2122627282930313233

الإحصائيات

سورة يونس
ترتيب المصحف10ترتيب النزول51
التصنيفمكيّةعدد الصفحات13.50
عدد الآيات109عدد الأجزاء0.65
عدد الأحزاب1.30عدد الأرباع5.30
ترتيب الطول10تبدأ في الجزء11
تنتهي في الجزء11عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 4/29آلر: 1/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (26) الى الآية رقم (30) عدد الآيات (5)

بعدَ أن دعا عِبادَه إلى دارِ السَّلامِ (الجَنَّة) ذكَرَ هنا ما يجدُونَه فيها من النَّعيمِ، ولمَّا أخبَر عن حالِ أهلِ الجَنَّةِ أتبعَه بذكرِ حالِ أهلِ النَّارِ، ثُمَّ بيانُ حشْرِ الخلائقِ وتبرّؤِ المعبودينَ من دونِ اللهِ من عابدِيهِم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (31) الى الآية رقم (33) عدد الآيات (3)

لَمَّا بَيَّنَ اللهُ فضائِحَ عَبَدةِ الأوثانِ؛ أقامَ هنا الدَّليلَ على انفرادِه بالرِّزقِ وخلقِ الحواسِّ وخلقِ الأجناسِ وتدبيرِ جميعِ الأمورِ، وأنَّه المستحقُّ للأُلُوهيةِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة يونس

تثبيت النبي ﷺ/ الدعوة إلى الإيمان بالله قبل فوات الأوان/ التسليم لقضاء الله وقدره وبيان حكمة الله وتدبيره

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هل تتحدث سورة يونس عن قصة يونس عليه السلام ؟:   الجواب: لا، لم تتحدث سورة يونس عن قصة يونس عليه السلام. لم تذكر قصته، بل ذكرت قومه مرة واحدة فقط (وفي آية واحدة فقط، آية من 109 آية)، وهى: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ (98). فالكلام هنا عن قومه، وهو الآن ليس موجودًا معهم، لأنه تركهم وكان في بطن الحوت عند إيمانهم. ذُكِرَ يونس عليه السلام في القرآن 6 مرات: 4 بالاسم الصريح في: النساء والأنعام ويونس والصافات، وذكر بالوصف في سورتين؛ في الأنبياء: ذا النون، وفي القلم: صاحب الحوت. وذكرت قصته في: الأنبياء والصافات والقلم، وذكر الاسم فقط في: النساء والأنعام ويونس.
  • • لماذا سميت السورة باسم يونس ولم تذكر قصته هنا؟:   والجواب: أن قوم نوح هلكوا، وآل فرعون غرقوا، لكن قوم يونس نجوا، فكانت السورة رسالة للنبي ﷺ: اصبر يا محمد ﷺ على قومك، لا تستعجل كما استعجل يونس، فسوف يؤمن أهل مكة كما آمن قوم يونس (وقد وقع هذا بالفعل في فتح مكة). ولهذا نحن الآن لا نستغرب ما فعله النبي ﷺ عندما جاءه مَلَكُ الْجِبَالِ أثناء رجوعه من الطائف، وقال له: «يَا مُحَمّدُ، إنْ شِئْت أَطْبَقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ»، فكان رده ﷺ: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللّهَ وَحْدَهُ وَلَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» . ونلاحظ: أن يونس عليه السلام هو النبي الوحيد الذي آمن به قومه ولم يهلكهم العذاب. فكانت السورة بشري ضمنية لرسول الله ﷺ أنك ستكون مثل يونس في هذا الأمر، قومك سيسلمون علي يديك بإذن الله، ولن يهلكهم العذاب (وهذا ما حدث بالفعل في فتح مكة بعد ذلك).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «يونس».
  • • معنى الاسم ::   هو نبي الله يونس بن متى عليه السلام ، أرسله الله إلى أهل نينوى من أرض الموصل.
  • • سبب التسمية ::   لما ‏تضمنته ‏من ‏العظة ‏والعبرة ‏برفع ‏العذاب ‏عن ‏قومه ‏حين ‏آمنوا ‏بعد ‏أن ‏كاد ‏يحل ‏بهم ‏البلاء ‏والعذاب، ‏وهذه ‏من ‏الخصائص ‏التي ‏خصَّ ‏الله ‏بها ‏قوم ‏يونس.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   : لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن النفع والضر بيد الله عز وجل وحده دون ما سواه: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   التسليم لقضاء الله وقدره.
  • • علمتني السورة ::   أن الله حافظ عبده، فبقي يونس في بطن الحوت دون أن يموت، وقد أعاده الله للحياة.
  • • علمتني السورة ::   ما يقدره الله حولك من أحداث وأخبار ونوازل إنما هو تذكير لك، فاحذر أن تكون عنها غافلًا: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • o عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة يونس من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة يونس تعتبر -بحسب ترتيب المصحف- أول سور المئين.
    • سورة يونس تعتبر -بحسب ترتيب المصحف- أول سورة تسمى باسم نبي، والسور التي سميت باسم نبي 6 سور، هي: يونس، وهود، وإبراهيم، ويوسف، ومحمد، ونوح عليهم السلام.
    • سورة يونس تشبه سورة الأنعام من حيث الموضوع والأسلوب، فكلتاهما تتناول حقائق العقيدة من حيث الجانب النظري، ومواجهة ومجادلة المشركين.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نبادر بالتوبة قبل فوات الأوان، قبل أن يقال لنا: (آلآن) كما قيل لفرعون.
    • أن نُسَلِّم لقضاء الله وقدره.
    • أن لا نيأس من دعوة الناس أبدًا.
    • أن نطيع الله وننفذ ما يأمرنا به مهما شعرنا باليأس والتعب، سيأتي الفرج يومًا من عنده.
    • أن نتذكر كلّما خشينا أمرًا، أو اعترانا همّ، أو أصابتنا كُربة، أن الله وحده من: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ (3).
    • أن نتذكر ضُّرًا أو مرضًا كشفه الله عنا، ثم نجتهد في حمده وشكره: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ﴾ (12).
    • ألا نؤمل في الناس خيرًا أكثر من اللازم: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾ (12)، فقد تحسن إلى إنسان فلا يكافئك على إحسانك، فلا تتعجب، فمن الناس من يكشف الله عنه الضُرَّ فيمر كأن الله لم يكشف عنه شيئًا، فإذا كان هذا تعامله مع خالقه فمن باب أولى أن يكون تعامله مع عبد مثله ومخلوق مثله أردى من ذلك وأسوأ.
    • أن نستمر في تذكر الآخرة؛ ففي هذا حماية من الوقوع في المعاصي: ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ (15).
    • أن نحذر من الوقوع في الشرك، ونحذر من حولنا، ونبين لهم أن من الشرك دعاء غير الله أو الاستشفاع بالأموات: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّـهِ﴾ (18).
    • أن نتقي ثلاثة أمور فإنها ترجع على صاحبها: 1- المكر: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ (فاطر 43). 2- البغي: ﴿إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم﴾ (23). 3- النكث: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ (الفتح 10).
    • ألا نغتر بالحياة الدنيا وزينتها؛ فإنها حياة قصيرة: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ ... فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾ (24).
    • أن نحسن أعمالنا في الدنيا ليحسن الله إلينا يوم القيامة: ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾ (26). • ألا نقلق؛ فالذي يدبر الأمر هو الله، حتى المشركين يعرفون ذلك: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ ... وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ (31).
    • أن نقرأ آيات التحدي، ونتفكر في عجز المشركين: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ (38).
    • أن نحدد شخصًا أو مجموعة يذكروننا بالمعصية، ونحتسب الأجر في ترك صحبتهم: ﴿وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ۖ أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (41).
    • أن نفتدي أنفسنا اليوم من عذاب الله، ولو بقليل مال، أو يسير طعام أو شراب، أو ركعة، أو سجدة، قبل أن نتمنى أن نفتدي بالدنيا وما فيها: ﴿وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ﴾ (54).
    • أن نحتاط في الفتوى، ونحذر من القول على الله بلا علم: ﴿وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ (60).
    • أن نتقي الله تعالى في سرنا وجهرنا؛ فجميع أعمالنا محصاة علينا من خير وشر: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ (61).
    • أن نُذَكِّر أنفسنا بـ: ‏﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ﴾ (72) عند كل عمل نقوم به، لا ننتظر جزاءً إلا من الله. • ألا نترك موضع إبرة في قلوبنا فيه اعتماد على غير الله: ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾ (84).
    • أن نحرص على التأمين حال سماع الدعاء؛ فإن التأمين بمنْزلة الدعاء: ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا﴾ (89). • أن تكون دعوتنا إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة؛ وليست بالإكراه: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (99).
    • أن نخلص العبادة لله وحده لا شريك له: ﴿وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (105). • ألا نقلق، بل نطمئن ونتوكل على الله فهو المدبر: ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّـهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (107).

تمرين حفظ الصفحة : 212

212

مدارسة الآية : [26] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ ..

التفسير :

[26] للمؤمنين الذين أحسنوا عبادة الله فأطاعوه فيما أمر ونهى، الجنةُ، وزيادة عليها، وهي النظر إلى وجه الله تعالى في الجنة، والمغفرةُ والرضوان، ولا يغشى وجوههم غبار ولا ذلة، كما يلحق أهل النار. هؤلاء المتصفون بهذه الصفات هم أصحاب الجنة ماكثون فيها أبداً.

ولما دعا إلى دار السلام، كأن النفوس تشوقت إلى الأعمال الموجبة لها الموصلة إليها، فأخبر عنها بقوله‏:‏ ‏{‏لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ‏}‏ أي‏:‏ للذين أحسنوا في عبادة الخالق، بأن عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة في عبوديته، وقاموا بما قدروا عليه منها، وأحسنوا إلى عباد الله بما يقدرون عليه من الإحسان القولي والفعلي، من بذل الإحسان المالي، والإحسان البدني، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهلين، ونصيحة المعرضين، وغير ذلك من وجوه البر والإحسان‏.‏

فهؤلاء الذين أحسنوا، لهم ‏"‏الحسنى‏"‏ وهي الجنة الكاملة في حسنها و ‏"‏زيادة‏"‏ وهي النظر إلى وجه الله الكريم، وسماع كلامه، والفوز برضاه والبهجة بقربه، فبهذا حصل لهم أعلى ما يتمناه المتمنون، ويسأله السائلون‏.‏

ثم ذكر اندفاع المحذور عنهم فقال‏:‏ ‏{‏وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ‏}‏ أي‏:‏ لا ينالهم مكروه، بوجه من الوجوه، لأن المكروه، إذا وقع بالإنسان، تبين ذلك في وجهه، وتغير وتكدر‏.‏

وأما هؤلاء ـ فهم كما قال الله عنهم ـ ‏{‏تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيم‏}‏ ‏{‏أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ‏}‏ الملازمون لها ‏{‏هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏}‏ لا يحولون ولا يزولون، ولا يتغيرون‏.‏

وقوله: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ ... بيان لحسن عاقبة الذين استجابوا لدعوته، واتبعوا صراطه المستقيم.

أى: للمؤمنين الصادقين الذين قدموا في دنياهم الأعمال الصالحة، المنزلة الحسنى، والمئوية الحسنى وهي الجنة، ولهم زيادة على ذلك التفضل من الله- تعالى- عليهم بالنظر إلى وجهه الكريم.

وتفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم، مأثور عن جمع من الصحابة منهم أبو بكر، وعلى بن أبى طالب، وابن مسعود، وأبو موسى الأشعرى وغيرهم- رضى الله عنهم.

ومستندهم في ذلك الأحاديث النبوية التي وردت في هذا الشأن والتي منها ما أخرجه مسلم في صحيحه عن صهيب- رضى الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلا هذه الآية لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ ...

وقال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا. يريد أن ينجزكموه فيقولون: ما هو؟ ألم يثقل موازيننا؟ ألم ببيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار؟ قال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه، فو الله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه، ولا أقر لأعينهم» .

وذكر بعضهم أن المراد بالزيادة هنا: «مضاعفة الحسنات بعشر أمثالها أو أكثر أو مغفرته- سبحانه- ما فرط منهم في الدنيا، ورضوانه عليهم في الآخرة» .

والحق ان التفسير الوارد عن الصحابة. والمؤيد بما جاء في الأحاديث النبوية هو الواجب الاتباع، ولا يصح العدول عنه. ولا مانع من أن يمن الله عليهم بما يمن من مضاعفة الحسنات ومن المغفرة والرضوان، بعد نظرهم إلى وجهه الكريم، أو قبل ذلك.

ولذا قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: قوله: وَزِيادَةٌ هي تضعيف ثواب الأعمال..

وأفضل من ذلك النظر إلى وجهه الكريم. فإنه زيادة أعظم من جميع ما يعطوه.. وقد روى تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم عن جمع من السلف والخلف، وقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ومنها ما رواه ابن جرير عن أبى موسى الأشعرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادى يا أهل الجنة- بصوت يسمعه أولهم وآخرهم- إن الله وعدكم الحسنى وزيادة. فالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الرحمن» .

عز وجل.

وعن أبى بن كعب أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله- تعالى- لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ قال: «الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله- تعالى-» .

والمقصود بقوله: وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ الإخبار عن خلوص نعيمهم من كل ما يكدر الصفو، إثر بيان ما أعطاهم من رضوان.

وقوله: يَرْهَقُ من الرهق بمعنى الغشيان والتغطية. يقال: رهقه يرهقه رهقا- من باب طرب- أى غشيه وغطاه بسرعة.

والقتر والقترة: الغبار والدخان الذي فيه سواد والذلة: الهوان والصغار. يقال: ذل فلان يذل ذلة وذلا، إذا أصابه الصغار والحقارة.

أى: ولا يغطى وجوههم يوم القيامة شيء مما يغطى وجوه الكفار، من السواد والهوان والصغار.

وهذه الجملة بما اشتملت عليه من المعاني، توحى بأن في يوم القيامة من الزحام والأهوال والكروب. ما يجعل آثار الحزن أو الفرح ظاهرة على الوجوه والمشاعر، فهناك وجوه عَلَيْها غَبَرَةٌ. تَرْهَقُها قَتَرَةٌ وهناك وجوه ناضِرَةٌ. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ.

وقوله: أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ تذييل قصد به تأكيد مدحهم ومسرتهم.

أى: أولئك المتصفون بتلك الصفات الكريمة هم أصحاب دار السلام، وهم خالدون فيها خلودا أبديا، لا خوف معه ولا زوال.

يخبر تعالى أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح أبدله الحسنى في الدار الآخرة ، كما قال تعالى : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) [ الرحمن : 60 ] .

وقوله : ( وزيادة ) هي تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، وزيادة على ذلك [ أيضا ] ويشمل ما يعطيهم الله في الجنان من القصور والحور والرضا عنهم ، وما أخفاه لهم من قرة أعين ، وأفضل من ذلك وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم ، فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه ، لا يستحقونها بعملهم ، بل بفضله ورحمته وقد روي تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم ، عن أبي بكر الصديق ، وحذيفة بن اليمان ، وعبد الله بن عباس [ قال البغوي وأبو موسى وعبادة بن الصامت ] وسعيد بن المسيب ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعبد الرحمن بن سابط ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعامر بن سعد ، وعطاء ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، ومحمد بن إسحاق ، وغيرهم من السلف والخلف .

وقد وردت في ذلك أحاديث كثيرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن ذلك ما رواه الإمام أحمد :

حدثنا عفان ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) وقال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناد : يا أهل الجنة ، إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه . فيقولون : وما هو ؟ ألم يثقل موازيننا ، ويبيض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، ويزحزحنا من النار ؟ " . قال : " فيكشف لهم الحجاب ، فينظرون إليه ، فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ، ولا أقر لأعينهم " .

وهكذا رواه مسلم وجماعة من الأئمة ، من حديث حماد بن سلمة ، به .

وقال ابن جرير : أخبرنا يونس ، أخبرنا ابن وهب : أخبرنا شبيب ، عن أبان عن أبي تميمة الهجيمي ؛ أنه سمع أبا موسى الأشعري يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادي : يا أهل الجنة - بصوت يسمع أولهم وآخرهم - : إن الله وعدكم الحسنى وزيادة ، الحسنى : الجنة . وزيادة : النظر إلى وجه الرحمن عز وجل " .

ورواه أيضا ابن أبي حاتم ، من حديث أبي بكر الهذلي عن أبي تميمة الهجيمي ، به .

وقال ابن جرير أيضا : حدثنا ابن حميد ، حدثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن كعب بن عجرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) قال : النظر إلى وجه الرحمن عز وجل .

وقال أيضا : حدثنا ابن عبد الرحيم حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، سمعت زهيرا عمن سمع أبا العالية ، حدثنا أبي بن كعب : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) قال : " الحسنى : الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه الله عز وجل " .

ورواه ابن أبي حاتم أيضا من حديث زهير ، به .

وقوله تعالى : ( ولا يرهق وجوههم قتر ) أي : قتام وسواد في عرصات المحشر ، كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القترة والغبرة ، ( ولا ذلة ) أي : هوان وصغار ، أي : لا يحصل لهم إهانة في الباطن ، ولا في الظاهر ، بل هم كما قال تعالى في حقهم : ( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ) أي : نضرة في وجوههم ، وسرورا في قلوبهم ، جعلنا الله منهم بفضله ورحمته ، آمين .

القول في تأويل قوله تعالى : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: للذين أحسنوا عبادَة الله في الدنيا من خلقه ، فأطاعوه فيما أمر ونَهَى ، (الحسنى).

* * *

ثم اختلف أهل التأويل في معنى " الحسنى " ، و " الزيادة " اللتين وعدهما المحسنين من خلقه.

فقال بعضهم: " الحسنى "، هي الجنة، جعلها الله للمحسنين من خلقه جزاء ، " والزيادة عليها " ، النظر إلى الله.

* ذكر من قال ذلك:

17610- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن أبي بكر الصديق: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: النظر إلى وجه ربهم. (1)

17611- حدثنا سفيان قال ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن قيس، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن سعيد بن نمران، عن أبي بكر: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: النظر إلى وجه الله. (2)

17612- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)، قال: النظر إلى وجه ربهم.

17613- حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد قال: في هذه الآية: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: " الزيادة "، النظر إلى وجه الرحمن.

17614- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن نذير، عن حذيفة: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) قال: النظر إلى وجه ربهم. (3)

17615- حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال ، حدثنا شريك قال: سمعت أبا إسحاق يقول في قول الله: (وزيادة) ، قال: النظر إلى وجه الرحمن.

17616- حدثني علي بن عيسى قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا أبو بكر الهذلي قال: سمعت أبا تميمة الهُجَيْمِيّ ، يحدِّث عن أبي موسى الأشعري قال: إذا كان يومُ القيامة بعث الله إلى أهل الجنة مناديًا ينادي: " هل أنجزكم الله ما وعدكم " ! فينظرون إلى ما أعد الله لهم من الكرامة، فيقولون: نعم! فيقول: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، النظرُ إلى وجه الرحمن. (4)

17617- حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا ابن المبارك، عن أبي بكر الهذلي قال: أخبرنا أبو تميمة الهجيمي قال، سمعت أبا موسى الأشعري يخطب على منبر البصرة يقول: إن الله يبعث يوم القيامة مَلَكًا إلى أهل الجنة فيقول: " يا أهل الجنة ، هل أنجزكم الله ما وعدكم " ! فينظرون، (5) فيرون الحليّ والحُلل والثمار والأنهار والأزواجَ المطهَّرة، فيقولون: " نعم، قد أنجزنا الله ما وعدنا "! ثم يقول الملك: " هل أنجزكم الله ما وعدكم "؟ ثلاث مرات، فلا يفقدون شيئًا مما وُعِدوا، فيقولون: " نعم "! فيقول: " قد بقى لكم شيءٌ، إن الله يقول: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، ألا إن الحسنى الجنة، والزيادة النظرُ إلى وجه الله ". (6)

17618- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني شبيب، عن أبان، عن أبي تميمة الهجيمي: أنه سمع أبا موسى الأشعري يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبعث يوم القيامة مناديًا ينادي أهل الجنة بصوت يسمع أوّلهم وآخرهم: (7) " إن الله وعدكم الحسنى وزيادةً، فالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الرحمن ". (8)

17619- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)، قال: النظر إلى وجه ربهم. وقرأ: وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ ، قال: بعد النظر إلى وجْه ربهم.

17620- حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سليمان بن المغيرة قال، أخبرنا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله: (وزيادة) ، قال: قيل له: أرأيت قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ؟ قال: إن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة فأُعطوا فيها ما أُعْطُوا من الكرامة والنعيم، قال: نودوا : " يا أهل الجنة ، إن الله قد وعدكم الزيادة، فيتجلى لهم " ، قال ابن أبي ليلى: فما ظنك بهم حين ثَقُلت موازينهم، وحين صارت الصُّحف في أيمانهم، وحين جاوزوا جسر جهنم ودخلوا الجنة، وأعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم؟ كل ذلك لم يكن شيئًا فيما رأوا!. (9)

17621- . . . . قال، حدثنا ابن المبارك، عن معمر ، وسليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: النظر إلى وجه ربهم.

17622- . . . . قال: حدثنا الحجاج ، ومعلّى بن أسد قالا حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: إذا دخل أهل الجنة الجنةَ قال لهم: إنه قد بقي من حقكم شيءٌ لم تُعْطَوْه! قال: فيتجلى لهم تبارك وتعالى. قال: فيصغر عندهم كل شيء أعطوه. قال: ثم قال: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه ربهم، ولا يرهقُ وجوههم قترٌ ولا ذلةٌ بعد ذلك.

17623- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، النظر إلى وجه الله.

17624- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا هوذة قال ، حدثنا عوف، عن الحسن في قول الله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، النظر إلى الربّ.

17625- حدثنا عمرو بن علي ومحمد بن بشار قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) ، قال: إذا دخل أهل الجنة الجنةَ ، وأهلُ النارِ النارَ، نودوا: " يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدًا " ! قالوا: ما هو؟ ألم تبيّض وجوهنا، وتُثْقِل موازيننا، وتُدخلنا الجنة، وتُنْجِنَا من النار؟ فيكشف الحجابُ، فيتجلى لهم، فوالله ما أعطاهم شيئًا أحب إليهم من النظر إليه ، ولفظ الحديث لعمرو.

17626- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا حماد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب قال، تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: " إذا دخل أهل الجنة الجنةَ، وأهل النار النار، نادى منادٍ: " يا أهل الجنة، إنّ لكم عند الله موعدًا يريد أن ينجزكُمُوه " . فيقولون: " وما هو؟ ألم يُثقل الله موازيننا، ويبيِّض وجوهنا؟ ثم ذكر سائر الحديث نحو حديث عمرو بن علي ، وابن بشار، عن عبد الرحمن. (10)

17627- . . . . قال، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن نمران، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: النظر إلى وجه الله تبارك وتعالى. (11)

17628- . . . . قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، مثله.

17629- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، بلغنا أن المؤمنين لما دَخلوا الجنة ناداهم منادٍ: إن الله وعدكم الحسنى وهي الجنة، وأما الزيادة، فالنظر إلى وجه الرحمن.

17630- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.

17631- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا إبراهيم بن المختار، عن ابن جريج، عن عطاء، عن كعب بن عجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: الزيادة، النظرُ إلى وجه الرحمن تبارك وتعالى. (12)

17632- . . . . قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط قال: " الحسني"، النضرة ، و " الزيادة "، النظر إلى وجه الله.

17633- حدثنا ابن البرقي قال ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال، سمعت زهيرًا، عمن سمع أبا العالية قال ، حدثنا أبيّ بن كعب: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن قول الله (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: الحسنى: الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الله. (13)

* * *

وقال آخرون في " الزيادة " ، بما:-

17634- حدثنا به يحيى بن طلحة قال ، حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن الحكم، عن علي رضي الله عنه: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: " الزيادة "، غرفة من لؤلؤة واحدةٍ لها أربعة أبواب. (14)

17635- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن الحكم، عن علي رضي الله عنه، نحوه، إلا أنه قال: فيها أربعة أبواب.

17636- . . . .قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم بن عتيبة، عن علي رضي الله عنه، مثل حديث يحيى بن طلحة، عن فضيل ، سواءً.

* * *

وقال آخرون: " الحسنى " واحدةٌ من الحسنات بواحدة ،

و " الزيادة "، التضعيف إلى تمام العشر.

* ذكر من قال ذلك.

17637- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: هو مثل قوله: وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ، [سورة ق: 35] ، يقول: يجزيهم بعملهم، ويزيدهم من فضله. وقال: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ، [سورة الأنعام: 160].

17638- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن علقمة بن قيس: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)، قال قلت: هذه الحسنى، فما الزيادة؟ قال: ألم تر أن الله يقول: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ؟

17639- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول في هذه الآية: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)، قال: الزيادة: بالحسنة عشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف.

* * *

* وقال آخرون: " الحسنى " حسنة مثل حسنة ، و " الزيادة " زيادة مغفرة من الله ورضوان.

* ذكر من قال ذلك:

17640- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (للذين أحسنوا الحسنى)، مثلها حسنى ، " وزيادة " ، مغفرة ورضوان.

* * *

وقال آخرون: " الزيادة " ، ما أعطوا في الدنيا.

*ذكر من قال ذلك:

17641- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: " الحسنى "، الجنة ، " وزيادة " ما أعطاهم في الدنيا ، لا يحاسبهم به يوم القيامة. وقرءوا : وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ، [سورة العنكبوت: 27] ، قال: ما آتاه مما يحب في الدنيا، عجل له أجره فيها.

* * *

وكان ابن عباس يقول في قوله: (للذين أحسنوا الحسنى) ، بما:-

17642- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (للذين أحسنوا الحسنى) ، يقول: للذين شهدوا أن لا إله إلا الله.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وَعَد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى ، أن يجزيهم على طاعتهم إيّاه الجنة ، وأن تبيض وجوههم، ووعدهم مع الحسنى الزيادة عليها. ومن الزيادة على إدخالهم الجنة أن يكرمهم بالنظر إليه، وأن يعطيهم غُرفا من لآلئ، وأن يزيدَهم غفرانا ورضوانًا، كل ذلك من زيادات عطاء الله إياهم على الحسنى التي جعلها الله لأهل جناته. وعمّ ربنا جل ثناؤه بقوله: (وزيادة)، الزيادات على " الحسنى "، فلم يخصص منها شيئًا دون شيء، وغير مستنكَرٍ من فضل الله أن يجمع ذلك لهم، بل ذلك كله مجموع لهم إن شاء الله. فأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يُعَمَّ ، كما عمَّه عز ذكره.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله: (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) ، لا يغشى وجوههم كآبة، ولا كسوف ، حتى تصير من الحزن كأنما علاها قترٌ.

* * *

و " القتر " الغبار ، وهو جمع " قَتَرَةٍ" ومنه قول الشاعر: (15)

مُتَــوَّجٌ بِــرِداءِ المُلْــكِ يَتْبَعُــهُ

مَـوْجٌ تَـرَى فَوْقَـهُ الرَّايـاتِ وَالْقَتَرَا (16)

يعني ب " القتر " الغبار.

* * *

، (ولا ذلة)، ولا هوان (17) ، ( أولئك أصحاب الجنة ) ، يقول: هؤلاء الذين وصفت صفتهم ، هم أهل الجنة وسكانها ، (18)

ومن هو فيها (19) ، ( هم فيها خالدون ) ، يقول : هم فيها ماكثون أبدًا ، لا تبيد ، فيخافوا زوال نعيمهم، ولا هم بمخرجين فتتنغَّص عليهم لذَّتُهم. (20)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* * *

وكان ابن أبي ليلى يقول في قوله: (ولا يرهق وجوههم قتر) ما:-

17643- حدثنا محمد بن منصور الطوسي قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا حماد بن زيد قال ، حدثنا زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة)، قال: بعد نظرهم إلى ربِّهم. (21)

17644- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج ، ومعلَّى بن أسد قالا حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، بنحوه.

17645- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قوله: (ولا يرهق وجوههم قتر) ، قال: سوادُ الوجوه.

------------------------

الهوامش :

(1) الأثر : 17610 - " عامر بن سعد البجلي " ، تابعي ثقة ، له في الصحيح حديث واحد ، وروايته عن أبي بكر الصديق ، مرسلة . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 321 . وهذا الخبر ، أخرجه الآجري في الشريعة ص : 257 ، من طرق ، مرسلًا .

(2) الأثر : 17611 - " سعيد بن نمران الناعطي " ، روى عن أبي بكر الصديق ، روى عنه عامر بن سعد العجلي ، وكان سعيد بن نمران الناعطي ، من أصحاب علي بن أبي طالب ، وضمه إلى عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، حين ولاه اليمن ، وشهد اليرموك ، وكان ابنه مسافر بن سعيد بن نمران من أصحاب المختار ، مترجم في الكبير 2 / 1 / 473 ، وابن أبي حاتم ، 2 / 1 / 68 ، وابن سعد 6 : 56 ، وقال البخاري " سمع أبا بكر " ، ولكن العجيب أن ابن حجر ترجم له في لسان الميزان 3 : 46 ، وقال : " مجهول " ، وكذلك قال الذهبي في ميزان الاعتدال 1 : 392 . فأخشى أن يكون ذلك تجاوزًا من الذهبي وابن حجر ، وأنهما عنيا بقولهما " مجهول " أن حال روايته وسماعه من أبي بكر هو المجهول ، لا سعيد بن نمران نفسه . وإلا فكيف يكون مجهولا ، وهو مذكور مترجم ، وله عند الطبري في تاريخه ذكر 4 : 126 ، في حوادث سنة 14 ، في فتح اليرموك ثم في سنة 17 ( 4 : 194 ) في خبر سعد بن أبي وقاص وعمر بن الخطاب ، وأن سعدًا " أرسل إلى قوم من نساب العرب وذوي رأيهم وعقلائهم منهم سعيد بن نمران ، ومشعلة بن نعيم " . وفي باب ذكر الكتاب من بدء أمر الإسلام ( تاريخ الطبري 7 : 198 ) : " وكان يكتب لعلي ، سعيد بن نمران الهمداني ، ثم ولّى قضاء الكوفة لابن الزبير " . وذكره وكيع أيضًا في أخبار القضاة 2 : 396 ، 397 ، وقال : " لما قدم علي الكوفة ، ولى سعيد بن نمران الهمداني ثم عزله، وولى مكانه عبيدة السلماني" ثم قال في ص 397 : " فاستقضى ابن الزبير سعيد بن نمران الهمداني، فقضى ثلاث سنين " . وذكر كتابته لعلي ، الجهشياري في الوزراء والكتاب ص : 23 . فثبت بهذا أنه معروف مشهور ، وأما " المجهول " ، فهو حال سماعه من أبي بكر ، لولا ما قاله البخاري من أنه سمع أبا بكر .

ومهما يكن من أمر ، فهذا خبر في إسناده نظر . خرجه السيوطي في الدر المنثور 3 : 306 ، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة ، وابن خزيمة ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ ، والدارقطني ، وابن منده في الرد على الجهمية ، واللالكائي والآجري ، والبيهقي ، كلاهما في الرؤية .

(3) الأثر : 17614 - " مسلم بن نذير السعدي " ، ويقال : " مسلم بن يزيد " ، ويقال إن " يزيد " جده . روى عن حذيفة ، روى عنه أبو إسحاق السبيعي ، وهو من أهل الكوفة ، كان قليل الحديث ، ويذكرون أنه كان يؤمن بالرجعة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 1 / 273 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 197 ، 199 في " مسلم بن يزيد السعدي " . وابن سعد 6 : 159 . و " نذير " بضم النون ، على التصغير .

(4) الأثر : 17616 - " أبو بكر الهذلي " ، ضعيف بمرة ، مضى مرارًا آخرها رقم : 14690 . و " أبو تميمة الهجيمي " ، هو " طريف بن مجالد " ، تابعي ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 2/2/356 ، وابن أبي حاتم 2/1/492 ، وهذا خبر ضعيف الإسناد ، وسيأتي في الأثرين التاليين .

(5) في المطبوعة : " فينظرون ، إلى ما أعد الله لهم من الكرامة ، فيرون " ، زاد على المخطوطة ما ليس فيها ، أظنه فعله متابعًا لما جاء في الأثر السالف .

(6) الأثر : 17617 - هو مكرر الذي قبله مطولا ، وهو ضعيف بمرة ، لضعف " أبي بكر الهذلي " ، كما سلف .

(7) في المخطوطة " يسمع ألهم آخرهم " ، وكأن الصواب ما في المطبوعة .

(8) الأثر : 17618 - " شبيب بن سعيد التيمي الحبطي " ، أحاديثه مستقيمة ، ومضى برقم : 6613 ، 12085 ، غير أن ابن وهب حدث عنه بأحاديث مناكير ، قال ابن عدي : " ولعل شبيبًا لما قدم مصر في تجارته ، كتب عنه ابن وهب من حفظه ، فغلط ووهم . وأرجو أن لا يتعمد الكذب وإذا حدث عنه ابنه أحمد ، فكأنه شبيب آخر يعني ، يجود " . و " أبان " ، هو " أبان بن أبي عياش فيروز " ، مولى عبد القيس ، كان رجلا صالحًا سخيًّا ، فيه غفلة ، يهم في الحديث ويخطئ فيه حتى أسقطوا روايته ، وحتى قال فيه شعبة : " لأن أشرب من بول حماري أحب إلي من أن أقول : حدثني أبان ، ولأن يزني الرجل ، خير من أن يروى من أبان " . ومضى برقم : 6728 . فهذا أيضًا خبر هالك الإسناد . وخبر أبي موسى الأشعري ، خرجه السيوطي في الدر المنثور 3 : 305 ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم ، والدارقطني في الرؤية ، وابن مردويه .

(9) الأثر : 17620 - الآثار من رقم : 17619 إلى رقم : 17623 ، راجع آخر التعليق التالي .

(10) الأثر : 17626 - هذا خبر صحيح ، رواه مسلم في صحيحه 3 : 16 ، 17 ، من طريق عبد الرحمن بن مهدي ، عن حماد بن سلمة ، ومن طريق يزيد بن هارون عن حماد. ورواه أبو داود الطياليسي في مسنده ص:186 رقم 2315، روايته عن حماد بن سلمة. ورواه أحمد في مسنده ( 4 : 332 ، 333 ) من ثلاث طرق ، من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن حماد ، ومن طريق يزيد بن هارون عن حماد ، ومن طريق عفان عن حماد ، ثم رواه في مسنده ( 6 : 15 ) من طريق يزيد ، عن حماد . ورواه ابن ماجه في سننه ص 67 ، رقم : 187 من طريق حجاج بن المنهال ، عن حماد . ورواه الترمذي في كتاب التفسير من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن حماد ، ثم قال : " حديث حماد بن سلمة، هكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة مرفوعا، وروى سليمان بن المغيرة هذا الحديث عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قوله ، ولم يذكر فيه : عن صهيب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " . وهذا الذي أشار إليه الترمذي ، هو ما رواه أبو جعفر من رقم : 17619 - 17623 . ورواه الآجري في الشريعة : 261 من طريق يزيد بن هارون عن حماد ، ومن طريق هناد بن السري ، عن قبيصة بن عقبة ، عن حماد .

(11) الأثر : 17627 - " سعيد بن نمران " مضى برقم : 17611 ، ولم يذكر أن أبا إسحاق السبيعي ، سمع من سعيد بن نمران ، وظاهر أن بينهما " عامر بن سعد " ، كما سلف في الآثار من رقم : 17610 - 17613 .

(12) الأثر : 17631 - " إبراهيم بن المختار التميمي " ، " حبويه " ، " أبو إسماعيل الرازي " .

روى عن شعبة ، ومالك ، وابن جريج ، وغيرهم . قال ابن معين : " ليس بذاك " ، وقال البخاري : " فيه نظر " ، وقال ابن حبان في الثقات : " يتقي حديثه من رواية ابن حميد عنه " . مترجم في التهذيب والكبير 1 / 1 / 329 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 138 ، وميزان الاعتدال 1 : 31 . و" عطاء " ، هو " عطاء بن أبي مسلم الخراساني " وهو " عطاء بن ميسرة " ، مضى مرارًا . وروى عن الصحابة مرسلا ، كابن عباس ، وعدي بن عدي الكندي ، والمغيرة بن شعبة ، وأبي هريرة ، وأبي الدرداء ، وأنس ، وكعب بن عجرة ، ومعاذ بن جبل ، وغيرهم . فهذا خبر ضعيف الإسناد لضعف " إبراهيم بن المختار " ، ولأنه من مرسل عطاء عن كعب بن عجرة .

(13) الأثر : 17633 - هذا خبر ضعيف إسناده ، لجهالة من روى عن أبي العالية .

(14) الأثر : 17634 - " الحكم " ، هو " الحكم بن عتيبة الكندي " مضى مرارًا ، والثابت سماعه من التابعين ، فإنه ولد سنة 50 ، ومات سنة 113 ، وكان فيه تشيع إلا أن ذلك لم يظهر منه . فهذا حديث ضعيف لإرساله عن علي .

(15) هو الفرزدق .

(16) ديوانه : 290 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 277 ، واللسان ( قتر ) ، وغيرها ، ورواية ديوانه " معتصب برداء الملك " ، وهذا بيت من قصيدة مدح فيها بشر بن مروان ، وقبله :

كُـــلُّ امْــرِئٍ لِلْخَــوْفِ أَمَّنَــهُ

بِشْـرُ بْـنُ مَرْوَانَ وَالمَذْعُورُ مَنْ ذَعَرَا

فَـرْعٌ تَفَـرَّعَ فِـي الأَعْيـاصِ مَنْصِبُهُ

والعـامِرَيْنِ , لَـهُ العِـرنَيْنُ مِنْ مُضَرَا

(17) انظر تفسير " الذلة " فيما سلف 13 : 133 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(18) انظر تفسير " أصحاب الجنة " فيما سلف من فهارس اللغة (صحب ) .

(19) في المطبوعة : " ومن هم فيها " ، غير ما في المخطوطة لغير طائل .

(20) انظر تفسير " الخلود " فيما سلف من فهارس اللغة (خلد ) .

(21) الأثر : 17643 - " محمد بن منصور بن داود الطوسي " ، شيخ الطبري ، مضى برقم : 6653 .

التدبر :

وقفة
[26] ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا﴾ كيف نكون من المحسنين؟ الجواب: ابحث في القرآن عن صفات المحسنين وأفعالهم التي أثنى الله تعالى عليهم بها، واسعَ لتتصف بها فتكون من المحسنين فإن لم تصل لمنزلتهم؛ فاستمر في السعي والمجاهدة، لعل الله تعالى يجعلك معهم بحبك لهم.
وقفة
[26] ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا﴾ أي: للذين أحسنوا في عبادة الخالق؛ بأن عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة في عبوديته، وقاموا بما قدروا عليه منها، وأحسنوا إلى عباد الله بما يقدرون عليه من الإحسان القولي والفعلي، فهؤلاء الذين أحسنوا لهم ﴿الْحُسْنَى﴾؛ وهي الجنة الكاملة في حسنها، و﴿زِيَادَةٌ﴾؛ وهي النظر إلى وجه الله الكريم، وسماع كلامه، والفوز برضاه، والبهجة بقربه؛ فبهذا حصل لهم أعلى ما يتمناه المتمنون، ويسأله السائلون.
وقفة
[26] ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾ قال وهبُ بنُ مُنبِّه: «لو خُيِّرتُ بين الرؤيةِ والجنَّة؛ لاخترتُ الرؤية».
وقفة
[26] ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾ فضل الله واسع، العمل قليل والجزاء كبير.
وقفة
[26] ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾ أعظم نعيم يُرَغَّب به المؤمن هو النظر إلى وجه الله تعالى.
وقفة
[26] ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَة﴾، ﴿زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ﴾ [النحل: 88]، نعيم وفوقه زيادة، رؤية وجه الجبار، وعذاب فوقه عذاب، نسأل الله العافية.
وقفة
[26] ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾ النظر إلى وجهه الكريم، فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه، لا يستحقونها بعملهم بل بفضله ورحمته.
وقفة
[26] ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾ بقدر إحسانك في الدنيا تكون زيادة نعيمك في الآخرة.
وقفة
[26] ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾ الجزاء من جنس العمل، والكريم يزيد في الأجر.
وقفة
[26] ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾ رؤية الله من أعظم النعيم.
تفاعل
[26] ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾ (الحسني): الجنة، و(الزيادة): رؤية الله عز وجل، من منا لا يطمع بهما معًا؟ قل الآن: «يا رب ارزقنا ووالدينا والمسلمين رضاك والجنة، وارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك يا ذا الجلال والإكرام، واجعلنا يا رب من المحسنين، من أهل فردوسك الأعلى، برحمتك وفضلك وإحسانك يا أرحم الراحمين».
وقفة
[26] لما دعا الله إلى دار السلام، كأن النفوس تشوقت إلى الأعمال الموجبة لها الموصلة إليها، فأخبر عنها بقوله: ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾.
عمل
[26] احرص اليوم أكثر أن لا تنظر إلى حرام، وأكثر من السجود رجاء أن ترى الله تعالى يوم القيامة ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾.
عمل
[26] أحسن اليوم إلى مسلم إحسانًا يمنعه من أن يذل نفسه للمخلوقين؛ لعل الله يجازيك بالإحسان وزيادة يوم القيامة ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾.
وقفة
[26] بقدر إحسانك في الدنيا تكون منزلتك في الجنة وزيادة ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾.
وقفة
[26] إذا عرفنا أن الزيادة هنا في قوله تعالى: ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾ هي رؤية وجه الله، كما فسرها صلى الله عليه وسلم، فقد التمس بعض العلماء رابطًا بين هذه الآية وبين تفسيره صلى الله عليه وسلم لمرتبة الإحسان: (أن تعبد الله كأنك تراه) فقال: لما أحسنوا في مراقبة الله -وهم لم يروه- أكرمهم برؤيته يوم القيامة.
وقفة
[26] آثار المعصية على صاحبها كثيرة ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
وقفة
[26] كم نحتاج للوقوف مع هذه الآية في مثل هذا الشهر، شهر العمل والإحسان لنزداد إحسانًا ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
وقفة
[26] ﴿وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ﴾ أي: لا ينالهم مكروه بوجه من الوجوه؛ لأن المكروه إذا وقع بالإنسان تبين ذلك في وجهه، وتغير وتكدَّر.
وقفة
[26] ﴿وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ﴾ تغير وجه صاحبك علامة نزول مكروه به، فتفقد أحوال صاحبك عند تغير وجهه.
تفاعل
[26] ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[26، 27] ﴿أَحْسَنُوا﴾، ﴿كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ﴾ تنبيه على أن المؤمن خلق على الفطرة وأصلها الإحسان، وأن الكافر خلق على الفطرة فانتقل عنها، وكسب السيئات، فجعل الله هذا محسنًا، وذاك كاسبًا للسيئات؛ ليدل على أن المؤمن سلك طريق فطرته، والكافر خالف فطرته.
وقفة
[26، 27] ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾ هذا أثر السيئات على أهلها في الآخرة، وأما أهل الطاعات: ﴿وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّة﴾، وكما يكون هذا في الآخرة، فقد رأى الناس -في الدنيا- آثار المعاصي والطاعات على وجوه أهلها.

الإعراب :

  • ﴿ للذين أحسنوا:
  • اللام: حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. أحسنوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة \"أحسنوا\" صلة الموصول لا محل لها وحذف المفعول أي أحسنوا أعمالهم.
  • ﴿ الحسنى وزيادة:
  • الحسنى: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر أي المثوبة الحسنى فحذف الموصوف وحلت الصفة محله وهي مؤنث الأحسن. وزيادة معطوفة بالواو على \"الحسنى\" مرفوعة مثلها بالضمة الظاهرة، بمعنى: ومما يزيد على المثوبة الحسنى أي زيادة من فضل الله.
  • ﴿ ولا يرهق وجوههم قتر ولاذلة:
  • الواو: استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. يرهق: فعل مضارع مرفوع بالضمة. أي بمعنى. ولا يغطي وجوه: مفعول به منصوب بالفتحة و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. قتر: فاعل مرفوع بالضمة. ولا: الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي. ذلة: معطوفة على \"قتر\" مرفوعة مثلها بالضمة. والقتر: هي غبرة الندم أو الغبرة التي فيها سواد.
  • ﴿ أولئك أصحاب الجنه:
  • أولاء: اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. والإشارة إلى المحسنين أعمالهم. أصحاب: خبر \"أولئك\" مرفوع بالضمة. الجنة: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ هم فيها خالدون:
  • الجملة: في محل نصب حال ويجوز أن تكون بدلاً من \"أولئك أصحاب الجنة\" إذا قّدر الإعراب: أولئك هم أصحاب الجنة. \"هم\": ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. فيها: جار ومجرور متعلق بخبر. خالدون: خبر \"هم\" مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. '

المتشابهات :

آل عمران: 172﴿ٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡقَرۡحُۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ
يونس: 26﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ
النحل: 30﴿قَالُواْ خَيۡرٗاۗ لِّلَّذِينَ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ
الزمر: 10﴿قُلۡ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     وبعدَ أن دعا اللهُ عز وجل عِبادَه إلى دارِ السَّلامِ (الجَنَّة)؛ ذكَرَ هنا ما يجدُونَه فيها من النَّعيمِ، قال تعالى:
﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

قتر:
وقرئ:
بسكون التاء، وهى لغة، وبها قرأ الحسن، وأبو رجاء، وعيسى بن عمر، والأعمش.

مدارسة الآية : [27] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ ..

التفسير :

[27] والذين عملوا السيئات في الدنيا فكفروا وعصَوا الله لهم جزاء أعمالهم السيئة التي عملوها بمثلها من عقاب الله في الآخرة، وتغشاهم ذلَّة وهوان، وليس لهم مِن عذاب الله مِن مانع يمنعهم إذا عاقبهم، كأنما أُلبست وجوههم أجزاءً من سواد الليل المظلم. هؤلاء هم أهل

لما ذكر أصحاب الجنة ذكر أصحاب النار، فذكر أن بضاعتهم التي اكتسبوها في الدنيا هي الأعمال السيئة المسخطة لله، من أنواع الكفر والتكذيب، وأصناف المعاصي، فجزاؤهم سيئة مثلها أي‏:‏ جزاء يسوؤهم بحسب ما عملوا من السيئات على اختلاف أحوالهم‏.‏

‏{‏وَتَرْهَقُهُمْ‏}‏ أي‏:‏ تغشاهم ‏{‏ذِلَّةٌ‏}‏ في قلوبهم وخوف من عذاب الله، لا يدفعه عنهم دافع ولا يعصمهم منه عاصم، وتسري تلك الذلة الباطنة إلى ظاهرهم، فتكون سوادًا في الوجوه ‏.‏

‏{‏كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏}‏ فكم بين الفريقين من الفرق، ويا بعد ما بينهما من التفاوت‏؟‏‏!‏

‏{‏وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ‏}‏ ‏{‏ووُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ‏}‏

ثم بين- سبحانه- مصير الظالمين، بعد أن بين حسن عاقبة المحسنين، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة فقال- تعالى-: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها، وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ، ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ، كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً.

أى: إذا كان جزاء الذين أحسنوا الحسنى وزيادة، فإن جزاء الذين اجترحوا السيئات، واقترفوا الموبقات، سيئات مثل السيئات التي ارتكبوها كما قال- تعالى- وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها.

والمقصود أنهم كما كسبوا السيئات في الدنيا، فإن الله- تعالى- يجازيهم عليها في الآخرة بما يستحقون من عذاب ومصير سيئ.

وقوله: وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ أى: وتغشاهم وتغطيهم ذلة عظيمة ومهانة شديدة، وفي إسناد الرهق إلى أنفسهم دون وجوههم، إيذان بأنها محيطة بهم من كل جانب.

وقوله: ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ أى: ليس لهم أحد يعصمهم أو يجيرهم أو يشفع لهم، بحيث ينجون من عذاب الله- تعالى-.

وقوله: كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً تصوير بديع للظلام الحسى والمعنوي الذي يبدو على وجوه هؤلاء الظالمين.

أى: كأنما ألبست وجوههم قطعا من الليل المظلم، والسواد الحالك، حتى صارت شديدة السواد واضحة الكدرة والظلمة.

وقوله: أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ بيان لسوء عاقبتهم، وتعاسة أحوالهم.

أى: أولئك المتصفون بتلك الصفات الذميمة، أصحاب النار هم فيها خالدون خلودا أبديا لا نهاية له.

وهكذا نرى في هذه الآيات الكريمة تصويرا بديعا لما عليه المؤمنون الصادقون من صفات حسنة، ومن جزاء كريم، يتجلى في رفع درجاتهم، وفي رضا الله- تعالى- عنهم: كما نرى فيها- أيضا- وصفا معجزا لأحوال الخارجين عن طاعته ووصفا للمصير المؤلم، الذي ينتظرهم يوم القيامة، يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً، وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ.

ثم حكى- سبحانه- جانبا من الأقوال التي تدور بين المشركين وبين شركائهم يوم القيامة، فقال- تعالى:

لما أخبر تعالى عن حال السعداء الذين يضاعف لهم الحسنات ، ويزدادون على ذلك ، عطف بذكر حال الأشقياء ، فذكر عدله تعالى فيهم ، وأنه يجازيهم على السيئة بمثلها ، لا يزيدهم على ذلك ، ( وترهقهم ) أي : تعتريهم وتعلوهم ذلة من معاصيهم وخوفهم منها ، كما قال تعالى : ( وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي ) [ الشورى : 45 ] ، وقال تعالى : ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ) [ إبراهيم : 42 - 44 ] ، وقوله ( ما لهم من الله من عاصم ) أي : من مانع ولا واق يقيهم العذاب ، كما قال تعالى : ( يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر ) [ القيامة : 10 - 12 ] .

وقوله : ( كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما ) إخبار عن سواد وجوههم في الدار الآخرة ، كما قال تعالى : ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون ) [ آل عمران : 106 ، 107 ] ، وكما قال تعالى : ( وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة ) [ عبس : 38 - 42 ] . الآية .

القول في تأويل قوله تعالى : وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: والذين عملوا السيئات في الدنيا، فعصوا الله فيها، وكفروا به وبرسوله (22) ، ( جزاء سيئة )، من عمله السيئ الذي عمله في الدنيا ، ( بمثلها )، من عقاب الله في الآخرة ، (وترهقهم ذلة) ، يقول: وتغشاهم ذلة وهوان، بعقاب الله إياهم (23)

، ( ما لهم من الله من عاصم) ، يقول: ما لهم من الله من مانع يمنعهم ، إذا عاقبهم ، يحول بينه وبينهم.

* * *

وبنحو الذي قلنا قوله: " وترهقهم ذلة " قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

17646- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (وترهقهم ذلة) ، قال: تغشاهم ذلة وشدّة.

* * *

واختلف أهل العربية في الرافع ل " الجزاء " .

فقال بعض نحويي الكوفة: رُفع بإضمار " لهم "، كأنه قيل: ولهم جزاء السَّيئة بمثلها، كما قال: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ ، [سورة البقرة: 196] ، والمعنى: فعليه صيام ثلاثة أيام، قال: وإن شئت رفعت الجزاءَ بالباء في قوله: ( جزاء سيئة بمثلها ) . (24)

* * *

وقال بعض نحويي البصرة: " الجزاء " مرفوع بالابتداء، وخبره (بمثلها) . قال: ومعنى الكلام: جزاء سيئة مثلها، وزيدت " الباء " ، كما زيدت في قوله: " بحسبك قول السُّوء ".

وقد أنكر ذلك من قوله بعضُهم ، فقال: يجوز أن تكون " الباء " في " حسب " [ زائدة (25) ]

لأن التأويل: إن قلت السوء فهو حسبك ، فلما لم تدخل في الخبر، (26) أدخلت في " حسب " ، " بحسبك أن تقوم " : إن قمت فهو حسبك. (27) فإن مُدح ما بعد " حسب " أدخلت " الباء " ، فيما بعدها ، كقولك: " حسبك بزيد "، ولا يجوز " بحسبك زيد "، لأن زيدًا الممدوح ، فليس بتأويل خبَرٍ . (28)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يكون " الجزاء " مرفوعًا بإضمارٍ، بمعنى: فلهم جزاء سيئة بمثلها، لأن الله قال في الآية التي قبلها: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ، فوصف ما أعدَّ لأوليائه، ثم عقب ذلك بالخبر عما أعدّ الله لأعدائه، فأشبهُ بالكلام أن يقال: وللذين كسبوا السيئات جزاء سيئة، وإذا وُجِّه ذلك إلى هذا المعنى ، كانت الباء صلة للجزاء.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى : كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: كأنما ألبست وجوه هؤلاء الذين كسبوا السيئات (29)

، ( قِطَعًا من الليل)، وهي جمع " قطعة ".

* * *

وكان قتادة يقول في تأويل ذلك ما:-

17647- حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر ، عن قتادة: (كأنما أغشيت وجوههم قطعًا من الليل مظلمًا) ، قال: ظلمة من الليل.

* * *

واختلفت القراء في قراءة قوله تعالى: (قطعًا) فقرأته عامة قراء الأمصار: (قِطَعًا) بفتح الطاء ، على معنى جمع " قطعة "، وعلى معنى أنَّ تأويل ذلك: كأنما أُغشِيَت وَجْه كل إنسان منهم قطعةٌ من سواد الليل، ثم جمع ذلك فقيل: كأنما أغشيت وجوههم قطعا من سواد، إذ جُمِع " الوجه ".

* * *

وقرأه بعض متأخري القراء: " قِطْعًا " بسكون الطاء، بمعنى: كأنما أغشيت وجوههم سوادًا من الليل، وبقيةً من الليل، ساعةً منه، كما قال: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ، [سورة هود: 81 /سورة الحجر: 65] ، أي: ببقية قد بقيت منه.

ويعتلُّ لتصحيح قراءته كذلك، أنه في صحف أبيّ: (وَيَغْشَى وُجُوهَهُمْ قِطْعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمٌ). (30)

* * *

قال أبو جعفر : والقراءة التي لا يجوز خلافها عندي ، قراءةُ من قرأ ذلك بفتح الطاء، لإجماع الحجة من قراء الأمصار على تصويبها ، وشذوذ ما عداها. وحسبُ الأخرى دلالةً على فسادها، خروج قارئها عما عليه قراء أهل أمصار الإسلام. (31)

* * *

فإن قال لنا قائل: فإن كان الصواب في قراءة ذلك ما قلت، فما وجه تذكير " المظلم " وتوحيده، وهو من نعت " القطع " ، و " القطع "، جمع لمؤنث؟

قيل : في تذكير ذلك وجهان: (32)

أحدهما: أن يكون قَطْعًا من " الليل " (33) . وإن يكون من نعت " الليل "، فلما كان نكرةً ، و " الليل " معرفةً ، نصب على القَطْع،

فيكون معنى الكلام حينئذ: كأنما أغشيت وجوههم قطعًا من الليل المظلم ، ثم حذفت الألف واللام من " المظلم "، فلما صار نكرة وهو من نعت " الليل " ، نصب على القطع. وتسمي أهل البصرة ما كان كذلك " حالا "، والكوفيون " قطعًا ".

والوجه الآخر : على نحو قول الشاعر: (34)

* لَوْ أَنَّ مِدْحَةَ حَيٍّ مُنْشِرٌ أَحَدًا * (35)

والوجه الأوّل أحسن وجهيه.

وقوله: (أولئك أصحاب النار) ، يقول: هؤلاء الذين وصفت لك صفتهم أهلُ النار الذين هم أهلها (36)

، (هم فيها خالدون) ، يقول: هم فيها ماكثون. (37)

------------------------

الهوامش :

(22) انظر تفسير " كسب " فيما سلف من فهارس اللغة ( كسب ) ، ( سوأ ) .

(23) انظر تفسير " الرهق " فيما سلف قريبًا ص : 72 .

، وتفسير " ذلة " فيما سلف ص : 72 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

(24) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1 : 461 ، وفي المطبوعة : " وجزاء سيئة بمثلها " بالواو ، وفي معاني القرآن للفراء " فجزاء " بالفاء ، ولا أجد في القرآن آية فيها مثل ذلك بالواو أو بالفاء ، وإنما عني هذه الآية بعينها .

(25) الزيادة بين القوسين لا بد منها حتى يستقيم الكلام .

(26) في المطبوعة والمخطوطة : " لم تدخل في الجزاء " ، وهو خطأ لا ريبة فيه .

(27) أخشى أن يكون سقط من الكلام شيء .

(28) في المطبوعة والمخطوطة في هذا الموضع أيضًا : " فليس بتأويل جزاء " ، وهو فساد لا شك فيه .

(29) انظر تفسير " الإغشاء " فيما سلف 12 : 483 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(30) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 462 .

(31) في المطبوعة : " أهل الأمصار والإسلام " ، وهو عبث سخيف .

(32) في المطبوعة : " في تذكيره " ؛ بالهاء مضافة ، وهو عبث أيضًا .

(33) " القطع " ( بفتح فسكون ) ، الحال ، كما سلف مرارًا شرحه وبيانه ، وانظر ما سلف 11 : 455 / 12 : 477 ، وفهارس المصطلحات . وقد بين الطبري في هذا الموضع بأحسن البيان عن معنى " القطع " ، وقد سلف كلامنا فيه مرارًا .

(34) هو أبو ذؤيب .

(35) ديوانه : 113 ، في آخر قصيدة له ، ورواية الديوان :

لَـوْ كـان مِدْحَـةَ حَـيٍّ مُنْشِـرٌ أَحَدًا

أَحْــيَى أُبُــوَّتَكِ الشُّــمَّ الأَمَـادِيحُ

وهذا لا شاهد فيه ، ويروى :

* لَـوْ كـان مِدْحَةَ حَيٍّ مُنْشِرٌ أَحَدًا *

وهذا شاهد .

(36) انظر تفسير " أصحاب النار " فيما سلف من فهارس اللغة ( صحب ) .

(37) انظر تفسير " الخلود " ، فيما سلف من فهارس اللغة ( خلد ) .

التدبر :

وقفة
[27] ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾ يجازي الله على السيئة بمثلها، وهذا يدل على أن تعامل الله مع المحسنين بالفضل، ومع المسيئين بالعدل.
وقفة
[27] قال ابن عاشور: «وعبر في جانب المسيئين بفعل: ﴿كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ﴾ دون فعل (أساؤوا) كما عبر في جانب الذين أحسنوا؛ للإشارة إلى أن إساءتهم من فعلهم وسعيهم، فما ظلمهم الله، ولكن أنفسهم يظلمون».
وقفة
[27] ﴿وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّـهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾ قال سليمان التيمي: «إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مـذلـتـه».
وقفة
[27] ﴿كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا﴾ أرأيت وجهًا كأنه الليل؟ نعوذ بالله من ظلمة المعصية.
وقفة
[27] ﴿كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا﴾ تتلون وجوه الناس يوم القيامة بحسب أعمالهم، فظلمة الذنوب تنعكس غدًا على الوجوه.
تفاعل
[27] ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ استعذ بالله أن تكون من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها:
  • والذين كسبوا: معطوفة بالواو على \"للذين أحسنوا\" الواردة في الآية الكريمة السابقة. ويجوز أن تقدر الجملة على الوجه التالي: الواو: عاطفة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة أي وجزاء الذين. أي بتقدير مبتدأ محذوف. كسبوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. السيئات: مفعول به منصوب بالكسرة بدلاً من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. جزاء: خبر المبتدأ المحذوف المقدر مرفوع بالضمة. سيئة: مضاف إليه مجرور بالكسرة. بمثل: جار ومجرور متعلق بجزاء أو بفعل \"تجازى\" المقدر. و\"ها\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ وترهقهم ذلة:
  • الواو: استئنافية. ترهق: فعل مضارع مرفوع بالضمة و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. ذلة: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ ما لهم من الله من عاصم:
  • ما: نافية لا عمل لها. لهم: اللام: حرف جر و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. من الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بحال مقدمة من \"عاصم\". من: حرف زائد لتأكيد معنى النفي. عاصم: اسم مجرور لفظاً مرفوع محلاً على أنه مبتدأ مؤخر. بمعنى: مالهم من جهة الله ومن عنده من يعصمهم. أو لا يعصمهم أحد من سخط الله وعذابه.
  • ﴿ كأنما أغشيت وجوههم:
  • كأنما: كافة ومكفوفة. أغشيت: فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. وجوه: نائب فاعل مرفوع بالضمة و \"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ قطعاً من الليل:
  • قطعاً: تمييز منصوب بالفتحة. من الليل: جار ومجرور في محل نصب صفة لقطعاً وهو جمع \"قطعة\".
  • ﴿ مظلمًا:
  • حال من الليل منصوب بالفتحة.
  • ﴿ أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون:
  • تعرب إعراب \"أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون\" الواردة في الآية الكريمة السابقة. '

المتشابهات :

يونس: 27﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ
الشورى: 40﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     ولمَّا أخبَر اللهُ عز وجل عن حالِ أهلِ الجَنَّةِ؛ أخبَر هنا عن حالِ أهلِ النَّارِ، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

قطعا:
وقرئ:
بسكون الطاء، اسم للشيء المقطوع، وهى قراءة ابن كثير، والكسائي.

مدارسة الآية : [28] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ ..

التفسير :

[28] واذكر -أيها الرسول- يوم نحشر الخلق جميعاً للحساب والجزاء، ثم نقول للذين أشركوا بالله:الزموا مكانكم أنتم وشركاؤكم الذين كنتم تعبدونهم مِن دون الله حتى تنظروا ما يُفْعل بكم، فَفَرَّقْنا بين المشركين ومعبوديهم، وتبرَّأ مَن عُبِدُوا مِن دون الله ممن كان

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا‏}‏ أي‏:‏ نجمع جميع الخلائق، لميعاد يوم معلوم، ونحضر المشركين، وما كانوا يعبدون من دون الله‏.‏

‏{‏ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ‏}‏ أي‏:‏ الزموا مكانكم ليقع التحاكم والفصل بينكم وبينهم‏.‏

‏{‏فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ فرقنا بينهم، بالبعد البدني والقلبي، وحصلت بينهم العداوة الشديدة، بعد أن بذلوا لهم في الدنيا خالص المحبة وصفو الوداد، فانقلبت تلك المحبة والولاية بغضًا وعداوة‏.‏

وتبرأ شُرَكَاؤُهُمْ منهم وقالوا‏:‏ ‏{‏مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ‏}‏ فإننا ننزه الله أن يكون له شريك، أو نديد‏.‏

وقوله: نَحْشُرُهُمْ أى نجمعهم يوم القيامة للحساب، يقال: حشر القائد جنده، إذا جمعهم للحرب أو لأمر من الأمور.

ويوم ظرف زمان منصوب بفعل مقدر.

والمعنى: واذكر أيها الرسول الكريم أو أيها الإنسان العاقل، يوم نجمع الناس كافة، لنحاسبهم على أعمالهم في الدنيا.

ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ أى: ثم نقول للمشركين منهم في هذا اليوم العصيب، الزموا مكانكم أنتم وشركاؤكم فلا تبرحوه حتى يقضى الله قضاءه فيكم، فقوله: مَكانَكُمْ ظرف مكان منصوب بفعل مقدر، وقوله وَشُرَكاؤُكُمْ معطوف على ضمير الفعل المقدر، وقوله أَنْتُمْ تأكيد له. أى قفوا مكانكم أنتم وشركاؤكم.

وجاء العطف بثم، للإشارة إلى أن بين حشرهم وبين ما يقال لهم، مواقف أخرى فيها من الأهوال ما فيها، فثم هنا للتراخي النسبي.

وقال- سبحانه- مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ مع أن المشركين كانوا يعتبرون معبوداتهم شركاء الله- من باب التهكم بهم. وللإشارة إلى أن ما عبدوهم لم يكونوا في يوم من الأيام شركاء لله، وإنما المشركون هم الذين وصفوهم بذلك افتراء وكذبا.

وجاء وصفهم بالشرك في حيز الصلة، للإيذان بأنه أكبر جناياتهم وأن شركهم بالله- تعالى- هو الذي أدى بهم إلى هذا المصير المؤلم.

وقوله: فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ أى: ففرقنا بينهم، وقطعنا ما بينهم من صلات، وميزنا بعضهم عن بعض كما يميز بين الخصوم عند التقاضي والمساءلة.

وزيلنا: من التزييل بمعنى التمييز والتفريق، يقال: زيلت الشيء أزيله إذا نحيته وأبعدته، ومنه قوله- تعالى-: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً أى:

لو تميزوا وتفرقوا.

وعبر بالفاء للدلالة على أن هذا التفريق والتمييز قد حدث عقب الخطاب من غير مهلة وجاء الأسلوب بصيغة الماضي مع أن هذا التذييل سيكون في الآخرة، للإيذان بتحقيق الوقوع، وإلى زيادة التوبيخ والتحسير لهم.

وقوله: وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ معطوف على ما قبله.

والمراد بالشركاء كل ما عبد من دون الله من إنس وجن وأوثان وغير ذلك.

أى: وقال شركاؤهم الذين أشركوهم في العبادة مع الله- تعالى-: إنكم أيها المشركون لم تكونوا لنا عابدين في الدنيا، وإنما كنتم تعبدون أشياء أخرى زينها الشيطان لكم فانقدتم له بدون تدبر أو تعقل.

والمقصود بقولهم هذا- التبري من المشركين، وتوبيخهم على أفكارهم الفاسدة.

يقول تعالى : ( ويوم نحشرهم ) أي : أهل الأرض كلهم ، من إنس وجن وبر وفاجر ، كما قال : ( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ) [ الكهف : 47 ] .

( ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم ) أي : الزموا أنتم وهم مكانا معينا ، امتازوا فيه عن مقام المؤمنين ، كما قال تعالى : ( وامتازوا اليوم أيها المجرمون ) [ يس : 59 ] ، وقال ( ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون ) [ الروم : 14 ] ، وفي الآية الأخرى : ( يومئذ يصدعون ) [ الروم : 43 ] أي : يصيرون صدعين ، وهذا يكون إذا جاء الرب تعالى لفصل القضاء ؛ ولهذا قيل : ذلك يستشفع المؤمنون إلى الله تعالى أن يأتي لفصل القضاء ويريحنا من مقامنا هذا ، وفي الحديث الآخر : " نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس .

وقال الله تعالى في هذه الآية الكريمة إخبارا عما يأمر به المشركين وأوثانهم يوم القيامة : ( مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون ) أنكروا عبادتهم ، وتبرءوا منهم ، كما قال تعالى : ( [ كلا ] سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ) الآية . [ مريم : 82 ] . وقال : ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ) [ البقرة : 166 ] ، وقال ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) [ الأحقاف : 5 ، 6 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويوم نجمع الخلق لموقف الحساب جميعًا، (38) ثم نقول حينئذ للذين أشركوا بالله الآلهةَ والأندادَ: ، (مكانَكم) ، أي: امكثوا مكانكم، وقفوا في موضعكم، أنتم، أيها المشركون، وشُركاؤكم الذين كنتم تعبدونهم من دون الله من الآلهة والأوثان ، (فزيّلنا بينهم) ، يقول: ففرقنا بين المشركين بالله وما أشركوه به .

* * *

، [من قولهم: " زِلْت الشيء أزيلُه " ، إذا فرّقت بينه ] وبين غيره وأبنته منه. (39) وقال: " فزيّلنا " إرادة تكثير الفعل وتكريره، ولم يقل: " فزِلْنا بينهم ".

* * *

وقد ذكر عن بعضهم أنه كان يقرؤه: (فَزَايَلْنَا بَيْنَهُمْ)، كما قيل: وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ ، [سورة لقمان: 18] ، والعرب تفعل ذلك كثيرًا في " فعَّلت "، يلحقون فيها أحيانًا ألفًا مكان التشديد، فيقولون: " فاعلت " إذا كان الفعل لواحدٍ. وأما إذا كان لاثنين ، فلا تكاد تقول إلا " فاعلت ". (40)

* * *

، (وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون)، وذلك حين تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ، لما قيل للمشركين: " اتبعوا ما كنتم تعبدون من دون الله "، ونصبت لهم آلهتهم، قالوا: " كنا نعبد هؤلاء "!، فقالت الآلهة لهم: (ما كنتم إيانا تعبدون)، كما:-

17648- حدثت عن مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: يكون يومَ القيامة ساعةٌ فيها شدة ، تنصب لهم الآلهة التي كانوا يعبدون، فيقال: " هؤلاء الذين كنتم تعبدون من دون الله "، فتقول الآلهة: " والله ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نعقل ، ولا نعلم أنكم كنتم تعبدوننا "! فيقولون: " والله لإيّاكم كنا نعبد "! فتقول لهم الآلهة: فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ .

17649- حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم) ، قال: فرّقنا بينهم ، (وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون) ! قالوا: بلى ، قد كنا نعبدكم! فقالوا : (كفى بالله شهيدًا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين)، ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نتكلم! فقال الله: هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ ، الآية.

* * *

وروي عن مجاهد، أنه كان يتأول " الحشر " في هذا الموضع، الموت.

17650- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن الأعمش قال: سمعتهم يذكرون عن مجاهد في قوله: (ويوم نحشرهم جميعًا) ، قال: الحشر: الموت.

* * *

قال أبو جعفر: والذي قلنا في ذلك أولى بتأويله، لأن الله تعالى ذكره أخبر أنه يقول يومئذ للذين أشركوا ما ذكر أنه يقول لهم، ومعلومٌ أن ذلك غير كائن في القبر، وأنه إنما هو خبَرٌ عما يقال لهم ، ويقولون في الموقف بعد البعث.

--------------------------

الهوامش :

(38) انظر تفسير " الحشر " فيما سلف 13 : 529 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك .

(39) هذه الزيادة بين القوسين ، استظهار من نص اللغة لا بد منه ، وكان الكلام في المخطوطة سردًا واحدًا ، وهو فساد من الناسخ . وانظر معاني القرآن للفراء 1 : 492 .

(40) انظر بيان هذا أيضًا في معاني القرآن للفراء 1 : 492 ، فهو نحو منه .

التدبر :

عمل
[28] تعلمنا سورة يونس: اليقين بوعد الله، وأن المرجع إليه؛ فلنستعد لذلك ﴿إليه مرجعكم﴾ [4]، ﴿إلينا مرجعكم﴾ [23]، ﴿ويوم نحشرهم جميعًا﴾.
وقفة
[28] ﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ﴾ هذا احتجاز إلهي قسري: الزموا أماكنكم لا تبرحوها حتى تعرفوا ما يُفعل بكم، ويقضي الله في أمركم.
وقفة
[28] ﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ﴾ أين تذهبون؟ انتهى الزمن الذي تدخلون فيه معابد أوثانكم وكنائس شرككم ثم تخرجون بلا حسيب أو رقيب، تقفوا الآن.
وقفة
[28] ﴿فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ﴾ فرقنا بين العابدين والمعبودين، وهو من الزوال أي ذهاب الشيء واختفاؤه، وقال: (زيلنا) ولم يقل (فرقنا)؛ لأن التفريق معه بقية أمل في الاجتماع، أما التزييل فهو زوال إلى الأبد، وهو ما يزيد من وحشة المشركين حين يقاسون العذاب وحدهم.
وقفة
[28] ﴿وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾ وفي هذا تبكيتٌ عظيمٌ للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره ممن لا يسمع ولا يبصر، ولا يغني عنهم شيئاً، ولم يأمرهم بذلك، ولا رضي به ولا أراده، بل تبرأ منهم أحوج ما يكونون إليه.
وقفة
[28] ﴿وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾ يُنطق الله الأصنام فتقول: ما أمرناكم بعبادتنا، والشركاء هم الشياطين، فيتبرؤون منهم خوفًا أو كذبًا واحتيالًا للتخلص من العذاب.
وقفة
[28] ﴿وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾ هكذا يتبرؤ الشركاء من شركائهم، وهكذا هي سنة الله في أصدقاء السوء، بينما يغتبط الموحدون بتوحيدهم، ويرفعون رؤسهم به في الدنيا والآخرة.
وقفة
[28] ﴿وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾ صدمة هائلة فبدلًا من أن يدافعون عنهم خذلوهم.

الإعراب :

  • ﴿ ويوم نحشرهم جميعاً:
  • الواو: استئنافية. يوم: ظرف زمان منصوب على الظرفية الزمانية بالفتحة ويجوز أن يكون مفعولاً به لفعل تقديره: اذكر. وهو مضاف. نحشر: فعل مضارع مرفوع بالضمة و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به. جميعاً: حال منصوب بالفتحة من الضمير في \"نحشرهم\" وجملة \"نحشرهم جميعاً\" في محل جر بالإضافة. وفاعل \"نحشر\" ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره نحن.
  • ﴿ ثم نقول للذين أشركوا:
  • ثم: حرف عطف. نقول: معطوفة على \"نحشر\" وتعرب إعرابها. للذين: جار ومجرور متعلق بنقول و \"الذين\" اسم موصول مبني على \"الفتح في محل جر باللام. أشركوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة \"أشركوا\" صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ مكانكم أنتم وشركاؤكم:
  • مكان: مفعول به منصوب بفعل مقدّر تقديره \"الزموا\" وجملة \"الزموا مكانكم\" في محل نصب مفعول به - مقول القول -. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. والميم علامة جمع الذكور. أنتم: ضمير منفصل مبني على السكون في محل جر تأكيد للضمير في \"مكانكم\" لسده مسدّ قوله \"إلزموا\". وشركاؤكم: الواو: عاطفة. شركاء: معطوف على \"أنتم\" أي الزموا أنتم وشركاؤكم. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ فزيلنا بينهم:
  • الفاء: استئنافية. زيل: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنا و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بزيلنا. بمعنى ففرقنا و \"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ وقال شركاؤهم:
  • الواو عاطفة. قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح. شركاء: فاعل مرفوع بالضمة و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أي وقال شركاؤهم - آلهتهم - لهم.
  • ﴿ ما كنتم إيانا تعبدون:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به - مقول القول - ما: نافية لا عمل لها. كنتم: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسم \"كان\" والميم علامة جمع الذكور. إيا: ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم و \"نا\" حرف للمتكلمين. تعبدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة \"ايانا تعبدون\" بتقدير: تعبدوننا في محل نصب خبر \"كان\". '

المتشابهات :

الأنعام: 22﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ
يونس: 28﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ
الأنعام: 128﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ
سبإ: 40﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ عز وجل حالَ أهلِ الجَنَّةِ، ثم حالَ أهلِ النَّارِ؛ ذكر هنا ما ينال المشركين يوم الحشر من التوبيخ والخِزي، قال تعالى:
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [29] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ..

التفسير :

[29] فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم، إننا لم نكن نعلم ما كنتم تقولون وتفعلون، ولقد كنَّا عن عبادتكم إيانا غافلين، لا نشعر بها.

‏{‏فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ‏}‏ ما أمرناكم بها، ولا دعوناكم لذلك، وإنما عبدتم من دعاكم إلى ذلك، وهو الشيطان كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ‏}‏ ‏.‏

وقال‏:‏ ‏{‏وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ‏}‏

فالملائكة الكرام والأنبياء والأولياء ونحوهم يتبرؤون ممن عبدهم يوم القيامة ويتنصلون من دعائهم إياهم إلى عبادتهم وهم الصادقون البارون في ذلك، فحينئذ يتحسر المشركون حسرة لا يمكن وصفها، ويعلمون مقدار ما قدموا من الأعمال، وما أسلفوا من رديء الخصال، ويتبين لهم يومئذ أنهم كانوا كاذبين، وأنهم مفترون على الله، قد ضلت عبادتهم، واضمحلت معبوداتهم، وتقطعت بهم الأسباب والوسائل‏.‏

وقوله: فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ تأكيد لهذا التبري والإنكار، ورجوع إلى الشهادة الحق في ذلك.

وإِنْ في قوله إِنْ كُنَّا مخففة من الثقيلة.. أى: فكفى أن يكون الله- تعالى- شهيدا وحكما بيننا وبينكم، فهو- سبحانه- يعلم حالنا وحالكم، ويعلم أننا كنا في غفلة عن عبادتكم لنا، بحيث إننا ما فكرنا فيها ولا رضينا بها.

وقال في هذه الآية إخبارا عن قول الشركاء فيما راجعوا فيه عابديهم عند ادعائهم عبادتهم : ( فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين ) أي : ما كنا نشعر بها ولا نعلم ، وإنما أنتم كنتم تعبدوننا من حيث لا ندري بكم ، والله شهيد بيننا وبينكم أنا ما دعوناكم إلى عبادتنا ، ولا أمرناكم بها ، ولا رضينا منكم بذلك .

وفي هذا تبكيت عظيم للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره ، ممن لا يسمع ولا يبصر ، ولا يغني عنهم شيئا ، ولم يأمرهم بذلك ولا رضي به ولا أراده ، بل تبرأ منهم في وقت أحوج ما يكونون إليه ، وقد تركوا عبادة الحي القيوم ، السميع البصير ، القادر على كل شيء ، العليم بكل شيء وقد أرسل رسله وأنزل كتبه ، آمرا بعبادته وحده لا شريك له ، ناهيا عن عبادة ما سواه ، كما قال تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ) [ النحل : 36 ] ، وقال تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء : 25 ] ، وقال : ( واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) [ الزخرف : 45 ] .

والمشركون أنواع وأقسام كثيرون ، قد ذكرهم الله في كتابه ، وبين أحوالهم وأقوالهم ، ورد عليهم فيما هم فيه أتم رد .

القول في تأويل قوله تعالى : فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29)

قال أبو جعفر: ويقول تعالى ذكره ، مخبرًا عن قيل شركاء المشركين من الآلهة والأوثان لهم يوم القيامة، إذ قال المشركون بالله لها: إياكم كنا نعبد ، (كفى بالله شهيدًا بيننا وبينكم)، أي إنها تقول: حسبُنا الله شاهدًا بيننا وبينكم ، أيها المشركون، فإنه قد علم أنّا ما علمنا ما تقولون ، ( إنا كنا عن عبادتكم لغافلين) ، يقول: ما كنا عن عبادتكم إيانا دون الله إلا غافلين، لا نشعر به ولا نعلم، (41) كما:-

17651- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إن كنا عن عبادتكم لغافلين) ، قال: كُلُّ شيء يعبد من دون الله. (42)

17652- حدثني المثنى قال ، حدثني إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

17653- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال مجاهد: (إن كنا عن عبادتكم لغافلين) ، قال: يقول ذلك كُلُّ شيء كان يُعْبد من دون الله.

-------------------

الهوامش :

(41) انظر تفسير " الغفلة " فيما سلف ص : 25 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(42) في المطبوعة : " قال ذلك كل شيء " ، زاد " ذلك " وأثبت ما في المخطوطة ، وهو لا بأس به .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[29] ﴿فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾: في ذلك؛ يشهد أنكم لم تخصوا أحدًا منه ومنا بعبادة، بل كنتم مذبذبين، وهذا كله إشارة إلى أن العبادة المشوبة لا اعتداد بها، ولا يرضاها جماد لو نطق، وأن من استحق العبادة استحق الإخلاص فيها، وأن لا يشرك به أحد، وأنه لا يستحق ذلك إلاّ القادر على كشف الكرب.
وقفة
[29] ﴿فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ﴾ إعلان صادر من كل من عبد من دون الله من الملائكة أو الرسل أو الأصنام، لتتم فضيحة المشركين على رؤوس الأشهاد قبل أن يسلكوا طريقهم نحو النار.
وقفة
[29] ﴿شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾، ﴿بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا﴾ [العنكبوت: 52]، جاء تقديم (شهيدًا) خمس مرات، وجاء تقديم (بيني وبينكم) مرة واحدة، وحيث قدم القرآن لفظ (شهيدًا) فالكلام على الشهادة، كقوله تعالى: ﴿قل الله شهيد بيني وبينكم﴾ [الأنعام: 19]، وحيث قدم القرآن لفظ (بيني وبينكم) فالكلام على النبي عليه السلام والكفار.
وقفة
[29] ﴿لَغَافِلِينَ﴾: لأنه لا أرواح فينا؛ فلم نكن بحيث نأمر بالعبادة ولا نرضاها، فاللوم عليكم دوننا.

الإعراب :

  • ﴿ فكفى بالله شهيداً:
  • الفاء: استئنافية. كفى: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر بالله: الباء حرف جر زائد. الله لفظ الجلالة: اسم مجرور للتعظيم لفظاً مرفوع محلاً على أنه فاعل \"كفى\" شهيداً تمييز منصوب بالفتحة ويجوز أن تكون حالاً منه سبحانه.
  • ﴿ بيننا وبينكم:
  • بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية المكانية بالفتحة متعلق بشهيداً بمعنى \"شاهداً\" من صيغ المبالغة: فعيل بمعنى \"فاعل\" و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وبينكم: معطوف بالواو على \"بيننا\" وتعرب إعرابها. الكاف: ضمير المخاطبين. والميم علامة الجمع.
  • ﴿ إنْ كنا عن عبادتكم:
  • إنْ: مخففة من \"إنّ\" الثقيلة مهملة لا عمل لها لدخولها على جملة فعلية. كنا: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم \"كان\". عن عبادتكم: جار ومجرور متعلق بغافلين. الكاف.: ضمير متصل ميني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ لغافلين:
  • اللام: لام التوكيد وهي اللام الفارقة بين \"أنْ\" المخففة من \"أنّ\" الثقيلة. غافلين: خبر \"كان\" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته. '

المتشابهات :

يونس: 29﴿ فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ
الرعد: 43﴿قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ
الإسراء: 96﴿قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا
العنكبوت: 52﴿قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [29] لما قبلها :     ولمَّا تنازعوا؛ استشهد الشركاء بالله، فقالوا:
﴿ فَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [30] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا ..

التفسير :

[30] في ذلك الموقف للحساب تتفقد كل نفس أحوالها وأعمالها التي سلفت وتعاينها، وتجازى بحسبها:إن خيراً فخير، وإن شرّاً فشر، ورُدَّ الجميع إلى الله الحكم العدل، فأُدخِلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ وأهل النار النار، وذهب عن المشركين ما كانوا يعبدون من دون الله افتراء

ـ{‏هُنَالِكَ‏}‏ أي‏:‏ في ذلك اليوم ‏{‏تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ‏}‏ أي‏:‏ تتفقد أعمالها وكسبها، وتتبعه بالجزاء، وتجازي بحسبه، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، وضل عنهم ما كانوا يفترون من قولهم بصحة ما هم عليه من الشرك وأن ما يعبدون من دون الله تنفعهم وتدفع عنهم العذاب‏.‏

ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات الكريمة ببيان أحوال الناس في هذا اليوم العظيم فقال:

هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ، وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ.

أى: هنالك في ذلك الموقف الهائل الشديد، تختبر كل نفس مؤمنة أو كافرة: ما سلف منها من أعمال، فترى ما كان نافعا أو ضارا من هذه الأعمال، وترى الجزاء المناسب عن كل عمل بعد أن عاد الجميع إلى الله مولاهم الحق، ليقضى بينهم بقضائه العادل، وقد غاب عن المشركين في هذا الموقف ما كانوا يفترونه من أن هناك آلهة أخرى ستشفع لهم يوم القيامة.

وهكذا ترى الآيات الكريمة تصور أحوال الناس يوم الدين تصويرا بليغا مؤثرا، يتجلى فيه موقف الشركاء من عابديهم، وموقف كل إنسان من عمله الذي أسلفه في الدنيا.

وبعد هذا الحديث المعجز عن يوم الحشر وأهواله، ساقت السورة الكريمة بضع آيات فيها الأدلة المقنعة على وحدانية الله وقدرته، ولكن بأسلوب السؤال والجواب، فقال- تعالى:

وقوله : ( هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت ) أي : في موقف الحساب يوم القيامة تختبر كل نفس وتعلم ما أسلفت من [ عملها من ] خير وشر ، كما قال تعالى : ( يوم تبلى السرائر ) [ الطارق : 9 ] ، وقال تعالى : ( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ) [ القيامة : 13 ] ، وقال تعالى : ( ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) [ الإسراء : 13 ، 14 ] .

وقد قرأ بعضهم : ( هنالك تتلو كل نفس ما أسلفت ) وفسرها بعضهم بالقراءة ، وفسرها بعضهم بمعنى تتبع ما قدمته من خير وشر ، وفسرها بعضهم بحديث : " تتبع كل أمة ما كانت تعبد ، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ويتبع من كان يعبد القمر القمر ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت " الحديث .

وقوله : ( وردوا إلى الله مولاهم الحق ) أي : ورجعت الأمور كلها إلى الله الحكم العدل ، ففصلها ، وأدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار .

( وضل عنهم ) أي : ذهب عن المشركين ( ما كانوا يفترون ) أي : ما كانوا يعبدون من دون الله افتراء عليه .

القول في تأويل قوله تعالى : هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30)

قال أبو جعفر : اختلفت القراء في قراءة قوله: ( هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ) ، بالباء، بمعنى: عند ذلك تختبر كلّ نفس ما قدمت من خيرٍ أو شٍّر. (43)

وكان ممن يقرؤه ويتأوّله كذلك ، مجاهدٌ.

17654- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت) ، قال: تختبر.

17655- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

17656- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

* * *

وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة وبعض أهل الحجاز: ( تَتْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ) ، بالتاء. (44)

* * *

واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله.

فقال بعضهم: معناه وتأويله: هنالك تتبع كل نفس ما قدَّمت في الدنيا لذلك اليوم. (45)

وروي بنحو ذلك خبرٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من وجْه وسَنَدٍ غير مرتضى أنه قال: يَمْثُل لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله يوم القيامة، فيتَّبعونهم حتى يوردوهم النار. قال: ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: (هنالك تتلو كل نفس ما أسلفت) . (46)

* * *

وقال بعضهم: بل معناه: يتلو كتاب حسناته وسيئاته. يعني يقرأ، كما قال جل ثناؤه: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ، [سورة الإسراء: 13].

* * *

وقال آخرون: " تَتْلو " تعاين. (47)

*ذكر من قال ذلك:

17657- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (هنالك تَتْلو كل نفس ما أسلفت) ، قال: ما عملت. تتلو: تعاينه.

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القراء، وهما متقاربتا المعنى. وذلك أن من تبع في الآخرة ما أسلفَ من العمل في الدنيا، هجم به على مَوْرده، فيخبر هنالك ما أسلفَ من صالح أو سيئ في الدنيا، وإنّ مَنْ خَبَر من أسلف في الدنيا من أعماله في الآخرة، فإنما يخبرُ بعد مصيره إلى حيث أحلَّه ما قدم في الدنيا من علمه، فهو في كلتا الحالتين مُتَّبع ما أسلف من عمله ، مختبر له، فبأيتهما قرأ القارئ كما وصفنا ، فمصيبٌ الصوابَ في ذلك.

* * *

وأما قوله: (وردّوا إلى الله مولاهم الحق) ، فإنه يقول: ورجع هؤلاء المشركون يومئذٍ إلى الله الذي هو ربهم ومالكهم ، الحقّ لا شك فيه ، دون ما كانوا يزعمون أنهم لهم أرباب من الآلهة والأنداد ، ( وضل عنهم ما كانوا يفترون) ، يقول: وبطل عنهم ما كانوا يتخرَّصون من الفرية والكذب على الله بدعواهم أوثانهم أنها لله شركاء، وأنها تقرِّبهم منه زُلْفَى، (48) كما:-

17658- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وردوا إلى الله مولاهم الحق وضلّ عنهم ما كانوا يفترون) ، قال: ما كانوا يدعون معه من الأنداد والآلهة، ما كانوا يفترون الآلهة، وذلك أنهم جعلوها أندادًا وآلهة مع الله افتراءً وكذبًا.

---------------------------

الهوامش :

(43) في المطبوعة : " بما قدمت " بالباء ، لم يحسن قراءة المخطوطة. وانظر تفسير " الابتلاء " فيما سلف من فهارس اللغة ( بلا )

(44) انظر هذه القراءة وتفسيرها فيما سلف 2 : 411 .

(45) انظر تفسير " يتلو " فيما سلف من فهارس اللغة ( تلا ) .

(46) " لم أجد نص الخبر في غير هذا المكان . مسندًا ولا غير مسند .

(47) في المطبوعة في المواضع كلها " تبلو " بالباء ، وفي المخطوطة غير منقوطة ، والصواب بالتاء ، وذلك بين أيضًا من سياق التفسير لهذه القراءة .

(48) انظر تفسير ألفاظ هذه الآية فيما سلف من فهارس اللغة .

التدبر :

وقفة
[30] ﴿هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ﴾ تبلو أي تُختَبر وترى بعين اليقين، ففي القيامة ستعاين كل ما سلف من أعمالك، وكل ما قدمت من خير وشر، وسيظهر مسجلًا بين يديك لتحاسب عليه.
وقفة
[30] ﴿هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون﴾ يخرجون من مآزق الدنيا بالكذب ويظنون الآخرة كذلك ولكن هيهات وضل عنهم ما كانوا يفترون.
وقفة
[30] كل أمرً يحتج به المبطلون اليوم لن يحتجوا به يوم القيامة، لأنهم أمام الحق الذي لايقبل الحق ﴿وَرُدُّوا إِلَى اللَّـهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾.
وقفة
[30] في الدنيا قد تتخلص من موقف بالكذب، لكن في الآخرة لن تستطيع ذلك ﴿وَرُدُّوا إِلَى اللَّـهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ هنالك تبلو كل نفس:
  • هنا: اسم إشارة للمكان مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بفعل \"تبلو\" وقد استعير للزمان أي في ذلك الموقف أو في ذلك الوقت. اللام: للبعد. والكاف حرف خطاب. تبلو: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والألف زائدة أي تختبر. كل: فاعل مرفوع بالضمة. نفس: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ ما أسلفت:
  • ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به. اسلفت: فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هي.
  • ﴿ وردّوا إلى الله:
  • الواو استئنافية. ردوا: فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. إلى الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بردوا.
  • ﴿ مولاهم الحق:
  • مولى: صفة - نعت - للفظ الجلالة مجرورة وعلامة جرّه: الكسرة المقدرة على الألف للتعذر و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة وحرك الميم بالضم للإشباع ويجوز أن يكون \"مولى\" بدلاً من لفظ الجلالة. الحق: صفة - نعت - لمولاهم: مجرور بالكسرة الظاهرة.
  • ﴿ وضلّ عنهم:
  • الواو: استئنافية. ضلّ: فعل ماضٍ مبني على الفتح. عنهم: جار ومجرور متعلق بضلّ. و\"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بعن.
  • ﴿ ما كانوا يفترون:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. كانوا: فعل ماضٍ ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم \"كان\" والألف فارقة. يفترون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية \"يفترون\" في محل نصب خبر \"كان\" ويجوز أن تكون \"ما\" مصدرية. فتكون \"ما\" وما تلاها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل \"ضل\". '

المتشابهات :

الأنعام: 62﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّـهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ
يونس: 30﴿هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوا إِلَى اللَّـهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [30] لما قبلها :     ولمَّا أخبرَ اللهُ عز وجل عن حالِ المشركين؛ تشوفت النفسُ إلى الاطلاع على حال غيرهم، فقال تعالى مخبرًا عن كلا الفريقين:
﴿ هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تبلو:
قرئ:
1- تتلو، بتاءين أي: تتبع وتطلب بما أسلفت من أعمالها، وهى قراءة الأخوين، وزيد ابن على.
2- تبلو، بالتاء والباء أي: تختبر ما أسلفت من العمل فتعرف كيف هو؟ وهى قراءة باقى السبعة.
3- تبلو، بنون وباء أي: تختبر، وهى قراءة عاصم.
وردوا وقرئت:
بكسر الراء، لما سكن للإدغام، بنقل حركة الدال إلى حركة الراء بعد حذف حركتها، وهى قراءة يحيى بن وثاب.
الحق:
وقرئ:
بالنصب، على المدح.

مدارسة الآية : [31] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء ..

التفسير :

[31] قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين:مَن يرزقكم من السماء، بما يُنزله من المطر، ومن الأرض بما ينبته فيها من أنواع النبات والشجر تأكلون منه أنتم وأنعامكم؟ ومَن يملك ما تتمتعون به أنتم وغيركم مِن حواسِّ السمع والأبصار؟ ومن ذا الذي يملك الحياة والموت في ال

أي‏:‏ ‏{‏قل‏}‏ لهؤلاء الذين أشركوا بالله، ما لم ينزل به سلطانًا ـ محتجًا عليهم بما أقروا به من توحيد الربوبية، على ما أنكروه من توحيد الألوهية ـ ‏{‏مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ‏}‏ بإنزال الأرزاق من السماء، وإخراج أنواعها من الأرض، وتيسير أسبابها فيها‏؟‏

‏{‏أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ‏}‏ أي‏:‏ من هو الذي خلقهما وهو مالكهما‏؟‏، وخصهما بالذكر من باب التنبيه على المفضول بالفاضل، ولكمال شرفهما ونفعهما‏.‏

‏{‏وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ‏}‏ كإخراج أنواع الأشجار والنبات من الحبوب والنوى، وإخراج المؤمن من الكافر، والطائر من البيضة، ونحو ذلك، ‏{‏وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ‏}‏ عكس هذه المذكورات، ‏{‏وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ‏}‏ في العالم العلوي والسفلي، وهذا شامل لجميع أنواع التدابير الإلهية، فإنك إذا سألتهم عن ذلك ‏{‏فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ‏}‏ لأنهم يعترفون بجميع ذلك، وأن الله لا شريك له في شيء من المذكورات‏.‏

‏{‏فَقُلْ‏}‏ لهم إلزامًا بالحجة ‏{‏أَفَلَا تَتَّقُونَ‏}‏ الله فتخلصون له العبادة وحده لا شريك له، وتخلعون ما تعبدون من دونه من الأنداد والأوثان‏

والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: من الذي يرزقكم من السماء بالأمطار وما يتولد عنها، ومن الأرض وما يخرج منها من نباتات وأشجار، وغير ذلك مما تخرجه الأرض.

وقوله: أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ أى: بل قل لهم- أيضا- من الذي يملك ما تتمتعون به من سمع وبصر، ومن الذي يستطيع خلقهما وتسويتهما بالطريقة التي أوجدها- سبحانه.

وخص هاتين الحاستين بالذكر، لأن لهما أعظم الأثر في حياة الإنسان، ولأنهما قد اشتملتا في تركيبهما على ما بهر العقول، ويشهد بقدرته- تعالى- وعجيب صنعه في خلقه.

وأم هنا منقطعة بمعنى بل، وهي هنا للإضراب الانتقالى لا الإبطالى، وفيه تنبيه على كفاية هذا الاستفهام في الدلالة على المقصود، وهو إثبات قدرة الله- تعالى- ووجوب إخلاص العبادة له.

وقوله: وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ دليل ثالث على قدرة الله ووحدانيته.

أى: وقل لهم كذلك من سوى الله- تعالى- يملك إخراج النبات وهو كائن حي من الأرض الميتة، وإخراج الإنسان وهو كائن حي من النطفة وبالعكس، وإخراج الطير من البيضة وبالعكس.

وقوله: وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ دليل رابع على قدرة الله ووحدانيته أى: وقل لهم- أيضا- من الذي يتولى تدبير أمر هذا الكون من إحياء وإماتة، وصحة ومرض، وغنى وفقر، وليل ونهار، وشمس وقمر ونجوم ...

هذه الجملة الكريمة من باب التعميم بعد التخصيص، لأن كل ما سبق من نعم يندرج فيها.

وقوله: فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ حكاية للجواب الذي لا يستطيعون إنكاره، لأنهم مقرون معترفون بأن الله- تعالى- هو الذي خلقهم، وهو الذي يدبر أمرهم، وإنما كانوا يتخذون الشركاء للزلفى، كما حكى القرآن عنهم في قوله: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ.. وفي قوله- سبحانه- حكاية عنهم ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى ...

ولفظ الجلالة مبتدأ، والخبر محذوف والتقدير: فسيقولون الله وحده هو الذي فعل كل ذلك.

وقوله: فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ أمر من الله- تعالى- لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يرد عليهم بهذا الرد.

والهمزة لإنكار واقعهم الذميم، وهي داخلة على كلام مقدر، ومفعول تتقون محذوف.

أى: أتعلمون وتعترفون بأن الله- تعالى- هو الخالق لكل ما سبق، ومع ذلك تشركون معه آلهة في العبادة، دون أن تتقوا عذابه يوم القيامة؟.

إن مسلكك هذا إنما يدل على ضعف في التفكير، وانطماس في العقول، وجهالة ليس بعدها جهالة.

يحتج تعالى على المشركين باعترافهم بوحدانيته وربوبيته على وحدانية الإله فقال : ( قل من يرزقكم من السماء والأرض ) أي : من ذا الذي ينزل من السماء ماء المطر ، فيشق الأرض شقا بقدرته ومشيئته ، فيخرج منها ( حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا ) [ عبس : 27 - 31 ] ، أإله مع الله ؟ فسيقولون : الله ، ( أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) [ الملك : 21 ] ؟ ، وكذلك قوله : ( أمن يملك السمع والأبصار ) [ يونس : 31 ] ؟ ؟ أي : الذي وهبكم هذه القوة السامعة ، والقوة الباصرة ، ولو شاء لذهب بها ولسلبكم إياها ، كما قال تعالى : ( قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ) [ الملك : 23 ] ، وقال ( قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به ) [ الأنعام : 46 ] .

وقوله : ( ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ) أي : بقدرته العظيمة ، ومنته العميمة ، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك ، وأن الآية عامة في ذلك كله .

وقوله : ( ومن يدبر الأمر ) أي : من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ، وهو المتصرف الحاكم الذي لا معقب لحكمه ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، ( يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ) [ الرحمن : 29 ] ، فالملك كله العلوي والسفلي ، وما فيهما من ملائكة وإنس وجان ، فقيرون إليه ، عبيد له ، خاضعون لديه ، ( فسيقولون الله ) أي : هم يعلمون ذلك ويعترفون به ، ( فقل أفلا تتقون ) أي : أفلا تخافون منه أن تعبدوا معه غيره بآرائكم وجهلكم ؟ .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (31)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: (قل) ، يا محمد لهؤلاء المشركين بالله الأوثانَ والأصنامَ ، (من يرزقكم من السماء) ، الغيثَ والقطر ، ويطلع لكم شمسها ، ويُغْطِش ليلها ، ويخرج ضحاها ، ومن الأرض أقواتَكم وغذاءَكم الذي ينْبته لكم ، وثمار أشجارها ، ( أَمَّنْ يملك السمع والأبصار) يقول: أم من ذا الذي يملك أسماعكم وأبصاركم التي تسمعون بها : أن يزيدَ في قواها ، أو يسلبكموها ، فيجعلكم صمًّا، وأبصاركم التي تبصرون بها : أن يضيئها لكم وينيرها، أو يذهب بنورها ، فيجعلكم عُمْيًا لا تبصرون ، ( ومن يخرج الحي من الميت) ، يقول: ومن يخرج الشيء الحي من الميت ، ( ويخرج الميت من الحي ) ، يقول: ويخرج الشيء الميت من الحيّ.

* * *

وقد ذكرنا اختلاف المختلفين من أهل التأويل، والصواب من القول عندنا في ذلك بالأدلّة الدالة على صحته ، في " سورة آل عمران " ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (49)

* * *

، ( ومن يدبر الأمر) ، وقل لهم: من يُدبر أمر السماء والأرض وما فيهن ، وأمركم وأمرَ الخلق (50) ؟ ، ( فسيقولون الله) ، يقول جل ثناؤه: فسوف يجيبونك بأن يقولوا : الذي يفعل ذلك كله الله ، ( فقل أفلا تتقون)، يقول: أفلا تخافون عقاب الله على شرككم وادعائكم ربًّا غيرَ من هذه الصفة صفتُه، وعبادتكم معه من لا يرزقكم شيئًا ، ولا يملك لكم ضرًا ولا نفعا، ولا يفعل فعلا؟

------------------------

الهوامش :

(49) انظر ما سلف 6 : 304 - 312 .

(50) انظر تفسير " تدبير الأمر " فيما سلف ص : 18 ، 19 .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[31] ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ من رحمة الله بنا أن لم يقصر رزقنا على جهة واحدة؛ بل رزقنا من فوق رؤوسنا ومن تحت أرجلنا.
وقفة
[31] قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والْأَرضِ ... فسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ إن قلتَ: هذا يدل على أنهم معترفون بأنَّ الله هو الخالقُ الرازقُ المدبِّرُ، فكيفَ عبدوا الأصنام؟! قلتُ: كلُّهُم كانوا يعتقدون بعبادتهم الأصنامَ عبادةَ اللَّهِ تعالى والتقرُّبَ إليه، لكنْ بطرقٍ مختلفةٍ؛ ففرقةٌ قالت: ليستْ لنا أهليَّةٌ لعبادةِ اللَّهِ تعالى، بلا واسطة لعظمتِهِ، فعبدْنَاها لتقرِّبنا إليه تعالى، كما قال حكايةً عنهم: ﴿ما نعبدهم إِلَاّ ليُقَرِّبونَا إلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: 3]، وفرقةٌ قالت: الملائكة ذَوُو جاهٍ ومنزلةٍ عند الله، فاتَّخذنا أصنامًا على هيئة الملائكة ليقرِّبونا إلى اللَّهِ، وفرقةٌ قالت: جعلنا الأصنام قبلةً لنا في عبادة الله تعالى، كما أنَّ الكعبة قبلةٌ في عبادته، وفرقةٌ اعتقدتْ أنَّ على كل صنمٍ شيطانًا، موكَّلاً بأمر الله، فمن عَبَدَ الصَّنم حقَّ عبادته، قضى الشيطانُ حوائجَه بأمر الله، وإلّاَ أصابه الشيطانُ بنكبةٍ بأمرِ الله.
عمل
[31] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ﴾ [الذاريات: 22]، ﴿يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ﴾، ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [السجدة: 5]، حقائق قرآنية تخبرنا أن العطايا لا تبدأ من الأرض؛ فلا تـتطلع لغير السماء.
عمل
[31] ﴿أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ﴾ كلما دعتك نفسك للنظر والسماع الحرام؛ فاطرح عليها هذا السؤال الذي تكسرُ إجابتُه قلب المؤمن: هذا الذي يملك سمعك وبصرك، أليس قادرًا على أن يسلبها منك وأنت تستعملها في معاصيه؟!
لمسة
[31] ﴿أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ﴾ ما الحكمة من التغاير حيث أفرد السمع بينما جمع الأبصار؟ أفرد السمع لأن الإنسان لا يمكن أن يدرك كل المسموعات في وقت واحد، بينما يمكن أن يبصر العديد من الأشياء في وقت واحد.
وقفة
[31] ﴿وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾ ومنه إخراج المؤمن من الكافر، فقد خرج خالد من ظهر الوليد بن المغيرة.
تفاعل
[31] ﴿وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ سَبِّح الله الآن.
عمل
[31] تذكر الصعوبة والمشقة في تدبير أمور بيتكم، ثم تأمل كيف يدبر الله سبحانه أمور الكون كله ولا يشغله شأن عن شأن سبحانه ﴿وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّـهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾.
عمل
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ فتفرغ للعبادة ﻻ يشغلك شيء.
عمل
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ فرغ قلبك من همومك وتدبيرك، وفوض أمرك وأسلم قيادك لمن وعدك بتدبير الأمر لك ولغيرك.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ قال سَهْل التُّسْترِيِّ: «يقضي القضاء وحده فيختار للعبد ما هو خير له، فخيرة الله خير له من خيرته لنفسه».
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ تكررت في كتاب الله 4 مرات؛ لتعلم أن أمور الأرض تدابير سماوية.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ تكررت في كتاب الله 4 مرات؛ لتنزع من قلبك أوهام أن أمرك بيد أحد غير الله.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ آية إن سكنت القلب أسكنته.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ تدبير الله لك أسرع من وقت انتظارك.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ جميع العالم محتاجون إلى تدبيره ورحمته، داخلون تحت قهره وقضائه وقدرته.
عمل
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ ذكر بها قلبك كلَّما خشيت أمرًا، أو اعتراك همٌّ، أو أصابتك كُربة؛ فإن أيقنت بها اطمأنت روحك.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ آية تسكب في القلب الرضا والأمان؛ كلما عصفت به رياح الهمّ والأحزان، إلهي لا شيء يقلقني؛ إذ كل شيء بيدك.
عمل
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ الأمر الذي في الغد أو بعده يؤرقك، لا تقلـق وتفـاءل؛ فإنَّ الذي يُدبره ربك.
عمل
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ اقرأها على قلبك كلما خشيت أمرًا، أو اعتراك همٌّ، أو أصابتك كربة؛ ستهدأ روحك، ويطمئن قلبك.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ وأنت في مفترق طرق لا تدري أين تسير، يكون لله تدابير رحيمة؛ لتيسير كل عسير.
عمل
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ سلِّم أمورك لمن يدبِّرها، ونَم.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ هذه الآية تمنحك سيلًا من الطمأنينة في عالم مضطرب.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ ألم تُدهشك أمور حدثت لك بغير تخطيط منك؟! ولو استعملت لها كل عقلك ماحدثت بهذه الروعة؛ فتوكَّل على الله، وثق بعطاياه، وأرِح قلبك.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ سيدبر أمرك ويعتني بشؤونك ويكشف عنك غمامة الحزن ويسخر لك من تحب ويفتح لك أبوابا مغلقة وسيعوضك ماكان فقده يؤلم قلبك.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ سبحانه الله الحكيم العليم يدبر أمور عباده وفق ماتقتضيه حكمته، فتدبير الله لك خير من تدبيرك لنفسك، وإن كان ظاهر الأمر غير ما ترغب.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ هنا يستريحُ القلب ويطيبُ التسليم، فمن ذا يُدبِّرُ الأمرَ كما يفعلُ صاحبُ الأمر؟!
وقفة
[31] لِــمَ القلق وربك ﷻ ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾؟
عمل
[31] لأنَّ الله ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ فإنه -سبحانه- أحسن تخطيط حياة من أحسن الظن به وتوكَّل عليه ودائمًا لا يصرف الله عنه خيرًا إلّا لأنه سيهيؤه لأمرٍ أعظم.
عمل
[31] اعلم -رعاك الله- أن تدبير الله لك خير من تدبيرك لنفسك؛ إن أغلقَ دونك بابًا بـ (حكمته) فإنَّه يفتح لك بابَين بـ رحمته ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾.
عمل
[31] حينما تُحسن في توكُّلك على الله وتعمل بالأسباب فلا تحزن إن صرف الله عنك أمرًا ترى فيه صلاحك؛ من كان الله معه لا يضيِّعه ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾.
وقفة
[31] ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ من أجل المِنَن أن الرحيم الحكيم هو الذي تفرد بتدبير أمورنا، ولم يوكلها لأحد من خلقه؛ فلنستمطر هباته وخيراته.
وقفة
[31] لا يكفي أن تؤمن بالله وعظمته ما لم يتبعه تقوى من الله وصدق في العمل ﴿وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّـهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾.
وقفة
[31] ﴿فَسَيَقُولُونَ اللَّـهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ ليس كل قول علامة على إيمان صاحبه، فقد قالوا هنا ولكن ظنًّا لا عن بصيرة ونطقًا لا عن تصديق سريرة.

الإعراب :

  • ﴿ قل:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت. أي قل لهم.
  • ﴿ من يرزقكم من السماء والأرض:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به - مقول القول - من: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يرزقكم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. وجملة \"يرزقكم\" في محل رفع خبر \"من\". من السماء: جار ومجرور متعلق بيرزق. والأرض: معطوفة بالواو على \"من السماء\" وتعرب مثلها.
  • ﴿ أمن يملك السمع والأبصار:
  • أمن: مكونة من \"أم\" حرف عطف وتسمى المنقطعة وبمعنى حرف الإضراب \"بل\" و \"منْ\" اسم استفهام. وجملة \"من يملك\" تعرب إعراب \"من يرزق\". السمع: مفعول به منصوب بالفتحة والأبصار معطوفة بالواو على \"السمع\" وتعرب مثلها.
  • ﴿ ومن يخرج الحيَّ من الميت:
  • معطوفة بالواو على \"من يرزق\" وتعرب إعرابها. الحيَّ: مفعول به منصوب بالفتحة. من الميت: جار ومجرور متعلق بيخرج.
  • ﴿ ويخرج الميت من الحي:
  • تعرب إعراب \"يخرج الحي من الميت.
  • ﴿ ومن يدبر الأمر:
  • معطوفة بالواو أيضاً على \"من يرزق\" وتعرب إعرابها. الأمر: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فسيقولون الله:
  • الفاء: استئنافية واقعة في جواب الاستفهام. يقولون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الله لفظ الجلالة: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو مرفوع للتعظيم بالضمة. ويجوز أن يكون لفظ الجلالة مبتدأ والخبر محذوفاً. التقدير: الله قادر على ذلك. والجملة الاسمية \"هو الله\" في محل نصب مفعول به - مقول القول - والسين في \"يقولون\" حرف تسويف - استقبال - للمستقبل القريب.
  • ﴿ فقل:
  • الفاء استئنافية. قل: أعربت. أي فقل لهم إذا كنتم تعلمون ذلك أفلا تقون أنفسكم.
  • ﴿ أفلا تتقون:
  • الألف: ألف توبيخ بلفظ استفهام. الفاء: زائدة - تزيينية - لا: نافية لا عمل لها - تتقون: تعرب إعراب \"يقولون\" وحذف مفعولها. أي عذاب الله. '

المتشابهات :

الأنعام: 95﴿إِنَّ اللَّـهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ ۖ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ
آل عمران: 27﴿وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
يونس: 31﴿أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ
الروم: 19﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [31] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ عز وجل فضائِحَ عَبَدةِ الأوثانِ؛ أقامَ هنا الدَّليلَ على انفرادِه تعالى بالرِّزقِ والخلقِ والتدبيرِ، قال تعالى:
﴿ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [32] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا ..

التفسير :

[32] فذلكم الله ربكم هو الحق الذي لا ريب فيه، المستَحِق للعبادة وحده لا شريك له، فأي شيء سوى الحق إلا الضلال؟ فكيف تُصْرَفون عن عبادته إلى عبادة ما سواه؟

‏{‏فَذَلِكُمُ‏}‏ الذي وصف نفسه بما وصفها به ‏{‏اللَّهُ رَبُّكُمْ‏}‏ أي‏:‏ المألوه المعبود المحمود، المربي جميع الخلق بالنعم وهو‏:‏ ‏{‏الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ‏}‏

فإنه تعالى المنفرد بالخلق والتدبير لجميع الأشياء، الذي ما بالعباد من نعمة إلا منه، ولا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو، ذو الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العظيمة والجلال والإكرام‏.‏

‏{‏فَأَنَّى تُصْرَفُونَ‏}‏ عن عبادة من هذا وصفه، إلى عبادة الذي ليس له من وجوده إلا العدم، ولا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا‏.‏

فليس له من الملك مثقال ذرة، ولا شركة له بوجه من الوجوه، ولا يشفع عند الله إلا بإذنه، فتبا لمن أشرك به، وويحًا لمن كفر به، لقد عدموا عقولهم، بعد أن عدموا أديانهم، بل فقدوا دنياهم وأخراهم‏.‏

ثم أرشدهم- سبحانه- إلى الطريق القويم لو كانوا يعقلون فقال: فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ....

أى: فذلكم الذي فعل ما فعل من رزقكم ومن تدبير أمركم، هو الله المربى لكم بنعمه، وهو الذي لا تحق العبودية والألوهية إلا له وحده.

إذا كان الأمر كذلك فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ أى لا يوجد غير الحق شيء يتبع سوى الضلال، فمن ترك الحق وهو عبادة الله وحده، فقد وقع في الباطل والضلال وهو عبادة غيره من الآلهة الأخرى.

قال القرطبي: «ثبت عن عائشة- رضى الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل قال: «اللهم لك الحمد» الحديث، وفيه: أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق والنار حق، والنبيون حق، ومحمد حق ... » .

فقوله: أنت الحق، أى الواجب الوجود، وأصله من حق الشيء إذا ثبت ووجب- وهذا الوصف لله- تعالى- بالحقيقة، إذ وجوده بنفسه لم يسبقه عدم ولا يلحقه عدم، وما عداه مما يقال عليه هذا الاسم مسبوق بعدم، ويجوز عليه لحاق العدم، ووجوده من موجده لا من نفسه.

ومقابلة الحق بالضلال عرف لغة وشرعا كما في هذه الآية.. والضلال حقيقته الذهاب عن الحق مأخوذ من ضلال الطريق، وهو العدول عن سمته، يقال: ضل الطريق وأضل الشيء إذا أضاعه..» .

وقوله: فَأَنَّى تُصْرَفُونَ أى: فكيف تصرفون وتتحولون عن الحق إلى الضلال، بعد اعترافكم وإقراركم بأن خالقكم ورازقكم ومدبر أمركم هو الله- تعالى- وحده.

فأنى هنا بمعنى كيف، والاستفهام لإنكار واقعهم المخزى واستبعاده والتعجب منه.

ومن الأحكام التي تؤخذ من هذه الآية الكريمة: أن الحق والباطل، والهدى والضلال، نقيضان لا يجتمعان، لأن النقيضين يمتنع أن يكونا حقين وأن يكونا باطلين في وقت واحد بل متى ثبت أن أحدهما هو الحق، وجب أن يكون الآخر هو الباطل.

وقوله : ( فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ) أي : فهذا الذي اعترفتم بأنه فاعل ذلك كله هو ربكم وإلهكم الحق الذي يستحق أن يفرد بالعبادة ، ( فماذا بعد الحق إلا الضلال ) أي : فكل معبود سواه باطل ، لا إله إلا هو ، واحد لا شريك له .

( فأنى تصرفون ) أي : فكيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة ما سواه ، وأنتم تعلمون أنه الرب الذي خلق كل شيء ، والمتصرف في كل شيء ؟

القول في تأويل قوله تعالى : فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لخلقه: أيها الناس، فهذا الذي يفعل هذه الأفعال، فيرزقكم من السماء والأرض ، ويملك السمع والأبصار، ويخرج الحي من الميت والميت من الحي، ويدبر الأمر; ، (الله ربُّكم الحق) ، لا شك فيه ، ( فماذا بعد الحق إلا الضلال) ، يقول: فأي شيء سوى الحق إلا الضلال ، وهو الجور عن قصد السبيل؟ (51)

يقول: فإذا كان الحقُّ هو ذا، فادعاؤكم غيره إلهًا وربًّا، هو الضلال والذهاب عن الحق لا شك فيه ، (فأنى تصرفون) ، يقول: فأيّ وجه عن الهدى والحق تُصرفون ، وسواهما تسلكون ، وأنتم مقرُّون بأن الذي تُصْرَفون عنه هو الحق؟ (52)

-------------------

الهوامش :

(51) انظر تفسير " الضلال " فيما سلف من فهارس اللغة ( ضلل ) .

(52) انظر تفسير " الصرف " فيما سلف 14 : 582 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

التدبر :

وقفة
[32] ﴿فَذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ﴾ اســم الله (الحـق): الذي يحق الحق بكلماته.
وقفة
[32] ﴿فَذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾ كل حكم خالف حكم الله فهو ضلال، وإن استحسنه الناس.
وقفة
[32] ﴿فَذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾ تدل الآية على أنه ليس بين الحق والباطل منزلة في علم الاعتقادات؛ إذ الحق فيها في طرف واحد، بخلاف مسائل الفروع.
وقفة
[32] ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾ حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة في هذه المسألة التي هي توحيد الله تعالى.
وقفة
[32] ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾ قاعدة كبرى في معرفة الباطل، وهي: كل ما خالف الحق فهو باطل، فاعرف الحق ليتبين لك الباطل.
وقفة
[32] هكذا قال قوم إبراهيم -لما دعاهم إلى التوحيد- فهم يدركون أن الدين الحق لا يجتمع مع اللعب والباطل؛ فكيف يريد بعض المنهزمين أن تعيش الأمة بدين ملفق يجمع أنواعًا من اللعب والباطل مع شيء من الحق؟ ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾.
وقفة
[32] الحق قيمة مطلقة لا تقبل النسبية ولا التنصيف، فإن الشيء إما أن يكون حقًا أو ضلالًا فلا منزلة ثالثة بينهما ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ﴾.
وقفة
[32] القرآن صراط الهدى المستقيم الموصل إلى الله، فماذا تلقيت من هداه؟ وماذا قدحت من نوره بين يديك؛ لضبط السير ومعرفة الاتجاه؟ فيا طالب الشفاء للنفس، ويا طالب الغذاء للروح، ويا طالب الصلاح للبلاد والعباد! ذلك هو الحق الذي لا سواه ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فذلكم:
  • الفاء: استئنافية. ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام لام للبعد والكاف للخطاب والميم علاصة الجمع.
  • ﴿ الله ربكم الحق:
  • لفظ الجلالة: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو. مرفوع للتعظيم بالضمة. والإشارة إلى من هو قدرته وأفعاله. ربكم: بدل من لفظ الجلالة أو صفة له مرفوع للتعظيم بالضمة. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. والميم علامة جمع الذكور. الحق: صفة - نعت - للرب مرفوعة بالضمة والجملة الاسمية \"هو الله ربكم الحق\" في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ فماذا بعد الحق:
  • الفاء: استئنافية. ماذا: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بعد: ظرف زمان منصوب على الظرفية الزمانية بالفتحة وهو مضاف. الحق: مضاف إليه مجرور بالكسرة. وشبه الجملة متعلق بخبر المبتدأ. بمعنى: فأيّ شيء بعد الحق.
  • ﴿ إلاّ الضلال:
  • إلاّ: أداة حصر لا محل لها ولا عمل لها. الضلال: صفة لاسم الاستفهام مرفوعة بالضمة ويجوز أن تكون خبراً للمبتدأ وجملة \"بعد الحق\" مفعولاً فيه. التقدير: فأيّ شيء بعد الحق غير الضلال.
  • ﴿ فأنّى تصرقون:
  • الفاء: استئنافية. أنّى: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب ظرف زمان متعلق بحال من الضمير. تصرفون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون وهو مبني للمجهول. الواو: ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. أي بمعنى: فأين تصرفون عن الحق إلى الضلال. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     وبعد ذكر الخلق والرزق والتدبير؛ جاء هنا أن من يملك ذلك هو الله، وهو المستحقُّ أن يُعْبَدَ وحده، قال تعالى:
﴿ فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [33] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ..

التفسير :

[33] كما كفر هؤلاء المشركون واستمرُّوا على شركهم، حقت كلمة ربك وحكمه وقضاؤه على الذين خرجوا عن طاعة ربهم إلى معصيته وكفروا به أنَّهم لا يصدقون بوحدانية الله، ولا بنبوة نبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا يعملون بهديه.

‏{‏كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ‏}‏ بعد ما أراهم الله من الآيات البينات والبراهين النيرات، ما فيه عبرة لأولي الألباب، وموعظة للمتقين وهدى للعالمين‏.‏

ثم بين- سبحانه- سنة من سننه التي لا تتخلف ولا تتبدل، فقال- تعالى-:

كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.

والكاف للتشبيه بمعنى مثل. وحقت بمعنى وجبت وثبتت.

والمراد بالكلمة هنا: حكمه وقضاؤه- سبحانه-.

والمعنى: مثل ما ثبت أن الله- تعالى- هو الرب الحق، وأنه ليس بعد الحق إلا الضلال، ثبت- أيضا- الحكم والقضاء منه- سبحانه- على الذين فسقوا عن أمره، وعموا وصموا عن الحق، أنهم لا يؤمنون به، لأنهم إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا، وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا.

فالمراد بالفسق هنا: التمرد في الكفر، والسير فيه إلى أقصى حدوده.

ثم ساق- سبحانه- أنواعا أخرى من الأدلة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته.

فقال:

وقوله : ( كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون ) أي : كما كفر هؤلاء المشركون واستمروا على شركهم وعبادتهم مع الله غيره ، مع أنهم يعترفون بأنه الخالق الرازق المتصرف في الملك وحده ، الذي بعث رسله بتوحيده ؛ فلهذا حقت عليهم كلمة الله أنهم أشقياء من ساكني النار ، كقوله : ( قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين ) [ الزمر : 71 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (33)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: كما قد صُرِف هؤلاء المشركون عن الحق إلى الضلال ، (كذلك حقت كلمة ربك) ، يقول: وجب عليهم قضاؤه وحكمه في السابق من علمه ، (على الذين فسقوا) ، فخرجوا من طاعة ربهم إلى معصيته وكفروا به (53) ، (أنهم لا يؤمنون)، يقول: لا يصدِّقون بوحدانية الله ولا بنبوة نبيه صلى الله عليه وسلم.

------------------------

الهوامش:

(53) انظر تفسير " الفسق " فيما سلف من فهارس اللغة ( فسق ) .

التدبر :

وقفة
[33] ﴿كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ إذا قضى الله بعدم إيمان قوم بسبب معاصيهم فإنهم لا يؤمنون.
وقفة
[33] ﴿كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ آية مخيفة! الفسق هنا هو التمادي في الكفر، ولا يدري أحدنا ما الذي كتبه الله عنه في أم الكتاب.
اسقاط
[33] ﴿كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ قال محمد بن واسع لرجل واعظًا: «هل أبكاك قط سابق علم الله فيك؟».
اسقاط
[33] ﴿كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ كان إبراهيم بن أدهم يقول: «كيف نأمن وإبراهيم الخليل عليه السلام يقول: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ [إبراهيم: 35]، ويوسف الصديق يقول: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: 101]».
عمل
[33] احذر الفسق؛ فإنه دركات، وأسفلها مسببٌ للموت على الكفر والعياذ بالله ﴿كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ كذلك حقت كلمة ربك:
  • الكاف: اسم مبني على الفتح بمعنى \"مثل\" تفيد التشبيه في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف: حرف خطاب حقت: فعل ماضٍ مبني جمل الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب. كلمة: فاعل مرفوع بالضمة. ربك: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثانٍ. وجملة \"حقت كلمة ربك\" في محل رفع خبر المبتدأ. بمعنى: مثل ذلك الحق حقت كلمة ربك. ويجوز أن تعرب الكاف: اسمًا في محل نصب نائباً عن المفعول المطلق. أي كما حقت له الربوبية حقت كلمة الله وحكمه حقاً كذلك.
  • ﴿ على الذين فسقوا:
  • جار ومجرور متعلق بحقت. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بعلى. فسقوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة \"فسقوا\" صلة الموصول.
  • ﴿ أنهم لا يؤمنون:
  • أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم \"أنّ\". لا: نافية لا عمل لها. يؤّمنون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية \"لا يؤمنون\" في محل رفع خبر \"أنّ\" وأنّ وما تلاها بتأويل مصدر في محل رفع بدل من \"كلمة\" التقدير: حقت عليهم الكلمة وحق عليهم انتفاء الإيمان ويجوز أن يكون المصدر في محل نصب بنزع الخافض التقدير: بأنهم أو لأنهم لا يؤمنون. '

المتشابهات :

يونس: 33﴿ كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
غافر: 6﴿وَ كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     وبعد ما ذُكِرَ من الحُجَج والآيات؛ يأتي هنا التعجب من استمرارهم على الكفر، وتأييس من إيمانهم، قال تعالى:
﴿ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

كلمة:
وقرئ:
1- كلمات، على الجمع، وهى قراءة أبى جعفر، وشيبة، والصاحبين.
2- كلمة، بالإفراد، وهى قراءة باقى السبعة.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف