2643233343536373839404142434445464748495051

الإحصائيات

سورة الحجر
ترتيب المصحف15ترتيب النزول54
التصنيفمكيّةعدد الصفحات5.50
عدد الآيات99عدد الأجزاء0.25
عدد الأحزاب0.50عدد الأرباع2.00
ترتيب الطول40تبدأ في الجزء14
تنتهي في الجزء14عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 9/29آلر: 5/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (32) الى الآية رقم (44) عدد الآيات (13)

كِبْرُ إبليسَ سببُ طردِه من رحمةِ اللهِ، وتعهدُه بإضلالِ النَّاسِ إلا عبادَ اللهِ المخلَصينَ، فإنَّه لا سلطانَ له عليهم، ثُمَّ تتوعَّدُه الآياتُ وأتباعَه بالعذابِ الأليمِ في الآخرةِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (45) الى الآية رقم (50) عدد الآيات (6)

لمَّا ذكرَ اللهُ جهنَّمَ وأهلَها ومن دَعَاهم إلى قبائحِ الأعمالِ، ذكرَ هنا أهلَ الجَنَّةِ وما لهم فيها من النَّعيمِ الحسِّي والمعنوي.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (51) الى الآية رقم (51) عدد الآيات (1)

القصَّةُ الثانيةُ: قصَّةُ ضُيوفِ إبراهيمَ عليه السلام.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الحجر

حفظ الله لعباده المخلصين وإهلاكه للمعاندين المكذبين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • اسم السورة:   يشير إلى أصحاب الحِجْر (قوم ثمود)، وهم نموذج الطغيان والاستكبار الذين ركنوا إلى حصونهم القوية وقلاعهم الحصينة، وظنوا أن فيها الأمن والأمان والحفظ فلم تغن عنهم شيئًا، فجاءتهم الصيحة لتهلكهم، لنعلم نحن أنَّه لا حافظ إلا الله، وأن الحفظ لا يكون بالوسائل المادية، وإنما بطاعة الله.
  • • سورة الحفظ والعناية الربانية::   سورة الحجر سورة بمجرد قرائتها تشعر بالأمان، إنها سورة الحفظ والعناية الربانية، مع كل آية من آياتها تجد قلبك يطمئن على رزقك، على دينك، على قرآنك، فكيف ذلك؟! لأن رسالتها ببساطة: الله هو حافظ هذا الدين وهذا الكتاب وليس البشر فقط، ادع إلى ربك واعبده ولا تلتفت لاستهزاء حاقد أو كاره للدين، احفظ الله يحفظك.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الحِجْرُ».
  • • معنى الاسم ::   الحِجْرُ: اسم ديار ثمود قوم صالح عليه السلام بوادي القرى بين المدينة والشام.
  • • سبب التسمية ::   لأن ‏الله ‏ذكر ‏فيها ما ‏حدث ‏لقوم ‏صالح ‏وهم ‏قبيلة ‏ثمود ‏وديارهم ‏بالحِجْر.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   كانت تسمى هذه السورة عند حفاظ أهل تونس بسورة «رُبَمَا»، لأن كلمة (رُبَمَا) لم تقع في القرآن كله إلا في أول هذه السورة.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   حفظ الله لعباده المخلصين وإهلاكه للمعاندين المكذبين.
  • • علمتني السورة ::   أن حياة المعرضين عن الله في التلذذ بالمأكل، والتمتع بالشهوات، وطول اﻷمل: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَل فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن طول الأمل داء عضال ومرض مزمن: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   الحجر أن هلاك الأمم مُقَدَّر بتاريخ معين، لا تأخير فيه ولا تقديم: ﴿مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الحجر من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • هي آخر السور الخمس -بحسب ترتيب المصحف- التي افتتحت بحروف التهجي: ﴿الر﴾، وهذه السور هي: يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، والحجر.
    • احتوت سورة الحجر على أطول كلمة في القرآن، وهي: ﴿فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ﴾ (22)، وحروفها 11 حرفًا.
    • احتوت سورة الحجر على آية تعتبر الدليل الأصلي والعمدة في حفظ الله تعالى لكتابه من التحريف والتبديل، وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (9).
    • احتوت سورة الحجر على الموضع الوحيد الذي أقسم الله فيه بنبيه صلى الله عليه وسلم، وذلك في قوله تعالى: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ (72)، ولم يقسم الله تعالى بحياة غير نبيه صلى الله عليه وسلم.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نستشعر بقلوبنا أن الكون كله بيد الله الحافظ العليم، الدين محفوظ، القرآن محفوظ، الرزق محفوظ.
    • أن نحمد الله أن هدانا للإسلام، وندعو الله أن يثبّتنا عليه حتى نلقاه: ﴿رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ (2).
    • أن نستعد للآخرة ونتأهب لها، لا أن يكون أكبر همنا: أن نأكل ونشرب ونتمتع: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ (3).
    • ألا نحزن على قلة أرزاقنا؛ فإن الله أعلم بمصلحتنا منا، فنرضى بما قدره الله لنا: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ (21).
    • أن نحذر من الكبر؛ فإنه معصية الشيطان: ﴿قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ ...﴾ (32-35).
    • ألا يمنعنا من الدعاء ما نعلم من أنفسنا، فإن الله أجاب دعاء شر الخلق: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ *قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ (36، 37).
    • أن نحدد حيلة غلبنا بها الشيطان؛ ثم نفكر في طريقة التخلص منها: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (39).
    • أن نسأل الله أن يعصمنا من الشيطان، وأن يجعلنا من عباده المخلصين: ﴿وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ (39، 40).
    • أن نسامح من ظلمنا، ونعفو عنه لله: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ (47).
    • أن نكون مع الله بين الخوف والرجاء: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ (49-50).
    • أن نبتدئ بالسلام عند دخولنا المنزل، أو عند إقبالنا على مسلم: ﴿إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا﴾ (52).
    • ألا نقنط من رحمة الله تعالى مهما أصابنا في هذه الدنيا: ﴿قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾ (56).
    • ألا نجعل المعارك الجانبية تستهلك أعمارنا، بل نركز على أهدافنا: ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ﴾ (65).
    • أن نعامل إخواننا -وخاصة العمال والخدم- بلطف وبشاشة: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (88).
    • أن نستمر في طاعة الله، فلا تتوقف الطاعات بانتهاء المواسم: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ (99).

تمرين حفظ الصفحة : 264

264

مدارسة الآية : [32] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ ..

التفسير :

[32] قال الله لإبليس:ما لَكَ ألا تسجد مع الملائكة؟

تفسير ألايتين 32 و 33:ـ

قال الله:{ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} فاستكبر على أمر الله وأبدى العداوة لآدم وذريته وأعجب بعنصره، وقال:أنا خير من آدم.

وقوله- سبحانه-: قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ بيان لما وبخ الله- تعالى- به إبليس، ولرد إبليس- لعنه الله- على خالقه- عز وجل-.

أى: قال الله- تعالى- لإبليس على سبيل التوبيخ والزجر: أى سبب حملك على مخالفة أمرى، وجعلك تمتنع عن السجود لمن أمرتك بالسجود له؟

وقد روى ابن جرير هاهنا أثرا غريبا عجيبا من حديث شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما خلق الله الملائكة قال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا سويته فاسجدوا له ، قالوا : لا نفعل ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم ، ثم خلق ملائكة فقال لهم مثل ذلك [ فقالوا : لا نفعل ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم . ثم خلق ملائكة أخرى فقال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فأبوا ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم . ثم خلق ملائكة فقال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له ] قالوا سمعنا وأطعنا ، إلا إبليس كان من الكافرين الأولين

وفي ثبوت هذا عنه بعد ، والظاهر أنه إسرائيلي ، والله أعلم .

فقال الله تعالى ذكره ( يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ) يقول: ما منعك من أن تكون مع الساجدين ، فأن في قول بعض نحويي الكوفة خفض، وفي قول بعض أهل البصرة نصب بفقد الخافض.

التدبر :

وقفة
[23] ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾ اسم الله الوارث معناه: الباقي، أي بعد هلاك الخلق أجمعين؛ لأن الكل يموت إلا صاحب الملكوت.
وقفة
[23] ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾ إن قلتَ: كيف قال ذلك، والوارثُ من يتجدَّدُ له المُلْكُ، بعد فناءِ المورِّث، واللَّهُ تعالى لم يتجدَّدْ له مُلْكٌ، لأنه لم يزل مالكًا للعَالَم؟! قلتُ: الوارثُ لغةً هو الباقي بعد فناءِ غيره، وإن لم يتجدَّدْ له مُلْك، فمعنى الآية: ونحن الباقون بعد فناء الخلائق، أو إنَّ الخلائق لمَّا كانوا يعتقدون أنهم مالكون، ويسمون بذلك أيضًا مجازًا ثم ماتوا، خلُصت الأملاكُ كلُّها للَّهِ تعالى عن ذلك التعلق، فبهذا الاعتبار سُمِّي وارثًا، ونظيرُ ذلك قولُه تعالى: ﴿لِمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ﴾ [غافر: 16]، والمُلْكُ له أزليٌّ وأبديٌّ.
وقفة
[32] ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ سأله الله -وهو أعلم به- ليظهر حقيقته، ولتقوم الحجة على استحقاقه للعقاب.
وقفة
[32] ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾، ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾ [الأعراف: 12]، ﴿أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: 75]، اختلاف العبارات عند الحكاية؛ يدل على أن اللعين قد أدرج في معصية واحدة ثلاث معاص: مخالفة الأمر، ومفارقة الجماعة، والاستكبار مع تحقير آدم.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. أي الله تعالى بمعنى: فسأله الله.
  • ﴿ يا إِبْلِيسُ:
  • يا: أداة نداء. إبليس: منادى مبني على الضم في محل نصب بفعل محذوف ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-للعلمية.
  • ﴿ ما لَكَ أَلاّ تَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ:
  • ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لك: جار ومجرور متعلق بخبر «ما» بمعنى أي غرض لك في إبائك السجود وأي داع لك اليه. ألاّ: أي: في ألاّ بحذف حرف الجر وأن مدغمة بلا. لا: نافية لا عمل لها. وجملة أن تكون مع الساجدين: أعربت في الآية السابقة واسم «تكون» ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. '

المتشابهات :

الحجر: 32﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ
ص: 75﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     ولَمَّا رفضَ إبليسُ أن يسجد؛ سأله اللهُ عز وجل موبخًا ومؤنبًا عن السبب الذي حمله على مخالفة الأمر، قال تعالى:
﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [33] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ ..

التفسير :

[33] قال إبليس مُظهراً كبره وحسده:لا يليق بي أن أسجد لإنسان أوجدْتَهُ من طين يابس كان طيناً أسودَ متغيراً.

تفسير ألايتين 32 و 33:ـ

قال الله:{ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} فاستكبر على أمر الله وأبدى العداوة لآدم وذريته وأعجب بعنصره، وقال:أنا خير من آدم.

فكان رد إبليس: ما كان ليليق بشأنى ومنزلتي أن أسجد مع الساجدين لبشر خلقته- أيها الخالق العظيم- من صلصال من حمأ مسنون.

ومقصود إبليس بهذا الرد إثبات أنه خير من آدم، كما حكى عنه- سبحانه- ذلك في قوله- تعالى- قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ .

وهذا الرد منه يدل على عصيانه لأمر ربه، وعدم الرضا بحكمه، وسوء أدبه مع خالقه- سبحانه-.

قال الآلوسى: وقد أخطأ اللعين حيث ظن أن الفضل كله باعتبار المادة، وما درى أنه يكون باعتبار الفاعل، وباعتبار الصورة، وباعتبار الغاية، بل إن ملاك الفضل والكمال هو التخلي عن الملكات الردية، والتحلي بالمعارف الربانية.

فشمال والكأس فيها يمين ... ويمين لا كأس فيها شمال

وقد روى ابن جرير هاهنا أثرا غريبا عجيبا من حديث شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما خلق الله الملائكة قال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا سويته فاسجدوا له ، قالوا : لا نفعل ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم ، ثم خلق ملائكة فقال لهم مثل ذلك [ فقالوا : لا نفعل ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم . ثم خلق ملائكة أخرى فقال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فأبوا ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم . ثم خلق ملائكة فقال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له ] قالوا سمعنا وأطعنا ، إلا إبليس كان من الكافرين الأولين

وفي ثبوت هذا عنه بعد ، والظاهر أنه إسرائيلي ، والله أعلم .

يقول تعالى ذكره ( قَالَ ) إبليس: ( لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ) وهو من طين وأنا من نار، والنار تأكل الطين.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[33] ﴿قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ يذكر تخلف إبليس عن السجود له من بين سائر الملائكة؛ حسدًا، وكفرًا، وعنادًا، واستكبارًا، وافتخارًا بالباطل.
عمل
[33] ﴿قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ أحِبَّ لغيرك ما تحبُّ لنفسك؛ ففي هذا راحة لقلبك.
وقفة
[33] ﴿قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ أخطأ إبليس؛ لأنه رأى الفضل باعتبار عنصر الطين الذي خلق الله منه آدم، بينما غفل عن أن الله نفخ فيه من روحه.
وقفة
[33] ﴿قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ إبليس أول من أسس بنيان التكبر، وأول من دعا غيره إلى التمرد، فعليه وزر من سار خلفه.
اسقاط
[33] ﴿قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ تسول لنا الشياطين ما يسوغ تعالينا؛ اكبح جماح نفسك.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ لَمْ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لم: حرف نفي وجزم وقلب.
  • ﴿ أَكُنْ لِأَسْجُدَ:
  • فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين. واسمها ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا. لأسجد:اللام: لام الجحود-النفي-لتأكيد النفي الواقع على «أكن» وهي حرف جر.أسجد: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. و «أن» المضمرة بعد اللام وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر «أكن» المحذوف. التقدير: لم أكن مريدا للسجود. وجملة «أسجد» صلة «أن» المصدرية المضمرة لا محل لها من الاعراب. والمعنى: لا يصحّ مني وينافي حالي ويستحيل أن أسجد لبشر.
  • ﴿ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ:
  • جار ومجرور متعلق بأسجد. خلقته: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. وجملة «خلقته» في محل جر صفة-نعت-لبشر.
  • ﴿ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ:
  • أعربت وشرحت في الآية الكريمة السادسة والعشرين. '

المتشابهات :

الحجر: 26﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ
الحجر: 28﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ
الحجر: 33﴿قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     ولَمَّا سألَ اللهُ عز وجل إبليسَ؛ رَدَّ هنا -مُظهرًا كِبْرَه وحسدَه- بأنه لا يليق أن يسجد لمن خُلِقَ من طين يابس، قال تعالى:
﴿ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [34] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ

التفسير :

[34] قال الله تعالى له:فاخرج من الجنة، فإنك مطرود من كل خير

{ قَالَ} الله معاقبا له على كفره واستكباره{ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} أي:مطرود مبعد من كل خير

وقوله- سبحانه-: قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ بيان للحكم العادل الذي أصدره الله- تعالى- على إبليس.

والضمير في قوله: «منها» يعود إلى السماء لأنها مسكن الطائعين الأخيار، أو إلى الجنة لأنها لا يسكنها إلا من أطاع الله- تعالى-، أو إلى المنزلة التي كان فيها قبل طرده من رحمة الله.. أى: قال الله- تعالى- لإبليس على سبيل الزجر والتحقير: فاخرج من جنتي ومن سمائي فإنك رَجِيمٌ مطرود من كل خير وكرامة،

يذكر تعالى أنه أمر إبليس أمرا كونيا لا يخالف ولا يمانع بالخروج من المنزلة التي كان فيها من الملإ الأعلى وأنه رجيم أي مرجوم وأنه قد اتبعته لعنة لا تزال متصلة به لاحقة له متواترة عليه إلى يوم القيامة.

وقوله ( فَاخْرُجْ مِنْهَا ) يقول الله تعالى ذكره لإبليس: ( فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) .

والرجيم المرجوم، صرف من مفعول إلى فعيل وهو المشتوم، كذلك قال جماعة من أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) والرجيم: الملعون.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله ( فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) قال: ملعون. والرجم في القرآن: الشتم.

التدبر :

وقفة
[34] ﴿قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ الرجيم هو المرجوم، وما يُرجَم به هنا هو لعنة الله، فاللعنة عقوبته، وعقوبة من عاند أمر الله.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ فَاخْرُجْ مِنْها:
  • قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. يعود عليه سبحانه. فاخرج: الفاء: سببية.اخرج: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. منها: جار ومجرور أي من الجنة.
  • ﴿ فَإِنَّكَ رَجِيمٌ:
  • الفاء: استئنافية. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل في محل نصب اسمها. رجيم: أي مرجوم: خبر «إنّ» مرفوع بالضمة. ومعناها هنا: مطرود والجار والمجرور «منها» متعلق بأخرج. '

المتشابهات :

الأعراف: 13﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا
الحجر: 34﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ
ص: 77﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا رد إبليسُ؛ طرده اللهُ عز وجل من الجنة، قال تعالى:
﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [35] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ ..

التفسير :

[35] وإن عليك اللعنة والبعد من رحمتي إلى يوم يُبْعَث الناس للحساب والجزاء.

{ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ} أي:الذم والعيب، والبعد عن رحمة الله،{ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} ففيها وما أشبهها دليل على أنه سيستمر على كفره وبعده من الخير.

وإن عليك اللعنة والإبعاد من رحمتي إلى يوم الدين، وهو يوم الحساب والجزاء.

وليس المراد أن تنقطع عنه اللعنة يوم الدين، بل المراد أن هذه اللعنة مستمرة عليه إلى يوم الدين، فإذا ما جاء هذا اليوم استمرت هذه اللعنة، وأضيف إليها العذاب الدائم المستمر الباقي، بسبب عصيانه لأمر ربه، فذكر يوم الدين، إنما هو للمبالغة في طول مدة هذه اللعنة ودوامها ما دامت الحياة الدنيا.

وعبر- سبحانه- بعلى في قوله وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ للإشعار بتمكنها منه، واستعلائها عليه، حتى لكأن اللعنة فوقه يحملها دون أن تفارقه في لحظة من اللحظات.

يذكر تعالى أنه أمر إبليس أمرا كونيا لا يخالف ولا يمانع بالخروج من المنزلة التي كان فيها من الملأ الأعلى وأنه رجيم أي مرجوم وأنه قد اتبعته لعنة لا تزال متصلة به لاحقة له متواترة عليه إلى يوم القيامة.

وقوله ( وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ) يقول: وإن غضب الله عليك بإخراجه إياك من السموات وطردك عنها إلى يوم المجازاة، وذلك يوم القيامة ، وقد بيَّنا معنى اللعنة في غير موضع بما أغنى عن إعادته هاهنا.

التدبر :

وقفة
[35] ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ﴾ حقت لعنة الله على إبليس، وهي الطرد والإبعاد عن رحمة الله، أما بنو آدم فهم مأمورون بالاستعاذة من إبليس امتثالًا لأمر الله تعالى: ﴿فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم﴾ [النحل: 98] وليس اللعن، ولا ينبغي لعن إبليس كما قرر ذلك العلماء، فالاستعاذة تبعد الشيطان عن الإنسان.
وقفة
[35] ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ﴾ هذه أطول لعنة؛ نعوذ بالله من غضب الله.
وقفة
[35] ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ﴾ لعنة دائمة، وليس المعنى أن اللعنة تنتهي يوم القيامة، لكن المراد أنها باقية في الدنيا إلى أن يلاقی عقوبته يوم القيامة، فعقوبته يومئذ أشد من اللعنة.
تفاعل
[35] ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.
وقفة
[35] تأمل عقوبة الله لإبليس على استكباره: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ﴾، فما بال الإنسان يطيع إبليس ويتبع سبيله وقد شقي بلعنة الله وغضبه.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ:
  • الواو: عاطفة. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. عليك: جار ومجرور متعلق بخبر «انّ» المقدم. اللعنة: اسمها مؤخر منصوب بالفتحة.
  • ﴿ إِلى يَوْمِ الدِّينِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «اللعنة».الدين:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. '

المتشابهات :

الحجر: 35﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ
ص: 78﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     ولَمَّا طرد اللهُ عز وجل إبليسَ من الجنة؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن اللعنةَ والبعدَ عن رحمة الله مستمر إلى يوم القيامة، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [36] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ ..

التفسير :

[36] قال إبليس:رب أخِّرني في الدنيا إلى اليوم الذي تَبْعَث فيه عبادك، وهو يوم القيامة.

تفسير الآيات من 36 الى 38:ـ

{ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي} أي:أمهلني{ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وليس إجابة الله لدعائه كرامة في حقه وإنما ذلك امتحان وابتلاء من الله له وللعباد ليتبين الصادق الذي يطيع مولاه دون عدوه ممن ليس كذلك، ولذلك حذرنا منه غاية التحذير، وشرح لنا ما يريده منا.

ثم حكى- سبحانه- ما طلبه إبليس من ربه، ومارد الله به عليه، فقال- تعالى-:

قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ.

والفاء في قوله فَأَنْظِرْنِي للتفريع وهي متعلقة بمحذوف يدل عليه سياق الكلام.

والإنظار: التأخير والإمهال ومنه قوله- تعالى- وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ..

أى: قال إبليس لربه. عز وجل: ما دمت قد أخرجتنى من جنتك ومن سمائك، وجعلتني مرجوما ملعونا إلى يوم الدين، فأخر موتى إلى يوم يبعث آدم وذريته للحساب وخاطب الله- تعالى- بصفة الربوبية تخضعا وتذللا لكي يجاب طلبه.

وعن سعيد بن جبير أنه قال: لما لعن الله إبليس تغيرت صورته عن صورة الملائكة ورن رنة فكل رنة في الدنيا إلى يوم القيامة منها.

رواه ابن أبي حاتم وأنه لما تحقق الغضب الذي لا مرد له سأل من تمام حسده لآدم وذريته النظِرة إلى يوم القيامة وهو يوم البعث.

يقول تعالى ذكره: قال إبليس: ربّ فإذ أخرجتني من السموات ولعنتني، فأخِّرني إلى يوم تبعث خلقك من قبورهم فتحشرهم لموقف القيامة .

التدبر :

وقفة
[36] ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ لا يكن إبليس أعلم منّا بكرم الله، ها هو يدعو وقد استجيب له!
وقفة
[36، 37] ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ الذي استجابَ لشرِّ الخَلقِ ألا يستجيبُ للذينَ آمنُوا وعمِلوا الصَّالحَاتِ؟!
عمل
[36، 37] لا يمنعنَّك من الدعاء ما تعلم من نفسك، فإن الله أجاب دعاء شر الخلق: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾.
عمل
[36، 37] لا يمنعنّك سوء ظنك بنفسك، وكثرة ذنوبك أن تدعو ربك؛ فإنه أجاب دعاء إبليس حين قال: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ رَبِّ:
  • قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. ربّ: منادى بأداة نداء محذوفة وأصله يا ربّ: منصوب للتعظيم بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء وهو مضاف والكسرة دالة على الياء المحذوفة اختصارا و «الياء» ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَأَنْظِرْنِي:
  • أي فأمهلني: الفاء: زائدة. أنظر: فعل توسل بصيغة طلب -أمر-مبني على السكون. الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.النون: للوقاية. والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ:
  • بمعنى «الى يوم الدين» والقولان: في معنى واحد ولكن خولف بين العبارات سلوكا بالكلام طريقة البلاغة. الى يوم: جار ومجرور متعلق بانظرني. يبعثون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. وجملة «يبعثون» في محل جر بالاضافة. '

المتشابهات :

الأعراف: 14﴿ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
الحجر: 36﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
ص: 79﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     ولَمَّا طردَ اللهُ عز وجل إبليسَ ولعنَه؛ طلبَ النَّظرةَ -يعنى الإمهال والتأخير فلا يموت- إلى يوم القيامة، قال تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [37] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ

التفسير :

[37] قال الله له:فإنك ممن أخَّرْتُ هلاكهم

تفسير الآيات من 36 الى 38:ـ

{ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي} أي:أمهلني{ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وليس إجابة الله لدعائه كرامة في حقه وإنما ذلك امتحان وابتلاء من الله له وللعباد ليتبين الصادق الذي يطيع مولاه دون عدوه ممن ليس كذلك، ولذلك حذرنا منه غاية التحذير، وشرح لنا ما يريده منا.

وقد أجاب الله- تعالى- له طلبه فقال: فَإِنَّكَ يا إبليس من جملة الْمُنْظَرِينَ أى الذين أخرت موتهم إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وهو يوم القيامة الذي استأثرت بعلم وقته، والذي وصفت أحواله للناس. كي يستعدوا له بالإيمان والعمل الصالح.

ويصح أن يكون المراد بالوقت المعلوم: وقت النفخة الأولى حين يموت كل الخلائق ويموت هو معهم.

قال ابن كثير: أجابه الله- تعالى- إلى ما سأل، لما له في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة التي لا تخالف. ولا تمانع ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.

وقال بعض العلماء: وهذا الإنظار رمز إلهى على أن ناموس الشر لا ينقضي من عالم الحياة الدنيا، وأن نظامها قائم على التصارع بين الخير والشر، وبين الأخيار والأشرار.

قال- تعالى-: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ .. .

ولذلك لم يستغن نظام العالم عن إقامة قوانين العدل والصلاح، وإيداعها إلى الكفاة لتنفيذها والذود عنها» .

وأنه أجيب إلى ذلك استدراجا له وإمهالا.

قال الله له: فإنك ممن أُخِّر هلاكه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[37] ﴿قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ ليس إجابة الله لدعائه كرامة في حقه، وإنما ذلك امتحان وابتلاء من الله له وللعباد؛ ليتبين الصادق الذي يطيع مولاه دون عدوه ممن ليس كذلك.
وقفة
[37] ﴿قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ ليس هذا بإجابة سؤاله، وإنما سأل الإنظار، فقيل له: كذا قُدِّر.
عمل
[37] لا تستكثر دعواتك فقد حقق الله 6 دعوات في لحظة: ﴿قد أوتيت سؤلك يا موسى﴾ [طه: 36]، ولا تستكثر ذنوبك فقد استجاب الله لإبليس: ﴿قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ فَإِنَّكَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الفاء: استئنافية. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب اسم «انّ».
  • ﴿ مِنَ الْمُنْظَرِينَ:
  • أي من الممهلين: جار ومجرور متعلق بخبر «إنّ» وعلامة جر الاسم: الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. '

المتشابهات :

الأعراف: 15﴿ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ
الحجر: 37﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ
ص: 80﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     ولَمَّا طلبَ إبليسُ النَّظرةَ إلى يوم القيامة؛ أجابَ اللَّهُ عز وجل طلبَه، قال تعالى:
﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [38] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ

التفسير :

[38]إلى اليوم الذي يموت فيه كل الخلق بعد النفخة الأولى، لا إلى يوم البعث، وإنما أُجيبَ إلى ذلك؛ استدراجاً له وإمهالاً، وفتنة للثقلين.

تفسير الآيات من 36 الى 38:ـ

{ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي} أي:أمهلني{ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وليس إجابة الله لدعائه كرامة في حقه وإنما ذلك امتحان وابتلاء من الله له وللعباد ليتبين الصادق الذي يطيع مولاه دون عدوه ممن ليس كذلك، ولذلك حذرنا منه غاية التحذير، وشرح لنا ما يريده منا.

وقد أجاب الله- تعالى- له طلبه فقال: فَإِنَّكَ يا إبليس من جملة الْمُنْظَرِينَ أى الذين أخرت موتهم إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وهو يوم القيامة الذي استأثرت بعلم وقته، والذي وصفت أحواله للناس. كي يستعدوا له بالإيمان والعمل الصالح.

ويصح أن يكون المراد بالوقت المعلوم: وقت النفخة الأولى حين يموت كل الخلائق ويموت هو معهم.

قال ابن كثير: أجابه الله- تعالى- إلى ما سأل، لما له في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة التي لا تخالف. ولا تمانع ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.

وقال بعض العلماء: وهذا الإنظار رمز إلهى على أن ناموس الشر لا ينقضي من عالم الحياة الدنيا، وأن نظامها قائم على التصارع بين الخير والشر، وبين الأخيار والأشرار.

قال- تعالى-: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ .. .

ولذلك لم يستغن نظام العالم عن إقامة قوانين العدل والصلاح، وإيداعها إلى الكفاة لتنفيذها والذود عنها» .

فلما تحقق النظرة قبحه الله.

إلى يوم الوقت المعلوم لهلاك جميع خلقي، وذلك حين لا يبقى على الأرض من بني آدم دَيَّار.

التدبر :

وقفة
[38] ﴿إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ الصراع مستمر، قال ابن عاشور: «وهذا الإنظار رمز إلهي على أن ناموس الشر لا ينقضي من عالم الحياة الدنيا، وأن نظامها قائم على التصارع بين الخير والشر والأخيار والأشرار».

الإعراب :

  • ﴿ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ:
  • جار ومجرور متعلق بالمنظرين. الوقت:مضاف اليه مجرور بالكسرة. المعلوم: صفة-نعت-للوقت مجرور مثله بمعنى: اليوم المسمى فيه أجلك عند الله. أو يوم موت الناس أجمعين. '

المتشابهات :

الحجر: 38﴿ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ
ص: 81﴿ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     ولَمَّا أجابَ اللَّهُ عز وجل طلبَ إبليس؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنه أمهله إلى الوقت الذي يموت فيه جميع الخلائق عند النفخة الأولى، قال تعالى:
﴿ إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [39] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ ..

التفسير :

[39] قال إبليس:ربِّ بسبب ما أغويتني وأضللتني لأحسِّنَنَّ لذرية آدم معاصيك في الأرض، ولأضلنهم أجمعين عن طريق الهدى

{ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ} أي:أزين لهم الدنيا وأدعوهم إلى إيثارها على الأخرى، حتى يكونوا منقادين لكل معصية.{ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} أي:أصدهم كلهم عن الصراط المستقيم،

ثم بين- سبحانه- الأسياب التي حملت إبليس على طلب تأخير موته إلى يوم القيامة، والتي من أهمها الانتقام من آدم وذريته فقال- تعالى-: قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ.

والباء في قوله بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ.. للسببية أو للقسم.

قال الإمام الرازي ما ملخصه: الباء هاهنا بمعنى السبب، أى: بسبب كوني غاويا لأزينن لهم كقول القائل: أقسم فلان بمعصيته ليدخلن النار، وبطاعته ليدخلن الجنة.

أو للقسم وما مصدرية وجواب القسم لأزينن لهم. والمعنى أقسم بإغوائك لي لأزينن لهم.

ونظيره قوله- تعالى- قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ .

وقوله أَغْوَيْتَنِي من الإغواء، وهو خلق الغي في القلوب. وأصل الغي الفساد، ومنه غوى الفصيل- كرضى- إذا بشم من اللبن ففسدت معدته. أو منع من الرضاع فهزل وكاد يهلك، ثم استعمل في الضلال. يقال: غوى فلان يغوى غيا وغواية فهو غاو إذا ضل عن الطريق المستقيم. وأغواه غيره وغواه: أضله.

وقوله لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ من التزيين بمعنى التحسين والتجميل، وهو تصيير الشيء زينا، أى: حسنا حتى ترغب النفوس فيه وتقبل عليه.

والضمير في لَهُمْ يعود على ذرية آدم، وهو مفهوم من السياق وإن لم يجر لهم ذكر، وقد جاء ذلك صريحا في قوله- تعالى- في آية أخرى: قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا .

وحذف مفعول لَأُزَيِّنَنَّ لدلالة المقام عليه.

أى: لأزينن لهم المعاصي والسيئات، بأن أحسن لهم القبيح. وأزين لهم المنكر. وأحبب الشهوات إلى نفوسهم حتى يتبعوها، وأبذل نهاية جهدي في صرفهم عن طاعتك ... وقال- سبحانه- فِي الْأَرْضِ لتحديد مكان إغوائه، إذ هي المكان الذي صار مستقرا له ولآدم وذريته، كما قال- تعالى- في آية أخرى: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها- أى الجنة- فأخرجهما- أى آدم وحواء- مما كانا فيه، وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ، وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ .

وقوله وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ مؤكدا لما قبله.

أى: والله لأغوينهم جميعا مادمت قادرا على ذلك، ولأعملن على إضلالهم بدون فتور أو يأس، كما قال- تعالى- في آية أخرى: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ .

قال القرطبي: وروى ابن لهيعة عبد الله عن دراج أبى السمح، عن أبى الهيثم، عن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن إبليس قال يا رب وعزتك وجلالك لا أزال أغوى بنى آدم ما دامت أرواحهم في أجسامهم، فقال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفرونى» .

يقول تعالى مخبرا عن إبليس وتمرده وعتوه أنه قال للرب : ( بما أغويتني ) قال بعضهم : أقسم بإغواء الله له .

قلت : ويحتمل أنه بسبب ما أغويتني وأضللتني ( لأزينن لهم ) أي : لذرية آدم - عليه السلام - ( في الأرض ) أي : أحبب إليهم المعاصي وأرغبهم فيها ، وأؤزهم إليها ، وأزعجهم إزعاجا ، ( ولأغوينهم ) أي : كما أغويتني وندرت على ذلك

يقول تعالى ذكره: قال إبليس: ( رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ) بإغوائك ( لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ ) وكأن قوله ( بِمَا أَغْوَيْتَنِي ) خرّج مخرج القسم، كما يقال: بالله، أو بعزّة الله لأغوينهم. وعنى بقوله ( لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ ) لأحسننّ لهم معاصيك، ولأحببنها إليهم في الأرض ( وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) يقول: ولأضلَّنهم عن سبيل الرشاد.

التدبر :

وقفة
[39] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ قاتل الله الملاحدة علموا إبليس الإلحاد ولم يكن يعرفه.
وقفة
[39] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ وتزيينه هنا يكون بوجهين: إما بفعل المعاصي، وإما بشغلهم بزينة الدنيا عن فعل الطاعة.
وقفة
[39] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ أي: الذين أخلصتهم واجتبيتهم؛ لإخلاصهم، وإيمانهم، وتوكلهم.
وقفة
[39] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ تزيين الملهيات والمحرمات من أقوى أسلحة إبليس.
تفاعل
[39] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ استعذ بالله الآن من الشيطان الرجيم.
عمل
[39] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ حدد حيلة تحس أن الشيطان غلبك بها ثم فكر في طريقة للتخلص منها.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ رَبِّ بِما:
  • أعربت في الآية الكريمة السادسة والثلاثين. بما: الباء حرف جر للقسم. ما: مصدرية.
  • ﴿ أَغْوَيْتَنِي:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك.التاء: ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل والنون للوقاية والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به و «ما» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بالباء وجملة «أغويتني» صلة «ما» المصدرية لا محل لها. والجار والمجرور متعلق بفعل محذوف تقديره. أقسم التقدير: أقسم بإغوائك ايّاي.أو بمعنى: بسبب ما أغويتني وبمعنى: حرمتني من الجنة.
  • ﴿ لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ:
  • اللام: واقعة في جواب القسم المقدر. أزيننّ:فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: : أنا ونون التوكيد لا محل لها. لهم: جار ومجرور متعلق بأزين و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. في الأرض:جار ومجرور متعلق بأزين والجملة. جواب القسم المقدر لا محل لها بمعنى لأزينن لهم الأمور الأرضية. ويجوز أن لا يكون قسما ويقدر قسم محذوف بمعنى: بسبب تسبيبك لإغوائي أقسم لأفعلن بهم نحو ما فعلت بي من التسبيب لإغوائهم بأن أزين لهم المعاصي.
  • ﴿ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ:
  • تعرب اعراب «لأزيننّ» و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. أجمعين: توكيد منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو توكيد معنوي محض والنون عوض من حركة المفرد. '

المتشابهات :

الأعراف: 16﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ
الحجر: 39﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     وبعد أن طلبَ إبليسُ النَّظرةَ وأجابَ اللَّهُ طلبَه؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا السبب التي حمل إبليس على طلب تأخير موته إلى يوم القيامة، وهي: إغواء وإضلال آدم وذريته، قال تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [40] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ

التفسير :

[40] إلا عبادك الذين هديتهم فأخلصتهم لطاعتك وطهَّرتهم من كل ما ينافي ذلك.

{ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} أي:الذين أخلصتهم واجتبيتهم لإخلاصهم، وإيمانهم وتوكلهم.

وقوله- سبحانه- إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ اعتراف من إبليس بأن من عباد الله- تعالى- قوما لا يستطيع أن يغويهم، ولا يقدر على إضلالهم.

وكلمة «المخلصين» قرأها نافع وحمزة وعاصم والكسائي- بفتح اللام-، فيكون المعنى: لأغوينهم أجمعين إلا عبادك الذين استخلصتهم لطاعتك، وصنتهم عن اقتراف ما نهيتهم عنه.

وقرأها ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو- بكسر اللام-، فيكون المعنى: لأضلنهم جميعا، إلا عبادك الذين أخلصوا لك العمل، وابتعدوا عن الرياء في أقوالهم وأفعالهم.

وهذا الاستثناء الذي اعترف به إبليس بعد أن أدرك أنه لا محيص له عنه- هو سنة الله- تعالى- في خلقه، فقد جرت سنته التي لا تغيير ولا تبديل لها، بأن يستخلص لذاته من يخلص له قلبه، وأن يرعى من يرعى حدوده، ويحفظ من يحفظ تكاليفه، ولذا كان جوابه - سبحانه- على إبليس، هو قوله- تعالى- قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ. إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ.

واسم الإشارة هذا يعود إلى الاستثناء السابق وهو قوله إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ.

وقد اختار هذا الرأى الإمام الآلوسى فقال: قال الله- تعالى- هذا صِراطٌ عَلَيَّ أى: حق لا بد أن أراعيه مُسْتَقِيمٌ لا انحراف فيه فلا يعدل عنه إلى غيره.

والإشارة إلى ما تضمنه الاستثناء وهو تخليص المخلصين من إغوائه وكلمة على تستعمل في الوجوب. والمعتزلة يقولون به حقيقة لقولهم بوجوب الأصلح عليه- تعالى-.

وقال أهل السنة، إن ذلك وإن كان تفضلا منه- سبحانه- إلا أنه شبه بالحق الواجب لتأكد ثبوته وتحقق وقوعه، بمقتضى وعده- عز وجل-، فجيء بعلىّ لذلك» .

ثم قال: وقرأ الضحاك ومجاهد ويعقوب.. هذا صِراطٌ عَلَيَّ- بكسر اللام وضم الياء المشددة وتنوينها- أى: عال لارتفاع شأنه» .

وقد اختار صاحب الكشاف عودة اسم الإشارة إلى ما بعده فقال: قال الله- تعالى- هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ أى هذا طريق حق على أن أراعيه، وهو أن لا يكون لك سلطان على عبادي، إلا من اختار اتباعك منهم لغوايته .

ويرى ابن جرير أن على هنا بمعنى إلى، فقد قال- رحمه الله- قوله- تعالى- هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ بمعنى هذا طريق إلى مستقيم.

فكان معنى الكلام: هذا طريق مرجعه إلى، فأجازى كلا بأعمالهم، كما قال- تعالى- إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ وذلك نظير قول القائل لمن يتوعده ويتهدده: طريقك على وأنا على طريقك، فكذلك قوله هذا صِراطٌ معناه: هذا طريق علىّ وهذا طريق إلى ... .

ويبدو لنا أن الآية الكريمة مسوقة لبيان المنهاج القويم الذي كتبه الله- تعالى- على نفسه فضلا منه وكرما، والميزان العادل الذي وضعه- سبحانه- لتمييز الخبيث من الطيب.

فكأنه- سبحانه- يقول في الرد على إبليس الذي اعترف بعجزه عن إغواء المخلصين من عباد الله: يا إبليس، إن عدم قدرتك على إغواء عبادي المخلصين منهج قويم من مناهجى التي اقتضتها حكمتى وعدالتى ورحمتي، وسنة من سنني التي آليت على نفسي أن ألتزم بها مع خلقي. إن عبادي المخلصين لا قوة ولا قدرة لك على إغوائهم، لأنهم حتى إذا مسهم طائف منك. أسرعوا بالتوبة الصادقة إلى، فقبلتها منهم. وغفرت لهم زلتهم ... ولكنك تستطيع إغواء أتباعك الذين استحوذت عليهم فانقادوا لك ...

وفي هاتين الآيتين ما فيهما من التنويه بشأن عباد الله المخلصين، ومن المديح لهم بقوة الإيمان، وعلو المنزلة، وصدق العزيمة وضبط النفس ...

إلا عبادك منهم المخلصين " كقوله " أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا " " قال "الله تعالى له متهددا ومتوعدا.

( إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) يقول: إلا من أخلصته بتوفيقك فهديته، فإن ذلك ممن لا سلطان لي عليه ولا طاقة لي به. وقد قرئ: ( إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) فمن قرأ ذلك كذلك، فإنه يعني به: إلا من أخلص طاعتك، فإنه لا سبيل لي عليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك ( إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) يعني: المؤمنين.

حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، قال: ثنا عمرو، عن سعيد، عن قتادة ( إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) قال قتادة: هذه ثَنِيَّة الله تعالى ذكره.

التدبر :

وقفة
[39، 40] بقدر ضعف الإيمان ونقص الإخلاص؛ ستبدو الأشياء التي حرَّم الله جميلة في العين والقلب، مهما كان قبحها في الواقع: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ [فاطر: 8]، والذي زينها هو الشيطان؛ إذ تعهد بذلك أمام ربه: ﴿لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾.
وقفة
[39، 40] ﴿وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ في قراءة (الْمُخْلِصِينَ) بكسر اللام؛ دلالةٌ على أن الإخلاص سببٌ للعصمة من وساوس ونَزغَات الشيطان الرَّجيم.
تفاعل
[39، 40] ﴿وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ سل الله تعالى أن يعصمك من الشيطان، وأن يجعلك من عباده المخلصين.
وقفة
[39، 40] لا يسلم من إغواء الشيطان إلا المخلصون ﴿وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾، فما أعظم الإخلاص! وما أعظم أثره!
وقفة
[39، 40] الإخلاص يذكر في كتاب الله كثيرًا: تارة يأمر الله تعالى به: ﴿فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [غافر: 65]، وتارة يخبر أنَّ الجنة لأهله: ﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات:٤٠،٤١]، وتارة يخبر أنه لن ينجو من شَرَك إبليس -يعني: مصيدته- إلا من كان مخلصًا لله: ﴿وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾.
وقفة
[40] ﴿إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ قرأها ابن كثير بكسر اللام، فيكون المعني لأضلنهم جميعًا، إلا عبادك الذين أخلصوا لك العمل، واجتنبوا الرياء في أقوالهم وأفعالهم، قال الرازي: «وهذه القراءة تدل على أن الإخلاص والإيمان ليس إلا من الله تعالی».
وقفة
[40] ﴿إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ الشيطان يعلن انهزامه أمام من اصطفاهم الله لعبادته؛ فأحسن عبادتك لله جل جلاله، وأبشر منه بالإعانة.

الإعراب :

  • ﴿ إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ:
  • الاّ: أداة استثناء. عبادك: مستثنى بإلاّ منصوب بالفتحة. والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة. منهم: : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «عبادك» و «من» بيانية وحرك الميم بالضم للاشباع.
  • ﴿ الْمُخْلَصِينَ:
  • صفة-نعت-للعباد منصوبة مثلها وعلامة النصب الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد: العباد الذين أخلصهم الله تعالى لطاعته. '

المتشابهات :

الحجر: 40﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ
ص: 83﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     ولَمَّا أعلنَ إبليسُ إغواءَ وإضلالَ آدم وذريته؛ استثنى هنا عباد الله المخلَصين، لا يستطيع أن يغويهم، ولا يقدر على إضلالهم، قال تعالى:
﴿ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

المخلصين:
قرئ:
1- بفتح اللام، وهى قراءة الكوفيين، ونافع، والحسن، والأعرج أي: من أخلصته للطاعة أنت فلا يؤثر فيه تزيينى.
2- بكسر اللام، وهى قراءة باقى السبعة أي: إلا من أخلص العمل لله ولم يشرك فيه غيره.

مدارسة الآية : [41] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ

التفسير :

[41] قال الله:هذا طريق مستقيم معتدل موصل إليَّ وإلى دار كرامتي.

قال الله تعالى:{ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} أي:معتدل موصل إليَّ وإلى دار كرامتي.

ولذا كان جوابه - سبحانه - على إبليس ، هو قوله - تعالى - ( قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتبعك مِنَ الغاوين ) .

واسم الإشارة ( هذا ) يعود إلى الاستثناء السابق وهو قوله ( إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين ) .

وقد اختار هذا الرأى الإِمام الآلوسى فقال : قال الله - تعالى - ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ ) أى : حق لابد أن أراعيه ( مستقيم ) لا انحراف فيه فلا يعدل عنه إلى غيره .

والإِشارة إلى ما تضمنه الاستثناء وهو تخليص المخلصين من إغوائه وكلمة على تستعمل فى الوجوب . والمعتزلة يقولون به حقيقة لقولهم بوجوب الأصلح عليه - تعالى - .

وقال أهل السنة ، إن ذلك وإن كان تفضلاً منه - سبحانه - إلا أنه شبه بالحق الواجب لتأكد ثبوته وتحقق وقوعه ، بمقتضى وعده - عز وجل - ، فجئ بعلىَّ لذلك .

ثم قال : وقرأ الضحاك ومجاهد ويعقوب . . ( هذا صراط عَلِيٌّ ) - بكسر اللام وضم الياء المشددة وتنوينها - أى : عال لارتفاع شأنه .

وقد اختار صاحب الكشاف عودة اسم الإِشارة إلى ما بعده فقال : قال الله - تعالى - ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) أى هذا طريق حق على أن أراعيه ، وهو أن لا يكون لك سلطان على عبادى ، إلا من اختار اتباعك منهم لغوايته .

ويرى ابن جرير أن على هنا بمعنى إلى ، فقد قال - رحمه الله - قوله - تعالى - ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) بمعنى هذا طريق إلى مستقيم .

فكان معنى الكلام : هذا طريق مرجعه إلى ، فأجازى كلا بأعمالهم ، كما قال - تعالى - ( إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد ) وذلك نظير قول القائل لمن يتوعده ويتهدده : طريقك على وأنا على طريقك ، فكذلك قوله ( هذا صراط ) معناه : هذا طريق علىّ وهذا طريق إلى . . . .

ويبدوا لنا أن الآية الكريمة مسوقة لبيان المنهاج القويم الذى كتبه الله - تعالى - على نفسه فضلاً منه وكرمًا ، والميزان العادل الذى وضعه - سبحانه - لتمييز الخبيث من الطيب .

فكأنه - سبحانه - يقول فى الرد على إبليس الذى اعترف بعجزه عن إغواء المخلصين من عباد الله : يا إبليس ، إن عدم قدرتك على إغواء عبادى المخلصين منهج قويم من مناهجى التى اقتضتها حكمتى وعدالتى ورحمتى ، وسنة من سننى التى آليت على نفسى أن ألتزم بها مع خلقى .

قال الله تعالى له متهددا ومتوعدا ( هذا صراط علي مستقيم ) أي : مرجعكم كلكم إلي ، فأجازيكم بأعمالكم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، كما قال تعالى : ( إن ربك لبالمرصاد ) [ الفجر : 14 ]

وقيل : طريق الحق مرجعها إلى الله تعالى ، وإليه تنتهي . قاله مجاهد ، والحسن ، وقتادة كما قال : ( وعلى الله قصد السبيل ) [ النحل : 9 ]

وقرأ قيس بن عباد ، ومحمد بن سيرين ، وقتادة : " هذا صراط علي مستقيم " كقوله : ( وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) [ الزخرف : 4 ] أي : رفيع . والمشهور القراءة الأولى .

اختلفت القرّاء في قراءة قوله ( قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) فقرأه عامَّة قراء الحجاز والمدينة والكوفة والبصرة ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) بمعنى: هذا طريق إليّ مستقيم.

فكان معنى الكلام: هذا طريق مرجعه إليّ فأجازي كلا بأعمالهم، كما قال الله تعالى ذكره إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ،وذلك نظير قول القائل لمن يتوعده ويتهدده: طريقك عليّ، وأنا على طريقك، فكذلك قوله : ( هَذَا صِرَاطٌ ) معناه: هذا طريق عليّ وهذا طريق إليّ. وكذلك تأول من قرأ ذلك كذلك.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، وحدثني الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، وحدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) قال: الحقّ يرجع إلى الله ، وعليه طريقه، لا يعرِّج على شيء.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.

حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا مَرْوان بن شجاع، عن خَصِيف، عن زياد بن أبي مريم، وعبد الله بن كثير أنهما قرآها( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) وقالا عليّ هي إليّ وبمنـزلتها.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن وسعيد عن قتادة، عن الحسن ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) يقول: إليّ مستقيم. وقرأ ذلك قيس بن عباد وابن سيرين وقتادة فيما ذُكر عنهم ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) برفع عليّ على أنه نعت للصراط، بمعنى: رفيع.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي حماد، قال: ثني جعفر البصري، عن ابن سيرين أنه كان يقرأ ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) يعني: رفيع.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) أي رفيع مستقيم ، قال بشر، قال يزيد، قال سعيد: هكذا نقرؤها نحن وقتادة.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عبد الوهاب، عن هارون، عن أبي العوّام، عن قتادة، عن قيس بن عباد ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) يقول: رفيع.

والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأ ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) على التأويل الذي ذكرناه عن مجاهد والحسن البصري ، ومن وافقهما عليه، لإجماع الحجة من القرّاء عليها ، وشذوذ ما خالفها.

التدبر :

وقفة
[41] ﴿قَالَ هَـٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ إذا رأيت في سيرك (اعوجاجًا) فلن تصل إلى الله.
وقفة
[41] ﴿قَالَ هَـٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ قال ابن جرير: «بمعنى هذا طريق إلى مستقيم، فمعنى الكلام: هذا طريق مرجعه إليَّ، فأجازي كلًّا بأعماله».

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو أي الله سبحانه. والجملة بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ هذا صِراطٌ‍ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ:
  • هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. صراط‍: خبر «هذا» مرفوع بالضمة. عليّ: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «صراط‍».مستقيم: صفة لصراط‍ مرفوعة بالضمة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     ولَمَّا استثنى إبليسُ من الإغواء والإضلال عباد الله المخلَصين؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا أن هذا هو طريق الله المستقيم، وهو سُنَّة الله في خلقه، لا طريق للشيطان لإغواء أهل الإخلاص، قال تعالى:
﴿ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

على:
قرئ:
علىّ، أي عال، وهى قراءة الضحاك، وإبراهيم، وأبى رجاء، وابن سيرين، ومجاهد، وقتادة، وقيس بن عباد، وحميد، وعمرو بن ميمون، وعمارة بن أبى حفصة، ويعقوب.

مدارسة الآية : [42] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ ..

التفسير :

[42] إن عبادي الذين أخلصوا لي لا أجعل لك سلطاناً على قلوبهم تضلُّهم به عن الصراط المستقيم، لكن سلطانك على مَنِ اتبعك مِنَ الضالين المشركين الذين رضوا بولايتك وطاعتك بدلاً من طاعتي.

{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} تميلهم به إلى ما تشاء من أنواع الضلالات، بسبب عبوديتهم لربهم وانقيادهم لأوامره أعانهم الله وعصمهم من الشيطان.

{ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ} فرضي بولايتك وطاعتك بدلا من طاعة الرحمن،{ مِنَ الْغَاوِينَ} والغاوي:ضد الراشد فهو الذي عرف الحق وتركه، والضال:الذي تركه من غير علم منه به.

قال- تعالى-: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا .

قال الآلوسى وقوله: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ... أى تصرف وتسلط، والمراد بالعباد المشار إليهم بالمخلصين، فالإضافة للعهد والاستثناء على هذا في قوله إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ منقطع.

واختار هذا غير واحد ... وجوز أن يكون بالعباد العموم والاستثناء متصل، والكلام كالتقرير لقوله إلا عبادك منهم المخلصين، ولذا لم يعطف على ما قبله، وتغيير الوضع لتعظيم المخلصين، بجعلهم هم الباقين بعد الاستثناء ... » .

وقوله : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) أي : الذين قدرت لهم الهداية ، فلا سبيل لك عليهم ، ولا وصول لك إليهم ، ( إلا من اتبعك من الغاوين ) استثناء منقطع .

وقد أورد ابن جرير هاهنا من حديث عبد الله بن المبارك ، عن عبد الله بن موهب حدثنا يزيد بن قسيط قال : كانت الأنبياء يكون لهم مساجد خارجة من قراهم ، فإذا أراد النبي أن يستنبئ ربه عن شيء ، خرج إلى مسجده فصلى ما كتب الله له ، ثم سأل ما بدا له ، فبينا نبي في مسجده إذ جاء عدو الله - يعني - : إبليس حتى جلس بينه وبين القبلة ، فقال النبي : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . [ فقال عدو الله : أرأيت الذي تعوذ منه ؟ فهو هو . فقال النبي : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ] قال : فردد ذلك ثلاث مرات ، فقال عدو الله : أخبرني بأي شيء تنجو مني ؟ فقال النبي : بل أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم مرتين ؟ فأخذ كل [ واحد ] منهما على صاحبه ، فقال النبي : إن الله تعالى يقول : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) قال عدو الله : قد سمعت هذا قبل أن تولد . قال النبي : ويقول الله : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) [ الأعراف : 200 ] وإني والله ما أحسست بك قط إلا استعذت بالله منك . قال عدو الله : صدقت ، بهذا تنجو مني . فقال النبي : " أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم " ؟ قال : آخذه عند الغضب والهوى

وقوله ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) يقول تعالى ذكره: إن عبادي ليس لك عليهم حجة، إلا من اتبعك على ما دعوته إليه من الضلالة ممن غوى وهلك.

حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عبيد الله بن موهب، قال ثنا يزيد بن قسيط، قال: كانت الأنبياء لهم مساجد خارجة من قُراهم، فإذا أراد النبيّ أن يستنبئ ربه عن شيء ، خرج إلى مسجده، فصلى ما كتب الله له ، ثم سأل ما بدا له ، فبينما نبيّ في مسجده، إذا جاء عدوّ الله حتى جلس بينه وبين القبلة، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أعُوذُ بالله مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، فقال عدوّ الله: أرأيت الذي تعوَّذ منه فهو هو ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أعُوذُ باللَّهِ مِن الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ فردّد ذلك ثلاث مرّات ، فقال عدوّ اللَّه: أخبرني بأيّ شيء تنجو مني ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَخْبِرْني بأيّ شيْءٍ تَغْلِبُ ابْنَ آدَمَ ، مرّتين ، فأخذ كلّ واحد منهما على صاحبه، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ تعالى ذِكْرُهُ يقُولُ: ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) قال عدوّ اللَّه: قد سمعت هذا قبل أن تولد ، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ويقول اللَّهُ تَعالى ذِكْرُهُ: وَإِمَّا يَنْـزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَـزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وإنّي والله ما أحْسَسْتُ بِكَ قَطُّ إلا اسْتَعذْتُ بالله مِنْكَ ، فقال عدوّ الله: صدقت بهذا تنجو مني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأخْبِرْنِي بأيّ شَيْءٍ تَغْلِبُ ابْنَ آدَمَ؟ قال: آخذه عند الغضب، وعند الهوى.

التدبر :

وقفة
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ الدخول تحت عبودية الله حماية ربانية من إبليس وجنده.
وقفة
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ بالعبودية فقط ستنتصر على سلطان الهوى والشيطان.
وقفة
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ الله أمان.
وقفة
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ التحق والتحف دومًا بهذه الياء حتى تخرج من سلطان إبليس عليك!
وقفة
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ لا سلطان لإبليس على الذين هداهم الله واجتباهم واصطفاهم في أن يلقيهم في ذنب يمنعهم عفو الله.
اسقاط
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ بقدر ما فيك من المحبة والذل لربك يضعف خلوص الشيطان إليك.
وقفة
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ رحمة الله! سئل سفيان بن عيينة عن هذه الآية فقال: «معناه ليس لك عليهم سلطان أن تلقيهم في ذنب يضيق عنه عفوي».
وقفة
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ بقدر قوة عبوديتك لله، يضعف سلطان الشيطان عليك، والعكس صحيح، ولا يظلم ربك أحدًا.
وقفة
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ أي: ليس لك عليهم حجة, وهذا أمان للمؤمنين, وصفهم بالعبودية نستننتج منه القاعدة التالية: ادخل في كنف عباد الله تصبح آمنًا بإذن الله.
وقفة
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾، ﴿أليس الله بكاف عبده﴾ [الزمر: 36]؛ على قدر عبوديتك تسد حاجاتك، ويحمى جنابك.
وقفة
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ بسبب عبوديتهم لربهم وانقيادهم لأوامره؛ أعانهم الله وعصمهم من الشيطان.
وقفة
[42] تعهد الشيطان أمام الله سبحانه: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: 82]، فتدبر كيف وصلت الحال: فمع أن الشيطان يعترف بالله ربًا، بل ويدعوه: ﴿رَبِّ فَأَنْظِرْنِي﴾ [36]، ثم يأتي (من بني آدم) من تعداه في الإجرام والغواية فقال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]، بل وينفي الألوهية مطلقًا: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨]، فأي أمان بعد ذلك إلا لمن اصطفاه الله: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾، فاللهم سلم سلم.
وقفة
[42] الآية التي ستهز مشاعرك: آية حفظ الله لعباده المؤمنين في قصة آدم وإبليس عندما توعد إبليس بإغواء بني آدم جميعًا رد الله ودافع عن كل مؤمن، وقال: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾، آية تشعرك بالفخر والأمان والثقة عندما يندرج اسمك تحت كلمة (عبادي).
وقفة
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ إبليس ليس له سلطان وتسلط على أحد؛ إلا من سمح له بذلك.
وقفة
[42] ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ أهل الإخلاص والإيمان لا سلطان له عليهم؛ ولهذا يهربون من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.
وقفة
[42] لن تكون حرًا بحق إﻻ إذا كنت عبدًا لله قولًا وعملًا، فإن كنت عبدًا لغيره فلن ترى الحرية طرفة عين ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ عِبادِي:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. عبادي: اسم «إنّ» منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء. والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «انّ».ليس: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لك: جار ومجرور متعلق بخبر «ليس» المقدم. عليهم: جار ومجرور في محل نصب حال من «سلطان» لأنه متعلق بصفة مقدمة عليه. سلطان: اسم «ليس» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ إِلاّ مَنِ اتَّبَعَكَ:
  • الاّ: أداة استثناء. من: اسم موصول مبني على السكون وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين في محل نصب مستثنى بإلاّ. اتّبعك: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقدير هو. والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به وجملة «اتبعك» صلة الموصول لا محل لها. بمعنى فسلطانك ينحصر فيمن اتبعك من الضالين.
  • ﴿ مِنَ الْغاوِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الموصول «من» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. '

المتشابهات :

الحجر: 42﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ
الإسراء: 65﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     وبعد استثناء المخلَصين؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا إن المخلَصين ليس لإبليس قدرة ولا تَسَلُّط على إغوائهم، إنما سلطانه فعلى مَنِ اتبعه مِنَ الضالين المشركين، قال تعالى:
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ

التفسير :

[43] وإن النار الشديدة لمَوعدُ إبليس وأتباعِه أجمعين

{ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} أي:إبليس وجنوده

ثم بين- سبحانه- سوء عاقبة المتبعين لإبليس فقال: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ. لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ.

والضمير في قوله لَمَوْعِدُهُمْ يعود إلى الغاوين، أو إلى مَنِ اتَّبَعَكَ والموعد:

مكان الوعد.

والمراد به هنا المكان الذي سينتهون إليه حتما بعد أن كانوا غافلين عنها في الدنيا، وهو جهنم أى وإن جهنم لمكان محتوم لهؤلاء الذين أغواهم إبليس دون أن يفلت أحد من سعيرها.

وقوله " وإن جهنم لموعدهم أجمعين أي جهنم موعد جميع من اتبع إبليس كما قال عن القرآن " ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده.

يقول تعالى ذكره لإبليس: وإن جهنم لموعد من تبعك أجمعين .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[43] ﴿وَإِنَّ جهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ اجتمعوا في الدنيا على الباطل وقضاء الشهوات المحرمة، فاجتمعوا غدًا لمقاساة العقاب على جرائمهم في جهنم.
تفاعل
[43] ﴿وَإِنَّ جهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ استعذ بالله من جهنم.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ:
  • الواو: عاطفة. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.جهنم: اسم «إنّ» منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف -التنوين-للعلمية.
  • ﴿ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ:
  • اللام: لام الابتداء-المزحلقة-للتوكيد. موعد:خبر «انّ» مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.أجمعين: توكيد معنوي للضمير مجرور وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض عن حركة المفرد. '

المتشابهات :

هود: 81﴿وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٌ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَۖ إِنَّهُۥ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمۡۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبۡحُۚ أَلَيۡسَ ٱلصُّبۡحُ بِقَرِيبٖ
الحجر: 43﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَـ مَوْعِدُهُمْ أَجۡمَعِينَ
القمر: 46﴿بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدۡهَىٰ وَأَمَرُّ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     وبعد بيان أن سلطان إبليس على مَنِ اتبعه مِنَ الضالين المشركين؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا أن جهنم موعد جميع من اتبع إبليس، وهي مقرهم، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [44] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ ..

التفسير :

[44] لها سبعة أبواب كل باب أسفل من الآخر، لكل بابٍ مِن أتباع إبليس قسم ونصيب بحسب أعمالهم.

{ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ} كل باب أسفل من الآخر،{ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ} أي:من أتباع إبليس{ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} بحسب أعمالهم. قال الله تعالى:{ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ}

وجملة «لها سبعة أبواب» مستأنفة لوصف حال جهنم وأبوابها.

وجملة «لكل باب منهم جزء مقسوم» صفة لأبواب، وضمير «منهم» يعود إلى الغاوين أتباع إبليس.

والمقسوم: من القسم وهو إفراز النصيب عن غيره تقول: قسمت كذا قسما وقسمة إذا ميزت كل قسم عن سواه.

والمعنى: إن لجهنم سبعة أبواب، لكل باب منها، فريق معين من الغاوين يدخلون منه، على حسب تفاوتهم في الغواية وفي متابعة إبليس ويرى كثير من المفسرين أن المراد بالأبواب هنا الأطباق والدركات.

أى لجهنم سبعة أطباق أو دركات بعضها فوق بعض، ينزلها الغاوون، بحسب أصنافهم وتفاوت مراتبهم في الغي والضلال.

قال الإمام ابن كثير: قوله- تعالى- لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ أى: قد كتب لكل باب منها جزء من أتباع إبليس، يدخلونه لا محيد لهم عنه- أجارنا الله منها- وكل يدخل من باب بحسب عمله، ويستقر في درك بقدر فعله.... ثم قال: وعن عمرة بن جندب- رضى الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ قال: «إن من أهل النار من تأخذه النار إلى كعبيه، وإن منهم من تأخذه النار إلى حجزته ، ومنهم من تأخذه النار إلى تراقيه ... » .

وبعد: فهذه قصة خلق الإنسان، وقصة خلق الجان- كما بينتها هذه السورة الكريمة- ومن الدروس والعظات التي نأخذها منها:

1- دلالتها على كمال قدرة الله- تعالى-، وبديع خلقه، وبليغ حكمته، حيث خلق- سبحانه- الإنسان من مادة تختلف عن المادة التي خلق منها الجان، وحيث كرم الإنسان بخاصية أخرى أشار إليها القرآن في قوله- تعالى- فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ...

وهذه الخاصية هي التي تجعل من هذا الإنسان، إنسانا ينفرد بخصائصه عن كل الأحياء الأخرى التي تشاركه في هذه الحياة..

2- أن خلق الجان سابق على خلق الإنسان، بدليل قوله- تعالى- وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ.

3- أن الملائكة عباد مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فهم بمجرد أن أمرهم الله- تعالى- بالسجود لآدم، سجدوا جميعا دون أن يشذ منهم أحد.

4- أن الإصرار على معصية الله- تعالى- يؤدى إلى الطرد من رحمته- سبحانه- ومن الخروج من رضوانه ومغفرته.

5- أن التكبر والغرور والحسد، من أبرز الصفات الذميمة التي حملت إبليس على الامتناع عن السجود لآدم، وعلى مخالفة أمر ربه- عز وجل-.

6- أن إجابته- سبحانه- لطلب إبليس في تأخير موته، لم يكن لكرامة له عنده- عز وجل-، وإنما كان استدراجا له وإمهالا، وابتلاء لبنى آدم ليتميز قوى الإيمان من ضعيفه.

7- أن العداوة بين إبليس وقبيله، وبين آدم وذريته، باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأن إبليس وجنوده لم ولن يتركوا بابا من أبواب الشر إلا وزينوه وجملوه لبنى آدم، وحرضوهم على الدخول فيه، ليكتسبوا السيئات التي نهاهم الله- تعالى- عنها.

قال- تعالى- إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا. إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ .

8- أن عدالة الله- تعالى- ورحمته قد اقتضت أن يحمى عباده المخلصين من تسلط الشيطان عليهم، لأنهم منه في حمى، ولأن مداخله إلى نفوسهم مغلقة، إذ أنهم خافوا مقام ربهم ونهوا أنفسهم عن الهوى..

أما الذين يستطيع الشيطان التسلط عليهم، والتأثير فيهم، فهم أولئك الذين انقادوا لوساوسه، واستجابوا لنزعاته، وصاروا مطية له يسخرها كما يشاء ...

وهؤلاء هم الذين تنتظرهم جهنم بأبوابها السبعة..

قال- تعالى-: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ. لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ.

هذه هي عاقبة الغاوين أتباع إبليس، أما عاقبة المخلصين الذين أخلصوا نفوسهم لله- تعالى- وأطاعوه في السر والعلن، فقد بينها- سبحانه- بعد ذلك في قوله:

ثم أخبر أن لجهنم سبعة أبواب : ( لكل باب منهم جزء مقسوم ) أي : قد كتب لكل باب منها جزء من أتباع إبليس يدخلونه ، لا محيد لهم عنه - أجارنا الله منها - وكل يدخل من باب بحسب عمله ، ويستقر في درك بقدر فعله .

قال إسماعيل ابن علية وشعبة كلاهما ، عن أبي هارون الغنوي ، عن حطان بن عبد الله أنه قال : سمعت علي بن أبي طالب وهو يخطب قال : إن أبواب جهنم هكذا - قال أبو هارون : أطباقا بعضها فوق بعض

وقال إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن يريم عن علي - رضي الله عنه - قال : أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض ، فيمتلئ الأول ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، حتى تملأ كلها

وقال عكرمة : ( سبعة أبواب ) سبعة أطباق .

وقال ابن جريج : ( سبعة أبواب ) أولها جهنم ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم سعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية .

وروى الضحاك عن ابن عباس نحوه . وكذا [ روي ] عن الأعمش بنحوه أيضا .

وقال قتادة : ( لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ) وهي والله منازل بأعمالهم ، رواهن ابن جرير .

وقال جويبر ، عن الضحاك : ( لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ) قال : باب لليهود ، وباب للنصارى ، وباب للصابئين ، وباب للمجوس ، وباب للذين أشركوا - وهم كفار العرب - وباب للمنافقين ، وباب لأهل التوحيد ، فأهل التوحيد يرجى لهم ولا يرجى لأولئك أبدا .

وقال الترمذي : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا عثمان بن عمر ، عن مالك بن مغول ، عن جنيد عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لجهنم سبعة أبواب : باب منها لمن سل السيف على أمتي - أو قال : على أمة محمد .

ثم قال : لا نعرفه إلا من حديث مالك بن مغول

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ، عباس بن الوليد الخلال ، حدثنا زيد - يعني - ابن يحيى - حدثنا سعيد بن بشير ، ، عن أبي نضرة ، عن قتادة 55 عن سمرة بن جندب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( لكل باب منهم جزء مقسوم ) قال : " إن من أهل النار من تأخذه النار إلى كعبيه ، وإن منهم من تأخذه النار إلى حجزته ، ومنهم من تأخذه النار إلى تراقيه ، منازل بأعمالهم ، فذلك قوله : ( لكل باب منهم جزء مقسوم )

( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ) يقول: لجهنم سبعة أطباق، لكلِّ طَبَق منهم: يعني من أتباع إبليس جزء، يعني: قسما ونصيبا مقسوما.

وذُكر أن أبواب جهنم طبقات بعضها فوق بعض.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت أبا هارون الغنوي، قال: سمعت حِطان، قال: سمعت عليا وهو يخطب، قال: إن أبواب جهنم هكذا ، ووضع شُعبة إحدى يديه على الأخرى.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي هارون الغنوي، عن حطان بن عبد الله، قال: قال عليّ: تدرون كيف أبواب النار؟ قلنا: نعم كنحو هذه الأبواب ، فقال: لا ولكنها هكذا ، فوصف أبو هارون أطباقا بعضها فوق بعض، وفعل ذلك أبو بشر.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي هارون الغنوي، عن حطان بن عبد الله عن عليّ، قال: هل تدرون كيف أبواب النار؟ قالوا: كنحو هذه الأبواب، قال: لا ولكن هكذا ، فوصف بعضها فوق بعض.

حدثنا هارون بن إسحاق، قال: ثنا مصعب بن المقدام، قال: أخبرنا إسرائيل، قال: ثنا أبو إسحاق، عن هبيرة، عن عليّ، قال: أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض، فيمتلئ الأوّل، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم تمتلئ كلها.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن علي قال: أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض ، وأشار بأصابعه على الأوّل، ثم الثاني، ثم الثالث حتى تملأ كلها.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن هبيرة بن مريم، قال: سمعت عليا يقول: إن أبواب جهنم بعضها فوق بعض، فيملأ الأوّل ثم الذي يليه، إلى آخرها.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عليّ، قال: أخبرنا محمد بن يزيد الواسطيّ، عن جَهْضَم، قال: سمعت عكرمة يقول في قوله ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ) قال: لها سبعة أطباق.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ) قال: أولها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية ، والجحيم فيها أبو جهل.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) وهي والله منازل بأعمالهم.

التدبر :

وقفة
[44] ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلّ ِبَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ قال ابن عباس عن أسماء أبواب النار: «لها سبعة أبواب: جهنم، والسعير، ولظى، والحطمة، وسقر، والجحيم، والهاوية، وهي أسفلها».
تفاعل
[44] ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلّ ِبَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.
وقفة
[44] ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلّ ِبَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ لكل دركة قوم يسكنونها بقدر ذنوبهم، وقال الألوسي: «عدد الحواس الخمس والقوتين الشهوية والغضبية، وهاتان القوتان بابان عظيمان للضلالة المفضية إلى النار».
وقفة
[44] قال هشام بن حسان خرجنا حجاجًا، فنزلنا منزلًا في بعض الطريق، فقرأ رجل كان معنا هذه الآية: ﴿لِكُلّ ِبَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾، فسمعته امرأة فقالت: أعد رحمك الله، فأعادها، فقالت: خلفت لي في البيت سبعة عبيد، أشهدكم أنهم أحرار، لكل باب واحد منهم.

الإعراب :

  • ﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب صفة-نعت-لجهنم. لها: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. سبعة: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.أبواب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ:
  • لكل: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم.باب: مضاف اليه مجرور بالكسرة. منهم: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «باب».جزء: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. مقسوم: صفة لجزء مرفوعة مثلها بالضمة. بمعنى: لكل باب منها قسم مقدر من المجرمين. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ عز وجل أن جهنم مقر جميع من اتبع إبليس؛ بَيَّنَ هنا أن لها سبعة أبواب، لكل باب من أبوابها قدر معلوم من أتباع إبليس، قال تعالى:
﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

جزء:
وقرئ:
جزء، بتشديد الزاى من غير همز، ووجهه: أنه حذف الهمزة وألقى حركتها على الزاى ووقف بالتشديد، وهى قراءة ابن القعقاع.

مدارسة الآية : [45] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

التفسير :

[45] إن الذين اتقوا الله بامتثال ما أمر واجتناب ما نهى في بساتينَ وأنهار جارية

ولما ذكر تعالى ما أعد لأعدائه أتباع إبليس من النكال والعذاب الشديد ذكر ما أعد لأوليائه من الفضل العظيم والنعيم المقيم فقال تعالى:{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ} الذين اتقوا طاعة الشيطان وما يدعوهم إليه من جميع الذنوب والعصيان{ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} قد احتوت على جميع الأشجار وأينعت فيها جميع الثمار اللذيذة في جميع الأوقات.

وقوله- سبحانه- إِنَّ الْمُتَّقِينَ ... كلام مستأنف لإظهار حسن عاقبة المتقين، بعد بيان سوء عاقبة الغاوين.

والمتقون: جمع متق اسم فاعل من اتقى. وأصله اوتقى- بزنة افتعل- من وقى الشيء وقاية، أى: صانه وحفظه مما يضره ويؤذيه.

والجنات: جمع جنة، وهي كل بستان ذي شجر متكاثف، ملتف الأغصان، يظلل ما تحته ويستره. من الجن وهو ستر الشيء عن الحاسة..

والمراد بها هنا الدار التي أعدها الله- تعالى- لتكريم عباده المؤمنين في الآخرة.

والعيون جمع عين. والمقصود بها هنا المياه المنتشرة في الجنات.

والمعنى: «إن المتقين» الذين صانوا أنفسهم عن الشرك. وقالوا ربنا الله ثم استقاموا «في جنات» عالية، فيها ما تشتهيه الأنفس، وفيها منابع للماء تلذ لها الأعين.

لما ذكر تعالى حال أهل النار عطف على ذكر أصل الجنة وأنهم في جنات وعيون.

يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا الله بطاعته وخافوه، فتجنبوا معاصيه في جنات وعيون .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[45] ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ لما سارعوا بالتوبة إلى الله، وأنفقوا سرًا وعلانية، كان لهم المقام الأمين في جنات وعيون.
وقفة
[45] ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ في الجنة ثلاثة عيون: الأولى: عين الكافور، يشرب المقربون ماءها صرفًا غير مخلوط، ويشرب منها الأبرار شرابًا مخلوطًا ممزوجًا بغيره، الثانية: عين التسنيم، الثالثة: عين السلسبيل.
وقفة
[45] ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾، ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ﴾ [الدخان: 51]، ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ﴾ [الطور: 17]، ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾ [القمر: 54]، ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ﴾ [المرسلات: 41]، تعددُ مقام المتقين في الجنة لشرف هذه الطائفة عند الله جلّ وعلا، وأعلى هذه المقامات ما جاء في سورة القمر؛ لأنه قال بعدها: ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ﴾ [القمر: 55].
تفاعل
[45] ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ سَل الله الجنة الآن.
وقفة
[45، 46] ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾ آمنين من كل خوف وفزع، ولا تخشوا من إخراج، ولا انقطاع، ولا فناء.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المتقين: اسم «إنّ» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ:
  • في جنات: جار ومجرور متعلق بخبر «إنّ» بمعنى:أمّا المتقون فهم في بساتين وعيون مياه. وعيون: معطوفة بالواو على «جنات» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المنونة لانقطاعها عن الاضافة. '

المتشابهات :

الحجر: 45﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
الذاريات: 15﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
الدخان: 51﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ
الطور: 17﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ
القمر: 54﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ
المرسلات: 41﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ عز وجل جهنَّمَ وأهلَها؛ ذكرَ هنا أهلَ الجَنَّةِ، وما لهم فيها من نعيم، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وعيون:
قرئ:
1- بضم العين، وهى قراءة نافع، وأبى عمرو، وحفص، وهشام.
2- بكسرها، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [46] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ

التفسير :

[46] يقال لهم:ادخلوا هذه الجنات سالمين من كل سوء آمنين من كل عذاب

ويقال لهم حال دخولها:{ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} من الموت والنوم والنصب، واللغوب وانقطاع شيء من النعيم الذي هم فيه أو نقصانه ومن المرض، والحزن والهم وسائر المكدرات

وجملة «ادخلوها بسلام آمنين» معمولة لقول محذوف. والباء في قوله «بسلام» للمصاحبة.

أى: وتقول لهم الملائكة- على سبيل التكريم- والتحية- لهؤلاء المتقين عند دخولهم الجنات واستقرارهم فيها: ادخلوها- أيها المتقون- تصاحبكم السلامة من الآفات، والنجاة من المخافات.

وقوله " ادخلوها بسلام " أي سالمين من الآفات مسلم عليكم " آمنين " أي من كل خوف وفزع ولا تخشوا من إخراج ولا انقطاع ولا فناء.

يقال لهم: ( ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ ) من عقاب الله، أو أن تُسلبوا نعمة أنعمها الله عليكم ، وكرامة أكرمكم بها.

التدبر :

عمل
[46] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾ ضْعَ هذه اللافِتَةَ على بوابةِ حياتِك، دَعْ النَّاسَ يَشْعرونَ بالأمنِ معكَ.
تفاعل
[46] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾ عن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ قَالَتْ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ اسْتَجَارَ مِنْ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ قَالَتْ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ النَّارِ». [الترمذى 2572، وصححه الألباني]، قل الآن: اللهم إنّا نسألك الجنة، ونعوذ بك من النار.
وقفة
[46] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾ انتفاء الخوف ودوام الأمان نعيم قلَّ من يستشعر عِظمَه؛ ولذلك كان من نعيم أهل الجنة!
وقفة
[46] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾ ربما يدركهم الوجل من هيبة المكان وجماله والأبهة فيه، فسكن الله قلوبهم.
وقفة
[46] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾ ربما يدركهم الوجل من هيبة المكان وجماله والأبهة فيه، فسكن الله قلوبهم.
وقفة
[46] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾ لم يعد هناك فزع مما يجلبه الغد، ولا جروح من ويلات الأمس، ذهب الخوف واطمأنت القلوب، رب اجعلنا من أهلها.
وقفة
[46] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾ من الموت والنوم والنصب، جعلكم الله من الآمنين.
وقفة
[46] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾ مهما بلغ نعيم الإنسان في الدنيا، فإن أكبر ما ينغصه الخوف من الفراق والزوال، أما الجنة فأمنٌ وسلامٌ وخلود.
تفاعل
[46] مُنتهى الأمان نداء الله لأهل الجنة: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾، اللهم اجعلنا من أهل هذه الآية يا رب.
تفاعل
[46] أعظم عفو قول الرحمن سبحانه: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾، اللهم اشملنا بعفوك ورضاك وواسع رحمتك.
وقفة
[46] لا راحة ولا أمن ولا اطمئنان ولا سعادة ولا أمان لك حتى تسمع نداء: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾.
وقفة
[46] أعظم مظاهر الاستقرار في الحياة السلامة والأمن، تأمل قول الله عن أهل الجنة: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ادْخُلُوها:
  • على ارادة القول أي يقول لهم الملائكة ادخلوها: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الافعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به. والجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ بِسَلامٍ آمِنِينَ:
  • بسلام: جار ومجرور متعلق بحال محذوف بتقدير: سالمين أو مسلم عليكم أي تسلم عليكم الملائكة أو متعلق بالمصدر-المفعول المطلق-أي تسلم عليكم سلاما. آمنين: حال منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

الحجر: 46﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ
ق: 34﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [46] لما قبلها :     ولَمَّا كان المَنزِلُ لا يَحسُنُ إلَّا بالسَّلامةِ والأُنسِ والأمنِ؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا ما يقال لهؤلاء المتقين عند دخولهم الجنات، أو كلما أرادوا أن ينتقلوا من جنة إلى أخرى، قال تعالى:
﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ادخلوها:
وقرئ:
1- أدخلوها، ماضيا مبنيا للمفعول، من «الإدخال» ، وهى قراءة الحسن.
2- ادخلوها، أمر من «الدخول» ، وهى قراءة الجمهور.

مدارسة الآية : [47] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ ..

التفسير :

[47] ونزعنا ما في قلوبهم من حقد وعداوة، يعيشون في الجنة إخواناً متحابين، يجلسون على أسرَّة عظيمة، تتقابل وجوههم تواصلاً وتحابباً

{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} فتبقى قلوبهم سالمة من كل دغلوحسد متصافية متحابة{ إخوانا على سرر متقابلين}

دل ذلك على تزاورهم واجتماعهم وحسن أدبهم فيما بينهم في كون كل منهم مقابلا للآخر لا مستدبرا له متكئين على تلك السرر المزينة بالفرش واللؤلؤ وأنواع الجواهر.

ثم بين - سبحانه - ما هم عليه فى الجنة من صفاء نفسى ، ونقاء قلبى فقال : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) .

والنزع : القلع يقال : نزع فلان هذا الشىء من مكانه إذا قلعه منه ، وفعله من باب ضرب والغل : الحقد والضغينة ، وأصله من الغلالة ، وهى ما يلبس بين الثوبين : الشعار والدثار .

أو من الغلل وهو الماء المتخلل بين الأشجار . ويقال : غل صدر فلان يغل - بالكسر - غلا إذا كان ذا غش ، أو ضغن ، أو حقد .

والسرر : جمع سرير وهو المكان المهيأ لراحة الجالس عليه وإدخال السرور على قلبه .

أى : وقلعنا ما فى صدور هؤلاء المتقين من ضغائن وعداوات كانت موجودة فيها فى الدنيا ، وجعلناهم يدخلون الجنة إخوانًا متحابين متصافين ، ويجلسون متقابلين ، على سرر مهيأة لراحتهم ورفاهيتهم وإدخال السرور على نفوسهم .

وقوله : ( إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) حال عن فاعل ( ادخلوها ) .

وعبر بقوله ( متقابلين ) لأن مقابلة الوجه للوجه أدخل فى الإِيناس ، وأجمع للقلوب .

والآية الكريمة تشعر بأنهم فى الجنة ينشئهم الله - تعالى - نشأة أخرى جديدة وتكون قلوبهم فيها خالية من كل ما كان يخالطهم فى الدنيا من ضغائن وعداوات وأحقاد وأطماع وغير ذلك من الصفات الذميمة ، ويصلون بسبب هذه النشأة الجديدة إلى منتهى الرقى البشرى . . .

وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية عددا من الأحاديث والآثار منها ما رواه القاسم عن أبى أمامة قال : يدخل أهل الجنة على ما فى صدورهم فى الدنيا من الشحناء والضغائن ، حتى إذا توافوا وتقابلوا نزع الله ما فى صدورهم فى الدنيا من غل ، ثم قرأ : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ .

ومنها: ما رواه أبو مالك الأشجعى عن أبى حبيبة- مولى لطلحة- قال: دخل عمران ابن طلحة على الإمام على بن أبى طالب بعد ما فرغ من أصحاب الجمل، فرحب على- رضى الله عنه- به، وقال: إنى لأرجو أن يجعلني الله وإياك من الذين قال الله فيهم: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ...

وقوله : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ) روى القاسم ، عن أبي أمامة قال : يدخل أهل الجنة الجنة على ما في صدورهم في الدنيا من الشحناء والضغائن ، حتى إذا توافوا وتقابلوا نزع الله ما في صدورهم في الدنيا من غل ، ثم قرأ : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل )

هكذا في هذه الرواية ، والقاسم بن عبد الرحمن - في روايته عن أبي أمامة - ضعيف .

وقد روى سنيد في تفسيره : حدثنا ابن فضالة ، عن لقمان ، عن أبي أمامة قال : لا يدخل مؤمن الجنة حتى ينزع الله ما في صدرهم من غل ، حتى ينزع منه مثل السبع الضاري

وهذا موافق لما في الصحيح من رواية قتادة ، حدثنا أبو المتوكل الناجي : أن أبا سعيد الخدري حدثهم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يخلص المؤمنون من النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعضهم مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هذبوا ونقوا ، أذن لهم في دخول الجنة "

وقال ابن جرير : حدثنا الحسن ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا هشام ، عن محمد - هو ابن سيرين - قال : استأذن الأشتر على علي - رضي الله عنه - وعنده ابن لطلحة ، فحبسه ثم أذن له . فلما دخل قال : إني لأراك إنما احتبستني لهذا ؟ قال : أجل . قال : إني لأراه لو كان عندك ابن لعثمان لحبستني ؟ قال : أجل إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله تعالى : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل [ إخوانا ] على سرر متقابلين )

وحدثنا الحسن : حدثنا أبو معاوية الضرير ، حدثنا أبو مالك الأشجعي ، عن أبي حبيبة - مولى لطلحة - قال : دخل عمران بن طلحة على علي - رضي الله عنه - بعدما فرغ من أصحاب الجمل ، فرحب به وقال : إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ) - قال : ورجلان جالسان على ناحية البساط ، فقالا : الله أعدل من ذلك ، تقتلهم بالأمس ، وتكونون إخوانا ؟ ! فقال علي - رضي الله عنه - : قوما أبعد أرض وأسحقها ، فمن هو إذا إن لم أكن أنا وطلحة ، وذكر أبو معاوية الحديث بطوله

وروى وكيع ، عن أبان بن عبد الله البجلي ، عن نعيم بن أبي هند ، عن ربعي بن حراش ، عن علي نحوه . وقال فيه : فقام رجل من همدان فقال : الله أعدل من ذاك يا أمير المؤمنين ، قال : فصاح به علي صيحة ، فظننت أن القصر تدهده لها ، ثم قال : إذا لم نكن نحن فمن هو ؟

وقال سعيد بن مسروق ، عن أبي طلحة - وذكره - فيه : فقال الحارث الأعور ذلك ، فقام إليه علي - رضي الله عنه - فضربه بشيء كان في يده في رأسه ، وقال : فمن هم يا أعور إذا لم نكن نحن ؟

وقال سفيان الثوري : عن منصور ، عن إبراهيم قال : جاء ابن جرموز قاتل الزبير يستأذن على علي - رضي الله عنه - فحجبه طويلا ثم أذن له ، فقال له : أما أهل البلاء فتجفوهم ، فقال علي : بفيك التراب ، إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين )

وكذا روى الثوري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بنحوه .

وقال سفيان بن عيينة ، عن إسرائيل ، عن أبي موسى ، سمع الحسن البصري يقول : قال علي : فينا والله - أهل بدر - نزلت هذه الآية : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين )

وقال كثير النواء : دخلت على أبي جعفر محمد بن علي فقلت : وليي وليكم ، وسلمي سلمكم ، وعدوي عدوكم ، وحربي حربكم ، إني أسألك بالله : أتبرأ من أبي بكر وعمر ؟ فقال : ( قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ) [ الأنعام : 56 ] تولهما يا كثير ، فما أدركك فهو في رقبتي هذه ، ثم تلا هذه الآية : ( إخوانا على سرر متقابلين ) قال : أبو بكر ، وعمر ، وعلي رضي الله عنهم أجمعين .

وقال الثوري ، عن رجل ، عن أبي صالح في قوله : ( إخوانا على سرر متقابلين ) قال : هم عشرة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد ، وعبد الله بن مسعود ، رضي الله عنهم أجمعين .

وقوله : ( متقابلين ) قال مجاهد : لا ينظر بعضهم في قفا بعض .

وفيه حديث مرفوع ، قال ابن أبي حاتم : حدثنا يحيى بن عبدك القزويني ، حدثنا حسان بن حسان ، حدثنا إبراهيم بن بشر حدثنا يحيى بن معين ، عن إبراهيم القرشي ، عن سعيد بن شرحبيل ، عن زيد بن أبي أوفى قال : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلا هذه الآية : ( إخوانا على سرر متقابلين ) في الله ، ينظر بعضهم إلى بعض

قوله ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) يقول: وأخرجنا ما في صدور هؤلاء المتقين الذين وصف صفتهم من حقد وضغينة بعضهم لبعض.

واختلف أهل التأويل في الحال التي ينـزع الله ذلك من صدورهم، فقال بعضهم: ينـزل ذلك بعد دخولهم الجنة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني المثنى، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا إسرائيل، عن بشر البصري، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أُمامة، قال: يدخل أهل الجنة الجنة على ما في صدورهم في الدنيا من الشحناء والضغائن، حتى إذا توافوا وتقابلوا نـزع الله ما في صدورهم في الدنيا من غلّ ، ثم قرأ ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ )

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو فضالة، عن لقمان، عن أبي أمامة، قال: لا يدخل مؤمن الجنة حتى ينـزع الله ما في صدورهم من غلّ، ثم ينـزع منه السبع الضاري.

حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن إسرائيل، عن أبي موسى سمع الحسن البصري يقول: قال عليّ: فينا والله أهل بدر نـزلت الآية ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ )

حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة: ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) قال: من عداوة.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن جويبر، عن الضحاك ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) قال: العداوة.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن رجل، عن عليّ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) قال: العداوة.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: جاء ابن جرموز قاتل الزبير يستأذن على عليّ، فحجبه طويلا ثم أذن له فقال له: أما أهل البلاء فتجفوهم ، قال عليّ: بفيك التراب، إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ )

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن جعفر، عن عليّ نحوه.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبان بن عبد الله البجلي، عن نعيم بن أبي هند، عن رَبْعِيَ بن حِرَاش، بنحوه، وزاد فيه: قال: فقام إلى علي رجل من هَمَدان، فقال: الله أعدل من ذلك يا أمير المؤمنين ، قال: فصاح عليٌّ صيحة ظننت أن القصر تدهده لها، ثم قال: إذا لم نكن نحن ، فمن هم؟

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا أبو معاوية الضرير، قال: ثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبي حبيبة مولى لطلحة، قال: دخل عمران بن طلحة على عليّ بعد ما فرغ من أصحاب الجمل، فرحَّب به وقال: إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله ( إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) ، ورجلان جالسان على ناحية البساط، فقالا الله أعدل من ذلك، تقتلهم بالأمس وتكونون إخوانا؟ فقال عليّ: قوما أبعد أرض وأسحقها . فمن هم إذن إن لم أكن أنا وطلحة ؟ وذكر لنا أبو معاوية الحديث بطوله.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عفان، قال: ثنا عبد الواحد، قال: ثنا أبو مالك، قال: ثنا أبو حبيبة، قال: قال علي لابن طلحة: إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين نـزعَ الله ما في صدورهم من غلٍّ ويجعلنا إخوانا على سرر متقابلين.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا حماد بن خالد الخياط، عن أبي الجويرية، قال: ثنا معاوية بن إسحاق، عن عمران بن طلحة، قال: لما نظرني عليّ قال: مرحبا بابن أخي ، فذكر نحوه.

حدثنا الحسن، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا هشام، عن محمد، قال: استأذن الأشتر على عليّ وعنده ابن لطلحة، فحبسه ، ثم أذن له، فلما دخل قال: إني لأراك إنما حبستني لهذا ، قال: أجل ، قال: إني لأراه لو كان عندك ابن لعثمان لحبستني ، قال: أجل إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ).

حدثنا الحسن، قال: ثنا إسحاق الأزرق، قال: أخبرنا عوف، عن سيرين، بنحوه.

حدثنا الحسن، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، قال: ثنا السكن بن المغيرة، قال: ثنا معاوية بن راشد، قال: قال علي إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ).

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ثنا ابن المتوكل الناجي، أن أبا سعيد الخدري حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ قَالَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنـزلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنـزلِهِ الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا ". وقال بعضهم: ما يشبَّه بهم إلا أهل جمعة انصرفوا من جمعتهم.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عفان بن مسلم، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة في هذه الآية ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) قال: ثنا قتادة أن أبا المتوكل الناجي حدثهم أن أبا سعيد الخدريّ حدثهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه، إلى قوله " وأُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ" ثم جعل سائر الكلام عن قتادة ، قال: وقال قتادة: فوالذي نفسي بيده لأحدهم أهدى بمنـزله ، ثم ذكر باقي الحديث نحو حديث بشر، غير أن الكلام إلى آخره عن قتادة، سوى أنه قال في حديثه: قال قتادة وقال بعضهم: ما يشبَّه بهم إلا أهل الجمعة إذا انصرفوا من الجمعة.

حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي، قال: ثنا عمر بن زرعة، عن محمد بن إسماعيل الزبيدي، عن كثير النواء، قال سمعته يقول: دخلت على أبي جعفر محمد بن عليّ، فقلت: وليي وليكم، وسلمي سِلْمكم، وعدوّي عدوّكم، وحربي حربكم ، إني أسألك بالله، أتبرأ من أبي بكر وعمر ، فقال: قد ضَلَلْتُ إذا وما أنا من المهتدين، تولَّهما يا كثير، فما أدركك فهو في رقبتي ، ثم تلا هذه الآية ( إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) يقول: إخوانا يقابل بعضهم وجه بعض، لا يستدبره فينظر في قفاه ، وكذلك تأوله أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا حصين، عن مجاهد، في قوله ( عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) قال: لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن ومؤمل، قالوا: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. والسرر: جمع سرير، كما الجدد: جمع جديد، وجمع سررا ، وأظهر التضعيف فيها ، والراءان متحرّكتان لخفة الأسماء، ولا تفعل ذلك في الأفعال لثقل الأفعال، ولكنهم يُدْغمون في الفعل ليسكن أحد الحرفين فيخفف، فإذا دخل على الفعل ما يسكن الثاني أظهروا حينئذ التضعيف.

التدبر :

وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾ من كرمه وإحسانه لأهل الجنة أن الغل الذي كان موجودًا بقلوبهم أن الله يزيله حتى يكونوا إخوانا ًمتحابين وأخلاء متصافين.
تفاعل
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾ ادعُ الله الآن أن يطهر قلبك.
اسقاط
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾ حين نُطهِّر قلوبنا من الغِل؛ فنحنُ نعيش في الدنيا مستمتعين بصِفة مِن صِفَات أهل الجنّة.
عمل
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾ ابدأ يومك بالتسامح وتنقية قلبك، اللهم انزع الغل والحقد والبغضاء من قلوبنا.
لمسة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾ قال: (نزعنا) بلفظ الماضي وهو مستقبل؛ لتحقُّق وقوعه في المستقبل، حتى عبَّر عنه بما يعبر عن الواقع، وكذلك كلُّ ما جاء بعد هذا من الأفعال الماضية في اللفظ وهي تقع في الآخرة؛ كقوله: ﴿ونادى أصحاب الجنة﴾ [الأعراف: 44]، ﴿ونادى أصحاب الأعراف﴾ [الأعراف: 48]، وغير ذلك.
تفاعل
‏[47] سلامة النفس ونقاءُ القلب من سمات أهل الجنة: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾؛ اللهم نق قلوبنا، واجعلنا من أهل الجنان.
عمل
[47] إن الحقد يشبه تجرع السم، على أمل أن يموت به شخص آخر، ولذلك كان من نعيم أهل الجنة: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾، فعِش نعيمهم.
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا﴾ قد يختلف الصالحون ويتطاحنون وتضيق النفوس أحيانًا، لكن لما اجتمعت قلوبهم على الغاية جمعهم هناك.
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا﴾ زاد في هذه السورة: (إخوانًا)؛ لأنها نزلت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما سواها عام في المؤمنين.
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا﴾ تتحقق الأخوة بسلامة الصدر.
وقفة
[47] من نعيم أهل الجنة: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا﴾، ومن نقَّى نفسه من الغل في الدنيا؛ فقد شابه أهل الجنة في هذه المديحة.
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ قال ابن عباس: «أول ما يدخل أهل الجنة الجنة تعرض لهم عينان فيشربون من إحدى العينين، فيذهب الله ما في قلوبهم من غل، ثم يدخلون العين الأخرى فيغتسلون فيها، فتشرق ألوانهم، وتصفو وجوههم، وتجري عليهم نضرة النعيم».
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ من أفضل مُتَع الدنيا أخٌ صافٍ في ودِّه صادقٌ في نصحه، حديثه يجلو الهمَّ ويشرح الصدر، كيف وقد جعله الله من نعيم الجنة!
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ في الآيات دليل على تزاور المتقين واجتماعهم وحسن أدبهم فيما بينهم، في كون كل منهم مقابلًا للآخر لا مستدبرًا له.
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ سليم الصدر: قلبه يتسع للجميع ويحبه الجميع، وسلامة الصدر من نعيم الجنة المعجل.
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ سلامة الصدر من نعيم أهل الجنة، ربي اسلل سخيمة صدري.
عمل
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ سامح أحدًا ظلمك، أو أخطأ عليك؛ فإنه أطهر لقلبك، وفيه راحة نفسك.
لمسة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ (ونزعنا) يدل على أنهم يخفون (غلهم) إخفاء شديدًا عميقًا داخل نفوسهم، (فليس له أثر في حياتهم)، رحم الله أهل الأيمان.
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾ تصفو الأخوة حقًا حين يُنزع الغل, فتكون الجلسة: ﴿إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ من اللذات والنعيم, وهذا لا يكون إلا في الجنة.
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ مِن نعيم الجنة طهارة القلوب على الإخوان؛ دعنا نستمتع بهذا النعيم هنا.
اسقاط
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ متى ما كان صدرك سليمًا؛ فأنت تعيش في جزء من الجنة.
لمسة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ من البديع في هذه الآية أنها أخبرت بتلاقي القلوب قبل تلاقي الوجوه، نسأل الله من فضله.
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ صفاء قلب المرء على أخيه عبادة غالية، وهي من أبرز صفات أهل الجنة وما أحوجنا إليها!
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾كلما كانت النفوس (أصفى) كانت الأخوة (أقوى وأبقى)؛ لذلك نزع الله الغل من صدور أهل الجنة.
وقفة
[47] ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ سلامة الصدر طريق إلى الجنة، فأول زمرة تدخل الجنة: لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد.
وقفة
[47] من المهم قبل تلاقي الأبدان؛ أن تصفوَ القلوب من الشنآن ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾.
وقفة
[47] لا تكتمل الأخوّة؛ ولا تقع لذة المودة؛ إذا كانت النفوس تتلجلج فيها جرثومة الغلّ: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾.
وقفة
[47] ﴿إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ من يريد أن يجرب شيئًا من الجنة هنا.
وقفة
[47] ﴿إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ من النعيم أن يقبل أخوك بوجهه عليك حين تحدثه.
وقفة
[47] مقابلتك لأخيك في المجلس أعظم أنسًا وانسجامًا بينكما، تأمل قوله تعالى: ﴿إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾.
وقفة
[47] من النعيم أن يقبل أخوك بوجهه عليك حين تحدثه ﴿إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾.
وقفة
[47] كمال النعيم للمتحابين اللقيا والاجتماع، ألا ترى قوله تعالى في أهل الجنة: ﴿إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾، جعلنا الله منهم أجمعين.
وقفة
[47] لا تجد عبارة في موسوعة الحب أفضل من: (أحبك في الله)، لأنه الحب الذي لا ينقطع بالموت، اجتماع على الطاعات في الدنيا، وفي الآخرة: ﴿إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾.
وقفة
[47] قال الله عن أهل الجنة: ﴿إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾؛ الأخوة جعلها الله من نعيم الجنة.
وقفة
[47] ﴿إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ دل ذلك على تزاورهم واجتماعهم وحسن أدبهم فيما بينهم؛ في كون كل منهم مقابلًا للآخر، لا مستدبرًا له.

الإعراب :

  • ﴿ وَنَزَعْنا:
  • الواو: استئنافية. نزع: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ ما فِي صُدُورِهِمْ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. في صدورهم: أي قلوبهم: جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره: استقر وجملة «استقر في صدورهم» صلة الموصول لا محل لها و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا :
  • أي من حقد: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الموصول «ما» و «من» بيانية. اخوانا: حال منصوب بالفتحة أي فأصبحوا.
  • ﴿ عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ:
  • على سر: جار ومجرور متعلق بأصبحوا على معنى. متقابلين: حال منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. '

المتشابهات :

الحجر: 47﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ
الصافات: 44﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ

أسباب النزول :

  • أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدانَ العَدْلُ، قالَ: أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مالِكٍ، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمانَ بْنِ خالِدٍ الفَحّامُ، قالَ: حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ هاشِمٍ، عَنْ كَثِيرٍ النَّوّاءِ أنَّهُ قالَ: قُلْتُ لِأبِي جَعْفَرٍ: إنَّ فُلانًا حَدَّثَنِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في أبِي بَكْرٍ وعُمَرَ وعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ﴿ونَزَعْنا ما في صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إخْوانًا عَلى سُرُرٍ مُّتَقابِلِينَ﴾ . قالَ: واللَّهِ إنَّها لَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ، وفِيمَن تَنْزِلُ إلّا فِيهِمْ ؟ قُلْتُ: وأيُّ غِلٍّ هو ؟ قالَ: غِلُّ الجاهِلِيَّةِ، إنَّ بَنِي تَيْمٍ وعَدِيٍّ وبَنِي هاشِمٍ كانَ بَيْنَهم في الجاهِلِيَّةِ غِلٌّ، فَلَمّا أسْلَمَ هَؤُلاءِ القَوْمُ تَحابُّوا، فَأخَذَتْ أبا بَكْرٍ الخاصِرَةُ، فَجَعَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُسَخِّنُ يَدَهُ فَيُكَمِّدُ بِها خاصِرَةَ أبِي بَكْرٍ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [47] لما قبلها :     ولَمَّا كان الاجتماع يحلو مع الأصحاب، مع طهارة القُلوبِ من كل غل وحسد؛ قال تعالى هنا:
﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [48] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا ..

التفسير :

[48] لا يصيبهم فيها تعب ولا إعياء، وهم باقون فيها أبداً.

{ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ} لا ظاهر ولا باطن، وذلك لأن الله ينشئهم نشأة وحياة كاملة لا تقبل شيئا من الآفات،{ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} على سائر الأوقات.

ثم ختم- سبحانه- بيان جزائهم بقوله: لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ.

والنصب: التعب والإعياء. يقال: نصب الرجل نصبا- من باب طرب- إذا نزل به التعب والهم. ويقال فلان في عيش ناصب، أى فيه كد وجهد.

قال ابن كثير قوله- تعالى-: لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ يعنى مشقة وأذى كما جاء في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله أمرنى أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب» .

وقوله وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ- بل هم باقون في الجنات بقاء سرمديا دائما لا ينقطع- كما جاء في الحديث: «يقال- لأهل الجنة- يا أهل الجنة: إن لكم أن تصحوا فلا تمرضوا أبدا، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تقيموا فلا تظعنوا أبدا» .

فأنت ترى أن هذه الآيات الكريمة قد اشتملت على بشارات للمؤمنين الصادقين، هذه البشارات مقرونة بالتعظيم، خالية من الشوائب والاضرار، باقية لا انقطاع لها.

أما البشارات فتراها في قوله- تعالى- إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ.

وأما اقترانها بالتعظيم والتكريم، فتراه في قوله- تعالى-: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ.

وأما خلوها من الشوائب والاضرار، فتراه في قوله- تعالى-: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً....

وأما بقاؤها واستمرارها، فتراه في قوله- تعالى-: وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ.

هذا، وشبيه بهذه الآيات قوله- تعالى-: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ ... «2» .

وقوله- تعالى- وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ، وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا، وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ ... .

وقوله- تعالى-: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ. الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ .

وقوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا. خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا .

ثم بين- سبحانه- نماذج لمن شملتهم رحمته لإيمانهم وعملهم الصالح، ولمن شملتهم نقمته لكفرهم وعملهم الطالح، ومن هذه النماذج تبشيره لإبراهيم- وهو شيخ كبير- بغلام عليم، وإنجاؤه لوطا ومن آمن معه من العذاب المهين، وإهلاكه المجرمين من قومه.. قال- تعالى-:

وقوله : ( لا يمسهم فيها نصب ) يعني : المشقة والأذى ، كما جاء في الصحيحين : " إن الله أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب "

وقوله : ( وما هم منها بمخرجين ) كما جاء في الحديث : " يقال يا أهل الجنة ، إن لكم أن تصحوا فلا تمرضوا أبدا ، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تقيموا فلا تظعنوا أبدا " ، وقال الله تعالى : ( خالدين فيها لا يبغون عنها حولا ) [ الكهف : 108 ]

يقول تعالى ذكره: لا يَمسّ هؤلاء المتقين الذين وصف صِفتهم في الجنات نَصَب، يعني تَعَب ( وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ) يقول: وما هم من الجنة ونعيمها وما أعطاهم الله فيها بمخرجين، بل ذلك دائم أبدا.

التدبر :

وقفة
[48] ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ﴾ حتى في ذروة أفراحنا هنا ينهكنا التعب، أما الجنة ففرح بلا تعب.
وقفة
[48] ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ﴾ كم جاهدوا النفس لتستقيم! كم صبروا على بلاء! ورضوا بقضاء ربهم! فاليوم لا تعب، ليس لهم إلا راحة القلب والجسد.
وقفة
[48] ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ باب الجنة آخر عهدك بالبؤس والحزن والتعب، قال ﷺ: «مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَنْعَمُ لاَ يَبْأَسُ، لاَ تَبْلَى ثِيَابُهُ، وَلاَ يَفْنَى شَبَابُهُ» [مسلم 2836].
وقفة
[48] ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ هل تشعر بالتعب؟ هل تحس أن أعباء الحياة مزدحمة ومتوالية؟ هل ترغب في دار تسترد فيها أنفاسك وترتاح؟ اللهم اجعلنا من أهلها.
وقفة
[48] ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ كل مرحلة في عمر الإنسان ينقصها شيء، ولا كمال إلا في الجنة.
وقفة
[48] ذكرى النهايات تنغِّص على أهل النعيم نعيمهم إلا في الجنة ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾.
وقفة
[48] تأمل قول الله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾، وقارن بينه وبين قول الله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ [البلد: 4] تجد أن مما رغب الله تعالى به في الدار الآخرة: أن بيَّن أن الحياة الدنيا مليئة بالتعب، وبين مقابل ذلك: أن الجنة لا تعب فيها.
وقفة
[48] أضيفت الجنات إلى النعيم؛ لأنه ليس فيها إلا النعيم الخالص الذي لا يشوبه ما ينغصه كما يشوب جنات الدنيا، فساكنها منعم في بدنه، ومنعم في قلبه، قال تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾.
وقفة
[48] هكذا هي الدنيا لا انتهاء لآلامها ولا ساحل لأوجاعها، ولكن مع أول قدم ستنسى كل ألم: ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾.
وقفة
[48] ﴿وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ لا يعرف هذا النعيم في الجنة -حق المعرفة- إلا من ابتلي بصاحب الدار رأس كل شهر يطلب الإيجار أو الإخلاء.
وقفة
[48] ﴿وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ أكثر ما يخيف المتنعمين اليوم في الدنيا هو زوال النعمة وسلبها؛ ولأن الجنة لا خوف فيها، فينزع الله خوف المؤمنين من زوال النعيم في جنات النعيم.

الإعراب :

  • ﴿ لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ:
  • لا: نافية لا عمل لها. يمس: فعل مضارع مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. فيها: جار ومجرور متعلق بيمس و «نصب» بمعنى تعب: فاعل مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية: في محل نصب حال ثانية.
  • ﴿ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ:
  • الواو: استئنافية. ما: نافية بمنزلة «ليس» عند الحجازيين ولا عمل لها عند بين تميم. هم: ضمير رفع منفصل في محل رفع اسم «ما» أو مبتدأ. منها: جار ومجرور متعلق بمخرجين. والباء زائدة لتأكيد معنى النفي. مخرجين: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» في اللغة الأولى أو مرفوع محلا على أنه خبر «هم» في اللغة الثانية وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [48] لما قبلها :     وبعد ذكر ما سبق من نعيم أهل الجنة؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا أنه لا يلحقهم في تلك الجنات مشقة ولا أذى، يحصلون على كل ما يشتهون من غير تعب، وهم خالدون فيها أبدًا، قال تعالى:
﴿ لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [49] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ ..

التفسير :

[49] أخبِرْ -أيها الرسول- عبادي أني أنا الغفور للمؤمنين التائبين، الرحيم بهم

ولما ذكر ما يوجب الرغبة والرهبة من مفعولات الله من الجنة والنار، ذكر ما يوجب ذلك من أوصافه تعالى فقال:{ نَبِّئْ عِبَادِي} أي:أخبرهم خبرا جازما مؤيدا بالأدلة،{ أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته، ومغفرته سَعَوا في الأسبابالموصلة لهم إلى رحمته وأقلعوا عن الذنوب وتابوا منها، لينالوا مغفرته.

والخطاب في قوله- تعالى-: نَبِّئْ عِبادِي.. للرسول صلى الله عليه وسلم والنبأ: الخبر العظيم. والمراد «بعبادي» : المؤمنون منهم، والإضافة للتشريف.

أى: أخبر- أيها الرسول الكريم- عبادي المؤمنين أنى أنا الله- تعالى- الكثير المغفرة لذنوبهم، الواسع الرحمة لمسيئهم،

وقوله : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ) أي : أخبر يا محمد عبادي أني ذو رحمة وذو عقاب أليم .

وقد تقدم ذكر نظير هذه الآية الكريمة ، وهي دالة على مقامي الرجاء والخوف ، وذكر في سبب نزولها ما رواه موسى بن عبيدة عن مصعب بن ثابت قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناس من أصحابه يضحكون ، فقال : " اذكروا الجنة ، واذكروا النار " . فنزلت : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ) رواه ابن أبي حاتم ، وهو مرسل

وقال ابن جرير ، حدثني المثنى ، حدثنا إسحاق ، أخبرنا ابن المكي ، أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا مصعب بن ثابت ، حدثنا عاصم بن عبيد الله ، عن ابن أبي رباح ، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : طلع علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة ، فقال : " ألا أراكم تضحكون ؟ " ثم أدبر ، حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى ، فقال : " إني لما خرجت جاء جبريل - عليه السلام - فقال : يا محمد ، إن الله يقول لم تقنط عبادي ؟ ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم )

وقال سعيد ، عن قتادة في قوله تعالى : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ) قال : بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع من حرام ، ولو يعلم قدر عقابه لبخع نفسه "

وقوله ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أخبر عبادي يا محمد، أني أنا الذي أستر على ذنوبهم إذا تابوا منها وأنابوا، بترك فضيحتهم بها وعقوبتهم عليها، الرحيم بهم أن أعذّبهم بعد توبتهم منها عليها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[49] ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ أخبر العالم، حدث العصاة والآثمين، لا تزال هناك فرصة للتغيير والتطهير والتوبة.
وقفة
[49] ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ هل طَرَق سمعك يوما نبأ أعظم من هذا؟ يا رب.
وقفة
[49] ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ آية رجاء وأمل لكل مذنب وعاصي أرهقته ذنوبه وخاف من عذاب ربه، أنه سبحانه غفور رحيم لمن تاب من عباده؛ ففر إلى ربك، وتب تنل مغفرته ورحمته.
وقفة
[49] ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ مهما لوثتك المعاصي فأنت عبد من عباده؛ فلا تحرم نفسك واطرق باب غفرانه؛ يفتح لك آفاق رحمته.
وقفة
[49] ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته، ومغفرته سَعَوا في الأسباب الموصلة لهم إلى رحمته وأقلعوا عن الذنوب وتابوا منها.
وقفة
[49] ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ لا تزال هناك فرصة للتغيير والتطهير والتوبة.
وقفة
[49] لا شيء يحنو على القلب مثل قوله عزّ وجل: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
وقفة
[49] معنى الطمأنينة ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
وقفة
[49] مهما ضاقت عليك الدروب، وأسرفت في المعاصي والذنوب، وتجاوزت الشرائع والحدود؛ يأتك نبأ الرحيم الودود ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
وقفة
[49] قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: «قرأت جميع القرآن من أوله إلى آخره؛ فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾».
وقفة
[49، 50] ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ ينبغي للعبد أن يكون قلبه دائمًا بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة.
وقفة
[49، 50] ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ في الترغيب وصف نفسه، وفي الترهيب وصف عذابه، سبحانك ما أرحمك!
وقفة
[49، 50] ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ الخوف والرَّجاء للمؤمن كالجناحيْن بالنِّسبة للطائر، لكنَّه يطير بهما في سماء التعبُّد لربِّه عزَّ وجلَّ، ولابدَّ من تَحقيق التَّكافؤ والتَّوازُن بين الخوْف والرَّجاء؛ حتَّى تستقيمَ حياة المؤمن في الدُّنيا، ويفوز بالنَّعيم في الآخرة؛ إذ إنَّ تغليب الخوف دون حاجةٍ إليْه يُفضي إلى القنوط، كما أنَّ تغليب الرَّجاء دون حاجة إليه يُفضي إلى الأمن المؤدِّي إلى التفريط.
تفاعل
[49، 50] ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ يا رب عاملنا بالأولى.
وقفة
[49، 50] ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ هيَ قاعدةٌ واحدة؛ لا تفصِلها إن أردتَ النجاة.

الإعراب :

  • ﴿ نَبِّئْ عِبادِي:
  • فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. عبادي: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَنِّي أَنَا:
  • أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل في محل نصب اسم «أنّ».أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل نصب توكيد للضمير «الياء» و «أنّ» مع اسمها وخبرها «بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر أي بأني.
  • ﴿ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ:
  • خبرا «أنّ» مرفوعان بالضمة. بمعنى: الكثير المغفرة العظيم الرحمة والمصدر المجرور متعلق بنبئ. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿نَبِّئْ عِبادِي أنِّي أنا الغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ رَوى ابْنُ المُبارَكِ بِإسْنادِهِ عَنْ رَجُلٍ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ قالَ: طَلَعَ عَلَيْنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ البابِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنهُ بَنُو شَيْبَةَ ونَحْنُ نَضْحَكُ، فَقالَ: ”ألا أراكم تَضْحَكُونَ ؟“ . ثُمَّ أدْبَرَ حَتّى إذا كانَ عِنْدَ الحجرِ رَجَعَ إلَيْنا القَهْقَرى فَقالَ: ”إنِّي لَمّا خَرَجْتُ جاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، يَقُولُ اللَّهُ تَعالى: لِمَ تُقَنِّطْ عِبادِي ؟ ﴿نَبِّئْ عِبادِي أنِّي أنا الغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾“ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [49] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الجنةِ ونعيمِها؛ أمرَ اللهُ عز وجل نبيَّه صلى الله عليه وسلم هنا أن يخبر عباده المؤمنين أنه كثير المغفرة لذنوبهم، وعليهم أن يقدموا العمل الصالح، لكى يفوزوا بمغفرته، قال تعالى:
﴿ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [50] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ ..

التفسير :

[50] وأن عذابي هو العذاب المؤلم الموجع لغير التائبين.

ومع هذا فلا ينبغي أن يتمادى بهم الرجاء إلى حال الأمن والإدلال، فنبئهم{ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} أي:لا عذاب في الحقيقة إلا عذاب الله الذي لا يقادر قدره ولا يبلغ كنهه نعوذ به من عذابه، فإنهم إذا عرفوا أنه{ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد} حذروا وأبعدوا عن كل سبب يوجب لهم العقاب، فالعبد ينبغي أن يكون قلبه دائما بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة، فإذا نظر إلى رحمة ربه ومغفرته وجوده وإحسانه، أحدث له ذلك الرجاء والرغبة، وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره في حقوق ربه، أحدث له الخوف والرهبة والإقلاع عنها.

وأخبرهم- أيضا- أن عذابي هو العذاب الشديد الإيلام، فعليهم أن يقدموا القول الطيب، والعمل الصالح، لكي يظفروا بمغفرتى ورحمتي، وينجو من عذابي ونقمتي.

فأنت ترى أن الله- تعالى- قد جمع في هاتين الآيتين بين المغفرة والعذاب، وبين الرحمة والانتقام، وبين الوعد والوعيد، لبيان سنته- سبحانه- في خلقه، ولكي يعيش المؤمن حياته بين الخوف والرجاء، فلا يقنط من رحمة الله، ولا يقصر في أداء ما كلفه- سبحانه- به.

وقدم- سبحانه- نبأ الغفران والرحمة، على نبأ العذاب والانتقام، جريا على الأصل الذي ارتضته مشيئته، وهو أن رحمته سبقت غضبه، ومغفرته سبقت انتقامه.

والضمير «أنا» و «هو» في الآيتين الكريمتين، للفصل: لإفادة تأكيد الخبر.

قال الإمام الرازي ما ملخصه: وفي الآيتين لطائف:

إحداها: أنه أضاف- سبحانه- العباد إلى نفسه بقوله عِبادِي وهذا تشريف عظيم لهم ...

وثانيها. أنه لما ذكر الرحمة والمغفرة بالغ في التأكيد بألفاظ ثلاثة: أولها: قوله أَنِّي وثانيها قوله أَنَا، وثالثها. إدخال حرف الألف واللام على قوله الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، ولما ذكر العذاب لم يقل: إنى أنا المعذب، بل قال وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ.

وثالثها: أنه أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ إليهم هذا المعنى، فكأنه أشهده على نفسه في التزام المغفرة والرحمة.

ورابعها: أنه لما قال نَبِّئْ عِبادِي كان معناه نبىء كل من كان معترفا بعبوديتى، وهذا كما يدخل فيه المؤمن المطيع. فكذلك يدخل فيه المؤمن العاصي، وكل ذلك يدل على تغليب جانب الرحمة من الله- تعالى-» .

وقال الآلوسى: وأخرج الشيخان وغيرهما عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

إن الله- تعالى- خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعة وتسعين رحمة، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة فلو يعلم الكافر كل الذي عنده من رحمة لم ييأس من الرحمة، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله- تعالى- من العذاب، لم يأمن من النار» .

وأخرج عبد بن حميد وجماعة عن قتادة أنه قال في الآية: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم العبد قدر عفو الله- تعالى- لما تورع من حرام، ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه» .

أي أخبر يا محمد عبادي أنى ذو رحمة وذو عذاب أليم وقد تقدم ذكر نظير هذه الآية الكريمة وهي دالة على مقامي الرجاء والخوف.

( وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ ) يقول: وأخبرهم أيضا أن عذابي لمن أصرّ على معاصيّ وأقام عليها ولم يتب منها، هو العذاب الموجع الذي لا يشبهه عذاب. هذا من الله تحذير لخلقه التقدم على معاصيه، وأمر منه لهم بالإنابة والتوبة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ ) قال: بلغنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال: " لَوْ يَعلمُ العبدُ قَدْر عَفْوِ اللَّهِ لما تورّعَ من حرام، وَلَو يَعلم قَدْر عَذَابهِ لَبخَع نفسَه ".

حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: أخبرنا ابن المكيّ، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا مصعب بن ثابت، قال: ثنا عاصم بن عبد الله، عن ابن أبي رباح، عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " طَلَع عَلَيْنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة، فقال: ألا أرَاكُمْ تَضْحَكُونَ؟ ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى، فقال: إنّي لمَّا خَرَجْتُ جاءَ جَبْرَئِيل صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يا مُحَمَّد إنَّ الله يَقُولُ: لِمَ تُقَنِّطُ عبادِي؟ نبِّئ عبادِي أنّي أنا الغَفُورُ الرَّحيمُ وأنَّ عَذَابِي هُوَ العَذَابُ الألِيمُ".

التدبر :

وقفة
[50] ﴿وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته ومغفرته سعوا في الأسباب الموصلة لهم إلى رحمته، وأقلعوا عن الذنوب، وتابوا منها؛ لينالوا مغفرته.
وقفة
[50] ﴿وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ فالعبد ينبغي أن يكون قلبه دائمًا بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة؛ فإذا نظر إلى رحمة ربه ومغفرته وجوده وإحسانه أحدث له ذلك الرجاء والرغبة، وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره في حقوق ربه أحدث له الخوف، والرهبة، والإقلاع عنها.
لمسة
[50] ﴿وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ آية في غاية اللطف، إذ لم يقل على وجه المقابلة: وإني المعذب المؤلم، ترجيحًا لجانب العفو والرحمة.
تفاعل
[50] ﴿وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنَّ عَذابِي:
  • عاطفة. أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. عذابي: اسم «أنّ» منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء. والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة أي وان عذابي لمن عصاني.
  • ﴿ هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ:
  • هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. العذاب: خبر «هو» مرفوع بالضمة. الأليم: صفة-نعت- للعذاب مرفوعة مثله بالضمة. والجملة الاسمية هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ» في محل رفع خبر «أنّ». '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [50] لما قبلها :     وبعد الترغيب؛ يأتي الترهيب؛ ليجتَمِعَ الرَّجاءُ والخَوفُ، فبَيَّنَ اللهُ عز وجل أن عذابَه هو العذابُ الشديدُ الإِيلام، قال تعالى:
﴿ وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [51] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ

التفسير :

[51] وأخبرهم -أيها الرسول- عن ضيوف إبراهيم من الملائكة الذين بشَّروه بالولد، وبهلاك قوم لوط.

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:{ وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} أي:عن تلك القصة العجيبة فإن في قصك عليهم أنباء الرسل وما جرى لهم ما يوجب لهم العبرة والاقتداء بهم، خصوصا إبراهيم الخليل، الذي أمرنا الله أن نتبع ملته، وضيفه هم الملائكة الكرام أكرمه الله بأن جعلهم أضيافه.

وقوله- سبحانه- وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ ... معطوف على قوله قبل ذلك نَبِّئْ عِبادِي....

قال الجمل: وأصل الضيف: الميل، يقال أضفت إلى كذا إذا ملت إليه. والضيف من مال إليك نزولا بك، وصارت الضيافة متعارفة في القرى وأصل الضيف مصدر، ولذلك استوى فيه الواحد والجمع في غالب كلامهم. وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف .. .

والمراد بضيف إبراهيم هنا: الملائكة الذين نزلوا عنده ضيوفا في صورة بشرية، وبشروه بغلام عليم، ثم أخبروه بأنهم أرسلوا إلى قوم لوط لإهلاكهم ...

يقول تعالى وأخبرهم يا محمد عن قصة ضيف إبراهيم والضيف يطلق على الواحد والجمع كالزور والسفر.

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وأخبر عبادي يا محمد عن ضيف إبراهيم.

التدبر :

وقفة
[51] ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ أي: نبئهم أن من اعتمد منهم على كفره وغوايته، فالعذاب لاحق به في الدنيا، كحال قوم لوط، ثم ذكر قصتهم من أولها.
وقفة
[51] ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ الضيف محل عناية القرآن والأنبياء الكرام، وإكرامه من كمال الإيمان.

الإعراب :

  • ﴿ وَنَبِّئْهُمْ:
  • ذمعطوفة بالواو على نَبِّئْ عِبادِي». نبئ: أعربت. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به بمعنى: وخبرهم.
  • ﴿ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ:
  • جار ومجرور متعلق بنبئ أي عن ضيوف لأن «الضيف» يطلق على الواحد والجمع أو واذكر لهم أصحاب ابراهيم وضيف: مضاف. ابراهيم: مضاف اليه مجرور بالفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-للعجمة والعلمية. '

المتشابهات :

الحجر: 51﴿وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ
الذاريات: 24﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [51] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ عز وجل ما أعَدَّ للعاصِينَ مِن النَّارِ، وللطَّائِعينَ مِن الجنَّة، ذَكَّرَ العرَبَ بأحوالِ مَن يَعرِفونَه ممَّن عصى وكذَّبَ الرُّسُلَ، فحَلَّ به عذابُ الدُّنيا قبلَ عذابِ الآخرةِ؛ لِيَعتَبِروا بما حَلَّ بغَيرِهم، وهي القصَّةُ الثانيةُ في هذه السورة: قصَّةُ ضُيوفِ إبراهيمَ عليه السلام ، وهم الملائكة الذين نزلوا لهلاك قوم لوط عليه السلام ، قال تعالى:
﴿ وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف