32645464748495051525354555657

الإحصائيات

سورة الأنبياء
ترتيب المصحف21ترتيب النزول73
التصنيفمكيّةعدد الصفحات10.00
عدد الآيات112عدد الأجزاء0.50
عدد الأحزاب1.00عدد الأرباع4.00
ترتيب الطول22تبدأ في الجزء17
تنتهي في الجزء17عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 4/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (45) الى الآية رقم (47) عدد الآيات (3)

لمَّا ذَكَرَ عادةَ الكفارِ معَ الأنبياءِ، بَيَّنَ اللهُ هنا أن وظيفةَ الأنبياءِ الإنذارُ، ثُمَّ بدايةُ قصصِ الأنبياءِ في هذه السورةِ تسليةً للنَّبي ﷺ :

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (48) الى الآية رقم (50) عدد الآيات (3)

القصَّةُ الأولى: قصَّةُ موسى وهارونَ عليهما السلام.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (51) الى الآية رقم (57) عدد الآيات (7)

القصَّةُ الثانيةُ: قصَّةُ إبراهيمَ عليه السلام ، استنكرَ على أبيِه وقومِه عبادةَ الأصنامِ ودعاهُم إلى توحيدِ اللهِ تعالى.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الأنبياء

دور الأنبياء في الدعوة إلى الله (الأنبياء قدوتك)/ سورة الإستجابة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سؤال: بمن تقتدي في حياتك؟ من هو قدوتك؟:   لو سألنا أكثر شباب اليوم عن قدوتهم، يا ترى كم واحدًا سيجيب أن إبراهيم عليه السلام هو قدوته؟ كم واحدًا سيجيب أن يوسف عليه السلام هو مثله الأعلى؟ وكم واحدًا سيقول أن النبي ﷺ هو قدوته؟ وكم واحدًا سيقول أن المغني الفلاني أو الممثل الفلاني هو قدوته؟ ويا ترى كم واحدًا سيجيب بأنه ليس عنده قدوة أصلاً؟
  • • السورة تجيب عن هذا السؤال: بمن تقتدي في حياتك؟:   وتركز على ناحيتين مضيئتين من حياة كل نبي: طاعته وعبادته وخشيته لله، ثم دعوته وإصلاحه في قومه. وكأنها تقول لك: هؤلاء هم مثلك الأعلى في حسن التعامل مع الله وفي حسن التعامل مع الناس، أي في العبادة والدعوة إلى الله.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الأنبياء».
  • • معنى الاسم ::   الأنبياء: جمع نبي، وهو رجل اختاره الله وأوحي إليه برسالة، وأمره بتبليغها للناس.
  • • سبب التسمية ::   لتضمنها الحديث عن جهاد الأنبياء والمرسلين مع أقوامهم الوثنيين، حيث ذكر فيها ستة عشر نبيًا ومريم، ‏في ‏استعراض ‏سريع ‏يطول ‏أحيانًا ‏ويَقْصُر ‏أحيانًا.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة اقترب»؛ لأنها أول كلمة بها.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   جهود الأنبياء في الدعوة إلى الله.
  • • علمتني السورة ::   دعاء الله تعالى بخضوع الأنبياء وخشوعهم.
  • • علمتني السورة ::   أن الله مع رسله والمؤمنين بالتأييد والعون على الأعداء: ﴿ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن القرآن شرف وعز لمن آمن به وعمل به: ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ سَعْدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ﴾ (87)، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ».
    • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطه، وَالْأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي»، قال ابن حجر: «وَمُرَاد اِبْن مَسْعُود أَنَّهُنَّ مِنْ أَوَّل مَا تُعُلِّمَ مِنْ الْقُرْآن، وَأَنَّ لَهُنَّ فَضْلًا لِمَا فِيهِنَّ مِنْ الْقَصَص وَأَخْبَار الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الأنبياء من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • استخدمت السورة أسلوبين لإثبات أصول العقيدة: أسلوب التقرير والمجادلة كما في سورة الأنعام، وأسلوب القصص كما في سورة الأعراف.
    • ذُكِرَ فيها أسماء 16 نبي، ولم يسبقها في ذلك إلا الأنعام (حيث ذُكِرَ في الأنعام أسماء 18 نبي).
    • يوجد في القرآن 3 سور لم يرد اسمها المشهور في آياتها؛ وهي: الفاتحة والأنبياء والإخلاص.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نقتدي بأنبياء الله، وبإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم في عبادتهم، وفي غيرتهم على دين الله، وعملهم الدؤوب على نشره وتبليغه.
    • أن نخاف؛ فهذه الآيات نزلت قبل قرابة 1440 سنة! والله يقول: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ﴾ (1).
    • أن نرجع إلى العلماء إذا أشكل علينا أمر من أمور الدين: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (7).
    • أن نتبع منهج الأنبياء عليهم السلام ببدء الدعوة بتعريف الناس بالله تعالى وتحبيبهم له سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ (25).
    • أن نسأل اللهَ أن يرزقنا خشيتَه في الغيبِ والشهادةِ: ﴿وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ (28).
    • ألا نتعجل، فالأناة خلق فاضل، وطبع الإنسان الاستعجال: ﴿خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ (37).
    • أن نتذكر من ظلمناه في مال، أو عرض، أو حق، ونتحلل منه قبل ألا نستطيع: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ﴾ (47).
    • ألا نقدس أقوال وأعمال السابقين دون دليل من الكتاب والسنة: ﴿قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ﴾ (53).
    • ألا نكترث بالمحقرين؛ فنبي الله إبراهيم في نظرهم فتي نكره، وفي ميزان الله كان أمة: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ (60).
    • أن نسأل الله تعالى أن يرزقنا ذرية صالحة: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ﴾ (72).
    • أن نلجأ عند الكربِ إلى اللهِ، فلا فرجَ إلا من عندِه: ﴿نَادَى ... فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ﴾ (76).
    • أن نقص قصة من قصص القرآن عن سير الأنبياء على إخواننا أو أبنائنا، ونبين لهم أهم الفوائد والعبر منها: ﴿رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ﴾ (84).
    • أن نتذكر ذنبًا فعلناه وقعت بعده مصيبة، ثم نقول: ﴿لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِين﴾ (87).
    • أن ندعو الله تعالى أن نكون ممن سبقت لهم من الله تعالى الحسنى, وأن نكون من المبعدين عن جهنم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ (101).
    • أن نستعين بالله على كل عمل نعمله: ﴿وَرَبُّنَا الرَّحْمَـٰنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ (112).

تمرين حفظ الصفحة : 326

326

مدارسة الآية : [45] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا ..

التفسير :

[45] قل -أيها الرسول- لمن أُرسلتَ إليهم:ما أُخوِّفكم من العذاب إلَّا بوحي من الله، وهو القرآن، ولكن الكفار لا يسمعون ما يُلقى إليهم سماع تدبر إذا أُنذِروا، فلا ينتفعون به.

أي:{ قُلْ ْ} يا محمد، للناس كلهم:{ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ ْ} أي:إنما أنا رسول، لا آتيكم بشيء من عندي، ولا عندي خزائن الله، ولا أعلم الغيب، ولا أقول إني ملك، وإنما أنذركم بما أوحاه الله إلي، فإن استجبتم، فقد استجبتم لله، وسيثيبكم على ذلك، وإن أعرضتم وعارضتم، فليس بيدي من الأمر شيء، وإنما الأمر لله، والتقدير كله لله.

{ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ ْ} أي:الأصم لا يسمع صوتا، لأن سمعه قد فسد وتعطل، وشرط السماع مع الصوت، أن يوجد محل قابل لذلك، كذلك الوحي سبب لحياة القلوب والأرواح، وللفقه عن الله، ولكن إذا كان القلب غير قابل لسماع الهدى، كان بالنسبة للهدى والإيمان، بمنزلة الأصم، بالنسبة إلى الأصوات فهؤلاء المشركون، صم عن الهدى، فلا يستغرب عدم اهتدائهم، خصوصا في هذه الحالة، التي لم يأتهم العذاب، ولا مسهم ألمه.

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يوجه إلى هؤلاء المشركين إنذارا حاسما، فقال- تعالى-: قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ ...

أى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: إنى بعد أن بينت لكم ما بينت من هدايات وإرشادات أنذركم عن طريق الوحى الصادق، بأن الساعة آتية لا ريب فيها، فلا تستعجلوا ذلك فكل آت قريب، وسترون فيها ما ترون من أهوال وعذاب.

وقوله وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ توبيخ لهم وتجهيل.

أى: ولا يسمع الصم دعاء من يدعوهم إلى ما ينفعهم، ولا يلتفتون إلى إنذار من ينذرهم وذلك لكمال جهلهم، وشدة عنادهم، وانطماس بصائرهم.

وقوله : ( قل إنما أنذركم بالوحي ) أي : إنما أنا مبلغ عن الله ما أنذركم به من العذاب والنكال ، ليس ذلك إلا عما أوحاه الله إلي ، ولكن لا يجدي هذا عمن أعمى الله بصيرته ، وختم على سمعه وقلبه; ولهذا قال : ( ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ) .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء القائلين فليأتنا بآية كما أرسل الأولون: إنما أنذركم أيها القوم بتنـزيل الله الذي يوحيه إلى من عنده، وأخوّفكم به بأسه.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ ) أي بهذا القرآن.

وقوله ( وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار: (ولا يسمع بفتح الياء من ( يَسْمَعُ) بمعنى أنه فعل للصمّ، والصمّ حينئذ من فرعون ، ورُوي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يقرأ ( ولا تُسْمعُ ) بالتاء وضمها، فالصمّ على هذه القراءة مرفوعة، لأن قوله ( ولا تُسْمِعُ ) لم يسمّ فاعله، ومعناه على هذه القراءة: ولا يسمع الله الصمّ الدعاء.

قال أبو جعفر: والصواب من القراءة عندنا في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار لإجماع الحجة من القرّاء عليه، ومعنى ذلك: ولا يصغي الكافر بالله بسمع قلبه إلى تذكر ما في وحي الله من المواعظ والذكر، فيتذكر به ويعتبر، فينـزجر عما هو عليه مقيم من ضلاله إذا تُلي عليه وأُريد به، ولكنه يعرض عن الاعتبار به والتفكر فيه، فعل الأصمّ الذي لا يسمع ما يقال له فيعمل به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ ) يقول: إن الكافر قد صمّ عن كتاب الله لا يسمعه، ولا ينتفع به ولا يعقله، كما يسمعه المؤمن وأهل الإيمان.

التدبر :

وقفة
[45] ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ﴾ ينبغي أن لا نخوف الناس بالقصص والأحلام؛ أنذرهم بالوحي فحسب.
وقفة
[45] ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ﴾ معاك أعظم سلاح؛ فلا تخف.
وقفة
[45] ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ﴾ لا تكون الموعظةُ مؤثرةً تأثيرًا مستديمًا، سالمةً من الاعتراض الأسلوبي إلا كانت من معين الوحي.
وقفة
[45] ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ﴾ الموعظة العظيمة، والحجة البالغة، والنور المبين، كلام رب العالمين، فأنذِر به وعِظْ به وانصَح به.
عمل
[45] ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ﴾ اجهر بمنهجك معتزًا بكل ثقة، معلنًا اكتفاءك بهذا النور الـذي يأتـي بوحـي من ﷲ كافٍ بالنذارة والتأثير.
عمل
[45] ذَكِّر أحد زملاءك أو أقاربك بآية قرآنية، أو حديث نبوي ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ﴾.
وقفة
[45] القوي في الحجة والإقناع هو الذي يستخدم أدلة الوحي من قرآن وسنة في دعوته وموعظته ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ﴾.
وقفة
[45] ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ ۚ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ﴾ عن قتادة: «إن الكافر قد صم عن كتاب الله؛ لا يسمعه، ولا ينتفع به، ولا يعقله، كما يسمعه المؤمن وأهل الإيمان».
وقفة
[45] المبالغة في حب الشيء يورث الصمم، حتى لا يرى إلا ما أحبه ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ ۚ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ﴾.
وقفة
[45] ﴿وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ﴾ أي: الأصم لا يسمع صوتًا؛ لأن سمعه قد فسد، وتعطل، وشرط السماع مع الصوت: أن يوجد محل قابل لذلك؛ كذلك الوحي سبب لحياة القلوب والأرواح، وللفقه عن الله، ولكن إذا كان القلب غير قابل لسماع الهدى كان بالنسبة للهدى والإيمان بمنْزلة الأصم بالنسبة إلى الأصوات.
وقفة
[45] ﴿وَلا يَسمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنذَرونَ﴾ قلوبًا أظلمت وطمسها الكفر تتبعها آذان صماء.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: انت. اي قل لهم.
  • ﴿ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ:
  • انما: كافة ومكفوفة او اداة حصر لا محل لها.أنذر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. والكاف ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. بالوحي: جار ومجرور متعلق بأنذركم بمعنى: بوحي من الله يوحى الى.
  • ﴿ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ:
  • الواو استئنافية. لا: نافية لا عمل لها.يسمع: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الصم: فاعل مرفوع بالضمة.الدعاء: اي النداء: مفعول به منصوب بالفتحة. والاصل: ولا يسمعون اي ولا يسمع هؤلاء المنذرون فوضع الظاهر موضع المضمر دلالة على سدهم اسماعهم.
  • ﴿ إِذا ما يُنْذَرُونَ:
  • اذا: هنا يجوز ان تكون لحكاية الحال فلا يراد بها المستقبل لان معنى الجملة: اذا انذروا. وهي ظرف بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب. ما: زائدة لوقوعها بعد «اذا».ينذرون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والجملة الفعلية «ينذرون» في محل جر مضاف اليه لوقوعها بعد «اذا» الظرفية.'

المتشابهات :

الأنبياء: 45﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ ۚ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ
النمل: 80﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ
الروم: 52﴿فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     وبعد توبيخ الكافرين على غفلتهم عن الحق بعد وضوحه؛ أمرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم هنا أن ينذرهم ويخوفهم من عذابه، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يسمع:
1- بفتح الياء والميم، و «الصم» رفع به، و «الدعاء» نصب، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتاء مضمومة وكسر الميم، ونصب «الصم الدعاء» والفاعل ضمير المخاطب، وهو الرسول ﷺ، وهى قراءة ابن عامر، وابن جبير، عن أبى عمرو، وابن الصلت، عن حفص.
3- بالياء مضمومة، أي: ولا يسمع الرسول.
4- بالياء مضمومة، مبنيا للمفعول، و «الصم» رفع به.
5- بالياء مضمومة وكسر الميم، وإسناد الفعل إلى «الدعاء» ، و «الصم» . نصب به، وهى قراءة أحمد بن جبير الأنطاكى، عن اليزيدي، عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [46] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ ..

التفسير :

[46] لو أصاب الكفارَ نصيب من عذاب الله لعلموا عاقبة تكذيبهم، وقابلوا ذلك بالدعاء على أنفسهم بالهلاك؛ بسبب ظلمهم لأنفسهم بعبادتهم غير الله.

فلو مسهم{ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ ْ} أي:ولو جزءا يسيرا ولا يسير من عذابه،{ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ْ} أي:لم يكن قولهم إلا الدعاء بالويل والثبور، والندم، والاعتراف بظلمهم وكفرهم واستحقاقهم للعذاب.

ثم بين- سبحانه- حالهم عند ما ينزل بهم شيء من العذاب فقال: وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ.

أى: ولئن أصاب هؤلاء المشركين شيء قليل من عذاب ربك يا محمد. ليقولن على سبيل التفجع والتحسر وإظهار الخضوع: يا ويلنا- أى يا هلاكنا- إنا كنا ظالمين، ولذلك نزل بنا هذا العذاب، وفي هذا التعبير ألوان من المبالغات منها: ذكر المس الذي يكفى في تحققه إيصال ما، ومنها: ما في النفح من النزارة والقلة، يقال: نفح فلان فلانا نفحة، إذا أعطاه شيئا قليلا ومنها. البناء الدال على المرة والواحدة كما يفيد ذلك التعبير بالنفحة. أى: نفحة واحدة من عذاب ربك، والمقصود من الآية الكريمة بيان سرعة تأثر هؤلاء المشركين، بأقل شيء من العذاب الذي كانوا يستعجلونه، وأنهم إذا ما نزل بهم شيء منه، أصيبوا بالهلع والجزع، وتنادوا بالويل والثبور والاعتراف بالظلم وتجاوز الحدود.

وقوله : ( ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين ) أي : ولئن مس هؤلاء المكذبين أدنى شيء من عذاب الله ، ليعترفن بذنوبهم ، وأنهم كانوا ظالمين أنفسهم في الدنيا .

يقول تعالى ذكره: ولئن مست هؤلاء المستعجلين بالعذاب يا محمد نفحة من عذاب ربك، يعني بالنفحة النصيب والحظّ، من قولهم: نفح فلان لفلان من عطائه: إذا أعطاه قسما أو نصيبا من المال.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ ). .. الآية، يقول: لئن أصابتهم عقوبة.

وقوله ( لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) يقول: لئن أصابتهم هذه النفحة من عقوبة ربك يا محمد بتكذيبهم بك وكفرهم، ليعلمن حينئذ غبّ تكذيبهم بك، وليعترفن على أنفسهم بنعمة الله وإحسانه إليهم وكفرانهم أياديه عندهم، وليقولن يا ويلنا إنا كان ظالمين في عبادتنا الآلهة والأنداد، وتركنا عبادة الله الذي خلقنا وأنعم علينا، ووضعنا العبادة غير موضعها.

التدبر :

تفاعل
[46] ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
لمسة
[46] ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا﴾ تأمل هذا التهديد والوعيد بأسلوب بديع: (المس) هو الإصابة الخفيفة، و(النفحة): القليل من الشيء، و(من) دالة على التبعيض، و(العذاب) أخف من النكال، و(ربك) هذا يدل على الشفقة، إن من سيكون هذا واقعه عند أول نفحة تمسه من بعض عذاب رب رحيم، كيف سيصبر على أنكال لدى الجبار؟! إنه لحري أن يبادر بالنجاة منه.
وقفة
[46] ﴿فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ﴾ [12]، ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا﴾، يتهاوى العناد عند أول فصل من فصول العذاب.
وقفة
[46] ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ المبادئ الهشَّة تسقط في أول امتحان.
وقفة
[46] ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ نَفْع الإقرار بالذنب مشروط بمصاحبة التوبة قبل فوات أوانها.
وقفة
[46] ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ هذا أَلَمُ النفحة! فما حال من غُمِسَ في النار غمسًا.
لمسة
[46] ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ الآية فيها جملة مبالغات وتوكيدات في بيان العذاب: 1. بدأت بلام القسم (لئن) هذا توكيد، و(إن) الشرطية التي هي احتمال حصول الشرط قليلًا أو كثيرًا أو احتمال عدم وقوع. 2. قال: (مَّسَّتْهُمْ) المسُّ أيّ اتصال وهو أخف من اللمس. 3. قال: (نَفْحَةٌ) والنفح هو الشيء اليسير، تقول نفحه أي أعطاه شيئًا يسيرًا، والنفحة هي هبوب رائحة الشيء، فيها قِلّة. 4. قال: (نَفْحَةٌ) اسم مرَّة، وبِناء المرَّة قليل. 5. (مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ) تبعيض، ليس كل العذاب وإنما بعض العذاب. 6. أضاف (رَبِّكَ) فيها حنان ورحمة ورأفة، ولم يقل الجبار القهار، فالرب يعاقب ويؤدب، وهذه معاقبة التأديب معاقبة الربِّ، فكيف لو أضيفت إلى القهار أو الجبار؟! لو غضب فكيف سيعاقب؟! 7. (لَيَقُولُنَّ) مؤكدة باللام ونون التوكيد الثقيلة، لم يقل (يقولون). 8. يقولون: (يَا وَيْلَنَا) الدعاء بالويل، أي هَلَكنا بنفحة من ريح العذاب واحدة تمسّهم، فكيف إذا أصابهم العذاب؟ 9. (إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) الاعتراف بالظلم والتوكيد بإنَّ، كل هذا كثير على صِغر الجملة فكيف بعذاب الله؟!
وقفة
[46] ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ﴾ فالمعنى: ولئن مسهم أقل شيء من العذاب ﴿لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ أي: متعدين؛ فيعترفون حين لا ينفعهم الاعتراف.
وقفة
[46] الآلام والمصاعب التي تواجهك في الدنيا تذكرة لك؛ تُذَكِّرُك بعذاب الله، ودافعٌ يدفعك إلى التوبة والاستغفار ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾.
وقفة
[46] نفحـة أقرتهم بذنوبهم، فكيف بالعذاب؟! ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾.
وقفة
[46] الحق تدفنه النفوس تحت كثبان الهوى، فإذا نزل البلاء زال الهوى وخرج الحق ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ:
  • الواو استئنافية. اللام: موطئة للقسم-اللام المؤذنة-.ان: حرف شرط‍ جازم. مس: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. التاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. نفحة: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة من «نفحة».ربك: مضاف اليه مجرور بالكسرة والكاف ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. بمعنى: لو مستهم قطعة من عذاب الله.
  • ﴿ لَيَقُولُنَّ:
  • الجملة جواب القسم لا محل لها من الاعراب. وجواب الشرط‍ محذوف دل عليه جواب القسم. اللام واقعة في جواب القسم المقدر.يقولن: فعل مضارع مبني على حذف النون لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة.وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل. ونون التوكد الثقيلة لا محل لها من الاعراب. والجملة بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ يا وَيْلَنا:
  • يا: اداة نداء. ويل: منادى مضاف منصوب بالفتحة. و «نا» ضمير المتكلمين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنّا كُنّا ظالِمِينَ:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «نا» ضمير المتكلمين المدغم مع النون مبني على السكون في محل نصب اسم «ان».كنا: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل رفع اسم «كان».ظالمين: خبر «كان» منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة من المفرد. والجملة الفعلية كُنّا ظالِمِينَ» في محل رفع خبر ان.'

المتشابهات :

الأعراف: 5﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
الأنبياء: 14﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
الأنبياء: 46﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
القلم: 29﴿قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [46] لما قبلها :     وبعد الأمر بإنذار الكافرين وبيان شدة غفلتهم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا حالَهم إذا نزلَ بهم شيء مما أنذروا به، ولو كان يسيرًا؛ هنا سيسمعون ويعترفون حين لا ينتفعون، قال تعالى:
﴿ وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [47] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ..

التفسير :

[47] ويضع الله تعالى الميزان العادل للحساب في يوم القيامة، ولا يظلم هؤلاء ولا غيرهم شيئاً، وإن كان هذا العمل قَدْرَ ذرة مِن خير أو شر عُدَّت في حساب صاحبها. وكفى بالله محصياً أعمال عباده، ومجازياً لهم عليها.

يخبر تعالى عن حكمه العدل، وقضائه القسط بين عباده إذا جمعهم في يوم القيامة، وأنه يضع لهم الموازين العادلة، التي يبين فيها مثاقيل الذر، الذي توزن بها الحسنات والسيئات،{ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ ْ} مسلمة أو كافرة{ شَيْئًا ْ} بأن تنقص من حسناتها، أو يزاد في سيئاتها.

{ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ْ} التي هي أصغر الأشياء وأحقرها، من خير أو شر{ أَتَيْنَا بِهَا ْ} وأحضرناها، ليجازى بها صاحبها، كقوله:{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ْ}

وقالوا{ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ْ}

{ وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ْ} يعني بذلك نفسه الكريمة، فكفى به حاسبا، أي:عالما بأعمال العباد، حافظا لها، مثبتا لها في الكتاب، عالما بمقاديرها ومقادير ثوابها وعقابها واستحقاقها، موصلا للعمال جزاءها.

ثم بين- سبحانه- مظهرا من مظاهر عدله مع عباده يوم القيامة فقال: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ...

أى: ونحضر الموازين العادلة لمحاسبة الناس على أعمالهم يوم القيامة ولإعطاء كل واحد منهم ما يستحقه من ثواب أو عقاب، دون أن يظلم ربك أحدا من خلقه.

وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ أى: وإن كانت الأعمال التي عملها الإنسان في الدنيا في نهاية الحقارة والقلة، أتينا بها في صحيفة عمله لتوزن، وكفى بنا عادّين ومحصين على الناس أعمالهم، إذ لا يخفى علينا شيء منها سواء أكان قليلا أم كثيرا.

قال ابن كثير: قوله: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الأكثر على أنه ميزان واحد، وإنما جمع باعتبار تعدد الأعمال الموزونة فيه .

وقال القرطبي: «الموازين: جمع ميزان، فقيل: إنه يدل بظاهره على أن لكل مكلف ميزانا توزن به أعماله، فتوضع الحسنات في كفة، والسيئات في كفة. وقيل: يجوز أن يكون هناك موازين للعامل الواحد، يوزن بكل ميزان منها صنف من أعماله.. وقيل: ذكر الميزان مثل وليس ثمّ ميزان وإنما هو العدل، والذي وردت به الأخبار، وعليه السواد الأعظم القول الأول. و «القسط» صفة الموازين ووحد لأنه مصدر.. .

واللام في قوله لِيَوْمِ الْقِيامَةِ قيل للتوقيت. أى للدلالة على الوقت، كقولهم: جاء فلان لخمس ليال بقين من الشهر. وقيل هي لام كي، أى: لأجل يوم القيامة، أو بمعنى في أى: في يوم القيامة.

وقوله- سبحانه- فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً بيان للعدل الإلهى، وأنه- سبحانه- لا يظلم أحدا شيئا مما له أو عليه، أى: فلا تظلم نفس شيئا من الظلم لا قليلا ولا كثيرا.

وقوله وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها تصوير لدقة الحساب، وعدم مغادرته لشيء من أعمال الناس، إذ الخردل حب في غاية الصغر والدقة. ومثقال الشيء: وزنه.

وأنث الضمير في قوله «بها» وهو راجع إلى المضاف الذي هو «مثقال» وهو مذكر.

لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه الذي هو «حبة من خردل» .

وقوله- سبحانه-: وَكَفى بِنا حاسِبِينَ بيان لإحاطة الله- تعالى-: بعلم كل شيء. كما قال- تعالى- إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ .

وفي معنى هذه الآية وردت آيات كثيرة منها قوله- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً .

وقوله- سبحانه-: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد ذكرت أولئك المشركين بجانب من نعم الله- تعالى- عليهم، وحضهم على التدبر والاتعاظ، وأنذرتهم بسوء العاقبة إذا ما استمروا في كفرهم وشركهم، وصورت لهم دقة الحساب يوم القيامة، وأن كل إنسان سيحاسب على عمله سواء أكان صغيرا أم كبيرا، ولا يظلم ربك أحدا.

وبعد أن فصل- سبحانه- الحديث عن دلائل التوحيد والنبوة والمعاد، ورد على المشركين ردا يفحمهم، أتبع ذلك بالحديث عن قصص بعض الأنبياء تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم وتثبيتا لقلبه، فقال- تعالى-:

وقوله : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ) أي : ونضع الموازين العدل ليوم القيامة . الأكثر على أنه إنما هو ميزان واحد ، وإنما جمع باعتبار تعدد الأعمال الموزونة فيه .

وقوله : ( فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) كما قال تعالى : ( ولا يظلم ربك أحدا ) [ الكهف : 49 ] ، وقال : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) [ النساء : 40 ] ، وقال لقمان : ( يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ) [ لقمان : 16 ] .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، حدثنا ابن المبارك ، عن ليث بن سعد ، حدثني عامر بن يحيى ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل يستخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا ، كل سجل مد البصر ، ثم يقول أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمتك كتبتي الحافظون؟ قال : لا يا رب ، قال : أفلك عذر ، أو حسنة؟ " قال : فيبهت الرجل فيقول : لا يا رب . فيقول : بلى ، إن لك عندنا حسنة واحدة ، لا ظلم اليوم عليك . فيخرج له بطاقة فيها : " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله " فيقول : أحضروه ، فيقول : يا رب ، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول : إنك لا تظلم ، قال : " فتوضع السجلات في كفة [ والبطاقة في كفة ] " ، قال : " فطاشت السجلات وثقلت البطاقة " قال : " ولا يثقل شيء بسم الله الرحمن الرحيم " .

ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث الليث بن سعد ، به ، وقال الترمذي : حسن غريب .

وقال الإمام أحمد : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عمرو بن يحيى ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " توضع الموازين يوم القيامة ، فيؤتى بالرجل ، فيوضع في كفة ، فيوضع ما أحصي عليه ، فتمايل به الميزان " قال : " فيبعث به إلى النار " قال : فإذا أدبر به إذا صائح من عند الرحمن عز وجل يقول : [ لا تعجلوا ] ، فإنه قد بقي له ، فيؤتى ببطاقة فيها " لا إله إلا الله " فتوضع مع الرجل في كفة حتى يميل به الميزان " .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو نوح قراد أنبأنا ليث بن سعد ، عن مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة; أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جلس بين يديه ، فقال : يا رسول الله ، إن لي مملوكين ، يكذبونني ، ويخونونني ، ويعصونني ، وأضربهم وأشتمهم ، فكيف أنا منهم؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم ، إن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم ، كان فضلا لك [ عليهم ] وإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم ، كان كفافا لا لك ولا عليك ، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم ، اقتص لهم منك الفضل الذي يبقى قبلك " . فجعل الرجل يبكي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويهتف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما له أما يقرأ كتاب الله؟ : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) فقال الرجل : يا رسول الله ، ما أجد شيئا خيرا من فراق هؤلاء - يعني عبيده - إني أشهدك أنهم أحرار كلهم .

يقول تعالى ذكره ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ ) العدل وهو (القِسْطَ) وجعل القسط وهو موحد من نعت الموازين، وهو جمع لأنه في مذهب عدل ورضا ونظر. وقوله ( لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) يقول: لأهل يوم القيامة، ومن ورد على الله في ذلك اليوم من خلقه، وقد كان بعض أهل العربية يوجه معنى ذلك إلى " في" كأن معناه عنده: ونضع الموازين القسط في يوم القيامة، وقوله ( فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ) يقول: فلا يظلم الله نفسا ممن ورد عليه منهم شيئا بأن يعاقبه بذنب لم يعمله أو يبخسه ثواب عمل عمله، وطاعة أطاعه بها، ولكن يجازي المحسن بإحسانه، ولا يعاقب مسيئا إلا بإساءته.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ )... إلى آخر الآية، وهو كقوله وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ يعني بالوزن: القسط بينهم بالحقّ في الأعمال الحسنات والسيئات، فمن أحاطت حسناته بسيئاته ثقلت موازينه، يقول: أذهبت حسناته سيئاته، ومن أحاطت سيئاته بحسناته فقد خفَّت موازينه وأمه هاوية، يقول: أذهبت سيئاته حسناته.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) قال: إنما هو مثل، كما يجوز الوزن كذلك يجوز الحقّ، قال الثوري: قال ليث عن مجاهد ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ ) قال: العدل.

وقوله ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) يقول: وإن كان الذي من عمل الحسنات، أو عليه من السيئات وزن حبة من خردل أتينا بها: يقول: جئنا بها فأحضرناها إياه.

كما حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ابن زيد، في قوله ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) قال: كتبناها وأحصيناها له وعليه.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) قال: يؤتي بها لك وعليك، ثم يعفو إن شاء أو يأخذ، ويجزي بما عمل له من طاعة ، وكان مجاهد يقول في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) قال: جازينا بها.

حدثنا عمرو بن عبد الحميد، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد أنه كان يقول ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) قال: جازينا بها ، وقال أتينا بها، فأخرج قوله بها مخرج كناية المؤنث، وإن كان الذي تقدم ذلك قوله مثقال حبة، لأنه عني بقوله بها الحبة دون المثقال، ولو عني به المثقال لقيل به، وقد ذكر أن مجاهدا إنما تأوّل قوله ( أَتَيْنَا بِهَا ) على ما ذكرنا عنه، لأنه كان يقرأ ذلك ( آتَيْنا بها) بمدّ الألف. وقوله: ( وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) يقول: وحسب من شهد ذلك الموقف بنا حاسبين، لأنه لا أحد أعلم بأعمالهم وما سلف في الدنا من صالح أو سيئ منا.

التدبر :

وقفة
[47] ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾ إثبات العدل لله، ونفي الظلم عنه.
وقفة
[47] ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾ قال القرطبي: «يدل بظاهره على أن لكل مكلف ميزانًا توزن به أعماله فتوضع الحسنات في كفة، والسيئات في كفة، وقيل: يجوز أن يكون هناك موازين للعامل الواحد، يوزن بكل ميزان منها صنف من أعماله».
وقفة
[47] في الدنيا ميزان عدل قد يجور أو يحيف بيد من يحكم وفي الآخرة ميزان حق: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾.
وقفة
[47] في تعاملنا مع الآخرين قد تبخس حقوقنا، وقد تنسى أعمالنا؛ لكن في ميزان ﷲ الوضع مختلف ﴿وَنَضَعُ المَوازينَ القِسطَ لِيَومِ القِيامَةِ فَلا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًا﴾.
وقفة
[47] ﴿وَنَضَعُ المَوازينَ القِسطَ لِيَومِ القِيامَةِ فَلا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًا﴾ لا خوف ولا قلق وقتها من قاضٍ يحكم بغير الحق، فالعدل والقسط سمت هذا اليوم.
وقفة
[47] ﴿وَنَضَعُ المَوازينَ القِسطَ لِيَومِ القِيامَةِ فَلا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًا﴾ العدل التام الكامل لن يتحقق إلا يوم القيامة.
وقفة
[47] ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ﴾ من هذا قطعًا تعلم أن شأن المعاملة مع الله ومع خلقه عظيم عظمًا لا يعرف قدره إلا الرجل العاقل، فإن عليها يترتب غضب الله وعقابه، أو رضاه والنعيم المقيم، وشيء هذا قدره لا يتوقف ولا يتردد في بذل العناية به رجل بصير.
وقفة
[47] ادعى رجل على ابن أحد الخلفاء، فقضى الخليفة على ابنه؛ فأخذ المدعي يمدحه بأبيات شعر؛ فشكره الخليفة ثم قال: أما أنا فما جلست هذا المجلس حتى قرأت في المصحف: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ﴾، قال الراوي: فما رأيت باكيًا أكثر من ذلك اليوم.
عمل
[47] تذكر اليوم من ظلمته في مال، أو عرض، أو حق، فتحلل منه قبل ألا تستطيع ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ﴾.
وقفة
[47] ﴿وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا﴾ إذن اطمئن: حتى شعور التقوى الذي يومض في قلبك بخفوت ثم يضيع في ضوضاء الدنيا ستجده.
وقفة
[47] ما أعظم الرجاء! وما أشد التخويف! في قوله تعالى: ﴿وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا﴾.
عمل
[47] ﴿وَإِن كانَ مِثقالَ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ أَتَينا بِها وَكَفى بِنا حاسِبينَ﴾ لا تستصغر العمل، أى عمل، فكل فى كتاب.
وقفة
[47] ﴿وَكَفى بِنا حاسِبينَ﴾ رسالة طمأنة.

الإعراب :

  • ﴿ وَنَضَعُ الْمَاازِينَ الْقِسْطَ‍:
  • الواو: عاطفة. نضع: فعل مضارع مرفوع بالضمة. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. الموازين: مفعول به منصوب بالفتحة. القسط‍: صفة-نعت-للموازين بمعنى «العادلة» او العدل. وقد جاء النعت-القسط‍ -مفردا لانه مصدر يستوي فيه المفرد والجمع ويجوز ان يكون على تقدير: ذوات القسط‍.فحذف المضاف وحل المضاف اليه محله.
  • ﴿ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ:
  • جار ومجرور. القيامة: مضاف اليه مجرور بالكسرة بتقدير لاهل يوم القيامة بمعنى: لاجلهم فحذف المجرور المضاف «أهل» وحل المضاف اليه «يوم» محله. والجار والمجرور متعلق بنضع.
  • ﴿ فَلا تُظْلَمُ:
  • الفاء استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. تظلم: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة.
  • ﴿ نَفْسٌ شَيْئاً:
  • نائب فاعل مرفوع بالضمة. شيئا: نائب عن المصدر- المفعول المطلق-المحذوف او صفة له. بتقدير: فلا تظلم نفس ظلما شيئا.
  • ﴿ وَإِنْ كانَ مِثْقالَ:
  • الواو حالية. والجملة المؤولة بعدها في محل نصب حال. ان: حرف شرط‍ جازم. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. مثقال: بمعنى «ثقل» خبر «كان» منصوب بالفتحة.
  • ﴿ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ:
  • مضاف اليه مجرور بالكسرة. من خردل: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «حبة» اي من نبات الخردل.
  • ﴿ أَتَيْنا بِها:
  • الجملة جواب شرط‍ -جزاؤه جازم-غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب. أتي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. بها: جار ومجرور متعلق بأتينا و «ها» يعود على «مثقال» وأنث ضمير المثقال لاضافته الى الحبة.
  • ﴿ وَكَفى بِنا حاسِبِينَ:
  • الواو استئنافية. كفى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر. بنا: الباء زائدة .. «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالباء لفظا في محل رفع محلا لانه فاعل «كفى». حاسبين: حال منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

الأنبياء: 47﴿وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ
لقمان: 16﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [47] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ حالَ الكافرين إذا نزلَ بهم شيء مما أُنذِروا به؛ بَيَّنَ هنا مظهرًا من مظاهر عدله مع عباده يوم القيامة، قال تعالى:
﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

القسط:
وقرئ:
القصط، بالصاد.
مثقال:
1- بالنصب خبر «كان» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، على الفاعلية، و «كان» تامة، وهى قراءة زيد بن على، وأبى جعفر، وشيبة، ونافع.
أتينا:
1- من الإتيان، أي جئنا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- آتينا، بالمد، على وزن «فاعلنا» ، من المواتاة، وهى المجازاة، وهى قراءة ابن عباس، ومجاهد، وابن جبير، وابن أبى إسحاق، والعلاء بن سيابة، وجعفر بن محمد، وابن شريح الأصبهانى.

مدارسة الآية : [48] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ ..

التفسير :

[48] ولقد آتينا موسى وهارون حجة ونصراً على عدوهما، وكتاباً -وهو التوراة- فَرَقْنا به بين الحق والباطل، ونوراً يهتدي به المتقون

كثيرا ما يجمع تعالى، بين هذين الكتابين الجليلين، اللذين لم يطرق العالم أفضل منهما، ولا أعظم ذكرا، ولا أبرك، ولا أعظم هدى وبيانا، [وهما التوراة والقرآن]فأخبر أنه آتى موسى أصلا، وهارون تبعا{ الْفُرْقَانَ ْ} وهي التوراة الفارقة بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وأنها{ ضِيَاءً ْ} أي:نور يهتدي به المهتدون، ويأتم به السالكون، وتعرف به الأحكام، ويميز به بين الحلال والحرام، وينير في ظلمة الجهل والبدع والغواية،{ وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ ْ} يتذكرون به، ما ينفعهم، وما يضرهم، ويتذكر به الخير والشر، وخص{ المتقين ْ} بالذكر، لأنهم المنتفعون بذلك، علما وعملا.

ثم فسر المتقين فقال:{ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ْ} أي:يخشونه في حال غيبتهم، وعدم مشاهدة الناس لهم، فمع المشاهدة أولى، فيتورعون عما حرم، ويقومون بما ألزم،{ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ْ} أي:خائفون وجلون، لكمال معرفتهم بربهم، فجمعوا بين الإحسان والخوف، والعطف هنا من باب عطف الصفات المتغايرات، الواردة على شيء واحد وموصوف واحد.

والمراد بالفرقان وبالضياء وبالذكر: التوراة، فيكون الكلام من عطف الصفات. والمعنى:

ولقد أعطينا موسى وهارون- عليهما السلام- كتاب التوراة ليكون فارقا بين الحق والباطل، وليكون- أيضا- ضياء يستضيء به أتباعه من ظلمات الكفر والضلالة، وليكون ذكرا حسنا لهم، وموعظة يتعظون بما اشتمل عليه من آداب وأحكام.

قال الآلوسى: «قوله- سبحانه-: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً ...

نوع تفصيلي لما أجمل في قوله- تعالى- قبل ذلك: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ.

وتصديره بالتوكيد القسمي لإظهار كمال الاعتناء بمضمونه.

والمراد بالفرقان: التوراة، وكذا بالضياء والذكر. والعطف كما في قوله:

إلى الملك القرم وابن الهمام ... وليث الكتيبة في المزدحم

وقيل: الفرقان هنا: النصر على الأعداء.. والضياء التوراة أو الشريعة. وعن الضحاك:

أن الفرقان فرق البحر.. .

وخص المتقين بالذكر، لأنهم هم الذين انتفعوا بما اشتمل عليه هذا الكتاب من هدايات.

قد تقدم التنبيه على أن الله تعالى كثيرا ما يقرن بين ذكر موسى ومحمد ، صلوات الله وسلامه عليهما ، وبين كتابيهما; ولهذا قال : ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ) . قال مجاهد : يعني : الكتاب . وقال أبو صالح : التوراة ، وقال قتادة : التوراة ، حلالها وحرامها ، وما فرق الله بين الحق والباطل . وقال ابن زيد : يعني : النصر .

وجامع القول في ذلك : أن الكتب السماوية تشتمل على التفرقة بين الحق والباطل ، والهدى والضلال ، والغي والرشاد ، والحلال والحرام ، وعلى ما يحصل نورا في القلوب ، وهداية وخوفا وإنابة وخشية; ولهذا قال : ( الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ) أي : [ تذكيرا ] لهم وعظة .

يقول تعالى ذكره: ولقد آتينا موسى بن عمران وأخاه هارون الفرقان، يعني به الكتاب الذي يفرق بين الحق والباطل، وذلك هو التوراة في قول بعضهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (الفُرْقان) قال: الكتاب.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ ) الفرقان: التوراة حلالها وحرامها، وما فرق الله به بين الحق والباطل.

وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ ) قال: الفرقان: الحق آتاه الله موسى وهارون، فرق بينهما وبين فرعون، قضى بينهم بالحق، وقرأ وَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ قال : يوم بدر.

قال أبو جعفر: وهذا القول الذي قاله ابن زيد في ذلك أشبه بظاهر التنـزيل، وذلك لدخول الواو في الضياء، ولو كان الفرقان هو التوراة كما قال من قال ذلك، لكان التنـزيل: ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ضياء، لأن الضياء الذي آتى الله موسى وهارون هو التوراة التي أضاءت لهما ولمن اتبعهما أمر دينهم فبصرّهم الحلال والحرام، ولم يقصد بذلك في هذا الموضع ضياء الإبصار، وفي دخول الواو في ذلك دليل على أن الفرقان غير التوراة التي هي ضياء.

فإن قال قائل: وما ينكر أن يكون الضياء من نعت الفرقان، وإن كانت فيه واو فيكون معناه: وضياء آتيناه ذلك، كما قال بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا ؟ قيل له: إن ذلك وإن كان الكلام يحتمله، فإن الأغلب من معانيه ما قلنا، والواجب أن يوجه معاني كلام الله إلى الأغلب الأشهر من وجوهها المعروفة عند العرب ما لم يكن بخلاف ذلك ما يجب التسليم له من حجة خبر أو عقل.

وقوله ( وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ ) يقول: وتذكيرا لمن اتقى الله بطاعته وأداء فرائضه واجتناب معاصيه، ذكرّهم بما آتى موسى وهارون من التوراة.

التدبر :

لمسة
[48] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ﴾ وخص المتقين بالذكر؛ لأنهم المنتفعون بذلك علمًا وعملًا.
وقفة
[48] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ﴾ ثلاث وظائف للوحي الإلهي: أن يفرق بين الحق والباطل، وأن يستضيء به الناس في ظلمات الحيرة والجهالة، وأن يكون ذكرًا يتعظ به المتقون ويتقوون.
وقفة
[48] ﴿وَلَقَد آتَينا موسى وَهارونَ الفُرقانَ وَضِياءً وَذِكرًا لِلمُتَّقينَ﴾ لن يشع نور الهداية فى قلوب كل الناس؛ إنما فقط فى قلوب المتقين، فاللهم اجعلنا منهم.
وقفة
[48] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ﴾ (الْفُرْقَانَ) جاء ذكره في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ﴾ [البقرة: 50]، وهو فرقان عظيم حصل لموسى عليه السلام.
وقفة
[48، 49] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ﴾ أي: يخشونه في حال غيبتهم، وعدم مشاهدة الناس لهم، فمع المشاهدة أولى، فيتورعون عما حرم، ويقومون بما ألزم.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنا:
  • الواو استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. آتينا: بمعنى «أعطينا» فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ مُوسى وَهارُونَ:
  • مفعول به اول منصوب بالفتحة المقدرة على الالف للتعذر. وهارون: معطوف بالواو على «موسى» منصوب مثله بالفتحة. ولم ينون الاسمان لانهما ممنوعان من الصرف-التنوين للعجمة.
  • ﴿ الْفُرْقانَ:
  • مفعول به ثان منصوب بالفتحة وهو التوراة. ومعنى «الفرقان» الكتاب الذي يفرق بين الحق والباطل.
  • ﴿ وَضِياءً وَذِكْراً:
  • الواو عاطفة. والاسمان بعد واوي العطف معطوفان على «الفرقان» منصوبان مثله بالفتحة بمعنى: ونورا وموعظة. ويجوز ان يكونا حالين منصوبين بالفتحة بتقدير: واتينا به ضياء وذكرا بمعنى: انه في نفسه ضياء وذكر او اتيناها بما فيه من الشرائع والمواعظ‍ ضياء وذكرا.
  • ﴿ لِلْمُتَّقِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة لذكرا وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [48] لما قبلها :     وبعد أن ذكَرَ اللهُ ما كان بَيْنَ مُشرِكي العَرَبِ والنَّبي صلى الله عليه وسلم؛ ذكرَ هنا قَصَصَ الأنبياءِ مع أقوامهم؛ تسليةً له صلى الله عليه وسلم، وتقويةً لقَلبِه على أداءِ الرِّسالةِ، والصَّبرِ عليها، القصَّةُ الأولى: قصَّةُ موسى وهارونَ عليهما السلام، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [49] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم ..

التفسير :

[49]الذين يخافون عقاب ربهم، وهم من الساعة التي تقوم فيها القيامة خائفون وجلون.

ثم فسر المتقين فقال:{ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ْ} أي:يخشونه في حال غيبتهم، وعدم مشاهدة الناس لهم، فمع المشاهدة أولى، فيتورعون عما حرم، ويقومون بما ألزم،{ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ْ} أي:خائفون وجلون، لكمال معرفتهم بربهم، فجمعوا بين الإحسان والخوف، والعطف هنا من باب عطف الصفات المتغايرات، الواردة على شيء واحد وموصوف واحد.

وقوله- تعالى-: الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ.. صفة مدح للمتقين.

أى: آتينا موسى وهارون الكتاب الجامع لصفات الخير ليكون هداية للمتقين، الذين من صفاتهم أنهم يخافون ربهم وهو غير مرئى لهم، ويخشون عذابه في السر والعلانية وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ أى: وهم من الساعة وما يقع فيها من حساب دقيق خائفون وجلون وليسوا كأولئك الكافرين الجاحدين الذين يستعجلون حدوثها.

وخصت الساعة بالذكر مع أنها داخلة في الإيمان بالغيب، للعناية بشأنها حيث إنها من أعظم المخلوقات، وللردّ على من أنكرها واستعجل قيامها.

ثم وصفهم فقال : ( الذين يخشون ربهم بالغيب ) كقوله ( من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ) [ ق : 33 ] ، وقوله : ( إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير ) [ الملك : 12 ] ، ( وهم من الساعة مشفقون ) أي : خائفون وجلون .

يقول تعالى ذكره: آتينا موسى وهارون الفرقان: الذكر الذي آتيناهما للمتقين الذين يخافون ربهم بالغيب، يعني في الدنيا أن يعاقبهم في الآخرة إذا قدموا عليه بتضييعهم ما ألزمهم من فرائضه فهم من خشيته، يحافظون على حدوده وفرائضه، وهم من الساعة التي تقوم فيها القيامة مشفقون، حذرون أن تقوم عليهم، فيردوا على ربهم قد فرّطوا في الواجب عليهم لله، فيعاقبهم من العقوبة بما لا قِبَل لهم به.

التدبر :

وقفة
[49] ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ﴾ كم غابت عنَّا مخافةُ الله بالغيبِ! فتَجَرَّأنَا على محارمِه.
وقفة
[49] ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ﴾ ما أغلى كنز اليقين! في الآية مدح الله المتقين الذين يخافون عذاب الله، رغم أنهم لم يشاهدوه، ويخشون ربهم رغم أنهم لم يروه، ويشفقون من القيامة رغم أن ما بلغهم من نبيهم عنها غيب.
وقفة
[49] ﴿يَخْشَوْنَ رَبَّهُم﴾ الخشية: هي الخوف مع التعظيم؛ لأن من الخوفِ خوفٌ مع الاحتقار.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة-نعت-للمتقين. او في محل نصب مفعول به على المدح بمعنى: اعني الذين او يجوز ان يكون في محل رفع على المدح ايضا خبر مبتدأ محذوف بتقدير هم الذين. والجملة الفعلية بعده: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ يَخْشَوْنَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى: يخافون.
  • ﴿ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ:
  • مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف اليه. بالغيب: جار ومجرور متعلق بيخشون. ويجوز ان يكون الجار والمجرور «بالغيب» متعلقا بحال محذوفة بمعنى جاهلين ما لديه من انواع العذاب.
  • ﴿ وَهُمْ مِنَ السّاعَةِ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها: في محل نصب حال. هم: ضمير الغائبين في محل رفع مبتدأ. من الساعة: اي من القيامة: جار ومجرور متعلق بمشفقون.
  • ﴿ مُشْفِقُونَ:
  • خبر «هم» مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد بمعنى: وجلون او خائفون.'

المتشابهات :

الأنبياء: 49﴿ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ
فاطر: 18﴿إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ
الملك: 12﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [49] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ أنه أنزل التوراة ذكرى وموعظة للمتقين؛ ذكرَ هنا أوصافَ هؤلاء المتقين، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [50] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ ..

التفسير :

[50] وهذا القرآن الذي أنزله الله على رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- ذِكْرٌ لمن تذكَّر به، وعمل بأوامره واجتنب نواهيه، كثيرُ الخير، عظيمُ النفع، أفتنكرونه وهو في غاية الجلاء والظهور؟

{ وَهَذَا ْ} أي:القرآن{ ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ ْ} فوصفه بوصفين جليلين، كونه ذكرا يتذكر به جميع المطالب، من معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، ومن صفات الرسل والأولياء وأحوالهم، ومن أحكام الشرع من العبادات والمعاملات وغيرها، ومن أحكام الجزاء والجنة والنار، فيتذكر به المسائل والدلائل العقلية والنقلية، وسماه ذكرا، لأنه يذكر ما ركزه الله في العقول والفطر، من التصديق بالأخبار الصادقة، والأمر بالحسن عقلا، والنهي عن القبيح عقلا، وكونه{ مباركا ْ} يقتضي كثرة خيراتهونمائها وزيادتها، ولا شيء أعظم بركة من هذا القرآن، فإن كل خير ونعمة، وزيادة دينية أو دنيوية، أو أخروية، فإنها بسببه، وأثر عن العمل به، فإذا كان ذكرا مباركا، وجب تلقيه بالقبول والانقياد، والتسليم، وشكر الله على هذه المنحة الجليلة، والقيام بها، واستخراج بركته، بتعلم ألفاظه ومعانيه، وأما مقابلته بضد هذه الحالة، من الإعراض عنه، والإضراب عنه، صفحا وإنكاره، وعدم الإيمان به فهذا من أعظم الكفر وأشد الجهل والظلم، ولهذا أنكر تعالى على من أنكره فقال:{ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ْ}

واسم الإشارة في قوله: وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ للقرآن الكريم، أى: وهذا القرآن الذي أنزلناه على عبدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم هو ذكر وشرف لكم، وهو كذلك كثير الخيرات والبركات لمن اتبع توجيهاته.

والاستفهام في قوله: أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ للتوبيخ والإنكار، والخطاب للمشركين.

أى: كيف تنكرون كونه من عند الله مع أنكم بمقتضى فصاحتكم تدركون من بلاغته، ما لا يدركه غيركم، ومع أنكم تعترفون بنزول التوراة على موسى وهارون.

إن إنكاركم لكون القرآن من عند الله، لهو دليل واضح على جحودكم للحق بعد أن تبين لكم.

قال الجمل: وتقديم الجار والمجرور على المتعلق، دل على التخصيص، أى: أفأنتم للقرآن خاصة دون كتاب اليهود تنكرون؟ فإنهم كانوا يراجعون اليهود فيما عنّ لهم من المشكلات .

ثم تسوق السورة بعد ذلك بشيء من التفصيل قصة إبراهيم- عليه السلام- مع قومه،وما دار بينه وبينهم من محاورات ومحاولات فتقول:

ثم قال تعالى : ( وهذا ذكر مبارك أنزلناه ) يعني : القرآن العظيم ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، ( أفأنتم له منكرون ) أي : أفتنكرونه وهو في غاية [ الجلاء ] والظهور؟ .

يقول جلّ ثناؤه: وهذا القرآن الذي أنـزلناه إلى محمد صلى الله عليه وسلم ذكر لمن تذكر به، وموعظة لمن اتعظ به ( مُبَارَكٌ أَنـزلْنَاهُ ) كما أنـزلنا التوراة إلى موسى وهارون ذكرا للمتقين ( أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ) يقول تعالى ذكره: أفأنتم أيها القوم لهذا الكتاب الذي أنـزلناه إلى محمد منكرون وتقولون هو أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ وإنما الذي آتيناه من ذلك ذكر للمتقين، كالذي آتينا موسى وهارون ذكرا للمتقين.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ )... إلى قوله ( أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ) أي هذا القرآن.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[50] ﴿وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ﴾ إن سَرَّك أن تُحيط البركةُ حياتك؛ فاجعل المداوَمة على ترتيلِ هذا الكتاب المبين في اليوم والليلة دائِبًا مُتصلًا.
وقفة
[50] ﴿وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ ۚ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ﴾ وصف القرآن بالمبارك يعمّ نواحي الخير كلها؛ لأن البركة زيادة الخير، فالقرآن كلُّه خير من جهة بلاغة ألفاظه، وحسنها، وسرعة حفظه، وسهولة تلاوته، وهو أيضًا خير لما اشتمل عليه من أفنان الكلام، والحكمة، والشريعة، واللطائف البلاغية، وبذلك اهتدت به أمم كثيرة في جميع الأزمان، وانتفع به مَن آمنوا به.

الإعراب :

  • ﴿ وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ:
  • الواو استئنافية. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ذكر: خبر «هم» مرفوع بالضمة. مبارك: صفة -نعت-لذكر مرفوعة مثله بالضمة بمعنى: وهذا قرآن كثير الخيرات.
  • ﴿ أَنْزَلْناهُ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية لذكر بمعنى: اوحيناه الى محمد. وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. والهاء ضمير الغائب مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ أفأنتم منكرون:
  • الالف ألف توبيخ بلفظ‍ استفهام. الفاء زائدة -تزيينية-.انتم: ضمير رفع منفصل-ضمير المخاطبين-في محل رفع مبتدأ. له: جار ومجرور متعلق بمنكرون. منكرون: خبر المبتدأ-انتم- مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [50] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ التوراةَ، وكان العَرَبُ يُشاهِدونَ إظهارَ اليهودِ للتمَسُّكِ بها؛ حَثَّهم هنا على كتابِهم الذي هو أشرَفُ منه، قال تعالى:
﴿ وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [51] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن ..

التفسير :

[51] ولقد آتينا إبراهيم هداه، الذي دعا الناس إليه من قبل موسى وهارون، وكنَّا عالمين أنه أهل لذلك.

لما ذكر تعالى موسى ومحمدا صلى الله عليهما وسلم، وكتابيهما قال:{ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ ْ} أي:من قبل إرسال موسى ومحمد ونزول كتابيهما، فأراه الله ملكوت السماوات والأرض، وأعطاه من الرشد، الذي كمل به نفسه، ودعا الناس إليه، ما لم يؤته أحدا من العالمين، غير محمد، وأضاف الرشد إليه، لكونه رشدا، بحسب حاله، وعلو مرتبته، وإلا فكل مؤمن، له من الرشد، بحسب ما معه من الإيمان.{ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ْ} أي:أعطيناه رشده، واختصصناه بالرسالة والخلة، واصطفيناه في الدنيا والآخرة، لعلمنا أنه أهل لذلك، وكفء له، لزكائه وذكائه، ولهذا ذكر محاجته لقومه، ونهيهم عن الشرك، وتكسير الأصنام، وإلزامهم بالحجة

وقصة إبراهيم- عليه السلام- مع قومه، قد وردت في سور متعددة منها: سورة البقرة، والعنكبوت، والصافات.

وهنا تحدثنا سورة الأنبياء عن جانب من قوة إيمانه- عليه السلام- ومن سلامة حجته ومن تصميمه على تنفيذ ما يرضى الله- تعالى- بالقول والعمل.

والمراد بالرشد: الهداية إلى الحق والبعد عن ارتكاب ما نهى الله- تعالى- عنه.

والمراد بقوله- تعالى- مِنْ قَبْلُ أى: من قبل أن يكون نبيا.

والمعنى: ولقد آتينا- بفضلنا وإحساننا- إبراهيم- عليه السلام- الرشد إلى الحق، والهداية إلى الطريق المستقيم، «من قبل» أى: من قبل النبوة بأن جنبناه ما كان عليه قومه من كفر وضلال.

وقد اكتفى الإمام ابن كثير بهذا المعنى في قوله- تعالى- مِنْ قَبْلُ فقال: يخبر- تعالى- عن خليله إبراهيم- عليه السلام-، أنه آتاه رشده من قبل.

أى: من صغره ألهمه الحق والحجة على قومه، كما قال- تعالى-:وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ.. .

ومن المفسرين من يرى أن المقصود بقوله- تعالى- مِنْ قَبْلُ أى: من قبل موسى وهارون، فقد كان الحديث عنهما قبل ذلك بقليل في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ ...

فيكون المعنى: ولقد آتينا إبراهيم رشده وهداه، ووفقناه للنظر والاستدلال على الحق، من قبل موسى وهارون، لأنه يسبقهما في الزمان.

وقد رجح هذا المعنى الإمام الآلوسى فقال: وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ» .

أى: الرشد اللائق به وبأمثاله من الرسل الكبار، وهو الرشد الكامل، أعنى: الاهتداء إلى وجوه الصلاح في الدين والدنيا.. «من قبل» أى: من قبل موسى وهارون، وقيل: من قبل البلوغ ... والأول مروى عن ابن عباس وابن عمر، وهو الوجه الأوفق لفظا ومعنى، أما لفظا فللقرب، وأما معنى فلأن ذكر الأنبياء- عليهم السلام- للتأسى، وكان القياس أن يذكر نوح ثم إبراهيم ثم موسى، لكن روعي في ذلك ترشيح التسلي والتأسى، فقد ذكر موسى، لأن حاله وما قاساه من قومه.. أشبه بحال نبينا صلّى الله عليه وسلّم

ويبدو لنا أن الآية الكريمة تتسع للمعنيين. أى: أن الله- تعالى- قد أعطى إبراهيم رشده، من قبل النبوة، ومن قبل موسى وهارون لسبقه لهما في الزمان.

وقوله: وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ بيان لكمال علم الله- تعالى- أى: وكنا به وبأحواله وبسائر شئونه عالمين، بحيث لا يخفى علينا شيء من أحواله أو من أحوال غيره.

يخبر تعالى عن خليله إبراهيم ، عليه السلام ، أنه آتاه رشده من قبل ، أي : من صغره ألهمه الحق والحجة على قومه ، كما قال تعالى : ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ) [ الأنعام : 83 ] ، وما يذكر من الأخبار عنه في إدخال أبيه له في السرب ، وهو رضيع ، وأنه خرج به بعد أيام ، فنظر إلى الكوكب والمخلوقات ، فتبصر فيها وما قصه كثير من المفسرين وغيرهم - فعامتها أحاديث بني إسرائيل ، فما وافق منها الحق مما بأيدينا عن المعصوم قبلناه لموافقته الصحيح ، وما خالف شيئا من ذلك رددناه ، وما ليس فيه موافقة ولا مخالفة لا نصدقه ولا نكذبه ، بل نجعله وقفا ، وما كان من هذا الضرب منها فقد ترخص كثير من السلف في روايتها ، وكثير من ذلك ما لا فائدة فيه ، ولا حاصل له مما ينتفع به في الدين . ولو كانت فيه فائدة تعود على المكلفين في دينهم لبينته هذه الشريعة الكاملة الشاملة . والذي نسلكه في هذا التفسير الإعراض عن كثير من الأحاديث الإسرائيلية ، لما فيها من تضييع الزمان ، ولما اشتمل عليه كثير منها من الكذب المروج عليهم ، فإنهم لا تفرقة عندهم بين صحيحها وسقيمها كما حرره الأئمة الحفاظ المتقنون من هذه الأمة .

والمقصود هاهنا : أن الله تعالى أخبر أنه قد آتى إبراهيم رشده ، من قبل ، أي : من قبل ذلك ، وقوله : ( وكنا به عالمين ) أي : وكان أهلا لذلك .

يقول تعالى ذكره ( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ ) موسى وهارون، ووفَقناه للحقّ، وأنقذناه من بين قومه وأهل بيته من عبادة الأوثان، كما فعلنا ذلك بمحمد صلى الله عليه وسلم، وعلى إبراهيم، فأنقذناه من قومه وعشيرته من عبادة الأوثان، وهديناه إلى سبيل الرشاد توفيقا منا له.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى " ح " وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ ) قال: هديناه صغيرا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد ( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ ) قال: هداه صغيرا.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ ) قال: هداه صغيرا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ ) يقول: آتينا هداه.

وقوله ( وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ) يقول: وكنا عالمين به أنه ذو يقين وإيمان بالله وتوحيد له، لا يشرك به شيئا

التدبر :

وقفة
[51] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ﴾ الهداية نعمةٌ ربانية ومنحةٌ إلهية، يمنحها الله لصاحب كل قلب تقي، وليس شرطًا أن ينالها صاحب العقل الذكي.
وقفة
[51] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ﴾ كان رشد إبراهيم عليه السلام غير مرتبط ببلوغ ولا نبوة، بل رشد سابق لأوانه منذ كان صغيرًا، فجنبه الله ما كان عليه قومه من كفر وضلال.
وقفة
[51] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ﴾ بدأ الله تعالى في هذه السورة بقصة موسى قبل قصة إبراهيم، مع أن إبراهيم وجد قبل موسى، والسبب –والله أعلم- أن اليهود علاقتهم بموسى أقرب، ولهم تاريخ في الجدل مع الكتاب، وتعاليم الكتاب، فلذلك بدأ بقصة موسى قبل قصة إبراهيم.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ:
  • تعرب اعراب وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ» الواردة في الآية الكريمة الثامنة والاربعين. والهاء في «رشده» ضمير الغائب في محل جر بالاضافة بمعنى: منحناه هدايته.
  • ﴿ مِنْ قَبْلُ:
  • جار ومجرور متعلق بآتينا. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن. اي من قبل موسى وهارون.
  • ﴿ وَكُنّا بِهِ عالِمِينَ:
  • الواو عاطفة. كنا: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان».به: جار ومجرور متعلق بعالمين بمعنى: بصلاحيته لما ندبناه اليه. عالمين: خبر «كان» منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [51] لما قبلها :     القصَّةُ الثانيةُ: قصَّةُ إبراهيمَ عليه السلام، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

رشده:
1- بضم الراء وسكون الشين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح الراء والشين، وهى قراءة عيسى الثقفي.

مدارسة الآية : [52] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا ..

التفسير :

[52] حين قال لأبيه وقومه:ما هذه الأصنام التي صنعتموها، ثم أقمتم على عبادتها ملازمين لها؟

{ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ ْ} التي مثلتموها، ونحتموها بأيديكم، على صور بعض المخلوقات{ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ْ} مقيمون على عبادتها، ملازمون لذلك، فما هي؟ وأي فضيلة ثبتت لها؟ وأين عقولكم، التي ذهبت حتى أفنيتم أوقاتكم بعبادتها؟ والحال أنكم مثلتموها، ونحتموها بأيديكم، فهذا من أكبر العجائب، تعبدون ما تنحتون.

وقوله: إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ بيان لما جابه به إبراهيم أباه وقومه من قول سديد يدل على شجاعته ورشده.

أى: وكنا به عالمين. وقت أن قال لأبيه وقومه على سبيل الإرشاد والتنبيه: ما هذه التماثيل الباطلة التي أقبلتم عليها، وصرتم ملازمين لعبادتها بدون انقطاع.

وسؤاله- عليه السلام- لهم بما التي هي لبيان الحقيقة، من باب تجاهل العارف، لأنه يعلم أن هذه الأصنام مصنوعة من الأحجار أو ما يشبهها، وإنما أراد بسؤاله تنبيههم إلى فساد فعلهم. حيث عبدوا ما يصنعونه بأيديهم.

وعبر عن الأصنام بالتماثيل، زيادة في التحقير من أمرها، والتوهين من شأنها، فإن التمثال هو الشيء المصنوع من الأحجار أو الحديد أو نحو ذلك، على هيئة مخلوق من مخلوقات الله- تعالى- كالإنسان والحيوان، يقال: مثلت الشيء بالشيء إذا شبهته به.

فهو- عليه السلام- سماها باسمها الحقيقي الذي تستحقه، دون أن يجاريهم في تسميتها آلهة.

وقوله: عاكِفُونَ من العكوف بمعنى المداومة والملازمة. يقال: عكف فلان على الشيء إذا لازمه وواظب عليه، ومنه الاعتكاف لأنه حبس النفس عن التصرفات العادية.

وفي التعبير عن عبادتهم لها بالعكوف عليها، تفظيع لفعلهم وتنفير لهم منه، حيث انكبوا على تعظيم من لا يستحق التعظيم، وتعلقوا بعبادة تماثيل هم صنعوها بأيديهم.

ثم قال : ( إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ) هذا هو الرشد الذي أوتيه من صغره ، الإنكار على قومه في عبادة الأصنام من دون الله ، عز وجل ، فقال : ( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ) أي : معتكفون على عبادتها .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد الصباح ، حدثنا أبو معاوية الضرير ، حدثنا سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : مر علي ، على قوم يلعبون بالشطرنج ، فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ لأن يمس أحدكم جمرا حتى يطفأ خير له من أن يمسها .

( إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ) يعني في وقت قيله وحين قيله لهم ( مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ) يقول: قال لهم: أيّ شيء هذه الصور التي أنتم عليها مقيمون، وكانت تلك التماثيل أصنامهم التي كانوا يعبدونها.

كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ) قال: الأصنام.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. وقد بيَّنا فيما مضى من كتابنا هذا أن العاكف على الشيء المقيم عليه بشواهد ذلك، وذكرنا الرواية عن أهل التأويل.

التدبر :

وقفة
[52] ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ﴾ بدأ بأبيه قبل قومه، حتى يكون صادقًا عادلًا في دعوته، ويملك من التأثير على أبيه، أكثر من تأثيره على قومه، وحتى لا يُقال له: (ابدأ بأبيك قبل غيره).
وقفة
[52] ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ﴾ ما أقبح التقليد الأعمى، والقول بغير دليل! وما أعظم كيد الشيطان للمقلدين حين استدرجهم إلى تقليد الآباء في عبادة التماثيل!
عمل
[52] تأمل في قصة إبراهيم، واستخرج أسلوبين ناجحين من أساليب الحوار أو النهي عن المنكر ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِذْ:
  • ظرف للزمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بآتينا او برشده. او هو اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره: اذكر بمعنى: اذكر من اوقات وشدة هذا الوقت.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «قال» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بقال وعلامة جر الاسم الياء لانه من الاسماء الخمسة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وقومه معطوفة بالواو على «أبيه» وتعرب اعرابها وعلامة جر الاسم الكسرة.
  • ﴿ ما هذِهِ التَّماثِيلُ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع خبر مقدم. هذه: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ مؤخر. التماثيل: صفة لاسم الاشارة او بدل منه مرفوع بالضمة.
  • ﴿ الَّتِي:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة-نعت-للتماثيل. والجملة بعده: صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ:
  • أنتم: ضمير منفصل-ضمير المخاطبين-في محل رفع مبتدأ. لها: جار ومجرور متعلق بعاكفون. عاكفون: خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى التي انتم على ملازمتها وعبادتها مواظبون. وعدّي «عاكفون» بلها على تقدير: أنتم فاعلون العكوف لها أو واقفون لها.'

المتشابهات :

مريم: 42﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ
الأنبياء: 52﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ التَّمَاثِيلُ
الشعراء: 70﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ
الصافات: 85﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [52] لما قبلها :     ولَمَّا وصفَ اللهُ إبراهيمَ عليه السلام بالرشد؛ استنكرَ هنا على أبيِه وقومِه عبادةَ الأصنامِ، قال تعالى:
﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [53] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ

التفسير :

[53] قالوا:وجدنا آباءنا عابدين لها، ونحن نعبدها اقتداء بهم.

فأجابوا بغير حجة، جواب العاجز، الذي ليس بيده أدنى شبهة فقالوا:{ وَجَدْنَا آبَاءَنَا ْ} كذلك يفعلون، فسلكنا سبيلهم، وتبعناهم على عبادتها، ومن المعلوم أن فعل أحد من الخلق سوى الرسل ليس بحجة، ولا تجوز به القدوة، خصوصا، في أصل الدين، وتوحيد رب العالمين

وقوله- سبحانه-: قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ حكاية لما قالوه في ردهم على إبراهيم- عليه السلام- وهو رد يدل على تحجر عقولهم، وانطماس بصائرهم حيث قلدوا فعل آبائهم بدون تدبر أو تفكر.

أى: قالوا في جوابهم على إبراهيم- عليه السلام- وجدنا آباءنا يعبدون هذه التماثيل فسرنا على طريقتهم.

" قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين " لم يكن لهم حجة سوى صنيع آبائهم الضلال.

يقول تعالى ذكره: قال أبو إبراهيم وقومه لإبراهيم: وجدنا آباءنا لهذه الأوثان عابدين، فنحن على ملة آبائنا نعبدها كما كانوا يعبدون ، (قال) إبراهيم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[53] ﴿قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ﴾ ضرر التقليد الأعمى.
وقفة
[53] ﴿قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ﴾ کفی أهل التقليد الأعمى سبة أن عبدة الأصنام منهم.
وقفة
[53] ﴿قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ﴾ صفات الأنبياء: ﴿عابدِين﴾، ﴿الصَّابرين﴾ [85]، ﴿الصَّالحِين﴾ [86]، ﴿يسَارِعُون فِي الخَيرات﴾ [90]، ﴿ويدعُوننَا رغَبًا ورهَبًا﴾ [90]، ﴿خاشِعين﴾ [90].

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. والجملة بعده: في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَجَدْنا آباءَنا:
  • وجد: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. آباء: مفعول به منصوب بالفتحة. و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لَها عابِدِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بعابدين. عابدين: مفعول به ثان منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: وجدنا آباءنا يعبدونها فحذونا حذوهم.'

المتشابهات :

الأنبياء: 53﴿ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ
الشعراء: 74﴿ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [53] لما قبلها :     ولَمَّا سألهم إبراهيمُ عليه السلام؛ ردوا عليه هنا بأن هذا فعل آبائهم، اقتدوا بهم من غير ذكر برهان، قال تعالى:
﴿ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [54] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ ..

التفسير :

[54] قال لهم إبراهيم:لقد كنتم أنتم وآباؤكم في عبادتكم لهذه الأصنام في بُعْدٍ واضح بيِّن عن الحق.

ولهذا قال لهم إبراهيم مضللا للجميع:{ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ْ} أي:ضلال بين واضح، وأي ضلال، أبلغ من ضلالهم في الشرك، وترك التوحيد؟"أي:فليس ما قلتم، يصلح للتمسك به، وقد اشتركتم وإياهم في الضلال الواضح، البين لكل أحد.

وهنا يرد عليهم إبراهيم بقوله: لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.

أى: لقد كنتم أنتم وآباؤكم الذين وجدتموهم يعبدون هذه الأصنام، في ضلال عجيب لا يقادر قدره، وفي فساد ظاهر واضح لا يخفى أمره على عاقل، لأن كل عاقل يعلم أن هذه الأصنام لا تستحق العبادة أو التقديس أو العكوف عليها، والباطل لا يصير حقا بفعل الآباء له.

ولهذا قال : ( لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين ) أي : الكلام مع آبائكم الذين احتججتم بصنيعهم كالكلام معكم ، فأنتم وهم في ضلال على غير الطريق المستقيم .

فلما سفه أحلامهم ، وضلل آباءهم ، واحتقر آلهتهم

(لَقَدْ كُنْتُم) أيها القوم ( أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ ) بعبادتكم إياها( فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) يقول: في ذهاب عن سبيل الحقّ، وجور عن قصد السبيل مبين: يقول: بين لمن تأمله بعقل، إنكم كذلك في جور عن الحقّ.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[54] ﴿قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ شجاعةٌ في إعلان الحق ومهاجمة الباطل، وذلك بإعلامهم أن كلًّا من المقلِّدين والمقلَّدين على ضلال واضح أكيد.
وقفة
[54] ﴿قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ ضلال الآباء كان في اختراعاتهم وصناعتهم للأصنام، وضلال الأبناء اتباعهم لأبآءهم في ضلالهم وشركهم، وتقليدهم لهم.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ لَقَدْ:
  • قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق.
  • ﴿ كُنْتُمْ:
  • فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير المخاطبين في محل رفع اسم «كان».والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ أَنْتُمْ:
  • ضمير منفصل-ضمير المخاطبين-في محل رفع تأكيد-توكيد-لضمير المخاطبين المتصل في «كنتم» وجاء الضمير توكيدا لانه لا يصح العطف على ضمير هو في حكم بعض الفعل. أو هو في محل رفع.
  • ﴿ وَآباؤُكُمْ:
  • معطوفة بالواو على «أنتم» مرفوعة مثلها وعلامة رفعها: الضمة والكاف ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل جر بالاضافة. والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «كان».مبين: صفة-نعت- لضلال مجرورة مثلها بالكسرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [54] لما قبلها :     ولَمَّا ردوا عليه؛ بَيَّنَ لهم إبراهيمُ عليه السلام ضلالَهم، فالباطل لا يصير حقًّا بسبب كثرة المتمسكين به، قال تعالى:
﴿ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [55] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ ..

التفسير :

[55] قالوا:أهذا القول الذي جئتنا به حق وَجِدٌّ، أم كلامك لنا كلام لاعبٍ مستهزئ لا يدري ما يقول؟

{ قَالُوا ْ} على وجه الاستغراب لقوله، والاستعظام لما قال، وكيف بادأهم بتسفيههم، وتسفيه آبائهم:{ أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ْ} أي:هذا القول الذي قلته، والذي جئتنا به، هل هو حق وجد؟ أم كلامك لنا، كلام لاعب مستهزئ، لا يدري ما يقول؟ وهذا الذي أرادوا، وإنما رددوا الكلام بين الأمرين، لأنهم نزلوه منزلة المتقرر المعلوم عند كل أحد، أن الكلام الذي جاء به إبراهيم، كلام سفيه لا يعقل ما يقول

وعند ما واجههم إبراهيم- عليه السلام- بهذا الحكم البين الصريح، قالوا له: أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ.

أى: أجئتنا يا إبراهيم بالحق الذي يجب علينا اتباعه، أم أنت من اللاعبين اللاهين الذين يقولون ما يقولون بقصد الهزل والملاعبة.

وسؤالهم هذا يدل على تزعزع عقيدتهم. وشكهم فيما هم عليه من باطل، إلا أن التقليد لآبائهم. جعلهم يعطلون عقولهم «ويستحبون العمى على الهدى» .

ويجوز أن يكون سؤالهم هذا من باب الإنكار عليه. واستبعاد أن يكون آباؤهم على باطل، وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله: «بقوا متعجبين من تضليله إياهم، وحسبوا أن ما قاله، إنما قاله على وجه المزاح والمداعبة، لا على طريق الجد، فقالوا له: هذا الذي جئتنا

به، أهو جد وحق أم لعب وهزل .

( قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين ) يقولون : هذا الكلام الصادر عنك تقوله لاعبا أو محقا فيه؟ فإنا لم نسمع به قبلك .

( قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ )؟ يقول: قال أبوه وقومه له: أجئتنا بالحقّ فيما تقول ( أَمْ أَنْتَ ) هازل لاعب ( مِنَ اللاعِبِينَ ).

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[55] ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ﴾ هذه حياة أكثر البشر؛ يظنون الحياة لعبًا ولهوًا، ويتناولون أمر الدين بلا جدية، ووصل الأمر بالبعض أن تناول ثوابت الدين بالاستخفاف والمزاح، فحذار أن تكون منهم.
وقفة
[55] ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ﴾ هكذا قال قوم إبراهيم -لما دعاهم إلى التوحيد- فهم يدركون أن الدين الحق لا يجتمع مع اللعب والباطل، فكيف يريد بعض المنهزمين أن تعيش الأمة بدين ملفق يجمع أنواعًا من اللعب والباطل مع شيء من الحق؟ ﴿ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ﴾ [يونس: 32]؟

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ:
  • الألف ألف إنكار وتعجيب بلفظ‍ استفهام. جئت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل رفع فاعل. و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بالحق: جار ومجرور متعلق بجئتنا. أم: حرف عطف-متصلة-.
  • ﴿ أَنْتَ مِنَ اللاّعِبِينَ:
  • ضمير رفع منفصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. من اللاعبين: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ وعلامة جر الاسم: الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد بمعنى: أبجد تقول ذلك ام أنت من الهازلين.'

المتشابهات :

الأعراف: 70﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّـهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا
يونس: 78﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا
الأنبياء: 55﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ
الأحقاف: 22﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [55] لما قبلها :     ولَمَّا فوجئ القومُ بجرأةِ إبراهيم عليه السلام؛ تعجبوا من تضليله إياهم، إذ كان قد نشأ بينهم، وجوزوا أن ما قاله هو على سبيل المزاح لا الجد، فاستفهموه: أهذا جد أم لعب؟ قال تعالى:
﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [56] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ ..

التفسير :

[56] قال لهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام:بل ربكم الذي أدعوكم إلى عبادته هو رب السموات والأرض الذي خلقهنَّ، وأنا من الشاهدين على ذلك.

فرد عليهم إبراهيم ردا بين به وجه سفههم، وقلة عقولهم فقال:{ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ْ} فجمع لهم بين الدليل العقلي، والدليل السمعي.

أما الدليل العقلي، فإنه قد علم كل أحد حتى هؤلاء الذين جادلهم إبراهيم، أن الله وحده، الخالق لجميع المخلوقات، من بني آدم، والملائكة، والجن، والبهائم، والسماوات، والأرض، المدبر لهن، بجميع أنواع التدبير، فيكون كل مخلوق مفطورا مدبرا متصرفا فيه، ودخل في ذلك، جميع ما عبد من دون الله.

أفيليق عند من له أدنى مسكة من عقل وتمييز، أن يعبد مخلوقا متصرفا فيه، لا يملك نفعا، ولا ضرا، ولا موتا، ولا حياة، ولا نشورا، ويدع عبادة الخالق الرازق المدبر؟

أما الدليل السمعي:فهو المنقول عن الرسل عليهم الصلاة والسلام، فإن ما جاءوا به معصوم لا يغلط ولا يخبر بغير الحق، ومن أنواع هذا القسم شهادة أحد من الرسل على ذلك فلهذا قال إبراهيم:{ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ ْ} أي:أن الله وحده المعبود وأن عبادة ما سواه باطل{ مِنَ الشَّاهِدِينَ ْ} وأي شهادة بعد شهادة الله أعلى من شهادة الرسل؟ خصوصا أولي العزم منهم خصوصا خليل الرحمن.

وقد رد عليهم إبراهيم- عليه السلام- ردا حاسما يدل على قوة يقينه فقال: بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ..» .

أى: قال لهم إبراهيم بلغة الواثق بأنه على الحق: أنا لست هازلا فيما أقوله لكم، وإنما أنا جاد كل الجد في إخباركم أن الله- تعالى- وحده هو ربكم ورب آبائكم، ورب السموات والأرض، فهو الذي خلقهن وأنشأهن بما فيهن من مخلوقات بقدرته التي لا يعجزها شيء.

وقوله: وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ تذييل المقصود به تأكيد ما أخبرهم به، وما دعاهم إليه. أى: وأنا على أن الله- تعالى- هو ربكم ورب كل شيء من الشاهدين، الذين يثقون في صدق ما يقولون ثقة الشاهد على شيء لا يشك في صحته.

( قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن ) أي : ربكم الذي لا إله غيره ، هو الذي خلق السماوات [ والأرض ] وما حوت من المخلوقات الذي ابتدأ خلقهن ، وهو الخالق لجميع الأشياء ( وأنا على ذلكم من الشاهدين ) أي : وأنا أشهد أنه لا إله غيره ، ولا رب سواه .

يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم لهم: بل جئتكم بالحق لا اللعب، ربكم ربّ السماوات والأرض الذي خلقهنّ، وأنا على ذلكم من أن ربكم هو ربّ السماوات والأرض الذي فطرهنّ، دون التماثيل التي أنتم لها عاكفون، ودون كلّ أحد سواه شاهد من الشاهدين، يقول: فإياه فاعبدوا لا هذه التماثيل التي هي خلقه التي لا تضرّ ولا تنفع.

التدبر :

وقفة
[56] ﴿قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أهمية قوة الحجة في الدعوة إلى الله.
وقفة
[56] ﴿قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أعرض إبراهيم عن اتهامهم له بكونه من اللاعبين، ليعيد الحوار إلى جوهر القضية بإقامة البرهان على توحيد الله الذي خلق السماوات والأرض، بل وخلق حتى الأصنام التي عبدوها بالباطل.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ بَلْ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بل: حرف اضراب للاستئناف.
  • ﴿ رَبُّكُمْ رَبُّ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة. الكاف ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل جر بالاضافة. والميم علامة جمع الذكور. رب: خبر المبتدأ مرفوع للتعظيم مثله بالضمة. وهو مضاف.
  • ﴿ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:
  • مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والارض معطوفة بالواو على السموات مجرورة مثلها بالكسرة.
  • ﴿ الَّذِي:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة-نعت-لرب السموات والارض ويجوز ان يكون بدلا منه.
  • ﴿ فَطَرَهُنَّ:
  • الجملة: صلة الموصول لا محل لها. بمعنى: خلقهن. وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على رب السموات والارض. و «هن» ضمير الاناث «ضمير الغائبات» مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والضمير «هن» يعود على السموات والارض او على التماثيل.
  • ﴿ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ:
  • الواو استئنافية. أنا: ضمير رفع منفصل-ضمير المتكلم- مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. على ذلكم: جار ومجرور متعلق بخبر أنا. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بعلى. اللام: للبعد والكاف للخطاب والميم علامة الجمع.
  • ﴿ مِنَ الشّاهِدِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. بتقدير: وأنا على ذلكم شاهد من الشاهدين. وعلامة جر الاسم: الياء لانه جمع مذكر سالم. والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [56] لما قبلها :     ولَمَّا أوهموا أنه يمازح بما خاطبهم به في أصنامهم؛ رد عليهم إبراهيمُ عليه السلام ردًّا حاسمًا يدل على قوة يقينه، فبَيَّنَ أن المالك لهم والمستحق العبادة هو الله وحده، قال تعالى:
﴿ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [57] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن ..

التفسير :

[57] وتالله لأمكرنَّ بأصنامكم ولأكسِّرنَّها بعد أن تتولَّوا عنها ذاهبين.

ولما بين أن أصنامهم ليس لها من التدبير شيء أراد أن يريهم بالفعل عجزها وعدم انتصارها وليكيد كيدا يحصل به إقرارهم بذلك فلهذا قال:{ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ ْ} أي أكسرها على وجه الكيد{ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ْ} عنها إلى عيد من أعيادهم

ثم أضاف إلى هذا التأكيد القولى، تأكيدا آخر فعليا، فقال لهم: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ.

أى: وحق الله الذي فطركم وفطر كل شيء، لأجتهدن في تحطيم أصنامكم، بعد أن تنصرفوا بعيدا عنها. وتولوها أدباركم.

وأصل الكيد: الاحتيال في إيجاد ما يضر مع إظهار خلافه. وقد عبر به إبراهيم عن تكسير الأصنام وتحطيمها، لأن ذلك يحتاج إلى احتيال وحسن تدبير.

ثم أقسم الخليل قسما أسمعه بعض قومه ليكيدن أصنامهم ، أي : ليحرصن على أذاهم وتكسيرهم بعد أن يولوا مدبرين أي : إلى عيدهم . وكان لهم عيد يخرجون إليه .

قال السدي : لما اقترب وقت ذلك العيد قال أبوه : يا بني ، لو خرجت معنا إلى عيدنا لأعجبك ديننا! فخرج معهم ، فلما كان ببعض الطريق ألقى نفسه إلى الأرض . وقال : إني سقيم ، فجعلوا يمرون عليه وهو صريع ، فيقولون : مه! فيقول : إني سقيم ، فلما جاز عامتهم وبقي ضعفاؤهم قال : ( تالله لأكيدن أصنامكم ) فسمعه أولئك .

وقال أبو إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : لما خرج قوم إبراهيم ، إلى عيدهم مروا عليه فقالوا : يا إبراهيم ألا تخرج معنا؟ قال : إني سقيم . وقد كان بالأمس قال : ( تالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ) فسمعه ناس منهم .

ذكر أن إبراهيم صلوات الله عليه حلف بهذه اليمين في سرّ من قومه وخفاء، وأنه لم يسمع ذلك منه إلا الذي أفشاه عليه حين قالوا. من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين، فقالوا: سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم.

*ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ ) قال: قول إبراهيم حين استتبعه قومه إلى عيد لهم فأبى وقال: إني سقيم، فسمع منه وعيد أصنامهم رجل منهم استأخر، وهو الذي يقول سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ .

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ ) قال: نرى أنه قال ذلك حيث لم يسمعوه بعد أن تولَّوا مدبرين.

التدبر :

لمسة
[57] ﴿وَتَاللَّـهِ﴾ التاء حرف قسم مثل الواو، لكنها مختصَّة بلفظ الجلالة (الله)، وتستعمل للتعظيم، وفي أصلها اللغوي مُبدلةٌ من الواو.
وقفة
[57] ﴿وَتَاللَّـهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم﴾ يُخبرُهم أنَّه سيكيدُ أصنامَهم بعد ذهابِهِم، شجاعة فتيانِ الحقِّ ليست إلا من أَبِيهم يومَ كان فتى.
وقفة
[57] ﴿وَتَاللَّـهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم﴾ الثقة بالله تمنح النفس قوة لمواجهة المكاره من أجل نصرة الدين.
وقفة
[57] ﴿وَتَاللَّـهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ﴾ يخبر أهل الباطل أنه سيكيد أصنامهم بعد ذهابهم، شجاعة فتيان الحق ليست إلا من أبيهم، يوم كان فتى.
وقفة
[57] ﴿وَتَاللَّـهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ﴾ هدد بها قومًا، فتىً يُقال له إبراهيم.
وقفة
[57] ﴿وَتَاللَّـهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ﴾ أخبر أنه لم يكتف بالمحاجة باللسان، بل كسر أصنامهم، فعل واثقًا بالله تعالى، موطِّنًا نفسه على مقاساة المكروه في الذب عن الدين.
وقفة
[57] ﴿وَتَاللَّـهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ﴾ أقسمَ وأكَّد وذكَرَ الموعد؛ إنه وضوح المصلحين.
وقفة
[57] قال إبراهيم عليه السلام: ﴿وَتَاللَّـهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ﴾، وقال المفسدون التسعة في المدينة: ﴿مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ [النمل: 49]، الواثق يخبر ويفي، والغادر يطعن ويختفي.

الإعراب :

  • ﴿ وَتَاللهِ:
  • الواو عاطفة وهي عوض عن واو القسم. التاء حرف جر للقسم. الله لفظ‍ الجلالة: مقسم به مجرور للتعظيم بتاء القسم. والجار والمجرور متعلق بفعل «أقسم» المحذوف. بمعنى: وو الله. والاصل: وبالله. والتاء بدل من الواو المبدلة منها. وقيل ان التاء فيها زيادة معنى وهو التعجب.
  • ﴿ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ:
  • بمعنى: لأكسرن أصنامكم. اللام: واقعة في جواب القسم. أكيدن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة. ونون التوكيد لا محل لها. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنا. أصنامكم: مفعول به منصوب بالفتحة والكاف ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل جر بالاضافة. والميم علامة جمع الذكور. وجملة «لأكيدن أصنامكم» جواب القسم لا محل لها.
  • ﴿ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا:
  • بعد: ظرف زمان منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بأكيدن. وهو مضاف. تولوا: فعل مضارع منصوب بأن الحرف المصدري الناصب وعلامة نصبه حذف النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة وجملة «تولوا» صلة «أن» المصدرية لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد «الظرف».
  • ﴿ مُدْبِرِينَ:
  • حال من ضمير المخاطبين-الواو-منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم. والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [57] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ إبراهيمُ عليه السلام أنَّ أصنامَ قَومِه ليس لها من التَّدبيرِ شَيءٌ، أراد أن يُريَهم بالفِعلِ عَجْزَها؛ فانتقَلَ مِن تغييرِ المُنكَرِ بالقَولِ إلى تغييرِه باليدِ، قال تعالى:
﴿ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وتالله:
1- بالتاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالباء، بواحدة من أسفل، وهى قراءة معاذ بن جبل، وأحمد بن حنبل.
تولوا:
1- مضارع «ولى» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مضارع «تولى» ، والأصل: تتولى، فحذفت إحدى التاءين، وهى قراءة عيسى بن عمر.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف