5664344454647484950515212345678

الإحصائيات

سورة القلم
ترتيب المصحف68ترتيب النزول2
التصنيفمكيّةعدد الصفحات2.20
عدد الآيات52عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.00
ترتيب الطول61تبدأ في الجزء29
تنتهي في الجزء29عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 29/29ن: 1/1
سورة الحاقة
ترتيب المصحف69ترتيب النزول78
التصنيفمكيّةعدد الصفحات2.00
عدد الآيات52عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.75
ترتيب الطول63تبدأ في الجزء29
تنتهي في الجزء29عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 13/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (44) الى الآية رقم (52) عدد الآيات (9)

بعدَ تخويفِ الكُفَّارِ بأهوالِ يومِ القيامةِ وشدائدِها، خوّفَهُم هنا وهدَّدَهُم بقدرتِه، ثُمَّ أمَرَ النَّبي ﷺ بالصَّبرِ على أذى المشركينَ وعدمِ التَّضجرِ كما فعلَ يونسُ عليه السلام حينما تركَ دعوةَ قومِه، ثُمَّ بيانُ حسدِ الكافرينَ للنَّبي ﷺ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (8) عدد الآيات (8)

تعظيمُ أهوالِ القيامةِ، وتكذيبُ الأممِ السابقةِ بها كثمودَ قومِ صالحٍ عليه السلام وعادٍ قومِ هودٍ عليه السلام ، وبيانُ كيفَ أهلكَهُم اللهُ تخويفًا لأهلِ مكة.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة القلم

الثناء على النبي ﷺ بأخلاقه العظيمة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سورة القلم تعرض نموذجين من الأخلاق::   النبي ﷺ وخلقه العظيم: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (4). وبالمقابل: نرى المكذبين أصحاب الأخلاق السيئة: ﴿وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ * مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ...﴾ (10-15). فالرسالة هنا: لا تكذب، ولا تحلف كذبًا، ولا تشتم، ولا تهمز.ثم تذكر السورة عقوبة أصحاب الأخلاق السيئة: فذكرت قصة أصحاب الجنة، الذين أدى بخلهم الشديد إلى حرمانهم من الرزق، وكأنها تقول لنا: إياكم والبخل؛ فإنه من أسوأ الأخلاق. ثم أمر الله نبيه ﷺ بالصبر، وعدم التبرم والتضجر مما يلقاه من المكذبين في سبيل تبليغ الدعوة، كما حدث من نبي الله يونس حين ترك قومه وسارع إلى ركوب البحر: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ (48).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «القلم».
  • • معنى الاسم ::   القلم: هو ما يُكتب به.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها ‏بالقسم ‏بالقلم.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ ن»، و«سُورَةُ ن وَالْقَلَمِ».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   محبة النبي ﷺ.
  • • علمتني السورة ::   أهمية الأخلاق في الإسلام، وعقوبة أصحاب الأخلاق السيئة.
  • • علمتني السورة ::   فضل العلم، وأهمية القراءة والكتابة.
  • • علمتني السورة ::   فلان ضالّ، فلان مهتد، ليس هذا شأنك: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة القلم من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة القلم من المفصل.
    • سورة القلم من سور القرائن أو النظائر، وهي 20 سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها، كل سورتين في ركعة، والنظائر: السور المتشابهات والمتماثلات في الطول.
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن سورة القلم مع سورة الواقعة، ويقرأهما في ركعة واحدة.
    عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ قَالَا: «أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّى أَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِى رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَلِ؟! لَكِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ: السُّورَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ فِى رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِى رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتْ وَنُونَ فِى رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِى رَكْعَةٍ، وَالْمُدَّثِّرَ وَالْمُزَّمِّلَ فِى رَكْعَةٍ، وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فِى رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلاَتِ فِى رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِى رَكْعَةٍ».
    وأصل الحديث في الصحيحين -ولكن دون سرد السور- وهو: عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنِّى لأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، عِشْرِينَ سُورَةً فِى عَشْرِ رَكَعَاتٍ».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة القلم من أوائل السور القرآنية نزولًا.
    • سورة القلم آخر سورة -بحسب ترتيب المصحف- تفتتح بحرف واحد من حروف التهجي، فقد سبقتها سورتا (ص)، (ق).
    • سورة القلم آخر سورة -بحسب ترتيب المصحف- من السور التي افتتحت بحروف التهجي أو الحروف المقطعة، وهي 29 سورة.
    • جرت عادة السور التي تبدأ بالحروف المقطعة (وهي: 29 سورة) أن يأتي الحديث عن القرآن الكريم بعد الأحرف المقطعة مباشرة؛ إلا أربع سور، وهي: مريم والعنكبوت والروم والقلم.
    • احتوت سورة القلم على أكثر آية أثنت على أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (4).
    • احتوت سورة القلم على أكثر صفات مذمومة تذكر متتالية لبعض كفار قريش، وقد بلغت 9 صفات، وهي في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ (10-13).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نحذر من عاقبة كفر النعمة والتكبر عن شكرها.
    • أن نهتم بالعلم، والقراءة والكتابة؛ فأوّل سورة نزلت من القرآن الكريم: العلق، وبدأت بالقراءة: ﴿اقْرَأْ﴾ (العلق 1)، وثاني سورة نزلت من القرآن الكريم: القلم، وبدأت بالكتابة: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ (1).
    • أن نتقي الله فيما نكتب، ونعلم أننا محاسبون عليه، فالقلم وسيلةٌ هامةٌ في نصر الدين، وكذلك في هدمه.
    • ألا نطيع: الكذاب، الكثير الحلف، من يستهزئ بالناس، من يمشي بين الناس بالنميمة، من يمنع الخير، من يعتدي على الناس، السيء الخلق: ﴿فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ * وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ﴾ (8-13).
    • أن نتصدق على الفقراء والمحتاجين، ولا نبخل: ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ...﴾ (17).
    • أن ننوي بالمساكينَ خيرًا، فنِيَّةُ سُوءٍ بالمساكينَ جَعَلتْ البُستانَ كاللَّيْلِ المُظْلِمِ، وتثمرُ حياتُنا بقدرِ حبِّنا لهم: ﴿أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ﴾ (24).
    • أن نكون أكثر تفاؤلًا: ﴿عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ﴾ (32).
    • أن نصلي ركعتين ونطل فيهما السجود، وندعو الله أن يحسن وقوفنا بين يديه: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ (42).
    • أن نستمر في نصح مسلم مصر على معصية؛ ولا نيأس: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ (48).
    • ألا نستعجل في انتظارِ نتائجِ الدَّعوةِ إلى اللهِ: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ (48).
سورة الحاقة

التذكير بيوم القيامة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • الحاقة:   • اسم من أسماء يوم القيامة؛ لأن فيه يظهر الحق الكامل، وتُحَقُّ الأمور، أي تُعَرف فيه الأمور على حقيقتها، ويصير كل إنسان حقيقًا بجزاء عمله، فيها يتخاصم الناس ويدَّعي كل إنسانٍ الحق لنفسه، كما أن القيامة أحقت لأقوامٍ الجنة وأحقت لأقوامٍ النار. • استشعر هول العرض على الجبار: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ﴾ (18). • استشعر موقف تطاير الصحف: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ ٱقْرَؤُاْ كِتَـٰبيَهْ * إِنّى ظَنَنتُ أَنّى مُلَـٰقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ...﴾ (19-22). • أرأيت فرحته؟! أسمعت نداء الفوز والفلاح منه؟! فلماذا لا تكون مثله؟! • وفي المقابل: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كِتَـٰبِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَىٰ عَنّى مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنّى سُلْطَـٰنِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاْسْلُكُوهُ﴾ (25-32). ولاحظ أن السورة ابتدأت بأهل الجنة قبل أهل النار، وكأن المعنى: حبّب الناس بالجنة قبل تخويفهم من النار، لأن الترغيب يؤثر في النفوس بشكل أقوى بكثير من الترهيب.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الحاقة».
  • • معنى الاسم ::   الحاقة: اسم من أسماء يوم القيامة، فهو يوم متحقق الوقوع، ويتحقق فيه الوعد والوعيد.
  • • سبب التسمية ::   وُقُوعُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي أَوَّلِهَا وَلَمْ تَقَعْ فِي غَيْرِهَا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ السِّلْسِلَةِ»؛ لذكره في الآية (32)، و«سُورَةُ الواعية»؛ لذكره في الآية (12).
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   حتمية وقوع القيامة، وأنها حق.
  • • علمتني السورة ::   حال الأمم السابقة وما أنزل الله عليهم من العقوبات: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ۞ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن ثمار الجنة قريبة يتناولها أهل الجنة قعودًا وعلى جنوبهم: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن المال والسلطان ابتلاء وتكليف لا تشريف؛ فإذا العبد ما أدى فيها حق ربه وعباده كانت حسرة يوم القيامة: ﴿مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ ۜ ۞ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الحاقة من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الحاقة من المفصل.
    • سورة الحاقة من سور القرائن أو النظائر، وهي 20 سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها، كل سورتين في ركعة، والنظائر: السور المتشابهات والمتماثلات في الطول.
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن سورة الحاقة مع سورة القمر، ويقرأهما في ركعة واحدة.
    عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ قَالَا: «أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّى أَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِى رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَلِ؟! لَكِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ: السُّورَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ فِى رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِى رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتْ وَنُونَ فِى رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِى رَكْعَةٍ، وَالْمُدَّثِّرَ وَالْمُزَّمِّلَ فِى رَكْعَةٍ، وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فِى رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلاَتِ فِى رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِى رَكْعَةٍ».
    وأصل الحديث في الصحيحين -ولكن دون سرد السور- وهو: عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنِّى لأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، عِشْرِينَ سُورَةً فِى عَشْرِ رَكَعَاتٍ».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • افتتحت سورة الحاقة بأسلوب التكرار والاستفهام: ﴿الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ﴾ (1-3)، وهذا الأسلوب يفيد التهويل والتعظيم، وهو مناسب لموضوع السورة الذي يتحدث عن يوم القيامة وأهوالها.
    • يوجد في القرآن الكريم 12 سورة سميت بأسماء يوم القيامة وأهوالها، هي: الدخان، الواقعة، التغابن، الحاقة، القيامة، النبأ، التكوير، الانفطار، الانشقاق، الغاشية، الزلزلة، القارعة.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتيقن بوقوع القيامة، ونستشعر أحداثها، مثل: العرض على الله، والحساب، وتطاير الصحف.
    • أن نعتبر بما حدث للأمم السابقة، وما أنزل الله عليهم من عقوبات لما كذبوا الرسل: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ۞ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ (5، 6).
    • أن نعرف حقارة الدنيا؛ دكة واحدة تُذهب كل ما نراه: ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً﴾ (14).
    • أن نستعد الآن ليوم القيامة بالأعمال الصالحة؛ لنكون ممن يأخذ كتابه بيمينه: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ (19، 20).
    • أن نطعم الفقراء، ولا نكتفي بذلك؛ بل نحُضّ الآخرينَ على ذلك: ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ (34).
    • أن نحذر من التَّقَوُّل على الله والافتراء عليه سبحانه: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ﴾ (44).
    • أن نتدبر القرآن، ونعمل بما فيه: ﴿وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾ (48).
    • أن نكثر من قول: «سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ (52).

تمرين حفظ الصفحة : 566

566

مدارسة الآية : [43] :القلم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ ..

التفسير :

[43] منكسرة أبصارهم لا يرفعونها، تغشاهم ذلة شديدة مِن عذاب الله، وقد كانوا في الدنيا يُدْعَون إلى الصلاة لله وعبادته، وهم أصحَّاء قادرون عليها فلا يسجدون؛ تعظُّماً واستكباراً.

لا يستطيعون الانحناء، وهذا الجزاء ما جنس عملهم، فإنهم كانوا يدعون في الدنيا إلى السجود لله وتوحيده وعبادته وهم سالمون، لا علة فيهم، فيستكبرون عن ذلك ويأبون، فلا تسأل يومئذ عن حالهم وسوء مآلهم، فإن الله قد سخط عليهم، وحقت عليهم كلمة العذاب، وتقطعت أسبابهم، ولم تنفعهم الندامة ولا الاعتذار يوم القيامة، ففي هذا ما يزعج القلوب عن المقام على المعاصي، و[يوجب] التدارك مدة الإمكان.

وقوله : ( خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ . . . ) حال من فاعل ( يدعون ) وخشوع الأبصار : كناية عن الذلة والخوف الشديد ، ونسب الخشوع إلى الأبصار ، لظهور أثره فيها .

أى : هم يدعون إلى السجود فلا يستطيعون ذلك . لأنه - تعالى - سلب منهم القدرة عليه ، ثم يساقون إلى النار ، حالة كونهم ذليلة أبصارهم ، منخفضة رءوسهم . .

( تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ) أى : تغشاهم وتعلوهم ذلة وانكسار . .

( وَقَدْ كَانُواْ ) فى الدنيا ( يُدْعَوْنَ إِلَى السجود ) لله - تعالى - ( وَهُمْ سَالِمُونَ ) أى : قادرون على السجود له - تعالى - ، ومتمكنون من ذلك أقوى تمكن . . ، ولكنهم كانوا يعرضون عمن يدعوهم إلى إخلاص العبادة لله - تعالى - ، ويستهزئون به . .

قال الإِمام انب كثير ما ملخصه : قوله : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ . . . ) يعنى يوم القيامة وما يكون فيه من الأهوال ، والزلازل ، والبلايا ، والامتحان ، والأمور العظام . .

روى البخارى عن أبى سعيد الخدرى قال : سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول : يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد فى الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره ، طبقا واحدا - أى : يصير ظهره كالشئ الصلب فلا يقدر على السجود- .

وعن ابن عباس قال : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ) : وهو يوم كرب وشدة . .

وقوله : ( خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ) أي : في الدار الآخرة بإجرامهم ، وتكبرهم في الدنيا ، فعوقبوا بنقيض ما كانوا عليه . ولما دعوا إلى السجود في الدنيا فامتنعوا منه مع صحتهم ، وسلامتهم كذلك عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في الآخرة ، إذا تجلى الرب عز وجل ، فيسجد له المؤمنون ، لا يستطيع أحد من الكافرين ولا المنافقين أن يسجد ، بل يعود ظهر أحدهم طبقا واحدا ، كلما أراد أحدهم أن يسجد خر لقفاه ، عكس السجود ، كما كانوا في الدنيا ، بخلاف ما عليه المؤمنون .

القول في تأويل قوله تعالى : خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)

وقوله: ( خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ) يقول: تغشاهم ذلة من عذاب الله.

( وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ) يقول: وقد كانوا في الدينا يدعونهم إلى السجود له، وهم سالمون، لا يمنعهم من ذلك مانع، ولا يحول بينه وبينهم حائل. وقد قيل: السجود في هذا الموضع: الصلاة المكتوبة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم التيمي ( وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ) قال: إلى الصلاة المكتوبة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي سنان، عن سعيد بن جبير ( وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ ) قال: يَسْمَعُ المنادي إلى الصلاة المكتوبة فلا يجيبه.

قال ثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن إبراهيم التيميّ: ( وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ ) قال: الصلاة المكتوبة.

وبنحو الذي قلنا في قوله: وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ... الآية، قال أهل التأويل

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ) قال: هم الكفار كانوا يدعون في الدنيا وهم آمنون، فاليوم يدعوهم وهم خائفون، ثم أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة، فأما في الدنيا فإنه قال: مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ وأما في الآخرة فإنه قال: فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ذلكم والله يوم القيامة. ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " يُؤْذَنُ للْمُؤْمِنينَ يَوْمُ القِيامَةِ فِي السُّجُودِ، فَيَسْجُدُ المؤمِنُونَ وَبَينَ كلِّ مُؤْمَنْينِ مُنَافِقٌ، فَيَقْسُو ظَهْرُ المُنَافِق عَنِ السُّجُودِ، وَيَجْعَلُ اللهُ سُجُودَ المُؤْمِنينَ عَلَيْهِمْ تَوْبيخا وَذُلا وَصَغارًا، وَنَدَامَةً وَحَسْرَةً".

وقوله: ( وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ ) أي في الدنيا( وَهُمْ سَالِمُونَ ) أي في الدنيا.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: بلغني أنه يُؤْذَن للمؤمنين يوم القيامة في السجود بين كل مؤمنين منافق، يسجد المؤمنون، ولا يستطيع المنافق أن يسجد؛ وأحسبه قال: تقسو ظهورهم، ويكون سجود المؤمنين توبيخا عليهم، قال: ( وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ).

التدبر :

وقفة
[43] ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ﴾ نُسِبَ الخشوع إلى الأبصار -وهو الخضوع والذلة- لظهور أثره فيها.
وقفة
[43] ﴿خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾ قال سليمان التيمي: «إن الرجل ليصيب الذنب في السر، فيصبح وعليه مـذلـتـه».
تفاعل
[43] ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[43] التذكير باليوم الآخر ﴿خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾.
وقفة
[43] ﴿وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾ حافظ على الصلوات الخمس مع الجماعة.
وقفة
[43] ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾ قال الرازي: «وفي هذا وعيد لمن قعد عن الجماعة، ولم يجب المؤذن إلى إقامة الصلاة في الجماعة».
وقفة
[43] قل: «اجعلنا من الساجدين لك حتى آخر لحظة ينبض فيها عرق ويعود فيها نفس».
وقفة
[43] لا أذل يوم القيامة ممن أُمر بالسجود فأبى استعلاءً وكبرًا.
وقفة
[43] ﴿تَرهَقُهُم ذِلَّةٌ﴾ عندما يكون الذل غطاء وكساء.
وقفة
[43] ﴿وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾ قال إبراهيم التيمي: «يعني إلى الصلاة المكتوبة بالأذان والإقامة»، وقال سعيد بن جبير: «كانوا يسمعون حي على الفلاح فلا يجيبون».
وقفة
[43] ﴿وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ﴾ أي إلى الصلاة ﴿وَهم سَالِمُونَ﴾ أي صحيحون، فإن قلتَ: الصحَّةُ ليست شرطًا في وجوبِ الصلاة؟ قلتُ: المرادُ الخروج إلى الصلاة في جماعةٍ مشروطٌ بالصحة.
وقفة
[43] قضية السجود مستمرة حتى يوم القيامة، يُدعون إلى السجود لكنهم في تلك الحالة لا يستطيعون ﴿وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾، ومن أراد أن يسجد تلك السجدة يوم القيامة فليسجد الآن.

الإعراب :

  • ﴿ خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ:
  • حال منصوبة بالفتحة. ابصار: فاعل لاسم الفاعل «خاشعة» مرفوع وعلامة رفعه الضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ:
  • فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. ذلة: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة اي تغشاهم مذلة.
  • ﴿ وَقَدْ كانُوا:
  • الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حال. قد: حرف تحقيق. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والالف فارقة.
  • ﴿ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ:
  • اعربت في الآية الكريمة السابقة والجملة في محل نصب خبر «كانوا».
  • ﴿ وَهُمْ سالِمُونَ:
  • الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال.هم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. سالمون: خبر «هم» مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. اي وهم قادرون على السجود في دنياهم الا انهم كانوا يأبون ويستكبرون'

المتشابهات :

القمر: 7﴿ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ
القلم: 43﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ
المعارج: 44﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۚ ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ رُبَّما ظَنَّ ظانٌّ أنَّ المانِعَ لَهُمُ الكِبَرُ، كَما في هَذِهِ الدُّنْيا؛ قالَ تعالى مُبَيِّنًا لِنَفْيِ الكِبَرِ في مِثْلِ هَذا اليَوْمِ العَظِيمِ:
﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [44] :القلم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ..

التفسير :

[44] فذرني -أيها الرسول- ومَن يكذِّب بهذا القرآن، فإن عليَّ جزاءهم والانتقام منهم، سنمدهم بالأموال والأولاد والنعم؛ استدراجاً لهم من حيث لا يشعرون أنه سبب لإهلاكهم،

أي:دعني والمكذبين بالقرآن العظيم فإن علي جزاءهم، ولا تستعجل لهم، فـ{ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ}

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة ، بالتهديد الشديد للكافرين ، وببيان جانب من تصرفه الحكيم معهم ، وبتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه منهم ، ويأمره بالصبر على أذاهم ، وعلى أحقادهم التى تنبئ عنها نظراتهم المسمومة إليه ، فقال - تعالى - :

( فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ . . . ) .

الفعل : ( ذرنى ) من الأفعال التى يأتى منها الأمر بالمضارع ، ولم يسمع لها ماض ، وهو بمعنى أترك . يقال : ذَرْهُ يفعل كذا ، أى : اتركه . ومنه قوله - تعالى - ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأمل فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) والمراد بالحديث ( بهذا الحديث . . . ) ما أوحاه - تعالى - إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم من قرآن كريم ، ومن توجيهات حكيمة ، لكى يبلغها للناس .

والاستدراج : استنزال الشئ من درجة إلى أخرى ، والانتقال به من حالة إلى أخرى ، والسين والتاء فيه للطلب والمراد به هنا : التمهل فى إنزال العقوبة .

والإملاء : الإِمداد فى الزمن ، والإمهال والتأخير ، مأخوذ من الملاوة والملوة ، وهى الطائفة الطويلة من الزمن . والملوان : الليل : والنهار ، والمراد به هنا : إمدادهم بالكثر من النعم .

يقال : أملى فلان لبعيره ، إذا أرخى له فى الزمام ، ووسع له فى القيد ، ليتسع المرعى .

والكيد كالمكر ، وهو التدبير الذى يقصد به غير ظاهره ، بحيث ينخدع الممكور به ، فلا يفطن لما يراد به ، حتى يقع عليه ما يسوؤه .

وإضافة الكيد إليه - تعالى - يحمل على المعنى اللائق به كإبطال مكر أعدائه ، وكإمدادهم بالنعم . ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر .

والمقصود بهاتين الآيتين الكريمتين : تسلية النبى صلى الله عليه وسلم عما أصابه من أعدائه .

والمعنى : إذا كانت أحوال هؤلاء المشركين ، كما ذكرت لك - أيها الرسول الكريم - فكِلْ أمرهم إلىَّ ، واترك أمر هؤلاء الذين يكذبونك فيما جئتهم به من عندنا إلى ربك ، ولا تشغل بالك بهم . فإنى سأقربهم قليلا قليلا إلى ما يهلكهم ويضاعف عقابهم ، بأن أسوق لهم النعم ، حتى يفاجئهم الهلاك من حيث لا يعلمون أن صنعنا هذا معهم هو لون من الاستدراج ، ثم إنى أمد لهم فى أسباب الحياة الرغدة ، ليزدادوا إثما ، ثم آخذهم أخذ عزيز مقتدر ، وهذا لون من ألوان كيدى الشديد القوى ، الذى لا يفطن إليه أمثال هؤلاء الجاهلين الأغبياء . .

وشبيه بهاتين الآيتين قوله - تعالى - : ( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حتى إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أوتوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ . فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ والحمد للَّهِ رَبِّ العالمين ) وفى الصحيحين عن أبى موسى الأشعرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " .

وقال الحسن البصرى : كم من مستدرج بالإِحسان ، وكم من مفتون بالثناء عليه ، وكم من مغرور بالستر عليه .

قال الآلوسى : وقوله : ( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ . . . ) استئناف مسوق لبيان كيفية التعذيب المستفاد من الكلام السابق إجمالا .

وقوله : ( مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ ) أنه استدراج ، بل يزعمون أن ذلك إيثار لهم ، وتفضل على المؤمنين مع أنه سبب هلاكهم .

ثم قال تعالى : ( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث ) يعني : القرآن . وهذا تهديد شديد ، أي : دعني وإياه مني ومنه ، أنا أعلم به كيف أستدرجه ، وأمده في غيه وأنظر ، ثم آخذه أخذ عزيز مقتدر ؛ ولهذا قال : ( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) أي : وهم لا يشعرون ، بل يعتقدون أن ذلك من الله كرامة ، وهو في نفس الأمر إهانة ، كما قال : ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ) [ المؤمنون : 55 ، 56 ] ، وقال : ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) [ الأنعام : 44 ] . ولهذا قال ها هنا :

القول في تأويل قوله تعالى : فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (44)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : كِلْ يا محمد أمر هؤلاء المكذبين بالقرآن إليّ، وهذا كقول القائل لآخر غيره يتوعد رجلا دعني وإياه، وخلني وإياه، بمعنى: انه من وراء مساءته. و " مَن " في قوله: (وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ) في موضع نصب، لأن معنى الكلام ما ذكرت، وهو نظير قولهم: لو تُركَت ورأيك ما أفلحت. والعرب تنصب: ورأيك، لأن معنى الكلام: لو وكلتك إلى رأيك لم تفلح.

وقوله: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: سنكيدهم من حيث لا يعلمون، وذلك بأن يمتعهم بمتاع الدنيا حتى يظنوا أنهم متعوا به بخير لهم عند الله، فيتمادوا في طغيانهم، ثم يأخذهم بغتة وهم لا يشعرون.

التدبر :

وقفة
[44] ﴿فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ ۖ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أي سنستنزلهم إلى العذاب درجة فدرجة؛ بالإمهال وإدامة الصحة وازدياد النعمة، مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ أنه استدراج، بل يزعمون أن ذلك إيثار لهم وتفضل على المؤمنين، مع أنه سبب لهلاكهم.
وقفة
[44] كل أمة عذبت بنوع عذاب على أيدي الملائكة: كصيحة جبريل عليه السلام بثمود، وإرسال الريح على عاد، والخسف بقارون، وقلب جبريل ديار قوم لوط، إلا من كذب بهذا القرآن، فقد تولى الله عقابهم بنفسه، قال تعالى: ﴿فَذَرني وَمَن يُكَذِّبُ بِهذَا الحَديثِ سَنَستَدرِجُهُم مِن حَيثُ لا يَعلَمونَ﴾.
وقفة
[44] ﴿فَذَرني وَمَن يُكَذِّبُ بِهذَا الحَديثِ سَنَستَدرِجُهُم مِن حَيثُ لا يَعلَمونَ﴾ قل: «سلم يا رب سلم».
وقفة
[44] ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم﴾ ليس الخوفُ أن يحرمَكَ وأنت تطِيعُه، إنَّما الخوفُ أن يعطِيكَ وأنت تعصِيه.
وقفة
[44] ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال ابن عطاء: «كلما أحدثوا خطيئة؛ جددنا لهم نعمة، وأنسيناهم الاستغفار من تلك الخطيئة».
وقفة
[44] ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال الحسن: «كم من مُستدرَج بالإحسان إليه، وكم مفتون بثناء الناس عليه، وكم مغرور بستر الله عليه».
وقفة
[44] ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال سفيان الثوري: «نسبغ عليهم النعم وننسيهم الشكر».
وقفة
[44] ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ كيف لا يوصف بالاستدراج من يعمل لثبوت جاهه، ويمضي عمره ليقال: هذا فلان.
وقفة
[44] ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال القشيري: «الاستدراج انتشار الصيت بالخير في الخلق، والانطواء على الشر -في السّر- مع الحق».
وقفة
[44] ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ في الخبر: أن رجلًا من بني إسرائيل قال: «يا رب كم أعصيك وأنت لا تعاقبني»، فأوحى الله إلى نبي زمانهم أن قل له: «كم من عقوبة لي عليك وأنت لا تشعر؛ إن جمود عينيك وقساوة قلبك استدراج مني وعقوبة لو عقلت».
وقفة
[44] ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال الشوكاني عن الطاغية تيمورلنك: «مات في سفر بسبب ثلوج تنزلت مع شدة برد، وكان لا يسافر في أيام الشتاء، فلما أراد الله هلاكه قوي عزمه على هذا السفر»؛ أيها المظلوم: ثِق برب الظالم.
وقفة
[44] ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ إذا أراد الله إهلاك ظالم أغراه بالقوة والعظمة، واستدرجه بكثرة الاتباع؛ ليسير بنفسه إلي مصرعه؛ فيهلك شر هلاك.
وقفة
[44] ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ سنة الاستدراج؛ الحذر الحذر.
وقفة
[44] ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ إقبال النعم على العبد، من صحة ومال وولد، ليست دومًا دليل قبول، فقد تكون استدراجًا لإقامة الحجة عليه.
وقفة
[44] ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ مِن أخطر أنواع الفتن: هي توالي النِّعم على الظالمين والمنافقين وغيرهم، فيظنُّ أنَّ الله سيديم عليه هذه النعَم، ولا يعلَم أنَّه استدراج لعذاب ونقمة.
وقفة
[44] الباطل مهما انتفش فهو مستدرج: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
وقفة
[44] ليس الخوف أن يحرمك الله وأنت تطيعه، إنما الخوف أن يعطيك الله وأنت تعصيه ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
وقفة
[44، 45] تأمل: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ يغتر الظالمون بإمهال الله لهم، فيتدرجون في طغيانهم، ويستمرئون ذلك، حتى يوقنون أن سياستهم عين العدل، فإذا أمنوا العقوبة أخذهم الله ﴿بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 44-45].
وقفة
[44، 45] الانهيار الكبير في الاقتصاد الربوي الرأسمالي تجلت فيه آية عظمى ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾، فالآن أين دعاة الليبرالية الذين زخرفوا للدول والشعوب اللهث خلف الدولار واقتصاد الغرب الغني؟ فأراهم الله بأصارهم حقيقة ﴿يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا﴾ [البقرة: 276]، وتأمل كلمة ﴿يَمْحَقُ﴾، إنه الإعجاز حتى في اللفظ.

الإعراب :

  • ﴿ فَذَرْنِي:
  • الفاء استئنافية. ذرني: فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت والنون نون الوقاية والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَمَنْ:
  • الواو عاطفة. من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب لانه معطوف على الياء في ذرني
  • ﴿ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ:
  • الجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.يكذب: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الباء حرف جر. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بيكذب. الحديث: صفة- نعت- لاسم الاشارة او بدل منه مجرور وعلامة جره الكسرة. وفي القول الكريم تهديد للمكذبين بالقرآن. والله تعالى يقول لرسوله الكريم كله الّي فاني أكفيكه كأنه يقول: حسبك ايقاعا به ان تكل امره الي وتخلي بيني وبينه اي فدعه لي سأتولى امره. وجاء الضمير هنا للمفرد على لفظ «من».
  • ﴿ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ:
  • السين حرف تسويف- استقبال- نستدرج: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به اي سنرزقهم النعمة والصحة فيجعلون رزقنا ذريعة الى ازدياد الكفر والمعاصي. وهنا جاء الفعل مجموعا على معنى «من».
  • ﴿ مِنْ حَيْثُ:
  • حرف جر. حيث: اسم مبني على الضم في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بنستدرج.
  • ﴿ لا يَعْلَمُونَ:
  • الجملة في محل جر بالاضافة. لا: نافية لا عمل لها.يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل اي من الجهة التي لا يشعرون انه استدراج.'

المتشابهات :

الأعراف: 182﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ
القلم: 44﴿فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ ۖ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     وبعدَ تخويفِ المشركينَ بأهوالِ يومِ القيامةِ وشدائدِها؛ خوَّفهم هنا وهدَّدَهُم بأن يسوقهم إلى العذاب درجة درجة، من حيث لا يعلمون أن ذلك مكر بهم واستدراج لهم، قال تعالى:
﴿ فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [45] :القلم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ

التفسير :

[45]وأُمهلهم وأُطيل أعمارهم؛ ليزدادوا إثماً. إن كيدي بأهل الكفر قويٌّ شديد.

فنمدهم بالأموال والأولاد، ونمدهم في الأرزاق والأعمال، ليغتروا ويستمروا على ما يضرهم، فإن وهذا من كيد الله لهم، وكيد الله لأعدائه، متين قوي، يبلغ من ضررهم وعذابهم فوق كل مبلغ

وقوله : ( وَأُمْلِي لَهُمْ ) أى : وأمهلهم ليزدادوا إثما . ( إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ) أى : لا يُدفَع بشئ .

وتسمية ذلك كيدا - وهو ضرب من الاحتيال - لكونه فى صورته - حيث إنه - سبحانه - يفعل معهم ما هو نفع لهم ظاهرا ، ومراده - عز وجل - به الضرر ، لما علم من خبث جبلتهم ، وتماديهم فى الكفر والجحود . .

( وأملي لهم إن كيدي متين ) أي : وأؤخرهم ، وأنظرهم ، وأمدهم ، وذلك من كيدي ومكري بهم ; ولهذا قال تعالى : ( إن كيدي متين ) أي : عظيم لمن خالف أمري ، وكذب رسلي ، واجترأ على معصيتي .

وفي الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " . ثم قرأ : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) [ هود : 102 ] .

وقوله: (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ) يقول تعالى ذكره: وأنسئ في آجالهم ملاوة من الزمان، وذلك برهة من الدهر على كفرهم وتمرّدهم على الله لتتكامل حجج الله عليهم (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ) يقول: إن كيدي بأهل الكفر قويّ شديد.

التدبر :

وقفة
[45] تأمل: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ الظالمون المستمرون في بطشهم وظلم الناس، لا يدركون أن الله إنما يستدرجهم لعقوبة قادمة.
وقفة
[45] ﴿إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ المتانة تعني أنه: ﻻ يخترق وﻻ يحاط به وﻻ يقاوم.

الإعراب :

  • ﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ
  • اعربت في سورة «الاعراف» في الآية الكريمة الثالثة والثمانين بعد المائة.'

المتشابهات :

الأعراف: 183﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ
القلم: 45﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ الاستدراجَ؛ بَيَّنَ هنا أنَّهُ يُمْهِلُ الظّالِمِينَ لِيَزْدادُوا إثْمًا، قال تعالى:
﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [46] :القلم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن ..

التفسير :

[46] أم تسأل -أيها الرسول- هؤلاء المشركين أجراً دنيوياً على تبليغ الرسالة فهم مِن غرامة ذلك مكلَّفون حِمْلاً ثقيلاً؟

{ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} أي:ليس لنفورهم عنك، وعدم تصديقهم لما جئت به ، سبب يوجب لهم ذلك، فإنك تعلمهم، وتدعوهم إلى الله، لمحض مصلحتهم، من غير أن تطلبهم من أموالهم مغرمًا يثقل عليهم.

ثم عادت السورة الكريمة إلى إبطال معاذيرهم ، بأسلوب الاستفهام الإنكارى ، الذى تكرر فيها كثيرا ، فقال - تعالى - : ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ . أَمْ عِندَهُمُ الغيب فَهُمْ يَكْتُبُونَ ) ؟

والمغرم والغرام : ما يفرض على المرء أداؤه من مال وغيره .

والمثقلون : جمع مثقل ، وهو من أثقلته الديون ، حتى صار فى حالة عجز عن أدائها .

والمراد بالغيب : علم الغيب ، وهو ما غاب عن علم البشر ، فالكلام على حذف مضاف .

والمعنى : بل أتسألهم - يا محمد - على دعوتك لهم إلى الحق والخير ( أَجْراً ) دنيويا ( فَهُمْ ) من أجل ذلك مثقلون بالديون المالية ، وعاجزون عن دفعها لك . . فترتب على هذا الغرم الثقيل . أن أعرضوا عن دعوتك ، وتجنبوا الدخول فى دينك؟

وقوله : ( أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون أم عندهم الغيب فهم يكتبون ) تقدم تفسيرهما في سورة " الطور " ، والمعنى في ذلك : أنك يا محمد تدعوهم إلى الله ، عز وجل ، بلا أجر تأخذه منهم ، بل ترجو ثواب ذلك عند الله ، عز وجل ، وهم يكذبون بما جئتهم به ، بمجرد الجهل والكفر والعناد .

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : أتسأل يا محمد هؤلاء المشركين بالله على ما أتيتهم به من النصيحة، ودعوتهم إليه من الحقّ، ثوابا وجزاء (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ) يعني: من غرم ذلك الأجر مثقلون، قد أثقلهم القيام بأدائه، فتحاموا لذلك قبول نصيحتك، وتجنبوا لعظم ما أصابهن من ثقل الغرم الذي سألتهم على ذلك الدخول في الذي دعوتهم إليه من الدين.

التدبر :

وقفة
[46] ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾ ليست عليهم غرامات إن اتبعوك، ولا كلفة عليهم إن تابعوك، بل على العكس، متابعتهم لك فوز وغنيمة ما بعدها غنيمة، فما سبب تأخُّرهم وعدم استجابتهم؟
وقفة
[46] ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾ تنزيه الدعوة عن مكاسب الدنيا وأطماعها العاجلة ضمان لنجاحها, وتحقيق مآربها.

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ
  • اعربت في سورة «الطور» في الآية الكريمة الاربعين. أي فيثقل عليهم حمل الغرامة في أموالهم فيثبطهم ذلك عن الايمان'

المتشابهات :

الطور: 40﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ
القلم: 46﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [46] لما قبلها :     وبعد أن نَفى أنْ تكونَ لهم حُجَّةٌ تُؤيِّدُ صَلاحَ حالِهم؛ نفى هنا أنْ يكونَ عليهم ضُرٌّ في إجابةِ دَعوةِ الإسلامِ؛ استِقصاءً لقطْعِ ما يُحتملُ مِن المَعاذيرِ بافتراضِ أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَأَلَهم أجْرًا على هَدْيِه إيَّاهم، فصَدَّهم عن إجابتِه ثِقَلُ غُرمِ المالِ على نُفوسِهم، قال تعالى:
﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [47] :القلم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ

التفسير :

[47] بل أعندهم علم الغيب، فهم يكتبون عنه ما يحكمون به لأنفسهم مِن أنهم أفضل منزلة عند الله مِن أهل الإيمان به؟

{ أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} ما كان عندهم من الغيوب، وقد وجدوا فيها أنهم على حق، وأن لهم الثواب عند الله، فهذا أمر ما كان، وإنما كانت حالهم حال معاند ظالم.

أم أن هؤلاء القوم عندهم علم الغيب ، بأن يكونوا قد اطلعوا على ما سطرناه فى اللوح المحفوظ من أمور غيبية لا يعلمها أحد سوانا . . فهم يكتبون ذلك ، ثم يصدرون أحكامهم . ويجادلونك فى شأنها . وكأنهم قد اطلعوا على بواطن الأمور! .

الحق الذى لا حق سواه ، أن هؤلاء القوم ، أنت لم تطلب منهم أجرا على دعوتك إياهم إلى إخلاص العبادة لنا ، ولا علم عندهم بشئ من الغيوب التى لا يعلمها أحد سوانا ، وكل ما يزعمونه فى هذا الشأن فهو ضرب من الكذب والجهل . .

وقوله : ( أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون أم عندهم الغيب فهم يكتبون ) تقدم تفسيرهما في سورة " الطور " ، والمعنى في ذلك : أنك يا محمد تدعوهم إلى الله ، عز وجل ، بلا أجر تأخذه منهم ، بل ترجو ثواب ذلك عند الله ، عز وجل ، وهم يكذبون بما جئتهم به ، بمجرد الجهل والكفر والعناد .

وقوله: (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ) يقول: أعندهم اللوح المحفوظ الذي فيه نبأ ما هو كائن، فهم يكتبون منه ما فيه، ويجادلونك به، ويزعمون أنهم على كفرهم بربهم أفضل منـزلة عند الله من أهل الإيمان به.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[47] ﴿أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ النبي نفسه لا يعلم الغيب، فكيف يدَّعي أحدٌ معرفة الغيب؟!

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ
  • اعربت في سورة «الطور» في الآية الكريمة الحادية والاربعين. أي يكتبون ما يحكون به.'

المتشابهات :

الطور: 41﴿ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ
القلم: 47﴿ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [47] لما قبلها :     ولَمَّا نفَى اللهُ أن يكونَ تَكذيبُ المُشرِكينَ بشَهوةٍ دَعَتْهم إلى ذلك؛ نفَى هنا أن يكونَ لهم في ذلك شُبهةٌ مِن شَكٍّ في الذِّكرِ، أو حَيفٍ في المذَكِّرِ، وأن يَكونوا على ثِقةٍ أو ظَنٍّ مِن سلامةِ العاقِبةِ، قال تعالى:
﴿ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [48] :القلم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن ..

التفسير :

[48] فاصبر -أيها الرسول- لما حكم به ربك وقضاه، ومن ذلك إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم، ولا تكن كصاحب الحوت، وهو يونس -عليه السلام- في غضبه وعدم صبره على قومه، حين نادى ربه -في ظلمة البحر وظلمة بطن الحوت-، وهو مملوء غمّاً طالباً تعجيل العذاب لهم،

فلم يبق إلا الصبر لأذاهم، والتحمل لما يصدر منهم، والاستمرار على دعوتهم، ولهذا قال:{ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} أي:لما حكم به شرعًا وقدرًا، فالحكم القدري، يصبر على المؤذي منه، ولا يتلقى بالسخط والجزع، والحكم الشرعي، يقابل بالقبول والتسليم، والانقياد التام لأمره.

وقوله:{ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} وهو يونس بن متى، عليه الصلاة والسلام أي:ولا تشابهه في الحال، التي أوصلته، وأوجبت له الانحباس في بطن الحوت، وهو عدم صبره على قومه الصبر المطلوب منه، وذهابه مغاضبًا لربه، حتى ركب في البحر، فاقترع أهل السفينة حين ثقلت بأهلها أيهم يلقون لكي تخف بهم، فوقعت القرعة عليه فالتقمه الحوت وهو مليم [وقوله]{ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} أي:وهو في بطنها قد كظمت عليه، أو نادى وهو مغتم مهتم بأن قال{ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} فاستجاب الله له، وقذفته الحوت من بطنها بالعراء وهو سقيم، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين.

وما دام الأمر كما ذكرنا لك ( فاصبر ) أيها الرسول الكريم - لحكم ربك ، ولقضائه فيك وفيهم ، وسر فى طريقك التى كلفناك به ، وهو تبليغ رسالتنا إلى الناس . . وستكون العاقبة لك ولأتباعك .

( وَلاَ تَكُن ) - أيها الرسول الكريم - ( كَصَاحِبِ الحوت ) وهو يونس - عليه السلام - .

أى : لا يوجد منك ما وجد منه ، من الضجر ، والغضب على قومه الذين لم يؤمنوا ، ففارقهم دون أن يأهذ له ربه بمفارقتهم . .

والظرف فى قوله : ( إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ ) منصوب بمضاف محذوف ، وجملة ( وَهُوَ مَكْظُومٌ ) فى محل نصب على الحال من فاعل " نادى " .

والمكظوم - بزنة مفعول - : المملوء غضبا وغيظا وكربا ، مأخوذ من كظم فلان السقاء إذا ملأه ، وكظم الغيظ إذا حبسه وهو ممتلئ به .

أى : لا يكن حالك كحال صاحب الحوت ، وقت ندائه لربه - عز وجل - وهو مملوء غيظا وكربا ، لما حدث له مع قومه ، ولما أصابه من بلاء وهو فى بطن الحوت .

وهذا النداء قد أشار إليه - سبحانه - فى آيات منها قوله - تعالى - :

( وَذَا النون إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فنادى فِي الظلمات أَن لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين . فاستجبنا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الغم وكذلك نُنجِي المؤمنين ).

يقول تعالى : ( فاصبر ) يا محمد على أذى قومك لك وتكذيبهم ; فإن الله سيحكم لك عليهم ، ويجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة ، ( ولا تكن كصاحب الحوت ) يعني : ذا النون ، وهو يونس بن متى عليه السلام حين ذهب مغاضبا على قومه ، فكان من أمره ما كان من ركوبه في البحر والتقام الحوت له ، وشرود الحوت به في البحار وظلمات غمرات اليم ، وسماعه تسبيح البحر بما فيه للعلي القدير ، الذي لا يرد ما أنفذه من التقدير ، فحينئذ نادى في الظلمات . ( أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) [ الأنبياء : 87 ] . قال الله ( فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ) [ الأنبياء : 88 ] ، وقال تعالى : ( فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) [ الصافات : 143 ، 144 ] وقال هاهنا : ( إذ نادى وهو مكظوم ) قال ابن عباس ومجاهد والسدي : وهو مغموم . وقال عطاء الخراساني وأبو مالك : مكروب . وقد قدمنا في الحديث أنه لما قال : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) خرجت الكلمة تحف حول العرش ، فقالت الملائكة : يا رب ، هذا صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة ، فقال الله : أما تعرفون هذا ؟ قالوا : لا . قال : هذا يونس . قالوا : يا رب ، عبدك الذي لا يزال يرفع له عمل صالح ودعوة مجابة ؟ قال : نعم . قالوا : أفلا ترحم ما كان يعمله في الرخاء فتنجيه من البلاء ؟ فأمر الله الحوت فألقاه بالعراء ; ولهذا قال تعالى : ( فاجتباه ربه فجعله من الصالحين )

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى " .

ورواه البخاري من حديث سفيان‌ الثوري وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة‌ .

القول في تأويل قوله تعالى : فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فاصبر يا محمد لقضاء ربك وحكمه فيك، وفي هؤلاء المشركين بما أتيتهم به من هذا القرآن، وهذا الدين، وامض لما أمرك به ربك، ولا يثنيك عن تبليغ ما أمرت بتبليغه تكذيبهم إياك وأذاهم لك.

وقوله: (وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) الذي حبسه في بطنه، وهو يونس بن مَتَّى صلى الله عليه وسلم فيعاقبك ربك على تركك تبليغ ذلك، كما عاقبه فحبسه في بطنه: (إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ) يقول: إذ نادى وهو مغموم، قد أثقله الغمّ وكظمه.

كما حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ) يقول: مغموم.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (مَكْظُومٌ ) قال: مغموم.

وكان قتادة يقول في قوله: (وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) : لا تكن مثله في العجلة والغضب.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ) يقول: لا تعجل كما عَجِل، ولا تغضب كما غضب.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.

التدبر :

وقفة
[48] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ الصبر خلق محمود لازم للدعاة وغيرهم.
وقفة
[48] ﴿فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ كما أكرمك بما أنزل عليك؛ فاصبر على قضائه وقدره، واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره.
وقفة
[48] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ عدمُ الاستعجالِ في انتظارِ نتائجِ الدَّعوةِ إلى اللهِ.
وقفة
[48] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ طريق الدعوة محفوف بالعقبات والمشاق، يتطلب خوضه الصبر والتجلد على كل إيذاء وصدٍّ وإعراض.
وقفة
[48] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ النصر والتمكين بيد الله تعالى وحده، وكل شيء عنده بأجل، وعلى الدعاة المضي في دعوتهم بعزيمة وهمة، دون استبطاء النجاح أو استعجال الثمرة.
وقفة
[48] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ هو يونس عليه السلام، وسماه صاحب الحوت؛ لأن الحوت ابتلعه، وهو أيضًا ذو النون، والنون هو الحوت، فنهى الله محمدًا ﷺ أن يكون مثله في الضجر والاستعجال حين ذهب مغاضبًا.
عمل
[48] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ احذر عاقبة الغضب، إن وُجِدَ منك ما وجده يونس من الضجَر والعجلة والمغاضبة، فقد تبتَلى بمثل بلائه.
عمل
[48] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ اصبر على تبعات تبليغ الرسالة وأعباء الدعوة، وتحمّل ما سيحصل لك بسبب ذلك من الأذى والبلاء، فهي سنة الله في المصلحين والمرسلين.
عمل
[48] انصح مسلمًا مصرًّا على المعصية ولا تيأس ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾.
وقفة
[48] ذا النون: أي صاحب الحوت، ذكره الله في القرآن باسمه الصريح ٤ مرات ومرّتين بلقبه: ﴿وَذا النونِ﴾ [الأنبياء: 87]، ﴿صاحب الحوت﴾؛ وتسمَّت إحدى سور القرآن باسمه.
عمل
[48] ﴿إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ إذا اشتد الكرب وضاق بك الدرب، فتضرَّع بين يديِ الله فإنهُ مُجيب، واسأله في سجودك فرجًا قريبًا.
وقفة
[48] ﴿إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ هل تشعر بالكظم والغم والاختناق؟ إنها لحظة الإجابة السانحة، قل: يا رب.
وقفة
[48] ﴿إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ حين تخنقنا الآلام؛ نناديه نتنفس الفرج.

الإعراب :

  • ﴿ فَاصْبِرْ:
  • الفاء استئنافية. اصبر: فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ لِحُكْمِ رَبِّكَ:
  • جار ومجرور متعلق باصبر. ربك: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل جر بالاضافة وهو أمهالهم.
  • ﴿ وَلا تَكُنْ:
  • الواو عاطفة. لا: ناهية جازمة. تكن: فعل مضارع ناقص مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الواو لالتقاء الساكنين واسمها ضمير مستتر وجوبا تقديره انت
  • ﴿ كَصاحِبِ الْحُوتِ:
  • الكاف اسم بمعنى «مثل» للتشبيه مبني على الفتح في محل نصب خبر «تكن» صاحب مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الحوت: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة يعني النبي يونس عليه السلام.
  • ﴿ إِذْ نادى:
  • ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين».نادى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «نادى» في محل جر بالاضافة اي نادى في بطن الحوت.
  • ﴿ وَهُوَ مَكْظُومٌ:
  • الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال.هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. مكظوم: خبر «هو» مرفوع بالضمة اي مملوء غيظا.'

المتشابهات :

الطور: 48﴿وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا
القلم: 48﴿فَـ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ
الانسان: 24﴿فَـ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [48] لما قبلها :     وبعد تَزييفِ طَريقةِ المشركينَ، وزَجْرِهم عمَّا همْ عليه؛ أمَرَ رسولَه صلى الله عليه وسلم بالصَّبرِ على أذاهم وعدمِ التَّضجرِ كما فعلَ يونسُ عليه السلام حينما تركَ دعوةَ قومِه، قال تعالى:
﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [49] :القلم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن ..

التفسير :

[49]لولا أن تداركه نعمة مِن ربه بتوفيقه للتوبة وقَبولها لَطُرِح مِن بطن الحوت بالأرض الفضاء المهلكة، وهو آتٍ بما يلام عليه،

{ لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ} أي:لطرح في العراء، وهي الأرض الخالية{ وَهُوَ مَذْمُومٌ} ولكن اللهتغمده برحمته فنبذ وهو ممدوح، وصارت حاله أحسن من حاله الأولى،

وقوله - سبحانه - : ( لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بالعرآء وَهُوَ مَذْمُومٌ . . ) .

استئناف لبيان جانب من فضله - تعالى - على عبده يونس - عليه السلام - .

و ( لَّوْلاَ ) هنا حرف امتناع لوجود ، و ( أَن ) يجوز أن تكون مخففة من ( أَن ) الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن ، وهو محذوف ، وجملة ( تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ ) خبرها .

ويجوز أن تكون مصدرية ، أى : لولا تدارك رحمة من ربه .

والتدارك : تفاعل من الدرك - بفتح الدال - بمعنى اللحاق بالغير . والمقصود به هنا : المبالغة فى إدراك رحمة الله - تعالى - لعبده يونس - عليه السلام - .

قال الجمل : قرأة العامة : ( تَدَارَكَهُ ) وهو فعل ماضى مذكر ، حمل على معنى النعمة ، لأن تأنيثها غير حقيقى ، وقرأ ابن عباس وابن مسعود : تدراكه - على لفظ النعمة - وهو خلاف المرسوم .

والمراد بالنعمة : رحمته - سبحانه - بيونس - عليه السلام - وقبول توبته ، وإجابة دعائه . .

والنبذ : الطرح والترك للشئ ، والعراء : الأرض الفضالة الخالية من النبات وغيره .

والمعنى : لولا أن الله - تدارك عبده يونس برحمته ، وبقبول توبته . . لطرح من بطن الحوت بالأرض الفضاء الخالية من النبات والعمران . . وهو مذموم ، أى : وهو ملوم ومؤاخذ منا على ما حدث منه . .

ولكن ملامته ومؤاخذته منا قد امتنعت ، لتداركه برحمتنا ، حيث قبلنا توبته ، وغسلنا حوبته ، ومنحناه الكثير من خيرنا وبرنا . .

فالمقصود من الآية الكريمة بيان جانب من فضل الله - تعالى - على عبده يونس - عليه السلام - ، وبيان أن رحمته - تعالى - به ، ونعمته عليه ، قد حالت بينه ويبن أن يكن مذموما على ما صدر منه ، من مغاضبة لقومه ومفارقته لهم بدون إذن من ربه . .

قال الجمل ما ملخصه : قوله : ( وَهُوَ مَذْمُومٌ ) أى : ملوم ومؤاخذ بذنبه والجملة حال من مرفوع " نُبِذ " وهى محط الامتناع المفاد بلولا ، فهى المنفية لا النبذ بالعراء . .

أى : لنبذ بالعراء وهو مذموم ، لكنه رُحِم فنبذ غير مذموم . .

فلولا - هنا - ، حرف امتناع لوجود ، وأن الممتنع القيد فى جوابها لا هو نفسه . .

يقول تعالى : ( فاصبر ) يا محمد على أذى قومك لك وتكذيبهم ; فإن الله سيحكم لك عليهم ، ويجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة ، ( ولا تكن كصاحب الحوت ) يعني : ذا النون ، وهو يونس بن متى عليه السلام حين ذهب مغاضبا على قومه ، فكان من أمره ما كان من ركوبه في البحر والتقام الحوت له ، وشرود الحوت به في البحار وظلمات غمرات اليم ، وسماعه تسبيح البحر بما فيه للعلي القدير ، الذي لا يرد ما أنفذه من التقدير ، فحينئذ نادى في الظلمات . ( أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) [ الأنبياء : 87 ] . قال الله ( فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ) [ الأنبياء : 88 ] ، وقال تعالى : ( فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) [ الصافات : 143 ، 144 ] وقال هاهنا : ( إذ نادى وهو مكظوم ) قال ابن عباس ومجاهد والسدي : وهو مغموم . وقال عطاء الخراساني وأبو مالك : مكروب . وقد قدمنا في الحديث أنه لما قال : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) خرجت الكلمة تحف حول العرش ، فقالت الملائكة : يا رب ، هذا صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة ، فقال الله : أما تعرفون هذا ؟ قالوا : لا . قال : هذا يونس . قالوا : يا رب ، عبدك الذي لا يزال يرفع له عمل صالح ودعوة مجابة ؟ قال : نعم . قالوا : أفلا ترحم ما كان يعمله في الرخاء فتنجيه من البلاء ؟ فأمر الله الحوت فألقاه بالعراء ; ولهذا قال تعالى : ( فاجتباه ربه فجعله من الصالحين )

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى " .

ورواه البخاري من حديث سفيان‌ الثوري وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة‌ .

وقوله: (لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ ) يقول جلّ ثناؤه: لولا أن تدارك صاحب الحوت نعمة من ربه، فرحمه بها، وتاب عليه من مغاضبته ربه (لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ ) وهو الفضاء من الأرض: ومنه قول قيس بن جَعْدة:

وَرَفَعْـتُ رِجْـلا لا أخـافُ عِثارَهـا

وَنَبَــذْتُ بــالبَلَدِ العَــرَاءِ ثِيــابِي (1)

(وَهُوَ مَذْمُومٌ ) اختلف أهل التأويل في معنى قوله: (وَهُوَ مَذْمُومٌ ) فقال بعضهم: معناه وهو مُلِيم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثني أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: (وَهُوَ مَذْمُومٌ ) يقول: وهو مليم.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وهو مذنب

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه عن بكر (وَهُوَ مَذْمُومٌ ) قال: هو مذنب.

التدبر :

وقفة
[49] ﴿لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾ تدارك الله عبده بالتوبة والغفران، نعمةٌ وتوفيق من الكريم المنان، فأبقِ قلبك معلقًا بربك، ولو كنت من المقصرين المفرطين.
وقفة
[49] ﴿لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾ النعمة حين تُكتب لك تلاحقك حتى تصيبك، فلا تهتم كثيرًا، نعمتك لن تذهب إلى غيرك، فقط أحسن ظنك وثق بربك.
وقفة
[49] ﴿لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾ إذا وهب الله لك النعمة فإنها تلاحقك حتى تدركك وأنت شارد.
وقفة
[49] ﴿لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾ هذا نبي الله ومع هذا فلم ينج من كربته إلا بنعمة الله وفضله ورحمته، فمن الناس بعده؟!
وقفة
[49] ﴿لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾ التوفيق الإلهي شرط النجاة. قال الرازي: «المراد من تلك النعمة، هو أنه تعالى أنعم عليه بالتوفيق للتوبة، وهذا يدل على أنه لا يتم شيء من الصالحات والطاعات إلا بتوفيقه وهدايته».
وقفة
[49] ﴿لَولا أَن تَدارَكَهُ نِعمَةٌ مِن رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالعَراءِ وَهُوَ مَذمومٌ﴾ دائمًا هى رحمة الله ونعمته تتداركنا وتلحق بنا لنجدتنا من كل كرب، فاللهم لا تكرمنا رحمتك ونعمتك.
وقفة
[49] ﴿لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾ فلولا أنه كان من المسبحين؛ أخرجه التسبيح للساحل، لكنه عاد بنعمة ربه لشرف الرسالة.
وقفة
[49] ﴿لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾ الصالحات السابقة تعضدك في الشدة.
وقفة
[49، 50] ﴿وَهُوَ مَذمومٌ * فَاجتَبـٰهُ رَبُّهُ﴾ بين اللوم والاجتباء لحظة ندم.

الإعراب :

  • ﴿ لَوْلا:
  • اداة شرط غير جازمة «حرف امتناع لوجود» اي امتناع الشيء لوجود غيره.
  • ﴿ أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ:
  • حرف مصدري. تداركه: فعل ماض مبني على الفتح والهاء ضمير متصل- ضمير الغائب- مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. نعمة: فاعل مرفوع بالضمة وقد ذكر الفعل لان فاعله مؤنث غير حقيقي وحسن التذكير لفصله عن فاعله بالضمير وجملة «تداركه نعمة» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الإعراب و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ خبره محذوف وجوبا. والجملة الاسمية من المبتدأ «المصدر المؤول» وخبره المحذوف ابتدائية لا محل لها في الإعراب. ِنْ رَبِّهِ: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لنعمة والهاء ضمير متصل- ضمير الغائب- في محل جر بالاضافة. ونعمة ربه: انعامه عليه بالتوفيق للتوبة وتاب عليه.
  • ﴿ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ:
  • اللام واقعة في جواب «لولا». نبذ: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.بالعراء: جار ومجرور متعلق بنبذ وجملة «نبذ بالعراء» جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. اي لرمي بأرض عارية من النبات وغيره وقيل اعتمد في جواب «لولا» على قوله «وهو مذموم» يعني ان حاله كانت على خلاف الذم حين نبذ بالعراء ولولا توبته لكانت حاله على الذم.
  • ﴿ وَهُوَ مَذْمُومٌ:
  • الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال.هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. مذموم: خبر «هو» مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

الصافات: 145﴿ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ
القلم: 49﴿لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [49] لما قبلها :     ولَمَّا نادى يونس عليه السلام ربَّه وهو مكروب في ظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت؛ تشوف السامع إلى معرفة ما كان من أمره، فقال تعالى:
﴿ لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تداركه:
1- ماضيا، لم تلحقه علامة التأنيث، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- تداركته، بتاء التأنيث، وهى قراءة عبد الله، وابن عباس.
3- تداركه، بشد الدال، والأصل: تتداركه، وهى قراءة ابن هرمز، والحسن، والأعمش.

مدارسة الآية : [50] :القلم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ

التفسير :

[50] فاصطفاه ربه لرسالته، فجعله من الصالحين الذين صلحت نياتهم وأقوالهم وأعمالهم.

{ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ} أي:اختاره واصطفاه ونقاه من كل كدر،.{ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} أي:الذين صلحت أعمالهم وأقوالهم ونياتهم، [وأحوالهم] فامتثل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أمر ربه، فصبر لحكم ربه صبرًا لا يدركه فيه أحد من العالمين.

وقوله : ( فاجتباه رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصالحين ) تأكيد وتفصيل لنعمة الله - تعالى - التى أنعم بها على عبده يونس - عليه السلام - ، وهو معطوف على مقدر .

أى : فتدراكته النعمة فاصطفاه ربه - عز وجل - حيث رد عليه الوحى بعد انقطاعه ، وأرسله إلى مائة ألف أو يزيدون من الناس ، وقبل توبته ، فجعله من عباده الكاملين فى الصلاح والتقوى ، وفى تبليغ الرسالة عن ربه .

يقول تعالى : ( فاصبر ) يا محمد على أذى قومك لك وتكذيبهم ; فإن الله سيحكم لك عليهم ، ويجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة ، ( ولا تكن كصاحب الحوت ) يعني : ذا النون ، وهو يونس بن متى عليه السلام حين ذهب مغاضبا على قومه ، فكان من أمره ما كان من ركوبه في البحر والتقام الحوت له ، وشرود الحوت به في البحار وظلمات غمرات اليم ، وسماعه تسبيح البحر بما فيه للعلي القدير ، الذي لا يرد ما أنفذه من التقدير ، فحينئذ نادى في الظلمات . ( أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) [ الأنبياء : 87 ] . قال الله ( فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ) [ الأنبياء : 88 ] ، وقال تعالى : ( فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) [ الصافات : 143 ، 144 ] وقال هاهنا : ( إذ نادى وهو مكظوم ) قال ابن عباس ومجاهد والسدي : وهو مغموم . وقال عطاء الخراساني وأبو مالك : مكروب . وقد قدمنا في الحديث أنه لما قال : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) خرجت الكلمة تحف حول العرش ، فقالت الملائكة : يا رب ، هذا صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة ، فقال الله : أما تعرفون هذا ؟ قالوا : لا . قال : هذا يونس . قالوا : يا رب ، عبدك الذي لا يزال يرفع له عمل صالح ودعوة مجابة ؟ قال : نعم . قالوا : أفلا ترحم ما كان يعمله في الرخاء فتنجيه من البلاء ؟ فأمر الله الحوت فألقاه بالعراء ; ولهذا قال تعالى : ( فاجتباه ربه فجعله من الصالحين )

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى " .

ورواه البخاري من حديث سفيان‌ الثوري وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة‌ .

القول في تأويل قوله تعالى : فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)

يقول تعالى ذكره: فاجتبى صاحبَ الحوت ربُّه، يعني: اصطفاه واختاره لنبوّته (فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ) يعني من المرسلين العاملين بما أمرهم به ربهم، المنتهين عما نهاهم عنه.

التدبر :

وقفة
[50] ﴿فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ التوبة تَجُبُّ ما قبلها، وهي من أسباب اصطفاء الله للعبد، ويجعله من عباده الصالحين.
وقفة
[50] ﴿فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ بعد التوبة اجتباء، وبعد التقصير ارتقاء، فاجعل من ذنبك صخرة ترتقي عليها إلى مدارج الاستقامة.
وقفة
[50] ﴿فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ قال ابن عباس عن اجتباء يونس عليه السلام: «ردَّ الله إليه الوحي، وشفَعَه في قومه».
وقفة
‏[50] ﴿فاجتباه ربه فجعله من الصالحين﴾ ألح يونس بالدعاء بعد خطئه فغفر له ربه وأكرمه، ذنبك الأول لا يحول بينك وبين رضا ربك إن تبت.
وقفة
[50] صلاحك واستقامتك ليست بفضل التربية الصارمة، ولا عزوفك الفطرى عن الباطل، ليس بيئة نقية، ولا إخوانًا يتعاهدونك، هو اختيار إلهى وحسب ﴿فاجتباه ربه فجعله من الصالحين﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَاجْتَباهُ رَبُّهُ:
  • الفاء استئنافية. اجتباه: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والهاء ضمير متصل- ضمير الغائب- مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم بمعنى فاختاره ربه اي فجمعه اليه وقربه بالتوبة عليه. ربه: فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل- ضمير الغائب- مبني على الضم في محل جر بالاضافة. والفعل بعده- جعله- مبني على الفتح الظاهر على آخره.
  • ﴿ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ:
  • معطوفة بالفاء على «اجتباه» وتعرب إعرابها.من الصالحين: جار ومجرور متعلق بمفعول «جعل» الثاني اي صالحا من الصالحين اي من الانبياء وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد وقيل فوصفه من الصالحين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [50] لما قبلها :     وبعد أن أدركته رحمةُ الله؛ اختارَه ربُّه، فجعله من عباده الصالحين، قال تعالى:
﴿ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [51] :القلم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ ..

التفسير :

[51] وإن يكاد الكفار حين سمعوا القرآن لَيصيبونك -أيها الرسول- بالعين؛ لبغضهم إياك، لولا وقاية الله وحمايته لك، ويقولون:-حسب أهوائهم- إنه لمجنون.

فجعل الله له العاقبة{ والعاقبة للمتقين} ولم يدرك أعداؤه فيه إلا ما يسوءهم، حتى إنهم حرصوا على أن يزلقوه بأبصارهم أي:يصيبوهبأعينهم، من حسدهم وغيظهم وحنقهم، هذا منتهى ما قدروا عليه من الأذى الفعلي، والله حافظه وناصره، وأما الأذى القولي، فيقولون فيه أقوالًا، بحسب ما توحي إليهم قلوبهم، فيقولون تارة "مجنون"وتارة "ساحر"وتارة "شاعر".

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة ، ببيان ما كان عليه الكافرون من كراهية للنبى صلى الله عليه وسلم ومن حقد عليه ، فقال - تعالى - : ( وَإِن يَكَادُ الذين كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُواْ الذكر وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ . وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ) .

وقولهك ( لَيُزْلِقُونَكَ ) من الزَّلَق - بفتحتين - ، وهو تزحزح الإِنسان عن مكانه ، وقد يؤدى به هذا التزحزح إلى السقوط على الأرض ، يقال : زَلَقه يَزْلِقه ، و أزْلقه يُزْلِقه إزلافا ، إذا نحاه وأبعده عن مكانه ، واللام فيه للابتداء .

قال الشوكانى : قرأ الجمهور : ( لَيُزْلِقُونَكَ ) بضم الياء من أزلقه ، أى : أزل رجله . .

وقرأ نافع وأهل المدينة ( لَيُزْلِقُونَكَ ) - بفتح الياء - من زلق عن موضعه .

و ( إن ) هى المخففة من الثقيلة ، - واسمها ضمير الشأن محذوف ، و " لما " ظرفية منصوبة بيزلقونك . أو هى حرف ، وجوابها محذوف لدلالة ما قبلها عليه . أى : لما سمعوا الذكر كادوا يزلقونك . .

أى : وإن يكاد الذين كفروا ليهلكونك ، أو ليزلون قدمك عن موضعها ، أو ليصرعونك بأبصارهم من شدة نظرهم إليك شزرا ، بعيون ملؤها العداوة والبغضاء حين سمعوا الذكر ، وهو القرآن الكريم . .

( وَيَقُولُونَ ) على سبيل البغض لك ( إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ) أى : إن الرسول صلى الله عليه وسلم لمن الأشخاض الذين ذهبت عقولهم . .

وقوله : ( وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم ) قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما : ( ليزلقونك ) لينفذونك بأبصارهم ، أي : ليعينونك بأبصارهم ، بمعنى : يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك ، وحمايته إياك منهم . وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق ، بأمر الله ، عز وجل ، كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة .

حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : قال أبو داود : حدثنا سليمان بن داود العتكي ، حدثنا شريك ( ح ) ، وحدثنا العباس العنبري ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا شريك ، عن العباس بن ذريح ، عن الشعبي قال العباس : عن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا رقية إلا من عين أو حمة أو دم لا يرقأ " . لم يذكر العباس العين . وهذا لفظ سليمان .

حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه : قال أبو عبد الله ابن ماجه : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن أبي جعفر الرازي ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن بريدة بن الحصيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا رقية إلا من عين أو حمة " .

هكذا رواه ابن ماجه وقد أخرجه مسلم في صحيحه ، عن سعيد بن منصور ، عن هشيم ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن عامر الشعبي ، عن بريدة موقوفا ، وفيه قصة ، وقد رواه شعبة ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن بريدة . قاله الترمذي وروى هذا الحديث الإمام البخاري من حديث محمد بن فضيل وأبو داود من حديث مالك بن مغول ، والترمذي من حديث سفيان بن عيينة ، ثلاثتهم عن حصين ، عن عامر ، عن الشعبي ، عن عمران بن حصين موقوفا .

حديث أبي جندب بن جنادة : قال الحافظ أبو يعلى الموصلي رحمه الله : حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن البرند السامي ، حدثنا ديلم بن غزوان ، حدثنا وهب بن أبي دبي ، عن أبي حرب ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن العين لتولع الرجل بإذن الله ، فيتصاعد حالقا ، ثم يتردى منه " إسناده غريب ، ولم يخرجوه .

حديث حابس التميمي : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حرب ، حدثنا يحيى بن أبي كثير ، حدثني حية بن حابس التميمي : أن أباه أخبره : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا شيء في الهام ، والعين حق ، وأصدق الطيرة الفأل " .

وقد رواه الترمذي ، عن عمرو بن علي ، عن أبي غسان يحيى بن كثير ، عن علي بن المبارك ، عن يحيى بن أبي كثير به ثم قال غريب . قال وروى شيبان ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن حية بن حابس عن أبيه ، عن أبي هريرة‌ عن النبي صلى الله عليه وسلم .

قلت : كذلك رواه الإمام أحمد ، عن حسن بن موسى ، وحسين بن محمد ، عن شيبان عن يحيى بن أبي كثير ، عن حية ، حدثه عن أبيه ، عن أبي هريرة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا بأس في الهام ، والعين حق ، وأصدق الطيرة الفأل " .

حديث ابن عباس : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن الوليد ، عن سفيان ، عن دويد ، حدثني إسماعيل بن ثوبان ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العين حق ، العين حق ، تستنزل الحالق " غريب .

طريق أخرى : قال مسلم في صحيحه : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا وهيب ، عن ابن طاوس عن أبيه ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العين حق ، ولو كان شيء سابق القدر سبقت العين ، وإذا اغتسلتم فاغسلوا " . انفرد به دون البخاري .

وقال عبد الرزاق ، عن سفيان الثوري ، عن منصور ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين يقول : " أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة " ، ويقول هكذا كان إبراهيم يعوذ إسحاق وإسماعيل عليهما السلام " .

أخرجه البخاري وأهل السنن من حديث المنهال به .

حديث أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف رضي الله عنه : " قال ابن ماجه : حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي أمامة ابن سهل بن حنيف قال : مر عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف وهو يغتسل ، فقال : لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة ، فما لبث أن لبط به ، فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له : أدرك سهلا صريعا . قال : " من تتهمون به ؟ " . قالوا : عامر بن ربيعة . قال : " علام يقتل أحدكم أخاه ؟ إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة " . ثم دعا بماء فأمر عامرا أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ، وركبتيه ، وداخلة إزاره ، وأمره أن يصب عليه .

قال سفيان : قال معمر ، عن الزهري : وأمر أن يكفأ الإناء من خلفه .

وقد رواه النسائي من حديث سفيان بن عيينة ومالك بن أنس كلاهما عن الزهري به . ومن حديث سفيان بن عيينة أيضا عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي أمامة : ويكفأ الإناء من خلفه . ومن حديث ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف عن أبيه ، به . ومن حديث مالك أيضا ، عن محمد بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه ، به .

حديث أبي سعيد الخدري : قال ابن ماجه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا عباد ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من أعين الجان وأعين الإنس ، فلما نزل المعوذتان أخذ بهما وترك ما سوى ذلك .

ورواه الترمذي والنسائي من حديث سعيد بن إياس أبي مسعود الجريري به ، وقال الترمذي : حسن .

حديث آخر عنه : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي ، حدثني عبد العزيز بن صهيب ، حدثني أبو نضرة ، عن أبي سعيد : أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اشتكيت يا محمد ؟ قال : " نعم " . قال : باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من شر كل نفس وعين يشفيك ، باسم الله أرقيك .

ورواه عن عفان ، عن عبد الوارث مثله . ورواه مسلم وأهل السنن - إلا أبا داود - من حديث عبد الوارث به .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا داود ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد - أو : جابر بن عبد الله ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكى ، فأتاه جبريل فقال : باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من كل حاسد وعين الله يشفيك .

ورواه أيضا ، عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوي ، عن داود ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد به .

قال أبو زرعة الرازي : روى عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه ، عن عبد العزيز ، عن أبي نضرة ، وعن عبد العزيز ، عن أنس في معناه ، وكلاهما صحيح .

حديث أبى هريرة‌ : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة‌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن العين حق " .

أخرجاه من حديث عبد الرزاق .

وقال ابن ماجه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا إسماعيل بن علية ، عن الجريري ، عن مضارب بن حزن ، عن أبي هريرة‌ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العين حق " . تفرد به .

ورواه أحمد ، عن إسماعيل بن علية ، عن سعيد الجريري به .

وقال الإمام أحمد ، حدثنا ابن نمير ، حدثنا ثور - يعني ابن يزيد - عن مكحول ، عن أبي هريرة‌ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " العين حق ، ويحضرها الشيطان ، وحسد ابن آدم "

وقال أحمد : حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن قيس : سئل أبو هريرة‌ : هل سمعت رسول الله يقول : الطيرة في ثلاث : في المسكن والفرس والمرأة ؟ قال : قلت : إذا أقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أصدق الطيرة الفأل ، والعين حق " .

حديث أسماء بنت عميس : قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عروة بن عامر ، عن عبيد بن رفاعة الزرقي قال : قالت أسماء : يا رسول الله ، إن بني جعفر تصيبهم العين ، أفأسترقي لهم ؟ قال : " نعم ، فلو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين " .

وكذا رواه الترمذي وابن ماجه من حديث سفيان بن عيينة به ، ورواه الترمذي أيضا والنسائي من حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن عمرو بن دينار ، عن عروة بن عامر عن عبيد بن رفاعة ، عن أسماء بنت عميس ، به وقال الترمذي : حسن صحيح .

حديث عائشة ، رضي الله عنها : قال ابن ماجه : حدثنا علي بن أبي الخصيب ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ومسعر ، عن معبد بن خالد ، عن عبد الله بن شداد ، عن عائشة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تسترقي من العين .

ورواه البخاري ، عن محمد بن كثير ، عن سفيان ، عن معبد بن خالد به . وأخرجه مسلم من حديث سفيان ومسعر كلاهما عن معبد به ثم قال ابن ماجه :

حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا أبو هشام المخزومي ، حدثنا وهيب ، عن أبي واقد ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " استعيذوا بالله فإن النفس حق " . تفرد به

وقال أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : كان يؤمر العائن فيتوضأ ويغسل منه المعين .

حديث سهل بن حنيف : قال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا أبو أويس ، حدثنا الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف : أن أباه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وساروا معه نحو مكة ، حتى إذا كانوا بشعب الخرار - من الجحفة - اغتسل سهل بن حنيف - وكان رجلا أبيض حسن الجسم والجلد - فنظر إليه عامر بن ربيعة أخو بني عدي بن كعب ، وهو يغتسل ، فقال : ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة ، فلبط سهل ، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له : يا رسول الله ، هل لك في سهل . والله ما يرفع رأسه ولا يفيق . قال : " هل تتهمون فيه من أحد؟ " . قالوا : نظر إليه عامر بن ربيعة ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا ، فتغيظ عليه ، وقال : " علام يقتل أحدكم أخاه ، هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت؟ " ، ثم قال له : " اغتسل له " - فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح - ثم صب ذلك الماء عليه . يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه ، ثم يكفأ القدح وراءه ، ففعل ذلك ، فراح سهل مع الناس ، ليس به بأس .

حديث عامر بن ربيعة : " قال الإمام أحمد في مسند عامر : حدثنا وكيع حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن عيسى ، عن أمية بن هند بن سهل بن حنيف ، عن عبد الله بن عامر قال : انطلق عامر بن ربيعة وسهل بن حنيف يريدان الغسل ، قال : فانطلقا يلتمسان الخمر - قال : فوضع عامر جبة كانت عليه من صوف ، فنظرت إليه فأصبته بعيني فنزل الماء يغتسل . قال : فسمعت له في الماء فرقعة ، فأتيته فناديته ثلاثا فلم يجبني ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته . قال : فجاء يمشي فخاض الماء كأني أنظر إلى بياض ساقيه ، قال : فضرب صدره بيده ثم قال : " اللهم اصرف عنه حرها وبردها ووصبها " . قال : فقام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأى أحدكم من أخيه ، أو من نفسه أو من ماله ، ما يعجبه ، فليبرك ، فإن العين حق " .

حديث جابر : قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا طالب بن حبيب بن عمرو بن سهل الأنصاري - ويقال له : ابن الضجيع ، ضجيع حمزة رضي الله عنه - حدثني عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالأنفس " .

قال البزار : يعني العين . قال ولا نعلم يروى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد .

قلت : بل قد روي من وجه آخر عن جابر ; قال الحافظ أبو عبد الرحمن محمد بن المنذر الهروي - المعروف بشكر - في كتاب العجائب ، وهو مشتمل على فوائد جليلة وغريبة : حدثنا الرهاوي ، حدثنا يعقوب بن محمد ، حدثنا علي بن أبي علي الهاشمي ، حدثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العين حق ، لتورد الرجل القبر ، والجمل القدر ، وإن أكثر هلاك أمتي في العين " .

ثم رواه عن شعيب بن أيوب ، عن معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد تدخل الرجل العين في القبر ، وتدخل الجمل القدر " .

حديث عبد الله بن عمرو : " قال الإمام أحمد : حدثنا قتيبة ، حدثنا رشدين بن سعد ، عن الحسن بن ثوبان ، عن هشام بن أبي رقية ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا عدوى ولا طيرة ، ولا هامة ولا حسد ، والعين حق " . تفرد به أحمد .

حديث عن علي : روى الحافظ ابن عساكر من طريق خيثمة بن سليمان الحافظ ، حدثنا عبيد بن محمد الكشوري ، حدثنا عبد الله بن عبد الله بن عبد ربه البصري ، عن أبي رجاء ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ؛ أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقه مغتما ، فقال : يا محمد ، ما هذا الغم الذي أراه في وجهك ؟ قال : " الحسن والحسين أصابتهما عين " . قال : صدق بالعين ، فإن العين حق ، أفلا عوذتهما بهؤلاء الكلمات ؟ قال : " وما هن يا جبريل ؟ " . قال : قل : اللهم ذا السلطان العظيم ، ذا المن القديم ، ذا الوجه الكريم ، ولي الكلمات التامات ، والدعوات المستجابات ، عاف الحسن والحسين من أنفس الجن ، وأعين الإنس ، فقالها النبي صلى الله عليه وسلم فقاما يلعبان بين يديه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " عوذوا أنفسكم ونساءكم وأولادكم بهذا التعويذ ، فإنه لم يتعوذ المتعوذون بمثله " .

قال الخطيب البغدادي : تفرد بروايته أبو رجاء محمد بن عبيد الله الحيطي من أهل تستر . ذكره ابن عساكر في ترجمة " طراد بن الحسين " ، من تاريخه .

وقوله : ( ويقولون إنه لمجنون ) أي : يزدرونه بأعينهم ويؤذونه بألسنتهم ، ويقولون : ( إنه لمجنون ) أي : لمجيئه بالقرآن

وقوله: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) يقول جلّ ثناؤه: وإن يكاد الذين كفروا يا محمد يَنْفُذونك بأبصارهم من شدة عداوتهم لك ويزيلونك فيرموا بك عند نظرهم إليك غيظا عليك. وقد قيل: إنه عُنِيَ بذلك: وإن يكان الذين كفروا مما عانوك بأبصارهم ليرمون بك يا محمد، ويصرعونك، كما تقول العرب: كاد فلان يصرعني بشدة نظره إليّ، قالوا: وإنما كانت قريش عانوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصيبوه بالعين، فنظروا إليه ليعينوه، وقالوا: ما رأينا رجلا مثله، أو إنه لمجنون، فقال الله لنبيه عند ذلك: وإن يكاد الذين كفروا ليرمونك بأبصارهم (لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ).

وبنحو الذي قلنا في معنى (لَيُزْلِقُونَكَ ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ ) يقول: يُنْفُذونك بأبصارهم من شدّة النظر، يقول ابن عباس: يقال للسهم: زَهَق السهم أو زلق.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) يقول: لَيَنْفُذونك بأبصارهم.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) يقول: ليزهقونك بأبصارهم.

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا معاوية، عن إبراهيم، عن عبد الله أنه كان يقرأ : ( وَإنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْهِقُونَكَ ).

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في، قوله: (لَيُزْلِقُونَكَ ) قال: لينفذونك بأبصارهم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله: (لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) قال: ليزهقونك، وقال الكلبي ليصْرَعونك.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) لينفذونك بأبصارهم معاداة لكتاب الله، ولذكر الله.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) يقول: يَنْفذونك بأبصارهم من العداوة والبغضاء.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (لَيُزْلِقُونَكَ ) فقرأ ذلك عامة قراء المدينة ( لَيَزْلِقُونَكَ ) بفتح الياء من زلقته أزلقه زَلْفًا. وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة (لَيُزْلِقُونَكَ ) بضم الياء من أزلقه يُزْلِقه.

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان في العرب متقاربتا المعنى؛ والعرب تقول للذي يحْلِق الرأس: قد أزلقه وزلقه، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

وقوله: (لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ ) يقول: لما سمعوا كتاب الله يتلى (وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ) يقول تعالى ذكره: يقول هؤلاء المشركون الذين وصف صفتهم إن محمدا لمجنون، وهذا الذي جاءنا به من الهذيان الذي يَهْذِي به في جنونه.

التدبر :

وقفة
[51] ﴿وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ﴾ هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل.
وقفة
[51] ﴿وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ﴾ البغض والحقد بوابة الحسد.
وقفة
[51] ﴿وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ﴾ أي يعينونك بأبصارهم، بمعنى يحسدونك؛ لبغضهم إياك، وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل.
وقفة
[51] يعجبني من إذا رأى ما يعجبه من مالك أو ذريتك بَرَّك وذكر الله، وأعوذ بالله من إذا رأيته تذكرت ﴿وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ﴾.
وقفة
[51] ﴿وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾أي: يَعينونك بأبصارهم، بمعنى: يحسدونك؛ لبغضهم إياك، لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم.
وقفة
[51] ﴿وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾ الحقد والبغض يولد العين فلا تستكثرن من الأعداء.
وقفة
[51] ﴿وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾ أي: ينقذونك بأبصارهم من شدة عداوتهم لك ويزيلونك فيرموا بك عند نظرهم إليك غيظًا عليك, ومن فوائد الآية: أن الحقد والبغض يولد العين فلا تستكثرن من الأعداء.
وقفة
[51] ﴿وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾ ليس بغض الكفار الأولين للذكر دون بغض الكفار المعاصرين، فليحذر الدعاة منهم فإنهم غير مأمونين.
وقفة
[51] ﴿وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾ مهما كان حجم الأذي الواقع علي شخصك؛ فليكن الرسول قدوتك، يحمل لهم النور ويصفونه بالمجنون.
وقفة
[51] ﴿لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ﴾ النظرات الحاقدة يؤذيها مشيك؛ فتتمنى انزﻻقك وتعثرك.
وقفة
[51] ﴿لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ﴾ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَت: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَمِعَ صَوْتَ صَبِيٍّ يَبْكِي، فَقَالَ: «مَا لِصَبِيِّكُمْ هَذَا يَبْكِي، هَلَّا اسْتَرْقَيْتُمْ لَهُ مِنْ الْعَيْنِ؟» [أحمد 6/72، وحسنه الألباني].

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ:
  • الواو استئنافية. ان: مخففة من «ان» الثقيلة مهملة لا عمل لها واللام لزمت خبرها وهي مهملة هنا وجوبا لدخولها على جملة فعلية. وعند الكوفيين بمعنى «ما» النافية واللام بمعنى الا. يكاد: فعل مضارع ناقص من اخوات «كان» مرفوع بالضمة من افعال المقاربة. الذين:اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع اسم «يكاد» والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ كَفَرُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ لَيُزْلِقُونَكَ:
  • اللام لام التوكيد- المزحلقة- وهي اللام الفارقة بين «ان» المخففة من «ان» النافية. يزلقونك: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «يزلقونك» في محل نصب خبر «يكاد».
  • ﴿ بِأَبْصارِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بيزلقون و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة يعني انهم من شدة تحديقهم ونظرهم اليك شزرا بعيون العداوة والبغضاء يكادون يزلون قدمك.
  • ﴿ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ:
  • ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية او تكون اسم شرط غير جازم وجوابها محذوفا اي بتقدير لما سمعوا الذكر اي القرآن لم يملكوا انفسهم حسدا على ما اوتيت من النبوة. سمعوا: تعرب إعراب «كفروا» وجملة «سمعوا» في محل جر بالاضافة. الذكر: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَيَقُولُونَ:
  • الواو عاطفة. يقولون: تعرب إعراب «يزلقون» وما بعدها في محل نصب مفعول به- مقول القول-.
  • ﴿ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» واللام لام التوكيد- المزحلقة-. مجنون:خبر «ان» مرفوع بالضمة. قالوا ذلك حيرة في امره وتنفيرا عنه وهم يعلمون انه اعقلهم اي جننوه لأجل القرآن.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وإن يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ﴾ نَزَلَتْ حِينَ أرادَ الكُفّارُ أنْ يَعِينُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَيُصِيبُوهُ بِالعَيْنِ، فَنَظَرَ إلَيْهِ قَوْمٌ مِن قُرَيْشٍ فَقالُوا: ما رَأيْنا مِثْلَهُ ولا مِثْلَ حُجَجِهِ. وكانَتِ العَيْنُ في بَنِي أسَدٍ، حَتّى إنْ كانَتِ النّاقَةُ السَّمِينَةُ والبَقَرَةُ السَّمِينَةُ تَمُرُّ بِأحَدِهِمْ فَيُعايِنُها ثُمَّ يَقُولُ: يا جارِيَةُ، خُذِي المِكْتَلَ والدِّرْهَمَ فَأْتِينا بِلَحْمٍ مِن لَحْمِ هَذِهِ. فَما تَبْرَحُ حَتّى تَقَعَ بِالمَوْتِ فَتُنْحَرَ.وقالَ الكَلْبِيُّ: كانَ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ يَمْكُثُ لا يَأْكُلُ يَوْمَيْنِ أوْ ثَلاثَةً، ثُمَّ يَرْفَعُ جانِبَ خِبائِهِ فَتَمُرُّ بِهِ النَّعَمُ فَيَقُولُ: لَمْ أرَ كاليَوْمِ إبِلًا ولا غَنَمًا أحْسَنَ مِن هَذِهِ. فَما تَذْهَبُ إلّا قَرِيبًا حَتّى يَسْقُطَ مِنها طائِفَةٌ أوْ عِدَّةٌّ. فَسَألَ الكُفّارُ هَذا الرَّجُلَ أنْ يُصِيبَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِالعَيْنِ ويَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَعَصَمَ اللَّهُ تَعالى نَبِيَّهُ، وأنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [51] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم بالصَّبرِ على أذى المشركين؛ أخبَرَه هنا بحسدِهم وشِدَّةِ عَداوتهم له؛ ليتلقَّى ذلك بالصَّبر، قال تعالى:
﴿ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ليزلقونك:
1- بضم الياء، من «أزلق» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، من «زلق» ، وهى قراءة نافع.
3- ليزهقونك، وهى قراءة عبد الله، وابن عباس، والأعمش، وعيسى.

مدارسة الآية : [52] :القلم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ

التفسير :

[52] وما القرآن إلا موعظة وتذكير للعالمين من الإنس والجن.

قال تعالى{ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} أي:وما هذا القرآن الكريم، والذكر الحكيم، إلا ذكر للعالمين، يتذكرون به مصالح دينهم ودنياهم.

تم تفسير سورة القلم، والحمد لله رب العالمين.

( وَمَا هُوَ ) أى : القرآن الذى أنزلناه عليك ( إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ) أى : تذكير بالله - تعالى - وبدينه وبهداياته . . وشرف لهم وللعالمين جميعا .

وجاء قوله ( يَكَادُ ) بصيغة المضارع ، للإِشارة إلى استمرار ذلك فى المستقبل .

وجاء قوله ( سَمِعُواْ ) بصيغة الماضى ، لوقوعه مع ( لما ) وللإِشعار بأنهم قد حصل منهم هذا القول السَّيئ .

وجاء قوله ( لَيُزْلِقُونَكَ ) بلام التأكيد للإشعار بتصميم على هذه الكراهية ، وحرصهم عليها .

وقوله - سبحانه - : ( وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ) رد على أكاذيبهم وإبطال لأقوالهم الزائفة ، حيث وصفوه صلى الله عليه وسلم بالجنون لأنه إذا ما كان ما جاء به شرف وموعظة وهداية وتذكير بالخير للناس . . لم يكن معقولا أن يكون مبلغة مجنونا .

ومنهم من فسر قوله - تعالى - ( لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ . . . ) أى : ليحدسونك عن طريق النظر الشديد بعيونهم . .

قال الإِمام ابن كثير : وقوله : ( وَإِن يَكَادُ الذين كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما : ( لَيُزْلِقُونَكَ ) : لينقذونك بأبصارهم ، أى : لَيعَينوك بأبصارهم ، بمعنى ليحسدونك لبغضهم إياك ، لولا وقاية الله لك ، وحمايتك منهم .

وفى هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله - عز وجل - ، كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة .

ثم ساق - رحمه الله - جملة من الأحاديث فى هذا المعنى ، منها ما رواه أبو داود فى سننه ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا رقية إلا من عين أو حُمَه - أى : سم - ، أودم لا يرقأ " .

وروى الإمام مسلم فى صحيحه عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العين حق ، ولو كان شئ سابَق القدر سَبَقَت العين " .

وعن ابن عباس - أيضا - قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين فيقول : " أعيذ كما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة - والهامة كل ذات سم يقتل - ، ومن كل عين لامة " " .

وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العين حق حتى لتورد الرجل القبر ، والجمل القدر ، وإن أكثر هلاك أمتى فى العين " .

وبعد : فهذا تفسير محرر لسورة " ن " نسأل الله - تعالى - أن يجعله خالصا لوجهه ، ونافعا لعباده .

والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات ، وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . .

قال الله تعالى ( وما هو إلا ذكر للعالمين )

(وَمَا هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ) وما محمد إلا ذِكر ذَكَّر الله به العالَمَينِ الثقلين الجنّ والإنس.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[52] ﴿وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ﴾ أي: موعظة وشرف ﴿لِّلْعَالَمِينَ﴾ أي: كلهم؛ عاليهم ودانيهم؛ ليس منهم أحد إلا وهو يعلم أنه لا شيء يشبهه في جلالة معانيه، وحلاوة ألفاظه، وعظمة سبكه، ودقة فهمه، ورقة حواشيه، وجزالة نظومه، ويفهم منه على حسب ما هيأه الله له.
وقفة
[52] ﴿وَما هُوَ إِلّا ذِكرٌ لِلعالَمينَ﴾ كتابٌ يُذكر به الخلق أجمعين، ولكن لا يهتدى إلا من فكر وتأمل وفتح قلبه وعقله إليه واتبع النور.
وقفة
[52] ﴿وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ﴾ القرآن ذكر لكل العالمين، وليس فقط للمسلمين، فهل أدى المسلمون واجب الدعوة ليذكُروا العالمين بما جاء في القرآن؟
وقفة
[52] ﴿وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ﴾ دعوتنا دعوة عالمية، وهذا يقتضي منا اتباع أرقي وسائل الحكمة في الدعوة مع مراعاة تباين الشعوب واختلاف ألسنتها وثقافاتها.

الإعراب :

  • ﴿ وَما هُوَ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ يعود على «الذكر» في الآية الكريمة السابقة.
  • ﴿ إِلَّا ذِكْرٌ:
  • اداة حصر لا عمل لها. ذكر: خبر «هو» مرفوع بالضمة اي تذكرة وموعظة للعالمين فكيف يجنن من جاء بمثله؟
  • ﴿ لِلْعالَمِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لذكر وعلامة جر الاسم الياء لانه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.'

المتشابهات :

الأنعام: 90﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ
يوسف: 104﴿وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
ص: 87﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
التكوير: 27﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
القلم: 52﴿وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [52] لما قبلها :     وبعد أن اتهموا النَّبي صلى الله عليه وسلم بالجنون؛ ليصلوا بهذا إلى أن القرآن كلام رجل مجنون؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن القرآن كتاب هداية وتذكرة، ليس للعرب وحدهم، بل للعالم أجمع، قال تعالى:
﴿ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [1] :الحاقة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الْحَاقَّةُ

التفسير :

[1] القيامة الواقعة حقّاً التي يتحقق فيها الوعد والوعيد،

{ الْحَاقَّةُ} من أسماء يوم القيامة، لأنها تحق وتنزل بالخلق، وتظهر فيها حقائق الأمور، ومخبآت الصدور، فعظم تعالى شأنها وفخمه، بما كرره من قوله:{ الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} فإن لها شأنا عظيما وهولا جسيما، [ومن عظمتها أن الله أهلك الأمم المكذبة بها بالعذاب العاجل]

تفسير سورة الحاقة

مقدمة وتمهيد

1- سورة «الحاقة» من السور المكية الخالصة، وكان نزولها بعد سورة «الملك» وقبل سورة «المعارج» ، وعدد آياتها إحدى وخمسون آية، وعند بعضهم اثنتان وخمسون آية.

قال الآلوسى: «ويدل على مكيتها ما أخرجه الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب قال:

«خرجت أتعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فوقفت خلفه، فاستفتح بسورة (الحاقة) ، فجعلت أعجب من تأليف القرآن، فقلت- أى في نفسي-: هذا والله شاعر، فقرأ وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ فقلت:

كاهن، فقرأ وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ إلى آخر السورة. فوقع الإسلام في قلبي كل موقع».

وعلى هذا الحديث يكون نزولها في السنة الرابعة أو الخامسة من البعثة لأن إسلام عمر- رضى الله عنه- كان- تقريبا- في ذلك الوقت.

2- والسورة الكريمة زاخرة بالحديث عن أهوال يوم القيامة، وعن مصارع المكذبين، وعن أحوال أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، وعن إقامة الأدلة المتعددة على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى- وعلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يبلغه عن ربه- عز وجل-.

وتمتاز هذه السورة بقصر آياتها، وبرهبة وقعها على النفوس، إذ كل قارئ لها بتدبر فكر، يحس عند قراءتها بالهول القاصم، وبالجد الصارم، وببيان أن هذا الدين حق لا يشوبه باطل. وأن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم صدق لا يحوم حوله كذب.

نرى ذلك كله في اسمها، وفي حديثها عن مصارع الغابرين، وعن مشاهد يوم القيامة التي يشيب لها الولدان.

نسأل الله تعالى- أن يرحمنا جميعا برحمته.

كلمة " الحاقة " مأخوذة من حق الشئ إذا ثبت وجوده ثبوتا لا يحتمل الشك . . وهى من أسماء الساعة ، وسميت الساعة بهذا الاسم لأن الأمور تثبت فيها وتَحق ، خلافا لما كان يزعمه الكافرون من أنه لا بعث ولا حساب ولا جزاء .

والهاء فيها يصح أن تكون هاء التأنيث ، فيكون لفظ " الحاقة " صفة لموصوف محذوف ، أى : الساعة الحاقة .

ويصح أن تكون هاء مصدر ، بزنة فاعلة ، مثل الكاذبة للكذب والباقية للبقاء ، والطاغية للطغيان .

وأصلها تاء المرة ، ولكنها لما أريد بها الصدر ، قطع النظر عن المرء ، وصار لفظ " الحاقة " بمعنى الحق الثابت الوقوع .

تفسير سورة الحاقة وهي مكية .

الحاقة من أسماء يوم القيامة ; لأن فيها يتحقق الوعد والوعيد ;

القول في تأويل قوله تعالى : الْحَاقَّةُ (1)

يقول تعالى ذكره: الساعة ( الْحَاقَّةُ ) التي تحقّ فيها الأمور، ويجب فيها الجزاء على الأعمال ( مَا الْحَاقَّةُ ) يقول: أيّ الساعة الحاقة.

وذُكر عن العرب أنها تقول: لما عرف الحاقة متى والحقة متى، وبالكسر بمعنى واحد في اللغات الثلاث، وتقول: وقد حقّ عليه الشيء إذا وجب، فهو يحقّ حقوقا.

والحاقة الأولى مرفوعة بالثانية، لأن الثانية بمنـزلة الكناية عنها، كأنه عجب منها، فقال: ( الحاقة ): ما هي، كما يقال: زيد ما زيد.

والحاقة الثانية مرفوعة بما، وما بمعنى أي، وما رفع بالحاقة الثانية، ومثله في القرآن وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ و الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ ، فما في موضع رفع بالقارعة الثانية والأولى بجملة الكلام بعدها.

وبنحو الذي قلنا في قوله: ( الْحَاقَّةُ ) قال أهل التأويل

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( الْحَاقَّةُ ) قال: من أسماء يوم القيامة، عظمه الله، وحذّره عباده.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن شريك، عن جابر، عن عكرِمة قال: ( الْحَاقَّةُ ) القيامة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( الْحَاقَّةُ ) يعني: الساعة أحقت لكل عامل عمله.

حدثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( الْحَاقَّةُ ) قال: أحقت لكلّ قوم أعمالهم.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( الْحَاقَّةُ ) يعني القيامة.

التدبر :

وقفة
[1] ﴿الْحَاقَّةُ﴾ السور التي تبدأ باسم السورة في أول كلمة منها هي: الرحمن, الحاقة, عبس, القارعة, يس, طه, ص, ق.
وقفة
[1] ﴿الحاقَّةُ﴾ هى حقٌ على الجميع.
وقفة
[1] ﴿الْحَاقَّةُ﴾ قال ابن جريج: «الحاقة حققت لكل عامل عمله، للمؤمن إيمانه، وللمنافق نفاقه».

الإعراب :

  • ﴿ الْحَاقَّةُ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية «مَا الْحَاقَّةُ» في الآية الكريمة الثانية في محل رفع خبر «الحاقة» والحاقة: هي الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء التي هي آتية لا ريب فيها وجملة «الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ» ابتدائية لا محل لها والرابط بينهما اعادة المبتدأ بلفظه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السورةُ باسم من أسماء يوم القيامة، وسُمِّيَ كذلك؛ لأنه اليوم الحقُّ الذي يتحقق فيه وقوع البعث والحساب والجزاء، وتظهر فيه الحقائق، قال تعالى:
﴿ الْحَاقَّةُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [2] :الحاقة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَا الْحَاقَّةُ

التفسير :

[2]ما القيامة الواقعة حقّاً في صفتها وحالها؟

{ الْحَاقَّةُ} من أسماء يوم القيامة، لأنها تحق وتنزل بالخلق، وتظهر فيها حقائق الأمور، ومخبآت الصدور، فعظم تعالى شأنها وفخمه، بما كرره من قوله:{ الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} فإن لها شأنا عظيما وهولا جسيما، [ومن عظمتها أن الله أهلك الأمم المكذبة بها بالعذاب العاجل]

ولفظ «الحاقة» مبتدأ، و «ما» مبتدأ ثان، ولفظ الحاقة الثاني، خبر المبتدأ الثاني، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره، خبر المبتدأ الأول.

قال القرطبي ما ملخصه: قوله- تعالى-: الْحَاقَّةُ. مَا الْحَاقَّةُ يريد القيامة، سميت بذلك: لأن الأمور تحق فيها.

وقيل سميت بذلك، لأنها تكون من غير شك. أو لأنها أحقت لأقوام الجنة، ولأقوام النار، أو لأن فيها يصير كل إنسان حقيقا بجزاء عمله، أو لأنها تحق كل محاق في دين الله بالباطل. أى: تبطل حجة كل مخاصم في دين الله بالباطل- يقال: حاققته فحققته فأنا أحقّه، إذا غالبته فغلبته.. والتّحاق التخاصم، والاحتقاق: الاختصام...

الحاقة من أسماء يوم القيامة ; لأن فيها يتحقق الوعد والوعيد ;

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقة ) و الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ والواقِعةُ، والطَّامَّة، والصَّاخَّة قال: هذا كله يوم القيامة الساعة، وقرأ قول الله: لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ والخافضة من هؤلاء أيضا خفضت أهل النار، ولا نعلم أحدا أخفض من أهل النار، ولا أذل ولا أخزى؛ ورفعت أهل الجنة، ولا نعلم أحدا أشرف من أهل الجنة ولا أكرم.

التدبر :

لمسة
[2، 3] ﴿مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ﴾ تكرار لفظ (مَا) ثلاث مرات للتهويل والتعظيم، كأن الله علم أن الخلق سيستهينون بيوم القيامة وينسونه؛ فهوَّل لهم شأنه.
وقفة
[2، 3] ﴿مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ﴾ قال ابن عباس: «كل شيء من القرآن من قوله: (وَمَا أَدْرَاكَ)، فقد أدراه، وكل شيء من قوله: (وَمَا يُدْرِيكَ)، فقد طوي عنه».

الإعراب :

  • ﴿ مَا الْحَاقَّةُ:
  • اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. الحاقة:خبر «ما» مرفوع بالضمة و «ما» للتعجب بمعنى: ما هي؟ أي شيء هي.تفخيما لشأنها وتعظيما لهولها فوضع الظاهر موضع المضمر لأنه أهول منه.وأعيد الخبر بلفظ المبتدأ فقام الرابط مقام الضمير.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الحاقة؛ جاء هنا استفهام عن حقيقتها، والمقصودُ به التهويلُ من أمرِها، قال تعالى:
﴿ مَا الْحَاقَّةُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [3] :الحاقة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ

التفسير :

[3]وأي شيء أدراك -أيها الرسول- وعَرَّفك حقيقة القيامة، وصَوَّر لك هولها وشدتها؟

{ الْحَاقَّةُ} من أسماء يوم القيامة، لأنها تحق وتنزل بالخلق، وتظهر فيها حقائق الأمور، ومخبآت الصدور، فعظم تعالى شأنها وفخمه، بما كرره من قوله:{ الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} فإن لها شأنا عظيما وهولا جسيما، [ومن عظمتها أن الله أهلك الأمم المكذبة بها بالعذاب العاجل]

و «ما» في قوله وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ اسم استفهام المقصود به هنا التهويل والتعظيم، وهي مبتدأ. وخبرها جملة أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ وما الثانية وخبرها في محل نصب سادة مسد المفعول الثاني لقوله أَدْراكَ لأن أدرى يتعدى لمفعولين، الأول بنفسه والثاني بالباء، كما في قوله- تعالى-: قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ .

وهذا الأسلوب الذي جاءت به هذه الآيات الكريمة، فيه ما فيه من التهويل من شأن الساعة، ومن التعظيم لأمرها، فكأنه- تعالى- يقول: يوم القيامة الذي يخوض في شأنه الكافرون، والذي تحق فيه الأمور وتثبت. أتدري أى شيء عظيم هو؟ وكيف تدرى أيها المخاطب؟ ونحن لم نحط أحدا بكنه هذا اليوم، ولا بزمان وقوعه؟

وإنك- أيها العاقل- مهما تصورت هذا اليوم، فإن أهواله فوق ما تتصور، وكيفما قدرت لشدائده: فإن هذه الشدائد فوق ما قدرت.

ومن مظاهر هذا التهويل لشأن يوم القيامة افتتاح السورة بلفظ «الحاقة» الذي قصد به ترويع المشركين، لأن هذا اللفظ يدل على أن يوم القيامة حق.

كما أن تكرار لفظ «ما» ثلاث مرات، مستعمل- أيضا- في التهويل والتعظيم، كما أن إعادة المبتدأ في الجملة الواقعة خبرا عنه بلفظه، بأن قال مَا الْحَاقَّةُ ولم يقل ما هي، يدل أيضا على التهويل. لأن الإظهار في مقام الإضمار يقصد به ذلك، ونظيره قوله- تعالى-: وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ. وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ.

والخطاب في الآيات الكريمة، لكل من يصلح له، لأن المقصود تنبيه الناس إلى أن الساعة حق. وأن الحساب والجزاء فيها حق، لكي يستعدوا لها بالإيمان والعمل الصالح.

قال بعض العلماء ما ملخصه: واستعمال «ما أدراك» غير استعمال «ما يدريك» .. فقد روى عن ابن عباس أنه قال: كل شيء من القرآن من قوله ما أَدْراكَ فقد أدراه، وكل شيء من قوله: وَما يُدْرِيكَ فقد طوى عنه.

فإن صح هذا عنه فمراده أن مفعول «ما أدراك» محقق الوقوع، لأن الاستفهام فيه للتهويل وأن مفعول «ما يدريك» غير محقق الوقوع لأن الاستفهام فيه للإنكار، وهو في معنى نفى الدراية.

قال- تعالى-: وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ. نارٌ حامِيَةٌ وقال- سبحانه- وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ .

ولهذا عظم تعالى أمرها فقال : ( وما أدراك ما الحاقة ) ؟

وقوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وأيّ شيء أدراك وعرّفك أيّ شيء الحاقة.

كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان قال: ما في القرآن: وما يدريك فلم يخبره، وما كان وما أدراك، فقد أخبره.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ ) تعظيما ليوم القيامة كما تسمعون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[3] ﴿وَما أَدراكَ مَا الحاقَّةُ﴾ لا أحد يدرى كيف هى؟ ومتى هى؟

الإعراب :

  • ﴿ وَما أَدْراكَ:
  • الواو: عاطفة. ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أدراك: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «ما» والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. وجملة «أدراك» في محل رفع خبر «ما».
  • ﴿ مَا الْحَاقَّةُ:
  • أعربت في الآية الكريمة الثانية. وجملة «مَا الْحَاقَّةُ» في محل نصب مفعول «أدراك» و «أدراك» معلقة عن «ما» لتضمنه معنى الاستفهام بمعنى وأي شيء أعلمك ما الحاقة يعنى أنك لا علم لك بكنهها ومدى عظمها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     وبعد التهويل من أمرِها؛ زادَ سُبْحانَهُ في تَفْخِيمِ أمْرِها، وتَعْظِيمِ شَأْنِها، قال تعالى:
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [4] :الحاقة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ

التفسير :

[4] كذَّبت ثمود وهم قوم صالح، وعاد وهم قوم هود بالقيامة التي تقرع القلوب بأهوالها.

ثم ذكر نموذجا من أحوالها الموجودة في الدنيا المشاهدة فيها، وهو ما أحله من العقوبات البليغة بالأمم العاتية فقال:{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ} وهم القبيلة المشهورة سكان الحجر الذين أرسل الله إليهم رسوله صالحا عليه السلام، ينهاهم عما هم عليه من الشرك، ويأمرهم بالتوحيد، فردوا دعوته وكذبوه وكذبوا ما أخبرهم به من يوم القيامة، وهي القارعة التي تقرع الخلق بأهوالها، وكذلك عاد الأولى سكان حضرموت حين بعث الله إليهم رسوله هودا عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى عبادة الله [وحده] فكذبوه وكذبوا بما أخبر به من البعث فأهلك الله الطائفتين بالهلاك المعجل

ثم فصل- سبحانه- أحوال بعض الذين كذبوا بالساعة، وبين ما ترتب على تكذيبهم من عذاب أليم فقال: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ. فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ. وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ.

وثمود: هم قوم صالح- عليه السلام-، سموا بذلك باسم جدهم ثمود. وقيل سموا بذلك لقلة المياه التي كانت في مساكنهم، لأن الثمد هو الماء القليل.

وكانت مساكنهم بين الحجاز والشام. وما زالت أماكنهم معروفة باسم قرى صالح وتقع بين المملكة الأردنية الهاشمية، والمملكة العربية السعودية.

وقد ذكرت قصتهم في سور: الأعراف، وهود، والشعراء، والنمل، والقمر ... إلخ.

وأما عاد فهم قبيلة عاد، وسموا بذلك نسبة إلى جدهم الذي كان يسمى بهذا الاسم، وكانت مساكنهم بالأحقاف باليمن- والأحقاف جمع حقف وهو الرمل الكثير المائل ... وينتهى نسب عاد وثمود إلى نوح- عليه السلام-.

والقارعة: اسم فاعل من قرعه، إذا ضربه ضربا شديدا، ومنه قوارع الدهر، أى:

شدائده وأهواله، ويقال: قرع فلان البعير، إذا ضربه ومنه قولهم: العبد يقرع بالعصا.

ولفظ القارعة، من أسماء يوم القيامة، وسمى يوم القيامة بذلك، لأنه يقرع القلوب ويزجرها لشدة أهواله: وهو صفة لموصوف محذوف، أى: بالساعة القارعة.

ثم ذكر تعالى إهلاكه الأمم المكذبين بها

وقوله: ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ) يقول تعالى ذكره: كذّبت ثمود قوم صالح، وعاد قوم هود بالساعة، التي تقرع قلوب العباد فيها بهجومها عليهم. والقارعة أيضا: اسم من أسماء القيامة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ )، أي بالساعة.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ) قال: القارعة: يوم القيامة.

التدبر :

وقفة
[4] ﴿كَذَّبَت ثَمودُ وَعادٌ بِالقارِعَةِ﴾ قال الآلوسي: «تقرع الناس بالإفزاع والأهوال، والسماء بالانشقاق والانفطار، والأرض والجبال بالدّك والنسف، والنجوم بالطمس والانكدار».
وقفة
[4] ﴿كَذَّبَت ثَمودُ وَعادٌ بِالقارِعَةِ﴾ تأملتها كثيرًا أمم بأكملها كذبت.
وقفة
[4] عادة القرآن تقديم ذكر عاد على ثمود إلا في بعض المواضع، ومنها: في سورة الحاقة فإنه قال: ﴿كَذَّبَت ثَمودُ وَعادٌ بِالقارِعَةِ﴾، وسبب ذلك -والله أعلم- أن السورة لما ابتدأت بذكر: (القارعة) وهي التي تقرع أسماع الناس من شدة صوتها؛ قدم ذكر (ثمود)؛ لأن العذاب الذي أصابهم من قبيل القرع؛ إذ أصابتهم الصواعق المسماة في بعض الآيات بالصيحة.

الإعراب :

  • ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب. ثمود: فاعل مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف للتأنيث والتعريف بتأويل القبيلة.
  • ﴿ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ:
  • معطوفة بالواو على «ثمود» مرفوعة مثلها بالضمة ولم تمنع من الصرف لأنها اسم ثلاثي أوسطه ساكن ولخفته. وبالقارعة: جار ومجرور متعلق بكذبت. والقارعة وضعت موضع الضمير لتدل على معنى القرع في الحاقة زيادة في وصف شدتها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ الحاقَّةَ وفخَّمَها؛ أتْبَعَ ذِكرَ ذلك ذِكرَ مَن كذَّب بها، وما حلَّ بهم بسَببِ التَّكذيبِ؛ تَذكيرًا لأهلِ مكَّةَ، وتخويفًا لهم مِن عاقبةِ تَكذيبِهم، قال تعالى:
﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [5] :الحاقة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ

التفسير :

[5] فأما ثمود فأهلكوا بالصيحة العظيمة التي جاوزت الحد في شدتها،

{ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} وهي الصيحة العظيم ة الفظيعة، التي انصدعت منها قلوبهم وزهقت لها أرواحهم فأصبحوا موتى لا يرى إلا مساكنهم وجثثهم.

والطاغية من الطغيان وهو تجاوز الحد، والمراد بها هنا الصاعقة أو الصيحة التي أهلكت قوم ثمود، كما قال- تعالى-: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ .

ولفظ الطاغية- أيضا- صفة لموصوف محذوف.

والريح الصرصر العاتية: هي الريح الشديدة التي يكون لها صوت كالصرير، كما قال- تعالى-: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ .

والعاتية من العتو بمعنى الشدة والقوة وتجاوز الحد.

أى: كذبت قبيلة ثمود، وقبيلة عاد، بالقيامة التي تقرع القلوب، وتزلزل النفوس، فأما قبيلة «ثمود» فأهلكوا، بالصيحة أو بالصاعقة، أو بالرجفة، التي تجاوزت الحد في الشدة والهول والطغيان.

فقال تعالى : ( فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية ) وهي الصيحة التي أسكتتهم ، والزلزلة التي أسكنتهم . هكذا قال قتادة ، الطاغية : الصيحة . وهو اختيار ابن جرير .

وقال مجاهد : الطاغية الذنوب . وكذا قال الربيع بن أنس وابن زيد : إنها الطغيان ، وقرأ ابن زيد : ( كذبت ثمود بطغواها ) [ الشمس : 11 ] .

وقال السدي : ( فأهلكوا بالطاغية ) قال : يعني : عاقر الناقة .

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5)

يقول تعالى ذكره: ( فَأَمَّا ثَمُودُ ) قوم صالح، فأهلكهم الله بالطاغية.

واختلف -في معنى الطاغية التي أهلك الله بها ثمود- أهلُ التأويل، فقال بعضهم: هي طغيانهم وكفرهم بالله.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله عزّ وجلّ: ( فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) قال: بالذنوب.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) فقرأ قول الله: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا وقال: هذه الطاغية طغيانهم وكفرهم بآيات الله. الطاغيَّة طغيانهم الذي طغوا في معاصي الله وخلاف كتاب الله.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: فأهلكوا بالصيحة التي قد جاوزت مقادير الصياح وطغت عليها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) بعث الله عليهم صيحة فأهمدتهم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( بِالطَّاغِيَةِ ) قال: أرسل الله عليهم صيحة واحدة فأهمدتهم.

وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فأُهلكوا بالصيحة الطاغية.

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن الله إنما أخبر عن ثمود بالمعنى الذي أهلكها به، كما أخبر عن عاد بالذي أهلكها به.

التدبر :

وقفة
[5] ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ الطغيان هو تجاوز الحدِّ، والطاغية في الآية هي الصيحة التي تجاوزت الحدَّ في الشدة، وعاقب الله بها من تجاوز الحد في الكفر والإساءة.
وقفة
[5] ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ أنذر الناس بما يشاهدون، وعليه يمرون، فقد كانت منازل ثمود في طريق أهل مكة إلى الشام في تجارتهم، فهم يرونها ذهابًا وإيابًا.
تفاعل
[5] ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.
وقفة
[5] ﴿فَأَمّا ثَمودُ فَأُهلِكوا بِالطّاغِيَةِ﴾ منذ سنوات قطع صمت الساعات الأولى قبل صلاة الفجر -والناس نيام- طائرة حربية سرعتها أعلى من سرعة الصوت وفزعنا جميعًا وتسارعت دقات القلوب هلعًا، فما بالنا بهذه التى وصفها الله بالطاغية!
وقفة
[5، 6] تنوع ما يرسله الله على الكفار والعصاة من عذاب دلالة على كمال قدرته وكمال عدله.
وقفة
[5، 6] معرفة حال الأمم السابقة وما أنزل الله عليهم من العقوبات ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَمَّا ثَمُودُ:
  • الفاء: استئنافية. أما: حرف شرط وتفصيل لا عمل لها.ثمود: مبتدأ مرفوع بالضمة.
  • ﴿ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ:
  • الفاء: واقعة في جواب «أما» أهلكوا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة ولم يقل «فأهلكت» لأن التقدير: بنو ثمود. بالطاغية: جار ومجرور متعلق بأهلكوا و «بالطاغية» أي بالواقعة المجاوزة للحد في الشدة. واختلف فيها فقيل هي الرجفة. وعن ابن عباس: الصاعقة. وعن قتادة: بعث الله عليهم صيحة فأهمدتهم. وقيل الطاغية: مصدر كالعافية: أي بطغيانهم وليس بذلك لعدم الطباق بينها وبين بريح صرصر في الآية الكريمة التالية. والجملة الفعلية «أهلكوا بالطاغية» في محل رفع خبر «ثمود» وقيل هي صيحة العذاب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     ولَمَّا جَمَعَهم في التَّكْذِيبِ؛ فَصَلَهم في التَّعْذِيبِ لِأجْلِ ذَلِكَ التَّكْذِيبِ، قال تعالى:
﴿ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فأهلكوا:
1- رباعيا مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- فهلكوا، مبنيا للفاعل، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [6] :الحاقة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ ..

التفسير :

[6]وأمَّا عاد فأُهلِكوا بريح باردة شديدة الهبوب،

{ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} أي:قوية شديدة الهبوب لها صوت أبلغ من صوت الرعد [القاصف]{ عَاتِيَةٍ} [أي:] عتت على خزانها، على قول كثير من المفسرين، أو عتت على عاد وزادت على الحد كما هو الصحيح.

وأما قبيلة عاد، فأهلكت بالريح الشديدة، التي لها صوت عظيم، والتي تجاوزت كل حد في قوتها.

وابتدأ- سبحانه- بذكر ما أصاب هاتين القبيلتين، لأنهما أكثر القبائل المكذبة معرفة لمشركي قريش، لأنهما من القبائل العربية، ومساكنهما كانت في شمال وجنوب الجزيرة العربية.

( وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر ) أي : باردة . قال قتادة والربيع والسدي والثوري : ( عاتية ) أي : شديدة الهبوب . قال قتادة : عتت عليهم حتى نقبت عن أفئدتهم .

وقال الضحاك : ( صرصر ) باردة ) عاتية ) عتت عليهم بغير رحمة ولا بركة . وقال علي وغيره : عتت على الخزنة فخرجت بغير حساب .

قال: ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) ولو كان الخبر عن ثمود بالسبب الذي أهلكها من أجله، كان الخبر أيضا عن عاد كذلك، إذ كان ذلك في سياق واحد، وفي إتباعه ذلك بخبره عن عاد بأن هلاكها كان بالريح الدليل الواضح على أن إخباره عن ثمود إنما هو ما بينت.

وقوله: ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) يقول تعالى ذكره: وأما عاد قوم هود فأهلكهم الله بريح صرصر، وهي الشديدة العصوف، مع شدة بردها، ( عَاتِيَةٍ ) يقول: عتت على خزانها في الهبوب، فتجاوزت في الشدّة والعصوف مقدارها المعروف في الهبوب والبرد.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) يقول: بريح مهلكة باردة، عتت عليهم بغير رحمة ولا بركة، دائمة لا تَفْتُر.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ )، والصرصر: الباردة عتت عليهم حتى نقبت عن أفئدتهم.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن المسيب، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، قال: " ما أرسل الله من ريح قطّ إلا بمكيال ولا أنـزل قطرة قطّ إلا بمثقال، إلا يوم نوح ويوم عاد، فإن الماء يوم نوح طغى على خزانه، فلم يكن لهم عليه سبيل، ثم قرأ: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ، وإن الريح عتت على خزّانها فلم يكن لهم عليها سبيل، ثم قرأ: ( بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ).

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا أبو سنان، عن غير واحد، عن عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، قال: " لم تنـزل قطرة من ماء إلا بكيل على يدي مَلك؛ فلما كان يوم نوح أذن للماء دون الخُزَّان، فطغى الماء على الجبال فخرج، فذلك قول الله: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ولم ينـزل من الريح شيء إلا بكيل على يدي مَلك إلا يوم عاد، فإنه أذن لها دون الخزّان، فخرجت، وذلك قول الله: ( بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ): عتت على الخزّان.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) قال: الصرصر: الشديدة، والعاتية: القاهرة التي عتت عليهم فقهرتهم.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( صَرْصَرٍ ) قال: شديدة.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( بِرِيحٍ صَرْصَرٍ ) يعني: باردة عاتية، عتت عليهم بلا رحمة ولا بركة.

التدبر :

وقفة
[6] في سورة الحاقة وصف الله ما حدث لقوم عاد بالهلاك، لأنها كانت في سياق ذكر النهايات ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾، وفي القمر كان التفصيل كذبت عاد.
وقفة
[6] ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ العاتية: شديدة العصف، وأصل العتو: شدة التكبر، فلما تكبَّروا عن طاعة الله، أرسل الله عليهم ريحًا عاتية تأخذهم بعذاب الله.
وقفة
[6] ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ إنما لم يقل: (صَرْصرَة) كما قال: (عاتية) مع أنَ الريح مؤنثة؛ لأن الصَّرصر وصفٌ مختصٌّ بالريح، فأشبه باب (حائض، وطامث، وحامل) بخلاف عاتية فإنها غير الريح، من الأسماء المؤنثة يُوصف به.
تفاعل
[6] ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب اعرابها. صرصر عاتية:صفتان لريح مجرورتان مثلها وعلامة جرهما الكسرة. أي شديدة الصوت لها صرصرة وقيل الباردة. وعاتية شديدة العصف والعتو متجاوزة الحد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [6] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ هلاك ثمود؛ ذكرَ هنا هلاك عاد، قال تعالى:
﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [7] :الحاقة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ ..

التفسير :

[7] سلَّطها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام متتابعة، لا تَفْتُر ولا تنقطع، فترى القوم في تلك الليالي والأيام موتى كأنهم أصول نخل خَرِبة متآكلة الأجواف.

{ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} أي:نحسا وشرا فظيعا عليهم فدمرتهم وأهلكتهم،{ فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى} أي:هلكى موتى{ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} أي:كأنهم جذوع النخل التي قد قطعت رءوسها الخاوية الساقط بعضها على بعض.

ثم بين- سبحانه- كيفية نزول العذاب بهم فقال: سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ، وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً.

والتسخير: التذليل عن طريق القهر والأمر الذي لا يمكن مخالفته.

وحسوما: من الحسم بمعنى التتابع، من حسمت الدابة، إذا تابعت كيها على الداء مرة بعد مرة حتى ينحسم.. أو من الحسم بمعنى القطع، ومنه سمى السيف حساما لأنه يقطع الرءوس، وينهى الحياة.

قال صاحب الكشاف: «والحسوم» : لا يخلو من أن يكون جمع حاسم، كشهود وقعود. أو مصدرا كالشكور والكفور، فإن كان جمعا فمعنى قوله حُسُوماً: نحسات حسمت كل خير، واستأصلت كل بركة. أو: متتابعة هبوب الرياح، ما خفتت ساعة حتى أتت عليهم، تمثيلا لتتابعها بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكلى على الداء، كرة بعد كرة حتى ينحسم.

وإن كان مصدرا، فإما أن ينتصب بفعله مضمرا، أى: تحسم حسوما، بمعنى تستأصل استئصالا. أو يكون صفة كقولك: ذات حسوم.. .

أى: أرسل الله- تعالى- على هؤلاء المجرمين الريح التي لا يمكنها التخلف عن أمره، فبقيت تستأصل شأفتهم، وتخمد أنفاسهم.. سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً أى: متتابعة ومتوالية حتى قطعت دابرهم، ودمرتهم تدميرا.

وقوله: حُسُوماً يصح أن يكون نعتا لسبع ليال وثمانية أيام، ويصح أن يكون منصوبا على المصدرية بفعل من لفظه، أى: تحسمهم حسوما.

ثم صور- سبحانه- هيئاتهم بعد أن هلكوا فقال: فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ.

والخطاب في قوله فَتَرَى.. لغير معين. والفاء للتفريع على ما تقدم والضمير في قوله فِيها يعود إلى الأيام والليالى. أو إلى مساكنهم.

وقوله: صَرْعى أى: هلكى، جمع صريع كقتيل وقتلى، وجريح وجرحى.

والأعجاز جمع عجز، والمراد بها هنا جذوع النخل التي قطعت رءوسها.

وخاوية، أى: ساقطة، مأخوذ من خوى النجم، إذا سقط للغروب أو من خوى المكان إذا خلا من أهله وسكانه، وصار قاعا صفصفا. بعد أن كان ممتلئا بعمّاره.

أى: أرسل الله- تعالى- على هؤلاء الظالمين الريح المتتابعة لمدة سبع ليال وثمانية أيام، فدمرتهم تدميرا، وصار الرائي ينظر إليهم فيراهم وقد ألقوا على الأرض هلكى، كأنهم في ضخامة أجسادهم ... جذوع نخل ساقطة على الأرض، وقد انفصلت رءوسها عنها.

وعبر- سبحانه- بقوله: فَتَرَى الْقَوْمَ ... لاستحضار صورتهم في الأذهان، حتى يزداد المخاطب اعتبارا بأحوالهم، وبما حل بهم.

والتشبيه بقوله: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ المقصود منه تشنيع صورتهم، والتنفير من مصيرهم السّيّئ، لأن من كان هذا مصيره، كان جديرا بأن يتحامى، وأن تجتنب أفعاله التي أدت به إلى هذه العاقبة المهينة.

( سخرها عليهم ) أي : سلطها عليهم ( سبع ليال وثمانية أيام حسوما ) أي : كوامل متتابعات مشائيم .

قال ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وعكرمة والثوري وغير واحد ) حسوما ) متتابعات .

وعن عكرمة والربيع : مشائيم عليهم ، كقوله : ( في أيام نحسات ) [ فصلت : 16 ] قال الربيع : وكان أولها الجمعة . وقال غيره الأربعاء . ويقال : إنها التي تسميها الناس الأعجاز ; وكأن الناس أخذوا ذلك من قوله تعالى : ( فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ) وقيل : لأنها تكون في عجز الشتاء ، ويقال : أيام العجوز ; لأن عجوزا من قوم عاد دخلت سربا فقتلها الريح في اليوم الثامن . حكاه البغوي والله أعلم .

قال ابن عباس : ( خاوية ) خربة . وقال غيره : بالية ، أي : جعلت الريح تضرب بأحدهم الأرض فيخر ميتا على أم رأسه ، فينشدخ رأسه وتبقى جثته هامدة كأنها قائمة النخلة إذا خرت بلا أغصان .

وقد ثبت في الصحيحين ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور " .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن يحيى بن الضريس العبدي ، حدثنا ابن فضيل ، عن مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما فتح الله على عاد من الريح التي أهلكوا فيها إلا مثل موضع الخاتم ، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم ، فجعلتهم بين السماء والأرض ، فلما رأى ذلك أهل الحاضرة الريح وما فيها قالوا : هذا عارض ممطرنا ، فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة " .

وقال الثوري ، عن ليث ، عن مجاهد : الريح لها جناحان وذنب .

وقوله: ( سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) يقول تعالى ذكره: سخر تلك الرياح على عاد سبع ليال وثمانية أيام حسوما؛ فقال بعضهم: عُني بذلك تباعا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) يقو ل: تباعا.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( حُسُومًا ) قال: متتابعة.

حدثنا ابن حميد، قال حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: متتابعة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله بن مسعود مثل حديث محمد بن عمرو.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله ( حُسُومًا ) قال: تباعا.

قال: ثنا يحيي بن سعيد القطان، قال: ثنا سفيان، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، في قوله: ( حُسُومًا ) قال: تباعا.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة أنه قال في هذه الآية ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: متتابعة.

حدثنا نصر بن عليّ، قال: ثني أبي، قال: ثنا خالد بن قيس، عن قتادة ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: متتابعة ليس لها فترة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: متتابعة ليس فيها تفتير.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( حُسُومًا ) قال: دائمات.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر عبد الله بن سَخْبَرَةَ، عن ابن مسعود ( أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: متتابعة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان قال، قال مجاهد: ( أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: تباعا.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: متتابعة، و أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ قال: مشائيم.

وقال آخرون: عني بقوله: ( حُسُومًا ): الريح، وأنها تحسم كلّ شيء، فلا تبقي من عاد أحدا، وجعل هذه الحسوم من صفة الريح.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: ( وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) قال: حسمتهم لم تبق منهم أحدا، قال: ذلك الحسوم مثل الذي يقول: احسم هذا الأمر؛ قال: وكان فيهم ثمانية لهم خلق يذهب بهم في كل مذهب؛ قال، قال موسي بن عقبة: فلما جاءهم العذاب قالوا: قوموا بنا نردّ هذا العذاب عن قومنا؛ قال: فقاموا وصفوا في الوادي، فأوحى الله إلى ملك الريح أن يقلع منهم كل يوم واحدًا، وقرأ قول الله: ( سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) حتى بلغ: ( نَخْلٍ خَاوِيَةٍ )، قال: فإن كانت الريح لتمرّ بالظعينة فتستدبرها وحمولتها، ثم تذهب بهم في السماء، ثم تكبهم على الرءوس، وقرأ قول الله: فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا قال: وكان أمسك عنهم المطر، فقرأ حتى بلغ: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ، قال: وما كانت الريح تقلع من أولئك الثمانية كلّ يوم إلا واحدًا؛ قال: فلما عذّب الله قوم عاد، أبقى الله واحدًا ينذر الناس، قال: فكانت امرأة قد رأت قومها، فقالوا لها: أنت أيضا، قالت: تنحيت على الجبل؛ قال: وقد قيل لها بعد: أنت قد سلمت وقد رأيت، فكيف لا رأيت عذاب الله ؟ قالت: ما أدري غير أن أسلم ليلة: ليلة لا ريح.

وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عُنِي بقوله: ( حُسُومًا ): متتابعة، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك. وكان بعض أهل العربية يقول: الحسوم: التباع، إذا تتابع الشيء فلم ينقطع أوّله عن آخره قيل فيه حسوم؛ قال: وإنما أخذوا والله أعلم من حسم الداء: إذا كوى صاحبه، لأنه لحم يكوى بالمكواة، ثم يتابع عليه.

وقوله: ( فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى ) يقول: فترى يا محمد قوم عاد في تلك السبع الليالي والثمانية الأيام الحسوم صرعى، قد هلكوا، ( كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ) يقول: كأنهم أصول نخل قد خوت.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ) : وهي أصول النخل.

التدبر :

وقفة
[7] ﴿سَخَّرَها﴾ هى فقط (كُن فَيَكونُ).
وقفة
[7] ﴿سَخَّرَها عَلَيهِم سَبعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ﴾ لم تهدأ لثوان، فهى متصلة متوالية مستمرة، سلم يا رب سلم.
وقفة
[7] ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ سَخرَها: فالريح مأمورة، وهي من جنود الله، وفي الآية نفي لمذهب الماديين بأن كل مخلوق له إرادة مستقلة، يُمضيها كيف ما شاء.
وقفة
[7] ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ لما ذكر مدة العذاب، ربما ظنَّ ظان أن العذاب كان متفرقًا في هذه المدة، فأزال هذا الظن بقوله: (حُسُومًا)، أي متتابعة متوالية؛ ولذا جاءت حاسمة.
وقفة
[7] إذا ثارت الرياح محملة بالأتربة لبضع ساعات؛ ضاقت الصدور وزُكِّمت الأنوف والتهبت العيون وعلانا الغبار، فما بالنا بريح استمرت ثمانية أيام وصفها ربها ﴿بِريحٍ صَرصَرٍ عاتِيَةٍ﴾، يا رب سلم.
لمسة
[7] ﴿فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ ادعُ اللهَ بحسنِ الخاتمةِ.
وقفة
[7] ﴿فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ هل تعلم أن موجات تسونامي التي انطلقت يوم الأحد ۲6 ديسمبر ۲۰۰4 م أدت لمقتل ۲۳۰۰۰۰ شخص في أربعة عشر بلدًا، رغم أنها لم تستمر إلا ۱۰ دقائق فحسب، فما بالك بإعصار سبع ليال وثمانية أيام متتابعة؟!
وقفة
[7] أرسل الله إليهم الريح سبع ليالٍ وثمانية أيام متتالية ﴿فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾.
وقفة
[7] ﴿كَأَنَّهُم أَعجازُ نَخلٍ خاوِيَةٍ﴾ بعدما كانوا يملئون الدنيا كبرًا؛ صار هذا حالهم!

الإعراب :

  • ﴿ سَخَّرَها عَلَيْهِمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل جر صفة أخرى لريح. وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.و«ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. على:حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بسخر. أي سلطها عليهم كما شاء.
  • ﴿ سَبْعَ لَيالٍ:
  • ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بسخر وهو مضاف. ليال: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء قبل حذفها لأنها اسم نكرة منقوص وتخلصا من التقاء الساكنين ومنع من ظهور الكسرة الثقل.
  • ﴿ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً:
  • معطوفة بالواو على «سَبْعَ لَيالٍ» وتعرب اعرابها وعلامة جر «أيام» الكسرة الظاهرة. حسوما: صفة- نعت- لثمانية أيام منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة بمعنى متتابعة أو بمعنى نحسات حسمت كل خير واستأصلت كل بركة على أنها جمع «حاسم» كشهود وقعود.أو تكون مصدرا- مفعولا مطلقا- منصوبا بفعل مضمر تقديره: تحسم حسوما بمعنى تستأصل استئصالا. أو تكون مفعولا له- لأجله- أي سخرها عليهم للاستئصال.
  • ﴿ فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها:
  • الفاء: استئنافية. ترى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. القوم: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. فيها: جار ومجرور متعلق بترى. أي في مهابها أو في الليالي والأيام.
  • ﴿ صَرْعى:
  • حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف للتعذر وهي جمع «صريع» وهو من صيغ المبالغة «فعيل» بمعنى «مفعول» أي مصروع.
  • ﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ:
  • شبه الجملة: في محل نصب حال ثانية أي تنزع الناس أمثال نخل. الكاف حرف تشبيه زيدت على «أنّ» واعرابها. كأن: حرف مشبه الفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب بكأن. أعجاز: خبرها مرفوع بالضمة وقيل هذا من التشبيه المطلق وهو أن يشبه شيء بشيء. وهنا شبه القوم الصرعى بأصول نخل نخرة ساقطة. أو تكون على معنى تنزع الناس فتتركهم كأعجاز نخل فتكون الكاف اسما مبنيا على الفتح في محل نصب بالفعل المضمر وهذا الاعراب على المعنى.
  • ﴿ نَخْلٍ خاوِيَةٍ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. خاوية:صفة- نعت- لنخل مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. أي خالية بمعنى:نخرة ساقطة متآكلة الأجواف.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ هلاك عاد؛ بَيَّنَ هنا كيفية نزول العذاب بهم، قال تعالى:
﴿ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

حسوما:
وقرئ:
بالفتح، حالا من «الريح» ، وهى قراءة السدى.
أعجاز:
وقرئ:
أعجز، على وزن «أفعل» ، كضبع وأضبع، وهى قراءة أبى نهيك.

مدارسة الآية : [8] :الحاقة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ

التفسير :

[8]فهل ترى لهؤلاء القوم مِن نفس باقية دون هلاك؟

{ فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} وهذا استفهام بمعنى النفي المتقرر.

والاستفهام فى قوله : ( فَهَلْ ترى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ) للنفى ، والخطاب - أيضا - لكل من يصلح له ، وقوله ( بَاقِيَةٍ ) صفة لموصوف محذوف . . أى : فهل ترى لهم من فرقة أو نفس باقية .

( فهل ترى لهم من باقية ) ؟ أي : هل تحس منهم من أحد من بقاياهم أنه ممن ينتسب إليهم ؟ بل بادوا عن آخرهم ولم يجعل الله لهم خلفا .

وقوله: ( فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فهل ترى يا محمد لعاد قوم هود من بقاء. وقيل: عُنِي بذلك: فهل ترى منهم باقيا. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من البصريين يقول: معنى ذلك: فهل ترى لهم من بقية، ويقول: مجازها مجاز الطاغية مصدر.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[8] ﴿فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ﴾ لا بقاءَ لهم حسًّا ولا معنًى، إلا الذكر السيء، وهذه سنة مطردة في كل من آذى الأنبياء والمؤمنين، وفي ذلك عزاء للمصلحين؛ إذْ يخلِّد الله ذكرهم، ويطمس ذكر المفسدين.

الإعراب :

  • ﴿ فَهَلْ تَرى:
  • الفاء: استئنافية. هل: حرف استفهام لا محل له. ترى:فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ:
  • اللام: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بترى. من: حرف جر زائد للتاكيد.باقية: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به. أي من بقية أو من بقاء كالطاغية بمعنى الطغيان أي اسم وضع موضع المصدر'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     وبعد بيان هلاكِهم؛ بَيَّنَ هنا أنهم هلكوا كلُّهم أجمعون، قال تعالى:
﴿ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف