ترتيب المصحف | 28 | ترتيب النزول | 49 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 11.00 |
عدد الآيات | 88 | عدد الأجزاء | 0.56 |
عدد الأحزاب | 1.12 | عدد الأرباع | 4.50 |
ترتيب الطول | 14 | تبدأ في الجزء | 20 |
تنتهي في الجزء | 20 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 14/29 | طسم: 2/2 |
ترتيب المصحف | 29 | ترتيب النزول | 85 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 8.00 |
عدد الآيات | 69 | عدد الأجزاء | 0.37 |
عدد الأحزاب | 0.75 | عدد الأرباع | 3.00 |
ترتيب الطول | 26 | تبدأ في الجزء | 20 |
تنتهي في الجزء | 21 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 15/29 | آلم: 3/6 |
بعدَ قصَّةِ موسى عليه السلام وقصَّةِ قارونَ وعدَ اللهُ نبيَّه ﷺ برجوعِه إلى مكَّةَ فاتحًا منتصرًا بعدَ أن أخرجَتْهُ قريشٌ كما ردَّ موسى عليه السلام لأمِّه، والدَّعوةُ لعبادةِ اللهِ وتوحيدِه.
قريبًا إن شاء الله
بيانُ سُنَّةِ اللهِ في الابتلاءِ (ليعلمَ اللهُ صدقَ الصَّادقِين في إيمانِهم وكَذبَ الكاذبين عِلمًا يحاسبُهم عليه)، وأنَّه لن يُفلِتَ العُصاةَ من العذابِ، وأنَّ مَنْ جاهدَ فنَفْعُ ذلك لنفسِه، واللهُ غنِيٌّ عنه.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
يقول تعالى{ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} أي:أنزله، وفرض فيه الأحكام، وبين فيه الحلال والحرام، وأمرك بتبليغه للعالمين، والدعوة لأحكام جميع المكلفين، لا يليق بحكمته أن تكون الحياة هي الحياة الدنيا فقط، من غير أن يثاب العباد ويعاقبوا، بل لا بد أن يردك إلى معاد، يجازي فيه المحسنون بإحسانهم، والمسيئون بمعصيتهم.
وقد بينت لهم الهدى، وأوضحت لهم المنهج، فإن تبعوك، فذلك حظهم وسعادتهم، وإن أبوا إلا عصيانك والقدح بما جئت به من الهدى، وتفضيل ما معهم من الباطل على الحق، فلم يبق للمجادلة محل، ولم يبق إلا المجازاة على الأعمال من العالم بالغيب والشهادة، والحق والمبطل. ولهذا قال:{ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} وقد علم أن رسوله هو المهتدي الهادي، وأن أعداءه هم الضالون المضلون.
قال القرطبي: قوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ..
ختم- سبحانه- السورة ببشارة نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم برده إلى مكة قاهرا لأعدائه. وقيل:
هو بشارة له بالجنة. والأول أكثر. وهو قول جابر بن عبد الله، وابن عباس، ومجاهد، وغيرهم.
قال القتبى: معاد الرجل بلده، لأنه ينصرف عنه ثم يعود إليه.. وقيل إلى معاد. أى:
إلى الموت. .
قال الآلوسى: وقد يقال: أطلق- سبحانه- المعاد على مكة، لأن العرب كانت تعود إليها في كل سنة، لمكان البيت فيها، وهذا وعد منه- عز وجل- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم وهو بمكة أنه- عليه الصلاة والسلام- يهاجر منها ثم يعود إليها. وروى عن غير واحد أن الآية نزلت بالجحفة بعد أن خرج صلّى الله عليه وسلّم من مكة مهاجرا واشتاق إليها، ووجه ارتباطها بما تقدمها:
تضمنها الوعد بالعاقبة الحسنى في الدنيا، كما تضمن ما قبلها الوعد بالعاقبة الحسنى في الآخرة .
والمعنى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ- أيها الرسول الكريم-، بأن أنزله إليك، وكلفك بحفظه وتلاوته على الناس، والعمل بأوامره ونواهيه.
لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ أى: لرادك إلى المكان الذي أنت فيه وهو مكة، بعد أن تهاجر منه.
تعود إليه ظاهرا منتصرا، بعد أن خرجت منه وأنت مطارد من أعدائك.
تعود إليه ومعك الآلاف من أتباعك بعد أن خرجت منه وليس معك سوى صاحبك أبى بكر الصديق- رضى الله عنه-.
وقد حقق الله- تعالى- هذا الوعد لنبيه صلّى الله عليه وسلّم فقد عاد الرسول إلى مكة ومعه أصحابه المؤمنون، بعد سنوات قليلة من هجرتهم منها.
قال صاحب الكشاف: «ووجه تنكيره- أى لفظ المعاد- أنها كانت في ذلك اليوم معادا له شأن، ومرجعا له اعتداد، لغلبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليها، وقهره لأهلها، لظهور عز الإسلام وأهله، وذل الشرك وحزبه .
ثم أرشد- سبحانه- نبيه إلى ما يرد به على دعاوى المشركين فقال: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى، وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.
أى: قل- أيها الرسول الكريم- لمن خالفك وكذبك، ربي وحده هو الأعلم بالمهتدى وبالضال منى ومنكم، وسيجازى كل فريق بما يستحقه، وستعلمون- أيها المشركون- لمن عقبى الدار.
يقول تعالى آمرا رسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، ببلاغ الرسالة وتلاوة القرآن على الناس ، ومخبرا له بأنه سيرده إلى معاد ، وهو يوم القيامة ، فيسأله عما استرعاه من أعباء النبوة ; ولهذا قال : ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ) أي : افترض عليك أداءه إلى الناس ، ( لرادك إلى معاد ) أي : إلى يوم القيامة فيسألك عن ذلك ، كما قال تعالى : ( فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ) [ الأعراف : 6 ] ، وقال ( يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم [ قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب ] ) [ المائدة : 109 ] [ وقال ] : ( وجيء بالنبيين والشهداء ) [ الزمر : 69 ] .
وقال السدي عن أبي صالح ، عن ابن عباس : ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ) ، يقول : لرادك إلى الجنة ، ثم سائلك عن القرآن . قال السدي : وقال أبو سعيد مثلها .
وقال الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، [ و ] عن ابن عباس ، رضي الله عنهما : ( لرادك إلى معاد ) قال : إلى يوم القيامة . ورواه مالك ، عن الزهري .
وقال الثوري ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( لرادك إلى معاد ) : إلى الموت .
ولهذا طرق عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، وفي بعضها : لرادك إلى معدنك من الجنة .
وقال مجاهد : يحييك يوم القيامة . وكذا روي عن عكرمة ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وأبي قزعة ، وأبي مالك ، وأبي صالح .
وقال الحسن البصري : أي والله ، إن له لمعادا ، يبعثه الله يوم القيامة ثم يدخله الجنة .
وقد روي عن ابن عباس غير ذلك ، كما قال البخاري في التفسير من صحيحه :
حدثنا محمد بن مقاتل ، أنبأنا يعلى ، حدثنا سفيان العصفري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( لرادك إلى معاد ) قال : إلى مكة .
وهكذا رواه النسائي في تفسير سننه ، وابن جرير من حديث يعلى - وهو ابن عبيد الطنافسي - به . وهكذا روى العوفي ، عن ابن عباس : ( لرادك إلى معاد ) أي : لرادك إلى مكة كما أخرجك منها .
وقال محمد بن إسحاق ، عن مجاهد في قوله : ( لرادك إلى معاد ) : إلى مولدك بمكة .
قال ابن أبي حاتم : وقد روي عن ابن عباس ، ويحيى بن الجزار ، وسعيد بن جبير ، وعطية ، والضحاك ، نحو ذلك .
[ وحدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر قال : قال سفيان : فسمعناه من مقاتل منذ سبعين سنة ، عن الضحاك ] قال : لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة ، فبلغ الجحفة ، اشتاق إلى مكة ، فأنزل الله عليه : ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ) إلى مكة .
وهذا من كلام الضحاك يقتضي أن هذه الآية مدنية ، وإن كان مجموع السورة مكيا ، والله أعلم .
وقد قال عبد الرزاق : حدثنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( لرادك إلى معاد ) قال : هذه مما كان ابن عباس يكتمها ، وقد روى ابن أبي حاتم بسنده عن نعيم القارئ أنه قال في قوله : ( لرادك إلى معاد ) قال : إلى بيت المقدس .
وهذا - والله أعلم - يرجع إلى قول من فسر ذلك بيوم القيامة ; لأن بيت المقدس هو أرض المحشر والمنشر ، والله الموفق للصواب .
ووجه الجمع بين هذه الأقوال أن ابن عباس فسر ذلك تارة برجوعه إلى مكة ، وهو الفتح الذي هو عند ابن عباس أمارة على اقتراب أجله ، صلوات الله وسلامه عليه ، كما فسره ابن عباس بسورة ( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا . فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) أنه أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعي إليه ، وكان ذلك بحضرة عمر بن الخطاب ، ووافقه عمر على ذلك ، وقال : لا أعلم منها غير الذي تعلم . ولهذا فسر ابن عباس تارة أخرى قوله : ( لرادك إلى معاد ) بالموت ، وتارة بيوم القيامة الذي هو بعد الموت ، وتارة بالجنة التي هي جزاؤه ومصيره على أداء رسالة الله وإبلاغها إلى الثقلين : الجن والإنس ، ولأنه أكمل خلق الله ، وأفصح خلق الله ، وأشرف خلق الله على الإطلاق .
وقوله : ( قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين ) أي : قل - لمن خالفك وكذبك يا محمد من قومك من المشركين ومن تبعهم على كفرهم - قل : ربي أعلم بالمهتدي منكم ومني ، وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار ، ولمن تكون العاقبة والنصرة في الدنيا والآخرة .
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (85)
يقول تعالى ذكره: إن الذي أنـزل عليك يا محمد القرآن.
كما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, في قوله: ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ) قال: الذي أعطاك القرآن.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ) قال: الذي أعطاكه.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) فقال بعضهم: معناه: لمصيرك إلى الجنة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد, قال: ثنا عتاب بن بشر, عن خصيف, عن عكرمة, عن ابن عباس ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: إلى معدنك من الجنة.
حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا ابن مهدي, عن سفيان, عن الأعمش, عن رجل, عن سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس, قال: إلى الجنة.
حدثنا ابن وكيع, قال: ثني أبي, عن إبراهيم بن حبان, سمعت أبا جعفر, عن ابن عباس, عن أبي سعيد الخدرّي ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: معاده آخرته الجنة.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن السدي, عن أبى مالك, في ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: إلى الجنة ليسألك عن القرآن.
حدثنا أبو كُرَيب وابن وكيع, قالا ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن السدي, عن أبي صالح, قال: الجنة.
حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا ابن مهدي, عن سفيان, عن السدى, عن أبي صالح: ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: إلى الجنة.
حدثنا يحيى بن يمان, عن سفيان, عن السدي, عن أبي مالك, قال يردّك إلى الجنة, ثم يسألك عن القرآن.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا يحيى بن يمان, عن سفيان, عن جابر, عن عكرمة ومجاهد, قالا إلى الجنة.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو تُمَيْلة, عن أبي حمزة, عن جابر, عن عكرمة وعطاء ومجاهد وأبي قَزَعة والحسن, قالوا: يوم القيامة.
قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: يجيء بك يوم القيامة.
قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن الحسن والزهري, قالا معاده يوم القيامة.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: يجيء بك يوم القيامة.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا هوذة, قال: ثنا عون, عن الحسن, في قوله: ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: معادك من الآخرة.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, في قوله: ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: كان الحسن يقول: إي والله, إن له لمعادا يبعثه الله يوم القيامة, ويدخله الجنة.
وقال آخرون: معنى ذلك: لرادّك إلى الموت.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني إسحاق بن وهب الواسطي, قال: ثنا محمد بن عبد الله الزبيري, قال: ثنا سفيان بن سعيد الثوري, عن الأعمش, عن سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس: ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: الموت.
حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا يحيى بن يمان, عن سفيان, عن السدي, عن رجل, عن ابن عباس, قال: إلى الموت.
قال: ثنا أبي, عن إسرائيل, عن جابر, عن أبي جعفر, عن سعيد: ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: إلى الموت.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن السدي عمن سمع ابن عباس, قال إلى الموت.
حدثنا أبو كُرَيب وابن وكيع, قالا ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن الأعمش, عن سعيد بن جُبَيْر, قال: إلى الموت.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن رجل, عن سعيد بن جُبَيْر في قوله: ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: الموت.
حدثنا القاسم, قال: ثنا أبو تُمَيلة, عن أبي حمزة, عن جابر, عن عدي بن &; 19-641 &; ثابت, عن سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس, قالا إلى الموت, أو إلى مكة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لرَادّك إلى الموضع الذي خرجت منه, وهو مكة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا يعلى بن عبيد, عن سفيان العصفري, عن عكرمة, عن ابن عباس: ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: إلى مكة.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: يقول: لرادك إلى مكة, كما أخرجك منها.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن يمان, قال: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق, عن مجاهد, قال: مولده بمكة.
حدثنا ابن وكيع, قال ثنا أبي عن يونس بن أبي إسحاق, قال: سمعت مجاهدًا يقول: ( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: إلى مولدك بمكة.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا يونس بن عمرو, وهو ابن أبي إسحاق, عن مجاهد, في قوله: ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: إلى مولدك بمكة.
حدثني الحسين بن علي الصدائي, قال: ثنا أبي, عن الفضيل بن مرزوق, عن مجاهد أبي الحجاج, في قوله: ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) قال: إلى مولده بمكة.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني عيسى بن يونس, عن أبيه, عن مجاهد قال: إلى مولدك بمكة.
والصواب من القول في ذلك عندي: قول من قال: لرادّك إلى عادتك من الموت, أو إلى عادتك حيث ولدت, وذلك أن المعاد في هذا الموضع: المفعل من العادة, ليس من العود, إلا أن يوجه موجه تأويل قوله: ( لَرَادُّكَ ) لمصيرك, فيتوجه حينئذ قوله: ( إِلَى مَعَادٍ ) إلى معنى العود, ويكون تأويله: إن الذي فرض عليك القرآن لمصيرك إلى أن تعود إلى مكة مفتوحة لك.
فإن قال قائل: فهذه الوجوه التي وصفت في ذلك قد فهمناها, فما وجه تأويل من تأوّله بمعنى: لرادك إلى الجنة؟ قيل: ينبغي أن يكون وجه تأويله ذلك كذلك على &; 19-642 &; هذا الوجه الآخر, وهو لمصيرك إلى أن تعود إلى الجنة.
فإن قال قائل: أو كان أُخرج من الجنة, فيقال له: نحن نعيدك إليها؟ قيل: لذلك وجهان: أحدهما: أنه إن كان أبوه آدم صلى الله عليهما أخرج منها, فكأن ولده بإخراج الله إياه منها, قد أخرجوا منها, فمن دخلها فكأنما يرد إليها بعد الخروج. والثاني أن يقال: إنه كان صلى الله عليه وسلم دخلها ليلة أُسرِي به, كما رُوي عنه أنه قال: " دَخَلْتُ الجَنَّةَ, فرأيْتُ فِيها قَصْرًا, فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فقالوا: لِعُمَرَ بنِ الخطَّابِ", ونحو ذلك من الأخبار التي رويت عنه بذلك, ثم رد إلى الأرض, فيقال له: إن الذي فرض عليك القرآن لرادّك لمصيرك إلى الموضع الذي خرجت منه من الجنة, إلى أن تعود إليه, فذلك إن شاء الله قول من قال ذلك.
وقوله: ( قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: ربي أعلم من جاء بالهُدى الذي مَنْ سلكه نجا, ومن هو في جَوْر عن قصد السبيل منا ومنكم. وقوله: ( مُبِين )؛ يعني أنه يبين للمفكر الفَهم إذا تأمَّله وتدبَّره, أنه ضلال وجور عن الهدى.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
القصص: 85 | ﴿قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾ |
---|
الملك: 29 | ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ} أي:لم تكن متحريا لنزول هذا الكتاب عليك، ولا مستعدا له، ولا متصديا.{ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} بك وبالعباد، فأرسلك بهذا الكتاب، الذي رحم به العالمين، وعلمهم ما لم يكونوا يعلمون، وزكاهم وعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، فإذا علمت أنه أنزل إليك رحمة منه، [علمت] أن جميع ما أمر به ونهى عنه، فإنه رحمة وفضل من اللّه، فلا يكن في صدرك حرج من شيء منه، وتظن أن مخالفه أصلح وأنفع.
{ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ} أي:معينا لهم على ما هو من شعب كفرهم، ومن جملة مظاهرتهم، أن يقال في شيء منه، إنه خلاف الحكمة والمصلحة والمنفعة.
ثم ذكره- سبحانه- بنعمة اختصاصه بالنبوة وحمل الرسالة، فقال: وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ.
أى: وما كنت- أيها الرسول الكريم- قبل وحينا إليك بالرسالة، تتوقع أو تظن أننا سنكلفك بها، لكننا كلفناك بها وشرفناك بحملها رحمة منا بالناس فأنت الرحمة المهداة والنعمة المسداة إليهم، لإخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.
وما دام الأمر كذلك، فأكثر من شكر الله- تعالى- وامض في طريقك فلا تكونن ظَهِيراً أى: معينا ونصيرا لِلْكافِرِينَ.
ثم قال تعالى مذكرا لنبيه نعمته العظيمة عليه وعلى العباد إذ أرسله إليهم : ( وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب ) أي : ما كنت تظن قبل إنزال الوحي إليك أن الوحي ينزل عليك ، ( إلا رحمة من ربك ) أي : إنما نزل الوحي عليك من الله من رحمته بك وبالعباد بسببك ، فإذا منحك بهذه النعمة العظيمة ( فلا تكونن ظهيرا ) أي : معينا ) للكافرين ) [ أي ] : ولكن فارقهم ونابذهم وخالفهم .
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (86)
يقول تعالى ذكره: وما كنت ترجو يا محمد أن ينـزل عليك هذا القرآن, فتعلم الأنباء والأخبار عن الماضين قبلك, والحادثة بعدك, مما لم يكن بعد, مما لم تشهده ولا تشهده, ثم تتلو ذلك على قومك من قريش, إلا أن ربك رحمك, فأنـزله عليك, فقوله: ( إِلا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) استثناء منقطع.
وقوله: ( فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ ) يقول: فاحمد ربك على ما أنعم به عليك من رحمته إياك, بإنـزاله عليك هذا الكتاب, ولا تكوننّ عونا لمن كفر بربك على كفره به. وقيل: إن ذلك من المؤخَّر الذي معناه التقديم, وإن معنى اللام: إن الذي فرض عليك القرآن, فأنـزله عليك, وما كنت ترجو أن ينـزل عليك, فتكون نبيا قبل ذلك, لرادّك إلى معاد.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ} بل أبلغها وأنفذها، ولا تبال بمكرهم ولا يخدعنك عنها، ولا تتبع أهواءهم.
{ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ} أي اجعل الدعوة إلى ربك منتهى قصدك وغاية عملك، فكل ما خالف ذلك فارفضه، من رياء، أو سمعة، أو موافقة أغراض أهل الباطل، فإن ذلك داع إلى الكون معهم، ومساعدتهم على أمرهم، ولهذا قال:{ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} لا في شركهم، ولا في فروعه وشعبه، التي هي جميع المعاصي.
وَلا يَصُدُّنَّكَ الصادّون عَنْ تبليغ آياتِ اللَّهِ- تعالى- وعن العمل بها بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ من ربك.
وَادْعُ الناس جميعا إِلى دين رَبِّكَ وإلى طريقه وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الذين أشركوا مع الله- تعالى- آلهة أخرى في العبادة والطاعة.
( ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك ) أي : لا تتأثر لمخالفتهم لك وصدهم الناس عن طريقك لا تلوي على ذلك ولا تباله ; فإن الله معل كلمتك ، ومؤيد دينك ، ومظهر ما أرسلت به على سائر الأديان ; ولهذا قال : ( وادع إلى ربك ) أي : إلى عبادة ربك وحده لا شريك له ، ( ولا تكونن من المشركين ) .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنـزلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87)
يقول تعالى ذكره: ولا يصرفنَّك عن تبليغ آيات الله وحججه بعد أن أنـزلها إليك ربك يا محمد هؤلاء المشركون بقولهم: لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى وادع إلى ربك وبلغ رسالته إلى من أرسلك إليه بها( وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يقول: ولا تتركنّ الدعاء إلى ربك, وتبليغ المشركين رسالته, فتكون ممن فعل فِعل المشركين بمعصيته ربه, وخلافه أمره.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
طه: 16 | ﴿فَـ لَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ﴾ |
---|
القصص: 87 | ﴿وَ لَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّـهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ﴾ |
---|
الزخرف: 62 | ﴿وَ لَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
يصدنك:
1- مضارع «صد» ، وتشديد النون، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مضارع «صد» مع تخفيف النون، وهى قراءة يعقوب.
3- مضارع «أصد» ، بمعنى: صد، حكاها أبو زيد.
التفسير :
{ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} بل أخلص للّه عبادتك، فإنه{ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} فلا أحد يستحق أن يؤله ويحب ويعبد، إلا اللّه الكامل الباقي الذي{ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} وإذا كان كل شيء هالكا مضمحلا، سواه فعبادة الهالك الباطل باطلة ببطلان غايتها، وفساد نهايتها.{ لَهُ الْحُكْمُ} في الدنيا والآخرة{ وَإِلَيْهِ} لا إلى غيره{ تُرْجَعُونَ} فإذا كان ما سوى اللّه باطلا هالكا، واللّه هو الباقي، الذي لا إله إلا هو، وله الحكم في الدنيا والآخرة، وإليه مرجع الخلائق كلهم، ليجازيهم بأعمالهم، تعيَّن على من له عقل، أن يعبد اللّه وحده لا شريك له، ويعمل لما يقربه ويدنيه، ويحذر من سخطه وعقابه، وأن يقدم على ربه غير تائب، ولا مقلع عن خطئه وذنوبه.
تم تفسير سورة القصص -وللّه الحمد والثناء والمجد دائما أبدا-.
وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ- تعالى- إِلهاً آخَرَ أى: واحذر أن تعبد مع الله- تعالى- إلها آخر، فإن الحال والشأن والحق أنه لا إِلهَ مستحق للعبادة إِلَّا هُوَ وحده عز وجل.
كُلُّ شَيْءٍ في هذا الوجود هالِكٌ ومعدوم وزائل إِلَّا وَجْهَهُ- عز وجل-.
لَهُ- سبحانه- الْحُكْمُ النافذ الذي لا مرد له.
وَإِلَيْهِ وحده تُرْجَعُونَ- أيها الناس- فيحاسبكم على ما قدمتم وما أخرتم يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ.
وبعد: فهذه سورة القصص، وهذا تفسير لها، نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.
وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وقوله : ( ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو ) أي : لا تليق العبادة إلا له ولا تنبغي الإلهية إلا لعظمته .
وقوله : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) : إخبار بأنه الدائم الباقي الحي القيوم ، الذي تموت الخلائق ولا يموت ، كما قال تعالى : ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) [ الرحمن : 26 ، 27 ] ، فعبر بالوجه عن الذات ، وهكذا قوله هاهنا : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) أي : إلا إياه .
وقد ثبت في الصحيح ، من طريق أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أصدق كلمة قالها شاعر [ كلمة ] لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وقال مجاهد والثوري في قوله : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) أي : إلا ما أريد به وجهه ، وحكاه البخاري في صحيحه كالمقرر له .
قال ابن جرير : ويستشهد من قال ذلك بقول الشاعر :
أستغفر الله ذنبا لست محصيه رب العباد ، إليه الوجه والعمل
وهذا القول لا ينافي القول الأول ، فإن هذا إخبار عن كل الأعمال بأنها باطلة إلا ما أريد بها وجه الله عز وجل من الأعمال الصالحة المطابقة للشريعة . والقول الأول مقتضاه أن كل الذوات فانية وهالكة وزائلة إلا ذاته تعالى ، فإنه الأول الآخر الذي هو قبل كل شيء وبعد كل شيء .
قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا في كتاب " التفكر والاعتبار " : حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بكر ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا عمر بن سليم الباهلي ، حدثنا أبو الوليد قال : كان ابن عمر إذا أراد أن يتعاهد قلبه ، يأتي الخربة فيقف على بابها ، فينادي بصوت حزين فيقول : أين أهلك ؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) .
وقوله : ( له الحكم ) أي : الملك والتصرف ، ولا معقب لحكمه ، ( وإليه ترجعون ) أي : يوم معادكم ، فيجزيكم بأعمالكم ، إن كان خيرا فخير ، وإن شرا فشر .
[ والله أعلم . آخر تفسير سورة " القصص " ]
القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)
يقول تعالى ذكره: ولا تعبد يا محمد مع معبودك الذي له عبادة كلّ شيء معبودا آخر سواه. وقوله: ( لا إِلَهَ إِلا هُوَ ) يقول: لا معبود تصلح له العبادة إلا الله الذي كلّ شيء هالك إلا وجهه.
واختلف في معنى قوله: ( إِلا وَجْهَهُ ) فقال بعضهم: معناه: كلّ شيء هالك إلا هو.
وقال آخرون: معنى ذلك: إلا ما أريد به وجهه, واستشهدوا لتأويلهم ذلك كذلك بقول الشاعر:
أَسْـتَغْفِرُ اللـهَ ذَنْبًـا لَسْـتُ مُحْصِيـهُ
رَبُّ العِبــادِ إلَيْـهِ الوَجْـهُ والعَمَـلُ
وقوله: ( لَهُ الْحُكْمُ ) يقول: له الحكم بين خلقه دون غيره, ليس لأحد غيره معه فيهم حكم ( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) يقول: وإليه تردون من بعد مماتكم, فيقضي بينكم بالعدل, فيجازي مؤمنيكم جزاءهم, وكفاركم ما وعدهم.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الشعراء: 213 | ﴿فَـ لَا تَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾ |
---|
القصص: 88 | ﴿وَ لَا تَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ ۘ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ترجعون:
1- مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للفاعل، وهى قراءة عيسى
التفسير :
تقدم الكلام عن الحروف المقطعة
مقدمة وتمهيد
1- سورة العنكبوت هي السورة التاسعة والعشرون في ترتيب المصحف، وكان نزولها بعد سورة الروم، أى: أنها من أواخر السور المكية في النزول، إذ أن ترتيبها في النزول الثالثة والثمانون من بين السور المكية، ولم ينزل بعدها قبل الهجرة سوى سورة المطففين وعدد آياتها تسع وستون آية.
2- وجمهور العلماء على أنها مكية، ومنهم من يرى أن فيها آيات مدنية.
قال الآلوسى: عن ابن عباس أنها مكية وذهب إلى ذلك- أيضا- الحسن وجابر وعكرمة. وعن بعضهم أنها آخر ما نزل بمكة ... وقال يحيى بن سلام: هي مكية، إلا من أولها إلى قوله- تعالى-: وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ ... .
والذي تطمئن إليه النفس أن سورة العنكبوت كلها مكية، وليس هناك روايات يعتمد عليها في كون بعض آياتها مدنية.
3- وقد افتتحت سورة العنكبوت ببعض الحروف المقطعة الم، ثم تحدثت عن تكاليف الإيمان، وأنه يستلزم الامتحان والاختبار، ليميز الله الخبيث من الطيب، وعن الحسنة التي أعدها- سبحانه- لعباده المؤمنين الصادقين. قال- تعالى-: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ.
4- ثم حكت جانبا من أقوال المشركين، ومن دعاواهم الكاذبة، وردت عليهم بما يبطل أقوالهم، وبما يزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم ...
قال- تعالى-: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ، وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ، وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ.
5- ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك، إلى الحديث عن قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم، فأشارت إلى قصة نوح مع قومه، ثم ذكرت بشيء من التفصيل جانبا من قصة إبراهيم مع قومه، ومن قصة لوط مع قومه، وأتبعت ذلك بإشارات مركزة تتعلق بقصة شعيب وهود وصالح وموسى مع أقوامهم ...
ثم اختتمت هذه القصص ببيان العاقبة السيئة التي صار إليها المكذبون لرسلهم، فقال- تعالى-: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا، وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ، وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.
6- ثم ضربت السورة الكريمة مثلا لحال الذين أشركوا مع الله- تعالى- آلهة أخرى في العبادة، فشبهت ما هم عليه من كفر وشرك- في ضعفه وهوانه وهلهلته- ببيت العنكبوت، وأمرت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أن يزدادوا ثباتا على ثباتهم، وأن يستعينوا على ذلك، بتلاوة القرآن الكريم، وبإقامة الصلاة، وبالإكثار من ذكر الله- تعالى-.
قال- سبحانه-: اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ، إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ.
7- ثم أمرت السورة الكريمة المؤمنين بأن يجادلوا أهل الكتاب بالتي هي أحسن، إلا الذين ظلموا منهم، وأرشدتهم إلى ما يقولونه لهم، ومدحت من يستحق المدح منهم، وذمت من يستحق الذم، وأقامت الأدلة الساطعة على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى-.
قال- سبحانه-: وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ، فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ، وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ، وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ.
8- ثم وجه- سبحانه- نداء إلى المؤمنين، حضهم فيه على الهجرة من أرض الكفر إلى دار الإيمان، ورغبهم في ذلك بوسائل، منها: إخبارهم بأن الآجال بيد الله- تعالى- وحده، وكذلك الأرزاق بيده وحده، وأن من استجاب لما أمره الله- تعالى- به، أعطاه- سبحانه- الكثير من خيره وفضله.
قال- تعالى- يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ، ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ
.9- ثم ساق- سبحانه- في أواخر السورة، ألوانا من تناقضات المشركين، حيث إنهم إذا سألهم سائل عمن خلق السموات والأرض ... قالوا: الله- تعالى- هو الذي خلقهما، ومع ذلك فهم يشركون معه في العبادة آلهة أخرى، وإذا أحاط بهم الموج وهم في السفن ...
دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ، وهم يعيشون في حرم آمن، والناس يتخطفون من حولهم.. ومع ذلك فهم بالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون.
هذا شأنهم، أما المؤمنون الصادقون فقد وعدهم الله- تعالى- بما يقر أعينهم فقال في ختام السورة: وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا، وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.
10- وهكذا نرى هذه السورة الكريمة، وقد حدثتنا- من بين ما حدثتنا- عن الإيمان وتكاليفه، وعن سنن الله في خلقه، وعن قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم، وعن هوان الشرك والشركاء، وعما يعين المؤمن على طاعة الله، وعن علاقة المؤمنين بغيرهم، وعن البراهين الساطعة الناطقة بأن هذا القرآن من عند الله، وعن أن المؤمن لا يليق به أن يقيم في مكان لا يستطيع فيه أن يؤدى شعائر دينه، وعن سوء عاقبة الأشرار، وحسن عاقبة الأخبار ...
نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا جميعا من عباده الأخيار.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،
سورة العنكبوت من السور التي افتتحت ببعض حروف التهجي الم، ويبلغ عدد السور التي افتتحت بحروف التهجي، تسعا وعشرين سورة.
وقد سبق أن قلنا: لعل أقرب الأقوال إلى الصواب، أن هذه الحروف المقطعة قد وردت في افتتاح بعض السور، على سبيل الإيقاظ والتنبيه، للذين تحداهم القرآن الكريم، فكأن الله- تعالى- يقول لأولئك المعارضين في أن القرآن من عند الله: هاكم القرآن ترونه مؤلفا من كلام هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم، ومنظوما من حروف هي من جنس الحروف الهجائية التي تنظمون منها حروفكم، فإن كنتم في شك من كونه منزلا من عند الله، فهاتوا مثله، وادعوا من شئتم من الخلق لكي يعاونكم في ذلك ...
مكية
قد اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور فمنهم من قال هي مما استأثر الله بعلمه فردوا علمها إلى الله ولم يفسرها حكاه القرطبي في تفسـره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره أبو حاتم بن حبان.
ومنهم من فسرها واختلف هؤلاء في معناها فقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم إنما هي أسماء السور.
قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر ونقل عن سيبويه أنه نص عليه ويعتضد لهذا بما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة "الم" السجدة و "هل أتى على الإنسان" وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: الم وحم والمص وص.
فواتح افتتح الله بها القرآن وكذا قال غيره عن مجاهد وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عن شبل عن ابن أبي نجيح عنه أنه قال الم اسم من أسماء القرآن وهكذا وقال قتادة وزيد بن أسلم ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبدالرحمن بن زيد بن أسلم أنه اسم من أسماء السور فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن فإنه يبعد أن يكون المص اسما للقرآن كله لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول قرأت المص إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف لا لمجموع القرآن والله أعلم.
وقيل هي اسم من أسماء الله تعالى فقال عنها في فواتح السور من أسماء الله تعالى وكذلك قال سالم بن عبدالله وإسماعيل بن عبدالرحمن السدي الكبير وقال شعبة عن السدي بلغني أن ابن عباس قال الم اسم من أسماء الله الأعظم.
هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي عن شعبة قال سألت السدي عن حم وطس والم فقال قال ابن عباس هي اسم الله الأعظم وقال ابن جرير وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا أبو النعمان حدثنا شعبة عن إسماعيل السدي عن مرة الهمذاني قال: قال عبدالله فذكر نحوه.
وحُكي مثله عن علي وابن عباس وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله تعالى وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث ابن علية عن خالد الحذاء عن عكرمة أنه قال الم قسم.
وروينا أيضا من حديث شريك بن عبدالله بن عطاء بن السائب عن أبى الضحى عن ابن عباس: الم قال أنا الله أعلم وكذا قال سعيد بن جبير وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمذاني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الم قال أما الم فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى.
قال وأبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى الم قال هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلألائه ليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم.
قال عيسى ابن مريم عليه السلام وعجب: فقال أعجب أنهم يظنون بأسمائه ويعيشون في رزقه فكيف يكفرون به فالألف مفتاح الله واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله والألف سنة واللام ثلاثون سنة والميم أربعون سنة.
هذا لفظ ابن أبي حاتم ونحوه رواه ابن جرير ثم شرع يوجه كل واحد من هذه الأقوال ويوفق بينها وأنه لا منافاة بين كل واحد منها وبين الآخر وأن الجمع ممكن فهي أسماء للسور ومن أسماء الله تعالى يفتتح بها السور فكل حرف منها دل على اسم من أسمائه وصفة من صفاته كما افتتح سورا كثيرة بتحميده وتسبيحه وتعظيمه قال ولا مانع من دلالة الحرف منها على اسم من أسماء الله وعلى صفة من صفاته وعلى مدة وغير ذلك كما ذكره الربيع بن أنس عن أبي العالية لأن الكلمة الواحدة تطلق على معاني كثيرة كلفظة الأمة فإنها تطلق ويراد به الدين كقوله تعالى "إنا وجدنا آباءنا على أمة" وتطلق ويراد بها الرجل المطيع لله كقوله تعالى "إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين" وتطلق ويراد بها الجماعة كقوله تعالى "وجد عليه أمة من الناس يسقون" وقوله تعالى "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا" وتطلق ويراد بها الحين من الدهر كقوله تعالى "وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة" أي بعد حين على أصح القولين قال فكذلك هذا.
هذا حاصل كلامه موجها ولكن هذا ليس كما ذكره أبو العالية فإن أبا العالية زعم أن الحرف دل على هذا وعلى هذا وعلى هذا معا ولفظة الأمة وما أشبهها من الألفاظ المشتركة في الاصطلاح إنما دل في القرآن في كل موطن على معنى واحد دل عليه سياق الكلام فأما حمله على مجموع محامله إذا أمكن فمسألة مختلف فيها بين علماء الأصول ليس هذا موضع البحث فيها والله أعلم.
ثم إن لفظة الأمة تدل على كل من معانيها في سياق الكلام بدلالة الوضع فأما دلالة الحرف الواحد على اسم يمكن أن يدل على اسم آخر من غير أن يكون أحدهما أولى من الآخر في التقدير أو الإضمار بوضع ولا بغيره فهذا مما لا يفهم إلا بتوقيف والمسألة مختلف فيها وليس فيها إجماع حتى يحكم به وما أنشدوه من الشواهد على صحة إطلاق الحرف الواحد على بقية الكلمة فإن في السياق ما يدل على ما حذف بخلاف هذا كما قال الشاعر: قلنا قفي لنا فقالت قاف لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف تعني وقفت.
وقال الآخر: ما للظليم عال كيف لايـ ينقد عنه جلده إذا يـ فقال ابن جرير كأنه أراد أن يقول إذا يفعل كذا وكذا فاكتفى بالياء من يفعل وقال الآخر: بالخير خيرات وان شرا فا ولا أريد الشر إلا أن تـ يقول وإن شرا فشرا ولا أريد الشر إلا أن تشاء فاكتفى بالفاء والتاء من الكلمتين عن بقيتهما ولكن هذا ظاهر من سياق الكلام والله أعلم.
قال القرطبي وفي الحديث "من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة" الحديث قال سفيان هو أن يقول في اقتل"ا قـ" وقال خصيف عن مجاهد أنه قال فواتح السور كلها"ق وص وحم وطسم والر" وغير ذلك هجاء موضوع وقال بعض أهل العربية هي حروف من حروف المعجم استغنى بذكر ما ذكر منها في أوائل السور عن ذكر بواقيها التي هي تتمة الثمانية والعشرين حرفا كما يقول القائل ابني يكتب في - ا ب ت ث - أي في حروف المعجم الثمانية والعشرين فيستغني بذكر بعضها عن مجموعها حكاه ابن جرير.
قلت مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفا وهي - ال م ص ر ك ه ي ع ط س ح ق ن- يجمعها قولك: نص حكيم قاطع له سر.
وهي نصف الحروف عددا والمذكور منها أشرف من المتروك وبيان ذلك من صناعة التصريف.
قال الزمخشري وهذه الحروف الأربعة عشر مشتملة على أصناف أجناس الحروف يعني من المهموسة والمجهورة ومن الرخوة والشديدة ومن المطبقة والمفتوحة ومن المستعلية والمنخفضة ومن حروف القلقلة.
وقد سردها مفصلة ثم قال: فسبحان الذي دقت في كل شئ حكمته.
وهذه الأجناس المعدودة مكثورة بالمذكورة منها وقد علمت أن معظم الشيء وجله ينزل منزلة كله وههنا ههنا لخص بعضهم في هذا المقام كلاما فقال: لا شك أن هذه الحروف لم ينزلها سبحانه وتعالى عبثا ولا سدى ومن قال من الجهلة إن في القرآن ما هو تعبد لا معنى له بالكلمة فقد أخطأ خطأ كبيرا فتعين أن لها معنى في نفس الأمر فإن صح لنا فيها عن المعصوم شيء قلنا به وإلا وقفنا حيث وقفنا وقلنا "آمنا به كل من عند ربنا" ولم يجمع العلماء فيها على شيء معين وإنما اختلفوا فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل فعليه اتباعه وإلا فالوقف حتى يتبين هذا المقام.
المقام الآخر في الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور ما هي مع قطع النظر عن معانيها في أنفسها فقال بعضهم إنما ذكرت ليعرف بها أوائل السور حكاه ابن جرير وهذا ضعيف لأن الفصل حاصل بدونها فيما لم تذكر فيه وفيما ذكرت فيه البسملة تلاوة وكتابة وقال آخرون بل ابتدئ بها لتفتح لاستماعها أسماع المشركين إذ تواصوا بالإعراض عن القرآن حتى إذا استمعوا له تلا عليهم المؤلف منه حكاه ابن جرير أيضا وهو ضعيف أيضا لأنه لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السور لا يكون في بعضها بل غالبها ليس كذلك ولو كـان كذلك أيضا لانبغى الإبتداء بها في أوائل الكلام معهم سواء كان افتتاح سورة أو غير ذلك ثم إن هذه السورة والتي تليها أعني البقرة وآل عمران مدنيتان ليستا خطابا للمشركين فانتقض ما ذكروه بهذه الوجوه.
وقال آخرون بل إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها وقد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا وقرره الزمخشري فى كشافه ونصره أتم نصر وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيمية.
قال الزمخشري ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت كما كررت قصص كثيرة وكرر التحدي بالصريح في أماكن قال وجاء منها على حرف واحد كقوله - ص ن ق- وحرفين مثل "حم" وثلاثة مثل "الم" وأربعة مثل "المر" و "المص" وخمسة مثل "كهيعص- و- حم عسق" لأن أساليب كلامهم على هذا من الكلمات ما هو على حرف وعلى حرفين وعلى ثلاثة وعلى أربعة وعلى خمسة لا أكثر من ذلك "قلت" ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته وهذا معلوم بالاستقراء وهو الواقع في تسع وعشرين سورة ولهذا يقول تعالى "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه" "الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه" "المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه" "الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم" "الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين" "حم تنزيل من الرحمن الرحيم" "حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم" وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر والله أعلم.
وأما من زعم أنها دالة على معرفة المدد وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم فقد ادعى ما ليس له وطار في غير مطاره وقد ورد في ذلك حديث ضعيف وهو مع ذلك أدل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته وهو ما رواه محمد بن إسحق بن يسار صاحب المغازي حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبدالله بن رباب قال مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه" فأتى أخاه بن أخطب في رجال من اليهود فقال تعلمون والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل الله تعالى عليه "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه" فقال أنت سمعته قال نعم قال فمشى حي بن أخطب في أولئك النفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد ألم يذكر أنك تتلوا فيما أنزل الله عليك "الم ذلك الكتاب"؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بلى" فقالوا جاءك بهذا جبريل من عند الله؟ فقال "نعم" قالوا لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك.
فقام حي بن أخطب وأقبل على من كان معه فقال لهم الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة أفتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة؟ ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد هل مع هذا غيره فقال "نعم" قال ما ذاك؟ قال "المص" قال هذا أثقل وأطول الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه إحدى وثلاثون ومائة سنة.
هل مع هذا يا محمد غيره؟ قال "نعم" قال ما ذاك؟ قال "الر" قال هذا أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة.
فهل مع هذا يا محمد غيره؟ قال "نعم" قال ماذا قال "المر" قال هذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان فهذه إحدى وسبعون ومائتان ثم قال: لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا.
ثم قال قوموا عنه ثم قال أبو ياسر لأخيه حي بن أخطب ولمن معه من الأحبار ما يدريكم لعله قد جمع هذا لمحمد كله إحدى وسبعون وإحدى وثلاثون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان فذلك سبعمائة وأربع سنين؟ فقالوا لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أن هؤلاء الآيات نزلت فيهم "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات" فهذا الحديث مداره على محمد بن السائب الكلبي وهو ممن لا يحتج بما انفرد به ثم كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحا أن يحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها وذلك يبلغ منه جملة كثيرة وإن حسبت مع التكرر فأطم وأعظم والله أعلم.
القول في تأويل قوله تعالى : الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ
قال أبو جعفر: وقد بيَّنا معنى قول الله تعالى ذكره: (الم) وذكرنا أقوال أهل التأويل في تأويله، والذي هو أولى بالصواب من أقوالهم عندنا بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 1 | ﴿ الم ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ |
---|
آل عمران: 1 | ﴿ الم اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ |
---|
العنكبوت: 1 | ﴿ الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ |
---|
الروم: 1 | ﴿ الم غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ |
---|
لقمان: 1 | ﴿ الم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾ |
---|
السجدة: 1 | ﴿ الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ |
---|
البقرة: 1 | ﴿ الم ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ |
---|
آل عمران: 1 | ﴿ الم اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ |
---|
العنكبوت: 1 | ﴿ الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ |
---|
الروم: 1 | ﴿ الم غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ |
---|
لقمان: 1 | ﴿ الم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾ |
---|
السجدة: 1 | ﴿ الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى عن [تمام] حكمته وأن حكمته لا تقتضي أن كل من قال "إنه مؤمن "وادعى لنفسه الإيمان، أن يبقوا في حالة يسلمون فيها من الفتن والمحن، ولا يعرض لهم ما يشوش عليهم إيمانهم وفروعه، فإنهم لو كان الأمر كذلك، لم يتميز الصادق من الكاذب، والمحق من المبطل، ولكن سنته وعادته في الأولين وفي هذه الأمة، أن يبتليهم بالسراء والضراء، والعسر واليسر، والمنشط والمكره، والغنى والفقر، وإدالة الأعداء عليهم في بعض الأحيان، ومجاهدة الأعداء بالقول والعمل ونحو ذلك من الفتن، التي ترجع كلها إلى فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة، والشهوات المعارضة للإرادة، فمن كان عند ورود الشبهات يثبت إيمانه ولا يتزلزل، ويدفعها بما معه من الحق وعند ورود الشهوات الموجبة والداعية إلى المعاصي والذنوب، أو الصارفة عن ما أمر اللّه به ورسوله، يعمل بمقتضى الإيمان، ويجاهد شهوته، دل ذلك على صدق إيمانه وصحته.
ومن كان عند ورود الشبهات تؤثر في قلبه شكا وريبا، وعند اعتراض الشهوات تصرفه إلى المعاصي أو تصدفه عن الواجبات، دلَّ ذلك على عدم صحة إيمانه وصدقه.
والناس في هذا المقام درجات لا يحصيها إلا اللّه، فمستقل ومستكثر، فنسأل اللّه تعالى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يثبت قلوبنا على دينه، فالابتلاء والامتحان للنفوس بمنزلة الكير، يخرج خبثها وطيبها.
والاستفهام في قوله- سبحانه-: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ للإنكار وحَسِبَ من الحسبان بمعنى الظن. وقوله: يُفْتَنُونَ من الفتن، بمعنى الاختبار والامتحان.
يقال: فتنت الذهب بالنار، أى: أدخلته فيها لتعلم الجيد منه من الخبيث.
وجملة «أن يتركوا» سدت مسد مفعولي حسب، وجملة «أن يقولوا» في موضع نصب، على معنى: لأن يقولوا، وهي متعلقة بقوله: يُتْرَكُوا. وجملة «وهم لا يفتنون» في موضع الحال من ضمير «يتركوا» .
والمعنى: أظن الناس أن يتركوا بدون امتحان، واختبار، وابتلاء، وبدون نزول المصائب بهم، لأنهم نطقوا بكلمة الإيمان؟ إن ظنهم هذا ظن باطل، ووهم فاسد، لأن الإيمان ليس كلمة تقال باللسان فقط، بل هو عقيدة تكلف صاحبها الكثير من ألوان الابتلاء والاختبار، عن طريق التعرض لفقد الأموال والأنفس والثمرات، حتى يتميز قوى الإيمان من ضعيفه.
قال القرطبي: والمراد بالناس قوم من المؤمنين كانوا بمكة، وكان الكفار من قريش يؤذونهم ويعذبونهم على الإسلام، كسلمة بن هشام، وعياش بن ربيعة، والوليد بن الوليد.. فكانت صدورهم تضيق بذلك، وربما استنكروا أن يمكن الله الكفار من المؤمنين. قال مجاهد وغيره:
فنزلت هذه الآية مسلية ومعلمة أن هذه هي سيرة الله في عباده، اختبار للمؤمنين وفتنة.
قال ابن عطية: وهذه الآية وإن كانت نزلت بهذا السبب أو ما في معناه من الأقوال، فهي باقية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، موجود حكمها بقية الدهر ... » .
أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة " البقرة " .
وقوله : ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) استفهام إنكار ، ومعناه : أن الله سبحانه وتعالى لا بد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان ، كما جاء في الحديث الصحيح : " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في البلاء " . وهذه الآية كقوله : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) [ آل عمران : 142 ] ، ومثلها في سورة " براءة " وقال في البقرة : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ) [ البقرة : 214 ] ; ولهذا قال هاهنا :
وأما قوله: ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) فإن معناه: أظنَّ الذين خرجوا يا محمد من أصحابك من أذى المشركين إياهم أن نتركهم بغير اختبار ولا ابتلاء امتحان، بأن قالوا: آمنا بك يا محمد فصدّقناك فيما جئتنا به من عند الله، كلا لنختبرهم، ليتبين الصادق منهم من الكاذب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ( آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) قال: يُبْتَلُونَ في أنفسهم وأموالهم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) أي: لا يبتلون.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد، في قوله: (وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) قال: لا يُبْتَلونَ.
فإن الأولى منصوبة بحسب، والثانية منصوبة في قول بعض أهل العربية بتعلق يتركوا بها وأن معنى الكلام على قوله: ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا ) لأن يقولوا آمنا؛ فلما حذفت اللام الخافضة من لأن نصبت على ما ذكرت. وأما على قول غيره فهي في موضع خفض بإضمار الخافض، ولا تكاد العرب تقول تركت فلانا أن يذهب، فتدخل أن في الكلام، وإنما تقول تركته يذهب، وإنما أدخلت أن هاهنا لاكتفاء الكلام بقوله: (أنْ يُتْرَكُوا) إذ كان معناه: أحسب الناس أن يتركوا وهم لا يفتنون من أجل أن يقولوا آمنا، فكان قوله: (أنْ يُتْرَكُوا) مكتفية بوقوعها على الناس، دون أخبارهم. وإن جعلت " أن " في قوله: (أنْ يَقُولُوا) منصوبة بنية تكرير أحسب، كان جائزا، فيكون معنى الكلام: أحسب الناس أن يتركوا أحسبوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى عن [تمام] حكمته وأن حكمته لا تقتضي أن كل من قال "إنه مؤمن "وادعى لنفسه الإيمان، أن يبقوا في حالة يسلمون فيها من الفتن والمحن، ولا يعرض لهم ما يشوش عليهم إيمانهم وفروعه، فإنهم لو كان الأمر كذلك، لم يتميز الصادق من الكاذب، والمحق من المبطل، ولكن سنته وعادته في الأولين وفي هذه الأمة، أن يبتليهم بالسراء والضراء، والعسر واليسر، والمنشط والمكره، والغنى والفقر، وإدالة الأعداء عليهم في بعض الأحيان، ومجاهدة الأعداء بالقول والعمل ونحو ذلك من الفتن، التي ترجع كلها إلى فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة، والشهوات المعارضة للإرادة، فمن كان عند ورود الشبهات يثبت إيمانه ولا يتزلزل، ويدفعها بما معه من الحق وعند ورود الشهوات الموجبة والداعية إلى المعاصي والذنوب، أو الصارفة عن ما أمر اللّه به ورسوله، يعمل بمقتضى الإيمان، ويجاهد شهوته، دل ذلك على صدق إيمانه وصحته.
ومن كان عند ورود الشبهات تؤثر في قلبه شكا وريبا، وعند اعتراض الشهوات تصرفه إلى المعاصي أو تصدفه عن الواجبات، دلَّ ذلك على عدم صحة إيمانه وصدقه.
والناس في هذا المقام درجات لا يحصيها إلا اللّه، فمستقل ومستكثر، فنسأل اللّه تعالى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يثبت قلوبنا على دينه، فالابتلاء والامتحان للنفوس بمنزلة الكير، يخرج خبثها وطيبها.
وقوله- سبحانه-: وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ مؤكد لما قبله من أن ظن الناس أن يتركوا بدون ابتلاء، لقولهم آمنا، هذا الظن في غير محله، لأن سنة الله قد اقتضت أن يدفع الناس بعضهم ببعض، وأن يجعل الكافرين يتصارعون مع المؤمنين، إلا أن العاقبة في النهاية للمؤمنين.
والمقصود بقوله- تعالى-: فَلَيَعْلَمَنَّ.. إظهار علمه- سبحانه-، أو المجازاة على الأعمال.
أى: ولقد فتنا الذين من قبل هؤلاء المؤمنين من أصحابك- أيها الرسول الكريم-، فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ... أى فليظهرن الله- تعالى- في عالم الواقع حال الذين صدقوا في إيمانهم، من حال الكاذبين منهم، حتى ينكشف للناس ما هو غائب عن علمهم.
أو المعنى: ولقد فتنا الذين من قبلهم من المؤمنين السابقين، كأتباع نوح وهود وصالح وغيرهم، فليجزين الذين صدقوا في إيمانهم بما يستحقون من ثواب، وليجزين الكاذبين بما يستحقون من عقاب، ولترتب المجازاة على العلم، أقيم السبب مقام المسبب.
قال الإمام ابن جرير: قوله: فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ... أى: فليعلمن الله الذين صدقوا منهم في قولهم آمنا، وليعلمن الكاذبين منهم في قولهم ذلك، والله عالم بذلك منهم، قبل الاختبار، وفي حال الاختبار، وبعد الاختبار، ولكن معنى ذلك: وليظهرن الله صدق الصادق منهم في قوله آمنا بالله، من كذب الكاذب منهم ...
وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين، عذبهم المشركون، ففتن بعضهم، وصبر بعضهم على أذاهم، حتى أتاهم الله بفرج من عنده» .
وفي معنى هاتين الآيتين وردت آيات كثيرة منها قوله- تعالى-: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ
وقوله- تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً.. .
وقوله- سبحانه-: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ .
وقد ساق الإمام القرطبي عند تفسيره لهاتين الآيتين من سورة العنكبوت عددا من الأحاديث النبوية، منها قوله: روى البخاري عن خباب بن الأرت قالوا: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟
فقال: «قد كان من قبلكم يؤخذ فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد لحمه وعظمه، فما يصرفه ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون» .
والخلاصة، أن المقصود من الآيتين تنبيه الناس في كل زمان ومكان، إلى أن ظن بعض الناس بأن الإيمان يتعارض مع الابتلاء بالبأساء والضراء، ظن خاطئ، وإلى أن هذا الابتلاء سنة ماضية في السابقين وفي اللاحقين إلى يوم القيامة.
( ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) أي : الذين صدقوا في دعواهم الإيمان ممن هو كاذب في قوله ودعواه . والله سبحانه وتعالى يعلم ما كان وما يكون ، وما لم يكن لو كان كيف يكون . وهذا مجمع عليه عند أئمة السنة والجماعة ; ولهذا يقول ابن عباس وغيره في مثل : ( إلا لنعلم ) [ البقرة : 143 ] : إلا لنرى ; وذلك أن الرؤية إنما تتعلق بالموجود ، والعلم أعم من الرؤية ، فإنه [ يتعلق ] بالمعدوم والموجود .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)
يقول تعالى ذكره: ولقد اختبرنا الذين من قبلهم من الأمم، ممن أرسلنا إليهم رسلنا، فقالوا مثل ما قالته أمتك يا محمد بأعدائهم، وتمكيننا إياهم من أذاهم، كموسى إذا أرسلناه إلى بني إسرائيل، فابتليناهم بفرعون وملئهم، وكعيسى إذ أرسلناه إلى بني إسرائيل، فابتلينا من اتبعه بمن تولى عنه، فكذلك ابتلينا أتباعك بمخالفيك من أعدائك ( فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ) منهم في قيلهم آمنا( وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) منهم في قيلهم ذلك، والله عالم بذلك منهم قبل الاختبار، وفي حال الاختبار، وبعد الاختبار، ولكن معنى ذلك: ولَيُظْهِرَنَّ الله صدق الصادق منهم في قيله آمنا بالله من كذب الكاذب منهم بابتلائه إياه بعدوّه، ليعلم صدقه من كذبه أولياؤه، على نحو ما قد بيَّناه فيما مضى قبلُ.
وذكر أن هذه الآية نـزلت في قوم من المسلمين عذّبهم المشركون، ففتن بعضهم، وصبر بعضهم على أذاهم حتى أتاهم الله بفرج من عنده.
* ذكر الرواية بذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير يقول: نـزلت، يعني هذه الآية الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا ... إلى قوله: ( وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) في عمَّار بن ياسر، إذ كان يعذّب في الله.
وقال آخرون: بل نـزل ذلك من أجل قوم كانوا قد أظهروا الإسلام بمكة، وتخلفوا عن الهجرة، والفتنة التي فتن بها هؤلاء القوم على مقالة هؤلاء، هي الهجرة التي امتحنوا بها.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن مطر، عن الشعبيِّ، قال: إنها نـزلت، يعني الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا الآيتين في أناس كانوا بمكة أقرّوا بالإسلام، فكتب إليهم أصحاب محمد نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم من المدينة: إنه لا يقبل منكم إقرارًا بالإسلام حتى تهاجروا، فخرجوا عامدين إلى المدينة، فاتبعهم المشركون، فردّوهم، فنـزلت فيهم هذه الآية، فكتبوا إليهم: إنه قد نـزلت فيكم آية كذا وكذا، فقالوا: نخرج، فإن اتبعنا أحد قاتلناه، قال: فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم ثَمَّ، فمنهم من قتل، ومنهم من نجا، فأنـزله الله فيهم ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ .
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (وَلَقَدْ فَتَنَّا) قال: ابتلينا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد ( وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) قال: ابتلينا الذين من قبلهم.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله:
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
العنكبوت: 3 | ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّـهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ |
---|
ص: 34 | ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ﴾ |
---|
الدخان: 17 | ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وليعلمن:
وقرئ:
مضارع «أعلم» ، وهى قراءة على، وجعفر بن محمد.
التفسير :
أي:أحسب الذين همهم فعل السيئات وارتكاب الجنايات، أن أعمالهم ستهمل، وأن اللّه سيغفل عنهم، أو يفوتونه، فلذلك أقدموا عليها، وسهل عليهم عملها؟{ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} أي:ساء حكمهم، فإنه حكم جائر، لتضمنه إنكار قدرة اللّه وحكمته، وأن لديهم قدرة يمتنعون بها من عقاب اللّه، وهم أضعف شيء وأعجزه.
ثم بين- سبحانه- أن عقابه للمرتكبين السيئات واقع بهم، وأنهم إذا ظنوا خلاف ذلك، فظنهم من باب الظنون السيئة القبيحة، فقال- تعالى-: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا، ساءَ ما يَحْكُمُونَ.
و «أم» هنا منقطعة بمعنى بل، والاستفهام للإنكار والتوبيخ، وقوله: أَنْ يَسْبِقُونا سد مسد مفعولي حسب، وأصل السبق: الفوت والتقدم على الغير. والمراد به هنا:
التعجيز، والمعنى: بل أحسب الذين يعملون الأعمال السيئات كالكفر والمعاصي، «أن يسبقونا» أى: أن يعجزونا فلا نقدر على عقابهم، أو أن في إمكانهم أن يهربوا من حسابنا لهم؟ إن كانوا يظنون ذلك فقد: «ساء ما يحكمون» أى: بئس الظن ظنهم هذا، وبئس الحكم حكمهم على الأمور.
وقوله : ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون ) أي : لا يحسبن الذين لم يدخلوا في الإيمان أنهم يتخلصون من هذه الفتنة والامتحان ، فإن من ورائهم من العقوبة والنكال ما هو أغلظ من هذا وأطم ; ولهذا قال : ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ) أي : يفوتونا ، ( ساء ما يحكمون ) أي : بئس ما يظنون .
القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4)
يقول تعالى ذكره: أم حَسِبَ الذين يشركون بالله فيعبدون معه غيره، وهم المعنيون بقوله: ( الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا ) يقول: أن يعجزونا فيفوتونا بأنفسهم، فلا نقدر عليهم فننتقم منهم لشركهم بالله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ) أي: الشرك أن يسبقونا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (أنْ يَسْبقُونا) أن يعجزونا.
وقوله: ( سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) يقول تعالى ذكره: ساء حكمهم الذي يحكمون بأن هؤلاء الذين يعملون السيئات يسبقوننا بأنفسهم.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
العنكبوت: 4 | ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا﴾ |
---|
الجاثية: 21 | ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ |
---|
محمد: 29 | ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّـهُ أَضْغَانَهُمْ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يعني:يا أيها المحب لربه، المشتاق لقربه ولقائه، المسارع في مرضاته، أبشر بقرب لقاء الحبيب، فإنه آت، وكل آت إنما هو قريب، فتزود للقائه، وسر نحوه، مستصحبا الرجاء، مؤملا الوصول إليه، ولكن، ما كل من يَدَّعِي يُعْطَى بدعواه، ولا كل من تمنى يعطى ما تمناه، فإن اللّه سميع للأصوات، عليم بالنيات، فمن كان صادقا في ذلك أناله ما يرجو، ومن كان كاذبا لم تنفعه دعواه، وهو العليم بمن يصلح لحبه ومن لا يصلح.
ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك ما يدخل السرور والاطمئنان على قلوب عباده المؤمنين الصادقين فقال- تعالى-: مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ، فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. أى: من كان من الناس يرجو لقاء الله- تعالى- يوم القيامة لقاء يسره ويرضيه، ويطمعه في ثوابه وعطائه، فليثبت على إيمانه، وليواظب على العمل الصالح، «فإن أجل الله لآت» . أى: فإن الأجل الذي حدده الله- تعالى- لموت كل نفس وللبعث والحساب، لآت لا محالة في وقته الذي حدده- سبحانه- «وهو السميع» لأقوال خلقه «العليم» بما يخفونه وما يعلنونه.
فالرجاء في لقاء الله، بمعنى الطمع في ثوابه، ومنهم من فسره بمعنى الخوف من حسابه- سبحانه-.
قال صاحب الكشاف: لقاء الله: مثل للوصول إلى العاقبة، من تلقى ملك الموت، والبعث، والحساب، والجزاء، مثلت تلك الحال بحال عبد قدم على سيده بعد عهد طويل، وقد اطلع مولاه على ما كان يأتى ويذر، فإما أن يلقاه ببشر وترحيب، لما رضى من أفعاله، أو بضد ذلك لما سخطه منها ... وقيل: «يرجو» يخاف، كما في قول الشاعر:
إذا لسعته الدبر لم يرج لسعها..» أى: إذا لسعته النحل لم يخف لسعها.
وعلى كلا التفسيرين للرجاء، فإن الآية الكريمة تبشر المؤمنين بما يدخل السرور على نفوسهم، وتعدهم بأنهم متى ثبتوا على إيمانهم، وأحسنوا أعمالهم، فإن ثوابهم سيظفرون به كاملا غير منقوص، بفضل الله وإحسانه.
يقول تعالى : ( من كان يرجو لقاء الله ) أي : في الدار الآخرة ، وعمل الصالحات رجاء ما عند الله من الثواب الجزيل ، فإن الله سيحقق له رجاءه ويوفيه عمله كاملا موفورا ، فإن ذلك كائن لا محالة ; لأنه سميع الدعاء ، بصير بكل الكائنات ; ولهذا قال : ( من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم ) .
القول في تأويل قوله تعالى : مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5)
يقول تعالى ذكره: من كان يرجو الله يوم لقائه، ويطمع في ثوابه، فإن أجل الله الذي أجله لبعث خلقه للجزاء والعقاب لآت قريبا، (وهو السميع) يقول: والله الذي يرجو هذا الراجي بلقائه ثوابه، السميع لقوله: آمنا بالله، العليم بصدق قيله، إنه قد آمن من كذبه فيه.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 137 | ﴿فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ |
---|
الأنعام: 13 | ﴿وَلَهُۥ مَا سَكَنَ فِي ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ |
---|
الأنعام: 115 | ﴿وَعَدۡلٗاۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ |
---|
الأنبياء: 4 | ﴿قَالَ رَبِّي يَعۡلَمُ ٱلۡقَوۡلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ |
---|
العنكبوت: 5 | ﴿مَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ ٱللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لَأٓتٖۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ |
---|
العنكبوت: 60 | ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٖ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ يَرۡزُقُهَا وَإِيَّاكُمۡۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَمَنْ جَاهَدَ} نفسه وشيطانه، وعدوه الكافر،{ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ} لأن نفعه راجع إليه، وثمرته عائدة إليه، والله غني عن العالمين، لم يأمرهم بما أمرهم به لينتفع به، ولا نهاهم عما نهاهم عنه بُخْلًا عليهم.
وقد علم أن الأوامر والنواهي يحتاج المكلف فيها إلى جهاد، لأن نفسه تتثاقل بطبعها عن الخير، وشيطانه ينهاه عنه، وعدوه الكافر يمنعه من إقامة دينه، كما ينبغي، وكل هذا معارضات تحتاج إلى مجاهدات وسعي شديد.
وقوله- سبحانه-: وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ معطوف على ما قبله، ومؤكد لمضمونه. أى: ومن جاهد في طاعة الله، وفي سبيل إعلاء كلمته، ونصرة دينه، فإنما يعود ثواب جهاده ونفعه لنفسه لا لغيره.
إِنَّ اللَّهَ- تعالى- لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ جميعا، لأنه- سبحانه- لا تنفعه طاعة مطيع، كما لا تضره معصية عاص، وإنما لنفسه يعود ثواب المطيع وعليها يرجع عقاب المسيء.
وقوله : ( ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ) ، كقوله : ( من عمل صالحا فلنفسه ) [ فصلت : 46 ] أي : من عمل صالحا فإنما يعود نفع عمله على نفسه ، فإن الله غني عن أفعال العباد ، ولو كانوا كلهم على أتقى قلب رجل [ واحد ] منهم ، ما زاد ذلك في ملكه شيئا ; ولهذا قال : ( ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين ) .
قال الحسن البصري : إن الرجل ليجاهد ، وما ضرب يوما من الدهر بسيف .
وقوله: ( وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ) يقول: ومن يجاهد عدوَّه من المشركين فإنما يجاهد لنفسه؛ لأنه يفعل ذلك ابتغاء الثواب من الله على جهاده، والهرب من العقاب، فليس بالله إلى فعله ذلك حاجة، وذلك أن الله غنيّ عن جميع خلقه، له الملك والخلق والأمر.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء