4813940414243444546

الإحصائيات

سورة فصلت
ترتيب المصحف41ترتيب النزول61
التصنيفمكيّةعدد الصفحات6.00
عدد الآيات54عدد الأجزاء0.33
عدد الأحزاب0.65عدد الأرباع2.60
ترتيب الطول36تبدأ في الجزء24
تنتهي في الجزء25عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 22/29الحواميم: 2/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (39) الى الآية رقم (43) عدد الآيات (5)

لمَّا ذكرَ الدلائلَ السماويةَ الأربعةَ الليلَ والنهارَ والشمسَ والقمرَ، أتبعَها هنا بآيةٍ أرضيةٍ وهي إنباتُ النباتاتِ بالمطرِ، ثُمَّ تهديدُ المُلحدِينَ في آياتِ اللهِ، ثُمَّ بَيَّنَ شرفَ القرآنِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (44) الى الآية رقم (46) عدد الآيات (3)

= ونزولَه بلغةِ العَربِ حتى لا يبقى لهم عذرٌ في الإعراضِ عنه، ثُمَّ بيانُ أنَّ التكذيبَ بكتبِ اللهِ عادةٌ قديمةٌ في الأممِ كما حدثَ معَ موسى عليه السلام ، ثُمَّ بَيَّنَ اللهٌ قانونَ الجزاءِ العادلِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة فصلت

حسن الاستقبال لأوامر الله/ التفصيل في بيان عظمة الله مُنزل الآيات القرآنية وخالق الآيات الكونية

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • بداية ونهاية السورة::   فرسالة السورة: أنتم يا أمة محمد ﷺ مسؤولون عن حمل أمانة القرآن الكريم للعالمين، فعليكم واجب توضيح الرسالة وتفصيلها وتيسيرها للناس، وخذوا العبرة من تاريخ بني إسرائيل.
  • • حسن استقبال الوحي وسوء الاستقبال::   • تبدأ السورة بتنزيل الكتاب، وأنَّه فُصِّلَ من الله للعباد: ﴿حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (1-3). • وأن آيات الله المنزلة في القرآن شاهدة بصدقه، شأنها شأن الآيات الكونية المبثوثة في السماء والأرض: ﴿خَلَقَ الْأَرْضَ فِي ... وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ ... وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ... وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ...﴾ (9-12). • والآيات التاريخية الشاهدة على مصارع المكذبين وعرض لمصيرهم المخزي في الآخرة: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ...﴾ (13-24). • ثم ذم الذين يصدون الناس عن سماع القرآن: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ ...﴾ (26). • ثم تنزيه القرآن عن الطعن فيه: ﴿... وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (41-42). • وختمت بذكر من أعرض عن الكتاب المفصَّل: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ (52).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «فُصلت».
  • • معنى الاسم ::   فُصلت: بمعنى بينّت، وآيات مفصلات: أي مبينات.
  • • سبب التسمية ::   لوقوع كلمة (فصلت) في أول السورة الآية (3)‏‏.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة السجدة»، و«سورة حم السجدة»؛ لأنها تميزت عن الحواميم الأخرى بأن فيها سجدة في الآية (37)، و«سجدة المؤمن»؛ لأنها السجدة التي جاءت بعد سورة المؤمن (غافر)، وسورة «المصابيح»، وسورة «الأقوات».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   حسن الاستقبال لأوامر الله.
  • • علمتني السورة ::   أهمية تعلّم اللغة العربية لكل مسلم يريد أن يفهم كلام الله: ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   التفكر في عظمة الله؛ فقد خلق الأرض في يومين: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾
  • • علمتني السورة ::   : قابل السيئة بالحسنة، وأحسن إلى من أساء إليك: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ...﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ عَدُوَّكُمْ غَدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حَم لاَ يُنْصَرُونَ». قال القاضي عياض: «أي علامتُكُمُ التي تَعْرِفُونَ بها أصحابَكم هذا الكلامُ، والشِّعارُ في الأصلِ العلامةُ التي تُنْصَبُ لِيَعْرِفَ بها الرَّجُلُ رُفْقَتَهُ، و(حم لا ينصرون) معناهُ بفضلِ السُّورِ المفتتحةِ بِحم ومنزلَتِها من اللهِ لا يُنْصَرون»، و(سورة فصلت) من السور المفتتحة بـ (حم).
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة فصلت من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
    • عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: «الْحَوَامِيمَ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ». وديباج القرآن: أي زينته، و(سورة فصلت) من الحواميم.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة فصلت هي السورة الثانية من الحواميم أو آل (حم)، وهي سبع سور متتالية، وهي: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وأطلق عليها بعض العلماء: عرائس القرآن، وكلها مكية.
    • احتوت السورة على السجدة الـ 12من سجدات التلاوة -بحسب ترتيب المصحف- في الآية (38).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نحمل أمانة القرآن الكريم للعالمين، فنقوم بتوضيح الرسالة وتفصيلها وتيسيرها للناس.
    • احذر الإعراض والتولي عن طاعة الله؛ فذلك سبب نزول العذاب: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ (13).
    • أن نستعذ باللهِ من الغرورِ والكِبرِ: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا﴾ (15).
    • أن نراقب الله تعالى في السر والعلن: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ (19).
    • أن نحسِن الظنَّ باللهِ مخالفةً لظنِّ المشركين به: ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ﴾ (23).
    • أن نحدد من يزين لنا فعل السوء، ونحذر من مجالسته: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ (25).
    • أن نجمع بين حسن القول وصالح العمل: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ (33).
    • أن نحذر أن يزين لنا الشيطان أعمالنا: ﴿وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ (37).
    • أن نسجد للتلاوة عند قراءة هذه الآية: ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾ (38).
    • أن نعطي القرآن أعز أوقاتنا؛ لأنه عزيز يُعرض عمن أعرض عنه، ولا يُقبل إلا على من أقبل عليه: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ (41).

تمرين حفظ الصفحة : 481

481

مدارسة الآية : [39] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ ..

التفسير :

[39] ومن علامات وحدانية الله وقدرته:أنك ترى الأرض يابسة لا نبات فيها، فإذا أنزلنا عليها المطر دبَّت فيها الحياة، وتحركت بالنبات، وانتفخت وعلت، إن الذي أحيا هذه الأرض بعد همودها، قادر على إحياء الخلق بعد موتهم، إنه على كل شيء قدير، فكما لا تعجز قدرته عن إ

{ وَمِنْ آيَاتِهِ} الدالة على كمال قدرته، وانفراده بالملك والتدبير والوحدانية،{ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً} أي:لا نبات فيها{ فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ} أي:المطر{ اهْتَزَّتْ} أي:تحركت بالنبات{ وَرَبَتْ} ثم:أنبتت من كل زوج بهيج، فيحيي به العباد والبلاد.

{ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا} بعد موتها وهمودها،{ لَمُحْيِي الْمَوْتَى} من قبورهم إلى يوم بعثهم، ونشورهم{ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فكما لم تعجز قدرته عن إحياء الأرض بعد موتها، لا تعجز عن إحياء الموتى.

ثم بين- سبحانه- آية أخرى من آياته الدالة على وجوب إخلاص العبادة له فقال:

وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً، فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ...

وخاشِعَةً أى، يابسة جدبة، خشعت الأرض، إذا أجدبت لعدم نزول المطر عليها وقوله: اهْتَزَّتْ أى: تحركت بالنبات قبل بروزه منها وبعد ظهوره على سطحها ورَبَتْ أى: انتفخت وعلت، لأن النبات إذا قارب الظهور ترى الأرض، ارتفعت له، ثم تشققت عنه. يقال: ربا الشيء إذا زاد وعلا وارتفع، ومنه الربوة للمكان المرتفع من الأرض.

أى: ومن آياته- تعالى- الدالة على وجوب العبادة له وحده، أنك- أيها العاقل- ترى الأرض يابسة جامدة، فإذا أنزلنا عليها بقدرتنا المطر، تحركت بالنبات، وارتفعت بسببه، ثم تصدعت عنه.

وعنى- سبحانه- هنا بقوله خاشِعَةً لأن الحديث عن وجوب السجود لله- تعالى- وحده، والحديث عن السجود والطاعة يناسبه الخشوع.

وفي سورة الحج قال- سبحانه-: وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً.. لأن الحديث هناك كان عن البعث، وعن إمكانيته، فناسب أن يعبر بالهمود الذي يدل على فقدان الحياة.

قال- تعالى- يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ.. .

وقوله : ( ومن آياته ) أي : على قدرته على إعادة الموتى ( أنك ترى الأرض خاشعة ) أي : هامدة لا نبات فيها ، بل هي ميتة ( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت ) أي : أخرجت من جميل ألوان الزروع والثمار ، ( إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير )

القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 39 )

يقول تعالى ذكره: ومن حجج الله أيضا وأدلته على قدرته على نشر الموتى من بعد بلاها, وإعادتها لهيئتها كما كانت من بعد فنائها أنك يا محمد ترى الأرض دارسة غبراء, لا نبات بها ولا زرع.

كما حدثنا بشر, قاله: ثنا يزيد, قاله: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً ) : أي غبراء متهشمة.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً ) قال: يابسة متهمشة.

( فَإِذَا أَنـزلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ ) يقول تعالى ذكره: فإذا أنـزلنا من السماء غيثا على هذه الأرض الخاشعة اهتزت بالنبات. يقول: تحرّكت به.

كما حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال. ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( اهْتَزَّتْ ) قال: بالنبات ( وَرَبَتْ ) يقول: انتفخت.

كما حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, ( وَرَبَتْ ) انتفخت.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَإِذَا أَنـزلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ) يعرف الغيث في سحتها وربوها.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَرَبَتْ ) للنبات, قال: ارتفعت قبل أن تنبت.

وقوله: ( إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى ) يقول تعالى ذكره: إن الذي أحيا هذه الأرض الدارسة فأخرج منها النبات, وجعلها تهتزّ بالزرع من بعد يبسها ودثورها بالمطر الذي أنـزل عليها لقادر أن يحيي أموات بني آدم من بعد مماتهم بالماء الذي ينـزل من السماء لإحيائهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قال: كما يحيي الأرض بالمطر, كذلك يحيي الموتى بالماء يوم القيامة بين النفختين. يعني بذلك تأويل قوله: ( إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى ) .

وقوله: ( إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) يقول تعالى ذكره: إن ربك يا محمد على إحياء خلقه بعد مماتهم وعلى كل ما يشاء ذو قدرة لا يعجزه شيء أراده, ولا يتعذّر عليه فعل شيء شاءه.

التدبر :

وقفة
[39] ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً ...﴾ الكون كله خاشع لله، أرضه وسماؤه وملائكته، فلم التمرد يا ابن آدم؟!
وقفة
[39] ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ﴾ لكل من تعجب وتساءل عن كيفية البعث بعد الموت! قال السدي: «كما يحبي الأرض بالمطر، كذلك يحيي الموتى بالماء يوم القيامة بين النفختين».
وقفة
[39] ﴿وَمِن آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنزَلنا عَلَيهَا الماءَ اهتَزَّت وَرَبَت إِنَّ الَّذي أَحياها لَمُحيِي المَوتى﴾ القرآن يحيي القلوب الميتة، ويبعث فيها الحياة، كما الماء على الأرض الجدباء.
عمل
[39] ادع الله أن يحيي قلبك بالإيمان كما يحيي الأرض الميتة بالماء ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ﴾.
عمل
[39] ارسل رسالة تبشر فيها بقرب رحمة الله في كشف الضر وصلاح الأحوال ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ﴾.
وقفة
[39] ﴿إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ قد ترسم بمخيلتك أمور ترجوها وتتمناها، وقد تقف كل الظروف ضد تحقيقها، فتأكد أن قدرة الله لا يقف بوجهه شيء.

الإعراب :

  • ﴿ وَمِنْ آياتِهِ:
  • معطوفة بالواو على مِنْ آياتِهِ» الواردة في الآية الكريمة السابعة والثلاثين وتعرب إعرابها.
  • ﴿ أَنَّكَ تَرَى:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب اسم «أن».ترى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وجملة «ترى» مع مفعولها في محل رفع خبر «أن» و «أن» وما في حيزها بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر.
  • ﴿ الْأَرْضَ خاشِعَةً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. خاشعة:حال من الأرض أي استعيرت لحال الأرض إذا كانت قحفة يابسة لا نبات فيها .. منصوبة وعلامة نصبها الفتحة.
  • ﴿ فَإِذا:
  • الفاء استئنافية. إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط‍.
  • ﴿ أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ:
  • الجملة: في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد «إذا».أنزل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. عليها: جار ومجرور متعلق بأنزلنا.الماء: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ:
  • الجملة الفعلية: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الإعراب. وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث لا محل لها من الإعراب. بمعنى: تحركت. وربت: أي نمت: معطوفة بالواو على «اهتزت» وتعرب إعرابها. وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بتاء التأنيث الساكنة.
  • ﴿ إِنَّ الَّذِي أَحْياها:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».أحيا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. و «ها» ضمير مبني على السكون في محل نصب مفعول به.والجملة الفعلية «أحياها» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ لَمُحْيِ الْمَوْتى:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-.لمحيي: خبر «إن» مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين وهي اسم فاعل أضيف إلى معموله. الموتى: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ إِنَّهُ عَلى كُلِّ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن».على كل: جار ومجرور متعلق بخبر «إن».
  • ﴿ شَيْءٍ قَدِيرٌ:
  • مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. قدير: خبر «إن» مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

الحج: 5﴿وَ تَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
فصلت: 39﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ الدلائلَ السماويةَ الأربعةَ الليلَ والنهارَ والشمسَ والقمرَ؛ أتبعَها هنا بآيةٍ أرضيةٍ، وهي إنباتُ النباتاتِ بالمطرِ، قال تعالى:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [40] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا ..

التفسير :

[40] إن الذين يميلون عن الحق، فيكفرون بالقرآن ويحرفونه، لا يَخْفَون علينا، بل نحن مُطَّلعون عليهم. أفهذا الملحد في آيات الله الذي يُلقى في النار خير، أم الذي يأتي يوم القيامة آمناً من عذاب الله، مستحقاً لثوابه؛ لإيمانه به وتصديقه بآياته؟ اعملوا -أيها المل

الإلحاد في آيات الله:الميل بها عن الصواب، بأي وجه كان:إما بإنكارها وجحودها، وتكذيب من جاء بها، وإما بتحريفها وتصريفها عن معناها الحقيقي، وإثبات معان لها، ما أرادها الله منها.

فتوعَّد تعالى من ألحد فيها بأنه لا يخفى عليه، بل هو مطلع على ظاهره وباطنه، وسيجازيه على إلحاده بما كان يعمل، ولهذا قال:{ أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ} مثل الملحد بآيات الله{ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} من عذاب الله مستحقًا لثوابه؟ من المعلوم أن هذا خير.

لما تبين الحق من الباطل، والطريق المنجي من عذابه من الطريق المهلك قال:{ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} إن شئتم، فاسلكوا طريق الرشد الموصلة إلى رضا ربكم وجنته، وإن شئتم، فاسلكوا طريق الغيِّ المسخطة لربكم، الموصلة إلى دار الشقاء.

{ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} يجازيكم بحسب أحوالكم وأعمالكم، كقوله تعالى:{ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}

وبعد هذا الحديث عن مظاهر قدرة الله في هذا الكون، جاءت الآيات بعد ذلك لتهديد الذين يلحدون في آياته- تعالى- ولتمدح القرآن الكريم، ولتسلى النبي صلّى الله عليه وسلم عما لقيه من أعدائه، ولتبين أن من عمل صالحا فثمار عمله لنفسه، ومن عمل سيئا فعلى نفسه وحده يجنى..

وقوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى، إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ بيان لمظاهر قدرته- عز وجل-.

أى: إن الذي أحياها بنزول المطر عليها، ويخرج النبات منها، لقادر عن أن يحيى الموتى عن طريق البعث والنشور، إنه- سبحانه- على كل شيء قدير.

وقوله- تعالى- يُلْحِدُونَ من الإلحاد وهو الميل عن الاستقامة، والعدول عن الحق.

يقال ألحد فلان في كلامه إذا مال عن الصواب، ومنه اللحد في القبر، لأنه أميل إلى ناحية منه دون الأخرى.

والمعنى: إن الذين يميلون عن الحق في شأن آياتنا بأن يؤولوها تأويلا فاسدا، أو يقابلوها باللغو فيها وعدم التدبر لما اشتملت عليه من توجيهات حكيمة..

هؤلاء الذين يفعلون ذلك: لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أى ليسوا بغائبين عن علمنا، بل هم تحت بصرنا وقدرتنا، وسنجازيهم بما يستحقون من عقاب مهما ألحدوا ومالوا عن الحق والصواب.

فالجملة تهديد لهم على تحريفهم الباطل لآيات الله- تعالى-.

ثم بين- سبحانه- البون الشاسع بين عاقبة المؤمنين وعاقبة الكافرين، فقال: أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ؟.

والغرض من هذا الاستفهام بيان أن الذين يلحدون في آيات الله سيكون مصيرهم الإلقاء في النار، وأن الذين استجابوا للحق وساروا على طريقه وهم المؤمنون، سيأتون آمنين من الفزع يوم القيامة.

قال الآلوسى: «وكان الظاهر أن يقابل الإلقاء في النار بدخول الجنة، لكنه عدل عنه إلى ما في النظم الجليل، اعتناء بشأن المؤمنين، لأن الأمن من العذاب أعم وأهم، ولذا عبر عن الأول بالإلقاء الدال على القهر والقسر، وعبر عن الثاني بالإتيان الدال على أنه بالاختيار والرضا، مع الأمن ودخول الجنة..» .

وقوله- تعالى-: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ تهديد آخر لهم على إلحادهم.

أى: اعملوا أيها الملحدون ما شئتم من أعمال قبيحة، فإنها لا تخفى على خالقكم- عز وجل-، لأنه بصير بكم، ومطلع على أفعالكم، وسيجازيكم عليها الجزاء العادل الذي تستحقونه.

فالمقصود من الأمر في قوله- تعالى- اعْمَلُوا التهديد والوعيد.

قوله : ( إن الذين يلحدون في آياتنا ) ، قال ابن عباس : الإلحاد : وضع الكلام على غير مواضعه .

وقال قتادة وغيره : هو الكفر والعناد .

وقوله : ( لا يخفون علينا ) أي : فيه تهديد شديد ، ووعيد أكيد ، أي : إنه تعالى عالم بمن يلحد في آياته وأسمائه وصفاته ، وسيجزيه على ذلك بالعقوبة والنكال ; ولهذا قال : ( أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة ) ؟ أي : أيستوي هذا وهذا ؟ لا يستويان .

ثم قال - عز وجل - تهديدا للكفرة : ( اعملوا ما شئتم ) قال مجاهد ، والضحاك ، وعطاء الخراساني : ( اعملوا ما شئتم ) : وعيد ، أي : من خير أو شر ، إنه عليم بكم وبصير بأعمالكم ; ولهذا قال : ( إنه بما تعملون بصير )

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( 40 )

يعني جلّ ثناؤه بقوله: ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا ) إن الذين يميلون عن الحق في حججنا وأدلتنا, ويعدلون عنها تكذيبا بها وجحودا لها.

وقد بيَّنت فيما مضى معنى اللحد بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع.

وسنذكر بعض اختلاف المختلفين في المراد به من معناه في هذا الموضع.

اختلف أهل التأويل في المراد به من معنى الإلحاد في هذا الموضع, فقال بعضهم: أريد به معارضة المشركين القرآن باللغط والصفير استهزاء به.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا ) قال: المُكَاء وما ذكر معه.

وقال بعضهم: أريد به الخبر عن كذبهم في آيات الله.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا ) قال: يكذّبون في آياتنا.

وقال آخرون: أريد به يعاندون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا ) قال: يشاقُّون: يعاندون.

وقال آخرون: أريد به الكفر والشرك.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال قال ابن زيد, في قوله: ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ) قال: هؤلاء أهل الشرك وقال: الإلحاد: الكفر والشرك.

وقال آخرون: أريد به الخبر عن تبديلهم معاني كتاب الله.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثنى عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ) قال: هو أن يوضع الكلام على غير موضعه. وكل هذه الأقوال التي ذكرناها في تأويل ذلك في قريبات المعاني, وذلك أن اللحد والإلحاد: هو الميل, وقد يكون ميلا عن آيات الله, وعدولا عنها بالتكذيب بها, ويكون بالاستهزاء مكاء وتصدية, ويكون مفارقة لها وعنادا, ويكون تحريفا لها وتغييرا لمعانيها.

ولا قول أولى بالصحة في ذلك مما قلنا, وأن يعم الخبر عنهم بأنهم ألحدوا في آيات الله, كما عمّ ذلك ربنا تبارك وتعالى.

وقوله: ( لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ) يقول تعالى ذكره: نحن بهم عالمون لا يخفون علينا, ونحن لهم بالمرصاد إذا وردوا علينا, وذلك تهديد من الله جلّ ثناؤه لهم بقوله: سيعلمون عند ورودهم علينا ماذا يلقون من أليم عذابنا. ثم أخبر جلّ ثناؤه عما هو فاعل بهم عند ورودهم عليه, فقال: ( أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . يقول تعالى ذكره لهؤلاء الذين يلحدون في آياتنا اليوم في الدنيا يوم القيامة عذاب النار, ثم قال الله: أفهذا الذي يلقى في النار خير, أم الذي يأتي يوم القيامة آمنا من عذاب الله لإيمانه بالله جلّ جلاله؟ هذا الكافر, إنه إن آمن بآيات الله, واتبع امر الله ونهيه, أمنه يوم القيامة مما حذره منه من عقابه إن ورد عليه يومئذ به كافرا.

وقوله: ( اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ) وهذا أيضا وعيد لهم من الله خرج مخرج الأمر, وكذلك كان مجاهد يقول: حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ) قال: هذا وعيد.

وقوله: ( إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) يقول جلّ ثناؤه: إن الله أيها الناس بأعمالكم التي تعملونها ذو خبرة وعلم لا يخفي عليه منها, ولا من غيرها شيء.

التدبر :

وقفة
[40] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا﴾ فيه تهديد شديد، ووعيد أكيد، أي: أنه تعالى عالم بمن يلحد في آياته وأسمائه وصفاته، وسيجزيه على ذلك بالعقوبة والنكال.
وقفة
[40] يغتر أهل اﻹلحاد بإمهال الله لهم في العمر والعقوبة؛ فيزدادون بذلك جرأة وإلحادًا وهم إنما يستدرجون ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا﴾.
وقفة
[40] ﴿إِنَّ الَّذينَ يُلحِدونَ في آياتِنا لا يَخفَونَ عَلَينا﴾ الله عليم مُطلع لا يخفى عليه شئ.
تفاعل
[40] ﴿أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.
وقفة
[40] ﴿أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ لو لم يكن الفوز غدًّا إلا النجاة من أهوال النار وفزع يوم القيامة والشعور بالأمان؛ لكفى، فكيف لو كان مع هذا الفوز العظيم جنات النعيم؟!
تفاعل
[40] ﴿مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ قل: يا رب اجعلنا ممن يأتي آمنًا يوم القيامة.
وقفة
[40] ﴿يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يا ألله! يومَ الفَزَعِ ويأتي آمِنًا! أيُّ عبدٍ هذا؟
اسقاط
[40] ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ الحياة مثل المُجمَّعَات التُّجارية الكبيرة، تتجوَّل فيها كما تشاء، وتأخذ منها ما يطيب لك من المعروض، ولكن عليك أن تتذكر بأن الحِسَاب أمامك، وستحاسب على كل شيء أخذته؛ فَلْتُحْسِن الاختيار.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن» و «يلحدون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ فِي آياتِنا:
  • جار ومجرور متعلق بيلحدون. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وجملة: يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. بمعنى: إن الذين يميلون عن الاستقامة أستعير للانحراف في تأويل آيات القرآن عن جهة الصحة والاستقامة.
  • ﴿ لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا:
  • الجملة: في محل رفع خبر «إن».لا: نافية لا عمل لها. يخفون: تعرب مثل «يلحدون».علينا: جار ومجرور متعلق بلا يخفون.
  • ﴿ أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ:
  • الفاء زائدة-تزيينية. وأصل: أفمن. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يلقى: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. في النار: جار ومجرور متعلق بيلقى. والجملة: صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ خَيْرٌ أَمْ مَنْ:
  • خبر «من» مرفوع بالضمة. أم: حرف عطف. من: معطوفة على «من» الأولى وتعرب إعرابها.
  • ﴿ يَأْتِي آمِناً:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. يأتي:فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. وخبر «من» محذوف اختصارا لأن ما قبله دال عليه. بتقدير: أم من يأتي آمنا خير؟ .آمنا: حال من ضمير «يأتي» منصوب بالفتحة.
  • ﴿ يَوْمَ الْقِيامَةِ:
  • ظرف زمان-مفعول فيه-منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيأتي وهو مضاف. القيامة: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ اعْمَلُوا:
  • الجملة استئنافية لا محل لها من الإعراب. وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ ما شِئْتُمْ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. شئتم:فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. وجملة «شئتم» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: ما شئتموه. أو يكون مفعولها محذوفا وهو كثير الحذف مع «شاء» في القرآن.بمعنى: ما شئتم عمله.
  • ﴿ إِنَّهُ بِما:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد التعليل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن».بما: الباء حرف جر. و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلق بخبر «إن» والجملة الفعلية بعده: صلته لا محل لها من الإعراب والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: بما تعملونه ويجوز أن تكون «ما» مصدرية. فتكون جملة «تعملون»: صلتها لا محل لها من الإعراب. و «ما» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بالباء.
  • ﴿ تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ:
  • تعرب إعراب «يلحدون» بصير: خبر «إن» مرفوع وعلامة رفعه الضمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أنَّ الدَّعوةَ إلى دينِه أعظَمُ المناصِبِ وأشرَفُ المراتِبِ، ثمَّ بَيَّنَ أنَّ الدَّعوةَ إنَّما تَحصُلُ بذِكرِ دلائِلِ التَّوحيدِ والعَدلِ، وصِحَّةِ البَعثِ والقيامةِ؛ عاد إلى تهديدِ مَن يُنازِعُ في تلك الآياتِ، ويُحاوِلُ إلقاءَ الشُّبُهاتِ فيها، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [41] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا ..

التفسير :

[41] إن الذين جحدوا بهذا القرآن وكذَّبوا به حين جاءهم هالكون ومعذَّبون، وإن هذا القرآن لكتاب عزيز بإعزاز الله إياه وحفظه له من كل تغيير أو تبديل،

ثم قال تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ} أي:يجحدون القرآن الكريم المذكر للعباد جميع مصالحهم الدينية والدنيوية والأخروية، المُعلي لقدر من اتبعه،{ لَمَّا جَاءَهُمْ} نعمة من ربهم على يد أفضل الخلق وأكملهم.{ و} الحال{ إِنَّهُ لَكِتَابٌ} جامع لأوصاف الكمال{ عَزِيزٌ} أي:منيع من كل من أراده بتحريف أو سوء.

ثم أضاف- سبحانه- إلى ما سبق تهديدا ثالثا فقال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ.

وخبر «إن» هنا محذوف للعلم به مما سبق، أى: إن الذين كفروا بالقرآن الكريم حين جاءهم على لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلم، خاسرون أو هالكون أو معذبون عذابا شديدا.

وَإِنَّهُ أى: هذا القرآن الكريم هو الحق الذي جاءهم به صلّى الله عليه وسلم، لعل هذا التدبر يوصلهم إلى الهداية والرشاد لَكِتابٌ عَزِيزٌ. أى: لكتاب منيع معصوم بعصمة الله- تعالى- له من كل تحريف أو تبديل.

ثم قال : ( إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم ) قال الضحاك ، والسدي ، وقتادة : وهو القرآن ( وإنه لكتاب عزيز ) أي : منيع الجناب ، لا يرام أن يأتي أحد بمثله ،

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ( 41 )

يقول تعالى ذكره: إن الذين جحدوا هذا القرآن وكذّبوا به لما جاءهم, وعنى بالذكر القرآن.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ) كفروا بالقرآن.

وقوله: ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ) يقول تعالى ذكره: وإن هذا الذكر لكتاب عزيز بإعزاز الله إياه, وحفظه من كل من أراد له تبديلا أو تحريفا, أو تغييرا, من إنسي وجني وشيطان مارد.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ) يقول: أعزه الله لأنه كلامه, وحفظه من الباطل.

حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ) قال: عزيز من الشيطان.

التدبر :

وقفة
[41] ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ ووصف تعالى الكتاب بالعزة؛ لأنه بصحة معانيه ممتنع الطعن فيه، والإزراء عليه، وهو محفوظ من الله تعالى.
وقفة
[41] ﴿إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز﴾ كتاب عزيز لا يعطيك بركته إلا إذا أعطيته أفضل أوقاتك، لا فضل أوقاتك.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ قال أحدهم: «القرآن عزيز فأعطه أعز الأوقات، لا تكتف بما بين الأذان والصلوات، وأعرف بعض مشايخي يقف في طريق سفره ليقرأ ورده».
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ والقربُ منه عزَّةٌ، فأعطِه أعزَّ أوقاتِك.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ مِن عزة هذا القرآن أنه يُعرض عمن أعرض عنه، ولا يُقبل إلا على من أقبل عليه.
عمل
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ فأعطه أعز أوقاتك! قال أحد العلماء: «وأعرف بعض مشايخي يقف في طريق سفره ليقرأ ورده القرآني».
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ هل تدري: لماذا يصعب علينا حفظ القرآن؟ لأننا نعطيه (فضلَ) أوقاتنا، لا (أفضلَ) أوقاتنا.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ عزيز؛ لا يعطيك إلا حين تعطيه أعز أوقاتك، لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، ومن رام أمرًا عظيمًا ضحى بعظيم.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ مشتمل على البيان الذي لا يحتمل الخطأ، وعلى الحكمة كاتصاف منزله بها، وهو محفوظ من الله تعالى.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ منيع الجناب، وممتنع الطعن فيه والإزراء عليه، محمي عن التغيير والتبديل وعن محاكاته بنظير، لا يرام أن يأتي أحد بمثله.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ كريم على الله، جامع لأوصاف الكمال، غالب بالحجة لمن كذب به، وغالب بالفضل لما سواه من الكتب.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ إن من عزة القرآن أن معانيه لا تدخل في القلوب المعرضة عنه؛ لأنه كتاب عزيز.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ قال ابن مسعود: «كلُّ آية في كتاب الله خيرٌ مما في السماء والأرض».
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ من معاني العزة: القوة، فالقرآن قوي في شفائه للقلوب من الهموم والأكدار والعقول من الشبهات، والأجساد من الأدواء.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ لن ينال حفظ كتاب الله تعالى إلا بالجهد وإنفاق الوقت بتحصيله، وهو ما أخبر به رسولنا الكريم عليه السلام، عَنْ أَبِي مُوسَى t عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا» [مسلم 791]، وهذا التعاهد يحتاج للمثابرة الدؤوبة، والحرص المتواصل الذي لا ينقطع، وهذا شأن من نراهم قد أتقنوا حفظهم وقرؤوه عن ظهر قلب! فهل أدركنا ذلك!
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ القرآن لا يثبت في الصدر إلا بمداومة الصحبة له، والعزيز إذا هجرته هجرك.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ كتاب الله عزيز، كلما أكثرت مصاحبته فتح لك من هداياته.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ ‏للعزيز معنيان: 1- (القاهر)، والقرآن كذلك؛ لأنه هو الذي قهر الأعداء ‏وامتنع على من أراد معارضته. ٢- أن لا يوجد مثله.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ ‏أعظـم حقيقـة في هـذا القـرآن: ‏أنَّـه كـلام الله! ‏وكفى بها حقيقةً وجوديَّةً كبرى تملأ القلبَ رَهَبا.
وقفة
[41] قد تمر أوقات تنهزم فيها الأمة وتضعف، لكن لا يمكن أن تمر لحظة واحدة ينهزم فيها هذا الكتاب؛ لأن الله يقول: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾.
وقفة
[41] ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ فأعطه أعزَّ أوقاتك.
وقفة
[41] بقدر حظك من القرآن بقدر حظك من العزة؛ لأن الله وصف كتابه بقوله: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾.
لمسة
[41] ﴿القرآن الحكيم﴾ [يس: 2]، ﴿والقرآن العظيم﴾ [الحجر: 87]، ﴿والقرآن المجيد﴾ [ق: 1]، تعدد الوصف للموصوف يدل على شرف الموصوف وهو القرآن الكريم، لا غرو في ذلك فقد وصفه الله تعالى بقوله: ﴿وإنه لكتاب عزيز﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ:
  • الجملة بدل من إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا» الواردة في الآية الكريمة السابقة لأنهم لكفرهم به طعنوا فيه وحرفوا تأويله و «الذكر» هو القرآن. وخبر «إن» محذوف تقديره: لجاهلون لأنهم كفروا بأعظم معجز أنزله الله سبحانه عليهم أو يكون الجملة الفعلية لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ» في الآية الكريمة التالية.
  • ﴿ لَمّا جاءَهُمْ:
  • ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بكفروا. جاء: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.وجملة «جاءهم» في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ:
  • الواو: استئنافية. إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد التعليل والهاء-ضمير الغائب-ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن».اللام لام التوكيد-المزحلقة-و «كتاب» خبر «إن» مرفوع بالضمة. عزيز: صفة-نعت-لكتاب مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     وبعد تهديدهم على الإلحادِ في آياتِ اللهِ على وَجهِ العُمومِ؛ أتبعه بالتَّعرُّضِ إلى إلحادِهم في آياتِ القُرآنِ، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ولَمَّا بالَغ في تهديدِ الَّذينَ يُلْحِدونَ في آياتِ القرآنِ؛ أتْبَعه ببيانِ تعظيمِ القرآنِ، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [42] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ ..

التفسير :

[42]لا يأتيه الباطل من أي ناحية من نواحيه ولا يبطله شيء، فهو محفوظ من أن يُنقص منه، أو يزاد فيه، تنزيل من حكيم بتدبير أمور عباده، محمود على ما له من صفات الكمال.

{ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} أي:لا يقربه شيطان من شياطين الإنس والجن، لا بسرقة، ولا بإدخال ما ليس منه به، ولا بزيادة ولا نقص، فهو محفوظ في تنزيله، محفوظة ألفاظه ومعانيه، قد تكفل من أنزله بحفظه كما قال تعالى:{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}

{ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ} في خلقه وأمره، يضع كل شيء موضعه، وينزله منازله.{ حَمِيدٌ} على ما له من صفات الكمال، ونعوت الجلال، وعلى ما له من العدل والإفضال، فلهذا كان كتابه، مشتملاً على تمام الحكمة، وعلى تحصيل المصالح والمنافع، ودفع المفاسد والمضار، التي يحمد عليها.

ثم أكد- سبحانه- هذا المعنى فقال: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ أى: لا يستطيع الباطل أن يتطرق إليه من أى جهة من الجهات، لا من جهة لفظه ولا من جهة معناه لأن الله- تعالى- تكفل بحفظه وصيانته، كما قال- تعالى- إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: أما طعن فيه الطاعنون وتأوله المبطلون؟

قلت: بلى، ولكن الله قد تكفل بحمايته عن تعلق الباطل به، بأن قيض قوما عارضوهم بإبطال تأويلهم، وإفساد أقاويلهم. فلم يخلوا طعن طاعن إلا ممحوقا، ولا قول مبطل إلا مضمحلا..

وقوله: تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ أى: هذا الكتاب منزل من لدن الله الحكيم في أقواله وأفعاله، المحمود على ما أسدى لعباده من نعم لا تحصى.

( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) أي : ليس للبطلان إليه سبيل ; لأنه منزل من رب العالمين ; ولهذا قال : ( تنزيل من حكيم حميد ) أي : حكيم في أقواله وأفعاله ، حميد بمعنى محمود ، أي : في جميع ما يأمر به وينهى عنه ، الجميع محمودة عواقبه وغاياته .

وقوله: ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) اختلف أهل التأويل في تأويله فقال بعضهم: معناه: لا يأتيه النكير من بين يديه ولا من خلفه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) قال: النكير من بين يديه ولا من خلفه.

وقال آخرون: معنى ذلك: لا يستطيع الشيطان أن ينقص منه حقا, ولا يزيد فيه باطلا قالوا: والباطل هو الشيطان.

وقوله: ( مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ) من قبل الحق ( وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) من قبل الباطل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) الباطل: إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقا, ولا يزيد فيه باطلا.

وقال آخرون: معناه: إن الباطل لا يطيق أن يزيد فيه شيئا من الحروف ولا ينقص, منه شيئا منها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) قال: الباطل: هو الشيطان لا يستطيع أن يزيد فيه حرفا ولا ينقص.

وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال: معناه: لا يستطيع ذو باطل بكيده تغييره بكيده, وتبديل شيء من معانيه عما هو به, وذلك هو الإتيان من بين يديه, ولا إلحاق ما ليس منه فيه, وذلك إتيانه من خلفه.

وقوله: ( تَنـزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) يقول تعالى ذكره: هو تنـزيل من عند ذي حكمة بتدبير عباده, وصرفهم فيما فيه مصالحهم, ( حَمِيدٍ ) يقول: محمود على نعمه عليهم بأياديه عندهم.

التدبر :

وقفة
[42] ﴿لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾ قال ابن جرير: «وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال: معناه: لا يستطيع ذو باطل بكيده تغييره بكيده، وتبديل شىء من معانيه عما هو به، وذلك هو الإتيان من بين يديه، ولا إلحاق ما ليس منه فيه، وذلك إتيانه من خلفه».
وقفة
[42] ﴿لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾ هذا كتاب محفوظ! قال صاحب الكشاف: «فإن قلت: أما طعن فيه الطاعنون وتأوله المبطلون؟ قلت: بلى، ولكن الله قد تكفل بحمايته عن تعلق الباطل به، بأن قيَّض قومًا عارضوهم بإبطال تأويلهم، وإفساد أقاويلهم، فلم يخلوا طعن طاعن إلا ممحوقًا، ولا قول مبطل إلا مضمحلًا».
وقفة
[42] ﴿لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾ من إعجاز القرآن: أن كل من استدل بآياته على باطل وجد الرد على باطله وضلاله فيما استدل به.
وقفة
[42] إن من أعظم الصدقات النقية التي لا لبس فيها: الصدقة لخدمة القرآن حفظًا وتعليمًا، فهو كلام الله الذي ﴿لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾.
وقفة
[42] حَفِظ الله القرآن من التبديل والتحريف، وتكَفَّل سبحانه بهذا الحفظ، بخلاف الكتب السابقة له ﴿لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾.
وقفة
[42] ﴿لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ فمن تطلب فيه نقصًا أو خللًا؛ فليبشر بالخيبة والخسران.
وقفة
[42] ﴿لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ كلام البشر مليئ بالأخطاء، بينما كلام الله منزهًا عن الخطأ، لذا كان العرب يخرجون الأخطأ من أبيات الشعر لبعضهم، بينما لم يستطيعوا إيجاد ولو خطأ في حرف واحد.

الإعراب :

  • ﴿ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» في الآية السابقة أو نعت لكتاب. لا: نافية لا عمل لها. يأتيه: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والهاء ضمير متصل يعود على «كتاب» في محل نصب مفعول به مقدم. الباطل: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ:
  • جار ومجرور متعلق بلا يأتيه. يديه: مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة وحذفت النون للإضافة.
  • ﴿ وَلا مِنْ خَلْفِهِ:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد معنى النفي. من خلفه:جار ومجرور معطوف على مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى: لا يأتيه الباطل من أية جهة من جهاته.
  • ﴿ تَنْزِيلٌ:
  • صفة اخرى لكتاب او خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو تنزيل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لكتاب او متعلق بتنزيل. حميد: صفة-نعت-لحكيم مجرور وعلامة جره الكسرة. وهو من صيغ المبالغة فعيل بمعنى مفعول اي محمود.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     ولَمَّا كان مِن مَعاني العِزَّةِ أنَّه مُمتَنِعٌ بمَتانةِ رَصفِه، وجَزالةِ نَظْمِه، وجَلالةِ مَعانيه، مِن أن يَلحَقَه تَغييرٌ ما؛ بَيَّنَ اللهُ ذلك هنا، قال تعالى:
﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا ..

التفسير :

[43] ما يقول لك هؤلاء المشركون -أيها الرسول- إلا ما قد قاله مَن قبلهم مِنَ الأمم لرسلهم، فاصبر على ما ينالك في سبيل الدعوة إلى الله. إن ربك لذو مغفرة لذنوب التائبين، وذو عقاب مؤلم لمن أصرَّ على كفره وتكذيبه.

أي:{ مَا يُقَالُ لَكَ} أيها الرسول من الأقوال الصادرة، ممن كذبك وعاندك{ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} أي:من جنسها، بل ربما إنهم تكلموا بكلام واحد، كتعجب جميع الأمم المكذبة للرسل، من دعوتهم إلى الإخلاص للّه وعبادته وحده لا شريك له، وردهم هذا بكل طريق يقدرون عليه، وقولهم:{ مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا}

واقتراحهم على رسلهم الآيات، التي لا يلزمهم الإتيان بها، ونحو ذلك من أقوال أهل التكذيب، لما تشابهت قلوبهم في الكفر، تشابهت أقوالهم، وصبر الرسل عليهم السلام على أذاهم وتكذيبهم، فاصبر كما صبر من قبلك.

ثم دعاهم إلى التوبة والإتيان بأسباب المغفرة، وحذرهم من الاستمرار على الغيّ فقال:{ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ} أي:عظيمة، يمحو بها كل ذنب لمن أقلع وتاب{ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} لمن:أصر واستكبر.

ثم سلى- سبحانه- نبيه صلّى الله عليه وسلم عما أصابه من أعدائه فقال: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ.

أى: لا تحزن- أيها الرسول الكريم- من الأقوال الباطلة التي قالها المشركون في حقك، فإن ما قالوه في شأنك قد قاله السابقون عليهم في حق رسلهم.

فالآية الكريمة من أبلغ الآيات في تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلم لأنها كأنها تقول له، إن ما أصابك من أذى قد أصاب إخوانك، فاصبر كما صبروا.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ. أَتَواصَوْا بِهِ، بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ .

ثم علل- سبحانه- هذه التسلية وهذا التوجيه بقوله: إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ.

أى: ما يقال لك إلا مثل ما قيل لإخوانك من قبلك، ومادام الأمر كذلك. فاصبر كما صبروا، إن ربك الذي تولاك بتربيته ورعايته، لذو مغفرة عظيمة لعباده المؤمنين وذو عقاب أليم للكفار المكذبين.

ثم قال : ( ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ) قال قتادة ، والسدي ، وغيرهما : ما يقال لك من التكذيب إلا كما قد قيل للرسل من قبلك ، فكما قد كذبت فقد كذبوا ، وكما صبروا على أذى قومهم لهم ، فاصبر أنت على أذى قومك لك . وهذا اختيار ابن جرير ، ولم يحك هو ، ولا ابن أبي حاتم غيره .

وقوله : ( إن ربك لذو مغفرة للناس ) أي : لمن تاب إليه ( وذو عقاب أليم ) أي : لمن استمر على كفره ، وطغيانه ، وعناده ، وشقاقه ومخالفته .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال : لما نزلت هذه الآية : ( إن ربك لذو مغفرة ) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لولا غفر الله وتجاوزه ما هنأ أحدا العيش ، ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد " .

القول في تأويل قوله تعالى : مَا يُقَالُ لَكَ إِلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ( 43 )

يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ما يقول لك هؤلاء المشركون المكذّبون ما جئتهم به من عند ربك إلا ما قد قاله من قبلهم من الأمم الذين كانوا من قبلك, يقول له: فاصبر على ما نالك من أذى منهم, كما صبر أولو العزم من الرسل, وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( مَا يُقَالُ لَكَ إِلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ ) يعزي نبيّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كما تسمعون, يقول: كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ .

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ في قوله: ( مَا يُقَالُ لَكَ إِلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ ) قال: ما يقولون إلا ما قد قال المشركون للرسل من قبلك.

وقوله: ( إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ ) يقول: إن ربك لذو مغفرة لذنوب التائبين إليه من ذنوبهم بالصفح عنهم ( وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ) يقول: وهو ذو عقاب مؤلم لمن أصرّ على كفره وذنوبه, فمات على الإصرار على ذلك قبل التوبة منه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[43] ﴿مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ﴾ التُهم واحدة على مر العصور، ومع سائر الأنبياء، فكاذب وساحر وكاهن ومجنون ومتآمر، ليس في الأمر جديد.
وقفة
[43] شبهات الكفار والمنافقين والعلمانيين حول القرآن والدين متشابهة على مر القرون والأزمان ﴿مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾.
وقفة
[43] ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ ووصف العقاب بـــ (أليم) دون وصف آخر؛ للإشارة إلى أنه مناسب لما عوقبوا لأجله؛ فإنهم آلموا نفس النبي ﷺ بما عصوا وآذوا.
وقفة
[43] ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحدًا العيش، ولولا وعيده وعقابه لاتَّكل كل أحد.
لمسة
[43] ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ لاحظ تقديم المغفرة على العذاب؛ لأن رحمته سبقت غضبه.
وقفة
[43] ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ قال ابن تيمية: «وينبغي للمؤمن أن يكون خوفه ورجاؤه واحدًا، فأيهما غلب أهلك صاحبه، ونصَّ عليه الإمام أحمد؛ لأن من غلب خوفه وقع في نوع من اليأس، ومن غلب رجاؤه وقع في نوع من الأمن من مكر الله».

الإعراب :

  • ﴿ ما يُقالُ لَكَ:
  • ما: نافية لا عمل لها. يقال: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة. لك: جار ومجرور متعلق بالفعل «يقال» بمعنى: ما يقول لك كفار قومك.
  • ﴿ إِلاّ ما:
  • أداة حصر لا عمل لها. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل بمعنى إلا مثل ما. فحذف المضاف نائب الفاعل «مثل» وحلت محله «ما» المضاف اليها.
  • ﴿ قَدْ قِيلَ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. قد:حرف تحقيق. قيل: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو يعود على «ما» او على «مثل» ويجوز أن تكون «إن» وما في حيزها في محل رفع نائب فاعل-مقول القول- على معنى: ما يقول لك الله إلا مثل ما قال للرسل من قبلك. إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب اليم. وعلى التقدير الاول يكون المعنى: ما يقول لك كفار قومك إلا مثل ما قال للرسل كفار قومهم من الكلمات المؤذية والمطاعن في الكتب المنزلة.
  • ﴿ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ:
  • جار ومجرور متعلق بقيل. من قبلك: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الرسل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل جر بالإضافة بمعنى الذين سبقوك.
  • ﴿ إِنَّ رَبَّكَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. رب: اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف اعربت.
  • ﴿ لَذُو مَغْفِرَةٍ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-.ذو: خبر «إن» مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الاسماء الخمسة وهو مضاف. مغفرة: مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ:
  • معطوفة بالواو على «ذو مغفرة» وتعرب اعرابها. اليم:صفة-نعت-لعقاب مجرورة وعلامة جرها الكسرة. بمعنى: لذو مغفرة ورحمة لأنبيائه وذو عقاب اليم لأعدائهم.'

المتشابهات :

الرعد: 6﴿وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ ۗ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ
فصلت: 43﴿مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     ولَمَّا هَدَّدَ اللهُ المُلْحِدينَ في آياتِ اللهِ، ثمَّ بَيَّنَ شَرَف آياتِ اللهِ، وعُلُوَّ دَرَجةِ كِتابِ اللهِ؛ رَجَع إلى أمرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأن يَصبِرَ على أذى قَومِه، فما قاله لك المشركون مثل ما قيل للرسل من قبلك، قال تعالى:
﴿ مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [44] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا ..

التفسير :

[44] ولو جعلنا هذا القرآن الذي أنزلناه عليك -أيها الرسول- أعجمياً، لقال المشركون:هلَّا بُيِّنتْ آياته، فنفقهه ونعلمه، أأعجمي هذا القرآن، ولسان الذي أنزل عليه عربي؟ هذا لا يكون. قل لهم -أيها الرسول-:هذا القرآن للذين آمنوا بالله ورسوله هدى من الضلالة، وشف

يخبر تعالى عن فضله وكرمه، حيث أنزل كتابا عربيًا، على الرسول العربي، بلسان قومه، ليبين لهم، وهذا مما يوجب لهم زيادة الاغتناء به، والتلقي له والتسليم، وأنه لو جعله قرآنا أعجميًا، بلغة غير العرب، لاعترض، المكذبون وقالوا:{ لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} أي:هلا بينت آياته، ووضحت وفسرت.{ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} أي:كيف يكون محمد عربيًا، والكتاب أعجمي؟ هذا لا يكون فنفى الله تعالى كل أمر، يكون فيه شبهة لأهل الباطل، عن كتابه، ووصفه بكل وصف، يوجب لهم الانقياد، ولكن المؤمنون الموفقون، انتفعوا به، وارتفعوا، وغيرهم بالعكس من أحوالهم.

ولهذا قال:{ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} أي:يهديهم لطريق الرشد والصراط المستقيم، ويعلمهم من العلوم النافعة، ما به تحصل الهداية التامة وشفاء لهم من الأسقام البدنية، والأسقام القلبية، لأنه يزجر عن مساوئ الأخلاق وأقبح الأعمال، ويحث على التوبة النصوح، التي تغسل الذنوب وتشفي القلب.

{ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} بالقرآن{ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ} أي:صمم عن استماعه وإعراض،{ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} أي:لا يبصرون به رشدًا، ولا يهتدون به، ولا يزيدهم إلا ضلالاً فإنهم إذا ردوا الحق، ازدادوا عمى إلى عماهم، وغيًّا إلى غيَّهم.

{ أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} أي:ينادون إلى الإيمان، ويدعون إليه، فلا يستجيبون، بمنزلة الذي ينادي، وهو في مكان بعيد، لا يسمع داعيًا ولا يجيب مناديًا. والمقصود:أن الذين لا يؤمنون بالقرآن، لا ينتفعون بهداه، ولا يبصرون بنوره، ولا يستفيدون منه خيرًا، لأنهم سدوا على أنفسهم أبواب الهدى، بإعراضهم وكفرهم.

ثم رد- سبحانه- على بعض الشبهات التي أثاروها حول القرآن الكريم ردا يخرس ألسنتهم فقال: وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ...

والأعجمي: يطلق على الكلام الذي لا يفهمه العربي، كما يطلق على من لا يحسن النطق بالعربية. وقوله: ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ خبر لمبتدأ محذوف.

أى: ولو أنزلنا هذا القرآن بلغة العجم كما قالوا: هلا أنزل هذا القرآن بلغة العجم.

لو فعلنا ذلك- كما أرادوا- لقالوا مرة أخرى على سبيل التعجب: هلا فصلت ووضحت آيات هذا الكتاب بلغة نفهمها؟ ثم لأضافوا إلى التعجب والإنكار، تعجبا آخر فقالوا: أقرآن أعجمى ورسول عربي؟.

ومقصدهم من هذه الشبهة الداحضة، إنما هو إنكار الإيمان به سواء أنزل بلغة العرب أم بلغة العجم.

فهم عند نزوله عربيا قالوا من بين ما قالوا: لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه، ولو نزل بلسان أعجمى، لاعترضوا وقالوا: هلا نزل بلسان عربي نفهمه.

ولو جعلنا بعضه أعجميا وبعضه عربيا لقالوا: أقرآن أعجمى ورسول عربي.

وهكذا المعاندون الجاحدون لا يقصدون من وراء جدالهم إلا التعنت والسفاهة.

ثم أمر الله- تعالى- رسول صلّى الله عليه وسلم أن يرد عليهم بالرد الذي يكبتهم فقال: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ ...

أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الجاحدين: هذا القرآن هو للذين آمنوا إيمانا حقا هداية إلى الصراط المستقيم، وشفاء لما في الصدور من أسقام.

كما قال- سبحانه- في آية أخرى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ...

ثم بين- سبحانه- موقف الكافرين من هذا الكتاب فقال: وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ أى:

بهذا الكتاب، وبمن نزل عليه الكتاب.

فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ أى: في آذانهم صمم عن سماع ما ينفعهم.

وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أى: وهذا القرآن عميت قلوبهم عن تدبره وعن الاهتداء به.

وقوله- تعالى- أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ ذم شنيع لهم على إعراضهم عن هذا القرآن الذي ما أنزله الله- تعالى- إلا لإخراجهم من الظلمات إلى النور.

أى: أولئك الكافرون الذين لم ينتفعوا بالقرآن مثلهم في صممهم وانطماس بصائرهم، كمثل من يناديه مناد من مكان بعيد، فهو لا يسمع منه شيئا، ولا يعقل عنه شيئا، لوجود المسافة الشاسعة بين المنادى، وبين من وقع عليه النداء.

قال القرطبي: قوله- تعالى-: أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ يقال ذلك لمن لا يفهم من التمثيل.

وحكى أهل اللغة أنه يقال للذي يفهم: أنت تسمع من قريب، ويقال للذي لا يفهم: أنت تنادى من بعيد أى: كأنه ينادى من موضع بعيد منه، فهو لا يسمع النداء ولا يفهمه. وقال الضحاك: يُنادَوْنَ يوم القيامة بأقبح أسمائهم مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ فيكون ذلك لتوبيخهم وفضيحتهم.. .

ومن يتدبر هذه الآية الكريمة يرى مصداقها في كل زمان ومكان، فهناك من ينتفع بهذا القرآن قراءة وسماعا وتطبيقا.. وهناك من يستمعون إلى هذا القرآن، فلا يزيدهم إلا صمما، ورجسا إلى رجسهم وعمى على عماهم.

لما ذكر تعالى القرآن وفصاحته وبلاغته ، وإحكامه في لفظه ومعناه ، ومع هذا لم يؤمن به المشركون ، نبه على أن كفرهم به كفر عناد وتعنت ، كما قال : ( ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين ) [ الشعراء : 198 ، 199 ] . وكذلك لو أنزل القرآن كله بلغة العجم ، لقالوا على وجه التعنت والعناد : ( لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي ) أي : لقالوا : هلا أنزل مفصلا بلغة العرب ، ولأنكروا ذلك وقالوا : أعجمي وعربي ؟ أي : كيف ينزل كلام أعجمي على مخاطب عربي لا يفهمه .

هكذا روي هذا المعنى عن ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، والسدي ، وغيرهم .

وقيل : المراد بقولهم : ( لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي ) أي : هلا أنزل بعضها بالأعجمي ، وبعضها بالعربي .

هذا قول الحسن البصري ، وكان يقرؤها كذلك بلا استفهام في قوله ( أعجمي ) وهو رواية عن سعيد بن جبير وهو في [ التعنت و ] العناد أبلغ .

ثم قال تعالى : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ) أي : قل يا محمد : هذا القرآن لمن آمن به هدى لقلبه وشفاء لما في الصدور من الشكوك والريب ، ( والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر ) أي : لا يفهمون ما فيه ، ( وهو عليهم عمى ) أي : لا يهتدون إلى ما فيه من البيان كما قال تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ) [ الإسراء : 82 ] .

( أولئك ينادون من مكان بعيد ) قال مجاهد : يعني بعيدا من قلوبهم .

قال ابن جرير : معناه : كأن من يخاطبهم يناديهم من مكان بعيد ، لا يفهمون ما يقول .

قلت : وهذا كقوله تعالى : ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) [ البقرة : 171 ] .

وقال الضحاك : ينادون يوم القيامة بأشنع أسمائهم .

وقال السدي : كان عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه ] جالسا عند رجل من المسلمين يقضي ، إذ قال : يا لبيكاه . فقال عمر : لم تلبي ؟ هل رأيت أحدا ، أو دعاك أحد ؟ قال : دعاني داع من وراء البحر . فقال عمر : أولئك ينادون من مكان بعيد . رواه ابن أبي حاتم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ( 44 )

يقول تعالى ذكره: ولو جعلنا هذا القرآن الذي أنـزلناه يا محمد أعجميا لقال قومك من قريش: ( لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ) يعني: هلا بينت أدلته وما فيه من آية, فنفقهه ونعلم ما هو وما فيه, أأعجميّ, يعني أنهم كانوا يقولون إنكارا له: أأعجميّ هذا القرآن ولسان الذي أنـزل عليه عربي؟.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير أنه قال في هذه الآية ( لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ) قال: لو كان هذا القران أعجميا لقالوا: القرآن أعجميّ, ومحمد عربيّ.

حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثني محمد بن أبي عديّ, عن داود بن أبي هند, عن جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير في هذه الآية: ( لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ) قال: الرسول عربيّ, واللسان أعجميّ.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثني عبد الأعلى, قال: ثنا أبو داود عن سعيد بن جبير في قوله: ( وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ) قرآن أعجميّ ولسان عربيّ.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا داود, عن محمد بن أبي موسى, عن عبد الله بن مطيع بنحوه.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ) فجعل عربيا, أعجميّ الكلام وعربيّ الرجل.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ) يقول: بُينت آياته, أأعجميّ وعربيّ, نحن قوم عرب ما لنا وللعجمة.

وقد خالف هذا القول الذي ذكرناه عن هؤلاء آخرون, فقالوا: معنى ذلك ( لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ) بعضها عربيّ, وبعضها عجميّ. وهذا التأويل على تأويل من قرأ ( أَعْجَمِيّ ) بترك الاستفهام فيه, وحمله خبرا من الله تعالى عن قيل المشركين ذلك, يعني: هلا فصلت آياته, منها عجميّ تعرفه العجم, ومنها عربيّ تفقهه العرب.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب, عن جعفر, عن سعيد, قال: قالت قريش: لولا أنـزل هذا القرآن أعجميا وعربيا, فأنـزل الله ( لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) فأنـزل الله بعد هذه الآية كل لسان, فيه حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ قال: فارسية أعربت سنك وكل.

وقرأت قراء الأمصار: ( أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ؟ ) على وجه الاستفهام, وذكر عن الحسن البصري أنه قرأ ذلك: أعجميّ بهمزة واحدة على غير مذهب الاستفهام, على المعنى الذي ذكرناه عن جعفر بن أبي المغيرة, عن سعيد بن جبير.

والصواب من القراءة في ذلك عندنا القراءة التي عليها قراء الأمصار لإجماع الحجة عليها على مذهب الاستفهام.

وقوله: ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهم: هو, ويعني بقوله ( هُوَ ) القرآن ( لِلَّذِينَ آمَنُوا ) بالله ورسوله, وصدقوا بما جاءهم به من عند ربهم ( هُدًى ) يعني بيان للحق ( وَشِفَاءٌ ) يعني أنه شفاء من الجهل.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال. ثنا سعيد, عن قتادة ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) قال: جمله الله نورا وبركة وشفاء للمؤمنين.

حدثنا محمد, قال. ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) قال: القرآن.

وقوله: ( وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ) يقول تعالى ذكره: والذين لا يؤمنون بالله ورسوله, وما جاءهم به من عند الله في آذانهم ثقل عن استماع هذا القرآن, وصمم لا يستمعونه ولكنهم يعرضون عنه, ( وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ) يقول: وهذا القرآن على قلوب هؤلاء المكذّبين به عمى عنه, فلا يبصرون حججه عليهم, وما فيه من مواعظه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ) عموا وصموا عن القرآن, فلا ينتفعون به, ولا يرغبون فيه.

حدثنا محمد, قال. ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ ( وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ ) قال: صمم ( وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ) قال: عميت قلوبهم عنه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ) قال: العمى: الكفر.

وقرأت قرّاء الأمصار: ( وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ) بفتح الميم. وذُكر عن ابن عباس أنه قرأ: " وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمٍ" بكسر الميم على وجه النعت للقرآن.

والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار.

وقوله: ( أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) اختلف أهل التأويل في معناه, فقال بعضهم: معنى ذلك: تشبيه من الله جلّ ثناؤه, لعمى قلوبهم عن فهم ما أنـزل في القرآن من حججه ومواعظه ببعيد, فهم كما مع صوت من بعيد نودي, فلم يفهم ما نودي, كقول العرب للرجل القليل الفهم: إنك لتنادى من بعيد, وكقولهم للفهم: إنك لتأخذ الأمور من قريب.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ابن جريج, عن بعض أصحابه, عن مجاهد ( أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) قال: بعيد من قلوبهم.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن ابن جريج عن مجاهد, بنحوه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) قال: ضيعوا أن يقبلوا الأمر من قريب, يتوبون ويؤمنون, فيقبل منهم, فأبوا.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنهم ينادون يوم القيامة من مكان بعيد منهم بأشنع أسمائهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن أجلح, عن الضحاك بن مزاحم ( أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) قال: ينادَى الرجل بأشنع اسمه.

واختلف أهل العربية في موضع تمام قوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ فقال بعضهم: تمامه: ( أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) وجعل قائلو هذا القول خبر إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ - ( أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) ; وقال بعض نحويي البصرة: يجوز ذلك ويجوز أن بكون على الأخبار التي في القرآن يستغنى بها, كما استغنت أشياء عن الخبر إذا طال الكلام, وعرف المعنى, نحو قوله: وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ . وما أشبه ذلك.

قال: وحدثني شيخ من أهل العلم, قال: سمعت عيسى بن عمر يسأل عمرو بن عبيد إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ أين خبره؟ فقال عمرو: معناه في التفسير: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم كفروا به وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ فقال عيسى: أجدت يا أبا عثمان.

وكان بعض نحويي الكوفة يقول: إن شئت جعلت جواب إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ ( أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) وإن شئت كان جوابه في قوله: وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ , فيكون جوابه معلوما, فترك فيكون أعرب الوجهين وأشبهه بما جاء في القرآن.

وقال آخرون: بل ذلك مما انصرف عن الخبر عما ابتدئ به إلى الخبر عن الذي بعده من الذكر; فعلى هذا القول ترك الخبر عن الذين كفروا بالذكر, وجعل الخبر عن الذكر فتمامه على هذا القول; وإنه لكتاب عزيز; فكان معنى الكلام عند قائل هذا القول: إن الذكر الذي كفر به هؤلاء المشركون لما جاءهم, وإنه لكتاب عزيز, وشبهه بقوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ .

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: هو مما ترك خبره اكتفاء بمعرفة السامعين بمعناه لما تطاول الكلام.

التدبر :

وقفة
[44] ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ قطع الحجة على مشركي العرب بنزول القرآن بلغتهم.
وقفة
[44] ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ كان المشركون لتعنتهم يقولون: هلا نزل القرآن بلغة العجم؟ ولو حدث ذلك لقالوا: أقرآن أعجمي ورسول عربي؟ فهم جاحدون لآيات الله على أي طريقة جاءتهم؛ لأنهم غير طالبين للحق، وإنما يتبعون أهواءهم.
وقفة
[44] ﴿وَلَو جَعَلناهُ قُرآنًا أَعجَمِيًّا لَقالوا لَولا فُصِّلَت آياتُهُ أَأَعجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ لا حجة لكم، أُنزل بلسانكم؛ فماذا فعلتم؟!
وقفة
[44] ﴿ءأعجمي وعربي﴾ ما معناها؟ الجواب: معناها: كيف يكون الرجل الأعجمي الذي يزعم المشركون أن الرسول أخذ القرآن عنه ويكون القرآن عربيا في غاية الفصاحة؟ !هذا تناقض منهم.
وقفة
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى﴾ خُصَّت الهداية بالمتقين؛ لأن القرآن هو في نفسه هدى، ولكن لا يناله إلا الأبرار.
عمل
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ ضعْ يدكَ على مكانِ ألمٍ، واقرأ ما تيسرَ لكَ من القرآن؛ فإنَّه شفاءٌ.
عمل
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ استصلح التربة لكي تستفيد من المطر ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11].
وقفة
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ كلما زاد حظك من الإيمان زاد نصيبك من هداية القرآن وشفائه.
وقفة
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ ما أنزل الله شفاء أعمَّ ولا أنفع من القرآن.
وقفة
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ أعلَمَ الله أن القرآن هدى وشفاء لكل من آمن به من الشك، والريب والأوجاع.
تفاعل
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ قبل أن تطلب الرقية، كيف حال الإيمان؟
وقفة
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ كلما كنت أقوى إيمانًا، كنت أكثر انتفاعًا بهداية القرآن، وشفاء الوحي.
وقفة
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ قال ابن القيم: «ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة، لرأي لها تأثيرًا عجيبًا في الشفاء، ومكثت بمكة مدَّةً تعتريني أدواء، ولا أجد طبيبًا ولا دواء، فكنتُ أعالج نفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيرًا عجيبًا، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألمًا، وكان كثير منهم يبرأ سريعًا».
وقفة
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ من عظم إيمانه فتحت له أبواب القرآن، وانثالت له أسراره.
وقفة
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ الإيمان شرط لحصول الهداية والشفاء بهذا القرآن.
وقفة
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ القرآن الكريم بلسم جراح الأرواح، للقلوب غذاء، وللأنفس رواء، حبل متين ممتد من الأرض إلى السماء، تلك آياته البينات، ودلائله النيرات، تأخذ بمجامع القلوب، إلى علام الغيوب.
وقفة
[44] ﴿قُل هُوَ لِلَّذينَ آمَنوا هُدًى وَشِفاءٌ﴾ شفاء للقلوب والأبدان، شفاء للنفوس والأجساد.
وقفة
[44] ﴿قُل هُوَ لِلَّذينَ آمَنوا هُدًى وَشِفاءٌ﴾ أعد قرأة الآية: (لِلَّذينَ آمَنوا).
وقفة
[44] ﴿قُل هُوَ لِلَّذينَ آمَنوا هُدًى وَشِفاءٌ﴾ كن مؤمنًا حقًّا؛ تنل بكتاب الله الهدى والشفاء من كل داء.
وقفة
[44] ﴿قُل هُوَ لِلَّذينَ آمَنوا هُدًى وَشِفاءٌ﴾ من نوايا قراءة القرآن الكريم: الاستشفاء به؛ فلا تغفل عن هذه النية.
اسقاط
[44] ﴿قُل هُوَ لِلَّذينَ آمَنوا هُدًى وَشِفاءٌ﴾ هل جربت أن تتعامل مع القرآن على أنه شفاء ليس للأرواح فقط، بل وللأبدان أيضًا.
وقفة
[44] تأمل إخباره سبحانه وتعالى عن القرآن بأنه نفسه شفاء: ﴿قُل هُوَ لِلَّذينَ آمَنوا هُدًى وَشِفاءٌ﴾، وقال عن العسل: ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ﴾ [النحل: 69]، وما كان نفسه شفاء أبلغ مما جعل فيه شفاء.
وقفة
[44] فائدة: الاستشفاء بالقرآن خاص للمؤمنين: ﴿قل هو للذين آمنوا هـدى وشفاء﴾، والاستشفاء بالعسل للناس جميعًا: ﴿فيه شفاء للناس﴾ [النحل: 69].
وقفة
[44] فما أولانا بتدبر كتابه الكريم تدبر من يريد العلم، ومن هو مؤمن بهذا الكتاب العظيم، وأنه كلام الله حقًّا، قاصدين معرفة مراد ربهم، والعمل بذلك عملًا بقوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُواْ الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 29]، مستشعرين قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: 9]، وقوله: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾.
وقفة
[44] بين دفَّتي المصحف دواءٌ لسقمك البدني والروحي؛ فتدبَّر وتوكَّل: ﴿قُل هُوَ لِلَّذينَ آمَنوا هُدًى وَشِفاءٌ﴾.
وقفة
[44] الحرمان كل الحرمان أن يستشفي المريض بأنواع كثيرة من الدواء -ولا بأس بهذا-، ولكن يترك كلام الله الذي هو الهدى والشفاء والراحة النفسية والطمأنينة! ﴿قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاء﴾.
وقفة
[44] القرآن هو النورُ الذي لا تُطفَأُ مصابيحُه، والمنهاجُ الذي لا يضِلُّ ناهِجُه، هو معدِنُ الإيمان، وينبوعُ العلم، ومائدةُ العُلماء، وربيعُ القلوب، ودستورُ الحياة برُمَّتها، والشفاءُ الذي ليس بعده داء ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾.
وقفة
[44] ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ بقدر إيمانك تكون هدايتك وشفاؤك بالقرآن.
وقفة
[44] القرآن دواء وشفاء لأهل الإيمان، وداء على أهل الكفر والنفاق ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾.
وقفة
[44] ﴿هو للذين آمنوا هدى وشفاء﴾ جمع بين: (هدى) و(شفاء)؛ لأن المؤمن محتاج في عبادته: ١- قوة وصوابًا يسير بهما إلى ربه، فقال: ﴿هدى﴾. ٢- سلامة من الأمراض البدنية والقلبية التي تضعف سيره، فقال ﴿شفاء﴾.
وقفة
[44] ﴿وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ القرآن عند بعض الناس عمي! بعض القلوب صنعت على أبوابها أقفالًا؛ منعت تسلل نور الوحي إليها، فالوقر والعمى هو ما حال بينهم وبين أن يكون القرآن لهم هدى وشفاء، فهم عُمي وصم عن هدايات القرآن.
تفاعل
[44] ﴿وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[44] التبرع للقرآن من أعظم ما يغيض خصومه؛ ﻷنهم إن اعترضوه انكشفوا، وإن سكتوا عنه غُلبوا فزهق باطلهم ﴿وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾.
وقفة
[44] ﴿وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ أي: إنهم لا يسمعون ولا يفهمون، كما أن من دُعي من مكان بعيد لم يسمع ولم يفهم، وهذا مثلٌ لقلة انتفاعهم بما يوعظون به؛ كأنهم ينادَون من حيث لا يسمعون.
وقفة
[44] حين لا يفهم أهل الباطل كلامك الحق؛ فلا تحزن فالقرآن -الذي هو أرفع مراتب الحق- عليهم كما وصف الله ﴿وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾.
وقفة
[44] ﴿أُولَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ يا من تُنادون للنجاة، فلا تستجيبون، يا من تخوَّفون بالنار فلا ترتدعون وتشوَّقون للجنة فلا تبذلون، ألا تفهمون؟! أم أن دعاة الخير من مكان بعيد ينادون وبكم يهتفون، فلا تسمعون؟!

الإعراب :

  • ﴿ وَلَوْ جَعَلْناهُ:
  • الواو استئنافية. لو: حرف شرط‍ غير جازم. جعل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به اول.
  • ﴿ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اعجميا:صفة-نعت-لقرآنا منصوبة مثله بالفتحة.
  • ﴿ لَقالُوا:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. اللام:واقعة في جواب «لو» قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ:
  • لولا: حرف تحضيض بمعنى: هلا. فصلت:فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب. آياته: نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. بمعنى: هلا بينت آياته ولخصت بلسان نفقهه.
  • ﴿ ااعجمي وعربي:
  • الهمزة: همزة الانكار بمعنى: لأنكروا وقالوا: أقرآن أعجمي ورسول عربي او المرسل اليه عربي. أعجمي: خبر مبتدأ محذوف تقديره: أهو قرآن او كلام اعجمي. وحذف الموصوف لأن ما قبله دال عليه واقيمت الصفة مقامه. وعربي: معطوفة بالواو على «اعجمي» وتعرب اعرابها والكلمتان مرفوعتان وعلامة رفعهما الضمة.
  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا:
  • ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ اللام حرف جر.الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام. والجار المجرور متعلق بالخبر. آمنوا: تعرب اعراب «قالوا» وجملة «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ هُدىً وَشِفاءٌ:
  • خبر «هو» مرفوع بالضمة المقدرة للتعذر على الالف قبل تنوينها لأنها اسم مقصور ثلاثي نكرة. وشفاء: معطوفة بالواو على «هدى»مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة الظاهرة على آخرها. بمعنى: هو اي القرآن إرشاد الى الحق وشفاء لما في الصدور من الظن والشك. والجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ:
  • الواو عاطفة. الذين: معطوفة على «الذين» الاولى وهي في محل جر مثلها. اي هو للذين آمنوا هدى وشفاء وهو للذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وفيه عطف على عاملين. او يكون اسم الموصول «الذين» في محل رفع مبتدأ وخبره: الجملة الاسمية: في آذانهم وقر.لا: نافية لا عمل لها. يؤمنون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة لا يُؤْمِنُونَ» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر مقدم و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة. وقر: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. بمعنى ثقل عن سماع القرآن.
  • ﴿ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى:
  • الواو عاطفة. هو عمى: تعرب اعراب «هو هدى» على: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بالخبر. بمعنى: عمى عن رؤية الحق.
  • ﴿ أُولئِكَ:
  • اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. الكاف للخطاب.والجملة الفعلية بعده في محل رفع خبره.
  • ﴿ يُنادَوْنَ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
  • ﴿ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ:
  • جار ومجرور متعلق بينادون. بعيد: صفة-نعت-لمكان مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. بمعنى: أولئك بعيدون عن الايمان به بعدهم عمن ينادي من مكان بعيد فلا يسمع.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ المُلْحِدينَ في آياتِه وأنَّهم لا يَخفَونَ عليه، والكافِرينَ بالقُرآنِ وما دَلَّ على تَعنُّتِهم وما ظَهَر مِن تَكذيبِهم؛ رَدَّ هنا على بعض الشبهات التي أثاروها حول القرآن الكريم ردًّا يخرس ألسنتهم، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أأعجمي:
1- بهمزة الاستفهام بعدها مدة، وهى همزة «أعجمى» وقياسها فى التخفيف بين بين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بهمزتين، وهى قراءة الأخوين، والأعمش، وحفص.
3- دون استفهام، وسكون العين، وهى قراءة الحسن، وأبى الأسود، والجحدري، وسلام، والضحاك، وابن عباس، وابن عامر، بخلاف عنهما.
4- بهمزة استفهام وفتح العين، وهى قراءة عمرو بن ميمون.
عمى:
1- بفتح الميم، منونا، مصدر «عمى» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسر الميم وتنوينه، وهى قراءة أبى عمرو، وابن عباس، وابن الزبير، ومعاوية بن أبى سفيان، وعمرو بن العاص، وابن هرمز.

مدارسة الآية : [45] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ ..

التفسير :

[45] ولقد آتينا موسى التوراة كما آتيناك -أيها الرسول- القرآن فاختلف فيها قومه:فمنهم مَن آمن، ومنهم مَن كذَّب. ولولا كلمة سبقت من ربك بتأجيل العذاب عن قومك لفُصِل بينهم بإهلاك الكافرين في الحال، وإن المشركين لفي شك من القرآن شديد الريبة.

يقول تعالى:{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} كما آتيناك الكتاب، فصنع به الناس ما صنعوا معك، اختلفوا فيه:فمنهم من آمن به واهتدى وانتفع، ومنهم من كذبه ولم ينتفع به، وإن اللّه تعالى، لولا حلمه وكلمته السابقة، بتأخير العذاب إلى أجل مسمى لا يتقدم عليه ولا يتأخر{ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} بمجرد ما يتميز المؤمنون من الكافرين، بإهلاك الكافرين في الحال، لأن سبب الهلاك قد وجب وحق.{ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} أي:قد بلغ بهم إلى الريب الذي يقلقهم، فلذلك كذبوه وجحدوه.

ثم بين- سبحانه- زيادة في التسلية لرسوله صلّى الله عليه وسلم، أن اختلاف الأمم في شأن ما جاء به الرسل شيء قديم فقال- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ ...

أى: ولقد آتينا نبينا موسى- عليه السلام- كتابه التوراة ليكون هداية ونورا لقومه، فاختلفوا في شأن هذا الكتاب، فمنهم من آمن به، ومنهم من صد عنه.

وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ- أيها الرسول الكريم- وهي ألا يعذب المكذبين من أمتك في الدنيا عذابا يستأصلهم ويهلكهم.

لولا ذلك لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ أى: لأهلكهم كما أهلك السابقين من قبلهم.

وَإِنَّهُمْ أى: كفار قومك لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ أى: لفي شك من هذا القرآن وريبة من أمره، جعلهم يعيشون في قلق واضطراب.

وقوله : ( ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ) أي : كذب وأوذي ، ( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ) [ الأحقاف : 35 ] . ( ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى ) [ الشورى : 14 ] بتأخير الحساب إلى يوم المعاد ، ( لقضي بينهم ) أي : لعجل لهم العذاب ، بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا ( وإنهم لفي شك منه مريب ) أي : وما كان تكذيبهم له عن بصيرة منهم لما قالوا ، بل كانوا شاكين فيما قالوا ، غير محققين لشيء كانوا فيه . هكذا وجهه ابن جرير ، وهو محتمل ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ( 45 )

يقول تعالى ذكره: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ) يا محمد, يعني التوراة, كما آتيناك الفرقان, ( فَاخْتُلِفَ فِيهِ ) يقول: فاختلف في العمل بما فيه الذين أوتوه من اليهود ( وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) يقول: ولولا ما سبق من قضاء الله وحكمه فيهم أنه أخر عذابهم إلى يوم القيامة.

كما حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ ) قال: أخروا إلى يوم القيامة.

وقوله: ( وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ) يقول: وإن الفريق المبطل منهم لفي شكّ مما قالوا فيه ( مُريب ) يقول: يريبهم قولهم فيه ما قالوا, لأنهم قالوا بغير ثبت, وإنما قالوه ظنًّا.

التدبر :

وقفة
[45] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ هل تعلم أن موسى عليه السلام أكثر الأنبياء أتباعًا بعد النبي ﷺ؟! ففي رحلة المعراج كما في البخاري: «فرأيتُ سوادًا كثيرًا سدَّ الأفق، فرجوت أن يكون أمتي، فقيل: هذا موسى في قومه».
وقفة
[45] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ إذا أراد الله بعبد كرامة: آتاه الكتاب إنزالًا، أو حفظًا، أو فهمًا، أو تدبرًا، أو عملًا، أو تلاوةً.
وقفة
[45] ﴿فَاخْتُلِفَ فِيهِ﴾ تسلية المصاب بعموم البلوي، فكل الأمم اختلفت على أنبيائها، ما بين مؤمن وكافر، ومصدِّق ومكذب، فكذلك حال الناس مع الوحي والقرآن!
وقفة
[45] ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ الكلمة التي سبقت هي تأخير الجزاء الكامل إلى الآخرة، فالآخرة دار جزاء بينما الدنيا دار عمل، والتأخير لحكمة بالغة: لعلهم يرجعون.
وقفة
[45] ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ كل ما جرى في الكون وسيجري فيه، ما هو إلا تنفيد لما سبق في علم الله، وهذا دليل تمام قدرة الله وعظيم سلطانه.
وقفة
[45] ﴿وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ﴾ الفارق بين الشك والريبة هو أن الريبة شك مع قلق واضطراب، وهكذا المكذب بالقرآن، ينبهر بآياته، ويصده كبره وهواه عن الإيمان به.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ
  • هذه الآية الكريمة اعربت في سورة «هود» الآية العاشرة بعد المائة.'

المتشابهات :

البقرة: 53﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَٱلۡفُرۡقَانَ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ
الأنعام: 154﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ
الإسراء: 2﴿وَ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     وبعد تسلية النبي صلى الله عليه وسلم بأن ما قاله له المشركون مثل ما قيل للرسل السابقة؛ ضربَ له مثلًا هنا بموسى عليه السلام، فقد آتاه اللهُ التوراة، فاختلف فيها بنو إسرائيل، فكان منهم من آمن، ومنهم من كفر، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [46] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ..

التفسير :

[46] من عمل صالحاً فأطاع الله ورسوله فلنفسه ثواب عمله، ومن أساء فعصى الله ورسوله فعلى نفسه وزر عمله. وما ربك بظلام للعبيد، بنقص حسنة أو زيادة سيِّئة.

{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا} وهو العمل الذي أمر اللّه به، ورسوله{ فَلِنَفْسِهِ} نفعه وثوابه في الدنيا والآخرة{ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} ضرره وعقابه، في الدنيا والآخرة، وفي هذا، حثٌّ على فعل الخير، وترك الشر، وانتفاع العاملين، بأعمالهم الحسنة، وضررهم بأعمالهم السيئة، وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى.{ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} فَيُحمِّل أحدًا فوق سيئاتهم.

ثم بين- سبحانه- سنة من سننه التي لا تتخلف فقال: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ، وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ...

أى: من عمل عملا صالحا بأن آمن بالله، وصدق بما جاء به رسله، فثمرة عمله الصالح لنفسه.

وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها أى: ومن عمل عملا سيئا، فضرر هذا العمل واقع عليها وحدها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ أى: وليس ربك- أيها الرسول الكريم- بذي ظلم لعباده الذين خلقهم بقدرته، ورباهم بنعمته.

فقوله بِظَلَّامٍ صيغة نسب- كثمار وخباز- وليس صيغة مبالغة.

قال بعض العلماء ما ملخصه: «وفي هذه الآية وأمثالها سؤال معروف، وهو أن لفظة «ظلام» فيها صيغة مبالغة. ومعلوم أن نفى المبالغة لا يستلزم نفى أصل الفعل. فقولك- مثلا-: زيد ليس بقتال للرجال لا ينفى إلا مبالغته في قتلهم، فلا ينافي أنه ربما قتل بعض الرجال.

ومعلوم أن المراد بنفي المبالغة- وهي لفظ ظلام- في هذه الآية وأمثالها المراد به نفى الظلم من أصله.

وقد أجابوا عن هذا الإشكال بإجابات منها: أن نفى صيغة المبالغة هنا، قد جاء في آيات كثيرة ما دل على أن المراد به نفى الظلم من أصله، ومن ذلك قوله- تعالى-: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً وقوله- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً ...

ومنها: أن المراد بالنفي في الآية، نفى نسبة الظلم إليه. لأن صيغة فعال تستعمل مرادا بها النسبة، فتغنى عن ياء النسب.. كقولهم «لبان» أى: ذو لبن، ونبال أى صاحب نبل..» .

ثم بين- سبحانه- في أواخر هذه السورة الكريمة، أن علم قيام الساعة إليه- تعالى- وحده، وأن الإنسان لا يسأم من طلب المزيد من الخير فإذا مسه الشر يئس وقنط. وأن حكمته- تعالى- قد اقتضت أن يقيم للناس الأدلة على قدرته ووحدانيته من أنفسهم وعن طريق هذا الكون الذي يعيشون فيه فقال- تعالى-:

يقول تعالى : ( من عمل صالحا فلنفسه ) أي : إنما يعود نفع ذلك على نفسه ، ( ومن أساء فعليها ) أي : إنما يرجع وبال ذلك عليه ، ( وما ربك بظلام للعبيد ) أي : لا يعاقب أحدا إلا بذنب ، ولا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه ، وإرسال الرسول إليه .

القول في تأويل قوله تعالى : مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ( 46 )

يقول تعالى ذكره: من عمل بطاعة الله في هذه الدنيا, فائتمر لأمره, وانتهى عما نهاه عنه ( فَلِنَفْسِهِ ) يقول: فلنفسه عمل ذلك الصالح من العمل, لأنه يجازى عليه جزاءه, فيستوجب في المعاد من الله الجنة, والنجاة من النار. ( وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ) يقول: ومن عمل بمعاصي الله فيها, فعلى نفسه جنى, لأنه أكسبها بذلك سخط الله, والعقاب الأليم. ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ) يقول تعالى ذكره: وما ربك يا محمد بحامل عقوبة ذنب مذنب على غير مكتسبه, بل لا يعاقب أحدا إلا على جرمه الذي اكتسبه في الدنيا, أو على سبب استحقه به منه, والله أعلم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[46] ﴿مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ﴾، ﴿مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ [الإسراء: 15]، ﴿وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ﴾ [فاطر: 18]، ﴿وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ﴾ [العنكبوت: 6]، أي شيء أبلغ من هذا الحشد من الآيات في تربية القرآن لأهله ليعتنوا بتربية نفوسهم، وتعبيدها لرب العالمين؟
وقفة
[46] ﴿مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ﴾ فعل الخير ينفعك في الدنيا بالذكر الحسن عند الآخرين إن كان لله، ويوم القيامة تكون عند الله من الفائزين.
وقفة
[46] ﴿مَن عَمِلَ صالِحًا فَلِنَفسِهِ﴾ فالله غنى عنك.
وقفة
[46] ﴿مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ ليس في الدين قيود، بل هي حدود، تضمن سلامتك، وتكفل حمايتك، وتقيك من كل ما يضرك في دينك أو دنياك.
وقفة
[46] ﴿مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ قال بعض السلف: «إن للحسنة لنورًا في القلب، وَقُوَّة في البدن، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة لظلمة في القلب، وسوادًا في الوجه، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبغضًا في قلوب الخلق».
وقفة
[46] ﴿مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ إحسانك إلى غيرك، هو في حقيقته إحسان إلى نفسك؛ لأنك تصلح به آخرتك، وهي الأغلى والأهم والأبقى.
وقفة
[46] ﴿مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ لم يأمر الله عباده بطاعته لحاجته إلى خدمتهم حاشاه، وإنما أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم، وفي الحديث القدسي:«يَا عِبَادِى إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّى فَتَضُرُّونِى وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِى فَتَنْفَعُونِى» [مسلم 2577].
عمل
[46] ﴿مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ العمل الصالح يعود على صاحبه بالنفع، لذا أكثِر من الأعمال الصالحة وداوم عليها.
عمل
[46] ﴿من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد﴾ ما أعظم عدل الله ﷻ! التبعة ذاتية يوم القيامة؛ لا تلقِ اللوم على غيرك.
وقفة
[46] ﴿وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ بينما عمل الشر يضرُّك في الدنيا قبل الآخرة، في الدنيا بنبذ الآخرين لك، ويوم القيامة فالحساب عسير.
وقفة
[46] ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ نفي الظلم عن الله، وإثبات العدل له.
وقفة
[46] يفسر بعضهم قوته وملكه وشخصيته بعظيم قدرته على الظلم، وليس ذلك من الحق، فالقوة والملك لله جميعًا، وقد نزَّه نفسه عن الظلم ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾.
وقفة
[46] قاعدتان اجعلهما شعارًا لك: ﴿وما ربك بظلام للعبيد﴾ يطمئن بها قلبك، ﴿وإليه ترجعون﴾ [البقرة: 245] تستقيم في دنياك على أمر الله، الذي إليه مآلك.
وقفة
[46] كلما ازداد ظلم العباد، أيقنت بعدل رب العباد ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ مَنْ عَمِلَ صالِحاً:
  • اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبره. عمل: فعل ماض فعل الشرط‍ مبني على الفتح في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. صالحا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.وهو من الصفات الغالبة التي تجري مجرى الاسماء بمعنى من عمل عملا صالحا.
  • ﴿ فَلِنَفْسِهِ:
  • الفاء واقعة في جواب الشرط‍.لنفسه: جار ومجرور متعلق بخبر لمبتدإ محذوف تقديره فنفعه او فعمله لنفسه اي فنفسه نفع. والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالإضافة والجملة: جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بمن.
  • ﴿ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها:
  • معطوفة بالواو على ما قبلها وتعرب اعرابها. بمعنى:فإساءته على نفسه، اي فنفسه ضر.
  • ﴿ وَما رَبُّكَ:
  • إلا عالما به. اي إلا وهو عالم به والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ بِظَلاّمٍ:
  • الباء: حرف جر زائد واقع على الخبر المنفي توكيدا للنفي.ظلام: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» الحجازية. وخبر المبتدأ على اللغة الثانية مرفوع محلا.
  • ﴿ لِلْعَبِيدِ:
  • جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «ظلام» بمعنى: لا يعذب غير المسيء.'

المتشابهات :

فصلت: 46﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ
الجاثية: 15﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۖ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [46] لما قبلها :     ولَمَّا تقرَّر بما مضَى أنَّ المطيعَ ناجٍ، وتحرَّر أنَّ العاصيَ هالكٌ؛ كانت النَّتيجةُ مِن غيرِ تردُّدٍ: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا، كائنًا مَن كان، قال تعالى:
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف