3903637383940414243

الإحصائيات

سورة القصص
ترتيب المصحف28ترتيب النزول49
التصنيفمكيّةعدد الصفحات11.00
عدد الآيات88عدد الأجزاء0.56
عدد الأحزاب1.12عدد الأرباع4.50
ترتيب الطول14تبدأ في الجزء20
تنتهي في الجزء20عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 14/29طسم: 2/2

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (36) الى الآية رقم (38) عدد الآيات (3)

لمَّا دعا موسى فرعونَ وقومَه كذَّبُوه واتَّهمُوه بالسحرِ، وفرعونُ يَدِّعِي الألوهيةَ ويأمُرُ وزيرَه هامانَ أن يُشيِّدَ له صرحًا عاليًا ليصعدَ عليه وينظرَ إلى إلهِ موسى.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (39) الى الآية رقم (43) عدد الآيات (5)

فرعونُ يستكبرُ هو وجنودُه في الأرضِ، فيأخذُهم اللهُ ويغرقُهم في البحرِ، ويجعلُهم قدوةً للطُّغاةِ والضُلّالِ، ويُؤتِي موسى التوراةَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة القصص

الدعوة إلى التوحيد، وبيان أن إرادة الله وحده هي النافذة/ الثقة بوعد الله/ عاقبة الطغيان والفساد

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • عن أي شيء تتحدث سورة القصص؟:   المحور الأساسي في سورة القصص هو قصة موسى عليه السلام. هل ذكرت السورة كل جوانب قصة موسى عليه السلام؟ الجواب: لا، بل ركزت على جوانب محددة من قصته: مولده، رميه في البحر، نشأته في قصر فرعون، خروجه من مصر إلى مدين وزواجه، ثم عودته إلى بلده بعد عشر سنين، وانتصاره على فرعون. سورة القصص هي السورة الوحيدة في القرآن التي ركّزت على مولد موسى ونشأته وخروجه إلى مدين، بينما لم تركز على بني إسرائيل ومشاكلهم مع موسى كما في باقي السور، فلماذا؟ تعالوا نتعرف على وقت نزول السورة لعلنا نجد الجواب. وقت نزول السورة: نزلت السورة وقت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه من مكة إلى المدينة حزينًا لفراق بلده، فأراد الله أن يطمئن قلبه بأنه سيرده إلي مكة مرة أخرى؛ فقص عليه قصة موسى عليه السلام، منذ مولده وفراقه لأمه، ثم عودته إليها. نزلت السورة تقول للنبي صلى الله عليه وسلم : إنك ستعود إلي مكة يا رسول الله منتصرًا بعد أن خرجت منها متخفيًا.
  • • في أول السورة وعد، وفي آخرها وعد::   فتأمل العلاقة بينهما: 1- الأول: وعد الله لأم موسى في أول السورة: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَـٰعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ﴾ (7). 2- الثاني: وعد الله للنبي صلى الله عليه وسلم في آخر السورة: ﴿إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ﴾ (85). عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ قَالَ: إِلَى مَكَّةَ. (البخاري 4773). ونلاحظ استعمال نفس الكلمة في الوعدين: (راد). وكأن المعنى: يا محمد إن الذي صدق وعده مع موسى وأمه، سيعيدك إلى مكة فاتحًا منتصرًا. فهدف سورة القصص هو الثقة بوعد الله، واليقين بأنه متحقق لا محالة، مهما طالت المدة أو صعبت الظروف.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «القصص».
  • • معنى الاسم ::   قصَّ علىَّ خبرَه: أورده، والقصَص: الخبر المقصوص، والقِصص: جمع قِصَّة.
  • • سبب التسمية ::   لورود هذا اللفظ (القصص) في الآية (25)؛ ولأن ‏الله ‏ذكر ‏فيها ‏قصة ‏موسى ‏مفصلة ‏موضحة ‏من ‏حين ‏ولادته ‏إلى ‏حين ‏رسالته.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة طسم» تسمية للسورة بما افتتحت به، و«سورة موسى»؛ لذكر ‏قصته ‏فيها ‏مفصلة.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   الثقة بوعد الله، وأنه متحقق لا محالة، مهما طالت المدة أو صعبت الظروف.
  • • علمتني السورة ::   أن الصراع بين الحق والباطل صراع قديم ومستمر.
  • • علمتني السورة ::   أن العاقبة للحق وأهله، وأن إرادة الله وحده هي النافذة.
  • • علمتني السورة ::   اليقين في الله: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾ ، أم تخاف على ابنها من فرعون تلقي به في البحر؟!
رابعًا : فضل السورة :
  • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة القصص من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة القصص من (الطواسين أو الطواسيم)، وهي ثلاث سور نزلت متتالية، ووضعت في المصحف متتالية أيضًا، وهي: الشعراء، النمل، القصص، وسميت بذلك؛ لأنها افتتحت بالحروف المقطعة طسم (في الشعراء والقصص)، وطس (في النمل)، ويكاد يكون منهاجها واحدًا، في سلوك مسلك العظة والعبرة، عن طريق قصص الغابرين، وجميعها افتتحت بذكر قصة موسى عليه السلام، وكذلك جميعها اختتم بالتهديد والوعيد للمعاندين والمخالفين.
    • قصة موسى عليه السلام ذكرت في كثير من سور القرآن (تكرر اسم موسى 136 مرة في 34 سورة، وأكثر السور التي ذكرت قصته بالتفصيل: الأعراف، طه، القصص)، ولكن نجد أنها في سورة القصص ركزت على قصة سيدنا موسى من مولده إلى بعثته، وذكرت تفاصيل لم تذكر في سواها: كقتله المصري، وخروجه إلى مدين، وزواجه من بنت الرجل الصالح، وفصلت أكثر في محنة ميلاده ونشأته في قصر فرعون.
    • احتوت سورة القصص على آية تدل على فصيح القرآن الكريم وإعجازه، وهي: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ (7)؛ لأنها اشتملت على: أَمرْين ونهيين وخبرين وبشارتين؛ أما الأمران فهما: ﴿أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾، و﴿فَأَلْقِيهِ﴾، وأما النهيان فهما: ﴿وَلَا تَخَافِي﴾، و﴿وَلَا تَحْزَنِي﴾، وأما الخبران فهما: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ﴾، و﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ﴾، وأما البشارتان فهما: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾، و﴿وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن تمتلأ قلوبنا بهذا العمل القلبي العظيم: اليقين والثقة في الله.
    • ألا نخاف علو الظالم وقوته؛ فلله إرادة سيمليها على كونه إملاءًا، وسينتهي الفساد، وسيعلو الحق، وسيأتي التمكين: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ ... وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ (4-6).
    • ألا نستعجل النصر؛ قال الله عن بني إسرائيل: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواَ﴾ (5)، ولم يأتِ النصر إلا بعد أربعين سنة.
    • أن نستخدم الحيلة المشروعة للتخلص من ظلم الظالم: ﴿فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ (12).
    • أن نصلح بين اثنين متخاصمين: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ...﴾ (15).
    • أن نلجأ إلى الله دومًا: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (21).
    • أن نفعل الخير ونمضي؛ لا ننتظر الجزاء من الناس: ﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ ﴾ (24).
    • أن نكافئ شخصًا أحسن إلينا؛ فإن هذا من دأب الصالحين: ﴿قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ (25).
    • أن نستعن بمن يعيننا على القيام بدعوتنا ممن يملك المواصفات المناسبة: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾ (34).
    • أن نحذر من اتباع الهوى: ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ﴾ (50).
    • أن نعرض عن اللغو: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾ (55).
    • أن نحذر الظلم؛ فإنه من أسباب هلاك الأمم السابقة: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ (59).
    • ألا يشغلنا طعام ولا لباس ولا مسكن في الدنيا عن الآخرة: ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ اللَّـهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾ (60).
    • أن نحسن سريرتنا؛ فإن الله يعلم ما في الصدور: ﴿وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ (69).
    • أن نرضى بما قسم الله لنا: ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ (82).

تمرين حفظ الصفحة : 390

390

مدارسة الآية : [36] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا جَاءهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ ..

التفسير :

[36] فلما جاء موسى فرعونَ وملأه بأدلتنا وحججنا شاهدة بحقيقة ما جاء به موسى مِن عند ربه، قالوا لموسى:ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر افتريته كذباً وباطلاً، وما سمعنا بهذا الذي تدعونا إليه في أسلافنا الذين مضَوا قبلنا.

فذهب موسى برسالة ربه{ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ} واضحات الدلالة على ما قال لهم، ليس فيها قصور ولا خفاء.{ قَالُوا} على وجه الظلم والعلو والعناد{ مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى} كما قال فرعون في تلك الحالة التي ظهر فيها الحق، واستعل على الباطل، واضمحل الباطل، وخضع له الرؤساء العارفون حقائق الأمور{ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} هذا، وهو الذكي غير الزكي الذي بلغ من المكر والخداع والكيد ما قصه اللّه علينا وقد علم{ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ولكن الشقاء غالب.

{ وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} وقد كذبوا في ذلك، فإن اللّه أرسل يوسف عليه السلام قبل موسى، كما قال تعالى{ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ}

والمراد بالآيات في قوله- تعالى- فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ: العصا واليد.

وجمعهما تعظيم لشأنهما، ولاشتمال كل واحدة منهما على دلائل متعددة على صدق موسى- عليه السلام- فيما جاء به من عند ربه- تعالى-.

والمعنى: ووصل موسى إلى فرعون وقومه، ليأمرهم بعبادة الله وحده، فلما جاءهم بالمعجزات التي أيدناه بها، والتي تدل على صدقه دلالة واضحة.

قالُوا له على سبيل التبجح والعناد ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً أى: قالوا له:

ما هذا الذي جئت به يا موسى إلا سحر أتيت به من عند نفسك.

ثم أكدوا قولهم الباطل هذا بآخر أشد منه بطلانا، فقالوا- كما حكى القرآن عنهم-:

وَما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ.

أى: وما سمعنا بهذا الذي جئتنا به يا موسى، من الدعوة إلى عبادة الله وحده ومن إخبارك لنا بأنك نبي.. ما سمعنا بشيء من هذا كائنا أو واقعا في عهد آبائنا الأولين وقولهم هذا يدل على إعراضهم عن الحق، وعكوفهم على ما ألفوه بدون تفكر أو تدبر

يخبر تعالى عن مجيء موسى وأخيه هارون إلى فرعون وملئه ، وعرضه ما آتاهما الله من المعجزات الباهرة والدلالات القاهرة ، على صدقهما فيما أخبرا عن الله عز وجل من توحيده واتباع أوامره . فلما عاين فرعون وملؤه ذلك وشاهدوه وتحققوه ، وأيقنوا أنه من الله ، عدلوا بكفرهم وبغيهم إلى العناد والمباهتة ، وذلك لطغيانهم وتكبرهم عن اتباع الحق ، فقالوا : ( ما هذا إلا سحر مفترى ) أي : مفتعل مصنوع . وأرادوا معارضته بالحيلة والجاه ، فما صعد معهم ذلك .

وقوله : ( وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ) يعنون : عبادة الله وحده لا شريك له ، يقولون : ما رأينا أحدا من آبائنا على هذا الدين ، ولم نر الناس إلا يشركون مع الله آلهة أخرى .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ (36)

يقول تعالى ذكره: فلما جاء موسى فرعون وملأه بأدلتنا وحججنا بينات أنها حجج شاهدة بحقيقة ما جاء به موسى من عند ربه, قالوا لموسى: ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر افتريته من قبلك وتخرّصته كذبا وباطلا( وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا ) الذي تدعونا إليه من عبادة من تدعونا إلى عبادته في أسلافنا وآبائنا الأولين الذين مضوا قبلنا.

التدبر :

وقفة
[36] ﴿فَلَمّا جاءَهُم موسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ﴾ الآيات واضحة جلية مبيِنة مبيَنة، ولكن العيب كل العيب فى القلوب التى تسمع وترى.
عمل
[36] ﴿قَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى﴾ لا تحزن من الافتراءات التي ستواجهها، فكل شخص يرى الناس بأخلاقه وطباعه فهذا ليس عيبًا بك، بل بهم.
عمل
[36] ﴿قَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى﴾ نفس الحجة التي يكررها أعداء الرسل، الحق إن أتاك أقبله حتى لو لم يكن من شجرة العائلة الخاصة بك.
وقفة
[36] ﴿قَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى﴾ رَدُّ الحق بالشبه الواهية شأن أهل الطغيان.
وقفة
[36] حينما كان السحر لصالحه بحث عنه: ﴿وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم﴾ [يونس: 79]، وحينما رأى فرعون حجة موسى صار السحر عنده فرية: ﴿قالوا ما هذا إلا سحر مفترى﴾.
وقفة
[36] للتخلص من المسئوليات وعدم الالتزام بمنهج سليم للحياة يبتدع البعض جملًا إنشائية يرددونها دائمًا كالببغاوات ﴿قالوا ما هذا إِلّا سِحرٌ مُفتَرًى وَما سَمِعنا بِهذا في آبائِنَا الأَوَّلينَ﴾.
وقفة
[36] ﴿وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا﴾ أي: الذي تقوله من الرسالة عن الله، ﴿فِي آبَائِنَا﴾: وأشاروا إلى البدعة التي قد أضلت أكثر الخلق؛ وهي تحكيم عوائد التقليد؛ ولا سيما عند تقادمها.
وقفة
[36] ﴿ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين﴾ يقع هذا عندما يطمس التقليد على حركة الفكر وحرية القلب، فلا يتدبرون ما بين أيديهم من القضايا ليهتدوا، إنما يبحثون في ركام الماضي عن سابقة يستندون إليها ; فإن لم يجدوا رفضوا القضية وطرحوها! وهكذا تجمد الحياة وتقف حركتها, وتتسمر خطاها عند جيل معين.
وقفة
[36] غريب، لا يمكن ذلك، أول مرة أسمع هذا الكلام؛ لا تجعل أول مسموعاتك معيارًا ومقياسًا، بل ابحث واطلع ﴿ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين﴾.
وقفة
[36] صاحب الهوى غايته أن يرد الحق، وحججه أعذار، أقوام ترد الحق لأنه قديم: ﴿أساطير الأولين﴾ [الأنعام: 25]، وأخرى ترده لأنه جديد: ﴿ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين﴾.
وقفة
[36] من وسائل تشويه الحق: اتهام أصحابه باختراعه واستحداثه، حتى ينفر الناس منه، وهكذا قال قوم نوح وموسى: ﴿ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا:
  • الفاء: استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب. والجملة الفعلية بعده: في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ جاءَهُمْ مُوسى:
  • فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. موسى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف للعجمة.
  • ﴿ بِآياتِنا بَيِّناتٍ:
  • جار ومجرور متعلق بجاءهم و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. بينات: أي واضحات جليات: حال من الآيات منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.
  • ﴿ قالُوا:
  • الجملة الفعلية: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والقائلون فرعون وقومه.
  • ﴿ ما هذا إِلاّ سِحْرٌ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول- ما: نافية لا عمل لها. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. الا: أداة حصر لا عمل لها. سحر: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.
  • ﴿ مُفْتَرىً:
  • صفة-نعت-لسحر مرفوعة مثلها بالضمة المقدرة للتعذر على الألف قبل تنوينها. ونونت الألف لأن الكلمة نكرة. أي مختلق بمعنى: سحر تعمله أنت ثم تفتريه على الله.
  • ﴿ وَما سَمِعْنا:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. سمع: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين- مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ بِهذا:
  • الباء حرف جر و هذا» اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بما سمعنا والاشارة الى القول المختلق من وجهة نظرهم. أي: ادعاء النبوة.
  • ﴿ فِي آبائِنَا:
  • جار ومجرور متعلق بحال من اسم الاشارة. أي كائنا في زمن آبائنا وأيامهم و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الْأَوَّلِينَ:
  • صفة-نعت-للآباء مجرورة مثلها وعلامة جرها الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.'

المتشابهات :

المؤمنون: 24﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ
القصص: 36﴿قَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَ مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ
ص: 7﴿ مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     ولَمَّا ذهب موسى عليه السلام إلى فرعون وقومه؛ كذَّبُوه واتَّهمُوه بالسحرِ، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا جَاءهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [37] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن ..

التفسير :

[37] وقال موسى لفرعون:ربي أعلم بالمحقِّ منَّا الذي جاء بالرشاد من عنده، ومَن الذي له العقبى المحمودة في الدار الآخرة، إنه لا يظفر الظالمون بمطلوبهم.

{ وَقَالَ مُوسَى} حين زعموا أن الذي جاءهم به سحر وضلال، وأن ما هم عليه هو الهدى:{ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ} أي:إذا لم تفد المقابلة معكم، وتبيين الآيات البينات، وأبيتم إلا التمادي في غيكم واللجاج على كفركم، فاللّه تعالى العالم بالمهتدي وغيره، ومن تكون له عاقبة الدار، نحن أم أنتم{ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} فصار عاقبة الدار لموسى وأتباعه، والفلاح والفوز، وصار لأولئك، الخسار وسوء العاقبة والهلاك.

وقد رد عليهم موسى ردا منطقيا حكيما، حكاه القرآن في قوله: وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ ...

أى: وقال موسى في رده على فرعون وملئه: ربي الذي خلقني وخلقكم، أعلم منى ومنكم بمن جاء بالهدى والحق من عنده، وسيحكم بيني وبينكم بحكمه العادل.

ولم يصرح موسى- عليه السلام- بأنه يريد نفسه، بالإتيان بالهداية لهم من عند الله- تعالى- ليكفكف من عنادهم وغرورهم، وليرخى لهم حبل المناقشة، حتى يخرس ألسنتهم عن طريق المعجزات التي أيده الله- تعالى- بها.

وقوله: وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ معطوف على ما قبله.

أى: وربي- أيضا- أعلم منى ومنكم بمنى تكون له النهاية الحسنة، والعاقبة الحميدة.

قال الآلوسي: وقوله: وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ وهي الدنيا، وعاقبتها أن يختم للإنسان بها، بما يفضى به إلى الجنة بفضل الله- تعالى- وكرمه.

وقوله- سبحانه- إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ تذييل قصديه ببان سنة من سننه- تعالى- التي لا تتخلف أى إنه- سبحانه- قد اقتضت سنته أن لا يفوز الظالمون بمطلوب بل الذين يفوزون بالعاقبة الحميدة هم الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا.

فقال موسى ، عليه السلام ، مجيبا لهم : ( ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ) يعني : مني ومنكم ، وسيفصل بيني وبينكم . ولهذا قال : ( ومن تكون له عاقبة الدار ) أي : النصرة والظفر والتأييد ، ( إنه لا يفلح الظالمون ) أي : المشركون بالله .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (37)

&; 19-580 &;

يقول تعالى ذكره: ( وَقَالَ مُوسَى ) مجيبا لفرعون: ( رَبِّي أَعْلَمُ ) بالمحق منا يا فرعون من المبطل, ومن الذي جاء بالرشاد إلى سبيل الصواب والبيان عن واضح الحجة من عنده, ومن الذي له العقبى المحمودة في الدار الآخرة منا، وهذه معارضة من نبيّ الله موسى عليه السلام لفرعون, وجميل مخاطبة, إذ ترك أن يقول له: بل الذي غرّ قومه وأهلك جنوده, وأَضَلّ أتباعه أنت لا أنا, ولكنه قال: ( رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ ) ثم بالغ في ذمّ عدوّ الله بأجمل من الخطاب فقال: ( إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) يقول: إنه لا ينجح ولا يدرك طلبتهم الكافرون بالله تعالى, يعني بذلك فرعون إنه لا يفلح ولا ينجح لكفره به.

التدبر :

وقفة
[37] ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ﴾ موسى لم يقل أنا جئت بالهدى، فالتواضع والبعد عن الذاتية من صفات المرسلين.
وقفة
[37] ﴿وَقالَ موسى رَبّي أَعلَمُ بِمَن جاءَ بِالهُدى مِن عِندِهِ﴾ كان من الممكن أن يقول موسى أنه هو نفسه من جاء بالهدى، وهذا درس لنا وجب علينا اتباعه بألا نثير حفيظة الغير بنسب أى فضل لأنفسنا دون من حولنا.
وقفة
[37] ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ المؤمن واثق من وعد الله أهل طاعته بالعاقبة الحميدة.
وقفة
[37] ﴿وَقالَ موسى رَبّي أَعلَمُ بِمَن جاءَ بِالهُدى مِن عِندِهِ وَمَن تَكونُ لَهُ عاقِبَةُ الدّارِ إِنَّهُ لا يُفلِحُ الظّالِمونَ﴾ توضح لنا الآية ثلاث محاور هامة تدور كلها حول محور العدل مع التشديد على مصدر هذا الهدى (مِن عِندِهِ) فهى رسالة طمأنة.
وقفة
[37] ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ دموع المظلومين ستبقى تطارد الظالم، وستقف حائلًا بينه وبين أي توفيق وفلاح، وأي توفيق أصلًا سيناله!
تفاعل
[37] ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من الظالمين.
عمل
[37] ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ احذر أن تكون ظالمًا؛ فعاقبة الظالمين إلى الخسارة.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ مُوسى:
  • الواو استئنافية. قال: فعل ماض مبني على الفتح. موسى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ رَبِّي أَعْلَمُ:
  • الجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به-مقول القول-أي فقال لهم موسى .. ربي: مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة المأتي بها لأجل الياء. والياء: ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة. اعلم: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-لأنه صيغة تفضيل على وزن-أفعل-وبوزن الفعل بمعنى: ربي أعلم منكم.
  • ﴿ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى:
  • الباء حرف جر و بِمَنْ» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن. جاء: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية جاءَ» صلة الموصول لا محل لها. والجار والمجرور بِمَنْ» متعلق بأعلم. بالهدى: جار ومجرور متعلق بجاء وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. بمعنى: أعلم بحال من أهله الله للفلاح الأعظم حيث جعله نبيا وبعثه بالهدى.
  • ﴿ مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة للهدى والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. ومن: معطوفة بالواو على بِمَنْ» الأولى وتعرب اعرابها. أي وبمن تكون له عاقبة الدار.
  • ﴿ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدّارِ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. تكون: فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة و لَهُ» جار ومجرور متعلق بخبر تَكُونُ» مقدم. عاقبة. اسمها مرفوع بالضمة وهو مضاف. الدار: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى: العاقبة الحسنة أو ووعده حسنى العاقبة أي العقبى: يعني نفسه.
  • ﴿ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» لا: نافية لا عمل لها. يفلح: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الظالمون: فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. والجملة الفعلية لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ» في محل رفع خبر «ان» بمعنى: لا يفلح عنده الظالمون.'

المتشابهات :

الأنعام: 21﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ
الأنعام: 135﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ
يوسف: 23﴿إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ
القصص: 37﴿وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     ولَمَّا كذَّبُوه واتَّهمُوه بالسحرِ؛ رد عليهم موسى عليه السلام ردًّا منطقيًّا حكيمًا، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاء بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وقال:
قرئ:
1- قال، بدون واو، وهى قراءة ابن كثير.
2- بالواو، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [38] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ ..

التفسير :

[38] وقال فرعون لأشراف قومه:يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري يستحق العبادة، فأشْعِل لي -يا هامان- على الطين ناراً، حتى يشتد، وابْنِ لي بناء عالياً؛ لعلي أنظر إلى معبود موسى الذي يعبده ويدعو إلى عبادته، وإني لأظنه فيما يقول من الكاذبين.

{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ} متجرئا على ربه، ومموها على قومه السفهاء، أخفاء العقول:{ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} أي:أنا وحدي، إلهكم ومعبودكم، ولو كان ثَمَّ إله غيري، لعلمته، فانظر إلى هذا الورع التام من فرعون!، حيث لم يقل "ما لكم من إله غيري "بل تورع وقال:{ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} وهذا، لأنه عندهم، العالم الفاضل، الذي مهما قال فهو الحق، ومهما أمر أطاعوه.

فلما قال هذه المقالة، التي قد تحتمل أن ثَمَّ إلها غيره، أراد أن يحقق النفي، الذي جعل فيه ذلك الاحتمال، فقال لـ "هامان "{ فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ} ليجعل له لبنا من فخار.{ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا} أي:بناء{ لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ولكن سنحقق هذا الظن، ونريكم كذب موسى. فانظر هذه الجراءة العظيمة على اللّه، التي ما بلغها آدمي، كذب موسى، وادَّعى أنه إله، ونفى أن يكون له علم بالإله الحق، وفعل الأسباب، ليتوصل إلى إله موسى، وكل هذا ترويج، ولكن العجب من هؤلاء الملأ، الذين يزعمون أنهم كبار المملكة، المدبرون لشئونها، كيف لعب هذا الرجل بعقولهم، واستخف أحلامهم، وهذا لفسقهم الذي صار صفة راسخة فيهم.

فسد دينهم، ثم تبع ذلك فساد عقولهم، فنسألك اللهم الثبات على الإيمان، وأن لا تزيغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وتهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

ولكن هذا الرد المهذب الحكيم من موسى- عليه السلام-، لم يعجب فرعون المتطاول المغرور فأخذ في إلقاء الدعاوى الكاذبة، التي حكاها القرآن عنه في قوله: وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي.

أى: وقال فرعون لقومه- على سبيل الكذب والفجور- يا أيها الأشراف من أتباعى.

إنى ما علمت لكم من إله سواي.

وقوله هذا يدل على ما بلغه من طغيان وغرور، فكأنه يقول لهم: إنى لم أعلم بأن هناك إلها لكم سواي، ومالا أعلمه فلا وجود له.

وقد قابل قومه هذا الهراء والهذيان، بالسكوت والتسليم، شأن الجهلاء الجبناء وصدق الله إذ يقول: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ ثم تظاهر بعد ذلك بأنه جاد في دعواه أمام قومه بأنه لا إله لهم سواه، وأنه حريص على معرفة الحقيقة، فقال لوزيره هامان: فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى.

والصرح: البناء الشاهق المرتفع. أى: فاصنع لي يا هامان من الطين آجرا قويا، ثم هيئ لي منه بناء عاليا مكشوفا. أصعد عليه، لعلى أرى إله موسى من فوقه. والمراد بالظن في قوله: وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ اليقين. أى: وإنى لمتيقن أن موسى من الكاذبين في دعواه أن هناك إلها غيرى.. في هذا الكون.

وهكذا. استخف فرعون بعقول قومه الجاهلين الجبناء، فأفهمهم أنه لا إله لهم سواه، وأن موسى كاذب فيما ادعاه.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ. أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى. وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ، وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ. وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ.

قال ابن كثير: وذلك لأن فرعون، بنى هذا الصرح، الذي لم ير في الدنيا بناء أعلى منه،وإنما أراد بهذا أن يظهر لرعيته، تكذيب موسى فيما قاله من أن هناك إلها غير فرعون. ولهذا قال: وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ أى: في قوله إن ثم ربا غيرى.

يخبر تعالى عن كفر فرعون وطغيانه وافترائه في دعوى الإلهية لنفسه القبيحة - لعنه الله - كما قال تعالى : ( فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين ) [ الزخرف : 54 ] ، وذلك لأنه دعاهم إلى الاعتراف له بالإلهية ، فأجابوه إلى ذلك بقلة عقولهم وسخافة أذهانهم ; ولهذا قال : ( ياأيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري ) ، [ و ] قال تعالى إخبارا عنه : ( فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) [ النازعات : 23 - 26 ] يعني : أنه جمع قومه ونادى فيهم بصوته العالي مصرحا لهم بذلك ، فأجابوه سامعين مطيعين . ولهذا انتقم الله تعالى منه ، فجعله عبرة لغيره في الدنيا والآخرة ، وحتى إنه واجه موسى الكليم بذلك فقال : ( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ) [ الشعراء : 29 ] .

وقوله : ( فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى ) أي : أمر وزيره هامان ومدبر رعيته ومشير دولته أن يوقد له على الطين ، ليتخذ له آجرا لبناء الصرح ، وهو القصر المنيف الرفيع - كما قال في الآية الأخرى : ( وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب . أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب ) [ غافر : 36 ، 37 ] ، وذلك لأن فرعون بنى هذا الصرح الذي لم ير في الدنيا بناء أعلى منه ، إنما أراد بهذا أن يظهر لرعيته تكذيب موسى فيما زعمه من دعوى إله غير فرعون ; ولهذا قال : ( وإني لأظنه من الكاذبين ) أي : في قوله إن ثم ربا غيري ، لا أنه كذبه في أن الله أرسله ; لأنه لم يكن يعترف بوجود الصانع ، فإنه قال : ( وما رب العالمين ) [ الشعراء : 23 ] وقال : ( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ) [ الشعراء : 29 ] وقال : ( يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري ) وهذا قول ابن جرير .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)

يقول تعالى ذكره: وقال فرعون لأشراف قومه وسادتهم: ( يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ) فتعبدوه, وتصدّقوا قول موسى فيما جاءكم به من أن لكم وله ربا غيري ومعبودا سواي ( فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ ) يقول: فاعمل لي آجرا, وذُكر أنه أوّل من طبخ الآجر وبنى به.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: ( فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ ) قال: على المدَر يكون لَبِنا مطبوخا.

قال ابن جُرَيج: أوّل من أمر بصنعة الآجرّ وبنى به فرعون.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة: ( فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ ) قال: فكان أوّل من طبخ الآجرّ يبني به الصرح.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قول الله: ( فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ ) قال: المطبوخ الذي يوقد عليه هو من طين يبنون به البنيان.

وقوله: ( فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا ) يقول: ابنِ لي بالآجرّ بناء, وكل بناء مسطح فهو صرح كالقصر. ومنه قول الشاعر:

بِهِـــنَّ نَعـــامٌ بَنَاهَــا الرِّجَــا

لُ تَحْسَــبُ أعْلامَهُــنَّ الصُّرُوحَـا (1)

يعني بالصروح: جمع صرح.

وقوله: ( لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى ) يقول: انظر إلى معبود موسى, الذي يعبده, ويدعو إلى عبادته ( وَإِنِّي لأظُنُّهُ ) فيما يقول من أن له معبودا يعبده في السماء, وأنه هو الذي يؤيده وينصره, وهو الذي أرسله إلينا من الكاذبين; فذكر لنا أن هامان بنى له الصرح, فارتقى فوقه.

فكان من قصته وقصة ارتقائه ما حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي, قال: قال فرعون لقومه: ( يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي ) أذهب في السماء, فأنظر ( إِلَى إِلَهِ مُوسَى ) فلما بُنِي له الصرح, ارتقى فوقه, فأمر بِنُشابة فرمى بها نحو السماء, فردّت إليه وهي متلطخة دما, فقال: قد قتلت إله موسى, تعالى الله عما يقولون.

التدبر :

وقفة
[38] العجب من هؤلاء الملأ الذين يزعمون أنهم كبار، كيف لعب هذا الرجل بعقولهم، واستخف أحلامهم؟! وهذا لفسقهم الذي صار صفة راسخة فيهم، فسد دينهم، ثم تبع ذلك فساد عقولهم.
وقفة
[38] ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ﴾ الزمرة والحاشية التي تحيط بالظالم، إما أنها مثله، أو أنهم خانعون ليس فيهم رجل رشيد.
وقفة
[38] ﴿وَقالَ فِرعَونُ يا أَيُّهَا المَلَأُ ما عَلِمتُ لَكُم مِن إِلهٍ غَيري﴾ غسيل مخ.
وقفة
[38] قال فرعون: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ﴾، إن من الناس من يعبد ذاته، ثم يدعو الناس لطاعته وهو أخسر الناس صفقة.
وقفة
[38] ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي﴾ يقول: (بحسبِ ما لديَّ من معلوماتٍ: لا إلهَ لكم غيري)، ما هذا منطقُ إله! المنطقُ يفضحُ صاحبَه.
وقفة
[38] ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي﴾ هل سمعت بأفظع من هذه الجملة وجرأة قائلها، فرعون لم يكن مختلًّا فلن يؤاخذه الله بل كان قليل الأدب مع الله.
وقفة
[38] ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي﴾ يقول: بحسب ما لدي من معلومات لا إله لكم غيري، تواضع أترع كبرًا من رأسه حتى أخمص قدميه.
وقفة
[38] ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي﴾ ما هذا منطق إله، المنطق يفضح صاحبه.
وقفة
[38] ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي﴾ المنطق يفضح صاحبه! أهذا منطق إله؟! من خلال منطقك يعرفك الناس، صدقك وكدبك.
وقفة
[38] تعهد الشيطان أمام الله سبحانه: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: 82]، فتدبر كيف وصلت الحال: فمع أن الشيطان يعترف بالله ربًّا، بل ويدعوه: ﴿رَبِّ فَأَنْظِرْنِي﴾ [ص: 79]، ثم يأتي (من بني آدم) من تعداه في الإجرام والغواية: ﴿فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]، بل وينفي الألوهية مطلقًا: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾.
وقفة
[38] يا رب إن كنتَ قد رحمتَ من قال: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي﴾، فكيف رحمتك بمن قال: لا إله إلا الله!
وقفة
[38] ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ﴾ اليد التي تعين الظالم لا تقل ظلمًا عنه، بل هي توازيه بالعقلية ذاتها وإلا ما التفت حوله.
وقفة
[38] ينفق الظالمون الأموال الطائلة على أهوائهم الشخصية غير مبالين بالمحتاجين والمساكين، فالمهم هم وبعدهم الطوفان ﴿فَأَوقِد لي يا هامانُ عَلَى الطّينِ فَاجعَل لي صَرحًا﴾.
وقفة
[38] ﴿فَأَوقِد لي يا هامانُ عَلَى الطّينِ فَاجعَل لي صَرحًا﴾ تكمن المشكلة فى وجود من يذعن وينفذ تلك الأوامر البلهاء.
وقفة
[38] ﴿فاجعل لي صرحا لعلي أطلع الى إله موسى﴾ أحيانًا تقف متعجبًا من حماقات المتجبرين، وإلى أي نقطة وصل الغرور بهم الذي لا شفاء منه.
وقفة
[38] ﴿لَعَلّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ موسى﴾ هل تعتقد أن هؤلاء الفراعين يمكلون قدرًا ولو ضئيلًا من الذكاء، فبالله عليكم كيف جال بخاطره أنه مهما ارتفع على صرحه سيستطيع أن يرى إله موسى!
وقفة
[38] ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ فرعون يتهم موسى بالكذب، نفس القصة تتكرر في كل العصور، الصادق المخلص تشوه صورته ويشك في نهجه.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ فِرْعَوْنُ:
  • الواو: عاطفة. قال: فعل ماض مبني على الفتح. فرعون: فاعل مرفوع بالضمة وهو ممنوع من الصرف.
  • ﴿ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ:
  • يا: أداة نداء. أي: منادى مبني على الضم في محل نصب. و«ها» للتنبيه. الملأ: بدل من «أي» مرفوعة على لفظ‍ «أي» وعلامة الرفع الضمة.
  • ﴿ ما عَلِمْتُ:
  • الجملة الفعلية وما بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.ما: نافية لا عمل لها. علمت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع فاعل بمعنى ما عرفت. قصد نفي وجود إله غيره.
  • ﴿ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ:
  • جار ومجرور متعلق بما علمت والميم علامة جمع الذكور. من: حرف جر زائد لتوكيد النفي. إله: اسم مجرور لفظا بحرف الجر منصوب محلا لأنه مفعول به لما علمت.
  • ﴿ غَيْرِي:
  • صفة-نعت-لإله مجرورة لفظا منصوبة محلا. والياء ضمير متصل -ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَأَوْقِدْ لِي:
  • الفاء استئنافية. أوقد: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. لي: جار ومجرور متعلق بأوقد.
  • ﴿ يا هامانُ:
  • يا: أداة نداء. هامان: منادى مبني على الضم في محل نصب وهو ممنوع من الصرف للعجمة والتعريف.
  • ﴿ عَلَى الطِّينِ:
  • جار ومجرور متعلق بأوقد لي. بمعنى: فاعمل لي يا هامان آجرا. بمعنى واطبخ لي الآجر ولم يقل ذلك-حسب قول كتب التفسير- لأنه أول من عمل الآجر فهو يعلم الصنعة ولأن هذه العبارة أحسن طباقا لفصاحة القرآن وعلو طبقته. وأشبه بكلام الجبابرة وأمر هامان وهو وزيره ورديفه بالايقاد على الطين مناديا باسمه بيا في وسط‍ الكلام دليل التعظيم والتجبر.
  • ﴿ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً:
  • معطوفة بالفاء على «أوقد لي» وتعرب إعرابها. صرحا: أي قصرا عاليا. مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ لَعَلِّي أَطَّلِعُ:
  • لعل: حرف مشبه بالفعل من أخوات «انّ» للترجي. والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسم «لعل» اطلع: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. وجملة أَطَّلِعُ» في محل رفع خبر «لعل» بمعنى: اصعد.
  • ﴿ إِلى إِلهِ مُوسى:
  • جار ومجرور متعلق باطلع. موسى: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. وقدرت الحركة على الألف للتعذر. بمعنى أصعد إلى إله موسى لأقاتله! قالها فرعون مستهزئا وساخرا من موسى.
  • ﴿ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ:
  • الواو استئنافية. إني لأظنه: تعرب اعراب لَعَلِّي أَطَّلِعُ» اللام في لَأَظُنُّهُ» لام التوكيد المزحلقة. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول.
  • ﴿ مِنَ الْكاذِبِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بمفعول «أظن» الثاني أي: كاذبا من الكاذبين. وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.'

المتشابهات :

القصص: 38﴿فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ
غافر: 37﴿أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَـ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     وبعد هذا الرد المهذب الحكيم من موسى عليه السلام، رَدَّ عليه فرعونُ بمقالة تدل على جهله ونقصان عقله وغروره وطغيانه، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [39] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ ..

التفسير :

[39] واستعلى فرعون وجنوده في أرض «مصر» بغير الحق عن تصديق موسى واتِّباعه على ما دعاهم إليه، وحسبوا أنهم بعد مماتهم لا يبعثون.

قال تعالى:{ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} استكبروا على عباد اللّه، وساموهم سوء العذاب، واستكبروا على رسل اللّه، وما جاءوهم به من الآيات، فكذبوها، وزعموا أن ما هم عليه أعلى منها وأفضل.

{ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ} فلذلك تجرأوا، وإلا فلو علموا، أو ظنوا أنهم يرجعون إلى اللّه، لما كان منهم ما كان.

ثم بين- سبحانه- الأسباب التي حملت فرعون على هذا القول الساقط الكاذب، فقال: وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ.

والاستكبار: التعالي والتطاول على الغير بحمق وجهل. أى: وتعالى فرعون وجنوده في الأرض التي خلقناها لهم، دون أن يكون لهم أى حق في هذا التطاول والتعالي، وظنوا واعتقدوا أنهم إلينا لا يرجعون، لمحاسبتهم ومعاقبتهم يوم القيامة.

وقوله : ( واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون ) أي : طغوا وتجبروا ، وأكثروا في الأرض الفساد ، واعتقدوا أنه لا معاد ولا قيامة ، ( فصب عليهم ربك سوط عذاب . إن ربك لبالمرصاد ) [ الفجر : 13 ، 14 ] ،

القول في تأويل قوله تعالى : وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ (39)

يقول تعالى ذكره: ( وَاسْتَكْبَرَ ) فرعون ( وَجُنُودُهُ ) في أرض مصر عن تصديق موسى واتباعه على ما دعاهم إليه من توحيد الله, والإقرار بالعبودية له بغير الحقّ، يعني تَعدِّيًا وعتوًّا على ربهم ( وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ ) يقول: وحسبوا أنهم بعد مماتهم لا يبعثون, ولا ثواب, ولا عقاب, فركبوا أهواءهم, ولم يعلموا أن الله لهم بالمرصاد, وأنه لهم مجاز على أعمالهم الخبيثة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[39] ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ أصعب شئ على نفس الحر أن يجد الباطل قوي الشوكة ممعنًا في غطرسته، ولا يجد القوة التي تقف بوجهه.
وقفة
[39] ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ التكبر مانع من اتباع الحق.
وقفة
[39] ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ الجند يقلدون القادة.
وقفة
[39] ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ برغم أن الجنود لم يتكلموا إلا أن الله جعلهم فى منزلته من الاستكبار والكفر؛ لأن مَنْ رَضِى بالكفر فهو كافر، ومَنْ رَضِى بالظلم فهو ظالم.
عمل
[39] استعذ بالله من الاستكبار عن الحق ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَاسْتَكْبَرَ:
  • الواو استئنافية. استكبر: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي فرعون.
  • ﴿ هُوَ وَجُنُودُهُ:
  • هو: ضمير منفصل في محل رفع توكيد للضمير المستتر في اِسْتَكْبَرَ» وجنوده: معطوفة بالواو على الضمير المذكور مرفوعة بالضمة والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ:
  • جار ومجرور متعلق باستكبر. بغير: جار ومجرور متعلق باستكبر بمعنى بما ليس بحق أو يتعلق بحال من الفاعل بتقدير غير محقين ويجوز أن يتعلق بصفة محذوفة من المصدر-المفعول المطلق-بمعنى أو بتقدير: استكبارا ملتبسا بالباطل. الحق: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ:
  • معطوفة بالواو على اِسْتَكْبَرَ» وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «أن» وأن وما بعدها بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي ظن.
  • ﴿ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ:
  • جار ومجرور متعلق بلا يرجعون. لا: نافية لا عمل لها. يرجعون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. وجملة لا يُرْجَعُونَ» في محل رفع خبر «أن».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     ولَمَّا قالَ فرعونُ ما قالَ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا الأسبابَ التي حملت فرعون على ما قالَ، قال تعالى:
﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لا يرجعون:
1- مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للفاعل، وهى قراءة حمزة، والكسائي.

مدارسة الآية : [40] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ..

التفسير :

[40] فأخذنا فرعون وجنوده، فألقيناهم جميعاً في البحر وأغرقناهم، فانظر -أيها الرسول- كيف كان نهاية هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم، فكفروا بربهم؟

{ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ} عندما استمر عنادهم وبغيهم{ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} كانت شر العواقب وأخسرها عاقبة أعقبتها العقوبة الدنيوية المستمرة، المتصلة بالعقوبة الأخروية.

فماذا كانت نتيجة ذلك التطاول والغرور، والتكذيب بالبعث والحساب؟ لقد كانت نتيجته كما قال- تعالى- بعد ذلك: فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ.

والنبذ: الطرح والإهمال للشيء لحقارته وتفاهته.

أى: فأخذنا فرعون وجنوده بالعقاب الأليم أخذا سريعا حاسما فألقينا بهم في البحر، كما يلقى بالنواة أو الحصاة التي لا قيمة لها، ولا اعتداد بها.

فَانْظُرْ أيها العاقل نظر تدبر واعتبار كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ؟ لقد كانت عاقبتهم الإغراق الذي أزهق أرواحهم واستأصل باطلهم.

ولهذا قال هاهنا : ( فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ) أي : أغرقناهم في البحر في صبيحة واحدة ، فلم يبق منهم أحد ( فانظر كيف كان عاقبة الظالمين )

وقوله: ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ ) يقول تعالى ذكره: فجمعنا فرعون وجنوده من القبط ( فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ) يقول: فألقيناهم جميعهم في البحر فغرقناهم فيه, كما قال أبو الأسود الدؤلي:

نَظَــرْتُ إِلَــى عُنْوَانِــهِ فَنَبَذْتُـهُ

كَنَبْـذِكَ نَعْـلا أَخْـلَقَتْ مِـنْ نِعَالِكَـا (2)

وذكر أن ذلك بحر من وراء مصر, كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة: ( فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ) قال: كان اليم بحرا يقال له إساف من وراء مصر غرّقهم الله فيه.

وقوله: ( فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) يقول تعالى ذكره: فانظر يا محمد بعين قلبك: كيف كان أمر هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم فكفروا بربهم، وردّوا على رسوله نصيحته, ألم نهلكهم فَنُوَرِّثُ ديارهم وأموالهم أولياءنا, ونخوّلهم ما كان لهم من جنات وعيون وكنوز, ومقام كريم, بعد أن كانوا مستضعفين, تقتل أبناؤهم, وتُستحيا نساؤهم, فإنا كذلك بك وبمن آمن بك وصدّقك فاعلون مخوّلوك وإياهم ديار من كذّبك, وردّ عليك ما أتيتهم به من الحقّ وأموالهم, ومهلكوهم قتلا بالسيف, سنة الله في الذين خلوا من قبل.

------------------------

الهوامش:

(1) البيت لأبي ذؤيب الهذلي يصف طرق المفازة (اللسان: نعم). قال: النعامة: كل بناء أو ظلة أو علم يهتدي به من أعلام المفاوز. وقيل: كل بناء على الجبل كالظلة والعلم. والجمع: نعام. قال أبو ذؤيب يصف طرق المفازة: "بهن نعام..." البيت قال: وروى الجوهري عجز * تلقـى النقـائض فيـه السـريحا *

قال: والنقائض: الهزلي من الإبل. اه. وفي (اللسان: نقض) النفيضة نحو الطليعة، وهم الجماعة يبعثون في الأرض متجسسين، لينظروا: هل فيها عدو وخوف؟ والجمع النفائض. هذا تفسير الأصمعي. وهكذا رواه أبو عمرو بالفاء إلا أنه قال في تفسيره: إنها الهزلي من الإبل. قال ابن بري: النعام: خشبات يستظل تحتها. والرجال: الرجالة. والسريح: سيور تشد بها النعال، يريد أن نعال النقائض تقطعت. والصروح: جمع صرح، وهو كما في (اللسان: صرح) بيت واحد يبنى منفردًا ضخمًا طويلا في السماء. قال أبو ذؤيب:

عَــلَى طُــرُقِ كَنُحُــورِ الظَّبَــا

ءِ تَحْسَـــبُ آرَامَهُــنَّ الصُّرُحَــا

وقال الزجاج في قوله تعالى: (قيل لها ادخلي الصرح) قال: الصرح في اللغة: القصر، والصحن يقال: هذه صرحة الدار وقارعتها: أي ساحتها وعرصتها. وقال بعض المفسرين: الصرح: بلاط اتخذ لها من قوارير. والصرح: الأرض المملسة. والصرح متن من الأرض مستو. اه. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن. الصرح: البناء والقصر. ولم يزد، وروى البيت كرواية صاحب اللسان.

(2) البيت لأبي الأسود الدؤلي، كما قاله المؤلف وهو منقول عن مجاز القرآن لأبي عبيدة (الورقة 180ب) قال: (فأخذناه وجنوده) أي فجمعناه وجنوده. (فنبذناهم في اليم): أي فألقيناهم في البحر، وأهلكناهم وغرقناهم. قال أبو الأسود الدؤلي: "نظرت إلى عنوانه.." البيت. اه. وفي (اللسان: نبذ) النبذ طرحك الشيء من يدك أو وراءك ونبذت الشيء: إذا رميته وأبعدته.

التدبر :

اسقاط
[40] ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ بعد هذه الآيةِ هل ستظلمُ النَّاسَ؟! وتقولُ أنا عبدُ المأمور.
وقفة
[40] ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ (عبد مأمور) كلمة يقولها من يمتثل الباطل، ولن تنجيه لأنه عبد لله قبل أن يكون لغيره، أمر فرعون جنوده فأطاعوه.
وقفة
[40] ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ (عبد مأمور) كم أضاعت هذه الكلمة من رجال! وأهلكت من أجيال، وجلبت لأصحابها النار والوبال.
وقفة
[40] ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ لا أشد على من تكبر وتجبر من أن يجعله الله كالحذاء أو كشيء بلا قيمة، ينبذ نبذًا.
وقفة
[40] ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ لا توجد قوة متجبرة إلا والله أقوى منها، وقادر على دحرها بطرفة عين، ويشفِ صدرور المؤمنين منها.
وقفة
[40] ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ هكذا نبذهم نبذًا، وكأنهم علب فارغة، يا ألله ما أهون الخلق على الله إن هم عصوه!
تفاعل
[40] ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[40] ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ تأمل هذا التصوير المهين لمن عصى أمر الله وتجرأ على أنبيائه، ألا ترى كيف انتقص الله من حجم فرعون وحاشيته إلى أقصى الدرجات، فما هم إلا حصيات طرحت في البحر لا قيمة لها ولا وزن، وكذلك قال ربنا: ﴿فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾، ولم يقل: (فأغرقناهم).
وقفة
[40] ﴿فَأَخَذناهُ وَجُنودَهُ فَنَبَذناهُم فِي اليَمِّ﴾ كما لو كانوا حشرات بلا أى أهمية.
وقفة
[40] يا ويل من يُناصر الطُّغاة! الله جمع في وعيده بين الطاغية وجنوده وأنصاره وأعوانه ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾.
عمل
[40] حكم الله ﷻ على الظالم بالهلاك العاجل ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾، بشر المظلوم بقرب هلاك الظالم.
وقفة
[40] عاقبة الظلمة: الدمار والهلاك ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾.
وقفة
[40] ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ الله يملي للظالم ليس تغافلًا عنه، بل له وقت محاسبة سيجعله الله عبرة لمن لا يعتبر.
وقفة
[40] ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ أنا وأنت مدعوون لاستئصال كل سلوكيات الظلم من حياتنا.
وقفة
[40] ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ حين يهلك الظالم، لا تنس أن مجرد النظر في عاقبته عبادة، سنتعبد بذلك قريبًا.
وقفة
[40] ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ فانظر يا محمد بعين قلبك: كيف كان أمر هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم فكفروا بربهم، وردوا على رسوله نصيحته، ألم نهلكهم فنورث ديارهم وأموالهم أولياءنا.
وقفة
[40] ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ سوء نهاية المتكبرين من سنن رب العالمين.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ:
  • الفاء سببية. أخذ: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب مفعول به وجنوده: معطوفة بالواو على ضمير الغائب-الهاء-في أخذناه: منصوبة بالفتحة والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ:
  • معطوفة بالفاء على فَأَخَذْناهُ» وتعرب إعرابها و «هم» ضمير الغائبين. في اليم: جار ومجرور متعلق بنبذناهم. بمعنى: فألقيناهم في البحر حين تعقبوا موسى لمنعه من الخروج.
  • ﴿ فَانْظُرْ:
  • الفاء: استئنافية. انظر: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والمخاطب هو الرسول الكريم محمد. والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به للفعل «انظر».
  • ﴿ كَيْفَ كانَ:
  • اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر كانَ» مقدم. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
  • ﴿ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ:
  • اسم كانَ» مرفوع بالضمة. الظالمين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. ولم تلحق علامة التأنيث بفعل العاقبة لأن تأنيثها غير حقيقي ولأن المعنى: كيف كان آخر أمر الظالمين.'

المتشابهات :

القصص: 40﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ
الذاريات: 40﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     وبعد هذا التطاول والغرور والاستكبار والتكذيب بالبعث والحساب؛ ذكرَ اللهُ هنا نتيجة ذلك، قال تعالى:
﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [41] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ..

التفسير :

[41] وجعلنا فرعون وقومه قادة إلى النار، يَقتدي بهم أهل الكفر والفسق، ويوم القيامة لا ينصرون؛ وذلك بسبب كفرهم وتكذيبهم رسول ربهم وإصرارهم على ذلك.

{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} أي جعلنا فرعون وملأه من الأئمة الذين يقتدي بهم ويمشي خلفهم إلى دار الخزي والشقاء.{ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ} من عذاب اللّه، فهم أضعف شيء، عن دفعه عن أنفسهم، وليس لهم من دون اللّه، من ولي ولا نصير.

وَجَعَلْناهُمْ أى: فرعون وجنوده، أَئِمَّةً في الكفر والفسوق والعصيان بسبب أنهم يَدْعُونَ، غيرهم إلى ما يوصل إِلَى النَّارِ وسعيرها والاحتراق بها.

وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ أى: ويوم القيامة لا يجدون من ينصرهم، بأن يدفع العذاب عنهم بأية صورة من الصور.

وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ) أي : لمن سلك وراءهم وأخذ بطريقتهم ، في تكذيب الرسل وتعطيل الصانع ، ( ويوم القيامة لا ينصرون ) أي : فاجتمع عليهم خزي الدنيا موصولا بذل الآخرة ، كما قال تعالى : ( أهلكناهم فلا ناصر لهم ) [ محمد : 13 ]

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ (41)

يقول تعالى ذكره: وجعلنا فرعون وقومه أئمة يأتمّ بهم أهل العتوّ على الله والكفر به, يدعون الناس إلى أعمال أهل النار ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: ويوم القيامة لا ينصرهم إذا عذّبهم الله ناصر, وقد كانوا في الدنيا يتناصرون, فاضمحلت تلك النصرة يومئذ.

التدبر :

تفاعل
[41] ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ سلْ اللهَ أن تكونَ إمامًا في الخيرِ، واستعذ به أن تكونَ إمامًا في الشرِّ.
وقفة
[41] ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ فرعون وجنوده كانوا قدوة لكل شر وجبروت، وكذلك في الآخرة سينضم للواءهم كل من شاكلهم.
عمل
[41] ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ لا تخدعنك شهرتهم؛ إنها متطلبات الإمامة إلى النار.
وقفة
[41] ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ للباطل أئمته ودعاته وصوره ومظاهره.
وقفة
[41] ﴿وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار﴾ قال السعدي: «من أعظم العقوبات على العبد أن يكون إمامًا في الشر وداعيًا إليه».
وقفة
[41] قال الله عن فرعون: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ كونهم (أَئِمَّةً) دليل على وجود مأمومين يتبعونهم بغير هدي.
وقفة
[41] تأمل قوله تعالى: ﴿وَجَعَلناهُم أَئِمَّةً يَدعونَ إِلَى النّارِ﴾، وتأمل أيضًا قوله تعالى: ﴿وَاجعَلنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا﴾ [الفرقان: ٧٤]، الخيار لك أيهم تريد أن تتبع؟
وقفة
[41] ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ﴾ أي: جعلناهم زعماء يتبعون على الكفر، فيكون عليهم وزرهم ووزر من اتبعهم؛ حتى يكون عقابهم أكثر، وقيل: جعل الله الملأ من قومه رؤساء السفلة منهم، فهم يدعون إلى جهنم، وقيل: أئمة يأتم بهم ذوو العبر، ويتعظ بهم أهل البصائر.
عمل
[41] ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ﴾ أرسل رسالة تحذر فيها من يقتدى به في الشر أن عليه وزره ووزر من اقتدى به.
تفاعل
[41] ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[41] ﴿أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ أي: كانوا يدعون الناس إلى الكفر الموجب للنار.

الإعراب :

  • ﴿ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً:
  • الواو عاطفة. جعل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و«هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. أي وجعلنا الظالمين. أئمة: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى وخذلناهم حتى صاروا أئمة الكفر. ويجوز أن تكون حالا بمعنى ودعوناهم أئمة دعاة إلى النار وقلنا إنهم أئمة دعاة إلى النار.
  • ﴿ يَدْعُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة يَدْعُونَ» في محل نصب صفة لأئمة. أو حال من الضمير «هم» في جَعَلْناهُمْ».
  • ﴿ إِلَى النّارِ وَيَوْمَ:
  • جار ومجرور متعلق بيدعون. الواو عاطفة. يوم: ظرف زمان منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بلا ينصرون.
  • ﴿ الْقِيامَةِ لا:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. لا: نافية لا عمل لها.
  • ﴿ يُنْصَرُونَ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.'

المتشابهات :

الأنبياء: 73﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ
القصص: 41﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     ولَمَّا كانوا أئمَّةً يَدْعون إلى النَّارِ؛ شرعَ اللهُ لَعْنَهم في هذه الدنيا على ألسنةِ المؤمنين، قال تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [42] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ..

التفسير :

[42] وأتبعنا فرعون وقومه في هذه الدنيا خزياً وغضباً منا عليهم، ويوم القيامة هم من المستقذرة أفعالهم، المبعدين عن رحمة الله.

{ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً} أي:وأتبعناهم، زيادة في عقوبتهم وخزيهم، في الدنيا لعنة، يلعنون، ولهم عند الخلق الثناء القبيح والمقت والذم، وهذا أمر مشاهد، فهم أئمة الملعونين في الدنيا ومقدمتهم،{ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ} المبعدين، المستقذرة أفعالهم. الذين اجتمع عليهم مقت اللّه، ومقت خلقه، ومقت أنفسهم.

وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا التي قضوا حياتهم فيها في الكفر والضلال، أتبعناهم فيها لَعْنَةً أى: طردا وإبعادا عن رحمتنا.

وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ والشيء المقبوح: هو المطرود المبعد عن كل خير.

أى: وهم يوم القيامة- أيضا- من المبعدين عن رحمتنا، بسبب كفرهم وفسوقهم.

والتعبير بقوله- سبحانه-: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ يتناسب كل التناسب مع ما كانوا عليه في الدنيا من تطاول وغرور واستعلاء.

فهؤلاء الذين كانوا في الدنيا كذلك، صاروا في الآخرة محل الازدراء وقبح الهيئة والاشمئزاز من كل عباد الله المخلصين.

وقوله : ( وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ) أي : وشرع الله لعنتهم ولعنة ملكهم فرعون على ألسنة المؤمنين من عباده المتبعين رسله ، وكما أنهم في الدنيا ملعونون على ألسنة الأنبياء وأتباعهم كذلك ، ( ويوم القيامة هم من المقبوحين ) . قال قتادة : وهذه الآية كقوله تعالى : ( وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود ) [ هود : 99 ] .

وقوله: ( وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ) يقول تعالى ذكره: وألزمنا فرعون وقومه في هذه الدنيا خزيا وغضبا منا عليهم, فحتمنا لهم فيها بالهلاك والبوار والثناء السَّيِّئ, ونحن متبعوهم لعنة أخرى يوم القيامة, فمخزوهم بها الخزي الدائم, ومهينوهم الهوان اللازم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة: ( وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ) قال: لعنوا في الدنيا والآخرة, قال: هو كقوله: وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ .

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: ( وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ) لعنة أخرى, ثم استقبل فقال: ( هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ) وقوله: ( هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ) يقول تعالى ذكره: هم من القوم الذين قبحهم الله, فأهلكهم بكفرهم بربهم, وتكذيبهم رسوله موسى عليه السلام , فجعلهم عبرة للمعتبرين, وعظة للمتعظين.

التدبر :

وقفة
[42] ﴿وَأَتبَعناهُم في هذِهِ الدُّنيا لَعنَةً﴾ قيل: هو ما يلحقهم من لعن الناس إياهم بعدهم.
وقفة
[42] ﴿وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ فكل من ذكرهم في الدنيا يقول: «لعنهم الله»، فعليهم لعنة دائمة باقية ما بقيت الدنيا، وهذا اللعن والطرد من رحمة الله، إنما هو مقدمة لعذاب باق وخالد في الآخرة.
وقفة
[42] ﴿وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ والقبح هو الإبعاد، قال الليث: «يقال قبحه الله، أي نحاه عن كل خير»، وقال ابن عباس: «من المشئومين بسواد الوجه وزرقة العين»، وعلى الجملة فالأولون حملوا القبح على القبح الروحاني، وهو الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى، والباقون حملوه على القبح في الصور، وقيل فيه: إنه تعالى يقبح صورهم ويقبح عليهم عملهم ويجمع بين الفضيحتين.
تفاعل
[42] ﴿وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[42] ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ هؤلاء لنقف عندهم وقفة تأمل، هل الذي آثروه يستحق كل هذا العناء؟ يا لخسارة من يبحث عن حظوظ النفس!

الإعراب :

  • ﴿ وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ
  • هذه الآية الكريمة معطوفة على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها.
  • ﴿ فِي هذِهِ الدُّنْيا:
  • حرف جر. هذه: اسم اشارة مبني على الكسر في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بأتبعنا. الدنيا: بدل من اسم الاشارة مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ:
  • هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. من المقبوحين: جار ومجرور متعلق بخبر أَتْبَعْناهُمْ» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. أي وهم من المطرودين المبعدين عن الفوز ومعنى «لعنة» طردا وابعادا عن الرحمة. ويجوز أن تكون الواو حالية والجملة الاسمية هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ» في محل نصب حالا.'

المتشابهات :

هود: 60﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ
هود: 99﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ
القصص: 42﴿وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     وبعد بيان ما كانوا عليه في الدنيا من تطاول وغرور واستعلاء؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن اللعنة تلازمهم، فكلما ذكرهم الناس؛ تذكروا أفعالهم ولعنوهم، قال تعالى:
﴿ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن ..

التفسير :

[43] ولقد آتينا موسى التوراة من بعد ما أهلكنا الأمم التي كانت من قبله -كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب «مدين»- حال كون التوراة بصائرَ لبني إسرائيل، يبصرون بها ما ينفعهم وما يضرهم، وفيها رحمة لمن عمل بها منهم؛ لعلهم يتذكرون نِعَم الله عليهم، فيشكروه عل

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} وهو التوراة{ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى} الذين كان خاتمتهم في الإهلاك العام، فرعون وجنوده. وهذا دليل على أنه بعد نزول التوراة، انقطع الهلاك العام، وشرع جهاد الكفار بالسيف.

{ بَصَائِرَ لِلنَّاسِ} أي:كتاب اللّه، الذي أنزله على موسى، فيه بصائر للناس، أي:أمور يبصرون بها ما ينفعهم، وما يضرهم، فتقوم الحجة على العاصي، وينتفع بها المؤمن، فتكون رحمة في حقه، وهداية له إلى الصراط المستقيم، ولهذا قال:{ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}

ثم ختم- سبحانه- قصة موسى ببيان جانب مما منحه- عز وجل- له من نعم فقال:

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أى آتيناه التوراة لتكون هداية ونورا مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى أى: أنزلنا التوراة على موسى، من بعد إهلاكنا للقرون الأولى من الأقوام المكذبين، كقوم نوح وهود وصالح وغيرهم.

قال الآلوسى: «والتعرض لبيان كون إيتائها بعد إهلاكهم للإشعار بأنها نزلت بعد مساس الحاجة إليها، تمهيدا لما يعقبه من بيان الحاجة الداعية إلى إنزال القرآن الكريم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإن إهلاك القرون الأولى. من موجبات اندراس معالم الشرائع، وانطماس آثارها، المؤديين إلى اختلال نظام العالم وفساد أحوال الأمم وكل ذلك يستدعى تشريعا جديدا.

وقوله- تعالى- بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً منصوب على أنه مفعول لأجله أو حال أى: آتيناه التوراة من أجل أن تكون أنوارا لقلوبهم يبصرون بها الحقائق، كما يبصرون بأعينهم المرئيات، ومن أجل أن تكون هداية لهم إلى الصراط المستقيم، ورحمة لهم من العذاب.

وقوله- سبحانه- لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ تعليل لهذا الإيتاء، وحض لهم على الشكر.

أى آتيناهم الكتاب الذي عن طريقه يعرفون الحق من الباطل.. كي يكونوا دائما متذكرين لنعمنا، وشاكرين لنا على هدايتنا لهم ورحمتنا بهم.

وإلى هنا نرى السورة الكريمة، قد حدثتنا عن جوانب متعددة من حياة موسى- عليه السلام-.

حدثتنا عن رعاية الله- تعالى- له حيث أراد له أن يعيش في بيت فرعون وأن يحظى برعاية امرأته، وأن يعود بعد ذلك إلى أمه كي تقر عينها به، دون أن يصيبه أذى من فرعون الذي كان يذبح الذكور من بنى إسرائيل ويستحيى نساءهم.

ثم حدثتنا عن رعاية الله- تعالى- له، بعد أن بلغ أشده واستوى، حيث نجاه من القوم الظالمين، بعد أن قتل واحدا منهم.

ثم حدثتنا عن رعاية الله- تعالى- له، بعد أن خرج من مصر خائفا يترقب متجها إلى قرية مدين، التي قضى فيها عشر سنين أجيرا عند شيخ كبير من أهلها.

ثم حدثتنا عن رعاية الله- تعالى- له، بعد أن قضى تلك المدة، وسار بأهله متجها إلى مصر، وكيف أن الله- تعالى- أمره بتبليغ رسالته إلى فرعون وقومه، وأنه- عليه السلام- قد لبى أمر ربه- سبحانه- وبلغ رسالته على أتم وجه وأكمله، فكانت العاقبة الطيبة له ولمن آمن به، وكانت النهاية الأليمة لفرعون وجنوده.

وهكذا طوفت بنا السورة الكريمة مع قصة موسى- عليه السلام- ذلك التطواف الذي نرى فيه رعاية الله- تعالى- لموسى، وإعداده لحمل رسالته، كما نرى فيه نماذج متنوعة لأخلاقه الكريمة، ولهمته العالية، ولصبره على تكاليف الدعوة، ولسنن الله- تعالى- في خلقه، تلك السنن التي لا تتخلف في بيان أن العاقبة الحسنة للمتقين، والعاقبة القبيحة للكافرين والفاسقين.

ثم بدأت السورة بعد ذلك في تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلم، وفي بيان أن هذا القرآن من عند الله، وفي بيان جانب من شبهات المشركين، ثم تلقين الرسول صلّى الله عليه وسلّم الرد المزهق لها..

لنستمع إلى الآيات الكريمة التي تحكى لنا بأسلوبها البليغ، هذه المعاني وغيرها فتقول:

يخبر تعالى عما أنعم به على عبده ورسوله موسى الكليم ، عليه من ربه الصلاة والتسليم ، من إنزال التوراة عليه بعدما أهلك فرعون وملأه .

وقوله : ( من بعد ما أهلكنا القرون الأولى ) يعني : أنه بعد إنزال التوراة لم يعذب أمة بعامة ، بل أمر المؤمنين أن يقاتلوا أعداء الله من المشركين ، كما قال : ( وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية ) [ الحاقة : 9 ، 10 ] .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا محمد وعبد الوهاب قالا : حدثنا عوف ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : ما أهلك الله قوما بعذاب من السماء ولا من الأرض بعدما أنزلت التوراة على وجه الأرض ، غير القرية التي مسخوا قردة ، ألم تر أن الله يقول : ( ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى ) .

ورواه ابن أبي حاتم ، من حديث عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، بنحوه . وهكذا رواه أبو بكر البزار في مسنده ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن يحيى القطان ، عن عوف ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد موقوفا . ثم رواه عن نصر بن علي ، عن عبد الأعلى ، عن عوف ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد - رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ما أهلك الله قوما بعذاب من السماء ولا من الأرض إلا قبل موسى " ، ثم قرأ : ( ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى ) .

وقوله : ( بصائر للناس ) أي : من العمى والغي ، ( وهدى ) إلى الحق ، ( ورحمة ) أي : إرشادا إلى الأعمال الصالحة ، ( لعلهم يتذكرون ) أي : لعل الناس يتذكرون به ، ويهتدون بسببه .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43)

يقول تعالى ذكره: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ) التَّوْرَاةَ ( مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا ) الأمم التي كانت قبله, كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين ( بَصَائِرَ لِلنَّاسِ ) يقول: ضياء لبني إسرائيل فيما بهم إليه الحاجة من أمر دينهم ( وَهُدًى ) يقول: وبيانا لهم ورحمة لمن عمل به منهم ( لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) يقول: ليتذكروا نعم الله بذلك عليهم, فيشكروه عليها ولا يكفروا.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا محمد وعبد الوهاب, قالا ثنا عوف, عن أبي نضرة, عن أبي سعيد الخدريّ, قال: ما أهلك الله قوما بعذاب من السماء ولا من الأرض بعد ما أنـزلت التوراة على وجه الأرض غير القرية التي مسخوا قردة, ألم تر أن الله يقول: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ).

التدبر :

وقفة
[43] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ إذا أراد الله بعبد كرامة: آتاه الكتاب إنزالًا، أو حفظًا، أو فهمًا، أو تدبرًا، أو عملًا، أو تلاوةً.
وقفة
[43] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَىٰ﴾ وهذا دليل على أنه بعد نزول التوراة انقطع الهلاك العام، وشرع جهاد الكفار بالسيف.
وقفة
[43] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَىٰ بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ إن الله سبحانه وتعالى كانت سنته قبل إنزال التوراة إذا كذب نبي من الأنبياء ينتقم الله من أعدائه بعذاب من عنده؛ كما أهلك قوم نوح بالغرق، وقوم هود بالريح الصرصر، وقوم صالح بالصيحة، وقوم شعيب بالظلة، وقوم لوط بالحاصب، وقوم فرعون بالغرق.
وقفة
[43] ﴿بَصائِرَ لِلنّاسِ﴾ العلم ينير القلوب والعيون من بعد ظلمات، فما بالكم بعلم شرعى يهدى ويرحم ﴿وَهُدًى وَرَحمَةً﴾!

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنا:
  • الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. آتي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. أي منحنا.
  • ﴿ مُوسَى الْكِتابَ:
  • مفعولان منصوبان بآتينا. وعلامة نصب الأول الفتحة المقدرة على الألف للتعذر والثاني الفتحة الظاهرة على آخره. بمعنى: منحنا موسى التوراة.
  • ﴿ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا:
  • من: حرف جر. بعد: ظرف زمان مجرور بالخافض مِنْ» والجار والمجرور متعلق بآتينا. ما: مصدرية. اهلك: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و ما» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الْقُرُونَ الْأُولى:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. الأولى: صفة-نعت-للقرون منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. أي الأجيال الأولى من الكفرة.
  • ﴿ بَصائِرَ لِلنّاسِ:
  • حال منصوب بالفتحة ولم تنون الكلمة لأنها ممنوعة من الصرف-التنوين-لأنها على وزن «مفاعل» للناس: جار ومجرور متعلق بصفة لبصائر والكلمة جمع «بصيرة» وهي نور القلب الذي يستبصر به كما أن البصر نور العين الذي تبصر به.
  • ﴿ وَهُدىً وَرَحْمَةً:
  • الكلمتان معطوفتان بواوي العطف على بَصائِرَ» منصوبتان مثلها وعلامة نصب الأولى الفتحة المقدرة للتعذر على الألف قبل تنوينها، ونون ألف الكلمة لأنها اسم ثلاثي نكرة مقصور. وعلامة نصب الثانية الفتحة الظاهرة.
  • ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ:
  • لعل: حرف مشبه بالفعل من أخوات «ان» يفيد الترجي. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «لعل» يتذكرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة يَتَذَكَّرُونَ» في محل رفع خبر «لعل».'

المتشابهات :

البقرة: 53﴿ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَٱلۡفُرۡقَانَ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ
الأنعام: 154﴿ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ وَتَفۡصِيلٗا
الإسراء: 2﴿ وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ
البقرة: 87﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ بِٱلرُّسُلِۖ
هود: 110﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَٱخۡتُلِفَ فِيهِۚ
المؤمنون: 49﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ
الفرقان: 35﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلۡنَا مَعَهُۥٓ أَخَاهُ هَٰرُونَ وَزِيرٗا
القصص: 43﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ ٱلۡأُولَىٰ
السجدة: 23﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآئِهِۦ
فصلت: 45﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَٱخۡتُلِفَ فِيهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     وبعد أن ذَكَرَ اللهُ ما آلَ إليه فِرعونُ وقَومُه مِن غَضَبِ اللهِ عليهم، وإغراقِه لهم؛ ذَكَرَ هنا ما امتَنَّ به على نبيِّه موسى عليه السلام، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ورحمة:
وقرئ:
بالرفع، على تقدير: ولكن هو رحمة، أو هو رحمة، أو أنت رحمة، وهى قراءة عيسى، وأبى حيوة.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف