439394041424344

الإحصائيات

سورة فاطر
ترتيب المصحف35ترتيب النزول43
التصنيفمكيّةعدد الصفحات5.70
عدد الآيات45عدد الأجزاء0.25
عدد الأحزاب0.50عدد الأرباع2.00
ترتيب الطول37تبدأ في الجزء22
تنتهي في الجزء22عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 7/14الحمد لله: 5/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (39) الى الآية رقم (40) عدد الآيات (2)

بعدَ بيانِ جزاءِ المؤمنينَ وجزاءِ الكافرينَ هدَّدَ اللهُ من كفرَ به، وناقشَ المشركينَ في أبسطِ مقوّماتِ الإلهِ وهو الخلقُ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (41) الى الآية رقم (44) عدد الآيات (4)

لمَّا بَيَّنَ عجزَ الآلهةِ ذكرَ ما يؤهّلُه للعبادةِ كخلقِ السماواتِ والأرضِ وإمساكِهما، ثُمَّ وبَّخَ المشركينَ لتكذيبِهم النَّبي ﷺ بعدَ ترقُّبِهم له، وذَكَّرَهم بما يشاهدُونه في رحلاتِهم إلى الشَّامِ واليمنِ من آثارِ تدميرِ منازلِ المكذبينَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة فاطر

التذكير بنعم الله وعظمته/ الاستسلام لله سبيل العزّة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سورة فاطر تشبه سورة النحل::   سورة فاطر تشبه سورة النحل في إحصاء عدد كثير من النعم، وبيان فضل الله على خلقه، وقد خاطبت السورة الناس بصفة عامة 3 مرات: 1- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ (3). 2- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ (5). 3- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (15). • ففي النداء الأول تسأل السورة عن مصدر النعم، وفي النداء الثالث تبين فقر الناس إلى ربهم وغناه عنهم.
  • • ومن نعم الله التي ذكرتها السورة::   1- نعمة خلق السماوات والأرض: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...﴾ (1). 2- نعمة إرسال الملائكة بالخير: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ...﴾ (1) 3- نعمة خلق الإنسان: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ...﴾ (3). 4- نعمة الرزق: ﴿يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ...﴾ (3). 5- نعمة الهداية: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ...﴾ (8) 6- نعمة الإنذار والإعذار: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ (24). 7- نعمة إهلاك الظالمين: ﴿ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ (26). 8- نعمة القرآن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ ...﴾ (29). 9- نعمة الفوز بالجنان والنجاة من النار: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ...﴾ (33). 10- نعمة الاستخلاف في الأرض: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ...﴾ (39). 11- نعمة الآثار المبثوثة والعبر الناطقة: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ (44). 12- نعمة الإمهال والحلم: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ (45).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «فاطر».
  • • معنى الاسم ::   فاطر: خالق ومبدع على غير مثال سبق، والفطرة: الابتداء والاختراع.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بهذا الوصف لله تعالى.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة الملائكة»؛ لأنه وقع في أولها وصف للملائكة.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الاستسلام لله هو سبيل العزّة.
  • • علمتني السورة ::   التذلل لله تعالى والخضوع له؛ فهو الغني ونحن الفقراء إليه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾
  • • علمتني السورة ::   لأأن المسلم له ثلاثة أحوال: ظالم لنفسه: يرتكب المعاصي، مقتصد: مقتصر على ما يجب عليه متجنب المعاصي، سابق بالخيرات: يؤدي ما فرض الله عليه متجنب للمعاصي ويكثر من النوافل: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾
  • • علمتني السورة ::   رحمة الله بعباده وإمهالهم؛ فإذا ارتكبت معصية فبادر بالتوبة والعمل الصالح: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّـهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة فاطر من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • هي آخر خمس سور -بحسب ترتيب المصحف- افتتحت بـ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾، وهي: الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ، وفاطر.
    • سورة فاطر لها نسق خاص في موضوعها وسياقها، أقرب ما يكون إلى نسق سورة الرعد، فهي تشترك مع سورة الرعد في بيان قدرة الله وصفاته من خلال الآيات الكونية، ومجادلة الكفار وإبطال عقيدتهم.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نكثر من حمد الله على نعمه الكثيرة.
    • أن نستسلم لله دومًا، فهذا سبيل العزة والرفعة في الدنيا.
    • أن نكثر من شكر نعم الله بالقول والفعل والعمل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ﴾ (3).
    • أن نحذر من الدنيا؛ فإنها دار الغرور: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ (5).
    • أن نحذر من اتباع الشيطان ونستعذ بالله منه: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ (6).
    • أن نحذر أن يزين لنا الشيطان أعمالنا: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ (8).
    • أن نحذر من دعاء غير الله، والتبرك بالأولياء والصالحين: ﴿إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ (14).
    • أن نحسن سريرتنا وعلانيتنا؛ فإن الله يعلم ما في الصدور: ﴿إِنَّ اللَّـهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ (38).
    • ألا نسلم عقولنا لغيرنا ونتبعه دون علم: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ... بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا﴾ (40).
    • أن نستبشر ولا نخف؛ فإن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ (43).

تمرين حفظ الصفحة : 439

439

مدارسة الآية : [39] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي ..

التفسير :

[39] الله هو الذي جعلكم -أيها الناس- يَخْلُف بعضكم بعضاً في الأرض، فمن جحد وحدانية الله منكم فعلى نفسه ضرره وكفره، ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا بغضاً وغضباً، ولا يزيدهم كفرهم بالله إلا ضلالاً وهلاكاً.

يخبر تعالى عن كمال حكمته ورحمته بعباده، أنه قدر بقضائه السابق، أن يجعل بعضهم يخلف بعضا في الأرض، ويرسل لكل أمة من الأمم النذر، فينظر كيف يعملون، فمن كفر باللّه وبما جاءت به رسله، فإن كفره عليه، وعليه إثمه وعقوبته، ولا يحمل عنه أحد، ولا يزداد الكافر بكفره إلا مقت ربه له وبغضه إياه، وأي:عقوبة أعظم من مقت الرب الكريم؟!

{ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا} أي:يخسرون أنفسهم وأهليهم وأعمالهم ومنازلهم في الجنة، فالكافر لا يزال في زيادة من الشقاء والخسران، والخزي عند اللّه وعند خلقه والحرمان.

وقوله- تعالى-: هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ.. بيان لجانب من فضله- تعالى- على بنى آدم.

وخَلائِفَ جمع خليفة، وهو من يخلف غيره.

أى: هو- سبحانه- الذي جعلكم خلفاء في أرضه، وملككم كنوزها وخيراتها ومنافعها، لكي تشكروه على نعمه، وتخلصوا له العبادة والطاعة.

أو جعلكم خلفاء لمن سبقكم من الأمم البائدة، فاعتبروا بما أصابهم من النقم بسبب إعراضهم عن الهدى، واتبعوا ما جاءكم به رسولكم صلّى الله عليه وسلم.

وقوله فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ أى: فمن كفر بالحق الذي جاءه به الرسول صلّى الله عليه وسلم واستمر على ذلك، فعلى نفسه يكون وبال كفره لا على غيره.

وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً أى: لا يزيدهم إلا بغضا شديدا من ربهم لهم، واحتقارا لحالهم وغضبا عليهم ...

فالمقت: مصدر بمعنى البغض والكراهية، وكانوا يقولون لمن يتزوج امرأة أبيه وللولد الذي يأتى عن طريق هذا الزواج، المقتى، أى: المبغوض.

وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً أى: ولا يزيدهم إصرارهم على كفرهم إلا خسارا وبوارا وهلاكا في الدنيا والآخرة.

فالآية الكريمة تنفر أشد التنفير من الكفر، وتؤكد سوء عاقبته، تارة عن طريق بيان أنه مبغوض من الله- تعالى-، وتارة عن طريق بيان أن المتلبس به، لن يزداد إلا خسرانا وبوارا.

ثم قال : ( هو الذي جعلكم خلائف في الأرض ) أي : يخلف قوم لآخرين قبلهم ، وجيل لجيل قبلهم ، كما قال : ( ويجعلكم خلفاء الأرض ) [ النمل : 62 ] ( فمن كفر فعليه كفره ) أي : فإنما يعود وبال ذلك على نفسه دون غيره ، ( ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ) أي : كلما استمروا على كفرهم أبغضهم الله ، وكلما استمروا فيه خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، بخلاف المؤمنين فإنهم كلما طال عمر أحدهم وحسن عمله ، ارتفعت درجته ومنزلته في الجنة ، وزاد أجره وأحبه خالقه وبارئه رب العالمين ، [ فسبحان المقدر المدبر رب العالمين ] .

القول في تأويل قوله تعالى : هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلا مَقْتًا وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلا خَسَارًا (39)

يقول تعالى ذكره: الله الذي جعلكم أيها الناس خلائف في الأرض من بعد عاد وثمود، ومن مضى من قبلكم من الأمم فجعلكم تخلفونهم في ديارهم ومساكنهم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأرْضِ ) أمة بعد أمة، وقرنًا بعد قرن.

وقوله (فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) يقول تعالى ذكره: فمن كفر بالله منكم أيها الناس فعلى نفسه ضر كفره، لا يضر بذلك غير نفسه، لأنه المعاقب عليه دون غيره. وقوله ( وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلا مَقْتًا ) يقول تعالى: ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا بعدًا من رحمة الله ( وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلا خَسَارًا ) يقول: ولا يزيد الكافرين كفرهم بالله إلا هلاكا.

التدبر :

وقفة
[39] ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ﴾ يقول تعالى ذكره: فمن كفر بالله منكم أيها الناس؛ فعلى نفسه ضر كفره، لا يضر بذلك غير نفسه؛ لأنه المعاقب عليه دون غيره.
وقفة
[39] ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ﴾ شتان بين فريقين: فریق کلما طال عمره، زاد بغض الله له، وتضاعف خسرانه، وطال مكثه في النار، وفريق كلما طال عمر أحدهم حسن عمله، وارتفعت في الجنة درجته، وزاد أجره، وعظم قدره عند رب العالمين.
وقفة
[39] ﴿وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا﴾ الكفرُ والمعصيةُ يزيدان العبدَ عند اللهِ مقتًا وبغضًا.
وقفة
[39] ﴿وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا﴾ أي: كلما استمروا على كفرهم أبغضهم الله تعالى، بخلاف المؤمنين؛ فإنهم كلما طال عمر أحدهم وحسن عمله ارتفعت درجته ومنزلته في الجنة، وزاد أجره، وأحبه خالقه وبارئه رب العالمين.
وقفة
[39] ﴿وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا﴾ خسارة الكافر يوم القيامة فادحة! يخسر نفسه، ويخسر أهله، ويخسر جاهه وقدره، والأهم من ذلك كله: يخسر منزله في الجنة.
تفاعل
[39] ﴿وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ هُوَ الَّذِي:
  • ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو».
  • ﴿ جَعَلَكُمْ خَلائِفَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به اول. والميم علامة جمع الذكور. خلائف: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ولم تنون لانها ممنوعة من الصرف- التنوين-على وزن-مفاعل-او جمع ثالث احرفه ألف بعده حرفان.مفردها خليفة
  • ﴿ فِي الْأَرْضِ:
  • جار ومجرور متعلق بجعلكم، والجملة الفعلية جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ» صلة الموصول لا محل لها. أو يكون الجار والمجرور فِي الْأَرْضِ» في مقام المفعول الثاني لجعل أو متعلقة بصفة محذوفة من خلائف.
  • ﴿ فَمَنْ كَفَرَ:
  • الفاء استئنافية. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة الشرطية من فعل الشرط‍ وجوابه-جزائه-في محل رفع خبر «من».كفر: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وحذف الجار. اي فمن كفر منكم.
  • ﴿ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ:
  • الجملة الاسمية جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بمن. عليه: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. كفره: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: فعليه جزاء كفره والفاء واقعة في جواب الشرط‍ وحذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه
  • ﴿ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ:
  • الواو استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. يزيد:فعل مضارع مرفوع بالضمة. الكافرين: مفعول به اول منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ:
  • فاعل مرفوع بالضمة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. عند: ظرف مكان متعلق بيزيد منصوب على الظرفية.رب: مضاف اليه مجرور بالكسرة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِلاّ مَقْتاً:
  • اداة حصر لا عمل لها. مقتا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اي الا بغضا شديدا
  • ﴿ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاّ خَساراً:
  • معطوفة بالواو على ما قبلها وتعرب اعرابها. اي الا خسارة للآخرة'

المتشابهات :

الأنعام: 165﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ
يونس: 14﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ
فاطر: 39﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     وبعد بيانِ جزاءِ المؤمنينَ وجزاءِ الكافرينَ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا جانبًا من مظاهر فضله على عباده، ثم هدَّدَ من كفرَ به، قال تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [40] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ ..

التفسير :

[40] قل -أيها الرسول- للمشركين:أخبروني أيَّ شيء خَلَق شركاؤكم من الأرض، أم أن لشركائكم الذين تعبدونهم من دون الله شركاً مع الله في خلق السموات، أم أعطيناهم كتاباً فهم على حجة منه؟ بل ما يَعِدُ الكافرون بعضهم بعضاً إلا غروراً وخداعاً.

يقول تعالى مُعجِّزًا لآلهة المشركين، ومبينا نقصها، وبطلان شركهم من جميع الوجوه.

{ قُلْ} يا أيها الرسول لهم:{ أَرَأَيْتُمْ} أي:أخبروني عن شركائكم{ الذين تدعون من دون الله} هل هم مستحقون للدعاء والعبادة، فـ{ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا [مِنَ الْأَرْضِ} هل خلقوا بحرا أم خلقوا جبالا أو خلقوا] حيوانا، أو خلقوا جمادا؟ سيقرون أن الخالق لجميع الأشياء، هو اللّه تعالى، أَمْ لشركائكم شِرْكٌة{ فِي السَّمَاوَاتِ} في خلقها وتدبيرها؟ سيقولون:ليس لهم شركة.

فإذا لم يخلقوا شيئا، ولم يشاركوا الخالق في خلقه، فلم عبدتموهم ودعوتموهم مع إقراركم بعجزهم؟ فانتفى الدليل العقلي على صحة عبادتهم، ودل على بطلانها.

ثم ذكر الدليل السمعي، وأنه أيضا منتف، فلهذا قال:{ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا} يتكلم بما كانوا به يشركون، يأمرهم بالشرك وعبادة الأوثان.{ فَهُمْ} في شركهم{ عَلَى بَيِّنَةٍ} من ذلك الكتاب الذي نزل عليهم في صحة الشرك؟

ليس الأمر كذلك؟ فإنهم ما نزل عليهم كتاب قبل القرآن، ولا جاءهم نذير قبل رسول اللّه محمد صلى اللّه عليه وسلم، ولو قدر نزول كتاب إليهم، وإرسال رسول إليهم، وزعموا أنه أمرهم بشركهم، فإنا نجزم بكذبهم، لأن اللّه قال:{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} فالرسل والكتب، كلها متفقة على الأمر بإخلاص الدين للّه تعالى،{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}

فإن قيل:إذا كان الدليل العقلي، والنقلي قد دلا على بطلان الشرك، فما الذي حمل المشركين على الشرك، وفيهم ذوو العقول والذكاء والفطنة؟

أجاب تعالى بقوله:{ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا} أي:ذلك الذي مشوا عليه، ليس لهم فيه حجة، فإنما ذلك توصية بعضهم لبعض به، وتزيين بعضهم لبعض، واقتداء المتأخر بالمتقدم الضال، وأمانيّ مَنَّاها الشيطان، وزين لهم [سوء] أعمالهم، فنشأت في قلوبهم، وصارت صفة من صفاتها، فعسر زوالها، وتعسر انفصالها، فحصل ما حصل من الإقامة على الكفر والشرك الباطل المضمحل.

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يتحدى هؤلاء المشركين، وأن يوبخهم على عنادهم وجحودهم فقال: قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ....

أى: قل- أيها الرسول الكريم- على سبيل التبكيت والتأنيب لهؤلاء المشركين.

أخبرونى وأنبئونى عن حال شركائكم الذين عبدتموهم من دون الله، ماذا فعلوا لكم من خير أو شر، وأرونى أى جزء خلقوه من الأرض حتى استحقوا منكم الألوهية والشركة مع الله- تعالى- في العبادة؟

إنهم لم يفعلوا- ولن يفعلوا- شيئا من ذلك، فكيف أبحتم لأنفسكم عبادتهم؟

وقوله أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ تبكيت آخر لهم. أى: وقل لهم: إذا كانوا لم يخلقوا شيئا من الأرض، فهل لهم معنا شركة في خلق السموات أو في التصرف فيها، حتى يستحقوا لذلك مشاركتنا في العبادة والطاعة.

وقوله: أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ تبكيت ثالث لهم. أى: وقل لهم إذا كانوا لم يخلقوا شيئا من الأرض، ولم يشاركونا في خلق السموات، فهل نحن أنزلنا عليهم كتابا أقررنا لهم فيه بمشاركتنا، فتكون لهم الحجة الظاهرة البينة على صدق ما يدعون؟

والاستفهام في جميع أجزاء الآية الكريمة للإنكار والتوبيخ.

والمقصود بها قطع كل حجة يتذرعون بها في شركهم، وإزهاق باطلهم بألوان من الأدلة الواضحة التي تثبت جهالاتهم، حيث أشركوا مع الله- تعالى- ما لا يضر ولا ينفع، وما لا يوجد دليل أو ما يشبه الدليل على صحة ما ذهبوا إليه من كفر وشرك.

ولذا ختمت الآية الكريمة بالإضراب عن أوهامهم وبيان الأسباب التي حملتهم على الشرك، فقال- تعالى-: بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً.

أى: أن هؤلاء الشركاء لم يخلقوا شيئا لا من الأرض ولا من السماء، ولم نؤتهم كتابا بأنهم شركاء لنا في شيء، بل الحق أن الظالمين يخدع بعضهم بعضا، ويعد بعضهم بعضا بالوعود الباطلة، بأن يقول الزعماء لأتباعهم: إن هؤلاء الآلهة هم شفعاؤنا عند الله، وأننا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فيترتب على قولهم هذا، أن ينساق الأتباع وراءهم كما تنساق الأنعام وراء راعيها.

يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين : ( أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله ) أي : من الأصنام والأنداد ، ( أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ) أي : ليس لهم شيء من ذلك ، ما يملكون من قطمير .

وقوله : ( أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه ) أي : أم أنزلنا عليهم كتابا بما يقولون من الشرك والكفر ؟ ليس الأمر كذلك ، ( بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا ) أي : بل إنما اتبعوا في ذلك أهواءهم وآراءهم وأمانيهم التي تمنوها لأنفسهم ، وهي غرور وباطل وزور .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلا غُرُورًا (40)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (قُلْ) يا محمد لمشركي قومك (أَرَأَيْتُمْ) أيها القوم ( شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ ) يقول: أروني أي شيء خلقوا من الأرض (أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ) يقول: أم لشركائكم شرك مع الله في السماوات إن لم يكونوا خلقوا من الأرض شيئًا( أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ ) يقول: أم آتينا هؤلاء المشركين كتابًا أنـزلناه عليهم من السماء بأن يشركوا بالله الأوثان والأصنام، فهم على بينة منه، فهم على برهان مما أمرتهم فيه من الإشراك بي.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ ) لا شيء والله خلقوا منها(أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ) لا والله ما لهم فيها شرك (أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ) يقول: أم آتيناهم كتابًا فهو يأمرهم أن يشركوا.

وقوله (بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلا غُرُورًا ) وذلك قول بعضهم لبعض مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى خداعًا من بعضهم لبعض وغرورًا، وإنما تزلفهم آلهتهم من النار، وتقصيهم من الله ورحمته.

التدبر :

وقفة
[40] ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَتٍ مِّنْهُ﴾ من آداب المناظرة أن تسرد كل شبهات وحجج الخصوم، ثم تثبت بطلانها جميعًا، وبهذا تفحم خصومك المبطلين، وتنتصر للحق الذي معك، بعكس إيراد الشبهات متفرقة ثم ردها مبعثرة، فهذا يشتت فكرتك، وينصر صاحب الباطل عليك.
وقفة
[40] ﴿أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ المشركون لا دليل لهم على شركهم من عقل ولا نقل.
وقفة
[40] ﴿بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا﴾ ليس للظالمين منطق ولا حجة، وإنما هو الخداع والتزييف، وتزيين الباطل حقًّا، والحق باطلًا؛ حتى يتمكنوا من قيادة أتباعهم.
عمل
[40] اعلم أن وعود الظالمين بعضهم لبعض غرور وكذب؛ فاحذر الاغترار بهم ﴿بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا﴾.
عمل
[40] تواص أنت وزميلك على عمل صالح تقومان به ﴿بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ أَرَأَيْتُمْ:
  • الهمزة همزة تعجب بلفظ‍ استفهام. رأيتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.بمعنى: اخبروني.
  • ﴿ شُرَكاءَكُمُ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. بمعنى: اخبروني عن هؤلاء الشركاء. والجملة الفعلية أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ الَّذِينَ تَدْعُونَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة-نعت- للشركاء. تدعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بمعنى: تعبدون. وجملة «تدعون» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به. التقدير: الذين تدعونهم وحذف المفعول الثاني اي تدعونهم شركاء. لأن ما قبله يدل عليه ولأن الفعل «تدعو» يتعدى الى مفعولين.
  • ﴿ مِنْ دُونِ اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بتدعون او بحال محذوفة من مفعول «تدعون».الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ أَرُونِي:
  • فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والنون للوقاية. والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. وجملة «اروني وما بعدها» بدل من «أرأيتم» بمعنى: اخبروني عن هؤلاء الشركاء وعما استحقوا به الالهية.
  • ﴿ ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ:
  • ماذا: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «خلقوا» و «من» حرف جر بياني للتعجب. الأرض: اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة. والجار والمجرور متعلق بخلقوا. والجملة الاستفهامية في محل نصب مفعول به ثان لأروني. او تكون متعلقة بأروني على معنى: اخبروني لأنها أي-أروني- بدل من-أرأيتم-بمعنى: اخبروني. وفي هذه الحالة يجوز ان تكون «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل رفع مبتدأ. و «ذا» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل رفع خبر «ما».خلقوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. من الارض: جار ومجرور متعلق بخلقوا. والجملة الفعلية خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به. التقدير: ماذا خلقوه من الارض. بمعنى: اروني اي جزء من اجزاء الارض استبدوا بخلقه من دون الله.
  • ﴿ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ:
  • أم: حرف عطف وهي «أم» المتصلة لانها مسبوقة بهمزة استفهام. لهم: اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام.والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. شرك: اي شراكة مع الله مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية لَهُمْ شِرْكٌ» معطوفة بأم على «ما خلقوا».
  • ﴿ فِي السَّماواتِ:
  • جار ومجرور متعلق بشرك. بتقدير: في خلق السموات.فحذف المضاف المجرور واقيم المضاف اليه مقامه.
  • ﴿ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً:
  • أم: اعربت. آتي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.و«هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به أول. كتابا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى: أم آتينا هؤلاء الظالمين او الكفار كتابا من عندنا. فحذفت الصلة الجار والمجرور اختصارا لأنه معلوم.
  • ﴿ فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ:
  • الفاء سببية او استئنافية للتعليل. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. على بينة: جار ومجرور متعلق بخبر «هم».منه: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «بينة» بمعنى ام معهم كتاب من عند الله ينطق بأنهم شركاء فهم على حجة وبرهان من ذلك الكتاب. او فهم على دليل بهذا اي من الكتاب
  • ﴿ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظّالِمُونَ:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. ان: مخففة من «ان» مهملة لانها مخففة بمعنى «ما» النافية. يعد: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الظالمون: فاعل مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد
  • ﴿ بَعْضُهُمْ بَعْضاً:
  • بدل من الظالمين مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة.و«هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. اي الرؤساء. بعضا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة اي الاتباع.
  • ﴿ إِلاّ غُرُوراً:
  • بمعنى ما يعد بعضهم بعضهم او بعضا منهم في شفاعة هؤلاء الشركاء. الا: اداة حصر لا عمل لها. غرورا: مفعول به ثان للفعل «يعد» بمعنى: قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله. اي ما يعدونهم الا بالباطل. ويجوز ان تكون «غرورا» مفعولا مطلقا منصوبا على المصدر بفعل مضمر.بمعنى: وما يعد بعضهم بعضهم اي يغرون بعضهم غرورا. او تكون حالا بمعنى: الا مغرورين.'

المتشابهات :

فاطر: 40﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَتٍ مِّنْهُ
الأحقاف: 4﴿ قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ۖ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     وبعد أن هدَّدَ اللهُ الكافرين؛ أمرَ نبيَّه صلى الله عليه وسلم هنا أن يناقشهم في أبسطِ مقوِّماتِ الإلهِ، وهو الخلقُ، قال تعالى:
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بينة:
1- بالإفراد، وهى قراءة ابن وثاب، والأعمش، وحمزة، وأبى عمرو، وابن كثير، وحفص، وأبان، عن عاصم.
وقرئ:
2- بالجمع، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [41] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ..

التفسير :

[41] إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا عن مكانهما، ولئن زالت السموات والأرض عن مكانهما ما يمسكهما من أحد من بعده. إن الله كان حليماً في تأخير العقوبة عن الكافرين والعصاة، غفوراً لمن تاب من ذنبه ورجع إليه.

يخبر تعالى عن كمال قدرته، وتمام رحمته، وسعة حلمه ومغفرته، وأنه تعالى يمسك السماوات والأرض عن الزوال، فإنهما لو زالتا ما أمسكهما أحد من الخلق، ولعجزت قدرهم وقواهم عنهما.

ولكنه تعالى، قضى أن يكونا كما وجدا، ليحصل للخلق القرار، والنفع، والاعتبار، وليعلموا من عظيم سلطانه وقوة قدرته، ما به تمتلئ قلوبهم له إجلالا وتعظيما، ومحبة وتكريما، وليعلموا كمال حلمه ومغفرته، بإمهال المذنبين، وعدم معالجته للعاصين، مع أنه لو أمر السماء لحصبتهم، ولو أذن للأرض لابتلعتهم، ولكن وسعتهم مغفرته، وحلمه، وكرمه{ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}

وبعد أن بين- سبحانه- ما عليه المعبودات الباطلة من عجز وضعف، أتبع ذلك ببيان جانب من عظيم قدرته، وعميم فضله فقال: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا، وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ...أى: إن الله- تعالى- بقدرته وحدها، يمسك السموات والأرض كراهة أن تزولا، أو يمنعهما ويحفظهما من الزوال أو الاضمحلال أو الاضطراب، ولئن زالتا- على سبيل الفرض والتقدير- فلن يستطيع أحد أن يمسكهما ويمنعهما عن هذا الزوال سوى الله- تعالى- إِنَّهُ- سبحانه- كانَ وما زال حَلِيماً بعباده غَفُوراً لمن تاب إليه وأناب، كما قال- تعالى-: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى.

قال الآلوسى: قوله: وَلَئِنْ زالَتا أى: إن أشرفتا على الزوال على سبيل الفرض والتقدير، إِنْ أَمْسَكَهُما أى: ما أمسكهما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ أى: من بعد إمساكه- تعالى- أو من بعد الزوال، والجملة جواب القسم المقدر قبل لام التوطئة في لَئِنْ، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ... ومِنْ الأولى مزيدة لتأكيد العموم. والثانية للابتداء .

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بما كان عليه المشركون من نقض العهود، ومن مكر سىء حاق بهم، ودعاهم- سبحانه- إلى الاعتبار بمن سبقهم، وبين لهم جانبا من مظاهر فضله عليهم. ورأفته بهم فقال- تعالى-:

ثم أخبر تعالى عن قدرته العظيمة التي بها تقوم السماء والأرض عن أمره ، وما جعل فيهما من القوة الماسكة لهما ، فقال : ( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ) أي : أن تضطربا عن أماكنهما ، كما قال : ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ) [ الحج : 65 ] ، وقال تعالى : ( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ) [ الروم : 25 ] ( ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ) أي : لا يقدر على دوامهما وإبقائهما إلا هو ، وهو مع ذلك حليم غفور ، أي : يرى عباده وهم يكفرون به ويعصونه ، وهو يحلم فيؤخر وينظر ويؤجل ولا يعجل ، ويستر آخرين ويغفر ; ولهذا قال : ( إنه كان حليما غفورا ) .

وقد أورد ابن أبي حاتم هاهنا حديثا غريبا بل منكرا ، فقال : حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثني هشام بن يوسف ، عن أمية بن شبل ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى ، عليه السلام على المنبر قال : " وقع في نفس موسى عليه السلام : هل ينام الله عز وجل فأرسل الله إليه ملكا ، فأرقه ثلاثا ، وأعطاه قارورتين ، في كل يد قارورة ، وأمره أن يحتفظ بهما . قال : فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان ، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى ، حتى نام نومه ، فاصطفقت يداه فتكسرت القارورتان . قال : ضرب الله له مثلا إن الله لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض " .

والظاهر أن هذا الحديث ليس بمرفوع ، بل من الإسرائيليات المنكرة فإن موسى عليه السلام أجل من أن يجوز على الله سبحانه وتعالى النوم ، وقد أخبر الله تعالى في كتابه العزيز بأنه : ( الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض ) [ البقرة : 255 ] . وثبت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار ، وعمل النهار قبل الليل ، حجابه النور أو النار ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " .

وقد قال أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل قال : جاء رجل إلى عبد الله - هو ابن مسعود - فقال : من أين جئت ؟ قال : من الشام . قال : من لقيت ؟ قال : لقيت كعبا . قال : ما حدثك كعب ؟ قال : حدثني أن السماوات تدور على منكب ملك . قال : أفصدقته أو كذبته ؟ قال : ما صدقته ولا كذبته . قال : لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها ، كذب كعب . إن الله تعالى يقول : ( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ) .

وهذا إسناد صحيح إلى كعب وإلى ابن مسعود . ثم رواه ابن جرير عن ابن حميد ، عن جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : ذهب جندب البجلي إلى كعب بالشام ، فذكر نحوه . وقد رأيت في مصنف الفقيه يحيى بن إبراهيم بن مزين الطليطلي ، سماه " سير الفقهاء " ، أورد هذا الأثر عن محمد بن عيسى بن الطباع ، عن وكيع ، عن الأعمش ، به . ثم قال : وأخبرنا زونان - يعني : عبد الملك بن الحسن - عن ابن وهب ، عن مالك أنه قال : السماء لا تدور . واحتج بهذه الآية ، وبحديث : " إن بالمغرب بابا للتوبة لا يزال مفتوحا حتى تطلع الشمس منه " .

قلت : وهذا الحديث في الصحيح ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)

يقول تعالى ذكره: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ) لئلا تزولا من أماكنهما(وَلَئِنْ زَالَتَا) يقول: ولو زالتا(إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) يقول: ما أمسكهما أحد سواه. ووضعت " لئن " في قوله (وَلَئِنْ زَالَتَا) في موضع " لو " لأنهما يجابان بجواب واحد، فيتشابهان في المعنى، ونظير ذلك قوله وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ بمعنى: ولو أرسلنا ريحًا، وكما قال وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بمعنى: لو أتيت. وقد بيَّنا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا ) من مكانهما.

حدثنا ابن بشار قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان عن الأعمش عن أَبي وائل قال: جاء رجل إلى عبد الله فقال: من أين جئت ؟ قال: من الشأم. قال: من لَقيتَ؟ قال: لقيتُ كعبًا. فقال: ما حدثك كعب ؟ قال: حدثني أن السماوات تدور على منكب ملك. قال: فصدقته أو كذبته ؟ قال: ما صدقته ولا كذبته. قال: لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها، وكذب كعب، إن الله يقول ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ).

حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: ذهب جُندَب البَجَلي إلى كعب الأحبار فقدم عليه ثم رجع فقال له عبد الله: حدثنا ما حدثك. فقال: حدثني أن السماء في قطب كقطب الرحا، والقطب عمود على منكب ملك. قال عبد الله: لوددت أنك افتديت رحلتك بمثل راحلتك، ثم قال: ما تنتكت اليهودية في قلب عبد فكادت أن تفارقه، ثم قال ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا ) كفى بها زوالا أن تدور.

وقوله (إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) يقول تعالى ذكره: إن الله كان حليمًا عمن أشرك وكفر به من خلقه فى تركه تعجيل عذابه له، غفورًا لذنوب من تاب منهم، وأناب إلى الإيمان به، والعمل بما يرضيه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[41] ﴿إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا﴾ أمسكها رحمة بك وأنت تقلق من أشياء صغيرة؛ نم متوكلًا سيمسكها الله عنك.
وقفة
[41] ﴿إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا﴾ نعمة الله في إمساكه السماوات من السقوط والتهاوي، وحفظه الأرض من التلاشي من أعظم النعم الخفية والعطايا غير المرئية.
وقفة
[41] ﴿إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا﴾ كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا اجتهد في اليمين قال: «والذي تقوم السماء والأرض بأمره».
وقفة
[41] ﴿إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا﴾ إذا رأيت في السماوات والأرض ما يزعجك، ويثير مخاوفك، فالجأ إلى من بيده أمرهما وأمرك، وتوجه إليه بالدعاء والصلاة؛ ولذا شرعت صلاة الكسوف.
عمل
[41] ﴿إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ تعبد لله باسمه الحليم الغفور، وقل: يا حليم احلم علي ولا تعذبني، يا غفور اغفر لي وارحمني.
وقفة
[41] كفر بني آدم ومعاصيهم مستحق لزوال السموات والأرض، لولا حلم الله ومغفرته ﴿إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ... إنه كان حليمًا غفورًا﴾، تدبر واحفظ، اللهم لك الحمد على حلمك بعد علمك.
وقفة
[41] ﴿وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ﴾ ولئن زالتا على سبيل الفرض ما أمسكها من أحد من بعد إمساكه، أي لا يقدر على دوامهما والحفاظ عليها وإبقائهما إلا الله سبحانه.
وقفة
[41] ﴿وَلَئِن زالَتا إِن أَمسَكَهُما مِن أَحَدٍ مِن بَعدِهِ﴾ مجرد التفكير فى الآية يصيب الإنسان بالدوار، تجلت قدرتك ربى، وعظُم جاهك، أنت القادر ولا قادر غيرك، لا إله إلا أنت ولا معبود سواك.
وقفة
[41] ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا﴾ ما معنى اسم الله الحليم؟ قال ابن القيم: وَهُوَ الحَليمُ فلا يُعاجِلُ عبــــــدَهُ ... بعقوبةٍ لِيتوبَ مِنْ عِصيــــــــانِ بحلمه سبحانه تتأخر العقوبات عن الكافرين، وعن أصحاب السيئات.
وقفة
[41] ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ سبحانه ما أحلمه! رئات الملاحدة تتنفس، وشفاه الشاتمين تتحرك، وهو الله الحليم، سبحانك يا رب ما أحلمك!
وقفة
[41] ﴿غَفُورًا﴾ كثير المغفرة، فمن العبد التوبة عن زلة واحدة، ومن الرب المغفرة لذنوب كثيرة.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة:اسمها منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. يمسك: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بمعنى: يمنع او يحفظ‍.والجملة الفعلية «يمسك وما بعدها» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المؤنث السالم والواو عاطفة. الأرض: معطوفة على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبهاالفتحة
  • ﴿ أَنْ تَزُولا:
  • ان: حرف مصدرية ونصب. تزولا: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والالف ضمير متصل-ضمير الاثنين-مبني على السكون في محل رفع فاعل. وجملة «تزولا» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول لاجله او من اجله بمعنى: كراهة ان تزولا ثم حذف. ويجوز ان يكون المصدر المؤول في محل جر بحرف جر مقدر. اي. بمنعهما من ان تزولا.اي من الزوال لان الامساك منع.
  • ﴿ وَلَئِنْ زالَتا:
  • الواو استئنافية. اللام موطئة للقسم-اللام المؤذنة-.ان:حرف شرط‍ جازم. زالتا: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بإن والتاء علامة او تاء التأنيث والالف ضمير متصل-ضميرالاثنتين- مبني على السكون في محل رفع فاعل. وجملة «ان زالتا» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه فلا محل لها من الاعراب بمعنى: ولو زالتا.
  • ﴿ إِنْ أَمْسَكَهُما:
  • الجملة الفعلية جواب القسم سد مسد الجوابين. ان: حرف مهمل للنفي لا عمل له بمعنى «ما» النافية. امسك: فعل ماض مبني على الفتح والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم. و «ما» للتثنية بمعنى: ما منعهما من الزوال
  • ﴿ مِنْ أَحَدٍ:
  • من: حرف جر زائد لتأكيد النفي. احد: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على انه فاعل امسك.
  • ﴿ مِنْ بَعْدِهِ:
  • جار ومجرور في محل جر صفة-نعت-لاحد على اللفظ‍ وفي محل رفع على المحل والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. اي من بعد امساكه.
  • ﴿ إِنَّهُ كانَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل تفيد هنا التعليل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسمها. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ حَلِيماً غَفُوراً:
  • خبران لكان منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة. ويجوز ان يكون «غفورا» صفة-نعتا-لحليما. والجملة الفعلية كانَ حَلِيماً غَفُوراً» في محل رفع خبر «ان».'

المتشابهات :

النساء: 43﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا
النساء: 99﴿فَأُولَـٰئِكَ عَسَى اللَّـهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَفُوًّا غَفُورًا
الإسراء: 44﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا
فاطر: 41﴿وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     وبعد بيان عجز آلهة المشركين وضعفها؛ بَيَّنَ اللهُ هنا جانبًا من عظيم قدرته، فهو خالق السماواتِ والأرضِ وممسكهما، قال تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ولئن زالتا:
وقرئ:
ولو زالتا، وهى قراءة ابن أبى عبلة.

مدارسة الآية : [42] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن ..

التفسير :

[42] وأقسم كفار قريش بالله أشد الأيمان:لئن جاءهم رسول من عند الله يخوِّفهم عقاب الله ليكونُنَّ أكثر استقامة واتباعاً للحق من اليهود والنصارى وغيرهم، فلما جاءهم محمد -صلى الله عليه وسلم- ما زادهم ذلك إلا بُعْداً عن الحق ونفوراً منه.

أي وأقسم هؤلاء، الذين كذبوك يا رسول اللّه، قسما اجتهدوا فيه بالأيمان الغليظة.{ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ} أي:أهدى من اليهود والنصارى [أهل الكتب]، فلم يفوا بتلك الإقسامات والعهود.

{ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ} لم يهتدوا، ولم يصيروا أهدى من إحدى الأمم، بل لم يدوموا على ضلالهم الذي كان، بل{ مَا زَادَهُمْ} ذلك{ إِلَّا نُفُورًا} وزيادة ضلال وبغي وعناد.

قال القرطبي: قوله- تعالى-: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ..: هم قريش أقسموا قبل أن يبعث الله رسوله محمدا صلّى الله عليه وسلم حين بلغهم أن أهل الكتاب، كذبوا رسلهم، فلعنوا من كذب نبيه منهم..».

وجَهْدَ أَيْمانِهِمْ أى: أقوى أيمانهم وأغلظها والجهد: الطاقة والوسع والمشقة.

يقال: جهد نفسه يجهدها في الأمر، إذا بلغ بها أقصى وسعها وطاقتها فيه.

والمراد: أنهم أكدوا الأيمان ووثقوها، بكل ألفاظ التوكيد والتوثيق.

أى: أن كفار مكة، أقسموا بالله- تعالى- قسما مؤكدا موثقا مغلظا، لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ أى: نبي ينذرهم بأن الكفر باطل وأن الإيمان بالله هو الحق.

لَيَكُونُنَّ أَهْدى سبيلا مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ أى: ليكونن أهدى من اليهود ومن النصارى ومن غيرهم في اتباعهم وطاعتهم، لهذا الرسول الذي يأتيهم من عند ربهم لهدايتهم إلى الصراط المستقيم.

فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم. الذي هو أشرف الرسل.

ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً أى: ما زادهم مجيئه لهم إلا نفورا عن الحق، وتباعدا عن الهدى. أى: أنهم قبل مجيء الرسول صلّى الله عليه وسلّم كانوا يتمنون أن يكون الرسول منهم، لا من غيرهم، وأقسموا بالله بأنهم سيطيعونه فلما جاءهم الرسول صلى الله عليه وسلّم نفروا عنه ولم يؤمنوا به.

وإنما كان القسم بالله- تعالى- غاية أيمانهم، لأنهم كانوا يحلفون بآبائهم وبأصنامهم، فإذا اشتد عليهم الحال، وأرادوا تحقيق الحق، حلفوا بالله- تعالى-.

وقوله لَيَكُونُنَّ جواب للقسم المقدر. وقوله: ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً جواب لمّا.

يخبر تعالى عن قريش والعرب أنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم ، قبل إرسال الرسول إليهم : ( لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم ) أي : من جميع الأمم الذين أرسل إليهم الرسل . قاله الضحاك وغيره ، كقوله تعالى : ( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها ) [ الأنعام : 156 ، 157 ] ، وكقوله تعالى : ( وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين فكفروا به فسوف يعلمون ) [ الصافات : 167 - 170 ] .

قال الله تعالى : ( فلما جاءهم نذير ) - وهو : محمد صلى الله عليه وسلم - بما أنزل معه من الكتاب العظيم ، وهو القرآن المبين ، ( ما زادهم إلا نفورا ) ، أي : ما ازدادوا إلا كفرا إلى كفرهم ، ثم بين ذلك بقوله :

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا (42)

يقول تعالى ذكره: وأقسم هؤلاء المشركون بالله جهد أيمانهم، يقول: أشد الأيمان فبالغوا فيها، لئن جاءهم من الله منذر ينذرهم بأس الله ( لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأمَمِ ) يقول: ليكونن أسلك لطريق الحق وأشد قبولا لما يأتيهم به النذير من عند الله، من إحدى الأمم التي خلت من قبلهم (فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ) &; 20-483 &; يعني بالنذير محمدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، يقول: فلما جاءهم محمد ينذرهم عقاب الله على كفرهم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ) وهو محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

وقوله (مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا) يقول: ما زادهم مجيء النذير من الإيمان بالله واتباع الحق وسلوك هدى الطريق، إلا نفورًا وهربًا.

التدبر :

وقفة
[42] ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّـهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا﴾ وليس إقسامهم المذكور لقصد حسن، وطلب للحق، وإلا لوفِّقوا له، ولكنه صادر عن استكبار في الأرض على الخلق وعلى الحق، وبهرجة في كلامهم هذا؛ يريدون به المكر والخداع، وأنهم أهل الحق الحريصون على طلبه، فيغتر به المغترون، ويمشي خلفهم المقتدون.
وقفة
[42] ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّـهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا﴾ احذر أن تعيب الناس بشيء، فتعاقب بالوقوع فيه! كانت قريش تلعن اليهود والنصارى لأنهم كذبوا رسلهم، فلما بعث إليهم رسول الله، كذبوه.
وقفة
[42] ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا﴾ دائمًا كلام أهل الحق ثقيل على أذن أهل الباطل، لأن هؤلاء تجردوا من حظوظهم أنفسهم وهؤلاء آثروها.
وقفة
[42] ما الفرق بين ﴿لَّيَكُونُنَّ﴾، ﴿وَلَيَكُونًا﴾ [يوسف: 32]؟ هذا ليس تنوينًا، وإنما نون التوكيد الخفيفة، ونون التوكيد الثقيلة.
وقفة
[42، 43] أخبث القلوب تلك التي تنفر إذا ذُكرت بالله؛ حيث يجتمع فيها الاستكبار ومكر السيئ ﴿فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا * استكبارا في الأرض ومكر السيئ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللهِ:
  • الواو استئنافية. اقسموا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.بالله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بأقسموا.
  • ﴿ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ:
  • مصدر مؤكد-مفعول مطلق-منصوب بمضمر تقديره:يجهدون جهد إيمانهم اي جهدا والكلمة مضافة وعلامة نصبها الفتحة.ايمان: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.و«هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. اي اقسموا قبل مبعث النبوة
  • ﴿ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ:
  • للام موطئة للقسم. ان: حرف شرط‍ جازم. جاء:فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. نذير: فاعل مرفوع بالضمة. وهي من صيغ المبالغة فعيل بمعنى فاعل اي منذر. وجملة «ان جاءهم نذير» اعتراضية بين القسم وجوابه فلا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ لَيَكُونُنَّ:
  • الجملة جواب القسم لا محل لها من الاعراب. وجواب الشرط‍ محذوف دل عليه جواب القسم او جواب القسم سد مسد الجوابين اللام واقعة في جواب القسم. يكونن: فعل مضارع ناقص مبني على حذف النون لانه من الافعال الخمسة. وسبب بنائه على حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة. وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع اسم «يكون» ونون التوكيد الثقيلة لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ أَهْدى:
  • خبر «يكون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الالف للتعذر ولم ينون لانه ممنوع من الصرف-التنوين-لانه على وزن-أفعل-التفضيل وبوزن الفعل.
  • ﴿ مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ:
  • جار ومجرور متعلق بأهدى وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الالف للتعذر. الامم: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى: من بعض الامم او من واحدة من الامم او من الامة التي يقال لها احدى الامم تفضيلا لها على غيرها في الهدى والاستقامة.
  • ﴿ فَلَمّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ:
  • الفاء استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. جاءهم نذير: اعربت. وجملة جاءَهُمْ نَذِيرٌ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ ما زادَهُمْ إِلاّ نُفُوراً:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. ما: نافية لا عمل لها. زادهم: تعرب اعراب «جاءهم» والفاعل محذوف اختصارا لان ما قبله يدل عليه اي ما زادهم مجيء النذير وهو محمد (صلّى الله عليه وسلّم). والجملة اسناد مجازي لانه هو السبب في ان زادوا انفسهم نفورا عن الحق وابتعادا عنه. الا: اداة حصر لا عمل لها. نفورا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: الا اعراضا وصدا عن الحق.'

المتشابهات :

المائدة: 53﴿وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَهَٰٓؤُلَآءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّـهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ
الأنعام: 109﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّـهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَتۡهُمۡ ءَايَةٞ لَّيُؤۡمِنُنَّ بِهَاۚ
النحل: 38﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّـهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبۡعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُۚ
النور: 53﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّـهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ
فاطر: 42﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّـهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ لَّيَكُونُنَّ أَهۡدَىٰ مِنۡ إِحۡدَى ٱلۡأُمَمِۖ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     وبعد أن ذكَرَ اللهُ إنكارَ المُشرِكينَ للتَّوحيدِ؛ ذكَرَ هنا تَكذيبَهم للرسالة بعد أن كانوا مترقبين لها، قال تعالى:
﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ..

التفسير :

[43] ليس إقسامهم لقَصْد حسن وطلباً للحق، وإنما هو استكبار في الأرض على الخلق، يريدون به المكر السيِّئ والخداع والباطل، ولا يحيق المكر السيِّئ إلا بأهله، فهل ينتظر المستكبرون الماكرون إلا العذاب الذي نزل بأمثالهم الذين سبقوهم، فلن تجد لطريقة الله تبديلاً و

وليس إقسامهم المذكور، لقصد حسن، وطلب للحق، وإلا لوفقوا له، ولكنه صادر عن استكبار في الأرض على الخلق، وعلى الحق، وبهرجة في كلامهم هذا، يريدون به المكر والخداع، وأنهم أهل الحق، الحريصون على طلبه، فيغتر به المغترون، ويمشي خلفهم المقتدون.

{ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ} الذي مقصوده مقصود سيئ، ومآله وما يرمي إليه سيئ باطل{ إِلَّا بِأَهْلِهِ} فمكرهم إنما يعود عليهم، وقد أبان اللّه لعباده في هذه المقالات وتلك الإقسامات، أنهم كذبة في ذلك مزورون، فاستبان خزيهم، وظهرت فضيحتهم، وتبين قصدهم السيئ، فعاد مكرهم في نحورهم، ورد اللّه كيدهم في صدورهم.

فلم يبق لهم إلا انتظار ما يحل بهم من العذاب، الذي هو سنة اللّه في الأولين، التي لا تبدل ولا تغير، أن كل من سار في الظلم والعناد والاستكبار على العباد، أن يحل به نقمته، وتسلب عنه نعمته، فَلْيَتَرَّقب هؤلاء، ما فعل بأولئك.

وقوله- تعالى-: اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ بدل من نُفُوراً أو مفعول لأجله وَمَكْرَ السَّيِّئِ معطوف على استكبارا.

والمراد بمكرهم السيئ: تصميمهم على الشرك، وتكذيبهم للرسول صلّى الله عليه وسلم، من أجل المعاندة للحق، والاستكبار عنه، ومن أجل المكر السيئ الذي استولى على نفوسهم، والحقد الدفين الذي في قلوبهم.

وقوله السَّيِّئِ صفة لموصوف محذوف. وأصل التركيب: وأن مكروا المكر السيئ، فأقيم المصدر مقام أن والفعل، وأضيف إلى ما كان صفة له.

وقوله- تعالى-: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ بيان لسوء عاقبة مكرهم، وأن شره ما نزل إلا بهم.

وقوله: يَحِيقُ بمعنى يحيط وينزل. يقول: حاق بفلان الشيء، إذا أحاط ونزل به.

أى: ولا ينزل ولا يحيط شر ذلك المكر السيئ إلا بأهله الماكرين.

قال صاحب الكشاف: لقد حاق بهم يوم بدر. وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم: لا تمكروا ولا تعينوا ماكرا، فإن الله- تعالى- يقول: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ولا تبغوا ولا تعينوا باغيا، فإن الله- تعالى- يقول: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ.

وقال الآلوسى- رحمه الله-: والآية عامة على الصحيح، والأمور بعواقبها، والله- تعالى- يمهل ولا يهمل، ووراء الدنيا الآخرة، وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون.

وبالجملة: من مكر به غيره، ونفذ فيه المكر عاجلا في الظاهر، ففي الحقيقة هو الفائز، والماكر هو الهالك.

وقوله- تعالى-: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ حض لهم على الاستجابة للحق، وترك المكر والمخادعة والعناد. والسنة: الطريقة..

أى: إذا كان الأمر كما ذكرنا، فهل ينتظر هؤلاء الماكرون، إلا طريقتنا في الماكرين من قبلهم. وهي إهلاكهم ونزول العذاب والخسران بهم؟ إنهم ما ينتظرون إلا ذلك.

وقوله- سبحانه-: فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا تأكيد لثبات سنته- تعالى- في خلقه، وتعليل لما يفيده الحكم بانتظارهم العذاب.

أى: هذه سنتنا وطريقتنا في الماكرين والمكذبين لرسلهم، أننا نمهلهم ولا نهملهم، ونجعل العاقبة السيئة لهم. ولن تجد لسنة الله- تعالى- في خلقه تبديلا بأن يضع غيرها مكانها، ولن تجد لها تحويلا عما سارت عليه وجرت به.

قال الجمل ما ملخصه: قوله: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ مصدر مضاف لمفعوله تارة كما هنا، ولفاعله أخرى كقوله فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا لأنه- تعالى- سنها بهم، فصحت إضافتها للفاعل وللمفعول. والفاء في قوله فَلَنْ تَجِدَ لتعليل ما يفيده الحكم بانتظارهم العذاب. ونفى وجدان التبديل والتحويل، عبارة عن نفى وجودهما بالطريق البرهاني، وتخصيص كل منهما بنفي مستقل لتأكيد انتفائهما.

والمراد: بعدم التبديل. أن العذاب لا يبدل بغيره. وبعدم التحويل: أنه لا يحول عن مستحقه إلى غيره. وجمع بينهما هنا: تعميما لتهديد المسيء لقبح مكره .

( استكبارا في الأرض ) أي : استكبروا عن اتباع آيات الله ، ( ومكر السيئ ) أي : ومكروا بالناس في صدهم إياهم عن سبيل الله ، ( ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ) [ أي : وما يعود وبال ذلك إلا عليهم أنفسهم دون غيرهم .

قال ابن أبي حاتم : ذكر علي بن الحسين ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياك ومكر السيئ ، فإنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ] ، ولهم من الله طالب " ، ، وقد قال محمد بن كعب القرظي : ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به من مكر أو بغي أو نكث ، وتصديقها في كتاب الله : ( ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ) . ( إنما بغيكم على أنفسكم ) [ يونس : 23 ] ، ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ) [ الفتح : 10 ] .

وقوله : ( فهل ينظرون إلا سنة الأولين ) يعني عقوبة الله لهم على تكذيبهم رسله ومخالفتهم أمره ، ( فلن تجد لسنة الله تبديلا ) أي لا تغير ولا تبدل ، بل هي جارية كذلك في كل مكذب ، ( ولن تجد لسنة الله تحويلا ) أي : ( وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ) [ الرعد : 11 ] ، ولا يكشف ذلك عنهم ويحوله عنهم أحد .

وقوله (اسْتِكْبَارًا فِي الأرْضِ) يقول: نفروا استكبارًا في الأرض وخدعة سيئة، وذلك أنهم صدوا الضعفاء عن اتباعه مع كفرهم به. والمكر هاهنا: هو الشرك.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَمَكْرَ السَّيِّئِ ) وهو الشرك. وأضيف المكر إلى السيئ ، والسيئ من نعت المكر كما قيل إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ وقيل: إن ذلك في قراءة عبد الله (وَمَكْرًا سَيِّئًا)، وفي ذلك تحقيق القول الذي قلناه من أن السيئ في المعنى من نعت المكر. وقرأ ذلك قراء الأمصار غير الأعمش وحمزة بهمزة محركة بالخفض. وقرأ ذلك الأعمش وحمزة بهمزة وتسكين الهمزة اعتلالا منهما بأن الحركات لما كثرت في ذلك ثقل، فسكَّنا الهمزة، كما قال الشاعر:

إذَا اعْوَجَجْنَ قُلْتُ صَاحِبْ قَوّمِ (1)

فسكن الباء لكثرة الحركات.

والصواب من القراءة ما عليه قراء الأمصار من تحريك الهمزة فيه إلى الخفض وغير جائز في القرآن أن يقرأ بكل ما جاز في العربية؛ لأن القراءة إنما هي ما قرأت به الأئمة الماضية، وجاء به السلف على النحو الذي أخذوا عمن قبلهم.

وقوله ( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ ) يقول: ولا ينـزل المكر السيئ إلا بأهله، يعني بالذين يمكرونه، وإنما عنى أنه لا يحل مكروه ذلك المكر الذي مكره هؤلاء المشركون إلا بهم.

وقال قتادة في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ ) وهو الشرك.

وقوله ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّةَ الأوَّلِينَ ) يقول تعالى ذكره: فهل ينتظر هؤلاء المشركون من قومك يا محمد إلا سنة الله بهم في عاجل الدنيا على كفرهم به أليم العقاب، يقول: فهل ينتظر هؤلاء إلا أن أحل بهم من نقمتي على شركهم بي وتكذيبهم رسولي مثل الذي أحللت بمن قبلهم من أشكالهم من الأمم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّةَ الأوَّلِينَ ) أي: عقوبة الأولين ( فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا ) يقول: فلن تجد يا محمد لسنة الله تغييرًا.

وقوله ( وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلا ) يقول: ولن تجد لسنة الله في خلقه تبديلا يقول: لن يغير ذلك ولا يبدله؛ لأنه لا مرد لقضائه.

------------------------

الهوامش:

(1) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 267) قال: وقوله (مكر السيئ): أضيف المكر إلى إلى السيئ، وهو هو. كما قال: (إن هذا لهو حق اليقين). وتصديق ذلك في رواية عبد الله: (ومكرًا سيئًا). وقوله (مكر السيئ) الهمزة في السيئ مخفوضة، وقد جزمها الأعمش وحمزة، لكثرة الحركات، كما قال: (لا يحزنهم الفزع الأكبر)؛ قال الشاعر:

إذَا اعْوَجَجْـنَ قلْـتُ صَـاحبْ قَـوّمِ

يريد: يا صاحبُ قوم، فجزم الباء لكثرة الحركات قال الفراء: حدثني الرواسي، عن أَبي عمرو بن العلاء: (لا يحزنهم) جزم : ا . هـ.

التدبر :

وقفة
[43] ﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ﴾ أَي: عُتُوًّا عنِ الإيمانِ، ﴿وَمَكْرَ السَّيِّئِ﴾ أَي: مكْر الْعملِ السيِّء؛ وهو الْكُفْر وخَدْعُ الضُّعَفَاءِ، وَصَدُّهُم عنِ الإيمانِ؛ ليكْثر أَتْباعهم.
وقفة
[43] ﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ حين يجتمع الكبر ومكر السوء فنهاية المتكبر الماكر محتومة.
وقفة
[43] ﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ من اشتد كِبْره كثر مكره وقلَّ اعتباره، يظن أن حيلته تنجيه من سنة الله في أمثاله.
وقفة
[43] ﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَحْوِيلًا﴾ فإذا لم يأمن أفراد الإنسان بعضهم بعضًا؛ تنكَّر بعضهم لبعض، وتبادروا الإِضرار والإِهلاك؛ ليفوز كل واحد بكيد الآخر قبل أن يَقع فيه؛ فيفضي ذلك إلى فساد كبير في العالم، والله لا يحب الفساد.
وقفة
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ قال ابن القيم: «وقد شاهد الناس عيانًا أن من عاش بالمكر مات بالفقر»، ثم ذكر رحمه الله أمثلة كثيرة ومهمة كأنها تحكي واقع الناس اليوم، تحسن مراجعتها في أواخر المجلد الأول من إغاثة اللهفان.
وقفة
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ تدبير الظالم في تدميره عاجلًا أو آجلًا.
وقفة
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ قانون سماوي يقرأه كل من ينظر في الآفاق.
عمل
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ لا تنوي الشر لغيرك، وتبحث عن توفيق الله!
وقفة
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ بقدر ما يركض النمامون لتشويه سمعة الأبرياء؛ ينزل الله بغض النمامين في قلوب خلقه، سنة الله لا تتبدل.
وقفة
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ أبى الله أن يقع في البئر إلا من حفر، وأن يحيـق المكر السيئ إلا بمن مكر.
وقفة
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ من مَكَرَ مُكِرَ به !
وقفة
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ الماكر ينزل مكره بمن أمامه, ومكرُهُ يحيط به من خلفه, لأن الإحاقة تعني الإحاطة من كل الجهات, وهذه عاقبة المكر.
وقفة
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ قال الآلوسي: «والآية عامة على الصحيح، والأمور بعواقبها، والله تعالى يمهل ولا يهمل، ووراء الدنيا الآخرة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، وبالجملة: من مكر به غيره، ونفذ فيه المكر عاجلًا في الظاهر، ففي الحقيقة هو الفائز، والماكر هو الهالك».
وقفة
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ في الحديث: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ» [ابن حبان 1107، وحسنه الألباني]، فالذي يمكر ويدبر الحيل والمكايد ليغش الناس يستحق النار.
وقفة
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ تتفنن أيها المسكين في المكر لغيرك، وما علمت أنك فريسته الأولى!
وقفة
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ لكل من يمكر مكر سوء: سيعود مكرك عليك؛ فارتقبه.
وقفة
[43] ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ هل يدرك صاحب المكر السئ أنه يمكر بنفسه؟ فليرفق بنفسه إذن!
وقفة
[43] قال علي رضي الله عنه: ثلاث هن راجعات إلى أهلها: المكر، والنكث، والبغي، ثم تلا قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ ، وقوله: ﴿فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ﴾، وقوله: ﴿إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم﴾.
وقفة
[43] اتق ثلاثة أمور فإنها سترجع إليك: 1- المكر: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾، 2- البغي: ﴿إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم﴾، 3- النكث: ﴿فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ﴾.
وقفة
[43] في القرآن: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ وفي أمثال العرب: من حفر حفرة لأخيه وقع فيهـا.
عمل
[43] لا تمكر، ولا تُعن ماكرًا، فإن الله يقول: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾.
وقفة
[43] الطيبة والتعاطف ليست سذاجة بقدر ما هي رحمة زرعها الله في قلوب عباده ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾؛ لن يضر إلا صاحبه.
وقفة
[43] يسعى الجاهل لتشويه صورتك وإسقاطك، ولا يزيدك ذلك إلا علوًّا وثباتًا! ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾.
عمل
[43] أبشر ولا تخف؛ فإن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾.
وقفة
[43] الكفر سبب لمقت الله، وطريق للخسارة والشقاء ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾.
وقفة
[43] ﴿إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ صُنَّاع المكائد ينسجونَها لأنفسِهم.
وقفة
[43] ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَحْوِيلًا﴾ أجرى الله العذاب على الكفار، وجعل ذلك سنة فيهم، فهو يعذب بمثله من استحقه، لا يقدر أحد أن يبدل ذلك، ولا أن يحول العذاب عن نفسه إلى غيره.
وقفة
[43] ﴿فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا﴾، ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَحْوِيلًا﴾ الأولى: تعني بأنها لا تبديل لها بغيرها, الثانية: تعني بأنها لا تتحول لغير مستحق.
وقفة
[43] ﴿فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا﴾ التبديل: تغيير الشيء عما كان عليه من قبل، وسنة الله لن تتبدل في المجرمين الذين انتهكوا حرمات الله في الأرض، ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَحْوِيلًا﴾ التحويل: نقل الشيء من مكان لآخر، وتغيير موضعه، وعذاب الله لن يتحول عن الظالمين المجرمين.
وقفة
[43] من قرأ القرآن وأنزل ما فيه من العبر على أحداث اليوم؛ سيرى عجبًا ﴿فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَحْوِيلًا﴾.
وقفة
[43] لو يُعنى الناس بدراسة السنن الإلهية أكثر مما يعنون بتحليلات ودراسات المستقبل التي هي مجرد اجتهادات بشرية؛ لأدركوا عواقب كثير من الأمور والأحداث، فالسنن مطردة لا تتغير ولا تتبدل: ﴿فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا﴾.
وقفة
[43] ما دمت علي الحق سائرًا، وعلي الله متوكلًا؛ فلا تخافن أبدًا من بطش ظالم، وتربص ماكر، فإن ربك لبالمرصاد ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ:
  • استكبارا: بدل من «نفورا» الواردة في الآية الكريمة السابقة. أو مفعول له. على معنى: فما زادهم الا ان نفروا استكبارا وعلوا. او تكون حالا بمعنى: مستكبرين وماكرين برسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) والمؤمنين. في الارض: جار ومجرور متعلق باستكبارا.
  • ﴿ وَمَكْرَ السَّيِّئِ:
  • الواو عاطفة. مكر: معطوفة على «استكبارا» منصوبة مثلها بالفتحة. السيئ: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى:ومكرا سيئا. ويجوز ان تكون معطوفة على «نفورا» واصله: وان مكروا السيئ: اي المكر السيئ ثم ومكروا السيئ ثم ومكر السيئ. والدليل عليه قوله تعالى وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ» فحذف الموصوف استغناء بوصفه ثم بدل ان مع الفعل بالمصدر ثم اضيف.
  • ﴿ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ:
  • الواو استئنافية تفيد التعليل. لا: نافية لا عمل لها. يحيق: اي يحيط‍: فعل مضارع مرفوع بالضمة. المكر: فاعل مرفوع بالضمة. السيئ: صفة-نعت-للمكر مرفوعة مثلها بالضمة.
  • ﴿ إِلاّ بِأَهْلِهِ:
  • اداة حصر لا عمل لها. بأهله: جار ومجرور متعلق بلا يحيق والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَهَلْ يَنْظُرُونَ:
  • الفاء استئنافية. هل: حرف استفهام لا عمل له.ينظرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ إِلاّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ:
  • اداة حصر لا عمل لها. سنة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الاولين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.بمعنى: انما ينظرون انزال العذاب او العقاب على الذين كذبوا برسلهم من الامم قبلهم اي الكفار الاولين. او الا ان تجيئهم سنة الله فيهم اي طريقته سبحانه في اخذ الاولين وتعذيبهم. وأصل «الأولين» صفة-نعت-لموصوف محذوف اقيمت مقامه.
  • ﴿ فَلَنْ تَجِدَ:
  • الفاء استئنافية. لن: حرف نفي ونصب واستقبال. تجد: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً:
  • جار ومجرور متعلق بالفعل «تجد».الله لفظ‍ الجلالة:مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة. تبديلا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً:
  • الجملة معطوفة بالواو على فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً» وتعرب اعرابها.'

المتشابهات :

الإسراء: 77﴿سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا
الأحزاب: 62﴿سُنَّةَ اللَّـهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا
الفتح: 23﴿سُنَّةَ اللَّـهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا
فاطر: 43﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَـ لَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَحْوِيلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ نفورَ كفار قريش؛ ذكَرَ هنا سبب النفور، وهو الاستكبار، قال تعالى:
﴿ اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

السيء:
1- بكسر الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بإسكانها، إجراء للوصل مجرى الوقف، أو لتوالى الحركات وإجراء للمنفصل مجرى المتصل، وهى قراءة الأعمش، وحمزة.
3- السيء، بهمزة ساكنة بعد السين وياء بعدها مكسورة، وهى قراءة ابن كثير.
يحيق:
قرئ:
بضم الياء، ونصب «المكر السيء» ، أي: ولا يحيق الله المكر السيء إلا بأهله.

مدارسة الآية : [44] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا ..

التفسير :

[44] أولم يَسِرْ كفار «مكة» في الأرض، فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كعاد وثمود وأمثالهم، وما حلَّ بهم من الدمار، وبديارهم من الخراب حين كذبوا الرسل، وكان أولئك الكفرة أشد قوة وبطشاً من كفار «مكة»؟ وما كان الله تعالى ليعجزه ويفوته من شيء في السموات

يحض تعالى على السير في الأرض، في القلوب والأبدان، للاعتبار، لا لمجرد النظر والغفلة، وأن ينظروا إلى عاقبة الذين من قبلهم ممن كذبوا الرسل، وكانوا أكثر منهم أموالا وأولادا وأشد قوة، وعمروا الأرضأكثر مما عمرها هؤلاء، فلما جاءهم العذاب، لم تنفعهم قوتهم، ولم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئا، ونفذت فيهم قدرة اللّه ومشيئته.

{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} لكمال علمه وقدرته{ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}

ثم ساق لهم- سبحانه- ما يؤكد عدم تغيير سنته في خلقه، بأن حضهم على الاعتبار بأحوال المهلكين من قبلهم، والذين يرون بأعينهم آثارهم، فقال- تعالى-: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً.

أى أعمى هؤلاء الماكرون عن التدبر، ولم يسيروا في الأرض، فيروا بأعينهم في رحلاتهم إلى الشام أو إلى اليمن أو إلى غيرهما، كيف كانت عاقبة المكذبين من قبلهم، لقد دمرناهم تدميرا، مع أنهم كانوا أشد من مشركي مكة قوة، وأكثر جمعا وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ أى وما كان من شأن الله- تعالى- أن يعجزه شيء من الأشياء، سواء أكان في السموات أم في الأرض. بل كل شيء تحت أمره وتصرفه.

إِنَّهُ- سبحانه- كانَ عَلِيماً بكل شيء قَدِيراً على كل شيء.

يقول تعالى : قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به من الرسالة : سيروا في الأرض ، فانظروا كيف كان عاقبة الذين كذبوا الرسل ؟ كيف دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها ، فخليت منهم منازلهم ، وسلبوا ما كانوا فيه من النعم بعد كمال القوة ، وكثرة العدد والعدد ، وكثرة الأموال والأولاد ، فما أغنى ذلك شيئا ، ولا دفع عنهم من عذاب الله من شيء ، لما جاء أمر ربك لأنه تعالى لا يعجزه شيء ، إذا أراد كونه في السماوات والأرض ؟ ( إنه كان عليما قديرا ) أي : عليم بجميع الكائنات ، قدير على مجموعها .

القول في تأويل قوله تعالى : أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44)

يقول تعالى ذكره: أولم يَسِرْ يا محمد هؤلاء المشركون بالله في الأرض التي أهلكنا أهلها بكفرهم بنا وتكذيبهم رسلنا فإنهم تجار يسلكون طريق الشأم ( فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) من الأمم التي كانوا يمرون بها ألم نهلكهم ونخرب مساكنهم ونجعلهم مثلا لمن بعدهم، فيتعظوا بهم وينـزجروا عمَّا هم عليه من عبادة الآلهة بالشرك بالله، ويعلموا أن الذي فعل بأولئك ما فعل ( وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) لن يتعذر عليه أن يفعل بهم مثل الذي فعل بأولئك من تعجيل النقمة والعذاب لهم.

وبنحو الذي قلنا في قوله ( وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم.

وقوله ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ ) يقول تعالى ذكره: ولن يعجزنا هؤلاء المشركون بالله من عبدة الآلهة المكذبون محمدًا، فيسبقونا هربًا في الأرض إذا نحن أردنا هلاكهم؛ لأن الله لم يكن ليعجزه شيء يريده في السماوات ولا في الأرض، ولن يقدر هؤلاء المشركون أن ينفذوا من أقطار السماوات والأرض. وقوله (إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا) يقول تعالى ذكره: إن الله كان عليمًا بخلقه، وما هو كائن، ومن هو المستحق منهم تعجيل العقوبة، ومن هو عن ضلالته منهم راجع إلى الهدى آيب، قديرا على الانتقام ممن شاء منهم، وتوفيق من أراد منهم للإيمان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[44] ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا﴾ السير سيران: سير الأبدان بالأقدام، وسير القلوب بالتأمل وصحة الأفهام، وسير القلوب أهم.
وقفة
[44] ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا﴾ قال ابن رجب: «سفر الدنيا ينقطع بسير الأبدان، وسفر الآخرة ينقطع بسير القلوب، قال رجل لبعض العارفين: قد قطعت إليك مسافة، قال: ليس هذا الأمر بقطع المسافات، فارق نفسك بخطوة، وقد وصلت إلى مقصودك».
وقفة
[44] ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ وقف عبد الملك بن مروان على قبر معاوية وعليه نبتة تهتز، فقال: « الحمد لله عشرين سنة أميرًا، وعشرين سنة خليفة، ثم صرت إلى هذا؟!».
عمل
[44] شاهد فيلمًا وثائقيًّا، أو صورًا عن براكين أو زلازل أو فيضانات، متأملًا قدرة الله عز وجل وضعف البشر ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾.
عمل
[44] ﴿وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ﴾ شفاؤك، زوال همِّك، أُمنياتك، لن تعجـز الله، فقط ثـق بربك.
عمل
[44] ﴿وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ مهما كان مرضك ومصابك وأمانيك؛ فَسَل العليم القدير الذي لا يعجزه شئ سبحانه.
وقفة
[44] ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْء في السماوات ولا في الأرض﴾ اللهم فرج همنا، ونفس كربنا، واقض عنا ديننا، واشف مرضانا، وارحم موتانا.
وقفة
[44] ﴿وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ عجز المريد عن تحقيق إرادته إما أن يكون سببه خفاء موضع تحقق الإِرادة؛ وهذا ينافي إحاطة العلم، أو عدم استطاعة التمكن منه؛ وهذا ينافي عموم القدرة.
عمل
[44] تمر علينا لحظات صعبة نعجز عن حلها، ويعجز من حولك عن مساعدتنا، فيأتي القرآن يعلمنا أنه لا صعب مع ربٍّ عليم قدير ﴿وَما كانَ اللَّهُ لِيُعجِزَهُ مِن شَيءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الأَرضِ إِنَّهُ كانَ عَليمًا قَديرًا﴾؛ فكن مع الله يغنيك عما سواه.

الإعراب :

  • ﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً:
  • هذا القول الكريم اعرب في الآية الشريفة التاسعة من سورة الروم.
  • ﴿ وَما كانَ اللهُ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله: اسمها مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ:
  • اللام لام الجحود-النفي-.يعجزه: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. من: حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. شيء: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لانه فاعل «يعجزه من شيء».وجملة كانَ اللهُ» مع خبرها ابتدائية لا محل لها من الاعراب. وجملة «يعجزه» صلة «ان» المصدرية المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «ان» المضمرة بعد لام الجحود وهي حرف جر يؤكد النفي الواقع على الفعل الناقص «كان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر «كان» المحذوف. التقدير: وما كان الله مريدا ان يعجزه شيء بمعنى لا يفوته شيء.
  • ﴿ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ:
  • جار ومجرور في محل جر صفة-نعت- لشيء على اللفظ‍.وفي محل رفع على المحل والواو عاطفة. و «لا» زائدة لتأكيد النفي. في الارض: معطوفة على فِي السَّماااتِ» وتعرب مثلها.
  • ﴿ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» .والجملة الفعلية بعده في محل رفع خبرها. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عليما قديرا: خبرا «كان» منصوبان بالفتحة.ويجوز ان يكون «قديرا» صفة-نعتا-لعليما.'

المتشابهات :

يوسف: 109﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰٓۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا
غافر: 82﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً
محمد: 10﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ دَمَّرَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ
الروم: 9﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ
فاطر: 44﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أنَّ للأوَّلينَ سُنَّةً، وهي: الإهلاكُ؛ ذَكَّرَ كفار قريش بما يشاهدُونه في رحلاتِهم إلى الشَّامِ واليمنِ من آثارِ تدميرِ منازلِ المكذبينَ، قال تعالى:
﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف