228545556575859606162

الإحصائيات

سورة هود
ترتيب المصحف11ترتيب النزول52
التصنيفمكيّةعدد الصفحات14.00
عدد الآيات123عدد الأجزاء0.65
عدد الأحزاب1.30عدد الأرباع5.90
ترتيب الطول8تبدأ في الجزء11
تنتهي في الجزء12عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 5/29آلر: 2/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (54) الى الآية رقم (60) عدد الآيات (7)

بعدَ إصرارِهم على الكفرِ اتَّهمُوه هنا بالجنونِ، فأعلنَ هودٌ عليه السلام براءَته من الشِّركِ، وفوَّضَ أمرَه إلى اللهِ، وحَذَّرَهم من الاستئصالِ، ثُمَّ بيانُ نجاةِ هودٍ عليه السلام والذينَ آمنُوا معَه، وعقوبةِ اللهِ لمن جحدَ بآياتِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (61) الى الآية رقم (62) عدد الآيات (2)

القصَّةُ الثالثةُ: قِصَّةُ صالحٍ عليه السلام معَ قومِه ثمودَ، يدْعُوهم إلى عبادةِ اللهِ وحدَهُ، وإلى الاستغفارِ والتوبةِ، فيستغربُونَ ويَشُكُّونَ في دعْوتِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة هود

الثبات والاستمرار في الدعوة والإصلاح رغم كل الظروف/ التوازن (أو: الثبات على الحق دون تهور أو ركون)

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • السورة تقدم 7 نماذج من الأنبياء الكرام::   في ظل هذه الأجواء تنزل سورة "هود" لتقول: اثبتوا واستمروا في الدعوة. نزلت بهدف : تثبيت النبي ﷺ والذين معه على الحق. نزلت تنادي: الثبات والاستمرار في الدعوة والإصلاح رغم كل الظروف.
  • • سورة هود شيبت النبي ﷺ::   ذكرت السورة 7 نماذج من الأنبياء الكرام، وصبرهم على ما لاقوه من أقوامهم، كل منهم يواجه الجاهلية الضالة ويتلقى الإعراض والتكذيب والسخرية والاستهزاء والتهديد والإيذاء، وهم: نوح، هود، صالح، إبراهيم، لوط، شعيب، موسى. وهم الأنبياء أنفسهم الذين ذُكروا في سورة الشعراء والعنكبوت (لكن ليس بنفس هذا الترتيب). وأيضًا نفس الأنبياء الذين ذكروا في سورة الأعراف إلا إبراهيم (وبنفس ترتيب هود). وكأنها تقول للنبي ﷺ وأصحابه: هذا ما حدث للأنبياء قبلكم، أصابتهم المحن ولاقوا من المصاعب ما لاقوا خلال دعوتهم، ومع هذا ثبتوا وصبروا واستمروا؛ فاثبتوا واصبروا واستمروا مثلهم.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «هود».
  • • معنى الاسم ::   هو نبي الله هود عليه السلام، أرسله الله إلى عاد في الأحقاف التي تقع جنوب الجزيزة العربية بين عُمان وحضر موت.
  • • سبب التسمية ::   لتكرار اسمه فيها خمس مرات، ولأنه ما حكي عنه فيها أطول مما حكي عنه في غيرها.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   : لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   رعاية الله عز وجل لأوليائه ولطفه بهم في أوقات الشدائد والمحن.
  • • علمتني السورة ::   أن التوحيد أول الواجبات: ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ...﴾
  • • علمتني السورة ::   أن العبرة بالأحسن، لا بالأكثر! فالله لم يقل: (أكثر عملًا)، بل قال: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾
  • • علمتني السورة ::   أن أقارن بين خاتمة المجرمين والمؤمنين، فقد وجدت الكافرين في النار، ليس لهم أولياء يدفعون عنهم العذاب الأليم، أما المؤمنون فـ ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (23)، فالفريق الأول (الكفار) مثلهم كمثل الأعمى الأصم، والفريق الثاني (المؤمنون) كالبصير السميع، وشتان شتان بين هؤلاء وهؤلاء: ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ (24).
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ شِبْت»، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «شَيَّبَتْنِي هُودٌ، وَالْوَاقِعَةُ، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كَوِّرَتْ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة هود من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
    • عَنْ كَعْب الأحبار قَالَ: «فَاتِحَةُ التَّوْرَاةِ الْأَنْعَامُ، وَخَاتِمَتُهَا هُودٌ».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة هود من السور الخمس التي شيبت النبي صلى الله عليه وسلم (حديث: «شَيَّبَتْنِي هُودٌ» سبق قبل قليل).
    • سورة هود احتوت على أطول قصة لنوح في القرآن الكريم، وبسطت فيها ما لم تبسط في غيرها من السور، ولا سورة الأعراف على طولها، ولا سورة نوح التي أفردت لقصته.
    • سورة هود تشبه سورة الأعراف من حيث الموضوع؛ فكلتاهما تتناولان قصة التوحيد في مواجهة الجاهلية على مدار التاريخ من خلال قصص الأنبياء، ولكن تبقى لكل سورة أسلوبها الخاص؛ فمثلًا نجد سورة الأعراف ركزت وفصلت كثيرًا في قصة موسى خاصة مع بني إسرائيل في ما يقارب من 70 آية من السورة، بينما قصة موسى ذكرت في 4 آيات من سورة هود، ونجد سورة هود فصلت أكثر في قصة نوح من سورة الأعراف.
    • سورة هود وسورة النحل تعتبر من أطول سور المئين، فهما من أطول سور القرآن الكريم بعد سور السبع الطِّوَال.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نصبر ونستمر في الدعوة إلى الله رغم كل الظروف، دون أي تهور أو ركون.
    • أن نستغفر الله دومًا ونتوب إليه: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾، فإذا تم هذا كان العيشُ الهانئ في الدنيا: ﴿يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾، والتكريم في الآخرة: ﴿وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾، وإلا كان التهديد والوعيد بعذاب الآخرة الدائم: ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ (3).
    • أن نراقب الله في السر والعلن: ﴿يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ (5).
    • أن نجتهد في طلب الرزق، متيقنين أن الله هو الرزاق: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ (6).
    • ألا نتكبر إذا أصابنا الخير بعد الشر؛ بل نشكر الله تعالى على نعمه: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾ (10).
    • أن نراجع مشروعاتنا في الحياة؛ هل سننتفع بها في الآخرة؟: ﴿وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (16).
    • أن نعمل أعمالًا صالحة تشهد لنا بها الأشهاد يوم القيامة: ﴿وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ﴾ (18).
    • أن نتقي ظلم أنفسنا بالمعاصي، أو ظلم غيرنا بإضلالهم: ﴿أَلَا لَعْنَةُ اللَّـهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ (18، 19).
    • أن نصلي ركعتين، ثم ندعو الله ونتضرع إليه أن يرزقنا الإخبات إليه (أي: التواضع والتسليم له): ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ (23).
    • ألا نحتقر أحدًا في دعوتنا لمكانته الاجتماعية أو المادية: ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ (27).
    • أن نحتسب في تعليم المسلمين ودعوتهم إلى الله: ﴿وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـه﴾ (29).
    • أن نكثر من زيارة الضعفاء، ونقدّم لهم الهدايا والعطايا: ﴿وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ﴾ (30).
    • ألا نيأس إذا قَلَّ من يسمع نصحنا، أو كَثُرَ مخالفونا؛ فإنَّ الأنبياء قد أفنوا أعمارهم الطويلة في الدعوة، ولم يستجب لبعضهم إلا القليل: ﴿وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ (40).
    • أن نُذَكِّر من حولنا بنعم الله تعالى عليهم وإحسانه لهم: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْه﴾ (61).
    • أن نلقي السلام، وأن نرد بأحسن منه، فضيوف إبراهيم عليه السلام حين دخلوا سلموا: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا﴾ (69)، وهو رد: ﴿قَالَ سَلَامٌ﴾ هم حيـَّوه بالجملة الفعلية التي تفيد الحدوث، ورد عليهم بالجملة الاسمية التي تفيد الثبوت، فكان رد إبراهيم عليه السلام بأحسن من تحيتهم.
    • أن نتم الكيل والوزن، ولا نبخس الناس أشياءهم: ﴿وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾ (85).
    • أن نفتش في أنفسنا: هل ظلمنا أحدًا في عرض، أو مال، أو غيره، ثم نردّ الحقوق لأهلها: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ (85).
    • أن نبتعد عن الظلم والظالمين: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ (113).
    • أن نحافظ على أداء الصلوات أول وقتها مع الجماعة: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ﴾ (114).
    • أن ننكر على أهل البدع أو المجاهرين بالمعاصي بأسلوب حكيم: ﴿فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ﴾ (116).

تمرين حفظ الصفحة : 228

228

مدارسة الآية : [54] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ ..

التفسير :

[54] ما نقول إلا أن بعض آلهتنا أصابك بجنون بسبب نهيك عن عبادتها. قال لهم:إني أُشهد الله على ما أقول، وأُشهدكم على أنني بريء مما تشركون.

تفسير الآيتين 54 و 55:ـ

{ إِنْ نَقُولُ} فيك{ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} أي:أصابتك بخبال وجنون، فصرت تهذي بما لا يعقل. فسبحان من طبع على قلوب الظالمين، كيف جعلوا أصدق الخلق الذي جاء بأحق الحق، بهذه المرتبة، التي يستحي العاقل من حكايتها عنهم لولا أن الله حكاها عنهم.

ولهذا بين هود، عليه الصلاة والسلام، أنه واثق غاية الوثوق، أنه لا يصيبه منهم، ولا من آلهتهم أذى، فقال:{ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا} أي:اطلبوا لي الضرر كلكم، بكل طريق تتمكنون بها مني{ ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ} أي:لا تمهلوني.

قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ. مِنْ دُونِهِ، فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ. إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها، إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً، إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ.

أى: قال هود- عليه السلام- للطغاة من قومه بعزة وثقة إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ الذي لا رب سواه على براءتي من عبادتكم لغيره.

وَاشْهَدُوا أنتم أيضا على أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ.

أى: على براءتي من كل عبادة تعبدونها لغير الله- تعالى- لأنها عبادة باطلة. يحتقرها العقلاء، ويتنزه عنها كل إنسان يحترم نفسه.

فأنت تراه في هذه الآية الكريمة يعلن احتقاره لآلهتهم، وبراءته من شركهم، واستخفافه بأصنامهم التي زعموا أن بعضها قد أصابه بسوء، ويوثق هذه البراءة بإشهاد الله- تعالى- وإشهادهم.

وذلك كما يقول الرجل لخصمه إذا لم يبال به: أشهد الله وأشهدك على أنى فعلت بك كذا وكذا، وقلت في حقك كذا وكذا ... فافعل أنت ما بدا لك!!

( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ) يقولون : ما نظن إلا أن بعض الآلهة أصابك بجنون وخبل في عقلك بسبب نهيك عن عبادتها وعيبك لها ( قال إني أشهد الله واشهدوا ) [ أي أنتم أيضا ] ( أني بريء مما تشركون)

القول في تأويل قوله تعالى : إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54)

قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله تعالى ذكره، عن قول قوم هود : أنهم قالوا له، إذ نصح لهم ودعاهم إلى توحيد الله وتصديقه، وخلع الأوثان والبراءة منها: لا نترك عبادة آلهتنا، وما نقول إلا أن الذي حملك على ذمِّها والنهي عن عبادتها ، أنه أصابك منها خبَلٌ من جنونٌ . فقال هود لهم: إني أشهد الله على نفسي وأشهدكم أيضًا أيها القوم ، أني بريء مما تشركون في عبادة الله من آلهتكم وأوثانكم من دونه .

التدبر :

وقفة
[54] ﴿إِن نَّقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ﴾ من وسائل المشركين في التنفير من الرسل: الاتهام بخفة العقل والجنون.
وقفة
[54] ﴿إِن نَّقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ﴾ رمتني بدائها وانسلت! شتمت آلهتنا فجعلتك مجنونًا وأفسدت عقلك، يرمون أعقل الخلق بما وقعوا فيه!
وقفة
[54] ما نراه في واقع اﻷمة من قلب للحقائق ليس بدعًا من الزيف، ألم تقرأوا قول قوم هود: ﴿إِن نَّقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ﴾ وهم يوقنون أنها حجارة صماء.
وقفة
[54] ﴿إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾ في طريق دعوتك ستتهم بما يؤذيك؛ فكن واثقًا بأنك على الحق، واستمر بثبات في طريقك.
وقفة
[54] ﴿إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾ فيها مؤكدات: أولًا: أسلوب قصر: (إن نقول إلا)، ما قال: (نقول اعتراك بعض آلهتنا بسوء)، نحن لا نقول غير هذا قصرًا، ما نقول شيئًا آخر، ثم النفي بـ(إن)، (إِن نَّقُولُ)، و(إن) آكد من (ما)، كلها مؤكدات؛ لأن أصبح الموقف موقف حرب فتحتاج كل التوكيدات، من دون أيِّ تنازل، هذا موقفنا ثابت مؤكد، ليس عندنا غيره.
وقفة
[54] ﴿قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّـهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾ من أعظم الآيات أن يواجه بهذا الكلام رجل واحد أمة عطاشًا إلى إراقة دمه، يرمونه عن قوس واحد، وذلك لثقته بربه، وأنه يعصمه منهم، فلا تنشب فيه مخالبهم.
عمل
[54] أَشهِدِ الله تعالى على براءتك من جميع أنواع الشرك الموجودة ﴿قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّـهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إنْ نقول إلّا:
  • إنْ: نافية بمعنى \"ما\" مهملة لأنها مخففة. نقول: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن. إلّا: أداة حصر لا عمل لها. والجملة الفعلية بعدها: في محل نصب مفعول به -مقول القول- بمعنى ما نقول إلا قولنا.
  • ﴿ اعتراك بعض:
  • اعترى: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم. بعض: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ آلهتنا بسوء:
  • مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. بسوء: جار ومجرور متعلق باعتراك بمعنى: أصابك بأذى. والمراد في القول الكريم هنا: بجنون.
  • ﴿ قال إني أشهد الله:
  • قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. أي قال هود والجملة بعدها في محل نصب مفعول به -مقول القول- إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم \"إنّ\". أشهد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. الله: لفظ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. وجملة \"أشهد الله\" في محل رفع خبر \"إنّ\".
  • ﴿ واشهدوا أني:
  • الواو عاطفة. اشهدوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأنّ مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أنى: أعربت.
  • ﴿ بريء مما تشركون:
  • بريء: خبر \"أنّ\" مرفوع بالضمة. ممّا: مكونة من \"من\" حرف جر و \"ما\" اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار المجرور متعلق ببريء. تشركون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة \"تشركون\" صلة الموصول. '

المتشابهات :

الأنعام: 19﴿قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ
الأنعام: 78﴿فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ
هود: 54﴿قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّـهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [54] لما قبلها :     وبعد إصرارِ عاد على الكفرِ؛ سخروا هنا من هودٍ عليه السلام واتَّهمُوا بالجنونِ، فأعلنَ هودٌ عليه السلام لقومه البراءة من شركهم، قال تعالى:
﴿ إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [55] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ ..

التفسير :

[55]، مِن دون الله من الأنداد والأصنام، فانظروا واجتهدوا أنتم ومَن زعمتم من آلهتكم في إلحاق الضرر بي، ثم لا تؤخروا ذلك طرفة عين؛ ذلك أن هوداً واثق كلَّ الوثوق أنه لا يصيبه منهم ولا من آلهتهم أذى.

تفسير الآيتين 54 و 55:ـ

{ إِنْ نَقُولُ} فيك{ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} أي:أصابتك بخبال وجنون، فصرت تهذي بما لا يعقل. فسبحان من طبع على قلوب الظالمين، كيف جعلوا أصدق الخلق الذي جاء بأحق الحق، بهذه المرتبة، التي يستحي العاقل من حكايتها عنهم لولا أن الله حكاها عنهم.

ولهذا بين هود، عليه الصلاة والسلام، أنه واثق غاية الوثوق، أنه لا يصيبه منهم، ولا من آلهتهم أذى، فقال:{ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا} أي:اطلبوا لي الضرر كلكم، بكل طريق تتمكنون بها مني{ ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ} أي:لا تمهلوني.

ثم ينتقل من براءته من شركهم، إلى تحديهم بثقة واطمئنان فيقول: فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ.

أى: لقد أعلنت أمامكم بكل قوة ووضوح أنى برىء من شرككم، وها أنذا في مواجهتكم، فانضموا إلى آلهتكم، وحاربونى بما شئتم من ألوان المحاربة والأذى بدون تريث أو إمهال، فإنى لن أكف عن الجهر بدعوتي، ولن أتراجع عن احتقار الباطل الذي أنتم عليه.

وهذا- كما يقول صاحب الكشاف- من أعظم الآيات، أن يواجه بهذا الكلام رجل واحد أمة عطاشا إلى إراقة دمه، يرمونه عن قوس واحدة وذلك لثقته بربه، وأنه يعصمه منهم، فلا تنشب فيه مخالبهم.. .

يقول : إني بريء من جميع الأنداد والأصنام ، ( فكيدوني جميعا ) أي : أنتم وآلهتكم إن كانت حقا ، [ ف ذروها تكيدني ] ، ( ثم لا تنظرون ) أي : طرفة عين [ واحدة ] .

(فكيدوني جميعا) ، يقول: فاحتالوا أنتم جميعًا وآلهتكم في ضري ومكروهي (1) ، (ثم لا تنظرون) ، يقول: ثم لا تؤخرون ذلك، (2) فانظروا هل تنالونني أنتم وهم بما زعمتم أن آلهتكم نالتني به من السوء؟

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك.

18267- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ )، قال: أصابتك الأوثان بجنون.

18268- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : ( اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ) ، قال: أصابك الأوثان بجنون.

18269- حدثني المثني قال ، حدثنا ابن دكين قال ، حدثنا سفيان، عن عيسى، عن مجاهد: ( اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ) ، قال: سببتَ آلهتنا وعبتها ، فأجنَّتك.

18270-. . . . قال، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن نجيح، عن مجاهد: ( اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ) ، أصابك بعض آلهتنا بسوء ، يعنون الأوثان.

18271-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ) قال: أصابك الأوثان بجنون.

18272- حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ( إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ) ، قال: تصيبك آلهتنا بالجنون.

18273- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ( إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ) ، قال: ما يحملك على ذمّ آلهتنا، إلا أنه أصابك منها سوء.

18274- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ) ، قال: إنما تصنع هذا بآلهتنا أنها أصابتك بسوء.

18275- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال عبد الله بن كثير: أصابتك آلهتنا بشر.

18276- حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: ( إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ )، يقولون: نخشى أن يصيبك من آلهتنا سوء، ولا نحب أن تعتريك ، يقولون: يصيبك منها سوء.

18277- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ( إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ) ، يقولون: اختلَط عقلك فأصابك هذا مما صنعت بك آلهتنا.

* * *

وقوله: (اعْتَرَاكَ) ، ا " فتعل "، من " عراني الشيء يعروني" :، إذا أصابك، كما قال الشاعر: (3)

مِنَ القَوْمِ يَعْرُوهُ اجْتِرَاءٌ وَمَأْثَمُ (4)

--------------------------

الهوامش :

(1) انظر تفسير " الكيد " فيما سلف 13 : 449 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

(2) انظر تفسير " الإنظار " فيما سلف ص : 151 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

(3) هو أبو خراش الهذلي .

(4) ديوان الهذليين 2 : 147 ، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 290 ، من قصيدته التي ذكر فيها فراره من فائد وأصحابه الخزاعيين ، وكان لهم وتر عنده . فلما لقوه فر وعدا ، فذكر ذلك في شعره ، ثم انتهى إلى ذكر رجل كان يتبعه وهو يعدو فقال : أُوائِــلُ بالشَّــدِّ الـذَّلِيقِ , وَحَـثَّنِي

لَـدَى المَتْـنِ مَشْـبُوحُ الذِّرَاعَينِ خَلْجَمُ

تَذَكَّـر ذَخْـلاً عِنْدَنَـا , وهـو فـاتِكٌ

مِـنَ القَـوْمِ يَعْـرُوهُ اجْـتِرَاءٌ وَمَـأْثَمُ

يقول : " أوائل بالشد " ، أطلب النجاة بالعدو السريع ، و" الذليق " ، الحديد السريع الشديد ، و" حثني لدى المتن " ، يحثني على عدوى ، رجل من ورائي ، كأنه من قربه قد ركب متني ، " مشبوح الذراعين " ، من صفة هذا الرجل أنه عريض الذراعين ، " خلجم " ، طويل شديد . و" تذكر ذحلا " ، أي ثأرًا ، فكان تذكره للثأر أحفز له على طلب أبي خراش . ثم قال : إنه فاتك من فتاكهم ، لا يرهب ، ويدفعه على ذلك " اجتراء " ، أي جرأة لا تكفها المخافة ، و" مأثم " ، أي طلب الأثام ، وهو المجازاة والعقوبة على إثمي الذي سلف إليهم . و" المأثم " و"الأثام "واحد .

وكان في المطبوعة : " اجترام " ، وفي المخطوطة : " اجترامًا " ، وهما خطأ ، صوابه ما أثبت من ديوانه .

التدبر :

عمل
[55] يجب أن تكون شجاعتك بمستوى مبادئك ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا﴾.
وقفة
[55] ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ﴾ ما ذكر هود عليه السلام من أسباب عدم خوفه منهم -وهم أمة وهو وحده- إلا التوكل التام على الله.
وقفة
[55, 56] ﴿مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّـهِ رَبِّي وَرَبِّكُم﴾ أنا متأكد أن قوة الإنسان كلها في قلبه، تحدى هود أمته بأسرها أن يصبوا عليه كيدهم بدون تريث ولا انتظار، ولم يكن له سبب يبرر هذا التحدي الخطير سوى: إني توكلت على الله.
وقفة
[55, 56] ﴿مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّـهِ رَبِّي وَرَبِّكُم﴾ وهذا القول مع كثرة الأعداء يدل على كمال الثقة بنصر الله تعالى.
وقفة
[55، 56] ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ﴾ قوةُ التَّوكُّلِ عَلى اللهِ تغْرِسُ الشَّجاعةَ في نفسِ المؤمنِ.
وقفة
[55، 56] كمال التوكل في تمام اليقين بكفاية الله عز وجل ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ﴾.
وقفة
[55، 56] ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ﴾ نبي الله هود قد تحدى أمة بأسرها أن يصبوا عليه كيدهم بلا تريث أو انتظار، وكان سر قوته ومصدر منعته: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ من دونه فكيدوني:
  • جار ومجرور متعلق بصفة مفعول \"تشركون\" المحذوف. والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة. الفاء: استئنافية. كيدوني: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون: نون الوقاية. والياء: ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ جميعًا ثم لا تنظرون:
  • جميعًا: حال من ضمير \"كيدوني\" منصوب بالفتحة. ثم: حرف عطف. لا: ناهية جازمة. تنظرون: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. النون: نون الوقاية والياء المحذوفة خطًّا واختصارًا: ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به وبقيت الكسرة الدالة على الياء المحذوفة. أي لا تمهلوني. '

المتشابهات :

الأعراف: 195﴿قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ
هود: 55﴿مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [55] لما قبلها :     ولمَّا أعلنَ هودٌ عليه السلام لقومه البراءة من شركهم؛ بَيَّنَ هنا أنه لا يبالي بهم، وتحداهم في شجاعة: بالغوا في عداوتي وإيذائي ولا تؤجلون، قال تعالى:
﴿ مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [56] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي ..

التفسير :

[56] إني توكلت على الله ربي وربكم مالكِ كل شيء والمتصرف فيه، فلا يصيبني شيء إلا بأمره، وهو القادر على كل شيء، فليس من شيء يدِبُّ على هذه الأرض إلا والله مالكه، وهو في سلطانه وتصرفه. إن ربي على صراط مستقيم، أي عدل في قضائه وشرعه وأمره. يجازي المحسن بإحسانه

{ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ} أي:اعتمدت في أمري كله على الله{ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} أي:هو خالق الجميع، ومدبرنا وإياكم، وهو الذي ربانا.

{ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} فلا تتحرك ولا تسكن إلا بإذنه، فلو اجتمعتم جميعا على الإيقاع بي، والله لم يسلطكم علي، لم تقدروا على ذلك، فإن سلطكم، فلحكمة أرادها.

فـ{ إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي:على عدل، وقسط، وحكمة، وحمد في قضائه وقدره، في شرعه وأمره، وفي جزائه وثوابه، وعقابه، لا تخرج أفعاله عن الصراط المستقيم، التي يحمد، ويثنى عليه بها.

ثم ينتقل بعد ذلك إلى بيان السبب الذي دعاه إلى البراءة من شركهم، وإلى عدم المبالاة بهم فقال- كما حكى القرآن عنه- إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ....

أى: إنى فوضت أمرى إلى الله الذي هو ربي وربكم، ومالك أمرى وأمركم، والذي لا يقع في هذا الكون شيء الا بإرادته ومشيئته.

وفي قوله: رَبِّي وَرَبِّكُمْ مواجهة لهم بالحقيقة التي ينكرونها، لإفهامهم أن إنكارهم لا قيمة له، وأنه إنكار عن جحود وعناد.. فهو- سبحانه- ربهم سواء أقبلوا ذلك أم رفضوه. وقوله ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها تصوير بديع لشمول قدرته- سبحانه- والأخذ: هو التناول للشيء عن طريق الغلبة والقهر.

والناصية: منبت الشعر في مقدم الرأس، ويطلق على الشعر النابت نفسه.

قال الإمام الرازي: واعلم أن العرب إذا وصفوا إنسانا بالذلة والخضوع قالوا: ما ناصية فلان إلا بيد فلان. أى أنه مطيع له، لأن كل من أخذت بناصيته فقد قهرته. وكانوا إذا أسروا أسيرا وأرادوا إطلاقه جزوا ناصيته ليكون ذلك علامة لقهره فخوطبوا في القرآن بما يعرفون ... .

والمعنى: إنى اعتمدت على الله ربي وربكم: ما من دابة تدب على وجه الأرض إلا والله- تعالى- مالكها وقاهر لها، وقادر عليها، ومتصرف فيها كما يتصرف المالك في ملكه.

وفي هذا التعبير الحكيم صورة حسية بديعة تناسب المقام، كما تناسب غلظة قوم هود وشدتهم. وصلابة أجسامهم وبنيتهم، وجفاف حسهم ومشاعرهم.. فكأنه- عليه السلام- يقول لهم: إنكم مهما بلغتم من القوة والبطش، فما أنتم الا دواب من تلك الدواب التي يأخذ ربي بناصيتها. ويقهرها بقوته قهرا يهلكها- إذا شاء ذلك- فكيف أخشى دوابا مثلكم مع توكلي على الله ربي وربكم؟! ثم يتبع هذا الوصف الدال على شمول قدرة الله- تعالى- بوصف آخر يدل على عدالته وتنزهه عن الظلم فيقول: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

أى: إن ربي قد اقتضت سنته أن يسلك في أحكامه طريق الحق والعدل وما دام الأمر كذلك فلن يسلطكم على لأنه- حاشاه- أن يسلط من كان متمسكا بالباطل، على من كان متمسكا بالحق.

واكتفى هنا بإضافة الرب إلى نفسه، للإشارة إلى أن لطفه- سبحانه- يشمل هودا وحده ولا يشملهم، لأنهم أشركوا معه في العبادة آلهة أخرى.

وقوله : ( إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) أي : [ هي ] تحت قهره وسلطانه ، وهو الحاكم العادل الذي لا يجور في حكمه ، فإنه على صراط مستقيم .

قال الوليد بن مسلم ، عن صفوان بن عمرو عن أيفع بن عبد الكلاعي أنه قال في قوله تعالى : ( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ) قال : فيأخذ بنواصي عباده فيلقى المؤمن حتى يكون له أشفق من الوالد لولده ويقال للكافر : ( ما غرك بربك الكريم ) [ الانفطار : 6 ] .

وقد تضمن هذا المقام حجة بالغة ودلالة قاطعة على صدق ما جاءهم به ، وبطلان ما هم عليه من عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر ، بل هي جماد لا تسمع ولا تبصر ، ولا توالي ولا تعادي ، وإنما يستحق إخلاص العبادة الله وحده لا شريك له ، الذي بيده الملك ، وله التصرف ، وما من شيء إلا تحت ملكه وقهره وسلطانه ، فلا إله إلا هو ، ولا رب سواه .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)

قال أبو جعفر: يقول: إني على الله الذي هو مالكي ومالككم ، والقيِّم على جميع خلقه ، توكلت من أن تصيبوني ، أنتم وغيركم من الخلق بسوء، (5) فإنه ليس من شيء يدب على الأرض ، (6) إلا والله مالكه، وهو في قبضته وسلطانه. ذليلٌ له خاضعٌ.

* * *

فإن قال قائل: وكيف قيل: (هو آخذ بناصيتها)، فخص بالأخذ " الناصية " دون سائر أماكن الجسد.

قيل: لأن العرب كانت تستعمل ذلك في وصفها من وصفته بالذلة والخضوع، فتقول: " ما ناصية فلان إلا بيد فلان "، أي : أنه له مطيع يصرفه كيف شاء . وكانوا إذا أسروا الأسير فأرادوا إطلاقه والمنّ عليه ، جزُّوا ناصيته ، ليعتدّوا بذلك عليه فخرًا عند المفاخرة. فخاطبهم الله بما يعرفون في كلامهم، والمعنى ما ذكرت.

* * *

وقوله: (إن ربي على صراط مستقيم) ، يقول: إن ربي على طريق الحق، يجازي المحسن من خلقه بإحسانه والمسيء بإساءته، لا يظلم أحدًا منهم شيئًا ولا يقبل منهم إلا الإسلام والإيمان به، (7) كما:-

18278- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إن ربي على صراط مستقيم) ، الحقّ .

18279- حدثني المثني قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

18280- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.

18281- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

----------------------

الهوامش :

(5) انظر تفسير " التوكل " فيما سلف من فهارس اللغة ( وكل ) .

(6) انظر تفسير " دابة " فيما سلف ص : 240 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(7) انظر تفسير " صراط مستقيم " فيما سلف من فهارس اللغة ( سرط ) ، ( قوم ) .

التدبر :

عمل
[56] ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ﴾ نحن نتوكل ليس لأننا عاجزون فحسب؛ بل ولأننا لا نعرف ما الذي يصلح لنا، وكيف يتحقق؟! سَلِّم الأمر كله لله.
وقفة
[56] ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ﴾ جملة التوكل تفويض الأمر إلى الله والثقة به.
عمل
[56] الشعور بالعجز وفقدان القدرة يتحول إلى قوة هائلة حين يمنحنا طاقة التوكل، استشعر قوة الله معك، وتحد آلامك، قُلْ مثل هود: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ﴾.
وقفة
[56] ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم﴾ عند اشتداد الأزمات هناك لذة لا يتذوقها إلا المتوكل.
وقفة
[56] ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم﴾ ولو كان الجميع ضدي، أو كان من كان معي لا يملك لي ضرًّا سواه ولا يغنيني ويكفيني سواه.
وقفة
[56] ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم﴾ (رَبِّي وَرَبِّكُم) هو ربي وهو ربكم، إن شئتم وإن أبيتم، وإن اتخذتم أربابًا أخرى تعبدونها غيره، هو ربكم لا تفوتونه، هذه الأصنام لا تفعل شيئًا، هو ربي يحميني ويمنعكم ويمنع أصنامكم من الكيد لي بشيء، إن كانت هي أرباب فلتكيدني.
وقفة
[56] التوكل على الله وحسن الالتجاء إليه هو سبيل الأنبياء والمرسلين، وطريق القدوات والمربين، قال سبحانه عن نبي الله هود عليه السلام: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم﴾، وقال سبحانه آمرًا نبيه عليه الصلاة والسلام: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ [التوبة: 129].
وقفة
[56] ﴿إني توكلت على الله ... مامن دابة إلا هو آخذ بناصيتها﴾ أيها المتوكل: كلما تعمدك أحدٌ (بِشرٍّ) أمسك الله بناصيته فصرفه عنك.
عمل
[56] ﴿إني توكلت على الله ... مامن دابة إلا هو آخذ بناصيتها﴾ توكل على الله ﷻ الوكيل الرزاق؛ تفلح وتطمئن.
عمل
[56] ﴿إني توكلت على الله ... مامن دابة إلا هو آخذ بناصيتها﴾ كل الكائنات التي ستقابلها اليوم تدبيرها بيد ربك؛ توكل عليه وحده، ولا يقلقونك.
عمل
[56] حدد أمرًا أهمك، وفوض أمرك فيه إلى الله تعالى؛ مع الأخذ بالأسباب؛ فإن تولى الله أمرك كفاك ﴿إِنِّى تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّى وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾.
وقفة
[56] ﴿عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم﴾ جاء بلفظ الجلالة لأنه يدعوهم إلى التوحيد، لأن كلمة رب عامة، رب الدار ورب المال ورب العمل، هو الآن حدد الله، هو الرب وهو الله.
لمسة
[56] ﴿مَّا مِن دَآبَّةٍ﴾ على سبيل الاستغراق، جميع الدواب، جميع المخلوقات، الله سبحانه وتعالى يأخذ بناصيتها.
وقفة
[56] ﴿ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها﴾ يأخذ بناصيتها فيدلها لمصلحتها (رحيم)، ويأخذ بناصيتها فيتحكم بها لمصلحة غيرها (عزيز).
وقفة
[56] ﴿ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها﴾ هذا الاستثناء يسموه مفرّقًا يفيد القصر، يعني المستثنى منه غير موجود، وهو منفي.
وقفة
[56] ﴿ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم﴾ جمعت الآية عموم القدرة، وكمال الملك، وتمام العدل والإحسان، فهي من كنوز القرآن، ولقد كفت وشفت لمن فُتح عليه بفهمها.
لمسة
[56] ﴿بِنَاصِيَتِهَا﴾ الناصية هي الجبهة، وأيضًا الشعر النابت عليها، (المأخوذ بناصيته) ذليل، ولذلك العرب كانت تأخذ الأسير بناصيته، تقوده من شعر رأسه، كناية عن الذل والانقياد، وإذا أرادت العرب أن تصف أحدًا بالذل تقول: ما ناصية فلان إلا بيد فلان.
وقفة
[56] ﴿إن ربي على صراط مستقيم﴾ (إن ربي) أكد الأمر؛ لأن السامع شاكٌّ في ذلك.
لمسة
[56] ﴿إن ربي على صراط مستقيم﴾ حرف الجر (عَلَى) يفيد الاستعلاء، أنه مستعلٍ عليه، هذا التعبير يجمع عدة معاني: لا يظلم، ولا يجور، ويعاقب الجائر الظالم، يدل على الصراط المستقيم يوصل إليه من مشى عليه.
وقفة
[56] ﴿إن ربي على صراط مستقيم﴾ (صِرَاطٍ) الصراط هو أوسع السبل وأعظمه، وهو ملتقى السبل، قيل سمي الصراط؛ لأنه يصطرط السابلة يبلعها، والسابلة يعني المارَّة، من سعته كل الذين يمشون فيه يبلعهم.
وقفة
[56] ﴿إن ربي على صراط مستقيم﴾ (مُّسْتَقِيمٍ) المستقيم أقرب الطرق إلى المقصود، فهو على ما فيه من عظم لكنه أقصرها إلى الله.

الإعراب :

  • ﴿ إني توكلت على الله:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم \"إنّ\". توكلت: فعل ماضٍ مبنى على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. على الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بتوكلت. وجملة \"توكلت على الله\" في محل رفع خبر \"ان\".
  • ﴿ ربي وربكم:
  • رب: صفة للفظ الجلالة أو عطف بيان منه مجرور للتعظيم والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وربكم: معطوفة بالواو على \"ربي\" وتعرب إعرابها. الكاف: ضمير متصل في محل جر بالإضافة والميم للجمع.
  • ﴿ ما من دابة إلّا هو:
  • ما: نافية. من: حرف جر زائد. دابة: مجرور لفظًا مرفوع محلًّا لأنه مبتدأ. إلّا: أداة حصر. هو: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ آخذ بناصيتها:
  • خبر \"هو\" مرفوع بالضمة. بناصية: جار ومجرور متعلق بآخذ. و \"ها\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أي مالك لها والجملة الاسمية \"هو آخذ\" في محل رفع خبر \"دابة\".
  • ﴿ إنّ ربي:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربي: اسم \"ان\" منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ على صراط مستقيم:
  • جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر \"إنّ\" مستقيم: صفة -نعت- لصراط مجرورة مثلها. بمعنى: إنّ ربي عادل. '

المتشابهات :

الأنعام: 38﴿وَ مَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم
هود: 6﴿وَ مَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ رِزْقُهَا
هود: 56﴿إِنِّي تَوَكَّلۡتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمۚ مَا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [56] لما قبلها :     ولمَّا تحدى هودٌ عليه السلام قومه في شجاعة؛ أعلن هنا عن مصدر قوته، وهو التوكل على الله، قال تعالى:
﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [57] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا ..

التفسير :

[57] فإن تُعرضوا عما أدعوكم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له فقد أبلغتكم رسالة ربي إليكم، وقامت عليكم الحجة، وحيث لم تؤمنوا بالله فسيهلككم ويأتي بقوم آخرين يخلفونكم في دياركم وأموالكم، ويخلصون لله العبادة، ولا تضرونه شيئاً، إن ربي على كل شيء حفيظ، فهو

{ فَإِنْ تَوَلَّوْا} عما دعوتكم إليه{ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ} فلم يبق عليَّ تبعة من شأنكم.

{ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ} يقومون بعبادته، ولا يشركون به شيئا،{ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا} فإن ضرركم، إنما يعود عليكم، فالله لا تضره معصية العاصين. ولا تنفعه طاعة المطيعين{ من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها} [{ إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ}].

ثم ختم هود- عليه السلام- رده على قومه، بتحذيرهم من سوء عاقبة إصرارهم على كفرهم فقال: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ....

أى: فإن تتولوا عن دعوتي، وتعرضوا عن الحق الذي جئتكم به من عند ربي، فتكون عاقبتكم خسرا، وأمركم فرطا.

أما أنا فقد أديت واجبى، وأبلغتكم ما أرسلت به إليكم من عند ربي بدون تكاسل أو تقصير. وقوله وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً وعيد لهم بإهلاكهم وإحلال غيرهم محلهم.

أى: وهو- سبحانه- سيهلككم بسبب إصراركم على كفركم في الوقت الذي يشاؤه، ويستخلف من بعدكم قوما آخرين سواكم، يرثون دياركم وأموالكم، ولن تضروا الله شيئا من الضرر بسبب إصراركم على كفركم، وإنما أنتم الذين تضرون أنفسكم بتعريضها للدمار في الدنيا، وللعذاب الدائم في الآخرة.

وقوله: إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ أى: إن ربي قائم على كل شيء بالحفظ والرقابة والهيمنة، وقد اقتضت سنته- سبحانه- أن يحفظ رسله وأولياءه، وأن يخذل أعداءه.

وإلى هنا تكون السورة الكريمة قد ساقت لنا بأسلوب بليغ حكيم، جانبا من الحوار الذي دار بين هود وقومه وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده، فماذا كانت نتيجة هذا الحوار والجدال؟

لقد كانت نتيجته إنجاء هود والذين آمنوا معه، وإهلاك أعدائهم.

يقول لهم [ رسولهم ] هود : فإن تولوا عما جئتكم به من عبادة الله ربكم وحده لا شريك له ، فقد قامت عليكم الحجة بإبلاغي إياكم رسالة الله التي بعثني بها ، ( ويستخلف ربي قوما غيركم ) يعبدونه وحده لا يشركون به [ شيئا ] ولا يبالي بكم : فإنكم لا تضرونه بكفركم بل يعود وبال ذلك عليكم ، ( إن ربي على كل شيء حفيظ ) أي : شاهد وحافظ لأقوال عباده وأفعالهم ويجزيهم عليها إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .

القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هود لقومه: (فإن تولوا) ، يقول: فإن أدبروا معرضين عما أدعوهم إليه من توحيد الله وترك عبادة الأوثان (8) ، (فقد أبلغتكم) أيها القوم ، (ما أرسلت به إليكم) ، وما على الرسول إلا البلاغ ، (ويستخلف ربي قوما غيركم) ، يهلككم ربي، ثم يستبدل ربي منكم قومًا غيركم ، (9) يوحِّدونه ويخلصون له العبادة ، (ولا تضرونه شيئًا ) ، يقول: ولا تقدرون له على ضرّ إذا أراد إهلاككم أو أهلككم.

* * *

وقد قيل: لا يضره هلاككُم إذا أهلككم ، لا تنقصونه شيئًا ، لأنه سواء عنده كُنتم أو لم تكونوا.

* * *

، (إن ربي على كل شيء حفيظ) ، يقول: إن ربي على جميع خلقه ذو حفظ وعلم . (10)

يقول: هو الذي يحفظني من أن تنالوني بسوء.

---------------------

الهوامش :

(8) كان حق الكلام أن يقول : " فإن أدبرتم معرضين عما أدعوكم إليه " ، فهو خطاب من هود لقومه ، أي : " فإن تتولوا " ، وحذف إحدى التاءين . وكأن هذا سهو من أبي جعفر رحمه الله وغفر له.

(9) انظر تفسير " الاستخلاف " فيما سلف من فهارس اللغة ( خلف ) .

(10) انظر تفسير " حفيظ " فيما سلف 8 : 562 / 12 : 25 ، 33 .

التدبر :

لمسة
[57] ﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ﴾ جوابُ الشرط محذوفٌ، إذِ الإبلاغ ليس هو الجواب، لتقدّمِه على تولِّيهم، وإنما هو متعلَّقُ الجوابِ، والتقديرُ: فقل لهم: قد أبلغتكُم.
وقفة
[57] ﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ ارتباط الآية بما قبلها: ذكر لما قبلها من الخير الذي وعدهم به إن آمنوا يرسل السماء مدرارًا ويزدهم قوة، ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾ [52]، أعطاهم أشياء وأيضًا هددهم إن أعرضوا، فذكر الترغيب والترهيب.
وقفة
[57] ﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ الاستعمال في طاعته وإلا فالاستبدال.
وقفة
[57] ﴿وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا﴾ هذا تهديد لهم؛ لأنه سبق أن ذكَّرهم بأنه استخلفهم بعد قوم نوح ﴿وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ﴾ [الأعراف: 69]، يعني انتبهوا، هذا ليس فقط تبليغ، وإنما هذا تهديد لهم إن لم يستجيبوا لما أمر الله به؛ حتى يكون مدعاة لسرعة الاستجابة.
وقفة
[57] ﴿وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا﴾ بتوليكم وإعراضكم؛ إنما تضرون أنفسكم، وقيل: لا تنقصونه شيئًا إذا أهلككم؛ لأن وجودكم وعدمه عنده سواء.
تفاعل
[57] ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ يا حفيظ احفظنا! اقتضت سنة الله أن يحفظ أولياءه ويخذل أعداءه.
وقفة
[57] ﴿حَفِيظٌ﴾ تجمع عدة معاني: الإحاطة، محيط بالأشياء كلها لا يغفل عن شيء، الرقابة رقابته مستغرقة للجميع، قد يكون بمعنى الحافظ، ومعنى الحاكم والمستولي، فيها سيادة، وفيها تمكن وسيطرة، وفيها رقابة وسلطة، وفيها حكم.

الإعراب :

  • ﴿ فإنْ تولّوا:
  • الفاء. استئنافية. إنْ: حرف شرط جازم. تولوا: فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإنْ وعلامة جزمه حذف النون. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وأصلها تتولوا: حذفت إحدى التاءين تخفيفًا بمعنى تعرضوا.
  • ﴿ فقد أبلغتكم:
  • الجملة جواب شرط جازم مسبوق بقد مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. قد حرف تحقيق. أبلغتكم: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ ما أرسلت به إليكم:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثانٍ. أرسلت: فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل. به: جار ومجرور متعلق بأرسلت. إليكم: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الفاعل والميم علامة جمع الذكور وجملة \"أرسلت\" صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ ويستخلف ربي:
  • الواو: استئنافية. يستخلف: فعل مضارع مرفوع بالضمة. ربي: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم. والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ قومًا غيركم:
  • قومًا مفعول به منصوب بالفتحة. غيركم: بدل من \"قومًا\" منصوبة مثلها بالفتحة. والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. بمعنى يجعل غيركم خلفاء لكم بعد إبادتكم.
  • ﴿ ولا تضرونه شيئًا:
  • الواو عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. تضرونه: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. شيئًا: نائب عن المصدر -المفعول المطلق- منصوب بالفتحة أي \"ضررًا شيئًا\" بمعنى: ولا تضرونه بإعراضكم شيئًا من ضرر قطّ.
  • ﴿ إن ربي:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربي: اسم \"انّ\" منصوب للتعظيم بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ على كل شيء حفيظ:
  • جار ومجرور متعلق بحفيظ. شيء. مضاف إليه مجرور بالكسرة. حفيظ: خبر \"إنّ\" مرفوع بالضمة. '

المتشابهات :

هود: 57﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ
الأحقاف: 23﴿قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّـهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَـٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [57] لما قبلها :     ولَمَّا أعلن هودٌ عليه السلام عن مصدر قوته؛ هَدَّدَهم هنا بالهلاك، قال تعالى:
﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فإن تولوا:
1- تولوا، أي تتولوا، مضارع تولى، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- تولوا، بضم التاء واللام، مضارع «ولى» ، وهى قراءة الأعرج، وعيسى الثقفي.
ويستخلف:
1- بضم الفاء، على معنى الخبر المستأنف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- يجزمها، عطفا على موضع الجزاء، وهى قراءة حفص.
ولا تضرونه:
1- بالرفع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- ولا تضروه، بالجزم، وهى قراءة عبد الله.

مدارسة الآية : [58] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا ..

التفسير :

[58] ولما جاء أمرنا بعذاب قوم هود نجَّينا منه هوداً والمؤمنين بفضل منَّا عليهم ورحمة، ونجَّيناهم من عذاب شديد أحلَّه الله بعادٍ فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنُهم.

{ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} أي:عذابنا بإرسال الريح العقيم، التي{ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}

{ نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} أي:عظيم شديد، أحله الله بعاد، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم.

قال- تعالى- وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا، وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ. وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ. وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ، أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ.

والمراد بالأمر في قوله- سبحانه- وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا الأمر بنزول العذاب بهم.

أى: وحين جاء أمرنا بتحقيق وعيدنا في قوم هود، وبتنفيذ ما أردناه من إهلاكهم وتدميرهم نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ تنجية مصحوبة بِرَحْمَةٍ عظيمة كائنة مِنَّا بسبب إيمانهم وعملهم الصالح.

وَنَجَّيْناهُمْ كذلك مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ أى: من عذاب ضخم شديد مضاعف ترك هؤلاء الطغاة وراءه صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية.

ووصف العذاب بأنه غليظ، بهذا التصوير المحسوس، يتناسب كل التناسب مع جو هذه القصة، ومع ما عرف عن قوم هود من ضخامة في الأجسام، ومن تفاخر بالقوة.

قال- تعالى- فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ... .

وكان عذابهم كما جاء في آيات أخرى بالريح العقيم، ومن ذلك قوله- تعالى- وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ. سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ....

( ولما جاء أمرنا ) وهو [ ما أرسل الله عليهم من ] الريح العقيم [ التي لا تمر بشيء إلا جعلته كالرميم ] فأهلكهم الله عن آخرهم ، ونجى [ من بينهم رسولهم ] هودا وأتباعه [ المؤمنين ] من عذاب غليظ برحمته تعالى ولطفه .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (58)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولما جاء قوم هود عذابُنا ، نجينا منه هودًا والذين آمنوا بالله معه ، (برحمة منا ) ، يعني : بفضل منه عليهم ونعمة ، (ونجيناهم من عذاب غليظ) ، يقول: نجيناهم أيضًا من عذاب غليظ يوم القيامة، كما نجيناهم في الدنيا من السخطة التي أنـزلتها بعادٍ. (11)

--------------------------

الهوامش :

(11) انظر تفسير " الغلظة " فيما سلف 14 : 576 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

التدبر :

وقفة
[58] ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ تقديم سيدنا هود على الذين آمنوا معه؛ لأنه هو الأول، هو الرسول فبدأ به، وهو الذي علَّمهم، والذي طلب منه أن يخرج المؤمنين هو أوحي إليه ثم بلَّغ.
وقفة
[58] ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ لأن أحدًا لا ينجو إلا برحمة الله تعالى، وإن كانت له أعمال صالحة.
وقفة
[58] ﴿نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا﴾ لم يقل باستحقاقه النجاة، أو لأنه نبي، أو لكثرة طاعته وحسن عبادته، بل قال: (بِرَحْمَةٍ مِّنَّا)؛ ليعلم الجميع أن رحمة الله هي طوق النجاة، وأن أحدًا لا يستوجب النجاة بسابق عمله بل بسابغ رحمة الله.
وقفة
[58] ﴿عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ لم يكتف بكلمة عذاب، وإنما وصفه بـ: (عَذَابٍ غَلِيظٍ)، العذاب يختلف، أحيانًا العذاب ليس شديدًا، لكنه مهين، تهين أحدهم أمام الناس بشيء قليل قد لا يكون أليمًا في الجسد، لكن يكون أليمًا في النفس من الإهانة، قد يكون العذاب بعضه أشد من بعض، وبعضه أكثر إيلامًا من بعض، وبعضه أكبر من بعض، وبعضه أعظم من بعض، وبعضه أدوم من بعض، العذاب أنواعه متعددة وآثاره متعددة.

الإعراب :

  • ﴿ ولما جاء أمرنا:
  • الواو استئنافية. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى \"حين\" مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب. جاء: فعل ماضٍ مبني على الفتح. أمر: فاعل مرفوع بالضمة، و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وجملة \"جاء أمرنا\" في محل جر مضاف إليه. لوقوعها بعد \"لما\".
  • ﴿ نجّينا هودًا والذين:
  • الجملة: جواب شرط غير جازم لا محل لها. نجى: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. هودًا: مفعول به منصوب بالفتحة وقد نون رغم أنه اسم علم لأنه ثلاثي أوسطه ساكن. الواو عاطفة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب لأنه معطوف على منصوب.
  • ﴿ آمنوا معه:
  • الجملة: صلة الموصول لا محل لها. آمنوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. معه: ظرف مكان يدل على المصاحبة متعلق بآمنوا والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ برحمةٍ منّا ونجيناهم:
  • جار ومجرور متعلق بنجينا. منا: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من \"رحمة\" ونجينا: معطوفة بالواو على \"نجينا\" الأولى وتعرب إعرابها. و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب. مفعول به.
  • ﴿ من عذاب غليظ:
  • جار ومجرور متعلق بنجينا. غليظ: صفة -نعت- لعذاب مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. '

المتشابهات :

هود: 58﴿وَ لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا
هود: 66﴿فَـ لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ
هود: 94﴿وَ لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [58] لما قبلها :     ولمَّا جاء أمرُ اللهِ بهلاك قوم عاد؛ جاء هنا بيانُ نجاةِ هودٍ عليه السلام والذينَ آمنُوا معَه، قال تعالى:
﴿ وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [59] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ..

التفسير :

[59] وتلك عاد كفروا بآيات الله وعصَوا رسله، وأطاعوا أمر كل مستكبر على الله لا يقبل الحق ولا يُذْعن له.

{ وَتِلْكَ عَادٌ} الذين أوقع الله بهم ما أوقع، بظلم منهم لأنهم{ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} ولهذا قالوا لهود:{ ما جئتنا ببينة} فتبين بهذا أنهم متيقنون لدعوته، وإنما عاندوا وجحدوا{ وَعَصَوْا رُسُلَهُ} لأن من عصى رسولا، فقد عصى جميع المرسلين، لأن دعوتهم واحدة.

{ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ} أي:متسلط على عباد الله بالجبروت،{ عنيد} أي:معاند لآيات الله، فعصوا كل ناصح ومشفق عليهم، واتبعوا كل غاش لهم، يريد إهلاكهم لا جرم أهلكهم الله.

واسم الإشارة في قوله- سبحانه- وَتِلْكَ عادٌ ... يعود إلى القبيلة أو إلى آثارهم التي خلفوها من بعدهم. أى: وتلك هي قصة قبيلة عاد مع نبيها هود- عليه السلام- وتلك هي عاقبتها وكانت الإشارة للبعيد تحقيرا لهم، وتهوينا من شأنهم بعد أن انتهوا، وبعدوا عن الأنظار والأفكار، وقد كانوا يقولون: من أشد منا قوة.

وقوله: جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ، وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ... بيان لجرائمهم التي استحقوا بسببها العذاب الغليظ.

والجحد: الإنكار الشديد للحق الواضح.

وآيات ربهم: الحجج والبراهين التي جاء بها الأنبياء من ربهم للدلالة على صدقهم.

والجبار: هو الشخص المتعالي المتعاظم على الناس، المترفع عن الاستجابة للحق.

والعنيد: المعاند الطاغي الذي يعرف الحق ولكنه لا يتبعه.

أى: وتلك هي قصة قبيلة عاد مع نبيها، كفروا بآيات ربهم الدالة على صدق أنبيائه، وعصوا رسله الذين جاءوا لهدايتهم، واتبع سفلتهم وعوامهم أمر كل رئيس متجبر متكبر معاند منهم، بدون تفكر أو تدبر.

وقال- سبحانه- وَعَصَوْا رُسُلَهُ مع أنهم قد عصوا رسولا واحدا هو هود- عليه السلام-، للإشارة إلى أى معصيتهم لهذا الرسول كأنها معصية للرسل جميعا، لأنهم قد جاءوا برسالة واحدة في جوهرها وهي: عبادة الله- تعالى- وحده، والتقيد بأوامره ونواهيه.

والإشارة أيضا إلى ضخامة جرائمهم، وإبراز شناعتها حيث عصوا رسلا لا رسولا.

وقد وصفهم- سبحانه- في هذه الآية بثلاث صفات هي أعظم الصفات في القبح والشناعة: أولها: جحودهم لآيات ربهم. وثانيها: عصيانهم لرسله. وثالثها: اتباعهم أمر رؤسائهم الطغاة.

( وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم ) [ أي ] كفروا بها ، وعصوا رسل الله ، وذلك أن من كفر بنبي فقد كفر بجميع الأنبياء ، لأنه لا فرق بين أحد منهم في وجوب الإيمان به ، فعاد كفروا بهود ، فنزل كفرهم [ به ] منزلة من كفر بجميع الرسل ، ( واتبعوا أمر كل جبار عنيد ) تركوا اتباع رسولهم الرشيد ، واتبعوا أمر كل جبار عنيد .

القول في تأويل قوله تعالى : وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وهؤلاء الذين أحللنا بهم نقمتنا وعذابنا ، عادٌ، جحدوا بأدلة الله وحججه، (12) وعصوا رسله الذين أرسلهم إليهم للدعاء إلى توحيده واتباع أمره ، (واتبعوا أمر كل جبار عنيد) ، يعني : كلّ مستكبر على الله، (13) حائد عن الحق ، لا يُذعن له ولا يقبله.

* * *

يقال منه: " عَنَد عن الحق ، فهو يعنِد عُنُودًا " ، و " الرجل عَاند وعَنُود " . ومن ذلك قيل للعرق الذي ينفجر فلا يرقأ: " عِرْق عاند ": أي ضَارٍ، (14)

ومنه قول الراجز: (15)

إِنِّي كَبِيرٌ لا أَطِيقُ العُنَّدَا (16)

* * *

18282- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (واتبعوا أمر كل جبار عنيد)، المشرك.

---------------------------

الهوامش :

(12) انظر تفسير " الجحد " فيما سلف 11 : 334 / 12 : 476 .

(13) انظر تفسير " الجبار " فيما سلف 10 : 172 .

(14) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 291 ، ففيه زيادة بيان .

(15) لم أعرف قائله .

(16) مجاز القرآن 1 : 291 ، البطليوسي : 415 ، الجواليقي : 336 ، اللسان ( عند ) ، وسيأتي في التفسير 29 : 97 ( بولاق) ، وغيرها ، وهي أبيات لشواهد الإكفاء ، يقول :

إذَا رَحَــلْتُ فَــاجْعَلُونِي وَسَــطَا

إِنِّــي كَبِــيرٌ لاَ أَطِيــقُ العُنَّــدَا

وَلاَ أُطِيـــقُ البَكــرَاتِ الشُّــرَّدَا

.

التدبر :

وقفة
[59] ﴿وَتِلْكَ عَادٌ ۖ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ (وَتِلْكَ) إشارة إلى قبورهم وآثارهم حتى تكون فيها عبرة انظروها.
وقفة
[59] ﴿وَتِلْكَ عَادٌ ۖ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ من عصى رسولًا واحدًا لزمه عصيان جميعهم؛ فإنهم متفقون على الإيمان بالله، وعلى توحيده.
وقفة
[59] الكبر والعناد من شر الصفات الخلقية في الإِنسان ﴿وَتِلْكَ عَادٌ ۖ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾.
عمل
[59] ﴿وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ احذر! اتباع أمر الجبابرة يحشرك معهم يوم القيامة.
لمسة
[59] ﴿وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ قال ابن عرفة: دخلت (كل) على (جبار)، ولم يقل: (اتبعوا كل أمر جبار عنيد)، وهذا هو الصواب؛ لأن المراد أنهم اتبعوه في ما فيه مخالفة للشرع، فلم يتبعوا كل أمره.
لمسة
[59] ﴿وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ قال: (وَاتَّبَعُواْ)، وليس: (تبعوا) للمبالغة، لأن افتعل تدل على المبالغة والكثرة، فيها مبالغة في الاتباع، اتّبع أشد اتباعًا.
وقفة
[59] ﴿وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ (كُلِّ جَبَّارٍ) استغرق الاتباع لكل جبار، ليس لجبار واحد، ولا مجموعة من الجبابرة، وإنما كل جبار.
وقفة
[59] سبب عذاب عاد باتباعهم أمر طغاتهم ﴿وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾، والجبار السلطان القاهر الجائر ﴿وخاب كل جبار عنيد﴾ .
وقفة
[59، 60] هذا ما قدموه: ﴿وَتِلْكَ عَادٌ ۖ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾، وهذا ما حصدوه: ﴿وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاإِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وتلك عاد:
  • الواو: استئنافية. تلك: اسم إشارة إلى آثارهم مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. عاد: خبر \"تلك\" مرفوع بالضمة. أي قبيلة عاد فحذف المضاف وحلّ المضاف إليه محله.
  • ﴿ وجحدوا بآيات ربهم:
  • الجملة: في محل رفع صفة -نعت- لعاد أي وصف أحوالهم. جحدوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بآيات: جار ومجرور متعلق بجحدوا. رب: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة و\"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ وعصوا رسله واتبعوا:
  • الجملتان: معطوفتان بواوي العطف على \"جحدوا\" وتعربان إعرابها. وعلامة بناء الفعل \"عصوا\" الفتحة المقدرة للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. رسله: مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. واتبعوا: معطوفة بالواو على \"جحدوا\" وتعرب إعرابها.
  • ﴿ أمر كل جبّار عنيد:
  • أمر: مفعول به منصوب بالفتحة. كل: مضاف إليه مجرور بالكسرة. جبار: مضاف إليه ثانٍ مجرور بالكسرة أيضًا. عنيد: صفة -نعت- لجبار مجرورة مثلها بالكسرة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [59] لما قبلها :     ولمَّا وقعَ العذابُ الغليظُ بقومِ عادٍ؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا سببَ استحقاقهم لهذا العذاب، قال تعالى:
﴿ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [60] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ..

التفسير :

[60] وأُتبعوا في هذه الدنيا لعنة من الله وسخطاً منه يوم القيامة. ألا إن عاداً جحدوا ربهم وكذَّبوا رسله. ألا بُعْداً وهلاكاً لعاد قوم هود؛ بسبب شركهم وكفرهم نعمة ربهم.

{ وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً} فكل وقت وجيل، إلا ولأنبائهم القبيحة، وأخبارهم الشنيعة، ذكر يذكرون به، وذم يلحقهم{ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} لهم أيضا لعنة،{ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ} أي:جحدوا من خلقهم ورزقهم ورباهم.{ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} أي:أبعدهم الله عن كل خير وقربهم من كل شر.

ثم ختم- سبحانه- قصتهم مع نبيهم في هذه السورة بقوله: وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ.

والإتباع: اقتفاء أثر الشيء بحيث لا يفوته. يقال: أتبع فلان فلانا إذا اقتفى أثره لكي يدركه أو يسير على نهجه.

واللعنة: الطرد بإهانة وتحقير.

أى: أنهم هلكوا مشيعين ومتبوعين باللعن والطرد من رحمة الله في الدنيا والآخرة.

وقوله: أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ، أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ تسجيل لحقيقة حالهم، ودعاء عليهم بدوام الهلاك، وتأكيد لسخط الله عليهم.

أى: ألا إن قوم عاد كفروا بنعم ربهم عليهم، ألا سحقا وبعدا لهم عن رحمة الله، جزاء جحودهم للحق، وإصرارهم على الكفر، واستحبابهم العمى على الهدى.

وتكرير حرف التنبيه «ألا» وإعادة لفظ «عاد» للمبالغة في تهويل حالهم وللحض على الاعتبار والاتعاظ بمآلهم.

هذا، ومن العبر البارزة في هذه القصة: 1- أن الداعي إلى الله، عليه أن يذكر المدعوين بما يستثير مشاعرهم، ويحقق اطمئنانهم إليه، ويرغبهم في اتباع الحق، ببيان أن اتباعهم لهذا الحق سيؤدي إلى زيادة غناهم وقوتهم وأمنهم وسعادتهم.

وأن الانحراف عنه سيؤدي إلى فقرهم وضعفهم وهلاكهم.

انظر إلى قول هود- عليه السلام-: وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ، يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً، وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ، وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ.

2- وأن الداعي إلى الله- تعالى- عند ما يخلص لله دعوته، ويعتمد عليه- سبحانه- في تبليغ رسالته، ويغار عليها كما يغار على عرضه أو أشد.

فإنه في هذه الحالة سيقف في وجه الطغاة المناوئين للحق، كالطود الأشم، دون مبالاة بتهديدهم ووعيدهم.. لأنه قد أوى إلى ركن شديد.

وهذه العبرة من أبرز العبر في قصة هود عليه السلام.

ألا تراه وهو رجل فرد يواجه قوما غلاظا شدادا طغاة، إذا بطشوا بطشوا جبارين، يدلون بقوتهم ويقولون في زهو وغرور: من أشد منا قوة.

ومع كل ذلك عند ما يتطاولون على عقيدته ويراهم قد أصروا على عصيانه.

يواجههم بقوله: إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ. مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ ...

أرأيت كيف واجه هود- عليه السلام- هؤلاء الغلاظ الشداد بالحق الذي يؤمن به دون مبالاة بوعيدهم أو تهديدهم..؟

وهكذا الإيمان بالحق عند ما يختلط بالقلب ... يجعل الإنسان يجهر به دون أن يخشى أحدا إلا الله- تعالى-.

ثم واصلت السورة الكريمة حديثها عن قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم فتحدثت عن قصة صالح- عليه السلام- مع قومه، فقال- تعالى-

فلهذا أتبعوا في هذه الدنيا لعنة من الله ومن عباده المؤمنين كلما ذكروا وينادى عليهم يوم القيامة على رءوس الأشهاد ، ( ألا إن عادا كفروا ربهم [ ألا بعدا لعاد قوم هود ] ) .

قال السدي : ما بعث نبي بعد عاد إلا لعنوا على لسانه .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (60)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وأتبع عاد قوم هود في هذه الدنيا غضبًا من الله وسخطةً يوم القيامة، مثلها ، لعنةً إلى اللعنة التي سلفت لهم من الله في الدنيا (17) ، (ألا إن عادًا كفروا ربهم ألا بعدًا لعاد قوم هود) ، يقولُ: أبعدهم الله من الخير. (18)

* * *

يقال: " كفر فلان ربه وكفر بربه "، " وشكرت لك ، وشكرتك ". (19)

* * *

وقيل ، إن معنى: (كفروا ربهم) ، كفروا نعمةَ ربهم.

-------------------------

الهوامش :

(17) انظر تفسير " اللعنة " فيما سلف من فهارس اللغة ( لعن ) .

(18) انظر تفسير " البعد " فيما سلف ص : 335.

(19) انظر ما سلف 3 : 212 ، مثله .

التدبر :

لمسة
[60] ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ استعمل مع الدنيا اسم الإشارة (هذه)؛ لقصد تحقيرها، وتهوين أمرها عند مقارنتها بالآخرة.
وقفة
[60] ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً﴾ اللعنة أرسلت إليهم تطاردهم في كل مكان في الدنيا ويوم القيامة، هذه مبالغة في الطرد من رحمته سبحانه وتعالى كما بالغوا في عنادهم، فهم ليس فقط لم يؤمنوا وإنما جحود وعصيان واتبعوا كل جبار عنيد، كل هذا بأعمالهم.
لمسة
[60] ﴿أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾ ما فائدة الإشارة لعاد بأنهم قوم هود مع أنه معلوم؟ والجواب: للإشارة إلى أن استحقاقهم للبُعد بسبب ما جرى بينهم وبين هود عليه السلام، فيكون هذا تعريضًا خفيًّا بمشركي قريش الذين آذوا رسول الله، وأنهم سيلاقون بتكذيبهم ما لقيه قوم هود لمخالفة نبيهم.
لمسة
[60] ﴿أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾ (أَلاَ بُعْدًا) مفعول مطلق لفعل محذوف، أي ابتعاد عن الدنيا وهلاكهم وابتعادهم عن رضى الله سبحانه وتعالى منه سبحانه وتعالى وبعدًا لهم في جهنم.

الإعراب :

  • ﴿ وأتبعوا:
  • الواو: استئنافية. أتبعوا: فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والألف فارقة.
  • ﴿ في هذه الدنيا:
  • في: حرف جر. هذه: اسم إشارة مبني على الكسر في محل جر بفي. الدنيا: بدل من اسم الإشارة مجرور مثله وعلامة جرّه الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. والجار والمجرور \"في هذه\" متعلق باتبعوا.
  • ﴿ لعنة ويوم القيامة:
  • لعنة: مفعول به منصوب بالفتحة. الواو عاطفة. يوم: مفعول فيه منصوب بالفتحة على الظرفية الزمانية متعلق باتبعوا أي في يوم. القيامة: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ ألا إنّ عادًا:
  • ألا: حرف استفتاح وتنبيه لا عمل له. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. عادًا: اسم \"إنّ\" منصوب بالفتحة.
  • ﴿ كفروا ربّهم:
  • الجملة: في محل رفع خبر \"إنّ\". كفروا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى \"جحدوا\" رب: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وقيل المعنى: كفروا بربهم ثم حذف الجار ويخالف هذا البصريون.
  • ﴿ ألا بعدًا لعاد:
  • ذألا وتكرارها مع النداء على كفرهم والدعاء عليهم تهويل لأمرهم. بعدًا: دعاء على عاد أي بمعنى: أبعده الله بعدًا فهي نائبة عن المصدر -المفعول المطلق- منصوب بالفتحة. بعاد: جار ومجرور متعلق ببعدًا.
  • ﴿ قوم هود:
  • عطف بيان لعاد مجرورة مثلها وعلامة الجرّ الكسرة. هود: مضاف إليه مجرور بالكسرة. '

المتشابهات :

هود: 60﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ
هود: 99﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ
القصص: 42﴿وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [60] لما قبلها :     ولمَّا هلكوا؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا أنهم هلكوا متبوعين باللعن والطرد من رحمة الله في الدنيا والآخرة، قال تعالى:
﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [61] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ ..

التفسير :

[61] وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً، فقال لهم:يا قوم اعبدوا الله وحده ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جلَّ وعلا، فأخلصوا له العبادة، هو الذي بدأ خَلْقكم من الأرض بخلق أبيكم آدم منها، وجعلكم عُمَّاراً لها، فاسألوه أن يغفر لكم ذنوبكم، وارجعوا إليه بالتوبة

أي:{ و} أرسلنا{ إِلَى ثَمُودَ} وهم:عاد الثانية، المعروفون، الذين يسكنون الحجر، ووادي القرى،{ أَخَاهُمْ} في النسب{ صَالِحًا} عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، فـ{ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} أي:وحدوه، وأخلصوا له الدين{ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} لا من أهل السماء، ولا من أهل الأرض.

{ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} أي:خلقكم فيها{ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} أي:استخلفكم فيها، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة، ومكنكم في الأرض، تبنون، وتغرسون، وتزرعون، وتحرثون ما شئتم، وتنتفعون بمنافعها، وتستغلون مصالحها، فكما أنه لا شريك له في جميع ذلك، فلا تشركوا به في عبادته.

{ فَاسْتَغْفِرُوهُ} مما صدر منكم، من الكفر، والشرك، والمعاصي, وأقلعوا عنها،{ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} أي:ارجعوا إليه بالتوبة النصوح، والإنابة،{ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} أي:قريب ممن دعاه دعاء مسألة، أو دعاء عبادة، يجيبه بإعطائه سؤله، وقبول عبادته، وإثابته عليها، أجل الثواب، واعلم أن قربه تعالى نوعان:عام، وخاص، فالقرب العام:قربه بعلمه، من جميع الخلق، وهو المذكور في قوله تعالى:{ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} والقرب الخاص:قربه من عابديه، وسائليه، ومحبيه، وهو المذكور في قوله تعالى{ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}

وفي هذه الآية، وفي قوله تعالى:{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} وهذا النوع، قرب يقتضي إلطافه تعالى، وإجابته لدعواتهم، وتحقيقه لمراداتهم، ولهذا يقرن، باسمه "القريب"اسمه "المجيب"

هذه قصة صالح- عليه السلام- مع قومه كما ذكرتها هذه السورة، وقد وردت هذه القصة في سور أخرى منها سورة الأعراف، والشعراء، والنمل، والقمر.

وصالح- عليه السلام- ينتهى نسبه إلى نوح- عليه السلام- فهو صالح بن عبيد بن آصف بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود ... بن نوح.

وثمود: اسم للقبيلة التي منها صالح، سميت باسم جدها ثمود، وقيل سميت بذلك لقلة مائها، لأن الثمد هو الماء القليل.

وكانت مساكنهم بالحجر- بكسر الحاء وسكون الجيم- وهو مكان يقع بين الحجاز والشام إلى وادي القرى، وموقعه الآن- تقريبا- المنطقة التي بين الحجاز وشرق الأردن، وما يزال المكان الذي كانوا يسكنونه يسمى بمدائن صالح حتى اليوم.

وقبيلة صالح من القبائل العربية، وكانوا خلفاء لقوم هود- عليه السلام فقد قال- سبحانه-: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً، وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً.. .

وكانوا يعبدون الأصنام، فأرسل الله- تعالى- إليهم صالحا ليأمرهم بعبادة الله وحده.

وقوله: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ..

معطوف على ما قبله من قصتي نوح وهود- عليهما السلام- أى: وأرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم في النسب والموطن صالحا- عليه السلام فقال لهم تلك الكلمة التي قالها كل نبي لقومه: يا قوم اعبدوا الله وحده، فهو الإله الذي خلقكم ورزقكم، وليس هناك من إله سواه يفعل ذلك.

ثم ذكرهم بقدرة الله- تعالى- وبنعمه عليهم فقال: هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها.

والإنشاء: الإيجاد والإحداث للشيء على غير مثال سابق.

واستعمركم من الإعمار ضد الخراب فالسين والتاء للمبالغة. يقال: أعمر فلان فلانا في المكان واستعمره، أى جعله يعمره بأنواع البناء والغرس والزرع.

أى: اعبدوا الله- تعالى- وحده، لأنه- سبحانه- هو الذي ابتدأ خلقكم من هذه الأرض، وأبوكم آدم ما خلق إلا منها وهو الذي جعلكم المعمرين لها، والساكنين فيها تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً، وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً....

قال- تعالى- في شأنهم.. أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ. فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ. وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. .

فأنت ترى أن صالحا- عليه السلام- قد ذكرهم بجانب من مظاهر قدرة الله ومن أفضاله عليهم، لكي يستميلهم إلى التفكر والتدبر، وإلى تصديقه فيما يدعوهم إليه.

والفاء في قوله فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ للتفريع على ما تقدم.

أى: إذا كان الله- تعالى- هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فعليكم أن تخلصوا له العبادة، وأن تطلبوا مغفرته عما سلف منكم من ذنوب.

ثم تتوبوا إليه توبة صادقة: تجعلكم تندمون على ما كان منكم في الماضي من شرك وكفر، وتعزمون على التمسك بكل ما يرضى الله- تعالى- في المستقبل.

ثم فتح أمامهم باب الأمل في رحمة الله- تعالى- فقال: إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

أى: إن ربي قريب الرحمة من المحسنين، مجيب لدعاء الداعين المخلصين، فاقبلوا على عبادته وطاعته، ولا تقنطوا من رحمة الله.

يقول تعالى : ولقد أرسلنا ( إلى ثمود ) وهم الذين كانوا يسكنون مدائن الحجر بين تبوك والمدينة ، وكانوا بعد عاد ، فبعث الله منهم ( أخاهم صالحا ) فأمرهم بعبادة الله وحده [ لا شريك له الخالق الرازق ] ; ولهذا قال : ( هو أنشأكم من الأرض ) أي : ابتدأ خلقكم منها ، [ من الأرض التي ] خلق منها أباكم آدم ، ( واستعمركم فيها ) أي : جعلكم [ فيها ] عمارا تعمرونها وتستغلونها ، لسالف ذنوبكم ، ( ثم توبوا إليه ) فيما تستقبلونه; ( إن ربي قريب مجيب ) كما قال تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) الآية [ البقرة : 186 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (61)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا، فقال لهم: يا قوم ، اعبدوا الله وحده لا شريك له، وأخلصوا له العبادة دون ما سواه من الآلهة، فما لكم من إله غيره يستوجب عليكم العبادة، ولا تجوز الألوهة إلا له ، (هو أنشأكم من الأرض) ، يقول: هو ابتدأ خلقكم من الأرض. (20)

* * *

وإنما قال ذلك لأنه خلق آدم من الأرض، فخرج الخطاب لهم ، إذ كان ذلك فعله بمن هم منه.

* * *

، (واستعمركم فيها) ، يقول: وجعلكم عُمَّارًا فيها، فكان المعنى فيه: أسكنكم فيها أيام حياتكم.

* * *

، من قولهم: " أعْمر فلانٌ فلانًا دارَه "، و " هي له عُمْرَى " . (21)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

18283- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (واستعمركم فيها) ، قال: أعمركم فيها

18284- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واستعمركم فيها) ، يقول: أعمركم

* * *

وقوله: (فاستغفروه) ، يقول: اعملوا عملا يكون سببًا لستر الله عليكم ذنوبكم، وذلك الإيمان به، وإخلاص العبادة له دون ما سواه ، واتباعُ رسوله صالح ، (ثم توبوا إليه) ، يقول: ثم اتركوا من الأعمال ما يكرهه ربكم ، إلى ما يرضاه ويحبه ، (إن ربي قريب مجيب) ، يقول: إن ربي قريب ممن أخلص له العبادة ورغب إليه في التوبة، مجيبٌ له إذا دعاه.

-------------------------

الهوامش :

(20) انظر تفسير " الإنشاء " فيما سلف 12 : 156 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(21) " عمري " ( بضم فسكون ، فراء مفتوحة ) ، مصدر مثل " الرجعي " : و " أعمره الدار " ، جعله يسكنها مدة عمره ، فإذا مات عادت إلى صاحبها . وكان ذلك من فعل الجاهلية ، فأبطله الله بالإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تعمروا ولا ترقبوا " ، فمن أعمر دارًا أو أرقبها ، فهي لورثته من بعده " .

التدبر :

عمل
[61] ذكِّر من حولك بنعم الله تعالى عليهم وإحسانه لهم ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْه﴾.
وقفة
[61] ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ﴾ قال ابن كثير: «ومن اتصف بصفة الاستغفار؛ يَسَّر الله عليه رزقه، وسَهَّل عليه أمرَه، وحفظ عليه شأنه وقوته».
تفاعل
[61] ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ استغفر الآن.
وقفة
[61] ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ قربٌ يقتضي إلطافه تعالى بهم، وإجابته لدعواتهم، وتحقيقه لمراداتهم؛ ولهذا يقرن باسمه القريب اسمه المجيب.
وقفة
[61] ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ حين نخطئ في حق الآخرين تذهب بنا المسافات عنهم؛ لكن مع الله حين تتوب تجده سبحانه قريبًا.
وقفة
[61] ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾، ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرة: 186]، ما أقرب الله!
وقفة
[61] ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾، ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرة: 186]، ما أقرب الله! ليس بيننا وبينه أحدٌ، لا مواعيد تلاحق، ولا طوابير تنتظر، ولا سكك تقطع.
عمل
[61] ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ بقدر استغفارك يكون قربك من الله، استغفر الله وتُب إليه.
اسقاط
[61] ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ كلما استغفرت أكثر؛ كان الله منك أقرب.
وقفة
[61] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ﴾ مهما بدَا ما تُحِبُّ صعبًا وبعيدًا، فإنَّ الذي بيدِه ما تُحِبُّ قريبٌ.
وقفة
[61] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ ذكر الله اسمه القريب في ثلاثة مواضع من كتابه كلها مقرونة بإجابته وسمعه لهم، اقترب ليجيبك، قل: يا رب.
وقفة
[61] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ يجيبُ دعوة عباده مهما كانوا وأينما كانوا؛ مؤمنين وكافرين، رحمته سبقت عذابه، يُمهل ويلطُف ويجيب المضطر.
وقفة
[61] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ سأل إبراهيم ربه: ﴿رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي﴾ [إبراهيم: 40]؛ فاستجاب الله دعاءه، قال ﷻ في إسماعيل: ﴿وكان يأمر أهله بالصلاة﴾ [مريم: 55].
لمسة
[61] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾، ﴿ إن ربي رَحِيم وَدُودٌ ﴾ [90]، ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم: 39]، دثِّر بها قلبك إذا أوحشتك الحياة.
عمل
[61] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ اقترب منه باستغفارك وندمك يقترب منك بعفوه وغفرانه ويجيب دعوتك، فهو القريب المجيب سبحانه.
وقفة
[61] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ حين نخطئ في حق الآخرين تذهب بنا المسافات عنهم، لكن مع الله حين تتوب تجده سبحانه قريبًا.
وقفة
[61] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ مهما بدا ما تحب صعبًا وبعيدًا؛ فإن الذي بيده ما تحب قريب.
وقفة
[61] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ أقرب من كل الذين تحبهم، أقرب من كل الذين يحبونك.
وقفة
[61] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ المذنب سلك طريقًا فيه هلاكه، ولا سلامة منه إلا بأمرين: مفارقة طريق الخطأ بالاستغفار، ومراجعة طريق الهدي بالتوبة.
وقفة
[61] سبحانه أقرب إليك من حبل الوريد، يسمع همسات دعائك، وتمتمات حاجاتك، ويرى دموع ابتهالك: ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾.
اسقاط
[61] انظر للعارفين بربهم كيف يتحدثون عنه: قال صالح: ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾، وقال شعيب: ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [90]، وقال نوح: ﴿إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [41]، وقال يوسف: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ [يوسف: 100]، وقال إبراهيم: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم: 39]، وقال سليمان ﴿فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ [النمل: 40].
وقفة
[61] قوله ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾، وبعده: ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [90]؛ لموافقة الفواصل، ومثله: ﴿لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ﴾ [75]، وفي التوبة: ﴿لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: 114]، للروي في السورتين.
وقفة
[61] سيأتي كل ما دعوت به .. قد يختلف شكله ! وقد يطول وقته! وقد يأتي أفضل منه .. ولكنه سيأتي لأن الله ﴿قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وإلى ثمود:
  • تعرب إعراب \"وإلى عاد\" الواردة في الآية الكريمة الخمسين مجرور بالفتحة بدلًا من الكسرة لعلميته أي إلى بني ثمود.
  • ﴿ أخاهم صالحًا:
  • مفعول به لفعل مقدّر أي وأرسلنا إلى بني ثمود أخاهم منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. صالحًا: عطف بيان لأخاهم منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ قال يا قوم:
  • قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو أي فقال لهم: يا أداة نداء. قوم: منادى مضاف منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة اختصارًا والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة والكسرة دالّة على الياء المحذوفة.
  • ﴿ اعبدوا الله:
  • فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه. من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. والجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ ما لكم من إله غيره:
  • ما: نافية لا عمل لها. لكم: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف. من: حرف جر زائد لتأكيد النفي. إله: مجرور لفظًا مرفوع محلًّا لأنه مبتدأ مؤخر. غيره: بدل أو صفة لإله مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ورفع الاسم \"غيره\" لأنه تابع لإله على المحل لا اللفظ.
  • ﴿ هو أنشأكم:
  • الجملة: في محل رفع صفة ثانية لإله على المحل لا اللفظ. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية بعده: في محل رفع خبر له. أنشأ: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ من الأرض واستعمركم فيها:
  • جار ومجرور متعلق بأنشأكم. واستعمركم فيها: معطوفة بالواو على أنشأكم من الأرض والجار والمجرور متعلق باستعمركم ويجوز أن يكون خبر \"هو\" محذوفًا تقديره: الذي: وفي هذه الحالة تكون جملة \"أنشأكم\" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. ومعنى \"استعمركم فيها\" أي جعلكم عمّارها.
  • ﴿ فاستغفروه:
  • الفاء: سببية. استغفروه: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. أي فاستغفروه من ذنوبكم.
  • ﴿ ثم توبوا إليه:
  • ثم: حرف عطف. توبوا: معطوفة على \"استغفروا\" وتعرب إعرابها. إليه: جار ومجرور متعلق بتوبوا.
  • ﴿ إنّ ربّي:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربي: اسم \"إنّ\" منصوب للتعظيم بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ قريب مجيب:
  • خبر \"إنّ\" مرفوع بالضمة أي قريب الرحمة. مجيب: صفة لقريب أو خبر ثانٍ مرفوع بالضمة أيضًا أي مجيب لداعيه. '

المتشابهات :

الأعراف: 73﴿ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ
هود: 61﴿ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [61] لما قبلها :     القصَّةُ الثالثةُ: قِصَّةُ صالحٍ عليه السلام معَ قومِه ثمودَ، دعاهم إلى عبادةِ اللهِ وحدَهُ، وإلى الاستغفارِ والتوبةِ، قال تعالى:
﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ثمود:
1- على منع الصرف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالصرف، على إرادة الحي، وهى قراءة ابن وثاب، والأعمش.

مدارسة الآية : [62] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ ..

التفسير :

[62] قالت ثمود لنبيِّهم صالح:لقد كنا نرجو أن تكون فينا سيداً مطاعاً قبل هذا القول الذي قلته لنا، أتنهانا أن نعبد الآلهة التي كان يعبدها آباؤنا؟ وإننا لفي شكٍّ مريب مِن دعوتك لنا إلى عبادة الله وحده.

فلما أمرهم نبيهم صالح عليه السلام، ورغبهم في الإخلاص لله وحده, ردوا عليه دعوته، وقابلوه أشنع المقابلة.

{ قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا} أي:قد كنا نرجوك ونؤمل فيك العقل والنفع، وهذا شهادة منهم، لنبيهم صالح، أنه ما زال معروفا بمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، وأنه من خيار قومه.

ولكنه، لما جاءهم بهذا الأمر، الذي لا يوافق أهواءهم الفاسدة, قالوا هذه المقالة، التي مضمونها، أنك [قد] كنت كاملا، والآن أخلفت ظننا فيك، وصرت بحالة لا يرجى منك خير.

وذنبه، ما قالوه عنه، وهو قولهم:{ أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} وبزعمهم أن هذا من أعظم القدح في صالح، كيف قدح في عقولهم، وعقول آبائهم الضالين، وكيف ينهاهم عن عبادة، من لا ينفع ولا يضر، ولا يغني شيئا من الأحجار، والأشجار ونحوها.

وأمرهم بإخلاص الدين لله ربهم، الذي لم تزل نعمه عليهم تترى, وإحسانه عليهم دائما ينزل، الذي ما بهم من نعمة، إلا منه، ولا يدفع عنهم السيئات إلا هو.{ وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} أي:ما زلنا شاكين فيما دعوتنا إليه، شكا مؤثرا في قلوبنا الريب، وبزعمهم أنهم لو علموا صحة ما دعاهم إليه، لاتبعوه، وهم كذبة في ذلك

ثم حكى القرآن ما رد به قوم صالح عليه فقال: قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا....

أى: قال قوم صالح له بعد أن دعاهم لما يسعدهم: يا صالح لقد كنت فينا رجلا فاضلا نرجوك لمهمات الأمور فينا لعلمك وعقلك وصدقك.. قبل أن تقول ما قلته، أما الآن وبعد أن جئتنا بهذا الدين الجديد فقد خاب رجاؤنا فيك، وصرت في رأينا رجلا مختل التفكير.

فالإشارة في قوله قَبْلَ هذا إلى الكلام الذي خاطبهم به حين بعثه الله إليهم.

والاستفهام في قولهم أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا للتعجيب والإنكار.

أى: أجئتنا بدعوتك الجديدة لتنهانا عن عبادة الآلهة التي كان يعبدها آباؤنا من قبلنا؟

لا، إننا لن نستجيب لك، وإنما نحن قد وجدنا آباءنا على دين وإننا على آثارهم نسير.

ثم ختموا ردهم عليه بقولهم: وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ.

ومريب: اسم فاعل من أراب. تقول: أربت فلانا فأنا أريبه، إذا فعلت به فعلا يوجب لديه الريبة أى: القلق والاضطراب.

أى: لن نترك عبادة الأصنام التي كان يعبدها آباؤنا، وإننا لفي شك كبير، وريب عظيم من صحة ما تدعونا إليه.

يذكر تعالى ما كان من الكلام بين صالح ، عليه السلام ، وبين قومه ، وما كان عليه قومه من الجهل والعناد في قولهم : ( قد كنت فينا مرجوا قبل هذا ) أي : كنا نرجوك في عقلك قبل أن تقول ما قلت! ( أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ) وما كان عليه أسلافنا ، ( وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب ) أي : [ في ] شك كثير .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قالت ثمود لصالح نبيِّهم: (يا صالح قد كنت فينا مرجوًّا) ، أي كنا نرجُو أن تكون فينا سيدًا قبل هذا القول الذي قلته لنا ، من أنه مالنا من إله غير الله (22) ، (أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا) ، يقول: أتنهانا أن نعبد الآلهة التي كانت آباؤنا تعبدها ، (وإننا لفي شك مما تدعونَا إليه مريب) ، يعنون أنهم لا يعلمون صحَّة ما يدعوهم إليه من توحيد الله، وأن الألوهة لا تكون إلا لهُ خالصًا.

* * *

وقوله : (مريب) ، أي يوجب التهمة ، من " أربته فأنا أريبه إرابة "، إذا فعلت به فعلا يوجب له الريبة، (23) ومنه قول الهذلي: (24)

كُــنْتُ إِذَا أَتَوْتُــه مِــنْ غَيْــبِ

يَشَـــمُّ عِطْفِــي وَيــبُزُّ ثَــوْبِي

*كَأَنَّمَا أَرَبْتُهُ بِرَيْبِ* (25)

------------------------

الهوامش:

(22) انظر تفسير " الرجاء " فيما سلف 4 : 319 .

(23) انظر تفسير " الريبة " فيما سلف من فهارس اللغة ( ريب) .

(24) هو خالد بن زهير الهذلي

(25) ديوان الهذليين 1 : 165 ، واللسان ( ريب) ( بزز ) ، ( أتى ) ، وغيرها كثير ، وسيأتي في التفسير 22 : 76 ( بولاق ) . وكان خالد بن زهير ، ابن أخت أبي ذؤيب ، وكان رسول أبي ذؤيب إلى صديقته ، فأفسدها عليه ، فكان يشك في أمره ، فقال له خالد :

يَــا قَــوْمِ مَــالِي وَأَبَـا ذُؤَيْـبِ

كُــنْتُ إذَا أَتَوْتُــه مــن غَيْــبِ

" أتوته " ، لغة في " أتيته " ، وقوله : " من غيب " ، من حيث لا يدري ، لأن " الغيب " ، هو الموضع الذي لا يدري ما ورائه . و" يبز ثوبي " ، أي يجذبه إليه ، يريد أن يمسكه حتى يستخرج خبء نفسه ، من طول ارتيابه فيه .

التدبر :

وقفة
[62] ﴿قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـٰذَا﴾ السلوك السلوك: عرفوا سلوكه فألجموا، كل شيء قابل للاعتراض إلا (السلوك السوي).
وقفة
[62] ﴿قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـٰذَا﴾ علاقاتك الجميلة وحضورك الرائع في حياة الناس قد يستخدم للمساومة على مبادئك.
وقفة
[62] ﴿قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـٰذَا﴾ صالح عليه السلام المستقيم, فكل شئ قابل للاعتراض إلا السلوك السوي المستقيم, عرفوا سلوكه فالجموا.
وقفة
[62] ﴿قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـٰذَا﴾ يتغير رأي الناس فيك إن واجهتهم بما يكرهون ولو كان حقًّا، ويحبونك إن وافقتهم ولو كانوا على باطل.
وقفة
[62] ﴿قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـٰذَا﴾ هكذا يهددون الداعية بسلب الجاه والمكانة حين خالفهم.
وقفة
[62] ﴿قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـٰذَا﴾ هكذا يهددون الداعية بسلب الجاه والمكانة حين يخالفهم، فإما أن تحفظ قدرك عندهم وتخضع أو تحفظ قدرك عند الله فتُرفع.
وقفة
[62] حين يصدع المصلح بالحق؛ يحاول المستبدون وأهل الأهواء التأثير بالمكانة (كنا نقدرك لكن للأسف)، تأمل قول ثمود: ﴿قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـٰذَا﴾.
وقفة
[62] ﴿أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ التقليد الأعمى يذهب بالعقل، فيجعل المنكر معروفًا والمعروف منكرًا.
وقفة
[62] ﴿وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ (شك) لأنه لم يترجح في اعتقادهم صحة قوله، وقولهم (مريب) يعني أنه ترجَّح في اعتقادهم فساد قوله.
وقفة
[62] ﴿وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ ما الفرق بين الشك والريب؟ الشكّ أن يبقى الإنسان متوقفًا بين النفي والإثبات لا يقطع بالأمر، الريبة الذي يظن به السوء ليس فقط شك وإنما يرتاب فيه، يعني هنالك أمر فيه سوء يشكُّ فيه في صاحبه في قصده يريبه نيته غير صافية، فالريبة أعمُّ، ولما قال (مُرِيبٍ) ترجح أن فيها فساد قوله نيَّته غير صافية.
وقفة
[62] ﴿وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ دلالة استخدام (شَكٍّ) و (مُرِيبٍ) معًا لأنهم ليسوا فقط يشكون فيه مترددين، لكنهم يرجحون أن كلامه فيه زيف وفساد.
وقفة
[62، 63] ﴿قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـٰذَا﴾ من أشدِّ ما يفتن فيه بعض طلبة العلم: الخوفُ على مكانتهم عند مجتمعهم إذا نهوهم عمَّا هم عليه من الباطل، بينما اليقين أن المداهنة لأهل الباطل هي عينُ البَوار في العاجل والآجل؛ ﴿فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالو يا صالح:
  • فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. يا: أداة نداء. صالح: منادى مبني على الضم في محل نصب
  • ﴿ قد كنت فينا مرجوًّا:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول- قد: حرف تحقيق. كنت: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع اسم \"كان\". فينا: جار ومجرور متعلق بخبر كنت. مرجوًا: خبر \"كان\" منصوب بالفتحة بمعنى مؤملًا عندنا.
  • ﴿ قبل هذا:
  • قبل: ظرف منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بمرجوًا. هذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ أتنهان:
  • الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. تنهى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ أنْ نعيد:
  • أنْ: حرف مصدري ناصب. فعبد: فعل مضارع منصوب بأنْ وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن. و \"أنْ \" وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر أي عن عبادة وجملة \"نعبد وما بعدها\" صلة \"أن\" المصدرية لا محل لها والجار والمجرور متعلق بتنهانا.
  • ﴿ ما يعيد آباؤنا:
  • الجملة: حكاية حال ماضية أي ما كان يعبد آباؤنا. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يعبد: فعل مضارع مرفوع بالضمة. آباء: فاعل مرفوع بالضمة و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وجملة \"يعبد آباؤنا\" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ وإننا لفي شك:
  • الواو: استئنافية. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم \"إنّ\" اللام لام التوكيد \"المزحلقة\". في شك: جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر \"إنّ\".
  • ﴿ مما تدعونا:
  • مما: أصلها: من حرف جر و \"ما\" اسم موصول مبني على السكون في محل جربمن. تدعو: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. و \"نا\" ضمير متصل في محل نصب مفعول به والجار والمجرور \"مما\" متعلق بشك.
  • ﴿ إليه مريب:
  • جار ومجرور متعلق بتدعو. مريب: صفة -نعت- لشك مجرورة مثلها وعلامة الجر الكسرة وجملة \"تدعونا إليه\" صلة الموصول. '

المتشابهات :

الأعراف: 70﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّـهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ
ابراهيم: 10﴿قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَـ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
هود: 62﴿أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [62] لما قبلها :     ولَمَّا دعا صالح عليه السلام قومَه ثمودَ إلى عبادةِ اللهِ وحدَهُ، بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا ما رد به قوم صالح عليه، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف