34890919293949596979899100101102103104

الإحصائيات

سورة المؤمنون
ترتيب المصحف23ترتيب النزول74
التصنيفمكيّةعدد الصفحات8.00
عدد الآيات118عدد الأجزاء0.37
عدد الأحزاب0.75عدد الأرباع3.00
ترتيب الطول25تبدأ في الجزء18
تنتهي في الجزء18عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 5/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (91) الى الآية رقم (98) عدد الآيات (8)

بعدَ الردِّ على منكري البعثِ، ردَّ هنا على من نسَبَ له الولدَ واتخاذَ الشريكِ، ثُمَّ وجّه نبيَّه ﷺ إلى الدعاءِ للنَّجاةِ من عذابِهم، ومقابلةِ السيئةِ بالحسنةِ، والاستعاذةِ من الشياطينِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (99) الى الآية رقم (104) عدد الآيات (6)

بعدَ الردِّ على المشركينَ، ذكرَ هنا حالَهم عندَ مجيءِ الموتِ، وتمنِّيِهم الرجوعَ للدنيا، وأن الاعتبارَ في القيامةِ بالعملِ لا بالنسبِ، فمن ثَقُلَتْ موازينُه أفلَحَ، ومن خفَّتْ موازينُه خسِرَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة المؤمنون

المؤمنون؛ أين أنت من صفاتهم؟

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • أين أنت من هذه الصفات؟:   هذه السورة تذكر لك أهم صفات المؤمنين؛ لتراجع تصرفاتك وتقيم أعمالك. وكأنها تسأل قارئ القرآن: أين أنت من صفات هؤلاء المؤمنين المفلحين الذين عُرضت عليك صفاتهم؟ كما أنها تلفت نظرك إلى معنى مهم: وهو أن هذه الصفات تجمع ما بين الأخلاق والعبادات، فترى أول صفة هي صفة عبادة، ثم التي بعدها صفة خلق وهكذا.
  • • تعالوا بنا الآن نعرض الآيات والصفات على أنفسنا (الإسقاط)::   تبدأ السورة بقوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ﴾ (1)، فمن هم؟ وكيف نكون منهم؟ تعالوا نبدأ الرحلة، نعرض صفات المؤمنين على أنفسنا (ونعطي لكل صفة تحققت فينا درجة من 10): 1- ﴿ٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَـٰشِعُونَ﴾ (2): كيف تؤدي صلاتك؟ هل تخشع فيها أم لا؟ كم نقطة تعطي نفسك عن هذا السؤال؟ 2- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ﴾ (3): هل تمسك لسانك عما لا يفيد من الكلام؟ هل تعرض عن مجالس الغيبة؟ هل تقع في النميمة؟ 3- ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ (4): هل أخرجت زكاة مالك أم لا؟ متى تصدقت آخر مرة؟ وبكم؟ 4- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ﴾ (5): كيف أنت مع حفظ الفرج؟ والعفة والبعد عن كل ما يؤدي إلى الزنا؟ 5، 6- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَـٰنَـٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رٰعُونَ﴾ (8): كيف حفظك للأمانة؟ من أبسط الأمانات (مبلغ صغير أو كتاب استعرته من صديق)، إلى أمانة الدين وحفظه ونشره بين الناس؟ هل تحافظ على عهودك؟ 7- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوٰتِهِمْ يُحَـٰفِظُونَ﴾ (9): هل تحافظ على الصلاة في أول وقتها؟ وتحافظ على الجماعة؟ كم نقطة تعطي نفسك على أداء الصلاة والمحافظة عليها؟
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «المؤمنون».
  • • معنى الاسم ::   المؤمنون: هم مَن آمن بأركان الإيمان الستة؛ اعتقادًا وقولًا وعملًا.
  • • سبب التسمية ::   : لافتتاحها بفلاح المؤمنين، وصفاتهم، وجزائهم في الآخرة.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة قد أفلح»؛ لافتتاحها بهذا.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   صفات المؤمنين الصادقين, وأصول الدين من التوحيد والرسالة والبعث.
  • • علمتني السورة ::   أن التدرج في الخلق والشرع سُنَّة إلهية: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ...﴾
  • • علمتني السورة ::   أن عاقبة الكافر الندامة والخسران: ﴿قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن من طاب مطعمه طاب عمله، ثمرة أكل الحلال الطيب العمل الصالح: ﴿أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: «حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ فَصَلَّى فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى أَوْ عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ. وسورة المؤمنون من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • احتوت سورة المؤمنون على 11 آية تعتبر من الآيات الجوامع؛ حيث جمعت أوصاف المؤمنين وأخلاقهم وبيان ما يجب عليهم تجاه ربهم وتجاه الناس، وهي الآيات (من 1 إلى 11).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نجاهد أنفسنا للاتصاف بصفات المؤمنين؛ فنكون: ممن يخشع في صلاته، وممن يبتعد عن الكلام الذي لا فائدة منه، ويخرج زكاة ماله، ويبتعد عن الزنا، ويحافظ على الأمانة، والعهود والوعود، والصلوات: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ (1-9).
    • أن نتذكر عند الشرب أو الغسل أن نعمة الماء العذب من أكثر نعم الله الدنيوية علينا، ونكثر من شكر الله عليها: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ (18).
    • ألا نتكل على نسبنا؛ فالأنساب لا تنجي من عذاب الله: ﴿فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ۖ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ (27).
    • أن نتذكر موقفًا أنقذنا الله فيه من حرج أو خطر، ونحمد الله على ذلك: ﴿فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (28).
    • أن نتدبر قصص المرسلين، ونتأملها؛ فإن الله ما ذكرها إلا لما فيها من الدروس والعبر: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ﴾ (30).
    • أن نستعيذ بالله أن يلهينا النعيم عن طاعته والقرب منه: ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ (33).
    • أن نحذر من الخروج عن جماعة المسلمين: ﴿وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ * فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ (52-53).
    • أن ننتبه من غفلتنا؛ فقد تكون النعم المنزلة علينا استدراجًا: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ۚ بَل لَّا يَشْعُرُونَ﴾ (55-56).
    • ألا نغتر بعملنا الصالح؛ بل نبقى خائفين من الله: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ﴾ (57).
    • أن نكون من المسارعين في الخيرات؛ الذين من صفاتهم: الخشية والخوف من الله تعالى، الإيمان بآيات الله تعالى، عدم الإشراك بالله، الإنفاق والعطاء في سبيل الله والخوف منه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ (57-61).
    • أن نحذر اتباع الهوى؛ فإنه مفسدة: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾ (71).
    • أن نتضرع إلى الله أن يكشف الكرب والضر عن المسلمين: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾.
    • أن نقرأ ونتفكر في نعمة السمع، والبصر، والعقل، ثم نشكر الله عليها: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ (78).
    • أن نحسِن إلى شخصٍ أساءَ إلينا بمسامحتِه وإهداءِ هديةٍ له: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ (96).
    • أن نستعيذ بالله من همزات الشياطين: ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ (97).
    • أن نعمل الصالحات في حياتنا؛ حتى لا تكون أمنياتنا عند الممات: ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا﴾ (99-100).
    • أن ندعو الله بهذا الدعاء: ﴿رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ (109).
    • أن ننصح من يسخر من الدعاةِ إلى اللهِ, ونقرأْ عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ۞ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾ (109، 110). • ألا نصرف شيئًا من الدعاء لغير الله: ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ (117).

تمرين حفظ الصفحة : 348

348

مدارسة الآية : [90] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ

التفسير :

[90] بل أتينا هؤلاء المنكرين بالحق فيما أرسلنا به محمداً -صلى الله عليه وسلم-، وإنهم لَكاذبون في شركهم وإنكارهم البعث.

يقول تعالى:بل أتينا هؤلاء المكذبين بالحق، المتضمن للصدق في الأخبار، العدل في الأمر والنهي، فما بالهم لا يعترفون به، وهو أحق أن يتبع؟ وليس عندهم ما يعوضهم عنه، إلا الكذب والظلم، ولهذا قال:{ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}

وقوله- سبحانه- بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ ... إضراب عن قول أولئك الكافرين إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ.

أى: ما كان ما أخبرناهم به من أن هناك بعثا وحسابا، أساطير الأولين بل أخبرناهم وأتيناهم بالحق الثابت، والوعد الصادق، وإنهم لكاذبون في دعواهم أن البعث غير واقع، وأن مع الله- تعالى- آلهة أخرى، وأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يجئهم بالحق الذي يريدونه.

ثم قال تعالى : ( بل أتيناهم بالحق ) ، وهو الإعلام بأنه لا إله إلا الله ، وأقمنا الأدلة الصحيحة الواضحة القاطعة على ذلك ، ( وإنهم لكاذبون ) أي : في عبادتهم مع الله غيره ، ولا دليل لهم على ذلك ، كما قال في آخر السورة : ( ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) ، فالمشركون لا يفعلون ذلك [ عن دليل قادهم إلى ما هم فيه من الإفك والضلال ، وإنما يفعلون ذلك ] اتباعا لآبائهم وأسلافهم الحيارى الجهال ، كما قالوا : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) [ الزخرف : 23 ] .

يقول: ما الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون بالله، من أن الملائكة بنات الله، وأن الآلهة والأصنام ألهة دون الله ( بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ ) اليقين، وهو الدين الذي ابتعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم ، وذلك الإسلام، ولا يُعْبَد شيء سوى الله؛ لأنه لا إله غيره ( وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) يقول: وإن المشركين لكاذبون فيما يضيفون إلى الله، وينْحَلُونه من الولد والشريك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[90] ﴿بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ القرآن هو الحق، وهو أفضل ما يدحض كذب المفترين الذين يفترون على الله، فيدَّعون له الشريك والولد والنَّسَب.

الإعراب :

  • ﴿ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. أتي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. بالحق: جار ومجرور متعلق بأتيناهم بمعنى: بالحق من الوعد بالبعث والحساب.
  • ﴿ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ:
  • الواو: استئنافية. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إنّ» اللام لام الابتداء للتوكيد-المزحلقة-كاذبون: خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: لكاذبون في انكارهم ذلك.'

المتشابهات :

الأنعام: 28﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
المؤمنون: 90﴿بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
الصافات: 152﴿أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّـهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [90] لما قبلها :     وبعد أن أثبتت الآيات السابقة بأسلوبها التقريري الملزم التوحيدَ بالدلائل القطعية؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنه قد بالغ في الاحتجاج عليهم، قال تعالى:
﴿ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أتيناهم:
وقرئ:
1- أتيتهم، بتاء المتكلم.
2- أتيتهم، بتاء الخطاب، وهى قراءة ابن أبى إسحاق.

مدارسة الآية : [91] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ ..

التفسير :

[91] لم يجعل الله لنفسه ولداً، ولم يكن معه مِن معبود آخر؛ لأنه لو كان ثمة أكثر مِن معبود لانفرد كل معبود بمخلوقاته، ولكان بينهم مغالبة كشأن ملوك الدنيا، فيختلُّ نظام الكون، تنزَّه الله سبحانه وتعالى وتقدَّس عن وصفهم له بأن له شريكاً أو ولداً.

{ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} كذب يعرف بخبر الله، وخبر رسله، ويعرف بالعقل الصحيح، ولهذا نبه تعالى على الدليل العقلي، على امتناع إلهين فقال:{ إِذًا} أي:لو كان معه آلهة كما يقولون{ لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} أي:لانفرد كل واحد من الإلهين بمخلوقاته, واستقل بها، ولحرص على ممانعة الآخر ومغالبته،{ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} فالغالب يكون هو الإله، وإلا فمع التمانع لا يمكن وجود العالم، ولا يتصور أن ينتظم هذا الانتظام المدهش للعقول، واعتبر ذلك بالشمس والقمر، والكواكب الثابتة، والسيارة، فإنها منذ خلقت، وهي تجري على نظام واحد، وترتيب واحد، كلها مسخرة بالقدرة، مدبرة بالحكمة لمصالح الخلق كلهم، ليست مقصورة على مصلحة أحد دون أحد، ولن ترى فيها خللا ولا تناقضا، ولا معارضة في أدنى تصرف، فهل يتصور أن يكون ذلك، تقدير إلهين ربين؟"{ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} قد نطقت بلسان حالها، وأفهمت ببديع أشكالها، أن المدبر لها إله واحد كامل الأسماء والصفات، قد افتقرت إليه جميع المخلوقات، في ربوبيته لها، وفي إلهيته لها، فكما لا وجود لها ولا دوام إلا بربوبيته، كذلك، لا صلاح لها ولا قوام إلا بعبادته وإفراده بالطاعة

ثم وبخهم- سبحانه- على قولهم إن لله ولدا وشريكا فقال: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ، وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ....

أى: لم يتخذ الله- تعالى- ولدا- كما يزعم هؤلاء الجاهلون لأنه- سبحانه- منزه عن ذلك. ولم يكن معه من إله يشاركه في ألوهيته وربوبيته- عز وجل-.

ولو كان الأمر كما يزعمون إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ واستقل به عن غيره. وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ أى: ولحدث بينهم التجارب والتغالب ... ولفسد هذا الكون، كما قال- تعالى-: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا....

سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ أى: تنزه الله- تعالى- وتقدس عما يصفه به هؤلاء الجاهلون. فهو- سبحانه- الواحد الأحد. الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.

ينزه تعالى نفسه عن أن يكون له ولد أو شريك في الملك ، فقال : ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض ) أي : لو قدر تعدد الآلهة ، لانفرد كل منهم بما يخلق ، فما كان ينتظم الوجود . والمشاهد أن الوجود منتظم متسق ، كل من العالم العلوي والسفلي مرتبط بعضه ببعض ، في غاية الكمال ، ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) [ الملك : 3 ] ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه ، فيعلو بعضهم على بعض . والمتكلمون ذكروا هذا المعنى وعبروا عنه بدليل التمانع ، وهو أنه لو فرض صانعان فصاعدا ، فأراد واحد تحريك جسم وأراد الآخر سكونه ، فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما كانا عاجزين ، والواجب لا يكون عاجزا ، ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد . وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد ، فيكون محالا فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر ، كان الغالب هو الواجب ، والآخر المغلوب ممكنا; لأنه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهورا; ولهذا قال : ( ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون ) أي : عما يقول الظالمون المعتدون في دعواهم الولد أو الشريك علوا كبيرا .

وقوله: ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ ) يقول تعالى ذكره: ما لله من ولد، ولا كان معه في القديم، ولا حين ابتدع الأشياء من تصلح عبادته، ولو كان معه في القديم أو عند خلقه الأشياء من تصلح عبادته ( مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ ) يقول: إذن لاعتزل كل إله منهم ( بِمَا خَلَقَ ) من شيء، فانفرد به، ولتغالبوا، فلعلا بعضهم على بعض، وغلب القويّ منهم الضعيف؛ لأن القويّ لا يرضى أن يعلوه ضعيف، والضعيف لا يصلح أن يكون إلها، فسبحان الله ما أبلغها من حجة وأوجزها، لمن عقل وتدبر. وقوله: ( إِذًا لَذَهَبَ ) جواب لمحذوف، وهو: لو كان معه إله، إذن لذهب كل إله بما خلق، اجتزئ بدلالة ما ذكر عليه عنه. وقوله: ( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) يقول تعالى ذكره؛ تنـزيها لله عما يصفه به هؤلاء المشركون من أن له ولدا، وعما قالوه من أن له شريكا، أو أن معه في القِدم إلها يُعبد تبارك وتعالى.

التدبر :

وقفة
[91] هذا برهان على الوحدانية؛ وبيانه أن يقال: لو كان مع الله إله آخر لانفرد كل واحد منهما بمخلوقاته عن مخلوقات الآخر، واستبدّ كل واحد منهما بملكه، وطلب غلبة الآخر، والعلوّ عليه؛ كما ترى حال ملوك الدنيا. ولكن لما رأينا جميع المخلوقات مرتبطة بعضها ببعض -حتى كأن العالم كله كرة واحدة- علمنا أن مالكه ومدبره واحد، لا إله غيره.
وقفة
[91] تأملوا الآية الكريمة، وكيف صور لنا سبحانه هذا المشهد ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِن إِلهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعضُهُم عَلى بَعضٍ سُبحانَ اللَّهِ عَمّا يَصِفونَ﴾، ماذا لو تعددت الألهة وانفرد كل إله بمن يعبدونه، لزادت البغضاء والشحناء بين الأقوام، فكيف كان سيكون الحال؟! الحمد لله على نعمة التوحيد.
وقفة
[91] ﴿إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ﴾ الاستدلال باستقرار نظام الكون على وحدانية الله.
وقفة
[91] من أعظم دلائل الألوهية: الخلق ﴿إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ﴾، ولا خالق غير الله، فله الألوهية وحده تعالى.
تفاعل
[91] ﴿سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ سَبِّح الله الآن.

الإعراب :

  • ﴿ مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ:
  • ما: نافية لا عمل لها. اتخذ: فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. من: حرف جر زائد لتوكيد النفي. ولد: اسم مجرور لفظا منصوب محلا مفعول به لاتخذ.
  • ﴿ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. كان:فعل ماض ناقص مبني على الفتح. مع: ظرف مكان مبني على الفتح في محل نصب على الظرفية وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف اليه. وشبه الجملة «معه» في محل نصب خبر «كان» مقدم من حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. إله: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه اسم «كان» مؤخر. أي وما كان معه من إله غيره.
  • ﴿ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ:
  • اذا: حرف جواب لا محل لها. اللام واقعة في جواب -جزاء-شرط‍ محذوف تقديره: ولو كان معه آلهة لذهب ... وقد حذف لتقدم معناه أو لدلالة قوله-وما كان معه من إله-عليه. ذهب: فعل ماض مبني على الفتح. كل: فاعل مرفوع بالضمة. إله: مضاف اليه مجرور بالكسرة. وجملة لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها.
  • ﴿ بِما خَلَقَ:
  • بمعنى: لو كان معه آلهة أو إله لاختلفا أو لاختلفوا وذهب كل واحد منهما أو منهم بما خلق. بما: جار ومجرور متعلق بذهب. و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. خلق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «خلق» صلة الموصول لا محل لها والعائد ضمير منصوب محلا لأنه مفعول به. والتقدير: بما خلقه.
  • ﴿ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ:
  • معطوفة بالواو على لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ» وتعرب إعرابها. على بعض: جار ومجرور متعلق بعلا بمعنى: ولتكبر بعضهم على بعض.
  • ﴿ سُبْحانَ اللهِ:
  • مفعول مطلق-مصدر-لفعل محذوف تقديره: أسبح وهو مضاف. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة. بمعنى فسبحان الله أي فأنزه الله تنزيها.
  • ﴿ عَمّا يَصِفُونَ:
  • مركبة من «عن» حرف جر و «ما» المصدرية. يصفون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يصفون» صلة «ما» المصدرية لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بسبحان التقدير: سبحان الله عن وصفهم. ويجوز أن تكون «ما» اسما موصولا. فتكون «يصفون» صلتها لا محل لها من الاعراب. والعائد ضميرا منصوبا محلا على أنه مفعول به والتقدير: عما يصفونه به من الولد والشريك أو من الأنداد والأولاد.'

المتشابهات :

المؤمنون: 91﴿إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يَصِفُونَ
الصافات: 159﴿ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يَصِفُونَ
الطور: 43﴿أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ اللَّـهِ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
الحشر: 23﴿هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [91] لما قبلها :     وبعدَ الردِّ على منكري البعثِ، ردَّ هنا على من نسَبَ له الولدَ واتخاذَ الشريكِ، قال تعالى:
﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يصفون:
وقرئ:
تصفون، بتاء الخطاب.

مدارسة الآية : [92] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا ..

التفسير :

[92] هو وحده يعلم ما غاب عن خلقه وما شاهدوه، فتنزَّه الله تعالى عن الشريك الذي يزعمون.

نبه على عظمة صفاته بأنموذج من ذلك، وهو علمه المحيط، فقال:{ عَالِمُ الْغَيْبِ} أي:الذي غاب عن أبصارنا وعلمنا، من الواجبات والمستحيلات والممكنات،{ وَالشَّهَادَةِ} وهو ما نشاهد من ذلك{ فَتَعَالَى} أي:ارتفع وعظم،{ عَمَّا يُشْرِكُونَ} به، من لا علم عنده، إلا ما علمه الله

عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أى: هو العليم بما يغيب عن عقول الناس ومداركهم وهو العليم- أيضا- بما يشاهدونه بأبصارهم وحواسهم.

فَتَعالى الله- عز وجل- وتقدس عَمَّا يُشْرِكُونَ معه من آلهة أخرى، لا تضر ولا تنفع: ولا تملك لعابديها موتا ولا حياة ولا نشورا.

ثم تترك السورة الحديث مع هؤلاء المشركين، وتوجه حديثها إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فتأمره أن يلتجئ إلى خالقه، وأن يستعيذ به من شرور الشياطين.. قال- تعالى-:

( عالم الغيب والشهادة ) أي : يعلم ما يغيب عن المخلوقات وما يشاهدونه ، ( فتعالى عما يشركون ) أي : تقدس وتنزه وتعالى وعز وجل [ عما يقول الظالمون والجاحدون ] .

وقوله: (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) يقول تعالى ذكره: هو عالم ما غاب عن خلقه من الأشياء، فلم يَرَوْه ولم يشاهدوه، وما رأوه وشاهدوه، إنما هذا من الله خبر عن هؤلاء الذين قالوا من المشركين: اتخذ الله ولدا وعبدوا من دونه آلهة، أنهم فيما يقولون ويفعلون مبطلون مخطئون، فإنهم يقولون ما يقولون من قول في ذلك عن غير علم، بل عن جهل منهم به، وإن العالم بقديم الأمور وبحديثها، وشاهدها وغائبها عنهم الله الذي لا يخفى عليه شيء، فخبره هو الحق دون خبرهم وقال: (عَالِمِ الْغَيْبِ) فرفع على الابتداء، بمعنى: هو عالم الغيب، ولذلك دخلت الفاء في قوله: ( فَتَعَالَى ) كما يقال: مررت بأخيك المحسن فأحسنت إليه، فترفع المحسن إذا جعلت فأحسنت إليه بالفاء؛ لأن معنى الكلام إذا كان كذلك: مررت بأخيك هو المحسن، فأحسنت إليه. ولو جعل الكلام بالواو فقيل: وأحسنت إليه، لم يكن وجه الكلام في المحسن إلا الخفض على النعت للأخ، ولذلك لو جاء ( فَتَعَالَى ) بالواو كان وجه الكلام في ( عَالِمِ الْغَيْبِ ) الخفض على الاتباع لإعراب اسم الله، وكان يكون معنى الكلام: سبحان الله عالم الغيب والشهادة وتعالى! فيكون قوله (وَتَعَالَى) حينئذ معطوفا على سبحان الله ، وقد يجوز الخفض مع الفاء؛ لأن العرب قد تبدأ الكلام بالفاء، كابتدائها بالواو، وبالخفض كأن يقرأ: ( عَالِمِ الْغَيْبِ ) في هذا الموضع أبو عمرو، وعلى خلافه في ذلك قرأة الأمصار.

والصواب من القراءة في ذلك عندنا الرفع لمعنيين: أحدهما: إجماع الحجة من القراء عليه، والثاني: صحته في العربية.

وقوله: ( فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يقول تعالى ذكره: فارتفع الله وعلا عن شرك هؤلاء المشركين، ووصفهم إياه بما يصفون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[92] ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ إحاطة علم الله بكل شيء.
عمل
[92] ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ بدأ بعلم الغيب الذي تكون فيه أكثر الأسرار والأوزار، فلا يُغريك الظلام بالآثام.
وقفة
[92] ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ کيف تشركون مع الله من لا يعلم الغيب؟! بل ولا يعلم حتی کل علم الشهادة، وبعض علم الشهادة الذي يعلمه لا يكتمل نفعه إلا بمعرفة الغيب وما هو كائن، فكيف تشركون مع الله غيره.
وقفة
[92] ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ نزه الله نفسه عن شركهم، فلا ولد له، ولا شريك، ولو احتاج لشيء من هذا -حاشاه- لاضطرب الكون كله بسبب تنازع الشركاء؛ ولأن هذا الاضطراب لم يحدث؛ فقد دل هذا على أن مالك الأكوان وخالقها واحد، لا شريك له سبحانه.
تفاعل
[92] ﴿فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ سَبِّح الله الآن.

الإعراب :

  • ﴿ عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ:
  • عالم: صفة-نعت-للفظ‍ الجلالة مجرور وعلامة جره الكسرة. الغيب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والشهادة: معطوفة بالواو على «الغيب» مجرورة مثلها وتعرب اعرابها.
  • ﴿ فَتَعالى:
  • الفاء: استئنافية. تعالى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ عَمّا يُشْرِكُونَ:
  • تعرب اعراب عَمّا يَصِفُونَ» الواردة في الآية الكريمة السابقة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [92] لما قبلها :     وبعد أن نَزَّه اللهُ نفسَه عما لا يليق به؛ وصف نفسه هنا بصفات الكمال، قال تعالى:
﴿ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

عالم:
وقرئ:
1- بالجر، صفة لله، وهى قراءة الابنين، وأبى عمرو، وحفص.
2- بالرفع، وهى قراءة باقى السبعة، وابن أبى عبلة، وأبى حيوة، وأبى بحرية.
قال الأخفش: الجر أجود، ليكون الكلام من وجه واحد.

مدارسة الآية : [93] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا ..

التفسير :

[93] قل -أيها الرسول-:ربِّ إما ترينِّي في هؤلاء المشركين ما تَعِدُهم مِن عذابك فلا تهلكني بما تهلكهم به، ونجني من عذابك وسخطك،

تفسير الآيتين 93 و 94

لما أقام تعالى على المكذبين أدلته العظيمة، فلم يلتفتوا لها، ولم يذعنوا لها، حق عليهم العذاب، ووعدوا بنزوله، وأرشد الله رسوله أن يقول:{ قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ} أي:أي وقت أريتني عذابهم، وأحضرتني ذلك{ رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} أي:اعصمني وارحمني، مما ابتليتهم به من الذنوب الموجبة للنقم، واحمني أيضا من العذاب الذي ينزل بهم، لأن العقوبة العامة تعم -عند نزولها- العاصي وغيره

قال الجمل: «لما أعلم الله- تعالى- نبيه صلّى الله عليه وسلّم بأنه منزل عذابه بهؤلاء المشركين، إما في حياته صلّى الله عليه وسلّم أو بعد مماته، علمه كيفية الدعاء بالتخلص من عذابهم فقال- تعالى-: قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ وقوله: تُرِيَنِّي فعل مضارع مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، وما مفعول به، ورأى بصرية تعدت لمفعولين بواسطة الهمزة، لأنه من أرى الرباعي، فياء المتكلم مفعول أول، وما الموصولة المفعول الثاني ... » .

يقول تعالى آمرا [ نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ] أن يدعو هذا الدعاء عند حلول النقم : ( رب إما تريني ما يوعدون ) أي : إن عاقبتهم وإني شاهد ذلك فلا تجعلني فيهم ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه : " وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون " .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد: ربّ إنْ تُرَينّي في هؤلاء المشركين ما تعدهم من عذابك، فلا تهلكني بما تهلكهم به، ونجِّني من عذابك وسخطك، فلا تجعلني في القوم المشركين، ولكن اجعلني ممن رضيت عنه من أوليائك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[93، 94] ﴿قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ * رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ ذكر الربِّ مرتين؛ مبالغةٌ في التضرع، وأمره أن يسأله ألا يجعله في القوم الظالمين، لكون شؤم الكفر قد يلحق من لم يكن من أهله، كقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً﴾ [الأنفال: 25].

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ رَبِّ:
  • قل: أعربت. رب: منادى بحرف نداء محذوف. والأصل: يا ربّ وهو منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها حركة المتناسبة والياء المحذوفة اكتفاء بالكسرة على ما قبلها ضمير متصل في محل جر مضاف اليه.
  • ﴿ إِمّا تُرِيَنِّي:
  • اما: مكونة من «ان» حرف شرط‍ جازم. و «ما» للتوكيد.تريني: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وهو فعل الشرط‍ في محل جزم بإن والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون نون التوكيد الثقيلة لا محل لها .. والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به وجواب الشرط‍ في الآية الكريمة التالية.
  • ﴿ ما يُوعَدُونَ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. يوعدون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والجملة الفعلية «يوعدون» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. والعائد ضمير منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير: ما يوعدونه. بمعنى: ان كان لا بد من أن تريني ما تعدهم من العذاب في الدنيا والآخرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [93] لما قبلها :     ولَمَّا أقامَ اللهُ على المكذبين أدلتَه العظيمة، فلم يلتفتوا لها، ولم يذعنوا لها؛ حَقَّ عليهم العذابُ، ووُعِدوا بنزولِه، وأمرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يدعوه ببعض الأدعية عند حلول النقم، قال تعالى:
﴿ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تربنى:
وقرئ:
ترئنى، بالهمز بدل الياء، وهى قراءة الضحاك، وأبى عمران الجونى.

مدارسة الآية : [94] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ ..

التفسير :

[94]فلا تجعلني في القوم المشركين الظالمين، ولكن اجعلني ممن رضيتَ عنهم.

تفسير الآيتين 93 و 94

لما أقام تعالى على المكذبين أدلته العظيمة، فلم يلتفتوا لها، ولم يذعنوا لها، حق عليهم العذاب، ووعدوا بنزوله، وأرشد الله رسوله أن يقول:{ قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ} أي:أي وقت أريتني عذابهم، وأحضرتني ذلك{ رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} أي:اعصمني وارحمني، مما ابتليتهم به من الذنوب الموجبة للنقم، واحمني أيضا من العذاب الذي ينزل بهم، لأن العقوبة العامة تعم -عند نزولها- العاصي وغيره

أى: قل- أيها الرسول الكريم- يا رب إن تطلعني وتريني العذاب الذي توعدت به هؤلاء المشركين، فأسألك- يا إلهى- أن لا تجعلني قرينا لهم فيه، وأبعدنى عن هؤلاء القوم الظالمين، حتى لا يصيبني ما يصيبهم.

ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عصمة من الله- تعالى- من أن يجعله مع القوم الظالمين، حين ينزل بهم العذاب، ولكن جاءت الآية بهذا الدعاء والإرشاد، للزيادة في التوقي، ولتعليم المؤمنين أن لا يأمنوا مكر الله، وأن يلوذوا دائما بحماه.

يقول تعالى آمرا [ نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ] أن يدعو هذا الدعاء عند حلول النقم : ( رب إما تريني ما يوعدون ) أي : إن عاقبتهم وإني شاهد ذلك فلا تجعلني فيهم ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه : " وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون " .

وقوله: ( فَلا تَجْعَلْنِي ) جواب لقوله: (إِمَّا تُرِيَنِّي) اعترض بينهما بالنداء، ولو لم يكن قبله جزاء لم يجز ذلك في الكلام، لا يقال: يا زيد فقم، ولا يا رب فاغفر؛ لأن النداء مستأنف، وكذلك الأمر بعده مستأنف، لا تدخله الفاء والواو، إلا أن يكون جوابا لكلام قبله.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[94] ﴿رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ المؤمن يهضم حق نفسه، قال أبو حيان: «ومعلوم أنه عليه السلام معصوم مما يكون سببًا لجعله معهم، ولكنه أمره أن يدعو بذلك إظهارًا للعبودية وتواضعًا لله، واستغفار رسول الله  إذا قام من مجلسه سبعين مرة من هذا القبيل»، وقال أبو بكر: «وُلّيتُكم ولست بخيركم»، وقالَ الحَسَنُ: «كانَ يَعْلَمُ أنَّهُ خَيْرُهم، ولَكِنَّ المُؤْمِنَ يَهْضِمُ نَفْسَهُ».
وقفة
[94] ﴿رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ قال القرطبي: «وكان عليه السلام يعلم أن الله تعالى لا يجعله في القوم الظالمين إذا نزل بهم العذاب، ومع هذا أمره الرب بهذا الدعاء والسؤال ليعظم أجره، وليكون في كل الأوقات ذاكرًا لربه تعالی».
تفاعل
[94] ﴿رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من الظالمين.
وقفة
[94] ﴿رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾، ﴿وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ﴾ [إبراهيم: 45]، المسلمة -كالمسلم- تجتنب الجلوس في الأمكنة التي تظهر فيها المعصية، من غناء واختلاط وتبرُّج، سواء كان ملهى أو مجتمع عيد أو غيره؛ لأنها تحب أن تعتاض عن ذلك بمنتزه: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ [القمر: 54، 55].
وقفة
[94] ﴿رَبِّ فَلا تَجعَلني فِي القَومِ الظّالِمينَ﴾ ما دامت تدعو بدعاء المصطفى ﷺ؛ فواجب علينا أن نتجنبهم قدر المستطاع، ونبتعد عنهم، حتى لا يصيبنا أى ابتلاءَ يصيبهم.

الإعراب :

  • ﴿ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي:
  • ربّ: أعربت وقوله: ربّ مرتين قبل الشرط‍ وقبل الجزاء حث على فضل تضرع وجؤار. فلا: الفاء واقعة في جواب الشرط‍ واللام لام التضرع بصيغة نهي و «تجعلني» فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون نون الوقاية. والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة. وجملة فَلا تَجْعَلْنِي» وما بعدها: جواب شرط‍ جازم مسبوق بلا الناهية المقترنة بالفاء في محل جزم بإن.
  • ﴿ فِي الْقَوْمِ الظّالِمِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بمفعول «تجعلني» الثاني بمعنى:فلا تجعلني قريبا لهم فيه ولا تعذبني بعذابهم. الظالمين: صفة-نعت- للقوم مجرورة مثلها وعلامة جرها الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.'

المتشابهات :

الأعراف: 150﴿فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
المؤمنون: 94﴿رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [94] لما قبلها :     ولَمَّا أعلمَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم بأنه مُنزل العذاب بالمكذبين؛ أمره هنا أن يدعو لنفسه بالنجاة حين ينزل بهم العذاب، قال تعالى:
﴿ رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [95] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا ..

التفسير :

[95] وإننا لَقادرون على أن نريك ما نَعِدُهم من العذاب.

، قال الله في تقريب عذابهم:{ وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ} ولكن إن أخرناه فلحكمة، وإلا، فقدرتنا صالحة لإيقاعه فيهم.

وقوله- سبحانه- وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ بيان لكمال قدرة الله تعالى التي لا يعجزها شيء.

أى: نحن قادرون- يا محمد- على اطلاعك على العذاب الذي أعددناه لهم ولكن لحكمة نعلمها، لم نطلعك عليه، بل سنؤخره عنهم إلى الوقت الذي نريده، قال تعالى: وإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ، فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ

وقوله : ( وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ) أي : لو شئنا لأريناك ما نحل بهم من النقم والبلاء والمحن .

وقوله : ( وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ) يقول تعالى ذكره: وإنا يا محمد على أن نريك في هؤلاء المشركين ما نعدهم من تعجيل العذاب لهم، لقادرون، فلا يحْزُنَنَّك تكذيبهم إياك بما نعدهم به، وإنما نؤخر ذلك ليبلغ الكتاب أجله.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[95] ﴿وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ﴾ ما أيسره على الله: تعجيل عذاب من عاداه، ونصر وعُلُوِّ من والاه، وما نؤخِّره إلا لأجل معلوم.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنّا عَلى:
  • الواو: استئنافية. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل في محل نصب اسم ان. على: حرف جر.
  • ﴿ أَنْ نُرِيَكَ:
  • أن: حرف مصدرية ونصب. نريك: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول. وجملة «نريك» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الإعراب. و«أن» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بعلى والجار المجرور متعلق بقادرون.
  • ﴿ ما نَعِدُهُمْ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. نعد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة «نعدهم» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب أي نريك «عذابهم».
  • ﴿ لَقادِرُونَ:
  • اللام لام الابتداء-المزحلقة-قادرون: خبر «إنّ» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [95] لما قبلها :     ولَمَّا أخبر اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم بأن العذاب واقع بالمكذبين؛ بَيَّنَ له هنا أنه قادر على تعجيل العذاب كما كانوا يطلبون ذلك، ولكن سيؤخره لحكمة، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [96] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ..

التفسير :

[96] إذا أساء إليك أعداؤك -أيها الرسول- بالقول أو الفعل فلا تقابلهم بالإساءة، ولكن ادفع إساءتهم بالإحسان منك إليهم، نحن أعلم بما يصفه هؤلاء المشركون من الشرك والتكذيب، وسنجازيهم عليه أسوأ الجزاء.

هذا من مكارم الأخلاق، التي أمر الله رسوله بها فقال:{ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} أي:إذا أساء إليك أعداؤك، بالقول والفعل، فلا تقابلهم بالإساءة، مع أنه يجوز معاقبة المسيء بمثل إساءته، ولكن ادفع إساءتهم إليك بالإحسان منك إليهم، فإن ذلك فضل منك على المسيء، ومن مصالح ذلك، أنه تخف الإساءة عنك، في الحال، وفي المستقبل، وأنه أدعى لجلب المسيء إلى الحق، وأقرب إلى ندمه وأسفه، ورجوعه بالتوبة عما فعل، وليتصف العافي بصفة الإحسان، ويقهر بذلك عدوه الشيطان، وليستوجب الثواب من الرب، قال تعالى:{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} وقال تعالى:{ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا} أي:ما يوفق لهذا الخلق الجميل{ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} وقوله:{ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} أي:بما يقولون من الأقوال المتضمنة للكفر والتكذيب بالحق، قد أحاط علمنا بذلك، وقد حلمنا عنهم، وأمهلناهم، وصبرنا عليهم، والحق لنا، وتكذيبهم لنا، فأنت -يا محمد- ينبغي لك أن تصبر على ما يقولون، وتقابلهم بالإحسان، هذهوظيفة العبد في مقابلة المسيء من البشر، وأما المسيء من الشياطين، فإنه لا يفيد فيه الإحسان، ولا يدعو حزبه إلا ليكونوا من أصحاب السعير، فالوظيفة في مقابلته، أن يسترشد بما أرشد الله إليه رسوله

ثم أمر الله تعالى نبيه صلّى الله عليه وسلّم بالصبر على أذاهم. وبمقابلة سيئاتهم بالخصال الحسنة، فقال: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ، نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ.

أى: قابل- أيها الرسول الكريم- سيئات هؤلاء المشركين الجاهلين، بالأخلاق والسجايا التي هي أحسن من غيرها، كأن تعرض عنهم، وتصبر على سوء أخلاقهم، فأنت صاحب الخلق العظيم، ونحن أعلم منك بما يصفوننا به من صفات باطلة. وما يصفوك به من صفات ذميمة، وسنجازيهم على ذلك بما يستحقون، في الوقت الذي نريده.

فالآية الكريمة توجيه حكيم من الله- تعالى- لنبيه-، وتسلية له عما أصابه من أعدائه، وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ

ثم قال مرشدا له إلى الترياق النافع في مخالطة الناس ، وهو الإحسان إلى من يسيء ، ليستجلب خاطره ، فتعود عداوته صداقة وبغضه محبة ، فقال : ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة ) ، وهذا كما قال في الآية الأخرى : ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم . وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) [ فصلت : 34 ، 35 ] : أي ما يلهم هذه الوصية أو الخصلة أو الصفة ( إلا الذين صبروا ) أي : على أذى الناس ، فعاملوهم بالجميل مع إسدائهم إليهم القبيح ، ( وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) أي : في الدنيا والآخرة .

يقول تعالى ذكره لنبيه: ادفع يا محمد بالخلة التي هي أحسن، وذلك الإغضاء والصفح عن جهلة المشركين والصبر على أذاهم، وذلك أمره إياه قبل أمره بحربهم، &; 19-68 &; وعنى بالسيئة: أذى المشركين إياه وتكذيبهم له فيما أتاهم به من عند الله، يقول له تعالى ذكره: اصبر على ما تلقى منهم في ذات الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله: ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) قال: أعرض عن أذاهم إياك.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن عبد الكريم الجَزَري، عن مجاهد: ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) قال: هو السلام، تُسَلِّمُ عليه إذا لقيته.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن عبد الكريم، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله: ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) قال: والله لا يصيبها صاحبها حتى يكظم غيظا، ويصفح عما يكره.

وقوله: ( نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ) يقول تعالى ذكره: نحن أعلم بما يصفون الله به، وينحَلُونه من الأكاذيب والفِرية عليه، وبما يقولون فيك من السوء، ونحن مجازوهم على جميع ذلك، فلا يحزنك ما تسمع منهم من قبيح القول.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

اسقاط
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ سعة صدرك وعدم ردّك على خصمك بالمثل، مع عفوك وصفحك عنه مع قدرتك؛ يجعله ينقاد لك محبة وتقديرًا.
اسقاط
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ أنت أكبر من أن ترد على الحاسدين بالمثل بل أَحْسِن، ولن يزيدك جميل فعلك إلا رفعة.
وقفة
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ الرد بالإساءة سهل جدًا لكن النفوس الراقية لا تقبل إلا القول الحسن، ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83].
وقفة
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ قال ابن القيم: «كان بعض أصحاب ابن تيمية يقول: وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه، وما رأيته يدعو على أحد منهم قط، وكان يدعو لهم، وجئت يومًا مبشرًا له بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوة وأذى له، فنهرني وتنكر لي واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم، وقال: إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه».
وقفة
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، ﴿فاستعذ بالله﴾ [فصلت: 36]، في الأولى التعامل مع البشر لطيب المنبع، وفي الثانية التعامل مع الشيطان؛ لخبث المنبع وسوء المقصد.
وقفة
[96] ﴿ليبلوكم أيكم أحسن عملا﴾ [الملك: 2]، ﴿وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن﴾ [النحل: 125]، ﴿يقولوا التي هي أحسن﴾ [الإسراء: 53]، ﴿ادفع بالتي هي أحسن﴾ الله يريد منا الأحسن، لا الحَسَن فقط.
عمل
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ أحسِنْ إلى شخصٍ أساءَ إليكَ بمسامحتِه وإهداءِ هديةٍ له.
وقفة
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ قساوة الطبع في بعض الناس كالغبار على التمرة، تحتاج أن تمسحه لتتذوق حلاوة الفطرة من ورائه.
وقفة
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ النفوس مجبولة على مقابلة المسئ بإساءته وعدم العفو عنه، فكيف بالإحسان.
عمل
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ قم الآن إلى مصلاك, هب من دعائك لمن أساؤوا إليك, سجل لحظة انتصار تاريخية على عالم الشر والضغينة, أمسح جراحك, تحسس جبينك, استدع صورة الرجل العظيم وهو يمسج الدماء عن وجهه اللهم اغفر لهم.
وقفة
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ معاملة المسيء بالإحسان أدب إسلامي رفيع له تأثيره البالغ في الخصم.
وقفة
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ قال ابن عقيل: «ومن أظهر الجميل والحسن في مقابلة القبيح ليزول الشر، فليس بمنافق لكنه يستصلح، ألا تسمع إلى قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34]، فهذا اكتساب استمالة، ودفع عداوة، وإطفاء لنيران الحقائد، واستنماء الود، وإصلاح العقائد، فهذا طب المودات واكتساب الرجال».
وقفة
[96] فَسر أنس بن مالك قول الله تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾؛ حيث قال: «يقول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول له: إن كنت كاذبًا، فإني أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقًا؛ فإني أسأل الله أن يغفر لي».
وقفة
[96] قال لي أبو بكر الفهري: متى اجتمع لك أمران، أحدهما للدنيا، والآخر لله؛ فقدم ما لله؛ فإنهما يحصلان لك جميعًا، وإن قدمت الدنيا ربما فاتا معًا، وربما حصل حظ الدنيا ولم يبارك لك فيه، ولقد جربته فوجدته ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾.
عمل
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾ من أساء لك فقابله بالحسنى، ألا يكفيك أن الله أعلم بهم منك.
وقفة
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾ إن الدفع بالتي هي أحسن هو العلاج النافع لمخالطة الناس.
عمل
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾ لا تجعل البشر مِرآة لأخلاقك، إن أساءوا إليك أسأت، وإن أحسنوا إليك أحسنت، بل كن أنت مصدر الضوء، ولا تكن إنعكاسًا له.
عمل
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾ فقه الآية: اسلك مسلك الكرام، ولا تلحظ جانب المكافأة، ادفع بغير عوض، ولا تسلك مسلك المبايعة، ويدخل فيه: سلم على من لم يسلم عليك، والأمثلة تكثر.
وقفة
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾ والتخلق بهذه الآية هو أن المؤمن الكامل ينبغي له أن يفوض أمر المعتدين عليه إلى الله، فهو يتولى الانتصار لمن توكل عليه، وأنه إن قابل السيئة بالحسنة كان انتصار الله أشفى لصدره وأرسخ في نصره، وماذا تبلغ قدرة المخلوق تجاه قدرة الخالق؟ وهو الذي هزم الأحزاب بلا جيوش ولا فيالق.
وقفة
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾ حتى في محاجة المشركين ادفع بالتي هي أحسن.
وقفة
[96] ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾ استحباب دفع السيِّء من القول أو الفعل بالصفح والإعراض عن صاحبه.
وقفة
[96] ‏الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة تقلب العدو صديقًا ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾.
وقفة
[96] قال ابن عباس  في قوله: ﴿بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾: «الصَّبر عند الغضب، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا عظَّمهم عدوُّهم، وخضع لهم».
اسقاط
[96] كيف تتعامل مع من أخطأ بحقك؟ تأمل: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي:
  • فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت بالتي جار ومجرور متعلق بادفع. التي: اسم موصول في محل جر بالباء.
  • ﴿ هِيَ أَحْسَنُ:
  • الجملة الاسمية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.هي: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أحسن: خبر «هي» مرفوع بالضمة. ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-صيغة أفعل وبوزن الفعل.
  • ﴿ السَّيِّئَةَ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. بمعنى: ادفع سيئتهم بالخصلة التي هي أحسن.
  • ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ:
  • جملة استئنافية لا محل لها. تعرب إعراب هِيَ أَحْسَنُ» والضمير «نحن» مبني على الضم في محل رفع مبتدأ
  • ﴿ بِما يَصِفُونَ:
  • تعرب إعراب عَمّا يَصِفُونَ» الواردة في الآية الكريمة الحادية والتسعين بمعنى: بما يذكرون من الصفات الذميمة أو بما يذكرونه من أحوالك بخلاف صفتها أو بوصفهم لك.'

المتشابهات :

المؤمنون: 96﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ
فصلت: 34﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [96] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ لرسوله صلى الله عليه وسلم أن العذاب واقع بالمكذبين، ولكن يؤخره عنهم لحكمة؛ أمره هنا بالصبر إلى أن ينقضي الأجل المضروب للعذاب، وأن يقابل السيئة بالحسنة، قال تعالى:
﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [97] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ ..

التفسير :

[97] وقل -أيها النبي-:رب أستجير بك من إغواء الشياطين المغرية على الباطل والفساد والصد عن الحق ووسوستها،

{ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ} أي اعتصم بحولك وقوتك متبرئا من حولي وقوتي{ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ}

ثم أمره- تعالى- بأن يستعيذ به من وساوس الشياطين ونزغاتهم فقال: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ. وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ.

وقوله: هَمَزاتِ جمع همزة وهي المرة من الهمز. وهي في اللغة النخس والدفع باليد أو بغيرها. يقال: همزه يهمزه- بضم الميم وكسرها- إذا نخسه ودفعه وغمزه.

ومنه المهماز، وهو حديدة تكون مع الراكب للدابة يحثها بها على السير.

والمراد بهمزات الشياطين هنا: وساوسهم لبنى آدم وحضهم إياهم على ارتكاب ما نهاهم الله- تعالى- عنه.

وقوله : ( وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ) : أمره أن يستعيذ من الشياطين ، لأنهم لا تنفع معهم الحيل ، ولا ينقادون بالمعروف .

وقد قدمنا عند الاستعاذة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه " .

وقوله: ( وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا محمد: ربّ أستجير بك من خنق (1) الشياطين وهمزاتها، والهَمْزُ: هو الغَمْز، ومن ذلك قيل للهمز في الكلام: هَمْزة، والهَمَزَاتُ جمع همزة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرني ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ) قال: همزات الشياطين: خَنْقهم الناس، فذلك هَمَزاتهم.

------------------------

الهوامش :

(1) في غريب القرآن للراغب الأصفهاني : ( همز ) : " الهمز كالعصر " وهو مناسب لقول المؤلف : خنق الشياطين ؛ لأن الخنق هو عصر الرقبة وضغطها لينقطع النفس

التدبر :

وقفة
[97] ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ الشيطان (يهمز همزًا خفيًا) فإن لم يعالج بالاستعاذة (حضر حضورًا).
عمل
[97] ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ (همزات) الشيطان يعرف من أين (يهمز)؛ فخذ الحذر.
وقفة
[97] ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ أمر الله تعالى نبيه  والمؤمنين بالتعوذ من الشيطان في همزاته؛ وهي سورات الغضب التي لا يملك الإنسان فيها نفسه.
وقفة
[97] ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ ضرورة الاستعاذة بالله من وساوس الشيطان وإغراءاته.
تفاعل
[97] ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ استعذ بالله الآن من الشيطان الرجيم.
وقفة
[97] ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ استعاذة بالله من أصل الشر كله، ويدخل فيها الاستعاذة من جميع نزغات الشيطان ووساوسة، وإذا أعاذ الله عبده من هذا الشر، سلم من كل الشرور، ووفق لكل خير.
وقفة
[97] ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ عن عبد اللَّه بن عمرو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قال رسولُ اللَّه : «إذا فَزِعَ أحَدُكم في النوم فَلْيَقُلْ: أَعوذ بكلمات اللَّه التَّامَّة من غضبه، وعِقَابِهِ، وشرِّ عِبادِهِ، ومن هَمَزَاتِ الشَّياطينِ، وأنْ يَحضُرونِ، فإنَّها لَنْ تَضُرَّهُ» [الترمذي 3528، وحسّنه الألباني].
وقفة
[97] ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ ما فائدة استعاذة النبي  من الشيطان وهو المعصوم؟ الفائدة: تعليم للمؤمنين وإرشادهم إلى دوام الاعتصام بالله رب العالمين، فهو القادر وحده على دفع وساوس الشياطين.
وقفة
[97] ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ أمره أن يستعيذ من الشياطين لأنهم لا تنفع معهم الحيل ولا ينقادون بالمعروف.
وقفة
[97، 98] ﴿وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون﴾ المؤمن دائم الاستعاذة بالله العظيم من الشيطان عدو آدم وذريته؛ لأن الشيطان يتمنى ملازمة العبد المؤمن في كل أحواله لعله يزيغه أو يوسوس له، أو يصرفه عن طاعة ربه، والعمل الصالح وينسيه ذكر ربه.
عمل
[97، 98] ﴿وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون﴾ الجأ للقوي العزيز واستعذ به سبحانه؛ يحفظك من حضور الشياطين ووساوسهم.
تفاعل
[97، 98] استعذ بالله في سجودك من همزات الشياطين: ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَقُلْ رَبِّ:
  • الواو عاطفة. قل رب: أعربت في الآية الكريمة الثالثة والتسعين. والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ أَعُوذُ بِكَ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنا. بك: الباء حرف جر زائد وهو باء الصفة والاتصال واللصوق وموضعها النصب لأنها قد حلت محل مفعول والكاف ضمير المخاطب للتعظيم مبني على الفتح في محل جر بالباء. بمعنى: اعتصم وأمتنع بك وألجأ اليك والجار والمجرور متعلق بأعوذ.
  • ﴿ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ:
  • جار ومجرور متعلق بأعوذ وحرف الجر لمبتدإ الغاية. الشياطين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى: من وساوس الشياطين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [97] لما قبلها :     ولَمَّا أمرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم بالصبر، وأن يقابل السيئةَ بالحسنةِ؛ أرشده هنا إلى ما به يقوى على ذلك، قال تعالى:
﴿ وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [98] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ

التفسير :

[98]وأستجير بك -يا رب- مِن حضورهم في شيء من أموري.

{ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} أي:أعوذ بك من الشر الذي يصيبني بسبب مباشرتهم وهمزهم ومسهم، ومن الشر الذي بسبب حضورهم ووسوستهم، وهذهاستعاذة من مادة الشر كله وأصله، ويدخل فيها، الاستعاذة من جميع نزغات الشيطان، ومن مسه ووسوسته، فإذا أعاذ الله عبده من هذا الشر، وأجاب دعاءه، سلم من كل شر، ووفق لكل خير.

أى: وقل- أيها الرسول الكريم- يا رب أعوذ بك، واعتصم بحماك، من وساوس الشياطين، ومن نزغاتهم الأثيمة، ومن همزاتهم السيئة، وأعوذ بك يا إلهى وأتحصن بك، من أن يحضرني أحد منهم في أى أمر من أمور ديني أو من دنياى، فأنت وحدك القادر على حمايتى منهم.

وفي هذه الدعوات من الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو المعصوم من همزات الشياطين- تعليم للمؤمنين، وإرشاد لهم، إلى اللجوء- دائما- إلى خالقهم، لكي يدفع عنهم وساوس الشياطين ونزغاتهم.

ثم تنتقل السورة بعد ذلك إلى بيان أقوال هؤلاء المشركين عند ما ينزل بهم الموت، وعند ما تلفح وجوههم النار، وكيف أنهم يلتمسون العودة بذلة ولكن لا يجابون إلى طلبهم، لأنه جاء في غير وقته..

استمع إلى السورة الكريمة وهي تصور أحوالهم عند الاحتضار، وعند الإلقاء بهم في النار فتقول:

وقوله : ( وأعوذ بك رب أن يحضرون ) أي : في شيء من أمري; ولهذا أمر بذكر الله في ابتداء الأمور وذلك مطردة للشياطين عند الأكل والجماع والذبح ، وغير ذلك من الأمور; ولهذا روى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " اللهم إني أعوذ بك من الهرم ، وأعوذ بك من الهدم ومن الغرق ، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم ، من الفزع : " بسم الله ، أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ، ومن شر عباده ، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون " قال : فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه ، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها ، كتبها له ، فعلقها في عنقه .

ورواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، من حديث محمد بن إسحاق ، وقال الترمذي : حسن غريب .

وقوله: ( وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ) يقول: وقل أستجير بك ربِّ أن يحضرون في أموري.

كالذي حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ) في شيء من أمري.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[98] ﴿وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ﴾ أعوذ بالله أن يحضرون مجرد حضور، حتى وإن لم يهمزوا لي ويوسوسوا إلي، فهذا طلب وقائي إضافي، وصمام أمان رباني.
وقفة
[98] ﴿وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ﴾ أي: في شيء من أمري، ولهذا أمر بذكر الله في ابتداء الأمور وذلك مطردة للشياطين.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. ان: حرف مصدرية ونصب. يحضرون:فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. النون: نون الوقاية. والكسرة دالة على ياء المتكلم المحذوفة خطا واختصارا اكتفاء بالكسرة والياء المحذوفة ضمير متصل في محل نصب مفعول به والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يحضرون» صلة «أن» المصدرية لا محل لها. و «أن» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف تقديره «من» والجار والمجرور متعلق بأعوذ. التقدير: من حومة أو حومان الشياطين حولي. بمعنى: يحومون حولي أو يصيبوني بسوء.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [98] لما قبلها :     وبعد أن أمرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم بالتعوذِ من هَمَزَاتِ الشياطين؛ أمره هنا بالتعوذ من حضورهم، قال تعالى:
﴿ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [99] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ..

التفسير :

[99] يخبر الله تعالى عن حال المحتضر من الكافرين أو المفرطين في أمره تعالى، حتى إذا أشرف على الموت، وشاهد ما أُعِدَّ له من العذاب قال:رب ردُّوني إلى الدنيا.

تفسير الآيتين 99 و100

يخبر تعالى عن حال من حضره الموت، من المفرطين الظالمين، أنه يندم في تلك الحال، إذا رأى مآله، وشاهد قبح أعماله فيطلب الرجعة إلى الدنيا، لا للتمتع بلذاتها واقتطاف شهواتها وإنما ذلك يقول:{ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} من العمل، وفرطت في جنب الله.{ كَلَّا} أي:لا رجعة له ولا إمهال، قد قضى الله أنهم إليها لا يرجعون،{ إِنَّهَا} أي:مقالته التي تمنى فيها الرجوع إلى الدنيا{ كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} أي:مجرد قول باللسان، لا يفيد صاحبه إلا الحسرة والندم، وهو أيضا غير صادق في ذلك، فإنه لو رد لعاد لما نهي عنه.

{ وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أي:من أمامهم وبين أيديهم برزخ، وهو الحاجز بين الشيئين، فهو هنا:الحاجز بين الدنيا والآخرة، وفي هذا البرزخ، يتنعم المطيعون، ويعذب العاصون، من موتهم إلى يوم يبعثون، أي:فليعدوا له عدته، وليأخذوا له أهبته.

وقوله- تعالى-: حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ.. بيان لحال الكافرين عند ما يدركهم الموت. و «حتى» حرف ابتداء.. والمراد بمجيء الموت: مجيء علاماته.

أى: أن هؤلاء الكافرين يستمرون في لجاجهم وطغيانهم، حتى إذا فاجأهم الموت، ونزلت بهم سكراته، ورأوا مقاعدهم في النار، قال كل واحد منهم يا رب ارجعنى إلى الدنيا، لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ أى: لكي أعمل عملا صالحا فيما تركت خلفي من عمرى في أيام الدنيا، بأن أخلص لك العبادة والطاعة وأتبع كل ما جاء به نبيك من أقوال وأفعال.

وجاء لفظ ارْجِعُونِ بصيغة الجمع. لتعظيم شأن المخاطب، وهو الله- تعالى- واستدرار عطفه- عز وجل-.

أو أن هذا الكافر استغاث بالله- تعالى- فقال: «رب» ثم وجه خطابه بعد ذلك إلى خزنة النار من الملائكة فقال: «ارجعون» .

يخبر تعالى عن حال المحتضر عند الموت ، من الكافرين أو المفرطين في أمر الله تعالى ، وقيلهم عند ذلك ، وسؤالهم الرجعة إلى الدنيا ، ليصلح ما كان أفسده في مدة حياته; ولهذا قال : ( رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا ) كما قال تعالى : ( وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين . ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون ) [ المنافقون : 10 ، 11 ] ، وقال تعالى : ( وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ) [ إبراهيم : 44 ] ، وقال تعالى : ( يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل ) [ الأعراف : 53 ] ، وقال تعالى : ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ) [ السجدة : 12 ] ، وقال تعالى : ( ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين . بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [ الأنعام : 27 ، 28 ] ، وقال تعالى : ( وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل ) [ الشورى : 44 ] ، وقال تعالى : ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير ) [ غافر : 11 ، 12 ] ، وقال تعالى : ( وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير ) [ فاطر : 37 ] ، فذكر تعالى أنهم يسألون الرجعة ، فلا يجابون ، عند الاحتضار ، ويوم النشور ووقت العرض على الجبار ، وحين يعرضون على النار ، وهم في غمرات عذاب الجحيم .

وقوله : هاهنا : ( كلا إنها كلمة هو قائلها ) : كلا حرف ردع وزجر ، أي : لا نجيبه إلى ما طلب ولا نقبل منه .

وقوله : ( كلا إنها كلمة هو قائلها ) : قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أي لا بد أن يقولها لا محالة كل محتضر ظالم .

ويحتمل أن يكون ذلك علة لقوله : " كلا " ، أي : لأنها كلمة ، أي : سؤاله الرجوع ليعمل صالحا هو كلام منه ، وقول لا عمل معه ، ولو رد لما عمل صالحا ، ولكان يكذب في مقالته هذه ، كما قال تعالى : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون )

وقال محمد بن كعب القرظي : ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ) قال : فيقول الجبار : ( كلا إنها كلمة هو قائلها ) .

وقال عمر بن عبد الله مولى غفرة : إذا سمعت الله يقول : ( كلا ) فإنما يقول : كذب .

وقال قتادة في قوله تعالى : ( حتى إذا جاء أحدهم الموت ) : قال : كان العلاء بن زياد يقول : لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت ، فاستقال ربه فأقاله ، فليعمل بطاعة الله عز وجل .

وقال قتادة : والله ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة ، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله ، فانظروا أمنية الكافر المفرط فاعملوا بها ، ولا قوة إلا بالله . وعن محمد بن كعب القرظي نحوه .

وقال محمد بن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن يوسف ، حدثنا فضيل يعني : ابن عياض عن ليث ، عن طلحة بن مصرف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : إذا وضع يعني : الكافر في قبره ، فيرى مقعده من النار . قال : فيقول : رب ، ارجعون أتوب وأعمل صالحا . قال : فيقال : قد عمرت ما كنت معمرا . قال : فيضيق عليه قبره ، قال : فهو كالمنهوش ، ينام ويفزع ، تهوي إليه هوام الأرض وحياتها وعقاربها .

وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثني سلمة بن تمام ، حدثنا علي بن زيد . عن سعيد بن المسيب ، عن عائشة ، أنها قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور!! تدخل عليهم في قبورهم حيات سود أو : دهم حية عند رأسه ، وحية عند رجليه ، يقرصانه حتى يلتقيا في وسطه ، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله تعالى : ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )

وقال أبو صالح وغيره في قوله تعالى : ( ومن ورائهم ) يعني : أمامهم .

وقال مجاهد : البرزخ : الحاجز ما بين الدنيا والآخرة .

وقال محمد بن كعب : البرزخ : ما بين الدنيا والآخرة . ليسوا مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون ، ولا مع أهل الآخرة يجازون بأعمالهم .

وقال أبو صخر : البرزخ : المقابر ، لا هم في الدنيا ، ولا هم في الآخرة ، فهم مقيمون إلى يوم يبعثون .

وفي قوله : ( ومن ورائهم برزخ ) : تهديد لهؤلاء المحتضرين من الظلمة بعذاب البرزخ ، كما قال : ( من ورائهم جهنم ) [ الجاثية : 10 ] وقال ( ومن ورائه عذاب غليظ ) [ إبراهيم : 17 ] .

وقوله : ( إلى يوم يبعثون ) أي : يستمر به العذاب إلى يوم البعث ، كما جاء في الحديث : " فلا يزال معذبا فيها " ، أي : في الأرض .

يقول تعالى ذكره: حتى إذا جاء أحدَ هؤلاء المشركين الموتُ، وعاين نـزول أمر الله به، قال:- لعظيم ما يعاين مما يَقْدم عليه من عذاب الله تندّما على ما فات، وتلهُّفا على ما فرط فيه قبل ذلك، من طاعة الله ومسألته للإقالة-: ( رَبِّ ارْجِعُونِ ) إلى الدنيا فردّوني إليها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[99] ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ تذكر الموت خير ما يوقظ الإنسان من الغفلة.
وقفة
[99] ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ قال القرطبي: «ودلَّت الآية على أن أحدًا لا يموت حتى يعرف اضطرارًا أهو من أولياء الله أم من أعداء الله، ولولا ذلك لما سأل الرجعة».
وقفة
[99] ﴿حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ رَبِّ ارجِعونِ﴾ الكلمة (أَحَدَهُمُ) تعنى من لا قيمة له ولا فائدة، فلم يذكر الله له اسمًا ولا وصفًا استهزاءً بهم.
وقفة
[99] ﴿حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ رَبِّ ارجِعونِ﴾ يا رب سلم نسألك ثباتًا على الحق حتى نلقاك.
عمل
[99، 100] ﴿قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ صيحة لا جدوى لها تنم عن ندم؛ فاعمل الآن قبل أن تقولها، ويقال لك: ﴿كلا﴾
وقفة
[99، 100] غربة (الدنيا) بدون (صاحب) شديدة، لكن أشد منها غربة القبر بدون عمل صالح؛ فاستكثروا من المؤنسات، وإياكم والموحشات ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا﴾.
عمل
[99، 100] ﴿قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ تخيل قد عدت، ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا﴾ أنت فى الأمنية؛ فاعمل.
عمل
[99، 100] ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾ لا تغفل عن تلك الساعة العظيمة التي يتمنى فيها الكافر الرجوع ليعمل ما يرضي الله.
وقفة
[99، 100] ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾ قال قتادة: «والله ما تمنى أن يرجع إلى أهلٍ ولا إلى عشيرة، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله، فانظروا أمنية الكافر المفرِّط فاعملوا بها!».
وقفة
[99، 100] هل تشعر بنعمة بلوغ رمضان؟ فقط تذكر كلمة ذلك المحتضر الذي قال: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾! وتذكر صرخة أهل النار: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا﴾ [فاطر: 37]، فيا بشراك يا من بلغت مواسم الخيرات، ووفقت لعمل الصالحات.

الإعراب :

  • ﴿ حَتّى إِذا:
  • حتى: حرف غاية وابتداء متعلق بيصفون التي وردت في الآية السادسة والتسعين وقد فصلت عنها بآيتين كريمتين على وجه الاعتراض والتأكيد بمعنى: لا يزالون على سوء الذكر الى هذا الوقت. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه وهو أداة شرط‍ غير جازمة. والجملة الفعلية بعده: في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ:
  • جاء: فعل ماض مبني على الفتح. أحد: مفعول به مقدم منصوب بالفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. الموت: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. وجملة «قال» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها.
  • ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ:
  • ربّ: سبق اعرابها. ارجعون: فعل دعاء وتوسل بصيغة طلب مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وخوطب الله سبحانه بلفظ‍ الجمع للتعظيم والتفخيم. أو يكون بتقدير: يا ملائكة ربي ارجعوني بحذف المضاف. النون نون الوقاية والنون المحذوفة اكتفاء بالكسرة الدالة عليها ضمير متصل -ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به. وجملة «ارجعون» في محل نصب مفعول به-مقول القول-بمعنى: ربي ارجعني الى الدنيا وفي هذا الدعاء رغبة في العودة الى الدنيا للتكفير عن الذنوب والعمل عملا صالحا.'

المتشابهات :

الأنعام: 61﴿وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا
المؤمنون: 99﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [99] لما قبلها :     وبعد الحديث عن العذاب الدنيوي للمكذبين؛ ذكرَ اللهُ هنا حالَهم عند مجيءِ الموتِ، وتمنِّيهم الرجوعَ للدنيا، قال تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [100] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ..

التفسير :

[100] لعلي أستدرك ما ضيَّعْتُ من الإيمان والطاعة. ليس له ذلك، فلا يجاب إلى ما طَلَب، ولا يُمْهَل، فإنما هي كلمة هو قائلها قولاً لا ينفعه، وهو فيه غير صادق، فلو رُدَّ إلى الدنيا لعاد إلى ما نُهي عنه، وسيبقى المتوفَّون في الحاجز والبَرْزخ الذي بين الدنيا وا

تفسير الآيتين 99 و100

يخبر تعالى عن حال من حضره الموت، من المفرطين الظالمين، أنه يندم في تلك الحال، إذا رأى مآله، وشاهد قبح أعماله فيطلب الرجعة إلى الدنيا، لا للتمتع بلذاتها واقتطاف شهواتها وإنما ذلك يقول:{ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} من العمل، وفرطت في جنب الله.{ كَلَّا} أي:لا رجعة له ولا إمهال، قد قضى الله أنهم إليها لا يرجعون،{ إِنَّهَا} أي:مقالته التي تمنى فيها الرجوع إلى الدنيا{ كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} أي:مجرد قول باللسان، لا يفيد صاحبه إلا الحسرة والندم، وهو أيضا غير صادق في ذلك، فإنه لو رد لعاد لما نهي عنه.

{ وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أي:من أمامهم وبين أيديهم برزخ، وهو الحاجز بين الشيئين، فهو هنا:الحاجز بين الدنيا والآخرة، وفي هذا البرزخ، يتنعم المطيعون، ويعذب العاصون، من موتهم إلى يوم يبعثون، أي:فليعدوا له عدته، وليأخذوا له أهبته.

و «لعل» في قوله تعالى: لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً للتعليل. أى: ارجعون لكي أعمل عملا صالحا.

وفي معنى هذه الآية وردت آيات كثيرة، منها قوله- تعالى-: ... وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ .

وقوله- سبحانه- وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ. رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا، فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ .

ثم بين- سبحانه- الجواب عليهم فقال: كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها، وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.

و «كلا» حرف زجر وردع. والبرزخ: الحاجز والحاجب بين الشيئين لكي لا يصل أحدهما إلى الآخر. والمراد بالكلمة: ما قاله هذا الكافر. أى: رب ارجعون.

أى: يقال لهذا الكافر النادم: كلا، لا رجوع إلى الدنيا إِنَّها أى قوله رب ارجعون، كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ولن تجديه شيئا، لأنه قالها بعد فوات الأوان لنفعها، وَمِنْ وَرائِهِمْ أى: ومن أمام هذا الكافر وأمثاله، حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا، وهذا الحاجز مستمر إلى يوم البعث والنشور.

فالمراد بالبرزخ: تلك المدة التي يقضيها هؤلاء الكافرون منذ موتهم إلى يوم يبعثون.

وفي هذه الجملة الكريمة. زجر شديد لهم عن طلب العودة إلى الدنيا. وتيئيس وإقناط لهم من التفكير في المطالبة بالرجعة، وتهديد لهم بعذاب القبر إلى يوم القيامة.

يخبر تعالى عن حال المحتضر عند الموت ، من الكافرين أو المفرطين في أمر الله تعالى ، وقيلهم عند ذلك ، وسؤالهم الرجعة إلى الدنيا ، ليصلح ما كان أفسده في مدة حياته; ولهذا قال : ( رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا ) كما قال تعالى : ( وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين . ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون ) [ المنافقون : 10 ، 11 ] ، وقال تعالى : ( وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ) [ إبراهيم : 44 ] ، وقال تعالى : ( يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل ) [ الأعراف : 53 ] ، وقال تعالى : ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ) [ السجدة : 12 ] ، وقال تعالى : ( ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين . بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [ الأنعام : 27 ، 28 ] ، وقال تعالى : ( وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل ) [ الشورى : 44 ] ، وقال تعالى : ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير ) [ غافر : 11 ، 12 ] ، وقال تعالى : ( وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير ) [ فاطر : 37 ] ، فذكر تعالى أنهم يسألون الرجعة ، فلا يجابون ، عند الاحتضار ، ويوم النشور ووقت العرض على الجبار ، وحين يعرضون على النار ، وهم في غمرات عذاب الجحيم .

وقوله : هاهنا : ( كلا إنها كلمة هو قائلها ) : كلا حرف ردع وزجر ، أي : لا نجيبه إلى ما طلب ولا نقبل منه .

وقوله : ( كلا إنها كلمة هو قائلها ) : قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أي لا بد أن يقولها لا محالة كل محتضر ظالم .

ويحتمل أن يكون ذلك علة لقوله : " كلا " ، أي : لأنها كلمة ، أي : سؤاله الرجوع ليعمل صالحا هو كلام منه ، وقول لا عمل معه ، ولو رد لما عمل صالحا ، ولكان يكذب في مقالته هذه ، كما قال تعالى : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون )

وقال محمد بن كعب القرظي : ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ) قال : فيقول الجبار : ( كلا إنها كلمة هو قائلها ) .

وقال عمر بن عبد الله مولى غفرة : إذا سمعت الله يقول : ( كلا ) فإنما يقول : كذب .

وقال قتادة في قوله تعالى : ( حتى إذا جاء أحدهم الموت ) : قال : كان العلاء بن زياد يقول : لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت ، فاستقال ربه فأقاله ، فليعمل بطاعة الله عز وجل .

وقال قتادة : والله ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة ، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله ، فانظروا أمنية الكافر المفرط فاعملوا بها ، ولا قوة إلا بالله . وعن محمد بن كعب القرظي نحوه .

وقال محمد بن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن يوسف ، حدثنا فضيل يعني : ابن عياض عن ليث ، عن طلحة بن مصرف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : إذا وضع يعني : الكافر في قبره ، فيرى مقعده من النار . قال : فيقول : رب ، ارجعون أتوب وأعمل صالحا . قال : فيقال : قد عمرت ما كنت معمرا . قال : فيضيق عليه قبره ، قال : فهو كالمنهوش ، ينام ويفزع ، تهوي إليه هوام الأرض وحياتها وعقاربها .

وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثني سلمة بن تمام ، حدثنا علي بن زيد . عن سعيد بن المسيب ، عن عائشة ، أنها قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور!! تدخل عليهم في قبورهم حيات سود أو : دهم حية عند رأسه ، وحية عند رجليه ، يقرصانه حتى يلتقيا في وسطه ، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله تعالى : ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )

وقال أبو صالح وغيره في قوله تعالى : ( ومن ورائهم ) يعني : أمامهم .

وقال مجاهد : البرزخ : الحاجز ما بين الدنيا والآخرة .

وقال محمد بن كعب : البرزخ : ما بين الدنيا والآخرة . ليسوا مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون ، ولا مع أهل الآخرة يجازون بأعمالهم .

وقال أبو صخر : البرزخ : المقابر ، لا هم في الدنيا ، ولا هم في الآخرة ، فهم مقيمون إلى يوم يبعثون .

وفي قوله : ( ومن ورائهم برزخ ) : تهديد لهؤلاء المحتضرين من الظلمة بعذاب البرزخ ، كما قال : ( من ورائهم جهنم ) [ الجاثية : 10 ] وقال ( ومن ورائه عذاب غليظ ) [ إبراهيم : 17 ] .

وقوله : ( إلى يوم يبعثون ) أي : يستمر به العذاب إلى يوم البعث ، كما جاء في الحديث : " فلا يزال معذبا فيها " ، أي : في الأرض .

( لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا ) يقول: كي أعمل صالحا فيما تركت قبل اليوم من العمل فضيعته، وفرّطت فيه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي معشر، قال: كان محمد بن كعب القرظي يقرأ علينا: ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ) قال محمد: إلى أيّ شيء يريد؟ إلى أيّ شيء يرغب؟ أجمع المال، أو غَرْس الغِراس، أو بَنْي بُنيان، أو شق أنهار؟ : ( لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ) يقول الجبار: كلا.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( رَبِّ ارْجِعُونِ ) قال: هذه في الحياة الدنيا، ألا تراه يقول: ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ) قال: حين تنقطع الدنيا، ويعاين الآخرة، قبل أن يذوق الموت.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: " إذَا عايَنَ المُؤْمِنُ المَلائِكَةَ قالُوا: نُرْجِعُكَ إلى الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: إلى دار الهُمُومِ والأحْزَان؟ فَيَقُولُ: بَلْ قَدّمَانِي إلى الله، وأمَّا الكافِرُ فَيُقال: نُرْجِعُكَ؟ فَيَقُولُ: ( لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ )..." الآية.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ) يعني أهل الشرك، وقيل: ربّ ارجعون، فابتدأ الكلام بخطاب الله تعالى، ثم قيل: ارجعون فصار إلى خطاب الجماعة، والله تعالى ذكره واحد. وإنما فعل ذلك كذلك؛ لأن مسألة القوم الرد إلى الدنيا إنما كانت منهم للملائكة الذين يقبضون روحهم، كما ذكر ابن جريج أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله. وإنما ابتدئ الكلام بخطاب الله جل ثناؤه، لأنهم استغاثوا به، ثم رجعوا إلى مسألة الملائكة الرجوع والرد إلى الدنيا.

وكان بعض نحويي الكوفة يقول: قيل ذلك كذلك؛ لأنه مما جرى على وصف الله نفسه من قوله: وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا في غير مكان من القرآن، فجرى هذا على ذلك.

قوله: ( كَلا ) يقول تعالى ذكره: ليس الأمر على ما قال هذا المشرك، لن يُرْجع إلى الدنيا، ولن يعاد إليها( كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ) يقول: هذه الكلمة، وهو قوله: (رَبِّ ارْجِعُونِ) كلمة هو قائلها يقول: هذا المشرك هو قائلها.

كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ) لا بد له أن يقولها يقول ( وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ ) يقول: ومن أمامهم حاجز يحجز بينهم وبين الرجوع، يعني: إلى يوم يبعثون من قبورهم، وذلك يوم القيامة، والبرزخ والحاجز والمُهْلة متقاربات في المعنى.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) يقول: أجل إلى حين.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ( وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ ) قال: ما بعد الموت.

حدثني أبو حميد الحِمْصي أحمد بن المغيرة، قال: ثنا أبو حَيْوة شريح بن يزيد، قال: ثنا أرطأة، عن أبي يوسف قال: خرجت مع أبي أمامة في جنازة، فلما وُضِعت في لحدها، قال أبو أمامة: هذا برزخ إلى يوم يُبعثون.

&; 19-71 &;

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا مطر، عن مجاهد، قوله: ( وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) قال: ما بين الموت إلى البعث.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ( بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) قال: حجاب بين الميت والرجوع إلى الدنيا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قَتادة: ( وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) قال: برزخ بقية الدنيا.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادَة، مثله.

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( ومن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) قال: البرزخ ما بين الموت إلى البعث.

حُدِّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عُبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: البرزخ: ما بين الدنيا والآخرة.

التدبر :

عمل
[100] ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا﴾ تذكّر عملًا صالحًا أخّرتَه وبادرْ به، استكثرْ من القُرُبَاتِ، قبل أن يُحالَ بينكَ وبينها بالموتِ.
اسقاط
[100] ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾ ستترك كل شيء في الدنيا؛ فهل عملت فيه صالحًا؟!
وقفة
[100] ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾ قال قتادة: «طلب الرجوع ليعمل صالحًا؛ لا ليجمع الدنيا ويقضي الشهوات».
عمل
[100] ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾ ما زلت اليوم في فسحة، لم تأت تلك الساعة؛ فتدارك نفسك وأحسن العمل.
وقفة
[100] ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾ لا تغفل وتشغلك الدنيا عن هذه الساعة، اليوم عمل بلا حساب، وغدًا حساب بلا عمل؛ فأغتنم يوم عملك ليوم حسابك.
وقفة
[100] تقليب النظر في ملف الزمن: قال قتادة في قوله تعالى: ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾ طلب الرجوع ليعمل صالحًا، لا ليجمع الدنيا، ويقضي الشهوات، فرحم الله امرءًا عمل فيما يتمناه الكافر إذا رأى العذاب.
لمسة
[100] ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا﴾ يجعل الله سبحانه أمنيتهم في الرجعة إلى الدنيا أمنية بعيدة المنال، (كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا)، أي أن قوله: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ لا يتجاوز أن يكون كلامًا صدر من لسان لا جدوى منه وهذا التركيب فيه تيئيس لهم من المغفرة.
عمل
[100] تذكر عملًا صالحًا أخرته، وبادر به، واستكثر من القربات، قبل أن يحال بينك وبينها بالموت، واسأل الله حسن الختام، ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾.
وقفة
[100] ﴿كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا﴾ قال الإمام السمعاني: «يعني: سؤال الرجعة، وقد قال أهل العلم من السلف: لا يسأل الرجعة عبد له عند الله ذرة من خير؛ لأنه إذا كان له خير عند الله فهو يحب القدوم عليه».

الإعراب :

  • ﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ:
  • حرف مشبه بالفعل يفيد الترجي والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسم «لعل» أعمل: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنا. وجملة «أعمل» في محل رفع خبر «لعل».
  • ﴿ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. فيما: في: حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بأعمل. تركت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع فاعل. وجملة «تركت» صلة الموصول لا محل لها والعائد ضمير منصوب محلا لأنه مفعول به. والتقدير: فيما تركته. بمعنى: بما تركته من الايمان وأعمل فيه صالحا. أو في الايمان الذي تركته
  • ﴿ كَلاّ إِنَّها كَلِمَةٌ:
  • كلا: حرف ردع وزجر وفيه معنى الإنكار والاستبعاد عن الطلب. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «ها» ضمير متصل في محل نصب اسم «إن» كلمة: خبرها مرفوع بالضمة والمراد بالكلمة: الطائفة من الكلام المنتظم بعضها مع بعضها وهي قوله-لعلي أعمل صالحا فيما تركت.
  • ﴿ هُوَ قائِلُها:
  • هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. قائل: خبر «هو» مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل في محل جر مضاف اليه. والجملة هُوَ قائِلُها» في محل رفع صفة-نعت-لكلمة بمعنى: هو قائلها وحده لايجاب اليها ولا تسمع منه. أي ان قوله هذا كلمة لا تتحقق. وقد أضيف اسم الفاعل «قائل» الى معموله «ها».
  • ﴿ وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ:
  • الواو استئنافية. من وراء: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. برزخ: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. بمعنى: وأمامهم حائل بينهم وبين الرجعة أي حجاب يحول دون ذلك.
  • ﴿ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ:
  • بمعنى: الى يوم البعث. أي القيامة. أي لا رجعة يوم البعث إلاّ الى الآخرة وليس المعنى أنهم يرجعون يوم البعث. إلى يوم:جار ومجرور وقد أضيف الاسم المجرور «يوم» وهو ظرف زمان والمقصود بذلك اضافته الى المصدر من «يبعثون» وهو البعث. يبعثون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون وهو مبني للمجهول والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والجملة الفعلية «يبعثون» في محل جر بمعنى الى يوم الدين لأن المعنى واحد ولكن خولف بين العبارات سلوكا بالكلام طريقة البلاغة.'

المتشابهات :

الأعراف: 14﴿قَالَ أَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
الحجر: 36﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
المؤمنون: 100﴿وَمِن وَرَآئِهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
الصافات: 144﴿لَلَبِثَ فِي بَطۡنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
ص: 79﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [100] لما قبلها :     وبعد بيان تمني الكفار الرجوع إلى الدنيا؛ ذكرَ اللهُ هنا أنهم لم يتمنوا الرجوع للدنيا للتمتع بلذاتها، بل ليصلحوا ما كانوا قد أفسدوا حال حياتهم، قال تعالى:
﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [101] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا ..

التفسير :

[101] فإذا كان يوم القيامة، ونفخ المَلَك المكلَّف في «القَرْن»، وبُعِثَ الناس من قبورهم، فلا تَفاخُرَ بالأنساب حينئذ كما كانوا يفتخرون بها في الدنيا، ولا يسأل أحد أحداً.

يخبر تعالى عن هول يوم القيامة، وما في ذلك اليوم، من المزعجات والمقلقات، وأنه إذا نفخ في الصور نفخة البعث، فحشر الناس أجمعون، لميقات يوم معلوم، أنه يصيبهم من الهول ما ينسيهم أنسابهم، التي هي أقوى الأسباب، فغير الأنساب من باب أولى، وأنه لا يسأل أحد أحدا عن حاله، لاشتغاله بنفسه، فلا يدري هل ينجو نجاة لا شقاوة بعدها؟ أو يشقى شقاوة لا سعادة بعدها؟ قال تعالى:{ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ* لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أن ما ينفع الناس يوم القيامة إنما هو إيمانهم وعملهم، لا أحسابهم ولا أنسابهم. فقال- تعالى-: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ.

والأنساب: جمع نسب. والمراد به القرابة، والمراد بالنفخ في الصور: النفخة الثانية التي يقع عندها البعث والنشور. وقيل: النفخة الأولى التي عندها يحيى الله الموتى.

والمراد بنفي الأنساب: انقطاع آثارها التي كانت مترتبة عليها في الدنيا، من التفاخر بها، والانتفاع بهذه القرابة في قضاء الحوائج.

أى: فإذا نفخ إسرافيل- عليه السلام- في الصور- وهو آلة نفوض هيئتها إلى الله- تعالى-، فلا أنساب ولا أحساب بين الناس نافعة لهم في هذا الوقت، إذ النافع في ذلك الوقت هو الإيمان والعمل الصالح.

ولا هم يتساءلون فيما بينهم لشدة الهول، واستيلاء الفزع على النفوس ولا تنافى بين هذه الآية، وبين قوله- تعالى-: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ فإن كل آية تحكى حالة من الحالات، ويوم القيامة له مواقف متعددة، فهم لا يتساءلون من شدة الهول في موقف. ويتساءلون في آخر عند ما يأذن الله- تعالى- لهم بذلك.

يخبر تعالى أنه إذا نفخ في الصور نفخة النشور ، وقام الناس من القبور ، ( فلا أنساب بينهم ) أي : لا تنفع الأنساب يومئذ ، ولا يرثي والد لولده ، ولا يلوي عليه ، قال الله تعالى : ( ولا يسأل حميم حميما . يبصرونهم ) [ المعارج : 10 ، 11 ] أي : لا يسأل القريب قريبه وهو يبصره ، ولو كان عليه من الأوزار ما قد أثقل ظهره ، وهو كان أعز الناس عليه كان في الدنيا ، ما التفت إليه ولا حمل عنه وزن جناح بعوضة ، قال الله تعالى : ( يوم يفر المرء من أخيه . وأمه وأبيه . وصاحبته وبنيه . لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) [ عبس : 34 37 ] .

وقال ابن مسعود : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد : ألا من كان له مظلمة فليجئ فليأخذ حقه : قال : فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيرا; ومصداق ذلك في كتاب الله : ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) رواه ابن أبي حاتم .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثتنا أم بكر بنت المسور بن مخرمة ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن المسور هو ابن مخرمة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاطمة بضعة مني ، يقبضني ما يقبضها ، ويبسطني ما يبسطها وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري " .

هذا الحديث له أصل في الصحيحين عن المسور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فاطمة بضعة مني ، يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر ، حدثنا زهير ، عن عبد الله بن محمد ، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر : " ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنفع قومه؟ بلى ، والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة ، وإني أيها الناس فرط لكم ، إذا جئتم " قال رجل : يا رسول الله ، أنا فلان بن فلان ، [ وقال أخوه : أنا فلان ابن فلان ] فأقول لهم : " أما النسب فقد عرفت ، ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى " .

وقد ذكرنا في مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من طرق متعددة عنه ، رضي الله عنه : أنه لما تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهما ، قال : أما والله ما بي إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كل سبب ونسب فإنه منقطع يوم القيامة ، إلا سببي ونسبي " .

رواه الطبراني ، والبزار والهيثم بن كليب ، والبيهقي ، والحافظ الضياء في " المختارة " وذكرنا أنه أصدقها أربعين ألفا; إعظاما وإكراما ، رضي الله عنه; فقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق أبي القاسم البغوي : حدثنا سليمان بن عمر بن الأقطع ، حدثنا إبراهيم بن عبد السلام ، عن إبراهيم بن يزيد ، عن محمد بن عباد بن جعفر ، سمعت ابن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري " . وروي فيها من طريق عمار بن سيف ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : " سألت ربي عز وجل ألا أتزوج إلى أحد من أمتي ، ولا يتزوج إلي أحد منهم ، إلا كان معي في الجنة ، فأعطاني ذلك " . ومن حديث عمار بن سيف ، عن إسماعيل ، عن عبد الله بن عمرو .

اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله: ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ ) من النفختين أيّتُهما عُنِيَ بِها، فقال بعضهم: عُنِي بها النفخة الأولى.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام بن سلم، قال: ثنا عمرو بن مطرف، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبير، أن رجلا أتى ابن عباس فقال: سمعت الله يقول: ( فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ). .. الآية، وقال في آية أخرى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ فقال: أما قوله: ( فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) فذلك في النفخة الأولى، فلا يبقى على الأرض شيء ( فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) وأما قوله: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن السدي، في قوله: ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) قال: في النفخة الأولى.

حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) فذلك حين ينفخ في الصور، فلا حي يبقى إلا الله وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ فذلك إذا بُعثوا في النفخة الثانية.

قال أبو جعفر: فمعنى ذلك على هذا التأويل: فإذا نفخ في الصور، فصَعِق مَنْ في السماوات وَمَن في الأرض إلا مَنْ شاء الله، فلا أنساب بينهم يومئذ يتواصلون بها، ولا يتساءلون، ولا يتزاورون، فيتساءلون عن أحوالهم وأنسابهم.

وقال آخرون: بل عُنِي بذلك النفخة الثانية.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن فضيل، عن هارون بن أبي وكيع، قال: سمعت زاذان يقول: أتيت ابن مسعود، وقد اجتمع الناس إليه في داره، فلم أقدر على مجلس، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، من أجل أني رجل من العجم تَحْقِرُني؟ قال: ادْنُ! قال: فدنوت، فلم يكن بيني وبينه جليس، فقال: يؤخَذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رءوس الأوّلين والآخرين، قال: وينادي مناد: ألا إن هذا فلان ابن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه، قال: فتفرح المرأة يومئذ أن يكون لها حقّ على ابنها، أو على أبيها، أو على أخيها، أو على زوجها( فلا أنساب بينهم يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ).

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن هارون بن عنترة، عن زاذان، قال: سمعت ابن مسعود يقول: يؤخذ العبد أو الأمة يوم القيامة، فينصب على رءوس الأولين والآخرين، ثم ينادي مناد، ثم ذكر نحوه، وزاد فيه: فيقول الربّ تبارك وتعالى للعبد: أعط هؤلاء حقوقهم، فيقول: أي ربّ، فَنِيت الدنيا، فمن أين أعطيهم؟ فيقول للملائكة: خذوا من أعماله الصالحة وأعطوا لكل إنسان بقدر طلبته، فإن كان له فضلُ مثقال حبة من خردل ضاعفها الله له حتى يدخله بها الجنة، ثم تلا ابن مسعود إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا وإن كان عبدا شقيا، قالت الملائكة: ربنا، فنيت حسناتُه وبقي طالبون كثير، فيقول: خذوا من أعمالهم السيئة فأضيفوها إلى سيئاته، وصُكُّوا له صَكًّا إلى النار.

قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج: ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) قال: لا يسأل أحد يومئذ بنسب شيئا، ولا يتساءلون، ولا يمتُّ إليه برحم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني محمد بن كثير، عن حفص بن المغيرة، عن قتادة، قال: ليس شيء أبغض إلى الإنسان يوم القيامة من أن يرى من يعافه، مخافة أن يذوب له عليه شيء، ثم قرأ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ .

قال: ثنا الحسن، قال: ثنا الحكم بن سنان، عن سدُوس صاحب السائريّ، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةِ، وأهْلُ النَّار النَّارَ، نادى مُنادٍ منْ أهْلِ العَرْشِ: يا أهْلَ التَّظالُمِ تَدَارَكُوا مَظالمكُمْ، وادْخُلوا الجنَّةَ.".

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[101] ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَينَهُم﴾ قد يحزنك أنك لست نسيبًا أو تعاني في مجتمع عنصري، أول معايير الدنيا سقوطًا: النسب.
وقفة
[101] ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ﴾ في الآية إشارة على أن التفاخر بالأنساب لا ينفع بالآخرة، فكذلك هو في الدنيا.
وقفة
[101] ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ قال قتادة: «وليس أحد أبغض إلى الإنسان في ذلك اليوم ممن يعرف، لأنه يخاف أن يكون له عنده مظلمة».
وقفة
[101] ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ إنما تقطعت الروابط، وسقطت القيم التي كانوا يتعارفون عليها في الدنيا، فلا أنساب بينهم، وشملهم الهول بالصمت، فهم ساكنون لا يتحدثون.
وقفة
[101] ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ يخبر سبحانه وتعالى عن أهوال يوم القيامة عند النفخ في الصور، فلا ينفع النسب ولا القرابة، بل ينسى الإنسان أهله وخلانه، فكلٌ مشتغلٌ بنفسه يرجو النجاة.
وقفة
[101] قال رجل لزهير بن نعيم: ممن أنت يا أبا عبد الرحمن؟ قال: ممن أنعم الله عليه بالإسلام؛ قال: إنما أريد النسب، قال: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾.
وقفة
[101] كيف يفخر بنسبه ولونه من علم أن الأنساب تتقطع يوم القيامة؛ فلا يعول عليها، ولا ينظر فيها! ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾.
وقفة
[101] ﴿فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ﴾ المعنى: أنه ينقطع يومئذ التعاطف والشفقة التي بين القرابة؛ لاشتغال كل أحد بنفسه؛ كقوله: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ﴾ [عبس: 34، 35].
وقفة
[101] ﴿فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ﴾ العبرةُ في القيامةِ بالعملِ لا بالنسبِ.
وقفة
[101] ﴿فَلَا أنسَابَ بَيْنَهُمْ﴾ لا تتفاخر بنسَبِك وحسبِك؛ فأبو لهب لم يمْنعهُ نسبُه مِن دخول النَّار، وهُو عمُّ الرَّسول، بينمَا بلَال بن رَباح كانَ عبدًا مَملوكًا لقُريش، وأصبحَ مؤذِّنًا في جنَّاتِ النَّعِيم.
وقفة
[101] ﴿فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون﴾، وقال تعالى أيضًا: ﴿يوم يفر المرء من أخيه﴾ [عبس: 34]، وقال تعالى: ﴿وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون﴾ [الطور: 25]؟ الجواب: أنه لا أنساب بينهم تنفع كما كانت تنفع في الدنيا، ووجه آخر: أن في القيامة مواطن كما تقدم، ففي بعضها لا يتساءلون لاشتغالهم كل بنفسه، وفى بعضها يتساءلون.
وقفة
[101] ﴿وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ الكل مشغول بكربه، خائف من ذنبه، قلق من مصيره ومستقره، فلا يسأل أحد أحدًا عن أي شيء.
وقفة
[101] فتكون الأنساب كأنها معدومة ﴿وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ أي: لا يسأل بعضهم بعضًا؛ لاشتغال كل أحد بنفسه، فإن قيل: كيف الجمع بين هذا وبين قوله: ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ [الصافات: 27]؟ فالجواب: أن ترك التساؤل عند النفخة الأولى، ثم يتساءلون بعد ذلك؛ فإن يوم القيامة يوم طويل فيه مواقف كثيرة.

الإعراب :

  • ﴿ فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ:
  • الفاء: استئنافية. إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه متعلق بجوابه وهو أداة شرط‍ غير جازمة.نفخ: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. في الصور: جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل. وجملة نُفِخَ فِي الصُّورِ» في محل جر مضاف اليه.
  • ﴿ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ:
  • الجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.لا: نافية للجنس تعمل عمل- انّ -أنساب: اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب بالواو. وخبرها محذوف وجوبا. بين: ظرف مكان متعلق بخبر «لا» منصوب على الظرفية وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. بمعنى: فاذا بعث الموتى يوم القيامة للحساب فلا تفيدهم أو تنفعهم أنسابهم التي سبق ان تفاخروا بها وهم أحياء.
  • ﴿ يَوْمَئِذٍ:
  • ظرف زمان منصوب بالفتحة وهو مضاف. إذ: اسم مبني على السكون الذي حرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين سكونه وسكون التنوين في محل جر بالاضافة. وقد نونت كلمة «اذ» لمزيتها حيث إن الاسماء لا تضاف الى الحروف.
  • ﴿ وَلا يَتَساءَلُونَ:
  • الواو استئنافية. ويجوز أن تكون عاطفة على معنى: لا يتفاخرون ولا يتساءلون. لا: نافية لا عمل لها. يتساءلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والفعل من أفعال المشاركة بمعنى لا يسأل أحدهم أحدا أو بعضهم بعضا لانشغالهم بهول ذلك الوقت وهو يوم القيامة.'

المتشابهات :

الأنعام: 73﴿وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
طه: 102﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا
النبإ: 18﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا
النمل: 87﴿وَ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [101] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الموت؛ جاء هنا ذكرُ النفخ في الصور، وبيان أن ما ينفع الناس في الآخرة ليس الأنساب، ولا أن يسأل أحدٌ أحدًا، قال تعالى:
﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الصور:
وقرئ:
1- بفتح الواو، جمع «صورة» ، وهى قراءة ابن عباس، والحسن، وابن عياش.
2- بكسر الصاد وفتح الواو، وهى قراءة أبى رزين.

مدارسة الآية : [102] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ..

التفسير :

[102] فمن كثرت حسناته وثَقُلَتْ بها موازين أعماله عند الحساب، فأولئك هم الفائزون بالجنة.

وفي القيامة مواضع، يشتد كربها، ويعظم وقعها، كالميزان الذي يميز به أعمال العبد، وينظر فيه بالعدل ما له وما عليه، وتبين فيه مثاقيل الذر، من الخير والشر،{ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} بأن رجحت حسناته على سيئاته{ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} لنجاتهم من النار، واستحقاقهم الجنة، وفوزهم بالثناء الجميل

وقوله- سبحانه-: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ... بيان لما يكون بعد النفخ في الصور من ثواب أو عقاب.

أى: وجاء وقت الحساب بعد النفخ في الصور، فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ أى: موازين أعماله الصالحة، فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فلاحا ليس بعده فلاح.

وقوله : ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ) أي : من رجحت حسناته على سيئاته ولو بواحدة ، قاله ابن عباس .

( فأولئك هم المفلحون ) أي : الذين فازوا فنجوا من النار وأدخلوا الجنة .

وقال ابن عباس : أولئك الذين فازوا بما طلبوا ، ونجوا من شر ما منه هربوا .

يقول تعالى ذكره: ( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ) موازين حسناته، وخفت موازين سيئاته ( فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) يعني: الخالدون في جنات النعيم .

التدبر :

وقفة
[102] ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ أي كَثُرت حسناتُه على سيئاتِه ولو بواحدةٍ، بعضُ النَّاس سيدخلُ النَّارَ بسببِ نقصانِ حسنةٍ واحدةٍ.
وقفة
[102] ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ الميزان واحد، وإنما أطلق عليه اسم الجمع لكثرة ما يوزن فيه من أنواع الأعمال، قال ابن عباس: «الموازين: جمع موزون، وهي الموزونات من الأعمال: أي الصالحات، التي لها وزن وقدر عند الله».
وقفة
[102] ﴿فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ أي: من رجحت حسناته على سيئاته ولو بواحدة؛ قاله ابن عباس.
وقفة
[102] ﴿فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون﴾ إن أردت الفلاح؛ فانشغل بما يثقل ميزانك يوم العرض عليه من الأعمال الصالحة الخالصة لوجهه.
تفاعل
[102] ﴿فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ:
  • الفاء استئنافية. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وخبره الجملة من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع. ثقلت: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بمن والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. موازينه: فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: موزونات أعماله جمع «موزون» وجاء الجواب بصيغة الجمع على معنى «من» لا اللفظ‍.
  • ﴿ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ:
  • الفاء واقعة في جواب الشرط‍ والجملة الاسمية جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم. أولئك: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف للخطاب. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ثان وخبره «المفلحون» وهو اسم مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد بمعنى «الفائزون» والجملة الاسمية هُمُ الْمُفْلِحُونَ» في محل رفع خبر المبتدأ الأول واعراب «هم» ضمير فصل أو عماد ضعيف خشية اللبس وضرورة اعراب «المفلحون» بدلا من «أولئك» لأنه اسم معرف بأل أعقب اسم اشارة. فالاعراب الأول أصوب.'

المتشابهات :

الأعراف: 8﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَـ مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
المؤمنون: 102﴿فَـ مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
القارعة: 6﴿فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [102] لما قبلها :     وبعد بيان أن الأنساب لا تنفع في الآخرة، ولا أن يسأل أحدٌ أحدًا؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن الذي ينفع هو العمل، فمن ثَقُلَتْ موازينُه أفلَحَ، قال تعالى:
﴿ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [103] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ ..

التفسير :

[103] ومن قَلَّتْ حسناته في الميزان، ورجحت سيئاته، وأعظمها الشرك، فأولئك هم الذين خابوا وخسروا أنفسهم، في نار جهنم خالدون.

{ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} بأن رجحت سيئاته على حسناته، وأحاطت بها خطيئاته{ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} كل خسارة، غير هذه الخسارة، فإنها -بالنسبة إليها- سهلة، ولكن هذه خسارة صعبة، لا يجبر مصابها، ولا يستدرك فائتها، خسارة أبدية، وشقاوة سرمدية، قد خسر نفسه الشريفة، التي يتمكن بها من السعادة الأبدية ففوتها هذا النعيم المقيم، في جوار الرب الكريم.

{ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} لا يخرجون منها أبد الآبدين، وهذا الوعيد، إنما هو كما ذكرنا، لمن أحاطت خطيئاته بحسناته، ولا يكون ذلك إلا كافرا، فعلى هذا، لا يحاسب محاسبة من توزن حسناته وسيئاته، فإنهم لا حسنات لهم، ولكن تعد أعمالهم وتحصى، فيوقفون عليها، ويقررون بها، ويخزون بها، وأما من معه أصل الإيمان، ولكن عظمت سيئاته، فرجحت على حسناته، فإنه وإن دخل النار، لا يخلد فيها، كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة.

وَمَنْ خَفَّتْ موازين أعماله الصالحة فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بأن ضيعوها وألقوا بها إلى التهلكة، فهم، فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ فيها خلودا أبديا.

( ومن خفت موازينه ) أي : ثقلت سيئاته على حسناته ، ( فأولئك الذين خسروا أنفسهم ) أي : خابوا وهلكوا ، وباءوا بالصفقة الخاسرة .

وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث ، حدثنا داود بن المحبر ، حدثنا صالح المري ، عن ثابت البناني وجعفر بن زيد ومنصور بن زاذان ، عن أنس بن مالك يرفعه قال : " إن لله ملكا موكلا بالميزان ، فيؤتى بابن آدم ، فيوقف بين كفتي الميزان ، فإن ثقل ميزانه نادى ملك بصوت يسمع الخلائق : سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا ، وإن خف ميزانه نادى ملك بصوت يسمع الخلائق : شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدا " .

إسناده ضعيف ، فإن داود بن المحبر متروك .

ولهذا قال : " في جهنم خالدون " أي : ماكثون ، دائمون مقيمون لا يظعنون .

( وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ) يقول ومن خفَّت موازين حسناته فرجَحَت بها موازين سيئاته ( فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ) يقول: غبنوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله (فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ) يقول: هم في نار جهنم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[103] ﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾ الخسارة الوحيدة المؤكدة هي الخلود في جهنم.
وقفة
[103] ﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾ قال ابن عباس: «غبنوها بأن صارت منازلهم للمؤمنين».
تفاعل
[103] ﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ
  • هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها.الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر «أولئك» ويجوز أن يكون خبرا لمبتدإ محذوف تقديره هم. والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر «أولئك» خسروا: أي أضاعوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.أنفس: مفعول به منصوب بالفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. وجملة خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. و«في» حرف جر. جهنم: اسم مجرور بفي وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-للعلمية والتأنيث. والجار والمجرور «في جهنم» في محل رفع خبر مقدم. خالدون: مبتدأ مؤخر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. والجملة الاسمية فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ» لا محل لها من الاعراب لأنها بدل من صلة الموصول خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ» ويجوز أن تكون في محل رفع خبرا ثانيا لأولئك. أو في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: هم في جهنم خالدون.'

المتشابهات :

الأعراف: 9﴿وَ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ
المؤمنون: 103﴿وَ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
القارعة: 8﴿وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [103] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ أن من ثَقُلَتْ موازينُه أفلَحَ؛ بَيَّنَ هنا أن من خفَّتْ موازينُه خسِرَ، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [104] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا ..

التفسير :

[104] تَحْرقُ النار وجوههم، وهم فيها عابسون تَقَلَّصَتْ شفاههم، وبرزت أسنانهم.

ثم ذكر تعالى، سوء مصير الكافرين فقال:{ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ} أي:تغشاهم من جميع جوانبهم، حتى تصيب أعضاءهم الشريفة، ويتقطع لهبها عن وجوههم،{ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} قد عبست وجوههم، وقلصت شفاههم، من شدة ما هم فيه، وعظيم ما يلقونه

تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ واللفح: الإحراق الشديد يقال: فلان لفحته النار تلفحه لفحا ولفحانا إذا أحرقته.

والكلوح، هو أن تتقلص الشفتان، وتتكشف الأسنان، لأن النار قد أحرقت الشفتين، كما يشاهد- والعياذ بالله- رأس الشاة بعد شويها.

أى: تحرق النار وجوه هؤلاء الأشقياء، وهم فيها متقلصو الشفاه عن الأسنان، من أثر ذلك الإحراق واللفح.

تلفح وجوههم النار ) ، كما قال تعالى : ( وتغشى وجوههم النار ) [ إبراهيم : 50 ] ، وقال ( لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون ) [ الأنبياء : 39 ] .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا فروة بن أبي المغراء ، حدثنا محمد بن سلمان الأصبهاني ، عن أبي سنان ضرار بن مرة ، عن عبد الله بن أبي الهذيل ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن جهنم لما سيق [ إليها ] أهلها يلقاهم لهبها ، ثم تلفحهم لفحة ، فلم يبق لحم إلا سقط على العرقوب " .

وقال ابن مردويه : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى الفزاز ، حدثنا الخضر بن علي بن يونس القطان ، حدثنا عمر بن أبي الحارث بن الخضر القطان ، حدثنا سعد بن سعيد المقبري ، عن أخيه ، عن أبيه ، عن أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى : ( تلفح وجوههم النار ) قال : " تلفحهم لفحة ، فتسيل لحومهم على أعقابهم " .

وقوله : ( وهم فيها كالحون ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : يعني عابسون .

وقال الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود : ( وهم فيها كالحون ) قال : ألم تر إلى الرأس المشيط الذي قد بدا أسنانه وقلصت شفتاه .

وقال الإمام أحمد ، رحمه الله : أخبرنا علي بن إسحاق ، أخبرنا عبد الله هو ابن المبارك ، رحمه الله أخبرنا سعيد بن يزيد ، عن أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وهم فيها كالحون ) ، قال : " تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه ، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته " .

ورواه الترمذي ، عن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك ، به وقال : حسن غريب .

وقوله: ( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) يقول: تَسْفَع وُجوهَهم النارُ.

كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: ( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) قال: تنفح ( وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) والكلوح: أن تتقلص الشفتان عن الأسنان، حتى تبدو الأسنان، كما قال الأعشى:

وَلَـــهُ المُقْـــدَمُ لا مِثْــلَ لَــه

ســاعة الشِّـدْق عَـنِ النَّـابِ كَـلَحْ (2)

فتأويل الكلام: يَسْفَع وجوههم لهبُ النار فتحْرقها، وهم فيها متقلصو الشفاه عن الأسنان؛ من إحراق النار وجوههم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثني عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) يقول: عابسون.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، في قوله: ( وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) قال: ألم تر إلى الرأس المشيط قد بدت أسنانه، وقَلَصت شفتاه .

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص عن عبد الله، قرأ هذه الآية ( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ). .. الآية، قال: ألم تر إلى الرأس المشيط بالنار، وقد قلصت شفتاه وبدت أسنانه .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) قال: ألم تر إلى الغنم إذا مست النار وجوهها كيف هي؟ .

------------------------

الهوامش :

(2) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة ( ديوانه ص 241 بشرح الدكتور محمد حسين ، طبع القاهرة ) . والرماية فيه في الحرب " إذا " في موضع " لا مثل له " . والمقدم بضم الميم مصدر بمعنى الإقدام . وكلح = الشدق : كشر عن الأنياب في عبوس .

يمدح إياس بن قبيصة الطائي ، بأن من صفاته الإقدام في الحرب حين تكره الأبطال النزال ، وتكشر أشداقهم عن أنيابهم ، كرها للحرب ، واستشهد به المؤلف هنا على أن معنى الكلوح تقلص الشفتين عن الأسنان حتى تبدو الأسنان

التدبر :

وقفة
[104] ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ استعيذوا بالله من هذا المصير! اللفح هو الإحراق الشديد، والكلوح هو أن تتقلص الشفتان، وتتكشف الأسنان؛ لأن النار قد أحرقت الشفتين، كما يحدث لرأس الشاة بعد شويها.
تفاعل
[104] ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.

الإعراب :

  • ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ:
  • الجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها بدل من صلة الموصول خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ» أو في محل نصب حال من ضمير «خالدون» تلفح: فعل مضارع مرفوع بالضمة بمعنى: تحرق وجوه: مفعول به منصوب بالفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. النار: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها: في محل نصب حال. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. فيها: جار ومجرور متعلق بخبر «هم» كالحون: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: وهم فيها متقلصة شفاههم عن أسنانهم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [104] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أن من خفَّتْ موازينُه خسِرَ؛ وصفَ هنا حالَهم في النار، قال تعالى:
﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف