4151234567891011

الإحصائيات

سورة السجدة
ترتيب المصحف32ترتيب النزول75
التصنيفمكيّةعدد الصفحات3.00
عدد الآيات30عدد الأجزاء0.18
عدد الأحزاب0.35عدد الأرباع1.40
ترتيب الطول51تبدأ في الجزء21
تنتهي في الجزء21عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 18/29آلم: 6/6

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (6) عدد الآيات (6)

القرآنُ الكريمُ منزلٌ من ربِّ العالمِينَ، ومهمتُه إنذارُ الكافرينَ، ثُمَّ بيانُ أدلَّةِ وحدانيةِ اللهِ وقدرتِه: خلقُ السمواتِ والأرضِ، وتدبيرُ أَمْرِ المخلوقاتِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (7) الى الآية رقم (11) عدد الآيات (5)

أدلَّةٌ أُخرى على وحدانيةِ اللهِ وقدرتِه: خلقُ الإنسانِ ورعايتُه له في أطوارِه التي يمرُّ بها، ثُمَّ بيانُ إنكارِ المشركينَ للبعثِ والنُّشورِ، والردُّ عليهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة السجدة

الخضوع لله

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • محور السورة::   سورة السجدة نعرف محورها من اسمها: (السجدة)، فهي سورة الخضوع لله سبحانه وتعالى، لذلك حملت اسمًا هو رمز الخضوع والتسليم: السجود. وفيها آية السجدة التي تصوّر المؤمنين يخرّون سجدًا، وهذه قمة الخضوع: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾
  • • بداية السورة::   بدأت السورة بأن القرآن منزل من عند الله رب العالمين، ثم دعت للتأمل في قدرته تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ... ﴾ (4)، فمن تأمل قدرة مولاه خضع له ولم يتكبر. ثم: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ (5)، وطالما أنه هو الذي يدبر الأمر وجب الخضوع له سبحانه. ثم: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾ (7). ولأنها سورة الخضوع؛ يأتي فيها ذكر الموت، حتى نتذكر الآخرة، ويفيق الغافلون من غفلتهم ويخضعوا لله حتى يكونوا من الفائزين في الدنيا والآخرة: ﴿قُلْ يَتَوَفَّـٰكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِى وُكّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ (11).
  • • مع أي الفريقين أنت؟:   الفريق الأول: وهم الذين لم يخضعوا لله في الدنيا، فتبين السورة عقابهم، فعدم الخضوع لله في الدنيا إيمانًا به وتعظيمًا له ينتج عنه خضوع ذلٍ في الآخرة: ﴿وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءوسِهِمْ عِندَ رَبّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ (12). الفريق الثاني: وهم الذين يخضعون لله تعالى في الدنيا، فتمدحهم السورة: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِـئَايَـٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّدًا وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ (15)، المؤمنون خاضعون لله والسجود لله عندهم عزة ورفعة. ثم وصفت حالهم: ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ﴾ (16)، فعندما يلجأون إلى النوم، ترفضه أجسامهم، وانظر إلى عبارة (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ) ما أروعها! فالنوم والسرير يمثلان بالنسبة لكثير من الناس الراحة، أما الخاضعون، فهم يرفضون النوم لما يحملونه من حب للعبادة وخوف من النار وطمعًا بالجنة. وكأن السورة تعرض لك النموذجين وتسألك: مع أي الفريقين أنت؟ ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُونَ﴾ (18). والله تعالى يمهل أولئك المتكبرين حتى يعودوا إليه، ويرسل لهم بعض الابتلاءات والعذاب عساهم يخضعون لربهم جل وعلا: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (21). ثم تبين السورة كيف يكرم الله من خضع له من بني إسرائيل، ويعزه في الدنيا قبل الآخرة: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِـئَايَـٰتِنَا يُوقِنُونَ﴾ (24).
  • • وختام السورة::   ختمت السورة بهلاك المكذبين: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ﴾ (26)، فإن من عرف كيف أخذ الله من عصاه خضع له ولم يتكبر.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «‏السجدة»، و«آلم تنزيل»، و«آلم تنزيل السجدة».
  • • معنى الاسم ::   السجود هو الخضوع، ومنه سجود الصلاة، وهو وضع الجبهة على الأرض.
  • • سبب التسمية ::   سميت «السجدة»؛ ‏لما ‏ذكر ‏الله ‏فيها ‏من ‏أوصاف ‏المؤمنين ‏الذين ‏إذا ‏سمعوا ‏آيات ‏القرآن ‏خروا ‏سجدًا، وفيها آية سجدة، وسميت «آلم تنزيل»، و«آلم تنزيل السجدة» تسمية للسورة بمفتتحها.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة المضاجع»؛ لوقوع هذا اللفظ بها (وقد ورد في غيرها)، وسورة «سجدة لقمان» لوقوعها بعد سورة لقمان، أي سورة السجدة المجاورة لسورة لقمان، كما سموا سورة «حم السجدة» وهي سورة فصلت «سورة سجدة المؤمن»؛ لوقوعها بعد سورة المؤمن (غافر).
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   الخضوع لله، والاستسلام المطلق له سبحانه.
  • • علمتني السورة ::   أن الحكمة من بعثة الرسل هي هداية أقوامهم إلى الصراط المستقيم: ﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   ثبوت صفة الاستواء لله من غير تشبيه ولا تمثيل: ﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ﴾
  • • علمتني السورة ::   السجدة أن تدبير الله لنا أسرع من وقت انتظارنا؛ لنتفاءل ونُحسن الظن بالله، فهو على كل شيء قدير: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ: (الم تَنْزِيلُ) السَّجْدَةَ، وَ(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ)».
    • عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ: (الم تَنْزِيلُ) السَّجْدَةَ، وَ(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة السجدة من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • حرص النبي صلى الله عليه وسلم على قراءتها في كل ليلة قبل أن ينام، وفي صلاة الفجر يوم الجمعة.
    • احتوت السورة على السجدة العاشرة -بحسب ترتيب المصحف- من سجدات التلاوة، في الآية (15).
    • هي آخر السور الست -بحسب ترتيب المصحف- التي افتتحت بحروف التهجي ﴿الم﴾، وهي: البقرة، وآل عمران، والعنكبوت، والروم، ولقمان، والسجدة.
    • هي آخر السور -بحسب ترتيب المصحف- التي افتتحت بثلاثة حروف تهجي، وعددها 13 سورة.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نخضع لله تعالى، ونستسلم له في كل أمورنا.
    • أن ندعو الله تعالى أن يدبّر لنا أمورنا, وأن يرزقنا العلم النافع, فهو المدبر والعليم: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ﴾ (5).
    • أن نشكر الله تعالى على نعمه: ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ (9).
    • أن نتذكر لحظة الوفاة التي نقابل الله تعالى فيها بعملنا؛ إن خيرًا، أو شرًا: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ (11).
    • أن نعمل الصالحاتِ الآن قبلَ أن نتمنَّى عملَها ولا نستطيعُ: ﴿فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا﴾ (12).
    • أن نسجد سجدة تلاوة عند قراءة هذه الآية: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ (15).
    • أن نضبط المنبّه لنقوم ونصلي من الليل وندعو ربنا: ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ (16).
    • أن يكون لنا خبيئة عمل صالح، نعمل عملًا صالحًا لا يطّلع عليه إلا الله: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (17).
    • أن نأخذ العبرة والعظة من الأمم السابقة: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ ۖ أَفَلَا يَسْمَعُونَ﴾ (26).
    • أن نطمئن؛ فالخير المكتوب لنا يعرفُ طريقَه ويُساقُ إلينا؛ فلا داعي للقلق!: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ﴾ (27).

تمرين حفظ الصفحة : 415

415

مدارسة الآية : [1] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الم

التفسير :

[1] ﴿ الٓمٓ ﴾ سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.

تقدم الكلام عن الحروف المقطعة

مقدّمة

1- سورة «السجدة» هي السورة الثانية والثلاثون في ترتيب المصحف، وكان نزولها بعد سورة «المؤمنون» ، أى: أنها من أواخر السور المكية.

قال الآلوسى ما ملخصه: وتسمى- أيضا- بسورة «المضاجع» . وهي مكية، كما روى عن ابن عباس.

وروى عنه أنها مكية سوى ثلاث آيات، تبدأ بقوله- تعالى-: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً ... وهي تسع وعشرون آية في البصري. وثلاثون آية في المصاحف الباقية ... » .

ومن فضائل هذه السورة ما رواه الشيخان عن أبى هريرة قال: كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الفجر يوم الجمعة الم. تَنْزِيلُ ... السجدة. وهَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ....

وروى الإمام أحمد عن جابر قال: «كان النبي- صلى الله عليه وسلم- لا ينام حتى يقرأ هذه السورة، وسورة تبارك» .

2- وتبدأ هذه السورة الكريمة، بالثناء على القرآن الكريم، وببيان أنه من عند الله- تعالى-، وبالرد على الذين زعموا أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- قد افتراه من عند نفسه ...

ثم تسوق ألوانا من نعم الله- تعالى- على عباده، ومن مظاهر قدرته، وبديع خلقه، وشمول إرادته، وإحسانه لكل شيء خلقه ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ. الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ.

3- ثم تذكر السورة الكريمة بعد ذلك جانبا من شبهات المشركين حول البعث والحساب، وترد عليها بما يبطلها، وتصور أحوالهم عند ما يقفون أمام خالقهم للحساب تصويرا مؤثرا مرعبا قال- تعالى-: وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا، فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ.

4- وبعد أن تذكر السورة الكريمة ما أعده الله- تعالى- للمؤمنين من ثواب لا تعلمه نفس من الأنفس، وما أعده للكافرين من عقاب.. بعد كل ذلك تبين أن عدالته- تعالى- قد اقتضت عدم المساواة بين الأخيار والأشرار وإنما يجازى كل إنسان على حسب عمله.

قال- تعالى-: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً، لا يَسْتَوُونَ.

5- ثم تشير السورة الكريمة بعد ذلك إلى ما أعطاه الله- تعالى- لنبيه موسى- عليه السّلام- من نعم، وما منحه للصالحين من قومه من منن، لكي يتأسى بهم المؤمنون وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ، وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ. وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا، وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ.

6- ثم حضت السورة الكريمة المشركين على التدبر والتفكر في آيات الله- تعالى-، ونهتهم عن الجحود والعناد، وحكت جانبا من سفاهاتهم، وأمرت النبي صلّى الله عليه وسلّم بأن يرد عليهم، وأن يمضى في طريقه دون أن يعير سفاهاتهم اهتماما.

قال- تعالى-: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ. فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ.

7- وبعد فهذا عرض إجمالى لسورة «السجدة» ومنه نرى أنها زاخرة بالأدلة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، وعلى أن القرآن حق، والبعث حق، والحساب حق، والجزاء حق..

وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

سورة السجدة من السور التى افتتحت ببعض حروف التهجى ، وقد سبق أن ذكرنا آراء العلماء فى لك بشئ من التفصيل عند تفسيرنا لسورة : البقرة ، وآل عمران ، والأعراف . .

وقلنا : ما ملخصه : إن أقرب الأقوال إلى الصواب ، أن هذه الحروف المقطعة ، قد وردت فى افتتاح بعض السور ، على سبيل الإِيقاظ والتنبيه إلى إعجاز القرآن .

فكأن الله - تعالى - يقول لأولئك الكافرين المعارضين فى أن القرآن من عند الله : هاكم القرآن ترونه مؤلفاً من كلام هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم ومنظوماً من حروف ، وهى من جنس الحروف الهجائية التى تنظمون منها حروفكم .

فإن كنتم فى شك من كونه منزلاً من عند الله فهاتوا مثله ، وادعوا من شئتم من الخلق لكى يعاونكم فى ذلك ، أو هاتوا عشر سور من مثله ، أو سورة من مثله . .

ومع كل هذا التساهل فى التحدى . فقد عجزوا وانقلبوا خاسرين ، وثبت بذلك أن القرآن من عند الله - تعالى - وحده .

وهي مكية

. قال البخاري في " كتاب الجمعة " : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر يوم الجمعة : ( الم تنزيل ) السجدة ، و ( هل أتى على الإنسان ) .

ورواه مسلم أيضا من حديث سفيان الثوري ، به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، أخبرنا الحسن بن صالح ، عن ليث ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ ) الم تنزيل ) السجدة و ( تبارك الذي بيده الملك ) تفرد به أحمد .

قد اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور فمنهم من قال هي مما استأثر الله بعلمه فردوا علمها إلى الله ولم يفسرها حكاه القرطبي في تفسـره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره أبو حاتم بن حبان.

ومنهم من فسرها واختلف هؤلاء في معناها فقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم إنما هي أسماء السور.

قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر ونقل عن سيبويه أنه نص عليه ويعتضد لهذا بما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة "الم" السجدة و "هل أتى على الإنسان" وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: الم وحم والمص وص.

فواتح افتتح الله بها القرآن وكذا قال غيره عن مجاهد وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عن شبل عن ابن أبي نجيح عنه أنه قال الم اسم من أسماء القرآن وهكذا وقال قتادة وزيد بن أسلم ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبدالرحمن بن زيد بن أسلم أنه اسم من أسماء السور فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن فإنه يبعد أن يكون المص اسما للقرآن كله لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول قرأت المص إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف لا لمجموع القرآن والله أعلم.

وقيل هي اسم من أسماء الله تعالى فقال عنها في فواتح السور من أسماء الله تعالى وكذلك قال سالم بن عبدالله وإسماعيل بن عبدالرحمن السدي الكبير وقال شعبة عن السدي بلغني أن ابن عباس قال الم اسم من أسماء الله الأعظم.

هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي عن شعبة قال سألت السدي عن حم وطس والم فقال قال ابن عباس هي اسم الله الأعظم وقال ابن جرير وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا أبو النعمان حدثنا شعبة عن إسماعيل السدي عن مرة الهمذانى قال: قال عبدالله فذكر نحوه.

وحُكي مثله عن علي وابن عباس وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله تعالى وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث ابن علية عن خالد الحذاء عن عكرمة أنه قال الم قسم.

وروينا أيضا من حديث شريك بن عبدالله بن عطاء بن السائب عن أبى الضحى عن ابن عباس: الم قال أنا الله أعلم وكذا قال سعيد بن جبير وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمذاني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الم قال أما الم فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى.

قال وأبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى الم قال هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلألائه ليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم.

قال عيسى ابن مريم عليه السلام وعجب: فقال أعجب أنهم يظنون بأسمائه ويعيشون في رزقه فكيف يكفرون به فالألف مفتاح الله واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله والألف سنة واللام ثلاثون سنة والميم أربعون سنة.

هذا لفظ ابن أبي حاتم ونحوه رواه ابن جرير ثم شرع يوجه كل واحد من هذه الأقوال ويوفق بينها وأنه لا منافاة بين كل واحد منها وبين الآخر وأن الجمع ممكن فهي أسماء للسور ومن أسماء الله تعالى يفتتح بها السور فكل حرف منها دل على اسم من أسمائه وصفة من صفاته كما افتتح سورا كثيرة بتحميده وتسبيحه وتعظيمه قال ولا مانع من دلالة الحرف منها على اسم من أسماء الله وعلى صفة من صفاته وعلى مدة وغير ذلك كما ذكره الربيع بن أنس عن أبي العالية لأن الكلمة الواحدة تطلق على معاني كثيرة كلفظة الأمة فإنها تطلق ويراد به الدين كقوله تعالى "إنا وجدنا آباءنا على أمة" وتطلق ويراد بها الرجل المطيع لله كقوله تعالى "إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين" وتطلق ويراد بها الجماعة كقوله تعالى "وجد عليه أمة من الناس يسقون" وقوله تعالى "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا" وتطلق ويراد بها الحين من الدهر كقوله تعالى "وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة" أي بعد حين على أصح القولين قال فكذلك هذا.

هذا حاصل كلامه موجها ولكن هذا ليس كما ذكره أبو العالية فإن أبا العالية زعم أن الحرف دل على هذا وعلى هذا وعلى هذا معا ولفظة الأمة وما أشبهها من الألفاظ المشتركة في الاصطلاح إنما دل في القرآن في كل موطن على معنى واحد دل عليه سياق الكلام فأما حمله على مجموع محامله إذا أمكن فمسألة مختلف فيها بين علماء الأصول ليس هذا موضع البحث فيها والله أعلم.

ثم إن لفظة الأمة تدل على كل من معانيها في سياق الكلام بدلالة الوضع فأما دلالة الحرف الواحد على اسم يمكن أن يدل على اسم آخر من غير أن يكون أحدهما أولى من الآخر في التقدير أو الإضمار بوضع ولا بغيره فهذا مما لا يفهم إلا بتوقيف والمسألة مختلف فيها وليس فيها إجماع حتى يحكم به وما أنشدوه من الشواهد على صحة إطلاق الحرف الواحد على بقية الكلمة فإن في السياق ما يدل على ما حذف بخلاف هذا كما قال الشاعر: قلنا قفي لنا فقالت قاف لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف تعني وقفت.

وقال الآخر: ما للظليم عال كيف لا يـ ينقد عنه جلده إذا يـ فقال ابن جرير كأنه أراد أن يقول إذا يفعل كذا وكذا فاكتفى بالياء من يفعل وقال الآخر: بالخير خيرات وان شرا فا ولا أريد الشر إلا أن تـ يقول وإن شرا فشرا ولا أريد الشر إلا أن تشاء فاكتفى بالفاء والتاء من الكلمتين عن بقيتهما ولكن هذا ظاهر من سياق الكلام والله أعلم.

قال القرطبي وفي الحديث "من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة" الحديث قال سفيان هو أن يقول في اقتل"ا قـ" وقال خصيف عن مجاهد أنه قال فواتح السور كلها"ق وص وحم وطسم والر" وغير ذلك هجاء موضوع وقال بعض أهل العربية هي حروف من حروف المعجم استغنى بذكر ما ذكر منها في أوائل السور عن ذكر بواقيها التي هي تتمة الثمانية والعشرين حرفا كما يقول القائل ابني يكتب في - ا ب ت ث - أي في حروف المعجم الثمانية والعشرين فيستغني بذكر بعضها عن مجموعها حكاه ابن جرير.

قلت مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفا وهي - ال م ص ر ك ه ي ع ط س ح ق ن- يجمعها قولك: نص حكيم قاطع له سر.

وهي نصف الحروف عددا والمذكور منها أشرف من المتروك وبيان ذلك من صناعة التصريف.

قال الزمخشري وهذه الحروف الأربعة عشر مشتملة على أصناف أجناس الحروف يعني من المهموسة والمجهورة ومن الرخوة والشديدة ومن المطبقة والمفتوحة ومن المستعلية والمنخفضة ومن حروف القلقلة.

وقد سردها مفصلة ثم قال: فسبحان الذي دقت في كل شىء حكمته.

وهذه الأجناس المعدودة مكثورة بالمذكورة منها وقد علمت أن معظم الشيء وجله ينزل منزلة كله وههنا ههنا لخص بعضهم في هذا المقام كلاما فقال: لا شك أن هذه الحروف لم ينزلها سبحانه وتعالى عبثا ولا سدى ومن قال من الجهلة إن في القرآن ما هو تعبد لا معنى له بالكلمة فقد أخطأ خطأ كبيرا فتعين أن لها معنى في نفس الأمر فإن صح لنا فيها عن المعصوم شيء قلنا به وإلا وقفنا حيث وقفنا وقلنا "آمنا به كل من عند ربنا" ولم يجمع العلماء فيها على شيء معين وإنما اختلفوا فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل فعليه اتباعه وإلا فالوقف حتى يتبين هذا المقام.

المقام الآخر في الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور ما هي مع قطع النظر عن معانيها في أنفسها فقال بعضهم إنما ذكرت ليعرف بها أوائل السور حكاه ابن جرير وهذا ضعيف لأن الفصل حاصل بدونها فيما لم تذكر فيه وفيما ذكرت فيه البسملة تلاوة وكتابة وقال آخرون بل ابتدىء بها لتفتح لاستماعها أسماع المشركين إذ تواصوا بالإعراض عن القرآن حتى إذا استمعوا له تلا عليهم المؤلف منه حكاه ابن جرير أيضا وهو ضعيف أيضا لأنه لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السور لا يكون في بعضها بل غالبها ليس كذلك ولو كـان كذلك أيضا لانبغى الابتداء بها في أوائل الكلام معهم سواء كان افتتاح سورة أو غير ذلك ثم إن هذه السورة والتي تليها أعني البقرة وآل عمران مدنيتان ليستا خطابا للمشركين فانتقض ما ذكروه بهذه الوجوه.

وقال آخرون بل إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها وقد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا وقرره الزمخشري فى كشافه ونصره أتم نصر وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيمية.

قال الزمخشري ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت كما كررت قصص كثيرة وكرر التحدي بالصريح في أماكن قال وجاء منها على حرف واحد كقوله - ص ن ق- وحرفين مثل "حم" وثلاثة مثل "الم" وأربعة مثل "المر" و "المص" وخمسة مثل "كهيعص- و- حمعسق" لأن أساليب كلامهم على هذا من الكلمات ما هو على حرف وعلى حرفين وعلى ثلاثة وعلى أربعة وعلى خمسة لا أكثر من ذلك "قلت" ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته وهذا معلوم بالاستقراء وهو الواقع في تسع وعشرين سورة ولهذا يقول تعالى "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه" "الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه" "المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه" "الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم" "الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين" "حم تنزيل من الرحمن الرحيم" "حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم" وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر والله أعلم.

وأما من زعم أنها دالة على معرفة المدد وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم فقد ادعى ما ليس له وطار في غير مطاره وقد ورد في ذلك حديث ضعيف وهو مع ذلك أدل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته وهو ما رواه محمد بن إسحق بن يسار صاحب المغازي حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبدالله بن رباب قال مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه" فأتى أخاه بن أخطب في رجال من اليهود فقال تعلمون والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل الله تعالى عليه "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه" فقال أنت سمعته قال نعم قال فمشى حي بن أخطب في أولئك النفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد ألم يذكر أنك تتلوا فيما أنزل الله عليك "الم ذلك الكتاب"؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بلى" فقالوا جاءك بهذا جبريل من عند الله؟ فقال "نعم" قالوا لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك.

فقام حي بن أخطب وأقبل على من كان معه فقال لهم الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة أفتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة؟ ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد هل مع هذا غيره فقال "نعم" قال ما ذاك؟ قال "المص" قال هذا أثقل وأطول الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه إحدى وثلاثون ومائة سنة.

هل مع هذا يا محمد غيره؟ قال "نعم" قال ما ذاك؟ قال "الر" قال هذا أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة.

فهل مع هذا يا محمد غيره؟ قال "نعم" قال ماذا قال "المر" قال هذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان فهذه إحدى وسبعون ومائتان ثم قال: لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا.

ثم قال قوموا عنه ثم قال أبو ياسر لأخيه حي بن أخطب ولمن معه من الأحبار ما يدريكم لعله قد جمع هذا لمحمد كله إحدى وسبعون وإحدى وثلاثون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان فذلك سبعمائة وأربع سنين؟ فقالوا لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أن هؤلاء الآيات نزلت فيهم "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات" فهذا الحديث مداره على محمد بن السائب الكلبي وهو ممن لا يحتج بما انفرد به ثم كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحا أن يحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها وذلك يبلغ منه جملة كثيرة وإن حسبت مع التكرر فأطم وأعظم والله أعلم.

القول في تأويل قوله تعالى : الم (1)

قال أبو جعفر: قد مضى البيان عن تأويل قوله: (الم) بما فيه الكفاية.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[1] ﴿الم﴾ الأحرف المقطعة للتنبيه على المادة الأولية التي تتألف منها السورة والقرآن الكريم، وهي متاحة لجميع الناطقين بالعربية، ومع هذا يعجزون أن يؤلِّفوا منها كتابًا كهذا القرآن.
وقفة
[1] ﴿الم﴾ كل سورة ابتدأت بالحروف الهجائية المقطَّعة فهي سورة مكية، إلا سورتين: البقرة وآل عمران، فإنَّهما مدنيتان.
وقفة
[1] ﴿الم﴾ قيل في الحروف المقطعة أوائل السور: - إنَّها مما استأثر الله بعلمه. - إنَّها أسماء للسور المذكورة فيها. - إنَّها رموز تدل على بعض أسماء الله وصفاته. - إنَّها بيان لإعجاز القرآن؛ فالقرآن مركب منها، والخلق عاجزون عن الإتيان بمثله.
وقفة
[1] عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ: ﴿الم * تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَةَ، وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ». [أحمد 14714، وصححه الألباني].
وقفة
[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: ﴿الم * تَنزِيلُ﴾ السجدةَ، و﴿هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ﴾ [الإنسان: 1]» [مسلم 880].
عمل
[1، 2] ﴿الم * تَنزِيلُ﴾ ذَكِّر إمام مسجدك بقراءة سورة السجدة مع سورة الإنسان فجر الجمعة؛ فإنَّها سنّة.

الإعراب :

  • ﴿ الم
  • أعربت وشرحت في سور شريفة سابقة.'

المتشابهات :

البقرة: 1﴿ الم ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ
آل عمران: 1﴿ الم اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
العنكبوت: 1﴿ الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ
الروم: 1﴿ الم غُلِبَتِ الرُّومُ
لقمان: 1﴿ الم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ
السجدة: 1﴿ الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     افتُتِحَت هذه السُّورةُ العظيمةُ بالحُروفِ المُقطَّعة؛ للإشارة إلى إعجازِ القُرآنِ؛ إذ تشير إلى عجزِ الخَلْقِ عن معارَضَتِه بالإتيانِ بشيءٍ مِن مِثلِه، مع أنَّه مُركَّبٌ من هذه الحُروفِ العربيَّةِ التي يتحدَّثونَ بها، قال تعالى:
﴿ الم

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [2] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ ..

التفسير :

[2] هذا القرآن الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- لا شك أنه منزل من عند الله، رب الخلائق أجمعين.

يخبر تعالى أن هذا الكتاب الكريم، أنه تنزيل من رب العالمين، الذي رباهم بنعمته.

وقوله- تعالى-: تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ بيان لمصدر القرآن الكريم وأنه لا شك في كونه من عند الله- عز وجل-.

وقوله: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مبتدأ. وخبره مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ وجملة لا رَيْبَ فِيهِ معترضة بينهما، أو حال من الكتاب...

أى: تنزيل هذا الكتاب عليك- أيها الرسول الكريم- كائن من رب العالمين، وهذا أمر لا شك فيه، ولا يخالطه ريب أو تردد عند كل عاقل.

وعجل- سبحانه- بنفي الريب، حيث جعله بين المبتدأ والخبر، لبيان أن هذه القضية ليست محلا للشك أو الريب، وأن كل منصف يعلم أن هذا القرآن من رب العالمين.

وقوله : ( تنزيل الكتاب لا ريب فيه ) أي : لا شك فيه ولا مرية أنه نزل ، ( من رب العالمين ) .

وقوله: (تَنـزيلُ الكتاب لا رَيْبَ فِيهِ) يقول تعالى ذكره: تنـزيل الكتاب الذي نـزل على محمد صلى الله عليه وسلم، لا شكّ فيه (من ربّ العالمين) : يقول: من ربّ الثقلين: الجنّ والإنس.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (الم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ) لا شكّ فيه. وإنما معنى الكلام: أن هذا القرآن الذي أُنـزل على محمد لا شكّ فيه أنه من عند الله، وليس بشعر ولا سجع كاهن، ولا هو مما تخرّصه محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما كذّب جلّ ثناؤه بذلك قول الذين: وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا وقول الذين قالو: إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[2] ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾ نزل من رب العالمين؛ الذي رباهم بنعمته، ومن أعظم ما رباهم به هذا الكتاب؛ الذي فيه كل ما يصلح أحوالهم، ويتمم أخلاقهم.
وقفة
[2] ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾ لا ريب في أنَّ القرآن منزل من عند الله، وهي حقيقة لا ريب فيها عند أي عاقل، والريب في اللغة غير الشك، فالريب شك مع قلق واضطراب.
عمل
[2] ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾ إذا تعذر عليك رؤية الله في هذه الدار، فأعز شيء على الأحباب کتاب الأحباب، فاقرأ كتاب الله بشوق حتى يحين موعد الرؤية واللقاء في دار البقاء.
وقفة
[2] ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾ افتتحت السورة بالتنويه بشأن القرآن؛ لأنَّه جامع الهدى الذي تضمنته هذه السورة وغيرها، ولأنَّ جماع ضلال الضالّين هو التكذيب بهذا الكتاب، فالله جعل القرآن هدى للناس، وخصّ العرب أنَّ شَرفهم بجعلهم أولَ من يتلقّى هذا الكتاب.
وقفة
[2] ﴿لا رَيبَ فيهِ﴾ وردت 14 مرة فى القرآن الكريم، وجاءت مع وصف كتاب الله، ومع ذكر الموت، ويوم القيامة، وهذا للتشديد على أنَّ موجبات الإيمان كلها لا يدخلها شك ولا ريب.

الإعراب :

  • ﴿ تَنْزِيلُ الْكِتابِ:
  • خبر «الم» على أنها اسم سورة مرفوع بالضمة. الكتاب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى «انزال القرآن» وإن جعلت «الم» تعديدا للحروف وليست اسما للسورة أعرب تَنْزِيلُ الْكِتابِ» على أنه خبر مبتدأ محذوف بتقدير: المتلو عليكم تنزيل الكتاب. أو يكون تَنْزِيلُ الْكِتابِ» مبتدأ وخبره ما في محل لا رَيْبَ فِيهِ» في محل رفع. وثمة وجه آخر لإعراب تَنْزِيلُ الْكِتابِ» هو أن يكون مبتدأ وخبره شبه الجملة- الجار والمجرور مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ» في محل رفع.
  • ﴿ لا رَيْبَ فِيهِ:
  • لا: أداة نافية للجنس تعمل عمل «إن».ريب: اسمها مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا. فيه: جار ومجرور متعلق بخبر «لا» المحذوف بمعنى لا شك فيه أي لا شك في ذلك. أي لا ريب في كونه منزلا من رب العالمين.
  • ﴿ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. العالمين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

السجدة: 2﴿الٓمٓ تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيۡبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ
الزمر: 1﴿ تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ
غافر: 2﴿حمٓ تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ
الجاثية: 2﴿حمٓ تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ
الأحقاف: 2﴿حمٓ تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     وبعد البدء بالحُروفِ المُقطَّعة التي تشير إلى إعجازِ القُرآنِ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا مصدرَ القرآن، فلا شك في كونه من عند الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [3] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ..

التفسير :

[3] بل أيقول المشركون:اختلق محمد -صلى الله عليه وسلم- القرآن؟ كذَبوا، بل هو الحق الثابت المنزل عليك -أيها الرسول- من ربك؛ لتنذر به أناساً لم يأتهم نذير من قبلك لعلهم يهتدون، فيعرفوا الحق ويؤمنوا به ويؤثروه، ويؤمنوا بك.

ومن أعظم ما رباهم به، هذا الكتاب، الذي فيه كل ما يصلح أحوالهم، ويتمم أخلاقهم، وأنه لا ريب فيه، ولا شك، ولا امتراء، ومع ذلك قال المكذبون للرسول الظالمون في ذلك:افتراه محمد، واختلقه من عند نفسه، وهذا من أكبر الجراءة على إنكار كلام اللّه، ورمي محمد صلى اللّه عليه وسلم، بأعظم الكذب، وقدرة الخلق على كلام مثل كلام الخالق.

وكل واحد من هذه من الأمور العظائم، قال اللّه - رادًا على من قال:افتراه:-

{ بَلْ هُوَ الْحَقُّ} الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.{ مِنْ رَبِّكَ} أنزله رحمة للعباد{ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} أي:في حالة ضرورة وفاقة لإرسال الرسول، وإنزال الكتاب، لعدم النذير، بل هم في جهلهم يعمهون، وفي ظلمة ضلالهم يترددون، فأنزلنا الكتاب عليك{ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} من ضلالهم، فيعرفون الحق فيؤثرونه.

وهذه الأشياء التي ذكرها اللّه كلها، مناقضة لتكذيبهم له:وإنها تقتضي منهم الإيمان والتصديق التام به، وهو كونه{ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وأنه{ الْحَقُّ} والحق مقبول على كل حال، وأنه{ لَا رَيْبَ فِيهِ} بوجه من الوجوه، فليس فيه، ما يوجب الريبة، لا بخبر لا يطابق للواقعولا بخفاء واشتباه معانيه، وأنهم في ضرورة وحاجة إلى الرسالة، وأن فيه الهداية لكل خير وإحسان.

و «أم» في قوله- تعالى-: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ هي المنقطعة التي بمعنى بل والهمزة.

والاستفهام للتعجيب من قولهم وإنكاره.

والافتراء: الاختلاق. يقال: فلان افترى الكذب، أى: اختلقه. وأصله من الفري بمعنى قطع الجلد، وأكثر ما يكون للإفساد.

والمعنى: بل أيقول هؤلاء المشركون، إن محمدا صلى الله عليه وسلم، قد افترى هذا القرآن، واختلقه من عند نفسه ... ؟

وقوله- عز وجل-: بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ رد على أقوالهم الباطلة.

أى: لا تستمع- أيها الرسول الكريم- إلى أقاويلهم الفاسدة، فإن هذا القرآن هو الحق الصادر إليك من ربك- عز وجل-.

ثم بين- سبحانه- الحكمة في إرساله صلى الله عليه وسلم وفي إنزال القرآن عليه فقال: لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ.

والإنذار: هو التخويف من ارتكاب شيء تسوء عاقبته. و «ما» نافية. و «نذير» فاعل «أتاهم» و «من» مزيدة للتأكيد.

أى: هذا القرآن- يا محمد- هو معجزتك الكبرى، وقد أنزلناه إليك لتنذر قوما لم يأتهم نذير من قبلك بما جئتهم به من هدايات وإرشادات وآداب.

وقد فعلنا ذلك رجاء أن يهتدوا إلى الصراط المستقيم، ويستقبلوا دعوتك بالطاعة والاستجابة لما تدعوهم إليه.

ولا يقال: إن إسماعيل- عليه السلام- قد أرسل إلى آباء هؤلاء العرب الذين أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم، لأن رسالة إسماعيل قد اندرست بطول الزمن، ولم ينقلها الخلف عن السلف، فكانت رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قومه، جديدة في منهجها وأحكامها وتشريعاتها.

ثم قال مخبرا عن المشركين : ( أم يقولون افتراه ) ، بل يقولون : ( افتراه ) أي : اختلقه من تلقاء نفسه ، ( بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ) أي : يتبعون الحق .

وقوله: (أمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ) يقول تعالى ذكره: يقول المشركون بالله: اختلق هذا الكتاب محمد من قبل نفسه، وتكذّبه، و (أم) هذه تقرير، وقد بيَّنا في غير موضع من كتابنا، أن العرب إذا اعترضت بالاستفهام في أضعاف كلام قد تقدّم بعضه أنه يستفهم بأم. وقد زعم بعضهم أن معنى ذلك: ويقولون. وقال: أم بمعنى الواو، بمعنى بل في مثل هذا الموضع، ثم أكذبهم تعالى ذكره فقال: ما هو كما تزعمون وتقولون من أن محمدا افتراه، بل هو الحقّ والصدق من عند ربك يا محمد، أنـزله إليك؛ لتنذر قوما بأس الله وسطوته، أن يحلّ بهم على كفرهم به (ما أتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ منْ قَبْلكَ) يقول: لم يأت هؤلاء القوم الذين أرسلك ربك يا محمد إليهم، وهم قومه من قريش، نذير ينذرهم بأس الله على كفرهم قبلك. وقوله: (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) يقول: ليتبيَّنوا سبيل الحقّ فيعرفوه ويؤمنوا به.

وبمثل الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: كانوا أمَّة أمِّيَّة، لم يأتهم نذير قبل محمد صلى الله عليه وسلم.

التدبر :

وقفة
[3] ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ﴾ ما أجمل مواساة الحبيب لحبيبه! وما أغلى دفع الله عن نبيه أباطيل المبطلين واتهامات المجرمين!
وقفة
[3] الكافر والضال والمنافق سيقول: ﴿افتَراهُ﴾.
وقفة
[3] ﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ﴾ قال قتادة: «كانوا أمة أمية، لم يأتهم نذیر قبل محمد ﷺ».
وقفة
[3] ﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ﴾ يأبي عدل الله أن يعذب قومًا إلا بعد إرسال النذير وإقامة الحجة.
وقفة
[3] ﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ الحكمة من بعثة الرسل أن يهدوا أقوامهم إلى الصراط المستقيم.

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ يَقُولُونَ:
  • أم عاطفة حرف اضراب بمعنى «بل» وهي منقطعة لأنها غير مسبوقة بهمزة تسوية أو استفهام وهمزتها إنكار لقولهم وتعجيب منه لظهور أمره في عجز بلغائهم عن مثل ثلاث آيات منه. يقولون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-
  • ﴿ افْتَراهُ:
  • فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. بمعنى اختلقه أي اختلق القرآن.
  • ﴿ بَلْ هُوَ الْحَقُّ:
  • بل حرف اضراب للاستئناف أي التحول من الانكار الى الاثبات. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. الحق: خبره مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية لا محل لها لأنها مستأنفة.
  • ﴿ مِنْ رَبِّكَ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة للحق أو يكون متعلقا بخبر ثان للمبتدإ أو في محل رفع بدل من الحق والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لِتُنْذِرَ قَوْماً:
  • اللام لام التعليل حرف جر. تنذر: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. قوما: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وجملة «تنذر قوما» صلة أن المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «أن» المضمرة وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بفعل «تنزيل» الواردة في الآية الكريمة السابقة.
  • ﴿ ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة-نعت-لقوما. ما: نافية لا عمل لها. أتى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. من: حرف جر زائد لتاكيد النفي. نذير: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل «أتى» بمعنى ما أرسل الى ذرية العرب في زمان الرسول الكريم اذ لم يبعث اليهم نذير معاصر فلطف الله سبحانه بهم وبعث فيهم رسولا منهم هو محمد (صلّى الله عليه وسلّم).
  • ﴿ مِنْ قَبْلِكَ:
  • جار ومجرور في محل جر صفة لنذير على اللفظ‍ وفي محل رفع على المحل. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ:
  • حرف مشبه بالفعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «لعل» يهتدون: تعرب اعراب «يقولون» والجملة الفعلية «يهتدون» في محل رفع خبر «لعل».'

المتشابهات :

يونس: 38﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
هود: 13﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
هود: 35﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ
السجدة: 3﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
الأحقاف: 8﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     وبعد بيان مصدرِ القرآن؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن المشركين زعموا أن محمدًا اختلق القرآن، وأتى به من تلقاء نفسه، ثم رَدَّ عليهم، قال تعالى:
﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [4] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ..

التفسير :

[4] الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام؛ لحكمة يعلمها، وهو قادر أن يخلقها بكلمة «كن» فتكون، ثم استوى سبحانه وتعالى -أي:علا وارتفع-على عرشه، استواء يليق بجلاله، لا يكيَّف، ولا يشبَّه باستواء المخلوقين. ليس لكم -أيها الناس- مِن وليٍّ يلي أم

يخبر تعالى عن كمال قدرته بخلق{ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} أولها، يوم الأحد، وآخرها الجمعة، مع قدرته على خلقها بلحظة، ولكنه تعالى رفيق حكيم.

{ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} الذي هو سقف المخلوقات، استواء يليق بجلاله.

{ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} يتولاكم، في أموركم، فينفعكم{ وَلَا شَفِيع} يشفع لكم، إن توجه عليكم العقاب.

{ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} فتعلمون أن خالق الأرض والسماوات، المستوي على العرش العظيم، الذي انفرد بتدبيركم، وتوليكم، وله الشفاعة كلها، هو المستحق لجميع أنواع العبادة.

ثم أثنى- سبحانه- على ذاته، بما يستحقه من إجلال وتعظيم وتقديس فقال: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ....

والأيام جمع يوم، واليوم في اللغة: مطلق الوقت، أى: في ستة أوقات لا يعلم مقدارها إلا الله- تعالى-.

وهو- سبحانه- قادر على أن يخلق السموات والأرض وما بينهما في لمحة أو لحظة، ولكنه- عز وجل- خلقهن في تلك الأوقات، لكي يعلم عباده التأنى والتثبت في الأمور.

قال القرطبي: قوله- تعالى-: سِتَّةِ أَيَّامٍ قال الحسن: من أيام الدنيا. وقال ابن عباس: إن اليوم من الأيام الستة، التي خلق الله فيها السموات والأرض، مقداره ألف سنة من سنى الدنيا.. .

وقال بعض العلماء ما ملخصه: وليست هذه الأيام من أيام هذه الأرض التي نعرفها، إذ أيام هذه الأرض، مقياس زمنى ناشئ من دورة هذه الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة، تؤلف ليلا ونهارا على هذه الأرض.. وهو مقياس يصلح لنا نحن أبناء هذه الأرض الصغيرة الضئيلة. أما حقيقة هذه الأيام الستة المذكورة في القرآن، فعلمها عند الله. ولا سبيل لنا إلى تحديدها وتعيين مقدارها، فهي من أيام الله التي يقول عنها: وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.

وقوله- سبحانه-: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ إشارة إلى استعلائه وهيمنته على شئون خلقه.

وقال بعض العلماء: وعرش الله- تعالى- مما لا يعلمه البشر إلا بالاسم.. وقد ذكر في إحدى وعشرين آية. وذكر الاستواء على العرش في سبع آيات.

أما الاستواء على العرش، فذهب سلف الأمة، إلى أنه صفة الله- تعالى- بلا كيف ولا انحصار ولا تشبيه ولا تمثيل، لاستحالة اتصافه- سبحانه- بصفات المحدثين، ولوجوب تنزيهه عما لا يليق به: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.

وأنه يجب الإيمان بها كما وردت، وتفويض العلم بحقيقتها إليه- تعالى-.

قال الإمام مالك: الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.

وقال محمد بن الحسن: اتفق الفقهاء جميعا على الإيمان بالصفات، من غير تفسير ولا تشبيه.

وقال الإمام الرازي: إن هذا المذهب هو الذي نقول به ونختاره ونعتمد عليه..».

وقوله- سبحانه-: ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ أى: ليس لكم- أيها الناس- إذا تجاوزتم حدوده- عز وجل- مِنْ وَلِيٍّ أى: من ناصر ينصركم إن أراد عقابكم، وَلا شَفِيعٍ يشفع لكم عنده لكي يعفو عنكم، أفلا تعقلون هذه المعاني الواضحة، وتسمعون هذه المواعظ البليغة، التي من شأنها أن تحملكم على التذكر والاعتبار والطاعة التامة لله رب العالمين.

فالآية الكريمة جمعت في توجيهاتها الحكيمة، بين مظاهر قدرة الله- تعالى-، وبين الترهيب من معصيته ومخالفة أمره، وبين الحض على التذكر والاعتبار.

يخبر تعالى أنه الخالق للأشياء ، فخلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش . وقد تقدم الكلام على ذلك .

( ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع ) أي : بل هو المالك لأزمة الأمور ، الخالق لكل شيء ، المدبر لكل شيء ، القادر على كل شيء ، فلا ولي لخلقه سواه ، ولا شفيع إلا من بعد إذنه .

( أفلا تتذكرون ) يعني : أيها العابدون غيره ، المتوكلون على من عداه - تعالى وتقدس وتنزه أن يكون له نظير أو شريك أو نديد ، أو وزير أو عديل ، لا إله إلا هو ولا رب سواه .

وقد أورد النسائي هاهنا حديثا فقال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب ، حدثني محمد بن الصباح ، حدثنا أبو عبيدة الحداد ، حدثنا الأخضر بن عجلان ، عن أبي جريج المكي ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي فقال : " إن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش في اليوم السابع ، فخلق التربة يوم السبت ، والجبال يوم الأحد ، والشجر يوم الاثنين ، والمكروه يوم الثلاثاء ، والنور يوم الأربعاء ، والدواب يوم الخميس ، وآدم يوم الجمعة في آخر ساعة من النهار بعد العصر ، وخلقه من أديم الأرض ، بأحمرها وأسودها ، وطيبها وخبيثها ، من أجل ذلك جعل الله من بني آدم الطيب والخبيث " .

هكذا أورد هذا الحديث إسنادا ومتنا ، وقد أخرج مسلم والنسائي أيضا من حديث الحجاج بن محمد الأعور ، عن ابن جريج ، عن إسماعيل بن أمية ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو من هذا السياق .

وقد علله البخاري في كتاب " التاريخ الكبير " فقال : " وقال بعضهم : أبو هريرة عن كعب الأحبار وهو أصح " ، وكذا علله غير واحد من الحفاظ ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (4)

يقول تعالى ذكره: المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له أيها الناس ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا ) من خلق (فِي سِتَّةِ أيَّام) ثم استوى على عرشه في اليوم السابع بعد خلقه السموات والأرض وما بينهما.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) في اليوم السابع. يقول: ما لكم أيها الناس إله إلا من فعل هذا الفعل، وخلقَ هذا الخَلْق العجيب في ستة أيام.

وقوله: (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ) يقول: ما لكم أيها الناس دونه وليّ يلي أمركم وينصركم منه إن أراد بكم ضرّا، ولا شفيع يشفع لكم عنده إن هو عاقبكم على معصيتكم إياه، يقول: فإياه فاتخذوا وليا، وبه وبطاعته فاستعينوا على أموركم؛ فإنه يمنعكم إذا أراد منعكم ممن أرادكم بسوء، ولا يقدر أحد على دفعه عما أراد بكم هو؛ لأنه لا يقهره قاهر، ولا يغلبه غالب (أفَلا تَتَذَكَّرُونَ) يقول تعالى ذكره: أفلا تعتبرون وتتفكَّرون أيها الناس، فتعلموا أنه ليس لكم دونه وليّ ولا شفيع، فتفردوا له الألوهة، وتخلصوا له العبادة، وتخلعوا ما دونه من الأنداد والآلهة.

التدبر :

وقفة
[4] ﴿اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ علم حقيقة هذه الأيام الستة عند الله، ولا سبيل لنا إلى تحديدها وتعيين مقدارها، فهي ليست من أيام الدنيا التي تبدأ بشروق الشمس وتنتهي بغروبها.
وقفة
[4] ﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ﴾ ثبوت صفة الاستواء لله من غير تشبيه ولا تمثيل.
وقفة
[4] ﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ﴾ العرش أعظم مخلوقات الله، وعليه استوی ربنا استواء يليق بجلاله، وللعرش قوائم، ويحمله حملة من الملائكة من عظام الخلق.
لمسة
[4] ﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ﴾ يقرن الله تعالى استواءه على العرش باسم (الرحمن) كثيرًا؛ لأنَّ العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها، والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم، كما قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: 156]، فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات، فلذلك وسعت رحمته كل شيء.
وقفة
[4] ﴿مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ﴾ ليس لنا إن خالفنا أمر الله من ولي ينصرنا من عقابه، ولا شفيع يشفع لنا عنده كي يعفو، وحتی شفاعة النبي أو الشهداء أو الصالحين لا تكون إلا بإذنه، فالأمر كله لله.
وقفة
[4] ﴿ما لَكُم مِن دونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرونَ﴾ البعض ينسى أحيانًا هذه الحقيقة، لا ولى ولا شفيع غيره سبحانه عز وجل.
لمسة
[4] ﴿أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ﴾ أي: ألا تسمعون هذه المواعظ؛ فلا تتذكرون بها، أو أتسمعونها؛ فلا تتذكرون بها، فالإنكار على الأول متوجه إلى عدم السماع، وعدم التذكر معا، وعلى الثاني إلى عدم التذكر مع تحقق ما يوجبه من السماع.

الإعراب :

  • ﴿ اللهُ الَّذِي:
  • الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر أو خبر لمبتدإ محذوف تقديره هو والجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. خلق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. السموات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض: معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة.
  • ﴿ وَما بَيْنَهُما:
  • الواو عاطفة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب لأنه معطوف على منصوب. بين: ظرف مكان متعلق بصلة الموصول المحذوفة بتقدير: وما استقر بينهما من العوالم والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. ما: علامة التثنية.
  • ﴿ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ:
  • جار ومجرور متعلق بخلق. ايام: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ:
  • ثم: حرف عطف. استوى: معطوف على «خلق» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. على العرش: جار ومجرور متعلق باستوى.
  • ﴿ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ:
  • ما: نافية لا عمل لها. لكم: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم والميم علامة جمع الذكور. من دونه: جار ومجرور متعلق بحال من المبتدأ «ولي» والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ:
  • من: حرف جر زائد. ولي: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر. ولا: الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي. شفيع: معطوفة على «ولي» وتعرب إعرابها بمعنى اذا جاوزتم رضاه لم تجدوا لأنفسكم وليا أي ناصرا ينصركم ولا شفيعا يشفع لكم. وبمعنى آخر أن الله وليكم وشفيعكم أي ناصركم فاذا خذلكم لم يبق لكم ولي ولا نصير يشفع لكم وينصركم.
  • ﴿ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ:
  • الألف ألف استفهام لفظا وتوبيخ معنى. لا: نافية لا عمل لها والفاء زائدة. تتذكرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. أي أفلا تتعظون بمواعظه.'

المتشابهات :

الفرقان: 59﴿ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ الرَّحْمَـٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا
السجدة: 4﴿اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أمر الرسالة؛ ذكرَ ما على الرسول من الدعاء إلى التوحيد وإقامة الدليل، قال تعالى:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [5] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى ..

التفسير :

[5] يدبر الله تعالى أَمْر المخلوقات من السماء إلى الأرض، ثم يصعد ذلك الأمر والتدبير إلى الله في يوم مقداره ألف سنة من أيام الدنيا التي تعدُّونها.

{ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} القدري والأمر الشرعي، الجميع هو المتفرد بتدبيره، نازلة تلك التدابير من عند المليك القدير{ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} فَيُسْعِدُ بها ويُشْقِي، ويُغْنِي ويُفْقِرُ، ويُعِزُّ، ويُذِلُّ، ويُكرِمُ، ويُهِينُ، ويرفع أقوامًا، ويضع آخرين، ويُنزِّل الأرزاق.

{ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} أي:الأمر ينزل من عنده، ويعرج إليه{ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} وهو يعرج إليه، ويصله في لحظة.

ثم أضاف- سبحانه- إلى ما سبق أن وصف به ذاته، صفات أخرى تليق بجلاله، فقال: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.

وقوله- تعالى-: يُدَبِّرُ من التدبير بمعنى الإحكام والإتقان، والمراد به هنا: إيجاد الأشياء على هذا النحو البديع الحكيم الذي نشاهده، وأصل التدبير: النظر في أعقاب الأمور محمودة العاقبة.

وقوله: يَعْرُجُ من العروج بمعنى الصعود والارتفاع والصيرورة إليه- تعالى-.

والضمير في «إليه» يعود إلى الأمر الذي دبره وأحكمه- سبحانه-.

أى: أن الله- تعالى- هو الذي يحكم شئون الدنيا السماوية والأرضية إلى أن تقوم الساعة، وهو الذي يجعلها على تلك الصورة البديعة المتقنة، ثم تصعد إليه- تعالى- تلك الأمور والشئون المدبرة، في يوم، عظيم هو يوم القيامة كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ من أيام الدنيا.

قال الآلوسى ما ملخصه: وقوله: مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ متعلقان بقوله:

يُدَبِّرُ ومن ابتدائية، وإلى انتهائية. أى: يريده- تعالى- على وجه الإتقان ومراعاة الحكمة، منزلا له من السماء إلى الأرض. وإنزاله من السماء باعتبار أسبابه، فإن أسبابه سماوية من الملائكة وغيرهم.

وقوله ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ أى: ذلك الأمر بعد تدبيره. وهذا العروج مجاز عن ثبوته في علمه.. أو عن كتابته في صحف الملائكة بأمره- تعالى-.

وقال بعض العلماء: وقد ذكر- سبحانه- هنا أنه يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. وذكر في سورة الحج وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. وذكر في سورة المعارج تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ والجمع بين هذه الآيات من وجهين:

الأول: ما جاء عن ابن عباس من أن يوم الألف في سورة الحج، هو أحد الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض. ويوم الألف في سورة السجدة، هو مقدار سير الأمر وعروجه إليه- تعالى-، ويوم الخمسين ألفا- في سورة المعارج- هو يوم القيامة.

الثاني: أن المراد بجميعها يوم القيامة، وأن الاختلاف باعتبار حال المؤمن والكافر ويدل لهذا الوجه قوله- تعالى-: فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ، عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ.

أى: أن يوم القيامة يتفاوت طوله بحسب اختلاف الشدة، فهو يعادل في حالة ألف سنة من سنى الدنيا، ويعادل في حالة أخرى خمسين ألف سنة.

وقوله : ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ) أي : يتنزل أمره من أعلى السماوات إلى أقصى تخوم الأرض السابعة ، كما قال الله تعالى : ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) [ الطلاق : 12 ] .

وترفع الأعمال إلى ديوانها فوق سماء الدنيا ، ومسافة ما بينها وبين الأرض [ مسيرة ] خمسمائة سنة ، وسمك السماء خمسمائة سنة .

وقال مجاهد ، وقتادة ، والضحاك : النزول من الملك في مسيرة خمسمائة عام ، وصعوده في مسيرة خمسمائة عام ، ولكنه يقطعها في طرفة عين; ولهذا قال تعالى : ( في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) .

القول في تأويل قوله تعالى : يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5)

يقول تعالى ذكره: الله هو الذي يدبر الأمر من أمر خلقه من السماء إلى الأرض، ثم يعرُج إليه.

واختلف أهل التأويل في المعني بقوله: ( ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) فقال بعضهم: معناه: أن الأمر ينـزل من السماء إلى الأرض، ويصعد من الأرض إلى السماء في يوم واحد، وقدر ذلك ألف سنة مما تعدّون من أيام الدنيا؛ لأن ما بين الأرض إلى السماء خمسمائة عام، وما بين السماء إلى الأرض مثل ذلك، فذلك ألف سنة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو بن معروف، عن ليث، عن مجاهد (فِي يَوْمٍ كان مِقْدَارُهُ ألْفَ سَنَةٍ) يعني بذلك نـزول الأمر من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد وذلك مقداره ألف سنة؛ لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ ) من أيامكم (كانَ مِقْدارُهُ ألْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) يقول: مقدار مسيره في ذلك اليوم ألف سنة مما تعدّون من أيامكم من أيام الدنيا خمسمائة سنة نـزوله، وخمسمائة صعوده فذلك ألف سنة.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو معاوية، عن جُوَيبر، عن الضحاك ( ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) قال: تعرج الملائكة إلى السماء، ثم تنـزل في يوم من أيامكم هذه، وهو مسيرة ألف سنة.

قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن سماك، عن عكرِمة (ألْفَ سَنَةٍ ممَّا تَعُدُّونَ) قال: من أيام الدنيا.

حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو الأحوص، عن أبي الحارث، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: ( يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ ) من أيامكم هذه، مسيرة ما بين السماء إلى الأرض خمسمائة عام.

وذكر عن عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة قال: تنحدر الأمور وتصعد من السماء إلى الأرض في يوم واحد، مقداره ألف سنة، خمسمائة حتى ينـزل، وخمسمائة حتى يعرُج.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، ثم يعرج إليه في يوم من الأيام الستة التي خلق الله فيهنّ الخلق، كان مقدار ذلك اليوم ألف سنة مما تعدّون من أيامكم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس (ألْفَ سَنَةٍ ممَّا تَعُدُّونَ) قال: ذلك مقدار المسير قوله: (كألف سنة مما تعدّون) قال: خلق السموات والأرض في ستة أيام، وكلّ يوم من هذه كألف سنة مما تعدّون انتم.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) قال: الستة الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) يعني: هذا اليوم من الأيام الستة التي خلق الله فيهنّ السموات والأرض وما بينهما.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض بالملائكة، تم تعرج إليه الملائكة، في يَوْمٍ كان مقداره ألف سنة من أيام الدنيا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ) قال: هذا في الدنيا تعرج الملائكة إليه في يوم كان مقداره ألف سنة.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا غندر، عن شعبة، عن سماك، عن عكرمة (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارهُ ألْفَ سَنَةٍ) قال: ما بين السماء والأرض مسيرة ألف سنة مما تعدّون من أيام الآخرة (1) .

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن عكرمة أنه قال في هذه الآية: ( يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) قال: ما بين السماء والأرض مسيرة ألف سنة.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض في يوم كان مقدار ذلك التدبير ألف سنة مما تعدّون من أيام الدنيا، ثم يعرج إليه ذلك التدبير الذي دبره.

* ذكر من قال ذلك:

ذُكر عن حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، أنه قال: يقضي أمر كل شيء ألف سنة إلى الملائكة ثم كذلك حتى تمضي ألف سنة، ثم يقضي أمر كل شيء ألفا، ثم كذلك أبدا، قال: (يوم كان مقداره) قال: اليوم أن يقال لما يقضي إلى الملائكة ألف سنة: كن فيكون، ولكن سماه يومًا، سَمَّاهُ كما بيَّنا كل ذلك عن مجاهد، قال: وقوله: وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ قال: هو هو سواء.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، ثم يعرج إلى الله في يوم كان مقداره ألف سنة، مقدار العروج ألف سنة مما تعدّون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) قال بعض أهل العلم: مقدار ما بين الأرض حين يعرج إليه إلى أن يبلغ عروجه ألف سنة، هذا مقدار ذلك المعراج في ذلك اليوم حين يعرج فيه.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معناه: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقدار ذلك اليوم في عروج ذلك الأمر إليه، ونـزوله إلى الأرض ألف سنة مما تعدون من أيامكم، خمسمائة في النـزول، وخمسمائة في الصعود؛ لأن ذلك أظهر معانيه، وأشبهها بظاهر التنـزيل.

------------------------

الهوامش :

(1) الذي في الدر المنثور: من أيام الدنيا؛ وهو واضح . ا هـ .

التدبر :

وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ قال سهل التستري: «يقضي القضاء وحده، فيختار للعبد ما هو خير له، فخيرة الله خير له من خيرته لنفسه».
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الأَمرَ﴾ اتعجب كيف يقلق من يدبر له أمره خالق السموات والأرض!
عمل
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ لا تقلقْ وتفـاءلْ، فهو من يدبِّرُ أمرَكَ ويفرِّجُ همَّكَ.
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ تكررت في كتاب الله 4 مرات؛ لتعلم أنَّ أمور الأرض تدابير سماوية.
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ تكررت في كتاب الله 4 مرات؛ ليستقر في نفوس القلقين والمضطربين أنَّ تدبير أمر هذا الكون كله بيد الله وحده.
عمل
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ اقرأها على قلبك كلما خشيت أمرًا، أو اعتراك هم، أو أصابتك كربة، ستهدأ روحك، ويطمئن قلبك.
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ الأمر الذي في الغد أو بعده يؤرقك، لا تقلـق وتفـاءل؛ فإنَّ الذي يُدبره ربك.
تفاعل
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ ادع الله تعالى أن يدبّر لك أمورك, وأن يرزقك العلم النافع, فهو المدبر والعليم.
عمل
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ سلّم أمورك لمن يدبّرها، ونَم.
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾، ﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: 6]، ﴿سَيَجْعَلُ اللَّـهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 7] آيات تُضفي عليك هدوء وخشوع مهما ضاقت بك الدنيا.
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ هذه الآية تمنحك سيلًا من الطمأنينة في عالم مضطرب.
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ وأنت في مفترق طرق لا تدري أين تسير؛ يكون لله تدابير رحيمة لتيسير كل عسير.
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ من أجل المنن: أن الرحيم الحكيم هو الذي تفرد بتدبير أمورنا، ولم يوكلها لأحد من خلقه، فلنستمطر هباته وخيراته.
عمل
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ ذكر بها قلبك؛ كلما خشيت أمرًا، أو اعتراك همٌ، أو أصابتك كرب، فإن أيقنت بها اطمأنت روحك، وكفى بربك هاديًا ونصيرًا.
عمل
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ ألم تُدهشك أمور حدثت لك بغير تخطيط منك! ولو استعملت لها كل عقلك ما حدثت بهذه الروعة؛ فتوكّل على الله وثق بعطاياه وأرِح قلبك.
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ كنت سابقًا اهتم في شئون الحياة كثيرًا وأرهق نفسي بذلك، وعندما تفكرت في هذه الآية؛ أيقنت أنَّ الله هو المدبر المتصرف، وأنَّ على المؤمن أن يتوكل على الله، ويعمل بالأسباب.
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ هنا يستريحُ القلب، ويطيبُ التسليم، فمن ذا يُدبِّرُ الأمرَ كما يفعلُ صاحبُ الأمر؟!
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ لا ترهق نفسك بالتفكير في كيفية تدبير أمورك، توكل عليه سبحانه مع بذل الأسباب، وهو سبحانه سيدبر أمرك ويعتني بشئونك، ويذهب حزنك، ويسخر لك ويفتح لك اﻷبواب، من حيث لا تتوقع.
عمل
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ لا تقلق.
عمل
[5] ﴿يُدَبِّرُ الأَمرَ﴾ كما تدور عقارب السّاعة حول جميع أرقامها، تدور بنا الحياة حول جميع الظروف، فلا تيأس، وترقّب الخير من ساعة إلى ساعة.
اسقاط
[5] لِــمَ القلق وربك عز وجل ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾؟!
عمل
[5] مهما كبر همك فلك رب كبير ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ سبحانه، فسيدبر أمرك، ويتولى شأنك، ويرعاك، فقط وجه وجهك وقلبك وكل جوارحك إليه.
وقفة
[5] ﴿وفي السماء رزقكم﴾ [الذاريات: 22]، ﴿يرزقكم من السماء﴾ [يونس: 31]، ﴿يدبر الأمر من السماء﴾ حقائق قرآنية تخبرنا أن العطايا لا تبدأ من الأرض؛ فلا نـتطلع لغير السماء.
عمل
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ تدبير الله لنا أسرع من وقت انتظارنا؛ لنتفاءل ونُحسن الظن بالله، فهو على كل شيء قدير.
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى فُضَيْلٍ يَشْكُو إِلَيْهِ الْحَاجَةَ, فَقَالَ لَهُ: «أَمُدَبِّرًا غَيْرَ اللَّهِ تُرِيدُ؟!».
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ ‏‏هنالك أمور تصلك من غير تخطيط مسبق منك، تقف أمامها متعجبًا، ولو أستعملت لها كل دهائك ما وصلت إليك بهذه الروعة.
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ اسأل الله دائمًا أن يُدبرك لأحسن تدابيره، قال السعدي: «تلك التدابير من عند المليك القدير فيُسعد بها ويشقي، ويغني ويفقر، ويكرم ويهين، وينزل الأرزاق».
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ أيُعجزُهُ أمرُك.
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ لا تتعب نفسك بالتفكير، ولا أين الأمور تسير، فلست مكلف بالتدبير، فإن ربًا كفاك يومك سيكفيك غدًا بأحسن تقدير.
عمل
[5] إنِ انتابك قلقٌ على مستقبلك فتذكّر: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾.
لمسة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ قال الإمام المراغي: «تمثيل لإظهار عظمة الله، كما يُصْدِرُ الملك أوامره، ثم يتلقى من أعوانه ما يدل على تنفيذها».
وقفة
[5] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ﴾ فيه إشارة إلى أن تدبير العباد عند تدبيره عزّ وجلّ لا أثر له، فطوبى لمن رزق الرضا بتدبير الله تعالى، واستغنى عن تدبيره.
وقفة
[5] في الآية بيان لعظيم قدرة الله في تدبير الأمور ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ﴾.
عمل
[5] ﴿ثُمَّ يَعرُجُ إِلَيهِ في يَومٍ كانَ مِقدارُهُ أَلفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ﴾ لهذا اليوم فاعمل.
وقفة
[5] ﴿في يَومٍ كانَ مِقدارُهُ أَلفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ﴾ تنوع أساليب الترهيب، وهنا الترهيب بطول هذا اليوم.
تفاعل
[5] ﴿في يَومٍ كانَ مِقدارُهُ أَلفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ﴾ يالهول طوله! قل: «اللهم يسر حسابنا، وارزقنا الفردوس الأعلى من الجنة».
وقفة
[5] ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ﴾ قال ابن عاشور: «ومعنى تقديره بألف سنة: أنه تحصل فيه من تصرفات الله في كائنات السماء والأرض ما لو كان من عمل الناس، لكان حصول مثله في ألف سنة»، لكن الله يجریه بقدرته في لحظة واحدة».

الإعراب :

  • ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير الفعل «خلق» في اللهُ الَّذِي خَلَقَ» أو في محل رفع خبر لفظ‍ الجلالة و «الذي» تكون في محل نصب صفة-نعتا للفظ‍ الجلالة ويجوز أن تكون الجملة الفعلية في محل رفع خبرا ثانيا خبرا بعد خبر للمبتدإ لفظ‍ الجلالة. يدبر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الأمر: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «الأمر» أي المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحة بمعنى: ينزله مدبرا من السماء الى الأرض.
  • ﴿ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الأمر» أي ينزل الأمر مدبرا من السماء. الى الأرض: جار ومجرور يعرب اعراب مِنَ السَّماءِ» بمعنى: نازلا الى الأرض.
  • ﴿ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ:
  • ثم حرف عطف. يعرج: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الأمر. اليه: جار ومجرور متعلق بيعرج أي ثم يصعد اليه الأمر.
  • ﴿ فِي يَوْمٍ:
  • جار ومجرور متعلق بيعرج. بمعنى يصعد اليه ليحكم فيه في يوم أي في يوم الحساب-القيامة-وقد نكر «يوم» للتفخيم والتهويل لعظمته.
  • ﴿ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ:
  • الجملة الفعلية في محل جر صفة-نعت-ليوم. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. مقداره: اسم «كان» مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. ألف: خبر «كان» منصوب بالفتحة. سنة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ مِمّا تَعُدُّونَ:
  • أصلها: من: حرف جر و «ما» المدغمة بالنون: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن. تعدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «تعدون» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: مما تعدونه. أو تكون «ما» مصدرية لا محل لها من الاعراب وجملة «تعدون» صلتها لا محل لها. و«ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من «المقدار».'

المتشابهات :

يونس: 3﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦ
يونس: 31﴿أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ
الرعد: 2﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ
السجدة: 5﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ خلقَ السماوات والأرض وما بينهما؛ ذكرَ هنا تدبيره لأمرهما، قال تعالى:
﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يعرج:
1- مبنيا للفاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للمفعول، وهى قراءة ابن أبى عبلة.
تعدون:
1- بتاء الخطاب، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بياء الغيبة، وهى قراءة السلمى، وابن وثاب، والأعمش، والحسن.

مدارسة الآية : [6] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ ..

التفسير :

[6] ذلك الخالق المدبِّر لشؤون العالمين، عالم بكل ما يغيب عن الأبصار، مما تُكِنُّه الصدور وتخفيه النفوس، وعالم بما شاهدته الأبصار، وهو القويُّ الظاهر الذي لا يغالَب، الرحيم بعباده المؤمنين.

{ ذَلِكَ} الذي خلق تلك المخلوقات العظيمة، الذي استوى على العرش العظيم، وانفرد بالتدابير في المملكة،{ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} فبسعة علمه، وكمال عزته، وعموم رحمته، أوجدها، وأودع فيها، من المنافع ما أودع، ولم يعسر عليه تدبيرها.

واسم الإشارة في قوله ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ يعود إلى الله- تعالى-، وهو مبتدأ، وما بعده أخبار له- عز وجل-.

أى: ذلك الذي اتصف بتلك الصفات الجليلة، وفعل تلك الأفعال المتقنة الحكيمة، هو الله- تعالى-، عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أى: عالم كل ما غاب عن الحس، وكل ما هو مشاهد له، لا يخفى عليه شيء مما ظهر أو بطن الْعَزِيزُ الذي لا يغلبه غالب الرَّحِيمُ بعباده.

( ذلك عالم الغيب والشهادة ) أي : المدبر لهذه الأمور الذي هو شهيد على أعمال عباده ، يرفع إليه جليلها وحقيرها ، وصغيرها وكبيرها - هو ) العزيز ) الذي قد عز كل شيء فقهره وغلبه ، ودانت له العباد والرقاب ، ( الرحيم ) بعباده المؤمنين . فهو عزيز في رحمته ، رحيم في عزته [ وهذا هو الكمال : العزة مع الرحمة ، والرحمة مع العزة ، فهو رحيم بلا ذل ] .

القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ، يقول تعالى ذكره: هذا الذي يفعل ما وصفت لكم في هذه الآيات، هو ( عَالِمُ الْغَيْبِ )، يعني عالم ما يغيب عن أبصاركم أيها الناس، فلا تبصرونه مما تكنه الصدور وتخفيه النفوس، وما لم يكن بعد مما هو كائن، ( وَالشَّهَادَةِ ) يعني: ما شاهدته الأبصار فأبصرته وعاينته وما هو موجود ( الْعَزِيزُ ) يقول: الشديد في انتقامه ممن كفر به، وأشرك معه غيره، وكذّب رسله ( الرَّحِيمُ ) بمن تاب من ضلالته، ورجع إلى الإيمان به وبرسوله، والعمل بطاعته، أن يعذّبه بعد التوبة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[6] ﴿ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ يعلم الغيب، والغيب نوعان: غیب مطلق لا يعلمه إلا الله، وغيب نسبي يعلمه من شهده، ويجهله من غاب عنه، وكلاهما يعلمه الله.
لمسة
[6] ﴿ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ ومناسبة وصفه تعالى بـ (العزيز الرحيم) عقب ما تقدم: أنه خلق الخلق بمحض قدرته بدون معين، فالعزة -وهي الاستغناء عن الغير- ظاهرة، وأنه خلقهم على أحوال فيها لطف بهم؛ فهو رحيم بهم فيما خلقهم؛ إذ جعل أمور حياتهم ملائمة لهم، فيها نعيم لهم، وجنبهم الآلام فيها.
عمل
[6] ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ بدأ بعلم الغيب الذي تكون فيه أكثر الأسرار والأوزار، فلا يُغريك الظلام بالآثام.
لمسة
[6] ﴿الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ ما سر اقتران هذين الاسمين؟! والجواب: لأن الكمال في اجتماعهما، فرحمته مقرونة بعز، وليست رحمة ذل، وعزته مقرونة برحمة، فليست عزة جبروت لا رحمة فيها.

الإعراب :

  • ﴿ ذلِكَ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب أي ذلك المدبر هو الله.
  • ﴿ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ:
  • خبر «ذلك» أو خبر مبتدأ محذوف تقديره هو عالم الغيب. والجملة الاسمية هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ» في محل رفع خبر المبتدأ «ذلك» الغيب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والشهادة معطوفة بالواو على «الغيب» مجرورة مثلها وتعرب اعرابها.
  • ﴿ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ:
  • الاسمان بدلان من عالِمُ الْغَيْبِ» أو خبران متتابعان للمبتدإ المحذوف «هو» مرفوعان بالضمة.'

المتشابهات :

السجدة: 6﴿ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
التغابن: 18﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [6] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ أنه الخالق المدبِّر؛ ذكرَ هنا أنه العالم بكل شيء، قال تعالى:
﴿ ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

عالم ... العزيز الرحيم:
1- برفع الثلاثة، على أنها أخبار ل «ذلك» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئت:
2- بخفضها، وهى قراءة زيد بن على.
3- بخفض «العزيز الرحيم» ، وهى قراءة أبى زيد النحوي.

مدارسة الآية : [7] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ..

التفسير :

[7] الله الذي أحكم خَلْق كل شيء، وبدأ خَلْقَ الإنسان، وهو آدم عليه السلام من طين.

{ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} أي:كل مخلوق خلقه اللّه، فإن اللّه أحسن خلقه، وخلقه خلقًا يليق به، ويوافقه، فهذا عام.

ثم خص الآدمي لشرفه وفضله فقال:{ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} وذلك بخلق آدم عليه السلام، أبي البشر.

الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ أى: الذي أحكم وأتقن كل شيء خلقه وأوجده في هذا الكون، لأنه- سبحانه- أوجده على النحو الذي تقتضيه حكمته، وتستدعيه مصلحة عباده.

قال الشوكانى: وقرأ الجمهور خَلَقَهُ- بفتح اللام- على أنه فعل ماض صفة لشيء، فهو في محل جر. أو صفة للمضاف فيكون في محل نصب.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ابن عامر: خَلَقَهُ- بسكون اللام- وفي نصبه أوجه:

الأول: أن يكون بدلا من كُلَّ شَيْءٍ بدل اشتمال، والضمير عائد على كل شيء، وهذا هو المشهور ....

والمراد بالإنسان في قوله- تعالى-: وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ آدم- عليه السلام-، أى وبدأ خلق أبيكم آدم من طين، فصار على أحسن صورة، وأبدع شكل

يقول تعالى : إنه الذي أحسن خلق الأشياء وأتقنها وأحكمها .

وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : ( الذي أحسن كل شيء خلقه ) قال : أحسن خلق كل شيء . كأنه جعله من المقدم والمؤخر .

ثم لما ذكر خلق السماوات والأرض ، شرع في ذكر خلق الإنسان فقال : ( وبدأ خلق الإنسان من طين ) يعني : خلق أبا البشر آدم من طين .

وقوله: ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قراء مكة والمدينة والبصرة (أحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) بسكون اللام. وقرأه بعض المدنيين وعامة الكوفيين ( أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) بفتح اللام.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء صحيحتا المعنى، وذلك أن الله أحكم خلقه، وأحكم كل شيء خلَقه، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

واختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: أتقن كلّ شيء وأحكمه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني العباس بن أبي طالب، قال: ثنا الحسين بن إبراهيم إشكاب (2) قال: ثنا شريك، عن خَصيف عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) قال: أما إن است القرد ليست بحسنة، ولكن أحكم خلقها.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو النضر، قال: ثنا أبو سعيد المؤدّب، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرؤها: ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) قال: أما إن است القرد ليست بحسنة ولكنه أحكمها.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) قال: أتقن كلّ شيء خلقه.

حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبد الله بن موسى، قال: ثنا إسرائيل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) : أحصى كلّ شيء.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: الذي حسن خلق كل شيء.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) حسن على نحو ما خلق.

وذُكر عن الحجاج، عن ابن جُرَيج، عن الأعرج، عن مجاهد قال: هو مثل أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى قال: فلم يجعل خلق البهائم في خلق الناس، ولا خلق الناس في خلق البهائم ولكن خلق كلّ شيء فقدّره تقديرا.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أعلم كل شيء خلقه، كأنهم وجهوا تأويل الكلام إلى أنه ألهم خلقه ما يحتاجون إليه، وأن قوله: ( أَحْسَنَ ) إنما هو من قول القائل: فلان يحسن كذا، إذا كان يعلمه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شريك، عن خصيف، عن مجاهد ( أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) قال: أعطى كلّ شيء خلقه، قال: الإنسان إلى الإنسان، والفرس للفرس، والحمار للحمار وعلى هذا القول الخَلْق والكلّ منصوبان بوقوع أحسن عليهما.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب على قراءة من قرأه: ( الَّذِي أحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) بفتح اللام قول من قال: معناه أحكم وأتقن؛ لأنه لا معنى لذلك إذ قرئ كذلك إلا أحد وجهين: إما هذا الذي قلنا من معنى الإحكام والإتقان، أو معنى التحسين الذي هو في معنى الجمال والحُسن، فلما كان في خلقه ما لا يشكّ في قُبحه وسماجته، علم أنه لم يُعن به أنه أحسن كلّ ما خلق، ولكن معناه أنه أحكمه وأتقن صنعته، وأما على القراءة الأخرى التي هي بتسكين اللام، فإن أولى تأويلاته به قول من قال: معنى ذلك: أعلم وألهم كلّ شيء خلقه، هو أحسنهم، كما قال: (الَّذِي أعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)؛ لأن ذلك أظهر معانيه. وأما الذي وجه تأويل ذلك إلى أنه بمعنى: الذي أحسن خلق كلّ شيء، فإنه جعل الخلق نصبا بمعنى التفسير، كأنه قال: الذي أحسن كلّ شيء خلقا منه. وقد كان بعضهم يقول: هو من المقدّم الذي معناه التأخير، ويوجهه إلى أنه نظير قول الشاعر:

وَظَعْنِـي إلَيْـكَ للَّيْـل حِضْيَنْـةِ أنَّنِـي

لِتِلْــكَ إذَا هــابَ الهِــدَانُ فَعُـولُ (3)

يعني: وظعني حضني الليل إليك؛ ونظير قول الآخر:

كــأنَّ هِنْــدًا ثناياهــا وَبهْجَتَهَـا

يَــوْمَ الْتَقَيْنـا عَـلى أدْحـالِ دَبَّـاب (4)

أي: كأن ثنايا هند وبهجتها.

وقوله: ( وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ) يقول تعالى ذكره: وبدأ خلق آدم من طين

التدبر :

وقفة
[7] ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ قال أبو حيان: «ما من شيء خلقه إلا وهو مرتب على ما تقضيه الحكمة، فالمخلوقات كلها حسنة، وإن تفاوتت في الحسن، وحسنها من جهة المقصد الذي أريد بها، ولهذا قال ابن عباس: ليست القردة بحسنة، ولكنها متقنة محكمة».
وقفة
[7] ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ أول الإحسان وأكمله وأعظمه هو إحسان الله عز وجل، فلا تحبين أعظم من المحسن جل جلاله.
وقفة
[7] لا مُحسِنَ أعظم من المحسن جل جلاله ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾.
وقفة
[7] الإحسان هو الإتقان ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾، ﴿صنع الله الذي أتقن كل شيء﴾ [النمل: 88]، وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» [أبو يعلى 7/ 350، وحسنه الألباني].
تفاعل
[7] ادع الله أن يحسِّن خُلُقَك كما حسّن خَلْقَك ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ﴾.
وقفة
[7] ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ﴾ لم التكبر؟! وأصلك من طين، وأغلى ثيابك من دودة، وأشهى طعامك من حشرة، ومنزلك المقبل: حفرة تحت الأرض.
وقفة
[7] ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ﴾ لو تأمل الإنسان أساس خلقه واعتبر واتعظ؛ لما تكبر وتجبر.
وقفة
[7] ﴿وَبَدَأَ خَلقَ الإِنسانِ مِن طينٍ﴾ رغم أن أساس الخلق من طين، إلا أنه الخالق المبدع سواه فى أحسن خلقه وأبدع ما يكون.
وقفة
[7، 8] ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ﴾ فــعَــــلامَ الـــكِـــبْـــر؟!

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِي:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع بدل من عالِمُ الْغَيْبِ» أو خبر آخر للمبتدإ المقدر.
  • ﴿ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. أحسن: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. كل: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. شيء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى أجاد كل شيء خلقه.
  • ﴿ خَلَقَهُ:
  • تعرب اعراب «أحسن» والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. وجملة «خلقه» في محل جر صفة-نعت-لشيء بمعنى كل شيء خلقه فقد أحسنه. أي أجاده.
  • ﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ:
  • معطوفة بالواو على أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ» وتعرب اعرابها. أي وبدأ تكوين الانسان الأول.
  • ﴿ مِنْ طِينٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال من الانسان بمعنى في حالة كونه من طين. أو الذي أصله طين أو هو من طين. و «من» حرف جر بياني.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ الدليلَ الدال على الوحدانية من الآفاق؛ ذكرَ الدليل الدال عليها من الأنفس، قال تعالى:
﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

خلقه:
1- بفتح اللام، فعلا ماضيا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بسكون اللام، وهى قراءة العربيين، وابن كثير.
بدأ:
1- بالهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالألف، بدلا من الهمزة، وهى قراءة الزهري.

مدارسة الآية : [8] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ ..

التفسير :

[8] ثم جعل ذرية آدم متناسلة من نطفة ضعيفة رقيقة مهينة.

{ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ} أي:ذرية آدم ناشئة{ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} وهو النطفة المستقذرة الضعيفة.

ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ أى: ذريته، وسميت بذلك لأنها تنسل وتنفصل منه.

مِنْ سُلالَةٍ أى: من خلاصة، وأصلها ما يسل ويخلص بالتصفية.

مِنْ ماءٍ مَهِينٍ أى: ممتهن لا يهتم بشأنه، ولا يعتنى به، والمقصود به: المنى الذي يخرج من الرجل.

( ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ) أي : يتناسلون كذلك من نطفة تخرج من بين صلب الرجل وترائب المرأة .

(ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ) يعني: ذريته (من سلالة)، يقول: من الماء الذي انسل فخرج منه. وإنما يعني من إراقة من مائه، كما قال الشاعر:

فجـاءتْ بِـه عَضْـبَ الأدِيمِ غَضَنْفَرًا

سُـلالَةَ فَـرْجٍ كـانَ غـيرَ حَـصِينِ (5)

وقوله: (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) يقول: من نطفة ضعيفة رقيقة.

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) وهو خلق آدم، ثم جعل نسله: أي ذرّيته من سلالة من ماء مهين، والسلالة هي: الماء المهين الضعيف.

حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن أبي يحيى الأعرج، عن ابن عباس في قوله: (مِنْ سُلالَةٍ) قال: صفو الماء.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) قال: ضعيف نطفة الرجل، ومهين: فعيل من قول القائل: مهن فلان، وذلك إذا زلّ وضعف.

--------------------

الهوامش :

(2) في التاج (شكب): إشكاب؛ لقب الحسين بن إبراهيم بن الحسن بن زعلان العامري، شيخ أبي بكر بن أبي الدنيا.

(3) البيت في (مجاز القرآن لأبي عبيدة الورقة 192 - أ) قال عند تفسير قوله تعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه): مجازه: أحسن خلق كل شيء والعرب تفعل هذا، يقدمون ويؤخرون. قال: "وظعني إليك ..." البيت معناه: وظعني حين حضنني الليل إليك. وفي (اللسان: حضن): وحضنا المفازة شقاها، والفلاة: ناحيتاها، وحضنا الليل: جانباه، وحضن الجبل ما يطيق به وحضنا الشيء: جانباه. والهدان بوزن كتاب: الأحمق الجافي الوخم الثقيل في الحرب. وفي حديث عثمان: جبانًا هدانا.

(4) البيت في مجاز القرآن لأبي عبيدة، ( الورقة 192 - أ) عند تفسير قوله تعالى:(أحسن كل شيء خلقه). بعد الشاهد السابق: "وظعني إليك ..." البيت. ثم قال: كأن ثنايا هند وبهجتها. وهو أيضا في "اللسان: دبب": قال: قال الأزهري: وبالخلصاء رمل يقال له: الدباب، وبحذائه دُحْلان كثيرة (بضم الدال) ومنه قول الشاعر :

كَــأَنَّ هِنْــدًا ثَنَايَاهَــا وَبَهْجَتَهَـا

لَمَّــا الْتَقَيْنَـا لَـدَى أدْحَـالِ دَبَّـاب

مَوْلِيَّـةٌ أُنُــفٌ جَـادَ الـرَّبِيعُ بِهَـا

عَـلَى أبَـارِقَ قـدْ هَمَّـتْ بِأَعْشَـابِ

والأدحال والدحلان: جمعا دحل، بالفتح، وهو ثقب ضيق فمه، ثم يتسع أسفله، حتى يمشي فيه.

(5) البيت: (مجاز القرآن لأبي عبيدة الورقة 162 - ب) عند قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) في سورة المؤمنين. (الجزء 18 : 8) فراجعه ثمة.

التدبر :

وقفة
[8] ﴿ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ﴾ هذه النطفة الممتهنة التي لا يعبأ بها الناس، فيها الخلق العجيب، وبحسب ما فيها يتباين الخلق في الشكل والهيئة واللون والميول والطباع والأخلاق.
عمل
[8] ﴿مَّاءٍ مَّهِينٍ﴾ لا تنسى أصلك.

الإعراب :

  • ﴿ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ:
  • حرف عطف. جعل: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «نسله» مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف اليه أي ذريته. سميت «نسلا» لأنها تنسل منه أي تنفصل منه.
  • ﴿ مِنْ سُلالَةٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة للنسل. بمعنى حالة كونه من سلالة أي من نطفة لأن «من» حرف جر بياني. أو بمعنى جعل نسله خارجا منه.
  • ﴿ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة-نعت-لسلالة. و «من» حرف جر بياني. مهين أي من نطفة والاصح أن يكون الجار والمجرور مِنْ ماءٍ» بدلا من «سلالة» لأن معناهما واحد. مهين: صفة-نعت-لماء مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة بمعنى من ماء ممتهن أي تافه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ خَلقَ الإنسان؛ ذكرَ هنا أنه جعل ذرية آدم يتناسلون من نطفة مستقذرة ضعيفة، قال تعالى:
﴿ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [9] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن ..

التفسير :

[9] ثم أتم خلق الإنسان وأبدعه، وأحسن خلقته، ونفخ فيه مِن روحه بإرسال الملك له؛ لينفخ فيه الروح، وجعل لكم -أيها الناس- نعمة السمع والأبصار، يُميَّز بها بين الأصوات والألوان والذوات والأشخاص، ونعمة العقل يُميَّز بها بين الخير والشر والنافع والضار. قليلاً ما

{ ثُمَّ سَوَّاهُ} بلحمه، وأعضائه، وأعصابه، وعروقه، وأحسن خلقته، ووضع كل عضو منه، بالمحل الذي لا يليق به غيره،{ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} بأن أرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، فيعود

بإذن اللّه، حيوانا، بعد أن كان جمادًا.

{ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} أي:ما زال يعطيكم من المنافع شيئًا فشيئا، حتى أعطاكم السمع والأبصار{ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} الذي خلقكم وصوركم.

ثُمَّ سَوَّاهُ أى: هذا المخلوق الذي أوجده من طين، أو من ماء مهين. والمراد: ثم عدل خلقه، وسوى شكله، وناسب بين أعضائه، وأتمه في أحسن صورة ...

وَنَفَخَ فِيهِ- سبحانه- مِنْ رُوحِهِ أى: من قدرته ورحمته، التي صار بها هذا الإنسان إنسانا كاملا في أحسن تقويم.

وإضافة الروح إليه- تعالى- للتشريف والتكريم لهذا المخلوق، كما في قولهم بيت الله.

وَجَعَلَ لَكُمُ بعد ذلك السَّمْعَ الذي تسمعون به وَالْأَبْصارَ التي تبصرون بها، وَالْأَفْئِدَةَ التي تعقلون بها، وتحسون الأشياء بواسطتها.

وقوله: قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ بيان لموقف بنى آدم من هذه النعم المتكاثرة والمتنوعة.

ولفظ «قليلا» منصوب على أنه صفة لمحذوف وقع معمولا لتشكرون.

أى: شكرا قليلا تشكرون، أو زمانا قليلا تشكرون.

وهكذا بنو آدم- إلا من عصم الله-، أوجدهم الله- تعالى- بقدرته، وسخر لمنفعتهم ومصلحتهم ما سخر من مخلوقات، وصانهم في كل مراحل خلقهم بأنواع من الصيانة والحفظ ... ومع ذلك فقليل منهم هم الذين يشكرونه- عز وجل- على نعمه. وصدق- سبحانه- حيث يقول: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ.

ثم حكى- سبحانه- شبهات المشركين ورد عليها، وصور أحوالهم الأليمة عند ما تقبض الملائكة أرواحهم، فقال- تعالى-:

( ثم سواه ) يعني : آدم ، لما خلقه من تراب خلقه سويا مستقيما ، ( ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ) ، يعني العقول ، ( قليلا ما تشكرون ) أي : بهذه القوى التي رزقكموها الله عز وجل . فالسعيد من استعملها في طاعة ربه عز وجل .

القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ (9)

يقول تعالى ذكره: ثم سوّى الإنسان الذي بدأ خلقه من طين خلقا سويا معتدلا(وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) فصار حيا ناطقا( وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ ) يقول: وأنعم عليكم أيها الناس ربكم بأن أعطاكم السمع تسمعون به الأصوات، والأبصار تبصرون بها الأشخاص والأفئدة، تعقلون بها الخير من السوء، لتشكروه على ما وهب لكم من ذلك. وقوله: (قَلِيلا ما تَشْكُرُونَ) يقول: وأنتم تشكرون قليلا من الشكر ربكم على ما أنعم عليكم.

التدبر :

وقفة
[9] ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ﴾ وهل هناك تكريم أشرف من هذا التكريم؟! فالروح التي نفخها الله في آدم وعيسى عليهما السلام هي من الأرواح التي خلقها الله سبحانه.
لمسة
[9] ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ﴾ الروح ليست من صفات الله تعالى، بل هي خلق من خلقه، وإضافتها إلى الله إضافة تشريف وتعظيم، و(من) في الآية ليست للتبعيض، حتى تكون الروح جزءًا من الله؛ بل معناها أن هذه الروح من عنده سبحانه، فهو الخالق لها، والمتصرف فيها كيف يشاء.
وقفة
[9] ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ﴾ قال الآلوسي في روح المعاني: «حكي أنَّ طبيبًا نصرانیًا حاذقًا للرشید ناظر علي بن الحسين الواقدي المروزي ذات يوم، فقال له: إن في كتابكم ما يدل على أن عيسی عليه السلام جزء منه تعالى، وتلا هذه الآية: ﴿وَرُوحٌ مِّنْهُ﴾ [النساء: 171]، فقرأ الواقدي قوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية: 13]، فقال: إذًا؛ يلزم أن يكون جميع الأشياء جزءًا منه سبحانه وتعالى علوًا كبيرًا، فانقطع النصراني فأسلم، وفرح الرشيد فرحًا شديدًا».
وقفة
[9] ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ﴾ المراد بـ (روحِهِ) جبريلُ، وإِلَّا فالله مُنزَّهٌ عن الروح، الذي يقومُ بهِ الجَسَدُ، وتكونُ به الحياةُ، وأضافه إلى نفسه تشريفًا، وإِشعارًا بأنه خلقٌ عجيبٌ، مناسبٌ للمقام.
وقفة
[9] ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ شكر نعمة السمع بالإعراض عن سماع الغيبة والفحش واللغو، وشكر نعمة البصر بغض البصر، وشكر نعمة الفؤاد بإخلاص النية.
وقفة
[9] ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ قال ابن القيم في مقارنة جميلة بين نعمتي السمع والبصر: «عادم البصر أشدهما ضررًا وأسلمها دينًا وأحمدهما عاقبة، وعادم السمع أقلهما ضررًا في دنياه وأجهلهما بدينه وأسوأ عاقبة، فإنه إذا عدم السمع عدم المواعظ والنصائح، وانسدت عليه أبواب العلوم النافعة، وانفتحت له طرق الشهوات التي يدركها البصر، ولا يناله من العلم ما يكفه عنها، فضرره في دينه أكثر، وضرر الأعمى في دنياه أكثر؛ ولهذا لم يكن في الصحابة أطرش، وكان فيهم جماعة أضراء، وقل أن يبتلي الله أولياءه بالطرش، ويبتلي كثيرًا منهم بالعمى، فهذا فصل الخطاب في هذه المسألة، فمضرة الطرش في الدين، ومضرة العمى في الدنيا، والمعافي من عافاه الله منها، ومتعه بسمعه وبصره، وجعلهما الوارثين منه».
وقفة
[9] السمع والبصر نعمتان, وشكرهما يكون باستعمالهما فيما يقرّب إلى الله ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾.
لمسة
[9] ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصارَ وَالأَفئِدَةَ قَليلًا ما تَشكُرونَ﴾ قيل: قدم السمع؛ لأن الإنسان يسمع أولًا كلامًا فينظر إلى قائله ليعرفه، ثم يتفكر بقلبه في ذلك الكلام؛ ليفهم معناه
لمسة
[9] ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصارَ وَالأَفئِدَةَ قَليلًا ما تَشكُرونَ﴾ قيل: وحد السمع؛ لأن الإنسان يسمع الكلام من أي جهة كان.
وقفة
[9] ﴿السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ شكرُ السمعِ بالإعراضِ عن اللغوِ، وشكرُ النَّظَرِ بغضِّ البَصَرِ، وشكرُ القلبِ بطهارةِ النِّيَّةِ.
وقفة
[9] ﴿قَليلًا ما تَشكُرونَ﴾ رغم أنه عز وجل سواك على أحسن ما يكون، كما تغمرك النعم من كل إتجاه، إلا أنك أيها الإنسان لم توفه حقه عز وجل من الشكر والحمد بعد.

الإعراب :

  • ﴿ ثُمَّ سَوّاهُ:
  • حرف عطف. سواه: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-يعود على الماء المهين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ:
  • الواو عاطفة. نفخ: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. فيه: جار ومجرور متعلق بنفخ. من روحه: جار ومجرور متعلق بنفخ أو متعلق بمفعول لأجله أو متعلق لمفعول له والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى وبعث فيه الحياة.
  • ﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ:
  • الواو عاطفة. جعل لكم: تعرب إعراب نَفَخَ فِيهِ» والميم علامة جمع الذكور ويجوز ان تكون الواو استئنافية. لأنه انتقل بالكلام من الغيبة الى المخاطبة. و «جعل» بمعنى «خلق» ولهذا تعدى الى مفعول واحد.
  • ﴿ السَّمْعَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى لتسمعوا به والكلمة مصدر ولهذا جاءت مفردة أو هي مفرد بمعنى الجمع. مثل: «من» و «الفلك» الخ.
  • ﴿ وَالْأَبْصارَ:
  • معطوفة بالواو على «السمع» وتعرب إعرابها. بمعنى والأعين لتروا فيها.
  • ﴿ وَالْأَفْئِدَةَ:
  • تعرب اعراب «والأبصار» بمعنى والقلوب .. جمع فؤاد لتتدبروا وتعلموا.
  • ﴿ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ:
  • التقدير ولكنكم شكرا قليلا تشكرون. قليلا: صفة نائبة عن المصدر-المفعول المطلق-ما: زائدة مهملة. تشكرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف المفعول لأنه معلوم بمعنى تشكرون الله شكرا قليلا على نعمه عليكم. أو تكون «قليلا» النائبة عن المصدر سادة مسدّ مفعول «تشكرون».'

المتشابهات :

المؤمنون: 78﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ
النحل: 78﴿وَاللَّـهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
السجدة: 9﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ
الملك: 23﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [9] لما قبلها :     وبعد أن كان نطفةً؛ أتمَّ اللهُ خلقَ الإنسان، وأعطاه نعم السمع والبصر والفؤاد، قال تعالى:
﴿ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [10] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ ..

التفسير :

[10] وقال المشركون بالله المكذبون بالبعث:أإذا صارت لحومنا وعظامنا تراباً في الأرض أنُبعَث خلقاً جديداً؟ يستبعدون ذلك غير طالبين الوصول إلى الحق، وإنما هو منهم ظلم وعناد؛ لأنهم بلقاء ربهم -يوم القيامة- كافرون.

أي:قال المكذبون بالبعث على وجه الاستبعاد:{ أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} أي:بَلِينَا وتمزقنا، وتفرقنا في المواضع التي لا تُعْلَمُ.

{ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} أي:لمبعوثون بعثًا جديدًا بزعمهم أن هذا من أبعد الأشياء، وذلك لقياسهم قدرة الخالق، بقدرهم.

وكلامهم هذا، ليس لطلب الحقيقة، وإنما هو ظلم، وعناد، وكفر بلقاء ربهم وجحد، ولهذا قال:{ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُون} فكلامهم علممصدره وغايته، وإلا، فلو كان قصدهم بيان الحق، لَبَيَّنَ لهم من الأدلة القاطعة على ذلك، ما يجعله مشاهداً للبصيرة، بمنزلة الشمس للبصر.

ويكفيهم، أنهم معهم علم أنهم قد ابتدئوا من العدم، فالإعادة أسهل من الابتداء، وكذلك الأرض الميتة، ينزل اللّه عليها المطر، فتحيا بعد موتها، وينبت به متفرق بذورها.

قال القرطبي: قوله- تعالى-: وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ هذا قول منكري البعث أى: هلكنا وبطلنا وصرنا ترابا. وأصله من قول العرب: ضل الماء في اللبن إذا ذهب.

والعرب تقول للشيء غلب عليه غيره حتى خفى فيه أثره: قد ضل..».

أى: وقال الكافرون على سبيل الإنكار ليوم القيامة وما فيه من حساب أإذا صارت أجسادنا كالتراب واختلطت به، أنعاد إلى الحياة مرة أخرى، ونخلق خلقا جديدا ... ؟

وقوله- سبحانه-: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ إضراب وانتقال من حكاية كفرهم بالبعث والحساب إلى حكاية ما هو أشنع من ذلك وهو كفرهم بلقاء الله- تعالى- الذي خلقهم ورزقهم وأحياهم وأماتهم ... أى: بل هم لانطماس بصائرهم، واستيلاء العناد والجهل عليهم، بلقاء ربهم يوم القيامة، كافرون جاحدون، لأنهم قد استبعدوا إعادتهم إلى الحياة بعد موتهم، مع أن الله- تعالى- قد أوجدهم ولم يكونوا شيئا مذكورا.

يقول تعالى مخبرا عن المشركين في استبعادهم المعاد حيث قالوا : ( أئذا ضللنا في الأرض ) أي : تمزقت أجسامنا وتفرقت في أجزاء الأرض وذهبت ، ( أئنا لفي خلق جديد ) ؟ أي : أئنا لنعود بعد تلك الحال ؟! يستبعدون ذلك ، وهذا إنما هو بعيد بالنسبة إلى قدرتهم العاجزة ، لا بالنسبة إلى قدرة الذي بدأهم وخلقهم من العدم ، الذي إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون; ولهذا قال : ( بل هم بلقاء ربهم كافرون )

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10)

يقول تعالى ذكره: وقال المشركون بالله، المُكذّبون بالبعث: (أئِذَا ضَلَلْنا في الأرْض) أي: صارت لحومنا وعظامنا ترابا في الأرض وفيها لغتان: ضَلَلْنَا، وَضَلِلنا. بفتح اللام وكسرها، والقراءة على فتحها وهي الجوداء، وبها نقرأ. وذكر عن الحسن أنه كان يقرأ: (أئِذَا صَلَلْنا) بالصاد، بمعنى: أنتنا، من قولنا: صلّ اللحم وأصلّ إذا أنتن. وإنما عنى هؤلاء المشركون بقولهم: (أئِذَا ضَلَلْنا فِي الأرْضِ) أي: إذا هلكت أجسادنا &; 20-174 &; في الأرض؛ لأن كلّ شيء غلب عليه غيره حتى خفي فيما غلب، فإنه قد ضلّ فيه، تقول العرب: قد ضلّ الماء في اللبن: إذا غلب عليه حتى لا يتبين فيه، ومنه قول الأخطل لجرير:

كُـنْتَ القَـذَى فـي مَـوْج أكْدَرَ مُزْبدٍ

قَــذَفَ الأتِـيُّ بِـه فَضَـلَّ ضَـلالا (6)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، عن مجاهد (أئِذا ضَلَلْنا فِي الأرْضِ) يقول: أئذا هلكنا.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (أئِذَا ضَلَلْنا فِي الأرْض) هلكنا.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد: قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (أئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرْضِ) يقول: أئذا كنا عظاما ورفاتا أنبعث خلقا جديدا؟ يكفرون بالبعث.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، (وَقالُوا أئِذَا ضَلَلْنا فِي الأرْض أئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَديدٍ) قال: وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا .

وقوله: ( بَلْ هُمْ بَلقاء رَبِّهِمْ كافِرُونَ) يقول تعالى ذكره: ما بهؤلاء المشركين جحود قدرة الله على ما يشاء، بل هم بلقاء ربهم كافرون؛ حذرا لعقابه، وخوف مجازاته إياهم على معصيتهم إياه، فهم من أجل ذلك يجحدون لقاء ربهم في المعاد.

-------------------------

الهوامش :

(6) البيت للأخطل (ديوانه طبعة بيروت ص 50). والقذي: ما يقع في العين من تراب أو تبن ونحوه، مما يطيره الريح، والأكدر: الكدر، غير الصافي، لأنه أتى من بعيد، وهو شديد الجري، يخالطه التراب والغثاء، ولذلك قال: "مزبد"، وهو الذي علاه الزبد لتحركه واضطرابه. والأتي: السيل يأتي من مكان بعيد، أو من بلد إلى بلد. وقبل هذا البيت بيت آخر مرتبط به في المعنى، قال الأخطل:

وَإِذَا سَــمَاه لِلْمَجْــدِ فَرْعـا وَائِـلٍ

وَاسْــتَجْمَعَ الْــوَادِي عَلَيْـكَ فَسـالا

فرعا وائل: هما بكر وتغلب. يريد أنه إذا اجتمع فرعا وائل في مكان يوم فخار مع القبائل، وصاروا أشبه بالسيل في كثرته لم تكن أنت يا جرير بالإضافة إليهم إلا كقذاة غرقت في ذلك السيل الكدر، فضلت فيه وغابت، ولم يوقف لها على أثر. ولذلك قال شارح الديوان: والمراد من البيت أن أبا جرير حقير خسيس، بالقياس إلى من ذكرهم. والبيت شاهد على أن الضلال: غياب الشيء، حتى لا يحس له أثر.

التدبر :

وقفة
[10] ﴿وَقالوا أَإِذا ضَلَلنا فِي الأَرضِ أَإِنّا لَفي خَلقٍ جَديدٍ﴾ خلق الله العقل البشرى لا يستطيع استيعاب هذا الأمر، لكن المؤمن بأركان الإيمان كاملة لا يساوره أدنى شك فى ذلك.
وقفة
[10] ﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ استبعاد المشركين للبعث مع وضوح الأدلة عليه.
وقفة
[10] ﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ استبعدوا البعث بعد التحلل في باطن الأرض أو الافتراس بواسطة السباع؛ لأن العقول المادية تقف عند حدود الممكن والمعقول، وقدرة الله فوق كل ممكن أو معقول.
وقفة
[10] ﴿وَقالوا أَإِذا ضَلَلنا فِي الأَرضِ أَإِنّا لَفي خَلقٍ جَديدٍ بَل هُم بِلِقاءِ رَبِّهِم كافِرونَ﴾ مهما قالوا فالله أعلم بما فى قلوبهم.
وقفة
[10] ﴿بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾ إنكار هذا اللقاء أو التعامي عنه هو مفتاح الشقاء الأبدي والعذاب السرمدي، وما ذكر أحد لقاء الله إلا ارتدع عن كثير من معاصيه.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • الواو استئنافية. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ أَءذا:
  • الهمزة همزة تعجيب واستنكار بلفظ‍ استفهام. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط‍ خافض لشرطه متعلق بجوابه. والجملة الفعلية بعده في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل رفع فاعل. في الأرض: جار ومجرور متعلق بضللنا بمعنى صرنا ترابا وذهبنا مختلطين بتراب الأرض لا نتميز منه. أي ضاعت أجسادنا وتلاشت فصارت وجيما بعد موتنا. وحذف جواب الشرط‍ أو يكون ما بعده دالا عليه.
  • ﴿ أَءنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ:
  • الهمزة: أعربت. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «انّ» لفي خلق: جار ومجرور متعلق بخبر «ان» جديد: صفة-نعت-لخلق مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. والجملة الاستفهامية دالة على جواب «إذ» بمعنى أنبعث أو يجدد خلقنا. واللام في «لفي» لام التوكيد-المزحلقة-.
  • ﴿ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. بلقاء: جار ومجرور متعلق بالخبر.
  • ﴿ رَبِّهِمْ كافِرُونَ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. كافرون: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين في المفرد.'

المتشابهات :

الرعد: 5﴿وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ
السجدة: 10﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلۡ هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ كَٰفِرُون
سبإ: 7﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     ولَمَّا قال تعالى: ﴿قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾؛ بَيَّنَ هنا عدم شكرهم، بإتيانهم بضده، وهو الكفر، وإنكار قدرته تعالى على إحياء الموتى، قال تعالى:
﴿ وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ضللنا:
1- بفتح اللام، والمضارع بكسرها، وهى اللغة الفصيحة، لغة نجد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسر اللام، والمضارع بفتحها، وهى لغة أبى العالية، وهى قراءة يحيى بن يعمر، وابن محيصن، وأبى رجاء، وطلحة، وابن وثاب.
3- بضم الضاد المعجمة، وكسر اللام مشددة، وهى قراءة أبى حيوة.
4- صللنا، بالصاد المهملة وفتح اللام، ومعناه: أنتنا، وهى قراءة على، وابن عباس، والحسن، والأعمش، وأبان بن سعيد بن العاصي.

مدارسة الآية : [11] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي ..

التفسير :

[11] قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين:يتوفاكم ملك الموت الذي وُكِّل بكم، فيقبض أرواحكم إذا انتهت آجالكم، ولن تتأخروا لحظة واحدة، ثم تُردُّون إلى ربكم، فيجازيكم على جميع أعمالكم:إن خيراً فخير وإن شرّاً فشر.

{ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} أي:جعله اللّه وكيلاً على قبض الأرواح، وله أعوان.{ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} فيجازيكم بأعمالكم، وقد أنكرتم البعث، فانظروا ماذا يفعل اللّه بكم.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أن مردهم إليه لا محالة بعد أن يقبض ملك الموت أرواحهم فقال: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ، ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ.

وقوله يَتَوَفَّاكُمْ من التوفي. وأصله أخذ الشيء وافيا تاما. يقال: توفاه الله، أى:

استوفى روحه وقبضها، وتوفيت مالي بمعنى استوفيته والمراد بملك الموت: عزرائيل.

أى: قل- أيها الرسول الكريم- في الرد على هؤلاء الجاحدين: سيتولى قبض أرواحكم عند انتهاء آجالكم ملك الموت الذي كلفه الله- تعالى- بذلك ثم إلى ربكم ترجعون، فيجازيكم بما تستحقونه من عقاب، بسبب كفركم وجحودكم.

وأسند- سبحانه- هنا التوفي إلى ملك الموت، لأنه هو المأمور بقبض الأرواح. وأسنده إلى الملائكة في قوله- تعالى- فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ لأنهم أعوان ملك الموت الذين كلفهم الله بذلك.

وأسنده- سبحانه- إلى ذاته في قوله: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها لأن كل شيء كائنا ما كان، لا يكون إلا بقضائه وقدره.

.

ثم قال : ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ) ، الظاهر من هذه الآية أن ملك الموت شخص معين من الملائكة ، كما هو المتبادر من حديث البراء المتقدم ذكره في سورة " إبراهيم " ، وقد سمي في بعض الآثار بعزرائيل ، وهو المشهور ، قاله قتادة وغير واحد ، وله أعوان . وهكذا ورد في الحديث أن أعوانه ينتزعون الأرواح من سائر الجسد ، حتى إذا بلغت الحلقوم تناولها ملك الموت .

قال مجاهد : حويت له الأرض فجعلت له مثل الطست ، يتناول منها حيث يشاء . ورواه زهير بن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه مرسلا . وقاله ابن عباس ، رضي الله عنهما .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن أبي يحيى المقري ، حدثنا عمرو بن شمر عن جعفر بن محمد قال : سمعت أبي يقول : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " يا ملك الموت ، ارفق بصاحبي فإنه مؤمن " . فقال ملك الموت : يا محمد ، طب نفسا وقر عينا فإني بكل مؤمن رفيق ، واعلم أن ما في الأرض بيت مدر ولا شعر ، في بر ولا بحر ، إلا وأنا أتصفحه في كل يوم خمس مرات ، حتى إني أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم ، والله يا محمد ، لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها .

قال جعفر : بلغني أنه إنما يتصفحهم عند مواقيت الصلاة ، فإذا حضرهم عند الموت فإن كان ممن يحافظ على الصلاة دنا منه الملك ، ودفع عنه الشيطان ، ولقنه الملك : " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله " في تلك الحال العظيمة .

وقال عبد الرزاق : حدثنا محمد بن مسلم ، عن إبراهيم بن ميسرة قال : سمعت مجاهدا يقول ما على ظهر الأرض من بيت شعر أو مدر إلا وملك الموت يطيف به كل يوم مرتين .

وقال كعب الأحبار : والله ما من بيت فيه أحد من أهل الدنيا إلا وملك الموت يقوم على بابه كل يوم سبع مرات . ينظر هل فيه أحد أمر أن يتوفاه . رواه ابن أبي حاتم .

وقوله : ( ثم إلى ربكم ترجعون ) أي : يوم معادكم وقيامكم من قبوركم لجزائكم .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)

يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله: (يتوفاكم ملك الموت)، يقول: يستوفي عددكم بقبض أرواحكم ملك الموت الذي وكل بقبض أرواحكم، ومنه قول الراجز:

إنَّ بَنــي الأدْرَمِ لَيْسُــوا مِـنْ أحَـدْ

وَلا تَوَفَّــاهُمْ قُــرَيْشٌ فِـي العَـدَدْ (7)

حثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ المَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) قال: ملك الموت يتوفاكم، ومعه أعوان من الملائكة.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ المَوْتِ) قال: حويت له الأرض فجُعلت له مثل الطست يتناول منها حيث يشاء.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد، بنحوه.

--------------------------

الهوامش :

(7) البيتان لمنظور الوبري (اللسان: وفى) قال: وتوفيت عدد القوم إذا عددتهم كلهم. وأنشد أبو عبيدة لمنظور الوبري (بسكون الباء): * إن بنـي الأدرد ليسـوا مـن أحد *

... البيتان. أي لا تجعلهم قريش تمام عددهم، ولا تستوفى بهم عددهم. وفي رواية اللسان: الأدرد في موضع الأدرم من رواية أبي عبيدة. ولم يصرح أبو عبيدة باسم الشاعر منظور الوبري، ولعل صاحب اللسان رأى نسخة من مجاز القرآن فيها اسم الشاعر. وأنشد البيت صاحب التاج في (وفى) قال: وتوفيت عدد القوم: إذا عددتهم لهم. وأنشد أبو عبيدة لمنظور العنبري: * إن بنـي الأدرد ليسـوا مـن أحد *

والأدرد فيه بالدال آخر الحروف، لا بالميم، كما في نسخة مجاز القرآن التي بأيدينا. وفي (اللسان: وفى): أورد ابن منظور البيت كرواية المؤلف، ونسبة إلى منظور الوبري. ا هـ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[11] ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم﴾ التوفي: أخذ الشيء كاملًا غير منقوص، ولهذا عبر الله تعالى عن رفع عيسى عليه السلام أنه توفاه، فقال سبحانه: ﴿إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾ [آل عمران: 55]، أي كاملًا غير ناقص، وهذا يدحض تمامًا فكرة الصلب، فهو رفعه كاملًا بلا نقص أو عيب.
وقفة
[11] هنا: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت﴾، وفى الزمر: ﴿الله يتوفى الأنفس حين موتها﴾ [الزمر: 42]، وفى الأنعام: ﴿توفته رسلنا﴾ [الأنعام: 61]، ومثله: ﴿والملائكة باسطو أيديهم﴾ [الأنعام: 93]؟ كيف نجمع بينهم؟ الجواب: الجامع للآيات أن لملك الموت أعوانًا من الملائكة يعالجون الروح حتى تنتهي إلى الحلقوم، فيقبضها هو، فالمراد هنا: قبضه لها عند انتهائها إلى الحلقوم، والمراد بآية الأنعام: هو وأعوانه، وبآية الزمر: الله تعالى وقضاؤه بذلك.
وقفة
[11] ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ ملك الموت الذي تخطاك لغيرك، غدًا يتخطى غيرك إليك.
لمسة
[11] ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ أحيانًا يسند التوفي إلى الله، وأحيانًا إلى ملك الموت، وأحيانًا إلى الملائكة، فهل في هذا تعارض؟! والجواب: لا تعارض، فإسناد التوفي إلى ملك الموت؛ لأنه المأمور بقبض الأرواح، وإسناده للملائكة؛ لأن لملك الموت أعوانًا من الملائكة.
وقفة
[11] ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ تربي على قضيتين هامتين: قصر الأمل في الدنيا, والتعلق بعمارة الآخرة.
عمل
[11] تذكر لحظة الوفاة التي تقابل الله تعالى فيها بعملك؛ إن خيرًا، أو شرًا ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أي قل لهم نعم.
  • ﴿ يَتَوَفّاكُمْ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ مَلَكُ الْمَوْتِ:
  • فاعل مرفوع بالضمة. الموت: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة -نعت-للملك. وكل: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بكم: جار ومجرور متعلق بوكل والميم علامة جمع الذكور. أي يقبض أرواحكم.
  • ﴿ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ:
  • ثم: حرف عطف. الى ربكم: جار ومجرور متعلق بترجعون. ترجعون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والكاف في «ربكم» ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. أي بعد أن خلقناكم من نطفة فنحن قادرون على اعادتكم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     ولَمَّا أنكروا قدرةَ اللهِ على إحياء الموتى؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن رجوعَهم إليه لا محالة بعد أن يقبض ملك الموت أرواحهم، قال تعالى:
﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف