29187888990919293949596

الإحصائيات

سورة الإسراء
ترتيب المصحف17ترتيب النزول50
التصنيفمكيّةعدد الصفحات11.50
عدد الآيات111عدد الأجزاء0.60
عدد الأحزاب1.12عدد الأرباع4.50
ترتيب الطول12تبدأ في الجزء15
تنتهي في الجزء15عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 3/14 المُسبِّحات : 1/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (88) الى الآية رقم (89) عدد الآيات (2)

بعدَ الثناءِ على القرآنِ بَيَّنَ اللهُ هنا عجزَ الإنسِ والجنِّ عن أنْ يأتُوا بمثلِه، وبَيَّنَ أنَّ فيه من كلِّ وجهٍ من العِبَرِ والعِظَاتِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (90) الى الآية رقم (93) عدد الآيات (4)

لمَّا عجزَ المشركونَ عن الإتيانِ بمثلِ هذا القرآنِ اقترحُوا تعنُّتًا إنزالَ إحدى آياتٍ ستٍ حتَّى يؤمنُوا، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (94) الى الآية رقم (96) عدد الآيات (3)

= ثُمَّ بَيَّنَ اللهُ هنا ما منعَهم من الإيمانِ: الشُّبْهةُ الأولى: استبعادُ كونِ الرسلِ بشرًا، والردُّ عليها: أنَّ الرسولَ يكونُ عادةً من جنْسِ المُرسَلِ إليهم، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الإسراء

استشعر قيمة القرآن/ انتصار أمة الإسراء والقرآن على أمة إسرائيل والتوراة/ المسؤولية الشخصية/ المواجهة والتثبيت/ الإمامة في الدين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • عن أي شيء تتحدث سورة الإسراء؟:   قد يجيب البعض: «إنها تتحدث عن (رحلة الإسراء والمعراج)، وهذا واضح من اسمها ومن أول آية منها». أولًا: إنها آية واحدة فقط هي التي تحدثت عن رحلة (الإسراء)، وهي أول آية، آية واحدة فقط من 111 آية تتكون منها السورة، فماذا عن الـ 110 الباقية؟! ثانيًا: رحلة (المعراج) فلم تتكلم عنها السورة أبدًا، إنما جاء ذكرها في أول سورة النجم. فيبدو أن هناك موضوع آخر، وربما موضوعات تتحدث عنها سورة الإسراء.
  • • بين رحلة (الإسراء) وسورة (الإسراء)::   كانت (رحلة الإسراء والمعراج) تثبيتًا للنبي ﷺ وتأييدًا له وتكريمًا له، وتسرية عنه في وقت اشتداد المصاعب والمشاق، وما تعرض له من أذى وعداء، وكذلك كانت سورة (الإسراء) كلها تدور حول تثبيت النبي ﷺ في مواجهة المشركين المعاندين والمكذبين وتأييده بالحجج والآيات. وركزت السورة على القرآن الكريم؛ لأنه تثبيت للنبي ﷺ والمؤمنين وهم يواجهون أعاصير المحن ورياح الفتن، وهكذا يثبت الله عبادة المؤمنين في أوقات الشدائد والفتن، ويحدد لهم منابع القوة التي يستمدون منها الصبر وقوة التحمل والثبات على الحق
  • • سورة الإسراء والقرآن::   سورة الإسراء هي أكثر سورة ذكر فيها القرآن 11 مرة، وركزت على قيمة القرآن وعظمته وأهميته كما لم يرد في أي سورة من سور القرآن.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الإسراء».
  • • معنى الاسم ::   الإسراء: هو السير ليلًا، والإسراء أُطْلِق على رحلة الرسول ﷺ ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
  • • سبب التسمية ::   لأنها افتتحت بذكر قصة إسراء النبي ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة بني إسرائيل»؛ لأنه ذكر فيها من أحوال بني إسرائيل وإفسادهم في الأرض ما لم يذكر في غيرها، و«سورة سبحان»؛ لافتتاحها بهذه الكلمة، وذُكر التسبيح فيها في أكثر من آية.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   تثبيت الله لعباده المؤمنين في أوقات الشدائد والفتن.
  • • علمتني السورة ::   استشعار قيمة القرآن، وقيمة المسؤولية عنه من قراءته وتنفيذه والدعوة إليه.
  • • علمتني السورة ::   أن كل إنسان يتحمل عاقبة عمله، ولا يتحمل أحد عاقبة عمل غيره، فالإنسان إن عمل خيرًا فلنفسه، وإن أساء فعليها.
  • • علمتني السورة ::   : احذر عند الغضب من أن تدعو على نفسك، أو أولادك، أو مالك بالشر: ﴿وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشِهِ حَتَّى يَقْرَأَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالزُّمَرَ».
    • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطه، وَالْأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي».
    • قال ابن حجر: «وَمُرَاد اِبْن مَسْعُود أَنَّهُنَّ مِنْ أَوَّل مَا تُعُلِّمَ مِنْ الْقُرْآن، وَأَنَّ لَهُنَّ فَضْلًا لِمَا فِيهِنَّ مِنْ الْقَصَص وَأَخْبَار الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الإسراء من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة الإسراء -بحسب ترتيب المصحف- أول سور المُسَبِّحات؛ وهي سبع سور: الإسراء، والحديد، والحشر، والصف، والجمعة، والتغابن، والأعلى.
    • أكثر سورة يذكر فيها لفظ (القرآن)، ذُكِرَ 11 مرة، وهو ما لم يقع في سورة أخرى (تليها سورة النمل 4 مرات).
    • احتوت على السجدة الرابعة -بحسب ترتيب المصحف- من سجدات التلاوة في القرآن الكريم، في الآية (107).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتمسك بالقرآن الكريم، ونعتصم به؛ فإنه يهدي للتي هي أقوم.
    • أن نقرأ حادثة الإسراء والمعراج من صحيح البخاري، أو غيره من الكتب، ونستخلص منها الدروس والعبر: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ (1).
    • أن نتيقن ونستحضر أن أول من يستفيد من إحساننا ويتضرر من إساءتنا هو نحن: ﴿إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾ (7).
    4- أن نحذر من الدعاء على النفس والأهل بالشر، ولا نتعجل فقد يوافق ساعة استجابة: ﴿ وَيَدۡعُ ٱلۡإِنسَٰنُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُۥ بِٱلۡخَيۡرِۖ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ عَجُولٗا﴾ (11).
    • أن نتذكر دائمًا أن كل عمل نعمله من خير وشر سنجده مكتوبًا يوم القيامة: ﴿ وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا (13) ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبٗا﴾ (13، 14).
    • ألا نؤثر الحياة الدنيا على الآخرة: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعَاجِلَةَ عَجَّلۡنَا لَهُۥ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلۡنَا لَهُۥ جَهَنَّمَ يَصۡلَىٰهَا مَذۡمُومٗا مَّدۡحُورٗا (18) وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا (19) كُلّٗا نُّمِدُّ هَٰٓؤُلَآءِ وَهَٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا (20) ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا ﴾ (18-21).
    • 7- أن نحسن إلى الوالدين ونبرهما ونتذلل لهما وندعو لهما: ﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلٗا كَرِيمٗا (23) وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا ﴾ (23، 24).
    8- أن نُحْسن إلى الأقارب والمساكين: ﴿ وَءَاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرۡ تَبۡذِيرًا ﴾ (26). • 9- أن نحذر البخل ونبتعد عن التبذير: ﴿وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا ﴾ (29).
    • ألا نخشى الفقر على أنفسنا وأهلنا؛ فالله هو الرزاق الكريم: ﴿ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُهُمۡ وَإِيَّاكُمۡۚ إِنَّ قَتۡلَهُمۡ كَانَ خِطۡـٔٗا كَبِيرٗا﴾ (31).
    • أن نَحْذر من الوقوع في مقدمات الزنا؛ حتى لا نقع فيه: ﴿ وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا﴾ (32).
    • أن نَحْذر من قتل النفس المعصومة: ﴿ وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ وَمَن قُتِلَ مَظۡلُومٗا فَقَدۡ جَعَلۡنَا لِوَلِيِّهِۦ سُلۡطَٰنٗا فَلَا يُسۡرِف فِّي ٱلۡقَتۡلِۖ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورٗا﴾ (33).
    • أن نحذر من أكل مال اليتيم، ونلزم الوفاء بالعهود: ﴿ وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡـُٔولٗا ﴾ (34).
    • ألا نتكلم بما لا نعلم؛ ونتيقن أننا سنحاسب علي ما نقول: ﴿ وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولٗا ﴾ (36).
    • ألا نتكبر: ﴿ وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّكَ لَن تَخۡرِقَ ٱلۡأَرۡضَ وَلَن تَبۡلُغَ ٱلۡجِبَالَ طُولٗا ﴾ (37).
    • إذا تكلمنا مع الناس فلا نقول إلا الكلام الحسن؛ حتى لا يدخل الشيطان بيننا وبينهم، وتحصل البغضاء: ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ يَنزَغُ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٗا مُّبِينٗا ﴾ (53).
    • أن نتنافس على القُرَب: ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا ﴾ (57).
    • أن نكون مع الله في السراء والضراء؛ عند النعمة نشكر الله، وعند الضر ندعو الله وحده: ﴿وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَـُٔوسٗا ﴾ (83).

تمرين حفظ الصفحة : 291

291

مدارسة الآية : [87] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ ..

التفسير :

[87] لكنَّ الله رحمك، فأثبت ذلك في قلبك، إن فضله كان عليك عظيماً؛ فقد أعطاك هذا القرآن العظيم، والمقام المحمود، وغير ذلك مما لم يؤته أحداً من العالمين.

تفسير الآيتين 86 و87:ـ

يخبر تعالى أن القرآن والوحي الذي أوحاه إلى رسوله، رحمة منه عليه وعلى عباده، وهو أكبر النعم على الإطلاق على رسوله، فإن فضل الله عليه كبير، لا يقادر قدره.

فالذي تفضل به عليك، قادر على أن يذهب به، ثم لا تجد رادًا يرده، ولا وكيلا بتوجه عند الله فيه.

فلتغتبط به، وتقر به عينك، ولا يحزنك تكذيب المكذبين، واستهزاء الضالين، فإنهم عرضت عليهم أجل النعم، فردوها لهوانهم على الله وخذلانه لهم.

وقوله: إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ استثناء واستدراك على قوله: لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ...

أى: والله إن شئنا إذهاب القرآن من صدرك لأذهبناه، دون أن تجد أحدا يرده عليك، لكننا لم نشأ ذلك بل أبقيناه في صدرك رحمة من ربك.

قال الجمل: وفي هذا الاستثناء قولان: أحدهما: أنه استثناء متصل: لأن الرحمة تندرج في قوله وَكِيلًا.

أى: إلا رحمة منا فإنها إن نالتك فلعلها تسترده عليك والثاني: أنه منقطع، فيتقدر بلكن أو ببل، ومِنْ رَبِّكَ يجوز أن يتعلق بمحذوف صفة لرحمة- أى لكن رحمة ربك تركته غير مذهوب به .

وقوله إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً بيان لما امتن الله به على نبيه صلى الله عليه وسلم.

أى: إن فضله كان عليك كبيرا، حيث أنزل القرآن عليك، وأبقاه في صدرك دون أن يزيله منه، وجعلك سيد ولد آدم، وخاتم رسله، وأعطاك المقام المحمود يوم القيامة.

قال صاحب الكشاف: وهذا امتنان عظيم من الله- تعالى- ببقاء القرآن محفوظا، بعد المنة العظيمة في تنزيله وتحفيظه. فعلى كل ذي علم أن لا يغفل عن هاتين المنتين والقيام بشكرهما. وهما منة الله عليه بحفظه العلم، ورسوخه في صدره، ومنته عليه في بقاء المحفوظ» .

ذكر تعالى نعمته وفضله العظيم على عبده ورسوله الكريم ، فيما أوحاه إليه من القرآن المجيد ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد .

يقول عزّ وجلّ وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ يا محمد بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ولكنه لا يشاء ذلك، رحمة من ربك وتفضلا منه عليك ( إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا ) باصطفائه إياك لرسالته، وإنـزاله عليك كتابه، وسائر نعمه عليك التي لا تحصى.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[87] ﴿إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا﴾ إذ جعلك سيد ولد آدم، وأعطاك المقام المحمود، وهذا الكتاب العزيز.
عمل
[87] ﴿إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا﴾ عدِّد خمسًا من أكبر فضائل الله تعالى عليك، ثم أكثر من شكر الله عليها.
وقفة
[87] ﴿إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا﴾ عظِّم منة الله وفضله على نبيه بالإصطفاء والوحي والرسالة، اللهم صلِّ وسلم على الرحمة المهداة والنعمة المسداة محمد بن عبد الله.
وقفة
[87] أمل فضائل ربك عليك في ضوء قوله تعالى: ﴿إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِلاّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ:
  • إلاّ: أداة استثناء. رحمة: مستثنى بالاّ منصوب بالفتحة. من ربك: جار ومجرور للتعظيم متعلق بصفة محذوفة من رحمة والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: إلاّ أن يرحمك ربك فيرده عليك كأنّ رحمته تتوكل عليه بالرد. أو يكون استثناء منقطعا بمعنى: ولكن رحمة من ربك تركته غير مذهوب به.
  • ﴿ إِنَّ فَضْلَهُ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. فضله اسم «إن» منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «إنّ» كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. عليك: جار ومجرور متعلق بكان أو بخبر «كان».كبيرا: خبر «كان» منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

النساء: 113﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا
الإسراء: 87﴿إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [87] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ عز وجل أنَّه قادر على إذهابِ القرآن؛ امتن هنا على نبيِّه صلى الله عليه وسلم ببقاء القرآن، قال تعالى:
﴿ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [88] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ ..

التفسير :

[88] قل:لو اتفقت الإنس والجن على محاولة الإتيان بمثل هذا القرآن المعجز لا يستطيعون الإتيان بمثل بلاغته ومعانيه وأحكامه، ولو تعاونوا وتظاهروا على ذلك.

وهذا دليل قاطع، وبرهان ساطع، على صحة ما جاء به الرسول وصدقه، حيث تحدى الله الإنس والجن أن يأتوا بمثله، وأخبر أنهم لا يأتون بمثله، ولو تعاونوا كلهم على ذلك لم يقدروا عليه.

ووقع كما أخبر الله، فإن دواعي أعدائه المكذبين به، متوفرة على رد ما جاء به بأي:وجه كان، وهم أهل اللسان والفصاحة، فلو كان عندهم أدنى تأهل وتمكن من ذلك لفعلوه.

فعلم بذلك، أنهم أذعنوا غاية الإذعان، طوعًا وكرهًا، وعجزوا عن معارضته.

وكيف يقدر المخلوق من تراب، الناقص من جميع الوجوه، الذي ليس له علم ولا قدرة ولا إرادة ولا مشيئة ولا كلام ولا كمال إلا من ربه، أن يعارض كلام رب الأرض والسماوات، المطلع على سائر الخفيات، الذي له الكمال المطلق، والحمد المطلق، والمجد العظيم، الذي لو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر مدادًا، والأشجار كلها أقلام، لنفذ المداد، وفنيت الأقلام، ولم تنفد كلمات الله.

فكما أنه ليس أحد من المخلوقين مماثلاً لله في أوصافه فكلامه من أوصافه، التي لا يماثله فيها أحد، فليس كمثله شيء، في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله تبارك وتعالى.

فتبًا لمن اشتبه عليه كلام الخالق بكلام المخلوق، وزعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم افتراه على الله واختلقه من نفسه.

ثم أمر الله- تعالى- نبيه أن يتحدى المشركين بهذا القرآن فقال- تعالى-: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً.

أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المشركين الذين قالوا- كما حكى الله عنهم- لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا، قل لهم على سبيل التحدي والتعجيز: والله لئن اجتمعت الإنس والجن، واتفقوا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن، الذي أنزله الله- تعالى- من عنده على قلبي.. لا يستطيعون ذلك. ولو كان بعضهم لبعض مظاهرا ومعينا ومناصرا، في تحقيق ما يتمنونه من الإتيان بمثله.

وخص- سبحانه- «الإنس والجن» بالذكر، لأن المنكر كون القرآن من عند الله، من جنسهما لا من جنس غيرهما كالملائكة- مثلا-، فإنهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ولأن التحدي إنما هو للإنس والجن الذين أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم، لهدايتهم إلى الصراط المستقيم.

وقال- سبحانه-: لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ فأظهر في مقام الإضمار، ولم يكتف بأن يقول:

لا يأتون به، لدفع توهم أن يتبادر إلى الذهن أن له مثلا معينا، وللإشعار بأن المقصود نفى المثل على أى صفة كانت هذه المثلية، سواء أكانت في بلاغته، أم في حسن نظمه، أم في إخباره عن المغيبات، أم في غير ذلك من وجوه إعجازه.

وقوله: وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً معطوف على مقدر، أى: لا يستطيعون الإتيان بمثله لو لم يكن بعضهم ظهيرا ونصيرا لبعض، ولو كان بعضهم ظهيرا ونصيرا لبعض لما استطاعوا أيضا.

والمقصود أنهم لا يستطيعون الإتيان بمثله على أية حال من الأحوال وبأية صورة من الصور، لأنه متى انتفى إتيانهم بمثله مع المظاهرة والمعاونة، انتفى من باب الأولى الإتيان بمثله مع عدمهما. وقوله: لِبَعْضٍ متعلق بقوله ظَهِيراً.

ولقد بين- سبحانه- في آيات أخرى أنهم لن يستطيعوا الإتيان بعشر سور من مثله، بل بسورة واحدة من مثله.

قال- تعالى-: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ، وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ .

وقال- سبحانه-: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ .

ثم نبه تعالى على شرف هذا القرآن العظيم ، فأخبر أنه لو اجتمعت الإنس والجن كلهم ، واتفقوا على أن يأتوا بمثل ما أنزله على رسوله ، لما أطاقوا ذلك ولما استطاعوه ، ولو تعاونوا وتساعدوا وتظافروا ، فإن هذا أمر لا يستطاع ، وكيف يشبه كلام المخلوقين كلام الخالق ، الذي لا نظير له ، ولا مثال له ، ولا عديل له ؟ !

وقد روى محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد ، عن سعيد [ بن جبير ] أو عكرمة ، عن ابن عباس : إن هذه الآية نزلت في نفر من اليهود ، جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له : إنا نأتيك بمثل ما جئتنا به ، فأنزل الله هذه الآية .

وفي هذا نظر ؛ لأن هذه السورة مكية ، وسياقها كله مع قريش ، واليهود إنما اجتمعوا به في المدينة . فالله أعلم .

يقول جلّ ثناؤه: قل يا محمد للذين قالوا لك: إنا نأتي بمثل هذا القرآن: لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثله، لا يأتون أبدا بمثله، ولو كان بعضهم لبعض عونا وظهيرا. وذُكِر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب قوم من اليهود جادلوه في القرآن، وسألوه أن يأتيهم بآية غيره شاهدة له على نبوّته، لأن مثل هذا القرآن بهم قُدرة على أن يأتوا به.

ذكر الرواية بذلك حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير ، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثنا محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال: ثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمود بن سيحان وعمر بن أضا (1) وبحري بن عمرو، وعزيز بن أبي عزيز، وسلام بن مِشْكم، فقالوا: أخبرنا يا محمد بهذا الذي جئتنا به حقّ من عند الله عزّ وجلّ ، فإنا لا نراه متناسقا كما تناسق التوراة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما وَالله إِنَّكُمْ لَتَعْرِفُونَ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ الله تَجِدُونَهُ مَكْتُوبا عِنْدَكُمْ، وَلَو اجْتَمَعَتِ الإنْسُ والجِنُّ على أنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ ما جاءُوا بِهِ ، فقال عند ذلك، وهم جميعا: فِنْحاص، وعبد الله بن صُورِيا، وكِنانة بن أبي الحُقيق، وأشيع، وكعب بن أسد، وسموءَل بن زيد، وجبل بن عمرو: يا محمد ما يعلِّمك هذا إنس ولا جان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :أما وَالله إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ الله تَجِدُونَهُ مَكْتُوبا عِنْدكمْ في التَّوْرَاةِ والإنجِيلِ ، فقالوا: يا محمد ، إن الله يصنع لرسوله إذا بعثه ما شاء، ويقدر منه على ما أراد، فأنـزل علينا كتابا تقرؤه ونعرفه، وإلا جئناك بمثل ما تأتي به، فأنـزل الله عزّ وجلّ فيهم وفيما قالوا( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) .

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله ( لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ ).... إلى قوله ( وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) قال: معينا، قال: يقول: لو برزت الجنّ وأعانهم الإنس، فتظاهروا لم يأتوا بمثل هذا القرآن. وقوله عزّ وجلّ( لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ) رفع، وهو جواب لقوله " لئن "، لأن العرب إذا أجابت لئن بلا رفعوا ما بعدها، لأن " لئن " كاليمين وجواب اليمين بلا مرفوع، وربما جزم لأن التي يجاب بها زيدت عليه لام، كما قال الأعشى:

لَئِـنْ مُنِيـتَ بِنـا عَـنْ غِـبِّ مَعْرَكَةٍ

لا تُلْفنــا عَـنْ دِمـاءِ القَـوْمِ نَنْتَفِـلُ (2)

--------------------------

الهوامش :

(1) قد بين ابن إسحاق في السيرة أسماء الأعداء من يهود، ولم أجد بينهم من اسمه عمر بن أصان الذي جاء في الأصل، ولعله نعمان ابن أضا، من بني قينقاع (انظر السيرة طبعة الحلبي 2: 161).

(2) هذا البيت للأعشى ميمون بن قيس (ديوانه طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ص 63) من قصيدته التي مطلعها: "ودع هريرة" وعدتها 66 بيتا، وبيت الشاهد هو ال 63 قالها ليزيد بن مسهر، أبي ثابت الشيباني، يقول: إنا لا نمل القتال، ولو قدر لك أن تبتلى بنا في أعقاب معركة قد خضناها، لوجدت فينا قوة على قتال جدير، ولم ترنا نحيد عن الخوض في الدماء مرة أخرى. ومحل الشاهد فيه أن قول الله (لا يأتون بمثله) جواب للقسم المتقدم عليه في قوله تعالى (لئن اجتمعت) ولم يؤكد فعل الجواب بالنون، لأنه مسبوق بالنفي "لا".. ومثله في قول الأعشى؛: "لا تلفنا" الذي لم يؤكد بالنون مع أنه جواب القسم "لئن منيت"، وامتنع التوكيد لوجود النفي في الجواب.

التدبر :

وقفة
[88] ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ﴾ فيها إشارة إلى أن اجتماع الأجناس المختلفة والتخصصات المتعددة لغاية واحدة مظنة الإتقان.
لمسة
[88] ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ﴾ تقديم الإنس على الجن في الآية؛ لأن مضمون الآية هو التحدي بالإتيان بمثل لغة القرآن ونظمه وبلاغته وحسن بيانه، والإنس في هذا المجال هم المقدمون، وهم أصحاب البلاغة وأعمدة الفصاحة وأساطين البيان، فإتيان ذلك من قبلهم أولى.
وقفة
[88] ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ﴾ جاء بالجن لأن العرب كانت تعتقد ببلاغة وفصاحة الجن، وينسبون بلاغة الشعر وفصاحته إلى الجن، فيظنون أن لكل شاعرٍ قرينًا من الجن يعلمه الشعر.
وقفة
[88] ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ عجِز الخلق عن الإتيان بمثله لما تضمنه من العلوم الإلهية، والبراهين الواضحة والمعاني العجيبة؛ التي لم يكن الناس يعلمونها، ولا يصلون إليها، ثم جاءت فيه على الكمال، وقال أكثر الناس: إنهم عجزوا عنه لفصاحته، وحسن نظمه، ووجوه إعجازه كثيرة.
وقفة
[88] ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ وهذا دليل قاطع، وبرهان ساطع، على صحة ما جاء به الرسول وصدقه؛ حيث تحدى الله الإنس والجن أن يأتوا بمثله، وأخبر أنهم لا يأتون بمثله، ولو تعاونوا كلهم على ذلك لم يقدروا عليه، ووقع كما أخبر الله.
وقفة
[88] ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ فالقرآن معجز في النَّظم والتأليف، والإخبار عن الغيوب، وهو في أعلى طبقات البلاغة، لا يشبه كلام الخلق؛ لأنه غير مخلوق، ولو كان مخلوقاً لأتوا بمثله .
وقفة
[88] ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ القرآن كلام الله، وآية النبي الخالدة، ولن يقدر أحد على المجيء بمثله.
وقفة
[88] ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ مهما كثرت حلول الراحة النفسية لا يمكن إيجاد حل كالقرآن.
وقفة
[88] ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ أعظم تحدٍّ على وجه الكون!
وقفة
[88] ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ افتخر بهذا التحدي الذي لا يزال وسيظل قائمًا الى يوم القيامة.
وقفة
[88] ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ كفى بالقرآن صدقًا أنه قد أنزل بين أيدي أعظم فصحاء العرب ثم لم يكن منهم أحد يستطيع الردَّ عليه أو أن يأتي بآية مثل آياته.
وقفة
[88] ابحث عن ترجمة لمعاني القرآن وأعطها لكافر لعله يسلم بسببك ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾.
وقفة
[88] ﴿وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ يقينًا لو اجتمعت كل القوى الأرضية وتعاونت كل التخصصات ما استطاعت أن تأتي بما يقترب من جمال وجلال سورة كريمة واحدة، فمهما تماسك أهل الباطل فهم في النهاية عاجزون عن نسف الحق أو حتى المساس به.
لمسة
[88، 89] ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ والتصريف وجهان: أحدهما: كررنا في هذا القرآن من المواعظ والأمثال، والثاني: نوعنا بين المواعظ باختلاف أنواعها، وقدم ذكر الناس هنا؛ تنبيهًا للناس، وليهتموا بتفهم القرآن وتدبره، وسبب آخر للتقديم: أن الآية وردت بعد قول: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ﴾، فناسب تقديم ذكر الناس وقيام الحجة عليهم بعجزهم عن الإتيان بمثله!

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ لَئِنِ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. اللام موطئة للقسم. ان: حرف شرط‍ جازم.
  • ﴿ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ:
  • فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم بإن والتاء تاء التأنيث الساكنة حركت بالكسر لالتقاء الساكنين. الإنس: فاعل مرفوع بالضمة. والجن: معطوفة بالواو على «الإنس» مرفوعة مثلها بالضمة.
  • ﴿ عَلى أَنْ يَأْتُوا:
  • على: حرف جر. أن: حرف مصدرية ونصب. يأتوا: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. و «أن» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق باجتمع وجملة «يأتوا» صلة «أن» المصدرية لا محل لها. وجملة «إن اجتمعت الجن والإنس» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه فلا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ:
  • جار ومجرور متعلق بيأتوا. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة. القرآن: بدل من اسم الاشارة مجرور مثلها وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ:
  • لا: نافية لا عمل لها. يأتون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. بمثله: جار ومجرور متعلق بيأتون والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة وجملة لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ» جواب القسم لا محل لها ورفع الفعل لأن الشرط‍ ماض وجواب الشرط‍ محذوف دلّ عليه جواب القسم. بمعنى: لو تظاهروا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن في بلاغته وحسن نظمه وبيانه لعجزوا عن الاتيان بمثله والواو في «يأتون» ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ:
  • الواو: حالية. لو: مصدرية. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. بعض: اسم «كان» مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. و «لو» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر التقدير: حتى مع كون بعضهم لبعض معينا. والجار والمجرور متعلق بحال من ضمير «يأتون».
  • ﴿ لِبَعْضٍ ظَهِيراً:
  • جار ومجرور متعلق بظهيرا وحذف المضاف إليه فنون المضاف والتقدير: لبعضهم. ظهيرا: خبر «كان» منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [88] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ عز وجل إنعامَه على نَبيِّه صلى الله عليه وسلم بإنزالِ القرآن، وأنَّه لو شاء لذَهَب به؛ أمرَه هنا أن يتحدى المشركين بهذا القرآن، وبَيَّنَ عجزَ الإنسِ والجنِّ عن أنْ يأتُوا بمثلِه، قال تعالى:
﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [89] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا ..

التفسير :

[89] ولقد بيَّنَّا ونَوَّعنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ينبغي الاعتبار به؛ احتجاجاً بذلك عليهم؛ ليتبعوه ويعملوا به، فأبى أكثر الناس إلا جحوداً للحق وإنكاراً لحجج الله وأدلته.

يقول تعالى:{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} أي:نوعنا فيه المواعظ والأمثال، وثنينا فيه المعاني التي يضطر إليها العباد، لأجل أن يتذكروا ويتقوا، فلم يتذكر إلا القليل منهم، الذين سبقت لهم من الله سابقة السعادة، وأعانهم الله بتوفيقه، وأما أكثر الناس فأبوا إلا كفورًا لهذه النعمة التي هي أكبر من جميع النعم، وجعلوا يتعنتون عليه [باقتراح]آيات غير آياته، يخترعونها من تلقاء أنفسهم الظالمة الجاهلة.

ومع عجز المشركين عن الإتيان بسورة من مثل القرآن الكريم إلا أنهم استمروا في طغيانهم يعمهون، وأبوا التذكر والتدبر، ولقد صور- سبحانه- أحوالهم أكمل تصوير فقال:

وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ، فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً.

أى: ولقد صرفنا وكررنا ونوعنا للناس في هذا القرآن من كل مثل، أى: من كل معنى بديع، هو كالمثل في بلاغته، وإقناعه للنفوس، وشرحه للصدور، واشتماله على الفوائد الجملة ...

ومفعول: صَرَّفْنا محذوف، والتقدير: ولقد صرفنا الهدايات والعبر بوجوه متعددة..

وقوله- سبحانه-: فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً بيان لموقف الفاسقين عن أمر ربهم من هدايات القرآن الكريم وتوجيهاته، وأوامره ونواهيه.

أى: فأبى أكثر الناس الاستجابة لهديه، وامتنعوا عن الإيمان بأنه من عند الله- تعالى- وجحدوا آياته وإرشاداته، وعموا وصموا عن الحق الذي جاءهم به من نزّل عليه القرآن، وهو رسول لله صلى الله عليه وسلم.

وقال- سبحانه-: فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ بالإظهار في مقام الإضمار، للتأكيد والتوضيح.

والمراد بأكثر الناس: أولئك الذين بلغهم القرآن الكريم، واستمعوا إلى آياته وتوجيهاته وتشريعاته وآدابه، ولكنهم استحبوا الكفر على الإيمان، وآثروا الضلالة على الهداية.

وعبر- سبحانه- بالأكثر، إنصافا للقلة المؤمنة التي فتحت صدورها للقرآن، فآمنت به، وعملت بما فيه من أوامر ونواه..

قال الجمل: فإن قيل: كيف جاز قوله فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً حيث وقع الاستثناء المفرغ في الإثبات. مع أنه لا يصح، إذ لا يصح أن تقول: ضربت إلا زبدا.

فالجواب: أن لفظة فَأَبى تفيد النفي، فكأنه قيل: فلم يرضوا إلا كفورا .

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد ساقت ما يدل على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، وعلمه، وفضله على نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى الناس، وعلى أن هذا القرآن من عند الله، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.

ثم حكى- سبحانه- بعض المطالب المتعنتة التي طلبها المشركون من النبي صلى الله عليه وسلم فقال- تعالى-:

وقوله : ( ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ) أي : بينا لهم الحجج والبراهين القاطعة ، ووضحنا لهم الحق وشرحناه وبسطناه ، ومع هذا ( فأبى أكثر الناس إلا كفورا ) أي : جحودا وردا للصواب .

يقول ذكره: ولقد بيَّنا للناس في هذا القرآن من كلّ مثل ، احتجاجا بذلك كله عليهم، وتذكيرا لهم، وتنبيها على الحقّ ليتبعوه ويعملوا به ( فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا ) يقول: فأبى أكثر الناس إلا جحودا للحقّ، وإنكارا لحجج الله وأدلته.

التدبر :

وقفة
[89] ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ﴾ كل طريق موصل للعلوم النافعة والسعادة الأبدية وكل طريق يعصم من الشر والأخبار الصادقة النافعة للقلوب. أعقب ذلك بأن في القرآن هديًا كافيًا، ولكنهم يزدادون نفورًا من تدبره.
وقفة
[89] ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ بيَّن الله للناس في القرآن من كل ما يُعْتَبر به من المواعظ والعبر والأوامر والنواهي والقصص؛ رجاء أن يؤمنوا.
وقفة
[89] ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ نوَّعَ الله في هذا القرآن المواعظ والأمثال ليتحقق المقصود منها.
عمل
[89] ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ اقرأ مثلًا قرآنيًا، ثم استنبط منه فائدة.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنّاسِ:
  • الواو: استئنافية. اللام: للابتداد والتوكيد. قد: حرف تحقيق. صرفنا: أي كررنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. للناس: جار ومجرور متعلق بصرفنا.
  • ﴿ فِي هذَا الْقُرْآنِ:
  • جار ومجرور متعلق بصرفنا. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بفي. القرآن: بدل من هذا مجرور وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ:
  • جار ومجرور متعلق بصرفنا. مثل: مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى من كل مثل بوجوه مختلفة من التقرير.
  • ﴿ فَأَبى أَكْثَرُ النّاسِ:
  • الفاء: استئنافية. أبى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. أكثر: فاعل مرفوع بالضمة. الناس: مضاف إليه مجرور بالكسرة بتقدير: فلم يرضوا. لأن «أبى» متأول بالنفي.
  • ﴿ إِلاّ كُفُوراً:
  • إلاّ: أداة حصر لا عمل لها. كفورا: مفعول به منصوب بالفتحة. أي إلاّ كفرا وجحودا. '

المتشابهات :

الإسراء: 99﴿وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَّا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا
الإسراء: 89﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا
الفرقان: 50﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [89] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ عز وجل عَجزَ الإنسِ والجِنِّ عن أن يأتُوا بمِثلِ هذا القُرآنِ؛ بَيَّنَ هنا أنه صرَّف وكرَّر ونوَّع للناس في هذا القرآن من كل مثل، ومع ذلك امتنع أكثرُ الناس عن الإِيمان به، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

صرفنا:
قرئ:
1- بتشديد الراء، وهى قراءة الجمهور.
2- بتخفيفها، وهى قراءة الحسن.

مدارسة الآية : [90] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى ..

التفسير :

[90] ولما أعجز القرآن المشركين وغلبهم أخذوا يطلبون معجزات وَفْق أهوائهم فقالوا:لن نصدقك -يا محمد- ونعمل بما تقول حتى تفجر لنا من أرض «مكة» عيناً جارية.

فيقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أتى بهذا القرآن المشتمل على كل برهان وآية:{ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} أي:أنهارًا جارية.

ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات رواية طويلة ملخصها: أن نفرا من زعماء قريش اجتمعوا عند الكعبة، وطلبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءهم، فقالوا له يا محمد: إنا قد بعثنا إليك لنعذر فيك، وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك!! لقد شتمت الآباء، وعبت الدين. وسفهت الأحلام، وشتمت الآلهة ...

فإن كنت جئت بهذا الحديث تطلب مالا، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تطلب شرفا فينا، سودناك علينا، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا ...

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بي شيء مما تقولون، ولكن الله بعثني إليكم رسولا، وأنزل على كتابا، وأمرنى أن أكون بشيرا ونذيرا، فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم، فإن تقبلوا منى فهو حظكم من الدنيا والآخرة، وإن تردوه على أصبر لأمر الله- تعالى- حتى يحكم بيني وبينكم.

فقالوا له يا محمد: فإن كنت صادقا فيما تقول، فسل لنا ربك الذي بعثك، فليسير عنا هذا الجبل الذي قد ضيق علينا، وليبسط لنا بلادنا، ويفجر فيها الأنهار، ويبعث من مضى من آبائنا، فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل..

وسله أن يبعث معك ملكا يصدقك، واسأله أن يجعل لك جنانا وقصورا أو كنوزا من ذهب وفضة. تعينك على معاشك.

فقال صلى الله عليه وسلم ما بعثت بهذا. فقالوا: فأسقط السماء- كما زعمت- علينا كسفا ...

وقال أحدهم: لا أومن بك أبدا، حتى تتخذ لك سلما إلى السماء ترقى فيه، ونحن ننظر إليك..

فانصرف صلى الله عليه وسلم عنهم حزينا، لما رأى من تباعدهم عن الهدى، فأنزل الله عليه هذه الآيات تسلية له ... » .

والمعنى: وقال المشركون الذين لا يرجون لقاءنا لرسولنا صلى الله عليه وسلم يا محمد: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ ونتبعك فيما تدعونا إليه.

حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أى: حتى تخرج لنا من أرض مكة القليلة المياه، يَنْبُوعاً أى: عينا لا ينضب ماؤها ولا يغور.

يقال: نبع الماء من العين ينبع- بتثليث الباء فيهما- إذا خرج وظهر وكثر.

وقرأ بعض السبعة تَفْجُرَ بالتخفيف- من باب نصر- وقرأ البعض الآخر تَفْجُرَ بتشديد الجيم، من فجر بالتشديد، والتضعيف للتكثير.

والتعريف في لفظ الْأَرْضِ للعهد، لأن المراد بها أرض مكة.

وعبر بكلمة يَنْبُوعاً للإشعار بأنهم لا يريدون من الماء ما يكفيهم فحسب، وإنما هم يريدون ماء كثيرا لا ينقص في وقت من الأوقات، إذ الياء زائدة للمبالغة.

قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا يونس بن بكير ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثني شيخ من أهل مصر ، قدم منذ بضع وأربعين سنة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن عتبة وشيبة ابني ربيعة ، وأبا سفيان بن حرب ، ورجلا من بني عبد الدار ، وأبا البختري أخا بني أسد ، والأسود بن المطلب بن أسد ، وزمعة بن الأسود ، والوليد بن المغيرة ، وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية ، وأمية بن خلف ، والعاص بن وائل ، ونبيها ومنبها ابني الحجاج السهميين ، اجتمعوا ، أو : من اجتمع منهم ، بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة ، فقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه فبعثوا إليه : أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك . فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا وهو يظن أنه قد بدا لهم في أمره بداء ، وكان عليهم حريصا ، يحب رشدهم ، ويعز عليه عنتهم ، حتى جلس إليهم ، فقالوا : يا محمد ، إنا قد بعثنا إليك لنعذر فيك ، وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك! لقد شتمت الآباء ، وعبت الدين ، وسفهت الأحلام ، وشتمت الآلهة ، وفرقت الجماعة ، فما بقي من أمر قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك! فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا ، سودناك علينا ، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن الرئي - فربما كان ذلك ، بذلنا أموالنا في طلب الطب ، حتى نبرئك منه ، أو نعذر فيك .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بي ما تقولون ، ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم ، ولا الشرف فيكم ، ولا الملك عليكم ، ولكن بعثني إليكم رسولا وأنزل علي كتابا ، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا ، فبلغتكم رسالة ربي ، ونصحت لكم ، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به ، فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله ، حتى يحكم الله بيني وبينكم " . أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما .

فقالوا : يا محمد ، فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك ، فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق منا بلادا ، ولا أقل مالا ولا أشد عيشا منا ، فاسأل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به ، فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا ، وليبسط لنا بلادنا ، وليفجر فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق ، وليبعث لنا من مضى من آبائنا ، وليكن فيمن يبعث لنا قصي بن كلاب ، فإنه كان شيخا صدوقا ، فنسألهم عما تقول حق هو أم باطل ؟ فإن صنعت ما سألناك وصدقوك ، صدقناك ، وعرفنا منزلتك عند الله ، وأنه بعثك رسولا كما تقول!

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بهذا بعثت ، إنما جئتكم من عند الله بما بعثني به ، فقد بلغتكم ما أرسلت به ، فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله ، حتى يحكم الله بيني وبينكم " .

قالوا : فإن لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك ، فاسأل ربك أن يبعث ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك ، وتسأله فيجعل لك جنانا ، وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ، ويغنيك بها عما نراك تبتغي ، فإنك تقوم بالأسواق ، وتلتمس المعاش كما نلتمسه ، حتى نعرف فضل منزلتك من ربك ، إن كنت رسولا كما تزعم .

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أنا بفاعل ، ما أنا بالذي يسأل ربه هذا ، وما بعثت إليكم بهذا ، ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا ، فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم " .

قالوا : فأسقط السماء ، كما زعمت أن ربك إن شاء فعل ذلك ، فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل .

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذلك إلى الله إن شاء فعل بكم ذلك " .

فقالوا : يا محمد ، أما علم ربك أنا سنجلس معك ، ونسألك عما سألناك عنه ، ونطلب منك ما نطلب فيقدم إليك ويعلمك ما تراجعنا به ، ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا ، إذا لم نقبل منك ما جئتنا به ، فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة ، يقال له : الرحمن ، وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا ، فقد أعذرنا إليك يا محمد ، أما والله لا نتركك وما فعلت بنا حتى نهلكك أو تهلكنا . وقال قائلهم : نحن نعبد الملائكة وهي بنات الله . وقال قائلهم : لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا .

فلما قالوا ذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ، وقام معه عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وهو ابن عمته ، ابن عاتكة ابنة عبد المطلب ، فقال : يا محمد ، عرض عليك قومك ما عرضوا ، فلم تقبله منهم ، ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله ، فلم تفعل ذلك ، ثم سألوك أن تعجل لهم ما تخوفهم به من العذاب ، فوالله لا أؤمن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ، ثم ترقى فيه ، وأنا أنظر حتى تأتيها ، وتأتي معك بنسخة منشورة ، معك أربعة من الملائكة ، يشهدون أنك كما تقول . وايم الله ، لو فعلت ذلك لظننت أني لا أصدقك . ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا أسفا لما فاته ، مما كان طمع فيه من قومه حين دعوه ، ولما رأى من مباعدتهم إياه .

وهكذا رواه زياد بن عبد الله البكائي ، عن ابن إسحاق ، حدثني بعض أهل العلم ، عن سعيد بن جبير وعكرمة ، عن ابن عباس ، فذكر مثله سواء .

وهذا المجلس الذي اجتمع هؤلاء له ، لو علم الله منهم أنهم يسألون ذلك استرشادا لأجيبوا إليه ، ولكن علم أنهم إنما يطلبون ذلك كفرا وعنادا ، فقيل للرسول : إن شئت أعطيناهم ما سألوا فإن كفروا عذبتهم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، وإن شئت فتحت عليهم باب التوبة والرحمة ، فقال : " بل تفتح عليهم باب التوبة والرحمة " كما تقدم ذلك في حديثي ابن عباس والزبير بن العوام أيضا ، عند قوله تعالى : ( وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) [ الإسراء : 59 ] وقال تعالى : ( وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ) [ الفرقان : 7 - 11 ] .

يقول تعالى ذكره: وقال يا محمد، المشركون بالله من قومك لك: لن نصدّقك، حتى تفجر لنا من أرضنا هذه عينا تنبع لنا بالماء.

وقوله ( يَنْبُوعًا ) يفعول من قول القائل: نبع الماء: إذا ظهر وفار، ينْبُع ويَنْبَع، وهو ما نبع.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعًا ) : أي حتى تفْجُر لنا من الأرض عيونا: أي ببلدنا هذا.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قوله ( حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعًا ) قال: عيونا.

حدثنا محمد، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال : ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن أبن أبي نجيح، عن مجاهد ( يَنْبُوعًا ) قال: عيونا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( تَفْجُرَ ) فروي عن إبراهيم النخعيّ أنه قرأ ( حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا ) خفيفة وقوله فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا بالتشديد، وكذلك كانت قرّاء الكوفيين يقرءونها، فكأنهم ذهبوا بتخفيفهم الأولى إلى معنى: حتى تفجر لنا من الأرض ماء مرّة واحدة. وبتشديدهم الثانية إلى أنها تفجر في أماكن شتى، مرّة بعد أخرى، إذا كان ذلك تفجر أنهار لا نهر واحد (3) والتخفيف في الأولى والتشديد في الثانية على ما ذكرت من قراءة الكوفيين أعجب إليّ لما ذكرت من افتراق معنييهما، وإن لم تكن الأولى مدفوعة صحتها.

-----------------------

الهوامش :

(3) في الكلام سقط ظاهر. والحاصل أنهم اتفقوا على تشديد فتفجر واختلفوا في حتى تفجر، فبعضهم شدد، وبعضهم خفف، واختار المؤلف التشديد للعلة التي ذكرها.

التدبر :

وقفة
[90] ﴿وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا﴾ الصحراء ترسم نقوشها في تحديات أبنائها.
وقفة
[90] ﴿وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا﴾ تأتيهم تعاليم السماء فيصرون على ثقافة الأرض.
وقفة
[90] ﴿وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا﴾ وذلك سهل على الله تعالى يسير، لو شاء لفعله، ولأجابهم إلى جميع ما سألوا وطلبوا، ولكن علم أنهم لا يهتدون.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • الواو عاطفة. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ:
  • لن: حرف نفي ونصب واستقبال. نؤمن: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. لك: جار ومجرور متعلق بنؤمن. والجملة في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ حَتّى تَفْجُرَ لَنا:
  • حتى: حرف غاية وجر. تفجر: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. لنا: جار ومجرور متعلق بتفجر و «أنّ» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلق بنؤمن وجملة تَفْجُرَ لَنا» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً:
  • جار ومجرور متعلق بتفجر. ينبوعا: أي عينا لا ينضب ماؤها: مفعول به منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وقالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الأرْضِ يَنبُوعًا﴾ رَوى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ عُتْبَةَ، وشَيْبَةَ، وأبا سُفْيانَ، والنَّضْرَ بْنَ الحارِثِ، وأبا البَخْتَرِيِّ، والوَلِيدَ بْنَ المُغِيرَةِ، وأبا جَهْلٍ، وعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أبِي أُمَيَّةَ، وأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، ورُؤَساءَ قُرَيْشٍ؛ اجْتَمَعُوا عِنْدَ ظَهْرِ الكَعْبَةِ، فَقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: ابْعَثُوا إلى مُحَمَّدٍ وكَلِّمُوهُ وخاصِمُوهُ حَتّى تُعْذَرُوا فِيهِ. فَبَعَثُوا إلَيْهِ أنَّ أشْرافَ قَوْمِكَ قَدِ اجْتَمَعُوا لَكَ لِيُكَلِّمُوكَ، فَجاءَهم سَرِيعًا - وهو يَظُنُّ أنَّهُ بَدا لَهم في أمْرِهِ بَداءٌ، وكانَ عَلَيْهِمْ حَرِيصًا يُحِبُّ رُشْدَهم، ويَعِزُّ عَلَيْهِ عَنَتُهم - حَتّى جَلَسَ إلَيْهِمْ، فَقالُوا: يا مُحَمَّدُ، إنّا واللَّهِ لا نَعْلَمُ رَجُلًا مِنَ العَرَبِ أدْخَلَ عَلى قَوْمِهِ ما أدْخَلْتَ عَلى قَوْمِكَ، لَقَدْ شَتَمْتَ الآباءَ، وعِبْتَ الدِّينَ، وسَفَّهْتَ الأحْلامَ، وشَتَمْتَ الآلِهَةَ، وفَرَّقْتَ الجَماعَةَ، وما بَقِيَ أمْرٌ قَبِيحٌ إلّا وقَدْ جِئْتَهُ فِيما بَيْنَنا وبَيْنَكَ، فَإنْ كُنْتَ إنَّما جِئْتَ بِهَذا لِتَطْلُبَ بِهِ مالًا جَمَعْنا لَكَ مِن أمْوالِنا ما تَكُونُ بِهِ أكْثَرَنا مالًا، وإنْ كُنْتَ إنَّما تَطْلُبُ بِهِ الشَّرَفَ فِينا سَوَّدْناكَ عَلَيْنا، وإنْ كُنْتَ تُرِيدُ مُلْكًا مَلَّكْناكَ عَلَيْنا، وإنْ كانَ هَذا الرَّئِيُّ الَّذِي يَأْتِيكَ تَراهُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْكَ - وكانُوا يُسَمُّونَ التّابِعَ مِنَ الجِنِّ الرَّئِيَّ - بَذَلْنا أمْوالَنا في طَلَبِ الطِّبِّ لَكَ حَتّى نُبْرِئَكَ مِنهُ أوْ نُعْذَرَ فِيكَ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”ما بِي ما تَقُولُونَ، ما جِئْتُكم بِما جِئْتُكم بِهِ لِطَلَبِ أمْوالِكم، ولا الشَّرَفِ فِيكم، ولا المُلْكِ عَلَيْكم، ولَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ بَعَثَنِي إلَيْكم رَسُولًا، وأنْزَلَ عَلَيَّ كِتابًا، وأمَرَنِي أنْ أكُونَ لَكم بَشِيرًا ونَذِيرًا، فَبَلَّغْتُكم رِسالَةَ رَبِّي، ونَصَحْتُ لَكم، فَإنْ تَقْبَلُوا مِنِّي ما جِئْتُكم بِهِ فَهو حَظُّكم في الدُّنْيا والآخِرَةِ، وإنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أصْبِرُ لِأمْرِ اللَّهِ حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ تَعالى بَيْنِي وبَيْنَكم“ . قالُوا: يا مُحَمَّدُ، فَإنْ كُنْتَ غَيْرَ قابِلٍ مِنّا ما عَرَضْنا عَلَيْكَ فَقَدْ عَلِمْتَ أنَّهُ لَيْسَ مِنَ النّاسِ أحَدٌ أضْيَقَ بِلادًا، ولا أقَلَّ مالًا، ولا أشَدَّ عَيْشًا مِنّا، فَسَلْ لَنا رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ بِما بَعَثَكَ فَلْيُسَيِّرْ عَنّا هَذِهِ الجِبالَ الَّتِي قَدْ ضَيَّقَتْ عَلَيْنا، ويَبْسُطْ لَنا بِلادَنا، ويُجْرِ فِيها أنْهارًا كَأنْهارِ الشّامِ والعِراقِ، ولْيَبْعَثْ لَنا مَن مَضى مِن آبائِنا، ولْيَكُنْ مِمَّنْ يَبْعَثُ لَنا مِنهم قُصَيُّ بْنُ كِلابٍ؛ فَإنَّهُ كانَ شَيْخًا صَدُوقًا، فَنَسْألَهم عَمّا تَقُولُ أحَقٌّ هو أمْ باطِلٌ ؟ فَإنْ صَنَعْتَ ما سَألْناكَ صَدَّقْناكَ، وعَرَفْنا بِهِ مَنزِلَتَكَ عِنْدَ اللَّهِ، وأنَّهُ بَعَثَكَ رَسُولًا كَما تَقُولُ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”ما بِهَذا بُعِثْتُ، إنَّما جِئْتُكم مِن عِنْدِ اللَّهِ بِما بَعَثَنِي بِهِ، فَقَدْ بَلَّغْتُكم ما أُرْسِلْتُ بِهِ إلَيْكم، فَإنْ تَقْبَلُوهُ فَهو حَظُّكم في الدُّنْيا والآخِرَةِ، وإنْ تَرُدُّوهُ أصْبِرْ لِأمْرِ اللَّهِ“ . قالُوا: فَإنْ لَمْ تَفْعَلْ هَذا فَسَلْ رَبَّكَ أنْ يَبْعَثَ مَلَكًا يُصَدِّقُكَ، وسَلْهُ فَلْيَجْعَلْ لَكَ جِنانًا وكُنُوزًا وقُصُورًا مِن ذَهَبٍ وفِضَّةٍ يُغْنِيكَ بِها عَمّا نَراكَ تَبْتَغِي؛ فَإنَّكَ تَقُومُ في الأسْواقِ كَما نَقُومُ، وتَلْتَمِسُ المَعاشَ كَما نَلْتَمِسُهُ، حَتّى نَعْرِفَ فَضْلَكَ ومَنزِلَتَكَ مِن رَبِّكَ إنْ كُنْتَ رَسُولًا كَما تَزْعُمُ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”ما أنا بِفاعِلٍ، وما أنا بِالَّذِي يَسْألُ رَبَّهُ هَذا، وما بُعِثْتُ إلَيْكم بِهَذا، ولَكِنَّ اللَّهَ تَعالى بَعَثَنِي بَشِيرًا ونَذِيرًا“ . قالُوا: فَأسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفًا مِنَ السَّماءِ كَما زَعَمْتَ أنَّ رَبَّكَ إنْ شاءَ فَعَلَ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”ذَلِكَ إلى اللَّهِ إنْ شاءَ فَعَلَ“ . فَقالَ قائِلٌ مِنهم: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَأْتِيَ بِاللَّهِ والمَلائِكَةِ قَبِيلًا. وقامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي أُمَيَّةَ المَخْزُومِيُّ - وهو ابْنُ عاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ ﷺ - فَقالَ: لا أُؤْمِنُ بِكَ أبَدًا حَتّى تَتَّخِذَ إلى السَّماءِ سُلَّمًا وتَرْقى فِيهِ وأنا أنْظُرُ، حَتّى تَأْتِيَها وتَأْتِيَ بِنُسْخَةٍ مَنشُورَةٍ مَعَكَ، ونَفَرٍ مِنَ المَلائِكَةِ يَشْهَدُونَ لَكَ أنَّكَ كَما تَقُولُ. فانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى أهْلِهِ حَزِينًا لِما فاتَهُ مِن مُتابَعَةِ قَوْمِهِ، ولِما رَأى مِن مُباعَدَتِهِمْ عَنْهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وقالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الأرْضِ يَنبُوعًا﴾ .أخْبَرَنا سَعِيدُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو عَلِيِّ بْنُ أبِي بَكْرٍ الفَقِيهُ، قالَ: حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ الجُنَيْدِ، قالَ: حَدَّثَنا زِيادُ بْنُ أيُّوبَ، قالَ: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُهُ: ﴿لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الأرْضِ يَنبُوعًا﴾ . أُنْزِلَتْ في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي أُمَيَّةَ ؟ قالَ: زَعَمُوا ذَلِكَ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [90] لما قبلها :     ولَمَّا تحَدَّى اللهُ عز وجل الكافِرينَ بأن يأتُوا بمِثلِ هذا القُرآنِ، وتَبَيَّنَ عَجزُهم؛ اقترحُوا تعنُّتًا إنزالَ إحدى آياتٍ ستٍ حتَّى يؤمنُوا، الاقتراح الأول: أن يخرجَ لهم من أرض مكة عينًا جارية، قال تعالى:
﴿ وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تفجر:
قرئ:
1- تفجر، من «فجر» مخففا، وهى قراءة الكوفيين.
2- تفجر، من «فجر» ، مشددا، والتضعيف للمبالغة لا للتعدية، وهى قراءة باقى السبعة.
3- تفجر، من «أفجر» ، وهى قراءة الأعمش، وعبد الله بن مسلم بن يسار.

مدارسة الآية : [91] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن ..

التفسير :

[91] أو تكون لك حديقة فيها أنواع النخيل والأعناب، وتجعل الأنهار تجري في وسطها بغزارة.

{ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ} فتستغنى بها عن المشي في الأسواق والذهاب والمجيء.

وقوله- سبحانه-: أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً بيان لاقتراح آخر من مقترحاتهم السخيفة.

والمعنى: أو تكون لك بصفة خاصة يا محمد، جَنَّةٌ أى: حديقة ملتفة الأغصان، مشتملة على الكثير من أشجار النخيل والأعناب: تجرى الأنهار في وسطها جريا عظيما هائلا..

وخصوا النخيل والأعناب بالذكر- كما حكى القرآن عنهم-، لأن هذين الصنفين يعتبران من أهم الثمار عندهم، ولأنهما على رأس الزروع المنتشرة في أراضيهم، والتي لها الكثير من الفوائد.

وقوله: خِلالَها منصوب على الظرفية، لأنه بمعنى وسطها وبين ثناياها.

والتنوين في قوله تَفْجِيراً للتكثير، أى: تفجيرا كثيرا زاخرا، بحيث تكون تلك الجنة الخاصة بك، غنية بالمياه التي تنفعها وترويها.

قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا يونس بن بكير ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثني شيخ من أهل مصر ، قدم منذ بضع وأربعين سنة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن عتبة وشيبة ابني ربيعة ، وأبا سفيان بن حرب ، ورجلا من بني عبد الدار ، وأبا البختري أخا بني أسد ، والأسود بن المطلب بن أسد ، وزمعة بن الأسود ، والوليد بن المغيرة ، وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية ، وأمية بن خلف ، والعاص بن وائل ، ونبيها ومنبها ابني الحجاج السهميين ، اجتمعوا ، أو : من اجتمع منهم ، بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة ، فقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه فبعثوا إليه : أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك . فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا وهو يظن أنه قد بدا لهم في أمره بداء ، وكان عليهم حريصا ، يحب رشدهم ، ويعز عليه عنتهم ، حتى جلس إليهم ، فقالوا : يا محمد ، إنا قد بعثنا إليك لنعذر فيك ، وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك! لقد شتمت الآباء ، وعبت الدين ، وسفهت الأحلام ، وشتمت الآلهة ، وفرقت الجماعة ، فما بقي من أمر قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك! فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا ، سودناك علينا ، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن الرئي - فربما كان ذلك ، بذلنا أموالنا في طلب الطب ، حتى نبرئك منه ، أو نعذر فيك .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بي ما تقولون ، ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم ، ولا الشرف فيكم ، ولا الملك عليكم ، ولكن بعثني إليكم رسولا وأنزل علي كتابا ، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا ، فبلغتكم رسالة ربي ، ونصحت لكم ، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به ، فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله ، حتى يحكم الله بيني وبينكم " . أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما .

فقالوا : يا محمد ، فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك ، فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق منا بلادا ، ولا أقل مالا ولا أشد عيشا منا ، فاسأل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به ، فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا ، وليبسط لنا بلادنا ، وليفجر فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق ، وليبعث لنا من مضى من آبائنا ، وليكن فيمن يبعث لنا قصي بن كلاب ، فإنه كان شيخا صدوقا ، فنسألهم عما تقول حق هو أم باطل ؟ فإن صنعت ما سألناك وصدقوك ، صدقناك ، وعرفنا منزلتك عند الله ، وأنه بعثك رسولا كما تقول!

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بهذا بعثت ، إنما جئتكم من عند الله بما بعثني به ، فقد بلغتكم ما أرسلت به ، فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله ، حتى يحكم الله بيني وبينكم " .

قالوا : فإن لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك ، فاسأل ربك أن يبعث ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك ، وتسأله فيجعل لك جنانا ، وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ، ويغنيك بها عما نراك تبتغي ، فإنك تقوم بالأسواق ، وتلتمس المعاش كما نلتمسه ، حتى نعرف فضل منزلتك من ربك ، إن كنت رسولا كما تزعم .

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أنا بفاعل ، ما أنا بالذي يسأل ربه هذا ، وما بعثت إليكم بهذا ، ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا ، فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم " .

قالوا : فأسقط السماء ، كما زعمت أن ربك إن شاء فعل ذلك ، فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل .

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذلك إلى الله إن شاء فعل بكم ذلك " .

فقالوا : يا محمد ، أما علم ربك أنا سنجلس معك ، ونسألك عما سألناك عنه ، ونطلب منك ما نطلب فيقدم إليك ويعلمك ما تراجعنا به ، ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا ، إذا لم نقبل منك ما جئتنا به ، فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة ، يقال له : الرحمن ، وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا ، فقد أعذرنا إليك يا محمد ، أما والله لا نتركك وما فعلت بنا حتى نهلكك أو تهلكنا . وقال قائلهم : نحن نعبد الملائكة وهي بنات الله . وقال قائلهم : لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا .

فلما قالوا ذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ، وقام معه عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وهو ابن عمته ، ابن عاتكة ابنة عبد المطلب ، فقال : يا محمد ، عرض عليك قومك ما عرضوا ، فلم تقبله منهم ، ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله ، فلم تفعل ذلك ، ثم سألوك أن تعجل لهم ما تخوفهم به من العذاب ، فوالله لا أؤمن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ، ثم ترقى فيه ، وأنا أنظر حتى تأتيها ، وتأتي معك بنسخة منشورة ، معك أربعة من الملائكة ، يشهدون أنك كما تقول . وايم الله ، لو فعلت ذلك لظننت أني لا أصدقك . ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا أسفا لما فاته ، مما كان طمع فيه من قومه حين دعوه ، ولما رأى من مباعدتهم إياه .

وهكذا رواه زياد بن عبد الله البكائي ، عن ابن إسحاق ، حدثني بعض أهل العلم ، عن سعيد بن جبير وعكرمة ، عن ابن عباس ، فذكر مثله سواء .

وهذا المجلس الذي اجتمع هؤلاء له ، لو علم الله منهم أنهم يسألون ذلك استرشادا لأجيبوا إليه ، ولكن علم أنهم إنما يطلبون ذلك كفرا وعنادا ، فقيل للرسول : إن شئت أعطيناهم ما سألوا فإن كفروا عذبتهم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، وإن شئت فتحت عليهم باب التوبة والرحمة ، فقال : " بل تفتح عليهم باب التوبة والرحمة " كما تقدم ذلك في حديثي ابن عباس والزبير بن العوام أيضا ، عند قوله تعالى : ( وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) [ الإسراء : 59 ] وقال تعالى : ( وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ) [ الفرقان : 7 - 11 ] .

وقوله تعالى : ( حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) الينبوع : العين الجارية ، سألوه أن يجري لهم عينا معينا في أرض الحجاز هاهنا وهاهنا ، وذلك سهل يسير على الله تعالى ، لو شاء لفعله ولأجابهم إلى جميع ما سألوا وطلبوا ، ولكن علم أنهم لا يهتدون ، كما قال تعالى : ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) [ يونس : 96 ، 97 ] وقال تعالى : ( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون ) [ الأنعام : 111 ] .

يقول ذكره لنييه محمد صلى الله عليه وسلم: وقال لك يا محمد مشركو قومك: لن نصدّقك حتى تستنبط لنا عينا من أرضنا، تَدفَّق بالماء أو تفور، أو يكون لك بستان، وهو الجنة، من نخيل وعنب، فتفجِّر الأنهار خلالها تفجيرا بأرضنا هذه التي نحن بها خلالها، يعني: خلال النخيل والكروم، ويعني بقوله ( خِلالَهَا تَفْجِيرًا ) بينها في أصولها تفجيرا بسبب أبنيتها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[90، 91] ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا﴾ اقتراحهم هذا شبيه بقول فرعون في موسى: ﴿فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾ [الزخرف: 53]، تشابهت قلوبهم فتشابهت أقوالهم.
لمسة
[90، 91] ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا﴾ ما الفرق من الناحية البيانية بين الفعلين (تَفْجُرَ) و(تُفَجِّرَ)؟ الجواب: (تَفْجُرَ) على صيغة أفعل، و(تُفَجِّرَ) على صيغة فعَّل، وهي تفيد التكثير، فاستعمل صيغة (تَفْجُرَ) للينبوع، و(تُفَجِّرَ) للأنهار لأنها أكثر.

الإعراب :

  • ﴿ أَوْ تَكُونَ:
  • أو: حرف عطف للتخيير. تكون: معطوفة على «تفجر» في الآية السابقة وهي منصوبة مثلها والفعل ناقص.
  • ﴿ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ:
  • لك: جار ومجرور في محل نصب خبر «تكون» المقدم. جنة: اسمها المؤخر مرفوع بالضمة. من نخيل: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «جنة» وعنب: معطوفة بالواو على «نخيل» مجرورة مثلها بحرف الجر وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ:
  • معطوفة بالفاء على «تفجر» في الآية السابقة وتعرب إعرابها. الأنهار: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ خِلالَها تَفْجِيراً:
  • ظرف مكان بمعنى بينها متعلق بتفجر وهو منصوب على الظرفية بالفتحة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل في محل جر بالاضافة. تفجيرا: منصوبة على المصدر-مفعول مطلق-وعلامة نصبها الفتحة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [91] لما قبلها :     الاقتراح الثاني: أن تكونَ له حديقةٌ فيها أنواع النخيل والأعناب، وتجري الأنهارُ فيها بغزارة، قال تعالى:
﴿ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [92] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ ..

التفسير :

[92] أو تسقط السماء علينا قطعاً كما زَعَمْتَ، أو تأتي لنا بالله وملائكته، فنشاهدهم مقابلة وعِياناً.

{ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} أي:قطعًا من العذاب،{ أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} أي:جميعًا، أو مقابلة ومعاينة، يشهدون لك بما جئت به.

وقوله- عز وجل-: أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً ... اقتراح ثالث من مقترحاتهم الفاسدة.

ولفظ كِسَفاً أى: قطعا جمع كسفة- بكسر الكاف وسكون السين، يقال: كسفت الثوب أى: قطعته وهو حال من السماء، والكاف في قوله: كَما صفة لموصوف محذوف.

والمعنى: أو تسقط أنت علينا السماء إسقاطا مماثلا لما هددتنا به، من أن في قدرة ربك- عز وجل- أن ينزل علينا عذابا متقطعا من السماء.

ولعلهم يعنون بذلك قوله- تعالى-: أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ، إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ، أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ ... .

وقيل: يعنون بذلك، أنك وعدتنا أن يوم القيامة تنشق فيه السماء، فعجل لنا ذلك في الدنيا، وأسقطها علينا، كما حكى عنهم القرآن ذلك في قوله- تعالى- وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ... .

فهم يتعجلون العذاب، والرسول صلى الله عليه وسلم، يرجو لهم من الله- تعالى- الرحمة والهداية وتأخير العذاب عنهم، لعله- سبحانه- أن يخرج من أصلابهم من يخلص له العبادة والطاعة.

وقوله- تعالى- أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا تسجيل لمطلب رابع من مطالبهم القبيحة.

قال الآلوسى: قَبِيلًا أى: مقابلا، كالعشير والمعاشر، وأرادوا- كما جاء عن ابن عباس- عيانا.

وهذا كقولهم: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا، وفي رواية أخرى عنه وعن الضحاك تفسير القبيل بالكفيل، أى: كفيلا بما تدعيه. يعنون شاهدا يشهد لك بصحة ما قلته.

وهو على الوجهين حال من لفظ الجلالة.. وعن مجاهد: القبيل الجماعة كالقبيلة، فيكون حالا من الملائكة- أى: أو تأتى بالله وبالملائكة قبيلة قبيلة .

وقوله تعالى ( أو تسقط السماء كما زعمت ) أي : أنك وعدتنا أن يوم القيامة تنشق فيه السماء وتهي ، وتدلى أطرافها ، فعجل ذلك في الدنيا ، وأسقطها كسفا [ أي : قطعا ، كقولهم : ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) الآية [ الأنفال : 32 ] ، وكذلك سأل قوم شعيب منه فقالوا : ( أسقط علينا كسفا ] من السماء إن كنت من الصادقين ) [ الشعراء : 187 ] . فعاقبهم الرب بعذاب يوم الظلة ، إنه كان عذاب يوم عظيم . وأما نبي الرحمة ، ونبي التوبة المبعوث رحمة للعالمين ، فسأل إنظارهم وتأجيلهم ، لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئا . وكذلك وقع ، فإن من هؤلاء الذين ذكروا من أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه حتى " عبد الله بن أبي أمية " الذي تبع النبي صلى الله عليه وسلم وقال له ما قال ، أسلم إسلاما تاما ، وأناب إلى الله عز وجل .

اختلفت القرّاء في قراءة قوله ( كِسَفا ) فقرأته عامّة قرّاء الكوفة والبصرة بسكون السين، بمعنى: أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا، وذلك أن الكِسف في كلام العرب: جمع كِسْفة، وهو جمع الكثير من العدد للجنس، كما تجمع السِّدْرة بسِدْر، والتمر بتمر، فحُكي عن العرب سماعا: أعطني كِسفة من هذا الثوب: أي قطعة منه، يقال منه: جاءنا بثريد كسف: أي قطع خبز ، وقد يحتمل إذا قرئ كذلك " كِسْفا " بسكون السين أن يكون مرادا به المصدر من كسف (4) . فأما الكِسَف بفتح السين، فإنه جمع ما بين الثلاث إلى العشر، يقال: كِسَفة واحدة، وثلاث كِسَف، وكذلك إلى العشر ، وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة وبعض الكوفيين ( كِسَفا ) بفتح السين بمعنى: جمع الكِسْفة الواحدة من الثلاث إلى العشر، يعني بذلك قِطَعا : ما بين الثلاث إلى العشر.

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي قراءة من قرأه بسكون السين، لأن الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، لم يقصدوا في مسألتهم إياه ذلك أن يكون بحدّ معلوم من القطع، إنما سألوا أن يُسقط عليهم من السماء قِطَعا، وبذلك جاء التأويل أيضا عن أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( كِسْفا ) قال: السماء جميعا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

قال ابن جريج: قال عبد الله بن كثير، عن مجاهد، قوله ( كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا ) قال: مرّة واحدة، والتي في الروم وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا قال: قطعا، قال ابن جريج : كسفا لقول الله إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا ) قال: أي قطعا.

حدثنا عليّ، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( كِسَفًا ) يقول: قطعا.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( كِسَفا ) قال: قطعا.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا ) يعني قِطَعا.

القول في تأويل قوله تعالى : أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا .

يقول تعالى ذكره عن قيل المشركين لنبيّ الله صلى الله عليه وسلم: أو تأتي بالله يا محمد والملائكة قبيلا.

واختلف أهل التأويل في معنى القبيل في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: حتى يأتي الله والملائكة كلَّ قبيلة منا قبيلة قبيلة، فيعاينونهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا ) قال: على حدتنا، كلّ قبيلة.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله ( أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا ) قال: قبائل على حدتها كلّ قبيلة.

وقال آخرون: معنى ذلك: أو تأتي بالله والملائكة عيانا نقابلهم مقابلة، فنعاينهم معاينة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا ) نعاينهم معاينة.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ( أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا ) فنعاينهم.

ووجَّهه بعض أهل العربية إلى أنه بمعنى الكفيل من قولهم: هو قَبِيلُ فلان بما لفلان عليه وزعيمه.

وأشبه الأقوال في ذلك بالصواب، القول الذي قاله قتادة من أنه بمعنى المعاينة، من قولهم: قابلت فلانا مقابلة ، وفلان قبيل فلان، بمعنى قبالته، كما قال الشاعر:

نُصَــالِحُكُمْ حــتى تَبُـوءُوا بِمِثْلِهـا

كصَرْخَــةِ حُــبْلَى يَسَّـرَتْها قَبِيلُهـا (5)

يعني قابِلَتها. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: إذا وصفوا بتقدير فعيل من قولهم قابلت ونحوها، جعلوا لفظ صفة الاثنين والجميع من المؤنث والمذكر على لفظ واحد، نحو قولهم: هذه قبيلي، وهما قبيلي، وهم قبيلي، وهن قبيلي.

--------------------

الهوامش :

(4) مصدر الفعل كسف يكسف (كضرب يضرب) هو الكسف، بفتح الكاف وسكون السين (اللسان).

(5) البيت للأعشى ميمون بن قيس (ديوانه طبع القاهرة بشرحالدكتور محمد حسين ص 177) وهو من قصيدة عدتها 18 بيتا. والشاهد هو ال 17فيها. وقبله:

فــــإنّي ورَبِّ السَّاجدِيِنعَشِـــيَّةً

وَمَـا صَـكَّ نـاقُوسَ النَّصَارَى أبيلُها

والقصيدة قالها في الحرب التي كانت بينه وبين الحرقتين، يعاتب بني مرثد وبني جحدر، وفي رواية الشاهد: "أصالحكم" بالهمزة بدل النون. يقول: لن أصالحكم حتى تبوءوا بمثل جنايتكم وبغيكم، وتصرخوا صرخة الحبلى حين تعينها القابلة في المخاض. "وقبولها" في موضع: قبيلها. والأبيل الراهب. وتبوءا.ويسرتها: سهلت ولادتها وأعانتها فيها. والقبول: المرأة التي تستقبل الولد عند الولادة.

وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة (1: 390) عند قوله تعالى: (والملائكة قبيلا) مجازه مقابلة، أي: معاينة. وقال:

نصــالحكم حــتى تبـوءوا بمثلهـا

كصرخــة حــبلى بشـرتها قبيلهـا

أي قابلتها. فإذا وصفوا بتقدير "فعيل" من قولهم "قابلت" ونحوها، جعلوا لفظ صفة الاثنين والجميع، من المذكر والمؤنث، على لفظ واحد، نحو قولك: هي قبيلي، وهما قبيلي، وكذلك هن قبيلي. اهـ . وفي (لسان العرب: قبل): والقبيل والقبول القابلة. المحكم: قبلت القابلة الولد قبالا: أخذته من الوالدة، وهي قابلة المرأة وقبولها وقبيلها، قال الأعشى:

أصــالحكم حــتى تبـوءوا بمثلهـا

كصرخــة حـبلى أسـلمتها قبيلهـا

ويروى: قبلوها. أي يئست منها.

التدبر :

وقفة
[92] ﴿أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا﴾ أي: أنك وعدتنا أن يوم القيامة تنشق فيه السماء وتَهِي، وتدلى أطرافها، فعجِّل ذلك في الدنيا، وأسقطها كسفًا، وأما نبي الرحمة ونبي التوبة المبعوث رحمة للعالمين فسأل إنظارهم وتأجيلهم؛ لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئًا، وكذلك وقع؛ فإن من هؤلاء الذين ذكروا من أسلم بعد ذلك، وحسن إسلامه.
وقفة
[92] ﴿أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا﴾ ما الفرق بين قوله: (كسَفًا) و(كسْفًا)؟ الجواب: كِسَفًا: جمعٌ محدود، وكِسْفا: أي قطعا كثيرة بلا حدّ.

الإعراب :

  • ﴿ أَوْ تُسْقِطَ‍ السَّماءَ:
  • أو: حرف عطف. تسقط‍ السماء: تعرب إعراب «تفجر ينبوعا» في الآية الكريمة التسعين ويجوز أن يكون التقدير: أو تسقط‍ من السماء علينا كسفا فحذف الجار وأوصل الفعل بالمجرور.
  • ﴿ كَما زَعَمْتَ:
  • الكاف حرف جر للتشبيه. ما: مصدرية. زعمت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطب والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بالكاف وجملة «زعمت» صلة «ما» المصدرية لا محل لها بمعنى كما أخبرت.
  • ﴿ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ:
  • جار ومجرور متعلق بتسقط‍.كسفا: أي قطعا جمع كسفة: مفعول به منصوب بالفتحة. أو تأتي: تعرب إعراب «أو تسقط‍».
  • ﴿ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً:
  • جار ومجرور متعلق بتأتي. والملائكة: معطوفة بالواو على لفظ‍ الجلالة. قبيلا: أي كفيلا وشاهدا على ما تدعيه وهي حال منصوبة بالفتحة من لفظ‍ الجلالة وحال الملائكة محذوف لدلالتها عليها لأن التقدير أو تأتي بالله قبيلا. '

المتشابهات :

الطور: 44﴿وَإِن يَرَوۡاْ كِسْفًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطٗا يَقُولُواْ سَحَابٞ مَّرۡكُومٞ
الإسراء: 92﴿أَوۡ تُسۡقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمۡتَ عَلَيۡنَا كِسَفًا أَوۡ تَأۡتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ قَبِيلًا
الشعراء: 187﴿فَأَسۡقِطۡ عَلَيۡنَا كِسَفًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ
الروم: 48﴿فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفًا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ
سبإ: 9﴿إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَيۡهِمۡ كِسَفًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّكُلِّ عَبۡدٖ مُّنِيبٖ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [92] لما قبلها :     الاقتراح الثالث: أن يُنزِلَ عليهم العذابُ الذي توعَّدَهم به. الاقتراح الرابع: أن يَأتِيَهُم باللهِ والملائكةِ عَيَانًا حتى يشهدوا بصدقه، قال تعالى:
﴿ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

قبيلا:
وقرئ:
قبلا، وهى قراءة الأعرج.

مدارسة الآية : [93] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن ..

التفسير :

[93] أو يكون لك بيت من ذهب، أو تصعد في درج إلى السماء، ولن نصدِّقك في صعودك حتى تعود، ومعك كتاب من الله منشور نقرأ فيه أنك رسول الله حقّاً. قل -أيها الرسول- متعجباً مِن تعنُّت هؤلاء الكفار:سبحان ربي! هل أنا إلا عبد من عباده مبلِّغ رسالته؟ فكيف أقدر على ف

تفسير الآيتين 93 و 94:ـ

{ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} أي:مزخرف بالذهب وغيره{ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ} رقيًا حسيًا،{ و} ومع هذا فـ{ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ}

ولما كانت هذه تعنتات وتعجيزات؛ وكلام أسفه الناس وأظلمهم، المتضمنة لرد الحق وسوء الأدب مع الله، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يأتي بالآيات، أمره الله أن ينزهه فقال:{ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي} عما تقولون علوًا كبيرًا، وسبحانه أن تكون أحكامه وآياته تابعة لأهوائهم الفاسدة، وآرائهم الضالة.{ هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} ليس بيده شيء من الأمر.

وهذا السبب الذي منع أكثر الناس من الإيمان، حيث كانت الرسل التي ترسل إليهم من جنسهم بشرًا.

وهذا من رحمته بهم، أن أرسل إليهم بشرًا منهم، فإنهم لا يطيقون التلقي من الملائكة.

ثم حكى- سبحانه- بقية مطالبهم التي لا يقرها عقل سليم فقال: أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ.

أى: من ذهب، والزخرف يطلق في الأصل على الزينة، وأطلق هنا على الذهب لأن الذهب أثمن ما يتزين به في العادة.

أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ أى: تصعد إليها. يقال: رقى فلان في السلم يرقى رقيا ورقيا أى صعد، وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ وصعودك إليها مع مشاهدتنا لذلك حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا منها كِتاباً نَقْرَؤُهُ ونفهم ما فيه، أى: يكون هذا الكتاب بلغتنا التي نفهمها وبأسلوب مخاطباتنا، وفيه ما يدل دلالة قاطعة على أنك رسول من عند الله- تعالى-، وما يدعونا إلى الإيمان بك.

ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات، بأن أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يرد عليهم بما يخرس ألسنتهم، فقال: قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا.

أى: قل- أيها الرسول الكريم- على سبيل التعجب من سوء تفكير هؤلاء الجاحدين:

يا سبحان الله هل أنا إلا بشر كسائر البشر، ورسول كسائر الرسل، وليس من شأن من كان كذلك أن يأتى بتلك المطالب المتعنتة التي طلبتموها، وإنما من شأنه أن يبلغ ما أمره الله بتبليغه من هدايات. تخرج الناس من ظلمات الكفر والجهل. إلى نور الإيمان والعلم.

فالاستفهام في قوله هَلْ كُنْتُ ... للنفي، أى: ما كنت إلا رسولا كسائر الرسل، وبشرا مثلهم.

وقوله سُبْحانَ رَبِّي يفيد التعجيب من فرط حماقتهم، ومن بالغ جهلهم، حيث طلبوا تلك المطالب، التي تضمنت ما يعتبر من أعظم المستحيلات، كطلبهم إتيان الله- عز وجل- والملائكة إليهم، ورؤيتهم لذاته- سبحانه-، على سبيل المعاينة والمقابلة.

وهذا التعنت والعناد الذي حكاه الله- تعالى- عن هؤلاء الجاحدين، قد جاء ما يشبهه في آيات أخرى. كما جاء ما يدل على أنهم حتى لو أعطاهم الله- تعالى- مطالبهم.

لما آمنوا، ومن ذلك قوله- تعالى-: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى، وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا، ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ .

وقوله- سبحانه-: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ .

وقوله- عز وجل-: وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ .

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك شبهة من شبهاتهم الفاسدة والمتعددة، وهي زعمهم أن الرسول لا يكون من البشر بل يكون ملكا. وقد أمر الله- تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يرد عليهم بما يبطل مدعاهم فقال:

( أو يكون لك بيت من زخرف ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : هو الذهب . وكذلك هو في قراءة ابن مسعود : " أو يكون لك بيت من ذهب " ، ( أو ترقى في السماء ) أي : تصعد في سلم ونحن ننظر إليك ( ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ) قال مجاهد : أي مكتوب فيه إلى كل واحد واحد صحيفة : هذا كتاب من الله لفلان بن فلان ، تصبح موضوعة عند رأسه .

وقوله : ( قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ) أي : سبحانه وتعالى وتقدس أن يتقدم أحد بين يديه في أمر من أمور سلطانه وملكوته ، بل هو الفعال لما يشاء ، إن شاء أجابكم إلى ما سألتم ، وإن شاء لم يجبكم ، وما أنا إلا رسول إليكم أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم ، وقد فعلت ذلك ، وأمركم فيما سألتم إلى الله عز وجل .

قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا علي بن إسحاق ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عرض ربي عز وجل ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا ، فقلت : لا يا رب ، ولكن أشبع يوما ، وأجوع يوما - أو نحو ذلك - فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك ، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك " .

ورواه الترمذي في " الزهد " عن سويد بن نصر عن ابن المبارك ، به وقال : هذا حديث حسن . وعلي بن يزيد يضعف في الحديث .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن المشركين الذين ذكرنا أمرهم في هذه الآيات: أو يكون لك يا محمد بيت من ذهب ، وهو الزخرف.

كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي ، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ ) يقول: بيت من ذهب.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( مِنْ زُخْرُفٍ ) قال: من ذهب.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ ) والزخرف هنا: الذهب.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ( أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ ) قال: من ذهب.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوريّ، عن رجل، عن الحكم قال: قال مجاهد: كنا لا ندري ما الزخرف حتى رأيناه في قراءة ابن مسعود: " أوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ ذَهَبٍ".

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، قال: لم أدر ما الزخرف، حتى سمعنا في قراءة عبد الله بن مسعود: " بَيْتٌ مِنْ ذَهَبٍ".

وقوله ( أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ ) يعني: أو تصعد في درج إلى السماء، وإنما قيل في السماء، وإنما يرقى إليها لا فيها، لأن القوم قالوا: أو ترقى في سلم إلى السماء، فأدخلت " في" في الكلام ليدلّ على معنى الكلام، يقال: رَقِيت في السلم، فأنا أرقَى رَقيا ورِقيا ورُقيا، كما قال الشاعر:

أنــتَ الَّـذِي كَـلَّفْتَنِي رَقْـيَ الـدَّرْج

عَــلى الكـلالِ والمَشِـيبِ والعَـرْجِ (6)

وقوله ( وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ ) يقول: ولن نصدّقك من أجل رُقِيك إلى السماء ( حَتَّى تُنـزلَ عَلَيْنَا كِتَابًا ) منشورا نَقْرَؤُهُ فيه أمرنا باتباعك والإيمان بك.

كما حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قالا ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( كِتَابًا نَقْرَؤُهُ ) قال: من ربّ العالمين إلى فلان، عند كلّ رجل صحيفة تصبح عند رأسه يقرؤها.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد بنحوه، إلا أنه قال: كتابا نقرؤه من ربّ العالمين، وقال أيضا: تصبح عند رأسه موضوعة يقرؤها.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( حَتَّى تُنـزلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ ) : أي كتابا خاصا نؤمر فيه باتباعك.

وقوله ( قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي ) يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك، القائلين لك هذه الأقوال، تنـزيها لله عما يصفونه به، وتعظيما له من أن يؤتى به وملائكته، أو يكون لي سبيل إلى شيء مما تسألونيه ( هَلْ كُنْتُ إِلا بَشَرًا رَسُولا ) يقول: هل أنا إلا عبد من عبيده من بني آدم، فكيف أقدر أن أفعل ما سألتموني من هذه الأمور، وإنما يقدر عليها خالقي وخالقكم، وإنما أنا رسول أبلغكم ما أرسلت به إليكم، والذي سألتموني أن أفعله بيد الله الذي أنا وأنتم عبيد له، لا يقدر على ذلك غيره.

وهذا الكلام الذي أخبر الله أنه كلَّم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر كان من ملإ من قريش اجتمعوا لمناظرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحاجَّته، فكلَّموه بما أخبر الله عنهم في هذه الآيات...

* ذكر تسمية الذين ناظروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك منهم والسبب الذي من أجله ناظروه به (7) حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثني شيخ من أهل مصر، قدم منذ بضع وأربعين سنة، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب ورجلا من بني عبد الدار وأبا البختري أخا بني أسد، والأسود بن المطلب، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أبي أمية، وأميَّة بن خلف، والعاص بن وائل، ونُبَيها ومُنَبها ابني الحجاج السَّهميين اجتمعوا، أو من اجتمع منهم، بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة، فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد فكلِّموه وخاصموه حتى تُعْذروا فيه، فبعثوا إليه: إن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك ، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا، وهو يظنّ أنه بدا لهم في أمره بَدَاء، وكان عليهم حريصا، يحبّ رشدهم ويعزّ عليه عَنَتهم ، حتى جلس إليهم، فقالوا: يا محمد إنا قد بعثنا إليك لنُعْذر فيك، وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك ، لقد شتمت الآباء، وعِبْت الدين، وسفَّهت الأحلام، وشتمت الآلهة، وفرّقت الجماعة، فما بقي أمر قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك، فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سوّدناك علينا ،وإن كنت تريد به مُلكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك به رئيا تراه قد غلب عليك وكانوا يسمون التابع من الجنّ: الرئي ، فربما كان ذلك، بذلنا أموالنا في طلب الطّب لك حتى نبرئك منه، أو نعذر فيك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بِي ما تَقُولُونَ، ما جِئتُكُمْ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أطلُبُ أمْوِالَكُمْ، ولا الشَّرَفَ فِيكُمْ وَلا المُلْكَ عَلَيْكُمْ وَلَكِنَّ الله بَعَثَنِي إلَيْكُمْ رَسُولا وَأَنـزلَ عَلَيَّ كِتَابًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُونَ لَكُمْ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فَبَلَّغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي، وَنَصَحْتُ لَكُمْ، فَإِنْ تَقْبَلُوا مِنِّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظُّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِرْ لأمْرِ الله حتى يَحْكُمَ الله بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ" ، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد، فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك، فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق بلادا، ولا أقل مالا ولا أشدّ عيشا منا، فسل ربك الذي بعثك بما بعثك به، فليسيِّرْ عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا، ويبسط لنا بلادنا، وليفجِّر (8) لنا فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق، وليبعث لنا من مضى من آبائنا، وليكن فيمن يبعث لنا منهم قُصَيّ بن كلاب، فإنه كان شيخا صدوقا، فنسألهم عما تقول، حقّ هو أم باطل؟ فإن صنعت ما سألناك، وصدقوك صدقناك، وعرفنا به منـزلتك عند الله، وأنه بعثك بالحقّ رسولا كما تقول. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بِهذَا بُعِثْتُ، إنَّمَا جِئْتُكُمْ مِنَ الله بِمَا بَعَثَنِي بِهِ، فقد بَلَّغْتُكُمْ ما أُرْسلْتُ بِهِ إليكم، فإنْ تَقْبَلُوهُ فَهُوَ حظُّكُمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ، وإنْ تَرُدُّوهُ عَليَّ أصْبِرْ لأمْرِ الله حتى يَحْكُمَ الله بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ" قالوا: فإن لم تفعل لنا هذا، فخذ لنفسك، فسل ربك أن يبعث ملكا يصدّقك بما تقول، ويراجعنا عنك، واسأله فليجعل لك جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة، ويغنيك بها عما نراك تبتغي، فإنك تقوم بالأسواق، وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضل منـزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا بِفاعِلٍ، ما أنا بالَّذِي يَسْأَلُ رَبَّهُ هذَا، وَما بُعِثْتُ إلَيْكُمْ بِهذَا، وَلَكِنَّ الله بَعَثَنِي بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فإنْ تَقْبَلُوا ما جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حظُّكُمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ، وإنْ تَرُدُّوهُ عَلىَّ أَصْبِرْ لأمْرِ الله حتى يَحْكُمَ الله بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ قالوا: فأسقط السماء علينا كسفا، كما زعمت أن ربك إن شاء فعل، فإنا لا نؤمن لك إلا أن تفعل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلكَ إلى اللهِ إنْ شاءَ فَعَلَ بِكُمْ ذلكَ ، فقالوا: يا محمد، فما علم ربك أنا سنجلس معك، عما سألناك عنه، ونطلب منك ما نطلب، فيتقدّم إليك، ويعلمك ما تراجعنا به، ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا إذ لم نقبل منك ما جئتنا به، فقد بلغنا أنه (9) إنما يعلِّمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن، وإنا والله ما نؤمن بالرحمن أبدا، أعذرنا إليك يا محمد، أما والله لا نتركك وما بلغت منا حتى نهلكك أو تهلكنا، وقال قائلهم: نحن نعيد الملائكة، وهنّ بنات الله، وقال قائلهم: لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا. فلما قالوا ذلك، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، وقام معه عبد الله بن أبي أميَّة بن المُغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وهو ابن عمته هو لعاتكة بنت عبد المطلب، فقال له: يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم، ثم سألوك لأنفسهم أمورا، ليعرفوا منـزلتك من الله فلم تفعل ذلك، ثم سألوك أن تعجل ما تخوّفهم به من العذاب، فوالله لا أومن لك أبدا، حتى تتخذ إلى السماء سلما ترقى فيه، وأنا أنظر حتى تأتيها، وتأتي معك بنسخة منشورة (10) معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول، وايم الله لو فعلت ذلك لظننتُ ألا أصدّقك، ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا أسيفا لما فاته مما كان يطمع فيه من قومه حين دعوه، ولما رأى من مباعدتهم إياه، فلما قام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو جهل: يا معشر قريش، إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا، وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وسب آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسنّ له غدا بحجر قدر ما أطيق حَمْله، فإذا سجد في صلاته فضخت رأسه به.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا ابن إسحاق، قال: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن سعيد بن جبير أو عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، بنحوه، إلا أنه قال: وأبا سفيان بن حرب، والنضر بن الحارث أبناء بني عبد الدار، وأبا البختريّ بن هشام.

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد، قال: قلت له في قوله تعالى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا قال: قلت له: نـزلت في عبد الله بن أبي أمية، قال: قد زعموا ذلك.

------------------------

الهوامش :

(6) البيت في (اللسان: رقي) قال: ورقيت في السلم رقيا (بوزن سقف) ورقيا (بوزن فعول) إذا صعدت، وارتقيت مثله، أنشد ابن بري: "أنت الذي... البيت، ولم ينسبه إلى قائله".

(7) انظر هذا الحديث في سيرة ابن هشام (طبعة الحلبي 1: 315) وفيه اختلاف يسير في بعض الألفاظ، وفي تفسير القرطبي (10: 328-330).

(8) في بعض نسخ السيرة، وفي تفسير القرطبي: "وليخرق".

(9) في السيرة والقرطبي: "إنه قد بلغنا أنك إنما.. إلخ".

(10) في تفسير القرطبي (10: 330): "ثم تأتي معك بصك معه أربعة... إلخ". وفي السيرة: "ثم تأتي معك أربعة.. إلخ".

التدبر :

عمل
[93] ﴿أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ﴾ انشر مبادئك، ولا تجهد نفسك في نقض شبهات أعدائك، لأنها إن زالت سيأتون بغيرها.
وقفة
[93] ﴿قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي﴾ كلما صعَّدوا تحدياتهم؛ واجههم بمعلوماتك الأولية.
تفاعل
[93] ﴿قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[93] ﴿قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا﴾ هكذا أمر الله نبيَّه ﷺ بأن يجيب كفار قريش عندما طالبوه بما ليس في مقدوره، فلماذا يطالب بعض الناس العلماء بما هو خارج عن إمكانهم ومقدورهم، إذ إنَّ مسئوليتهم البيان وعدم الكتمان.

الإعراب :

  • ﴿ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ:
  • أعربت في الآية الكريمة الحادية والتسعين. ومن زخرف: أي من ذهب.
  • ﴿ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ:
  • أو: حرف عطف للتخيير. ترقى: معطوفة على «يكون» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. في السماء: جار ومجرور متعلق بترقى أي في معارج السماء فحذف المضاف وحلّ المضاف إليه محله.
  • ﴿ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً:
  • أعربت في الآية الكريمة التسعين. والكاف في «رقيك» ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى لأجل رقيك حتى تنزل علينا كتابا فيه تصديقك.
  • ﴿ نَقْرَؤُهُ:
  • الجملة: في محل نصب صفة-نعت-لكتابا. نقرؤه: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ قُلْ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والجملة بعدها في محل نصب مفعول به- مقول القول-.
  • ﴿ سُبْحانَ رَبِّي:
  • مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره أسبح وهو مضاف. وفيه تعجب من هذه الاقتراحات التعجيزية. بمعنى «أنزه ربي».ربي: مضاف إليه مجرور بالكسرة والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ هَلْ كُنْتُ إِلاّ:
  • هل: حرف استفهام لا محل له. كنت: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلم. التاء ضمير متصل في محل رفع اسم «كان».إلاّ: أداة حصر لا عمل لها.
  • ﴿ بَشَراً رَسُولاً:
  • خبران لكان بالتتابع منصوبان بالفتحة بمعنى: هل كنت إلاّ رسولا كسائر الرسل بشرا مثلهم. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [93] لما قبلها :     الاقتراح الخامس: أن يكون له قصر من ذهب. الاقتراح السادس: أن يصعد إلى السماء ويأتي لهم بكتاب يصدقه، قال تعالى:
﴿ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [94] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ ..

التفسير :

[94] وما منع الكفارَ من الإيمان بالله ورسوله وطاعتهما، حين جاءهم البيان الكافي من عند الله، إلا قولهم جهلاً وإنكاراً:أبعث الله رسولاً من جنس البشر؟

تفسير الآيتين 93 و 94:ـ

{ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} أي:مزخرف بالذهب وغيره{ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ} رقيًا حسيًا،{ و} ومع هذا فـ{ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ}

ولما كانت هذه تعنتات وتعجيزات؛ وكلام أسفه الناس وأظلمهم، المتضمنة لرد الحق وسوء الأدب مع الله، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يأتي بالآيات، أمره الله أن ينزهه فقال:{ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي} عما تقولون علوًا كبيرًا، وسبحانه أن تكون أحكامه وآياته تابعة لأهوائهم الفاسدة، وآرائهم الضالة.{ هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} ليس بيده شيء من الأمر.

وهذا السبب الذي منع أكثر الناس من الإيمان، حيث كانت الرسل التي ترسل إليهم من جنسهم بشرًا.

وهذا من رحمته بهم، أن أرسل إليهم بشرًا منهم، فإنهم لا يطيقون التلقي من الملائكة.

قال الفخر الرازي: اعلم أنه- تعالى- لما حكى شبهة القوم في اقتراح المعجزات الزائدة، وأجاب عنها، حكى عنهم شبهة أخرى، وهي أن القوم استبعدوا أن يبعث الله إلى الخلق رسولا من البشر، بل اعتقدوا أن الله- تعالى- لو أرسل رسولا إلى الخلق، لوجب أن يكون ذلك الرسول من الملائكة، فأجاب الله- تعالى- عن هذه الشبهة فقال:

وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا ... .

والمراد بالناس هنا: المشركون منهم، الذين استبعدوا واعتقدوا أن الرسول لا يكون من البشر، ويدخل فيهم دخولا أوليا كفار مكة.

وجملة أَنْ يُؤْمِنُوا في محل نصب، لأنها مفعول ثان لمنع.

وقوله: إِلَّا أَنْ قالُوا هو الفاعل، و «إذ» ظرف للفعل منع، أو لقوله: أَنْ يُؤْمِنُوا.

والمعنى: وما صرف المشركين عن الإيمان بالدين الحق وقت أن جاءتهم به الرسل، إلا اعتقاد هؤلاء المشركين أن الله- تعالى- لا يبعث إليهم رجلا من البشر لكي يبلغهم وحيه، وإنما يبعث إليهم ملكا من الملائكة لكي يبلغهم ذلك.

وعبر عن اعتقادهم الباطل هذا بالقول فقال: إِلَّا أَنْ قالُوا.. للإشعار بأنه مجرد قول لاكته ألسنتهم، دون أن يكون معهم أى مستند يستندون إليه لإثبات قبوله عند العقلاء.

وجاء التعبير عن اعتقادهم الباطل هذا بصيغة الحصر، لبيان أنه مع بطلانه- هو من أهم الموانع والصوارف، التي منعتهم وصرفتهم عن الدخول في الدين الحق، الذي جاءتهم به الرسل- عليهم الصلاة والسلام-، وهذا لا يمنع أن هناك صوارف أخرى حالت بينهم وبين الإيمان كالحسد والعناد.

قال صاحب الكشاف: والمعنى. وما منعهم من الإيمان بالقرآن، وبنبوة النبي صلى الله عليه وسلم إلا شبهة تلجلجت في صدورهم، وهي إنكارهم أن يرسل الله البشر. والهمزة في أَبَعَثَ اللَّهُ للإنكار، وما أنكروه فخلافه هو المنكر عند الله- تعالى- لأن قضية حكمته، أن لا يرسل ملك الوحى إلا إلى أمثاله، أو إلى الأنبياء» .

والمتدبر في القرآن الكريم، يرى أن هذه الشبهة- وهي إنكار المشركين كون الرسول بشرا- قد حكاها في آيات كثيرة منها قوله- تعالى-: أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ... .

وقوله- تعالى-: ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا، فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا، وَاسْتَغْنَى اللَّهُ، وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ .

ومما لا شك فيه أن هذه الشبهة تدل، على أن هؤلاء الكافرين، لم يدركوا قيمة بشريتهم وكرامتها عند الله- تعالى-، وذلك بسبب انطماس بصائرهم، وكثرة جهلهم، وعكوفهم على موروثاتهم الفاسدة.

يقول تعالى : ( وما منع الناس ) أي : أكثرهم ) أن يؤمنوا ) ويتابعوا الرسل ، إلا استعجابهم من بعثته البشر رسلا كما قال تعالى : ( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا ) [ يونس : 2 ] .

وقال تعالى : ( ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد ) [ التغابن : 6 ] ، وقال فرعون وملؤه : ( أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ) [ المؤمنون : 47 ] ، وكذلك قالت الأمم لرسلهم : ( إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ) [ إبراهيم : 10 ] ، والآيات في هذا كثيرة .

ثم قال تعالى منبها على لطفه ورحمته بعباده : إنه يبعث إليهم الرسول من جنسهم ؛ ليفقهوا عنه ويفهموا منه ، لتمكنهم من مخاطبته ومكالمته ، ولو بعث إلى البشر رسولا من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه ، كما قال تعالى : ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم ) [ آل عمران : 164 ] ، وقال تعالى : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) [ التوبة : 128 ] ، وقال تعالى : ( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ) [ البقرة : 151 ، 152 ]

يقول تعالى ذكره: وما منع يا محمد مشركي قومك الإيمان بالله، وبما جئتهم به من الحقّ( إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى ) يقول: إذ جاءهم البيان من عند الله بحقيقة ما تدعوهم وصحة ما جئتهم به، إلا قولهم جهلا منهم ( أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولا ) فإن الأولى في موضع نصب بوقوع منع عليها، والثانية في موضع رفع، لأن الفعل لها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[94] ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا﴾ ما الذي يمنع الإنسان من الإيمان؟ كل ما فوقه وتحته وحوله مؤمن بربه.
وقفة
[94] ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّـهُ بَشَرًا رَّسُولًا﴾ في الآية تسلية ومواساة للنبي ﷺ ، وأنه ليس وحده من كذب من المرسلين، فالرسل المتقدمون كلهم من البشر، فإذا لم يؤمنوا بك يا محمد، فيلزمهم ألا يؤمنوا بكل رسول قبلك، فتكذيبهم لك تكذيب لكل من سبقك من الرسل، فلا يسوؤك أمرهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَما مَنَعَ النّاسَ:
  • الواو: استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. منع: فعل ماض مبني على الفتح. الناس: مفعول به أول منصوب بالفتحة.
  • ﴿ أَنْ يُؤْمِنُوا:
  • أن: حرف مصدرية ونصب. يؤمنوا: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه: حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. و «أن» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ثان ويجوز أن يكون في محل جر بحرف جر مقدر بمعنى من الايمان والجار والمجرور متعلقا بمنع وجملة «يؤمنوا» صلة «أن» لا محل لها.
  • ﴿ إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى:
  • إذ: ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بيؤمنوا. جاء: فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. الهدى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. وجملة جاءَهُمُ الْهُدى» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف.
  • ﴿ إِلاّ أَنْ قالُوا:
  • إلاّ: أداة حصر لا عمل لها. أن: حرف مصدري. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. و «أن» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «منع» والتقدير: إلاّ قولهم. وجملة «قالوا» صلة «أن» المصدرية لا محل لها. والجملة بعد «قالوا» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً:
  • الهمزة: همزة إنكار بلفظ‍ استفهام. بعث: فعل ماض مبني على الفتح. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. بشرا رسولا: مفعولا «بعث» منصوبان بالفتحة ويجوز أن يكون «بشرا» حالا من المفعول به «رسولا». '

المتشابهات :

الإسراء: 94﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّـهُ بَشَرًا رَّسُولًا
الكهف: 55﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [94] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ عز وجل أشكالَ عنادِ الكافرينَ، وهذه المقترحات التي اقترحوها تعنُّتًا وتعجيزًا له صلى الله عليه وسلم؛ بَيَّنَ هنا السبب الذي منعَهم من الإيمانِ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، وهو: استبعادُ كونِ الرسلِ بشرًا، قال تعالى:
﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَرًا رَّسُولاً

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [95] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ ..

التفسير :

[95] قل -أيها الرسول- ردّاً على المشركين إنكارهم أن يكون الرسول من البشر:لو كان في الأرض ملائكة يمشون عليها، ساكنين فيها، لأرسلنا إليهم رسولاً من جنسهم، ولكنَّ أهل الأرض بشر، فالرسول إليهم ينبغي أن يكون مِن جنسهم؛ ليمكنهم مخاطبته وفَهْم كلامه.

فلو{ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ} يثبتون على رؤية الملائكة والتلقي عنهم؛{ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} ليمكنهم التلقي عنه.

ولذا أمر الله- تعالى- بأن يرد عليهم بما يزهق هذه الشبهة فقال- سبحانه- قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ، لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا.

والمعنى: قل- يا محمد- لهؤلاء الجاهلين: لو ثبت ووجد ملائكة في الأرض، يمشون على أقدامهم كما يمشى الإنس، ويعيشون فوقها مُطْمَئِنِّينَ أى: مستقرين فيها مقيمين بها.

لو ثبت ذلك، لاقتضت حكمتنا أن نرسل إليهم من السماء ملكا رسولا، يكون من جنسهم، ويتكلم بلسانهم، وبذلك يتمكنون من مخاطبته، ومن الأخذ عنه، ومن التفاهم معه لأن الجنس إلى الجنس أميل، والرسول يجب أن يكون من جنس المرسل إليهم، فلو كان المرسل إليهم ملائكة، لكان الرسول إليهم ملكا مثلهم، ولو كان المرسل إليهم من البشر، لكان الرسول إليهم بشرا مثلهم.

فكيف تطلبون أيها الجاهلون- أن يكون الرسول إليكم ملكا، وتستبعدون أن يكون بشرا مع أنكم من البشر؟!! قال الآلوسى: قوله: لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا أى: يعلمهم ما لا تستقل عقولهم بعلمه، وليسهل عليهم الاجتماع به، والتلقي منه، وأما عامة البشر فلا يسهل عليهم ذلك، لبعد ما بين الملك وبينهم ... » .

وهذا المعنى الذي وضحته الآية الكريمة- وهو أن الرسول يجب أن يكون من جنس المرسل إليهم- قد جاء ما يشبهه ويؤكده في آيات كثيرة منها قوله- تعالى-: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ، وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ. وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ .

وقوله- سبحانه-: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ، فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ .

وقوله- عز وجل: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ... .

ولهذا قال هاهنا : ( لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين ) أي : كما أنتم فيها ( لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ) أي : من جنسهم ، ولما كنتم أنتم بشرا ، بعثنا فيكم رسلنا منكم لطفا ورحمة .

يقول تعالى ذكره لنبيّه: قل يا محمد لهؤلاء الذين أبوا الإيمان بك وتصديقك فيما جئتهم به من عندي ، استنكارا لأن يبعث الله رسولا من البشر: لو كان أيها الناس في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين، لَنـزلْنَا عليهم من السماء ملكا رسولا لأن الملائكة إنما تراهم أمثالهم من الملائكة، ومن خصّه الله من بني آدم برؤيتها، فأما غيرهم فلا يقدرون على رؤيتها فكيف يبعث إليهم من الملائكة الرسل، وهم لا يقدرون على رؤيتهم وهم بهيئاتهم التي خلقهم الله بها، وإنما يرسل إلى البشر الرسول منهم، كما لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين، ثم أرسلنا إليهم رسولا أرسلناه منهم ملكا مثلهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[95] ﴿قُل لَّوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّين﴾ مستوطنين مقيمين، ﴿لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَّسُولًا﴾ من جنسهم؛ لأن القلب إلى الجنس أميل منه إلى غير الجنس.
وقفة
[95] ﴿قُل لَّوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَّسُولًا﴾ من رحمة الله بعباده أن أرسل إليهم بشرًا منهم، فإنهم لا يطيقون التلقي من الملائكة.
عمل
[95] ﴿قُل لَّوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَّسُولًا﴾ تعلم فن الحوار والجدال وتدرب عليه.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ لَوْ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. لو: حرف شرط‍ غير جازم.
  • ﴿ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ:
  • كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. في الأرض: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» مقدم. ملائكة: اسمها مرفوع بالضمة.
  • ﴿ يَمْشُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة: في محل رفع صفة-نعت-لملائكة. أي يمشون على أقدامهم وحذف الجار والمجرور اختصارا لأنه معلوم.
  • ﴿ مُطْمَئِنِّينَ:
  • أي ساكنين في الأرض: حال منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ:
  • اللام: واقعة في جواب «لو» نزل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. على: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بنزلنا بمعنى لأرسلنا اليهم وجملة «لنزلنا عليهم وما بعدها» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً:
  • جار ومجرور متعلق بنزلنا. ملكا رسولا: يعربان إعراب بَشَراً رَسُولاً» الواردة في الآية الكريمة السابقة. '

المتشابهات :

الإسراء: 42﴿ قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَّابْتَغَوْا إِلَىٰ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا
الإسراء: 95﴿ قُل لَّوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم
الكهف: 109﴿ قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [95] لما قبلها :     ولَمَّا استبعدَ المشركون أن يكون الرسولُ بشرًا من جنسهم؛ ردَّ اللهُ عز وجل عليهم هنا بأنه لابُدَّ للرسولِ أن يكون من جِنسِ المُرْسَلِ إليهم؛ حتى يُمْكِنَهُ تبليغ الرسالة، قال تعالى:
﴿ قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [96] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي ..

التفسير :

[96] قل لهم:كفى بالله شهيداً بيني وبينكم على صِدْقي وحقيقة نبوَّتي. إنه سبحانه خبير بأحوال عباده، بصير بأعمالهم، وسيجازيهم عليها.

{ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} فمن شهادته لرسوله ما أيده به من المعجزات، وما أنزل عليه من الآيات، ونصره على من عاداه وناوأه.

فلو تقول عليه بعض الأقاويل، لأخذ منه باليمين، ثم لقطع منه الوتين، فإنه خبير بصير، لا تخفى عليه من أحوال العباد خافية.

ثم أمر الله- تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم للمرة الثانية، أن يحسم الجدال معهم، بتفويض أمره وأمرهم إلى الله- عز وجل-، فهو خير الحاكمين فقال: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً.

أى: قل لهم في هذه المرة من جهتك، بعد أن قلت لهم في المرة السابقة من جهتنا: قل لهم- أيها الرسول الكريم- يكفيني ويرضيني ويسعدني، أن يكون الله- تعالى- هو الشهيد والحاكم بيني وبينكم يوم نلقاه جميعا فهو- سبحانه- يعلم أنى قد بلغتكم ما أرسلت به إليكم، إنه- تعالى- كان وما زال خبيرا بصيرا. أى: محيطا إحاطة تامة بظواهرهم وبواطنهم، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

وفي هذه الآية الكريمة تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه منهم من أذى، وتهديد لهم بسوء المصير، حيث آذوا نبيهم الذي جاء لهدايتهم وسعادتهم.

وبذلك نرى الآيات الكريمة، قد حكت بعض الشبهات الفاسدة التي تذرع بها الكافرون في البقاء على كفرهم، كما حكت ما اقتضته حكمته- سبحانه- في إرسال الرسل، وهددت المصرين على كفرهم بسوء العاقبة.

ثم ساق- سبحانه- شبهة أخرى من شبهات المشركين التي حكاها عنهم كثيرا، ورد عليها بما يبطلها، وبين أحوالهم السيئة يوم القيامة، بعد أن بين أن الهداية والإضلال من شأنه وحده فقال- تعالى-:

يقول تعالى مرشدا نبيه إلى الحجة على قومه ، في صدق ما جاءهم به : أنه شاهد علي وعليكم ، عالم بما جئتكم به ، فلو كنت كاذبا [ عليه ] انتقم مني أشد الانتقام ، كما قال تعالى : ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ) [ الحاقة : 44 - 46 ] .

وقوله : ( إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ) أي : عليم بهم بمن يستحق الإنعام والإحسان والهداية ، ممن يستحق الشقاء والإضلال والإزاغة ؛ ولهذا قال :

يقول تعالى ذكره لنبيّه: قل يا محمد للقائلين لك أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولا ( كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) فإنه نعم الكافي والحاكم ( إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا ) يقول: إن الله بعباده ذو خبرة وعلم بأمورهم وأفعالهم، والمحقّ منهم والمُبطل، والمُهدىّ والضالّ( بَصِيرًا ) بتدبيرهم وسياستهم وتصريفهم فيما شاء، وكيف شاء وأحبّ، لا يخفى عليه شيء من أمورهم، وهو مجازٍ جميعَهم بما قدّم عند ورودهم عليه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[96] ﴿قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾ من شهادة الله لرسوله ما أيده به من الآيات، ونَصْرُه على من عاداه وناوأه.
وقفة
[96] ﴿قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾ ما أعظم هذه التسلية من الله لنبيه ﷺ! فالله هو الشهيد والأعلم بالمحق من المبطل، فقل لهم يا محمد: الله هو الشهيد والحاكم بيني وبينكم يوم نلقاه؛ لأن الشهادة تكون قبل الحكم، والله شهد لي، وظرف (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) يناسب تفسير معنى الشهادة بالحكم.
وقفة
[96] ﴿قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾ أي يكفي أن نجعل الله لنا رقيبًا علينا، وشاهد إذا ظلمنا البشر.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ كَفى:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. كفى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. وكفى وما تلاه: في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ بِاللهِ شَهِيداً:
  • الباء: حرف جر زائد. الله لفظ‍ الجلالة: اسم مجرور للتعظيم لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل-كفى-شهيدا: حال من لفظ‍ الجلالة منصوب بالفتحة ويجوز أن يكون تمييزا. بمعنى: شاهدا على صدق رسالتي إليكم.
  • ﴿ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ:
  • ظرف مكان متعلق بشهيدا منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة وهو مضاف والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وبينكم: معطوفة بالواو على «بيني» وتعرب إعرابها. الكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة. والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. بعباده: جار ومجرور متعلق بخبر كان والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. والجملة الفعلية من «كان» مع اسمها وخبرها في محل رفع خبر «إنّ».
  • ﴿ خَبِيراً بَصِيراً:
  • خبران لكان على التتابع منصوبان بالفتحة. بمعنى: يعلم أحوال عباده لا تخفى عليه منهم خافية. '

المتشابهات :

يونس: 29﴿ فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ
الرعد: 43﴿قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ
الإسراء: 96﴿قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا
العنكبوت: 52﴿قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا ۖ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [96] لما قبلها :     وبعد الرد على شبهة المشركين أن يكون الرسولُ بشرًا؛ أمرَ اللهُ عز وجل نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يُعْلِمَهم بأنَّه تعالى هو الشَّهيدُ بينه وبينهم على تَبليغِه، وعَدَمِ قَبولِهم، وكُفرِهم، وما اقتَرَحوا عليه مِن الآياتِ على سَبيلِ العِنادِ، قال تعالى:
﴿ قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف