49912345678910111213

الإحصائيات

سورة الجاثية
ترتيب المصحف45ترتيب النزول65
التصنيفمكيّةعدد الصفحات3.50
عدد الآيات37عدد الأجزاء0.16
عدد الأحزاب0.33عدد الأرباع1.30
ترتيب الطول46تبدأ في الجزء25
تنتهي في الجزء25عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 26/29الحواميم: 6/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (6) عدد الآيات (6)

تنزيلُ القرآنِ من اللَّهِ، ثُمَّ بيانُ أدلَّةِ وجودِ اللهِ ووحدانيتِه وقدرتِه: خلقُ السَّمواتِ والأرضِ، وخلقُ البشرِ والدَّوابِ، وتعاقبُ الليلِ والنَّهارِ، وإنزالُ المطرِ، وتسخيرُ الرِّياحِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (7) الى الآية رقم (11) عدد الآيات (5)

بعدَ ذكرِ الأدلةِ السَّابقةِ؛ هدَّدَ اللهُ هنا مَنْ أصَرَّ على كفرِه واستَكْبَرَ عن اتِّباعِ الحقِّ بعد ظهورِه، وتوعَّدَه بجَهنَّمَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (12) الى الآية رقم (13) عدد الآيات (2)

أدلَّةٌ أخرى على وجودِ اللَّهِ ووحدانيتِه وقدرتِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الجاثية

التحذير من التكبر والتعالي/ الحساب الجماعي للأمم يوم القيامة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • كيف عرفنا مقصد السورة؟:   الجواب: من أول السورة ونهايتها: في أولها: ﴿يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (8). وفي نهايتها: ﴿وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (37).
  • • سورة الجاثية تحذر المتكبرين على آيات الله::   بينت السورة كثيرًا من آيات الله: ﴿إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ (3-6) ثم حذرت من التكبر على آيات الله: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ (7-9).
  • • الكبرياء لا يكون إلا لله::   ولأن المتكبر ينازع الله تعالى في صفة من صفاته، تختم السورة بآية تهزّ كل من في قلبه هذه الصفة الخطيرة: ﴿وَلَهُ ٱلْكِبْرِيَاء فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعِزِيزُ ٱلْحَكِيمُ﴾
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الجاثية».
  • • معنى الاسم ::   الجاثية: اسم فاعل مؤنث من جثا يجثو، أي جلس على ركبتيه للخصومة ونحوها.
  • • سبب التسمية ::   لورود هذه الكلمة في الآية (28)، وسميت كذلك ‏للأهوال ‏التي ‏يلقاها ‏الناس ‏يوم ‏الحساب، ‏حيث ‏تجثو ‏الخلائق ‏من ‏الفزع ‏على ‏الرُّكب ‏في ‏انتظار ‏الحساب‏‏.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة حم الجاثية» تسمية لها بمفتتحها، و«سورة الشريعة»؛ لاختصاصها بهذا اللفظ في الآية (18)، و«سورة الدَّهر».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   ذل الأمم التي استكبرت في الدنيا، وتعلقت بالمظاهر واغترت بالسلطة.
  • • علمتني السورة ::   أن من صفات المؤمن: يغفر ويسامح من ظلمه رغبة فيما عند الله تعالى: ﴿قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّـهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الإنسان قد يعلم الحقيقة ويعرض عنها بسبب: الاستعلاء والتكبر واتباع هواه، فيزين له الشيطان عمله: ﴿وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ ۖ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   تذكَّرْ أنَّ كلَّ ما أخفيتَه سيَظهرُ يومَ القيامةِ: ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ عَدُوَّكُمْ غَدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حَم لاَ يُنْصَرُونَ». قال القاضي عياض: «أي علامتُكُمُ التي تَعْرِفُونَ بها أصحابَكم هذا الكلامُ، والشِّعارُ في الأصلِ العلامةُ التي تُنْصَبُ لِيَعْرِفَ بها الرَّجُلُ رُفْقَتَهُ، و(حم لا ينصرون) معناهُ بفضلِ السُّورِ المفتتحةِ بِحم ومنزلَتِها من اللهِ لا يُنْصَرون»، و(سورة الجاثية) من السور المفتتحة بـ (حم).
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الجاثية من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
    • عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: «الْحَوَامِيمَ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ». وديباج القرآن: أي زينته، و(سورة الجاثية) من الحواميم.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة الجاثية هي السورة السادسة من الحواميم أو آل (حم)، وهي سبع سور متتالية، وهي: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وأطلق عليها بعض العلماء: عرائس القرآن، وكلها مكية.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نحذر التكبر أو التعالي على الآخرين.
    • أن نتجنب هذه الصافات القبيحة: أفاك: (كثير الكذب)، أثيم (من يرتكب أسوأ المعاصي والسيئات)؛ فقد توعدهم الله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ (7).
    • أن نتذكر معصية فعلناها، ثم نتذكر آية تنهى عنها، ثم نستغفر الله سبحانه: ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ۞ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (7، 8).
    • أن نحذر من صفات الأفاك الأثيم: يسمع آيات الله فيتكبر ويعرض عنها، وإذا علم هذه الآيات استهزأ بها: ﴿يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ... اتَّخَذَهَا هُزُوًا﴾ (8، 9).
    • أن نتفكر في مخلوقات الله؛ فهذا من أنفع ما يعين العبد على شكر الله وتوحيده: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (13).
    • أن نتذكر دومًا أن أعمالنا محصاة علينا من خير وشر: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۖ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ (15).
    • أن نتفقد قلوبنا، فإن كان فيه حسدٌ لأحدٍ فندعو له بالخيرِ، ونسأل الله أن يطهِّر قلوبنا: ﴿بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ (17).
    • أن نتبع الكتاب والسنة، ونحذر من أهواء الذين لا يعلمون؛ فإنهم سيتبرؤون منا يوم القيامة ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا﴾ (18، 19).
    • أن نحسن العمل؛ فكل أعمالنا مستنسخة في كتبنا، وأن نحاسب أنفسنا قبل الجثو على الركب للحساب أمام رب العالمين: ﴿وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ... إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (28، 29).
    • أن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب: ﴿هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ﴾ (29).

تمرين حفظ الصفحة : 499

499

مدارسة الآية : [1] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ حم

التفسير :

[1] ﴿ حمٓ ﴾ سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.

تقدم تفسير الحروف المقطعة

مقدمة وتمهيد

1- سورة «الجاثية» هي السورة الخامسة والأربعون في ترتيب المصحف. وكان نزولها بعد سورة «الدخان» . وعدد آياتها سبع وثلاثون آية في المصحف الكوفي، وست وثلاثون في غيره، لاختلافهم في قوله- تعالى- حم، هل هو آية مستقلة أولا.

2- وقد افتتحت هذه السورة بالثناء على القرآن الكريم، وبدعوة الناس إلى التدبر والتأمل في هذا الكون العجيب، وما اشتمل عليه من سموات وأرض، ومن ليل ونهار، ومن أمطار ورياح.. فإن هذا التأمل من شأنه أن يهدى إلى الحق، وإلى أن لهذا الكون إلها واحدا قادرا حكيما، هو الله رب العالمين.

قال- تعالى-: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ. إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ.

3- ثم توعد- سبحانه- بعد ذلك الأفاكين بأشد أنواع العذاب، لإصرارهم على كفرهم، واتخاذهم آيات الله هزوا.

قال- تعالى-: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها، فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ. وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ.

4- ثم انتقلت السورة الكريمة إلى بيان جانب من نعم الله- تعالى- على خلقه، تلك النعم التي تتمثل في البحر وما اشتمل عليه من خيرات، وفي السموات والأرض وما فيهما من منافع.

قال- سبحانه-: اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ، وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ، وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.

5- ثم بين- سبحانه- موقف بنى إسرائيل من نعم الله- تعالى-، وكيف أنهم قابلوا ذلك بالاختلاف والبغي، ونهى- سبحانه- نبيه صلّى الله عليه وسلّم عن الاستماع إليهم، وبين أنه لا يستوي عنده- عز وجل- الذين اجترحوا السيئات، والذين عملوا الصالحات.

فقال- تعالى-: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ، أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ. وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ، وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ.

ثم حكى بعض الأقوال الباطلة التي تفوه بها الكافرون، ورد عليها بما يزهقها ويثبت كذبها، قال- تعالى-: وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ، وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ. وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

6- ثم أخذت السورة الكريمة في أواخرها، في بيان أهوال يوم القيامة، وفي بيان عاقبة الأخيار وعاقبة الأشرار.

قال- تعالى-: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ. وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا، أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ، فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ.

7- ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بالثناء على ذاته بما هو أهله، فقال- تعالى-: فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ، رَبِّ الْعالَمِينَ، وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

هذا، والمتدبر في هذه السورة الكريمة، يراها تدعو الناس إلى التفكر فيما اشتمل عليه هذا الكون من آيات دالة على وحدانية الله- تعالى- وكمال قدرته، كما أنه يراها تحكى بشيء من التفصيل أقوال المشركين وترد عليها، وتبين سوء عاقبتهم كما يراها تسوق ألوانا من نعم الله على خلقه، وتدعو المؤمنين إلى التمسك بكتاب ربهم، وتبشرهم بأنهم متى فعلوا ذلك ظفروا برضوان الله تعالى وثوابه.

فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته، ذلك هو الفوز المبين، كما يراها تهتم بتفصيل الحديث عن أهوال يوم القيامة، لكي يفيء الناس إلى رشدهم، ويستعدوا لاستقبال هذا اليوم بالإيمان والعمل الصالح.

قال- تعالى-: وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً، كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا، الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ، إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

نسأل الله- تعالى- أن ينجينا من أهوال هذا اليوم، وأن يحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. ذلك الفضل من الله، وكفى بالله عليما.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

سورة " الجاثية " من السور التى افتتحت ببعض حروف التهجى ، وقد سبق أن قلنا ، إن هذه الحروف الرأى الراجح فى معناها ، أنها سيقت للتنبيه على إعجاز القرآن ، وعلى أنه من عند الله - عز وجل - .

قد اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور فمنهم من قال هي مما استأثر الله بعلمه فردوا علمها إلى الله ولم يفسرها حكاه القرطبي في تفسـره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره أبو حاتم بن حبان.

ومنهم من فسرها واختلف هؤلاء في معناها فقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم إنما هي أسماء السور.

قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر ونقل عن سيبويه أنه نص عليه ويعتضد لهذا بما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة "الم" السجدة و "هل أتى على الإنسان" وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: الم وحم والمص وص.

فواتح افتتح الله بها القرآن وكذا قال غيره عن مجاهد وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عن شبل عن ابن أبي نجيح عنه أنه قال الم اسم من أسماء القرآن وهكذا وقال قتادة وزيد بن أسلم ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبدالرحمن بن زيد بن أسلم أنه اسم من أسماء السور فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن فإنه يبعد أن يكون المص اسما للقرآن كله لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول قرأت المص إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف لا لمجموع القرآن والله أعلم.

وقيل هي اسم من أسماء الله تعالى فقال عنها في فواتح السور من أسماء الله تعالى وكذلك قال سالم بن عبدالله وإسماعيل بن عبدالرحمن السدي الكبير وقال شعبة عن السدي بلغني أن ابن عباس قال الم اسم من أسماء الله الأعظم.

هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي عن شعبة قال سألت السدي عن حم وطس والم فقال قال ابن عباس هي اسم الله الأعظم.

القول في تأويل قوله تعالى : حم (1)

قد تقدم بياننا في معنى قوله (حم) .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[1] ﴿حم﴾ الأحرف المقطعة للتنبيه على المادة الأولية التي تتألف منها السورة والقرآن الكريم، وهي متاحة لجميع الناطقين بالعربية، ومع هذا يعجزون أن يؤلِّفوا منها كتابًا كهذا القرآن.
وقفة
[1] ﴿حم﴾ كل سورة ابتدأت بالحروف الهجائية المقطَّعة فهي سورة مكية، إلا سورتين: البقرة وآل عمران، فإنهما مدنيتان.

الإعراب :

  • ﴿ حم
  • أعربت وشرحت في سورة «المؤمن» غافر.'

المتشابهات :

غافر: 1﴿ حم تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ
فصلت: 1﴿ حم تَنزِيلٞ مِّنَ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ
الشورى: 1﴿ حم عٓسٓق
الزخرف: 1﴿ حم وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ
الدخان: 1﴿ حم وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ
الجاثية: 1﴿ حم تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ
الأحقاف: 1﴿ حم تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     افتُتِحَت هذه السُّورةُ العظيمةُ بالحُروفِ المُقطَّعة؛ للإشارة إلى إعجازِ القُرآنِ؛ إذ تشير إلى عجزِ الخَلْقِ عن معارَضَتِه بالإتيانِ بشيءٍ مِن مِثلِه، مع أنَّه مُركَّبٌ من هذه الحُروفِ العربيَّةِ التي يتحدَّثونَ بها، قال تعالى:
﴿ حم

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [2] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ ..

التفسير :

[2] هذا القرآن منزل من الله العزيز في انتقامه من أعدائه، الحكيم في تدبير أمور خلقه.

يخبر تعالى خبرا يتضمن الأمر بتعظيم القرآن والاعتناء به وأنه{ تَنْزِيلُ}{ مِنَ اللَّهِ} المألوه المعبود لما اتصف به من صفات الكمال وانفرد به من النعم الذي له العزة الكاملة والحكمة التامة.

وقوله- سبحانه-: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ بيان لمصدر هذا القرآن، وأنه من عند الله- تعالى- لا من عند غيره.

أى: هذا القرآن من الله- تعالى- صاحب العزة التي لا عزة سواها، وصاحب الحكمة التي لا تقاربها حكمة، فهو- سبحانه- القاهر فوق عباده وهو الحكيم في كل تصرفاته.

يخبر تعالى أنه أنزل الكتاب على عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين ووصف نفسه بالعزة التي لا ترام والحكمة في الأقوال والأفعال.

وأما قوله: ( تَنـزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ ) فإن معناه: هذا تنـزيل القرآن من عند الله (العَزِيزِ) في انتقامه من أعدائه (الحَكِيمِ) في تدبيره أمر خلقه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[2] ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ إِيثار وصفَيِ (الْعزِيزِ الْحكيمِ) بِالذكْرِ دون غَيرِهما من الأسماء الْحسنى لإِشعارِ وصف الْعزِيزِ بِأَن ما نزل منه مناسب لعزته؛ فَهو كتاب عزِيز كَما وصفَه تعالَى بِقَوله: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ [فصلت: 41]؛ أي هو غالب لمعانديه؛ وذلك لأنه أعجزهم عن معارضته، ولإشعار وصف (الحكيم) بأن ما نزل من عنده مناسب لحكمته.
وقفة
[2] ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ سبحان من أعزَّ عباده المؤمنين بإنزال الكتاب عليهم وعملهم به، والمحكم لكتابه عن التبديل والتغيير.

الإعراب :

  • ﴿ تَنْزِيلُ الْكِتابِ:
  • خبر حم» بتقدير: تنزيل حم تنزيل الكتاب وقد حذف المضاف المبتدأ «تنزيل» وحل محله المضاف اليه حم» الكتاب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ مِنَ اللهِ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق بتنزيل. أو تكون حم» تعديدا للحروف فيكون تنزيل الكتاب مبتدأ والجار والمجرور «لله» أي شبه الجملة أو الظرف متعلقا بالخبر.
  • ﴿ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ:
  • صفتان-نعتان-للفظ‍ الجلالة مجروران وعلامة جرهما الكسرة.'

المتشابهات :

غافر: 2﴿ تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
الزمر: 1﴿ تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
الجاثية: 2﴿ تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
الأحقاف: 2﴿ تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     وبعد البدء بالحُروفِ المُقطَّعة التي تشير إلى إعجازِ القُرآنِ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا مصدرَ القرآن، قال تعالى:
﴿ تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [3] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ ..

التفسير :

[3] إن في السموات السبع، والأرض التي منها خروج الخلق، وما فيها من المخلوقات المختلفة الأجناس والأنواع، لأَدلة وحججاً للمؤمنين بها.

ثم أيد ذلك بما ذكره من الآيات الأفقية والنفسية من خلق السماوات والأرض

ثم ساق- سبحانه- ستة أدلة على وحدانيته، وكمال قدرته، وجلال عظمته ويتمثل الدليل الأول في قوله- تعالى-: إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ أى: إن في خلق هذه السموات المزينة بالمصابيح، والتي لا ترى فيه من تفاوت، والمرفوعة بغير عمد ... وفي خلق الأرض الممهدة المفروشة المثبتة بالجبال.. في كل ذلك لبراهين ساطعة للمؤمنين، على أن الخالق لهما هو الله- تعالى- وحده، المستحق للعبادة والطاعة.

فالمراد بقوله- تعالى-: إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.. أى: إن في خلقهما، كما صرح- سبحانه- بذلك في آيات كثيرة، منها قوله- تعالى-: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ، لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ .

والمراد بالآيات: الدلائل والبراهين الدالة على قدرته- سبحانه- ووحدانيته.

يرشد تعالى خلقه إلى التفكر في آلائه ونعمه وقدرته العظيمة التي خلق بهما السموات الأرض.

وقوله: ( إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ) يقول تعالى ذكره: إن في السموات السبع اللاتي منهنّ نـزول الغيث, والأرض التي منها خروج الخلق أيها الناس ( لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ) يقول: لأدلة وحججا للمصدّقين بالحجج إذا تبيَّنوها ورأوها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[3] ﴿إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ وأنتم تقرؤون هذه الآية تأملوا قوله ﷺ: «تَفَكَّرُوا في آلاء الله، ولا تَفَكَّرُوا في الله» [الطبراني في الأوسط 6456، وحسنه الألباني].
اسقاط
[3] ﴿إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ لَآياتٍ لِلمُؤمِنينَ﴾ الآيات لا يراها ويتأملها ويتفكر فيها إلا المؤمن، فهل أنت كذلك؟
وقفة
[3، 4] آيات الله تعالى في الكون شاخصة لكل ذي بصيرة وبصر، تزيد الإيمان واليقين، قال تعالى: ﴿إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين * وفي خلقكم وما يبث من دآبة آيات لقوم يوقنون﴾، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ».

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في السموات: جار ومجرور متعلق بخبر انّ المقدم. والأرض: معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها أو يكون المعنى على حذف المضاف المجرور أي ان في خلق السموات والأرض بدليل الآية التالية وَفِي خَلْقِكُمْ».
  • ﴿ لَآياتٍ:
  • اللام: لام التوكيد-المزحلقة-آيات: اسم «ان» مؤخر منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.
  • ﴿ لِلْمُؤْمِنِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لآيات وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. بمعنى لمعجزات بارعات للمؤمنين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     ولَمَّا أخبَرَ تعالى أنَّ هذا الكِتابَ الكريمَ أنزَلَه العَزيزُ الحَكيمُ؛ أعقَبَ ذلك بنتائِجِ العِزَّةِ والحِكمةِ، فذكرَ تعالى ستة أدلة على وحدانيةِ اللهِ وقدرتِه ونِعَمِه: الدَّلِيلُ الأوَّلُ: خَلْقُ السماوات والأرض، قال تعالى:
﴿ إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [4] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن ..

التفسير :

[4] وفي خَلْقكم-أيها الناس- وخَلْق ما تفرق في الأرض من دابة تَدِبُّ عليها، حجج وأدلة لقوم يوقنون بالله وشرعه.

وما بث فيهما من الدواب وما أودع فيهما من المنافع وما أنزل الله من الماء الذي يحيي به الله البلاد والعباد.

والدليل الثاني والثالث قوله- تعالى-: وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ.

قوله: وَفِي خَلْقِكُمْ جار ومجرور خبر مقدم، وقوله: آياتٌ مبتدأ مؤخر.

أى: وفي خلقكم- أيها الناس- من نطفة، فعلقة، فمضغة.. إلى أن نخرجكم من بطون أمهاتكم.. وفيما نبثه وننشره ونوجده من دواب لا تعد ولا تحصى على ظهر الأرض.

في كل ذلك آياتٌ بينات، وعلامات واضحات، على كمال قدرتنا، لقوم يوقنون بأن القادر على هذا الخلق، إنما هو الله- تعالى- وحده.

وما فيهما من المخلوقات المختلفة الأجناس والأنواع من الملائكة والجن والإنس والدواب والطيور والوحوش والسباع والحشرات وما في البحر من الأصناف المتنوعة.

القول في تأويل قوله تعالى : وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4)

يقول تعالى ذكره: وفى خلق الله إياكم أيها الناس, وخلقه ما تفرّق في الأرض من دابة تدّب عليها من غير جنسكم ( آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) يعني: حججا وأدلة لقوم يوقنون بحقائق الأشياء, فيقرّون بها, ويعلمون صحتها.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) وفي التي بعد ذلك فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة (آياتٌ) رفعا على الابتداء, وترك ردّها على قوله لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ , وقرأته عامة قرّاء الكوفة (آياتٍ) خفضا بتأويل النصب ردّا على قوله لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ .

وزعم قارئو ذلك كذلك من المتأخرين أنهم اختاروا قراءته كذلك, لأنه في قراءة أُبيّ في الآيات الثلاثة (لآياتٍ) باللام فجعلوا دخول اللام في ذلك في قراءته دليلا لهم على صحة قراءة جميعه بالخفض, وليس الذي اعتمدوا عليه من الحجة في ذلك بحجة, لأنه لا رواية بذلك عن أبيّ صحيحة, وأبيّ لو صحت به عنه رواية, ثم لم يُعلم كيف كانت قراءته بالخفض أو بالرفع لم يكن الحكم عليه بأنه كان يقرؤه خفضا, بأولى من الحكم عليه بأنه كان يقرؤه رفعا, إذ كانت العرب قد تدخل اللام في خبر المعطوف على جملة كلام تامّ قد عملت في ابتدائها " إن ", مع ابتدائهم إياه, كما قال حُمَيد بن ثَور الهِلاليّ:

إنَّ الخِلافَـــةَ بَعْـــدَهُمْ لَذَميمَــةٌ

وَخَــلائِفٌ طُــرُفٌ لَمِمَّــا أحْـقِرُ (1)

فأدخل اللام في خبر مبتدأ بعد جملة خبر قد عملت فيه " إن " إذ كان الكلام, وإن ابتدئ منويا فيه إن.

والصواب من القول في ذلك إن كان الأمر على ما وصفنا أن يقال: إن الخفض في هذه الأحرف والرفع قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار قد قرأ بهما علماء من القرّاء صحيحتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

------------------------

الهوامش:

(1) لم أجد البيت في ديوان حميد بن ثور الهلالي طبعة دار الكتب المصرية . والخلاف الطرف : هم الذين خلفوا بعد آبائهم القدماء . يقول : إن الخلافة بعد الخلفاء الأولين صارت ذميمة ، والخلفاء المحدثون محتقرون في عيني ، لأنهم لا يسلكون مسلك آبائهم . والشاهد في البيت أن الشاعر استأنف بالواو جملة من مبتدأ وخبر مرفوعين بعد الجملة الأولى التي مبتدؤها منصوب بأن ، وذلك كما في الآية : "إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون" . ا . هـ . وقال الفراء في معاني القرآن (الورقة 299) قوله " وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات": تقرأ الآيات بالخفض، على تأويل النصب ، يرد على قوله "إن في السموات والأرض لآيات" . ويقوي الخفض فيها أنها في قراءة عبد الله بن مسعود : لآيات . وفي قراءة أُبي لآيات. والرفع قراءة الناس على الاستئناف فيما بعد أن . والعرب تقول : إن لي عليك مالا ، وعلى أخيك مال كثير ، فينصبون الثاني ويرفعونه وفي قراءة عبد الله : "وفي اختلاف الليل والنهار" فهذه تقوي خفض الاختلاف . ولو رفع رافع فقال: "واختلاف الليل والنهار آيات" أيضا ، يجعل الاختلاف آيات ، ولم نسمعه من أحد من القراء . قال : ولو رفع رافع الآيات وفيها اللام ، كان صوابا. قال : أنشدني الكسائي "إن الخلافة.." البيت.

التدبر :

عمل
[4] ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ تأمل طريقة مشي الإنسان والبعير والحية، واكتب الفرق بينها، وعلى ماذا يدل هذا الاختلاف؟
وقفة
[4] ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ خلقك الله من نطفة مهينة، ثم صوَّرك من هذه النطفة في أحسن صورة، وخلق من قطرة ماء إنسانًا في أحسن تقويم.
وقفة
[4] ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ ما أجمل قول القائل: أَتَزعُمُ أَنَّكَ جُرمٌ صَغير ... وَفيكَ اِنطَوى العالَمُ الأَكبَرُ

الإعراب :

  • ﴿ وَفِي خَلْقِكُمْ:
  • الواو عاطفة. في خلقكم: جار ومجرور معطوف على في السموات والأرض أو في خلق السموات والأرض. الكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. وشبه الجملة الجار والمجرور فِي خَلْقِكُمْ» في محل رفع خبر مقدم.
  • ﴿ وَما يَبُثُّ:
  • الواو عاطفة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر معطوف على «خلق» و «يبث» فعل مضارع مرفوع وعلامة رفع الفعل الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يبث» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير وما يبثه.
  • ﴿ مِنْ دابَّةٍ:
  • من: حرف جر بياني والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» التقدير: وما يبثه حالة كونها من الدواب بمعنى وما ينشر في الأرض من مخلوقات تدب عليها.
  • ﴿ آياتٌ لِقَوْمٍ:
  • مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وخبره المقدم فِي خَلْقِكُمْ» أو تكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: هي آيات. لقوم: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من آيات أي بارعات لقوم.
  • ﴿ يُوقِنُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة في محل جر صفة-نعت-لقوم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     الدَّلِيلُ الثاني: خَلْقُ الإنسان. الدَّلِيلُ الثالثُ: خَلْقُ الدَّوَابِّ وسائِرِ المَخْلُوقات، قال تعالى :
﴿ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

آيات:
1- جمعا، بالرفع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- جمعا، بالنصب، وهى قراءة الأعمش، والجحدري، وحمزة، والكسائي، ويعقوب.
3- بالتوحيد، رفعا، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [5] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ ..

التفسير :

[5] وفي اختلاف الليل والنهار وتعاقبِهما عليكم، وما أنزل الله من السماء من مطر فأحيا به الأرض بعد يُبْسها، فاهتزت بالنبات والزرع، وفي تصريف الرياح لكم من جميع الجهات وتصريفها لمنافعكم، أدلةٌ وحججٌ لقوم يعقلون عن الله حججه وأدلته.

والدليل الرابع قوله- تعالى-: وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ.. والمراد باختلافهما:

تفاوتهما طولا وقصرا، وتعاقبهما دون أن يسبق أحدهما الآخر كما قال- تعالى-:

لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ، وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ، وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ .

وكون الليل والنهار يسيران على هذا النظام الدقيق المطرد الذي لا ينخرم، دليل على أن هذا الاختلاف، تدبير من إله قادر حكيم، لا يدخل أفعاله تفاوت أو اختلال.

والدليل الخامس قوله- تعالى-: وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها.

وقوله: وَما أَنْزَلَ اللَّهُ.. معطوف على اخْتِلافِ، والمراد من السماء: جهة العلو.

والمراد بالرزق: المطر الذي ينزل من السحاب، وسمى رزقا لأن المطر سبب لأرزاق العباد.

أى: ومن الآيات الدالة على قدرته- سبحانه-: إنزاله المطر من السماء فينزل على الأرض، فتهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج، بعد أن كانت جدباء هامدة.

وأما الدليل السادس فهو قوله- تعالى-: وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ: والمراد بتصريفها:

تقليبها في الجهات المختلفة، ونقلها من حال إلى حال، وتوجيهها على حسب مشيئته- سبحانه-، فتارة تراها حارة، وتارة تراها باردة.

أى: ومن الآيات الدالة على وحدانيته وقدرته، تقليبه- سبحانه- للرياح كما يشاء ويختار.

وفي ذلك الذي بيناه لكم آياتٌ واضحات على قدرتنا لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ذلك.

قال الجمل في حاشيته: وحاصل ما ذكر هنا من الدلائل ستة، على ثلاث فواصل: الأولى لِلْمُؤْمِنِينَ، والثانية يُوقِنُونَ، والثالثة، يَعْقِلُونَ.

ووجه التغاير بينها، أن المنصف من نفسه إذا نظر في السموات والأرض وأنه لا بد لهما من صانع آمن، وإذا نظر في خلق نفسه ونحوها، ازداد إيمانا فأيقن. وإذا نظر في سائر الحوادث عقل واستحكم علمه، فاختلاف الفواصل الثلاث، لاختلاف الآيات في الدقة والظهور .

وما ذكر في هذه الآيات الكريمة من أدلة ساطعة على قدرة الله ووحدانيته جاء في آيات كثيرة، من أجمعها قوله- تعالى-: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ، وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ، وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ، وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ، لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ .

وبعد أن ذكر- سبحانه- هذه الأدلة الكونية الساطعة التي تحمل الناس على إخلاص العبادة له وحده، أتبع ذلك بتهديد الذين عموا عنها، والذين اتخذوا آيات الله هزوا..

فقال- تعالى-:

واختلاف الليل والنهار في تعاقبهما دائبين لا يفتران ، هذا بظلامه وهذا بضيائه ، وما أنزل الله تعالى من السحاب من المطر في وقت الحاجة إليه ، وسماه رزقا ; لأن به يحصل الرزق ، ( فأحيا به الأرض بعد موتها ) أي : بعد ما كانت هامدة لا نبات فيها ولا شيء .

وقوله : ( وتصريف الرياح ) أي : جنوبا وشآما ، ودبورا وصبا ، بحرية وبرية ، ليلية ونهارية . ومنها ما هو للمطر ، ومنها ما هو للقاح ، ومنها ما هو غذاء للأرواح ، ومنها ما هو عقيم [ لا ينتج ] .

وقال أولا ) لآيات للمؤمنين ) ، ثم ) يوقنون ) ثم ) يعقلون ) وهو ترق من حال شريف إلى ما هو أشرف منه وأعلى . وهذه الآيات شبيهة بآية " البقرة " وهي قوله : ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ) [ البقرة : 164 ] . وقد أورد ابن أبي حاتم هاهنا عن وهب بن منبه أثرا طويلا غريبا في خلق الإنسان من الأخلاط الأربعة .

القول في تأويل قوله تعالى : وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)

يقول تبارك وتعالى ( وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) أيها الناس, وتعاقبهما عليكم, هذا بظلمته وسواده وهذا بنوره وضيائه ( وَمَا أَنـزلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ ) وهو الغيث الذي به تخرج الأرض أرزاق العباد وأقواتهم, وإحيائه الأرض بعد موتها: يقول: فأنبت ما أنـزل من السماء من الغيْث ميت الأرض, حتى اهتزّت بالنبات والزرع من بعد موتها, يعني: من بعد جدوبها وقحوطها ومصيرها دائرة لا نبت فيها ولا زرع.

وقوله ( وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ) يقول: وفي تصريفه الرياح لكم شمالا مرّة, وجنوبا أخرى, وصبًّا أحيانا, ودبورا أخرى لمنافعكم.

وقد قيل: عنى بتصريفها بالرحمة مرّة, وبالعذاب أخرى.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ) قال: تصريفها إن شاء جعلها رحمة; وإن شاء جعلها عذابا.

وقوله ( آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) يقول تعالى ذكره: في ذلك أدلة وحجج لله على خلقه, لقوم يعقلون عن الله حججه, ويفهمون عنه ما وعظهم به من الآيات والعبر.

التدبر :

عمل
[5] ﴿وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ اكتب ثلاث فوائد ومنافع من تعاقب الليل والنهار.
لمسة
[5] ﴿وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ﴾ وسماه رزقًا؛ لأن به يحصل الرزق.
وقفة
[5] ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ﴾ آية في تنوع جهاتها، آية في سرعتها وأنواعها، آية في قوتها، آية في مُهمتها، ألا ما أعظم آيات الله؟!
وقفة
[5] ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ﴾ في تنوع جهاتها، وفي قوتها، فلو أن جميع مكائن الدنيا كلها اجتمعت، وصارت على أقوى ما يكون من نَفْث هواء لا يمكن أن تحرك ساكنًا إلا فيما حولها فقط؛ لكن أن تصل من أقصى الشمال إلى الجنوب، أو بالعكس فلا.
وقفة
[5] ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ﴾ إن شاء جعلها رحمة، وإن شاء جعلها عذابًا، ومنها ما هو للمطر، ومنها ما هو لللقاح، ومنها الرياح الباردة والساخنة، ولكل نوع منها خصائص وآثار تختلف بحسب اختلاف نوع الريح.
وقفة
[5] ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ ألا إن العاقل حقًّا إذا شاهد قدرة الله في تصريف هذه الرياح وتقليبها شمالًا وجنوبًا، وليلاً ونهارًا، وما تحمله من أمطار وأخطار، أورثه ذلك تعظيمًا لله، وخوفًا من عذابه، ولم يأمن مكر الله: ﴿أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾.
وقفة
[5] ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ قال ابن الجوزي: «إن أعظم النعم على الإنسان العقل؛ لأنه الآلة في معرفة الإله سبحانه، والسبب الذي يتوصل به إلى تصديق الرسل؛ إلا أنه لما لم ينهض بكل المراد من العبد، بعث الرسل وأنزلت الكتب؛ فمثال الشرع: الشمس، ومثال العقل: العين؛ فإذا فتحت وكانت سليمة، رأت الشمس».
وقفة
[5] ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ العاقل إذا شاهد الرياح وتقليبها أورثه ذلـك تعظيمــًا، ولـم يأمـن مكـر الله: ﴿أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾ [الملك: 17].
وقفة
[5] آيات الله في الكون وفي الأنفس لا يدركها إلا من تدبرها بعقله وقلبه وحواسه: ﴿لقوم يعقلون﴾، ﴿لقوم يتفكرون﴾ [13]، ﴿لقوم يسمعون﴾ [يونس: 67].
وقفة
[3-5] ستة براهين من براهين التوحيد الدالة على عظمته وجلاله، وكمال قدرته، وأنه المستحق للعبادة وحده تعالى: الأول منها: خلقه السماوات والأرض, الثاني: خلقه الناس, الثالث: خلقه الدواب, الرابع: اختلاف الليل والنهار, الخامس: إنزال الماء من السماء وإحياء الأرض به, السادس: تصريف الرياح.
لمسة
[3-5] ﴿لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ ... آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ... آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ قال أولًا: (لآيات للمؤمنين)، ثم (يوقنون)، ثم (يعقلون)؛ وهو ترقٍّ من حال شريف إلى ما هو أشرف منه وأعلى.

الإعراب :

  • ﴿ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ:
  • معطوفة بالواو على الآية السابقة أي وفي اختلاف الليل والنهار. و «الليل» مضاف اليه مجرور بالكسرة. والنهار: معطوفة بالواو على «الليل».وتعرب مثلها.
  • ﴿ وَما أَنْزَلَ اللهُ:
  • الواو عاطفة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر لأنه معطوف على مجرور. أنزل: فعل ماض مبني على الفتح. الله:فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة وجملة أَنْزَلَ اللهُ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: وما أنزله الله.
  • ﴿ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ:
  • جار ومجرور متعلق بأنزل. من رزق: تعرب اعراب مِنْ دابَّةٍ» في الآية السابقة. أي من مطر سماه برزق لأنه سبب الرزق.
  • ﴿ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ:
  • الفاء عاطفة. أحيا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. به: جار ومجرور متعلق بأحيا. الأرض: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ بَعْدَ مَوْتِها:
  • ظرف زمان متعلق بأحيا منصوب على الظرفية وهو مضاف. موت: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ:
  • معطوفة بالواو على اِخْتِلافِ اللَّيْلِ» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ:
  • تعرب اعراب آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ» الواردة في الآية الكريمة السابقة.'

المتشابهات :

البقرة: 164﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ
آل عمران: 190﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ
يونس: 6﴿إِنَّ فِي وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّـهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ
الجاثية: 5﴿ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     الدَّلِيلُ الرَّابعُ: اختلافُ الليل والنهار. الدَّلِيلُ الخامسُ: إنزالُ المطر. الدَّلِيلُ السادسُ: تصريفُ الرياح، قال تعالى:
﴿ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الرياح:
وقرئ:
الريح، وهى قراءة زيد بن على، وطلحة، وعيسى.
آيات:
1- جمعا، بالرفع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- جمعا، بالنصب، وهى قراءة الأعمش، والجحدري، وحمزة، والكسائي، ويعقوب.
3- بالتوحيد، رفعا، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [6] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ ..

التفسير :

[6] هذه الآيات والحجج نتلوها عليك -أيها الرسول- بالحق، فبأي حديث بعد الله وآياته وأدلته على أنه الإله الحق وحده لا شريك له يؤمنون ويصدقون ويعملون؟

فهذه كلها آيات بينات وأدلة واضحات على صدق هذا القرآن العظيم وصحة ما اشتمل عليه من الحكم والأحكام، ودالات أيضا على ما لله تعالى من الكمال وعلى البعث والنشور.

ثم قسم تعالى الناس بالنسبة إلى الانتفاع بآياته وعدمه إلى قسمين:

قسم يستدلون بها ويتفكرون بها وينتفعون فيرتفعون وهم المؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر إيمانا تاما وصل بهم إلى درجة اليقين، فزكى منهم العقول وازدادت به معارفهم وألبابهم وعلومهم.

وقسم يسمع آيات الله سماعا تقوم به الحجة عليه ثم يعرض عنها ويستكبر، كأنه ما سمعها لأنها لم تزك قلبه ولا طهرته بل بسبب استكباره عنها ازداد طغيانه.

والمراد بالآيات في قوله- سبحانه-: تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ.. آيات القرآن الكريم، كما في قوله- تعالى-: تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ، وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ .

وتِلْكَ مبتدأ، وآياتُ اللَّهِ خبر ونَتْلُوها عَلَيْكَ حال عاملها ما دل عليه تِلْكَ من معنى الإشارة.

وقوله بِالْحَقِّ حال من فاعل نَتْلُوها أو من مفعوله، أى: نتلوها محقين، أو ملتبسة بالحق.

أى: تلك- أيها الرسول الكريم- آيات الله- تعالى- المنزلة إليك، نتلوها عليك تلاوة ملتبسة بالحق الذي لا يحوم حوله باطل.

وكانت الإشارة للبعيد، لما في ذلك من معنى الاستقصاء للآيات، ولعلو شأنها، وكمال معانيها، والوفاء في مقاصدها.

وأضاف- سبحانه- الآيات إليه، لأنه هو الذي أنزلها على نبيه صلّى الله عليه وسلّم، وفي هذه الإضافة ما فيها من التشريف لها، والسمو لمنزلتها.

وجعل- سبحانه- تلاوة جبريل للقرآن تلاوة له، للإشعار بشرف جبريل، وأنه ما خرج في تلاوته عما أمره الله- تعالى- به، فهو رسوله الأمين، إلى رسله المكرمين.

وقوله- سبحانه-: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ تعجيب من حالهم، حيث أصر هؤلاء الكافرون على كفرهم، مع وضوح البراهين والأدلة على بطلان ذلك.

أى: فبأى حديث بعد آيات الله المتلوة عليك يؤمن هؤلاء الجاهلون؟ إن عدم إيمانهم بعد ظهور الأدلة والبراهين على وجوب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، دليل على انطماس بصائرهم، واستيلاء العناد والجحود على قلوبهم.

قال الآلوسى: وقوله: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ هو من باب قولهم:

أعجبنى زيد وكرمه، يريدون أعجبنى كرم زيد، إلا أنهم عدلوا عنه للمبالغة في الإعجاب.

أى: فبأى حديث بعد هذه الآيات المتلوة بالحق يؤمنون، وفيه دلالة على أنه لا بيان أزيد من هذا البيان، ولا آية أدل من هذه الآية.

وقال الواحدي: فبأى حديث بعد حديث الله، أى: القرآن، وقد جاء إطلاقه عليه في قوله- تعالى-: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ.. وحسن الإضمار لقرينة تقدم الحديث.

وقوله وَآياتِهِ عطف عليه لتغايرهما إجمالا وتفصيلا.. والفاء في جواب شرط مقدر، والظرف صفة حَدِيثٍ .

يقول تعالى : هذه آيات الله - يعني القرآن بما فيه من الحجج والبينات - ( نتلوها عليك بالحق ) أي : متضمنة الحق من الحق ، فإذا كانوا لا يؤمنون بها ولا ينقادون لها ، فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ؟ !

القول في تأويل قوله تعالى : تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)

يقول تعالى ذكره: هذه الآيات والحجج يا محمد من ربك على خلقه نتلوها عليك بالحقّ: يقول: نخبرك عنها بالحقّ لا بالباطل, كما يخبر مشركو قومك عن آلهتهم بالباطل, أنها تقرّبهم إلى الله زُلْفَى, فبأيّ حديث بعد الله وآياته تؤمنون: يقول تعالى ذكره للمشركين به: فبأيّ حديث أيها القوم بعد حديث الله هذا الذي يتلوه عليكم, وبعد حجه عليكم وأدلته التي دلكم بها على وحدانيته من أنه لا ربّ لكم سواه, تصدّقون, إن كنتم كذّبتم لحديثه وآياته. وهذا التأويل على مذهب قراءة من قرأ (تُؤْمِنُونَ) على وجه الخطاب من الله بهذا الكلام للمشركين, وذلك قراءة عامة قرّاء الكوفيين.

وأما على قراءة من قرأه (يُؤْمِنُونَ) بالياء, فإن معناه: فبأيّ حديث يا محمد بعد حديث الله الذي يتلوه عليك وآياته هذه التي نبه هؤلاء المشركين عليها, وذكرهم بها, يؤمن هؤلاء المشركون, وهي قراءة عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة, ولكلتا القراءتين وجه صحيح, وتأويل مفهوم, فبأية القراءتين قرأ ذلك القارئ فمصيب عندنا, وإن كنت أميل إلى قراءته بالياء إذ كانت في سياق آيات قد مضين قبلها على وجه الخبر, وذلك قوله: لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ و لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[6] ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ لم يكن في علمك ولا في وسعك معرفة هذه الغيبيات، ولا الوقوف على قدرة الله في هذه الكائنات، ولولا أن الله عرّفك بها ما عرفت.
وقفة
[6] ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ من لا يؤمن بهذه الآيات فبأي حديث يؤمن؟ ومن أي أصل غير القرآن يستمد؟ ومن أي بحر معرفة غير الوحي يغترف؟
عمل
[6] إذا جاءك العلم من الله ومن رسوله ﷺ فحسبك به ولا تتبع أهواء الرجال ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾.
وقفة
[6] ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ من لم ينفعه القرآن فلن ينفعه شيء.
تفاعل
[6] ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[6] ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ من لم توقظه الآيات فلن توقظه الصرخات، فأي كلام لن يبلغ كلام الله بالقرآن، وأي إبداع لن يبلغ إبداع الله للكون.
وقفة
[6] ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ من لم يقبل القرآن حجة في الحوار؛ فلا تضيع وقتك في إقناعه.
وقفة
[6] ﴿فَبِأَيِّ حَديثٍ بَعدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤمِنونَ﴾ لا حديث.
وقفة
[3-6] ما أكثر الآيات الدالة على وحدانية الله!

الإعراب :

  • ﴿ تِلْكَ آياتُ اللهِ:
  • تي: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. آيات: خبر «تلك» مرفوع بالضمة. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة. ويجوز أن تكون «آيات» خبر مبتدأ محذوف تقديره هي آيات والجملة خبر «تلك».
  • ﴿ نَتْلُوها:
  • فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. وجملة «نتلوها» في محل نصب حال من الآيات. ويجوز أن تكون آياتُ اللهِ» في محل رفع بدلا من «تلك» وجملة «نتلوها» في محل رفع خبر «تلك».
  • ﴿ عَلَيْكَ بِالْحَقِّ:
  • جار ومجرور متعلق بنتلوها. بالحق: جار ومجرور متعلق بصفة لمصدر-مفعول مطلق-محذوف تقديره: تلاوة ملتبسة بالحق. أو متعلق بحال من ضمير الآيات أي بتقدير نتلوها عليك ملتبسة بالحق. ويجوز أن يكون حالا من الضمير الفاعل في نتلوها أي نتلوها محقين ويجوز أن يكون حالا من ضمير المخاطب الكاف في عليك أي نتلوها عليك وأنت محق أو ومعك الحق.
  • ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ:
  • الفاء: استئنافية. بأي جار ومجرور متعلق بيؤمنون. حديث: مضاف اليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ:
  • ظرف زمان-مفعول فيه متعلق بصفة محذوفة من «حديث» وهو مضاف. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة. وآياته: معطوفة بالواو على لفظ‍ الجلالة أي بعد الله وبعد آيات الله والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة أو يكون التقدير بعد حديث الله وآياته معطوفة على «حديث الله».وهي مجرور بالكسرة أيضا.
  • ﴿ يُؤْمِنُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

البقرة: 252﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۚ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
آل عمران: 108﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۗ وَمَا اللَّـهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ
الجاثية: 6﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [6] لما قبلها :     ولَمَّا ذكر هذه الآيات العظيمات، وكانت كلُّها مشتركةً في العِظَمِ، مع تباين رُتَبِها في الخفاءِ والجلاءِ بفواصلها، قال تعالى هنا مشيرًا إلى علو رتبها بأداةِ البُعْدِ:
﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

نتلوها:
وقرئ:
يتلوها، بياء الغيبة، عائدا على «الله» .
يؤمنون:
1- بالياء، وهى قراءة أبى جعفر، والأعرج، وشيبة، وقتادة، والحرميين، وأبى عمرو، وعاصم فى رواية.
وقرئ:
2- بتاء الخطاب، وهى قراءة الأعمش، وباقى السبعة.
3- توقنون، وهى قراءة طلحة.

مدارسة الآية : [7] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ

التفسير :

[7] هلاك شديد لكل كذاب كثير الآثام.

وأنه إذا علم من آيات الله شيئا اتخذها هزوا فتوعده الله تعالى بالويل فقال:

{ وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} أي:كذاب في مقاله أثيم في فعاله.

ثم هدد- تعالى- هؤلاء المشركين بقوله: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ.

والويل: لفظ يدل على الشر أو الهلاك. وهو مصدر لا فعل له من لفظه، وقد يستعمل بدون حرف النداء كما هنا، وقد يستعمل معه كما في قوله- تعالى-: يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا.

والأفاك: هو الإنسان الكثير الإفك وهو أشنع الكذب وأقبحه.

والأثيم: هو الإنسان المرتكب للذنوب والآثام بقلبه وجوارحه، فهو سيئ الظاهر وسيئ الباطن.

أى: هلاك وعذاب وحسرة يوم القيامة لكل إنسان ينطق بأقبح الأكاذيب ويفعل أسوأ السيئات.

ثم قال : ( ويل لكل أفاك أثيم ) أي أفاك في قوله كذاب ، حلاف مهين أثيم في فعله وقيله كافر بآيات الله ; ولهذا قال :

القول في تأويل قوله تعالى : وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7)

يقول تعالى ذكره: الوادي السائل من صديد أهل جهنم, لكلّ كذّاب ذي إثم بربه, مفتر عليه .

التدبر :

تفاعل
[7] ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[7، 8] التكبر في الأرض خطرٌ على صاحبه في الدنيا ﴿ويل لكل أفاك أثيم * يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا﴾ وذل له في الآخرة.
وقفة
[7، 8] ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ وقد عُلِم بهذا الوصف أنَّ كُلَّ مَن لم تَرُدَّه آياتُ الله تعالى كان مبالِغًا في الإثم والإفك، فكان له الويل.
لمسة
[7، 8] ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ قال صاحب الكشاف: «فإن قلتَ: ما معنى (ثُمَّ) في قوله: (ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا)؟ قلتُ: كمعناه في قول القائل: (يرى غمرات الموت، ثم يزورها)، وذلك أن غمرات الموت خليقة بأن ينجو رائيها بنفسه، ويطلب الفرار عنها، وأما زيارتها والإقدام على مزاولتها، فأمر مستبعد، وكذلك آيات الله الواضحة الناطقة بالحق، من تليت عليه وسمعها: كان مستبعدًا في العقول إصراره على الضلالة عندها، واستكباره عن الإيمان بها».
وقفة
[7، 8] ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ... ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا﴾ كل مَن لم ترُدُّه آياتُ الله تعالى كان مبالغًا في الإثمِ والإفكِ، فكان له الويلُ.
وقفة
[7، 8] الكذب والإصرار على الذنب والكبر والاستهزاء بآيات الله: صفات أهل الضلال، وقد توعَّد الله المتصف بها ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
عمل
[7، 8] تذكر معصية فعلتها، ثم تذكر آية تنهى عنها، ثم استغفر الله سبحانه ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة وجاز الابتداء بالنكرة لأنها متضمنة معنى الفعل بدعاء. لكل: جار ومجرور متعلق بخبر «ويل» المحذوف.
  • ﴿ أَفّاكٍ أَثِيمٍ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة أي كذاب. أثيم: صفة-نعت-لأفاك مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. والكلمة من صيغ المبالغة أي كثير الإثم-بمعنى فاعل-.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الأدلةِ السَّابقةِ؛ هدَّدَ اللهُ هنا مَنْ أصَرَّ على كفرِه واستَكْبَرَ عن اتِّباعِ الحقِّ بعد ظهورِه، قال تعالى:
﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [8] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ..

التفسير :

[8] يسمع آيات كتاب الله تُقْرأ عليه، ثم يتمادى في كفره متعالياً في نفسه عن الانقياد لله ورسوله، كأنه لم يسمع ما تُلي عليه من آيات الله، فبشر -أيها الرسول- هذا الأفاكَ الأثيمَ بعذاب مؤلم موجع في نار جهنم يوم القيامة.

هذا الإنسان- أيضا- من صفاته أنه يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ صباح مساء.

ثُمَّ بعد ذلك يُصِرُّ على كفره مُسْتَكْبِراً أى: متكبرا عن الإيمان.

كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها أى: كأنه لم يسمع هذه الآيات، لأنها لم توافق هواه أو شهواته.

والتعبير بقوله: ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً للتعجيب من حاله، حيث يصر على كفره، بعد سماع ما يدعو إلى التخلي عن الكفر، ويحمل على الدخول في الإيمان.

والإصرار على الشيء: ملازمته، وعدم الانفكاك عنه، مأخوذ من الصر- بفتح الصاد- وهو الشد، ومنه صرة الدراهم، لأنها مشدودة على ما بداخلها.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما معنى ثُمَّ في قوله: ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً؟

قلت: كمعناه في قول القائل، يرى غمرات الموت ثم يزورها.

وذلك أن غمرات الموت خليقة بأن ينجو رائيها بنفسه، ويطلب الفرار عنها.

وأما زيارتها والإقدام على مزاولتها، فأمر مستبعد، فمعنى ثُمَّ: الإيذان بأن فعل المقدم عليها بعد ما رآها وعاينها، شيء يستبعد في الغايات والطباع.

وكذلك آيات الله الواضحة الناطقة بالحق، من تليت عليه وسمعها: كان مستبعدا في العقول إصراره على الضلالة عندها، واستكباره عن الإيمان بها .

وقوله- تعالى-: فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ تهكم بهذا الأفاك الأثيم.. واستهزاء به، لأن البشارة في الأصل إنما تكون من أجل الخبر السار، الذي تتهلل له البشرة.

أى: فبشره بعذاب أليم، بسبب إصراره على كفره، واستحبابه العمى على الهدى.

( يسمع آيات الله تتلى عليه ) أي : تقرأ عليه ( ثم يصر ) أي : على كفره وجحوده استكبارا وعنادا ( كأن لم يسمعها ) أي : كأنه ما سمعها ، ( فبشره بعذاب أليم ) [ أي ] فأخبره أن له عند الله يوم القيامة عذابا أليما موجعا .

( يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ) يقول: يسمع آيات كتاب الله تُقرأ عليه ( ثُمَّ يُصِرُّ ) على كفره وإثمه فيقيم عليه غير تائب منه, ولا راجع عنه ( مُسْتَكْبِرًا ) على ربه أن يذعن لأمره ونهيه ( كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا ) يقول: كأن لم يسمع ما تلي عليه من آيات الله بإصراره على كفره ( فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) يقول: فبشر يا محمد هذا الأفَّاك الأثيم الذي هذه صفته بعذاب من الله له.(أليم) : يعني موجع في نار جهنم يوم القيامة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[8] ﴿يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا﴾ صورة سيئة لمشركي مكة، تعود في كل زمن، ففي البشر من يسمع ويستكبر، لمخالفتها هواه.
وقفة
[8] ﴿يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا﴾ وهذه الصورة البغيضة -مع أنها صورة فريق من المشركين في مكة- إلا أنها تتكرر في كل عصر، فكم في الناس من يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرًا كأن لم يسمعها؟! لأنها لا توافق هواه، ولا تسير مع مألوفه، ولا تتمشى له مع اتجاه.
وقفة
[8] ﴿يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ السماع الحقيقي: هو سماع الاستجابة والإذعان.
وقفة
[8] الكِبر من أسباب الحرمان من الانتفاع بالقرآن ﴿ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها﴾.
تفاعل
[8] ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ استعذ بالله الآن من عذابه.

الإعراب :

  • ﴿ يَسْمَعُ آياتِ اللهِ:
  • الجملة الفعلية في محل جر صفة ثانية لأفاك. يسمع: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. آيات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ تُتْلى عَلَيْهِ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب حال من آيات الله. تتلى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر والفعل مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. عليه: جار ومجرور متعلق بتتلى.
  • ﴿ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً:
  • حرف عطف. يصر: تعرب اعراب «يسمع» مستكبرا: حال من ضمير «يصر» منصوب بالفتحة بمعنى ثم يثبت على كفره مستكبرا عن الايمان بالآيات معجبا بما عنده.
  • ﴿ كَأَنْ:
  • مخففة من «كأن» والأصل كأنه واسمها ضمير الشأن وخبرها جملة فعلية فعلها متصرف فصلت بلم.
  • ﴿ لَمْ يَسْمَعْها:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «كأن» لم: حرف نفي وجزم وقلب. يسمع: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية كأن لم يسمعها: في محل نصب حال بتقدير: يصر على كفره مثل غير السامع.
  • ﴿ فَبَشِّرْهُ:
  • الفاء استئنافية. بشره: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ بِعَذابٍ أَلِيمٍ:
  • جار ومجرور متعلق ببشره. أليم: صفة-نعت-لعذاب مجرورة مثلها بالكسرة.'

المتشابهات :

لقمان: 7﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
الجاثية: 8﴿يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     وبعد أن وَصَفَ اللهُ هذا الأفاك بالإثم أولًا؛ أتبعه هنا بوصفِه بالاستكبار عن سماع الآيات، ثم توعَّدَه بجَهنَّمَ، قال تعالى:
﴿ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [9] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا ..

التفسير :

[9] وإذا علم هذا الأفاكُ الأثيمُ من آياتنا شيئاً اتخذها هزواً وسُخْرية، أولئك لهم عذاب يهينهم ويخزيهم يوم القيامة؛ جزاء استهزائهم بالقرآن.

ثم بين- سبحانه- صفة أخرى من صفات هذا الأفاك الأثيم فقال: وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً.

أى: وإذا بلغ هذا الإنسان شيء من آياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا، بادر إلى الاستهزاء بها والسخرية منها، ولم يكتف بالاستهزاء بما سمعه، بل استهزأ بالآيات كلها لرسوخه في الكفر والجحود.

والتعبير بقوله: وَإِذا عَلِمَ زيادة في تحقيره وتجهيله، لأن اتخاذه الآيات هزوا بعد علمه بمصدرها، يدل على إيغاله في العناد والضلال.

وقوله: أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ بيان لسوء عاقبته. أى: أولئك الذين يفعلون ذلك لهم في الآخرة عذاب يهينهم ويذلهم، ويجعلهم محل سخرية العقلاء واحتقارهم.

( وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا ) أي : إذا حفظ شيئا من القرآن كفر به واتخذه سخريا وهزوا ، ( أولئك لهم عذاب مهين ) أي : في مقابلة ما استهان بالقرآن واستهزأ به ; ولهذا روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو .

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9)

يقول تعالى ذكره: (وَإِذَا عَلِمَ) هذا الأفاك الأثيم (مِنْ) آيات الله ( شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا ) : يقول: اتخذ تلك الآيات التي علمها هزوا, يسخر منها, وذلك كفعل أبي جهل حين نـزلت إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ إذ دعا بتمر وزبد فقال: تزقموا من هذا, ما يعدكم محمد إلا شهدا, وما أشبه ذلك من أفعالهم.

وقوله ( أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين يفعلون هذا الفعل, وهم الذين يسمعون آيات الله تُتلى عليهم ثم يصرّون على كفرهم استكبارًا, ويتخذون آيات الله التي علموها هزوا, لهم يوم القيامة من الله عذاب مهين يهينهم ويذلهم في نار جهنم, بما كانوا في الدنيا يستكبرون عن طاعة الله واتباع آياته, وإنما قال تعالى ذكره (أُولَئِكَ) فجمع. وقد جرى الكلام قبل ذلك (2) ردّا للكلام إلى معنى الكلّ في قوله وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ .

------------------------

الهوامش:

(2) لعله : وقد جرى الكلام قبل ذلك على الإفراد ، ردا. إلخ...

التدبر :

عمل
[9] ﴿وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ إياك أن تستهزئ بشيء له صلة بالدِّين؛ فإن إثم ذلك عظيم.
وقفة
[9] ﴿وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ عاقبة الاستهزاء والسخرية: العذاب والإهانة، كقول أبي جهل عن شجرة الزقوم مستهزئًا: «زقمونا»، وقوله لما سمع قوله تعالى: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةً عَشَرَ﴾ [المدثر: 30]: «أنا ألقاهم وحدي».
تفاعل
[9] ﴿أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذا:
  • الواو: استئنافية. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط‍.
  • ﴿ عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً:
  • الجملة: في محل جر بالاضافة. علم: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من آيات: جار ومجرور متعلق بعلم. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. شيئا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ اتَّخَذَها هُزُواً:
  • الجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. اتخذ: تعرب اعراب عَلِمَ» و «ها» و هُزُواً» مفعولا «اتخذ» الأول مبني على السكون في محل نصب والثاني منصوب بالفتحة و «ها» يرجع الى «آياتنا» ويجوز أن يرجع الى «شيء» لأنه بمعنى الآية.
  • ﴿ أُولئِكَ:
  • اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف للخطاب والاشارة الى كل أفاك أثيم لشموله الافاكين.
  • ﴿ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ
  • الجملة الاسمية: في محل رفع خبر «أولئك» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. عذاب: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. مهين: صفة-نعت- لعذاب مرفوعة مثلها بالضمة. أي لهم في الآخرة عذاب مهين.'

المتشابهات :

الحج: 57﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَـ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
لقمان: 6﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
الجاثية: 9﴿وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [9] لما قبلها :     وبعد أن أصَرَّ هَذا الأثِيمَ عَلى الإنْكارِ والِاسْتِكْبارِ؛ انتقل هنا مِن مَقامِ الإصْرارِ والِاسْتِكْبارِ إلى مَقامِ الِاسْتِهْزاءِ، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

علم:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضم العين، وشد اللام، مبنيا للمفعول، وهى قراءة قتادة، ومطر الوراق.

مدارسة الآية : [10] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي ..

التفسير :

[10] مِن أمام هؤلاء المستهزئين بآيات الله جهنمُ، ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئاً من المال والولد، ولا آلهتُهم التي عبدوها مِن دون الله، ولهم عذاب عظيم مؤلم.

وأخبر أن له عذابا أليما وأن{ مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ} تكفي في عقوبتهم البليغة.

وأنه{ لا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا} من الأموال{ وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ} يستنصرون بهم فخذلوهم أحوج ما كانوا إليهم لو نفعوا.

مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ أى: من قدامهم جهنم لأنهم يوجهون إليها بعد موتهم، أو هي من خلفهم لأنهم معرضون عنها، ومهملون لما يبعدهم عن دخولها.

والوراء: اسم يستعمل بمعنى الأمام والخلف، لأنه يطلق على الجهة التي يواريها الشخص، فتعم الخلف والأمام.

وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً أى: ولا يدفع عنهم ما كسبوه في الدنيا من أموال شيئا من العذاب، ولو كان هذا الشيء يسيرا، كما قال- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ.

فقوله وَلا يُغْنِي من الغناء- بفتح الغين- بمعنى الدفع والنفع، ومنه قول الشاعر:

وقل غناء عنك مال جمعته ... إذا صار ميراثا وواراك لاحد

وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ أى: ولا يغنى عنهم- أيضا- ما اتخذوه من دون الله- تعالى- من معبودات باطلة.

وما في قوله ما كَسَبُوا ومَا اتَّخَذُوا موصولة والعائد محذوف. ويصح أن تكون في الموضعين مصدرية.

وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ لا يعلم مقدار شدته وهوله إلا الله- تعالى- وحده.

ثم فسر العذاب الحاصل له يوم معاده فقال : ( من ورائهم جهنم ) أي : كل من اتصف بذلك سيصيرون إلى جهنم يوم القيامة ، ( ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ) أي : لا تنفعهم أموالهم ولا أولادهم ، ( ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ) أي : ولا تغني عنهم الآلهة التي عبدوها من دون الله شيئا ، ( ولهم عذاب عظيم )

القول في تأويل قوله تعالى : مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10)

يقول تعالى ذكره: ومن وراء هؤلاء المستهزئين بآيات الله, يعني من بين أيديهم. وقد بينَّا العلة التي من أجلها قيل لما أمامك, هو وَرَاءك, فيما مضى بما أغنى عن إعادته; يقول: من بين أيديهم نار جهنم هم واردوها, ولا يغنيهم ما كسبوا شيئًا: يقول: ولا يغني عنهم من عذاب جهنم إذا هم عُذّبوا به ما كسبوا في الدنيا من مال وولد شيئا.

وقوله: ( وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ ) يقول: ولا آلهتهم التي عبدوها من دون الله, ورؤساؤهم, وهم الذين أطاعوهم في الكفر بالله, واتخذوهم نُصراء في الدنيا, تغني عنهم يومئذ من عذاب جهنم شيئا.( وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) يقول: ولهم من الله يومئذ عذاب في جهنم عظيم.

التدبر :

لمسة
[10] عبر بالوراء عن القدام كقوله: ﴿مِّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ﴾ باعتبار إعراضهم عنها؛ كأنها خلفهم.
تفاعل
[10] ﴿مِّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ ۖ وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[10] ﴿مِّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ ۖ وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْلِيَاءَ﴾ أمامهم وخلفهم النار، فلا مفَرَّ منها ولا قيمة لأنصار، ومن يتولاك إن خذلك الله، ومن يرفع قدرك إن وضعك الله؟

الإعراب :

  • ﴿ مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع خبر ثان لأولئك. من وراء: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة بمعنى «من قدامهم» جهنم: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة ولم تنون لأنها ممنوعة من الصرف للتأنيث والتعريف. أو تكون مِنْ وَرائِهِمْ» بمعنى أمامهم لأنهم في الدنيا لأن الوراء اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف أو قدام وهي ههنا بمعنى قدامهم.
  • ﴿ وَلا يُغْنِي:
  • الواو استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. يغني: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل.
  • ﴿ عَنْهُمْ ما:
  • حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بيغني وهو في مقام المفعول به المقدم و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى: لا يجزي عنهم أي لا ينفعهم.
  • ﴿ كَسَبُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «كسبوا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: ما كسبوه من الأموال.
  • ﴿ شَيْئاً:
  • مفعول به منصوب بيغني وعلامة نصبه الفتحة أو يكون منصوبا على المصدر المفعول المطلق بتقدير: اغناء شيئا أي لا ينجيهم من عذاب الله شيئا ما كسبوه من الأموال.
  • ﴿ وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ:
  • معطوفة بالواو على ما كَسَبُوا شَيْئاً» وتعرب اعرابها. لا: زائدة لتوكيد النفي. من دون: جار ومجرور متعلق باتخذوا. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة. أولياء: لم تنون لأنها على وزن-أفعلاء-أي ما اتخذوا من الأوثان.
  • ﴿ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ:
  • الواو استئنافية. لهم عذاب عظيم: تعرب اعراب لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ» الواردة في الآية السابقة.'

المتشابهات :

آل عمران: 176﴿يُرِيدُ اللَّـهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
البقرة: 7﴿خَتَمَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
النحل: 106﴿وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّـهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
النور: 23﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
الجاثية: 10﴿مِّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ ۖ وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْلِيَاءَ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     وبعد أن توعدهم اللهُ بالعذاب؛ بَيَّنَ هنا أن هذا العذاب قريب، وعندما يأتي لن يدفعه عنهم ما كسبوا من الأموال والأولاد، ولا أصنامهم التي عبدوها من دون الله، قال تعالى:
﴿ مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [11] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ ..

التفسير :

[11] هذا القرآن الذي أنزلناه عليك -أيها الرسول- هُدىً من الضلالة، ودليل على الحق، يهدي مَن اتبعه وعمل به إلى طريق مستقيم، والذين جحدوا بما في القرآن من الآيات الدالة على الحق ولم يُصَدِّقوا بها، لهم عذابٌ مؤلم موجع مِن أسوأ أنواع العذاب يوم القيامة.

فلما بين آياته القرآنية والعيانية وأن الناس فيها على قسمين أخبر أن القرآن المشتمل على هذه المطالب العالية أنه هدى فقال:{ هَذَا هُدًى} وهذا وصف عام لجميع القرآن فإنه يهدي إلى معرفة الله تعالى بصفاته المقدسة وأفعاله الحميدة، ويهدي إلى معرفة رسله وأوليائه وأعدائه، وأوصافهم، ويهدي إلى الأعمال الصالحة ويدعو إليها ويبين الأعمال السيئة وينهى عنها، ويهدي إلى بيان الجزاء على الأعمال ويبين الجزاء الدنيوي والأخروي، فالمهتدون اهتدوا به فأفلحوا وسعدوا،{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} الواضحة القاطعة التي يكفر بها إلا من اشتد ظلمه وتضاعف طغيانه،{ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}

والإشارة في قوله- تعالى- هذا هُدىً تعود إلى القرآن الكريم. والهدى مصدر هداه إلى الشيء إذا دله وأرشده إليه.

أى. هذا القرآن الذي أوحيناه إليك يا محمد، في أعلى درجات الهداية وأكملها.

وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ الدالة على وجوب إخلاص العبادة له.

لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ والرجز: يطلق على أشد أنواع العذاب..

أى: لهم أشد أنواع العذاب، وأكثره إيلاما وإهانة.

وجمهور القراء قرأ أَلِيمٌ بالخفض على أنه نعت لقوله رِجْزٍ وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم أَلِيمٌ بالرفع، على أنه صفة لعذاب.

وهذه الآيات تهديد لكل من كانت فيه هذه الصفات التي منها: كثرة الكذب، وكثرة اقتراف السيئات، والإصرار على الباطل.. ويدخل في هذا التهديد دخولا أوليا، النضر بن الحارث، الذي كان يشترى أحاديث الأعاجم ليشغل بها الناس عن سماع القرآن، والذي قيل إن هذه الآيات قد نزلت فيه.

ثم انتقلت السورة الكريمة بعد هذا التهديد الشديد للأفاكين.. إلى بيان جانب من النعم التي أنعم بها- سبحانه- على عباده، ودعت المؤمنين إلى الصبر والصفح، فقال- تعالى-:

ثم قال تعالى : ( هذا هدى ) يعني القرآن ( والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم ) وهو المؤلم الموجع .

القول في تأويل قوله تعالى : هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)

يقول تعالى ذكره: هذا القرآن الذي أنـزلناه على محمد هدى: يقول: بيان ودليل على الحقّ, يهدي إلى صراط مستقيم, من اتبعه وعمل بما فيه ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ) يقول: والذين جحدوا ما في القرآن من الآيات الدالات على الحقّ, ولم يصدقوا بها, ويعملوا بها, لهم عذاب أليم يوم القيامة موجع.

التدبر :

وقفة
[11] ﴿هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾ القرآن هو أصل الهداية، وأعلى درجات تجدها في القرآن، والهداية أهم صفاته وسماته، فمن لم يسترشد بالقرآن ضَلَّ واحتار، وتقدم نحو النار!
وقفة
[11] ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾ يدخل في هذا التهديد: النضر بن الحارث، الذي كان يشتري أحاديث الأعاجم؛ ليشغل بها الناس عن سماع القرآن، وقيل: إن هذه الآيات نزلت فيه.

الإعراب :

  • ﴿ هذا هُدىً:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. هدى: خبر «هذا» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والاشارة الى القرآن الكريم يدل عليه قوله تعالى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لأن آيات ربهم هي القرآن. أي هذا القرآن كامل في الهداية. وقدرت الضمة على ألف «هدى» قبل تنوينها.
  • ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا:
  • الواو عاطفة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كفروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «كفروا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ بِآياتِ رَبِّهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بكفروا. رب: مضاف اليه مجرور بالكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ:
  • تعرب اعراب لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ» الواردة في الآية التاسعة. من رجز: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من عذاب. و«من» حرف جر بياني لبيان جنس العذاب وتمييز له أي الذي هو رجز وهو أشد العذاب.'

المتشابهات :

سبإ: 5﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ
الجاثية: 11﴿هَـٰذَا هُدًى ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ آياتِه القُرآنيَّةَ والعِيانيَّةَ، وأنَّ النَّاسَ فيها على قِسمَينِ؛ أخبَرَ هنا عن القُرآنِ المُشتَمِلِ على ما سبق، بأنه كتاب كامل في الهداية لمن آمن به واتبعه، قال تعالى:
﴿ هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مَّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أليم:
1- بالرفع، نعتا ل «عذاب» ، وهى قراءة طلحة، وابن محيصن، وأهل مكة، وابن كثير، وحفص.
وقرئ:
2- بالجر، نعتا ل «رجز» ، وهى قراءة الحسن، وأبى جعفر، وشيبة، وعيسى، والأعمش، وباقى السبعة.

مدارسة الآية : [12] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اللَّهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ ..

التفسير :

[12] الله سبحانه وتعالى هو الذي سخَّر لكم البحر؛ لتجري السفن فيه بأمره، ولتبتغوا من فضله بأنواع التجارات والمكاسب، ولعلكم تشكرون ربكم على تسخيره ذلك لكم، فتعبدوه وحده، وتطيعوه فيما يأمركم به وينهاكم عنه.

يخبر تعالى بفضله على عباده وإحسانه إليهم بتسخير البحر لسير المراكب والسفن بأمره وتيسيره،{ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} بأنواع التجارات والمكاسب،{ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الله تعالى فإنكم إذا شكرتموه زادكم من نعمه وأثابكم على شكركم أجرا جزيلا.

وقوله- تعالى- سَخَّرَ من التسخير بمعنى التذليل والتيسير. يقال: سخر الله- تعالى- الإبل للإنسان، إذا ذللها له، وجعلها منقادة لأمره.

أى: الله- تعالى- وحده، هو الذي بقدرته ورحمته سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ بأن جعلكم متمكنين من الانتفاع بخيراته، وبأن جعله على هذه الصفة التي تستطيعون منها استخراج ما فيه من خيرات.

وقوله: لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ، وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ.. بيان لبعض الأسباب التي من أجلها سخر الله- تعالى- البحر على هذه الصفة.

أى: جعل لكم البحر على هذه الصفة، لكي تتمكن السفن من الجري فيه بأمره- تعالى- وقدرته، ولتطلبوا ما فيه من خيرات، تارة عن طريق استخراج ما فيه من كنوز، وتارة عن طريق التجارة فيها.. وكل ذلك بتيسير الله- تعالى- وفضله ورحمته بكم.

وقوله: وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ متعلق بمحذوف. أى: أعطاكم ما أعطاكم من النعم، وجعل البحر على صفة تتمكنون معها من الجري فيه وأنتم في سفنكم، ومن استخراج ما فيه من خيرات.. لعلكم بعد ذلك تشكرون الله- تعالى- على هذه النعم، وتستعملونها فيما خلقت من أجله.

يذكر تعالى نعمه على عبيده فيما سخر لهم من البحر ( لتجري الفلك ) ، وهي السفن فيه بأمره تعالى ، فإنه هو الذي أمر البحر أن يحملها ( ولتبتغوا من فضله ) أي : في المتاجر والمكاسب ، ( ولعلكم تشكرون ) أي : على حصول المنافع المجلوبة إليكم من الأقاليم النائية والآفاق القاصية .

القول في تأويل قوله تعالى : اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)

يقول تعالى ذكره: الله أيها القوم, الذي لا تنبغي الألوهة إلا له, الذي أنعم عليكم هذه النعم, التي بيَّنها لكم في هذه الآيات, وهو أنه ( سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ ) السفن (فيه بأمره) لمعايشكم وتصرّفكم في البلاد لطلب فضله فيها, ولتشكروا ربكم على تسخيره ذلك لكم فتعبدوه وتطيعوه فيما يأمركم به, وينهاكم عنه.

التدبر :

وقفة
[12] ﴿اللَّـهُ الَّذِي سَخَّرَ ... وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ النِّعم تقتضي شكرَ المنعم.
وقفة
[12] ﴿اللَّـهُ الَّذِي سَخَّرَ ... وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ هذا البحر العظيم الهائج الذي يبلع أضخم السفن فيغرقها، ويثور في الأعاصير فيمحو قرى كاملة من الوجود، قد سخره الله لخدمتكم، بالسفن تارة، والصيد منه تارة، والتنزه تارة.
وقفة
[12] ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ فهل العاريات على شاطئ البحر شكروه أم كفروه؟ هل الناظرون على الساحل إلى العورات شكروه أم كفروه؟ ألا ما أقبح سلوك عبد بدَّل نعمة الله كفرًا، وقابل إحسان الرحمن بالعصيان.
وقفة
[12، 13] نعم الله على عباده كثيرة، ومنها تسخير ما في الكون لهم ﴿اللَّـهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ للهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
  • القسم الأول من هذه الآية الكريمة أعرب في الآية الكريمة الثانية والثلاثين من سورة ابراهيم والثاني أعرب في سورة «فاطر» الآية الكريمة الثالثة عشرة ومعنى «لتبتغوا» لتشكروا.'

المتشابهات :

ابراهيم: 32﴿وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ
الجاثية: 12﴿اللَّـهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ تعالى صِفةَ الرُّبوبيَّةِ؛ ذكَرَ هنا بَعضَ آثارِها، وهي أدلَّةٌ أخرى على وجودِ اللَّهِ ووحدانيتِه وقدرتِه ونِعَمِه، قال تعالى:
﴿ اللَّهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [13] :الجاثية     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ ..

التفسير :

[13] وسخَّر لكم كلَّ ما في السموات من شمس وقمر ونجوم، وكلَّ ما في الأرض من دابة وشجر وسفن وغير ذلك لمنافعكم، جميع هذه النعم مِنَّةٌ من الله وحده أنعم بها عليكم، وفضلٌ منه تَفضَّل به، فإياه فاعبدوا، ولا تجعلوا له شريكاً. إنَّ فيما سخره الله لكم لعلامات ودل

{ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} أي:من فضله وإحسانه، وهذا شامل لأجرام السماوات والأرض ولما أودع الله فيهما من الشمس والقمر والكواكب والثوابت والسيارات وأنواع الحيوانات وأصناف الأشجار والثمرات وأجناس المعادن وغير ذلك مما هو معد لمصالح بني آدم ومصالح ما هو من ضروراته، فهذا يوجب عليهم أن يبذلوا غاية جهدهم في شكر نعمته وأن تتغلغل أفكارهم في تدبر آياته وحكمه ولهذا قال:{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} وجملة ذلك أن خلقها وتدبيرها وتسخيرها دال على نفوذ مشيئة الله وكمال قدرته، وما فيها من الإحكام والإتقان وبديع الصنعة وحسن الخلقة دال على كمال حكمته وعلمه، وما فيها من السعة والعظمة والكثرة دال على سعة ملكه وسلطانه، وما فيها من التخصيصات والأشياء المتضادات دليل على أنه الفعال لما يريد، وما فيها من المنافع والمصالح الدينية والدنيوية دليل على سعة رحمته، وشمول فضله وإحسانه وبديع لطفه وبره، وكل ذلك دال على أنه وحده المألوه المعبود الذي لا تنبغي العبادة والذل والمحبة إلا له وأن رسله صادقون فيما جاءوا به، فهذه أدلة عقلية واضحة لا تقبل ريبا ولا شكا.

وقوله- تعالى-: وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ.. تعميم بعد تخصيص.

أى: يسر لكم الانتفاع بما في البحر من خيرات، ويسر لكم- أيضا- الانتفاع بكل ما في السموات والأرض من نعم لا تعد ولا تحصى، وكلها منه- تعالى- وحده، لا من أحد سواه.

فقوله: جَمِيعاً حال من وَما فِي الْأَرْضِ، أو تأكيد له. والضمير في قوله- تعالى- مِنْهُ يعود إلى الله- عز وجل-، والجار والمجرور حال من ما أيضا، أى: جميعا كائنا منه- تعالى- لا من غيره.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما معنى مِنْهُ في قوله: جَمِيعاً مِنْهُ؟ وما موقعها من الإعراب؟.

قلت: هي واقعة موقع الحال. والمعنى: أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة من عنده. يعنى أنه مكونها وموجدها بقدرته وحكمته، ثم سخرها لخلقه. ويجوز أن يكون خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هي جميعا منه .

إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من تسخير البحر وما في السموات والأرض لكم لَآياتٍ ساطعات، وعلامات واضحات، ودلائل بينات، على وحدانية الله- تعالى- وقدرته وفضله لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ في هذه النعم، ويحسنون شكرها.

وخص المتفكرين بالذكر، لأنهم هم الذين ينتفعون بما بين أيديهم من نعم، إذ بالتفكر السليم ينتقل العاقل من مرحلة الظن، إلى مرحلة اليقين، التي يجزم معها بأن المستحق للعبادة والحمد، إنما هو الله رب العالمين.

ثم قال تعالى : ( وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض ) أي : من الكواكب والجبال ، والبحار والأنهار ، وجميع ما تنتفعون به ، أي : الجميع من فضله وإحسانه وامتنانه ; ولهذا قال : ( جميعا منه ) أي : من عنده وحده لا شريك له في ذلك ، كما قال تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ) [ النحل : 53 ] .

وروى ابن جرير من طريق العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ) كل شيء هو من الله ، وذلك الاسم فيه اسم من أسمائه ، فذلك جميعا منه ، ولا ينازعه فيه المنازعون ، واستيقن أنه كذلك .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن خلف العسقلاني ، حدثنا الفرياني ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي أراكة قال : سأل رجل عبد الله بن عمرو قال : مم خلق الخلق ؟ قال : من النور والنار ، والظلمة والثرى . قال وائت ابن عباس فاسأله . فأتاه فقال له مثل ذلك ، فقال : ارجع إليه فسله : مم خلق ذلك كله ؟ فرجع إليه فسأله ، فتلا ( وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ) هذا أثر غريب ، وفيه نكارة .

( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )

القول في تأويل قوله تعالى : وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)

يقول تعالى ذكره: ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ) من شمس وقمر ونجوم ( وَمَا فِي الأرْضِ ) من دابة وشجر وجبل وجماد وسفن لمنافعكم ومصالحكم ( جَمِيعًا مِنْهُ ). يقول تعالى ذكره: جميع ما ذكرت لكم أيها الناس من هذه النعم, نعم عليكم من الله أنعم بها عليكم, وفضل منه تفضّل به عليكم, فإياه فاحمدوا لا غيره, لأنه لم يشركه في إنعام هذه النعم عليكم شريك, بل تفرّد بإنعامها عليكم وجميعها منه, ومن نعمه فلا تجعلوا له في شكركم له شريكا بل أفردوه بالشكر والعبادة, وأخلصوا له الألوهة, فإنه لا إله لكم سواه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ) يقول: كل شيء هو من الله, وذلك الاسم فيه اسم من أسمائه, فذلك جميعا منه, ولا ينازعه فيه المنازعون, واستيقن أنه كذلك.

وقوله ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) يقول تعالى ذكره: إن في تسخير الله لكم ما أنبأكم أيها الناس أنه سخره لكم فى هاتين الآيتين (لآيَاتٍ) يقول: لعلامات ودلالات على أنه لا إله لكم غيره, الذي أنعم عليكم هذه النعم, وسخر لكم هذه الأشياء التي لا يقدر على تسخيرها غيره لقوم يتفكرون في آيات الله وحججه وأدلته, فيعتبرون بها ويتعظون إذا تدبروها, وفكَّروا فيها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[13] تأمل ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻷﺟﻠﻚ: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ﴾، والمطلوب منك: ﴿إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، ولك الجائزة: ﴿جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾ [آل عمران: 133].
وقفة
[13] ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ﴾ قد يرسل السيد رسولًا منه بهدية، فيتناولها العبد وينشغل بها، بينما عبدُ آخر يأخذها، ويكون أول ما يقوم به: أن يشكر سيده ويظهر امتنانه له.
وقفة
[13] التفكر في مخلوقات الله من أنفع ما يعين العبد على شكر الله وتوحيده ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
وقفة
[13] ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ قال ابن القيم: «فهذا الباب يدخل منه كلُّ أحد إلى محبته سبحانه وتعالى؛ فإنَّ نعمته على عباده مشهودة لهم، يتقلبون فيها على عدد الأنفاس واللحظات، وهذه محبَةٌ تُنشأ من مطالعة المنِّن ورؤية النِّعَم والآلاء، وكلَّما سافر القلبُ فيها ازدادت محبَّتُه وتأكَّدت، ولا نهاية لها، فيقف سفَرَ القلب عندها، بل كلما ازداد فيها نظرًا ازداد فيها اعتبارًا وعجرًا عن ضبط القليل منها، فيستدل بما عرفه على ما لم يعرفه».

الإعراب :

  • ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ ما:
  • معطوفة بالواو على سَخَّرَ لَكُمْ» في الآية السابقة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ:
  • جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة أي ما استقر أو وجد في السموات وجملة «وجد أو استقر» صلة الموصول لا محل لها. وما في الأرض: معطوفة على ما قبلها وتعرب مثلها.
  • ﴿ جَمِيعاً مِنْهُ:
  • حال أو توكيد منصوب بالفتحة. منه: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بتقدير كائنة منه. بمعنى: سخر هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة من عنده ويجوز أن يتعلق بخبر مبتدأ محذوف تقديره: هي جميعا منه، وأن يكون وَسَخَّرَ لَكُمْ» تاكيدا لقوله تعالى- سَخَّرَ لَكُمْ -ثم ابتدئ قوله-ما في السموات وما في الأرض جميعا منه.
  • ﴿ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ:
  • أعربت في الآية الكريمة الثانية عشرة من سورة «النحل».'

المتشابهات :

الرعد: 3﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
الروم: 21﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
الزمر: 42﴿وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
الجاثية: 13﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     وبعد تخصيص البحرِ بالذكرِ لمنفعة الإنسان؛ عمَّم سبحانه هنا تسخير جميع ما في الكون لمنفعة الإنسان، قال تعالى :
﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

منه:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- ومنة، بكسر الميم، وشد النون، ونصب التاء، وهى قراءة ابن عباس.
قال أبو حاتم: نسبة هذه القراءة إلى ابن عباس ظلم.
وحكاها أبو الفتح عن: ابن عباس، وعبد الله بن عمر، والجحدري، وعبد الله بن عبيد بن عمير.
وحكاها أيضا عن هؤلاء الأربعة صاحب «اللوامح» .
وحكاها ابن خالويه عن أبى عباس، وعبيد بن عمير.
3- على القراءة السابقة، ولكن بضم التاء، أي هو منة، وهى قراءة مسلمة بن محارب.
4- بفتح الميم، وشد النون، وهاء الكناية، عائد على «الله» ، وعزيت إلى مسلمة بن محارب أيضا.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف