525323334353637383940414243444546474849

الإحصائيات

سورة الطور
ترتيب المصحف52ترتيب النزول76
التصنيفمكيّةعدد الصفحات2.50
عدد الآيات49عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.10
ترتيب الطول60تبدأ في الجزء27
تنتهي في الجزء27عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
القسم: 3/17_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (31) الى الآية رقم (43) عدد الآيات (13)

ثُمَّ بَيَّنَ اللهُ هنا ما في هذا الاتِّهامِ من تناقضٍ، ثُمَّ تحدَّاهُم بأن يأتُوا بمثلِ القرآنِ، ثُمَّ إثباتُ التَّوحيدِ بخَلقِهم وخلقِ السَّمواتِ والأرضِ، والردُّ على من قالَ: الملائكةُ بناتُ اللهِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (44) الى الآية رقم (49) عدد الآيات (6)

بعدَ تفنيدِ مزاعمِ المشركينَ بَيَّنَ اللهُ هنا عنادَهُم ومكابرتَهم ولو رأَوا قطعةً من السماءِ ساقطةً عليهم، ثُمَّ أَمَرَ نبيَّه ﷺ بالإعراضِ عنهم، والصَّبرِ عليهم، وذكرِه تعالى.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الطور

قضية الاختيار: الإيمان والجنة أم التكذيب والنار

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • تبدأ السورة بالقسم بخمسة أمور ::   على أن العذاب واقع بالكفار لا محالة ولا يمنعه مانع. فالمكذبون سيلاقون مصيرهم: ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ * ٱلَّذِينَ هُمْ فِى خَوْضٍ يَلْعَبُونَ * يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا * هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ﴾ (11-14). وبالمقابل نرى مصير المتقين: ﴿إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَنَعِيمٍ * فَـٰكِهِينَ بِمَا ءاتَـٰهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَـٰهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ * كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (17-19).
  • • ثم تأتي الآية المحورية::   ﴿كُلُّ ٱمْرِىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ﴾ (21)، مصير كل إنسان في الآخرة رهن بما كسب وعمل في الدنيا. وكأن السورة تقول لنا: ماذا نختار؟ عذاب أهل النار أو نعيم أهل الجنّة؟ اختر لنفسك.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الطور».
  • • معنى الاسم ::   الطور: هو الجبل الذي يكون عليه أشجار، وما لم يكن فيه شجر لا يسمى طورًا، إنما يقال له: جبل، والمقصود به هنا: الجبل الذي كَلَّمَ اللهُ موسى عليه السلام عليه.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بالقسم بالطور، وقد ورد هذا اللفظ في عدة سور من القرآن.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   ماذا نختار؟ عذاب أهل النار أم نعيم أهل الجنّة؟ اختر لنفسك.
  • • علمتني السورة ::   إذا كانَ الخادمُ كاللؤلؤِ، فكيفَ يكونُ المخدومُ؟!: ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن من أسباب نعيم المتقين: الخوف من الله، والدعاء: ﴿قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الطغيان سبب من أسباب الضلال: ﴿أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾ كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ.
    • عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَشْتَكِي، فَقَالَ: طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ، فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ.
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الطور من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الطور من المفصل.
    • سورة الطور من سور القرائن أو النظائر، وهي 20 سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها، كل سورتين في ركعة، والنظائر: السور المتشابهات والمتماثلات في الطول.
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن سورة الطور مع سورة الذاريات، ويقرأهما في ركعة واحدة.
    عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ قَالَا: «أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّى أَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِى رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًاكَنَثْرِ الدَّقَلِ؟! لَكِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ: السُّورَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ فِى رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِى رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتْ وَنُونَ فِى رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِى رَكْعَةٍ، وَالْمُدَّثِّرَ وَالْمُزَّمِّلَ فِى رَكْعَةٍ، وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فِى رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلاَتِ فِى رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِى رَكْعَةٍ.
    وأصل الحديث في الصحيحين -ولكن دون سرد السور- وهو: عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنِّى لأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، عِشْرِينَ سُورَةً فِى عَشْرِ رَكَعَاتٍ».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • اختصت سورة الطور بذكر 15 استفهامًا متعاقبًا كأنهن 15 صدمة كهربائية تنقل المرء من حال إلى حال، جاءت هذه الاستفهامات بلفظ (أم)، وذلك للاحتجاج بأدلة عقلية ومنطقية لإثبات النبوة والقرآن والتوحيد.
    • تعتبر سورة الطور مثالًا لقوة تأثير القرآن في نفس سامعه وتاليه: • لحديث جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ السابق، وقد قال أيضًا: «وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا وَقَرَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِي».
    • ولما قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ﴾ (7، 8)، اضطرب صدره خشية لله تعالى وسقط مريضًا يعاد لمدة عشرين يومًا.
    • ولما قرأت أسماء بنت أبي بكر قوله تعالى: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ﴾ (27)، أخذت تكرر قوله تعالى: ﴿وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ﴾، حتى قال الراوي: ذهبتُ إلى السُّوقِ في حاجةٍ ثم رجعتُ وهي تُكرِّرُهَا.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نرد على شبهات المكذبين من خلال عرض الحجج والبراهين.
    • أن نتيقن أن العذاب واقع بالكفار لا محالة، ولا يمنعه مانع: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ﴾ (7).
    • أن نتعوَّذ بالله من هذا المصير: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ (13).
    • أن ندعو: «اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى»: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ﴾ (17).
    • أن نصوم يومًا في سبيل الله، أو نتصدق على مسكين بفاكهة أو لحم: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (19).
    • أن نفحص أعمالنا: ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ (21).
    • ألا ننزعج من المصائب والآلام، سيصبحُ تذكُّرُها يومًا شيئًا من النَّعيم: ﴿قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ﴾ (26).
    • ألا نطلب أجرًا على دعوة الناس إلى الله، فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يأخذوا على دعوتهم عوضًا: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ﴾ (40).
    • أن نتأمـل كيدًا من كيد أعـداء الدين، ونسـأل الله أن يـرده في نحــورهم: ﴿أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا ۖ فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ﴾ (42).
    • أن نحافظ على الأذكار: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ (49).

تمرين حفظ الصفحة : 525

525

مدارسة الآية : [32] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَذَا أَمْ ..

التفسير :

[32] بل أتأمر هؤلاء المكذبين عقولهم بهذا القول المتناقض؟ ذلك أن صفات الكهانة والشعر والجنون لا يمكن اجتماعها في آن واحد، بل هم قوم متجاوزون الحدَّ في الطغيان.

{ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} أي:أهذا التكذيب لك، والأقوال التي قالوها؟ هل صدرت عن عقولهم وأحلامهم؟ فبئس العقول والأحلام، التي أثرت ما أثرت، وصدر منها ما صدر

فإن عقولا جعلت أكمل الخلق عقلا مجنونا، وأصدق الصدقوأحق الحق كذبا وباطلا، لهي العقول التي ينزه المجانين عنها، أم الذي حملهم على ذلك ظلمهم وطغيانهم؟ وهو الواقع، فالطغيان ليس له حديقف عليه، فلا يستغرب من الطاغي المتجاوز الحد كل قول وفعل صدر منه.

ثم وبخهم- سبحانه- على غفلتهم وعنادهم فقال: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا، أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ.

والأحلام: جمع حلم- بكسر الحاء- والمراد بها هنا: العقول. وكان شيوخ قريش يدعون بذي الأحلام والنهى.

ويطلق الحلم في الأصل على ضبط النفس عن هيجان الغضب. وأطلق هنا على العقل لكونه منشأ له.

أى: بل أتأمرهم عقولهم التي زعموا سلامتها، بأن يقولوا في شأنك- أيها الرسول الكريم- إنك شاعر أم مجنون؟

لا، إن أى عقل سليم لم يأمرهم بذلك، وإنما هم قوم دأبهم الطغيان والعناد وتجاوز الحدود التي لا يجوز تجاوزها.

والعقول إذا استعملت في الشرور والآثام، ضاع رشدها، وفقدت سلامتها.

ولقد قيل لعمرو بن العاص. رضى الله عنه-: ما بال قومك لم يؤمنوا وهم أصحاب الأحلام؟ فقال: تلك عقول كادها الله- تعالى- أى: لم يصحبها التوفيق والرشاد.

ثم قال تعالى : ( أم تأمرهم أحلامهم بهذا ) أي : عقولهم تأمرهم بهذا الذي يقولونه فيك من الأقوال الباطلة التي يعلمون في أنفسهم أنها كذب وزور ؟ ( أم هم قوم طاغون ) أي : ولكن هم قوم ضلال معاندون ، فهذا هو الذي يحملهم على ما قالوه فيك .

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32)

يقول تعالى ذكره: أتأمر هؤلاء المشركين أحلامهم بأن يقولوا لمحمد صلى الله عليه وسلم: هو شاعر, وأن ما جاء به شعر ( أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: ما تأمرهم بذلك أحلامهم وعقولهم بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ قد طغوا على ربهم, فتجاوزوا ما أذن لهم، وأمرهم به من الإيمان إلى الكفر به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا ) قال: كانوا يعّون في الجاهلية أهل الأحلام, فقال الله: أم تأمرهم أحلامهم بهذا أن يعبدوا أصناما بُكما صما, ويتركوا عبادة الله, فلم تنفعهم أحلامهم حين كانت لدنياهم، ولم تكن عقولهم في دينهم, لم تنفعهم أحلامهم، وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة, يتأوَّل قوله ( أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ ): بل تأمرهم.

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله ( أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) أيضا قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عثمان بن الأسود, عن مجاهد, في قوله ( أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) قال: بل هم قوم طاغون.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى, عن عثمان بن الأسود, عن مجاهد ( أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) قال: بل هم قوم طاغون.

التدبر :

وقفة
[32] ﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَـٰذَا ۚ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ أي: بل أتأمرهم عقولهم بهذا الكلام المتناقض؛ إن الكاهن هو المفرط في الفطنة والذكاء، والمجنون هو ذاهب العقل فضلًا عن أن يكون له فطنة وذكاء.
وقفة
[32] ﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَـٰذَا ۚ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ الحلم: العقل، ومعنى إنكار أن تأمرهم أحلامهم بهذا: أن الأحلام الراجحة لا تأمر بمثله، وفيه تعريض بأنهم أضاعوا أحلامهم حين قالوا ذلك؛ لأن الأحلام لا تأمر بمثله، فهم كمن لا أحلام لهم، وهذا تأويل ما روي أن الكافر لا عقل له.
وقفة
[32] ﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَـٰذَا ۚ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ قيل لعمرو بن العاص: «ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل؟»، فقال: «تلك عقول كادها الله»، أي لم يصحبها بالتوفيق!
وقفة
[32] ﴿أم تأمرهم أحلامهم بهذا﴾ إذا ما تجاوزَتِ النفوسُ الحدَّ في المكابرة والعِنادِ، حُرمت العقولُ من الرُّشد والسَّدادِ، والشاهد ﴿أم هم قوم طاغون﴾.
وقفة
[32] أكثر المحاربين للحق يعلمون أنه الحق، لكن طغيانهم هو الذي دعاهم إلى حربه ﻻ عقولهم ﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَـٰذَا ۚ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾، أي بل هم قوم طاغون.
وقفة
[32] ﴿أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ الطغيان سبب من أسباب الضلال.

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ تَأْمُرُهُمْ:
  • عاطفة للاضراب بمعنى «بل».تأمر: فعل مضارع مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم.
  • ﴿ أَحْلامُهُمْ بِهذا:
  • فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. الباء حرف جر و «هذا» اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بتأمر بمعنى أم تأمرهم عقولهم وألبابهم بهذا التناقض في الأموال وهو قولهم كاهن وشاعر ومجنون
  • ﴿ أَمْ هُمْ قَوْمٌ:
  • أعربت. هم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. قوم: خبر «هم» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ طاغُونَ:
  • صفة-نعت-لقوم مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الواو لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى لم تأمرهم أحلامهم بذلك بل هم قوم متجاوزون. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     الاستفهامُ الثاني: عن تَسْفيه الدَّاعية وإلصاق التُّهم به. الاستفهامُ الثالث: لبيان أن الطغيان هو الباعثُ على تكذيب الدُّعاة، قال تعالى:
﴿ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أم هم:
وقرئ:
بل هم، وهى قراءة مجاهد.

مدارسة الآية : [33] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا ..

التفسير :

[33] بل أيقول هؤلاء المشركون:اختلق محمد القرآن من تلقاء نفسه؟ بل هم لا يؤمنون، فلو آمنوا لم يقولوا ما قالوه.

{ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ} أي:تقول محمد القرآن، وقاله من تلقاء نفسه؟{ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ} فلو آمنوا، لم يقولوا ما قالوا.

أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ. فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ والتقول:

تكلف القول واختلاقه. وأكثر ما يكون استعمالا في الكذب، يقال: فلان تقول على فلان، إذا افترى عليه الكذب. أى: بل أيقولون عنك- أيها الرسول- إنك افتريت هذا القرآن، واختلقته من عند نفسك، لا إنك معصوم عن ذلك، وأنت ما نطقت إلا بما أوحيناه إليك، ولكنهم هم المفترون للكذب عليك، وما حملهم على ذلك إلا عدم إيمانهم بالحق، وانغماسهم في الباطل، وإصرارهم على الجحود.

وإذا كان الأمر- كما زعموا- فها هو ذا القرآن أمامهم يسمعون آياته ...

وقوله : ( أم يقولون تقوله ) أي : اختلقه وافتراه من عند نفسه ، يعنون القرآن : قال الله : ( بل لا يؤمنون ) أي : كفرهم هو الذي يحملهم على هذه المقالة .

وقوله ( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ) يقول تعالى ذكره: أم يقول هؤلاء المشركون: تقوّل محمد هذا القرآن وتخلَّقه.

وقوله ( بَلْ لا يُؤْمِنُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: كذبوا فيما قالوا من ذلك, بل لا يؤمنون فيصدّقوا بالحقّ الذي جاءهم من عند ربهم.

التدبر :

وقفة
[33] ﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ غياب الإيمان هو الذي أنطقهم بمثل هذا الافتراء، فإذا غاب الإيمان حجب صاحبه عن حقائق القرآن، وأورده أسوأ الأوهام.
وقفة
[33، 34] خير وسيلة للدفاع الهجوم؛ فمن أراد عليك شبهة باطلة فخير ما تدحض شبهته أن تتحداه بأن يقيم عليها دليلًا.
وقفة
[33، 34] ما أكثر الدعاوي الباطلة التي لا تلبث أن تتلاشي حين توضع علي محك الحجج والبراهين , فيعرف أن أصحابها ما هم إلا أدعياء مفترون!

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ يَقُولُونَ:
  • أعربت في الآية الكريمة الثلاثين والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ تَقَوَّلَهُ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. أي اختلقه من تلقاء نفسه أي اختلق القرآن.
  • ﴿ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ:
  • حرف استئناف للاضراب. لا: نافية لا عمل لها.يؤمنون: تعرب اعراب يَقُولُونَ» بمعنى لا حجة عندهم على اختلاقه بل هم لم يؤمنوا. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     الاستفهامُ الرابعُ: لو كان القرآن كلام بشر؛ فما الذي يمنع البشر من الإتيان بمثله؟!، قال تعالى:
﴿ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [34] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا ..

التفسير :

[34] فليأتوا بكلام مثل القرآن، إن كانوا صادقين -في زعمهم- أن محمداً اختلقه.

{ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} أنه تقوله، فإنكم العرب الفصحاء، والفحول البلغاء، وقد تحداكم أن تأتوا بمثله، فتصدق معارضتكم أو تقروا بصدقه، وأنكم لو اجتمعتم، أنتم والإنس والجن، لم تقدروا على معارضته والإتيان بمثله، فحينئذ أنتم بين أمرين:إما مؤمنون به، مهتدون بهديه، وإما معاندون متبعون لما علمتم من الباطل.

فليأتوا بحديث يشابه القرآن في بلاغته. وهدايته، وسمو تشريعاته وآدابه.

وقد تحداهم- سبحانه- في آيات أخرى أن يأتوا بعشر سور من مثله فقال: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ، وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

ثم تحداهم سبحانه- أن يأتوا بسورة واحدة من مثله فقال: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ .

ولكنهم في جميع مراحل التحدي، وقفوا عاجزين مبهوتين، فثبت أن هذا القرآن من عند الله، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.

( فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ) أي : إن كانوا صادقين في قولهم : " تقوله وافتراه " فليأتوا بمثل ما جاء به محمد [ - صلى الله عليه وسلم - ] من هذا القرآن ، فإنهم لو اجتمعوا هم وجميع أهل الأرض من الجن والإنس ، ما جاءوا بمثله ، ولا بعشر سور [ من ] مثله ، ولا بسورة من مثله .

وقوله ( فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ ) يقول: جلّ ثناؤه: فليأت قائلو ذلك له من المشركين بقرآن مثله, فإنهم من أهل لسان محمد صلى الله عليه وسلم , ولن يتعذر عليهم أن يأتوا من ذلك بمثل الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم إن كانوا صادقين في أن محمدا صلى الله عليه وسلم تقوّله وتخلَّقه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[34] ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ﴾ العادة تحيل أن يأتي واحد من قوم وهو مساو لهم بما لا يقدرون كلهم على مثله، والعاقل لا يجزم بشيء إلا وهو عالم به، ويلزم من علمهم بذلك قدرتهم على مثل ما يأتي به، فإنه ﷺ مثلهم في الفصاحة والبلد والنسب، وبعضهم يزيد عليه بالكتابة وقول الشعر ومخالطة العلماء، ومزاولة الخطب والرسائل وغير ذلك، فلا يقدر على ما يعجزون عنه إلا بتأييد إلهي؛ وهو المراد من تكذيبهم.
وقفة
[34] ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ﴾ أهمية الجدال العقلي في إثبات حقائق الدين.
وقفة
[34] ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ﴾ تبكيت وتعجيز للمكذبين منذ أكثر من 1437سنة، فأي معجزة بعدها يريد العاجزون!
وقفة
[34] ﴿إِن كَانُوا صَادِقِينَ﴾ أي: في زعمهم أنه تقوَّله؛ أي: فإن لم يأتوا بكلام مثله فهم كاذبون، وهذا إلهاب لعزيمتهم ليأتوا بكلام مثل القرآن؛ ليكون عدم إتيانهم بمثله حجة على كذبهم.

الإعراب :

  • ﴿ فَلْيَأْتُوا:
  • الفاء استئنافية. اللام لام الأمر. يأتوا: فعل مضارع مجزوم باللام وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بيأتوا. مثله: صفة نعت-لحديث مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. أي فليأتوا بقرآن مثله.
  • ﴿ إِنْ كانُوا:
  • حرف شرط‍ جازم. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. فعل الشرط‍ في محل جزم بإن والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. وحذف جواب الشرط‍ لتقدم معناه أي إن كانوا صادقين فليأتوا بحديث مثله.
  • ﴿ صادِقِينَ:
  • خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا زعموا أن محمدًا صلى الله عليه وسلم اختلق هذا القرآن، وكان هذا قد يروج على الدهماء؛ تصدى القرآن لبيان إبطالها، بأن تحداهم بأن يأتوا بمثل هذا القرآن، فعجزهم عن أن يأتوا بمثله دليل على أنهم كاذبون، قال تعالى:
﴿ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بحديث مثله:
وقرئ:
على الإضافة، وهى قراءة الجحدري، وأبى السمال.

مدارسة الآية : [35] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ..

التفسير :

[35] أخُلِق هؤلاء المشركون من غير خالق لهم وموجد، أم هم الخالقون لأنفسهم؟ وكلا الأمرين باطل ومستحيل. وبهذا يتعيَّن أن الله سبحانه هو الذي خلقهم، وهو وحده الذي يستحقُّ العبادة ولا تصلح إلا له.

{ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} وهذا استدلال عليهم، بأمر لا يمكنهم فيه إلا التسليم للحق، أو الخروج عن موجب العقل والدين، وبيان ذلك:أنهم منكرون لتوحيد الله، مكذبون لرسوله، وذلك مستلزم لإنكار أن الله خلقهم.

وقد تقرر في العقل مع الشرع، أن الأمر لا يخلو من أحد ثلاثة أمور:

إما أنهم خلقوا من غير شيء أي:لا خالق خلقهم، بل وجدوا من غير إيجاد ولا موجد، وهذا عين المحال.

أم هم الخالقون لأنفسهم، وهذا أيضا محال، فإنه لا يتصور أن يوجدوا أنفسهم

فإذا بطل [هذان] الأمران، وبان استحالتهما، تعين [القسم الثالث] أن الله الذي خلقهم، وإذا تعين ذلك، علم أن الله تعالى هو المعبود وحده، الذي لا تنبغي العبادة ولا تصلح إلا له تعالى.

ثم وبخهم- سبحانه- على عدم تفكرهم في خلق أنفسهم فقال: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ. أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ.

أى: بل أخلقوا على هذه الكيفية البديعة، والهيئة القويمة، من غير أن يكون هناك خالق لهم؟ أم هم الذين خلقوا أنفسهم بدون احتياج لخالق؟ أم هم الذين قاموا بخلق السموات والأرض؟

لا، إن شيئا من ذلك لم يحدث، فإنهم لم يخلقوا من غير شيء، وإنما الذي خلقهم بقدرته- تعالى- هو الله وحده، كما خلق- سبحانه- السموات والأرض بقدرته- أيضا- وهم يعترفون بذلك، كما في قوله- تعالى-: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ....

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ....

هذا المقام في إثبات الربوبية وتوحيد الألوهية ، فقال تعالى : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ) أي : أوجدوا من غير موجد ؟ أم هم أوجدوا أنفسهم ؟ أي : لا هذا ولا هذا ، بل الله هو الذي خلقهم وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئا مذكورا .

قال البخاري : حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان قال : حدثوني عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور ، فلما بلغ هذه الآية : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون ) كاد قلبي أن يطير .

وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طرق ، عن الزهري ، به . وجبير بن مطعم كان قد قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وقعة بدر في فداء الأسارى ، وكان إذ ذاك مشركا ، وكان سماعه هذه الآية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك .

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)

يقول تعالى ذكره: أخلق هؤلاء المشركون من غير شيء, أي من غير آباء ولا أمَّهات, فهم كالجماد, لا يعقلون ولا يفهمون لله حجة, ولا يعتبرون له بعبرة, ولا يتعظون بموعظة. وقد قيل: إن معنى ذلك: أم خلقوا لغير شيء, كقول القائل: فعلت كذا وكذا من غير شيء, بمعنى: لغير شيء.

وقوله: ( أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ) يقول: أم هم الخالقون هذا الخلق, فهم لذلك لا يأتمرون لأمر الله, ولا ينتهون عما نهاهم عنه, لأن للخالق الأمر والنهي .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[35] ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ﴾ تشمل الآية معنيين: أحدهما: من غير خالق لا يتم الخلق إلا به. الثاني: من غير مادة أو سبب من أب أو أم.
وقفة
[35] ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ﴾ هنا تقرير حقيقة فطرية وبداهة أولية: استحالة وجود شيء من غير سبب، وامتناع الانتقال من العدم إلى الوجود إلا عن طريق موجد، والموجد هو الخالق سبحانه؛ لذا فالخلق يدل على الخالق.
وقفة
[35] ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ﴾ آية أعيا الملحدين جوابها! فهم يعلمون أن كأس عصير لا يمكن أن يأتي صدفة أو بغير معدٍّ له، فكيف بهذا الكون!
وقفة
[35] ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ﴾؟ لا يملك الملحد جوابًا إلا تمويها بنحو: من خلق الله؟ وهذا لا يرفع حقيقة أن لي خالقًا، لكنه يثبت جهله بخالقه وأنه لا مثل له.
وقفة
[35] ﴿أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون﴾ أهدها لكل حائر باحث عن الحقيقة.
وقفة
[35] ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ آية تنعقد أمامها اﻷلسن ويخنس المبطل، وتخر العقول القاصرة في محراب الحجة البالغة.
وقفة
[35] ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ﴾ هذا مستحيل، فلا يوجد مصنوع بلا صانع، ﴿أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ أم هم خلقوا أنفسهم، وهذا أيضا مستحيل.
وقفة
[35] ﴿أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ هذا تحدٍّ أكبر واستحالة عظمى، وهي عجز العبد عن الخلق والإيجاد من العدم، فهذه لا يقدر عليها إلا الله سبحانه.

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ خُلِقُوا:
  • حرف عطف وهي «أم» المنقطعة بمعنى «بل» للاضراب.خلقوا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. ويجوز أن تكون «أم» متصلة.
  • ﴿ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ:
  • جار ومجرور متعلق بخلقوا. شيء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة أو تكون «أم» المنقطعة مسبوقة بهمزة الاستفهام. أي متضمنة معنى الاستفهام الانكاري الذي هو بمنزلة النفي.
  • ﴿ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ:
  • أعربت. هم: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ.الخالقون: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وحذف مفعول اسم الفاعل-الخالقون-لأنه معلوم بمعنى: أم هم الخالقون أنفسهم حيث لا يعبدون الخالق. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     الاستفهامُ الخامسُ: هل خُلِقَ النَّاسُ من غيرِ خَالق؟! الاستفهامُ السادسُ: هل خَلَقَ الإنسانُ نفسَه؟!، قال تعالى :
﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [36] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل ..

التفسير :

[36] أم خَلَقوا السموات والأرض على هذا الصنع البديع؟ بل هم لا يوقنون بعذاب الله، فهم مشركون.

{ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وهذا استفهام يدل على تقرير النفي أي:ما خلقوا السماوات والأرض، فيكونوا شركاء لله، وهذا أمر واضح جدا. ولكن المكذبين{ لَا يُوقِنُونَ} أي:ليس عندهم علم تام، ويقين يوجب لهم الانتفاع بالأدلة الشرعية والعقلية.

وقوله: بَلْ لا يُوقِنُونَ أى: هم ليسوا على يقين من أمرهم، وإنما هم يخبطون خبط عشواء، فهم مع اعترافهم بأن الله- تعالى- هو الذي خلقهم، إلا أن هذا الاعتراف صار كالعدم، لأنهم لم يعملوا بموجبه، من إخلاص العبادة له- تعالى- والإيمان بالحق الذي جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند خالقهم.

ثم قال تعالى : ( أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ) أي : أهم خلقوا السماوات والأرض ؟ وهذا إنكار عليهم في شركهم بالله ، وهم يعلمون أنه الخالق وحده لا شريك له . ولكن عدم إيقانهم هو الذي يحملهم على ذلك ،

( أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ ) يقول: أخلقوا السماوات والأرض فيكونوا هم الخالقين, وإنما معنى ذلك: لم يخلقوا السماوات والأرض,( بَل لا يُوقِنُونَ ) يقول: لم يتركوا أن يأتمروا لأمر ربهم, وينتهوا إلى طاعته فيما أمر ونهى, لأنهم خلقوا السموات والأرض, فكانوا بذلك أربابا, ولكنهم فعلوا, لأنهم لا يوقنون بوعيد الله وما أعدّ لأهل الكفر به من العذاب في الآخرة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[36] ﴿أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ﴾ آية تخاطب الفطرة السوية.
وقفة
[36] ﴿أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ﴾ من خالق هذا الكون العجيب المنتظم؟ لم يدعِ هذا أحدٌ لنفسه إلا الخالق سبحانه.
وقفة
[36]﴿أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ﴾ ما أجمل قول ابن عطاء: «كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر بكل شيء، أم كيف يتصور أن محجبه شيء، وهو الذي ظهر في كل شيء؟!».

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ خَلَقُوا:
  • أعربت: خلقوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة
  • ﴿ بَلْ لا يُوقِنُونَ:
  • حرف اضراب لا عمل له للاستئناف. لا: نافية لا عمل لها. يوقنون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بمعنى: اذا سئلوا من خلقكم وخلق السموات والأرض؟ قالوا الله وهم شاكون فيما يقولون لا يوقنون بذلك. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     الاستفهامُ السابعُ: هل خَلَقَ النَّاسُ السماوات والأرض؟!، قال تعالى:
﴿ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [37] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ ..

التفسير :

[37] أم عندهم خزائن ربك يتصرفون فيها، أم هم الجبارون المتسلطون على خلق الله بالقهر والغلبة؟ ليس الأمر كذلك، بل هم العاجزون الضعفاء.

{ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} أي:أعند هؤلاء المكذبين خزائن رحمة ربك، فيعطون من يشاءون ويمنعون من يريدون؟ أي:فلذلك حجروا على الله أن يعطي النبوة عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، وكأنهم الوكلاء المفوضون على خزائن رحمة الله، وهم أحقر وأذل من ذلك، فليس في أيديهم لأنفسهم نفع ولا ضر، ولا موت ولا حياة ولا نشور.

{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}

{ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} أي:المتسلطون على خلق الله وملكه، بالقهر والغلبة؟

ليس الأمر كذلك، بل هم العاجزون الفقراء

ثم قال- تعالى-: أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ أى: بل أعند هؤلاء الغافلين خَزائِنُ رَبِّكَ أى: مفاتيح أرزاقه- تعالى- لعباده، ومقدراته لهم، حتى يقسموها عليهم كما شاءوا، أم هم المصيطرون على أحوال هذا الكون، المتسلطون على مقدراته، حتى لكأنهم أربابه المتغلبون عليه؟.

كلا لا شيء لهم من ذلك إطلاقا، وإنما هم وغيرهم فقراء إلى رزق الله- تعالى- لهم

( أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون ) أي : أهم يتصرفون في الملك وبيدهم مفاتيح الخزائن ، ( أم هم المسيطرون ) أي : المحاسبون للخلائق ، ليس الأمر كذلك ، بل الله عز وجل ، هو المالك المتصرف الفعال لما يريد .

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ (37)

يقول تعالى ذكره: أعند هؤلاء المكذّبين بآيات الله خزائن ربك يا محمد, فهم لاستغنائهم بذلك عن آيات ربهم معرضون, أم هم المسيطرون.

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معناه: أم هم المسلَّطون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ ) يقول: المسلَّطون.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أم هم المُنـزلونَ.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ ) قال: يقول أم هم المنـزلون.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أم هم الأرباب, ومن قال ذلك معمر بن المثنى, قال: يقال: سيطرتَ عليّ: أي اتخذتني خولا لك.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: أم هم الجبَّارون المتسلطون المستكبرون على الله, وذلك أن المسيطر في كلام العرب الجبار المتسلط, ومنه قول الله: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ . يقول: لست عليهم بجبار مسلط.

التدبر :

وقفة
[37] ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾ اغرس في قلبك التعلق بالله وحده! فلا أحد من الخلق يمتلك ذرة مما معه، ولا أحد يستطيع التصرف خارج إرادة الله أو بعيدًا عن قهره وسلطانه.
وقفة
[37] ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾ كان أبو حفص النيسابوري يقول: «أحسن ما يتوسل به العبد إلى مولاه: دوام الفقر إليه على جميع الأحوال، وملازمة السنة في جميع الأفعال، وطلب القوت من وجه حلال».
وقفة
[37] ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾ عجبًا للفقير كيف يتطاول علي الغني المنعم؟! وللضعيف كيف يتعالي علي القوي المسيطر؟! فما أشد غرورك أيها الإنسان!
وقفة
[37] ﴿أَم عِندَهُم خَزائِنُ رَبِّكَ أَم هُمُ المُصَيطِرونَ﴾ وهل يوجد رزق لك عند سواه؟!
اسقاط
[35-37] عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ t قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾، قَالَ: «كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ» [البخاري 4854]، والسؤال الآن: كم مرة توقفنا عند هذه السورة، وهذه الأسئلة العظيمة القامعة لكل شبهة؟!

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ عِنْدَهُمْ:
  • أعربت. عند: مفعول فيه ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر مقدم محذوف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ خَزائِنُ رَبِّكَ:
  • مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. ربك: مضاف اليه مجرور بالاضافة وهو مضاف والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. بمعنى أم عندهم خزائن رزق ربك حتى يرزقوا النبوة من شاءوا؟ أو هل عندهم خزائن علمه حتى يختاروا لها من اختيارهم حكمة ومصلحة.
  • ﴿ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ:
  • أعربت. هم: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. المصيطرون: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وهي لغة في «المسيطرون» بمعنى الغالبون. '

المتشابهات :

الإسراء: 100﴿قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنفَاقِ
ص: 9﴿أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ
الطور: 37﴿أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     الاستفهامُ الثامنُ: هل يملكُ أحدٌ خزائن الله؟! الاستفهامُ التاسعُ: هل يملكُ أحدٌ قَهْرَ الخلقِ جميعًا؟! قال تعالى:
﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

المصيطرون:
1- بالصاد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالسين، وهى قراءة هشام، وقنبل، وحفص.

مدارسة الآية : [38] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ..

التفسير :

[38] أم لهم مصعد إلى السماء يستمعون فيه الوحي بأن الذي هم عليه حق؟ فليأت مَن يزعم أنه استمع ذلك بحجة بينة تصدِّق دعواه.

{ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} أي:ألهم اطلاع على الغيب، واستماع له بين الملأ الأعلى، فيخبرون عن أمور لا يعلمها غيرهم؟

{ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ} المدعي لذلك{ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} وأنى له ذلك؟

والله تعالى عالم الغيب والشهادة، فلا يظهر على غيبه [أحدا]إلا من ارتضى من رسول يخبره بما أراد من علمه.

وإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل وأعلمهم وإمامهم، وهو المخبر بما أخبر به، من توحيد الله، ووعده، ووعيده، وغير ذلك من أخباره الصادقة، والمكذبون هم أهل الجهل والضلال والغي والعناد، فأي المخبرين أحق بقبول خبره؟ خصوصا والرسول صلى الله عليه وسلم قد أقام من الأدلة والبراهين على ما أخبر به، ما يوجب أن يكون خبرهعين اليقين وأكمل الصدق، وهم لم يقيموا على ما ادعوه شبهة، فضلا عن إقامة حجة.

أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ... والسلم: هو ما يتوصل به إلى الأمكنة العالية.

أى: بل ألهم سلم يصعدون بواسطته إلى السماء، ليستمعوا إلى وحينا وأمرنا ونهينا..

إن كان أمرهم كذلك: فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أى: فليأت من استمع منهم إلى شيء من كلامنا أو وحينا بحجة واضحة تدل على صدقه فيما ادعاه.

ومما لا شك فيه أنهم لا حجة لهم، بل هم كاذبون إذا ما ادعوا ذلك، لأن وحى الله- تعالى- خاص بأناس معينين، ليسوا منهم قطعا.

وقوله : ( أم لهم سلم يستمعون فيه ) أي : مرقاة إلى الملأ الأعلى ، ( فليأت مستمعهم بسلطان مبين ) أي : فليأت الذي يستمع لهم بحجة ظاهرة .

على صحة ما هم فيه من الفعال والمقال ، أي : وليس لهم سبيل إلى ذلك ، فليسوا على شيء ، ولا لهم دليل .

وقوله: ( أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ) يقول: أم لهم سلم يرتقون فيه إلى السماء يستمعون عليه الوحي, فيدعون أنهم سمعوا هنالك من الله أن الذي هم عليه حقّ, فهم بذلك متمسكون بما هم عليه.

وقوله: ( فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) يقول: فإن كانوا يدّعون ذلك فليأت من يزعم أنه استمع ذلك, فسمعه بسلطان مبين, يعني بحجة تبين أنها حقّ, كما أتى محمد صلى الله عليه وسلم بها على حقيقة قوله, وصدقه فيما جاءهم به من عند الله. والسُّلَّم في كلام العرب: السبب والمرقاة; ومنه قول ابن مقبل:

لا تُحـرزِ المَـرْءَ أَحْجـاءُ الْبِـلاد وَلا

تُبْنَـى لَـهُ فـي السَّـمَاواتِ السَّـلاليمُ (1)

ومنه قوله: جعلت فلانا سلما لحاجتي: إذا جعلته سببا لها.

_____________________

الهوامش:

(1) هذا البيت لتميم بن أبي مقبل ، نسبه إليه أبو عبيد في مجاز القرآن ( الورقة 230 - 1 ) وأحجاء البلاد . نواحيها وأطرافها . قاله في ( اللسان : حجا ) ونسب البيت لابن مقبل وقد شرحنا البيت وبينا الشاهد فيه ، عند قوله تعالى ( أو سلما في السماء ) في سورة الأنعام ( 7 : 184 ) من هذه الطبعة ، فراجعه ثمة . وقال أبو عبيدة والسلم : السبب والمراقاة ، قال ابن مقبل : " لا تحرز المرء ... البيت " قال : أنت تتخذني سلمًا لحاجتك : أي سببا .

التدبر :

وقفة
[38] ﴿أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ لماذا السلطان المبين؟ والجواب: لو طلب منهم أن يقولوا ما سمعوه، لكان لواحد منهم أن يقول: أنا سمعت كذا وكذا، فيفترى كذبًا، فقال: لا، بل الواجب أن يأتي بالدليل على ما سمِع.
وقفة
[38] ﴿أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ حين يستبد بالمرء الضلال والكبر فإنه يجنح بأوهامه إلي ادعاءات هشة ظاهرة البطلان.
وقفة
[38] ﴿أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ في غياب الحجة والمنطق تحضر الهرطقة والأباطيل المضحكة!

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ:
  • أعربت. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. سلم: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. بمعنى: أم لهم مرتقى منصوب الى السماء.
  • ﴿ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع صفة-نعت-لسلم. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.فيه: جار ومجرور متعلق بيستمعون وحذف المفعول اختصارا بمعنى:يستمعون عليه كلام الملائكة أي صاعدين فيه الى كلام الملائكة وما يوحى اليهم من علم الغيب.
  • ﴿ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ:
  • الفاء استئنافية أو واقعة في جواب شرط‍ مقدر بمعنى:ان كانوا صادقين في قدرتهم على ذلك فليأت. اللام لام الأمر-الطلب- يأت: فعل مضارع مجزوم باللام وعلامة جزمه حذف آخره-حرف العلة- وبقيت الكسرة دالة عليه. مستمع: فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ:
  • جار ومجرور متعلق بيأت. مبين: صفة-نعت-لسلطان مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     الاستفهامُ العاشرُ: هل اطلعَ أحدٌ في الملأ الأعلى على ما عند الله؟!، قال تعالى :
﴿ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [39] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ

التفسير :

[39] ألِلّٰهِ سبحانه البنات ولكم البنون كما تزعمون افتراء وكذباً؟

{ أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ} كما زعمتم{ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} فتجمعون بين المحذورين؟ جعلكم له الولد، واختياركم له أنقص الصنفين؟ فهل بعد هذا التنقص لرب العالمين غاية أو دونه نهاية؟

أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ أى: بل أيقولون إن لله- تعالى- البنات ولهم الذكور، إن قولهم هذا من أكبر الأدلة على جهلهم وسوء أدبهم. لأن الله- تعالى- هو الخالق للنوعين، وهو- سبحانه- يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ.

ثم قال منكرا عليهم فيما نسبوه إليه من البنات ، وجعلهم الملائكة إناثا ، واختيارهم لأنفسهم الذكور على الإناث ، بحيث إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم . هذا وقد جعلوا الملائكة بنات الله ، وعبدوهم مع الله ، فقال : ( أم له البنات ولكم البنون ) وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد ،

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39)

يقول تعالى ذكره للمشركين به من قريش: ألربكم أيها القوم البنات ولكم البنون؟ ذلك إذن قسمة ضيزي,

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[39] ﴿أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ﴾ خلق البنات والبنين إنما يكون لجواز الفناء على الشخص، ولولا التوالد لانقطع النسل؛ لذا قدَّر الله التوالد على الخلق، ولذا لا يكون في الجنة ولادة؛ لأنها دار بقاء، لا موت فيها للآباء، فلا حاجة لوجود الأبناء (إلا لو أراد أهلها ذلك).

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ لَهُ الْبَناتُ:
  • أعربت. له: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. البنات:مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة بتقدير: أم له البنات كما تزعمون من أن الملائكة بنات الله. وهو استفهام انكاري.
  • ﴿ وَلَكُمُ الْبَنُونَ:
  • معطوفة بالواو على لَهُ الْبَناتُ» وتعرب اعرابها. والميم في «لكم» علامة جمع الذكور وعلامة رفع «البنون» الواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

الصافات: 149﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ
الطور: 39﴿ أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     الاستفهامُ الحادي عَشَر: هل اختُصَّ اللهُ بالبنات على حد زعمهم؟!، قال تعالى :
﴿ أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [40] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن ..

التفسير :

[40] بل أتسأل -أيها الرسول- هؤلاء المشركين أجراً على تبليغ الرسالة، فهم في جهد ومشقة من التزام غرامة تطلبها منهم؟

{ أَمْ تَسْأَلُهُمْ} يا أيها الرسول{ أَجْرًا} على تبليغ الرسالة،{ فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} ليس الأمر كذلك، بل أنت الحريص على تعليمهم، تبرعا من غير شيء، بل تبذل لهم الأموال الجزيلة، على قبول رسالتك، والاستجابة [لأمرك

و] دعوتك، وتعطي المؤلفة قلوبهم [ليتمكن العلم والإيمان من قلوبهم].

أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ أى: بل أتسألهم أجرا على دعوتك إياهم إلى الحق، فهم بسبب ذلك قد أثقلتهم الديون والمغارم، فصاروا ينفرون من دعوتك؟ كلا إنك لم تطلب منهم شيئا من ذلك.

والمغرم: الدين الذي يكون على الإنسان، فيثقل كاهله، ويحزن نفسه.

( أم تسألهم أجرا ) أي : أجرة على إبلاغك إياهم رسالة الله ؟ أي : لست تسألهم على ذلك شيئا ، ( فهم من مغرم مثقلون ) أي : فهم من أدنى شيء يتبرمون منه ، ويثقلهم ويشق عليهم ،

قوله: ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أتسأل هؤلاء المشركين الذين أرسلناك إليهم يا محمد على ما تدعوهم إليه من توحيد الله وطاعته ثوابا وعوضا من أموالهم, فهم من ثقل ما حملتهم من الغرم لا يقدرون على إجابتك إلى ما تدعوهم إليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ) يقول: هل سألت هؤلاء القوم أجرا يُجهدهم, فلا يستطيعون الإسلام.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ) قال: يقول: أسألتَهم على هذا أجرا, فأثقلهم الذي يُبْتَغَى أخذُه منهم.

التدبر :

وقفة
[40] ﴿أم تسألهم أجرا﴾ إذا رأيتَ الداعيةَ حريصًا على الدنيا، طمَّاعًا بما في أيدي الناس، فاحكُم على دعوته بالبَوار.
وقفة
[40] ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ﴾ دعوة مجانية لا تكلِّفهم شيئًا، وتضمن لهم جنت النعيم، فكيف التأخر عن دعوة كهذه؟!
وقفة
[40] ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ﴾ هنا إعلاء لقدر الداعية، فأجره لا يقدر عليه إلا الله، ولا يُجازي عليه إلا الذي لا حدود لقدرته، ولا منتهى لفضله ومعونته.
عمل
[40] ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ﴾ علي الداعية أن يتحلي بعزة النفس والجود, ويجعل يده أبدًا يدًا عليا, ويأنف أن يتكسب من دعوته, أو أن تكون يده يدًا سفلى.
عمل
[40] ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ﴾ ما عند الله خير وأبقي, فليحرص الدعاة علي التأسي برسول الله صلي الله عليه وسلم في دعوتهم؛ بجعلها عملًا خالصًا له سبحانه, لا يبتغون عليها جزاءً ولا شكورًا.
وقفة
[40] الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يأخذون على دعوتهم عوضًا ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً:
  • أعربت. تسأل: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به أول. أجرا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ:
  • الفاء حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال.هم: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. من مغرم: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ «هم» بمعنى: أم تسألهم مالا على نصحك فهم من غرامة.
  • ﴿ مُثْقَلُونَ:
  • خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. أي يبهظهم ذلك. أي يثقل عليهم ويسبب لهم مشقة فهم مبهظون. '

المتشابهات :

المؤمنون: 72﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ
الطور: 40﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ
القلم: 46﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     الاستفهامُ الثاني عَشَر: هل يطلبُ الدَّاعيةُ أجرًا على تبليغ الدعوة؟!، قال تعالى :
﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [41] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ

التفسير :

[41] أم عندهم علم الغيب فهم يكتبونه للناس ويخبرونهم به؟ ليس الأمر كذلك؛ فإنه لا يعلم الغيب في السموات والأرض إلا الله.

{ أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} ما كانوا يعلمونه من الغيوب، فيكونون قد اطلعوا على ما لم يطلع عليه رسول الله، فعارضوه وعاندوه بما عندهم من علم الغيب؟ وقد علم أنهم الأمة الأمية، الجهال الضالون، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي عنده من العلم أعظم من غيره، وأنبأه الله من علم الغيب على ما لم يطلع عليه أحدا من الخلق، وهذا كله إلزام لهم بالطرق العقلية والنقلية على فساد قولهم، وتصوير بطلانه بأحسن الطرق وأوضحها وأسلمها من الاعتراض.

أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ أى: بل أيزعمون أن عندهم علم الغيب فهم يكتبونه للناس، ويطلعونهم عليه..؟.

كلا إنهم لا علم لهم بشيء من الغيب، لأن علم الغيب مرده إلى الله- تعالى- وحده، كما قال- سبحانه-: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ....

( أم عندهم الغيب فهم يكتبون ) أي : ليس الأمر كذلك ، فإنه لا يعلم أحد من أهل السماوات والأرض الغيب إلا الله ،

وقوله ( أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ) يقول تعالى ذكره: أم عندهم علم الغيب فهم يكتبون ذلك للناس, فينبئونهم بما شاءوا, ويخبرونهم بما أرادوا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[41] ﴿أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ ليس عندهم شيء من الغيب، ولا قدرة لهم عليه، ولم يكتبوا في سجلات الغيب شيئًا، إنما كتب الله في اللوح المحفوظ ما قدَّرَه لخلقه.
وقفة
[41] ﴿أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ لا يعلم الغيب إلا الله وحده, فمن ادعي معرفة شئ منه؛ فقد حكم علي نفسه بالضلال, ولو ارتدى زِيَّ الأتقياء العباد.

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابعة والثلاثين. اي اللوح المحفوظ‍ الذي فيه علم الغيب.
  • ﴿ فَهُمْ يَكْتُبُونَ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. يكتبون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة «يكتبون» في محل رفع خبر «هم» وحذف مفعولها اختصارا بمعنى: يكتبون ما فيه حتى يقولوا وان بعثنا لا نعذب. أي فهم يحكمون منه؟ '

المتشابهات :

الطور: 41﴿ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ
القلم: 47﴿ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     الاستفهامُ الثالث عَشَر: هل اطَّلَعوا على أنَّ عندَ اللهِ ما يُخالِفُ ما ادَّعى الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إبلاغَه عن اللهِ؟!، قال تعالى :
﴿ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [42] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا ..

التفسير :

[42] بل يريدون برسول الله وبالمؤمنين مكراً، فالذين كفروا يرجع كيدهم ومكرهم على أنفسهم.

وقوله:{ أَمْ يُرِيدُونَ} بقدحهم فيك وفيما جئتهم به{ كَيْدًا} يبطلون به دينك، ويفسدون به أمرك؟

{ فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} أي:كيدهم في نحورهم، ومضرته عائدة إليهم، وقد فعل الله ذلك -ولله الحمد- فلم يبق الكفار من مقدورهم من المكر شيئا إلا فعلوه، فنصر الله نبيه ودينه عليهموخذلهم وانتصر منهم.

أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً، فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ أى: بل أيريدون بك- أيها الرسول الكريم- الكيد والأذى والهلاك، إن كانوا يريدون بك ذلك فاعلم أن الذين كفروا بك وبدعوتك وأرادوا بك وبها الكيد والأذى، هم المغلوبون الخاسرون الذين يحيق بهم كيدهم ويعود عليهم وباله.

فقوله: الْمَكِيدُونَ اسم مفعول من الكيد، وهو المكر والخبث ...

وقد عاد عليهم وبال مكرهم فعلا، فقد خرج صلى الله عليه وسلم من بين جموعهم ليلة الهجرة، دون أن يروه، وكانوا محيطين بداره ليقتلوه، وأحبط الله- تعالى- مكرهم.

( أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون ) يقول تعالى : أم يريد هؤلاء بقولهم هذا في الرسول وفي الدين غرور الناس وكيد الرسول وأصحابه ، فكيدهم إنما يرجع وباله على أنفسهم ، فالذين كفروا هم المكيدون ،

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42)

يقول تعالى ذكره: بل يريد هؤلاء المشركون يا محمد بك, وبدين الله كيدا( فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ ) يقول: فهم المكيدون الممكورُ بهم دونك, فثق بالله, وامض لما أمرك به.

التدبر :

وقفة
[42] ﴿أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا ۖ فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ﴾ من كاد أولياء الله عاد عليه وبال كيده، وحاق به سيئ مكره.
عمل
[42] ﴿أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا ۖ فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ﴾ مهما دبر أعداء الاسلام من مكر بالمؤمنين والمصلحين, فإن الله محيط بمكرهم, راد لتدبيرهم, فطب نفسًا أيها المسلم ولا تخش إلا الله.
عمل
[42] تأمـل كيدًا من كيد أعـداء الدين، واسـأل الله أن يـرده في نحــورهم ﴿أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا ۖ فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً:
  • أعربت. يريدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. كيدا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أي أم يريدون بك وبالمؤمنين هلاكا ومذلة.
  • ﴿ فَالَّذِينَ كَفَرُوا:
  • الفاء: استئنافية. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كفروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة «كفروا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والاشارة اليهم أو أريد بهم كل من كفر بالله.
  • ﴿ هُمُ الْمَكِيدُونَ:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع خبر «الذين» هم: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. المكيدون: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     الاستفهامُ الرابع عَشَر: هل يريدون الكيد للإسلام؟!، قال تعالى :
﴿ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ ..

التفسير :

[43] أم لهم معبود يستحق العبادة غير الله؟ تنزَّه وتعالى عما يشركون، فليس له شريك في الملك، ولا شريك في الوحدانية والعبادة.

{ أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} أي:ألهم إله يدعى ويرجى نفعه، ويخاف من ضره، غير الله تعالى؟{ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} فليس له شريك في الملك، ولا شريك في الوحدانية والعبادة، وهذا هو المقصود من الكلام الذي سيق لأجله، وهو بطلان عبادة ما سوى الله وبيان فسادها بتلك الأدلة القاطعة، وأن ما عليه المشركون هو الباطل، وأن الذي ينبغي أن يعبد ويصلى له ويسجد ويخلص له دعاء العبادة ودعاء المسألة، هو الله المألوه المعبود، كامل الأسماء والصفات، كثير النعوت الحسنة، والأفعال الجميلة، ذو الجلال والإكرام، والعز الذي لا يرام، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الكبير الحميد المجيد.

أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ أى: بل ألهم إله غير الله- تعالى- يرزقهم من فضله، ويرعاهم بلطفه في جميع أطوار حياتهم.

كلا إنهم لا إله لهم سواه- تعالى- وتنزه- سبحانه- عن شركهم وكفرهم.

( أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون ) . وهذا إنكار شديد على المشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد مع الله . ثم نزه نفسه الكريمة عما يقولون ويفترون ويشركون ، فقال : ( سبحان الله عما يشركون )

وقوله ( أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ ) يقول جلّ ثناؤه: أم لهم معبود يستحق عليهم العبادة غير الله, فيجوز لهم عبادته, يقول: ليس لهم إله غير الله الذي له العبادة من جميع خلقه ( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يقول: تنـزيها لله عن شركهم وعبادتهم معه غيره.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[43] ﴿أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ ليس لنا إلا الله! يرزقنا، ويهدينا، وينصرنا، فهل هناك إله غيره تلجؤون إليه لطلب الرزق والهداية والنصر؟! سبحانه!
تفاعل
[43] ﴿أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ سَبِّح الله الآن.

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ:
  • أعربت في الآية الكريمة الثامنة والثلاثين. غير:صفة-نعت-لإله مرفوع أيضا بالضمة. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ سُبْحانَ اللهِ عَمّا يُشْرِكُونَ:
  • سبق اعرابها في سور كثيرة. تراجع الآية الكريمة الثامنة والستون من سورة «القصص». '

المتشابهات :

المؤمنون: 91﴿إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يَصِفُونَ
الصافات: 159﴿ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يَصِفُونَ
الطور: 43﴿أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ اللَّـهِ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
الحشر: 23﴿هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     الاستفهامُ الخامسَ عَشَر: ألهم معبود يستحق العبادة غيرُ الله؟!، قال تعالى:
﴿ أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [44] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء ..

التفسير :

[44] وإن ير هؤلاء المشركون قِطَعاً من السماء ساقطاً عليهم عذاباً لهم لم ينتقلوا عما هم عليه من التكذيب، ولقالوا:هذا سحاب متراكم بعضه فوق بعض.

يقول تعالى في [ذكر] بيان أن المشركين المكذبين بالحق الواضح، قد عتوا [عن الحق] وعسوا على الباطل، وأنه لو قام على الحق كل دليل لما اتبعوه، ولخالفوه وعاندوه،{ وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا} أي:لو سقط عليهم من السماء من الآيات الباهرة كسف أي:قطع كبار من العذاب{ يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ} أي:هذا سحاب متراكم على العادة أي:فلا يبالون بما رأوا من الآيات ولا يعتبرون بها، وهؤلاء لا دواء لهم إلا العذاب والنكال

وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ والكسف جمع كسفة وهي القطعة من الشيء، والمركوم: المتراكم الذي تجمع بعضه فوق بعض.

أى: وإذا رأى هؤلاء الجاهلون قطعة عظيمة من العذاب نازلة عليهم لتهديدهم وزجرهم.

قالوا: هذا النازل علينا سحاب متراكم، قد اجتمع بعضه فوق بعض ليسقينا، ولم يصدقوا أنه نذير عذاب شديد لهم. وهذا شأن الطغاة المعاندين، وقد سبقهم إلى ذلك قوم عاد، فإنهم حين رأوا العذاب مقبلا نحوهم قالوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا فرد الله- تعالى- عليهم بقوله بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ.

هذا: والمتأمل في هذه الآيات الكريمة: يراها قد حملت على المشركين حملة شديدة، حيث وبختهم على جهالاتهم، وتحدتهم بأسلوب تعجيزى أن يأتوا بمثل القرآن الكريم، وتهكمت بهم وبعقولهم الفارغة التي انقادوا لها بدون تفكر أو تدبر، وبينت أنهم قوم متناقضون مع أنفسهم، لأنهم يقرون أن الله- تعالى- هو الخالق لهم ولغيرهم، ومع ذلك فهم يعبدون غيره.

وينسبون البنات إليه دون البنين ...

وقد ذكر بعض المفسرين أن ما أصابهم من هزيمة يوم بدر، كان في السنة الخامسة عشرة من بعثته صلى الله عليه وسلم وأن هذه الآيات قد تكرر فيها لفظ «أم» خمس عشرة مرة، بعدد هذه السنين، ولذا قالوا: إن ذلك فيه إشارة إلى إعجاز القرآن الكريم.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة. بتوجيه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، على سبيل التسلية والتكريم، حيث أمره- سبحانه- بالإعراض عنهم، لأنه- سبحانه- هو الذي سيتولى حسابهم وعقابهم.. فقال- تعالى-:

يقول تعالى مخبرا عن المشركين بالعناد والمكابرة للمحسوس : ( وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا ) أي : عليهم يعذبون به ، لما صدقوا ولما أيقنوا ، بل يقولون : هذا ( سحاب مركوم ) أي : متراكم . وهذه كقوله تعالى : ( ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ) [ الحجر : 14 ، 15 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)

يقول تعالى ذكره: وإن ير هؤلاء المشركون قطعا من السماء ساقطا, والكِسْف: جمع كِسفة, مثل التمر جمع تمرة, والسِّدر جمع سِدْرة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( كِسَفًا ) يقول: قِطعا.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا ) يقول: وإن يروا قطعا( مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ ) يقول جلّ ثناؤه: يقولوا لذلك الكِسْف من السماء الساقط: هذا سحاب مركوم, يعني بقوله مركوم: بعضه على بعض.

وإنما عنى بذلك جلّ ثناؤه المشركين من قريش الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات, فقالوا له: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا ...إلى قوله عَلَيْنَا كِسَفًا فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإن ير هؤلاء المشركون ما سألوا من الآيات, فعاينوا كِسَفا من السماء ساقطا, لم ينتقلوا عما هم عليه من التكذيب, ولقالوا. إنما هذا سحاب بعضه فوق بعض, لأن الله قد حتم عليهم أنهم لا يؤمنون.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة يقولوا( سَحَابٌ مَرْكُومٌ ) يقول: لا يصدّقوا بحديث, ولا يؤمنوا بآية.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ ) قال: حين سألوا الكِسْف قالوا: أسقط علينا كِسْفا من السماء إن كنت من الصادقين; قال: يقول: لو أنا فعلنا لقالوا: سحاب مركوم.

التدبر :

وقفة
[44] ﴿وَإِن يَرَوا كِسفًا مِنَ السَّماءِ ساقِطًا يَقولوا سَحابٌ مَركومٌ﴾ يرون العذاب ولا يبالون، يحيون فى البلاء ولا يلتفتون، غارقون في المحن ولا يهتمون.
وقفة
[44] ﴿وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ﴾ من طَمَسَ اللهُ على قلبِه لا ينتفعُ بالإنذاراتِ.
وقفة
[44] لو نزل عليهم العذاب الذي استعجلوه، لكذبوه، وقالوا: «هو سحاب متراكم»، وهكذا تفعل الضلالة بعقول أصحابها، ويتلاعب الشيطان بهم.
وقفة
[44] أهل الباطل لا تزيدهم الحجج والبينات إلا عنادًا وتكذيبًا.
وقفة
[44] لا عمي أشد من عمي الكفار, ولا قلوب أقسي من قلوبهم؛ تنزل بهم آيات العذاب جلية فيبصرونها بعيونهم, ثم لا يتعظون بها ولا يهتدون سبيلًا.
وقفة
[44] ما أشبه ضلال اليوم بضلال الأمس! يجحدون الآيات والنذر ويسمونها ظواهر طبيعية, وينسبون المُهلك منها إلي غضب الطبيعة، لا إلي غضب رب الطبيعة!
وقفة
[44] أهل الباطل لا تزيدهم الحجج إلا عنادًا وتكذيبًا.
وقفة
[44] الكافر لا يتعظ بما يرى من آيات الله، بخلاف المؤمن الذي يعتبر بكل آية.
وقفة
[44] منَّا مَن أصبحت قلوبهم مثل قلوب المشركين، لا يتعظون بكسوف وزلازل!
وقفة
[44] العصاة لا يؤمنون بعذاب الله، وإن رأوه عياناً ردوه لأحداث الطبيعة!

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنْ يَرَوْا:
  • الواو: استئنافية. ان: حرف شرط‍ جازم. يروا: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بان وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: قطعا جمع «كسفة» من السماء: جار ومجرور متعلق بصفة من كسفا. ساقطا: صفة-نعت-لكسفا منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة.ويجوز أن يكون الجار والمجرور مِنَ السَّماءِ» متعلقا بحال محذوفة لأنه صفة مقدمة لساقطا. أو يكون «ساقطا» حالا من «كسفا» بعد وصفه بالجار والمجرور.
  • ﴿ يَقُولُوا:
  • الجملة الفعلية: جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء في محل جزم بإن. وهي فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه: حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ سَحابٌ مَرْكُومٌ:
  • الجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به-مقول القول- سحاب: خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. أو هذا الكسف سحاب. مرفوع بالضمة. مركوم: صفة-نعت-لسحاب مرفوع مثله بالضمة بمعنى: متراكم بعضه فوق بعض. '

المتشابهات :

الطور: 44﴿وَإِن يَرَوۡاْ كِسْفًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطٗا يَقُولُواْ سَحَابٞ مَّرۡكُومٞ
الإسراء: 92﴿أَوۡ تُسۡقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمۡتَ عَلَيۡنَا كِسَفًا أَوۡ تَأۡتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ قَبِيلًا
الشعراء: 187﴿فَأَسۡقِطۡ عَلَيۡنَا كِسَفًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ
الروم: 48﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفًا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ
سبإ: 9﴿إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَيۡهِمۡ كِسَفًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّكُلِّ عَبۡدٖ مُّنِيبٖ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     وبعد تفنيدِ مزاعمِ المشركينَ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا عنادَهُم ومكابرتَهم، ولو رأَوا قطعةً من السماءِ ساقطةً عليهم، قال تعالى:
﴿ وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [45] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي ..

التفسير :

[45] فدع -أيها الرسول- هؤلاء المشركين حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يُهْلكون، وهو يوم القيامة.

{ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ}

وهو يوم القيامة الذي يصيبهم [فيه] من العذاب والنكال، ما لا يقادر قدره، ولا يوصف أمره.

والفاء في قوله- سبحانه-: فَذَرْهُمْ ... واقعة في جواب شرط مقدر. أى: إذا كان حال هؤلاء المشركين كما ذكرنا لك- أيها الرسول الكريم- فاتركهم في طغيانهم يعمهون..

حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ أى: فدعهم يخوضوا ويلعبوا حتى يأتيهم اليوم الذي فيه يموتون ويهلكون.

قال القرطبي: قوله يُصْعَقُونَ بفتح الياء قراءة العامة. وقرأ ابن عامر وعاصم بضمها. قال الفراء: هما لغتان: صعق وصعق مثل سعد وسعد. قال قتادة: يوم يموتون.

وقيل: هو يوم بدر، وقيل: يوم النفخة الأولى. وقيل: يوم القيامة يأتيهم فيه من العذاب ما يزيل عقولهم ....

قال الله تعالى : ( فذرهم ) أي : دعهم - يا محمد - ( حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون ) ، وذلك يوم القيامة ،

وقوله ( فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فدع يا محمد هؤلاء المشركين حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يهلكون, وذلك عند النفخة الأولى.

واختلفت القراء في قراءة قوله: ( فِيهِ يُصْعَقُونَ ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى عاصم بفتح الياء من (يَصْعَقُونَ), وقرأه عاصم ( يُصْعَقُونَ ) بضم الياء, والفتح أعجب القراءتين إلينا, لأنه أفصح اللغتين وأشهرهما, وإن كانت الأخرى جائزة, وذلك أن العرب تقول: صعق الرجل وصعِق, وسَعد وسُعد.

وقد بيَّنا معنى الصَّعْق بشواهده, وما قال فيه أهل التأويل فيما مضى بما أغنى عن إعادته.

التدبر :

عمل
[45] ﴿فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ﴾ لا تكترث بهم، وامض في دعوتك أيها النبي، ويا أتباع النبي، فعما قريب يلقون اليوم الذي لا ينفعهم فيه مكرهم السَّيِّئ، إما في الدنيا بهزيمة، أو في الآخرة بعذاب.
وقفة
[45] فإن كانت تلك حالهم؛ فهذا جزاؤهم: ﴿فَذَرهُم حَتّى يُلاقوا يَومَهُمُ الَّذي فيهِ يُصعَقونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَذَرْهُمْ حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ
  • تعرب هذه الآية اعراب الآية الكريمة الثالثة والثمانين من سورة «الزخرف» بمعنى يهلكون. أي تهلكهم الصاعقة. فيه: جار ومجرور متعلق بيصعقون '

المتشابهات :

الزخرف: 83﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ
الطور: 45﴿فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ
المعارج: 42﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ عنادَهُم ومكابرتَهم؛ أَمَرَ نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالإعراضِ عنهم، قال تعالى:
﴿ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

حتى يلاقوا:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- حتى يلقوا، مضارع «لقى» ، وهى قراءة أبى حيوة.
يصعقون:
قرئ:
1- بفتح الياء، وهى قراءة الجمهور.
2- بضم الياء وكسر العين، من «أصعق» رباعيا، وهى قراءة السلمى.

مدارسة الآية : [46] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ ..

التفسير :

[46] وفي ذلك اليوم لا يَدْفع عنهم كيدهم من عذاب الله شيئاً، ولا ينصرهم ناصر من عذاب الله.

{ يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} أي:لا قليلا ولا كثيرا، وإن كان في الدنيا قد يوجد منهم كيد يعيشون به زمنا قليلا، فيوم القيامة يضمحل كيدهم، وتبطل مساعيهم، ولا ينتصرون من عذاب الله{ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ}

وقوله: يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ... بدل من قوله: يَوْمَهُمُ. أى:

اتركهم- أيها الرسول الكريم- ولا تكترث بهم. وامض في دعوتك إلى الحق، فعما قريب سيأتيهم اليوم الذي لن ينفعهم فيه مكرهم السّيئ، وكيدهم القبيح..

وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ فيه من عقابنا من أى جهة من الجهات، أو من أى شخص من الأشخاص.

( يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ) أي : لا ينفعهم كيدهم ومكرهم الذي استعملوه في الدنيا ، لا يجدي عنهم يوم القيامة شيئا ، ( ولا هم ينصرون )

القول في تأويل قوله تعالى : يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (46)

يعني جلّ ثناؤه بقوله ( يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ) يوم القيامة, حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون, ثم بين عن ذلك اليوم أيّ يوم هو, فقال: يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئًا, يعني: مَكرهم أنه لا يدفع عنهم من عذاب الله شيئا, فاليوم الثاني ترجمة عن الأوّل.

وقوله ( وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ) يقول: ولا هم ينصرهم ناصر, فيستقيد لهم ممن عذّبهم وعاقبهم.

التدبر :

وقفة
[46] ﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ﴾ أي: لا قليلًا ولا كثيرًا، وإن كان في الدنيا قد يوجد منهم كيد يعيشون به زمنًا قليلًا، فيوم القيامة يضمحل كيدهم، وتبطل مساعيهم.
وقفة
[46] ﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ﴾ وما كيدهم أمام كيد الله، وما تدبيرهم أمام تدابير القدر؟! أمهلهم الله في الدنيا فاغتروا، ثم أحضرهم يوم القيامة ليعذبوا.

الإعراب :

  • ﴿ يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ
  • تعرب هذه الآية اعراب الآية الكريمة الحادية والأربعين من سورة «الدخان». '

المتشابهات :

الدخان: 41﴿ يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ
الطور: 46﴿ يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [46] لما قبلها :     ولَمَّا قال: ﴿يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ﴾ [الطُّورِ: ٤٥]، وكُلُّ بَرٍّ وفاجرٍ يُلاقي يَومَه؛ أعاد صِفةَ يَومِهم، وذكَرَ ما يتمَيَّزُ به يومُهم عن يومِ المُؤمِنينَ، قال تعالى:
﴿ يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [47] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ..

التفسير :

[47] وإن لهؤلاء الظلمة عذاباً يلقونه في الدنيا قبل عذاب يوم القيامة من القتل والسبي وعذاب البرزخ وغير ذلك، ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك.

لما ذكر [الله] عذاب الظالمين في القيامة، أخبر أن لهم عذابا دون عذاب يوم القيامةوذلك شامل لعذاب الدنيا، بالقتل والسبي والإخراج من الديار، ولعذاب البرزخ والقبر،{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} أي:فلذلك أقاموا على ما يوجب العذاب، وشدة العقاب.

وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا وهم هؤلاء الكافرون عَذاباً دُونَ ذلِكَ أى: عذابا آخر دون ذلك العذاب الذي سينزل بهم عند موتهم وفي حياتهم ...

وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ لا يعلمون ذلك، لجهلهم بما سينتظرهم من عقاب.

ثم قال : ( وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ) أي : قبل ذلك في الدار الدنيا ، كقوله : ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) [ السجدة : 21 ] ، ولهذا قال : ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) أي : نعذبهم في الدنيا ، ونبتليهم فيها بالمصائب ، لعلهم يرجعون وينيبون ، فلا يفهمون ما يراد بهم ، بل إذا جلي عنهم مما كانوا فيه ، عادوا إلى أسوأ ما كانوا عليه ، كما جاء في بعض الأحاديث : " إن المنافق إذا مرض وعوفي مثله في ذلك كمثل البعير لا يدري فيما عقلوه ولا فيما أرسلوه " . وفي الأثر الإلهي : كم أعصيك ولا تعاقبني ؟ قال الله : يا عبدي ، كم أعافيك وأنت لا تدري ؟

وقوله ( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ) اختلف أهل التأويل في العذاب الذي توعدَ الله به هؤلاء الظلمة من دون يوم الصعقة, فقال بعضهم: هو عذاب القبر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري, قال: أخبرنا شريك, عن أبي إسحاق, عن البراء ( عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ) قال: عذاب القبر.

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, وقوله ( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ) يقول: عذاب القير قبل عذاب يوم القيامة.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, أن ابن عباس كان يقول: إنكم لتجدون عذاب القبر في كتاب الله ( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ) .

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, أن ابن عباس كان يقول: إن عذاب القبر في القرآن. ثم تلا( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ) .

وقال آخرون: عنى بذلك الجوع.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ) قال: الجوع.

وقال آخرون: عنى بذلك: المصائب التي تصيبهم في الدنيا من ذهاب الأموال والأولاد.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ) قال: دون الآخرة في هذه الدنيا ما يعذّبهم به من ذهاب الأموال والأولاد, قال: فهي للمؤمنين أجر وثواب عند الله, عدا مصائبهم ومصائب هؤلاء, عجلهم الله إياها في الدنيا, وقرأ فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ ... إلى آخر الآية.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن للذين ظلموا أنفسهم بكفرهم به عذابا دون يومهم الذي فيه يصعقون, وذلك يوم القيامة, فعذاب القبر دون يوم القيامة, لأنه في البرزخ, والجوع الذي أصاب كفار قريش, والمصائب التي تصيبهم في أنفسهم وأموالهم وأولادهم دون يوم القيامة, ولم يخصص الله نوعا من ذلك أنه لهم دون يوم القيامة دون نوع بل عمّ فقال ( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ) فكلّ ذلك لهم عذاب, وذلك لهم دون يوم القيامة, فتأويل الكلام: وإن للذين كفروا بالله عذابا من الله دون يوم القيامة ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) بأنهم ذائقو ذلك العذاب.

التدبر :

تفاعل
[47] ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[47] ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال ابن زيد: «مصائب الدنيا من الأوجاع والأسقام والبلايا وذهاب الأموال والأولاد»، قال مجاهد: «هو الجوع والجهد سبع سنين»، قال ابن عباس: «هو القتل».
وقفة
[47] ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ثبوت عذاب البَرْزَخ.
وقفة
[47] ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قد يعذِّب الله الظالم بمصائب الدنيا من الأوجاع والأسقام والبلايا، وقد يستدرجه، فيؤخر عذابه إلى الآخرة.
وقفة
[47] ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ليحذر الغافل أن تصرفه الغفلة عن فهم حقيقة ما يحل به من عذاب في الدنيا؛ فإنما هي رسالة تذكير ليستدرك؛ وإلا جاءه من العذاب ما لا يطيق في الآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّ لِلَّذِينَ:
  • الواو استئنافية. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.اللام حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «ان» المقدم.
  • ﴿ ظَلَمُوا عَذاباً:
  • الجملة: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عذابا: اسم «ان» مؤخر منصوب بالفتحة.
  • ﴿ دُونَ ذلِكَ:
  • ظرف مكان بمعنى قبل متعلق بصفة محذوفة من عذابا وهو مضاف. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب. بمعنى: دون يوم القيامة.
  • ﴿ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ:
  • الواو استدراكية. لكن: حرف مشبه بالفعل. أكثر: اسم «لكن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لا يَعْلَمُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «لكن» لا: نافية لا عمل لها. يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف مفعولها اختصارا لأن ما قبله يدل عليه. '

المتشابهات :

الذاريات: 59﴿فَـ إِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ
الطور: 47﴿وَ إِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [47] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ عذابَ الظَّالِمينَ في القيامةِ؛ أخبَرَ هنا أنَّ لهم عَذابًا دونَ عَذابِ يومِ القِيامةِ، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [48] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ..

التفسير :

[48] واصبر -أيها الرسول- لحكم ربك وأمره فيما حَمَّلك من الرسالة، وعلى ما يلحقك من أذى قومك، فإنك بمرأى منا وحفظ واعتناء، وسبِّح بحمد ربك حين تقوم إلى الصلاة، وحين تقوم من نومك،

ولما بين تعالى الحجج والبراهين على بطلان أقوال المكذبين، أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يعبأ بهم شيئا، وأن يصبر لحكم ربه القدري والشرعي بلزومه والاستقامة عليه، ووعده الله بالكفاية بقوله:{ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} أي:بمرأى منا وحفظ، واعتناء بأمرك، وأمره أن يستعين على الصبر بالذكر والعبادة، فقال:{ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} أي:من الليل.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة، بتلك التسلية الرقيقة لنبيه صلى الله عليه وسلم فقال:

وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا....

أى: واصبر- أيها الرسول الكريم- لِحُكْمِ رَبِّكَ إلى أن ننزل بهم عقابنا في الوقت الذي نشاؤه ونختاره فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا أى: فإنك بمرأى منا وتحت رعايتنا وحمايتنا وحفظنا ...

وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ أى: وأكثر من تسبيح ربك وتنزيهه عن كل مالا يليق به حين تقوم من منامك، أو من مجلسك، أو حين تقوم للصلاة..

وقوله : ( واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ) أي : اصبر على أذاهم ولا تبالهم ، فإنك بمرأى منا وتحت كلاءتنا ، والله يعصمك من الناس .

وقوله : ( وسبح بحمد ربك حين تقوم ) قال الضحاك : أي إلى الصلاة : سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك .

وقد روي مثله عن الربيع بن أنس ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغيرهما .

وروى مسلم في صحيحه ، عن عمر أنه كان يقول هذا في ابتداء الصلاة . ورواه أحمد وأهل السنن ، عن أبي سعيد وغيره ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول ذلك .

وقال أبو الجوزاء : ( وسبح بحمد ربك حين تقوم ) أي : من نومك من فراشك . واختاره ابن جرير : ويتأيد هذا القول بما رواه الإمام أحمد :

حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني عمير بن هانئ ، حدثني جنادة بن أبي أمية ، حدثنا عبادة بن الصامت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من تعار من الليل فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : رب اغفر لي - أو قال : ثم دعا - استجيب له ، فإن عزم فتوضأ ، ثم صلى تقبلت صلاته " .

وأخرجه البخاري في صحيحه ، وأهل السنن من حديث الوليد بن مسلم ، به .

وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وسبح بحمد ربك حين تقوم ) قال : من كل مجلس .

وقال الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص : ( وسبح بحمد ربك حين تقوم ) قال : إذا أراد الرجل أن يقوم من مجلسه قال : سبحانك اللهم وبحمدك .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم الدمشقي ، حدثنا محمد بن شعيب ، أخبرني طلحة بن عمرو الحضرمي ، عن عطاء بن أبي رباح ; أنه حدثه عن قول الله : ( وسبح بحمد ربك حين تقوم ) يقول : حين تقوم من كل مجلس ، إن كنت أحسنت ازددت خيرا ، وإن كان غير ذلك كان هذا كفارة له .

وقد قال عبد الرزاق في جامعه : أخبرنا معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن أبي عثمان الفقير ; أن جبريل علم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من مجلسه أن يقول : سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك . قال معمر : وسمعت غيره يقول : هذا القول كفارة المجالس

وهذا مرسل ، وقد وردت أحاديث مسندة من طرق - يقوي بعضها بعضا - بذلك ، فمن ذلك حديث ابن جريج ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه : سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك " .

رواه الترمذي - وهذا لفظه - والنسائي في اليوم والليلة ، من حديث ابن جريج . وقال الترمذي : حسن صحيح . وأخرجه الحاكم في مستدركه وقال : إسناد على شرط مسلم ، إلا أن البخاري علله .

قلت : علله الإمام أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة ، والدارقطني ، وغيرهم . ونسبوا الوهم فيه إلى ابن جريج . على أن أبا داود قد رواه في سننه من طريق غير ابن جريج إلى أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه ، ورواه أبو داود - واللفظ له - والنسائي ، والحاكم في المستدرك ، من طريق الحجاج بن دينار ، عن هاشم عن أبي العالية ، عن أبي برزة الأسلمي قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بأخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك " . فقال رجل : يا رسول الله ، إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى ؟ ! قال : " كفارة لما يكون في المجلس " .

وقد روي مرسلا عن أبي العالية ، والله أعلم . وهكذا رواه النسائي والحاكم ، من حديث الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن رافع بن خديج ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله سواء ، وروي مرسلا أيضا ، والله أعلم . وكذا رواه أبو داود عن عبد الله بن عمرو ; أنه قال : " كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلسه عند قيامه ثلاث مرات ، إلا كفر بهن عنه ، ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر إلا ختم له بهن كما يختم بالخاتم على الصحيفة : سبحانك اللهم وبحمدك ، لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك " وأخرجه الحاكم من حديث أم المؤمنين عائشة ، وصححه ، ومن رواية جبير بن مطعم ورواه أبو بكر الإسماعيلي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، كلهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقد أفردت لذلك جزءا على حدة بذكر طرقه وألفاظه وعلله ، وما يتعلق به ، ولله الحمد والمنة

القول في تأويل قوله تعالى : وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ) يا محمد الذي حكم به عليك, وامض لأمره ونهيه, وبلغ رسالاته ( فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ) يقول جلّ ثناؤه: فإنك بمرأى منا نراك ونرى عملك, ونحن نحوطك ونحفظك, فلا يصل إليك من أرادك بسوء من المشركين.

وقوله: ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: إذا قمت من نومك فقل: سبحان الله وبحمده.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص, في قوله: ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) قال: من كل منامة, يقول حين يريد أن يقوم: سبحانَك وبحمدك.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص عوف بن مالك ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ) قال: سبحان الله وبحمده.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) قال: إذا قام لصلاة من ليل أو نهار. وقرأ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ قال: من نوم. ذكره عن أبيه.

وقال بعضهم: بل معنى ذلك: إذا قمت إلى الصلاة المفروضة فقل: سبحانك اللهمّ وبحمدك.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا ابن المبارك, عن جُوَيبر, عن الضحاك ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) قال: إذا قام إلى الصلاة قال: سبحانك اللهمّ وبحمدك, وتبارك اسمك ولا إله غيرك.

وَحُدِّثت عن الحسين , قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) إلى الصلاة المفروضة.

وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: وصلّ بحمد ربك حين تقوم من مَنامك, وذلك نوم القائلة, وإنما عنى صلاة الظهر.

وإنما قلت: هذا القول أولى القولين بالصواب, لأن الجميع مجمعون على أنه غير واجب أن يقال في الصلاة: سبحانك وبحمدك, وما روي عن الضحاك عند القيام إلى الصلاة, فلو كان القول كما قاله الضحاك لكان فرضا أن يُقال لأن قوله ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ) أمر من الله تعالى بالتسبيح, وفي إجماع الجميع على أن ذلك غير واجب الدليل الواضح على أن القول في ذلك غير الذي قاله الضحاك.

فإن قال قائل: ولعله أريد به الندب والإرشاد. قيل: لا دلالة في الآية على ذلك, ولم تقم حجة بأن ذلك معنيّ به ما قاله الضحاك, فيحمل إجماع الجميع على أن التسبيح عند القيام إلى الصلاة مما خير المسلمون فيه دليلا لنا على أنه أُريد به الندب والإرشاد.

وإنما قلنا: عُني به القيام من نوم القائلة, لأنه لا صلاة تجب فرضا بعد وقت من أوقات نوم الناس المعروف إلا بعد نوم الليل, وذلك صلاة الفجر, أو بعد نوم القائلة, وذلك صلاة الظهر; فلما أمر بعد قوله ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) بالتسبيح بعد إدبار النجوم, وذلك ركعتا الفجر بعد قيام الناس من نومها ليلا عُلِم أن الأمر بالتسبيح بعد القيام من النوم هو أمر بالصلاة التي تجب بعد قيام من نوم القائلة على ما ذكرنا دون القيام من نوم الليل.

التدبر :

وقفة
[48] ﴿وَاصْبِرْ﴾، ﴿وَلَنَصْبِرَنَّ﴾ [إبراهيم: 12]، ﴿بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ [الرعد: 24]، ﴿وَاصْبِرُوا﴾ [الأعراف: 128، الأنفال: 46، ص: 6]، ﴿اصْبِرُوا﴾ [آل عمران: 200]، ﴿وَاصْبِرْ﴾ [هود: 115، النحل: 127]، ﴿لَمَّا صَبَرُوا﴾ [السجدة: 24]، ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [البلد: 17، العصر: 3]، ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ﴾ [البقرة: 45]، وسياقات أخرى غزيرة تذكرنا بأن الصبر هو راحلة هذا الطريق.
وقفة
[48] ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ هـذه الآية تنسيك البلاء.
عمل
[48] ﴿واصبر لحكم ربك﴾ كل من حمل علي عاتقه أمانة الدعوة إلي الله؛ عليه أن يهيئ نفسه لمشاق الطريق الطويل؛ بالاحتساب والصبر الجميل.
وقفة
[48] ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ هذه الآية ينبغي أن يقررها كل مؤمن في نفسه، فإنها تفسح مضايق الدنيا.
وقفة
[48] ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ رسالة إلى كل من ضاقت به الأقدار: ما دمت مؤمنًا بالله مخبتًا إليه؛ فعين الله سترعاك.
وقفة
[48] ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ وعد الله الصابرين بحفظ واعتناء منه سبحانه.
لمسة
[48] ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ معنى الجمع هنا: التفخيمُ والتعظيمُ، أي بحيث نراكَ ونحفظك.
وقفة
[48] ﴿واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا﴾ تسلية وعناية ولطف من الله سبحانه لرسوله الكريم ومع ذلك يوصيه بالتسبيح فالتوكل يتطلب العمل.
وقفة
[48] التمسك بالحق والابتلاء عليه والصبر على ذلك، ثلاثة إذا اجتمعت في إنسان فهو أقرب الناس إلى الله، بل وبعينه يرعاه ﴿وَاصبِر لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعيُنِنا﴾.
وقفة
[48] الصبر هو القبول الهادئ بأن الأمور ممكن أن تتحقق بترتيب يختلف عن الذى تظنه فى عقلك ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾.
عمل
[48] إذا رأيت الله يحجب عنك الدنيا ويكثر عليك الشدائد؛ فاعلم أنك عزيز عنده، وأنه يسلك بك طريق أوليائه وأنه يراك ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾.
وقفة
[48] آية تُريح نفسك قبل النوم ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾.
وقفة
[48] ﴿واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح﴾ بالصبر والذكر تحوطك رعاية الله، فيتحقق النصر ويكتب الأجر ويرتفع الذكر بإذن الله.
وقفة
[48] يُقَدِّر القدر ويطلب منا الصبر: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾، ويعدنا بالعناية: ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ التي يليها الفرج والنصر.
وقفة
[48] ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ أعظم ما يعين على مواجهة المكذبين: الصبر والتوكل والذكر.
وقفة
[48] كلما استيقظت من نومك استجلب حفظ الله لك وطمأنينة قلبك بالتسبيح، حتى تستقبل به صروف معاشك ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾.
عمل
[48] ﴿وَاصبِر لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعيُنِنا وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ حينَ تَقومُ﴾ استعن على الصبر بالتسبيح.
وقفة
[48] أهمية التسبيح والعبادة في تهيئة الطمأنينة النفسية للمسلم ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾.
وقفة
[48] ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ لا شيءَ يمنحُنا قوةَ الصَّبرِ على آلامِنا مثل اليقينِ بأنَّ ربَّنَا الرَّحيم يرَانا ونحن نتألَّم.
وقفة
[48] ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ ﻻ أحد يخاف على مقام النبي فهو ليس بحفظ الله وحمايته فقط بل بعينه التي ﻻ تنام.
وقفة
[48] ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ أنت بمرأى ومسمع منا، فنحن نرى ونسمع كل ما نزل بك، لست وحدك.
وقفة
[48] ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ قالوا في جمع العين هنا، وإفراده في سورة طه: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي﴾ [39] مع موسى عليه السلام إلى أن فائدة الجمع الدلالة على المبالغة في الحفظ كأن معه من الله تعالى حفاظًا يكلؤونه بأعينهم، وذلك لتصبير الحبيب على المكائد ومشاق التكاليف والطاعات، فناسب الجمع لأنها أفعال كثيرة كل منها يحتاج إلى حراسة منه عز وجل.
وقفة
[48] ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾، ﴿وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا﴾ [مريم: 13] بالله عليك كيف تشعر وأنت تقرأها؟ أمع الله جرح لا يبرأ! أمع الله كسر لا يجبر؟!
وقفة
[48] ﴿فإنَّكَ بِأعيٌنِنَا﴾ وهل بعد هذهِ المواساة قلق؟!
وقفة
[48] كلما زاد تسبيحك وذكرك لله؛ زادت معية الله لك ﴿فإنك بأعيننا وسبح﴾.
تفاعل
[48] ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[48] ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ كلما أردت أن تقوم لعمل سبّح بحمد الله ﷻ.
وقفة
[48] ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ التسبيح ودوام الذكر يشحذ الهمة علي الصبر, ويزيد من قدرة المرء علي التجلد والثبات؛ فما أحرانا أن نستمسك به!

الإعراب :

  • ﴿ وَاصْبِرْ:
  • الواو استئنافية. اصبر: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ لِحُكْمِ رَبِّكَ:
  • جار ومجرور متعلق باصبر. ربك: مضاف اليه مجرور بالاضافة علامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. أي لحكمة ربك.
  • ﴿ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا:
  • الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب اسم «ان» بأعين: جار ومجرور متعلق بخبر «ان» و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. أي في حفظنا.
  • ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ:
  • معطوفة بالواو على اِصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ» وتعرب اعرابها. بمعنى: ونزه ربك من كل شائبة وعظّمه حامدا إياه. أو يكون «بحمد» جارا ومجرورا متعلقا بحال من ضمير «سبح» أي حامدا ربك وحذف مفعول «سبح» اختصارا لأنّ ما بعده يدل عليه. التقدير: وسبح ربك حامدا إياه.
  • ﴿ حِينَ تَقُومُ:
  • ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بسبح. تقوم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت.وجملة «تقوم» في محل جر بالاضافة بمعنى من أي مكان قمت وقيل من منامك. '

المتشابهات :

الطور: 48﴿وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا
القلم: 48﴿فَـ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ
الانسان: 24﴿فَـ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [48] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ بطلان ما عليه المشركون؛ أمرَ رسولَه بعدم المبالاة بهم، وبالصبر على تكذيبهم، قال تعالى:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بأعيينا:
وقرئ:
بأعينا، بنون واحدة مشددة، وهى قراءة أبى السمال.

مدارسة الآية : [49] :الطور     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ

التفسير :

[49] ومن الليل فسبِّح بحمد ربك وعظِّمه، وصلِّ له، وافعل ذلك عند صلاة الصبح وقت إدبار النجوم.وفي هذه الآية إثبات لصفة العينين لله تعالى بما يليق به، دون تشبيه بخلقه أو تكييف لذاته، سبحانه وبحمده، كما ثبت ذلك بالسنة، وأجمع عليه سلف الأمة، واللفظ ورد هنا بصي

ففيه الأمر بقيام الليل، أو حين تقوم إلى الصلوات الخمس، بدليل قوله:{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} أي:آخر الليل، ويدخل فيه صلاة الفجر، والله أعلم.

تم تفسير سورة والطور والحمد لله

وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ أى: ومن الليل فأكثر من تسبيح ربك وَإِدْبارَ النُّجُومِ أى:

وأكثر من تسبيحه- تعالى- وقت إدبار النجوم وغروبها، وذلك في أواخر الليل.

وبذلك ترى أن الله- تعالى- قد أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالإكثار من التسبيح له- عز وجل- في كل الأوقات، لأن هذا التسبيح يجلو عن النفس همومها وأحزانها..

وبعد: فهذا تفسير لسورة «الطور» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده ...

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقوله : ( ومن الليل فسبحه ) أي : اذكره واعبده بالتلاوة والصلاة في الليل ، كما قال : ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) [ الإسراء : 79 ] .

وقوله : ( وإدبار النجوم ) قد تقدم في حديث ابن عباس أنهما الركعتان اللتان قبل صلاة الفجر ، فإنهما مشروعتان عند إدبار النجوم ، أي : عند جنوحها للغيبوبة . وقد روي [ في حديث ] ابن سيلان ، عن أبي هريرة مرفوعا : " لا تدعوهما ، وإن طردتكم الخيل " . يعني : ركعتي الفجر رواه أبو داود . ومن هذا الحديث حكي عن بعض أصحاب الإمام أحمد القول بوجوبهما ، وهو ضعيف لحديث : " خمس صلوات في اليوم والليلة " . قال : هل علي غيرها ؟ قال : " لا إلا أن تطوع " وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت : لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر وفي لفظ لمسلم : " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها "

آخر تفسير سورة الطور [ والله أعلم ]

وقوله ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ) يقول: ومن الليل فعظم ربك يا محمد بالصلاة والعبادة, وذلك صلاة المغرب والعشاء.

وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني به يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ) قال: ومن الليل صلاة العشاء ( وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) يعني حين تدبر النجوم للأفول عند إقبال النهار.

وقيل: عُني بذلك ركعتا الفجر.

* ذكر بعض من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثنى أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) قال: هما السجدتان قبل صلاة الغداة.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) كنا نحدّث أنهما الركعتان عند طلوع الفجر. قال: وذُكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: لهما أحبّ إليّ من حُمْر النَّعَم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, عن زرارة بن أوفى, عن سعيد بن هشام عن عائشة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ركعتي الفجر " هما خيرٌ مِنَ الدُّنْيا جميعا ".

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) قال: ركعتان قبل صلاة الصبح.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبي عديّ وحماد بن مسعدة قالا ثنا حميد, عن الحسن, عن علي, في قوله ( وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) قال: الركعتان قبل صلاة الصبح.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا جرير, عن عطاء, قال: قال عليّ رضي الله عنه ( إِدْبَارَ النُّجُومِ ) الركعتان قبل الفجر.

وقال آخرون: عنى بالتسبح ( إِدْبَارَ النُّجُومِ ) : صلاة الصبح الفريضة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) قال: صلاة الغداة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) قال: صلاة الصبح.

وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عنى بها: الصلاة المكتوبة صلاة الفجر, وذلك أن الله أمر فقال ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) والركعتان قبل الفريضة غير واجبتين, ولم تقم حجة يجب التسليم لها, أن قوله فسبحه على الندب, وقد دللنا في غير موضع من كتبنا على أن أمر الله على الفرض حتى تقوم حجة بأنه مراد به الندب, أو غير الفرض بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

آخر تفسير سورة الطور

التدبر :

وقفة
[49] ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ﴾، ﴿وبالأسحار هم يستغفرون﴾ [الذاريات: 18] التسبيح أنفع للقلب ليلًا، والاستغفار أكثر بركة سحرًا.
تفاعل
[49] ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[49] ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ وذلك بصلاة الفجر سنة وفرضًا؛ لأنه وقت إدبارها حقيقة، فصارت عبادة الصبح محثوثًا عليها مرتين تشريفًا لها وتعظيمًا لقدرها؛ فإن ذلك ينجي من العذاب الواقع، وينصر على العدو الدارع: من الـمُجَاهِر المدافع، والمنافق المخادع.
وقفة
[49] ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ كثرة الذكر مما يعين المرء على أعباء الحياة وتقلباتها.
وقفة
[49] ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ إشارة إلى أهمية الذكر، فقد أمر الله عباده بالذكر في كل وقت، بحيث لا يخلو وقت من ذكره.
عمل
[49] احرص على صلاة الفجر ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾.
عمل
[49] حافظ على أذكار الصباح والمساء ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾.
وقفة
[49] ﴿وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ قال ابن كثير: «إنها الركعتان اللتان قبيل صلاة الفجر، فإنها مشروعتان عند إدبار النجوم أي عند جنوحها للغيبوبة».

الإعراب :

  • ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ
  • تعرب اعراب الآية الكريمة الأربعين من سورة «ق» وإدبار «بمعنى: اذا أدبرت النجوم. أي وسبحه وقت إدبار النجوم ونصبت الكلمة على الظرفية الزمانية وعلامة نصبها الفتحة. '

المتشابهات :

ق: 40﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ
الطور: 49﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [49] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَه بالتسبيحِ حين يقوم إلى الصلاة، وحين يقوم من نومه؛ أمره هنا أن يسَبِّحه أيضًا في بَعضِ أوقاتِ اللَّيلِ، وحينَ تَميلُ النُّجومُ للمَغِيبِ، قال تعالى:
﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وإدبار:
وقرئ:
بفتح الهمزة، وهى قراءة سالم بن أبى الجعد، والمنهال بن عمرو، ويعقوب.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف