598131415161718191234512345

الإحصائيات

سورة العلق
ترتيب المصحف96ترتيب النزول1
التصنيفمكيّةعدد الصفحات0.60
عدد الآيات19عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.20
ترتيب الطول91تبدأ في الجزء30
تنتهي في الجزء30عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
الأمر: 2/6_
سورة القدر
ترتيب المصحف97ترتيب النزول25
التصنيفمكيّةعدد الصفحات0.30
عدد الآيات5عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.00
ترتيب الطول103تبدأ في الجزء30
تنتهي في الجزء30عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 17/21_
سورة البينة
ترتيب المصحف98ترتيب النزول100
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات0.90
عدد الآيات8عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.40
ترتيب الطول85تبدأ في الجزء30
تنتهي في الجزء30عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 18/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (5) عدد الآيات (5)

بدءُ نزولِ القرآنِ الكريمِ في ليلةِ القَدْرِ، وفضلُها على سائرِ الأيامِ والليالي والشهورِ، لنزولِ الملائكةِ وجبريلَ وما فيها من بركاتٍ، وهي أمْنٌ لا شرَّ فيها.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (5) عدد الآيات (5)

موقفُ اليهودِ والنَّصارى من دعوةِ النَّبي ﷺ، كانُوا ينتظرونَ قدومَه فلمَّا جاءَهم كانُوا أولَ من كَذَّبَ به، وما أمرُوا إلا بعبادةِ اللهِ وحدَهُ،

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (6) الى الآية رقم (8) عدد الآيات (3)

ثُمَّ ذَكَّرَهم هنا بعذابِ الكافرينَ في النَّارِ، ونعيمِ المؤمنينَ =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة العلق

العلم مفتاح الهدى وعلاج الطغيان

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • نقاط السورة:   أسئلة قد تقفز إلى الذهن: من أنا؟ ومن أين أتيت؟ وإلى أين أصير؟ من أوجدني؟ ولماذا أوجدني؟ سورة العلق تجيبك.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة العلق»، و«سورة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ».
  • • معنى الاسم ::   العلق: جمع علقة، وهي: قطعة دم غليظ أحمر.
  • • سبب التسمية ::   لِوُقُوعِ لَفْظِ «الْعَلَقِ» فِي أَوَائِلِهَا.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة اقْرَأْ»، و«القلم».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أهمية القراءة والكتابة في الإسلام
  • • علمتني السورة ::   أن اللهَ خلقَ الإنسانَ من ضعف ثم رَفَعَه بقراءة الوحي والعلم وهَدَاهُ إلى أدوات التعلم: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾
  • • علمتني السورة ::   تعلّم العلم وتعليمه وضبط شوارده بأدوات العلم، فإن ربك الأكرم، إن أخلصت له زادك علمًا وأجرًا: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن العلم من الله، وهو العليم، فالموحد يطلب العلم منه سبحانه، بالتوكل عليه واستمداد العلم من كتابه وسنة نبيه: ﴿عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: أَنَّ آخِرَ كَلَامٍ كَلَّمَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ اسْتَعْمَلَنِي عَلَى الطَّائِفِ، فَقَالَ: خَفِّفْ الصَّلَاةَ عَلَى النَّاسِ، حَتَّى وَقَّتَ لِي ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ وَأَشْبَاهَهَا مِنْ الْقُرْآنِ.
    • عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾، وَ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾.
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة العلق من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة العلق من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • صدر سورة العلق هو أول ما نزل من القرآن الكريم بإطلاق.
    • احتوت سورة العلق على السجدة الخامسة عشرة من سجدات التلاوة -بحسب ترتيب المصحف-، وجاءت في آخر السورة في الآية (19)، وهي آخر سجدات التلاوة في ترتيب المصحف.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتعلم العلم من الكتاب والسنة لنخرج من الظلمات إلى النور، ولنرقى من الضعف إلى القوة: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾ (1، 2).
    • أن نقرأ القرآن مع استشعار معية الله وتوفيقه، وأن نأخذ بأسباب العلم لاستجلاب المكرمات الإلهية: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ (3، 4).
    • ألا نفخر بما لدينا من علم، ولا نكتمه عن متعلم؛ لأنه نعمة من الله تفضل علينا بها بلا حول منا ولا قوة: ﴿عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ (5).
    • أن نتفكر في مآلنا ومصيرنا؛ فإن ذلك أدعى ألا نتجاوز حدود الله ولا نغتر بما أنعم الله علينا من مال: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ * إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ﴾ (6-8).
    • أن نسلك سبيل الرسل، فنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونُبصر الناس بدينهم: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ (9، 10).
    • أن نراقب الله في أفعالنا وأقوالنا؛ فإنّ من راقب الله امتثل لأمره وابتعد عن معصيته، فهو سبحانه يرى أفعالنا ويسمع كلامنا: ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ (14).
    • أن نجتهد في القرب من مرضاة الله تعالى ونثق به ونتوكل عليه؛ فهو سبحانه سينتقم لنا ممن يحاول منعنا من إقامة شعائر ديننا: ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩﴾ (19).
سورة القدر

فضل ليلة القدر

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • رسالة السورة::   السورة تدور حول: سنة الاصطفاء والاختصاص بيد الله عز وجل، فهو الذي فضل بعض النبيين عن بعض، وفضل بعض الشهور عن بعض، وفضل بعض الأوقات عن بعض، وفضل بعض الأيام والليالي عن بعض، وحتى فضل بعض الماكولات عن بعض، فالعمل في هذه الليلة أفضل من العمل في ألف شهر (83 سنة و 4 شهور).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «القدر».
  • • معنى الاسم ::   القدر: الشرف والفضل.
  • • سبب التسمية ::   لِتِكْرَارِ ‏ذِكْرِ ‏لَيْلَةِ ‏القَدْرِ ‏فِيهَا، ‏وَعِظَمِ ‏شَرَفِهَا.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ»، و«سُورَةُ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   فضل ليلة القدر: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن العبرة ليست بطول الأعمار؛ بل بحسن الأعمال، ليلة سبقت ألف شهر في فضلها: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾
  • • علمتني السورة ::   من أراد أن ينظر إلى محروم يمشي على الأرض فلينظر إلى من يلهو في: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾
  • • علمتني السورة ::   من كرم الله على هذه الأمة مضاعفة الأجور ومنها ليلة القدر فبادر بمضاعفة العبادة في هذه الليلة: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة القدر من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة القدر من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • من اللطائف القرآنية: أن عدد كلمات سورة القدر 30 كلمة، على عدد أيام الشهر، وكلمة (هي) في السورة ذاتها ترتيبها رقم (27)، وهي إشارة لمن قال بأن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نعظّم شأنَ هذه الليلة التي امتنّ الله بها علينا فأخبرنا بفضلها: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ (1، 2).
    • أن نَتَحَرَّى ليلة القدر بالقيام والدعاء والأعمال الصالحة؛ فإنها موسم عظيم: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ (3).
    • أن نستحي من ملائكة الرحمن الكرام؛ فلا يرون منا ما يسخط ربنا: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ (4).
    • أن نشتغل في هذه الليلة بما يرضي الله وليسلم منا كل مؤمن؛ فلا نؤذيه بقول ولا فعل: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ (5).
سورة البينة

قيمة الرسالة المحمدية ووضوحها وكمالها

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • نقاط السورة:   السورة تدور حول : تركز سورة البينة على قيمة الرسالة المحمدية ووضوحها وكمالها.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة البينة»، و«سُورَةُ لَمْ يَكُنِ»، و«سُورَةُ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا».
  • • معنى الاسم ::   البينة: الحجة والبرهان.
  • • سبب التسمية ::   سميت «سورة البينة» لورود هذا اللفظ في أول آية، وسميت «سورة لَمْ يَكُنِ»، «سورة لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا» سُمِّيَتْ بِأَوَّلِ جُمْلَةٍ فِيهَا.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ القيمة»، و«سُورَةُ البرية»، و«سُورَةُ المنفكين»، و«سُورَةُ أهل الكتاب».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الأرض كانت في حاجة ماسة إلى بعثة النبي ﷺ ، بعد أن عم الفساد أرجاءها: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الكفر من العالم أقبح من غيره، واللّوم مقدَّم على من عَلِمَ ولم يعمل بعلمه، كما هو حال أهل الكتاب الذين بُشِّروا في كتبهم بمبعث النبي ﷺ وأُمروا بأن يؤمنوا به، فكفروا بذلك
  • • علمتني السورة ::   أن السلامة في ديننا باتّباع أمرين والتمسك بهما، وكلاهما برهانٌ واضحٌ، وهما: رسول الله ﷺ وكلام الله الذي يتلوه: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾
  • • علمتني السورة ::   الحرص على الاجتماع على كتاب الله وسنة رسوله ونبذ الافتراق: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ»، قَالَ أُبَيٌّ: «أَاللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟»، قَالَ: «اللَّهُ سَمَّاكَ لِي»، فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي، قَالَ قَتَادَةُ: «فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ: ﴿لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة البينة من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة البينة من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة البينة مع وجازتها جامعة لأصول وقواعد ومهمات عظيمة، فقد احتوت على التوحيد والرسالة والإخلاص والصحف والكتب المنزلة، وذكر الصلاة والزكاة والمعاد وبيان أهل الجنة وأهل النار.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أنْ نحذرَ من العلم بلا عمل؛ فإن هذا سبيل المغضوب عليهم، بل نعمل بعلمنا ليبارك لنا فيه وننال ثوابه: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ (1).
    • أن نحرص على دراسة الوحي كتابًا وسنةً، حفظًا وفهمًا وتدبرًا؛ فهذا طريق الفلاح: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ (2، 3).
    • ألّا نتبع الهوى فنختلفَ فيما بيننا بعد وضوحِ الحق وانقطاع الأعذار: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ (4).
    • أنْ نخلص في عبادة الله، ولا نشرك به غيرَه؛ فالإخلاص في العبادة من شروط قبولها: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ (5).
    • أن نسعى في فكاك رقابنا من النار بالإيمان بالله وكتابه ورسوله والعمل بمقتضى ذلك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ (6).
    • ما عند الله إنما ينال بالعمل، فلنحرص على عمل الصالحات لننال هذا الجزاء العظيم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ ...﴾ (7، 8).

تمرين حفظ الصفحة : 598

598

مدارسة الآية : [13] :العلق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى

التفسير :

[13] أرأيت إن كذَّب هذا الناهي بما يُدعى إليه، وأعرض عنه

{ أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ} الناهي بالحق{ وَتَوَلَّى} عن الأمر، أما يخاف الله ويخشى عقابه؟

وقوله - تعالى - : ( أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وتولى . أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ الله يرى ) .

أى : أرأيت - أيها الرسول الكريم - إن كذب هذا الكافر بما جئته به من عندنا ، وتولى وأعرض عما تدعوه إليه من إيمان وطاعة لله رب العالمين . أرأيت إن فعل ذلك ، أفلا أرشده عقله إلى أن خالق هذا الكون يراه ، وسيجازيه بما يستحقه من عذاب مهين؟

فالمقصود من هذه الآيات الكريمة التى تكرر فيها لفظ " أرأيت " ثلاث مرات : تسلية النبى صلى الله عليه وسلم . وتعجيبه من حال هذا الإِنسان الطاغى الشقى ، الذى أصر على كفره . وآثر الغى على الرشد . والشرك على الإِيمان . . وتهديد هذا الكافر الطاغى بسوء المصير ، لأن الله - تعالى - مطلع على أعماله القبيحة . . وسيعاقبه العقاب الأكبر .

أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ

* القول في تأويل قوله تعالى : أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) .

يقول تعالى ذكره: ( أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ ) أبو جهل بالحق الذي بعث به محمدًا( وَتَوَلَّى ) يقول: وأدبر عنه، فلم يصدِّّق به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) يعني: أبا جهل.

التدبر :

وقفة
[13، 14] ﴿أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ * أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ يُعرضون عن الله، لأنه ليس في نفوسهم مراقبة لله.

الإعراب :

  • ﴿ أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ
  • سبق اعرابهما. كذب: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجواب الشرط في الآية الكريمة التالية.
  • ﴿ وَتَوَلَّى:
  • معطوفة بالواو على «كذب» وتعرب اعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الالف منع من ظهورها التعذر اي اخبرني عمن كذب بي واعرض عن ذكري.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     ولَمَّا كان التقديرُ حتمًا -كما هدى إليه السياق- ما قدَّرتُه من جواب السُّؤالين، بنى عليه قولَه زيادةً في التَّوبيخِ والتَّعجيبِ والتَّقريعِ استفهامًا عن حالٍ لهذا النَّاهي مُنافٍ للحالِ الأوَّل، معيدًا الفعلَ إيضاحَا لذلك:
﴿ أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :العلق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى

التفسير :

[14] ألم يعلم بأن الله يرى كل ما يفعل؟

{ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} ما يعمل ويفعل؟.

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : فأين جواب الشرط - أى فى قوله - تعالى - : ( أَرَأَيْتَ إِن كَانَ على الهدى ) ؟ قلت : هو محذوف تقديره : إن كان على الهدى ، ألم يعلم بأن الله يرى ، وإنما حذف لدلالة ذكره فى جواب الشرط الثانى .

فإن قلت : فكيف صح أن يكون " ألم يعلم " جوابا للشرط؟ قلت : كما صح فى قولك : إن أكرمتك أتكرمنى؟ وإن أحسن إليك زيد هل تحسن إليه؟ .

.

ولهذا قال "ألم يعلم بأن الله يرى" أي أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه وسيجازيه على فعله أتم الجزاء.

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)

يقول تعالى ذكره: ألم يعلم أبو جهل إذ ينهى محمدا عن عبادة ربه، والصلاة له، بأن الله يراه فيخاف سطوته وعقابه. وقيل: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، أرأيت إن كان على الهدى، فكررت أرأيت مرات ثلاثًا على البدل. والمعنى: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، وهو مكذب متول عن ربه، ألم يعلم بأن الله يراه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ آية تهز الوجدان، وتفعل في النفس ما لا تفعله سلطات الدنيا كلها، إنها تضبط النوازع، وتكبح الجماح، وتدعو إلى إحسان العمل، وكمال المراقبة، فما أجمل أن يستحضر كل أحد هذه الآية إذا امتدت عينه إلى خيانة، أو يده إلى حرام، أو سارت قدمه إلى سوء! وما أروع أن تكون هذه الآية نصب أعيننا إذا أردنا القيام بما أنيط بنا من عمل!
عمل
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ توقف وتدبر، كم في هذه الآيةِ من زاجرٍ عن ذنوبِ الخَلَواتِ والخَفايا.
وقفة
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ يا لها من آية تخلع القلب، أيها المتمادي في المعاصي أيها المقيم على الذنب العظيم، أيها الناسي لرب الناس: إنَّ الله يرى.
وقفة
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ يرى ما في قلبك من الأحقاد، يرى ما في جوالك من المحرمات، يرى ما في حساباتك من الأموال المحرمة، تطهر قبل اللقاء.
وقفة
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ نحتاج أن نقف وقفة صادقة مع هذه الآية نتأملها، نستشعرها، نجعلها أمام أعيننا دائمًا، هنا يأتي الإحسان حقًا.
وقفة
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ قبل أربعة عشر قرنًا رأت أمرأة صالحة أمها تغش اللبن بالماء، فقالت لها: «يا أماه إن كان عمر لا يرانا، فرب عمر يرانا».
وقفة
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ آية عظيمة في أول سورة نزلت في القرآن، آية تضبط النوازع وتقوي الوازع.
وقفة
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ أي خيبة لمن جعل الله السميع البصير العليم الخبير الرقيب الشهيد أهون الناظرين إليه والمطلعين عليه.
وقفة
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ أنت مراقب في كل لحظة، وفي كل ثانية، أقوالك مراقبة، أفعالك مراقبة.
وقفة
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ قال أبو حـازم: «لا يحسن عبد فيما بينه وبين الله، إلا أحسن الله ما بينه وبين العباد».
وقفة
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ إنها آية عظيمة تضبط النوازع وتقوي الوازع.
وقفة
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ هناك خلوات تجلب لصاحبها الحسرات، وخلوات ترفع صاحبها درجات.
وقفة
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ يا من غرك ستر الله: ألم تعلم بأن الله يرى؟! يا من ظلمت واحتقرت وقصرت: ألم تعلم بأن الله يرى؟!
عمل
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ إن أحرقتْ قلبك دواعي المعصية؛ أطفئ لهيبها بهذه الآية.
اسقاط
[14] الرب يرى: ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾، الملك يكتب: ﴿كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: 11، 12]، اليد تشهد: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النور: 24]، فكيف ستغرد؟
عمل
[14] آية لو جعلتها نصب عينك؛ لمنعتك النظر الحرام بإذن الله ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾، خاطب بها نفسك عندما يغريك الشيطان.
وقفة
[14] حقًّا إنها آية من تدبرها وتأملها واستشعرها بقلبه؛ أغنته عن آلاف المحاضرات والمواعظ ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾.
وقفة
[14] أين تفر وقد أحيط بك: ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾.
وقفة
[14] قوم عاشوا على: ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾، قال ابن المبارك لرجل: «راقب الله تعالى»، فسأله الرجل عن تفسير ذلك، فقال: «كن أبدًا كأنك ترى الله».
عمل
[14] كلما هممت بمعصية فتذكر قوله جل وعز: ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ لتستشعر رقابته سبحانه؛ سئل ابن المبارك كيف نراقب الله فقال: كن أبدًا كأنك تراه.
وقفة
[14] آيةٌ تهزُّ الوجدان وتفعل في النفس ما لا تفعله سلطات الدنيا كلها، ولا أحدث التقنيات في عالم المخابرات ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾.
وقفة
[14] يتجرأ الإنسان على معصية الله بمقدار غفلته عن رؤية الله له ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾.
عمل
[14] ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ﴾ إن الله يراك، ومطلع عليك، سميع لما تقول، عليم بما يجول في خاطرك؛ فلا تجعل الله أهون الناظرين إليك.
عمل
[14] حين تدعوك نفسك إلى معصية وأنت في خلوة عن الناس؛ فتذكر ﴿ألم يعلم بأن الله يرى﴾.
وقفة
[14] قال ابن القيم: «من استحى من الله عند معصيته؛ استحى الله من عقابه يوم يلقاه» ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾.
عمل
[14] ﴿أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ﴾ [البلد: 7]، ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ لا تجعلِ الله أهون النَّاظرين إليك، فتختبئ عن النَّاس لفعل المعاصي والمنكرات، وتتجاهل الذي خلقك ويعلم جميع الأمور، ما ظهر منها وما بطن.
عمل
[14] كلما هممت بفعل معصية تذكر ثلاث آيات: 1- ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾. 2- ﴿ولمن خاف مقام ربه جنتان﴾ [الرحمن: 46]. 3- ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا﴾ [الطلاق: 2].

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ:
  • الالف ألف توبيخ وانكار بلفظ استفهام. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يعلم: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ بِأَنَّ اللَّهَ:
  • الباء زائدة للتأكيد او تكون حرف جر للمصدر. أن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة: اسم «ان» منصوب للتعظيم بالفتحة و «أن» وما بعدها من اسمها وخبرها «معموليها» بتأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي «يعلم».
  • ﴿ يَرى:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وحذف المفعول خطا واختصارا ولانه معلوم.التقدير: يراه وسيحاسبه عن ذلك. وجملة «يرى» في محل رفع خبر «أن».

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     وبعد ذَمِّ أبي جهل الذي كانَ يَنْهى النَّبي صلى الله عليه وسلم عن الصَّلاةِ؛ خوَّفه اللهُ هنا بأنه يرى ما يصنع، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :العلق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا ..

التفسير :

[15] ليس الأمر كما يزعم أبو جهل، لئن لم يرجع هذا عن شقاقه وأذاه لنأخذنَّ بمقدَّم رأسه أخذاً عنيفاً وليطرحَنَّ في النار

ثم توعده إن استمر على حاله، فقال:{ كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ} عما يقول ويفعل{ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} أي:لنأخذن بناصيته، أخذًا عنيفًا، وهي حقيقة بذلك.

وقوله- سبحانه-: كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ردع وزجر لهذا الكافر الطاغي الناهي عن الخير، ولكل من يحاول أن يفعل فعله.

والسفع: الجذب بشدة على سبيل الإذلال والإهانة، تقول: سفعت بالشيء، إذا جذبته جذبا شديدا بحيث لا يمكنه التفلت أو الهرب ... وقيل: هو الاحتراق، من قولهم: فلان سفعته النار، إذا أحرقته وغيرت وجهه وجسده. والناصية: الشعر الذي يكون في مقدمة الرأس.

أى: كلا ليس الأمر كما فعل هذا الإنسان الطاغي، ولئن لم يقلع عما هو فيه من كفر وغرور، لنقهرنه، ولنذلنه، ولنعذبنه عذابا شديدا في الدنيا والآخرة.

والتعبير بقوله- تعالى-: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ يشعر بالأخذ الشديد، والإذلال المهين، لأنه كان من المعروف عند العرب، أنهم كانوا إذا أرادوا إذلال إنسان وعقابه، سحبوه من شعر رأسه.

والتعريف في الناصية، للعهد التقديري. أى: بناصية ذلك الإنسان الطاغي، الذي كذب وتولى، ونهى عن إقامة الصلاة.

ثم قال تعالى متوعدا ومتهددا "كلا لئن لم ينته" أي لئن لم يرجع عما هو فيه من الشقاق والعناد "لنسفعا بالناصية" أي لنسمنها سوادا يوم القيامة.

وقوله: ( كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ ) يقول: ليس كما قال: إنه يطأ عنق محمد، يقول: لا يقدر على ذلك، ولا يصل إليه.

قوله: ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ ) يقول: لئن لم ينته أبو جهل عن محمد .

( لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ) يقول: لنأخذنّ بمقدم رأسه، فلنضمنه ولنُذلنه؛ يقال منه: سفعت بيده: إذا أخذت بيده. وقيل: إنما قيل ( لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ) والمعنى: لنسوّدنّ وجهه، فاكتفى بذكر الناصية من الوجه كله، إذ كانت الناصية في مقدم الوجه. وقيل: معنى ذلك: لنأخذنّ بناصيته إلى النار، كما قال: فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ .

التدبر :

تفاعل
[15] ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[15] ﴿كَلّا لَئِن لَم يَنتَهِ لَنَسفَعًا بِالنّاصِيَةِ﴾ تهديد مخيف، ولكن لم يبالِ به إلا قليل.
وقفة
[15، 16] ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ إنك لتلمس رحمة الله ولطفه حتى عند تهديده لأعدى أعدائه من الطغاة المتجبرين, فكيف رحمته بعباده الصالحين المتقين؟!
وقفة
[15، 16] ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ (السفع): القبض الشديد بجذب، و(الناصية): مقدم شعر الرأس، والأخذ من الناصية أخذ من لا يترك له تمكن من الانفلات، فهو كناية عن أخذه إلى العذاب، وفيه إذلال لأنهم كانوا لا يقبضون على شعر رأس أحد إلا لضربه أو لجره.
وقفة
[15، 16] ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ إنذار وتخويف وتهديد للمجرمين والمتكبرين.
تفاعل
[15، 16] ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ قل: «اللهم خذ بناصيتي للبر والتقوى».
وقفة
[15، 16] هل البَدَل يفيد التوكيد؟ للبدل عدة أغراض منها: قد يكون للمدح أو الذمّ، كما في قوله تعالى: ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾، و﴿وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾ [التين: 3].

الإعراب :

  • ﴿ كَلَّا:
  • بمعنى حقا او هي حرف زجر وردع لا عمل له أي ردع لأبي جهل وخسور له عن نهيه عن عبادة الله تعالى وامره بعبادة اللات.
  • ﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ:
  • اللام موطئة للقسم- اللام المؤذنة- ان: حرف شرط جازم.لم: حرف نفي وجزم وقلب. ينته: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره- حرف العلة- وبقيت الكسرة دالة عليه وهو فعل الشرط في محل جزم بإن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «ان لم ينته» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها من الاعراب اي لئن لم يرجع عما هو فيه.
  • ﴿ لَنَسْفَعاً:
  • اللام واقعة في جواب القسم المقدر. وجملة «لنسفعا» جواب القسم المقدر لا محل لها من الاعراب وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم او جواب القسم سد مسد الجوابين. نسفعا: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ونون التوكيد الخفيفة لا محل لها من الاعراب والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن اي لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها الى النار. والسفع: القبض على الشيء وجذبه بشدة. والناصية: مقدم شعر الرأس وابدلت نون التوكيد الخفيفة الفا عند الوقوف عليها وهي تالية فتحة كما في التنوين. وقيل يجب في الوقف قلب النون الساكنة الفا في نون التوكيد الخفيفة الواقعة بعد الفتحة ووقف الجميع عليها بالالف وقيل:تكتب في الخط ألفا لانها كالتنوين.
  • ﴿ بِالنَّاصِيَةِ:
  • جار ومجرور متعلق بنسفع ولما علم انها ناصية ابي جهل اكتفى بلام العهد عن الاضافة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد أن خوَّفه اللهُ بأنه يرى ما يصنع؛ توعده إن استمر على حاله، قال تعالى:
﴿ كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :العلق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ

التفسير :

[16] ناصيته ناصية كاذبة في مقالها، خاطئة في أفعالها، فكأنَّ الكذب والخطَأ باديان منها

فإنها{ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} أي:كاذبة في قولها، خاطئة في فعلها.

وقوله- تعالى-: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ بدل من الناصية، وجاز إبدال النكرة من المعرفة، لأن النكرة قد وصفت. فاستقلت بالفائدة.

وخاطئة: اسم فاعل من خطئ فلان- كعلم- فهو خاطئ وهو الذي يأتى الذنب متعمدا، ووصفت الناصية بأنها خاطئة مبالغة في تعمد هذا الإنسان لارتكاب المنكر، على حد قولهم: نهار صائم، أى: صائم صاحبه، ولأن الناصية هي مظهر الغرور والكبرياء.

أى: لئن لم ينته هذا الفاجر المغرور عن كفره ... لنذلنه إذلالا شديدا ... ولنسحبنه إلى النار من ناصيته التي طالما كذبت بالحق، وتعمدت ارتكاب المنكر ...

ثم قال "ناصية كاذبة خاطئة" يعني ناصية أبي جهل كاذبة في مقالها خاطئة في أفعالها.

وقوله: ( نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ) فخفض ناصية ردّا على الناصية الأولى بالتكرير، ووصف الناصية بالكذب والخطيئة، والمعنى لصاحبها.

التدبر :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الإعراب :

  • ﴿ ناصِيَةٍ:
  • بدل من «الناصية» الأولى مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة وابدلت من المعرفة وهي نكرة لانها وصفت فاستقلت بفائدة.
  • ﴿ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ:
  • صفتان- نعتان- لناصية مجرورتان مثلها وعلامة جرهما الكسرة ووصفها بالكذب والخطأ على الاسناد المجازي وهما في الحقيقة لصاحبها وهي ابلغ من القول ناصية كاذب خاطئ.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ مِنَ المَعْلُومِ أنَّ مَن صارَ في القَبْضَةِ عَلى هَذِهِ الهَيْئَةِ المُهِينَةِ المُزْرِيَةِ فَهو هالِكٌ؛ اغْتَنى بِهِ عَنْ أنْ يَقُولَ: ولَنَسْحَبَنَّهُ بِها عَلى وجْهِهِ إلى النّارِ، ووَصَفَها بِما يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ، قال تعالى:
﴿ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ناصبة كاذبة خاطئة:
قرئت:
1- بنصب الثلاثة، وهى قراءة أبى حيوة، وابن أبى عبلة، وزيد بن على.
2- برفعها، عن الكسائي، فى رواية.

مدارسة الآية : [17] :العلق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلْيَدْعُ نَادِيَه

التفسير :

[17] فليُحْضِر هذا الطاغية أهل ناديه الذين يستنصر بهم

{ فَلْيَدْعُ} هذا الذي حق عليه العقاب{ نَادِيَهُ} أي:أهل مجلسه وأصحابه ومن حوله، ليعينوه على ما نزله به.

وقوله- سبحانه-: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ رد على غروره وتفاخره بعشيرته، فقد جاء في الحديث الشريف أن أبا جهل عند ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، نهره النبي صلى الله عليه وسلم وزجره وأغلظ له القول ... فقال أبو جهل: أتهددني يا محمد وأنا أكثر هذا الوادي ناديا، فأنزل الله- سبحانه-: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ. سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ.

وأصل النادي: المكان الذي يجتمع فيه الناس للحديث، ولا يسمى المكان بهذا الاسم إلا إذا كان معدا لهذا الغرض، ومنه دار الندوة، وهي دار كان أهل مكة يجتمعون فيها للتشاور في مختلف أمورهم، وسمى بذلك لأن الناس يندون إليه، أى: يذهبون إليه، أو ينتدون فيه، أى: يجتمعون للحديث فيه. يقال: ندا القوم ندوا- من باب غزا- إذا اجتمعوا.

والأمر في قوله- تعالى-: فَلْيَدْعُ للتعجيز، والكلام على حذف مضاف. أى:

فليدع هذا الشقي المغرور أهله وعشيرته لإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، ولمنعه من الصلاة، إن قدروا على ذلك، فنحن من جانبنا سندع الزبانية، وهم الملائكة الغلاظ الموكلون بعقاب هذا المغرور وأمثاله.

"فليدع ناديه" أي قومه وعشيرته أي ليدعهم يستنصر بهم.

وقوله: ( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ) يقول تعالى ذكره: فليدع أبو جهل أهل مجلسه وأنصاره، من عشيرته وقومه، والنادي: هو المجلس.

وإنما قيل ذلك فيما بلغنا، لأن أبا جهل لما نهى النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند المقام، انتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأغلظ له، فقال أبو جهل: علام يتوعدني محمد وأنا أكثر أهل الوادي ناديا؟ فقال الله جلّ ثناؤه: ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ) ، فليدع حينئذ ناديه، فإنه إن دعا ناديه، دعونا الزبانية.

وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الأخبار، وقال أهل التأويل.

* ذكر الآثار المروية في ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو خالد الأحمر؛ وحدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا الحكم بن جميع، قال: ثنا عليّ بن مُسْهِر، جميعا عن داود بن أبي هند، عن عكرِمة، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام، فمرّ به أبو جهل بن هشام، فقال: يا محمد، ألم أنهك عن هذا؟ وتوعَّده، فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره، فقال: يا محمد بأيّ شيء تهددني؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديا، فأنـزل الله: ( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) قال ابن عباس: لو دعا ناديه، أخذته زبانية العذاب من ساعته.

حدثني إسحاق بن شاهين، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن داود، عن عكرِمة، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فجاءه أبو جهل، فنهاه أن يصلي، فأنـزل الله: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى ... إلى قوله: ( كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ) فقال: لقد علم أني أكثر هذا الوادي نَادِيا، فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم، فتكلم بشيء، قال داود: ولم أحفظه، فأنـزل الله: ( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) فقال ابن عباس: فوالله لو فعل لأخذته الملائكة من مكانه.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن أبيه، قال: ثنا نعيم بن أبي هند، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل نعم، قال: فقال: واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك، لأطأنّ على رقبته، لأعفرنّ وجهه في التراب، قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته، قال: فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عَقبيه، ويتقي بيديه؛ قال: فقيل له: مالك؟ قال: فقال: إن بيني وبينه خَنْدقا من نار، وهَوْلا وأجنحة؛ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَوْ دَنا مِنِّي لاخْتَطَفَتْهُ المَلائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا " قال: وأنـزل الله، لا أدري في حديث أبي هريرة أم لا كَلا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى يعني أبا جهل ( أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ *نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ) يدعو قومه ( سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) الملائكة ( كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ).

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن الوليد بن العَيْزار، عن ابن عباس، قال: قال أبو جهل: لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه، فأنـزل الله: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ حتى بلغ هذه الآية: ( لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) ، فجاء النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فقيل له: ما يمنعك؟ قال: " قد اسودّ ما بيني وبينه من الكتائب "... قال ابن عباس: والله لو تحرّك لأخذته الملائكة والناس ينظرون إليه.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا زكريا بن عديّ، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عكرِمة، عن ابن عباس، قال: قال أبو جهل: لئن رأيت &; 24-527 &; رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند الكعبة، لآتينه حتى أطأ على عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَوْ فَعَلَ لأخَذَتْهُ المَلائِكَةُ عِيانا ".

وبالذي قلنا في معنى النادي قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن مسعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: ( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ) يقول: فليدع ناصره.

التدبر :

وقفة
[17] ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾ قال ابن عاشور: «وهذه الآية معجزة خاصة من معجزات القرآن، فإنه تحدى أبا جهل بهذا، وقد سمع أبو جهل القرآن، وسمعه أنصاره، فلم يقدم أحد منهم على السطو على الرسول ﷺ مع أن الكلام يُلهب حميته».
وقفة
[17] 23سنة هي الفاصلة بين هذه الآية التي نزلت في مثل هذا اليوم: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، وبين نزول: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [1]، ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾ الآيات، فأين الشقي أبو جهل -ومن كان معه في نادي قريش-؟! ليروا جموع الحجيج على صعيد عرفات وقد جاؤوا من كل فج عميق.
وقفة
[17، 18] ﴿فليدعُ ناديه * سندعُ الزبانية﴾ أرأيتم إلي هذا التحدي الصريح لأبي جهل ومن سار سيرته من عتاة المشركين؟ إنه تحد قائم لكل الطغاة في كل زمان ومكان؛ لن تغني عنكم جنودكم وقوتكم فتيلًا.

الإعراب :

  • ﴿ فَلْيَدْعُ نادِيَهُ:
  • الفاء استئنافية او واقعة في جواب شرط مقدر اي ان شاء ابو جهل ذلك فليدع واللام لام الامر. يدع: فعل مضارع مجزوم باللام وعلامة جزمه حذف آخره- الواو- وبقيت الضمة دالة عليه والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ناديه: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة اي أهل ناديه مثل- واسأل القرية- فحذف المضاف المنصوب واقيم النادي مقامه.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ﴾ . إلى آخِرِ السُّورَةِ. نَزَلَتْ في أبِي جَهْلٍ. أخْبَرَنا أبُو مَنصُورٍ البَغْدادِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الخُوزِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا إبْراهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيانَ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو سَعِيدٍ الأشَجُّ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو خالِدٍ، عَنْ داوُدَ بْنِ أبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي، فَجاءَ أبُو جَهْلٍ فَقالَ: ألَمْ أنْهَكَ عَنْ هَذا ؟ فانْصَرَفَ إلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ فَزَبَرَهُ، فَقالَ أبُو جَهْلٍ: واللَّهِ إنَّكَ لَتَعْلَمُ ما بِها نادٍ أكْثَرُ مِنِّي. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ﴾ .قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: واللَّهِ لَوْ دَعا نادِيَهُ لَأخَذَتْهُ زَبانِيَةُ اللَّهِ تَبارَكَ وتَعالى. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا هَدَّدَ أبو جَهْل النَّبِيَّ ﷺ بِكَثْرَةِ أنْصارِهِ وهم أهْلُ نادِيهِ؛ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِأنَّ أمْرَهُ بِدَعْوَةِ نادِيهِ، قال تعالى:
﴿ فَلْيَدْعُ نَادِيَه

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :العلق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ

التفسير :

[18] سندعو ملائكة العذاب

{ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} أي:خزنة جهنم، لأخذه وعقوبته، فلينظر أي:الفريقين أقوى وأقدر؟ فهذه حالة الناهي وما توعد به من العقوبة.

ولفظ الزبانية في كلام العرب: يطلق على رجال الشرطة الذين يزبنون الناس، أى:

يدفعونهم إلى ما يريدون دفعهم إليه بقوة وشدة وغلظة، جمع زبنيّة، وأصل اشتقاقه من الزّبن، وهو الدفع الشديد، ومنه قولهم: حرب زبون، إذا اشتد الدفع والقتال فيها، وناقة زبون إذا كانت تركل من يحلبها.

والمقصود بهاتين الآيتين، التهكم بهذا الإنسان المغرور، والاستخفاف به وبكل من يستنجد به، ووعيده بأنه إن استمر في غروره ونهيه عن الصلاة فسيسلط الله- تعالى- عليه ملائكة غلاظا شدادا. لا قبل له ولا لقومه بهم.

( سندع الزبانية ) وهم ملائكة العذاب ، حتى يعلم من يغلب : أحزبنا أو حزبه .

قال البخاري : حدثنا يحيى ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه . فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " لئن فعله لأخذته الملائكة " . ثم قال : تابعه عمرو بن خالد ، عن عبيد الله - يعني ابن عمرو - ، عن عبد الكريم .

وكذا رواه الترمذي والنسائي في تفسيرهما من طريق عبد الرزاق به ، وهكذا رواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن زكريا بن عدي ، عن عبيد الله بن عمرو به .

وروى أحمد والترمذي وابن جرير - وهذا لفظه - من طريق داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام ، فمر به أبو جهل بن هشام ، فقال : يا محمد ألم أنهك عن هذا ؟ - وتوعده - فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره ، فقال : يا محمد بأي شيء تهددني ؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديا ! فأنزل الله : ( فليدع ناديه سندع الزبانية ) قال ابن عباس : لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته وقال الترمذي : حسن صحيح .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا إسماعيل بن زيد أبو يزيد ، حدثنا فرات ، عن عبد الكريم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال أبو جهل : لئن رأيت رسول الله يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه . قال : فقال : " لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا " .

وقال ابن جرير أيضا : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق ، عن الوليد بن العيزار ، عن ابن عباس ، قال : قال أبو جهل : لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه . فأنزل الله عز وجل : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق [ خلق الإنسان من علق ] ) حتى بلغ هذه الآية : ( لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه سندع الزبانية ) فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فصلى فقيل : ما يمنعك ؟ قال : قد اسود ما بيني وبينه من الكتائب . قال ابن عباس : والله لو تحرك لأخذته الملائكة والناس ينظرون إليه .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، حدثنا نعيم بن أبي هند ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ قالوا : نعم . قال : فقال : واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه في التراب ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته ، قال : فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه ، قال : فقيل له : ما لك ؟ فقال : إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة . قال : فقال رسول الله : " لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا " . قال : وأنزل الله - لا أدري في حديث أبي هريرة أم لا - : ( كلا إن الإنسان ليطغى ) إلى آخر السورة .

وقد رواه أحمد بن حنبل ومسلم والنسائي وابن أبي حاتم ، من حديث معتمر بن سليمان به .

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) قال: الملائكة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل: الزبانية أرجلهم في الأرض، ورءوسهم في السماء.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر عن قتادة، في قوله: ( سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ فَعَلَ أبُو جَهْلٍ لأخَذَتْهُ الزَّبانِيَةُ المَلائِكَةُ عِيانًا ".

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) قال: الملائكة.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: الزبانية، قال: الملائكة.

التدبر :

وقفة
[18] تصور الضعيف أبو جهل أنه ممكن ينتصر وهكذا أهل الباطل يظنون فجاء التهديد الشديد له من الله ﴿سندع الزبانية﴾ كم فيها من العزة والجبروت!
وقفة
[18] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي لأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ»، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْ فَعَلَ لأَخَذَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عِيَانًا» [الترمذي 3348، وصححه الألباني].

الإعراب :

  • ﴿ سَنَدْعُ:
  • السين حرف استقبال- تسويف- للتأكيد. ندع: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الواو المحذوفة- الساقطة- خطا وقيل سقطت الواو لانها ساكنة واستقبلتها اللام الساكنة فبنوا الخط عليه وبقيت الضمة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.
  • ﴿ الزَّبانِيَةَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة اي ملائكة العذاب ليتولوا تعذيبه.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ﴾ . إلى آخِرِ السُّورَةِ. نَزَلَتْ في أبِي جَهْلٍ. أخْبَرَنا أبُو مَنصُورٍ البَغْدادِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الخُوزِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا إبْراهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيانَ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو سَعِيدٍ الأشَجُّ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو خالِدٍ، عَنْ داوُدَ بْنِ أبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي، فَجاءَ أبُو جَهْلٍ فَقالَ: ألَمْ أنْهَكَ عَنْ هَذا ؟ فانْصَرَفَ إلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ فَزَبَرَهُ، فَقالَ أبُو جَهْلٍ: واللَّهِ إنَّكَ لَتَعْلَمُ ما بِها نادٍ أكْثَرُ مِنِّي. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ﴾ . قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: واللَّهِ لَوْ دَعا نادِيَهُ لَأخَذَتْهُ زَبانِيَةُ اللَّهِ تَبارَكَ وتَعالى. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: فَلَوْ دَعا نادِيَهُ يَكُونُ ماذا؟؛ قال تعالى:
﴿ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

سندع:
وقرئ:
سيدعى، بالياء، مبنيا للمفعول، و «الزبانية» رفع، وهى قراءة ابن أبى عبلة.

مدارسة الآية : [19] :العلق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ

التفسير :

[19] ليس الأمر على ما يظن أبو جهل، إنه لن ينالك -أيها الرسول- بسوء، فلا تطعه فيما دعاك إليه مِن تَرْك الصلاة، واسجد لربك، واقترب منه بالتحبب إليه بطاعته.

وأما حالة المنهي، فأمره الله أن لا يصغى إلى هذا الناهي ولا ينقاد لنهيه فقال:{ كَلَّا لَا تُطِعْهُ} [أي:] فإنه لا يأمر إلا بما فيه خسارة الدارين،{ وَاسْجُدْ} لربك{ وَاقْتَرَبَ} منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات والقربات، فإنها كلها تدني من رضاه وتقرب منه.

وهذا عام لكل ناه عن الخير ومنهي عنه، وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، وعبث بهوآذاه. تمت ولله الحمد.

وقوله- تعالى-: كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ردع آخر لهذا الكافر عن الغرور والبطر والطغيان، وإبطال لدعواه أنه سيدع أهل ناديه، وتأكيد لعجزه عن منع الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة.

أى: كلا ليس الأمر كما قال هذا المغرور من أن أهله وعشيرته سينصرونه، وسيقفون إلى جانبه في منعك أيها الرسول الكريم- من الصلاة، فإنهم وغيرهم أعجز من أن يفعلوا ذلك، وعليك- أيها الرسول الكريم- أن تمضى في طريقك وأن تواظب على أداء الصلاة في المكان الذي تختاره، ولا تطع هذا الشقي، فإنه جاهل مغرور، واسجد لربك وتقرب إليه- تعالى- بالعبادة والطاعة، وداوم على ذلك.

فالمقصود بهذه الآية الكريمة، حض النبي صلى الله عليه وسلم على المداومة على الصلاة في الكعبة، وعدم المبالاة بنهي الناهين عن ذلك، فإنهم أحقر من أن يفعلوا شيئا ...

نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا جميعا من عباده الصالحين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقوله : ( كلا لا تطعه ) يعني : يا محمد لا تطعه فيما ينهاك عنه من المداومة على العبادة وكثرتها ، وصل حيث شئت ولا تباله ; فإن الله حافظك وناصرك ، وهو يعصمك من الناس ( واسجد واقترب ) كما ثبت في الصحيح - عند مسلم - من طريق عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن عمارة بن غزية ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء " .

وتقدم أيضا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسجد في : ( إذا السماء انشقت ) و ( اقرأ باسم ربك الذي خلق )

آخر تفسير سورة " اقرأ " .

وقوله: ( كُلا ) يقول تعالى ذكره: ليس الأمر كما يقول أبو جهل، إذ ينهي محمدًا عن عبادة ربه، والصلاة له ( لا تُطِعْهُ ) يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تُطع أبا جهل فيما أمرك به من ترك الصلاة لربك ( وَاسْجُدْ ) لِرَبّكَ( وَاقْتَرِبْ ) منه، بالتحبب إليه بطاعته، فإن أبا جهل لن يقدر على ضرّك، ونحن نمنعك منه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) ذكر لنا أنها نـزلت في أبي جهل، قال: لئن رأيت محمدًا يصلي لأطأنّ عنقه، فأنـزل الله: ( كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) قال نبي الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه الذي قال أبو جهل، قال: " لو فعل لاختطفته الزبانية ".

آخر تفسير سورة اقرأ باسم ربك، والحمد لله وحده.

التدبر :

وقفة
[19] ﴿كلا لا تطعه﴾ عدم طاعة الكفار أصل كبير من أصول الدين، ومن خالف هذا النهي وأطاع الكفار؛ فهو على خطر عظيم.
عمل
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ لا تستمع لهم، لا تبال بإغرائهم؛ اسجد لربك وأطعه حتى تقترب من رحمته وجنته.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ ركعة الوتر تُسقط هـمومًا تراكمت، وتُريح قلوبًا بالألم والحزن تضجرت، فيها قربة من الله واستجابة للدعوات.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ لا تستطيع أن تشتري السعادة بكل ما تملك، ولكن تنالها بالتقرُّب والسجود بين يدَي ربك.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ وجوه في التراب وقلوب في السحاب.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ أقرب السبل للقرب السجود.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ عَن رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الأَسْلَميِّ قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: «سَلْ»، فَقُلْتُ: «أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ»، قَالَ: «أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ»، قُلْتُ: «هُوَ ذَاكَ»، قَالَ: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» [مسلم 489].
عمل
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ اقترِب؛ وما ندمَ من اقترَب.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ تنزل إلى الأرض لتقترب من السماء.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ لست بحاجة للسفر لتقترب إليه، وﻻ يشترط أن يكون صوتك عذبًا، فقط اسجد تكن بين يديه، ثم اسأله ما تشاء.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ السجود موطن المعجزات.
تفاعل
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ اسجد الآن.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ الصلاة زاد المسلم في مواجهة الطغيان.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ كلما ازداد المؤمن سجودًا لله ازداد قربًا من الله.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ؛ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» [مسلم 482].
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ حين تكون سيرتك الذاتية خالية من الشهادات، المناصب، اللقاء بالعظماء؛ تذكر أن سجدة واحدة تسجدها خير من ذلك كله.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ سجدة تتضرَّع فيها للعزيز الحميد، قد تصـبح غـدًا وأنت تملك ما تريـد.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ مما يستفاد من هذه الآية أن ما يُدفع به أذى الأعداء وبطش الظالمين: عبادة الله وخاصة الصلاة وكثرة السجود.
وقفة
[19] ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ ومن أجمل ما قيل: وَإِذَا سَئِمْتَ مِنَ (الوُجُودِ) لِبُرْهَةٍ ... فَـاجْـعَـلْ مِنَ الْــوَاوِ الْكَئِـيبَةِ سِيـنَـا وَإِذَا تَــعِبْتَ مِنَ (الصُّـــعُودِ) لِقِــمَّةٍ .... فَـاجْـعَـلْ مِنَ الْعَيـنِ الْبَئِيسَةِ مِــيـمَا
وقفة
[19] ﴿كلا لا تطعه واسجد واقترب﴾ مما تُدفع به أذية أعداء الدين وكيدهم هو عبادة الله، وعلى الأخص الصلاة.
عمل
[19] القرب من الله لا يحتاج إلى واسطة وشفاعة، فقط اعبده ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾.
وقفة
[19] يسأل كثيرًا كيف اقترب من الله؟ والجواب في كلمتين: ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾.
وقفة
[19] أيسَر وأقرب طريق إلى الله: السجود ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ فقط.
وقفة
[19] التصق بالأرض ساجدًا تعلُ في درجات السماء ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾، فكلما خررت لله ساجدًا كلما اقتربت منه سبحانه، إنَّه القريب المجيب.
عمل
[19] اطوِ مسافات الكون وقرونه الضوئية وتقرب إلى الله بانحناءةٍ لا تتجاوز قطرُها ذراعًا ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ فقط.
وقفة
[19] سجدة بين يدي ربك فيها زوال همك وسعادة قلبك ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾.
وقفة
[19] السجود قرب من الله جلَّ وعلا ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾.
عمل
[19] تقرب إلى الله بسجود عبادة من: شكر أو تلاوة أو صلاة، عند موجبها وسببها، ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب﴾.
وقفة
[19] ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ يجد الفؤاد به انشراحه.
عمل
[19] ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ اسجد لربك واقترب يجد الفؤاد به انشراحه.
وقفة
[19] ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ السنين الضوئية تقطعها في موكب سجدة.
عمل
[19] ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ اسجد وأخبره عن ضيق صدرك، أخبره عن وجع قلبك، أخبره عن دمع عينك؛ الرحيم يسمعك.
وقفة
[19] ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ في معركتك أيها المسلم مع الأعداء, إياك أن تلين لك قناة فتطيعهم, وما عليك إلا أن تزداد لربك طاعة ومنة قربًا, فهو حسبك ونعم الوكيل.
وقفة
[19] ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ تدنو من الأرض فتقترب من السماء ورب السماء، هكذا حال السجود.
وقفة
[19] ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ إذا ظلمك أحد فاسجد واقترب؛ فسوف تنصر، إذا صدك أحد عن دينك؛ فاسجد واقترب، فسوف تثبت، إذا أحزنك أحد فاسجد واقترب؛ فسوف تفرح.
وقفة
[19] كل قصور الملوك مكتوب على أبوابها: ممنوع الإقتراب والتصوير، إلا ملك الملوك فإنه يقول لعباده: ﴿واسجد واقترب﴾.
وقفة
[19] سورة العلق أولها: ﴿اقرأ﴾ [1]، وآخرها: ﴿واسجد واقترب﴾؛ العلم النافع ثمرته العمل.
عمل
[19] ﴿وَاسجُدْ وَاقتَرب﴾ اسجد تـكُـن بين يديه، ثم اسألهُ ما تشاء، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة.
وقفة
[17-19] السجود لله أمان من الكرب والكيد والخوف ﴿فليدع ناديه * سندع الزبانية * كلا لا تطعه واسجد واقترب﴾.

الإعراب :

  • ﴿ كَلَّا لا تُطِعْهُ:
  • بمعنى «حقا» او حرف ردع وزجر لا عمل له وهو ردع لأبي جهل. لا: ناهية جازمة. تطعه: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الياء لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به اي اثبت على ما انت عليه من عصيان ابي جهل والمخاطب هنا الرسول الكريم محمد (صلّى الله عليه وسلم).
  • ﴿ وَاسْجُدْ:
  • الواو عاطفة. اسجد: فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ وَاقْتَرِبْ:
  • معطوفة بالواو على «اسجد» وتعرب إعرابها أي ودم على سجودك أي على صلاتك وتقرب الى ربك.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     وبعد الرَدِّ على أبي جهل؛ أمَرَ اللهُ رسوله صلى الله عليه وسلم ألا يُصغِيِ إلى هذا النَّاهي، ولا ينقادَ لنَهْيِه، قال تعالى:
﴿ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [1] :القدر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

التفسير :

[1] إنا أنزلنا القرآن في ليلة الشرف والفضل، وهي إحدى ليالي شهر رمضان.

يقول تعالى مبينًا لفضل القرآن وعلو قدره:{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} كما قال تعالى:{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} وذلك أن الله [تعالى] ، ابتدأ بإنزالهفي رمضان [في] ليلة القدر، ورحم الله بها العباد رحمة عامة، لا يقدر العباد لها شكرًا.

وسميت ليلة القدر، لعظم قدرها وفضلها عند الله، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق والمقادير القدرية.

تفسير سورة القدر

مقدمة وتمهيد

1- سورة «القدر» من السور المكية عند أكثر المفسرين، وكان نزولها بعد سورة «عبس» ، وقبل سورة «الشمس» ، فهي السورة الخامسة والعشرون في ترتيب النزول، ويرى بعض المفسرين أنها من السور المدنية، وأنها أول سورة نزلت بالمدينة.

قال الآلوسى: قال أبو حيان: مدنية في قول الأكثر. وحكى الماوردي عكسه. وذكر الواحدي أنها أول سورة نزلت بالمدينة. وقال الجلال في الإتقان: فيها قولان، والأكثر أنها مكية ...وعدد آياتها خمس آيات، ومنهم من عدها ست آيات. والأول أصح وأرجح.

2- والسورة الكريمة من أهم مقاصدها: التنويه بشأن القرآن، والإعلاء من قدره، والرد على من زعم أنه أساطير الأولين، وبيان فضل الليلة التي نزل فيها، وتحريض المسلمين على إحيائها بالعبادة والطاعة لله رب العالمين.

والضمير المنصوب في قوله- تعالى- أَنْزَلْناهُ يعود إلى القرآن الكريم، وفي الإتيان بهذا الضمير للقرآن، مع أنه لم يجر له ذكر، تنويه بشأنه، وإيذان بشهرة أمره. حتى إنه ليستغنى عن التصريح به، لحضوره في أذهان المسلمين.

والمراد بإنزاله: ابتداء نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه من المعروف أن القرآن الكريم، قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم منجما، في مدة ثلاث وعشرين سنة تقريبا.

ويصح أن يكون المراد بأنزلناه، أى: أنزلناه جملة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، ثم نزل بعد ذلك منجما على النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الإمام ابن كثير: قال ابن عباس وغيره: أنزل الله- تعالى- القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع، في ثلاث وعشرين سنة، على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والقدر الذي أضيفت إليه الليلة، بمعنى الشرف والعظمة، مأخوذ من قولهم: لفلان قدر عند فلان، أى: له منزلة رفيعة، وشرف عظيم، فسميت هذه الليلة بذلك، لعظم قدرها وشرفها، إذ هي الليلة التي نزل فيها قرآن ذو قدر، بواسطة ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر، لأجل إكرام أمة ذات قدر، هذه الأمة يزداد قدرها وثوابها عند الله- تعالى- إذا ما أحيوا تلك الليلة بالعبادات والطاعات.

تفسير سورة القدر وهي مكية .

ر الله تعالى أنه أنزل القرآن ليلة القدر ، وهي الليلة المباركة التي قال الله عز وجل : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) [ الدخان : 3 ] وهي ليلة القدر ، وهي من شهر رمضان ، كما قال تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) [ البقرة : 185 ] .

قال ابن عباس وغيره : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)

.

يقول تعالى ذكره: إنا أنـزلنا هذا القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القَدْر، وهي ليلة الحُكْم التي يقضي الله فيها قضاء السنة؛ وهو مصدر من قولهم: قَدَرَ الله عليّ هذا الأمر، فهو يَقْدُر قَدْرا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن المثنى، قال: ثني عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرِمة، عن ابن عباس، قال: نـزل القرآن كله مرة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السماء الدنيا، فكان الله إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئًا أنـزله منه حتى جمعه.

حدثنا ابن المثنى قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أنـزل الله القرآن إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، وكان الله إذا أراد أن يوحي منه شيئا أوحاه، فهو قوله: ( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) .

قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن داود، عن عكرِمة، عن ابن عباس، فذكر نحوه ، وزاد فيه. وكان بين أوّله وآخره عشرون سنة.

قال ثنا عمرو بن عاصم الكلابي، قال: ثنا المعتمر بن سليمان التيميّ، قال: ثنا عمران أبو العوّام، قال: ثنا داود بن أبي هند، عن الشعبيّ، أنه قال في قول الله: ( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) قال: نـزل أول القرآن في ليلة القدر.

حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن حكيم بن جبير، عن ابن عباس، قال: نـزل القرآن في ليلة من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فُرِّق في السنين، وتلا ابن عباس هذه الآية: فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ قال: نـزل متفرّقا.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن داود، عن الشعبيّ، في قوله: ( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) قال: بلغنا أن القرآن نـزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم، عن سعيد بن جُبير: أنـزل القرآن جملة واحدة، ثم أنـزل ربنا في ليلة القدر: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ .

قال: ثنا جرير، عن منصور، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، في قوله ( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) قال: أنـزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر، إلى السماء الدنيا، فكان بموقع النجوم، فكان الله ينـزله على رسوله، بعضه في أثر بعض، ثم قرأ: وقالوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( ليلة القدر) : ليلة الحكم.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) قال: ليلة الحكم.

ثنا وكيع. عن سفيان، عن محمد بن سوقة، عن سعيد بن جُبير: يؤذن للحجاج في ليلة القدر، فيكتبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، فلا يغادر منهم أحد، ولا يُزاد فيهم، ولا ينقص منهم.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: ثنا ربيعة بن كلثوم، قال: قال رجل للحسن وأنا أسمع: رأيت ليلة القدر في كلّ رمضان هي؟ قال: نعم، والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي كلّ رمضان، وإنها لليلة القدر، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فيها يقضي الله كلّ أجل وعمل ورزق، إلى مثلها.

حدثنا أبو كُرَيب. قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر. قال: ليلة القدر في كلّ رمضان.

التدبر :

وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ سميت ليلة القدر لعظم قدرها وفضلها، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من المقادير.
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ كيف لا تكون عظيمة القدر؟ وقد أنزل فيها كتاب ذو قدر، بواسطة ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر، وأمة ذات قدر.
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ شهر رمضان خيرته من الشهور، وليلة القدر خيرته من الليالي، ومكة خيرته من الأرض، ومحمد ﷺ خيرته من خلقه.
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ كون إنزال القرآن هنا في الليل دون النهار مشعرًا بفضل اختصاص الليل، وقد أشار القرآن والسنة إلى نظائره؛ فمن القرآن: قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ [الإسراء: 1]، وقوله: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾ [الإسراء: 79]، وقوله: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ [ق: 40]، وقوله: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: 6]، وقوله: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: 17]، ومن السنة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» [البخاري 1145]، وهذا يدل على أن الليل أخص بالنفحات الإلهية، وبتجليات الرب سبحانه لعباده؛ وذلك لخلو القلب وانقطاع الشواغل وسكون الليل، ورهبته أقوى على استحضار القلب وصفائه.
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ كم طارت نفوس الصالحين شوقًا لقيام هذه الليلة التي عظَّم الله قدرها! أليست هي التي نزل فيهال أشرف كلام؟ وجعلها الله خيرًا من ألف شهر؟ وفيها تتنزل ملائكة الله؟ تالله إنَّ المتاجر فيها مع الله لهو الرابح، أليس من يحرم فضلها محروم؟
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ عظم القرآن من ثلاثة أوجه: 1- أن أسند إنزاله إليه وجعله مختصًّا به دون غيره. 2- أنه جاء بضميره دون اسمه الظاهر، شهادة له بالنباهة، والاستغناء عن التنبيه عليه. 3- الرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه.
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ لماذا سميت ليلة القدر بهذا الاسم؟ قيل: من القدر: التضييق، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ﴾ [الفجر: 16]، قال الخليل بن أحمد: «لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة».
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ قال ابن عباس: «يُكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر حتى الحج، يقال: يحج فلان ويحج فلان».
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ ليلة القدر قد يجعلها الله سببًا في تغيير قدرك، فكيف لا تبذل فيها غاية جهدك؟!
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ ليلة نزل فيها القرآن جعلها خيرًا من ثلاثين ألف ليلة، فكيف بقلبك الذي آمن بالقرآن ولسانك الذي يتلوه؟!
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ ما كان الله لينسب إنزال القرآن إليه إلا لبيان عظمة ما اشتمل عليه من الحق والهدي, وما بلغه من تمام الشرف والرفعة, وقد أفلح من استمسك به.
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ كيف والقرآن ينزل في مواقف؟ الجواب: في ذلك أقوال أشهرها: ١- أنه نزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة في ليلة القدر، ثم نزل من السماء الدنيا إلى الأرض منجمًا بحسب الوقائع والحوادث وبذلك يزول الإشكال. ٢- أن ابتداء نزوله كان في ليلة القدر.
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ إنها الليلة المباركة، وأفضل ليالي الدهر، وخير ساعات العمر.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّا:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «ان». والجملة الفعلية «أنزلنا» في محل رفع خبر «إنّ».
  • ﴿ أَنْزَلْناهُ:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل يعود على القرآن مبني على الضم في محل نصب مفعول به وجاء بالضمير دون ذكر اسم القرآن الظاهر وان لم يتقدم له ذكر لانه معلوم او لان المعنى مفهوم ولان القرآن الكريم نزل جملة واحدة في ليلة القدر الى السماء الدنيا.
  • ﴿ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ:
  • جار ومجرور متعلق بأنزلناه. القدر: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • أخْبَرَنا أبُو بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَيّانَ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو يَحْيى الرّازِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا سَهْلٌ العَسْكَرِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ أبِي زائِدَةَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا مِن بَنِي إسْرائِيلَ لَبِسَ السِّلاحَ في سَبِيلِ اللَّهِ ألْفَ شَهْرٍ، فَتَعَجَّبَ المُسْلِمُونَ مِن ذَلِكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنّا أنزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ (١) وما أدْراكَ ما لَيْلَةُ القَدْرِ (٢) لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ ألْفِ شَهْرٍ﴾ . قالَ: ”خَيْرٌ مِنَ الَّتِي لَبِسَ فِيها السِّلاحَ ذَلِكَ الرَّجُلُ“ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السورةُ بالإخبار عن بدء نزولِ القرآنِ الكريمِ في ليلةِ القَدْرِ، قال تعالى:
﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [2] :القدر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ

التفسير :

[2] وما أدراك -أيها النبي- ما ليلة القدر والشرف؟

ثم فخم شأنها، وعظم مقدارها فقال:{ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} أي:فإن شأنها جليل، وخطرها عظيم.

ويصح أن يكون المراد بالقدر هنا: التقدير، لأن الله- تعالى- يقدر فيها ما يشاء تقديره لعباده، إلا أن القول الأول أظهر، لأن قوله- سبحانه- بعد ذلك: وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ يفيد التعظيم والتفخيم.

أى: إنا ابتدأنا بقدرتنا وحكمتنا، إنزال هذا القرآن العظيم، على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر، التي لها ما لها عندنا من قدر وشرف وعظم.. لأن للطاعات فيها قدرا كبيرا، وثوابا جزيلا.

وليلة القدر هذه هي الليلة التي قال الله- تعالى- في شأنها في سورة الدخان: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ. فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ. أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ. رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

وهذه الليلة هي من ليالي شهر رمضان، بدليل قوله- تعالى-: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ.

قال بعض العلماء: ومن تسديد ترتيب المصحف، أن سورة القدر وضعت عقب سورة العلق، مع أنها أقل عدد آيات من سورة البينة وسور بعدها، وكأن ذلك إيماء إلى أن الضمير في أَنْزَلْناهُ يعود إلى القرآن، الذي ابتدئ نزوله بسورة العلق. .

وقال صاحب الكشاف: عظم- سبحانه- القرآن من ثلاثة أوجه: أحدها: أن أسند إنزاله اليه، وجعله مختصا به دون غيره. والثاني: أنه جاء بضميره دون اسمه الظاهر، شهادة له بالنباهة والاستغناء عن التنبيه عليه، والثالث: الرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه.

روى أنه أنزل جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، وأملاه جبريل على السفرة ثم كان ينزل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوما في ثلاث وعشرين سنة.

وعن الشعبي: المعنى: أنا ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر ... .

وقوله- تعالى-: وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ تنويه آخر بشرف هذه الليلة، وتفخيم لشأنها، حتى لكأن عظمتها أكبر من أن تحيط بها الكلمات والألفاظ.

أى: وما الذي يدريك بمقدار عظمتها وعلو قدرها، إن الذي يعلم مقدار شرفها هو الله - تعالى- علام الغيوب.

قال تعالى معظما لشأن ليلة القدر الذي اختصها بإنزال القرآن العظيم فيها فقال وما أدراك ما ليلة القدر.

وقوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) يقول: وما أشعرك يا محمد أيّ شيء ليلة القدر خير من ألف شهر.

اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: العمل في ليلة القدر بما يرضي الله، خير منَ العمل في غيرها ألف شهر.

* ذكر من قال ذلك:

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[2] قال يحيى بن سلام: «بلغني أن كل شيء في القرآن ﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾ فقد أدراه إياه وعلمه، وكل شيء قال: (وَمَا يُدْرِيكَ) فهو مما لم يعلمه».
وقفة
[2] ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ إذا كانت ساعات الليل -في هذه الليالي- نحوًا من (10 ساعات)، فإن هذا يعني أن الساعة الواحدة تعادل أكثر من (8 سنوات)، وأن الثانية الواحدة فقط تعادل نحوًا من (50 يومًا)، فيا لطول حسرة المفرطين! ويا أسفى على المتخلفين عن ركب المشمرين!
وقفة
[2] ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ أوثق الناس برحمة ربه محمد عليه السلام، ومع هذا لا يحيط بشأن ليلة القدر لأن رحمة الله أوسع.
وقفة
[2] ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [البخاري 1901].
وقفة
[2] كل آية فيها: وما أدراك؟ فقد أدراه فعلًا, قال تعالي: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾, وكل آية قال فيها: وما يدريك؛ فلم يدره ولم يخبره, قال تعالي: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ [الشورى: 17].

الإعراب :

  • ﴿ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ
  • تعرب اعراب الآية الكريمة الثالثة من سورة «الحاقة» اي ولم تبلغ درايتك غاية فضلها ومنتهى علو قدرها.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • أخْبَرَنا أبُو بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَيّانَ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو يَحْيى الرّازِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا سَهْلٌ العَسْكَرِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ أبِي زائِدَةَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا مِن بَنِي إسْرائِيلَ لَبِسَ السِّلاحَ في سَبِيلِ اللَّهِ ألْفَ شَهْرٍ، فَتَعَجَّبَ المُسْلِمُونَ مِن ذَلِكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنّا أنزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ (١) وما أدْراكَ ما لَيْلَةُ القَدْرِ (٢) لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ ألْفِ شَهْرٍ﴾ . قالَ: ”خَيْرٌ مِنَ الَّتِي لَبِسَ فِيها السِّلاحَ ذَلِكَ الرَّجُلُ“ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     ولَمَّا عُلِمَ مِنَ السِّياقِ تعظيمُ لَيلةِ القَدْرِ بعَظَمةِ ما أُنزِلَ فيها، وبالتَّعبيرِ عنها بهذا؛ قال تعالى مؤكِّدًا لذلك التَّعظيمِ؛ حَثًّا على الاجتهادِ في إحيائِها؛ لأنَّ للإنسانِ مِنَ الكَسَلِ والتَّداعي إلى البَطالةِ ما يُزَهِّدُه في ذلك:
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [3] :القدر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ ..

التفسير :

[3] ليلة القدر ليلة مباركة، العمل الصالح فيها خير مِن عَمَل ألف شهر ليس فيها ليلة قدر. وهو تفضُّلٌ من الله تعالى على هذه الأمَّة.

{ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي:تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر [خالية منها]، وهذا مما تتحير فيهالألباب، وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلًا، نيفًا وثمانين سنة.

ثم- بين- سبحانه- مظاهر فضلها فقال: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أى:

ليلة القدر أفضل من ألف شهر، بسبب ما أنزل فيها من قرآن كريم يهدى للتي هي أقوم.

ويخرج الناس من الظلمات إلى النور، وبسبب أن العبادة فيها أكثر ثوابا، وأعظم فضلا من العبادة في أشهر كثيرة ليس فيها ليلة القدر.

والعمل القليل قد يفضل العمل الكثير، باعتبار الزمان والمكان، وإخلاص النية، وحسن الأداء، ولله- تعالى- أن يخص بعض الأزمنة والأمكنة والأشخاص بفضائل متميزة.

والتحديد بألف شهر يمكن أن يكون مقصودا. ويمكن أن يراد منه التكثير. وأن المراد أن أقل عدد تفضله هذه الليلة هو هذا العدد. فيكون المعنى: أن هذه الليلة تفضل الدهر كله.

( وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر )

قال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الآية : حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثنا القاسم بن الفضل الحداني ، عن يوسف بن سعد قال : قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال : سودت وجوه المؤمنين - أو : يا مسود وجوه المؤمنين - فقال : لا تؤنبني ، رحمك الله ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم أري بني أمية على منبره ، فساءه ذلك ، فنزلت : ( إنا أعطيناك الكوثر ) يا محمد يعني نهرا في الجنة ، ونزلت : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ) يملكها بعدك بنو أمية يا محمد . قال القاسم : فعددنا فإذا هي ألف شهر ، لا تزيد يوما ولا تنقص يوما .

ثم قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث القاسم بن الفضل ، وهو ثقة وثقه يحيى القطان وابن مهدي . قال : وشيخه يوسف بن سعد - ويقال : يوسف بن مازن - رجل مجهول ، ولا نعرف هذا الحديث ، على هذا اللفظ إلا من هذا الوجه .

وقد روى هذا الحديث الحاكم في مستدركه ، من طريق القاسم بن الفضل ، عن يوسف بن مازن به . وقول الترمذي : إن يوسف هذا مجهول - فيه نظر ; فإنه قد روى عنه جماعة ، منهم : حماد بن سلمة وخالد الحذاء ويونس بن عبيد . وقال فيه يحيى بن معين : هو مشهور ، وفي رواية عن ابن معين [ قال ] هو ثقة . ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل ، عن عيسى بن مازن ، كذا قال ، وهذا يقتضي اضطرابا في هذا الحديث ، والله أعلم . ثم هذا الحديث على كل تقدير منكر جدا ، قال شيخنا الإمام الحافظ الحجة أبو الحجاج المزي : هو حديث منكر .

قلت : وقول القاسم بن الفضل الحداني إنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص ، ليس بصحيح ; فإن معاوية بن أبي سفيان ، رضي الله عنه ، استقل بالملك حين سلم إليه الحسن بن علي الإمرة سنة أربعين ، واجتمعت البيعة لمعاوية وسمي ذلك عام الجماعة ، ثم استمروا فيها متتابعين بالشام وغيرها ، لم تخرج عنهم إلا مدة دولة عبد الله بن الزبير في الحرمين والأهواز وبعض البلاد قريبا من تسع سنين ، لكن لم تزل يدهم عن الإمرة بالكلية ، بل عن بعض البلاد ، إلى أن استلبهم بنو العباس الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، فيكون مجموع مدتهم اثنتين وتسعين سنة ، وذلك أزيد من ألف شهر ، فإن الألف شهر عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر ، وكأن القاسم بن الفضل أسقط من مدتهم أيام ابن الزبير ، وعلى هذا فتقارب ما قاله للصحة في الحساب ، والله أعلم .

ومما يدل على ضعف هذا الحديث أنه سيق لذم دولة بني أمية ، ولو أريد ذلك لم يكن بهذا السياق ; فإن تفضيل ليلة القدر على أيامهم لا يدل على ذم أيامهم ، فإن ليلة القدر شريفة جدا ، والسورة الكريمة إنما جاءت لمدح ليلة القدر ، فكيف تمدح بتفضيلها على أيام بني أمية التي هي مذمومة ، بمقتضى هذا الحديث ، وهل هذا إلا كما قال القائل :

ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا

وقال آخر :

إذا أنت فضلت امرأ ذا براعة على ناقص كان المديح من النقص

ثم الذي يفهم من ولاية الألف شهر المذكورة في الآية هي أيام بني أمية ، والسورة مكية ، فكيف يحال على ألف شهر هي دولة بني أمية ، ولا يدل عليها لفظ الآية ولا معناها ؟! والمنبر إنما صنع بالمدينة بعد مدة من الهجرة ، فهذا كله مما يدل على ضعف هذا الحديث ونكارته ، والله أعلم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا مسلم - يعني ابن خالد - ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر ، قال : فعجب المسلمون من ذلك ، قال : فأنزل الله عز وجل : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ) التي لبس ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف شهر .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام بن سلم ، عن المثنى بن الصباح عن مجاهد قال : كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح ، ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي ، ففعل ذلك ألف شهر ، فأنزل الله هذه الآية : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل .

وقال ابن أبي حاتم : أخبرنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، حدثني مسلمة بن علي‌ ، عن علي بن عروة قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أربعة من بني إسرائيل ، عبدوا الله ثمانين عاما ، لم يعصوه طرفة عين : فذكر أيوب وزكريا وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون - قال : فعجب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، فأتاه جبريل فقال : يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة ، لم يعصوه طرفة عين ; فقد أنزل الله خيرا من ذلك . فقرأ عليه : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ) هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك . قال : فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه .

وقال سفيان الثوري : بلغني عن مجاهد : ليلة القدر خير من ألف شهر . قال : عملها ، صيامها وقيامها خير من ألف شهر . رواه ابن جرير .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا ابن أبي زائدة ، عن ابن جريج عن مجاهد : ليلة القدر خير من ألف شهر ، ليس في تلك الشهور ليلة القدر . وهكذا قال قتادة بن دعامة والشافعي وغير واحد .

وقال عمرو بن قيس الملائي : عمل فيها خير من عمل ألف شهر .

وهذا القول بأنها أفضل من عبادة ألف شهر - وليس فيها ليلة القدر - هو اختيار ابن جرير . وهو الصواب لا ما عداه ، وهو كقوله صلى الله عليه وسلم : " رباط ليلة في سبيل الله خير من ألف ليلة فيما سواه من المنازل " . رواه أحمد وكما جاء في قاصد الجمعة بهيئة حسنة ، ونية صالحة : " أنه يكتب له عمل سنة ، أجر صيامها وقيامها " إلى غير ذلك من المعاني المشابهة لذلك .

وقال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي هريرة قال : لما حضر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد جاءكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، افترض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه الشياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم " .

ورواه النسائي من حديث أيوب به .

ولما كانت ليلة القدر تعدل عبادتها عبادة ألف شهر ، ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قال: بلغني عن مجاهد ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) قال: عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر.

قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو بن قيس الملائي، قوله: ( خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) قال: عملٌ فيها خير من عمل ألف شهر.

وقال آخرون: معنى ذلك أن ليلة القدر خير من ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) ليس فيها ليلة القدر.

وقال آخرون في ذلك ما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حَكَّام بن سلم، عن المُثَنَّى بن الصَّبَّاح، عن مجاهد قال: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدوّ بالنهار حتى يُمْسِيَ، ففعل ذلك ألف شهر، فأنـزل الله هذه الآية: ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل.

وقال آخرون في ذلك ما حدثني أبو الخطاب الجاروديّ سهيل، قال: ثنا سَلْم بن قُتيبة، قال: ثنا القاسم بن الفضل، عن عيسى بن مازن، قال: قلت للحسن بن عليّ رضى الله عنه: يا مسوّد وجوه المؤمنين، عمدت إلى هذا الرجل، فبايعت له، يعني معاوية بن أبي سفيان، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري في منامه بني أميَّة يعلون منبره حليفة خليفة، فشقّ ذلك عليه، فأنـزل الله: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ و (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) يعني ملك &; 24-534 &; بني أمية؛ قال القاسم: فحسبنا مُلْكَ بني أمية، فإذا هو ألف شهر.

وأشبه الأقوال في ذلك بظاهر التنـزيل قول من قال: عملٌ في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر. وأما الأقوال الأخر، فدعاوى معان باطلة، لا دلالة عليها من خبر ولا عقل، ولا هي موجودة في التنـزيل.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ لو قُدر لعابد أن يعبد ربه أكثر من 83 سنة ليس فيه ليلة القدر، وقام موفق هذه الليلة وقُبلت منه لكان عمل هذا الموفق خير من ذاك العابد.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ ليلة واحدة فاقت في الخيرية ألف شهر شهر كاملًا, فالعبرة ليست بطول الأعمار, ولكن بالبركة وحسن الأعمال.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ هل تدري كم تساوي ألف شهر في مقياس الساعات؟ إنها تعادل 720,000 ساعة، أي أكثر من 43,200,000 دقيقة، أي أن دقيقة من دقائق ليلة القدر في ليالينا هذه = 70,244 دقيقة في غيرها! فيا حسرة على المفرطين!
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ ليلة خير من ألف شهر, فهي فضلية ربانية, وإدراكها لا يكون إلا بتوفيق رباني واختيار, والمحروم من حرمه الله.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ ولا يفرط في هذا الفضل إلا محروم.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ ليلة خير من ألف ليلة، لا تقس الأعمال بحسابك، إنما العبرة بميزان الأعمال عند الله.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ من أجل الأعمال: حمد الله على هذه الليلة، فالحمد لله أن شرع لنا ليلة القدر، ما أصعب حالنا بدونها!
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ من وفق لقيام هذه الليلة فقد وفق لقيام أكثر من ثلاث وثمانين سنة كلها قيام لا قعود فيها ولا نوم ولا غير ذلك.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ أي أن ثواب قيامها أفضل من ثواب العبادة لمدة ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريبًا، فضل الله ما أوسعه!
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ ما زال هناك متسعٌ من الليل؛ لتطلب ربك وتشكو ضعفك وتستغفر ذنبك وتسأله من خيري الدنيا والآخر.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ ليست العبرة بطول الأعمار، إنما بحسن الأعمال، ورُب لحظة واحدة هي في جوهرها خير من الحياة.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ أي: تتنزل الملائكة بكل أمر قضاه الله من رزق وغيره، ادخل أمنياتك معهم.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ دلت هذه الآية على فضل ليلة القدر، وفقه هذه الآية: أن يبذل العبد لتحصيل فضل الليلة ما لا يبذله لألف شهر، ولكن من رحمة الله أن تحصل فضيلة عبادة ثمانين سنة بل أكثر، ببضع عشرة ساعة بل أقل.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ فضل ليلة القدر على سائر ليالي العام.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ وحدة قياس ليلة القدر بالثواني لا بالساعات، فاللحظة الليلة أغلى من أي ثمن.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ عبادة ساعة واحدة في ليلة القدر خير من عبادة ما يقارب من مائة شهر، وهذا حدّ أدنى، لكن لا سقف لكرم الله، ولا منتهى لفضله؛ ولذا قال: ﴿خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ قال الحافظ ابن حجر عقب حكايته الأقوال في ليلة القدر: «وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأواخر، وأنها تنتقل».
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ العمل في ليلة القدر يعادل ۸۳ سنة وأربعة أشهر؛ هذا خطأ، والصواب: هو (خير) منه، فلها حد أدنى من الثواب، ولا سقف لحدّها الأقصى.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ قال الإمام الشافعي عن ليلة القدر: «استحبَّ أن يكون اجتهاده في يومها اجتهاده في ليلتها».
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ يقول عبد الحميد بن باديس: « ليلة القدر تراد للدين لا للدنيا، وكثير من العوام يتمنى لو يعلم ليلة القدر ليطلب بها دنياه، فليتب إلى الله من وقع له هذا الخاطر السيئ، فإن الله يقول في كتابه العريز: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ﴾ [الشورة: 20]، ولسنا ننكر على من يطلب الدنيا بأسبابها التي جعلها الله تعالى، وإنما ننكر على من يكون همه الدنيا دون الآخرة؛ حتى أنه يترصد ليلة القدر ليطلب فيها الدنيا غافلًا عن الآخرة».
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ عَن أَبي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ» [النسائي 4/129، وصححه الألباني]، فالحرمان علامة خذلان، واغتنامها توفيق وعلامة رضا الرحمن.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ لم يقل الله: (ليلة القدر تساوي ألف شهر)،‏ بل قال: (خير) وخير الله لا سقف له.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ قد تتخطى الملايين ممن سبقوك إلى الله بجهد يسير منك الليلة.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ يقول ابن القيم: «لو كانت ليلة القدر بالسنة ليلة واحدة؛ لقمت السنة حتى أدركها، فما بالك بعشر ليال!».
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ من قرب من القرآن رفع الله قدره؛ فقد رفع قدر تلك الليلة التي أنزل فيها حتى أصبحت خير من ألف شهر.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ وإنـمـا أمـر بســؤال العفــو فـي ليلــة القـــدر: «اللهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»، بعد الإجتهاد في الأعمــال فيها وفي ليالـي العشر؛ لأن العارفين يجتهدون في الأعمال، ثم لا يرون لأنفسهم عملًا صالحًا ولا حالًا ولا مقالًا فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المـذنب المقصــر، كما قـــال الله تعـالــى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ [المؤمنون: 60].
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ ‏فرصة لا يوفق لاستثمارها إلا سعيد، ‏ولا يُحــرم الخير فيهـا إلا شقـي بعيد،‏ من عرف حقيقتها سارع وبادر وبذل المزيد، ومن أهملها نام وتكاسل ونَدِم الندم الشديد.
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ يقــول ابن الجوزي: «والله مـا يغلــو فـى طلبـهـا عــشــر، لا والله ولا شهر، لا والله ولا دهر» فعلق السعدي على كلامه قائلًا: «وصدق رحمه الله، فلو أنفق الإنســان عمره فى طلبها؛ لما قدرها حق قدرها».
وقفة
[3] ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ عَدَل عن الضمير إلى الظاهر في لفظ القدر، تعظيمًا لليلته.
وقفة
[3] سباق الزمن مع ليلة القدر: لو عُرضت على أحدنا المساهمة في صفقة ربحها المضمون عشرة أضعاف، لركض إليها ركضًا! فكيف يفرط أحدنا بصفقة الربح فيها مضاعف ألف مرة؟! ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ إن هذا لهو الغبن العظيم.
وقفة
[3] من مواضع الشكر في ليلة القدر: تأمَّل هذا اللطف في قوله: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، فتَصَوَّر عبدًا من عباد الله يوفق لقيامها إيمانًا واحتسابًا خمسين سنة –مثلًا- فكأنما قام أكثر من 4166 سنة! ألا يستوجب هذا شكر الله على هذه النعمة؟
وقفة
[3] عدد دقائق الليلة الواحدة من هذه الليالي لا يتجاوز (550 دقيقة)، فإذا نسبتها إلى (1000 شهر): ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، وجدت أن الدقيقة في ليلة القدر= أكثر من (78000 دقيقة) في غيرها! فيا حسرتاه على المفرطين!
وقفة
[3] من أراد أن ينظر إلى محروم يمشي على الأرض فلينظر إلى من يلهو في ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾.
وقفة
[3] قال ابن الجوزي: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ والله ما يغلو في طلبها عشر، لا والله ولا شهر، لا والله ولا دهر!»، علق العلامة السعدي على كلامه قائلًا: «وصدق رحمه الله، فلو أنفق الإنسان عمره في طلبها لما قدرها حق قدرها».
وقفة
[3] مغبون، مغبون، مغبون، من لم يبع ساعات ويشترى ثلاثة وثمانين عامًا ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾.
وقفة
[3] يشيع حساب ليلة القدر بثلاثة وثمانين عامًا والله قال: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، ولم يقل مثل ألف شهر، والخيرية فى ميزان الله مضاعفة لا تحصر.
وقفة
[3] ما أعظمها من ليلة! مع أنها لا تقع إلا مرة واحدة في العام، ومع ذلك ينزل ﷲ لبيان قدرها سورة كاملة ﴿خير من ألف شهر﴾.
وقفة
[1-3] ذكرت الليلة ثلاثًا: ﴿أنزلناه في ليلة القدر﴾ سبب فضلها، ﴿وما أدراك ما ليلة القدر﴾ عظمها، ﴿ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ جزائها.

الإعراب :

  • ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة. القدر: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. خير: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة اي أفضل اي ليلة تقدير الامور وقضائها افضل.
  • ﴿ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ:
  • جار ومجرور متعلق بخير. شهر: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • أخْبَرَنا أبُو بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَيّانَ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو يَحْيى الرّازِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا سَهْلٌ العَسْكَرِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ أبِي زائِدَةَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا مِن بَنِي إسْرائِيلَ لَبِسَ السِّلاحَ في سَبِيلِ اللَّهِ ألْفَ شَهْرٍ، فَتَعَجَّبَ المُسْلِمُونَ مِن ذَلِكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنّا أنزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ (١) وما أدْراكَ ما لَيْلَةُ القَدْرِ (٢) لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ ألْفِ شَهْرٍ﴾ . قالَ: ”خَيْرٌ مِنَ الَّتِي لَبِسَ فِيها السِّلاحَ ذَلِكَ الرَّجُلُ“ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     وبعد تعظيم لَيلةِ القَدْرِ؛ بَيَّنَ هنا فضلَها: ١- العملُ الصالحُ فيها خيرٌ مِن عَمَل ألف شهر ليس فيها ليلة قدر، قال تعالى:
﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [4] :القدر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ ..

التفسير :

[4] يكثر نزول الملائكة وجبريل عليه السلام فيها، بإذن ربهم مِن كل أمر قضاه في تلك السنة.

{ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} أي:يكثر نزولهم فيها{ مِنْ كُلِّ أَمْر}

ثم ذكر- سبحانه- بعد ذلك مزية أخرى لهذه الليلة المباركة فقال: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ.

أى: ومن مزايا وفضائل هذه الليلة أيضا، أن الملائكة- وعلى رأسهم الروح الأمين جبريل- ينزلون فيها أفواجا إلى الأرض، بأمره- تعالى- وإذنه، وهم جميعا إنما ينزلون من أجل أمر من الأمور التي يريد إبلاغها إلى عباده، وأصل «تنزل» تتنزل، فحذفت إحدى التاءين تخفيفا، ونزول الملائكة إلى الأرض، من أجل نشر البركات التي تحفهم، فنزولهم في تلك الليلة يدل على شرفها، وعلى رحمة الله- تعالى- بعباده.

والروح: هو جبريل، وذكره بخصوصه بعد ذكر الملائكة، من باب ذكر الخاص بعد العام، لمزيد الفضل، واختصاصه بأمور لا يشاركه فيها غيره.

وقوله- سبحانه- بِإِذْنِ رَبِّهِمْ متعلق بقوله: تَنَزَّلُ، والباء للسببية، أى:

يتنزلون بسبب إذن ربهم لهم في النزول.

قال الجمل ما ملخصه. وقوله: مِنْ كُلِّ أَمْرٍ يجوز في «من» وجهان: أحدهما أنها بمعنى اللام، وتتعلق بتنزل، أى: تنزل من أجل كل أمر قضى إلى العام القابل. والثاني: أنها بمعنى الباء، أى: تنزل بكل أمر قضاه الله- تعالى- فيها من موت وحياة ورزق.

وليس المراد أن تقدير الله لا يحدث إلا في تلك الليلة بل المراد إظهار تلك المقادير لملائكته.

وقوله : ( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ) أي : يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ويحيطون بحلق الذكر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيما له .

وأما الروح فقيل : المراد به هاهنا جبريل عليه السلام ، فيكون من باب عطف الخاص على العام . وقيل : هم ضرب من الملائكة . كما تقدم في سورة " النبأ " . والله أعلم .

وقوله : ( من كل أمر ) قال مجاهد : سلام هي من كل أمر .

وقال سعيد بن منصور : حدثنا عيسى بن يونس ، حدثنا الأعمش عن مجاهد في قوله : ( سلام هي ) قال : هي سالمة ، لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى .

وقال قتادة وغيره : تقضى فيها الأمور ، وتقدر الآجال والأرزاق ، كما قال تعالى : ( فيها يفرق كل أمر حكيم )

وقوله: ( تَنـزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ )

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: تنـزل الملائكة وجبريل معهم، وهو الروح في ليلة القدر ( بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) يعني بإذن ربهم، من كلّ أمر قضاه الله في تلك السنة، من رزق وأجل وغير ذلك.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) قال: يقضى فيها ما يكون في السنة إلى مثلها.

فعلى هذا القول منتهى الخبر، وموضع الوقف من كلّ أمر.

وقال آخرون: ( تَنـزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ) لا يلقون مؤمنا ولا مؤمنة إلا سلَّموا عليه.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن يحيى بن زياد الفرّاء، قال: ثني أبو بكر بن عياش، عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أنه كان يقرأ: " من كل امرئ سلام " وهذه القراءة من قرأ بها وجَّه معنى من كلّ امرئ: من كلّ ملَك؛ كان معناه عنده: تنـزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلّ ملك يسلم على المؤمنين والمؤمنات؛ ولا أرى القراءة بها جائزة، لإجماع الحجة من القرّاء على خلافها، وأنها خلاف لما في مصاحف المسلمين، وذلك أنه ليس في مصحف من مصاحف المسلمين في قوله " أمر " ياء، وإذا قُرِئت: ( مِنْ كُلّ امْرِئ ) لحقتها همزة، تصير في الخطّ ياء.

والصواب من القول في ذلك: القول الأوّل الذي ذكرناه قبل، على ما تأوّله قتادة.

التدبر :

وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ﴾ كناية عن الكثرة فى العدد.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ أي: جبريل، أهلًا بمن معه عبق محمد عليه السلام.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ نزول الملائكة في الأرض عنوان على الرحمة والخير والبركة، ولهذا إذا امتنعت الملائكة من دخول شيء؛ كان ذلك دليلًا على أن هذا المكان الذي امتنعت الملائكة من دخوله قد يخلو من الخير والبركة كالمكان الذي فيه صور محرمة.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ قيل: تهبط من كل سماء ومن سدرة المنتهى، فتنزل إلى الأرض ويؤمنون على دعاء المؤمنين إلى طلوع الفجر.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ تنزّل: بالتشديد دلالة على كثرة واستمرار نزولها بالأوامر والأقدار.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ يا له من ترغيب في الطاعة، فإن الإنسان ينشط بالطاعات عند حضور الأكابر من العلماء والزهاد, فما بالك بالملأ العلوي وعلي رأسهم أمين الوحي عليه السلام؟!
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ تتنزل الملائكة إلى الأرض شيئًا فشيئًا حتى تملاء الأرض، ونزول الملائكة في الأرض عنوان على الرحمة والخير والبركة.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرّوحُ فيها بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ﴾ كله بأمر الله.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ ويل لشياطين السحر حينها.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ مهما دعوت فما بقي بيد الملائكة من الأوامر أكثر، فأكثر فالله أكثر.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ الروح: جبريل، أهلًا بجبريل إذ معه عبق محمد عليه السلام، صاحب الإمام وتعاهد الأتباع.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ عادة الملوك إذا أذنوا أكرموا، والله أجل وأعلى وأكرم.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ يا مؤمن لا تؤذ سمع الملائكة الليلة، فلم يعتد سمعها إلا سلامًا وتسبيحًا.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ صلى الله وسلم على جبريل، لا يزال يتعاهدنا بعد محمد عليه السلام.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة.
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ قال الرازي: «إن الإنسان يأتي بالطاعات والخيرات عند حضور الأكابر من العلماء والزهاد أحسن مما يكون في الخلوة، فالله تعالى أنزل الملائكة المقرَّبين، حتى أن المكلف يعلم أنه إنما يأتي بالطاعات في حضور أولئك العلماء العباد الزهاد، فيكون أتم، وعن النقصان أبعد».
وقفة
[4] ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ أي: يكثر نزول الملائكة في ليلة القدر.
وقفة
[4] ﴿وَالرّوحُ﴾ هو جبريل عليه السلام، ينزل فى ليلة القدر مع الملائكة.
وقفة
[4] قوله تعالى: ﴿مِنْ كلِّ أَمْرٍ﴾ متعلِّقٌ بـ ﴿تَنَزَّلُ﴾ و ﴿مِنْ﴾ بمعنى الباء، كما في قوله تعالى: ﴿يَحْفَظُونَهُ منْ أمرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: 11].

الإعراب :

  • ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر ثان لليلة القدر او في محل نصب حال منها. تنزل: فعل مضارع مرفوع بالضمة واصله «تتنزل» حذفت احدى التاءين تخفيفا. الملائكة: فاعل مرفوع بالضمة اي تنزل الملائكة الى السماء الدنيا وقيل الى الارض.
  • ﴿ وَالرُّوحُ فِيها:
  • معطوف بالواو على «الملائكه» مرفوع مثلها بالضمة اي جبريل. وقيل خلق من الملائكة لا تراهم الملائكة الا عند تلك الليلة. فيها: جار ومجرور متعلق بتنزل.
  • ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الملائكة اي حافين حول الخلق مأمورين او مسيرين باذن ربهم. رب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ:
  • جار ومجرور متعلق بتنزل. أمر: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة اي من اجل كل امر. وقيل: من بمعنى «الباء» اي بكل امر قضاه الله.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     ٢- كثرة نزول الملائكة وجبريل عليه السلام فيها، قال تعالى:
﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [5] :القدر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ

التفسير :

[5] هي أمن كلها، لا شرَّ فيها إلى مطلع الفجر.

[ سَلَامٌ هِيَ} أي:سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها،{ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} أي:مبتداها من غروب الشمس ومنتهاها طلوع الفجر.

وقد تواترت الأحاديث في فضلها، وأنها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه، خصوصًا في أوتاره، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة.

ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف، ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان، رجاء ليلة القدر [والله أعلم].

وقوله- تعالى-: سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ بيان لمزية ثالثة من مزايا هذه الليلة، وقوله سَلامٌ مصدر بمعنى السلامة، وهو خبر مقدم، وهِيَ مبتدأ مؤخر، وإنما قدم الخبر تعجيلا للمسرّة، وقد أخبر عن هذه الليلة بالمصدر على سبيل المبالغة، أو على سبيل تأويل المصدر باسم الفاعل، أو على تقدير مضاف ... والمراد بمطلع الفجر: طلوعه وبزوغه.

أى: هذه الليلة يظلها ويشملها السلام المستمر، والأمان الدائم، لكل مؤمن يحييها في طاعة الله- تعالى- إلى أن يطلع الفجر، أو هي ذات سلامة حتى مطلع الفجر، أو هي سالمة من كل أذى وسوء لكل مؤمن ومؤمنة حتى طلوع الفجر.

هذا وقد أفاض العلماء في الحديث عن فضائل ليلة القدر، وعن وقتها. وعن خصائصها ...

وقد لخص الإمام القرطبي ذلك تلخيصا حسنا فقال: وهنا ثلاث مسائل:

الأولى: في تعيين ليلة القدر ... والذي عليه المعظم أنها ليلة سبع وعشرين ... والجمهور على أنها في كل عام من رمضان ... وقيل: أخفاها- سبحانه- في جميع شهر رمضان، ليجتهدوا في العمل والعبادة طمعا في إدراكها.

الثانية: في علاماتها: ومنها أن تطلع الشمس في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها.

الثالثة: في فضائلها ... وحسبك قوله- تعالى- لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وقوله: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها وفي الصحيحين «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ... » .

نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا من المنتفعين بهذه الليلة المباركة.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقوله : ( سلام هي حتى مطلع الفجر ) قال سعيد بن منصور : حدثنا هشيم ، عن أبي إسحاق عن الشعبي في قوله تعالى : ( من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ) قال : تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد ، حتى يطلع الفجر .

وروى ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ : " من كل امرئ سلام هي حتى مطلع الفجر " .

وروى البيهقي في كتابه " فضائل الأوقات " عن علي أثرا غريبا في نزول الملائكة ، ومرورهم على المصلين ليلة القدر ، وحصول البركة للمصلين .

وروى ابن أبي حاتم ، عن كعب الأحبار أثرا غريبا عجيبا مطولا جدا ، في تنزل الملائكة من سدرة المنتهى صحبة جبريل عليه السلام إلى الأرض ، ودعائهم للمؤمنين والمؤمنات .

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا عمران - يعني القطان - ، عن قتادة ، عن أبي ميمونة ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر : " إنها ليلة سابعة - أو : تاسعة - وعشرين ، وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى " .

وقال الأعمش ، عن المنهال عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله : ( من كل أمر سلام ) قال : لا يحدث فيها أمر .

وقال قتادة وابن زيد في قوله : ( سلام هي ) يعني هي خير كلها ، ليس فيها شر إلى مطلع الفجر . ويؤيد هذا المعنى ما رواه الإمام أحمد :

حدثنا حيوة بن شريح ، حدثنا بقية ، حدثني بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن عبادة بن الصامت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليلة القدر في العشر البواقي ، من قامهن ابتغاء حسبتهن ، فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وهي ليلة وتر : تسع أو سبع ، أو خامسة ، أو ثالثة ، أو آخر ليلة " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة ، كأن فيها قمرا ساطعا ، ساكنة سجية ، لا برد فيها ولا حر ، ولا يحل لكوكب يرمى به فيها حتى تصبح . وأن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية ، ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ، ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ " .

وهذا إسناد حسن ، وفي المتن غرابة ، وفي بعض ألفاظه نكارة .

وقال أبو داود الطيالسي ، حدثنا زمعة ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر : " ليلة سمحة طلقة ، لا حارة ولا باردة ، وتصبح شمس صبيحتها ضعيفة حمراء " .

وروى ابن أبي عاصم النبيل بإسناده عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إني رأيت ليلة القدر فأنسيتها ، وهي في العشر الأواخر ، من لياليها ليلة طلقة بلجة ، لا حارة ولا باردة ، كأن فيها قمرا ، لا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها " .

فصل

اختلف العلماء : هل كانت ليلة القدر في الأمم السالفة ، أو هي من خصائص هذه الأمة ؟ على قولين :

قال أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري : حدثنا مالك : أنه بلغه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله - أو : ما شاء الله من ذلك - فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العمر ، فأعطاه الله ليلة القدر خيرا من ألف شهر وقد أسند من وجه آخر . وهذا الذي قاله مالك يقتضي تخصيص هذه الأمة بليلة القدر ، وقد نقله صاحب " العدة " أحد أئمة الشافعية عن جمهور العلماء ، فالله أعلم . وحكى الخطابي عليه الإجماع [ ونقله الرافعي جازما به عن المذهب ] والذي دل عليه الحديث أنها كانت في الأمم الماضين كما هي في أمتنا .

قال أحمد بن حنبل : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عكرمة بن عمار : حدثني أبو زميل سماك الحنفي : حدثني مالك بن مرثد بن عبد الله ، حدثني مرثد قال : سألت أبا ذر قلت : كيف سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر ؟ قال : أنا كنت أسأل الناس عنها ، قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن ليلة القدر ، أفي رمضان هي أو في غيره ؟ قال : " بل هي في رمضان " . قلت : تكون مع الأنبياء ما كانوا ، فإذا قبضوا رفعت ؟ أم هي إلى يوم القيامة ؟ قال : " بل هي إلى يوم القيامة " . قلت : في أي رمضان هي ؟ قال : " التمسوها في العشر الأول ، والعشر الأواخر " . ثم حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث ، ثم اهتبلت غفلته قلت : في أي العشرين هي ؟ قال : " ابتغوها في العشر الأواخر ، لا تسألني عن شيء بعدها " . ثم حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم اهتبلت غفلته فقلت : يا رسول الله ، أقسمت عليك بحقي عليك لما أخبرتني في أي العشر هي ؟ فغضب علي غضبا لم يغضب مثله منذ صحبته ، وقال : " التمسوها في السبع الأواخر ، لا تسألني عن شيء بعدها " .

ورواه النسائي ، عن الفلاس ، عن يحيى بن سعيد القطان به .

ففيه دلالة على ما ذكرناه ، وفيه أنها تكون باقية إلى يوم القيامة في كل سنة [ بعد النبي صلى الله عليه وسلم ] لا كما زعمه بعض طوائف الشيعة من رفعها بالكلية ، على ما فهموه من الحديث الذي سنورده بعد من قوله ، عليه السلام : " فرفعت ، وعسى أن يكون خيرا لكم " ; لأن المراد رفع علم وقتها عينا . وفيه دلالة على أنها ليلة القدر يختص وقوعها بشهر رمضان من بين سائر الشهور ، لا كما روي عن ابن مسعود ، ومن تابعه من علماء أهل الكوفة ، من أنها توجد في جميع السنة ، وترجى في جميع الشهور على السواء .

وقد ترجم أبو داود في سننه على هذا فقال : " باب بيان أن ليلة القدر في كل رمضان " : حدثنا حميد بن زنجويه النسائي ، أخبرنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير ، حدثني موسى بن عقبة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عمر قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أسمع عن ليلة القدر ، فقال : " هي في كل رمضان " .

وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن أبا داود قال : رواه شعبة وسفيان ، عن أبي إسحاق فأوقفاه .

وقد حكي عن أبي حنيفة ، رحمه الله ، رواية أنها ترجى في جميع شهر رمضان . وهو وجه [ حكاه ] الغزالي واستغربه الرافعي جدا .

فصل

ثم قد قيل : إنها في أول ليلة من شهر رمضان ، يحكى هذا عن أبي رزين . وقيل : إنها تقع ليلة سبع عشرة . وروى فيه أبو داود حديثا مرفوعا عن ابن مسعود . وروي موقوفا عليه ، وعلى زيد بن أرقم وعثمان بن أبي العاص .

وهو قول عن محمد بن إدريس الشافعي ، ويحكى عن الحسن البصري . ووجهوه بأنها ليلة بدر ، وكانت ليلة جمعة هي السابعة عشر من شهر رمضان ، وفي صبيحتها كانت وقعة بدر ، وهو اليوم الذي قال الله تعالى فيه : ( يوم الفرقان ) [ الأنفال : 41 ] .

وقيل : ليلة تسع عشرة ، يحكى عن علي وابن مسعود أيضا ، رضي الله عنهما . .

وقيل : ليلة إحدى وعشرين ; لحديث أبي سعيد الخدري قال : اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم [ في ] العشر الأول من رمضان واعتكفنا معه ، فأتاه جبريل فقال : إن الذي تطلب أمامك . فاعتكف العشر الأوسط فاعتكفنا معه ، فأتاه جبريل فقال : [ إن ] الذي تطلب أمامك . ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا صبيحة عشرين من رمضان ، فقال : " من كان اعتكف معي فليرجع ، فإني رأيت ليلة القدر ، وإني أنسيتها ، وإنها في العشر الأواخر وفي وتر ، وإني رأيت كأني أسجد في طين وماء " . وكان سقف المسجد جريدا من النخل ، وما نرى في السماء شيئا ، فجاءت قزعة فمطرنا ، فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم تصديق رؤياه . وفي لفظ : " في صبح إحدى وعشرين " أخرجاه في الصحيحين .

قال الشافعي : وهذا الحديث أصح الروايات .

وقيل : ليلة ثلاث وعشرين ; لحديث عبد الله بن أنيس في " صحيح مسلم " وهو قريب السياق من رواية أبي سعيد ، فالله أعلم .

وقيل : ليلة أربع وعشرين ، قال أبو داود الطيالسي : حدثنا حماد بن سلمة ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليلة القدر ليلة أربع وعشرين " إسناده رجاله ثقات .

وقال أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن الصنابحي ، عن بلال قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليلة القدر ليلة أربع وعشرين " .

ابن لهيعة ضعيف . وقد خالفه ما رواه البخاري ، عن أصبغ ، عن ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن أبي عبد الله الصنابحي قال : أخبرني بلال - مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أنها أول السبع من العشر الأواخر ، فهذا الموقوف أصح ، والله أعلم . وهكذا روي عن ابن مسعود وابن عباس وجابر والحسن وقتادة وعبد الله بن وهب : أنها ليلة أربع وعشرين . وقد تقدم في سورة " البقرة " حديث واثلة بن الأسقع مرفوعا : " إن القرآن أنزل ليلة أربع وعشرين " .

وقيل : تكون ليلة خمس وعشرين ; لما رواه البخاري ، عن عبد الله بن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى " . فسره كثيرون بليالي الأوتار ، وهو أظهر وأشهر . وحمله آخرون على الأشفاع كما رواه مسلم ، عن أبي سعيد ، أنه حمله على ذلك . والله أعلم .

وقيل : إنها تكون ليلة سبع وعشرين ; لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي بن كعب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنها ليلة سبع وعشرين " .

قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان : سمعت عبدة وعاصما عن زر : سألت أبي بن كعب قلت : أبا المنذر ، إن أخاك ابن مسعود يقول : من يقم الحول يصب ليلة القدر . قال : يرحمه الله ، لقد علم أنها في شهر رمضان ، وأنها ليلة سبع وعشرين . ثم حلف . قلت : وكيف تعلمون ذلك ؟ قال : بالعلامة - أو : بالآية - التي أخبرنا بها ، تطلع ذلك اليوم لا شعاع لها ، أعني الشمس .

وقد رواه مسلم من طريق سفيان بن عيينة وشعبة والأوزاعي ، عن عبدة ، عن زر عن أبي فذكره ، وفيه : فقال : والله الذي لا إله إلا هو ، إنها لفي رمضان - يحلف ما يستثني - والله إني لأعلم أي ليلة القدر هي التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها ، هي ليلة سبع وعشرين ، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها .

وفي الباب عن معاوية وابن عمر وابن عباس وغيرهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنها ليلة سبع وعشرين . وهو قول طائفة من السلف ، وهو الجادة من مذهب أحمد بن حنبل ، رحمه الله ، وهو رواية عن أبي حنيفة أيضا . وقد حكي عن بعض السلف أنه حاول استخراج كونها ليلة سبع وعشرين من القرآن ، من قوله : ( هي ) لأنها الكلمة السابعة والعشرون من السورة ، والله أعلم .

وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن قتادة وعاصم : أنهما سمعا عكرمة يقول : قال ابن عباس : دعا عمر بن الخطاب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فسألهم عن ليلة القدر ، فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر . قال ابن عباس : فقلت لعمر : إني لأعلم - أو : إني لأظن - أي ليلة القدر هي ؟ فقال عمر : أي ليلة هي ؟ [ فقلت ] سابعة تمضي - أو : سابعة تبقى - من العشر الأواخر . فقال عمر : ومن أين علمت ذلك ؟ قال ابن عباس : فقلت : خلق الله سبع سموات ، وسبع أرضين ، وسبعة أيام ، وإن الشهر يدور على سبع ، وخلق الإنسان من سبع ، ويأكل من سبع ، ويسجد على سبع ، والطواف بالبيت سبع ، ورمي الجمار سبع . . . لأشياء ذكرها . فقال عمر : لقد فطنت لأمر ما فطنا له . وكان قتادة يزيد عن ابن عباس في قوله : ويأكل من سبع ، قال : هو قول الله تعالى : ( فأنبتنا فيها حبا وعنبا [ وقضبا ] ) الآية [ عبس : 27 ، 28 ] .

وهذا إسناد جيد قوي ، ونص غريب جدا ، والله أعلم .

وقيل : إنها تكون في ليلة تسع وعشرين . قال أحمد بن حنبل :

حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا سعيد بن سلمة ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن عمر بن عبد الرحمن ، عن عبادة بن الصامت : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " في رمضان ، فالتمسوها في العشر الأواخر ، فإنها في وتر إحدى وعشرين ، أو ثلاث وعشرين ، أو خمس وعشرين ، أو سبع وعشرين ، [ أو تسع وعشرين ] أو في آخر ليلة " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن داود - وهو : أبو داود الطيالسي - ، حدثنا عمران القطان ، عن قتادة ، عن أبي ميمونة ، عن أبي هريرة . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر : " إنها ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين ، وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى " .

تفرد به أحمد وإسناده لا بأس به .

وقيل : إنها تكون في آخر ليلة ، لما تقدم من هذا الحديث آنفا ، ولما رواه الترمذي والنسائي من حديث عيينة بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي بكرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " في تسع يبقين ، أو سبع يبقين ، أو خمس يبقين ، أو ثلاث ، أو آخر ليلة " . يعني : التمسوا ليلة القدر .

وقال الترمذي : حسن صحيح . وفي المسند من طريق أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر : " إنها آخر ليلة " .

فصل

قال [ الإمام ] الشافعي في هذه الروايات : صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم جوابا للسائل إذ قيل له : ألتمس ليلة القدر في الليلة الفلانية ؟ يقول : " نعم " . وإنما ليلة القدر ليلة معينة : لا تنتقل . نقله الترمذي عنه بمعناه . وروي عن أبي قلابة أنه قال : ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر .

وهذا الذي حكاه عن أبي قلابة نص عليه مالك ، والثوري ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو ثور ، والمزني ، وأبو بكر بن خزيمة ، وغيرهم . وهو محكي عن الشافعي - نقله القاضي عنه ، وهو الأشبه - والله أعلم .

وقد يستأنس لهذا القول بما ثبت في الصحيحين ، عن عبد الله بن عمر : أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر من رمضان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر " .

وفيها أيضا عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان " ولفظه للبخاري .

ويحتج للشافعي أنها لا تنتقل ، وأنها معينة من الشهر ، بما رواه البخاري في صحيحه ، عن عبادة بن الصامت قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر ، فتلاحى رجلان من المسلمين ، فقال : " خرجت لأخبركم بليلة القدر ، فتلاحى فلان وفلان ، فرفعت ، وعسى أن يكون خيرا لكم ، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة " .

وجه الدلالة منه : أنها لو لم تكن معينة مستمرة التعيين ، لما حصل لهم العلم بعينها في كل سنة ، إذا لو كانت تنتقل لما علموا تعينها إلا ذلك العام فقط ، اللهم إلا أن يقال : إنه إنما خرج ليعلمهم بها تلك السنة فقط .

وقوله : " فتلاحى فلان وفلان فرفعت " : فيه استئناس لما يقال : إن المماراة تقطع الفائدة والعلم النافع ، وكما جاء في الحديث : " إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه " .

وقوله : " فرفعت " أي : رفع علم تعينها لكم ، لا أنها رفعت بالكلية من الوجود ، كما يقوله جهلة الشيعة ; لأنه قد قال بعد هذا : " فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة " .

وقوله : " وعسى أن يكون خيرا لكم " يعني : عدم تعيينها لكم ، فإنها إذا كانت مبهمة اجتهد طلابها في ابتغائها في جميع محال رجائها ، فكان أكثر للعبادة ، بخلاف ما إذا علموا عينها فإنها كانت الهمم تتقاصر على قيامها فقط . وإنما اقتضت الحكمة إبهامها لتعم العبادة جميع الشهر في ابتغائها ، ويكون الاجتهاد في العشر الأواخر أكثر . ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان ، حتى توفاه الله عز وجل . ثم اعتكف أزواجه من بعده . أخرجاه من حديث عائشة .

ولهما عن ابن عمر : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان .

وقالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر ، أحيا الليل ، وأيقظ أهله ، وشد المئزر . أخرجاه .

ولمسلم عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيره .

وهذا معنى قولها : " وشد المئزر " . وقيل : المراد بذلك : اعتزال النساء . ويحتمل أن يكون كناية عن الأمرين ، لما رواه الإمام أحمد :

حدثنا سريج ، حدثنا أبو معشر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بقي عشر من رمضان شد مئزره ، واعتزل نساءه . انفرد به أحمد .

وقد حكي عن مالك رحمه الله ، أن جميع ليالي العشر في تطلب ليلة القدر على السواء ، لا يترجح منها ليلة على أخرى : رأيته في شرح الرافعي رحمه الله .

والمستحب الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات ، وفي شهر رمضان أكثر ، وفي العشر الأخير منه ، ثم في أوتاره أكثر . والمستحب أن يكثر من هذا الدعاء : " اللهم ، إنك عفو تحب العفو ، فاعف عني " ; لما رواه الإمام أحمد :

حدثنا يزيد - هو ابن هارون - ، حدثنا الجريري - وهو سعيد بن إياس - ، عن عبد الله بن بريدة ، أن عائشة قالت : يا رسول الله ، إن وافقت ليلة القدر فما أدعو ؟ قال : " قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو ، فاعف عني " .

وقد رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه ، من طريق كهمس بن الحسن ، عن عبد الله بن بريدة ، عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله ، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : " قولي : اللهم ، إنك عفو تحب العفو ، فاعف عني " .

وهذا لفظ الترمذي ، ثم قال : " هذا حديث حسن صحيح " . وأخرجه الحاكم في مستدركه ، وقال : " هذا صحيح على شرط الشيخين " ورواه النسائي أيضا من طريق سفيان الثوري ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن عائشة قالت : يا رسول الله ، أرأيت إن وافقت ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : " قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو ، فاعف عني " .

ذكر أثر غريب ونبأ عجيب ، يتعلق بليلة القدر ، رواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم ، عند تفسير هذه السورة الكريمة فقال :

حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا سيار بن حاتم ، حدثنا موسى بن سعيد - يعني الراسبي - ، عن هلال أبي جبلة ، عن أبي عبد السلام ، عن أبيه ، عن كعب أنه قال : إن سدرة المنتهى على حد السماء السابعة ، مما يلي الجنة ، فهي على حد هواء الدنيا وهواء الآخرة ، علوها في الجنة ، وعروقها وأغصانها من تحت الكرسي ، فيها ملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله عز وجل ، يعبدون الله عز وجل على أغصانها ، في كل موضع شعرة منها ملك . ومقام جبريل عليه السلام ، في وسطها ، فينادي الله جبريل أن ينزل في كل ليلة قدر مع الملائكة الذين يسكنون سدرة المنتهى ، وليس فيهم ملك إلا قد أعطي الرأفة والرحمة للمؤمنين ، فينزلون على جبريل في ليلة القدر ، حين تغرب الشمس ، فلا تبقى بقعة في ليلة القدر إلا وعليها ملك ، إما ساجد وإما قائم ، يدعو للمؤمنين والمؤمنات ، إلا أن تكون كنيسة أو بيعة ، أو بيت نار أو وثن ، أو بعض أماكنكم التي تطرحون فيها الخبث ، أو بيت فيه سكران ، أو بيت فيه مسكر ، أو بيت فيه وثن منصوب ، أو بيت فيه جرس معلق ، أو مبولة ، أو مكان فيه كساحة البيت ، فلا يزالون ليلتهم تلك يدعون للمؤمنين والمؤمنات ، وجبريل لا يدع أحدا من المؤمنين إلا صافحه ، وعلامة ذلك من اقشعر جلده ورق قلبه ودمعت عيناه ، فإن ذلك من مصافحة جبريل .

وذكر كعب أنه من قال في ليلة القدر : " لا إله إلا الله " ، ثلاث مرات ، غفر الله له بواحدة ، ونجا من النار بواحدة ، وأدخله الجنة بواحدة . فقلنا لكعب الأحبار : يا أبا إسحاق ، صادقا ؟ فقال كعب وهل يقول : " لا إله إلا الله " في ليلة القدر إلا كل صادق ؟ والذي نفسي بيده ، إن ليلة القدر لتثقل على الكافر والمنافق ، حتى كأنها على ظهره جبل ، فلا تزال الملائكة هكذا حتى يطلع الفجر . فأول من يصعد جبريل حتى يكون في وجه الأفق الأعلى من الشمس ، فيبسط جناحيه - وله جناحان أخضران ، لا ينشرهما إلا في تلك الساعة - فتصير الشمس لا شعاع لها ، ثم يدعو ملكا فيصعد ، فيجتمع نور الملائكة ونور جناحي جبريل ، فلا تزال الشمس يومها ذلك متحيرة ، فيقيم جبريل ومن معه بين الأرض وبين السماء الدنيا يومهم ذلك ، في دعاء ورحمة واستغفار للمؤمنين والمؤمنات ، ولمن صام رمضان احتسابا ، ودعاء لمن حدث نفسه إن عاش إلى قابل صام رمضان لله . فإذا أمسوا دخلوا السماء الدنيا ، فيجلسون حلقا [ حلقا ] فتجتمع إليهم ملائكة سماء الدنيا ، فيسألونهم عن رجل رجل ، وعن امرأة امرأة فيحدثونهم حتى يقولوا : ماذا فعل فلان ؟ وكيف وجدتموه العام ؟ فيقولون : وجدنا فلانا عام أول في هذه الليلة متعبدا ووجدناه العام مبتدعا ، ووجدنا فلانا مبتدعا ووجدناه العام عابدا قال : فيكفون عن الاستغفار لذلك ، ويقبلون على الاستغفار لهذا ، ويقولون : وجدنا فلانا وفلانا يذكران الله ، ووجدنا فلانا راكعا ، وفلانا ساجدا ، ووجدناه تاليا لكتاب الله . قال : فهم كذلك يومهم وليلتهم ، حتى يصعدون إلى السماء الثانية ، ففي كل سماء يوم وليلة ، حتى ينتهوا مكانهم من سدرة المنتهى ، فتقول لهم سدرة المنتهى : يا سكاني ، حدثوني عن الناس وسموهم لي . فإن لي عليكم حقا ، وإني أحب من أحب الله . فذكر كعب الأحبار أنهم يعدون لها ، ويحكون لها الرجل والمرأة بأسمائهم وأسماء آبائهم . ثم تقبل الجنة على السدرة فتقول : أخبريني بما أخبرك سكانك من الملائكة . فتخبرها ، قال : فتقول الجنة : رحمة الله على فلان ، ورحمة الله على فلانة ، اللهم عجلهم إلي ، فيبلغ جبريل مكانه قبلهم ، فيلهمه الله فيقول : وجدت فلانا ساجدا فاغفر له . فيغفر له ، فيسمع جبريل جميع حملة العرش فيقولون : رحمة الله على فلان ، ورحمة الله على فلانة ، ومغفرته لفلان ، ويقول يا رب ، وجدت عبدك فلانا الذي وجدته عام أول على السنة والعبادة ، ووجدته العام قد أحدث حدثا وتولى عما أمر به . فيقول الله : يا جبريل ، إن تاب فأعتبني قبل أن يموت بثلاث ساعات غفرت له . فيقول جبريل : لك الحمد إلهي ، أنت أرحم من جميع خلقك ، وأنت أرحم بعبادك من عبادك بأنفسهم ، قال : فيرتج العرش وما حوله ، والحجب والسماوات ومن فيهن ، تقول : الحمد لله الرحيم ، الحمد لله الرحيم .

قال : وذكر كعب أنه من صام رمضان وهو يحدث نفسه إذا أفطر بعد رمضان ألا يعصي الله ، دخل الجنة بغير مسألة ولا حساب .

آخر تفسير سورة " ليلة القدر " [ ولله الحمد والمنة ] .

وقوله: ( سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) سلام ليلة القدر من الشرّ كله من أوّلها إلى طلوع الفجر من ليلتها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( سَلامٌ هِيَ ) قال: خير ( حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ ) أي هي خير كلها إلى مطلع الفجر.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد ( سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) قال: من كلّ أمر سلام.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: ( سَلامٌ هِيَ ) قال: ليس فيها شيء، هي خير كلها( حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) .

موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا عبد الحميد الحمانيّ، عن الأعمش، عن المنهال، عن عبد الرحمن بن أبي لَيلى، في قوله: ( مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ ) قال: لا يحدث فيها أمر.

وعُنِي بقوله: ( حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) : إلى مطلع الفجر.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار، سوى يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي ( مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) بفتح اللام، بمعنى: حتى طلوع الفجر؛ تقول العرب: طلعت الشمس طلوعا ومطلعا. وقرأ ذلك يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي: ( حتى مَطْلِعِ الْفَجْرِ ) بكسر اللام، توجيها منهم ذلك إلى الاكتفاء بالاسم من المصدر، وهم ينوون بذلك المصدر.

والصواب من القراءة في ذلك عندنا: فتح اللام لصحة معناه في العربية، وذلك أن المطلع بالفتح هو الطلوع، والمطلع بالكسر: هو الموضع الذي تطلع منه، ولا معنى للموضع الذي تطلع منه في هذا الموضع.

آخر تفسير سورة القدر

التدبر :

وقفة
[5] ﴿سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطلَعِ الفَجرِ﴾ سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها.
وقفة
[5] ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ ليلة القدر خالية من الشر والأذى، وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب فهي سلام كلها.
وقفة
[5] ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ ليلة القدر هي ليلة السلام والأمان, لكثرة السلامة فيها من العقاب والعذاب, كفاء ما يقوم به العباد من طاعات, فلا غضب فيها ولا انتقام.
وقفة
[5] ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ وصفها بأنها سلام تشبيهٌ لها بالجنة فى نعيمها وفضلها، ولذلك ورد أن الملائكة ُتسلَّم فيها على الطائعين، عن الحسن: «إذا كان ليلة القدر لم تزل الملائكة تخفق بأجنحتها بالسلام من الله والرحمة، من لَدُن صلاة المغرب إلى طلوع الفجر».
وقفة
[5] ﴿سَلَامٌ هِيَ﴾ أي سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها ﴿حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ أي: مبتدأها من غروب الشمس، ومنتهاها طلوع الفجر.
وقفة
[5] استدل بعضهم على أن ليلة القد هي (ليلة 27) بأن كلمة ﴿هِيَ﴾ في سورة القدر تعد الكلمة (رقم 27) وهذا خطأ؛ ولو كان لما خفي على نبي الأمة وأصحابه وسلفه، وليس هو بمعهود العرب، ويخالف أدلة أخرى، وقد انتقده بعض العلماء كابن حزم رحمه الله.
وقفة
[5] خصَّ الله تعالى ليلة القدر بالتسمية، وأفردها بسورة كاملة، وذكر فيها خمس فضائل لها، ألا يستحق ذلك منا أن نفردها أيضًا بعبادتنا، فتتفرغ من أشغالنا وأسواقنا ولهو العيد؟ هي ليلة، فاحذر أن تتحسَّر، فقريبًا ﴿مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾.
وقفة
[1-5] ذكرت ليلة القدر في سورة القدر خمس مرات، واشتملت على خمس فضائل: إنزال القرآن، وأنها خير من ألف شهر، وأن الملائكة والروح (جبريل) تتنزل فيها، وفيها يفرق كل أمر، وأنها سلام حتى هي حتى مطلع الفجر، فهل نقدرها حق قدرها، ونعظمها كما عظم الله شأنها؟
وقفة
[1-5] سورة القدر على قصرها، إلا أنها تضمنت تعظيم هذه الليلة من عدة أوجه، منها: 1- نزول القرآن فيها. 2- أنه تكرر فيها اسم الليلة ثلاث مرات، وفخم شأنها بالسؤال عنها: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾. 3- مجيئ ﴿أَمْرٍ﴾، ﴿سَلَامٌ﴾ بصيغة التنكير التي تدل على التعظيم. 4- التنصيص على نزول الروح (وهو جبريل) مع أنه من جملة الملائكة.
وقفة
[1-5] ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾؟ كم من شرف عظيم تميزت به هذه الليلة! شرف المنزل فيها، وشرف الزمان، وشرف العبادة، وشرف المتنزلين، وشرف العطاء بلا حدود، ومسك ذلك: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾، فيا لطول حسرة المفرطين! ويا أسفى على من تخلف عن ركب المشمرين!

الإعراب :

  • ﴿ سَلامٌ هِيَ:
  • خبر مقدم مرفوع بالضمة وتقديمه على المبتدأ جوازا. هي: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ مؤخر اي لا يقدر الله فيها الا السلامة والخير.
  • ﴿ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ:
  • حرف جر وهي حرف غاية معناها هنا «ال» او «مع». مطلع: اسم مجرور بحتى والجار والمجرور متعلق بتنزل او بفعل محذوف يدل عليه «سلام» و «مطلع» بفتح اللام بمعنى الطلوع وهو مصدر. الفجر: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     ٣- هي أمن كلها، لا شرَّ فيها إلى مطلع الفجر، قال تعالى:
﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

مطلع:
1- بفتح اللام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة أبى رجاء، والأعمش، وابن وثاب، وطلحة، وابن محيصن، والكسائي، وأبى عمرو، بخلاف عنه.

مدارسة الآية : [1] :البينة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ ..

التفسير :

[1] لم يكن الذين كفروا من اليهود والنصارى والمشركين تاركين كفرهم حتى تأتيهم العلامة التي وُعِدوا بها في الكتب السابقة.

يقول تعالى:{ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} أي:[من] اليهود والنصارى{ وَالْمُشْرِكِينَ} من سائر أصناف الأمم.

{ مُنْفَكِّينَ} عن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه، أي:لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنينإلا كفرًا.

{ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} الواضحة، والبرهان الساطع.

تفسير سورة البينة

مقدمة وتمهيد

1- سورة «البينة» ، تسمى- أيضا- سورة «لم يكن ... » وسورة «المنفكين» وسورة «القيمة» وسورة «البرية» ، وعدد آياتها ثماني آيات عند الجمهور، وعدها قراء البصرة تسع آيات.

2- وقد اختلف المفسرون في كونها مدنية أو مكية، وقد لخص الإمام الآلوسى هذا الخلاف فقال: قال في البحر: هي مكية ... وقال ابن الزبير وعطاء بن يسار: مدنية ... وجزم ابن كثير بأنها مدنية، واستدل على ذلك بما أخرجه الإمام أحمد. عن أبى خيثمة البدري قال: لما نزلت هذه السورة، قال جبريل: يا رسول الله، إن ربك يأمرك أن تقرئها «أبيّا» .

فقال صلى الله عليه وسلم لأبىّ بن كعب- رضى الله عنه-: «إن جبريل أمرنى أن أقرئك هذه السورة، فقال أبىّ: أو قد ذكرت ثمّ يا رسول الله؟ قال: نعم.» فبكى أبىّ.

وقد رجح الإمام الآلوسى كونها مدنية، فقال: وهذا هو الأصح .

وهذا الذي رجحه الإمام الآلوسى هو الذي نميل إليه، لأن حديثها عن أهل الكتاب، وعن تفرقهم في شأن دينهم، يرجح أنها مدنية، كما أن الإمام السيوطي قد ذكرها ضمن السور المدنية، وجعل نزولها بعد سورة «الطلاق» وقبل سورة «الحشر» .

ومن أهم المقاصد التي اشتملت عليها السورة الكريمة، توبيخ أهل الكتاب والمشركين، على إصرارهم على ضلالهم من بعد أن تبين لهم الحق. والتعجيب من تناقض أحوالهم. وبيان أن كفرهم لم يكن بسبب جهلهم، وإنما بسبب جحودهم وعنادهم وحسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم على ما آتاه الله من فضله، والتسجيل عليهم بأنهم شر البرية، وأن المؤمنين هم خير البرية.

و «من» في قوله- تعالى- مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ للبيان، وقوله- سبحانه-:

مُنْفَكِّينَ: للعلماء في معنى هذا اللفظ أقوال متعددة، منها: أنه اسم فاعل من انفك بمعنى انفصل، يقال: فككت الشيء فانفك إذا افترق ما كان ملتحما منه.

والبينة: الحجة الظاهرة التي يتميز بها الحق من الباطل، وأصلها من البيان بمعنى الظهور والوضوح، لأن بها تتضح الأمور، أو من البينونة بمعنى الانفصال، لأن بها ينفصل الحق عن الباطل بعد التباسهما.

تفسير سورة لم يكن وهي مدنية .

قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد - وهو ابن سلمة - ، أخبرنا علي - هو ابن زيد - ، عن عمار بن أبي عمار قال : سمعت أبا حية البدري - وهو : مالك بن عمرو بن ثابت الأنصاري - قال : لما نزلت : " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب " إلى آخرها ، قال جبريل : يا رسول الله ، إن ربك يأمرك أن تقرئها أبيا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي : " إن جبريل أمرني أن أقرئك هذه السورة " . قال أبي : وقد ذكرت ثم يا رسول الله ؟ قال : " نعم " . قال : فبكى أبي .

حديث آخر : وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب : " إن الله أمرني أن أقرأ عليك : " لم يكن الذين كفروا " قال : وسماني لك ؟ قال : " نعم " . فبكى .

ورواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من حديث شعبة به .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا مؤمل ، حدثنا سفيان ، حدثنا أسلم المنقري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه ، عن أبي بن كعب قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أمرت أن أقرأ عليك سورة كذا وكذا " . قلت : يا رسول الله ، وقد ذكرت هناك ؟ قال : " نعم " . فقلت له : يا أبا المنذر ، ففرحت بذلك . قال : وما يمنعني والله يقول : " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " [ يونس : 58 ] . قال مؤمل : قلت لسفيان : القراءة في الحديث ؟ قال : نعم . تفرد به من هذا الوجه .

طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا محمد بن جعفر وحجاج ، قالا : حدثنا شعبة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي : " إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن " . قال : فقرأ : " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب " قال : فقرأ فيها : ولو أن ابن آدم سأل واديا من مال ، فأعطيه لسأل ثانيا ، ولو سأل ثانيا فأعطيه لسأل ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب . وإن ذلك الدين عند الله الحنيفية ، غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ، ومن يفعل خيرا فلن يكفره .

ورواه الترمذي من حديث أبي داود الطيالسي ، عن شعبة به ، وقال : حسن صحيح .

طريق أخرى : قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن خليد الحلبي ، حدثنا محمد بن عيسى الطباع ، حدثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن أبي بن كعب ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا المنذر ، إني أمرت أن أعرض عليك القرآن " . قال : بالله آمنت ، وعلى يدك أسلمت ، ومنك تعلمت . قال : فرد النبي صلى الله عليه وسلم القول . [ قال ] فقال : يا رسول الله ، أذكرت هناك ؟ قال : " نعم ، باسمك ونسبك في الملأ الأعلى " . قال : فاقرأ إذا يا رسول الله .

هذا غريب من هذا الوجه ، والثابت ما تقدم . وإنما قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة تثبيتا له ، وزيادة لإيمانه ، فإنه - كما رواه أحمد والنسائي من طريق أنس عنه ، ورواه أحمد وأبو داود ، من حديث سليمان بن صرد عنه ، ورواه أحمد ، عن عفان ، عن حماد ، عن حميد ، عن أنس ، عن عبادة بن الصامت عنه ، ورواه أحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي من حديث إسماعيل بن أبي خالد ، عن عبد الله بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عنه كان قد أنكر على إنسان - وهو : عبد الله بن مسعود - قراءة شيء من القرآن على خلاف ما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقرأهما ، وقال ، لكل منهما : " أصبت " . قال أبي : فأخذني من الشك ولا إذ كنت في الجاهلية . فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره ، قال أبي : ففضت عرقا ، وكأنما أنظر إلى الله فرقا . وأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل أتاه فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف . فقلت : " أسأل الله معافاته ومغفرته " . فقال : على حرفين . فلم يزل حتى قال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف . كما قدمنا ذكر هذا الحديث بطرقه وألفاظه في أول التفسير . فلما نزلت هذه السورة الكريمة وفيها : " رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة " قرأها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة إبلاغ وتثبيت وإنذار ، لا قراءة تعلم واستذكار ، والله أعلم .

وهذا كما أن عمر بن الخطاب لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية عن تلك الأسئلة ، وكان فيما قال : أولم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال : " بلى ، أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا ؟ " . قال : لا . قال : " فإنك آتيه ، ومطوف به " . فلما رجعوا من الحديبية ، وأنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم سورة " الفتح " ، دعا عمر بن الخطاب وقرأها عليه ، وفيها قوله : " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين " الآية [ الفتح : 27 ] ، كما تقدم .

وروى الحافظ أبو نعيم في كتابه " أسماء الصحابة " من طريق محمد بن إسماعيل الجعفري المدني : حدثنا عبد الله بن سلمة بن أسلم ، عن ابن شهاب ، عن إسماعيل بن أبي حكيم المدني ، حدثني فضيل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله ليسمع قراءة " لم يكن الذين كفروا " فيقول : أبشر عبدي ، فوعزتي لأمكننه لك في الجنة حتى ترضى " .

حديث غريب جدا . وقد رواه الحافظ أبو موسى المديني وابن الأثير ، من طريق الزهري ، عن إسماعيل بن أبي حكيم ، عن نظير المزني - أو : المدني - عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليسمع قراءة " لم يكن الذين كفروا " ويقول : أبشر عبدي ، فوعزتي لا أنساك على حال من أحوال الدنيا والآخرة ، ولأمكنن لك في الجنة حتى ترضى " .

أما أهل الكتاب فهم : اليهود والنصارى والمشركون ؛ عبدة الأوثان والنيران ، من العرب ومن العجم . وقال مجاهد : لم يكونوا ( منفكين ) يعني : منتهين حتى يتبين لهم الحق . وكذا قال قتادة .

( حتى تأتيهم البينة ) أي : هذا القرآن

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1)

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: لم يكن هؤلاء الكفار من أهل التوراة والإنجيل, والمشركون من عَبدة الأوثان ( مُنْفَكِّينَ ) يقول: منتهين حتى يأتيهم هذا القرآن.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: ( مُنْفَكِّينَ ) قال: لم يكونوا ليَنتهوا حتى يتبين لهم الحق.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( مُنْفَكِّينَ ) قال: منتهين عما هم فيه.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ) أي هذا القرآن.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قول الله: ( وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ ) قال: لم يكونوا منتهين حتى يأتيهم; ذلك المنفكّ.

وقال آخرون: بل معنى ذلك أن أهل الكتاب وهم المشركون, لم يكونوا تاركين صفة محمد في كتابهم, حتى بُعث, فلما بُعث تفرّقوا فيه.

وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال: معنى ذلك: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين مفترقين في أمر محمد, حتى تأتيهم البيِّنة, وهي إرسال الله إياه رسولا إلى خلقه, رسول من الله. وقوله.( مُنْفَكِّينَ ) في هذا الموضع عندي من انفكاك الشيئين أحدهما من الآخر, ولذلك صَلُح بغير خبر، ولو كان بمعنى ما زال, احتاج إلى خبر يكون تماما له, واستؤنف قوله ( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ ) هي نكرة على البيِّنة, وهي معرفة, كما قيل: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ فقال: حتى يأتيهم بيان أمر محمد أنه رسول الله, ببعثة الله إياه إليهم, ثم ترجم عن البيِّنة, فقال: تلك البينة

التدبر :

وقفة
[1] عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾»، قَالَ: «وَسَمَّانِي لَكَ؟»، قَالَ: «نَعَمْ»، فَبَكَى. [مسلم 246].
وقفة
[1] ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ﴾ قَدَّمَ ذكر أهل الكتاب علي ذكر المشركين؛ لأنهم أهل علم ومعرفة, والحجة عليهم أشد والفتنة بكفرهم أعظم.
وقفة
[1] ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ البينة: الرسول والنص والوحي، لا مقدمات أرسطو، ولا استقراء بيكون.
وقفة
[1] ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ دل ذلك على غاية العوج لأهل الكتاب؛ لأنهم كانوا لما عندهم من العلم أولى من المشركين بالاجتماع على الهدى، ودل ذلك على أن وقوع اللدد والعناد من العالِم أكثر.
وقفة
[1] ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ لا انفكاك لأهل الكتاب والمشركين مما هم فيه من كفر وضلال إلا بالبينة، والبينة هنا هو رسول الله ﷺ.
وقفة
[1] ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ خطأ العالم أولي بالمذمة من خطأ الجاهل؛ لأنه أقدر منه علي تبين الحق وميزه من الباطل, وهو لغيره قدوة وأسوة.
وقفة
[1] ﴿حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ سمَّاها بذلك حتى لا يحتجوا بعدم وضوحها، فهم أهل تعنُّت فقد سألوا عن البقرة بحجة عدم وضوحها لهم.
وقفة
[1، 2] ﴿حتى تأتيهم البينة * رسول من الله﴾ تأمل هذا الوصف البليغ للنبي صلى الله عليه وسلم بالبينة لبيان خطابه ورسالته وشريعته وهديه.

الإعراب :

  • ﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ:
  • حرف نفي وجزم وقلب. يكن: فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين وحذفت الواو لالتقاء الساكنين ايضا ولم تحذف النون هنا لاجل اتصال الساكنين بها فهي مكسورة لاجله وقوية بالحركة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع اسم «يكن».
  • ﴿ كَفَرُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة وجملة «كفروا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول لان «من» حرف جر بياني التقدير: حال كونهم من أهل الكتاب. الكتاب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة
  • ﴿ وَالْمُشْرِكِينَ:
  • معطوفة بالواو على «أَهْلِ الْكِتابِ» مجرورة مثلها وعلامة جرها الياء لانها جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ مُنْفَكِّينَ:
  • خبر «يكن» منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد اي لا يزال اهل الكتاب وعبدة الاصنام متشبثين بدينهم لا يتركونه.
  • ﴿ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ:
  • حرف غاية وجر بمعنى «الى ان» او «إلا أن». تأتي: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد «حتى» وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. وجملة «تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ» صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الاعراب و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحتى اي الا عند مجيء البينة. والجار والمجرور متعلق بمنفكين.
  • ﴿ الْبَيِّنَةُ:
  • فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة اي الدليل والحجة الواضحة والمقصود بها الرسول الكريم.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السورةُ ببيان موقف اليهودِ والنَّصارى من دعوةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:
﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

والمشركين:
1- بالجر، عطفا على «أهل الكتاب» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- والمشركون، رفعا، عطفا على «الذين كفروا» ، وهى قراءة بعض القراء.

مدارسة الآية : [2] :البينة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا ..

التفسير :

[2] وهي رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-، يتلو قرآناً في صحف مطهرة.

ثم فسر تلك البينة فقال:{ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ} أي:أرسله الله، يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابًا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور{ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً} أي:محفوظة عن قربان الشياطين، لا يمسها إلا المطهرون، لأنها في أعلى ما يكون من الكلام.

والمراد بها هنا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقوله- تعالى- بعد ذلك: رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان في ذاته برهانا على صحة ما ادعاه من النبوة، لتحليه بكمال العقل وبمكارم الأخلاق، ولإتيانه بالمعجزات التي تؤيد أنه صادق فيما يبلغه عن ربه.

والمعنى: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، ولم يكن- أيضا- الذين كذبوا الحق من المشركين، ولم يكن الجميع بمفارقين وبمنفصلين عن كفرهم وشركهم، حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ التي هي الرسول صلى الله عليه وسلم فلما أتتهم هذه البينة، منهم من آمن ومنهم من استمر على كفره وشركه وضلاله.

وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله: «كان الكفار من الفريقين، أهل الكتاب، وعبدة الأصنام، يقولون قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم: لا ننفك عما نحن عليه من ديننا، ولا نتركه حتى يبعث النبي المكتوب في التوراة والإنجيل، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فحكى الله- تعالى- ما كانوا يقولونه، ثم قال: وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، يعنى أنهم كانوا يعدون باجتماع الكلمة، والاتفاق على الحق، إذا جاءهم الرسول، ثم ما فرقهم عن الحق، ولا أقرهم على الكفر، إلا مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم، ونظيره في الكلام أن يقول الفقير الفاسق لمن يعظه: لست بمنفك عما أنا فيه حتى يرزقني الله- تعالى- الغنى، فيرزقه الله الغنى فيزداد فسقا، فيقول له واعظه: لم تكن منفكا عن الفسق حتى توسر، وما غمست رأسك في الفسق إلا بعد اليسار، يذكره ما كان يقوله توبيخا وإلزاما.

وانفكاك الشيء من الشيء، أن يزايله بعد التحامه به. كالعظم إذا انفك من مفصله.

والمعنى: أنهم متشبثون بدينهم لا يتركونه إلا عند مجيء البينة. .

ومنهم من يرى: أن مُنْفَكِّينَ بمعنى متروكين لا بمعنى تاركين، أى: لم يكونوا جميعا متروكين على ما هم عليه من الكفر والشرك، حتى تأتيهم البينة، على معنى قوله- تعالى-:

أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً.

أو المعنى: لم يكن هؤلاء القوم منفكين من أمر الله- تعالى- وقدرته ونظره لهم، حتى يبعث الله- تعالى- إليهم رسولا منذرا، تقوم عليهم به الحجة، ويتم على من آمن النعمة، فكأنه- تعالى- قال: ما كانوا ليتركوا سدى ... .

وهناك أقوال أخرى في معنى الآية رأينا أن نضرب عنها صفحا لضعفها.

وقد قدم الله- تعالى- ذكر أهل الكتاب في البيان، لأن كفرهم أشنع وأقبح. إذ كانوا يقرءون الكتب، ويعرفون أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم فكانت قدرتهم على معرفة صدقه أكبر وأتم. وفي التعبير عنهم بأهل الكتاب دون اليهود والنصارى، تسجيل للغفلة وسوء النية عليهم. حيث علموا الكتاب. وعرفوا عن طريقه أن هناك رسولا كريما قد أرسله الله- تعالى- لهدايتهم، ومع ذلك كفروا به، كما قال- تعالى-: فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ.

وقوله- سبحانه-: رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً بدل من «البيّنة» على سبيل المبالغة، حيث جعل- سبحانه- الرسول نفس البينة.

أى: لم يفارقوا دينهم حتى جاءهم رسول كريم، كائن من عند الله- تعالى- لكي يقرأ على مسامعهم صحفا من القرآن الكريم، مطهرة، أى: منزهة عن الشرك والكفر والباطل،

ثم فسر البينة بقوله "رسول من الله يتلوا صحف مطهرة" يعني محمدا وما يتلوه من القرآن العظيم الذي هو مكتتب في الملأ الأعلى في صحف مطهرة كقوله " في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة" [ عبس : 13 - 16 ] .

.

( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ) يقول: يقرأ صحفا مطهرة من الباطل

التدبر :

وقفة
[2] قوله تعالى: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللْهِ﴾ أي من عنده، كما أظهره في قوله: ﴿ولما جاءَهُم رسولٌ من عنْدِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 101].
وقفة
[2] ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً﴾ مطهرة عن الباطل، ومطهرة عن الذكر القبيح؛ فإن القرآن يذكر بأحسن الذكر، ويثني عليه أحسن الثناء.
وقفة
[2] ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً﴾ في تلك الصحف أخبار صادقة وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم.
وقفة
[2] ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً﴾ من تطهير الله لكتابه أن جعله أخبارًا صادقة, وأحكامًا عادلة, وحججًا بينات, وآيات واضحات, فيا خسران من اتخذ هذا القرآن مهجورًا!
وقفة
[2، 3] ‏﴿رسولٌ من الله يتلو صحفًا مطهَّرة * فيها كتبٌ قيمة﴾ لأن القيم عبارة عن القائم بمصالح الغير، فهو سبب لهداية الخلق، والقرآن كالقيم الشفيق القائم بمصالحهم.
وقفة
[2، 3] ‏﴿رسولٌ من الله يتلو صحفًا مطهَّرة * فيها كتبٌ قيمة﴾ إلى ما يرجع ضمير (فيها)؟ وهل من دلالة تظهر بين الصحف والكتب؟ الجواب: قد يطلق (الكتاب) ويراد به النص المكتوب، وليس ذات الأوراق، ومنه هذه الآية، فهذه الصحف المطهرة مكتوب فيها كتب قيمة.

الإعراب :

  • ﴿ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ:
  • بدل من «البينة» مرفوع بالضمة. من الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بصفة لرسول
  • ﴿ يَتْلُوا:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً» في محل رفع صفة ثانية لرسول.
  • ﴿ صُحُفاً مُطَهَّرَةً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. مطهرة: صفة- نعت- لصحفا منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة اي قراطيس مطهرة من الباطل وهي القرآن الكريم.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     ولَمَّا أجمَلَ البيِّنةَ؛ فَصَّلَها هنا، فقال تعالى:
﴿ رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [3] :البينة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ

التفسير :

[3] في تلك الصحف أخبار صادقة وأوامر عادلة، تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم.

{ فِيهَا} أي:في تلك الصحف{ كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} أي:أخبار صادقة، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، فإذا جاءتهم هذه البينة، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.

وهذه الصحف من صفاتها- أيضا- أنها فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ أى: فيها سور آيات قرآنية مستقيمة لا عوج فيها، بل هي ناطقة بالحق والخير والصدق والهداية، وبأخبار الأنبياء السابقين وبأحوالهم مع أقوامهم.

فقوله: قَيِّمَةٌ بمعنى مستقيمة لا عوج فيها ولا اضطراب، من قولهم: قام فلان يقوم، إذا استوى على قدميه في استقامة.

وقوله تعالى "فيها كتب قيمة" قال ابن جرير أى في الصحف المطهرة كتب من كتب الله قيمة عادلة مستقيمة ليس فيها خطأ لأنها من عند الله عز وجل قال قتادة "رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة" يذكر القرآن بأحسن الذكر وثني عليه بأن الثناء وقال ابن زيد "فيها كتب قيمة " مستقيمة معتدلة.

( فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ) يقول: في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة عادلة مستقيمة, ليس فيها خطأ, لأنها من عند الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ) يذكر القرآن بأحسن الذكر, ويثني عليه بأحسن الثناء.

التدبر :

وقفة
[3] ﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة عادلة مستقيمة، ليس فيها خطأ، لأنها من عند الله، والكتاب يطلق على الموضوع، كما يقال: كتاب الطهارة، وكتاب الصلاة، وكتاب القدر، وكتاب القيامة، وهذه الصحف المطهرة وهي هذا القرآن فيها كتب قيمة أي موضوعات وحقائق قيمة.
وقفة
[3] ﴿فيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ كيف لا؟ وهى منزلة من رب عظيم كريم.

الإعراب :

  • ﴿ فِيها كُتُبٌ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب صفة ثانية لصحفا. فيها: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. كتب: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة اي فيها مكتوبات.
  • ﴿ قَيِّمَةٌ:
  • صفة- نعت- لكتب مرفوعة مثلها بالضمة اي مستقيمة ناطقة بالحق والعدل.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ أنَّه يقرأ صُحُفًا مُطهَّرة؛ ذكرَ هنا أن في تلك الصحف أخبار صادقة وأحكام عدل، قال تعالى:
﴿ فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [4] :البينة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ..

التفسير :

[4] وما اختلف الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى في كون محمد -صلى الله عليه وسلم- رسولاً حقّاً؛ لما يجدونه مِن نعته في كتابهم، إلا مِن بعد ما تبينوا أنه النبي الذي وُعِدوا به في التوراة والإنجيل، فكانوا مجتمعين على صحة نبوته، فلما بُعِث تفرَّقوا:فمنهم

وإذا لم يؤمن أهل الكتاب لهذا الرسول وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم وعنادهم، فإنهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا أحزابًا{ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} التي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق، ولكنهم لرداءتهم ونذالتهم، لم يزدهم الهدى إلا ضلالًا، ولا البصيرة إلا عمى، مع أن الكتب كلها جاءت بأصل واحد، ودين واحد.

ثم بين- سبحانه- ما كان عليه أهل الكتاب من جحودهم للحق، ومن إنكارهم له مع علمهم به، فقال- تعالى- وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ. أى: أن الجاحدين والمعاندين والحاسدين لك- أيها الرسول الكريم- من أهل الكتاب، ما تفرقوا في أمره، وما اختلفوا في شأن نبوتك ... إلا من بعد أن جئتهم أنت بما يدل على صدقك، دلالة لا يجحدها إلا جهول، ولا ينكرها إلا حسود، ولا يعرض عنها إلا من طغى وآثر الحياة الدنيا.

فالآية الكريمة كلام مستأنف، المقصود به تسليته صلى الله عليه وسلم عما أصابه من هؤلاء الجاحدين فكأنه- سبحانه- يقول له: لا تحزن- أيها الرسول الكريم- لإعراض من أعرض عن دعوتك من أهل الكتاب، فإن إعراضهم لم يكن عن جهل، وإنما عن عناد وجحود وحسد لك على ما آتاك الله من فضله.

وإنما خص- سبحانه- هنا أهل الكتاب بالذكر، مع أن الكلام في أول السورة كان فيهم وفي المشركين، للدلالة على شناعة حالهم، وقبح فعالهم، لأن الإعراض عن الحق ممن له كتاب، أشد قبحا ونكرا، ممن ليس له كتاب وهم المشركون.

والاستثناء في الآية مفرغ، والمستثنى منه عموم الأوقات. والمعنى: لم يتفرق الجاحدون من الذين أوتوا الكتاب في وقت من الأوقات، إلا في الوقت الكائن بعد مجيء البينة لهم.

ومن الآيات القرآنية الكثيرة التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى- وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ.

وقوله : ( وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ) كقوله : ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ) [ آل عمران : 105 ] يعني بذلك أهل الكتب المنزلة على الأمم قبلنا ، بعد ما أقام الله عليهم الحجج والبينات تفرقوا واختلفوا في الذي أراده الله من كتبهم ، واختلفوا اختلافا كثيرا ، كما جاء في الحديث المروي من طرق : " إن اليهود اختلفوا على إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى اختلفوا على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة " . قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي " .

وقوله: ( وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ) يقول: وما تفرّق اليهود والنصارى في أمر محمد صلى الله عليه وسلم, فكذّبوا به, إلا من بعد ما جاءتهم البينة, يعني: من بعد ما جاءت هؤلاء اليهود والنصارى البينة , يعني: أن بيان أمر محمد أنه رسول بإرسال الله إياه إلى خلقه، يقول: فلما بعثه الله تفرّقوا فيه, فكذّب به بعضهم, وآمن بعضهم, وقد كانوا قبل أن يُبعث غير مفترقين فيه أنه نبيّ.

التدبر :

وقفة
[4] ﴿وما تفرق﴾ هذه الخلافات والعداوات بين الأديان والملل والنحل ما أرادها الله بل من صنع البشر المنحرفين.
وقفة
[4] ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ وإنما خص الذين أوتوا الكتاب بالذكر هنا بعد ذكرهم مع غيرهم في أول السورة؛ لأنهم كانوا يعلمون صحة نبوَّة سيدنا محمد ﷺ بما يجدون في كتبهم من ذكره.
وقفة
[4] ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ أي: قبل بعثة النبي ﷺ كانوا متفقين على مجئ نبي فلما بعث ﷺ وعرفوه تفرقوا, فمن دلالات الآية: أن البيان لا يزيد الموفق إلا هدي, ومن لم يرد الله هدايته فالبيئه تزيده ضلالًا.
وقفة
[4] ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ ما أنزله الله ليكون ميثاقًا للاجتماع والاتفاق، جعله أهل الكتاب سببًا للتفكك والافتراق، والبينة هنا هي ما جاءهم على ألسنة أنبيائهم، فاختلفوا عليه، وتفرقوا بين مؤمن به ومكذب له.
وقفة
[4] ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ وضوح الحق لا يعني بالضرورة الاهتداء به، لكن قيام الحجة.
وقفة
[4] ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ ترك الحق بعد بيانه والتفرق فيه شبه باليهود والنصارى.
وقفة
[4] الحرص على الاجتماع على كتاب الله وسنة رسوله ونبذ الافتراق ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾.
وقفة
[4] إقامة الحجج الساطعات, والبينات الواضحات, يقتضي الاجتماع علي الحق لا التفرق فيه, ولكن ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. تفرق: فعل ماض مبني على الفتح. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ أُوتُوا الْكِتابَ:
  • فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والالف فارقة. الكتاب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة اي وما تفرقوا عن الحق او تفرقهم فرقا.
  • ﴿ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما:
  • حرف تحقيق بعد النفي. من بعد: جار ومجرور متعلق بتفرق. ما: مصدرية زمانية. ويجوز ان تعرب اسما موصولا بمعنى «الذي» مبنيا على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. البينة: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة وجملة «جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ» صلة «ما» لا محل لها من الاعراب. و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالاضافة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     ولَمَّا تفرق القومُ في شأنه صلى الله عليه وسلم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا ما كان عليه أهلُ الكتابِ مِن جَحدٍ للحقِّ معَ علمِهم به، قال تعالى:
﴿ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [5] :البينة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ ..

التفسير :

[5] وما أمروا في سائر الشرائع إلا ليعبدوا الله وحده قاصدين بعبادتهم وجهه، مائلين عن الشرك إلى الإيمان، ويقيموا الصلاة، ويُؤَدُّوا الزكاة، وذلك هو دين الاستقامة، وهو الإسلام.

فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا{ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي:قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه،{ حُنَفَاءَ} أي:معرضين [مائلين] عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد. وخص الصلاة والزكاة [بالذكر] مع أنهما داخلان في قوله{ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.

{ وَذَلِكَ} أي التوحيد والإخلاص في الدين، هو{ دِينُ الْقَيِّمَةِ} أي:الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم.

ثم بين- سبحانه- ما كان يجب عليهم أن يفعلوه، فقال: وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ.

والواو في قوله- تعالى- وَما أُمِرُوا للحال، فهذه الجملة حالية، والمقصود منها بيان أن هؤلاء الضالين، قد بلغوا النهاية في قبح الأفعال، وفي فساد العقول، إذ أنهم تفرقوا واختلفوا وأعرضوا عن الهدى، في حال أنهم لم يؤمروا إلا بما فيه صلاحهم.

وقوله: حُنَفاءَ من الحنف، وهو الميل من الدين الباطل إلى الدين الحق. كما أن الجنف هو الميل من الحق إلى الباطل.

أى: أن هؤلاء الكافرين من أهل الكتاب تفرقوا واختلفوا في شأن الحق، والحال، أنهم لم يؤمروا إلا بعبادة الله- تعالى- وحده، مخلصين له الطاعة، ومائلين عن الأديان الباطلة إلى الدين الحق، مؤمنين بجميع الرسل بدون تفرقة بينهم، إذ ملتهم جميعا واحدة، ولم يؤمروا- أيضا- إلا بإقامة الصلاة في أوقاتها بخشوع وإخلاص لله رب العالمين، وبإيتاء الزكاة التي تطهرهم وتزكيهم.

وَذلِكَ الذي أمرناهم به من إخلاص العبادة لنا، ومن أداء فرائضنا دِينُ الْقَيِّمَةِ. أى: دين الملة المستقيمة القيمة، أو دين الكتب القيمة.

ولفظ «القيمة» - بزنة فيعلة- من القوامة، وهي غاية الاستقامة، وهذا اللفظ صفة لموصوف محذوف.

وقوله : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) كقوله ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء : 25 ] ; ولهذا قال : حنفاء ، أي : متحنفين عن الشرك إلى التوحيد . كقوله : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل : 36 ] وقد تقدم تقرير الحنيف في سورة " الأنعام " بما أغنى عن إعادته هاهنا .

( ويقيموا الصلاة ) وهي أشرف عبادات البدن ( ويؤتوا الزكاة ) وهي الإحسان إلى الفقراء والمحاويج . ( وذلك دين القيمة ) أي : الملة القائمة العادلة ، أو : الأمة المستقيمة المعتدلة .

وقد استدل كثير من الأئمة كالزهري والشافعي بهذه الآية الكريمة على أن الأعمال داخلة في الإيمان ; ولهذا قال : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة )

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) .

يقول تعالى ذكره: وما أمر الله هؤلاء اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب إلا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين; يقول: مفردين له الطاعة, لا يخلطون طاعتهم ربهم بشرك, فأشركت اليهود بربها بقولهم إن عُزَيرا ابن الله, والنصارى بقولهم في المسيح مثل ذلك, وجحودهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

وقوله: ( حُنَفَاءَ ) قد مضى بياننا في معنى الحنيفية قبل بشواهده المُغنية عن إعادتها, غير أنا نذكر بعض ما لم نذكر قبل من الأخبار في ذلك.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله: ( مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ) يقول: حجاجا مسلمين غير مشركين, يقول: ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، ويحجوا وذلك دين القيمة .

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ) والحنيفية: الختان, وتحريم الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات والمناسك.

وقوله: ( وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ )

يقول: وليقيموا الصلاة, وليؤتوا الزكاة.

وقوله: ( وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ )

يعني أن هذا الذي ذكر أنه أمر به هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين, هو الدين القيمة, ويعني بالقيِّمة: المستقيمة العادلة, وأضيف الدين إلى القيِّمة, والدين هو القَيِّم, وهو من نعته لاختلاف لفظيهما. وهي في قراءة عبد الله فيما أرى فيما ذُكر لنا: ( وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) وأُنِّثت القيمة, لأنها جعلت صفة للملة, كأنه قيل: وذلك الملة القيِّمة, دون اليهودية والنصرانية.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) هو الدين الذي بعث الله به رسوله, وشرع لنفسه, ورضي به.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( كُتُبٌ قَيِّمَةٌ )( وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) قال: هو واحد; قيِّمة: مستقيمة معتدلة.

التدبر :

وقفة
[5] ﴿وَما أُمِروا إِلّا لِيَعبُدُوا اللَّهَ مُخلِصينَ﴾ انتبه، فعلى الإخلاص يرتكز أى عمل.
وقفة
[5] ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ قيَّد الأمر بالعبادة بالإخلاص الذي هو روحها.
وقفة
[5] ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ الإخلاص في العبادة من شروط قَبولها.
وقفة
[5] ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ من أعظمِ الحسَراتِ أن ترى يومَ القيامةِ سعيَكَ وعملَك ضائعًا؛ بسببِ فقدِ الإخلاصِ ودخولِ الرِّياءِ فيه.
وقفة
[5] ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين﴾ الدين سهل لا تعقيد فيه ولا متطلبات شاقة.
وقفة
[5] الأمر واحد فى كل الرسالات السماوية ﴿وَما أُمِروا إِلّا لِيَعبُدُوا اللَّهَ مُخلِصينَ لَهُ الدّينَ﴾.
وقفة
[5] ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ في هذا دليل على وجوب النية في العبادات؛ فإن الإخلاص من عمل القلب؛ وهو أن يراد به وجه الله تعالى لا غيره.
وقفة
[5] ذكر من حولك بأهمية الإخلاص في العبادة.
وقفة
[5] ﴿وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ﴾ وخص الصلاة والزكاة بالذكر مع أنهما داخلان في قوله: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.
وقفة
[5] من أفضل الأعمال بعد التوحيد: الصلاة التي هي حق لله، والزكاة التي هي حق الخلق.
وقفة
[5] ﴿ويقيموا الصلاة﴾ ولم يقل: (يفعلون الصلاة)، أو: (يأتون بالصلاة)؛ لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة، فإقامتها بإتمام أركانها وواجباتها وشروطها وإقامتها باطنًا بحضور القلب وتدبر ما يقول ويفعل، فهذه الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وليس للعبد من صلاته إلا ما عقل.
وقفة
[5] ﴿ويقيموا الصلاة﴾ إقامة الصلاة بإحضار القلب هيبة المعبود, وترويضه بالخشوع والقنوت, لا أن تكون مجرد حركات ظاهرة؛ فإن ذلك ليس من الصلاة في شيء.
وقفة
[5] ﴿وذلك دين القيمة﴾ دين الإسلام يعلي صاحبه وقيمته في الدارين.
وقفة
[5] الدين في القرآن يأتي بمعنيين: 1- الحساب والجزاء نحو: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: 4]. 2- الملة والشريعة نحو: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: 19]، ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَما أُمِرُوا إِلَّا:
  • اعربت في الآية الكريمة السابقة أي وما أمرهم الله تعالى في كتبهم.
  • ﴿ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ:
  • اللام حرف جر للتعليل او لام «كي». يعبدوا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. الله لفظ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. وجملة «يعبدوا الله» صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الاعراب و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأمروا التقدير وما أمروا الا بعبادة الله وحده. او إلا لاجل عبادة الله وحده
  • ﴿ مُخْلِصِينَ:
  • حال من الضمير في «يعبدوا» منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.
  • ﴿ لَهُ الدِّينَ:
  • جار ومجرور متعلق بمخلصين. الدين: مفعول به لاسم الفاعل «مخلصين» منصوب بالفتحة.
  • ﴿ حُنَفاءَ:
  • حال منصوبة بالفتحة ولم تنون لانها ممنوعة من الصرف على وزن «فعلاء» وهي جمع حنيف اي مستقيمين او متبعين سنة ابراهيم «ص» اي مائلين الى دين الاسلام.
  • ﴿ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ:
  • معطوفة بالواو على «يعبدوا» وتعرب اعرابها. الصلاة: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ:
  • معطوفة بالواو على «يقيموا الصلاة» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ وَذلِكَ:
  • الواو استئنافية. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ واللام للبعد والكاف للخطاب والاشارة الى إيتاء الزكاة واقام الصلاة.
  • ﴿ دِينُ الْقَيِّمَةِ:
  • خبر «ذلك» مرفوع بالضمة. القيمة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة اي دين الملة القيمة فحذف المضاف اليه الموصوف واقيمت الصفة مقامه.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     وبعد بيان جحودهم للحقِّ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا ما كان يجب عليهم أن يفعلوه، قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ولَمَّا ذَكَرَ أصْلَ الدِّينِ؛ أتْبَعَه الفُروعَ، فبدأ بأعظَمِها الَّذي هو مَجمَعُ الدِّينِ، ومَوضِعُ التَّجَرُّدِ عن العَوائِقِ، قال تعالى: وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ صِلةَ الخالِقِ؛ أتْبَعَها صِلةَ الخلائِقِ، قال تعالى:
﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

مخلصين:
1- بكسر اللام، و «الدين» نصب، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، وهى قراءة الحسن.
دين القيمة:
وقرئ:
الدين القيمة، وهى قراءة عبد الله.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف