409424344454647484950

الإحصائيات

سورة الروم
ترتيب المصحف30ترتيب النزول84
التصنيفمكيّةعدد الصفحات6.50
عدد الآيات60عدد الأجزاء0.30
عدد الأحزاب0.57عدد الأرباع2.30
ترتيب الطول35تبدأ في الجزء21
تنتهي في الجزء21عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 16/29آلم: 4/6

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (42) الى الآية رقم (45) عدد الآيات (4)

لمَّا ربطَ الفسادَ بالمعاصِي أَمَرَ قريشًا بالاعتبارِ بمَن سبَقَهم من أممٍ كافرةٍ، ثُمَّ أمرَ نبيَّه ﷺ بالثَّباتِ على الدِّينِ الحقِّ قبلَ تفرُّقِ النَّاسِ: فريقٌ في الجَنَّةِ، وفريقٌ في السَّعِيرِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (46) الى الآية رقم (50) عدد الآيات (5)

= ثُمَّ أقامَ الأدلَّةَ على وحدانيتِهِ وقدرتِه بإرسالِ الرِّياحِ والأمطارِ، والاستدلالِ على البعثِ بإحياءِ الأرضِ بعدَ موتِها، وتخلَّلَ ذلك تسليةُ النَّبي ﷺ بأنَّه ليس أوَّلَ من كَذَّبَه النَّاسُ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الروم

آيات الله واضحة بينة، فكيف لا تؤمنون؟! / بيد الله مقاليد الأمور، ووعده لا يُخْلف

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • آية تاريخية::   نزلت الآيات الأولى من السورة عندما قامت حرب بين الفرس والروم في عهد النبي ، فانتصر الفرس على الروم انتصارًا ساحقًا، وكان الروم نصارى بينما الفرس مجوس يعبدون النار، فاستبشر المشركون أنهم سينتصرون على المؤمنين كما انتصر الفرس على الروم وهم أهل كتاب.
  • • آية كونية::   يضاف للآية السابقة آية أخرى لم يفهمها الأوائل ولم ينتبهوا لها، تزيدنا إيمانًا بهذا الكتاب المبيّن وآياته المبهرة: فالسورة تقول عن هذه المعركة -التي دارت بين الفرس والروم- أنها حصلت في أدنى الأرض: ﴿غُلِبَتِ ٱلرُّومُ * فِى أَدْنَى ٱلأَرْضِ ...﴾، وهذه الآية لا يستطيع أحد من عصرنا إنكارها، فقد دل العلم الحديث أن المكان الذي حدثت فيه المعركة، المعروف بحوض البحر الميت حاليًا، هو أدنى (أخفض) مكان على الكرة الأرضية، حيث تنخفض عن سطح البحر بعمق 395 مترًا، وقد أكدت ذلك صور وقياسات الأقمار الصناعية، فماذا يملك كل مكذّب قديمًا أو حديثًا بعد هذه الآيات؟!
  • • آية اقتصادية::   وتمضي السورة لتذكر لنا آية أخرى، آية مادية نراها في الدنيا، ليست آية علمية بل آية اقتصادية، اسمع قوله تعالى: ﴿وَمَا ءاتَيْتُمْ مّن رِبًا لّيَرْبُوَاْ فِى أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱلله وَمَا ءاتَيْتُمْ مّن زَكَوٰةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱلله فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ﴾ (39)، والمعنى أن الربا لا يزيد المال بل ينقصه، ويأتي علم الاقتصاد الحديث فيثبت أن أفضل وسيلة تجعل الاقتصاد مستقرًا هي أن تكون نسبة الفائدة صفرًا بالمئة، أي بإلغاء الفوائد كليًا، ثم يثبت علم الاقتصاد أيضًا أن الزكاة هي من أفضل الأساليب التنموية. ولعل هذا هو سر مجيء آية الربا والزكاة ضمن آيات الكون المنظورة الدالة على الإيمان بالله. كأن السورة تقول للناس كلهم، في كل العصور: انظروا إلى آيات الله في كل المجالات: في التاريخ، والكون، والاقتصاد.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الروم».
  • • معنى الاسم ::   : الروم: اسم قوم، يقال أصلهم من روما، وكانت لهم مملكة تحتل قطعة من أوروبا وقطعة من آسيا، وعاصمتهم القسطنطينية، وقد امتد سلطانهم في بلاد كثيرة.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بذكر هزيمة الروم، ثم الإخبار بانتصارهم على الفرس في المستقبل، وهذه اللفظة لم ترد إلا مرة واحدة في القرآن الكريم.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن مقاليد الأمور بيد الله، ووعده لا يُخْلف.
  • • علمتني السورة ::   : اعمل لدنياك؛ ولكن لا تغفل عن الآخرة: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن من مظاهر رحمة الله تعالى بين الزوجين: السكن، والمودة، والرحمة: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن اختلاف الألسن كاختلاف الألوان من آيات الله، والسخرية بالألسن واللغات واللهجات عصبية مقيتة كالسخرية بالألوان: ﴿وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَبِي رَوْحٍ الْكَلَاعِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةً فَقَرَأَ فِيهَا سُورَةَ الرُّومِ فَلَبَسَ عَلَيْهِ بَعْضُهَا، قَالَ: «إِنَّمَا لَبَسَ عَلَيْنَا الشَّيْطَانُ الْقِرَاءَةَ مِنْ أَجْلِ أَقْوَامٍ يَأْتُونَ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ؛ فَإِذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَأَحْسِنُوا الْوُضُوءَ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الروم من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • أفاضت سورة الروم في ذكر الأدلة المتعددة التي تشهد بوحدانية الله تعالى وكمال قدرته.
    • هي أكثر سورة ذكر فيها قوله تعالى: ﴿وَمِنْ ءايَـٰتِهِ﴾، تكرر فيها 7 مرات.
    • جرت عادة السور التي تبدأ بالحروف المقطعة (وهي: 29 سورة) أن يأتي الحديث عن القرآن الكريم بعد الأحرف المقطعة مباشرة؛ إلا أربع سور، وهي: مريم والعنكبوت والروم والقلم.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتأمل آيات الله ونؤمن بها، فهي ظاهرة وواضحة.
    • أن نربط ما نتعلمه من علوم دنيوية بعظمة الله وقدرته حتى تنتفع به: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ (7).
    • أن نأخذ العبرة والعظة من الأمم السابقة: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ...﴾ (9).
    • أن نسأل الله تعالى أن يرزقنا شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يوفقنا لحسن اتباعه: ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ﴾ (13).
    • أن نكثر من الحمد والتسبيح لله: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ (17، 18).
    • أن نحذر من اتباع الهوى؛ فهذا هو الضلال: ﴿بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّـهُ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ﴾ (29).
    • أن نخلص العبادة لله وحده في السراء والضراء: ﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ (33).
    • إذا أذاقنا الله رحمة فلنفرح فرح شكر؛ وليس فرح بطر وتكبر: ﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ (36).
    • أن نعلم أن الأرزاق بيد الله تعالى؛ ونرضى بما قسم الله لنا: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (37).
    • أن نشكر الله عند النعم: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (46).
    • أن نسأل الله حسن الخاتمة: ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً﴾ (54).
    • ألا نتنازل عن الحق من أجل غوغائية أهل الباطل: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ﴾ (60).

تمرين حفظ الصفحة : 409

409

مدارسة الآية : [42] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا ..

التفسير :

[42] قل -أيها الرسول- للمكذبين بما جئت به:سيروا في أنحاء الأرض سير اعتبار وتأمل، فانظروا كيف كان عاقبة الأمم السابقة المكذبة كقوم نوح، وعاد وثمود، تجدوا عاقبتهم شر العواقب ومآلهم شر مآل؟ فقد كان أكثرهم مشركين بالله.

والأمر بالسير في الأرض يدخل فيه السير بالأبدان والسير في القلوب للنظر والتأمل بعواقب المتقدمين.

{ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} تجدون عاقبتهم شر العواقب ومآلهم شر مآل، عذاب استأصلهم وذم ولعن من خلق اللّه يتبعهم وخزي متواصل، فاحذروا أن تفعلوا فعالهم يُحْذَى بكم حذوهم فإن عدل اللّه وحكمته في كل زمان ومكان.

ثم بين- سبحانه- ما ترتب على الوقوع في المعاصي من بلاء واختبار، فقال:

لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.

واللام في «ليذيقهم» للتعليل وهي متعلقة بظهر. أى: ظهر الفساد ... ليذيق- سبحانه- الناس نتائج بعض أعمالهم السيئة، كي يرجعوا عن غيهم وفسقهم، ويعودوا إلى الطاعة والتوبة.

ويجوز ان تكون متعلقة بمحذوف، اى: عاقبهم بانتشار الفساد بينهم، ليجعلهم يحسون بسوء عاقبة الولوغ في المعاصي، ولعلهم يرجعون عنها، إلى الطاعة والعمل الصالح.

ثم يلفت- سبحانه- أنظار الناس إلى سوء عاقبة من ارتكس في الشرك والظلم، فيقول: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ، كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ. أى: قل- أيها الرسول الكريم- للناس: سيروا في الأرض سير المتأملين المعتبرين، لتروا بأعينكم، كيف كانت عاقبة الظالمين من قبلكم ...

لقد كانت عاقبتهم الدمار والهلاك، بسبب إصرار أكثرهم على الشرك والكفر، وانغماس فريق منهم في المعاصي والفواحش.

فالمراد بالسير، ما يترتب عليه من عظات وعبر، حتى لا تكون عاقبة اللاحقين، كعاقبة السابقين، في الهلاك والنكال.

ثم قال تعالى : ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل ) أي : من قبلكم ، ( كان أكثرهم مشركين ) أي : فانظروا ماذا حل بهم من تكذيب الرسل وكفر النعم .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله من قومك: سيروا في البلاد، فانظروا إلى مساكن الذين كفروا بالله من قبلكم، وكذّبوا رسلَه، كيف كان آخر أمرهم، وعاقبة تكذيبهم رُسلَ الله وكفرهم، ألم نهلكهم بعذاب منا، ونجعلهم عبرة لمن بعدهم، (كان أكثرهم مشركين)، يقول: فَعَلنا ذلك بهم؛ لأن أكثرهم كانوا مشركين بالله مثلَهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[42] ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ الأمر بالسير في الأرض يدخل فيه السير بالأبدان، والسير في القلوب؛ للنظر والتأمل بعواقب المتقدمين.
وقفة
[42] ﴿قُل سيروا فِي الأَرضِ فَانظُروا﴾ وردت نظائر لتلك الآية عدة مرات، وهذا الأمر الإلهى جاء أغلبه لنتأمل فى عاقبة المجرمين والمكذبين، فمن منا نفذ هذا الأمر؟
وقفة
[42] ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ﴾ تستطيع أن تسير في الأرض وأنت واقف! فالسير في الأرض سيران: سير بالأقدام لمشاهدة آثار السابقين، وسير القلوب بالتفكر في أحوال الظلمة والمعاندين.
عمل
[42] ﴿فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ ۚ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ﴾ فاحذروا أن تفعلوا فِعَالهم، يُحْذَى بكم حذوهم؛ فإن عدل الله وحكمته في كل زمان ومكان.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ
  • هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة التاسعة والستين من سورة النمل.
  • ﴿ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. من:حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن. أي من قبلهم بمعنى فانظروا كيف كانت نهاية الذين من قبلكم.والجار والمجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة. التقدير: الذين كانوا من قبلكم.
  • ﴿ كانَ أَكْثَرُهُمْ:
  • فعل ماض ناقص مبني على الفتح. أكثر: اسمها مرفوع بالضمة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مُشْرِكِينَ:
  • خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

الأنعام: 11﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
الأنعام: 11﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
آل عمران: 137﴿قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَـ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
النحل: 36﴿فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّـهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَـ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
النمل: 69﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ
العنكبوت: 20﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّـهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ
الروم: 42﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ ۚ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     ولَمَّا ربطَ اللهُ الفسادَ بالشرك والمعاصِي؛ أَمَرَ قريشًا هنا بالاعتبارِ بمَن سبَقَهم من الأمم الكافرة، قال تعالى:
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن ..

التفسير :

[43] فوجِّه وجهك -أيها الرسول- نحو الدين المستقيم، وهو الإسلام، منفذاً أوامره مجتنباً نواهيه، واستمسك به من قبل مجيء يوم القيامة، فإذا جاء ذلك اليوم الذي لا يقدر أحد على ردِّه تفرقت الخلائق أشتاتاً متفاوتين؛ ليُروا أعمالهم.

أي:أقبل بقلبك وتوجه بوجهك واسع ببدنك لإقامة الدين القيم المستقيم، فنفذ أوامره ونواهيه بجد واجتهاد وقم بوظائفه الظاهرة والباطنة. وبادر زمانك وحياتك وشبابك،{ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} وهو يوم القيامة الذي إذا جاء لا يمكن رده ولا يرجأ العاملون أن يستأنفوا العمل بل فرغ من الأعمال لم يبق إلا جزاء العمال.{ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} أي:يتفرقون عن ذلك اليوم ويصدرون أشتاتا متفاوتين لِيُرَوْا أعمالهم.

ثم أكد- سبحانه- ما سبق أن أمر به رسوله صلّى الله عليه وسلّم من ثبات على الحق فقال:

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ.. أى: إذا كان الأمر كما ذكرت لك- أيها الرسول الكريم- من سوء عاقبة الأشرار، وحسن عاقبة الأخيار. فاثبت على هذا الدين القويم، الذي أوحيناه إليك، ولا تتحول عنه إلى جهة ما.

مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ أى: اثبت على هذا الدين القيم، من قبل أن يأتى يوم القيامة، الذي لا يقدر أحد على ردّه أو دفع عذابه إلا الله- تعالى- وحده.

ثم بين- سبحانه- أحوال الناس في هذا اليوم فقال: يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ.

أى: يتفرقون. وأصله يتصدعون، فقلبت تاؤه صادا وأدغمت. والتصدع التفرق:

يقال: تصدع القوم إذا تفرقوا، ومنه قول الشاعر:

وكنا كندمانى جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا

أى: لن يتفرقا.

والمعنى: اثبت على هذا الدين، من قبل أن يأتي يوم القيامة، الذي يتفرق فيه الناس إلى فريقين

يقول تعالى آمرا عباده بالمبادرة إلى الاستقامة في طاعته ، والمبادرة إلى الخيرات : ( فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ) أي : يوم القيامة ، إذا أراد كونه فلا راد له ، ( يومئذ يصدعون ) أي : يتفرقون ، ففريق في الجنة وفريق في السعير; ولهذا قال :

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43)

يقول تعالى ذكره: فوجِّه وجْهَك يا محمد، نحو الوجه الذي وجَّهك إليه ربك (للدّين القَيِّمِ) لطاعة ربك، والمِلةِ المستقيمةِ التي لا اعوجاج فيها عن الحقِّ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: من قبل مجيء يوم من أيام الله لا مردّ له لمجيئه؛ لأن الله قد قضى بمجيئه فهو لا محالة جاء (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) يقول: يوم يجيء ذلك اليوم يصدّع الناسُ، يقول: يتفرّق الناس فرقتين من قولهم: صَدَعتُ الغنم صدعتين: إذا فرقتها فرقتين: فريق في الجنة، وفريق في السعير.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (فَأقِمْ وَجْهَكَ للدِينِ القَيِّمِ) الإسلام ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ) فريق في الجنة، وفريق في السعير.

حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) يقول: يتفرّقون.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (يَصَّدَّعُونَ) قال: يتفرّقون إلى الجنة، وإلى النار.

التدبر :

وقفة
[43] ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ﴾ دين الله قيم، أي بالغ الاستقامة لا عوج فيه، فإن كان اعوجاج فمنك وحدك.
وقفة
[43] ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ﴾ دين الله قيم مستقيم، وإنما الاعوجاج منك.
وقفة
[43] ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ﴾ وصف الدين بالقيمية, فدين الله قيم مستقيم؛ وإنما الاعوجاج منك.
وقفة
[43] ﴿فَأَقِم وَجهَكَ لِلدّينِ القَيِّمِ مِن قَبلِ أَن يَأتِيَ يَومٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ﴾ ما دام نفَسُك يتردد فى صدرك؛ فالفرصة ما زالت سانحة لإقامة الدين.
عمل
[43] اكتب رســالة عن الاستقـامة وأهميتها، وأرسلها إلى زملائك ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّـهِ ۖ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾.
وقفة
[43] ﴿مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّـهِ ۖ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾ غدًا يتصدع المجتمع إلى فريقين لا ثالث لهما: فريق في الجنة، وفريق في السعير.
وقفة
[43] ﴿يَومَئِذٍ يَصَّدَّعونَ﴾ كما لو كان الدين القيم جدارًا منيعًا يعزلك عن الشبهات والشهوات، فإن لم تقمه فى قلبـك تصــدع.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ:
  • الفاء استئنافية تفيد التعليل. أقم: فعل أمر مبني على سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. وجهك: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ:
  • جار ومجرور متعلق بأقم. القيم: صفة-نعت-للدين مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة بمعنى فقوم وجهك للدين القويم.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ:
  • جار ومجرور. أن: حرف مصدرية ونصب.يأتي: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. يوم: فاعل مرفوع بالضمة. وجملة يَأْتِيَ يَوْمٌ» صلة أَنْ» المصدرية لا محل لها من الاعراب.و«ان» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالاضافة. والجار والمجرور مِنْ قَبْلِ» متعلق بأقم.
  • ﴿ لا مَرَدَّ لَهُ:
  • الجملة في محل رفع صفة-نعت-ليوم. لا: نافية للجنس تعمل عمل «ان» مرد: اسمها مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا. له: جار ومجرور متعلق بخبر «لا».
  • ﴿ مِنَ اللهِ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق بيأتي. بمعنى من قبل أن يأتي من الله يوم لا يرد أحد أو متعلق بمرد. على معنى: لا يرده هو بعد أن يجيء به ولا رد له من جهته لأنه سبحانه يكون قد قضاه.
  • ﴿ يَوْمَئِذٍ:
  • يوم ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالفعل يأتي وهو مضاف. و «اذ» اسم مبني على السكون الظاهر على آخره وحرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين سكونه وسكون التنوين. وهو في محل جر مضاف اليه وهو مضاف أيضا والجملة المحذوفة المعوض عنها بالتنوين في محل جر بالاضافة. التقدير: ويومئذ يأتي يوم لا مرد له من الله يصدعون.
  • ﴿ يَصَّدَّعُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بمعنى يتفرقون، وأصلها: يتصدعون. فأدغمت التاء في الصاد فحصل تشديد الصاد.'

المتشابهات :

يونس: 105﴿وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
الروم: 30﴿فَـ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا
الروم: 43﴿فَـ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّـهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     ولَمَّا نهى اللهُ المشركَ عمَّا هو عليه؛ أمَرَ المؤمِنَ بالثبات على ما هو عليه، من قبل أن يأتي يوم القيامة، الذي يتفرق فيه الناس إلى فريقين، قال تعالى:
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [44] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ ..

التفسير :

[44] من كفر فعليه عقوبة كفره، وهي خلوده في النار، ومن آمن وعمل صالحاً فلأنفسهم يهيئون منازل الجنة؛ بسبب تمسكهم بطاعة ربهم.

{ مَنْ كَفَرَ} منهم{ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} ويعاقب هو بنفسه لا تزر وازرة وزر أخرى،{ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا} من الحقوق التي للّه أو التي للعباد الواجبة والمستحبة،{ فَلِأَنْفُسِهِمْ} لا لغيرهم{ يَمْهَدُونَ} أي:يهيئون ولأنفسهم يعمرون آخرتهم ويستعدون للفوز بمنازلها وغرفاتها.

ثم بين- سبحانه- الفريق الأول فقال: مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ أى: من كفر من الناس، فعاقبة كفره واقعة عليه لا على غيره، وسيتحمل وحده ما يترتب على ذلك من عذاب مهين.

قال صاحب الكشاف: قوله فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ كلمة جامعة لما لا غاية وراءه من المضار،لأن من كان ضاره كفره، فقد أحاطت به كل مضرة» .

ثم بين- سبحانه- الفريق الثاني فقال: وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ أى:

ومن عمل في دنياه عملا صالحا، فإنه بسبب هذا العمل يكون قد مهد وسوى لنفسه مكانا مريحا يستقر فيه في الآخرة.

والمهاد: الفراش. ومنه مهاد الصبى أى فراشه. ويقال مهدت الفراش مهدا، أى:

بسطته ووطأته. ومهدت الأمور. أى: سويتها وأصلحتها.

فالجملة الكريمة تصوير بديع للثمار الطيبة التي تترتب على العمل الصالح في الدنيا، حتى لكأن من يعمل هذا العمل، يعد لنفسه في الآخرة مكانا معبدا، ومضجعا هنيئا، ينزل فيه وهو في أعلى درجات الراحة والنعيم:

قال ابن جرير: قوله- تعالى- فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ أى: فلأنفسهم يستعدون، ويسوون المضجع، ليسلموا من عقاب ربهم، وينجوا من عذابه، كما قال الشاعر:

أمهد لنفسك، حان السقم والتلف ... ولا تضيعن نفسا مالها خلف

( من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله ) أي : يجازيهم مجازاة الفضل : الحسنة بعشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ، إلى ما يشاء الله ، ( إنه لا يحب الكافرين ) ، ومع هذا هو العادل فيهم ، الذي لا يجور .

القول في تأويل قوله تعالى : مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44)

يقول تعالى ذكره: من كفر بالله فعليه أوزار كفره، وآثام جحوده نِعَمَ ربه، (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا): يقول: ومن أطاع الله، فعمل بما أمره به في الدنيا، وانتهى عما نهاه عنه فيها(فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدونَ) يقول: فلأنفسهم يستعدون، ويسوّون المضجع ليسلموا من عقاب ربهم، وينجوا من عذابه، كما قال الشاعر:

امْهِـدْ لنفْسِـكَ حـانَ السُّـقْمُ والتَّلَـفُ

وَلا تُضَيِّعَـنَّ نَفْسـا مَـا لَهـا خَـلَفُ (1)

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) قال: يسوّون المضاجع.

حدثنا ابن المثنى والحسين بن يزيد الطحان وابن وكيع وأبو عبد الرحمن العلائي، قالوا: ثنا يحيى بن سليم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) قال: في القبر.

حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: ثنا يحيى بن سليم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) قال: للقبر.

حدثنا نصر بن عليّ، قال: ثنا يحيى بن سليم، قال: ثنا ابن أبي نجيح، قال: سمعت مجاهدا يقول في قوله: (فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) قال: في القبر.

--------------------------

الهوامش:

(1) البيت لسليمان بن يزيد العدوي (مجاز القرآن لأبي عبيدة، الورقة 189 - أ) قال في تفسير قوله تعالى: (فلأنفسهم يمهدون): من (بفتح الميم) يقع على الواحد والاثنين والجميع. ومجازها هنا مجاز الجميع. ويمهد: أي يكسب ويعمل ويستعد. قال سليمان بن يزيد العدوي: امهد لنفسك ..." البيت وحان: قرب. والتلف: الموت. وفي اللسان (مهد) لنفسه يمهد مهدًا (كفتح) كسبب وعمل.

التدبر :

لمسة
[44] ﴿مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ الإفراد في (كفره) فيه دلالة على قلة قدرهم عند الله والجمع في (يمهدون) دليل العكس؛ فكن مع الجمع.
وقفة
[44] ﴿مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ جاء بالكفر ولم يأت بالإيمان، وإنما جاء بثمرته وهو العمل الصالح.
وقفة
[44] ﴿مَن كَفَرَ فَعَلَيهِ كُفرُهُ وَمَن عَمِلَ صالِحًا فَلِأَنفُسِهِم يَمهَدونَ﴾ الخيار لك.
وقفة
[44] ﴿مَن كَفَرَ فَعَلَيهِ كُفرُهُ وَمَن عَمِلَ صالِحًا فَلِأَنفُسِهِم يَمهَدونَ﴾ كما لو كان طريقًا يُمهد، فأي طريق ستمهد لنفسك.
وقفة
[44] الجزاء من جنس العمل ﴿مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾.
وقفة
[44] من غرس غرسًا جنى ما غرس، والجزاء من جنس العمل ﴿مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾.
اسقاط
[44] ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ وأنت سائر، تذكَّر: أنك تبني منزلتك في الجنّة، وتوطِّئ لها بعملك الصالح، تُمهّد طريقك بنفسك، فإلى أين وصلت؟
وقفة
[44] ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ يوطئون لأنفسهم في الآخرة فراشًا ومسكنًا وقرارًا بالعمل الصالح.
وقفة
[44] إن لم تكن لك رسالة في هذه الحياة فستصبح منفذ لرسالة إنسان آخر، وإذا لم تكن لك خطة فأنت في خطة الآخرين، خطط ومهد هنا، ولدارك الأخرى قال تعالى: ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾.
وقفة
[44] الحيوان البهيم يتأمل العواقب، وأنت لا ترى إلا الحاضر، ما تكاد تهتم بمؤونة الشتاء حتى يقوى البرد، ولا بمؤونة الصيف حتى يقوى الحر، والذر يدخر الزاد من الصيف لأيام الشتاء، أفتراك ما علمت قرب رحيلك إلى القبر؛ فهلا هيأت لنفسك فراشًا تمهد به الطريق؟ ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾.
وقفة
[44] ﴿فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ والمهاد: الفراش، ومنه مهاد الصبي أي فراشه، والجملة تصوير رائع للثمار الطيبة للعمل الصالح في الدنيا، فصاحبه قد مهد لنفسه مكانًا مريحًا في كل منازل الآخرة، بدءًا من القبر وصولًا لساحة الحشر، حتى يبلغ الجنة.
وقفة
[44] ﴿فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ بالجمع، والأصل أن يقول: (لنفسه يمهد)، والسبب أن المؤمن يعمل الصالحات لنفسه ولذريته، كما في قوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ [الطور: 21].
وقفة
[44] ﴿فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ هم يمهدون لأنفسهم فراشًا في الآخرة بعملهم الصالح، كما يمهد الفراش للطفل.

الإعراب :

  • ﴿ مَنْ كَفَرَ:
  • اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبره. كفر: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.وجملة «كفر» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ:
  • الجملة الاسمية جواب شرط‍ جازم مسبوق بظرف مقترن بالفاء في محل جزم بمن. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.عليه: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم وقدم الظرف ليدل على أن ضرر الكفر لا يعود الا على الكافر نفسه لا يتعداه. كفره: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل جر بالاضافة. بمعنى فعليه تقع نتيجة كفره أي تبعة كفره.
  • ﴿ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً:
  • معطوفة بالواو على مَنْ كَفَرَ» وتعرب إعرابها.صالحا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي ومن عمل عملا صالحا فحذف المفعول-المصدر-الموصوف وحلت الصفة محله.
  • ﴿ فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بمن. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.لأنفس: جار ومجرور متعلق بخبر لمبتدإ محذوف. التقدير: فهم يمهدون لأنفسهم. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة و «هم» يعود على «من» لأن «من» مفردة اللفظ‍ ومعناها الجمع. يمهدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» المحذوف بمعنى يمهدون أي يسوون لأنفسهم منزلة عند الله سبحانه.'

المتشابهات :

الروم: 44﴿ مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ
فاطر: 39﴿هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمۡ خَلَٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ فَـ مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ تفرقَ النَّاس يوم القيامة إلى فريقين؛ بَيَّنَ هنا الفريق الأول، ثم بَيَّنَ الفريق الثاني، قال تعالى:
﴿ مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [45] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ..

التفسير :

[45] ليجزي الله الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات من فضله وإحسانه. إنه لا يحب الكافرين لسخطه وغضبه عليهم.

جزاؤهم ليس مقصورا على أعمالهم بل يجزيهم اللّه من فضله الممدود وكرمه غير المحدود ما لا تبلغه أعمالهم. وذلك لأنه أحبهم وإذا أحب اللّه عبدا صب عليه الإحسان صبا، وأجزل له العطايا الفاخرة وأنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة.

وهذا بخلاف الكافرين فإن اللّه لما أبغضهم ومقتهم عاقبهم وعذبهم ولم يزدهم كما زاد من قبلهم فلهذا قال:{ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}

ثم بين- سبحانه- ما اقتضته حكمته وعدالته فقال: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ، إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ.

أى: فعل ما فعل- سبحانه- من تقسيم الناس إلى فريقين، ليجزي الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحات، الجزاء الحسن الذي يستحقونه، وليعطيهم العطاء الجزيل من فضله، لأنه بحبهم، أما الكافرون، فإنه- سبحانه- لا يحبهم ولا يرضى عنهم.

ثم تعود السورة الكريمة إلى الحديث عن آيات الله- تعالى- الدالة على قدرته، وعن مظاهر فضله على الناس ورحمته بهم، وعن الموقف الجحودى الذي وقفه بعضهم من هذه النعم.. قال- تعالى-:

قال تعالى "من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله" أي يجازيهم مجازاة الفضل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما يشاء الله "إنه لا يحب الكافرين" ومع هذا هو العادل فيهم الذي لا يجور.

القول في تأويل قوله تعالى : لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (45)

يقول تعالى ذكره: يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ... لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا بالله ورسوله (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) يقول: وعملوا بما أمرهم الله (مِنْ فَضْلِهِ) الذي وعد من أطاعه في الدنيا أن يجزيه يوم القيامة (إنَّهُ لا يُحِبُّ الكافِرِينَ) يقول تعالى ذكره: إنما خصّ بجزائه من فضله الذين آمنوا وعملوا الصالحات دون من كفر بالله، إنه لا يحبّ أهل الكفر به. واستأنف الخبر بقوله: (إنَّه لا يُحِبُّ الكافِرِينَ) وفيه المعنى الذي وصفت.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[45] ثوابُ اللهِ لعبادِه المؤمنين أعظمُ وأكبرُ ممَّا عمِلُوه؛ فهو يُجازيهم بفضلِه ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ﴾.
تفاعل
[45] ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ﴾ سَل الله من فضله وإحسانه.
وقفة
[45] ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ قال ابن كثير: «ومع هذا فهو العادل فيهم الذي لا يجور»، كم دفعتنا کراهية البعض إلى ظلمهم!
وقفة
[45] ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ ومع هذا هو العادل فيهم؛ الذي لا يجور.

الإعراب :

  • ﴿ لِيَجْزِيَ:
  • اللام حرف جر للتعليل. يجزي: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام. وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يجزي» وما بعدها صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «أن» المصدرية المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بيمهدون. لأنه تعليل له.
  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية بعده: صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ آمَنُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ:
  • معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب إعرابها.الصالحات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم بمعنى وعملوا الأعمال الصالحات. وحذف المفعول الموصوف وحلت الصفة محله.
  • ﴿ مِنْ فَضْلِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بيجزي والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنَّهُ لا يُحِبُّ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إنّ» لا: نافية لا عمل لها. يحب: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ» في محل رفع خبر «انّ».
  • ﴿ الْكافِرِينَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين الحركة في المفرد.'

المتشابهات :

يونس: 4﴿إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ
الروم: 45﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ
سبإ: 4﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ تفرق النَّاس يوم القيامة إلى فريقين، ثم بَيَّنَ كل فريق؛ بَيَّنَ هنا سببَ التفرق، قال تعالى:
﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [46] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ ..

التفسير :

[46] ومن آيات الله الدالة على أنه الإله الحق وحده لا شريك له وعلى عظيم قدرته إرسال الرياح أمام المطر مبشرات بإثارتها للسحاب، فتستبشر بذلك النفوس؛ وليذيقكم من رحمته بإنزاله المطر الذي تحيا به البلاد والعباد، ولتجري السفن في البحر بأمر الله ومشيئته، ولتبتغو

أي:ومن الأدلة الدالة على رحمته وبعثه الموتى وأنه الإله المعبود والملك المحمود،{ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ} أمام المطر{ مُبَشِّرَاتٍ} بإثارتها للسحاب ثم جمعها فتبشر بذلك النفوس قبل نزوله.

{ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} فينزل عليكم من رحمته مطرا تحيا به البلاد والعباد، وتذوقون من رحمته ما تعرفون أن رحمته هي المنقذة للعباد والجالبة لأرزاقهم، فتشتاقون إلى الإكثار من الأعمال الصالحة الفاتحة لخزائن الرحمة.

{ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ} في البحر{ بِأَمْرِهِ} القدري{ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} بالتصرف في معايشكم ومصالحكم.

{ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} من سخر لكم الأسباب وسير لكم الأمور. فهذا المقصود من النعم أن تقابل بشكر اللّه تعالى ليزيدكم اللّه منها ويبقيها عليكم.

وأما مقابلة النعم بالكفر والمعاصي فهذه حال من بدَّل نعمة اللّه كفرا ونعمته محنة وهو معرض لها للزوال والانتقال منه إلى غيره.

وقوله- سبحانه-: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ ... بيان لأنواع أخرى من الظواهر الكونية الدالة على قدرته- عز وجل-.

أى: ومن الآيات والبراهين الدالة على وحدانية الله- تعالى- ونفاذ قدرته، أنه- سبحانه- يرسل بمشيئته وإرادته الرياح، لتكون بشارة بأن من ورائها أمطارا، فيها الخير الكثير للناس.

قال الآلوسى: قوله: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ أى: الجنوب، ومهبها من مطلع سهيل إلى مطلع الثريا، والصبا: ومهبها من مطلع الثريا إلى بنات نعش. والشمال: ومهبها من بنات نعش إلى مسقط النسر الطائر، فإنها رياح الرحمة. أما الدبور ومهبها من مسقط النسر الطائر إلى مطلع سهيل، فريح العذاب ... » .

وقوله: وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ، وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ.. بيان للفوائد التي تعود على الناس من إرسال الرياح التي تعقبها الأمطار، وهو متعلق بقوله يُرْسِلَ.

أى: يرسل الرياح مبشرات بالأمطار ويرسلها ليمنحكم من رحمته الخصب والنماء لزرعكم، ولتجرى الفلك عند هبوبها في البحر بإذنه- تعالى- ولتبتغوا أرزاقكم من فضله- سبحانه- عن طريق الأسفار، والانتقال من مكان إلى آخر، ولكي تشكروا الله- تعالى- على هذه النعم: فإنكم إذا شكرتموه- سبحانه- على نعمه زادكم منها.

يذكر تعالى نعمه على خلقه في إرساله الرياح مبشرات بين يدي رحمته بمجيء الغيث عقبها ولهذا قال تعالى "وليذيقكم من رحمته" أي المطر الذي ينزله فيحيي به العباد والبلاد "ولتجري الفلك بأمره" أي في البحر وإنما سيرها بالريح "ولتبتغوا من فضله" أي في التجارات والمعايش والسير من إقليم إلى إقليم وقطر إلى قطر "ولعلكم تشكرون" أي تشكرون الله على ما أنعم به عليكم من النعم الظاهرة والباطنة التي لا تعد ولا تحصى.

القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46)

يقول تعالى ذكره: ومن أدلته على وحدانيته، وحججه عليكم، على أنه إله كلّ شيء (أنْ يُرْسِلَ الرّياحَ مُبَشِّراتٍ) بالغيث والرحمة (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) يقول: ولينـزل عليكم من رحمته، وهي الغيث الذي يحيي به البلاد، ولتجري السفن في البحار بها بأمره إياها(وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) يقول: ولتلتمسوا من أرزاقه ومعايشكم التي قسمها بينكم (وَلَعلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) يقول: ولتشكروا ربكم على ذلك، أرسل هذه الرياح مبشرات.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (الرّياحَ مُبَشِّراتٍ) قال: بالمطر.

وقالوا في قوله: (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) مثل الذي قلنا فيه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) قال: المطر.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) : المطر.

التدبر :

عمل
[46] ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ﴾ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ فقل ما ورد في السنّة: عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ ﷺ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ» [مسلم 899].
وقفة
[46] ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ﴾ إرسال الرياح، وإنزال المطر، وجريان السفن في البحر: نِعَم تستدعي أن نشكر الله عليها.
وقفة
[46] ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ﴾ فيُنَزِّل عليكم من رحمته مطرًا تحيا به البلاد والعباد، وتذوقون من رحمته ما تعرفون أن رحمته هي المنقذة للعباد، والجالبة لأرزاقهم؛ فتشتاقون إلى الإكثار من الأعمال الصالحة الفاتحة لخزائن الرحمة.
وقفة
[46] أسباب الرزق ونزول المطر ﴿ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته﴾ وغيرها.
وقفة
[46] إذا رأيت ريحًا أو سحابًا فقل ما ورد في السنّة: «اللَّهم إِني أَسأَلُكَ خيرها، وخيرِ ما فيها، وخير ما أُرسِلَت به، وأَعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أُرسلَت بِه»، ﴿وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَٰتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِۦ﴾.
وقفة
[46] ﴿وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ﴾ الإذاقة تقال في القليل، ولما كان أمر الدنيا قليلًا وراحتها نزر قال: (وَلِيُذِيقَكُم).
وقفة
[46] ﴿وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ بسبب الريح تجري الفلك، وبسبب جریان الفلك تجري التجارة والرزق، وبسبب الرزق يكون الشكر.
وقفة
[46] ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ قال سليمان التيمي: «إن الله أنعم على العباد على قدره، وكلفهم الشكر على قدرهم».
وقفة
[46] ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ نِعَمُ اللهِ تحيطُ بنا من كلِّ جانبٍ، ما أقلَّ شكرِنا.
وقفة
[46] ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ رسالة غير مباشرة تبعثها لنا الآية: نعم الله تحوطنا من كل جانب، وما أقل شكرنا! وهذه حقيقة.

الإعراب :

  • ﴿ وَمِنْ آياتِهِ:
  • الواو استئنافية. من آياته: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم.والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ:
  • ان: حرف مصدرية ونصب. يرسل: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الرياح: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وجملة يُرْسِلَ الرِّياحَ» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «أن» وما بعدها:بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر.
  • ﴿ مُبَشِّراتٍ:
  • حال من الرياح منصوبة وعلامة نصبها الكسرة بدلا من الفتحة لأنها ملحقة بجمع المؤنث السالم.
  • ﴿ وَلِيُذِيقَكُمْ:
  • الواو عاطفة وما بعدها معطوف على «مبشرات» بمعنى:ليبشركم وليذيقكم أو يكون متعلقا بمحذوف تقديره وليذيقكم من رحمته ..الى من فضله أرسلنا الرياح مبشرات بالمطر. اللام: حرف جر للتعليل. يذيقكم: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام. والفاعل ضميرمستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع الذكور وحذف مفعولها الثاني لأن «من» التبعيضية تدل عليه. وجملة «يذيقكم» صلة «أن» المضمرة لا حل لها من الاعراب. و «ان» المضمرة وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيرسل.
  • ﴿ مِنْ رَحْمَتِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بيذيقكم. و «من» للتبعيض. والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ:
  • الواو عاطفة. اللام حرف جر للتعليل. تجري: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. الفلك:أي السفن: فاعل مرفوع بالضمة. بأمره: جار ومجرور متعلق بتجري.والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة وجملة «تجري الفلك بأمره» صلة «ان» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «أن» المضمرة وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيرسل.
  • ﴿ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ:
  • الواو عاطفة. اللام للتعليل حرف جر. تبتغوا:فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون.الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من فضله: يعرب اعراب «بأمره» متعلق بتبتغوا. و «أن» المضمرة وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيرسل وجملة «تبتغوا» من فضله صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الاعراب بمعنى من رزقه.
  • ﴿ وَلَعَلَّكُمْ:
  • الواو عاطفة. لعل: حرف جر مشبه بالفعل. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ تَشْكُرُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف مفعولها اختصارا. بتقدير: تشكرون نعمه عليكم.'

المتشابهات :

الروم: 46﴿وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
الجاثية: 12﴿اللَّـهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [46] لما قبلها :     وبعد ذكرِ ظُهور الفَسادِ بسبَبِ الشِّركِ والمعاصِي؛ تعود بنا الآيات لسرد أدلَّة وحدانية الله وقدرتِه: الدَّلِيلُ الحادي عشر: هبوب الرياح لتبشر بنزول المطر، قال تعالى:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الرياح:
وقرئ:
الريح، مفردا، وأريد معنى الجمع، وهى قراءة الأعمش.

مدارسة الآية : [47] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا ..

التفسير :

[47] ولقد أرسلنا مِن قبلك -أيها الرسول- رسلاً إلى قومهم مبشرين ومنذرين يدعونهم إلى التوحيد، ويحذرونهم من الشرك، فجاؤوهم بالمعجزات والبراهين الساطعة، فكفر أكثرهم بربهم، فانتقمنا من الذين اكتسبوا السيئات منهم، فأهلكناهم، ونصرنا المؤمنين أتباع الرسل، وكذلك ن

أي:{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ} في الأمم السابقين{ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ} حين جحدوا توحيد اللّه وكذبوا بالحق فجاءتهم رسلهم يدعونهم إلى التوحيد والإخلاص والتصديق بالحق وبطلان ما هم عليه من الكفر والضلال، وجاءوهم بالبينات والأدلة على ذلك فلم يؤمنوا ولم يزولوا عن غيهم،{ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} ونصرنا المؤمنين أتباع الرسل.{ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} أي:أوجبنا ذلك على أنفسنا وجعلناه من جملة الحقوق المتعينة ووعدناهم به فلا بد من وقوعه.

فأنتم أيها المكذبون لمحمد صلى اللّه عليه وسلم إن بقيتم على تكذيبكم حلَّت بكم العقوبة ونصرناه عليكم.

وقوله- تعالى-: ولَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ ...

كلام معترض بين الحديث عن نعمة الرياح، لتسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم عما لحقه من قومه من أذى.

أى ولقد أرسلنا من قبلك- أيها الرسول الكريم- رسلا كثيرين، إلى قومهم ليهدوهم إلى الرشد، وجاء كل رسول إلى قومه بالحجج الواضحات التي تدل على صدقه.

وقوله انْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا

معطوف على كلام محذوف. أى: أرسلناهم بالحجج الواضحات، فمن أقوامهم من آمن بهم، ومنهم من كذبهم، فانتقمنا من المكذبين لرسلهم.

كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ

أى: وكان نصر المؤمنين حقا أوجبناه على ذاتنا، فضلا منا وكرما، وتكريما وإنصافا لمن آمن بوحدانيتنا، وأخلص العبادة لنا.

«وحقا» خبر كان، و «نصر المؤمنين» اسمها و «علينا متعلق بقوله حقا.

قال ابن كثير: قوله كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ

هو حق أوجبه على نفسه الكريمة، تكرما وتفضلا، كقوله: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ.

وعن أبى الدرداء قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه، إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة: ثم تلا صلّى الله عليه وسلم هذه الآية» .

ثم قال : ( ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا ) هذه تسلية من الله لعبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه ، بأنه وإن كذبه كثير من قومه ومن الناس ، فقد كذبت الرسل المتقدمون مع ما جاءوا أممهم به من الدلائل الواضحات ، ولكن الله انتقم ممن كذبهم وخالفهم ، وأنجى المؤمنين بهم ، ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) ، هو حق أوجبه على نفسه الكريمة ، تكرما وتفضلا كقوله تعالى : ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) [ الأنعام : 54 ] .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن نفيل ، حدثنا موسى بن أعين ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه ، إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة . ثم تلا هذه الآية : ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)

يقول تعالى ذكره مسليا نبيه صلى الله عليه وسلم، فيما يلقى من قومه من الأذى فيه بما لقي من قبله من رسله من قومهم، ومعلمه سنته فيهم، وفي قومهم، وأنه سالك به وبقومه سنته فيهم، وفي أممهم: ولقد أرسلنا يا محمد من قبلك رسلا إلى قومهم الكفرة، كما أرسلناك إلى قومك العابدي الأوثان من دون الله (فَجَاءُوهُمْ بالبَيِّناتِ) يعني: بالواضحات من الحجج على صدقهم، وأنهم لله رسل، كما جئت أنت قومك بالبينات فكذّبوهم، كما كذّبك قومك، وردّوا عليهم ما جاءوهم به من عند الله، كما ردّوا عليك ما جئتهم به من عند ربك، (فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) يقول: فانتقمنا من الذين أجرموا الآثام، واكتسبوا السيئات من قومهم، ونحن فاعلو ذلك كذلك بمجرمي قومك، (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ) يقول: ونجَّينا الذين آمنوا بالله وصدّقوا رسله، إذ جاءهم بأسنا، وكذلك نفعل بك وبمن آمن بك من قومك، (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ المُؤْمِنينَ) على الكافرين، ونحن ناصروك ومن آمن بك على مَن كفر بك، ومظفروك بهم.

التدبر :

وقفة
[47] ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ في هذا تبشير للنبي ﷺ بالظفر في العاقبة والنصر على الأعداء.
تفاعل
[47] ﴿فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا﴾ استعذ بالله من انتقامه.
وقفة
[47] ﴿فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ إهلاك المجرمين ونصر المؤمنين سُنَّة إلهية.
وقفة
[47] ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ النصر الحقيقي هو انتصار أهل الحق، فهم موعدون بالنصر من عند الله، وأما انتصار الباطل فوهمي زائل.
عمل
[47] ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ إيَّاكَ واليأسَ، فإنَّ اللهَ ناصِرُ دِينَه.
وقفة
[47] ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وقد يبطئ هذا النصر أحيانًا -في تقدير البشر- لأنهم يحسبون الأمور بغیر حساب الله، ويقدرون الأحوال لا كما يقدرها الله، والله هو الحكيم الخبير، يصدق وعده في الوقت الذي يريده ويعلمه، وفق مشيئته وسنته، وقد تتكشف حكمة توقيته وتقديره للبشر وقد لا تتكشف، ولكن إرادته هي الخير، وتوقيته هو الصحيح، ووعده القاطع واقع عن يقين، يرتقبه الصابرون واثقين مطمئنين.
وقفة
[47] ﴿وَكانَ حَقًّا عَلَينا نَصرُ المُؤمِنينَ﴾ تبشير للرسول وأمته بالنصر والظفر، وفي لفظ: (حقًا) مبالغة لإظهار فضيلة سابقة الإيمان، حيث جعلهم مستحقين النصر والظفر بسبب إيمانهم.
تفاعل
[47] ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ استبشر الآن.
عمل
[47] ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ نصر الله قادم لا محالة، ولو شاء الله لانتصر منهم فلا تهن ولا تحزن على حال الأمة.
وقفة
[47] إن صلاح الدين انتصر لأنه دعا بدعوة الإسلام، لم يدعُ بدعوة الجاهلية، ولا نادَ بشعائر الكفار، ولم يرفع راية مذهب باطل ابتدعه أهل الضلال من البشر، بل رفع راية القرآن الذي أنزله رب العالمين وخالق البشر ﴿وَكانَ حَقًّا عَلَينا نَصرُ المُؤمِنينَ﴾.
وقفة
[47] كثير من الصالحين يضعف عندهم التفاؤل وقت الشدائد، ويستبطئون النصر، ومن أسباب ذلك أنهم قصروا النصر على أحد أنواعه، ونصر الله لعباده لا يحد بنوع أو عدد أو بلد، ولو أدركوا ذلك لتفاءلوا واستبشروا وبشروا ﴿وَكانَ حَقًّا عَلَينا نَصرُ المُؤمِنينَ﴾.
عمل
[47] ما دمت مؤمنًا صادقًا في إيمانك؛ فأبشر بالنصر من الله جل وعلا، الذي جعل ذلك حقًا عليه ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا:
  • الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد أو القسم. قد:حرف تحقيق. أرسل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً:
  • جار ومجرور متعلق بأرسلنا: والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. رسلا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ إِلى قَوْمِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «رسلا» و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ:
  • الفاء عاطفة. جاءوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. بالبينات: جار ومجرور متعلق بجاءهم. أي بالآيات الواضحات أي المعجزات فحذف الموصوف المجرور وحلت الصفة محله.
  • ﴿ فَانْتَقَمْنا:
  • الفاء سببية لأنها معطوفة على محذوف بتقدير: فكذبوهم فانتقمنا.انتقمنا تعرب إعراب «أرسلنا».
  • ﴿ مِنَ الَّذِينَ:
  • حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بانتقمنا.
  • ﴿ أَجْرَمُوا:
  • تعرب اعراب «جاءوا» وجملة «أجرموا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب بمعنى: أذنبوا.
  • ﴿ وَكانَ حَقًّا:
  • الواو عاطفة للتعليل بمعنى ونصرنا المؤمنين وكان حقا علينا نصرهم. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. حقا: خبر «كان» مقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بحقا. نصر: اسم: «كان» مرفوع وعلامة رفعه الضمة. المؤمنين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.وثمة وجه آخر للاعراب وهو أن يوقف على حقا. ويكون اسم «كان» محذوفا بمعنى: وكان الانتقام منهم حقا ويكون الجار والمجرور «علينا» متعلقا بخبر مقدم. و «نصر» مبتدأ مؤخرا. وتكون الجملة الاسمية عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ» جملة تعليلية أو مستأنفة لا محل لها من الاعراب والمعنى: علينا نصر المؤمنين بسبب صبرهم وحسن بلواهم. وفي هذه الآية توسط‍ الخبر بين الاسم والفعل.'

المتشابهات :

الرعد: 38﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً
غافر: 78﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ
الروم: 47﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [47] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ تلك الأدلة، ولم ينتَفِعْ بها الكُفَّارُ؛ سلَّى قَلبَ نبيِّه صلى الله عليه وسلم بأنَّه ليس أوَّلَ من كَذَّبَه النَّاسُ، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [48] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ ..

التفسير :

[48] الله -سبحانه- هو الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً مثقلاً بالماء، فينشره الله في السماء كيف يشاء، ويجعله قطعاً متفرقة، فترى المطر يخرج من بين السحاب، فإذا ساقه الله إلى عباده إذا هم يستبشرون ويفرحون بأن الله صرف ذلك إليهم.

يخبر تعالى عن كمال قدرته وتمام نعمته أنه{ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} من الأرض،{ فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ} أي:يمده ويوسعه{ كَيْفَ يَشَاءُ} أي:على أي حالة أرادها من ذلك ثم{ يَجْعَلُهُ} أي:ذلك السحاب الواسع{ كِسَفًا} أي:سحابا ثخينا قد طبق بعضه فوق بعض.

{ فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} أي:السحاب نقطا صغارا متفرقة، لا تنزل جميعا فتفسد ما أتت عليه.

{ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ} بذلك المطر{ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} يبشر بعضهم بعضا بنزوله وذلك لشدة حاجتهم وضرورتهم إليه .

ثم تعود السورة مرة أخرى إلى الحديث عن الرياح وما يترتب عليها من منافع فتقول:

اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بقدرته ومشيئته.

فَتُثِيرُ سَحاباً أى: هذه الرياح التي يرسلها الله- تعالى- تتحرك في الجو وفق إرادته- سبحانه- وتحرك السحاب وتنشره من مكان إلى آخر.

فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ: أى فيبسط الله- تعالى- هذا السحاب في طبقات الجو، بالكيفية التي يختارها- سبحانه- ويريدها، بأن يجعله تارة متكاثفا، وتارة متناثرا، وتارة من جهة الشمال، وتارة من جهات غيرها.

وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً أى: ويجعله قطعا بعضها فوق بعض تارة أخرى. والكسف: جمع كسفه، وهي القطعة من السحاب.

فَتَرَى الْوَدْقَ أى: المطر يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ أى يخرج ويتساقط من خلال هذا السحاب، ومن بين ذراته. فَإِذا أَصابَ بِهِ، أى: بهذا المطر مَنْ يَشاءُ إصابته به مِنْ عِبادِهِ بأن ينزله على أراضيهم وعلى بلادهم إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ أى: يفرحون بذلك، لأنه يكون سببا في حياتهم وحياة دوابهم وزروعهم..

وأعرف الناس بنعمة المطر، أولئك الذين يعيشون في الأماكن البعيدة عن الأنهار. كأهل مكة ومن يشبهونهم ممن تقوم حياتهم على مياه الأمطار.

يبين تعالى كيف يخلق السحاب التي ينزل منها الماء فقال : ( الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا ) ، إما من البحر على ما ذكره غير واحد ، أو مما يشاء الله عز وجل . ( فيبسطه في السماء كيف يشاء ) أي : يمده فيكثره وينميه ، ويجعل من القليل كثيرا ، ينشئ سحابة فترى في رأي العين مثل الترس ، ثم يبسطها حتى تملأ أرجاء الأفق . وتارة يأتي السحاب من نحو البحر ثقالا مملوءة ماء ، كما قال تعالى : ( وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون ) [ الأعراف : 57 ] ، وكذلك قال هاهنا : ( الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا ) . قال مجاهد ، وأبو عمرو بن العلاء ، ومطر الوراق ، وقتادة : يعني قطعا .

وقال غيره : متراكما ، قاله الضحاك .

وقال غيره : أسود من كثرة الماء ، تراه مدلهما ثقيلا قريبا من الأرض .

وقوله ( فترى الودق يخرج من خلاله ) أي : فترى المطر - وهو القطر - يخرج من بين ذلك السحاب ، ( فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون ) أي : لحاجتهم إليه يفرحون بنزوله عليهم ووصوله إليهم .

القول في تأويل قوله تعالى : اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48)

يقول تعالى ذكره: ( اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا ) يقول: فتنشئ الرياح سحابا، وهي جمع سحابة، (فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ) يقول: فينشره الله، ويجمعه في السماء كيف يشاء، وقال: (فيبسطه) فوحد الهاء، وأخرج مخرج كناية المذكر، والسحاب جمع كما وصفت، ردّا على لفظ السحاب، لا على معناه، كما يقال: هذا تمر جيد.

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: (فَيَبْسُطُهُ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشَاءُ) ويجمعه.

وقوله: (وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا) : يقول: ويجعل السحاب قِطعا. متفرّقة.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَيجْعَلُهُ كِسَفا) : أي قطعا.

وقوله: (فَتَرى الوَدْقَ) يعني: المطر (يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) يعني: من بين السحاب.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (فَتَرى الوَدْقَ يخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ).

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن قطن، عن حبيب، عن عبيد بن عمير (يُرْسِلُ الرّياحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا) قال: الرياح أربع: يبعث الله ريحا فتقمّ الأرض قما، ثم يبعث الله الريح الثانية فتثير سحابا، فيجعله في السماء كِسَفا، ثم يبعث الله الريح الثالثة فتؤلف بينه، فيجعله ركاما، ثم يبعث الريح الرابعة فتمطر.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَتَرَى الوَدْقَ) قال: القطر.

وقوله: (فَإذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) يقول: فإذا صرف ذلك الودق إلى أرض من أراد صرفه إلى أرضه من خلقه؛ رأيتهم يستبشرون؛ بأنه صرف ذلك إليهم ويفرحون.

التدبر :

وقفة
[48] ﴿اللَّـهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ۖ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ فائدة التذكير بالنعم، قال الحسن البصري: «أكثروا ذكر هذه النعمة، فإن ذكرها شکر».
وقفة
[48] ﴿فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ المطر رحمة من رحمات الله نفرح به ونستبشر، يا ترى كيف سيكون الفرح بالرحمة العظمى والفوز الأسمى؟!
وقفة
[48، 49] ﴿إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾ حتى الأمطار تُعطيك دروسًا إيمانية في التفاؤل.
لمسة
[48، 49] ﴿فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ۖ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ *وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾ أشارت الآية إلى سرعة تقلب قلوب البشر من اليأس إلى الاستبشار، وأعاد لفظة (من قبل، من قبله) دلالة على أن إبلاسهم قبل المطر بزمن يسير لا كثير.

الإعراب :

  • ﴿ اللهُ الَّذِي:
  • الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ. أو يكون «الذي» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو.
  • ﴿ يُرْسِلُ الرِّياحَ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.يرسل: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه. الرياح: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ فَتُثِيرُ سَحاباً:
  • الفاء: عاطفة. تثير: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. سحابا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى فتهيج السحاب وتسوقه وتجريه.
  • ﴿ فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ:
  • الفاء عاطفة. يبسط‍: تعرب اعراب «يرسل» والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به والجار والمجرور فِي السَّماءِ» متعلق بحال محذوفة بتقدير: فينشره متفرقا في السماء.
  • ﴿ كَيْفَ يَشاءُ:
  • كيف: اسم مبهم مبني على الفتح في محل نصب حال.يشاء: تعرب اعراب «يرسل» بمعنى على أي حال أراد.
  • ﴿ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً:
  • معطوفة بالواو على «يبسطه» وتعرب اعرابها. كسفا:مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى فيصيره قطعا متراكمة فوق بعضها. ومفردها: كسفة: أي قطعة.
  • ﴿ فَتَرَى الْوَدْقَ:
  • الفاء سببية. ترى فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. الودق: أي المطر: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الودق» يخرج:تعرب اعراب «يرسل» من خلاله: جار ومجرور متعلق بيخرج بمعنى يخرج من شقوق السحاب.
  • ﴿ فَإِذا:
  • الفاء استئنافية. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط‍ خافض لشرطه متعلق بجوابه.
  • ﴿ أَصابَ بِهِ مَنْ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الله سبحانه. به: جار ومجرور متعلق بأصاب. من:اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد «اذا» الشرطية.
  • ﴿ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ:
  • تعرب اعراب «يرسل» والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. من عباده: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «من» التقدير: حالة كونهم من عباده لأن «من» الموصولة مبهمة و «من» حرف جر بياني. والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ:
  • إذا: فجائية-حرف فجاءة-سادة مسدّ الفاء في المجازاة-جواب الشرط‍ -هم ضمير منفصل في محل رفع فاعل. وجملة «يستبشرون» في محل رفع خبر المبتدأ «هم» والجملة الاسمية هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب بمعنى فرح بعضهم بعضا بالغيث وما يستصحبه من خير وبركة لهم. يستبشرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

النور: 43﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٖ فِيهَا مِنۢ بَرَدٖ
الروم: 48﴿اللَّـهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [48] لما قبلها :     وبعد التذكير بنعمة الرياح؛ تعود الآيات مرة أخرى إلى الحديث عن الرياح وما يترتب عليها من منافع، قال تعالى:
﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [49] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن ..

التفسير :

[49] وإن كانوا من قبل نزول المطر لفي يأس وقنوط؛ بسبب احتباسه عنهم.

{ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} أي:آيسين قانطين لتأخر وقت مجيئه، أي:فلما نزل في تلك الحال صار له موقع عظيم [عندهم] وفرح واستبشار.

ثم بين- سبحانه- حالهم قبل نزول تلك الأمطار عليهم فقال: وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ.

وإن مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن المحذوف، والضمير في يُنَزَّلَ يعود للمطر، وفي قوله مِنْ قَبْلِهِ يعود لنزول المطر- أيضا- على سبيل التأكيد. وقوله:

لَمُبْلِسِينَ خبر كان. والإبلاس: اليأس من الخير، والسكوت، والانكسار غما وحزنا.

يقال: أبلس الرجل، إذا سكت على سبيل اليأس والذل والانكسار.

أى: هم عند نزول الأمطار يستبشرون ويفرحون، ولو رأيت حالهم قبل نزول الأمطار لرأيتهم في غاية الحيرة والقنوط والإبلاس، لشدة حاجتهم إلى الغيث الذي طال انتظارهم له وتطلعهم إليه دون أن ينزل.

قال صاحب الكشاف: وقوله مِنْ قَبْلِهِ من باب التكرير والتوكيد، كقوله- تعالى-: فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها «ومعنى التوكيد فيه الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول وبعد، فاستحكم يأسهم، وتمادى إبلاسهم، فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك»

وقوله : ( وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين ) ، معنى الكلام : أن هؤلاء القوم الذين أصابهم هذا المطر كانوا قنطين أزلين من نزول المطر إليهم قبل ذلك ، فلما جاءهم ، جاءهم على فاقة ، فوقع منهم موقعا عظيما .

وقد اختلف النحاة في قوله : ( وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين ) ، فقال ابن جرير : هو تأكيد . وحكاه عن بعض أهل العربية .

وقال آخرون : [ وإن كانوا ] من قبل أن ينزل عليهم المطر ، ( من قبله ) أي : الإنزال ( لمبلسين ) .

ويحتمل أن يكون ذلك من دلالة التأسيس ، ويكون معنى الكلام : أنهم كانوا محتاجين إليه قبل نزوله ، ومن قبله - أيضا - قد فات عندهم نزوله وقتا بعد وقت ، فترقبوه في إبانه فتأخر ، فمضت مدة فترقبوه فتأخر ، ثم جاءهم بغتة بعد الإياس منه والقنوط ، فبعد ما كانت أرضهم مقشعرة هامدة أصبحت وقد اهتزت وربت ، وأنبتت من كل زوج بهيج; ولهذا قال :

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49)

يقول تعالى ذكره: وكان هؤلاء الذين أصابهم الله بهذا الغيث من عباده، من قبل أن ينـزل عليهم هذا الغيث، من قبل هذا الغيث (لَمُبْلِسِينَ) يقول: لمكتئبين حزنين؛ باحتباسه عنهم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنـزلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ ) : أي قانطين.

واختلف أهل العربية في وجه تكرير " من قبله " وقد تقدم قبل ذلك قوله: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنـزلَ عَلَيْهم) فقال بعض نحويي البصرة: ردّ من قبله على التوكيد، نحو قوله: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ . وقال غيره: ليس ذلك كذلك؛ لأن مع (مِنْ قَبْلِ أنْ يُنـزلَ عَلَيْهم) حرفا ليس مع الثانية، قال: فكأنه قال: من قبل التنـزيل من قبل المطر، فقد اختلفتا، وأما كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ وكد بأجمعين؛ لأن كلا يكون اسما ويكون توكيدا، وهو قوله: أجمعون. والقول عندي في قوله: (مِنْ قَبْلِهِ) على وجه التوكيد.

التدبر :

وقفة
[49] ﴿وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾ إذا جاء الغيث بعد طول يأس كانت الفرحة مضاعفة.
وقفة
[49] قال الله عن المطر: ﴿وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾ المطر فرح؛ أنزله الله رحمة بالحزين رغمًا عنه.
لمسة
[49، 50] ﴿وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّـهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (من قبله): كرر للتأكيد، وليفيد سرعة تقلب قلوب الناس من القنوط إلى الاستبشار.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنْ كانُوا:
  • الواو حالية. ان: وصلية. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة والجملة الفعلية «كانوا مع خبرها» في محل نصب حال.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ:
  • جار ومجرور متعلق بكانوا. أن: حرف مصدرية ونصب. ينزل: فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الغيث-المطر- وجملة «ينزل» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «أن» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ:
  • على حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بفعل «ينزل» من قبله: جار ومجرور مكرر للتأكيد والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة والضمير يعود على الغيث -الودق-.
  • ﴿ لَمُبْلِسِينَ:
  • اللام لام التوكيد. مبلسين: خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: ساكتين يائسين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [49] لما قبلها :     وبعد الحديث عن الرياح وما يترتب عليها من منافع؛ بَيَّنَ اللهُ هنا حال الناس قبل نزول تلك الأمطار عليهم، قال تعالى:
﴿ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [50] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ ..

التفسير :

[50] فانظر -أيها المشاهد- نظر تأمل وتدبر إلى آثار المطر في النبات والزروع والشجر، كيف يحيي به الله الأرض بعد موتها، فينبتها ويعشبها؟ إن الذي قَدَر على إحياء هذه الأرض لمحيي الموتى، وهو على كل شيء قدير لا يعجزه شيء.

{ فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج كريم.

{ إِنَّ ذَلِكَ} الذي أحيا الأرض بعد موتها{ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فقدرته تعالى لا يتعاصى عليها شيء وإن تعاصى على قدر خلقه ودق عن أفهامهم وحارت فيه عقولهم.

ثم لفت- سبحانه- أنظار الناس إلى ما يترتب على نعمة المطر من آثار عظيمة فقال:

فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ.. والفاء للدلالة على سرعة الانتقال من حالة اليأس إلى الاستبشار. أى: فانظر- أيها العاقل- نظرة تعقل واتعاظ واستبصار، إلى الآثار المترتبة على نزول المطر، وكيف أن نزوله حول النفوس من حالة الحزن إلى حالة الفرح، وجعل الوجوه مستبشرة بعد أن كانت عابسة يائسة.

وقوله- تعالى-: كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها في محل نصب على تقدير الخافض.

أى: فانظر إلى آثار رحمة الله بعد نزول المطر، وانظر وتأمل كيف يحيى الله- تعالى- بقدرته، الأرض بعد موتها بأن يجعلها خضراء ويانعة، بعد أن كانت جدباء قاحلة.

واسم الإشارة في قوله- تعالى- إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى يعود على الله- تعالى-.

أى: إن ذلك الإله العظيم الذي أحيا الأرض بعد موتها، لقادر على إحياء الموتى، إذ لا فرق بينهما بالنسبة لقدرة الله التي لا يعجزها شيء. وَهُوَ- سبحانه- عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

ومن جملة الأشياء المقدور عليها، إحياء الموتى.

وهكذا يسوق القرآن الكريم الأدلة على البعث، بأسلوب منطقي، منتزع من واقع الناس، ومن المشاهد التي يرونها في حياتهم.

( فانظر إلى آثار رحمة الله ) يعني المطر ( كيف يحيي الأرض بعد موتها ) .

ثم نبه بذلك على إحياء الأجساد بعد موتها وتفرقها وتمزقها ، فقال : ( إن ذلك لمحيي الموتى ) أي : إن الذي فعل ذلك لقادر على إحياء الأموات ، ( إنه على كل شيء قدير ) .

القول في تأويل قوله تعالى : فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)

اختلفت القرّاء في قوله: (فانْظُرْ إلَى آثارِ رَحْمَةِ اللهِ) فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة &; 20-116 &; والبصرة، وبعض الكوفيين: (إلَى أَثَرِ رَحْمَةِ اللهِ) على التوحيد، بمعنى: فانظر يا محمد إلى أثر الغيث الذي أصاب الله به من أصاب من عباده، كيف يحيي ذلك الغيث الأرض من بعد موتها. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: (فَانْظُرْ إلى آثارِ رَحْمَةِ اللهِ) على الجماع، بمعنى: فانظر إلى آثاء الغيث الذي أصاب الله به من أصاب، كيف يحيي الأرض بعد موتها.

والصواب من القول فى ذلك، أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، متقاربتا المعنى، وذلك أن الله إذا أحيا الأرض بغيث أنـزله عليها، فإن الغيث أحياها بإحياء الله إياها به، وإذا أحياها الغيث، فإن الله هو المحيي به، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب. فتأويل الكلام إذًا: فانظر يا محمد، إلى آثار الغيث الذي ينـزل الله من السحاب، كيف يحيي بها الأرض الميتة، فينبتها ويعشبها، من بعد موتها ودثورها، (إنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي المَوْتَى). يقول جلّ ذكره: إن الذي يحيي هذه الأرض بعد موتها بهذا الغيث، لمحيي الموتى من بعد موتهم، وهو على كلّ شيء مع قدرته على إحياء الموتى قدير، لا يعزّ عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه فعل شيء شاءه سبحانه.

التدبر :

وقفة
[50] ﴿فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّـهِ﴾ فن اكتشاف الرحمة: تتبع رحمة الله حولك وعندك وفيك.
وقفة
[50] ﴿فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّـهِ﴾ الأمر بالنظر متوجه إلى البصر والبصيرة، فالأول بالعين، والثاني بالقلب.
وقفة
[50] ﴿فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّـهِ﴾ كم من مبصر بعينه لم يفده بصره، لأن قلبه أعمى؛ وكم من كفيف لم يبصر؛ وبصيرته تضيء لكثير من المبصرين.
لمسة
[50] ﴿فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّـهِ﴾ التاء مبسوطة في (رحمت) تفيد أنها رحمة بسطت بعد قبضها، وجاءت بعد شدة، ودائمًا تكون مضافة مباشرة للفظ الجلالة.
وقفة
[50] ﴿فَانظُر إِلى آثارِ رَحمَتِ اللَّهِ﴾ رحمة الله آثارها واضحة جلية لمن له عين تبصر، وقلب يعي ويفهم.
وقفة
[50] ﴿فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّـهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ فإذا كانت حياة الأرض بعد موتها من أعظم الأدلة على سعة رحمته؛ فالدليل في القلب الخلي من العلم والخير حين ينزل الله عليه غيث الوحي فيهتز وينبت العلوم المختلفة النافعة، والأعمال الظاهرة والباطنة: أعظم من الأرض بكثير، ودلالته على سعة رحمة الله وواسع جوده وتنوع هباته أكثر وأعظم.
وقفة
[50] الخروج للربيع بعد المطر عبادة إذا استحضرت فيها النية وعبادة التفكر ﴿فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّـهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾.
عمل
[50] تأمل ثلاثًا من آثار رحمة الله عليك وعلى من حولك، ثم اشكر الله تعالى ﴿فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّـهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾.
وقفة
[50] ﴿فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّـهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ﴾ كما أن الماء يحيي الأرض؛ فالاتصال بالله يحيي النفس البعيدة عنه.
وقفة
[50] ﴿فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّـهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ﴾ إنبات الأرض بعد جفافها دليل على البعث.
وقفة
[50] الموفَّق من الناس من يجتمع له التفكر في آيات الله الكونية، وتدبر آيات القرآن، فالخارج للبر –مثلًا- يحصل له ذلك حين يرى آثار رحمة الله بإحياء الأرض بعد موتها، فيذكره بقدرة الله على إحياء الموتى، فيعتبر عندها بقوله سبحانه: ﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
وقفة
[50] ونحن ننعم بأوقات المطر والربيع حري بأن نستحضر هذه الآية: ﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
وقفة
[50] حين يرى المؤمن آثار رحمة الله بإحياء الأرض، فيذكره ذلك على إحياء الله الموتى ﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
عمل
[50] تأمل فرح الأرض بغيث الله النازل من السماء؛ إنها مجرد: ﴿آثَارِ رَحْمَتِ اللَّـهِ﴾.
وقفة
[50] ﴿كَيفَ يُحيِي الأَرضَ بَعدَ مَوتِها﴾ وكيف يحيي الإيمان القلوب بعد موتها!
وقفة
[50] ﴿كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ استدلال بالمحسوس المنظور وهو حياة الأرض بعد الموت على القادم المنتظر، وهو إحياء الموتی.
وقفة
[50] ﴿إِنَّ ذلِكَ لَمُحيِي المَوتى﴾ المتأمل فى نعمة المطر فقط يفيق قلبه ويحيا.

الإعراب :

  • ﴿ فَانْظُرْ:
  • الفاء استئنافية. انظر: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت.
  • ﴿ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بانظر. رحمة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة. أي فانظر الى آثار المطر وما جلبه من بركة الله.
  • ﴿ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ:
  • الجملة الاستفهامية في محل نصب مفعول به لأنظر.كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال. يحيي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الأرض: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ بَعْدَ مَوْتِها:
  • ظرف زمان متعلق بيحيي منصوب على الظرفية الزمانية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. موت: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنَّ ذلِكَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» اللام للبعد والكاف حرف خطاب. بمعنى ان ذلك القادر الذي يحيي الأرض بعد موتها.
  • ﴿ لَمُحْيِ الْمَوْتى:
  • بمعنى هو الذي يحيي الناس بعد موتهم. اللام لام التوكيد -المزحلقة-محيي: خبر «إن» مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل وهو مضاف. الموتى: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر ويجوز أن تكون «الموتى» مفعولا به لاسم الفاعل «محيي».
  • ﴿ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:
  • الواو عاطفة. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. على كل: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. شيء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى: على كل شيء من المقدورات.قدير: أي قادر وهو صيغة فعيل بمعنى «فاعل» أي صيغة مبالغة والكلمة خبر المبتدأ «هو» مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [50] لما قبلها :     وبعد بيان استِبشارِ النَّاسِ بنُزولِ المطر بعدَ الإبلاسِ؛ لفت اللهُ أنظارَ الناس إلى ما يترتب على نعمة المطر من آثار عظيمة، قال تعالى:
﴿ فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

آثار:
وقرئ:
1- بالإفراد، وهى قراءة الحرميين، وأبى عمرو، وأبى بكر.
2- بالجمع، وهى قراءة باقى السبعة.
3- إثر، بكسر الهمزة، وإسكان الثاء، وهى قراءة سلام.
يحيى:
1- بياء الغيبة، والضمير لله تعالى، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- نحيى، بالتاء للتأنيث، والضمير عائد على «الرحمة» ، وهى قراءة الجحدري، وابن السميفع وأبى حيوة.
3- نحيى، بالنون، وهى قراءة زيد بن على.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف