5052122232425262728

الإحصائيات

سورة الأحقاف
ترتيب المصحف46ترتيب النزول66
التصنيفمكيّةعدد الصفحات4.50
عدد الآيات35عدد الأجزاء0.21
عدد الأحزاب0.42عدد الأرباع1.70
ترتيب الطول41تبدأ في الجزء26
تنتهي في الجزء26عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 27/29الحواميم: 7/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (21) الى الآية رقم (25) عدد الآيات (5)

بعدَ تهديدِ الكفارِ بالعذابِ ذكرَ اللهُ هنا قصَّةَ هودٍ عليه السلام لمَّا دعَا قومَه عَادًا لتوحيدِ اللهِ فكَذَّبُوه، وخوَّفَهم بعذابِ اللهِ فاستعجلُوا العذابَ، فأهلكَهُم اللَّهُ بِريحٍ عاتيةٍ، تُدَمِّرُ كلَّ شيءٍ بأمرِ ربِّها.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (26) الى الآية رقم (28) عدد الآيات (3)

تذكيرُ كُفَّارِ مكَّةَ المعرضينَ عن القرآنِ بهلاكِ عَادٍ وغيرِهم من القرى المجاورةِ لمَكَّةَ معَ أنَّهم كانُوا أكثرَ أموالاً وقوةً وجاهًا منهم ليَعتبرُوا بذلك.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الأحقاف

نماذج لمن استجاب ولمن رفض أوامر الله ومنهجه

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • النموذج الأول::   تأتي سورة الأحقاف لتقول لنا: إن هناك من يستجيب لأوامر الله ومنهجه، وهناك من سيرفض، فتعرض نماذج متناقضة:
  • • النموذج الثاني::   عدم استجابة المشركين: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ (7)، قالوا: إنه سحر، ثم قالوا: اختلقه محمد من عند نفسه، ثم قالوا: لو كان هذا الدين خيرًا ما سبقنا إليه الفقراء.
  • • النموذج الثالث والرابع::   استجابة المؤمنين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (13).
  • • النموذج الخامس::   تعرض السورة نموذجين للاستجابة لأمر الله ببر الوالدين، فنرى نموذجًا صالحًا: ﴿... حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وٰلِدَىَّ ...﴾ (15). وبالمقابل: يأتي نموذج رهيب للعقوق وعدم الاستجابة: ﴿وَٱلَّذِى قَالَ لِوٰلِدَيْهِ أُفّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِى وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱلله وَيْلَكَ ءامِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱلله حَقٌّ﴾ (17).
  • • النموذج السادس::   لأناس لم يستجيبوا لله تعالى، وهم قوم عاد: ﴿وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِٱلأَحْقَافِ...﴾ (21)، فكان تكذيبهم شديدًا: ﴿قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ ءالِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ...﴾ (22)، وحتى لما رأوا العذاب: ﴿قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾ (24).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الأحقاف».
  • • معنى الاسم ::   أَحْقاف: مفرد حِقْف، تلال عظيمة من الرَّمل معوجَّة، وهي ‏مساكن ‏عاد ‏في أرض اليمن.
  • • سبب التسمية ::   لورود لفظ (الأحقاف) في ‏الآية (21)‏، ولم يرد في غيرها‏.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة حم الأحقاف» بإضافة حم إلى اسمها.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   الاستجابة لأوامر الله ومنهجه.
  • • علمتني السورة ::   أنه من السهل جدًا أن تتهم أحدًا بأنه مخطئ، ولكن تكمن الخطورة حينما ﻻ تملك دليلًا على خطئه: ﴿ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الإعجاب بالنَّفسِ سبب من أسبابِ البُعدِ عن الهدايةِ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ﴾
  • • علمتني السورة ::   القرآن الكريم فيه: إنذار لمن ظلم، وبشرى لمن أحسن: ﴿وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ وَهَـٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ عَدُوَّكُمْ غَدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حَم لاَ يُنْصَرُونَ». قال القاضي عياض: «أي علامتُكُمُ التي تَعْرِفُونَ بها أصحابَكم هذا الكلامُ، والشِّعارُ في الأصلِ العلامةُ التي تُنْصَبُ لِيَعْرِفَ بها الرَّجُلُ رُفْقَتَهُ، و(حم لا ينصرون) معناهُ بفضلِ السُّورِ المفتتحةِ بِحم ومنزلَتِها من اللهِ لا يُنْصَرون»، و(سورة الأحقاف) من السور المفتتحة بـ (حم).
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الأحقاف من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
    • عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: «الْحَوَامِيمَ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ». وديباج القرآن: أي زينته، و(سورة الأحقاف) من الحواميم.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة الأحقاف هي السورة السابعة والأخيرة من الحواميم أو آل (حم)، وهي سبع سور متتالية، وهي: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وأطلق عليها بعض العلماء: عرائس القرآن، وكلها مكية.
    • سورة الأحقاف هي أول سورة في الجزء الـ 26.
    • سورة الأحقاف هي آخر سورة -بحسب ترتيب المصحف- افتتحت بحرفين من الحروف المقطعة.
    • اختصت سورتا الأحقاف والجن بذكر خبر استماع الجن للقرآن الكريم من النبي صلى الله عليه وسلم، وإيمانهم بالإسلام ودعوة قومهم له، ولكن سوررة الجن أكثر تفصيلًا للخبر.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نستجيب لأوامر الله ومنهجه.
    • ألا نتكلم مع أحد إلا بدليل: ﴿ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ (4).
    • أن نبحث عن بدعة موجودة بين الناس وننصح من حولنا بتركها: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ (9).
    • ألا نعجب بأنفسنا: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ﴾ (11).
    • أن نبحث عن خير ونسبق غيرنا إلى فعله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ﴾ (11).
    • أن نبذل قصارى جهدنا في الإحسان إلى الوالدين: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ...﴾ (15).
    • أن نخصص وقتًا للوالدين لندخل السرور والأنس عليهما، ونقدم هدية لهما ولو يسيرة: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا﴾ (15).
    • أن ندعو بهذا الدعاء: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (15).
    • أن نتأدب مع كلام الله، فالجن لم ينصرفوا حتى انتهت التلاوة: ﴿فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ﴾ (29).
    • أن نتأسى بأخلاق الأنبياء؛ ففي استحضارِ صبرِهم خيرُ تسليةٍ للمُبتَلى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ (35).

تمرين حفظ الصفحة : 505

505

مدارسة الآية : [21] :الأحقاف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ ..

التفسير :

[21] واذكر -أيها الرسول- نبيَّ الله هوداً أخا عاد في النَّسب لا في الدين، حين أنذر قومه أن يحل بهم عقاب الله، وهم في منازلهم المعروفة ﺑ«الأحقاف» -وهي الرمال الكثيرة جنوب الجزيرة العربية- وقد مضت الرسل بإنذار قومها قبل هود وبعده:بأن لا تشركوا مع الله شيئا

أي:{ وَاذْكُرْ} بالثناء الجميل{ أَخَا عَادٍ} وهو هود عليه السلام، حيث كان من الرسل الكرام الذين فضلهم الله تعالى بالدعوة إلى دينه وإرشاد الخلق إليه.

{ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ} وهم عاد{ بِالْأَحْقَافِ} أي:في منازلهم المعروفة بالأحقاف وهي:الرمال الكثيرة في أرض اليمن.

{ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} فلم يكن بدعا منهم ولا مخالفا لهم، قائلا لهم:{ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}

فأمرهم بعبادة الله الجامعة لكل قول سديد وعمل حميد، ونهاهم عن الشرك والتنديد وخوفهم -إن لم يطيعوه- العذاب الشديد فلم تفد فيهم تلك الدعوة.

والمقصود بقوله- تعالى-: أَخا عادٍ: هود- عليه السلام- فقد أرسله الله- تعالى- إلى قبيلة عاد، ليأمرهم بعبادة الله- تعالى-، وكانوا قوما جبارين، فلم يستمعوا إلى نصحه، فكانت عاقبتهم الهلاك والتدمير.

وقد وردت قصته معهم في سور متعددة، منها: سورة الأعراف، وسورة هود، وسورة الشعراء، وسورة الحاقة..

قال القرطبي ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَاذْكُرْ أَخا عادٍ هو هود بن عبد الله ابن رباح، كان أخاهم في النسب لا في الدين، إذ أنذر قومه بالأحقاف، والأحقاف: ديار عاد.. وهي جمع حقف- بكسر الحاء-، وهو ما استطال من الرمل العظيم واعوج، ولم يبلغ أن يكون جبلا.. .

ويغلب على الظن أن مساكنهم كانت على مرتفعات من الأرض في شمال حضر موت، وعلى مقربة من المكان الذي يسمى الآن بالرّبع الخالي غربي عمان..

والمعنى: واذكر- أيها الرسول الكريم- لقومك ليعتبروا ويتعظوا قصة هود- عليه السلام- وقت أن أنذر قومه، وهم يعيشون بتلك الأماكن المرتفعة المسماة بالأحقاف.

وقوله: وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ جملة حالية في محل نصب.

أى: جاء هود إلى قومه فأمرهم بإخلاص العبادة لله- تعالى- وحده، وخوفهم من سوء عاقبة مخالفته، والحال أنه قد أخبرهم بأن الرسل الذين سبقوه، والذين يأتون من بعده، كليهم قد بعثهم الله- تعالى- لهداية أقوامهم، ولعبادته- سبحانه- وحده.

فالنذر: جمع نذير، والمراد بهم الرسل الذين يخوفون أقوامهم من سوء عاقبة الإشراك مع الله- تعالى- آلهة أخرى في العبادة.

والمراد بقوله: مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ الرسل السابقون عليه، والمتأخرون عنه.

ثم ذكر- سبحانه- جانبا من نصائح هود لقومه فقال: أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ.

أى: أنذرهم قائلا لهم: إنى أحذركم من عبادة أحد سوى الله- تعالى- وآمركم بإخلاص العبادة له- تعالى- وحده، لأنى أخاف عليكم عذاب يوم هائل عظيم، وهو يوم القيامة، يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.

فأنت ترى أن هودا- عليه السلام- بجانب أنه قد أمر قومه بما يسعدهم، فإنه قد بين لهم- أيضا- أنه ما حمله على هذا الأمر إلا خوفه عليهم، وحرصه على نجاتهم من عذاب يوم القيامة.

يقول تعالى مسليا لنبيه في تكذيب من كذبه من قومه : ( واذكر أخا عاد ) وهو هود ، عليه السلام ، بعثه الله إلى عاد الأولى ، وكانوا يسكنون الأحقاف - جمع حقف وهو : الجبل من الرمل - قاله ابن زيد . وقال عكرمة : الأحقاف : الجبل والغار . وقال علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه : الأحقاف : واد بحضرموت ، يدعى برهوت ، تلقى فيه أرواح الكفار . وقال قتادة : ذكر لنا أن عادا كانوا حيا باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها : الشحر .

قال ابن ماجه : " باب إذا دعا فليبدأ بنفسه " : حدثنا الحسين بن علي الخلال ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يرحمنا الله ، وأخا عاد " .

وقوله : ( وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ) يعني : وقد أرسل الله إلى من حول بلادهم من القرى مرسلين ومنذرين ، كقوله : ( فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها ) [ البقرة : 66 ] ، وكقوله : ( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون ) [ فصلت : 13 ، 14 ] أي : قال لهم هود ذلك

القول في تأويل قوله تعالى : وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : واذكر يا محمد لقومك الرّادّين عليك ما جئتهم به من الحقّ هودا أخا عاد, فإن الله بعثك إليهم كالذي بعثه إلى عاد, فخوّفهم أن يحلّ بهم من نقمة الله على كفرهم ما حلّ بهم إذ كذّبوا رسولنا هودًا إليهم, إذ أنذر قومه عادا بالأحقاف. والأحقاف: جمع حقف وهو من الرمل ما استطال, ولم يبلغ أن يكون جبلا وإياه عنى الأعشى:

فَبــاتَ إلـى أرْطـاةِ حِـقْفٍ تَلُفُّـهُ

خَـرِيقُ شَـمالٍ يَـتْرُكُ الوَجْـهَ أقْتَمـا (1)

واختلف أهل التأويل في الموضع الذي به هذه الأحقاف, فقال بعضهم: هي جبل بالشام.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ ) قال: الأحقاف: جبل بالشام.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ ) جبل يسمى الأحقاف.

وقال آخرون: بل هي واد بين عُمان ومهرة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي عن أبيه, عن ابن عباس ( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ ) قال: فقال: الأحقاف الذي أنذر هود قومه واد بين عمان ومهرة.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: كانت منازل عاد وجماعتهم, حيث بعث الله إليهم هودا الأحقاف: الرمل فيما بين عُمان إلى حَضْرَمَوْتَ, فاليمن كله, وكانوا مع ذلك قد فشَوْا في الأرض كلها, قهروا أهلها بفضل قوّتهم التي آتاهم الله.

وقال آخرون: هي أرض.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد, قال: الأحقاف: الأرض.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ ) قال: حشاف أو كلمة تشبهها, قال أبو موسى: يقولون مستحشف.

حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ ) حِشاف من حِسْمَى.

وقال آخرون: هي رمال مُشْرفة على البحر بالشِّحْر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ ) ذُكر لنا أن عادا كانوا حيا باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشِّحْر.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ ) قال: بلغَنَا أنهم كانوا على أرض يقال لها الشحر, مشرفين على البحر, وكانوا أهل رمل.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنا عمرو بن الحارث, عن سعيد بن أبي هلال, عن عمرو بن عبد الله, عن قتادة, أنه قال: كان مساكن عاد بالشِّحْر.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: أن الله تبارك وتعالى أخبر أن عادا أنذرهم أخوهم هود بالأحقاف, والأحقاف ما وصفت من الرمال المستطيلة المشرفة, كما قال العَجَّاج:

بات إلى أرْطاةِ حقْف أحْقَفا (2)

وكما حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ ) قال: الأحقاف: الرمل الذي يكون كهيئة الجبل تدعوه العرب الحقف, ولا يكون أحقافا إلا من الرمل, قال: وأخو عاد هود. وجائز أن يكون ذلك جبلا بالشأم. وجائز أن يكون واديا بين عمان وحضرموت. وجائز أن يكون الشحر وليس في العلم به أداء فرض, ولا في الجهل به تضييع واجب, وأين كان فصفته ما وصفنا من أنهم كانوا قوما منازلهم الرمال المستعلية المستطيلة.

وقوله ( وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ ) يقول تعالى ذكره: وقد مضت الرسل بإنذار أممها( مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ) يعني: من قبل هود ومن خلفه, يعني: ومن بعد هود. وقد ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ بَعْدِهِ) ، ( أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ ) يقول: لا تشركوا مع الله شيئا في عبادتكم إياه, ولكن أخلصوا له العبادة, وأفردوا له الألوهة, إنه لا إله غيره, وكانوا فيما ذُكر أهل أوثان يعبدونها من دون الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ ) قال: لن يبعث الله رسولا إلا بأن يعبد الله.

وقوله ( إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه: إني أخاف عليكم أيها القوم بعبادتكم غير الله عذاب الله في يوم عظيم وذلك يوم يعظم هوله, وهو يوم القيامة.

------------------------

الهوامش:

(1) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة ( ديوانه طبعة القاهرة 295 ) وفي روايته : " يلوذ " في موضع " فبات " : من قصيدة يمدح بها إياس بن قبيصة الطائي ، أو قيس بن معد يكرب ، والضمير في فبات راجع إلى الثور الوحشي الذي شبه به ناقته ، في أبيات سابقة . والأرطي : شجر ضخم ينبت في الرمل. واحدته : أرطأة . ما اعوج وانعطف ، وجمعه : أحقاف . وهو موضع الشاهد في البيت . والخريق : الريح الشديدة الهبوب . والشمال : ريح باردة تهب من ناحية الشام . يقول : يلجأ هذا الثور إلى أرطأة في منعرج رمل ، تعصف من حوله ريح شمالية هوجاء ، فتترك وجهه أغبر قاتمًا .

(2) لم أجد البيت في ديوان العجاج المطبوع . والذي في ( اللسان : حقف ) : واحقوقف الرمل : إذا طال واعوج . واحقوقف الهلال : اعوج . وكل ما طال واعوج فقد احقوقف ، كظهر البعير ، وشخص القمر ، قال العجاج :

نــاج طــواه الأيـن ممـا وجفـا

طـــي الليــالي زلفــا فزلفــا

* سـماوة الهـلال حـتى احقوقفـا *

والمؤلف ساق هذا البيت شاهدًا على أن الأحقاف : الرمال المستطيلة المشرفة ، كما قال العجاج : " بات ... إلخ " . وأصله من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 222 ) قال : " إذ أنذر قومه بالأحقاف " : أحقاف الرمال . قال العجاج ... البيت . أقول : ولست على يقين من صحة هذا الشاهد ، فإن أكثر ألفاظه من ألفاظ الشاهد الذي قبله ، فلعله اضطرب في أفواه الرواة وتداخل مع سابقه .

التدبر :

وقفة
[21] ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ﴾ كان هو مؤمنًا، وكانوا كفارًا، ومع هذا وصفه ربه بأنه أخوهم، فالأخوة أنواع، وليس فقط أخوة الدين.
وقفة
[21] ﴿وَاذكُر أَخا عادٍ﴾ يُذكر المرء بمن يصاحب ويلازم؛ فاختر من تريد أن يذكر اسمك وسطهم.
وقفة
[21] تفردت السورة الكريمة بذكر كلمة الأحقاف كاسم لها كما وردت فى الآية: ﴿وَاذكُر أَخا عادٍ إِذ أَنذَرَ قَومَهُ بِالأَحقافِ﴾، وهو مكان قوم عاد بجنوب الجزيرة العربية.
وقفة
[21] بضرب الأمثال وقصص مَن تَقَدَّم يُعرف قبح الشيء وحسنه؛ فقال سبحانه لرسوله ﷺ: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ﴾.
وقفة
[21] قصص الأنبياء تسلية للنبي ﷺ ولمن سار على نهجه ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾.
وقفة
[21] ﴿إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ الإنذار والتخويف هو الأسلوب الأنجع مع الكثيرين، خاصة مع من جاءتهم النذُر والآيات، وتوالت عليهم العبر والعظات.
وقفة
[21] ﴿أَلّا تَعبُدوا إِلَّا اللَّهَ إِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ عَظيمٍ﴾ الحب الحقيقى أن تخاف على من تحب من عذاب يوم عظيم.
عمل
[21] ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ﴾ عبر عن مشاعرك بحرارة تجاه قومك ووطنك، أظهر مشاعرك الحقيقية على مستقبلهم، حدثهم عن حبك لمستقبل باسم لهم.
وقفة
[21] ﴿إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم﴾ كثرة النعم ليست علامة النجاة، لذا الرسل عندما يرون الاعراض يعلمون بقرب العذاب.
تفاعل
[21] ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ استعذ بالله الآن من عذابه.
وقفة
[21] الناصحون الصادقون على الناس خائفون ﴿إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَاذْكُرْ:
  • الواو عاطفة. اذكر: فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ أَخا عادٍ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الالف نيابة عن الفتحة لانه من الاسماء الخمسة وهو مضاف. عاد: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وقد نون لانه اسم للحي او للرجل.
  • ﴿ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ:
  • ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين» متعلق باذكر او يكون اسما مبنيا على السكون في محل نصب بدل اشتمال من أَخا عادٍ». انذر: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. قومه: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وجملة أَنْذَرَ قَوْمَهُ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بِالْأَحْقافِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من القوم بمعنى انذرهم وهم كائنون في ديارهم. وهي جمع حقف. وقيل هو رمل مستدير مرتفع فيه انحناء يميل الى الاعوجاج سكنته عاد.
  • ﴿ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ:
  • الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حال. قد:حرف تحقيق. خلت: فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الالف المحذوفة لاتصاله بتاء التأنيث الساكنة التي لا محل لها من الاعراب ولالتقاء الساكنين. النذر: فاعل مرفوع بالضمة وهي جمع نذير: بمعنى المنذر او تكون مصدرا بمعنى الانذار وكسرت تاء «خلت» لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ:
  • جار ومجرور متعلق بخلت. يديه: مضاف اليه مجرور وعلامة جره الياء لانه مثنى وحذفت النون للاضافة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى من
  • ﴿ وَمِنْ خَلْفِهِ:
  • الواو عاطفة. من خلفه: جار ومجرور والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى من بعده بمعنى الرسل الذين بعثوا قبل هود والذين بعثوا في زمانه ومعنى مِنْ خَلْفِهِ» على هذا التفسير: ومن بعد انذاره هذا وتعلق وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ» بقوله: انذر قومه ويجوز ان تكون الواو في وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ» اعتراضية وما بعدها الى ومن خلفه جملة اعتراضية لا محل لها من الاعراب اي اعتراضا بين أَنْذَرَ قَوْمَهُ» وبين أَلاّ تَعْبُدُوا» ويكون المعنى: واذكر انذار هود قومه عاقبة الشرك والعذاب العظيم وقد انذر من تقدمه من الرسل ومن تأخر عنه مثل ذلك فاذكرهم.
  • ﴿ أَلاّ تَعْبُدُوا:
  • اصلها: ان مدغمة بلا ومحلها النصب اي آمركم عدم عبادة غير الله او تكون مفسرة بمعنى: أي لا تعبدوا إلا الله ويجوز أن يقدر لأن التفسيرية حرف جر قبلها بعد اعتبارها مصدرية أي بأن لا تعبدوا. لا:ناهية جازمة. تعبدوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ إِلاَّ اللهَ:
  • اداة حصر لا عمل لها. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
  • ﴿ إِنِّي أَخافُ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه يفيد هنا التعليل والياء ضمير متصل -ضمير المتكلم-في محل نصب اسم «ان».اخاف: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا. وجملة «اخاف» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ عَلَيْكُمْ عَذابَ:
  • جار ومجرور متعلق بأخاف والميم علامة جمع الذكور.عذاب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ يَوْمٍ عَظِيمٍ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. عظيم:صفة-نعت-ليوم مجرورة مثلها بالكسرة. .'

المتشابهات :

الأعراف: 59﴿اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
الشعراء: 135﴿ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
الأحقاف: 21﴿أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّـهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
هود: 3﴿وَإِن تَوَلَّوْا فَـ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ
هود: 26﴿أَن لَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّـهَ ۖ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ
هود: 84﴿إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولَمَّا كان أهلُ مكَّةَ مُعرِضينَ عن الإيمانِ، وما جاء به الرَّسولُ؛ ذكَّرَهم اللهُ هنا بما جَرَى لِلعرَبِ الأُولى، وهم قَومُ عادٍ، وكانوا أكثَرَ أموالًا، وأشَدَّ قُوَّةً، وأعظَمَ جاهًا فيهم، فسُلِّطَ عليهم العَذابُ بسَببِ كُفْرِهم، قال تعالى:
﴿ وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :الأحقاف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا ..

التفسير :

[22] قالوا:أجئتنا بدعوتك؛ لتصرفنا عن عبادة آلهتنا؟ فأتنا بما تعدنا به من العذاب، إن كنت من أهل الصدق في قولك ووعدك.

{ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا} أي:ليس لك من القصد ولا معك من الحق إلا أنك حسدتنا على آلهتنا فأردت أن تصرفنا عنها.

{ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} وهذا غاية الجهل والعناد.

ولكن قومه لم يقابلوا ذلك بالطاعة والإذعان، بل قابلوا دعوة نبيهم لهم بالإعراض والاستخفاف، وقد حكى القرآن ذلك بقوله: قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا، فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. أى: قال قوم هود له- على سبيل الإنكار والسفاهة- أجئتنا بهذه الدعوة لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا أى: لتصرفنا وتبعدنا عن عبادة آلهتنا التي ألفنا عبادتها يقال: أفك فلان فلانا عن الشيء، إذا صرفه عنه.

ثم أضافوا إلى هذا الإنكار، إنكارا آخر مصحوبا بالتحدي والاستهزاء فقالوا: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا. أى: إن كان الأمر كما تقول فأتنا بما تعدنا به من العذاب العظيم، إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فيما أخبرتنا به.

وهكذا نلمس في ردهم سوء الظن، وعدم الفهم، واستعجال العذاب، والإصرار على الباطل الذي ألفوه..

فأجابه قومه قائلين : ( أجئتنا لتأفكنا ) أي : لتصدنا ( عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ) استعجلوا عذاب الله وعقوبته ، استبعادا منهم وقوعه ، كقوله : ( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها ) [ الشورى : 18 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22)

يقول تعالى ذكره: قالت عاد لهود, إذ قال لهم لا تعبدوا إلا الله: إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم, أجئتنا يا هود لتصرفنا عن عبادة آلهتنا إلى عبادة ما تدعونا إليه, وإلى اتباعك على قولك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا ) قال: لتزيلنا, وقرأ إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا قال: تضلنا وتزيلنا وتأفكنا( فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ) من العذاب على عبادتنا ما نعبد من الآلهة ( إِنْ كُنْتُ ) من أهل الصدق في قوله وعداته.

التدبر :

وقفة
[22] ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا﴾ اتهموه أنه جاءهم ليصرفهم عن آلهتهم بالإفك! هكذا يتحكم الشيطان في عقول البعض، فيصوِّر لهم أوضح الحق باطلًا.
وقفة
[22] ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا﴾ وصفوه بما هم أهل له، فهم أهل الإفك والافتراء، وليس هو عليه الصلاة والسلام، وصدق القائل: «رمتني بدائها وانسلت».
وقفة
[22] ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا﴾ التعلّق بموروثات الأباء والأجداد الشركية من موانع الاستسلام لله والانقياد لشرعه.
وقفة
[22] ﴿قالوا أَجِئتَنا لِتَأفِكَنا عَن آلِهَتِنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقينَ﴾ البعض يربط مصداقية مُحَدِثهِ بأمور مستحيلة وتعجيزية وهم يعلمون ذلك، هى فقط مماطلة وإضاعة للوقت.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ أَجِئْتَنا:
  • الهمزة همزة توبيخ وتعجيب بلفظ‍ استفهام. جئت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «نا» ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على السكون في محل نصب مفعول به. وجملة «جئتنا» في محل نصب مفعول قالوا.
  • ﴿ لِتَأْفِكَنا:
  • اللام حرف جر للتعليل. تأفك: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. و «نا» اعربت في «جئتنا» وجملة «تأفكنا» بمعنى تصرفنا صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «أن» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بجئت.
  • ﴿ عَنْ آلِهَتِنا:
  • جار ومجرور متعلق بتأفك. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة بمعنى: عن عبادة آلهتنا فحذف المضاف المجرور وحل المضاف اليه محله.
  • ﴿ فَأْتِنا:
  • الفاء استئنافية او واقعة في جواب شرط‍ مقدم. ائت: فعل امر مبني على حذف آخره حرف العلة وبقيت الكسرة دالة عليه. و «نا» اعربت في «تأفكنا» بمعنى: فجئنا.
  • ﴿ بِما تَعِدُنا:
  • الباء حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. تعد: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. و «نا» اعربت في تأفكنا. والتقدير بما تعدنا به. اي بما توعدنا به من معاجلة العذاب على الشرك. والجار والمجرور متعلق بائتنا.
  • ﴿ إِنْ كُنْتَ:
  • حرف شرط‍ جازم. كنت: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بإن والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع اسم كان.
  • ﴿ مِنَ الصّادِقِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «كان» المحذوف وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد بمعنى: ان كنت صادقا في وعدك وحذف جواب الشرط‍ لان ما قبله يدل عليه اي لتقدم معناه.'

المتشابهات :

الأعراف: 70﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّـهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا
يونس: 78﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا
الأنبياء: 55﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ
الأحقاف: 22﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا دعاهم هودٌ عليه السلام؛ لم يستجيبوا لدعوته، وقابلوها بالتحدي والاستهزاء والتمسك بما كان عليه الآباء، قال تعالى:
﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :الأحقاف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ ..

التفسير :

[23] قال هود عليه السلام:إنما العلم بوقت مجيء ما وُعدتم به من العذاب عند الله، وإنما أنا رسول الله إليكم، أبلغكم عنه ما أرسلني به، ولكني أراكم قوماً تجهلون في استعجالكم العذاب، وجرأتكم على الله.

{ قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ} فهو الذي بيده أزمة الأمور ومقاليدها وهو الذي يأتيكم بالعذاب إن شاء.{ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ} أي:ليس علي إلا البلاغ المبين،{ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} فلذلك صدر منكم ما صدر من هذه الجرأة الشديدة، فأرسل الله عليهم العذاب العظيم وهو الريح التي دمرتهم وأهلكتهم.

ولكن هودا- عليه السلام- قابل كل هذه الجهالات بالحلم والأناة، فرد عليهم بقوله:

قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ.... أى: قال لهم: إنما علم وقت نزول العذاب بكم عند الله- تعالى- وحده، ولا مدخل لي في ذلك.

وإنما أنا أُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إليكم من ربي وربكم، وتلك هي وظيفتي.

ثم عقب على هذا الرد بما يدل على حمقهم وغبائهم فقال: وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ.

أى: أنا لا علم لي بوقت نزول العذاب عليكم، لأن رسالتي محصورة في التبليغ والإنذار..

وهذا كان يجب أن يكون مفهوما لديكم لوضوحه.. ولكني أراكم قوما تجهلون ما هو واضح، وتنكرون ما هو حق، وتصرون على ما هو باطل، وتطالبوننى بما لا أملكه.

( قال إنما العلم عند الله ) أي : الله أعلم بكم إن كنتم مستحقين لتعجيل العذاب فيفعل ذلك بكم ، وأما أنا فمن شأني أني أبلغكم ما أرسلت به ، ( ولكني أراكم قوما تجهلون ) أي : لا تعقلون ولا تفهمون .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23)

يقول تعالى ذكره: قال هود لقومه عاد: ( إِنَّمَا الْعِلْمُ ) بوقت مجيء ما أعدكم به من عذاب الله على كفركم به عند الله, لا أعلم من ذلك إلا ما علمني ( وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ ) يقول: وإنما أنا رسول إليكم من الله, مبلغ أبلغكم عنه ما أرسلني به من الرسالة ( وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ) مواضع حظوظ أنفسكم, فلا تعرفون ما عليها من المضرّة بعبادتكم غير الله, وفي استعجال عذابه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[23] ﴿قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّـهِ﴾ لا علم للرسل بالغيب إلا ما أطلعهم ربهم عليه منه.
وقفة
[23] ﴿قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّـهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ﴾ أنا مجرد رسول عن الله، فلن أتجاوز قدري، فلا علم لي إلا بمقدار ما علَّمني ربي، ولا تقدم لي ولا تأخر إلا بإذنه.
وقفة
[23] ﴿قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّـهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَـٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ﴾ وإنما زيد ﴿قَوْمًا﴾ ولم يقتصر على ﴿تَجْهَلُونَ﴾ للدلالة على تمكن الجهالة منهم حتى صارت من مقوِّمات قوميتهم، وللدلالة على أنها عمت جميع القبيلة كما قال لوط لقومه: ﴿أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾ [هود: 78].
وقفة
[23] ﴿وَلَـٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ﴾ وعلامة هذا الجهل: استعجال العذاب، وهب أنه لم يظهر لكم أني صادق، لكن لم يظهر أيضًا لكم أني كاذب، فإصراركم على طلب العذاب الشديد يدل على جهل عظيم.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. انما: كافة ومكفوفة. العلم: مبتدأ مرفوع بالضمة والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول.
  • ﴿ عِنْدَ اللهِ:
  • ظرف مكان متعلق بخبر المبتدأ المحذوف وهو منصوب على الظرفية ومضاف. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة. والقول الكريم جاء جوابا لقولهم فَأْتِنا بِما تَعِدُنا» وهو استعجالهم بالعذاب فقال لهم لا علم عندي بوقت عذابكم وانما حكمة ذلك وعلمه عند الله سبحانه.
  • ﴿ وَأُبَلِّغُكُمْ:
  • الواو استئنافية. أبلغكم: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم للجمع.
  • ﴿ ما أُرْسِلْتُ بِهِ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. ارسلت: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل. به: جار ومجرور متعلق بأرسلت. وجملة أُرْسِلْتُ بِهِ» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَلكِنِّي:
  • الواو استدراكية. لكن: فعل مشبه بالفعل حذفت احدى نونيه تخفيفا والياء ضمير متصل في محل نصب اسمها.
  • ﴿ أَراكُمْ:
  • الجملة وما بعدها في محل رفع خبر «لكن».ارى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به. وهي من «رأى» البصرية او بمعنى العلم
  • ﴿ قَوْماً تَجْهَلُونَ:
  • مفعول به ثان على معنى اجدكم. وتكون حالا على معنى ابصركم. تجهلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة «تجهلون» في محل نصب صفة-نعت-لقوم.بمعنى: قوما جاهلين.'

المتشابهات :

هود: 57﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ
الأحقاف: 23﴿قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّـهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَـٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     ولَمَّا طلبوا منه استعجال نزول العذاب؛ رَدَّ عليهم: لا علم عندي بوقت نزول العذاب، إنما علم ذلك عند الله تعالى، قال تعالى:
﴿ قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [24] :الأحقاف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ ..

التفسير :

[24] فلما رأوا العذاب الذي استعجلوه عارضاً في السماء متجهاً إلى أوديتهم قالوا:هذا سحاب ممطر لنا، فقال لهم هود عليه السلام:ليس هو بعارض غيث ورحمة كما ظننتم، بل هو عارض العذاب الذي استعجلتموه، فهو ريح فيها عذاب مؤلم موجع.

{ فَلَمَّا رَأَوْهُ} أي:العذاب{ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} أي:معترضا كالسحاب قد أقبل على أوديتهم التي تسيل فتسقي نوابتهم ويشربون من آبارها وغدرانها.

{ قَالُوا} مستبشرين:{ هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} أي:هذا السحاب سيمطرنا.

قال تعالى:{ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} أي:هذا الذي جنيتم به على أنفسكم حيث قلتم:{ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}{ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}

ثم يجمل السياق بعد ذلك ما كان بين هود وقومه من جدال طويل، ليصل إلى العذاب الذي استعجلوه فيقول: فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا والفاء في قوله فَلَمَّا رَأَوْهُ ... فصيحة.

والضمير في قوله رَأَوْهُ يعود إلى ما في قوله- تعالى- قبل ذلك: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا والمراد به العذاب.

قال الشوكانى: الضمير في «رأوه» يرجع إلى «ما» في قوله بِما تَعِدُنا. وقال المبرد والزجاج: الضمير في «رأوه» يعود إلى غير مذكور، وبينه قوله عارِضاً، فالضمير يعود إلى السحاب. أى: فلما رأوا السحاب عارضا، فعارضا نصب على التكرير، أى:

التفسير. وسمى السحاب عارضا لأنه يبدو في عرض السماء. قال الجوهري: العارض:

السحاب يعترض في الأفق.. .

والمعنى: وأتى العذاب الذي استعجله قوم هود إليهم، فلما رأوه بأعينهم، متمثلا في سحاب يظهر في أفق السماء، ومتجها نحو أوديتهم ومساكنهم.

قالُوا وهم يجهلون أنه العذاب الذي استعجلوه هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا أى: هذا سحاب ننتظر من ورائه المطر الذي ينفعنا..

قيل: إنها حبس عنهم المطر لفترة طويلة، فلما رأوا السحاب في أفق السماء، استبشروا وفرحوا وقالوا: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا.

وهنا جاءهم الرد على لسان هود بأمر ربه، فقال لهم: بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ، رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ....

أى: قال لهم هود- عليه السلام- ليس الأمر كما توقعتم من أن هذا العارض سحاب تنزل منه الأمطار عليكم، بل الحق أن هذا العارض هو العذاب الذي استعجلتم نزوله، وهو يتمثل في ريح عظيمة تحمل العذاب المهلك الأليم لكم.

فقوله: رِيحٌ يصح أن يكون بدلا من «ما» أو من «هو» في قوله بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ كما يصح أن يكون خبر المبتدأ محذوف، وجملة فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ صفة لقوله: رِيحٌ.

قال الله تعالى : ( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم ) أي : لما رأوا العذاب مستقبلهم ، اعتقدوا أنه عارض ممطر ، ففرحوا واستبشروا به ، وقد كانوا ممحلين محتاجين إلى المطر ، قال الله تعالى : ( بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ) أي : هو العذاب الذي قلتم : ( فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين )

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)

يقول تعالى ذكره: فلما جاءهم عذاب الله الذي استعجلوه, فرأوه سحابا عارضا في ناحية من نواحي السماء ( مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ ) والعرب تسمي السحاب الذي يُرَى في بعض أقطار السماء عشيا, ثم يصبح من الغد قد استوى, وحبا بعضه إلى بعض عارضا, وذلك لعرضه في بعض أرجاء السماء حين نشأ, كما قال الأعشى:

يـا مـن يَـرَى عارضا قَدْ بِتُّ أرْمُقُهُ

كأنَّمَـا الْـبَرْقُ فـي حافاتِـهِ الشُّـعَلُ (3)

( قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ) ظنا منهم برؤيتهم إياه أن غيثا قد أتاهم يَحيون به, فقالوا: هذا الذي كان هودٌ يعدنا, وهو الغيث.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ )... الآية, وذُكر لنا أنهم حبس عنهم المطر زمانا, فلما رأوا العذاب مقبلا( قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ) . وذُكر لنا أنهم قالوا: كذب هود كذب هود; فلما خرج نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الله فشامه, قال: ( بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: ساق الله السحابة السوداء التي اختار قَيْلُ ابن عنـز بما فيها من النقمة إلى عاد, حتى تخرج عليهم من واد لهم يقال له المغيث, فلما رأوها استبشروا( قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ) : يقول الله عزّ وجلّ: ( بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .

وقوله ( بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم هود لقومه لما قالوا له عند رؤيتهم عارض العذاب, قد عرض لهم في السماء هذا عارض ممطرنا نحيا به, ما هو بعارض غيث, ولكنه عارض عذاب لكم, بل هو ما استعجلتم به: أي هو العذاب الذي استعجلتم به, فقلتم: فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ( رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) والريح مكرّرة على ما في قوله ( هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ ) كأنه قيل: بل هو ريح فيها عذاب أليم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن أبي إسحاق, عن عمرو بن ميمون, قال: كان هود جلدا في قومه, وإنه كان قاعدا في قومه, فجاء سحاب مكفهرّ,( قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ) فَقَالَ : ( بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) قال: فجاءت ريح فجعلت تلقي الفسطاط, وتجيء بالرجل الغائب فتلقيه.

حدثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن جدّه, قال: قال سليمان, ثنا أبو إسحاق, عن عمرو بن ميمون, قال: لقد كانت الريح تحمل الظعينة فترفعها حتى تُرى كأنها جرادة.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ )... إلى آخر الآية, قال: هي الريح إذا أثارت سحابا,( قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ) , فقال نبيهم: بل ريح فيها عذاب أليم.

التدبر :

وقفة
[24] من حكمة الله تعالى أن الريح لم تأتهم هكذا، وإنما جاءتهم وهم يؤملون الغيث والرحمة؛ فكان وقعها أشد، ومجيء العذاب في حال يتأمل فيها الإنسان كشف الضر يكون أعظم وأعظم.
وقفة
[24] ﴿قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾ يقيم على المعصية، ويؤمِّل الخير بلا توبة؛ حتى يكون هلاكه فيما يرجو النجاة.
وقفة
[24] ﴿قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾ تفاؤل بغير توحيد وتوكل.
وقفة
[24] ﴿قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾ أشد أنواع الحسرة حينما يأتي العذاب من الباب الذي يُنتظر منه الفرج!!
وقفة
[24] ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾ اغترار قوم هود حين ظنوا العذاب النازل بهم مطرًا، فلم يتوبوا قبل مباغتته لهم.
وقفة
[24] عندما تُصرف القلوب عما فُطرت عليه بمؤثرات الشبهات والشهوات، ستفسر الأحداث تفسيرًا مضادًّا لأسبابها وآثارها، فلا تتعظ بالآيات والنذر، حتى يحل بها العذاب والهلاك، قف متدبرًا: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾ ثم تأمل سبب ذلك: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [الأعراف: 146].
وقفة
[24] التحولات السلبية الكبرى التي تمر بالبلدان والأمم كالريح، تسبق بإرهاص وإنذار، وما لم يتعامل مع تلك المقدمات بجدية وحكمة وحزم، كان الدمار والبوار: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾.
وقفة
[24] عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِىُّ ﷺ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ»، قَالَتْ: وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّىَ عَنْهُ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: «لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾» [مسلم 899].
وقفة
[24] ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ هذا يُسمّى (اليأس بعد الإطامع)، وهو أبلغ من العذاب والإيلام، حين تتوقع الخير فيفاجئك الشر.
وقفة
[24] قوم عاد لجهلهم وكبرهم استبشروا بالسحاب الذي كان فيه هلاكهم ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا۟ هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِۦ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
وقفة
[24] يمكر الله بالظالم فيُريه عذابه في صورة خيرٍ ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا۟ هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِۦ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
وقفة
[24] ﴿قَالُوا۟ هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِۦ﴾ ما أقسى وأشد أن تؤمل في نعمة ورحمة من مال أو ولد أو غيث فإذا هو عذاب ونقمة!
وقفة
[24] رأى قومُ عادٍ الغيمَ فقالوا: ﴿عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ وكان فيه هلاكُهم، ورأى قومُ موسى البحرَ فقالوا: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ [الشعراء: 61]، وكان فيه نجاتهم، ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 216].
وقفة
[24] ﴿رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ» [البخاري 3205]، والدبور ريح الجنوب، وتكون عادة ريحًا عقيمًا مدمرة، أما الصَّبَا فهي عادة ريح خير ومطر، فرأوا الريح جاءتهم من الجنوب، لكنهم لم ينتظروا ليميِّزوها، فكان فيها هلاكهم.
عمل
[24] ﴿رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ احفظ دعاء الريح: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ» [مسلم 899]، واقرأه عند رؤيتها.
تفاعل
[24] ﴿رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا:
  • الفاء استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب.
  • ﴿ رَأَوْهُ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة. رأوه: فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة وبقيت الفتحة دالة على الالف المحذوفة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والضمير يرجع الى قولهم بِما تَعِدُنا» او ان يكون مبهما قد وضح أمره بقوله «عارضا» أي السحاب.
  • ﴿ عارِضاً:
  • حال من الضمير في «رأوه» اي رأوا السحاب عارضا منصوب وعلامة نصبه الفتحة ويجوز ان يكون تمييزا. الا ان الوجه الاول اي الحال اعرب وافصح. والعارض هو السحاب الذي يعرض في افق السماء.
  • ﴿ مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ:
  • صفة-نعت-لعارضا منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة وهي مضافة اضافة مجازية غير معرفة مضافة الى معرفة لانه لا يجوز اعتبارها معرفة لانها صفة لنكرة ولذلك جاءت اضافتها مجازية وكذلك الحال مع «ممطرنا» ولذلك قدرت على معنى «ممطر لنا» اي يقدر في الكلمتين التنوين. اودية: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة بمعنى فحين رأوا السحاب عارضا في أفق السماء متوجها الى صوب اوديتهم.
  • ﴿ قالُوا:
  • الجملة الفعلية جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ هذا عارِضٌ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عارض: خبر «هذا» مرفوع بالضمة بمعنى: ظنوا هذا العارض سحابا.
  • ﴿ مُمْطِرُنا:
  • صفة-نعت-لعارض مرفوعة مثلها بالضمة. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بَلْ هُوَ مَا:
  • حرف عطف للاضراب لا عمل له. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو» والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول- والقول قبلها مضمر بمعنى قال هود بل هو ما.
  • ﴿ اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. به: جار ومجرور متعلق باستعجلتم يعود على «ما» بمعنى بل هذا هو العذاب الذي عجلتم به.
  • ﴿ رِيحٌ:
  • خبر مبتدأ محذوف تقديره هي اي يكون التقدير هي ريح. ويجوز ان يكون الضمير «هو» خبر مبتدأ محذوف تقديره بل هذا هو ما استعجلتم به.وجملة «هي ريح» بدلا من هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ» على معنى بل هذا هو العذاب الذي استعجلتم به هي ريح. او يكون «هو» ضمير فصل او عماد لا محل له. و «ما» في محل رفع مبتدأ خبره الجملة الاسمية «هي ريح» اي قال الله تعالى: قل بل ما استعجلتم به هي ريح. أو هو ريح.
  • ﴿ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ:
  • الجملة الاسمية في محل رفع صفة-نعت-لريح. فيها:جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. عذاب: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.أليم: صفة-نعت-لعذاب مرفوعة مثلها بالضمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     وبعد استمرار تكذيب قوم عاد لهود عليه السلام؛ نزل بهم العذاب، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

استعجلتم:
وقرئ:
بضم التاء وكسر الجيم.

مدارسة الآية : [25] :الأحقاف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ..

التفسير :

[25] تدمِّر كل شيء تمر به مما أُرسلت بهلاكه بأمر ربها ومشيئته، فأصبحوا لا يُرى في بلادهم شيء إلَّا مساكنهم التي كانوا يسكنونها. مثل هذا الجزاء نجزي القوم المجرمين؛ بسبب جرمهم وطغيانهم.

{ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} تمر عليه من شدتها ونحسها.

فسلطها الله عليهم{ سبع ليالي وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية} [{ بِأَمْرِ رَبِّهَا} أي:بإذنه ومشيئته].{ فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} قد تلفت مواشيهم وأموالهم وأنفسهم.{ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} بسبب جرمهم وظلمهم.

ثم وصف- سبحانه- هذا الريح بصفة أخرى فقال: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها ... أى: هذه الريح التي أرسلها الله- تعالى- عليهم، من صفاتها أنها تدمر وتهلك كل شيء مرت به يتعلق بهؤلاء الظالمين من نفس أو مال أو غيرهما..

والتعبير بقوله: بِأَمْرِ رَبِّها لبيان أنها لم تأتهم من ذاتها، وإنما أتتهم بأمر الله- تعالى- وبقضائه وبمشيئته.

والفاء في قوله: فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ فصيحة- أيضا-. أى: هذه الريح أرسلناها عليهم فدمرتهم، فصار الناظر إليهم لا يرى شيئا من آثارهم سوى مساكنهم، لتكون هذه المساكن عبرة لغيرهم.

قال الجمل: وقوله: لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ قرأ حمزة وعاصم لا يُرى بضم الياء على البناء للمفعول، ومساكنهم بالرفع لقيامه مقام الفاعل. والباقون من السبعة بفتح تاء الخطاب، - على البناء للفاعل- ومَساكِنُهُمْ بالنصب على أنه مفعول به...

وقوله: كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ أى: مثل ذلك الجزاء المهلك المدمر، نجازي القوم الذين من دأبهم الإجرام والطغيان.

وهكذا طوى- سبحانه- صفحة أولئك الظالمين من قوم هود- عليه السلام- وما ظلمهم- سبحانه- ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

( تدمر ) أي : تخرب ) كل شيء ) من بلادهم ، مما من شأنه الخراب ( بأمر ربها ) أي : بإذن الله لها في ذلك ، كقوله : ( ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ) [ الذاريات : 42 ] أي : كالشيء البالي . ولهذا قال : ( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ) أي : قد بادوا كلهم عن آخرهم ولم تبق لهم باقية ، ( كذلك نجزي القوم المجرمين ) أي : هذا حكمنا فيمن كذب رسلنا ، وخالف أمرنا .

وقد ورد حديث في قصتهم وهو غريب جدا من غرائب الحديث وأفراده ، قال الإمام أحمد :

حدثنا زيد بن الحباب ، حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي قال : حدثنا عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل ، عن الحارث البكري قال : خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمررت بالربذة ، فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها ، فقالت لي : يا عبد الله ، إن لي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجة ، فهل أنت مبلغي إليه ؟ قال : فحملتها فأتيت بها المدينة ، فإذا المسجد غاص بأهله ، وإذا راية سوداء تخفق ، وإذا بلال متقلد السيف بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : ما شأن الناس ؟ قالوا : يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها . قال : فجلست ، فدخل منزله - أو قال : رحله - فاستأذنت عليه ، فأذن لي ، فدخلت فسلمت ، فقال : " هل كان بينكم وبين تميم شيء ؟ قلت : نعم ، وكانت لنا الدبرة عليهم ، ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها فسألتني أن أحملها إليك ، وها هي بالباب : فأذن لها فدخلت ، فقلت : يا رسول الله ، إن رأيت أن تجعل بيننا وبين تميم حاجزا فاجعل الدهناء ، فحميت العجوز واستوفزت ، وقالت : يا رسول الله ، فإلى أين يضطر مضطرك ؟ قال : قلت : إن مثلي ما قال الأول : " معزى حملت حتفها " ، حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما ، أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد . قال : " هيه ، وما وافد عاد ؟ " - وهو أعلم بالحديث منه ، ولكن يستطعمه - قلت : إن عادا قحطوا فبعثوا وافدا لهم يقال له : قيل ، فمر بمعاوية بن بكر ، فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما " الجرادتان " - فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة فقال : اللهم ، إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه ، ولا إلى أسير فأفاديه ، اللهم اسق عادا ما كنت تسقيه . فمرت به سحابات سود ، فنودي منها : " اختر " ، فأومأ إلى سحابة منها سوداء ، فنودي منها : " خذها رمادا رمددا ، لا تبقي من عاد أحدا " . قال : فما بلغني أنه أرسل عليهم من الريح إلا كقدر ما يجري في خاتمي هذا ، حتى هلكوا - قال أبو وائل : وصدق - وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافدا لهم قالوا : " لا تكن كوافد عاد " .

رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه ، كما تقدم في سورة " الأعراف " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا هارون بن معروف ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو : أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار ، عن عائشة أنها قالت : ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته ، إنما كان يتبسم . قالت : وكان إذا رأى غيما - أو ريحا - عرف ذلك في وجهه ، قالت : يا رسول الله ، الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية ؟ فقال : " يا عائشة ، ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ، قد عذب قوم بالريح ، وقد رأى قوم العذاب فقالوا : هذا عارض ممطرنا " . وأخرجاه من حديث ابن وهب .

طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى ناشئا في أفق من آفاق السماء ، ترك عمله ، وإن كان في صلاته ، ثم يقول : " اللهم ، إني أعوذ بك من شر ما فيه " . فإن كشفه الله حمد الله ، وإن أمطرت قال : " اللهم ، صيبا نافعا " .

طريق أخرى : قال مسلم في صحيحه : حدثنا أبو الطاهر ، أخبرنا ابن وهب ، سمعت ابن جريج يحدث عن عطاء بن أبي رباح ، عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفت الريح قال : " اللهم ، إني أسألك خيرها ، وخير ما فيها ، وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها ، وشر ما فيها ، وشر ما أرسلت به " . قالت : وإذا تخيلت السماء تغير لونه ، وخرج ودخل ، وأقبل وأدبر ، فإذا مطرت سري عنه ، فعرفت ذلك عائشة ، فسألته ، فقال : " لعله يا عائشة كما قال قوم عاد : ( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا ) .

وقد ذكرنا قصة هلاك عاد في سورتي " الأعراف وهود " بما أغنى عن إعادته هاهنا ، ولله الحمد والمنة .

وقال الطبراني : حدثنا عبدان بن أحمد ، حدثنا إسماعيل بن زكريا الكوفي ، حدثنا أبو مالك ، عن مسلم الملائي ، عن مجاهد وسعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما فتح على عاد من الريح إلا مثل موضع الخاتم ، ثم أرسلت عليهم [ فحملتهم ] البدو إلى الحضر فلما رآها أهل الحضر قالوا : هذا عارض ممطرنا مستقبل أوديتنا . وكان أهل البوادي فيها ، فألقي أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا . قال : عتت على خزانها حتى خرجت من خلال الأبواب " .

القول في تأويل قوله تعالى : تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)

وقوله ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ) : يقول تعالى ذكره: تخرّب كل شيء, وترمي بعضه على بعض فتهلكه, كما قال جرير

وكــانَ لَكُــمْ كَبَكْــرِ ثَمُـود لَمَّـا

رَغــا ظُهْــرًا فَدَمَّــرَهُمْ دَمـارًا (4)

يعني بقوله: دمرهم: ألقى بعضهم على بعض صَرْعى هَلكَى.

وإنما عنى بقوله ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ) مما أرسلت بهلاكه, لأنها لم تدمر هودا ومن كان آمن به.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا طلق, عن زائدة, عن الأعمش, عن المنهال, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: ما أرسل الله على عادٍ من الريح إلا قدر خاتمي هذا, فنـزع خاتمه.

وقوله ( فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ ) يقول: فأصبح قوم هود وقد هلكوا وفنوا, فلا يُرى في بلادهم شيء إلا مساكنهم التي كانوا يسكنونها.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة ( لا تَرَى إلا مَساكِنَهُمْ) بالتاء نصبا, بمعنى: فأصبحوا لا ترى أنت يا محمد إلا مساكنهم وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة ( لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ ) بالياء في (يُرى) , ورفع المساكن, بمعنى: ما وصفت قبل أنه لا يرى في بلادهم شيء إلا مساكنهم.

وروى الحسن البصري ( لا تُرَى) بالتاء, وبأيّ القراءتين اللتين ذكرت من قراءة أهل المدينة والكوفة قرأ ذلك القارئ فمصيب وهو القراءة برفع المساكن إذا قُرئ قوله (يُرى) بالياء وضمها وبنصب المساكن إذا قرئ قوله: " ترى " بالتاء وفتحها, وأما التي حُكيت عن الحسن, فهي قبيحة في العربية وإن كانت جائزة, وإنما قبحت لأن العرب تذكِّر الأفعال التي قبل إلا وإن كانت الأسماء التي بعدها أسماء إناث, فتقول: ما قام إلا أختك, ما جاءني إلا جاريتك, ولا يكادون يقولون: ما جاءتني إلا جاريتك, وذلك أن المحذوف قبل إلا أحد, أو شيء واحد, وشيء يذكر فعلهما العرب, وإن عنى بهما المؤنث, فتقول: إن جاءك منهنّ أحد فأكرمه, ولا يقولون: إن جاءتك, وكان الفرّاء يجيزها على الاستكراه, ويذكر أن المفضل أنشده:

وَنارُنــا لَــمْ تُــرَ نـارًا مِثْلُهـا

قَــدْ عَلِمَــتْ ذاكَ مَعَــدّ أكْرَمَـا (5)

فأنث فعل مثل لأنه للنار, قال: وأجود الكلام أن تقول: ما رئي مثلها.

وقوله ( كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ) يقول تعالى ذكره: كما جزينا عادا بكفرهم بالله من العقاب في عاجل الدنيا, فأهلكناهم بعذابنا, كذلك نجزي القوم الكافرين بالله من خلقنا, إذ تمادوا في غيهم وطَغَوا على ربهم.

------------------------

الهوامش:

(3) البيت لأعشى بن قيس بن ثعلبة ( ديوانه طبعه القاهرة 57 ) وفي روايته : " أرقبه " في موضع " أرمقه " ، وهما بمعنى أنظر إليه . واليت شاهد على أن معنى العارض السحاب المعترض في السماء . قال في ( اللسان : عرض ) والعارض : السحاب الذي يعترض في أفق السماء . وفي التنزيل في قصة قوم عاد : " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا " أي قالوا : هذا الذي وعدنا به سحاب فيه الغيث . أ هـ . وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن : ( الورقة 222 ) والعارض من السحاب : الذي يرى في قطر من أقطار السماء من العشى ، ثم يصبح وقد حبا حتى استوى .

(4) البيت ليس لجرير كما ورد في الأصل ، وإنما هو للفرذدق ، من قصيدة في ديوانه يرد بها على جرير ويناقضه وهي في ديوانه ( طبعة الصاوي 442 ) ، وأول القصيدة :

جَــرَّ المُخْزِيــات عَـــلَى كُـلَيْبٍ

جــرير ثــم مــا منـع الذمـارًا

وكــانَ لَهُــمْ كَبَكْــرِ ثَمُـودَ لَمَّـا

رَغــا ظُهْــرا فَدَمَّــرَهُمْ دَمــارًا

أي جلب على قومه الدمار والخراب

(5) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 301 ) استشهد به عند قوله تعالى : " فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم " فقال إنها قرئت بالتاء أو بالياء مضمومة ( مع بناء الفعل للمجهول ) . ووصف القراءة بالتاء المضمومة بأن فيها قبحًا ؛ قال : لأن العرب إذا جعلت فعل المؤنث قبل إلا ذكروه ، فقالوا : لم يقم إلا جاريتك ، وما قام إلا جاريتك ، ولا يكادون يقولون : ما قامت إلا جاريتك ، وذلك أن المتروك ( المستثنى منه ) أحد أو شيء ، فأحد إذا كانت لمؤنث أو مذكر فعلها مذكر ؛ ألا ترى أنك تقول : إن قام أحد منهن فاضربه ، ولا تقول : إن قامت إلا مستكرها ، وهو على ذلك جائز ؛ قال : أنشدني المفضل : " ونارنا ... البيت " . فأنت فعل مؤنث ، لأنه للنار ؛ وأجود الكلام أن تقول : ما رؤى مثلها . قلت : وقوله " أكرما " نعت لنارا .

التدبر :

وقفة
[25] ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ دمَّرتهم لإجرامهم، وتدمر من ورائهم كلَّ مجرم، فسبب التدمير الإجرام، وهو تحذير باق لأصحاب العقول والأفهام.
وقفة
[25] ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ أي كلَّ شيءٍ مرَّتْ به، من أموالِ قوم عادٍ وأهليهم.
وقفة
[25] الشعوب حين تفقد أحلامها الجميلة تصبح كالريح ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾.
وقفة
[25] لا ينفع التطور العلمي والحضاري والعمراني إذا نزل عقاب الله تعالى ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَىٰ إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾.
تفاعل
[25] ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَىٰ إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.

الإعراب :

  • ﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ:
  • فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي والجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية لريح. كل:مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ شَيْءٍ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وحذف النعت لدلالة المنعوت عليه اي تدمر كل شيء حي.
  • ﴿ بِأَمْرِ رَبِّها:
  • جار ومجرور متعلق بتدمر او بحال محذوفة بمعنى: مأمورة او مسيرّة بأمر ربها. رب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة
  • ﴿ فَأَصْبَحُوا:
  • الفاء سببية. اصبحوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع اسمه والالف فارقة.
  • ﴿ لا يُرى إِلاّ مَساكِنُهُمْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب خبر «أصبح».لا:نافية لا عمل لها. يرى: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الالف للتعذر. الا: اداة حصر لا عمل لها. مساكن:نائب فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة وقد جاء الفعل بصيغة التذكير لانه مفصول عن الاسم بإلا.
  • ﴿ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ:
  • اعربت في سور كثيرة. تراجع الآية الثالثة عشرة من سورة «يونس».'

المتشابهات :

الأعراف: 40﴿وَلَا يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلۡخِيَاطِۚ وَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ
يونس: 13﴿ظَلَمُواْ وَجَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْۚ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ
الأحقاف: 25﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيۡءِۢ بِأَمۡرِ رَبِّهَا فَأَصۡبَحُواْ لَا يُرَىٰٓ إِلَّا مَسَٰكِنُهُمۡۚ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ الريح؛ وَصَفَ هنا شدة هذه الريح وقُوَّتها، قال تعالى:
﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تدمر:
وقرئ:
1- بفتح التاء وسكون الدال وضم الميم، وهى قراءة زيد بن على.
2- يدمر، بياء مفتوحة وسكون الدال وضم الميم، ورفع «كل» ، أي: يهلك كل شيء.
لا يرى:
1- بالياء، مضمومة، و «مساكنهم» بالرفع، وهى قراءة عبد الله، ومجاهد، وزيد بن على، وقتادة، وأبى حيوة، وطلحة، وعيسى، والحسن، وعمرو بن ميمون، بخلاف عنهما، وعاصم، وحمزة.
وقرئ:
2- بتاء الخطاب مفتوحة، و «مساكنهم» بالنصب، وهى قراءة الجمهور.
3- بالتاء مضمومة، و «مساكنهم» بالرفع، وهى قراءة أبى رجاء، ومالك بن دينار، بخلاف عنهما، والجحدري، والأعمش، وابن أبى إسحاق، والسلمى.
4- بتاء الخطاب مفتوحة، و «مسكنهم» مفردا منصوبا.

مدارسة الآية : [26] :الأحقاف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ ..

التفسير :

[26] ولقد يسَّرنا لعاد أسباب التمكين في الدنيا على نحوٍ لم نمكنكم فيه معشر كفار قريش، وجعلنا لهم سمعاً يسمعون به، وأبصاراً يبصرون بها، وأفئدة يعقلون بها، فاستعملوها فيما يسخط الله عليهم، فلم تغن عنهم شيئاً إذ كانوا يكذِّبون بحجج الله، ونزل بهم من العذاب م

هذا مع أن الله تعالى قد أدر عليهم النعم العظيمة فلم يشكروه ولا ذكروه ولهذا قال:{ وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} أي:مكناهم في الأرض يتناولون طيباتها ويتمتعون بشهواتها

وعمرناهم عمرا يتذكر فيه من تذكر، ويتعظ فيه المهتدي، أي:ولقد مكنا عادا كما مكناكم يا هؤلاء المخاطبون أي:فلا تحسبوا أن ما مكناكم فيه مختص بكم وأنه سيدفع عنكم من عذاب الله شيئا، بل غيركم أعظم منكم تمكينا فلم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم ولا جنودهم من الله شيئا.

{ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً} أي:لا قصور في أسماعهم ولا أبصارهم ولا أذهانهم حتى يقال إنهم تركوا الحق جهلا منهم وعدم تمكن من العلم به ولا خلل في عقولهم ولكن التوفيق بيد الله.{ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ} لا قليل ولا كثير، وذلك بسبب أنهم{ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} الدالة على توحيده وإفراده بالعبادة.

{ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} أي:نزل بهم العذاب الذي يكذبون بوقوعه ويستهزئون بالرسل الذين حذروهم منه.

ولم تكتف السورة الكريمة بعرض مصارع هؤلاء المجرمين، الذين لا يخفى أمرهم على المشركين المعاصرين للنبي صلّى الله عليه وسلّم بل أخذت في تذكير هؤلاء المشركين، بما يحملهم على الزيادة من العظة والعبرة لو كانوا يعقلون، فقال- تعالى-: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ، وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً.

و «ما» في قوله: فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ موصولة. و «إن» نافية. أى: والله لقد مكنا قوم هود وغيرهم من الأقوام السابقين عليكم- يا أهل مكة- في الذي لم نمكنكم فيه، بأن جعلناهم أشد منكم قوة، وأكثر جمعا، وأعطيناهم من فضلنا أسماعا وأبصارا وأفئدة.

فالمقصود من الآية بيان أن المشركين السابقين، أعطاهم الله- تعالى- من الأموال والأولاد والقوة.. أكثر مما أعطى الكافرين المعاصرين للنبي صلّى الله عليه وسلّم.

ولكن هؤلاء الطغاة السابقين لما لم يشكروا الله- تعالى- على نعمه كانت عاقبتهم الهلاك، كما يدل عليه قوله- سبحانه- بعد ذلك: فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ ... أى: أعطيناهم من النعم ما لم نعطكم يا أهل مكة، ولكنهم لما لم يشكرونا على نعمنا، ولم يستعملوها في طاعتنا، أخذناهم أخذ عزيز مقتدر، دون أن تنفعهم شيئا أسماعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم، حين نزل بهم عذابنا، بل كل ما بين أيديهم من قوة ومن نعم ذهب أدراج الرياح وصار معهم هباء منثورا.

و «من» في قوله: مِنْ شَيْءٍ لتأكيد عدم الإغناء. أى: ما أغنت عنهم شيئا حتى ولو كان هذا الشيء في غاية القلة والحقارة.

ثم بين- سبحانه- أن ما أصابهم من دمار كان بسبب جحودهم للحق واستهزائهم به، فقال: إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ، وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ.

أى: هذا الهلاك والدمار الذي حاق بهم، كان بسبب جحودهم لآيات الله الدالة على وحدانيته وكمال قدرته، واستهزائهم بما جاءهم به رسلهم من الحق.

ومن الآيات القرآنية التي وردت في هذا المعنى، قوله- تعالى-: فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ.

وقوله- سبحانه- أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ. فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ.

يقول تعالى : ولقد مكنا الأمم السالفة في الدنيا من الأموال والأولاد ، وأعطيناهم منها ما لم نعطكم مثله ولا قريبا منه ، ( وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) أي : وأحاط بهم العذاب والنكال الذي كانوا يكذبون به ويستبعدون وقوعه ، أي : فاحذروا أيها المخاطبون أن تكونوا مثلهم ، فيصيبكم مثل ما أصابهم من العذاب في الدنيا والآخرة .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26)

يقول تعالى ذكره لكفار قريش: ولقد مكنَّا أيها القوم عادا الذين أهلكناهم بكفرهم فيما لم نمكنكم فيه من الدنيا, وأعطيناهم منها الذي لم نعطكم منهم من كثرة الأموال, وبسطة الأجسام, وشدّة الأبدان.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثني أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ ) يقول: لم نمكنكم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ ) : أنبأكم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم.

وقوله ( وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا ) يسمعون به مواعظ ربهم, وأبصارا يبصرون بها حجج الله, وأفئدة يعقلون بها ما يسرّهم وينفعهم ( فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ ) يقول: فلم ينفعهم ما أعطاهم من السمع والبصر والفؤاد إذ لم يستعملوها فيما أعطوها له, ولم يعملوها فيما ينجيهم من عقاب الله, ولكنهم استعملوها فيما يقرّبهم من سخطه ( إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ) يقول: إذ كانوا يكذّبون بحجج الله وهم رُسله, وينكرون نبوّتهم ( وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) يقول: وعاد عليهم ما استهزءوا به, ونـزل بهم ما سخروا به, فاستعجلوا به من العذاب, وهذا وعيد من الله جلّ ثناؤه لقريش, يقول لهم: فاحذروا أن يحلّ بكم من العذاب على كفركم بالله وتكذيبكم رسله, ما حلّ بعاد, وبادروا بالتوبة قبل النقمة.

التدبر :

وقفة
[26] ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾ أي: ولقد مكنا عادًا كما مكناكم يا هؤلاء المخاطبون؛ أي: فلا تحسبوا أن ما مكناكم فيه مختص بكم، وأنه سيدفع عنكم من عذاب الله شيئًا، بل غيركم أعظم منكم تمكينًا، فلم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم ولا جنودهم من الله شيئًا.
وقفة
[26] ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾ قوة قوم عاد فوق قوة قريش، ومع ذلك أهلكهم الله.
وقفة
[26] ﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً﴾ أنهم لم ينقصهم شيء من شأنه يخل بإدراكهم الحق لولا العناد، وهذا تعريض بمشركي قريش؛ أي أنكم حرمتم أنفسكم الانتفاع بسمعكم وأبصاركم وعقولكم كما حرموه.
وقفة
[26] ﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ﴾ فتحنا عليهم أبواب المعارف، فأعطيناهم سمعًا فما استعملوه في سماع الآيات، وأبصارًا فما نظروا بها في تأمل العبر والعظات، وأفئدة فما استعملوها في الوصول إلى معرفة الله.
وقفة
[26] ﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ﴾ وهذه الآية وأمثالها تدل على أن السمع والأبصار والأفئدة لا تنفع صاحبها مع جحده بآيات الله، فتبين أن العقل الذي هو مناط التكليف لا يحصل بمجرده الإيمان النافع والمعرفة المنجية من عذاب الله.
عمل
[26] اعمل ثلاث طاعاتٍ: الأولى متعلقة بالسمع، والثانية بالبصر، والثالثة بالفؤاد ﴿فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ﴾.
وقفة
[26] ﴿فما أغنى سمعهم وﻻ أبصارهم وﻻ أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون﴾ أي نعمة ﻻ تقربك إلى الله فهي نقمة.
تفاعل
[26] ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنّاهُمْ:
  • الواو استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. مكن: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. اي ولقد مكناهم من الثروة والقوة.
  • ﴿ فِيما:
  • حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي.والجار والمجرور متعلق بمكن.
  • ﴿ إِنْ مَكَّنّاكُمْ فِيهِ:
  • ان: مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية و «ان» صلة «ما» لا محل لها من الاعراب و «مكنا».اعربت والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به. والميم علامة جمع الذكور. فيه: جار ومجرور متعلق بمكن.
  • ﴿ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً:
  • معطوفة بالواو على «مكنا» الاولى وتعرب اعرابها واللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بجعل. سمعا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً:
  • معطوفتان بواوي العطف على «سمعا» منصوبتان مثلها وعلامة نصبهما الفتحة.
  • ﴿ فَما أَغْنى عَنْهُمْ:
  • الفاء استئنافية للتعليل. ما: نافية لا عمل لها. أغنى:فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر. عن: حرف جر.و«هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بأغنى وهو في مقام المفعول به المقدم بمعنى فما نفعهم.
  • ﴿ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ:
  • فاعل مرفوع بالضمة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة و «لا» زائدة لتأكيد معنى النفي. ابصارهم وأفئدتهم: معطوفتان بواوي العطف على «سمعهم» وتعربان
  • ﴿ مِنْ شَيْءٍ:
  • حرف جر زائد. شيء: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لانه مفعول به. ويجوز ان تكون مِنْ شَيْءٍ» جارا ومجرورا متعلقا بحال محذوفة من «ما» في فَما أَغْنى عَنْهُمْ» اذا اعربت «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل نصب مفعولا به لاغنى لان «من» حرف جر بياني بمعنى من شيء من الاغناء وهو القليل منه.
  • ﴿ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ:
  • ظرف للزمن مبني على السكون في محل نصب متعلق بأغنى وقد جرى مجرى التعليل و «كانوا» فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والالف فارقة. يجحدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يجحدون» في محل نصب خبر «كان» وجملة كانُوا يَجْحَدُونَ» اي كانوا يكفرون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بِآياتِ اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بيجحدون. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ:
  • اعربت في سور كثيرة. تراجع الآية الكريمة الثالثة والثلاثون من سورة «الجاثية».'

المتشابهات :

هود: 8﴿لَّيَقُولُنَّ مَا يَحۡبِسُهُۥٓۗ أَلَا يَوۡمَ يَأۡتِيهِمۡ لَيۡسَ مَصۡرُوفًا عَنۡهُمۡ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
النحل: 34﴿فَأَصَابَهُمۡ سَيِّ‍َٔاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
الزمر: 48﴿وَبَدَا لَهُمۡ سَيِّ‍َٔاتُ مَا كَسَبُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
غافر: 83﴿فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
الجاثية: 33﴿وَبَدَا لَهُمۡ سَيِّ‍َٔاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
الأحقاف: 26﴿إِذۡ كَانُواْ يَجۡحَدُونَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     ولَمَّا أخبَرَ اللهُ بهَلاكِ قَومِ عادٍ؛ خاطَبَ قُرَيشًا على سَبيلِ المَوعِظةِ، فخَوَّفهم بهلاكِ عَادٍ وغيرِهم من القرى المجاورةِ لمَكَّةَ، معَ أنَّهم كانُوا أكثرَ أموالاً وقوةً وجاهًا منهم؛ ليَعتبرُوا بذلك، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [27] :الأحقاف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ ..

التفسير :

[27] ولقد أهلكنا ما حولكم يا أهل «مكة» من القرى كعاد وثمود، فجعلناها خاوية على عروشها، وبيَّنَّا لهم أنواع الحجج والدلالات؛ لعلهم يرجعون عما كانوا عليه من الكفر بالله وآياته.

يحذر تعالى مشركي العرب وغيرهم بإهلاك الأمم المكذبين الذين هم حول ديارهم، بل كثير منهم في جزيرة العرب كعاد وثمود ونحوهم وأن الله تعالى صرف لهم الآيات أي:نوعها من كل وجه،{ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عماهم عليه من الكفر والتكذيب.

ثم أضاف- سبحانه- إلى هذا التذكير والتخويف للمشركين، تذكيرا وتخويفا آخر، فقال: وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى أى: والله لقد أهلكنا ما حولكم يا أهل مكة من القرى الظالمة، كقوم هود وصالح وغيرهم.

وَصَرَّفْنَا الْآياتِ أى: كررناها ونوعناها بأساليب مختلفة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عما كانوا عليه من الشرك والفجور، ولكنهم لم يرجعوا عما كانوا فيه من ضلال وبغى، فدمرناهم تدميرا..

وقوله : ( ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى ) يعني : أهل مكة ، قد أهلك الله الأمم المكذبة بالرسل مما حولها كعاد ، وكانوا بالأحقاف بحضرموت عند اليمن وثمود ، وكانت منازلهم بينهم وبين الشام ، وكذلك سبأ وهم أهل اليمن ، ومدين وكانت في طريقهم وممرهم إلى غزة ، وكذلك بحيرة قوم لوط ، كانوا يمرون بها أيضا .

وقوله : ( وصرفنا الآيات ) أي : بيناها ووضحناها ، ( لعلهم يرجعون)

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27)

يقول تعالى ذكره لكفار قريش محذّرهم بأسه وسطوته, أن يحلّ بهم على كفرهم ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ) أيها القوم من القُرَى ما حول قريتكم, كحجر ثمود وأرض سدوم ومأرب ونحوها, فأنذرنا أهلها بالمَثُلات, وخرّبنا ديارها, فجعلناها خاوية على عروشها.

وقوله: ( وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ ) يقول: ووعظناهم بأنواع العظات, وذكرناهم بضروب من الذِّكْر والحجج, وبيَّنا لهم ذلك.

كما حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ ) قال بيَّناها( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) يقول ليرجعوا عما كانوا عليه مقيمين من الكفر بالله وآياته. وفي الكلام متروك ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام عليه, وهو: فأبوا إلا الإقامة على كفرهم, والتمادي في غيهم, فأهلكناهم, فلن ينصرهم منا ناصر؛ يقول جلّ ثناؤه: فلولا نصر هؤلاء الذين أهلكناهم من الأمم الخالية قبلهم أوثانهم وآلهتهم التي اتخذوا عبادتها قربانا يتقرّبون بها فيما زعموا إلى ربهم منا إذ جاءهم بأسنا, فتنقذهم من عذابنا إن كانت تشفع لهم عند ربهم كما يزعمون.

وهذا احتجاج من الله لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على مُشركي قومه, يقول لهم: لو كانت آلهتكم التي تعبدون من دون الله تغني عنكم شيئا, أو تنفعكم عند الله كما تزعمون أنكم إنما تعبدونها, لتقرّبكم إلى الله زلفى, لأغنت عمن كان قبلكم من الأمم التي أهلكتها بعبادتهم إياها, فدفعت عنها العذاب إذا نـزل, أو لشفعت لهم عند ربهم, فقد كانوا من عبادتها على مثل الذي عليه أنتم, ولكنها ضرتهم ولم تنفعهم.

التدبر :

وقفة
[27] ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الأقوال، ورؤية مصرع من مصارع الظالمين أبلغ من ألف خطبة في نفوس المخاطبين.
وقفة
[27] ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ العاقل من يتعظ بغيره، والجاهل من يتعظ بنفسه.
عمل
[27] شاهد صورًا عن الآثار المتبقية من الأمم الماضية، وسجل العبر التي تأثرت بها ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.
تفاعل
[27] ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَىٰ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما:
  • تعرب اعراب «ولقد مكنا» الواردة في الآية السابقة. ما:اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ حَوْلَكُمْ:
  • ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بصلة الموصول المحذوفة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور والمخاطبون هم اهل مكة
  • ﴿ مِنَ الْقُرى:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» التقدير: حالة كونهم من القرى اي من اهل القرى ولذلك قال لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» فحذف المجرور المضاف اختصارا ولانه معلوم واقيم المضاف اليه مقامه. و «من» حرف جر بياني وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الالف للتعذر.
  • ﴿ وَصَرَّفْنَا الْآياتِ:
  • معطوفة بالواو على «اهلكنا» وتعرب اعرابها. الآيات:مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المؤنث السالم اي كررناها على وجوه شتى.
  • ﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ:
  • حرف مشبه بالفعل من اخوات «ان» و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «لعل» والجملة الفعلية «يرجعون» في محل رفع خبرها. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى يثوبون الى الله.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     وبعد ذِكرِ هَلاكِ عادٍ؛ ذَكَرَ اللهُ هنا مَن كان مُشارِكًا لهم في التَّكذيبِ، فشارَكَهم في الهَلاكِ؛ كأهلِ الحِجْرِ (ثمودَ) وسَبأٍ، ومَدْيَنَ والأَيْكةِ، وقَومِ لُوطٍ وفِرَعونَ، وأصحابِ الرَّسِّ، وغَيرِهم ممَّن فيهم مُعتَبَرٌ، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [28] :الأحقاف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن ..

التفسير :

[28] فهلَّا نصر هؤلاء الذين أهلكناهم من الأمم الخالية آلهتُهم التي اتخذوا عبادتها قرباناً يتقربون بها إلى ربهم؛ لتشفع لهم عنده، بل ضلَّت عنهم آلهتهم، فلم يجيبوهم، ولا دافعوا عنهم، وذلك كذبهم وما كانوا يَفْتَرون في اتخاذهم إياهم آلهة.

فلما لم يؤمنوا أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر ولم تنفعهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء ولهذا قال هنا:{ فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً} أي:يتقربون إليهم ويتألهونهم لرجاء نفعهم.

{ بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ} فلم يجيبوهم ولا دفعوا عنهم،{ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} من الكذب الذي يمنون به أنفسهم حيث يزعمون أنهم على الحق وأن أعمالهم ستنفعهم فضلت وبطلت.

فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً أى: فهلا نصرهم ومنعهم من الهلاك. هؤلاء الآلهة الذين اتخذوهم من دون الله قربانا يتقربون بهم إليه- سبحانه- كما قالوا ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى.

«فلولا» هنا حرف تحضيض بمعنى «هلا» والمفعول الأول لاتخذوا محذوف أى: الذين اتخذوهم، وآلِهَةً هو المفعول الثاني، و «قربانا» حال. وهو كل ما يتقرب به إلى الله- تعالى- من طاعة أو نسك. والجمع قرابين.

وقوله- تعالى-: بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ إضراب انتقالي عن نفى النصرة إلى ما هو أشد من ذلك.

أى: أن هؤلاء الآلهة لم يكتفوا بعدم نصر أولئك الكافرين، بل غابوا عنهم وتركوهم وحدهم، ولم يحضروا إليهم.. وذلك الغياب الذي حدث من آلهتهم عنهم. مظهر من مظاهر كذب هؤلاء الكافرين وافترائهم على الحق في الدنيا، حيث زعموا أن هذه الآلهة الباطلة ستشفع لهم يوم القيامة، وقالوا- كما حكى القرآن عنهم-: هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ ... وها هم اليوم لا يرون آلهتهم، ولا يجدون لهم شيئا من النفع.

أي : فهلا نصروهم عند احتياجهم إليهم ، ( بل ضلوا عنهم ) أي : بل ذهبوا عنهم أحوج ما كانوا إليهم ، ( وذلك إفكهم ) أي : كذبهم ، ( وما كانوا يفترون ) أي : وافتراؤهم في اتخاذهم إياهم آلهة ، وقد خابوا وخسروا في عبادتهم لها ، واعتمادهم عليها .

يقول تعالى ذكره: ( بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ ) يقول: بل تركتهم آلهتهم التي كانوا يعبدونها, فأخذت غير طريقهم, لأن عبدتها هلكت, وكانت هي حجارة أو نحاسا, فلم يصبها ما أصابهم ودعوها, فلم تجبهم, ولم تغثهم, وذلك ضلالها عنهم, وذلك إفكهم, يقول عزّ وجلّ هذه الآلهة التي ضلَّت عن هؤلاء الذين كانوا يعبدونها من دون الله عند نـزول بأس الله بهم, وفي حال طمعهم فيها أن تغيثهم, فخذلتهم, هو إفكهم: يقول: هو كذبهم الذي كانوا يكذّبون, ويقولون به هؤلاء آلهتنا وما كانوا يفترون, يقول: وهو الذي كانوا يفترون, فيقولون: هي تقرّبنا إلى الله زُلفى, وهي شفعاؤنا عند الله. وأخرج الكلام مخرج الفعل, والمعنيّ المفعول به, فقيل: وذلك إفكهم, والمعنيّ فيه: المأفوك به لأن الإفك إنما هو فعل الآفك, والآلهة مأفوك بها. وقد مضى البيان عن نظائر ذلك قبل, قال: وكذلك قوله ( وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار، وذلك إفكهم بكسر الألف وسكون الفاء وضم الكاف بالمعنى الذي بيَّنا.

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك ما حدثني أحمد بن يوسف, قال: ثنا القاسم, قال: ثنا هشيم, عن عوف, عمن حدثه, عن ابن عباس, أنه كان يقرؤها(وَذَلِكَ أَفْكُهُمْ) يعني بفتح الألف والكاف وقال: أضلهم. فمن قرأ القراءة الأولى التي عليها قرّاء الأمصار, فالهاء والميم في موضع خفض. ومن قرأ هذه القراءة التي ذكرناها عن ابن عباس فالهاء والميم في موضع نصب, وذلك أن معنى الكلام على ذلك, وذلك صرفهم عن الإيمان بالله.

والصواب من القراءة في ذلك عندنا, القراءة التي عليها قراءة الأمصار لإجماع الحجة عليها.

التدبر :

وقفة
[28] ﴿فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ قُرْبَانًا آلِهَةً ۖ بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ﴾ أي فهلا نصرهم آلهتهم التي تقربوا بها بزعمهم إلى الله لتشفع لهم -حيث قالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله- ومنعتهم من الهلاك الواقع بهم.
وقفة
[28] ﴿فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ قُرْبَانًا آلِهَةً ۖ بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ﴾ تعريض بكل سامع مشابه لهؤلاء في عبادة غير الله أو الاستعانة بغير مولاه، وذلك بضرب المثال المستقي من الواقع، لاستكمال الموعظة وشدة التوبيخ.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَوْلا نَصَرَهُمُ:
  • الفاء استئنافية. لولا: حرف توبيخ وتنديم بمعنى فهلا.نصر: فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم.
  • ﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُوا:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. اتخذوا:فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «اتخذوا» وما بعدها صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وحذف العائد-الراجع-الى الموصول «الذين» وهو منصوب المحل. التقدير: اتخذوهم اي هو المفعول الاول لاتخذ
  • ﴿ مِنْ دُونِ اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال من «آلهة» لانهما اي الجار والمجرور متعلقان بصفة مقدمة لآلهة. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ قُرْباناً آلِهَةً:
  • حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة. آلهة: مفعول به ثان لاتخذ منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى: اتخذوهم شفعاء متقربا بهم الى الله. ولا يصح ان يكون قربانا مفعولا ثانية وآلهة بدلا منه للاخلال بالمعنى
  • ﴿ بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ:
  • حرف استئناف للاضراب. ضلوا: تعرب اعراب «اتخذوا».عن: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بضلوا بمعنى: بل غابوا عن نصرتهم.
  • ﴿ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ:
  • الواو استئنافية. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. افك: خبر «ذلك» مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة بمعنى: وذلك اختلاقهم وكذبهم والاشارة الى امتناع نصرة آلهتهم لهم وضلالهم عنهم.
  • ﴿ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ:
  • الواو عاطفة. ما: مصدرية. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والالف فارقة. يفترون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يفترون» في محل نصب خبر «كان».وجملة كانُوا يَفْتَرُونَ» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب.و«ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل رفع معطوف على «افكهم» التقدير:وافتراؤهم. او تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل رفع معطوفا على «افكهم» والجملة الفعلية بعده صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به التقدير: وما كانوا يفترونه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     ولَمَّا لم يؤمنوا؛ أخذهم اللهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدِرٍ، ولم تنفعْهم آلهتُهم التي يدعون من دونِ اللهِ من شيءٍ، قال تعالى:
﴿ فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إفكهم:
1- بكسر الهمزة وإسكان الهاء وضم الكاف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح الهمزة، ورويت عن ابن عباس.
3- بثلاث فتحات، أي: صرفهم، وهى قراءة ابن عباس أيضا، وابن الزبير، والصباح بن العلاء الأنصاري، وأبى عياض، وعكرمة، وحنظلة بن النعمان بن مرة، ومجاهد.
4- بفتحات ثلاث مع تشديد الفاء، للتكثير، وهى قراءة أبى عياض، وعكرمة أيضا.
5- آفكهم، بالمد، وهى قراءة ابن الزبير أيضا، وابن عباس، فيما ذكر ابن خالويه.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف