقسم عليه من تحطيم الأصنام، فكلام إبراهيم حق، وقد ترك لقومه أن يفهموه بحسب ما يعتقدون، وما هذا بالكذب الصراح بل هو من المعاريض.
وقفة
[89] ﴿فَقالَ إِنّي سَقيمٌ﴾ لا بأس بالتعلل بالمرض لتجنب التواجد فى أماكن يُرتكب فيها ما يُغضب الله.
وقفة
[89] ﴿فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ فيه دليل على أن تعاطي الحيل الشرعية من أجل إزالة المنكر أمر مشروع، فإن إبراهيم اعتذر لقومه عن خروجه معهم في يوم عيدهم، وقال لهم: (إني سقيم)؛ ليختلي بالأصنام فيحطمها، ويثبت لقومه أنها لا تصلح للعبادة.

الإعراب :

  • ﴿ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ:
  • تعرب اعراب «فنظر».اني: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسم «ان».سقيم: خبرها مرفوع بالضمة. و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به-مقول القول-بمعنى: إني سقيم النفس لكفركم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [89] لما قبلها :     وبعد أن تفكرَ فيما يعتذر به عن الخروج معهم إلى أعيادهم؛ ذكرَ هنا العُذْرَ الذي انْتَحَلَهُ لِيَتْرُكُوهُ فَيَخْلُو بِبَيْتِ الأصْنامِ، قال تعالى:
﴿ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [90] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ

التفسير :

[90] فتركوه وراء ظهورهم.

{ فَـ} لهذا{ تَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ} فلما وجد الفرصة.

فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ. أى: فتركوه وحده وانصرفوا إلى خارج بلدتهم.

قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: وإنما قال إبراهيم لقومه ذلك ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم، فإنه كان قد أزف خروجهم إلى عيد لهم، فأحب أن يختلى بآلهتهم ليكسرها، فقال لهم كلاما هو حق في نفس الأمر فهموا منه أنه سقيم على ما يعتقدونه، فتولوا عنه مدبرين.

قال قتادة: والعرب تقول لمن تفكر في أمر: نظر في النجوم، يعنى قتادة: أنه نظر في السماء متفكرا فيما يلهيهم به فقال إِنِّي سَقِيمٌ أى: ضعيف.

وقول النبي صلّى الله عليه وسلم لم يكذب إبراهيم غير ثلاث كذبات: اثنتين في ذات الله، قوله:

«إنى سقيم» وقوله: «بل فعله كبيرهم هذا» وقوله في سارة «هي أختى» .

ليس المراد بالكذب هنا الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله، حاشا وكلا، وإنما أطلق الكذب على هذا تجوزا، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني، كما جاء في الحديث: إن من المعاريض لمندوحة عن الكذب.

وقيل قوله «إنى سقيم» أى: بالنسبة لما يستقبل، يعنى مرض الموت.

وقيل: أراد بقوله: «إنى سقيم» أى، مريض القلب من عبادتكم للأوثان من دون الله- تعالى- ....

ويبدو لنا أى نظر إبراهيم- عليه السلام- في النجوم، إنما هو نظر المؤمن المتأمل في ملكوت الله- تعالى- المستدل بذلك على وحدانية الله وقدرته، وأنه إنما فعل ذلك أمامهم-وهم قوم يعظمون النجوم- ليقنعهم بصدق اعتذاره عن الخروج معهم، ويتم له ما يريده من تحطيم الأصنام.

كما يبدو لنا أن قوله: «إنى سقيم» المقصود منه: إنى سقيم القلب بسبب ما أنتم فيه من كفر وضلال، فإن العاقل يقلقه ويزعجه ويسقمه ما أنتم فيه من عكوف على عبادة الأصنام.

وقال لهم ذلك ليتركوه وشأنه، حتى ينفذ ما أقسم عليه بالنسبة لتلك الأصنام.

فكلام إبراهيم حق في نفس الأمر- كما قال الإمام ابن كثير- وقد ترك لقومه أن يفهموه على حسب ما يعتقدون.

أي ذهب إليها بعدما خرجوا في سرعة واختفاء.

قوله ( فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ ) يقول: فتولوا عن إبراهيم مدبرين عنه، خوفا من أن يعدِيَهُمْ السقم الذي ذكر أنه به.

كما حُدثت عن يحيى بن زكريا، عن بعض أصحابه، عن حكيم بن جُبَير، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس ( إِنِّي سَقِيمٌ ) يقول: مطعون فتولَّوا عنه مدبرين، قال سعيد: إن كان الفرار من الطاعون لقديما.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد عن قتادة ( فَتَوَلَّوْا ) فنكصوا عنه ( مُدْبِرِينَ ) منطلقين.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[90] ﴿فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ﴾ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِىُّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَطُّ إِلاَّ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ: ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللَّهِ؛ قَوْلُهُ: (إِنِّى سَقِيمٌ)، وَقَوْلُهُ: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا)، وَوَاحِدَةً فِي شَأْنِ سَارَةَ، فَإِنَّهُ قَدِمَ أَرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ، وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِى يَغْلِبْنِى عَلَيْكِ، فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِى، فَإِنَّكِ أُخْتِى فِي الإِسْلاَمِ، فَإِنِّى لاَ أَعْلَمُ فِي الأَرْضِ مُسْلِمًا غَيْرِى وَغَيْرَكِ، فَلَمَّا دَخَلَ أَرْضَهُ رَآهَا بَعْضُ أَهْلِ الْجَبَّارِ، أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ قَدِمَ أَرْضَكَ امْرَأَةٌ لاَ يَنْبَغِى لَهَا أَنْ تَكُونَ إِلاَّ لَكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأُتِىَ بِهَا، فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى الصَّلاَةِ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَقُبِضَتْ يَدُهُ قَبْضَةً شَدِيدَةً، فَقَالَ لَهَا: ادْعِى اللَّهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِى وَلاَ أَضُرُّكِ، فَفَعَلَتْ، فَعَادَ فَقُبِضَتْ أَشَدَّ مِنَ الْقَبْضَةِ الأُولَى، فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَفَعَلَتْ، فَعَادَ فَقُبِضَتْ أَشَدَّ مِنَ الْقَبْضَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، فَقَالَ: ادْعِى اللَّهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِى فَلَكِ اللَّهَ أَنْ لاَ أَضُرَّكِ، فَفَعَلَتْ وَأُطْلِقَتْ يَدُهُ، وَدَعَا الَّذِى جَاءَ بِهَا فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ إِنَّمَا أَتَيْتَنِى بِشَيْطَانٍ وَلَمْ تَأْتِنِى بِإِنْسَانٍ، فَأَخْرِجْهَا مِنْ أَرْضِى وَأَعْطِهَا هَاجَرَ، قَالَ: فَأَقْبَلَتْ تَمْشِى فَلَمَّا رَآهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ انْصَرَفَ فَقَالَ لَهَا: مَهْيَمْ، قَالَتْ: خَيْرًا كَفَّ اللَّهُ يَدَ الْفَاجِرِ وَأَخْدَمَ خَادِمًا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِى مَاءِ السَّمَاءِ. [مسلم 2371].

الإعراب :

  • ﴿ فَتَوَلَّوْا عَنْهُ:
  • الفاء سببية. تولوا: فعل ماض مبني على الفتح او الضم المقدر للتعذر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة وبقيت الفتحة دالة على الالف المحذوفة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. عنه: جار ومجرور متعلق بتولوا بمعنى فهربوا منه.لان قوله-اني سقيم-يجوز ان يكون بمعنى: اني مريض بالطاعون فخافوا فهربوا. وقال هذا حتى ينفرد بآلهتهم
  • ﴿ مُدْبِرِينَ:
  • حال من الضمير في «تولوا» منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [90] لما قبلها :     ولَمَّا فهموا عنه ظاهر قوله، وظنوا فيه ما يظهر من حاله، ولم يسعهم لعظمته فيهم إلا التسليم؛ تركوه، وأسرعوا لتأدية مراسمهم، قال تعالى:
﴿ فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [91] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا ..

التفسير :

[91] فمال مسرعاً إلى أصنام قومه فقال مستهزئاً بها:ألا تأكلون هذا الطعام الذي يقدمه لكم سدنتكم؟

{ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ} أي:أسرع إليها على وجه الخفية والمراوغة،{ فَقَالَ} متهكما بها{ أَلَا تَأْكُلُونَ{

ثم حكى- سبحانه- ما فعله إبراهيم بالأصنام بعد أن انفرد بها فقال: فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ.

وأصل الروغ: الميل إلى الشيء بسرعة على سبيل الاحتيال. يقال: راغ فلان نحو فلان. إذا مال إليه لأمر يريده منه على سبيل الاحتمال.

أى: فذهب إبراهيم مسرعا إلى الأصنام بعد أن تركها القوم وانصرفوا إلى عيدهم، فقال لها على سبيل التهكم والاستهزاء: أيتها الأصنام ألا تأكلين تلك الأطعمة التي قدمها لك الجاهلون على سبيل التبرك؟

وخاطبها كما يخاطب من يعقل فقال: «ألا تأكلون» ، لأن قومه أنزلوها تلك المنزلة.

( فراغ إلى آلهتهم ) أي : ذهب إليها بعد أن خرجوا في سرعة واختفاء ، ( فقال ألا تأكلون ) ، وذلك أنهم كانوا قد وضعوا بين أيديها طعاما قربانا لتبرك لهم فيه .

قال السدي : دخل إبراهيم - عليه السلام - إلى بيت الآلهة ، فإذا هم في بهو عظيم ، وإذا مستقبل باب البهو صنم عظيم ، إلى جنبه [ صنم آخر ] أصغر منه ، بعضها إلى جنب بعض ، كل صنم يليه أصغر منه ، حتى بلغوا باب البهو ، وإذا هم قد جعلوا طعاما وضعوه بين أيدي الآلهة ، وقالوا : إذا كان حين نرجع وقد بركت الآلهة في طعامنا أكلناه ، فلما نظر إبراهيم - عليه السلام - إلى ما بين أيديهم من الطعام قال : ( ألا تأكلون . ما لكم لا تنطقون ) ؟ !

وقوله ( فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ ) يقول تعالى ذكره: فمال إلى آلهتهم بعد ما خرجوا عنه وأدبروا; وأرى أن أصل ذلك من قولهم: راغ فلان عن فلان: إذا حاد عنه، فيكون معناه إذا كان كذلك: فراغ عن قومه والخروج معهم إلى آلهتهم; كما قال عدي بن زيد:

حِــينَ لا يَنْفَــعُ الـرَّوَاغُ وَلا يَـنْ

فَـــعُ إلا المُصَـــادِقُ النِّحْــرِيرُ (1)

يعني بقوله " لا ينفع الرّوَاغ ": الحِياد. أما أهل التأويل فإنهم فسَّروه بمعنى فَمَال.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ ) : أي فمال إلى آلهتهم، قال: ذهب.

حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ قوله ( فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ ) قال: ذهب.

وقوله ( فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ ) هذا خبر من الله عن قيل إبراهيم للآلهة; وفي الكلام محذوف استغني بدلالة الكلام عليه من ذكره، وهو: فقرّب إليها الطعام فلم يرها تأكل، فقال لها: ( أَلا تَأْكُلُونَ ) فلما لم يرها تأكل قال لها: ما لكم لا تأكلون.

------------------------

الهوامش:

(1) البيت نسبه المؤلف لعدي بن زيد العبادي، ولم أجده في ترجمته في الأغاني ولا في شعره في شعراء النصرانية. ولعله من قصيدته التي مطلعها" أرواح مودع أم بكور" . واستشهد به المؤلف عند قوله تعالى:" فراغ عليهم ضربا باليمين" على أن معنى راغ: حاد. وفسره بعضهم بمال." وفي اللسان: روغ" راغ يروغ روغا وروغانا: حاد. وراغ إلى كذا أي مال إليه سرا وحاد.

وقوله تعالى" فراغ عليهم ضربا" أي مال وأقبل .اهـ. وفي ( اللسان: نحر ): والنحر( بكسر النون ) والنحرير : الحاذق الماهر العاقل المجرب. وقيل: النحرير: الرجل: الطبن الفطن المتقن البصير في كل شيء. وجمعه: النحارير. اهـ.

وقال الفرّاء في معاني القرآن 273 :" فراغ عليهم ضربا باليمين" : أي مال عليهم ضربا، واغتنم خلوتهم من أهل دينهم. وفي قراءة عبد الله ( أي ابن مسعود ):" فراغ عليهم صفقا باليمين" .

التدبر :

وقفة
[91] ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ﴾ إنما قال ذلك على وجه الاستهزاء بالذين يعبدون تلك الأصنام.
وقفة
[91] ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ﴾ ما فائدة توجيه إبراهيم هذا الكلام للأصنام في ظل غيبة عابديها، وهو يعلم أنها لن تأكل؟! والجواب أن بعض حراسها كانوا هناك، وإلا كان كلامه لغوًا لا فائدة منه.

الإعراب :

  • ﴿ فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ:
  • الفاء استئنافية. راغ: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بمعنى: فمال او فأقبل. الى آلهة: جار ومجرور متعلق براغ. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ:
  • معطوفة بالفاء على «راغ» وتعرب اعرابها. ألا: الهمزة همزة تعجيب بلفظ‍ استفهام. لا: نافية لا عمل لها. تأكلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

الصافات: 91﴿فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَـ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ
الذاريات: 27﴿فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [91] لما قبلها :     ولَمَّا تركوه؛ ذكرَ اللهُ هنا ما فعله إبراهيمُ عليه السلام بالأصنام بعد أن انفرد بها، قال تعالى:
﴿ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [92] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ

التفسير :

[92]ما لكم لا تنطقون ولا تجيبون مَن يسألكم؟

{مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ} أي:فكيف يليق أن تعبد، وهي أنقص من الحيوانات، التي تأكل أو تكلم؟ فهذه جماد لا تأكل ولا تكلم.

وقوله : ( مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ ) زيادة فى السخرية بتلك الأصنام ، وفى إظهار الغيظ منها ، والضيق بها ، والغضب عليها .

( فقال ألا تأكلون ) ، وذلك أنهم كانوا قد وضعوا بين أيديها طعاما قربانا لتبرك لهم فيه .

قال السدي : دخل إبراهيم - عليه السلام - إلى بيت الآلهة ، فإذا هم في بهو عظيم ، وإذا مستقبل باب البهو صنم عظيم ، إلى جنبه [ صنم آخر ] أصغر منه ، بعضها إلى جنب بعض ، كل صنم يليه أصغر منه ، حتى بلغوا باب البهو ، وإذا هم قد جعلوا طعاما وضعوه بين أيدي الآلهة ، وقالوا : إذا كان حين نرجع وقد بركت الآلهة في طعامنا أكلناه ، فلما نظر إبراهيم - عليه السلام - إلى ما بين أيديهم من الطعام قال : ( ألا تأكلون . ما لكم لا تنطقون ) ؟ !

فلم يرها تنطق، فقال لها: ( مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ ) مستهزئا بها، وكذلك ذكر أنه فعل بها، وقد ذكرنا الخبر بذلك فيما مضى قبلُ.

وقال قتادة في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ) يستنطقهم ( مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ ) ؟

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[92] ﴿مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ﴾ لم يكسِر إبراهيم الأصنام إلا بعد أن أثبت بالحجة لمن حضر أنها لا تصلح أن تكون آلهة.
وقفة
[92] ﴿مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ﴾ فيه زيادة السخرية من تلك الأصنام، وإظهار الغيظ منها، والضيق بها، والغضب عليها.

الإعراب :

  • ﴿ ما لَكُمْ:
  • اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ يفيد التعجيب.لكم: جار ومجرور متعلق بخبر «ما» والميم علامة جمع الذكور بمعنى: اي شيء لكم؟
  • ﴿ لا تَنْطِقُونَ:
  • الجملة في محل نصب حال بمعنى: غير ناطقين. لا: نافية لا عمل لها. تنطقون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [92] لما قبلها :     ولَمَّا سألهم فلم يجيبوا؛ زادَ هنا في السخرية والتهكم بهم، قال تعالى:
﴿ مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [93] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ

التفسير :

[93] فأقبل على آلهتهم يضربها ويكسِّرها بيده اليمنى؛ ليثبت لقومه خطأ عبادتهم لها.

{ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} أي:جعل يضربها بقوته ونشاطه، حتى جعلها جذاذا، إلا كبيرا لهم، لعلهم إليه يرجعون.

هذا الغضب الذي كان من آثاره ما بينه القرآن في قوله: فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ أى: فمال عليهم ضاربا إياهم بيده اليمنى، حتى حطمهم كما قال- تعالى- في آية أخرى:

فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ.

وقال- سبحانه-: ضَرْباً بِالْيَمِينِ للدلالة على أن إبراهيم- عليه السلام- لشدة حنقه وغضبه على الأصنام- قد استعمل في تحطيمها أقوى جارحة يملكها وهي يده اليمنى.

وقيل: يجوز أن يراد باليمين: اليمين التي حلفها حين قال: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ.

وانتهى إبراهيم من تحطيم الأصنام، وارتاحت نفسه لما فعله بها، وشفى قلبه من الهم والضيق الذي كان يجده حين رؤيتها ...

وقوله : ( فراغ عليهم ضربا باليمين ) : قال الفراء : معناه مال عليهم ضربا باليمين .

وقال قتادة والجوهري : فأقبل عليهم ضربا باليمين .

وإنما ضربهم باليمين لأنها أشد وأنكى ; ولهذا تركهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون ، كما تقدم في سورة الأنبياء تفسير ذلك .

القول في تأويل قوله تعالى : فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93)

يقول تعالى ذكره: فمال على آلهة قومه ضربا لها باليمين بفأس في يده يكسرهن.

كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: لما خلا جعل يضرب آلهتهم باليمين

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك، فذكر مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ ) فأقبل عليهم يكسرهم.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: ثم أقبل عليهم كما قال الله ضربا باليمين، ثم جعل يكسرهنّ بفأس في يده

وكان بعض أهل العربية يتأوّل ذلك بمعنى: فراغ عليهم ضربا بالقوّة والقدرة، ويقول: اليمين في هذا الموضع: القوّة: وبعضهم كان يتأوّل اليمين في هذا الموضع: الحلف، ويقول: جعل يضربهنّ باليمين التي حلف بها بقوله وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله: " فراغ عليهم صفقا باليمين ". ورُوي نحو ذلك عن الحسن.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا خالد بن عبد الله الجُشَمِي، قال: سمعت الحسن قرأ: " فَرَاغَ عَلَيْهِمْ صَفْقًا بِالْيَمِينِ": أي ضربا باليمين.

التدبر :

وقفة
[93] ﴿فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ﴾ أثمن شيء: دم يسيل من جبهة في سبيل الله، وألم ينبعث من يد في سبيل الله، وسهر يسكن مقلة في سبيل الله.
وقفة
[93] ﴿فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ﴾ إنك لن تبذل ما أعطاك الله من قوى في شيء هو أفضل من نصرة حق أو دحر باطل.
وقفة
[93] ﴿فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ﴾ ليست اليمين فقط للأكل! وإنما أيضًا لتحطيم الخرافات البالية، وإزهاق الأفكار الرديئة.
وقفة
[93] ﴿فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ﴾ في معنى اليمين قولان: الأول: معناه: بالقوة والشدة؛ لأن اليمين أقوى الجارحتين، والثاني: أنه قصد باليمين الحلف، وهو قوله تعالى على لسان إبراهيم: ﴿وَتَاللَّـهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم﴾ [الأنبياء: 57].
وقفة
[93] ﴿فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ﴾ تناول معول العزم بيمين الجد واعمد لأصنامك، فابدأ بعادات السوء ومكامن الهوى؛ فحطمها، وارم بها في وادي النسيان.

الإعراب :

  • ﴿ فَراغَ عَلَيْهِمْ:
  • معطوفة بالفاء على «راغ الى آلهتهم» وتعرب اعرابها بمعنى:فأقبل عليهم مستخفيا كأنه قال فضربهم. لان «راغ عليهم» بمعنى: ضربهم او يضربهم.
  • ﴿ ضَرْباً بِالْيَمِينِ:
  • مفعول مطلق-مصدر-منصوب بيضربهم على معنى فَراغَ عَلَيْهِمْ».باليمين: جار ومجرور متعلق بصفة-نعت-للمصدر على معنى: ضربا شديدا قويا لان اليمين تدل على الشدة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [93] لما قبلها :     ولَمَّا أظهرَ عجزَها؛ شرعَ هنا في كسرها، قال تعالى:
﴿ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [94] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ

التفسير :

[94] فأقبلوا إليه يَعْدُون مسرعين غاضبين.

{ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ} أي:يسرعون ويهرعون، أي:يريدون أن يوقعوا به، بعدما بحثوا وقالوا:{ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ}

وقيل لهم{ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} يقول:{ تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ} فوبخوه ولاموه، فقال:{ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمْ الظَّالِمُونَ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنطِقُونَ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ} الآية.

وجاء قومه من رحلتهم، ووجدوا أصنامهم قد تحطمت، ويترك القرآن هنا ما قالوه لإبراهيم عند ما رأوا منظر آلهتهم بهذه الصورة المفزعة لهم، مكتفيا بإبراز حالهم فيقول:

«فأقبلوا إليه يزفون» .

أى: فحين رأوا آلهتهم بهذه الصورة. أقبلوا نحو إبراهيم يسرعون الخطا ولهم جلية وضوضاء تدل على شدة غضبهم لما أصاب آلهتهم.

يقال: زفّ النعام يزفّ زفّا وزفيفا، إذا جرى بسرعة حتى لكأنه يطير.

قوله هاهنا : ( فأقبلوا إليه يزفون ) : قال مجاهد وغير واحد : أي يسرعون .

وقوله ( فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة، وبعض قرّاء الكوفة: ( فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ) بفتح الياء وتشديد الفاء من قولهم: زَفَّتِ النعامة، وذلك أوّل عدوها، وآخر مشيها; ومنه قول الفرزدق:

وَجَــاءَ قَـرِيعُ الشَّـوْلِ قَبْـلَ إِفَالِهَـا

يَـزِفُّ وَجَـاءَتْ خَلْفَـهُ وَهِـيَ زُفَّفُ (2)

.

وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة: " يُزِفُّونَ" بضم الياء وتشديد الفاء من أزف فهو يزف. وكان الفرّاء يزعم أنه لم يسمع في ذلك إلا زَفَفْت، ويقول: لعلّ قراءة من قرأه: " يُزِفُّونَ" بضم الياء من قول العرب: أطْرَدْتُ الرجل: أي صيرته طريدا، وطردته: إذا أنت خسئته إذا قلت: اذهب عنا; فيكون يزفون: أي جاءوا على هذه الهيئة بمنـزلة المزفوفة على هذه الحالة، فتدخل الألف. كما تقول: أحمدت الرجل: إذا أظهرت حمده، وهو محمد: إذا رأيت أمره إلى الحمد، ولم تنشر حمده; قال: وأنشدني المفضَّل:

تَمَنَّــى حُـصَيْنٌ أنْ يَسُـودَ جِذَاعَـةُ

فأَمْسَــى حُـصَيْنٌ قَـدْ أذَلَّ وَأَقْهَـرا (3)

فقال: أقهر، وإنما هو قُهِر، ولكنه أراد صار إلى حال قهر. وقرأ ذلك بعضهم.

" يَزِفُونَ" بفتح الياء وتخفيف الفاء من وَزَفَ يَزِفُ وذُكر عن الكسائي أنه لا يعرفها، وقال الفرّاء: لا أعرفها إلا أن تكون لغة لم أسمعها. وذُكر عن مجاهد أنه كان يقول: الوَزْف: النَّسَلان.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (إليه يزفون) قال: الوزيف: النسلان.

والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأه بفتح الياء وتشديد الفاء، لأن ذلك هو الصحيح المعروف من كلام العرب، والذي عليه قراءة الفصحاء من القرّاء.

وقد اختلف أهل التأويل في معناه، فقال بعضهم: معناه: فأقبل قوم إبراهيم إلى إبراهيم يَجْرُون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ) : فأقبلوا إليه يجرون.

وقال آخرون: أقبلوا إليه يَمْشُون.

* ذكر من قال ذلك:

محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله ( فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ) قال: يَمْشُون.

وقال آخرون: معناه: فأقبلوا يستعجلون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، عن أبيه ( فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ) قال: يستعجلون، قال: يَزِفّ: يستعجل.

------------------------

الهوامش:

(2) البيت للفرزدق ( ديوانه طبعة الصاوي 558 ) من قصيدته التي مطلعها:" عزفت بأعشاش وما كدت تعزف" . ( وفي اللسان: قرع ) : القريع من الإبل الذي يأخذ بذراع الناقة فينيخها. وقيل سمي قريعا لأنه يقرع الناقة، قال الفرزدق ( وأنشد بيت الشاهد ). والإفال: جمع أفيل وأفيلة، وهو الفصيل. وقال أبو عبيد: الإفال بنات المخاض. وفي ( اللسان: زفف ) الزفيف: سرعة المشي مع تقارب وسكون. وقيل: هو أول عدو النعام: زف يزف زفا، وزفيفا وزفوفا، وأزف عن الأعرابي. قال الفرّاء في معاني القرآن : والناس يزفون بفتح الياء، أي يسرعون. وقرأها الأعمش يزفون ( بضم الياء ) أي يجيئون على هيئة الزفيف، بمنزلة المزفوفة على هذه الحال. وقال الزجاج: يزفون: يسرعون. وأصله من زفيف النعامة، وهو ابتداء عدوها .اهـ.

(3) البيت للمخبل السعدي يهجو الزبرقان. واستشهد به الفرّاء في معاني القرآن ( مصورة الجامعة 273 ) لتخريج قراءة الأعمش قوله تعالى:" فأقبلوا إليه يزفون" بضم الياء. قال كأنها من أزفت، ولم نسمعها إلا زففت تقول للرجل: جاءنا يزف ( بفتح الياء ) . ولعل قراءة الأعمش من قول العرب: قد أطردت الرجل: أي صيرته طريدا، طردته إذا أنت قلت له: اذهب عنا." يزفون" : أي جاءوا على هذه الهيئة بمنزلة المزفوفة. على هذه الحال، فتدخل الألف، كما تقول للرجلك هو محمود: إذا أظهرت حمده، وهو محمد: إذا رأيت أمره إلى الحمد؛ ولم تنشر حمده. قال: وأنشدني المفضل:" تمنى حصين ... البيت" فقال: اقهر: أي صار إلى القهر، وإنما هو قهر. وقرأ الناس بعد" يزفون" بفتح الياء وكسر الزاي. وقد قرأ بعض القراء:" يزفون" بالتخفيف كأنها من وزف يزف. وزعم الكسائي أنه لا يعرفها. وقال الفرّاء: لا أعرفها أيضا، إلا أن تكون لم تقع إلينا . وفي اللسان إلينا. وفي اللسان والمحكم: جذع: ( وجذاع الرجل: قومه، لا واحد لها ). قال المخبل يهجو الزبرقان:" تمنى... البيت". أي قد صار أصحابه أذلاء مقهورين ورواه الأصمعي: قد أذل وأقهرا ( بالبناء للمجهول ). أو يكون" أقهر" وجد مقهورا . وخص أبو عبيدة بالجذاع رهط الزبرقان.

التدبر :

وقفة
[94] ﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ ليس (يزفون) من الزفاف كما يظن البعض، (يَزِفُّونَ) أي: يسرعون المشي.
وقفة
[94] ﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ أي يُسرعون المشيَ، فإن قلتَ: هذا يدلُّ على أنهم عرفوا أن إبراهيم هو الكاسر لآلهتهم، وقولُه في الأنبياء: ﴿قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتنا﴾ [الأنبياء: 59]، يدلُّ على أنهم ما عرفوا أنه الكاسرُ لها؟ قلتُ: يحتمل أنَّ بعضهم عرفه فأقبل إليه.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ:
  • الفاء: سببية. اقبلوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.إليه: جار ومجرور متعلق بأقبلوا بمعنى فرجع اليه قومه.
  • ﴿ يَزِفُّونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير في «اقبلوا» بمعنى:يسرعون او يزف بعضهم بعضا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [94] لما قبلها :     ولَمَّا عَلِمُوا بِما فَعَلَ إبْراهِيمُ عليه السلام بِأصْنامِهِمْ؛ أرْسَلُوا إلَيْهِ مَن يُحْضِرُهُ، قال تعالى:
﴿ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يزفون:
1- بفتح الياء، من «زف» ، إذا أسرع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضم الياء، من «أزف» : دخل فى الزفيف، وهى قراءة حمزة، ومجاهد، وابن وثاب، والأعمش.
3- مبنيا للمفعول.
4- بسكون الزاى، من «زفاه» ، إذا حداه.

مدارسة الآية : [95] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ

التفسير :

[95] فلقيهم إبراهيم بثبات قائلاً:كيف تعبدون أصناماً تنحتونها أنتم، وتصنعونها بأيديكم،

{ قَالَ} هنا:{ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} أي:تنحتونه بأيديكم وتصنعونه؟ فكيف تعبدونهم، وأنتم الذين صنعتموهم، وتتركون الإخلاص للّه؟ الذي{ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}

ولم يأبه إبراهيم- عليه السلام- لهياج قومه، وإقبالهم نحوه بسرعة وغضب، بل رد عليهم ردا منطقيا سليما، فقال لهم: أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ. وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ.

أى: قال لهم مؤبخا ومؤنبا: أتعبدون أصناما أنتم تنحتونها وتقطعونها من الحجارة أو من الخشب بأيديكم،

وهذه القصة هاهنا مختصرة ، وفي سورة الأنبياء مبسوطة ، فإنهم لما رجعوا ما عرفوا من أول وهلة من فعل ذلك حتى كشفوا واستعلموا ، فعرفوا أن إبراهيم - عليه السلام - هو الذي فعل ذلك . فلما جاءوا ليعاتبوه أخذ في تأنيبهم وعيبهم ، فقال : ( أتعبدون ما تنحتون ) ؟ ! أي : أتعبدون من دون الله من الأصنام ما أنتم تنحتونها وتجعلونها بأيديكم ؟ !

وقوله ( قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ) يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم لقومه: أتعبدون أيها القوم ما تنحتون بأيديكم من الأصنام.

كما حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ) الأصنام.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[95] ﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ﴾ دائمًا أسئلة العظماء محرجة.
وقفة
[95] ﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ﴾ فيه فضل الاحتجاج واستعمال العقل في مجادلة أهل الباطل، فلم يكن الخشب والحجر قبل النحت آلهة، فإذا نحت أحدكم كتلة حجر أو قطعة خشب صارت آلهة تُعبد!
وقفة
[95] نموذج إبراهيم عليه السلام في الصافات قمة الجرأة في نصرة الحق: ﴿أتعبدون ما تنحتون﴾، وقمة الاستسلام والخضوع لأمر الله: ﴿فلما أسلما﴾ [103].
وقفة
[95] ﴿قالَ أَتَعبُدونَ ما تَنحِتونَ﴾ جملة كافية للإفحام.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.والجملة بعده في محل نصب مفعول به لقال.
  • ﴿ أَتَعْبُدُونَ:
  • الهمزة همزة انكار وتوبيخ بلفظ‍ استفهام. تعبدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ ما تَنْحِتُونَ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.تنحتون: تعرب اعراب «تعبدون».وجملة «تنحتون» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به. التقدير: ما تنحتونه بأيديكم. او ان تكون «ما» مصدرية. والجملة المؤولة في محل نصب مفعول به.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [95] لما قبلها :     ولَمَّا أنكروا على إبراهيم عليه السلام ما فعله بالأصنام؛ ذكرَ لهم الدليل الدال على فساد عبادتها، قال تعالى:
﴿ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [96] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ

التفسير :

[96]وتتركون عبادة ربكم الذي خلقكم، وخلق عملكم؟

وتتركون عبادة الله- تعالى- الذي خلقكم وخلق الذي تعملونه من الأصنام وغيرها.

قال القرطبي ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ «ما» في موضع نصب، أى: خلقكم وخلق ما تعملونه من الأصنام، يعنى الخشب والحجارة وغيرها.

وقيل إن «ما» استفهام، ومعناه: التحقير لعملهم. وقيل: هي نفى أى: أنتم لا تعملون ذلك لكن الله خالقه والأحسن أن تكون «ما» مع الفعل مصدرا. والتقدير: والله خلقكم وعملكم، وهذا مذهب أهل السنة، أن الأفعال خلق لله- عز وجل- واكتساب للعباد.

وروى أبو هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله خالق كل صانع وصنعته» .

( والله خلقكم وما تعملون ) يحتمل أن تكون " ما " مصدرية ، فيكون تقدير الكلام : والله خلقكم وعملكم . ويحتمل أن تكون بمعنى " الذي " تقديره : والله خلقكم والذي تعملونه . وكلا القولين متلازم ، والأول أظهر ; رواه البخاري في كتاب " أفعال العباد " ، عن علي بن المديني ، عن مروان بن معاوية ، عن أبي مالك ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة مرفوعا قال : " إن الله يصنع كل صانع وصنعته " . وقرأ بعضهم : ( والله خلقكم وما تعملون )

فعند ذلك لما قامت عليهم الحجة عدلوا إلى أخذه باليد والقهر ،

وقوله ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل إبراهيم لقومه: والله خلقكم أيها القوم وما تعملون. وفي قوله ( وَمَا تَعْمَلُونَ ) وجهان: أحدهما: أن يكون قوله " ما " بمعنى المصدر، فيكون معنى الكلام حينئذ: والله خلقكم وعملكم.

والآخر أن يكون بمعنى " الذي"، فيكون معنى الكلام عند ذلك: والله خلقكم والذي تعملونه: أي والذي تعملون منه الأصنام، وهو الخشب والنحاس والأشياء التي كانوا ينحتون منها أصنامهم.

وهذا المعنى الثاني قصد إن شاء الله قتادةُ بقوله: الذي حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) : بِأَيْدِكُمْ

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[96] ﴿وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ أفعال الإنسان يخلقها الله، ويفعلها العبد باختياره.
وقفة
[96] ﴿وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ أي خلقكم الله، وخلق المادة التي تصنعون منها أصنامكم من حجر أو خشب.

الإعراب :

  • ﴿ وَاللهُ خَلَقَكُمْ:
  • الواو استئنافية للتعليل. الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. خلق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَما تَعْمَلُونَ:
  • الواو عاطفة. ما تعملون: تعرب اعراب ما تَنْحِتُونَ» بمعنى وخلق ما تعملون او واي شيء تعملون. وقد اثير جدل حول المعنى والتفسير لموقع «ما» في ما تَنْحِتُونَ» وفي ما تَعْمَلُونَ» وقد اعربتا هنا على الوجهين.'

المتشابهات :

النحل: 70﴿ وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ۚ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ
فاطر: 11﴿ وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا
الصافات: 96﴿ وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [96] لما قبلها :     ولَمَّا كان المتفردُ بالنعمةِ هو المستحقُّ للعبادة؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنَّهُ هو وحْدَهُ خالِقُهُمْ؛ وخالِقُ تلك الأصنام التي يعملونها بأيديهم، فلما كان لا مُدْخَلَ لأصنامهم في الخَلْقِ؛ فَلا مُدْخَلَ لَها في العِبادَةِ، قال تعالى:
﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [97] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ ..

التفسير :

[97] فلما قامت عليهم الحجة لجؤوا إلى القوة، وقالوا:ابنوا له بنياناً، واملؤوه حطباً، ثم ألقوه فيه.

{ قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا} أي:عاليا مرتفعا، وأوقدوا فيها النار{ فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ} جزاء على ما فعل، من تكسير آلهتهم.

ولكن هذا المنطق الرصين من إبراهيم، لم يجد أذنا واعية من قومه، بل قابلوا قوله هذا بالتهديد والوعيد الذي حكاه- سبحانه- في قوله: قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ أى قالوا فيما بينهم: ابنوا لإبراهيم بنيانا، ثم املئوه بالنار المشتعلة، ثم ألقوا به فيها فتحرقه وتهلكه.

فالمراد بالجحيم: النار الشديدة التأجج. وكل نار بعضها فوق بعض فهي جحيم، وهذا اللفظ مأخوذ من الجحمة وهي شدة التأجج والاتقاد- يقال: جحم فلان النار- كمنع- إذا أوقدها وأشعلها، واللام فيه عوض عن المضاف إليه- أى- ألقوه في جحيم ذلك البنيان المليء بالنار.

فقالوا : ( ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم ) وكان من أمرهم ما تقدم بيانه في سورة الأنبياء ، ونجاه الله من النار وأظهره عليهم ، وأعلى حجته ونصرها ; ولهذا قال تعالى : ( فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين )

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97)

يقول تعالى ذكره: قال قوم إبراهيم لما قال لهم إبراهيم: أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ابنوا لإبراهيم بنيانا; ذكر أنهم بنوا له بنيانا يشبه التنور، ثم نقلوا إليه الحطب، وأوقدوا عليه ( فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ ) والجحيم عند العرب: جمر النار بعضُه على بعض، والنار على النار.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[97] ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا﴾ يستطيعون قتله بصمت أو إحراقه دون خسارة البنيان! ولكن يجب أن تكون النهاية مأساوية؛ ليردعوا بها الضعفاء.
عمل
[97] ﴿بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ﴾ أيها الداعية: إذا بدأ أهل الضلال يرفعون من شأنك؛ فشكَّ أن هناك مرحلة إلقاء ستأتي، فلم يرفعوك إلا ليُلقوك.
وقفة
[97] ﴿فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ﴾ لا تصدق رحمتهم، ولا دعواتهم للحوار، لا يبهجهم مثل منظرك وأنت تتلظى في النار، تتهشم في الجحيم.
لمسة
[97، 98] في قصة إبراهيم في سورة الأنبياء قال: ﴿وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ﴾ [الأنبياء: 70]، وفي الصافات: ﴿فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾، وهي قصة واحدة فما الحكمة فيه؟ والجواب: في سورة الأنبياء أخبر الله تعالى عن إبراهيم أنه كاد أصنامهم: ﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ﴾ [الأنبياء: 57]، وأخبر أنهم أرادوا أن يكيدوه كذلك: ﴿وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا﴾ [الأنبياء: 70] فتقابل الكيدان، فلما عاد عليهم كيدهم عبر بالخسارة، وفي الصافات قال قبلها: ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ﴾، فلما رموا نبي الله من فوق البناء إلى أسفل، عاقبهم الله من جنس عملهم فجعلهم هم الأسفلين، وأصبح أمر نبي الله عاليًا.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. اي قالوا غاضبين.
  • ﴿ ابْنُوا لَهُ بُنْياناً:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-.ابنوا:فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. له: جار ومجرور متعلق بابنوا. بنيانا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ فَأَلْقُوهُ:
  • معطوفة بالفاء السببية على «ابنوا» وتعرب اعرابها والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فِي الْجَحِيمِ:
  • جار ومجرور متعلق بألقوه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [97] لما قبلها :     ولَمَّا غَلَبَهم إبراهيمُ عليه السلام بالحُجَّةِ القَويَّةِ، ولم يَقدِروا على الجَوابِ؛ لجأوا إلى القوة والشدة والبطش، قال تعالى:
﴿ قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [98] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ

التفسير :

[98] فأراد قوم إبراهيم به كيداً لإهلاكه، فجعلناهم المقهورين المغلوبين، وردَّ الله كيدهم في نحورهم، وجعل النار على إبراهيم برداً وسلاماً.

{ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا} ليقتلوه أشنع قتلة{ فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ} رد اللّه كيدهم في نحورهم، وجعل النار على إبراهيم بردا وسلاما.

وبنوا البنيان، وأضرموه بالنار، وألقوا بإبراهيم فيها، فماذا كانت النتيجة؟كانت كما قال- سبحانه- بعد ذلك: فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً أى: شرا وهلاكا عن طريق إحراقه بالنار فَجَعَلْناهُمُ- بقدرتنا التي لا يعجزها شيء- الأسفلين أى: الأذلين المقهورين، حيث أبطلنا كيدهم. وحولنا النار إلى برد وسلام على عبدنا إبراهيم- عليه السلام-.

وهكذا رعاية الله- تعالى- تحرس عباده المخلصين، وتجعل العاقبة لهم على القوم الكافرين.

فقالوا : ( ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم ) وكان من أمرهم ما تقدم بيانه في سورة الأنبياء ، ونجاه الله من النار وأظهره عليهم ، وأعلى حجته ونصرها ; ولهذا قال تعالى : ( فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين )

وقوله ( فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا ) يقول تعالى ذكره: فأراد قوم إبراهيم كيدًا، وذلك ما كانوا أرادوا من إحراقه بالنار. يقول الله: ( فَجَعَلْنَاهُمُ ) أي فجعلنا قوم إبراهيم ( الأسْفَلِينَ ) يعني الأذلين حجة، وغَلَّبنا إبراهيم عليهم بالحجة، وأنقذناه مما أرادوا به من الكيد.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ( فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأسْفَلِينَ ) قال: فما ناظرهم بعد ذلك حتى أهلكهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[98] ﴿فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾ أولئك الذين يشوِّهون الدين، ويكيدون بأهله، مجرَّد سفلة.
وقفة
[98] ﴿فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾ الذين يكيدون لدعاة الخير سيكون مآلهم السفالة.
وقفة
[98] ﴿فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾ ماذا يملك الضعاف المهازيل من الطغاة والمتجبرين، إذا كانت رعاية الله تحوط عباده المخلصين؟!
وقفة
[98] ﴿فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾ ما أسفل أن تكيد الدين وحملة الرسالة من الصالحين!
وقفة
[98] ﴿فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾ من كاد أولياء الله كان في مواجهة مباشرة مع الله، ومصيره الإذلال في الأسفلين.
وقفة
[98] ﴿فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾ أرادوا، وبنوا، واججوا نارًا، وألقوه فيها، فتخلت الأسباب ونجى؛ فمهما كاد الأعداء فالله من ورائهم محيط.
عمل
[98] ‏قوم إبراهيم عليه السلام قال عنهم ربِّي: ﴿فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾، لا تقلق من تدابير البشر.
وقفة
[98] إذا كان الله وليك وهو منتهى رغبتك وقصدك، فلن يستطيع أحد أذيتك؛ لأنه سيحفظك ويرعاك ﴿فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَرادُوا بِهِ:
  • الفاء استئنافية. ارادوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. به:جار ومجرور متعلق بأرادوا
  • ﴿ كَيْداً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: مكرا وخديعة.
  • ﴿ فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ:
  • الفاء سببية. جعل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.و«هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به اول. و «الاسفلين» مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من الحركة في المفرد'

المتشابهات :

الأنبياء: 70﴿وَ أَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ
الصافات: 98﴿فَـ أَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [98] لما قبلها :     ولَمَّا لجأوا إلى القوة والشدة والبطش؛ أرادوا إحراقَه بالنَّارِ، فأبطلَ اللهُ كيدَهم بأن جعلَ النَّارَ عليه بردًا وسلامًا، قال تعالى:
﴿ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [99] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ..

التفسير :

[99] وقال إبراهيم:إني مهاجر إلى ربي من بلد قومي إلى حيث أتمكن من عبادة ربي؛ فإنه سيدلني على الخير في ديني ودنياي.

{ وَ} لما فعلوا فيه هذا الفعل، وأقام عليهم الحجة، وأعذر منهم،{ قال إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي} أي:مهاجر إليه، قاصد إلى الأرض المباركة أرض الشام.{ سَيَهْدِينِ} يدلني إلى ما فيه الخير لي، من أمر ديني ودنياي، وقال في الآية الأخرى:{ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا}

ثم تسوق لنا السورة الكريمة بعد ذلك جانبا آخر من قصة إبراهيم- عليه السلام- هذا الجانب يتمثل في هجرته من أجل نشر دعوة الحق وفي تضرعه إلى ربه أن يرزقه الذرية الصالحة، فتقول: وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ. رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ...

أى: قال إبراهيم بعد أن نجاه الله- تعالى- من كيد أعدائه إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي أى: إلى المكان الذي أمرنى ربي بالسير إليه، وهو بلاد الشام، وقد تكفل- سبحانه- بهدايتى إلى ما فيه صلاح ديني ودنياى.

قال القرطبي: «هذه الآية أصل في الهجرة والعزلة. وأول من فعل ذلك إبراهيم- عليه السلام- وذلك حين خلصه الله من النار قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي أى: مهاجر من بلد قومي ومولدي، إلى حيث أتمكن من عبادة ربي، فإنه سَيَهْدِينِ فيما نويت إلى الصواب.

قال مقاتل: هو أول من هاجر من الخلق مع لوط وسارة. إلى الأرض المقدسة وهي أرض الشام..».

والسين في قوله سَيَهْدِينِ لتأكيد وقوع الهداية في المستقبل، بناء على شدة توكله، وعظيم أمله في تحقيق ما يرجوه من ربه، لأنه ما هاجر من موطنه إلا من أجل نشر دينه وشريعته- سبحانه-.

قول تعالى مخبرا عن خليله إبراهيم [ عليه السلام ] : إنه بعد ما نصره الله على قومه وأيس من إيمانهم بعدما شاهدوا من الآيات العظيمة ، هاجر من بين أظهرهم ، وقال : ( إني ذاهب إلى ربي سيهدين )

وقوله ( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) يقول: وقال إبراهيم لما أفْلَجَه الله على قومه ونجاه من كيدهم: ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) يقول: إني مُهَاجِرٌ من بلدة قومي إلى الله: أي إلى الأرض المقدَّسة، ومفارقهم، فمعتزلهم لعبادة الله.

وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) : ذاهب بعمله وقلبه ونيته.

وقال آخرون في ذلك: إنما قال إبراهيم ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) حين أرادوا أن يلقوه في النار.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن المثني، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت سليمان بن صُرَد يقول: لما أرادوا أن يُلْقوا إبراهيم في النار ( قَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) فجمع الحطب، فجاءت عجوز على ظهرها حطب، فقيل لها: أين تريدين ؟ قالت: أريد أذهب إلى هذا الرجل الذي يُلْقَى في النار; فلما ألقي فيها، قال: حَسْبِيَ الله عليه توكلت، أو قال: حسبي الله ونعم الوكيل، قال: فقال الله: يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ قال: فقال ابن لُوط، أو ابن أخي لوط: إن النار لم تحرقه من أجلي، وكان بينهما قرابة، فأرسل الله عليه عُنُقا من النار فأحرقته.

وإنما اخترت القول الذي قلت في ذلك، لأن الله تبارك وتعالى ذكر خبره &; 21-72 &; وخبر قومه في موضع آخر، فأخبر أنه لما نجاه مما حاول قومه من إحراقه قال إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ففسر أهل التأويل ذلك أن معناه: إني مهاجر إلى أرض الشام، فكذلك قوله ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) لأنه كقوله إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي وقوله ( سَيَهْدِينِ ) يقول: سيثبتني على الهدى الذي أبصرته، ويعيننى عليه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي﴾ لا يكون ذلك إلا حين يجتمع القلب؛ فإذا اجتمع كله سار لله كله.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي﴾ حين تغادر الأماكن، حين ترحل وتسافر؛ انو الذهاب إلى الله بقلبك وروحك.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي﴾ ما أروع أن تكون خطوات المرء برحلة حياته متجهة دومًا لتقترب نحو نهاية الهدف! القرب من الله بالدرجات العلا.
وقفة
[99] ﴿وَقالَ إِنّي ذاهِبٌ إِلى رَبّي سَيَهدينِ﴾ لن تأتيك الهداية وأنت جالس فى مكانك، اعمل لها سعيًا دؤوبًا.
وقفة
[99] ﴿وَقالَ إِنّي ذاهِبٌ إِلى رَبّي سَيَهدينِ﴾ الأمر يحتاج لبذل الجهد، فلا تقف مكانك منتظرًا للمدد.
وقفة
[99] ﴿وَقالَ إِنّي ذاهِبٌ إِلى رَبّي سَيَهدينِ﴾ وجوب السعى المستمر الدؤوب للوصول لغاية عظيمة وهى الهداية.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ كل خطوة تمشيها إلى الله تنقذك من الحيرة والشتات، ويمنحك الله بها النور والهداية.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ يرحل الخليل عليه السلام وهو صاحب القلب السليم المنيب إلى ربه؛ طلبًا للهداية، فما أحوجنا لاقتفاء منهجه.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ قال مقاتل: «هو أول من هاجر من الخلق مع لوط وسارة إلى الأرض المقدسة، وهي أرض الشام».
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ بمجرد أن يرى ربك الصدق في قلبك في عودتك إليه: يأمر منارات طريقك أن تلوح، ونجوم سمائك أن تشع.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ كل طريق لا يوصلك إلى الله؛ يوصلك حتمًا إلى الضياع.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ إذا ضاقت عليك الدنيا، فاذهب إلى ربك.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ من كان في حياته لله ذاهب، أتتـه الهـداية والمواهـب!
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ حين تشعر بالآلام تحدق بك والأحزان تحتل كل الميادين في قلبك؛ فهاجر إلى ربك وانزو وحدك للشكوى.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ هذه الآية أصل في الهجرة والعزلة، وأول من فعل ذلك إبراهيم عليه السلام، وذلك حين خلصه الله من النار؛ قال: ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي﴾ أي: مهاجر من بلد قومي ومولدي إلى حيث أتمكن من عبادة ربي.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ الهجرة إلى الله تُذهب الغم وتهدي القلب .
عمل
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ ترجوا الهـداية؟ اذهب إلى ربك .
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ الهدايةُ تأتي لمن طَلبَها وسار إليها، لا مَن استدبرَها وأعرضَ عنها.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ مهما شعرت بالحيرة والتيه والضياع لا تتوقف عن السير إلى الله؛ اذهب إليه كلما أضعت الطريق.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ العاقل من ذهب إلى ربه اليوم طوعًا، قبل أن يذهب إليه غدًا مرغمًا.
عمل
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ اذا أردت الهداية فلا تذهب يمينًا ويسارًا بل اذهب إلى ربك ﷻ.
وقفة
[99] ﴿وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين﴾ هداية الله لك بقدر إقبالك عليه؛ فأقبل على الله تستمطر الهداية.
وقفة
[99] ﴿وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين﴾ وحدهُ الله من يُلملم شعث القلوب.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ أي إلى حيث أمرني ربي وهي المهاجرة للشام، أو إلى طاعة ربي ورضاه، وقوله (سيهْدينِ) أي سيثبِّتُني على هداي، ويزيدني هُدَى.
وقفة
[99] كلما شعرت بالحيرة والضياع؛ اجمع هموم قلبك وارحل بها إلى الله، عنده فقط ستجد النجاة ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾.
وقفة
[99] قال إبراهيم: ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي﴾ (ذَاهِبٌ) أجمل وأمتع سفر: السفر لله.
وقفة
[99] ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي﴾ إذا ضاقت نفسك عليك؛ فمع الرحمن كل شيءٍ يتسع.
وقفة
[99] ﴿إني مهاجر إلى ربي﴾ [العنكبوت: 26]، ﴿إني ذاهب إلى ربي﴾ المهاجر لله والذهاب إليه كل يوم يقترب، فإن لم تحس بالقرب فالطريق خاطئ.
وقفة
[99] ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ لا تتوقف عن السـير إلى ربك، اذهـب إليه عندما يقسـو قلبـك، وإذ تكدرت الحياة وأظلم دربك.
وقفة
[99] ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ كلما ضاق صدرك، اذهب إلى ربك، كلما ضاقت بك الدنيا بما رحبت، اذهب إلى ربك، كلما آذوك الناس واجتمعوا عليك، اذهب إلى ربك.
وقفة
[99] ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ (إني ذاهب) الهداية لا تنزل عليكَ وأنت نائم؛ لكن (اسْعَ لها) لتنالَها.
عمل
[99] ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ اجعلها شعارك في كل طريق وكل أمر تسلكه، إذا ألم بك ملمة أو واجهك مشكلة في الحياة؛ فالجأ إلى كتاب الله بصدق، واقرأ الآيات وكأن الله يحدثك بها ويوجهك مباشرة، ستجد عجبًا.
وقفة
[99] مهما تعددت وجهات السفر، يظلُّ السفر إلى الله وجهة المهتدين ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾.
وقفة
[99] ﴿ذَاهِبٌ ... سَيَهْدِينِ﴾ من يطلب الهداية فليذهب إلى الله.
عمل
[99، 100] ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ إذا كان إبراهيم عليه السلام يحتاج إلى الصالحين في ذهابه إلى الله، فكيف بنا! والصاحب الصالح من زوج أو ابن أو رفيق هو هبه من الله، وما نيلة هبات الله بمثل الدعاء.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ:
  • الواو استئنافية. قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ إِنِّي ذاهِبٌ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل وحذفت نون الوقاية تخفيفا والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسم «ان».ذاهب: خبرها مرفوع بالضمة. و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ إِلى رَبِّي:
  • جار ومجرور متعلق بذاهب والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ سَيَهْدِينِ:
  • السين: حرف استقبال-تسويف-.يهدين: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والنون نون الوقاية والياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها ضمير المتكلم في محل نصب مفعول به. وقد حذفت صلتها لانها معلومة بمعنى: سيرشدني الى ما فيه صلاحي في ديني ويعصمني.'

المتشابهات :

العنكبوت: 26﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ۘ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
الصافات: 99﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [99] لما قبلها :     ولَمَّا سَلَّم اللهُ إبراهيمَ عليه السلام مِن قَومِه ومِن النَّارِ الَّتي ألقَوه فيها؛ عَزَم على مُفارَقتِهم؛ لِيَتمكَّنَ مِن عبادةِ رَبِّه، فهاجرَ من بلدِه العراق إلى فلسطين، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [100] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ

التفسير :

[100]رب أعطني ولداً صالحاً.

{ رَبِّ هَبْ لِي} ولدا يكون{ مِنَ الصَّالِحِينَ} وذلك عند ما أيس من قومه، ولم ير فيهم خيرا، دعا اللّه أن يهب له غلاما صالحا، ينفع اللّه به في حياته، وبعد مماته.

ثم أضاف إلى هذا الأمل الكبير في هداية الله- تعالى- له، أملا آخر وهو منحه الذرية الصالحة فقال: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ.

أى: وأسألك يا ربي بجانب هذه الهداية إلى الخير والحق، أن تهب لي ولدا هو من عبادك الصالحين، الذين أستعين بهم على نشر دعوتك، وعلى إعلاء كلمتك.

رب هب لي من الصالحين ) يعني : أولادا مطيعين عوضا من قومه وعشيرته الذين فارقهم .

وقوله ( رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ) وهذا مسألة إبراهيم ربه أن يرزقه ولدا صالحا; يقول: قال: يا رب هب لي منك ولدا يكون من الصالحين الذين يطيعونك، ولا يعصونك، ويصلحون في الأرض، ولا يفسدون.

كما حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله ( رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ) قال: ولدا صالحا.

وقال: من الصالحين، ولم يَقُلْ: صالحا من الصالحين، اجتزاء بمن ذكر المتروك، كما قال عز وجل: وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ بمعنى زاهدين من الزاهدين.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[100] ﴿رَبِّ هَبْ لِي﴾ لكل أمنياتك، أحلامك، حاجاتك، قلها بيقين؛ سيعطيك الكريم أكثر مما طلبت.
وقفة
[100] ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ ليس المهم أن يرزقك الله ذريَّة، المهم أن تكون ذريَّة صالحة.
وقفة
[100] ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ ووصفه بأنه من الصالحين؛ لأن نعمة الولد تكون أكمل إذا كان صالحاً؛ فإن صلاح الأبناء قُرة عين للآباء، ومن صلاحهم برُّهم بوالديهم.
وقفة
[100] ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ قال صاحب الكشاف: «وقد انطوت البشارة على ثلاثة: على أن الولد غلام ذكر، وأنه يبلغ أوان الحلم، وأنه يكون حليمًا».
تفاعل
[100] ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ قل: اللهم ارزقني ذرية صالحة؛ إنك سميع الدعاء.
وقفة
[100، 101] لما قال الخليل إبراهيم: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾، قال الله: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾، الحِلم أرقى درجات الصلاح.
وقفة
[100، 101] ﴿رَبِّ هَب لي مِنَ الصّالِحينَ * فَبَشَّرناهُ بِغُلامٍ حَليمٍ﴾ عندما تخلص الدعاء تنل الإجابة.
وقفة
[100، 101] ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾ لا يستحق وصف الصلاح إلا من اتصف بالحلم، الأخلاق من أهم أركان الصلاح.

الإعراب :

  • ﴿ رَبِّ:
  • اصله: يا ربي حذفت اداة النداء اكتفاء بالمنادى. وهو منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على ياء المتكلم المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة والياء المحذوفة ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة
  • ﴿ هَبْ لِي:
  • فعل توسل ودعاء بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. لي: جار ومجرور متعلق بهب. او بمفعول «هب».
  • ﴿ مِنَ الصّالِحِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بهب وحذف مفعول «هب» لان «من» التبعيضية دالة عليه. بمعنى: بعض الصالحين. ويجوز ان يكون الجار والمجرور متعلقا بصفة محذوفة لمفعول «هب» المقدر. اي هب لي صالحا او ولدا من الصالحين. وعلامة جر الاسم: الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون: عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

آل عمران: 38﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً
الشعراء: 83﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ
الصافات: 100﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [100] لما قبلها :     ولَمَّا أخبَرَ إبراهيمُ عليه السلام أنَّه مُهاجِرٌ؛ استَشْعَرَ قِلَّةَ أهْلِه، وعُقمَ امرأتِه، وثارَ ذلك الخاطِرُ في نَفْسِه عندما نوى الرَّحيلِ؛ لأنَّ الشُّعورَ بقِلَّةِ الأهْلِ عِندَ مُفارَقةِ الأوْطانِ يكونُ أقوى؛ فأضاف إلى الأمل الكبير في هداية الله تعالى له، أملًا آخر، وهو منحه الذرية الصالحة، قال تعالى:
﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [101] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ

التفسير :

[101] فأجبنا له دعوته، وبشَّرناه بغلام حليم، أي:يكون حليماً في كبره، وهو إسماعيل.

فاستجاب اللّه له وقال:{ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} وهذا إسماعيل عليه السلام بلا شك، فإنه ذكر بعده البشارة [بإسحاق، ولأن اللّه تعالى قال في بشراه بإسحاق{ فَبَشَّرْنَاهَا] بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} فدل على أن إسحاق غير الذبيح، ووصف اللّه إسماعيل، عليه السلام بالحلم ، وهو يتضمن الصبر، وحسن الخلق، وسعة الصدر والعفو عمن جنى.

وأجاب الله- تعالى- دعاء عبده إبراهيم، كما حكى ذلك في قوله: فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ.

أى: فاستجبنا لإبراهيم دعاءه فبشرناه على لسان ملائكتنا بغلام موصوف بالحلم وبمكارم الأخلاق.

قال صاحب الكشاف: - وقد انطوت البشارة على ثلاثة: على أن الولد غلام ذكر، وأنه يبلغ أوان الحلم، وأنه يكون حليما .

وهذا الغلام الذي بشره الله- تعالى- به. المقصود به هنا إسماعيل- عليه السلام-.

قال الله تعالى : ( فبشرناه بغلام حليم ) وهذا الغلام هو إسماعيل - عليه السلام - فإنه أول ولد بشر به إبراهيم - عليه السلام - وهو أكبر من إسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب ، بل في نص كتابهم أن إسماعيل ولد ولإبراهيم - عليه السلام - ست وثمانون سنة ، وولد إسحاق وعمر إبراهيم تسع وتسعون سنة . وعندهم أن الله تعالى أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده ، وفي نسخة : بكره ، فأقحموا هاهنا كذبا وبهتانا " إسحاق " ، ولا يجوز هذا لأنه مخالف لنص كتابهم ، وإنما أقحموا " إسحاق " لأنه أبوهم ، وإسماعيل أبو العرب ، فحسدوهم ، فزادوا ذلك وحرفوا وحيدك ، بمعنى الذي ليس عندك غيره ، فإن إسماعيل كان ذهب به وبأمه إلى جنب مكة وهذا تأويل وتحريف باطل ، فإنه لا يقال : " وحيد " إلا لمن ليس له غيره ، وأيضا فإن أول ولد له معزة ما ليس لمن بعده من الأولاد ، فالأمر بذبحه أبلغ في الابتلاء والاختبار .

وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق ، وحكي ذلك عن طائفة من السلف ، حتى نقل عن بعض الصحابة أيضا ، وليس ذلك في كتاب ولا سنة ، وما أظن ذلك تلقي إلا عن أحبار أهل الكتاب ، وأخذ ذلك مسلما من غير حجة . وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل ، فإنه ذكر البشارة بالغلام الحليم ، وذكر أنه الذبيح ، ثم قال بعد ذلك : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) . ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا : ( إنا نبشرك بغلام عليم ) [ الحجر : 53 ] . وقال تعالى : ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) [ هود : 71 ] ، أي : يولد له في حياتهما ولد يسمى يعقوب ، فيكون من ذريته عقب ونسل . وقد قدمنا هناك أنه لا يجوز بعد هذا أن يؤمر بذبحه وهو صغير ; لأن الله [ تعالى ] قد وعدهما بأنه سيعقب ، ويكون له نسل ، فكيف يمكن بعد هذا أن يؤمر بذبحه صغيرا ، وإسماعيل وصف هاهنا بالحليم ; لأنه مناسب لهذا المقام .

القول في تأويل قوله تعالى : فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101)

يقول تعالى ذكره: فبشَّرنا إبراهيم بغلام حليم، يعني بغلام ذي حِلْم إذا هو كَبِر، فأما في طفولته في المهد، فلا يوصف بذلك. وذكر أن الغلام الذي بشر الله به إبراهيم إسحاق.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة: ( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ) قال: هو إسحاق.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ) بشر بإسحاق، قال: لم يُثْن بالحلم على أحد غير إسحاق وإبراهيم.

التدبر :

وقفة
[101] ﴿فَبَشَّرْنَاهُ﴾ دائمًا يحب الله أن يبشر أولياءه، قبل نعمه يبعث بشاراته، يجعل إرهاصات النعمة قبل النعمة تحببًا وتوددًا.
وقفة
[101] ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾ رب أبنائك على الصفح والحلم، أنفع الأبناء: الحليم.
وقفة
[101، 102] ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ فيه دليل أن رؤيا الأنبياء وحي, وجواز نسخ الفعل قبل التمكن وتقديم المشيئة في كل قول.
وقفة
[101 ، 102] ﴿فَبَشَّرناهُ بِغُلامٍ حَليمٍ * فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنّي أَرى فِي المَنامِ أَنّي أَذبَحُكَ فَانظُر ماذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افعَل ما تُؤمَرُ سَتَجِدُني إِن شاءَ اللَّهُ مِنَ الصّابِرينَ﴾ هذا الغلام الحليم: يرافق أباه دائمًا، صدَّق منام أبيه ولم يجادله، طوع أبيه فامتثل لطلبه دون نقاش، يقدم المشيئة دائمًا (إِن شاءَ اللَّهُ)، يحدث أباه بتلطف رغم قسوة طلب أبيه (يا أَبَتِ)، يطمئن أباه (سَتَجِدُني إِن شاءَ اللَّهُ مِنَ الصّابِرينَ).

الإعراب :

  • ﴿ فَبَشَّرْناهُ:
  • الفاء سببية. بشر: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ بِغُلامٍ حَلِيمٍ:
  • جار ومجرور متعلق ببشرناه. حليم: صفة-نعت-لغلام مجرور وعلامة جره الكسرة. اي سيكون حليما.'

المتشابهات :

الصافات: 101﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ
الحجر: 53﴿قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ
الذاريات: 28﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [101] لما قبلها :     ولَمَّا دعا إبراهيمُ عليه السلام ربَّه؛ أجابَ اللهَ دعاءه، قال تعالى:
﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [102] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ ..

التفسير :

[102] فلما كَبِر إسماعيل ومشى مع أبيه قال له أبوه:إني أرى في المنام أني أذبحك، فما رأيك؟ (ورؤيا الأنبياء حق) فقال إسماعيل مُرْضياً ربه، بارّاً بوالده، معيناً له على طاعة الله:أمض ما أمرك الله به مِن ذبحي، ستجدني -إن شاء الله- صابراً طائعاً محتسباً.

{ فَلَمَّا بَلَغَ} الغلام{ مَعَهُ السَّعْيَ} أي:أدرك أن يسعى معه، وبلغ سنا يكون في الغالب، أحب ما يكون لوالديه، قد ذهبت مشقته، وأقبلت منفعته، فقال له إبراهيم عليه السلام:{ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} أي:قد رأيت في النوم والرؤيا، أن اللّه يأمرني بذبحك، ورؤياالأنبياء وحي{ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} فإن أمر اللّه تعالى، لا بد من تنفيذه،{ قَالَ} إسماعيل صابرا محتسبا، مرضيا لربه، وبارا بوالده:{ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} أي:[امض] لما أمرك اللّه{ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} أخبر أباه أنه موطن نفسه على الصبر، وقرن ذلك بمشيئة اللّه تعالى، لأنه لا يكون شيء بدون مشيئة اللّه تعالى.

والفاء في قوله- تعالى-: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ فصيحة، أى: بشرناه بهذا الغلام الحليم، ثم عاش هذا الغلام حتى بلغ السن التي في إمكانه أن يسعى معه فيها، ليساعده في قضاء مصالحه.

قيل: كانت سن إسماعيل في ذلك الوقت ثلاث عشرة سنة.

قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى.

أى: فلما بلغ الغلام مع أبيه هذه السن، قال الأب لابنه: يا بنى إنى رأيت في منامي أنى أذبحك، فانظر ماذا ترى في شأن نفسك.

قال الآلوسى ما ملخصه: يحتمل أنه- عليه السلام- رأى في منامه أنه فعل ذلك..

ويحتمل أنه رأى ما تأويله ذلك، ولكنه لم يذكره وذكر التأويل، كما يقول الممتحن وقد رأى أنه راكب سفينة: رأيت في المنام أنى ناج من هذه المحنة.

ورؤيا الأنبياء وحى كالوحى في اليقظة، وفي رواية أنه رأى ذلك في ليلة التروية فأخذ يفكر في أمره، فسميت بذلك، فلما رأى ما رآه سابقا عرف أن هذه الرؤيا من الله، فسمى بيوم عرفة، ثم رأى مثل ذلك في الليلة الثالثة فهمّ بنحره فسمى بيوم النحر.

ولعل السر في كونه مناما لا يقظة، أن تكون المبادرة إلى الامتثال، أدل على كمال الانقياد والإخلاص.. .

وإنما شاوره بقوله: فَانْظُرْ ماذا تَرى مع أنه سينفذ ما أمره الله- تعالى- به في منامه سواء رضى إسماعيل أم لم يرض، لأن في هذه المشاورة إعلاما له بما رآه، لكي يتقبله بثبات وصبر، وليكون نزول هذا الأمر عليه أهون، وليختبر عزمه وجلده.

وقوله: قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ، سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ حكاية لما رد به إسماعيل على أبيه إبراهيم- عليهما السلام- وهو رد يدل على علو كعبه في الثبات، وفي احتمال البلاء، وفي الاستسلام لقضاء الله وقدره.

أى: قال الابن لأبيه: يا أبت افعل ما تؤمر به من قبل الله- تعالى- ولا تتردد في ذلك وستجدني إن شاء الله من الصابرين على قضائه.

وفي هذا الرد ما فيه من سمو الأدب، حيث قدم مشيئة الله- تعالى-، ونسب الفضل إليه، واستعان به- سبحانه- في أن يجعله من الصابرين على البلاء.

وهكذا الأنبياء- عليهم السلام- يلهمهم الله- تعالى- في جميع مراحل حياتهم ما يجعلهم في أعلى درجات السمو النفسي، واليقين القلبي، والكمال الخلقي.

وقوله : ( فلما بلغ معه السعي ) أي : كبر وترعرع وصار يذهب مع أبيه ويمشي معه . وقد كان إبراهيم - عليه السلام - يذهب في كل وقت يتفقد ولده وأم ولده ببلاد " فاران " وينظر في أمرهما ، وقد ذكر أنه كان يركب على البراق سريعا إلى هناك ، فالله أعلم .

وعن ابن عباس ومجاهد وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وعطاء الخراساني ، وزيد بن أسلم ، وغيرهم : ( فلما بلغ معه السعي ) يعني : شب وارتحل وأطاق ما يفعله أبوه من السعي والعمل ، ( فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ) قال عبيد بن عمير : رؤيا الأنبياء وحي ، ثم تلا هذه الآية : ( قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى )

وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد ، حدثنا أبو عبد الملك الكرندي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن إسرائيل بن يونس ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رؤيا الأنبياء في المنام وحي " ليس هو في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه .

وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه ، وليختبر صبره وجلده وعزمه من صغره على طاعة الله تعالى وطاعة أبيه .

( قال يا أبت افعل ما تؤمر ) أي : امض لما أمرك الله من ذبحي ، ( ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) أي : سأصبر وأحتسب ذلك عند الله - عز وجل - . وصدق ، صلوات الله وسلامه عليه ، فيما وعد ; ولهذا قال الله تعالى : ( واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ) [ مريم : 54 ، 55 ] .

وقوله ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) يقول: فلما بلغ الغلام الذي بشر به إبراهيم مع إبراهيم العمل، وهو السعي، وذلك حين أطاق معونته على عمله.

وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قولهِ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) يقول: العمل.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) قال: لما شبّ حتى أدرك سعيه سَعْي إبراهيمَ في العمل.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله، إلا أنه قال: لما شبّ حين أدرك سعيه.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) قال: سَعي إبراهيم.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا سهل بن يوسف، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) : سَعي إبراهيم.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) قال: السَّعْيُ ها هنا العبادة.

وقال آخرون: معنى ذلك: فلما مشى مع إبراهيم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) : أي لما مشى مع أبيه.

وقوله ( قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم خليل الرحمن لابنه: ( يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) وكان فيما ذكر أن إبراهيم نذر حين بشَّرته الملائكة بإسحاق ولدًا أن يجعله إذا ولدته سارَة لله ذبيحا; فلما بلغ إسحاقُ مع أبيه السَّعْي أرِي إبراهيم في المنام، فقيل له: أوف لله بنذرك، ورؤيا الأنبياء يقين، فلذلك مضى لما رأى في المنام، وقال له ابنه إسحاق ما قال.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: قال جبرائيل لسارَة: أبشري بولد اسمه إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فضربت جبهتها عَجَبا، فذلك قوله فَصَكَّتْ وَجْهَهَا و قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ إلى قوله حَمِيدٌ مَجِيدٌ قالت سارَة لجبريل: ما آية ذلك ؟ فأخذ بيده عودا يابسا، فلواه بين أصابعه، فاهتز أخضر، فقال إبراهيم: هو لله إذن ذَبيح; فلما كبر إسحاق أُتِيَ إبراهيمُ في النوم، فقيل له: أوف بنذرك الذي نَذَرْت، إن الله رزقك غلاما من سارَة أن تذبحه، فقال لإسحاق: انطلق نقرب قُرْبَانا إلى الله، وأخذ سكينا وحبلا ثم انطلق معه حتى إذا ذهب به بين الجبال قال له الغلام: يا أبت أين قُرْبانك؟( قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ؟ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) فقال له إسحاق: يا أبت أشدد رباطي حتى لا أضطرب، واكففْ عني ثيابك حتى لا ينتضح عليها من دمي شيء، فتراه سارَة فتحزن، وأَسْرِعْ مرّ السكين على حَلْقي؛ ليكون أهون للموت عليّ، فإذا أتيت سارَة فاقرأ عليها مني السلام; فأقبل عليه إبراهيم يقبله وقد ربطه وهو يبكي وإسحاق يبكي، حتى استنقع الدموع تحت خدّ إسحاق، ثم إنه جرّ السكين على حلقه، فلم تَحِكِ السكين، وضرب الله صفيحة من النحاس على حلق إسحاق; فلما رأى ذلك ضرب به على جبينه، وحزّ من قفاه، فذلك قوله فَلَمَّا أَسْلَمَا يقول: سلما لله الأمر وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ فنودي يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا بالحق فالتفت فإذا بكبش، فأخذه وخَلَّى عن ابنه، فأكبّ على ابنه يقبله، وهو يقول: اليوم يا بُنَيّ وُهِبْتَ لي; فلذلك يقول الله: وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ فرجع إلى سارَة فأخبرها الخبر، فجَزِعَت سارَة وقالت: يا إبراهيم أردت أن تذبح ابني ولا تُعْلِمني!.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) قال: رؤيا الأنبياء حق إذا رأوا فى المنام شيئا فعلوه.

حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير، قال: رؤيا الأنبياء وحي، ثم تلا هذه الآية: ( إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ).

قوله ( فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ) : اختلفت القرّاء في قراءة قوله ( مَاذَا تَرَى ؟ ) ، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة، وبعض قراء أهل الكوفة: ( فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ؟) بفتح التاء، بمعنى: أي شيء تأمر، أو فانظر ما الذي تأمر، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة: " مَاذَا تُرَى " بضم التاء، بمعنى: ماذا تُشير، وماذا تُرَى من صبرك أو جزعك من الذبح؟.

والذي هو أولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه: ( مَاذَا تَرَى ) بفتح التاء، بمعنى: ماذا ترى من الرأي.

فإن قال قائل: أو كان إبراهيم يؤامر ابنه في المضيّ لأمر الله، والانتهاء إلى طاعته؟ قيل: لم يكن ذلك منه مشاورة لابنه في طاعة الله، ولكنه كان منه ليعلم ما عند ابنه من العَزْم: هل هو من الصبر على أمر الله على مثل الذي هو عليه، فيسر بذلك أم لا وهو في الأحوال كلها ماض لأمر الله.

وقوله ( قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ) يقول تعالى ذكره: قال إسحاق لأبيه: يا أبت افعل ما يأمرك به ربك من ذبحي.( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) يقول: ستجدني إن شاء الله صابرا من الصابرين لما يأمرنا به ربنا، وقال: (افعل ما تُؤْمَرُ، ولم يقل: ما تؤمر به، لأن المعنى: افعل الأمر الذي تؤمره، وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: " إني أرى في المنام: افعل ما أُمِرْت به ".

التدبر :

وقفة
[102] ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ نعمة الأبناء أن يكونوا معنا، معنا بأجسادهم وأرواحهم وعقولهم وتفكيرهم.
وقفة
[102] تأمل قوله تعالى في قصة إبراهيم مع ولده: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾، فقوله: ﴿مَعَهُ﴾ تبين أهمية مرافقة الأب لابنه ومصاحبته له، والذي يثمر غالبًا سمعًا وطاعة واستجابة؛ ولذا قال هذا الابن البار لما عرض عليه أبوه أمر الذبح: ﴿افْعَلْ مَا تُؤْمَر﴾.
وقفة
[102] ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ إن قيل: لم شاوره في أمر هو حتم من الله؟ فالجواب: أنه لم يشاوره ليرجع إلى رأيه، ولكن ليعلم ما عنده، فيثبت قلبه، ويوطن نفسه على الصبر، فأجابه بأحسن جواب.
وقفة
[102] ﴿قال يا بُنَي﴾ أين من ينادي ابنه بأسماء الحيوانات وبأقبح الصفات؟!
وقفة
[102] ﴿قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى في المَنَام أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾ أي في ذبحي إيًّاك، لم يشاوره ليرجع إلى رأيه، لأنَّ أمرَ اللهِ حتمٌ، لا يتخلف الأنبياءُ عنده، بل ليختبرَ صبرَه، وليوطِّنَ نفسه على الذبح، فيلقى البلاء كالمستأنسِ به، ويكتسب الثواب بصبره وانقياده، ولتكون سُنَّةً في المشاورة، فقد قيل: لو شاورَ آدمُ عليه السلام الملائكةَ في أكل الشجرة، لمَا صدر منه ما صدر، واختلفوا في الذبيح هل هو إسماعيلُ أو إسحاق، والجمهورُ على أنه إسماعيل.
وقفة
[102] ﴿قَالَ (يَا بُنَيَّ) إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ (يَا أَبَتِ) افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ (يا بني ... يا أبت) تأمل الأدب رغم الأزمات الطاحنة الكبرى.
عمل
[102] ﴿يَا بُنَيَّ﴾ كلمة فيها نداء يحمل معاني الحب والشفقة والرحمة، استخدمها قبل كلمة الأمر افعل ولا تفعل.
وقفة
[102] ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ﴾ [يوسف: 4]، ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ﴾ في أُسر الأنبياء يحكي الابن لأبيه، والأب لابنه، في تلاحم مبهج.
وقفة
[102] ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ الذبيح بحسب دلالة هذه الآيات وترتيبها هو إسماعيل عليه السلام؛ لأنه المُبَشَّر به أولًا، وأما إسحاق عليه السلام فبُشِّر به بعد إسماعيل عليه السلام.
وقفة
[102] ﴿إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ لئلا يبقى في قلب إبراهيم إلا الله، مادام في قلبك غير الله فاستعد للامتحان لطرده.
وقفة
[102] ﴿إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ لا تستغرب، فقد يكون من لطف الله أن يجعل بداية رفعتك وبهائك وسطوع نجمك: رؤيا منام.
وقفة
[102] قال إبراهيم: ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ حتى (الرؤى) فيها اختبار وابتلاء (وجروح).
وقفة
[102] ﴿إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ مع جاه إبراهيم عند ربه إلا أنه لم يطلب الإعفاء (كما زادت المنزلة عند الله علا الاستسلام).
وقفة
[102] ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ لم ير أنه يأمر بذبحه، بل يباشر ذلك بنفسه من أجل خليله، حب الله ليس مجرد حروف ترتجف بها الشفاه.
وقفة
[102] ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ لم يسأل ربه قط عن الحكمة من ذبح ولده، هل سمعت بتسليم كهذا؟!
وقفة
[102] ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ حين تروعنا المنامات نرتاح حين نستيقظ، لكن النبي يستيقظ ليجد الحقيقة أعظم ابتلاء.
وقفة
[102] ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ أخبره ليشاركه احتساب نفسه.
وقفة
[102] القناعة بالرأي لا تسوغ القسوة بطرحه، فلا أصدق من الوحي، ولا أقسى من القتل، ومع هذا قال إبراهيم عليه السلام لابنه: ﴿إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى﴾.
وقفة
[102] شاوِرْ حتى الصِّغار، ولا تهمِل رأيَهُم، فقد شاورَ سيدُنا إبراهيم ابْنَه إسماعيل حينما قال له: ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى﴾.
وقفة
[102] شاور سيدنا إبراهيم ابنه إسماعيل: ﴿إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى﴾، وفيه أهمية الشورى حتى للصغار؛ لتدريبهم وتسهيل الأمر عليهم.
وقفة
[102] ﴿فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ﴾ المربُّون الكِبار يجعلون أوامرَهم أحيانًا وكأنها استشارةٌ، ليتَّخذ الابنُ القرارَ بنفسِه.
عمل
[102] ﴿فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ﴾ قال المفسرون: «لم يرد استشارته؛ وإنما أراد إشراكه في أجر التسليم لأمر الله؛ لا تكن أنانيًّا، الجنَّة تتسع للجميع».
وقفة
[102] ﴿فَانظُرْ مَاذَا تَرَى﴾ للأبناء شخصيتهم المستقلة، فلا تصادر آراءهم عنوة وتسلطًا، ولو كانوا صغارًا، ولاسيما في أمورهم الخاصة.
وقفة
[102] ﴿فانظر ماذا ترى﴾ ليست مشورة، بل طلب تأمل، فطاعتك فيها موت عاجل، ورفضك فيه معصية للجبار.
اسقاط
[102] بين: ﴿فَانظُرْ مَاذَا تَرَى﴾ و﴿يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ تربية جادة تلقاها إسماعيل، عمادها الإيمان بالله والتسليم له، وأب قدوة لولده، فكيف نحن؟!
عمل
[102] ﴿قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ قد تنصح من هو أفضل منك، أو أكبر منك، أو أعلم منك،كما فعل إسماعيل، فلا تحقر نفسك.
وقفة
[102] ﴿قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ ذكَّر أباه بأن هذا أمر من الله، لا يسعك إلا الامتثال، ولم يقل افعل ما تحب أو ما تريد، فقوله أبلغ في إعانة أبيه.
عمل
[102] ساعد والدك وأجب طلبه على وجه السرعة ﴿قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾.
وقفة
[102] وردت (يَا أَبَانَا) في ستة مواضع، في سياق الأبناء الذين أخطأوا في حق والدهم، ووردت ﴿يَا أَبَتِ﴾ في ثمانية مواضع في سياق الأبناء البررة، بين يديك العِبر.
وقفة
[102] بتتبع: ﴿يَا أَبَتِ﴾، ﴿يَا أَبَانَا﴾ [يوسف: 11]، ﴿يَا بُنَيَّ﴾ [يوسف: 5]، ﴿يَا بَنِيَّ﴾ [يوسف: 67] في القرآن، يستطيع المربون استجلاء كثير من التعاملات الرائقة بين الآباء والأبناء.
وقفة
[102] ﴿يَا أَبَتِ﴾ [مريم: 42] كررها إبراهيم عليه السلام على والده مشفقًا عليه ولم يستجب، فجبر الله خاطره بابن يقول له: ﴿يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾.
وقفة
[102] قال إبراهيم متلطفًا لأبيه: ﴿يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ﴾ [مريم: 44]، فجاء رد ابنه اسماعيل بنفس التلطف: ﴿يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾؛ بروا آباءكم، تبركم أبناؤكم.
وقفة
[102] الغلام الذي قال: ﴿يا أبت افعل ما تؤمر﴾ هو ابن إبراهيم الذي رباه على التسليم لله، من الخطأ الظن أن الصغار لا يفهمون هذه المعاني.
وقفة
[102] المرأةُ التي أراد زوجها أن يتركها وابنها وحيدين في وادٍ غير ذي زرعٍ، ليس معهما إلا قربة ماءٍ وجُرابًا من تمر، فقالت له: «آلله أمرك؟»، «اذهب فلن يضيعنا الله»، هي التي ربَّتْ الولد الذي قال لأبيه عندما أراد ذبحه: ﴿يا أبتِ افعلْ ما تُؤمر﴾، نختار أبناءنا عندما نختار أمهاتهم.
وقفة
[102] من نجح مع والديه غالبًا ما ينجح مع أولاده ﴿يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾.
عمل
[102] ﴿افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ لا تخذِّل مجاهدًا، لا تفتَّ في عضد داعية، لا تقلل من همَّة مخلص، ولو مسَّك جهاده أو دعوته أو إخلاصه بأذى.
وقفة
[102] ﴿سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ يحب الرب أن تتبرأ من حولك، حتى وأنت تنفذ أوامره.
وقفة
[102] ﴿سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ أخبر أباه أنه مُوَطِّنٌ نفسه على الصبر، وقرن ذلك بمشيئة الله تعالى؛ لأنه لا يكون شيئًا بدون مشيئة الله تعالى.
وقفة
[102] ﴿سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ لولا مشيئة الله لما صبرت، ولولا إعانة الله لي لما صبرت، ولولا استعانتي بالله ما صبرت، هذا افتقار الأنبياء، فكيف يفتخر بقوته من دونه من الضعفاء!
وقفة
[102] قول إسماعيل: ﴿سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ سبب لتوفيق الله له بالصبر؛ لأنه جعل الأمر لله.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا:
  • الفاء استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. وهي مضافة والجملة الفعلية بعدها في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ابنه. معه: ظرف مكان منصوب يدل على الاجتماع والمصاحبة وقيل هي اسم بمعنى الظرف لانها مفتوحة العين او هي حرف جر مبني على الفتح والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. قال الزمخشري: و «معه» لا يخلو إما ان يتعلق ببلغ او بالسعي او بمحذوف فلا يصح تعلقه ببلغ لاقتضائه بلوغهما معا حد السعي. ولا بالسعي لان صلة المصدر لا تتقدم عليه فبقي ان يكون بيانا كأنه لما قال فلما بلغ السعي قيل مع من؟ فقال مع ابيه. السعي: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى الحد الذي يقدر فيه على السعي او السن التي يسعى فيها معه في اعماله.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.وجملة «قال» اي قال له جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.والجملة المؤولة من اني مع خبرها في محل نصب مفعول به لقال.
  • ﴿ يا بُنَيَّ:
  • يا: اداة نداء. بني: منادى مضاف وهو تصغير «ابن» والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة. وقرئ بفتح الياء اقتصارا عليه من الالف المبدلة من ياء الاضافة في قولك: يا بنيا وسقطت الياء والالف لالتقاء الساكنين
  • ﴿ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل وحذفت نون الوقاية تخفيفا والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسم «ان».ارى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا. في المنام: جار ومجرور متعلق بأرى. وجملة أَرى فِي الْمَنامِ» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ أَنِّي أَذْبَحُكَ:
  • اعربت. اذبحك: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل نصب مفعول به و «ان» واسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي «أرى» لان «أرى» من الرؤيا اي «رأى» الحلمية او التي بمعنى الحلم والتي مصدرها الرؤيا تحمل على معنى «علم» فتتعدى الى مفعولين وياء المتكلم اسم «ان» مع خبرها جملة لا محل لها من الاعراب لانها صلة «ان» والمعنى: حلمت ان اذبحك قربانا الله.
  • ﴿ فَانْظُرْ:
  • الفاء سببية. انظر: فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ ماذا تَرى:
  • الجملة في محل نصب مفعول به لانظر. ماذا: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به لترى. لان الفعل هنا من الرأي والمشورة. وهي اي كلمة «ترى» ليست من رؤية العين اي ليست «رأى» البصرية. ترى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. ويجوز ان تكون «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل رفع مبتدأ. و «ذا» بمعنى الذي في محل رفع خبره. وجملة «ترى» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. اي من الرأي على وجه المشاورة.
  • ﴿ قالَ يا أَبَتِ:
  • اعربت. يا: اداة نداء. أبت: منادى منصوب بالفتحة الظاهرة. والتاء منقلبة عن ياء المتكلم في محل جر بالاضافة أي التاء تعويض عن الياء المحذوفة ولا يجمع بين العوض والمعوض عنه عند قولنا:يا أبتي.
  • ﴿ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ:
  • فعل طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. تؤمر: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. بمعنى: افعل ما يأمرك الله به. وجملة «تؤمر» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب اي بتقدير ما تؤمر به فحذف الجار. ويجوز ان تكون «ما» مصدرية. وجملة «تؤمر» صلتها لا محل لها من الاعراب. و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعولا به. التقدير: افعل امرك. اي على اضافة المصدر الى المفعول وتسمية المأمور به أمرا.
  • ﴿ سَتَجِدُنِي:
  • السين حرف استقبال-تسويف-.تجدني: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. والنون نون الوقاية والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به اول بمعنى «فستجدني».والجملة واقعة في جواب الطلب.
  • ﴿ إِنْ شاءَ اللهُ:
  • الجملة الشرطية جملة اعتراضية لا محل لها من الاعراب. ان:حرف شرط‍ جازم. شاء: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة وحذف جواب الشرط‍ لتقدم معناه.
  • ﴿ مِنَ الصّابِرِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بمفعول «تجدني» الثاني. او في محل نصب صفة للمفعول الثاني المحذوف لانه معلوم من السياق. التقدير ولدا او صابرا من الصابرين وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد'

المتشابهات :

الكهف: 69﴿قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا
القصص: 27﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّالِحِينَ
الصافات: 102﴿قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [102] لما قبلها :     ولَمَّا وَعَدَ اللهُ إبراهيمَ عليه السلام أن يكون ذلك الغُلامِ حَليمًا؛ بَيَّنَ هنا ما يدُلُّ على كَمالِ حِلمِه، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ترى:
1- بفتح التاء والراء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضم التاء وكسر الراء، وهى قراءة عبد الله، والأسود بن يزيد، وابن وثاب، وطلحة، والأعمش، ومجاهد، وحمزة، والكسائي.
3- بضم التاء وفتح الراء، وهى قراءة الضحاك، والأعمش أيضا.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف