521789101112131415161718192021222324252627282930

الإحصائيات

سورة الذاريات
ترتيب المصحف51ترتيب النزول67
التصنيفمكيّةعدد الصفحات2.70
عدد الآيات60عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.10
ترتيب الطول53تبدأ في الجزء26
تنتهي في الجزء27عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
القسم: 2/17_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (7) الى الآية رقم (14) عدد الآيات (8)

= ثُمَّ قَسَمٌ آخرُ على تناقضِ أقوالِ الكفارِ في القرآنِ والنَّبي ﷺ، ثُمَّ بيانُ حالِهم يومَ القيامةِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (15) الى الآية رقم (23) عدد الآيات (9)

بعدَ ذكرِ حالِ الكُفَّارِ المُكذِّبين للبعثِ ونُبُوَّتِه ﷺ، ذكرَ هنا حالَ المؤمنينَ، ثُمَّ ذَكَرَ أدلَّةً على وحدانيتِه وقدرتِه، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (24) الى الآية رقم (30) عدد الآيات (7)

= ثُمَّ تسليةُ النَّبي ﷺ عمَّا يلقَاهُ من أذى قومِهِ بذكرِ قصصِ بعضِ الأنبياءِ، فبدأَ بقصَّةِ إبراهيمَ عليه السلام معَ الملائكةِ الذينَ مرُّوا بهِ في صورةِ أضيافٍ، وبشَّرُوهُ بإسحاقَ عليه السلام .

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الذاريات

العطاء والمنع بيد الله تعالى (أو: قضية الرزق)

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • رسالة السورة::   • رزقك بيد الله، رزقك مضمون، فلا تقلق. لذا رأينا في بداية السورة قسمًا بأربعة أمور على أن البعث والحساب حق، وهي: ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا﴾ (1-4). الذاريات: وهي الرياح التى تذرو الشىء، أى تسوقه وتنقله، فهي تساعد على تصاعد البخار من البحار فتتكون السحب. الحاملات: وهي السحب التى تحمل المطر والذي فيه الخير والرزق للناس. الجاريات: وهي السفن التى تجرى فى البحر، بدفع الرياح لها تجلب الرزق للناس. المقسمات: وهي الملائكة الذين يقسمون أرزاق العباد وأمورهم بأمر الله. • ونلاحظ أن جميع ما أُقْسِمَ به هنا مرتبط بقضية الرزق، وأن الرزق بيد الله وحده.ثم يأتي بيان أن الرزق مضمون؛ حتى يطمئن المؤمن ولا ينشغل به عن طاعة الله: ﴿وَفِى ٱلسَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبّ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ (22-23)، ألم تصدق بعد؟! حتى بعد كل هذا القسم من الله تعالى؟!
  • • ثق بأن الله هو الرزاق، وكن كريمًا::   كما نرى في هذه القصة كرم إبراهيم: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرٰهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلَـٰماً قَالَ سَلَـٰمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ (24-26)، فنلاحظ من هذه الآية سرعة إبراهيم في إعداد الضيافة: ﴿فَرَاغَ﴾، بالإضافة إلى كرمه في كلمة: ﴿بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾، وكأن المعنى: ثق بأن الله هو الرزاق، وثق بالكرم الإلهي، وكن كريمًا من الناس. وإذا كان العطاء والمنع من الله تعالى ففروا أيها الناس إليه: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ (50). ختام السورة : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ (56، 58) فانشغلوا بعبادة الله ولا تنشغلوا بالرزق، فإنه مضمون.إذن السورة من أولها إلى آخرها تدور حول قضية الرزق.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الذاريات».
  • • معنى الاسم ::   الذاريات: هي الرياح التي تذرو التراب وغيره وتنقله من مكان إلى آخر.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بالقسم بالذاريات، وهَذِه الْكَلِمَة لَمْ تَقَعْ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ فِي غَيْرِهَا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن العطاء والمنع بيد الله تعالى.
  • • علمتني السورة ::   أن المتقين يختمون صلاتهم بالليل بالاستغفار بالأسحار، فجمعوا بين الإحسان والخوف بخلاف من جمع بين الإساءة والأمن من مكر الله: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الأسحار وقت إجابة الدعاء: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (18)، وقال أكثر المفسرين في قول يعقوب عليه السلام: ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ [يوسف: 98] أنه أخرهم إلى وقت السحر؛ لأنه وقت إجابة الدعاء.
  • • علمتني السورة ::   أن الضيف يُكرم لا يشاور ولا يستأذن: ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ (26)، فقد أكرم إبراهيم عليه السلام الملائكة ولو استأذنهم لامتنعوا؛ لأنهم لا يأكلون
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الذاريات من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الذاريات من المفصل.
    • سورة الذاريات من سور القرائن أو النظائر، وهي 20 سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها، كل سورتين في ركعة، والنظائر: السور المتشابهات والمتماثلات في الطول.
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن سورة الذاريات مع سورة الطور، ويقرأهما في ركعة واحدة.
    عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ قَالَا: «أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّى أَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِى رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَلِ؟! لَكِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ: السُّورَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ فِى رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِى رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتْ وَنُونَ فِى رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِى رَكْعَةٍ، وَالْمُدَّثِّرَ وَالْمُزَّمِّلَ فِى رَكْعَةٍ، وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فِى رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلاَتِ فِى رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِى رَكْعَةٍ».
    وأصل الحديث في الصحيحين -ولكن دون سرد السور- وهو: عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنِّى لأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، عِشْرِينَ سُورَةً فِى عَشْرِ رَكَعَاتٍ».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة الذاريات احتوت على آية تعتبر أصلًا في بيان أن الحكمة من خلق الجن والإنس هي العبادة، وهي: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (56)، فكثيرًا ما يستشهد بهذه الآية في هذا المقام.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • ألا نقلق؛ فأرزاقنا بيد الله، ولذا فالرزق مضمون.
    • أن نتخلق بصفات المتقين، ومنها: الإحسان في العمل، قيام الليل بالصلاة والذكر، يكثرون من الاستغفار، يتصدقون في سبيل الله ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ ...إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ (15-19).
    • أن نطمئن، فلن يستطيعَ أيّ مخلوقٍ أن يقطعَ الرزق عنا: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ (22).
    • أن نكرم الضيف، وأن نقدم له خير ما عندنا: ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ (26).
    • ألا نيأس إذا لم يستجيب لدعوتنا إلَّا قليل من النَّاسِ، فقد كان الرُّسُل كذلك: ﴿فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (36).
    • أن ننظر ونتأمل في أسباب هلاك الأمم السابقة: ﴿وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّىٰ حِينٍ ۞ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ﴾ (43، 44).
    • أن نلجأ إلى الله تعالى في كل شيء: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّـهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ (50).
    • أن نُذَكِّر الناسَ بالله، وننصحهم بأسلوب حسن وجميل: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (55).
    • أن نتيقن بأن أرزاقنا بيد الله تعالى، وأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها: ﴿مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ (57، 58).
    • ألا نستعجل هلاك الكافرين؛ فإن الله يمهل ولا يهمل: ﴿فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ﴾ (59).

تمرين حفظ الصفحة : 521

521

مدارسة الآية : [7] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ

التفسير :

[7] وأقسم الله تعالى بالسماء ذات الخَلْق الحسن،

أي:والسماء ذات الطرائق الحسنة، التي تشبه حبك الرمال، ومياه الغدران، حين يحركها النسيم.

ثم أقسم- سبحانه- قسما آخر بالسماء ذات الحبك فقال: وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ. إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ. يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ.

والحبك: جمع حبيكة، كطريقة، - وزنا ومعنى-، أو جمع حباك- كمثل ومثال-، والحبيكة والحباك. الطريقة في الرمل وما يشبهه. أى: وحق السماء ذات الطرق المتعددة، والتي لا ترونها بأعينكم لبعدها عنكم.

ويرى بعضهم أن معنى ذات الحبك: ذات الخلق الحسن المحكم ... أو ذات الزينة والجمال.

قال القرطبي: وفي الحبك أقوال: الأول: قال: ابن عباس: ذات الخلق الحسن المستوي يقال، حبك فلان الثوب يحبكه- بكسر الباء- إذا أجاد نسجه.

الثاني: ذات الزينة. الثالث: ذات النجوم، الرابع: ذات الطرائق. ولكنها تبعد من العباد فلا يرونها. الخامس: ذات الشدة ....

ثم قال : ( والسماء ذات الحبك ) قال ابن عباس : ذات البهاء والجمال والحسن والاستواء . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وأبو مالك ، وأبو صالح ، والسدي ، وقتادة ، وعطية العوفي ، والربيع بن أنس ، وغيرهم .

وقال الضحاك ، والمنهال بن عمرو ، وغيرهما : مثل تجعد الماء والرمل والزرع إذا ضربته الريح ، فينسج بعضه بعضا طرائق [ طرائق ] ، فذلك الحبك .

قال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; أنه قال : " إن من ورائكم الكذاب المضل ، وإن رأسه من ورائه حبك حبك " يعني بالحبك الجعودة .

وعن أبي صالح : ( ذات الحبك ) : الشدة . وقال خصيف : ( ذات الحبك ) : ذات الصفاقة . وقال الحسن بن أبي الحسن البصري : ( ذات الحبك ) : حبكت بالنجوم .

وقال قتادة : عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة ، عن عمرو البكالي ، عن عبد الله بن عمرو : ( والسماء ذات الحبك ) : يعني السماء السابعة .

وكأنه - والله أعلم - أراد بذلك السماء التي فيها الكواكب الثابتة ، وهي عند كثير من علماء الهيئة في الفلك الثامن الذي فوق السابع ، والله أعلم . وكل هذه الأقوال ترجع إلى شيء واحد ، وهو الحسن والبهاء ، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ، فإنها من حسنها مرتفعة شفافة صفيقة ، شديدة البناء ، متسعة الأرجاء ، أنيقة البهاء ، مكللة بالنجوم الثوابت والسيارات ، موشحة بالشمس والقمر والكواكب الزاهرات .

القول في تأويل قوله تعالى : وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7)

يقول تعالى ذكره: والسماء ذات الخَلْق الحسن. وعنى بقوله ( ذَاتِ الْحُبُكِ ) : ذات الطرائق, وتكسير كل شيء: حُبُكُه, وهو جمع حِباك وحَبيكة; يقال لتكسير الشعرة الجعدة: حُبك; وللرملة إذا مرّت بها الريح الساكنة, والماء القائم, والدرع من الحديد لها: حُبُك; ومنه قول الراجز:

كأنَّمَــــا جَلَّلَهَـــا الحَـــوَّاكُ

طِنْفِسَــةً فِــي وَشْــيِها حِبــاكُ

أذْهَبها الخُفُوقُ والدّرَاكُ (1)

*وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, وإن اختلفت ألفاظ قائليه فيه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس, قال: ثنا عَبَثْر, قال: ثنا حصين, عن عكرِمة, عن ابن عباس, قوله ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: ذات الخَلْق الحسن.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: حُسنها واستواؤها.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عمرو, عن عطاء, عن سعيد بن جبير ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: حبكها: حسنها واستواؤها.

قال: ثنا حكام, قال: ثنا عمرو, عن عمر بن سعيد بن مسروق أخي سفيان, عن خصيف, عن سعيد بن جبير ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: ذات الزينة.

حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: ثنا بشر بن المفضل, عن عوف, عن الحسن, قوله ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: حبكت بالخلق الحسن, حبكت بالنجوم.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا هوذة, قال: ثنا عوف, عن الحسن, في قوله ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: حبكت بالخلق الحسن, حبكت بالنجوم.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عثمان بن الهيثم, قال: ثنا عوف, عن الحسن, في قوله ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: ذات الخلق الحسن, حبكت بالنجوم.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا عمران بن حُدَير, قال: سُئل عكرِمة, عن قوله ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: ذات الخلْق الحسن, ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب قال: ما أحسن ما حبكه.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: ثنا أيوب, عن أبي قلابة, عن رجل من أصحاب النبيَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " إنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ الكَذَّاب المُضِلَّ, وَإنَّ رأسَهُ مِنْ وَرَائِهِ حُبُكٌ حُبُكٌ" يعني بالحبك: الجعودة .

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبَير, عن ابن عباس ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: استواؤها: حسنها.

قال: ثنا مهران, عن عليّ بن جعفر, عن الربيع بن أنس ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: ذات الخَلْق الحسن.

قال: ثنا مهران, عن سعيد, عن قتادة, قال: حُبُكها نجومها. وكان ابن عباس يقول ( الْحُبُكِ ) ذات الخَلْق الحسن.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) : أي ذات الخَلْق الحسن. وكان الحسن يقول: حبكها: نجومها.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور; عن معمر; عن قتادة ( ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: ذات الخَلْق الحسن.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: المتقن البنيان.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) يقول: ذات الزينة, ويقال أيضا. حبكها مثل حبك الرمل, ومثل حبك الدرع, ومثل حبك الماء إذا ضربته الريح, فنسجته طرائق.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: الشدة حُبِكَتْ شُدَّت. وقرأ قول الله تبارك وتعالى وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا .

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: ذات الخَلْق الحسن; ويقال: ذات الزينة.

وقيل: عنى بذلك السماء السابعة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود, قالا ثنا عمران القطان, عن قتادة, عن سالم بن أبي الجعد, عن معدان بن أبي طلحة, عن عمرو البكاليّ، عن عبد الله بن عمرو ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) قال: السماء السابعة.

حدثني القاسم بن بشير بن معروف, قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا عمران القطان, عن قتادة, عن سالم بن أبي الجعد, عن معدان, عن عمرو البكاليّ, هكذا قال القاسم, عن عبد الله بن عمرو نحوه.

------------------------

الهوامش :

(1) الراجز يصف ظهر أتان من حمر الوحش بأن فيه وشيا ورقما وخطوطا وطرائق ، فكأن حائكا . وهو الذي ينسج الثياب ألبسها طنفسة موشاة فيها خطوط مستقيمة ذات ألوان . ومعنى البيت الثالث : أن الخطوط في ظهرها تلوح كأنها مذهبة عند تحركها ومتابعتها السير . والشاهد في هذه الأبيات قوله " حباك " والحباك : الخط في الرمل أو في الثوب أو في الشعر ، وجمعه حبك بضمتين . ومثله الحبيكة ، وجمعها حبائك . واستشهد المؤلف بهذه الأبيات الثلاثة من مشطور الرجز ، عند قوله تعالى : " والسماء ذات الحبك " وهي طرائق الضوء ترى في السماء في غياب القمر ، وهي ما تسمى المجرة . أو هي الأفلاك تدور فيها الكواكب . والبيت الثالث جاء في الأصل محرفًا هكذا : * أذهبهـا الحـقوق الـدين الـداك *

وقد بحثنا عنه كثيرًا ، فلم نجده ، ثم أصلحناه على ما ترى . والخفوق : الحركة والاضطراب . والدراك : السير المتتابع .

التدبر :

وقفة
[7] ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ المحبوك في اللغة ما أجيد عمله، فهل رأيتم أحسن من السماء في استوائها، وقيامها بغير عمد، وانعدام خللها، وتزينها بالنجوم والكواكب؟!
وقفة
[7] ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ ذَاتِ الْحُبُكِ: ذات الخلـق الحسـن والطـرق التي تسيـر بهـا الكواكب، أبدع الخالق سبحانه فى إتقان خلق السماء وما فيها من كواكـب ونجـوم؛ فكانـت شاهـدًا ناطقـًا بحسـن صفاته.

الإعراب :

  • ﴿ وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ
  • تعرب اعراب وَالذّارِياتِ» الواردة في الآية الكريمة الاولى. ذات: صفة- نعت-للسماء مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. الحبك: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة اي ذات الطرائق. '

المتشابهات :

الذاريات: 7﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ
البروج: 1﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ
الطارق: 11﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     وبعد القَسَم الأول على أنَّ البعثَ والحسابَ كائنٌ لا محالةَ؛ يأتي هنا قَسَمٌ آخرُ على تناقضِ أقوالِ الكفارِ في القرآنِ والنَّبي صلى الله عليه وسلم والبعث، قال تعالى:
﴿ وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الحبك:
1- بضمتين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بإسكان الباء، وهى قراءة ابن عباس، والحسن، بخلاف عنه، وأبى مالك الغفاري، وأبى حيوة، وابن أبى عبلة، وأبى السمال، ونعيم، عن أبى عمرو.
3- بفتحها، وهى قراءة عكرمة.
4- بكسر الحاء والباء، وهى قراءة أبى مالك الغفاري أيضا، والحسن بخلاف عنه.
5- بكسر الحاء وإسكان الباء وهى قراءة أبى مالك الغفاري، والحسن أيضا، وأبى حيوة.
6- بكسر الحاء وضم الباء، ورويت عن أبى مالك أيضا.

مدارسة الآية : [8] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ

التفسير :

[8]إنكم -أيها المكذبون- لفي قول مضطرب في هذا القرآن، وفي الرسول -صلى الله عليه وسلم-

{ إِنَّكُمْ} أيها المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم،{ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} منكم، من يقول ساحر، ومنكم من يقول كاهن، ومنكم من يقول:مجنون، إلى غير ذلك من الأقوال المختلفة، الدالة على حيرتهم وشكهم، وأن ما هم عليه باطل.

وقوله: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ جواب القسم.

وقوله : ( إنكم لفي قول مختلف ) أي : إنكم أيها المشركون المكذبون للرسل لفي قول مختلف مضطرب ، لا يلتئم ولا يجتمع .

وقال قتادة : إنكم لفي قول مختلف ، [ يعني ] ما بين مصدق بالقرآن ومكذب به .

وقوله ( إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ) يقول: إنكم أيها الناس لفي قول مختلف في هذا القرآن, فمن مصدّق به ومكذّب.

كما حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ) قال: مصدق بهذا القرآن ومكذّب.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ) قال: يتخرّصون يقولون: هذا سحر, ويقولون: هذا أساطير, فبأي قولهم يؤخذ, قتل الخرَّاصون هذا الرجل, لا بدّ له من أن يكون فيه أحد هؤلاء, فما لكم لا تأخذون أحد هؤلاء, وقد رميتموه بأقاويل شتى, فبأيّ هذا القول تأخذون, فهو قول مختلف. قال: فذكر أنه تخرّص منهم ليس لهم بذلك علم قالوا: فما منع هذا القرآن أن ينـزل باللسان الذي نـزلت به الكتب من قبلك, فقال الله: أعجميّ وعربيّ؟ لو جعلنا هذا القرآن أعجميا لقلتم نحن عرب وهذا القرآن أعجميّ, فكيف يجتمعان.

التدبر :

وقفة
[8] ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ﴾ اختلافكم دليل افترائكم، فمن قائل عن محمد: ساحر، وآخر يقول: مجنون، وثالث: شاعر، ولو كنتم على حق، لاتفقتم على رأي.
وقفة
[8، 9] ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ فالقول المختلف: أقوالهم في القرآن وفي النبي؛ وهو خرص كله؛ فإنهم لما كذبوا بالحق اختلفت مذاهبهم وآراؤهم وطرائقهم وأقوالهم؛ فإن الحق شيء واحد وطريق مستقيم، فمن خالفه اختلفت به الطرق والمذاهب؛ كما قال تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ﴾ [ق: 5] أي: مختلط ملتبس.
وقفة
[8، 9] ﴿إِنَّكُم لَفي قَولٍ مُختَلِفٍ * يُؤفَكُ عَنهُ مَن أُفِكَ﴾ وهكذا استمرار الجدال فى الباطل لا يفضى إلا للابتعاد عن الحق والانصراف عن الايمان.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّكُمْ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل واقع في جواب القسم. والجملة جواب قسم مقدر لا محل لها من الاعراب والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» والميم علامة الجمع.
  • ﴿ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-.في قول: جار ومجرور متعلق بخبر «ان».مختلف: صفة-نعت-لقول مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة بمعنى: انكم في محمد او في القرآن لمتناقضون. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     وبعد القسم؛ جاء جوابُ القسم، قال تعالى:
﴿ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [9] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ

التفسير :

[9]يُصرف عن القرآن والرسول -صلى الله عليه وسلم- مَن صُرف عن الإيمان بهما؛ لإعراضه عن أدلة الله وبراهينه اليقينية فلم يوفَّق إلى الخير.

{ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} أي:يصرف عنه من صرف عن الإيمان، وانصرف قلبه عن أدلة الله اليقينية وبراهينه، واختلاف قولهم، دليل على فساده وبطلانه، كما أن الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، متفق [يصدق بعضه بعضًا]، لا تناقض فيه، ولا اختلاف، وذلك، دليل على صحته، وأنه من عند الله{ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}

وقوله: يُؤْفَكُ عَنْهُ ... من الأفك- بفتح الهمزة وسكون الفاء- بمعنى الصرف للشيء عن وجهه الذي يجب أن يكون عليه.

والضمير في «عنه» يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى القرآن الكريم.

فيكون المعنى: وحق السماء ذات الطرق المتعددة، وذات الهيئة البديعة المحكمة الجميلة..

إنكم- أيها المشركون- «لفي قول مختلف» أى: متناقض متخالف، فمنكم من يقول عن القرآن الكريم إنه: أساطير الأولين، ومنكم من يقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم: إنه ساحر أو مجنون.

والحق أنه يصرف عن الإيمان بهذا القرآن الكريم الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من صرفه الله- تعالى- عنه، بسبب إيثاره الغي على الرشد، والضلالة على الهداية، والكفر على الإيمان.

والتعبير بقوله: مَنْ أُفِكَ للإشعار بأن هذا الشقي الذي آثر الكفر على الإيمان، قد صرف عن الرشاد وعن الخير صرفا، ليس هناك ما هو أشد منه في سوء العاقبة.

فهذا التعبير شبيه في التهويل بقوله- تعالى-: فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ.

قال الجمل: يُؤْفَكُ يصرف عَنْهُ عن النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم. أى:

عن الإيمان به مَنْ أُفِكَ أى: من صرف عن الهداية في علم الله- تعالى-.

وقيل: الضمير للقول المذكور. أى: يرتد، أى: يصرف عن هذا القول من صرف عنه في علم الله- تعالى- وهم المؤمنون .

( يؤفك عنه من أفك ) أي : إنما يروج على من هو ضال في نفسه ; لأنه قول باطل إنما ينقاد له ويضل بسببه ويؤفك عنه من هو مأفوك ضال غمر ، لا فهم له ، كما قال تعالى : ( فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم ) [ الصافات : 161 - 163 ] .

قال ابن عباس ، والسدي : ( يؤفك عنه من أفك ) : يضل عنه من ضل . وقال مجاهد : ( يؤفك عنه من أفك ) يؤفن عنه من أفن . وقال الحسن البصري : يصرف عن هذا القرآن من كذب به .

وقوله ( يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ) يقول: يصرف عن الإيمان بهذا القرآن من صرف, ويدفع عنه من يُدْفع, فيُحْرَمه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ) قال ابن عمرو في حديثه: يوفي, أو يُؤْفَن, أو كلمة تشبهها. وقال الحارث: يُؤْفَن, بغير شك.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن الحسن ( يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ) قال: يُصرف عنه من صُرف.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ) فالمأفوك عنه اليوم, يعني كتابَ الله.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ) قال: يُؤْفَك عنه المشركون.

التدبر :

وقفة
[9] ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ كم من رؤية صورة محرمة حرمت قراءة سورة مكرمة!
وقفة
[9] ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ أي يُصرف عن القرآن من صرفه الله عقوبةً له؛ بسبب ذنوبه وإعراضه عن الله.

الإعراب :

  • ﴿ يُؤْفَكُ عَنْهُ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة.عنه: جار ومجرور متعلق بيؤفك.
  • ﴿ مَنْ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل. وجملة يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ» في محل جر صفة لقول والاصح ان تكون بيانية او تعليلية لا محل لها من الاعراب بمعنى يصرف عن محمد او القرآن من صرف.
  • ﴿ أُفِكَ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [9] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ هَذا الِاخْتِلافُ مِمِّا لا يَكادُ يُصَدَّقُ؛ لِأنَّهُ لا يَقَعُ فِيهِ عاقِلٌ؛ بَيَّنَ هنا سَبَبَهُ بِأنَّهم مَغْلُوبُونَ عَلَيْهِ بِقَهْرِ القُدْرَةِ، قال تعالى:
﴿ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يؤفك ... أفك:
وقرئا:
1- يأفك ... أفك، أي: يصرف الناس عنه من هو مأفوك، وهى قراءة زيد بن على.
2- يؤفن ... أفن، بالنون.
3- يؤفك ... أفك، الثانية مبنية للفاعل، وهى قراءة ابن جبير، وقتادة.

مدارسة الآية : [10] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ

التفسير :

[10] لُعِن الكذابون الظانون غير الحق،

يقول تعالى:{ قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} أي:قاتل الله الذين كذبوا على الله، وجحدوا آياته، وخاضوا بالباطل، ليدحضوا به الحق، الذين يقولون على الله ما لا يعلمون.

ثم بين- سبحانه- سوء عاقبة المكذبين فقال: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ. يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ. يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ.

والخراصون: جمع خرّاص، وأصل الخرص: الظن والتخمين، ومنه الخارص الذي يخرص النخلة ليقدر ما عليها من ثمر، والمراد به هنا: الكذب، لأنه ينشأ غالبا عن هذا الخرص، والمراد بالآية الدعاء عليهم باللعن والطرد من رحمة الله- تعالى-.

أى: لعن وطرد من رحمة الله- تعالى- هؤلاء الكذابون، الذين قالوا في الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو منزه عنه ...

وقوله : ( قتل الخراصون ) قال مجاهد : الكذابون . قال : وهي مثل التي في عبس : ( قتل الإنسان ما أكفره ) [ عبس : 17 ] ، والخراصون الذين يقولون لا نبعث ولا يوقنون .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( قتل الخراصون ) أي : لعن المرتابون .

وهكذا كان معاذ - رضي الله عنه - يقول في خطبه : هلك المرتابون . وقال قتادة : الخراصون أهل الغرة والظنون .

القول في تأويل قوله تعالى : قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10)

يقول تعالى ذكره: لُعِن المتكهنون الذين يتخرّصون الكذب والباطل فيتظننونه.

واختلف أهل التأويل في الذين عُنُوا بقوله ( قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ) فقال بعضهم: عُنِي به المرتابون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ) يقول: لعن المُرتابون.

وقال آخرون في ذلك بالذي قلنا فيه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ) قال: الكهنة.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ) قال: الذين يتخرّصون الكذب كقوله في عبس قُتِلَ الإِنْسَانُ , وقد حدثني كل واحد منهما بالإسناد الذي ذكرت عنه, عن مجاهد, قوله ( قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ) قال: الذين يقولون: لا نُبْعَث ولا يُوقِنون.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ) : أهل الظنون.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ) قال: القوم الذين كانوا يتخرّصون الكذب على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , قالت طائفة: إنما هو ساحر, والذي جاء به سحر. وقالت طائفة: إنما هو شاعر, والذي جاء به شعر; وقالت طائفه: إنما هو كاهن, والذي جاء به كهانة; وقالت طائفة أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا يتخرّصون على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

التدبر :

وقفة
[10] ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ﴾ دعاءٌ عليهم يُراد به لعنهم، إذ من لعنه الله فهو بمنزلة الهالك المقتول، فليحذر كل عاقل من التعرُّض لما يستحق به لعنة الله.
وقفة
[10] ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ﴾ عن ابن عباس t: «أي لُعن المرتابون»، وهكذا كان معاذ t يقول في خطبته: «هلك المرتابون».
عمل
[10] الجهل والغفلة سبب للشك والتكذيب، ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ﴾ فازدد علمًا وتذكيرًا.

الإعراب :

  • ﴿ قُتِلَ الْخَرّاصُونَ: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح.الخراصون: نائب فاعل مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد بمعنى: الكذابون. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     وبعد بيان تكذيبهم واختلافهم في القرآنِ والنَّبي صلى الله عليه وسلم والبعث؛ بَيَّنَ اللهُ هنا سوء عاقبة المكذبين، قال تعالى:
﴿ قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [11] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ

التفسير :

[11]الذين هم في لجَّة من الكفر والضلالة غافلون متمادون.

{ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ} أي:في لجة من الكفر، والجهل، والضلال،{ سَاهُونَ}

والذين هم فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ أى: في جهالة تغمرهم كما يغمر الماء الأرض. فهم ساهون وغافلون عن كل خير.

فالغمرة: ما يغمر الشيء ويستره ويغطيه، ومنه قولهم: نهر غمر، أى: يغمر من دخله.

والمراد: أنهم في جهالة غامرة لقلوبهم. وفي غفلة تامة عما ينفعهم.

وهذا التعبير فيه ما فيه من تصوير ما هم عليه من جهالة وغفلة، حيث يصورهم- سبحانه- وكأن ذلك قد أحاط بهم وغمرهم حتى لكأنهم لا يحسون بشيء مما حولهم.

وقوله : ( الذين هم في غمرة ساهون ) : قال ابن عباس وغير واحد : في الكفر والشك غافلون لاهون .

وقوله ( الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ) يقول تعالى ذكره: الذين هم في غمرة الضلالة وغَلَبتها عليهم متمادون, وعن الحقّ الذي بعث الله به محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ساهون, قد لَهُوا عنه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم في البيان عنه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ) يقول: في ضلالتهم يتمادَون.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ) قال: في غفلة لاهون.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ) يقول: في غمرة وشُبهة.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( غَمْرَةٍ سَاهُونَ ) قال: في غفلة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ) قال: ساهون عما أتاهم, وعما نـزل عليهم, وعما أمرهم الله تبارك وتعالى, وقرأ قول الله جلّ ثناؤه بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا ... الآية, وقال: ألا ترى الشيء إذا أخذته ثم غمرته في الماء.

حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ) : قلبه في كِنانة.

التدبر :

وقفة
[11] ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ﴾ بعض البشر مغمورون بالأوهام، غافلون عما ينفعهم على الدوام، لا يستقبلون رسائل الله ولا نداءات الآخرة، كأنهم سكارى مذهولون.
وقفة
[11] ﴿الَّذينَ هُم في غَمرَةٍ ساهونَ﴾ كما لو كان بحرًا عميقًا غارقون فيه.
وقفة
[11] ﴿في غمرة ساهون﴾ الانغماس في الدنيا مع الغفلة عن الآخرة؛ يورث التخرص في القضايا الكلية، وإنكار الحساب، والسخرية بمن يؤمن به.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع صفة-نعت-للخراصين.والجملة الاسمية بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ هُمْ فِي غَمْرَةٍ:
  • ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. في غمرة: جار ومجرور متعلق بخبر «هم».
  • ﴿ ساهُونَ:
  • خبر «هم» مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد بمعنى هم غافلون في جهل يغمرهم. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ هنا سوء عاقبة المكذبين ذكرَ هنا وصفَهم، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [12] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ

التفسير :

[12] يسأل هؤلاء الكذابون سؤال استبعاد وتكذيب:متى يوم الحساب والجزاء؟

{ يَسْأَلُونَ} على وجه الشك والتكذيب أيان يبعثون أي:متى يبعثون، مستبعدين لذلك، فلا تسأل عن حالهم وسوء مآلهم

ثم بين- سبحانه- ما كانوا عليه من سوء أدب فقال: يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ.

و «أيان» بمعنى متى. أى: يسألون سؤال استهزاء واستخفاف فيقولون: متى يكون هذا البعث الذي تحدثنا عنه يا محمد، ومتى يوم الجزاء والحساب الذي تهددنا به؟

( يسألون أيان يوم الدين ) : وإنما يقولون هذا تكذيبا وعنادا وشكا واستبعادا .

وقوله ( يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ) يقول تعالى ذكره: يسأل هؤلاء الخرّاصون الذين وصف صفتهم متى يوم المجازاة والحساب, ويوم يُدينُ الله العباد بأعمالهم.

كما حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ) قال: الذين كانوا يجحدون أنهم يُدانون, أو يُبعثون.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نحيح, عن مجاهد, قوله ( يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ) قال: يقولون: متى يوم الدين, أو يكون يوم الدين.

التدبر :

وقفة
[12] ﴿يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾ ليس المهم: متى يوم الحساب؟ متى يوم الدين؟ الأهم: ماذا أعددتَ له؟!
وقفة
[12] ﴿يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾ قال ابن عرفة: «السؤال على قسمين: سؤال استرشاد، وسؤال استهزاء، فالأول: يستدعي الجواب، والثاني: لا يستدعيه، وهذه الآية من الثاني، فلذلك عدل عن الجواب».

الإعراب :

  • ﴿ يَسْئَلُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. اي يسألون قائلين او يسألون فيقولون. والجملة الاسمية بعدها في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ أَيّانَ:
  • اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب ظرف زمان متعلق بالخبر المحذوف المقدم بمعنى متى.
  • ﴿ يَوْمُ الدِّينِ:
  • مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الدين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى يوم الجزاء. والاصل في معناه: أيان وقوع يوم الدين فحذف المضاف وحل المضاف اليه محله. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     ولَمَّا حَكَمَ بِسَهْوِهِمْ وغَفلتِهم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنَّهم يُسألون عن يومِ الدِّين تهكمًا واستهزاءً، يعنون أنه لا وقوع ليوم الدين، قال تعالى:
﴿ يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [13] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ

التفسير :

[13] يوم الجزاء يوم يُعذَّبون بالإحراق بالنار،

{ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} أي:يعذبون بسبب ما انطووا عليه من خبث الباطن والظاهر.

وهنا يأتيهم الجواب الذي يردعهم ويبين لهم سوء مصيرهم. فيقول- سبحانه-: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ أى يقع هذا اليوم الذي تسألون عنه وهو يوم البعث والحساب والجزاء ... يوم تحرقون بالنار- أيها الكافرون-، وتعذبون فيها عذاب أليما.

و «يفتنون» مأخوذ من الفتن بمعنى الاختبار والامتحان، يقال: فتنت الذهب بالنار، إذا أذبته لتظهر جودته من غيرها. والمراد به هنا: الإحراق بالنار.

وعدى «يفتنون» بعلى، لتضمنه معنى يعرضون، أو على بمعنى في.

قال الله تعالى : ( يوم هم على النار يفتنون ) .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، وغير واحد : ( يفتنون ) : يعذبون [ قال مجاهد ] : كما يفتن الذهب على النار .

وقال جماعة آخرون كمجاهد أيضا ، وعكرمة ، وإبراهيم النخعي ، وزيد بن أسلم ، وسفيان الثوري : ( يفتنون ) : يحرقون .

وقوله ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) يقول تعالى ذكره: يوم هم على نار جهنم يفتنون.

واختلف أهل التأويل في معنى قوله ( يُفْتَنُونَ ) في هذا الموضع, فقال بعضهم. عني به أنهم يعذّبون بالإحراق بالنار.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) يقول: يعذّبون.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) قال: فتنتهم أنهم سألوا عن يوم الدين وهم موقوفون على النار ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ فقالوا حين وقفوا : يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ , وقال الله تبارك وتعالى هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ .

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله ( يُفْتَنُونَ ) قال: كما يفتن الذهب في النار.

حدثني يعقوب, قال: ثني هشيم, قال: أخبرنا حصين, عن عكرِمة, في قوله ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) قال: يعذّبون في النار يحرقون فيها, ألم تر أن الذهب إذا ألقي في النار قيل فتن.

حدثني سليمان بن عبد الجبار, قال: ثنا محمد بن الصلت, قال: ثنا أبو كدينة, عن حصين, عن عكرِمة ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) قال: يعذّبون.

حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي, قال: ثنا فضيل بن عياض, عن منصور, عن مجاهد ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) يقول: يُنْضَجون بالنار.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الحصين, عن عكرمة ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) قال: يحرقون.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) يقول: يحرقون.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) قال: يطبخون, كما يفتن الذهب بالنار.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) قال: يحرقون بالنار.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) قال: يحرقون.

وقال آخرون: بل عنى بذلك أنهم يكذبون.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) يقول: يطبخون, ويقال أيضا( يُفْتَنُونَ ) يكذّبون كل هذا يقال.

واختلف أهل العربية في وجه نصب اليوم في قوله ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) فقال بعض نحويي البصرة: نصبت على الوقت والمعنى في ( أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ): أي متى يوم الدين, فقيل لهم: في ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) , لأن ذلك اليوم يوم طويل فيه الحساب, وفيه فتنتهم على النار.

وقال بعض نحويي الكوفة: إنما نصبت ( يَوْمِهِمْ ) لأنك أضفته إلى شيئين, وإذا أضيف اليوم والليلة إلى اسم له فعل, وارتفعا نصب اليوم, وإن كان في موضع خفض أو رفع إذا أضيف إلى فَعَلَ أو يَفْعَلُ أو إذا كان كذلك, (2) ورفعه في موضع الرفع, ................................... وخفضه في موضع الخفض يجوز: فلو (3) قيل ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) فرفع يومُ, لكان وجها, ولم يقرأ به أحد من القرّاء.

وقال آخر منهم: إنها نصب ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) لأنه إضافة غير محضة فنصب, والتأويل رفع, ولو رفع لجاز لأنك تقول: متى يومك؟ فتقول: يوم الخميس, ويوم الجمعة, والرفع الوجه, لأنه اسم قابل اسما فهذا الوجه.

وأولى القولين بالصواب في تأويل قوله ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) قول من قال: يعذّبون بالإحراق, لأن الفتنة أصلها الاختبار, وإنما يقال: فتنت الذهب بالنار: إذا طبختها بها لتعرف جودتها, فكذلك قوله ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) يحرقون بها كما يحرق الذهب بها, وأما النصب في اليوم فلأنها إضافة غير محضة على ما وصفنا من قول قائل ذلك.

--------------------

الهوامش :

(2) كذا في معاني القرآن للفراء . وفي الأصل : وإذا قال .

(3) كذا في معاني القرآن . وفي الأصل : يقول : لو قيل .

التدبر :

وقفة
[13] ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾ أي: يُحْرَقون، وهو من قولهم: فتنتُ الذهب أي أحرقتُه لأختبره، وأصل الفتنة الاختبار، فكما فتنوا المؤمنين بنار الابتلاء والإيذاء، فتنهم الله بنار العذاب.
عمل
[13] ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾ ما زال المكذِّبون يعرِّضون أنفسَهم لفتنةٍ تلو أخري من فتن الدنيا, حتي ذاقوا الفتنةَ الكبري التي أنسَتهُم جميعَ الفتن قبلها, فلا تعرِّض نفسَك للفتن.
تفاعل
[13] ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.

الإعراب :

  • ﴿ يَوْمَ:
  • ظرف زمان متعلق بفعل مضمر دل عليه السؤال في الآية الكريمة السابقة اي يقع. وهو منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة ويجوز ان يكون مبنيا على الفتح لاضافته الى جملة غير معربة. والجملة واقعة في جواب السؤال والمراد من «يوم» هو يوم القيامة وهو مستقبل وجاز اضافته الى الجملة الاسمية بعده لانه محقق الوقوع فينزل منزلة الماضي.
  • ﴿ هُمْ عَلَى النّارِ يُفْتَنُونَ:
  • ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. على النار: جار ومجرور متعلق بيفتنون. وجملة «يفتنون» في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل اي يحرقون. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     ولَمَّا سَألُوا عن يومِ الدِّين تهكمًا واستهزاءً؛ تُلُقِّيَ كلامُهم بغيرِ مرادِهم؛ لأن في الجوابِ ما يشفي وقعَ تَهكُّمِهم، قال تعالى:
﴿ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم ..

التفسير :

[14]ويقال لهم:ذوقوا عذابكم الذي كنتم به تستعجلون في الدنيا.

ويقال [لهم]:{ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} أي:العذاب والنار، الذي هو أثر ما افتتنوا به، من الابتلاء الذي صيرهم إلى الكفر، والضلال،{ هَذَا} العذاب، الذي وصلتم إليه، [هو]{ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} فالآن، تمتعوا بأنواع العقاب والنكال والسلاسل والأغلال، والسخط والوبال.

وقوله: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ.. مقول لقول محذوف.

أى: هذا اليوم الذي يسألون عنه واقع يوم الجزاء.. يوم يقال لهم وهم يعرضون على النار: ذوقوا العذاب المعد لكم، أو ذوقوا سوء عاقبة كفركم.

هذَا العذاب المهين، هو الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ في الدنيا، وتقولون- على سبيل الاستهزاء والإنكار- للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد أكدت بأقوى الأساليب وأحكمها، أن يوم البعث والجزاء والحساب حق، وان المكذبين بذلك سيذوقون أشد العذاب.

وكعادة القرآن الكريم في قرن الترغيب بالترهيب أو العكس، جاء الحديث عن حسن عاقبة المتقين بعد الحديث عن سوء مصير المكذبين فقال- سبحانه-:

( ذوقوا فتنتكم ) : قال مجاهد : حريقكم . وقال غيره : عذابكم . ( هذا الذي كنتم به تستعجلون ) : أي : يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا وتحقيرا وتصغيرا .

القول في تأويل قوله تعالى : ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14)

يعني تعالى ذكره بقوله ( ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ) يقال لهم: ذوقوا فتنتكم وترك يقال لهم لدلالة الكلام عليها.

ويعني بقوله ( فِتْنَتَكُمْ ) : عذابكم وحريقكم.

واختلف أهل التأويل في ذلك, فقال بعضهم بالذي قلنا فيه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: تنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( فِتْنَتَكُمْ ) قال: حريقكم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ) : ذوقوا عذابكم ( هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ) .

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ) يقول: يوم يعذّبون, فيقول: ذوقوا عذابكم.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ) يقول: حريقكم.

حدثنا ابن حُميد, قال: تنا مهران, عن سفيان ( ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ) يقول: احتراقكم.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ) قال: ذوقوا عذابكم.

وقال آخرون: عني بذلك: ذوقوا تعذيبكم أو كذبكم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ) يقول: تكذيبكم.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ) يقول: حريقكم, ويقال: كذبكم.

وقوله ( هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ) يقول تعالى ذكره: يقال لهم: هذا العذاب الذي توفونه اليوم, هو العذاب الذي كنتم به تستعجلون في الدنيا.

التدبر :

وقفة
[14] ﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ الجزاء من جنس العمل، أذاقوا المؤمنين فذاقوا.
وقفة
[14] ﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ يقال لهم هذا وهم يعذَّبون؛ لزيادة آلامهم ومضاعفة عذابهم.
وقفة
[14] ﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ قال الرازي: «ويحتمل أن يكون المراد الاستعجال بالفعل، وهو الإصرار على العناد، وإظهار الفساد، فإنه يعجل العقوبة».

الإعراب :

  • ﴿ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال بتقدير مقولا لهم هذا القول. ذوقوا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. فتنتكم:مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة-ضمير المخاطبين-والميم علامة جمع الذكور بمعنى ذوقوا عذابكم.
  • ﴿ هذَا الَّذِي:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ اي هذا العذاب. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هذا» اي هذا العذاب هو الذي وعلى هذا التخريج يجوز ان يكون «الذي» خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. وجملة «هو الذي» في محل رفع خبر «هذا» ويجوز ان يكون «هذا» بدلا من «فتنتكم» اي ذوقوا هذا العذاب وتكون «الذي» في هذه الحالة صفة لموصوف مقدر وهو «العذاب» والاصح ان تكون «الذي» بدلا من «هذا».والجملة الفعلية بعده صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ كُنْتُمْ بِهِ:
  • فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. به: جار ومجرور متعلق بخبرها.
  • ﴿ تَسْتَعْجِلُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. '

المتشابهات :

يونس: 51﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ
الذاريات: 14﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     وبعد الرَدِّ عليهم؛ ذكرَ اللهُ هنا ما يُقال لهم، قال تعالى:
﴿ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

التفسير :

[15] إن الذين اتقوا الله في جنات عظيمة، وعيون ماء جارية، أعطاهم الله جميع مُناهم من أصناف النعيم،

يقول تعالى في ذكر ثواب المتقين وأعمالهم، التي أوصلتهمإلى ذلك الجزاء:{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ} أي:الذين كانت التقوى شعارهم، وطاعة الله دثارهم،{ فِي جَنَّاتِ} مشتملات على جميع [أصناف] الأشجار، والفواكه، التي يوجد لها نظير في الدنيا، والتي لا يوجد لها نظير، مما لم تنظر العيون إلى مثله، ولم تسمع الآذان، ولم يخطر على قلوب العباد{ وَعُيُونٍ} سارحة، تشرب منها تلك البساتين، ويشرب بها عباد الله، يفجرونها تفجيرًا.

والمعنى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ وهم الذين صانوا أنفسهم عن كل مالا يرضى الله- تعالى-.

فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ أى: مستقرين في جنات وبساتين فيها عيون عظيمة، لا يبلغ وصفها الواصفون.

يقول تعالى مخبرا عن المتقين لله ، عز وجل : إنهم يوم معادهم يكونون في جنات وعيون بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه من العذاب والنكال ، والحريق والأغلال .

وقوله ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ) يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا الله بطاعته, واجتناب معاصيه في الدنيا في بساتين وعيون ماء في الآخرة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[15] ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ لا يخفى على من عنده علم بأصول الفقه أن هذه الآية الكريمة فيها الدلالة المعروفة عند أهل الأصول بدلالة الإيماء والتنبيه على أن سبب نيل هذه الجنات والعيون هو تقوى الله، والسبب الشرعي هو العلة الشرعية على الأصح.
وقفة
[15] ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ للمتقي مقامات، أدناها أن يتقي الشرك، وأوسطها أن يتقي المحرمات، وأعلاها أن يتقي المكروهات وما سوى الله، وبحسب درجة التقوى تكون درجة صاحبها في الجنة.
تفاعل
[15] ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[15] ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾، ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ﴾ [الدخان: 51]، ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ﴾ [الطور: 17]، ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾ [القمر: 54]، ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ﴾ [المرسلات: 41]؛ تعددُ مقام المتقين في الجنة لشرف هذه الطائفة عند الله جلَّ وعلا، وأعلى هذه المقامات ما جاء في سورة القمر، لأنه قال بعدها: ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ﴾ [القمر: 55].
وقفة
[15] تذكر أحوال الصالحين معين على الاتصاف بصفاتهم ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ
  • هذه الآية الكريمة اعربت في سورة «الحجر» في الآية الكريمة الخامسة والاربعين. '

المتشابهات :

الحجر: 45﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
الذاريات: 15﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
الدخان: 51﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ
الطور: 17﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ
القمر: 54﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ
المرسلات: 41﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد ذكرِ حالِ الكُفَّارِ المُكذِّبين للبعثِ ونُبُوَّتِه صلى الله عليه وسلم، ذكرَ هنا حالَ المؤمنينَ، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ ..

التفسير :

[16]فأخذوا ذلك راضين به، فَرِحة به نفوسهم، إنهم كانوا قبل ذلك النعيم محسنين في الدنيا بأعمالهم الصالحة.

{ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ} يحتمل أن المعنى أن أهل الجنة قد أعطاهم مولاهم جميع مناهم، من جميع أصناف النعيم، فأخذوا ذلك، راضين به، قد قرت به أعينهم، وفرحت به نفوسهم، ولم يطلبوا منه بدلاً، ولا يبغون عنه حولاً، وكل قد ناله من النعيم، ما لا يطلب عليه المزيد، ويحتمل أن هذا وصف المتقين في الدنيا، وأنهم آخذون ما آتاهم الله، من الأوامر والنواهي، أي:قد تلقوها بالرحب، وانشراح الصدر، منقادين لما أمر الله به، بالامتثال على أكمل الوجوه، ولما نهى عنه، بالانزجار عنه لله، على أكمل وجه، فإن الذي أعطاهم الله من الأوامر والنواهي، هو أفضل العطايا، التي حقها، أن تتلقى بالشكر [لله] عليها، والانقياد.

والمعنى الأول، ألصق بسياق الكلام، لأنه ذكر وصفهم في الدنيا، وأعمالهم بقوله:{ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ} الوقت الذي وصلوا به إلى النعيم{ مُحْسِنِينَ} وهذا شامل لإحسانهم بعبادة ربهم، بأن يعبدوه كأنهم يرونه، فإن لم يكونوا يرونه، فإنه يراهم، وللإحسان إلى عباد الله ببذل النفع والإحسان، من مال، أو علم، أو جاه أو نصيحة، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو غير ذلك من وجوه الإحسانوطرق الخيرات.

حتى إنه يدخل في ذلك، الإحسان بالقول، والكلام اللين، والإحسان إلى المماليك، والبهائم المملوكة، وغير المملوكةمن أفضل أنواع الإحسان في عبادة الخالق، صلاة الليل، الدالة على الإخلاص، وتواطؤ القلب واللسان.

آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ أى: هم منعمون في الجنات وما اشتملت عليه من عيون جارية، حالة كونهم آخذين وقابلين لما أعطاهم ربهم من فضله وإحسانه.

وقوله: إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ بمثابة التعليل لما قبله. أى: هم في هذا الخير العميم من ربهم لأنهم، كانوا قبل ذلك- أى: في الدنيا- محسنين لأعمالهم، ومؤدين لكل ما أمرهم به- سبحانه- بإتقان وإخلاص.

وقوله : ( آخذين ما آتاهم ربهم ) : قال ابن جرير : أي عاملين بما آتاهم الله من الفرائض . ( إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ) أي : قبل أن يفرض عليهم الفرائض . كانوا محسنين في الأعمال أيضا . ثم روى عن ابن حميد ، حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي عمر ، عن مسلم البطين ، عن ابن عباس في قوله : ( آخذين ما آتاهم ربهم ) قال : من الفرائض ، ( إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ) : قبل الفرائض يعملون . وهذا الإسناد ضعيف ، ولا يصح عن ابن عباس . وقد رواه عثمان بن أبي شيبة ، عن معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن أبي عمر البزار ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، فذكره . والذي فسر به ابن جرير فيه نظر ; لأن قوله : ( آخذين ) حال من قوله : ( في جنات وعيون ) : فالمتقون في حال كونهم في الجنات والعيون آخذون ما آتاهم ربهم ، أي : من النعيم والسرور والغبطة .

وقوله : ( إنهم كانوا قبل ذلك ) أي : في الدار الدنيا ) محسنين ) ، كقوله : ( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) [ الحاقة : 24 ] ثم إنه تعالى بين إحسانهم في العمل فقال :

وقوله ( آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ) يقول تعالى ذكره: عاملين ما أمرهم به ربهم مؤدّين فرائضه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبي عمر, عن مسلم البطين, عن ابن عباس, في قوله ( آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ) قال: الفرائض.

وقوله ( إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ) يقول: إنهم كانوا قبل أن يفرض عليهم الفرائض محسنين, يقول: كانوا لله قبل ذلك مطيعين.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبي عمر, عن مسلم البطين, عن ابن عباس ( إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ) قال: قبل الفرائض محسنين يعملون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[16] ﴿آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ﴾ يحتمل أن المعنى أن أهل الجنة قد أعطاهم مولاهم جميع مُناهم؛ من جميع أصناف النعيم، فأخذوا ذلك راضين به، قد قرت به أعينهم، وفرحت به نفوسهم، ولم يطلبوا منه بدلًا، ولا يبغون عنه حولًا ويحتمل أن هذا وصف المتقين في الدنيا، وأنهم آخذون ما آتاهم الله من الأوامر والنواهي، أي: قد تلقوها بالرحب، وانشراح الصدر.
وقفة
[16] ﴿آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ﴾ خذ ما آتاك ربك حتى يُكرِمَك؟! قال ابن عباس: «آخذين: أي في دنياهم، ما آتاهم ربهم من أوامره ونواهيه وشرعه».
اسقاط
[16] ﴿آخِذينَ ما آتاهُم رَبُّهُم إِنَّهُم كانوا قَبلَ ذلِكَ مُحسِنينَ﴾ مَن أطاع الله في الدنيا عن رضًا وتسليم؛ أثابه مولاه وخصَّه بالنعيم، فأين المشمِّرون المحسنون؟!
عمل
[16] ﴿آخِذينَ ما آتاهُم رَبُّهُم إِنَّهُم كانوا قَبلَ ذلِكَ مُحسِنينَ﴾ قَدِّم الإحسان فى الدنيا؛ تنل ما عند الله فى الآخرة.
وقفة
[16] ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ﴾ يشمل إحسانين: إحسان بعبادة ربهم، بأن يعبدوه كأنهم يرونه، فإن لم يكونوا يرونه، فإنه يراهم، وإحسان إلى عباد الله ببذل مال، أو علم، أو جاه، أو نصح، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو غيرها من وجوه الإحسان.

الإعراب :

  • ﴿ آخِذِينَ:
  • حال منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد.
  • ﴿ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به لاسم الفاعل «آخذين».آتى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. رب: فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنَّهُمْ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «ان».والجملة الفعلية بعدها في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ كانُوا:
  • فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع اسمها والالف فارقة.
  • ﴿ قَبْلَ ذلِكَ:
  • ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بكانوا. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة واللام للبعد والكاف حرف خطاب.
  • ﴿ مُحْسِنِينَ:
  • خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ دخولَهم الجنَّة؛ ذكرَ هنا حالَهم في الجنة، قال تعالى:آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ولَمَّا ذَكَرَ جَزاءَهم؛ ذَكَرَ هنا السَّبَبَ الَّذي أوصَلَهم إلى ذلك، قال تعالى:
﴿ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا ..

التفسير :

[17] كان هؤلاء المحسنون قليلاً من الليل ما ينامون، يُصَلُّون لربهم قانتين له،

{ كَانُوا} أي:المحسنون{ قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} أي:كان هجوعهم أي:نومهم بالليل، قليلاً، وأما أكثر الليل، فإنهم قانتون لربهم، ما بين صلاة، وقراءة، وذكر، ودعاء، وتضرع.

ثم بين- سبحانه- مظاهر إحسانهم فقال: كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ أى كانوا ينامون من الليل وقتا قليلا، أما أكثره فكانوا يقضونه في العبادة والطاعة.

والهجوع: النوم ليلا، وقيده بعضهم بالنوم القليل، إذ الهجعة هي النومة الخفيفة، تقول:

أتيت فلانا بعد هجعة، أى بعد نومة قليلة.

عن الحسن قال: كانوا لا ينامون من الليل إلا أقله، كابدوا قيام الليل.

( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) ، اختلف المفسرون في ذلك على قولين :

أحدهما : أن " ما " نافية ، تقديره : كانوا قليلا من الليل لا يهجعونه . قال ابن عباس : لم تكن تمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئا . وقال قتادة ، عن مطرف بن عبد الله : قل ليلة تأتي عليهم لا يصلون فيها لله عز وجل ، إما من أولها وإما من أوسطها . وقال مجاهد : قل ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون . وكذا قال قتادة . وقال أنس بن مالك ، وأبو العالية : كانوا يصلون بين المغرب والعشاء . وقال أبو جعفر الباقر ، كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة .

والقول الثاني : أن " ما " مصدرية ، تقديره : كانوا قليلا من الليل هجوعهم ونومهم . واختاره ابن جرير . وقال الحسن البصري : ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) : كابدوا قيام الليل ، فلا ينامون من الليل إلا أقله ، ونشطوا فمدوا إلى السحر حتى كان الاستغفار بسحر . وقال قتادة : قال الأحنف بن قيس : ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) : كانوا لا ينامون إلا قليلا ثم يقول : لست من أهل هذه الآية . وقال الحسن البصري : كان الأحنف بن قيس يقول : عرضت عملي على عمل أهل الجنة ، فإذا قوم قد باينونا بونا بعيدا ، إذا قوم لا نبلغ أعمالهم ، كانوا قليلا من الليل ما يهجعون . وعرضت عملي على عمل أهل النار فإذا قوم لا خير فيهم يكذبون بكتاب الله وبرسل الله ، يكذبون بالبعث بعد الموت ، فوجدت من خيرنا منزلة قوما خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : قال رجل من بني تميم لأبي : يا أبا أسامة ، صفة لا أجدها فينا ، ذكر الله قوما فقال : ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) ، ونحن والله قليلا من الليل ما نقوم . فقال له أبي : طوبى لمن رقد إذا نعس ، واتقى الله إذا استيقظ .

وقال عبد الله بن سلام : لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، انجفل الناس إليه ، فكنت فيمن انجفل . فلما رأيت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه رجل كذاب ، فكان أول ما سمعته يقول : " يا أيها الناس ، أطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وأفشوا السلام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها " . فقال أبو موسى الأشعري : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : " لمن ألان الكلام ، وأطعم الطعام ، وبات لله قائما والناس نيام " .

وقال معمر في قوله : ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) : كان الزهري والحسن يقولان : كانوا كثيرا من الليل ما يصلون .

وقال ابن عباس ، وإبراهيم النخعي : ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) : ما ينامون .

وقال الضحاك : ( إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا ) ثم ابتدأ فقال : ( من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ) .

القول في تأويل قوله تعالى : كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال بعضهم: معناه كانوا قليلا من الليل لا يهجعون, وقالوا: " مَا " بمعنى الجحد.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا ثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عديّ, عن سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة, عن أنس بن مالك ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: يتيقظون يصلون ما بين هاتين الصلاتين, ما بين المغرب والعشاء.

حدثني زريق بن الشحب, قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, عن أنس, بنحوه.

حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا ثنا أبو داود, قال: ثنا بكير بن أبي السمط, عن قتادة, عن محمد بن عليّ, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة.

قالا ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن قتادة, عن مطرف, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قلّ ليلة أتت عليهم إلا صلوا فيها.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: قال مطرف بن عبد الله في قوله : ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قل ليلة تأتي عليهم لا يصلون فيها لله. إما من أوّلها, وإما من وسطها.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن يمان, قال: ثنا ابن أبي ليلى, عن المنهال, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال لم يكن يمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئا.

قال: ثنا ابن يمان, عن أبي جعفر الرازي, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, قال: كانوا يصيبون فيها حظا.

حدثني عليّ بن سعيد الكنديّ, قال: ثنا حفص بن عاصم, عن أبي العالية, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: لا ينامون بين المغرب والعشاء.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا حكام ومهران, عن أبي جعفر, عن الربيع ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا يصيبون من الليل حظا.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, عن سعيد بن أبي عروبة, عن مطرّف, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قلّ ليلة أتت عليهم هجعوها كلها.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كان لهم قليل من الليل ما يهجعون, كانوا يصلونه.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: سمعت ابن أبي نجيح, يقول في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا قليلا ما ينامون ليلة حتى الصباح.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قليل ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: كانوا قليلا من الليل يهجعون, ووجهوا " مَا "- التي في قوله ( مَا يَهْجَعُونَ ) إلى أنها صلة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن قتادة, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قال الحسن: كابدوا قيام الليل.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: كان الحسن يقول: لا ينامون منه إلا قليلا.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, عن بعض أصحابنا, عن الحسن, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: لا ينامون من الليل إلا أقله.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الوهاب, قال: ثنا عوف, عن سعيد بن أبي الحسن, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قلَّ ليلة أتت عليهم هجوعا.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: قال الأحنف بن قيس, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا لا ينامون إلا قليلا.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا الحكم بن عطية, عن قتادة, قال: قال الأحنف بن قَيس, وقرأ هذه الآية ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: لست من أهل هذه الآية.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن سعيد, عن قتادة, عن الحسن, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قيام الليل.

حدثنا أبو كُريب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن يونس, عن الحسن, قال: نشطوا فمدّوا إلى السحر.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن يونس بن عبيد, عن الحسن, قال: مدّوا في الصلاة ونشطوا, حتى كان الاستغفار بسحر.

قال: ثنا مهران, عن سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة, عن الحسن قال: كانوا لا ينامون من الليل إلا قليلا.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كان الحسن والزهري يقولان: كانوا كثيرا من الليل ما يصلون. وقد يجوز أن تكون " مَا " . على هذا التأويل في موضع رفع, ويكون تأويل الكلام: كانوا قليلا من الليل هجوعهم; وأما من جعل " مَا " صلة, فإنه لا موضع لها; ويكون تأويل الكلام على مذهبه كانوا يهجعون قليل الليل, وإذا كانت " مَا " صلة كان القليل منصوبا بيهجعون.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن إبراهيم ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: ما ينامون.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: كانوا يصلون العتمة, وعلى هذا التأويل ( مَا ) في معنى الجحد.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن قتادة, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قال رجل من أهل مكة: سماه قتادة, قال: صلاة العتمة.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: كان هؤلاء المحسنون قبل أن تفرض عليهم الفرائض قليلا من الناس, وقالوا الكلام بعد قوله إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كانوا قليلا مستأنف بقوله ( مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) فالواجب أن تكون " مَا " على هذا التأويل بمعنى الجحد.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا عبيد, عن الضحاك, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) يقول: إن المحسنين كانوا قليلا ثم ابتدئ فقيل ( مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) كما قال وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ثم قال : وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ .

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن الزبير, عن الضحاك بن مزاحم ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا من الناس قليلا.

حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن الزبير بن عديّ, عن الضحاك بن مزاحم, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا قليلا من الناس من يفعل ذلك.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الزبير بن عديّ, عن الضحاك بن مزاحم ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا قليلا من الناس إذ ذاك.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال الله إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ... إلى مُحْسِنِينَ كانوا قليلا يقول: المحسنون كانوا قليلا هذه مفصولة, ثم استأنف فقال ( مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) .

وأما قوله ( يَهْجَعُونَ ) فإنه يعني: ينامون, والهجوع: النوم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) يقول: ينامون.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن إبراهيم ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: ينامون.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن إبراهيم, مثله.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) الهجوع: النوم.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا قليلا ما ينامون من الليل, قال: ذاك الهجع. قال: والعرب تقول: إذا سافرت اهجع بنا قليلا. قال: وقال رجل من بني تميم لأبي: يا أبا أسامة صفة لا أجدها فينا, ذكر الله تبارك وتعالى قوما فقال : ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) ونحن والله قليلا من الليل ما نقوم; قال: فقال أبي طُوبى لمن رقد إذا نعس; وألقى الله إذا استيقظ.

وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قول من قال: كانوا قليلا من الليل هجوعهم, لأن الله تبارك وتعالى وصفهم بذلك مدحا لهم, وأثنى عليهم به, فوصفهم بكثرة العمل, وسهر الليل, ومكابدته فيما يقربهم منه ويرضيه عنهم أولى وأشبه من وصفهم من قلة العمل, وكثرة النوم, مع أن الذي اخترنا في ذلك هو أغلب المعاني على ظاهر التنـزيل.

التدبر :

وقفة
[17] ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ والغرض من الآية أنهم يكابدون العبادة في أوقات الراحة وسكون النفس ولا يستريحون من مشاق النهار إلا قليلًا. قال الحسن: «كابدوا قيام الليل لا ينامون منه إلا قليلًا»، وعن عبد اللّه بن رواحة: «هجعوا قليلًا ثم قاموا».
وقفة
[17] ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ لذة القيام والناس نيام فاقت لذة المنام.
وقفة
[17] ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ قال مسلم بن يسار: «ما تلذذ المتلذذون بمثل الخلوة بمناجاة الله عز وجل».
وقفة
[17] ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ أتْعبوا أجسادهم لأجل راحة أرواحهم.
وقفة
[17] ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ فضل قيام الليل، وأنه من أفضل القربات.
وقفة
[17] ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ أغنتهم طمأنينة القلب عن دعة النوم، ووجدوا لطف الإجابة بكثرة التضرع، ربِّ اجعلنا منهم.
وقفة
[17] ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ لم مدحهم بقلة الهجوع مع أن السهر هو محل الاجتهاد؟! قال الرازي: «إشارة إلى أن نومهم عبادة حيث مدحهم الله بكونهم هاجعين قليلًا، وذلك الهجوع أورثهم الاشتغال بعبادة أخرى، والاستغفار بالأسحار، ومنعهم من الإعجاب بأنفسهم».
وقفة
[17] ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ قل: «اللهم أعنا على قيام الليل واجعلنا من أهل القيام».
وقفة
[17] ﴿كانوا قَليلًا مِنَ اللَّيلِ ما يَهجَعونَ﴾ وما لنا لا نقوم إلا قليلًا!
وقفة
[17] ﴿كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون﴾ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ» [أبو داود 1400، وصححه الألباني]، والمقنطرين هم الذين يعطيهم الله أجرًا عظيمًا.
وقفة
[17] امتلاء القلب بالتقوى يظهر أثره بأعمال لا تطيقها النفوس الغافلة ﴿كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون﴾.
وقفة
[17] ‏﴿قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ كان هجوعهم أي نومهم بالليل قليلًا، وأما أكثر الليل فإنهم قانتون لربهم، ما بين صلاة، وقراءة، وذكر، ودعاء، وتضرع.
عمل
[17] ‏﴿قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ أول صفات المتقين المحسنين: أنهم من أهل قيام الليل، فيا من ذاق حلاوة القيام في رمضان؛ داوم عليه.
وقفة
[17] ‏﴿قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ لأنهم عرفوا أن ما عند الله خير وأبقى؛ فعافت أجفانهم النوم شوقًا لذاك النعيم.
وقفة
[17] ‏﴿قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ امتدحهم الله بقلة الهجوع، ولم يمتدحهم بكثرة السهر، مع أن السهر هو الكلفة والإجهاد.
وقفة
[17، 18] ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ ما أحسن ليل المتقين! أوَّلُه حسناتٌ تُكتب، وآخِرُه سيئاتٌ تُمحى.
وقفة
[17، 18] ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ هذه سيرة الكريم يأتي بأبلغ وجوه الكرم، ويستقله، ويعتذر من التقصير.
وقفة
[17، 18] من صفات أهل الجنة: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾.
اسقاط
[17، 18] ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ وأنت؟!
وقفة
[17، 18] وللمحسنين مع الليل حكايات؛ فإما قيامٌ: ﴿كانوا قليلاً من الليل مايهجعون﴾، وإما استغفار: ﴿وبالأسحار هم يستغفرون﴾.
وقفة
[17، 18] تأملوا حالهم: ﴿كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون* وبالأسحار هم يستغفرون﴾، لله درهم! مماذا يستغفرون؟! إنها من علامات المحبِّ أنه يستقل العمل في جنب الله.
عمل
[17، 18] كفى عبثًا بجهازك، قم الآن أوتر، استغفر؛ لعلك تكون من الذين قال الله ﷻ فيهم: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾.
وقفة
[17، 18] ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ من ذاق حلاوة قيام الليل لم يتركها.

الإعراب :

  • ﴿ كانُوا:
  • فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع اسمها والالف فارقة.
  • ﴿ قَلِيلاً:
  • ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: كانوا يهجعون طائفة قليلة من الليل او تكون صفة لمصدر-مفعول مطلق-مقدر اي كانوا يهجعون هجوعا قليلا. اي ينامون نوما قليلا.
  • ﴿ مِنَ اللَّيْلِ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة لقليلا لان «من» حرف جر بياني.
  • ﴿ ما يَهْجَعُونَ:
  • ما: مزيدة للتوكيد. يهجعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يهجعون» في محل نصب خبر «كان» ويجوز ان تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل رفع فاعلا لقليلا. اي: كانوا قل من الليل الذي يهجعون فيه.وتكون جملة «يهجعون» صلة «ما» لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع- الى الموصول محذوف وهو الجار اي «فيه».ولا يجوز ان تكون «ما» نافية لان «ما» النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. تقول: زيدا لم أضرب ولا تقول:زيدا ما ضربت. ولان التقدير على «ما» النافية يصبح المعنى كانوا ما يهجعون قليلا من الليل فيه خلل من حيث المعنى ايضا فان طلب قيام جميع الليل غير مستثنى منه الهجوع وان قل غير ثابت في الشرع ولا معهود. اما اذا جعلت «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعلا اي قل هجوعهم وفي هذه الحالة لا يستقيم ان يكون مِنَ اللَّيْلِ» صفة لقليلا ولا بيانا له ولا يستقيم ان يكون من صلة المصدر لانه تقدم عليه '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ إحسانَهم؛ فسَّره مُعَبِّرًا عنه بما هو في غايةِ المُبالَغةِ، فقال تعالى:
﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ

التفسير :

[18]وفي أواخر الليل قبيل الفجر يستغفرون الله من ذنوبهم.

{ وَبِالْأَسْحَارِ} التي هي قبيل الفجر{ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} الله تعالى، فمدوا صلاتهم إلى السحر، ثم جلسوا في خاتمة قيامهم بالليل، يستغفرون الله تعالى، استغفار المذنب لذنبه، وللاستغفار بالأسحار، فضيلة وخصيصة، ليست لغيره، كما قال تعالى في وصف أهل الإيمان والطاعة:{ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}

ثم مدحهم- سبحانه- بصفة أخرى فقال: وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ والأسحار جمع سحر، وهو الجزء الأخير من الليل.

أى، وكانوا في أوقات الأسحار يرفعون أكف الضراعة إلى الله- تعالى- يستغفرونه مما فرط منهم من ذنوب، ويلتمسون منه- تعالى- قبول توبتهم وغسل حوبتهم.

قال الإمام الرازي ما ملخصه: وفي الآية إشارة إلى أنهم كانوا يتهجدون ويجتهدون، ثم يريدون أن يكون عملهم أكثر من ذلك، وأخلص منه، ويستغفرون من التقصير، وهذه سيرة الكريم: يأتى بأبلغ وجوه الكرم ويستقله، ويعتذر من التقصير، واللئيم يأتى بالقليل ويستكثره.

وفيه وجه آخر ألطف منه: وهو أنه- تعالى- لما بين أنهم يهجعون قليلا، والهجوع مقتضى الطبع. قال يَسْتَغْفِرُونَ أى: من ذلك القدر من النوم القليل.

ومدحهم بالهجوع ولم يمدحهم بكثرة السهر ... للإشارة إلى أن نومهم عبادة، حيث مدحهم بكونهم هاجعين قليلا، وذلك الهجوع أورثهم الاشتغال بعبادة أخرى، وهو الاستغفار ... في وجوه الأسحار، ومنعهم من الإعجاب بأنفسهم ومن الاستكبار.. .

وقوله عز وجل : ( وبالأسحار هم يستغفرون ) . قال مجاهد ، وغير واحد : يصلون . وقال آخرون : قاموا الليل ، وأخروا الاستغفار إلى الأسحار . كما قال تعالى : ( والمستغفرين بالأسحار ) [ آل عمران : 17 ] ، فإن كان الاستغفار في صلاة فهو أحسن . وقد ثبت في الصحاح وغيرها عن جماعة من الصحابة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير ، فيقول : هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من سائل فيعطى سؤله ؟ حتى يطلع الفجر " .

وقال كثير من المفسرين في قوله تعالى إخبارا عن يعقوب : أنه قال لبنيه : ( سوف أستغفر لكم ربي ) [ يوسف 98 ] قالوا : أخرهم إلى وقت السحر .

وقوله ( وَبِالأَسْحَارِِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) اختلف أهل التأويل في تأويله, فقال بعضهم: معناه: وبالأسحار يصلون.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَبِالأَسْحَارِِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) يقول: يقومون فيصلون, يقول: كانوا يقومون وينامون, كما قال الله لمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ فهذا نوم, وهذا قيام وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ كذلك يقومون ثلثا ونصفا وثلثين: يقول: ينامون ويقومون.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن جبلة بن سحيم, عن ابن عمر, قوله ( وَبِالأَسْحَارِِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) قال: يصلون.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَبِالأَسْحَارِِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) قال: يصلون.

وقال آخرون: بل عني بذلك أنهم أخروا الاستغفار من ذنوبهم إلى السحر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن يونس بن عبيد, عن الحسن, قال: مدّوا في الصلاة ونَشطوا, حتى كان الاستغفار بسحر.

حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَبِالأَسْحَارِِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) قال: هم المؤمنون, قال: وبلغنا أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يعقوب حين سألوه أن يستغفر لهم يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي قال: قال بعض أهل العلم: إنه أخَّر الاستغفار إلى السحر. قال: وذكر بعض أهل العلم أن الساعة التي تفتح فيها أبواب الجنة: السحر.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: سمعت ابن زيد يقول: السحر: هو السدس الأخير من الليل.

التدبر :

وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ وخص هذا الوقت لكونه يكثر فيه أن يغلب النوم على الإنسان فيه فصلاتهم واستغفارهم فيه أعجب من صلاتهم في أجزاء الليل الأخرى، وجَمْع الأسحار باعتبار تكرر قيامهم في كل سحر.
عمل
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ اضبط منبه إيقاظك على وقتِ السَّحَر، وقم صل واستغفر اللهَ من ذنوبِك.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ مفتاح حصول الرحمة: الإحسان في عبادة الخالق، والسعي في نفع عبيده، ومفتاح الرزق: السعي مع الاستغفار والتقوى.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ بالاستغفار تُفتَح الأبواب الموصَدَة.
عمل
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ إن تثاقلت ركعة آخر الليل، فلا تتثاقل استغفر الله ختام ليلتك.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ حين يسدل الليل ستاره، يكون للاستغفار معنى تعرفه قلوب الصالحين.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ أكثروا من الاستغفار، أستغفر الله العظيم.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ هكذا يختمون ليلتهم.
تفاعل
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ سل الله أن يجعلك منهم.
عمل
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ حلِّق مع الركب المبارك وكن من المستغفرين، أستغفر الله العلي العظيم وأتوب إليه.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ إذا كان المتقون المحسنون يستغلون دقائق السحر بالاستغفار، فما أحوجنا مع إساءتنا وتقصيرنا إلى هذه الدقائق!
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ كأنهم يرونه، ويقين منهم بأنه يراهم، هم الأيقاظ في جنح الليل والناس نيام.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ لو علم أهل الحاجـات بالاستغفار، لضج سكون الليل به في الأسحار، استغفر الله العظيم وأتوبُ إليه.
تفاعل
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ استغفر الله لك ولوالديك وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ أي يطلبون من الله في أوقات السحر أن يغفر ذنوبهم، استغفر الله وأتوب إليه.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ ولا يطلعنَّ عليك الفجر إلا وقد أوترت ولو بركعة، أي قيمة لليل إذا خلا من ذكر الله.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ بعض الهموم والأحزان لا يذهبها إلا مدد الاستغفار في الأسحار، ولا يخفف شدة وطأتها إلا أنف وجبين يلامسان الأرض.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ ذكر التسبيح مع الليل والاستغفار مع السحر؛ لأن التسبيح أنفع للقلب ليلًا، والاستغفار أكثر بركة سحرًا.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ قال القشيري: «أخبر عنهم أنهم -مع تهجدهم ودعائهم- يُنزلون أنفسهم في الأسحار منزلة العاصين، فيستغفرون استصغارًا لقدرهم، واستحقارًا لفعلهم».
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ نالوا شرف عبادتين: القيام والاستغفار؟ قال الحسن: «مدوا الصلاة من أول الليل إلى السحر، ثم استغفروا في السَّحَر».
عمل
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ إن استثقلت ركعةً في جوف الليل؛ فلا تستثقل عن: استغفر الله، استغفر الله.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ لا أعظم من طلب المغفرة؛ ولذا استُحب في أفضل الأوقات، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» [البخاري 1145].
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ أحسنوا العمل وأخفوه وبالغوا في الاعتذار، وهذه علامة التوفيق والقبول.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ كثرة الاستغفار ليست عن كثرة الذنوب، بل عن صفاء القلوب.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ قال ابن القيم: «فباتوا لربهم سجدًا وقيامًا، ثم تابوا إليه واستغفروه عقيب ذلك».
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ بالاستغفار وقت الأسحار تفتح كل الأقفال.
وقفة
[18] ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ ﺳُﺌﻞ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ: «أي شيء يفعل الله بعبده إذا أحبه؟»، قال: «يلهمه الاستغفار عند التقصير».
وقفة
[18] ما أعجب حالهم! أكثر ليلهم صلاة وتضرع لكنهم لم يغتروا بل: ﴿وبالأسحار هم يستغفرون﴾.
وقفة
[18] الاستغفار بالأسحار أفضل الأذكار ﴿وبالأسحار هم يستغفرون﴾، وأما التسبيح فيستوي فضله ليلًا ونهارًا ﴿فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون﴾ [الروم: 17].
وقفة
[16-18] أفضل صلوات النوافل قيام الليل، فيه لذة يجدها الصالحون، فيأنسون بقرب الله، قال تعالى: ﴿إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَبِالْأَسْحارِ:
  • الواو عاطفة. بالاسحار: جار ومجرور متعلق بيستغفرون اي في آخر الليل.
  • ﴿ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ:
  • ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.يستغفرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يستغفرون» في محل رفع خبر هم. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ المُحْسِنُ لا يَرى نَفْسَهُ إلّا مُقَصِّرًا؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنَّ تَهَجُّدَهم يَتَّصِلُ بِآخِرِ اللَّيْلِ يَسْألُونَ غُفْرانَ ذُنُوبِهِمْ، قال تعالى:
﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ

التفسير :

[19] وفي أموالهم حق واجب ومستحب للمحتاجين:الذين يسألون الناس، والذين لا يسألونهم حياء.

{ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ} واجب ومستحب{ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} أي:للمحتاجين الذين يطلبون من الناس، والذين لا يطلبون منهم

ثم مدحهم- سبحانه- للمرة الثالثة فقال: وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ.

والسائل: هو من يسأل غيره العون والمساعدة. والمحروم: هو المتعفف عن السؤال مع أنه لا مال له لحرمان أصابه، بسبب مصيبة نزلت به، أو فقر كان فيه.. أو ما يشبه ذلك.

قال ابن جرير بعد أن ذكر جملة من الأقوال في المراد من المحروم هنا: والصواب من القول في ذلك عندي: أنه الذي قد حرم الرزق واحتاج، وقد يكون ذلك بذهاب ماله وثمره فصار ممن حرمه الله. وقد يكون بسبب تعففه وتركه المسألة. وقد يكون بأنه لا سهم له في الغنيمة لغيبته عن الواقعة .

أى: أنهم بجانب قيامهم الليل طاعة لله- تعالى- واستغفارا لذنوبهم.. يوجبون على أنفسهم في أموالهم حقا للسائل والمحروم، تقربا إلى الله- سبحانه- بمقتضى ما جبلوا عليه من كرم وسخاء.

فالمراد بالحق هنا: ما يقدمونه من أموال للمحتاجين على سبيل التطوع وليس المراد به الزكاة المفروضة، لأن السورة مكية والزكاة إنما فرضت في السنة الثانية من الهجرة.

قال الآلوسى: وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ هو غير الزكاة كما قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما.

وقال منذر بن سعيد: هذا الحق هو الزكاة المفروضة، وتعقب بأن السورة مكية. وفرض الزكاة بالمدينة. وقيل: أصل فريضة الزكاة كان بمكة والذي كان بالمدينة القدر المعروف اليوم ... والجمهور على الأول.

والمتأمل في هذه الآيات الكريمة يرى أن هؤلاء المتقين، قد مدحهم الله- تعالى- هذا المدح العظيم، لأنهم عرفوا حق الله عليهم فأدوه بإحسان وإخلاص، وعرفوا حق الناس عليهم فقدموه بكرم وسخاء.

وقوله : ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) : لما وصفهم بالصلاة ثنى بوصفهم بالزكاة والبر والصلة ، فقال : ( وفي أموالهم حق ) أي : جزء مقسوم قد أفرزوه ( للسائل والمحروم ) ، أما السائل فمعروف ، وهو الذي يبتدئ بالسؤال ، وله حق ، كما قال الإمام أحمد :

حدثنا وكيع وعبد الرحمن قالا : حدثنا سفيان ، عن مصعب بن محمد ، عن يعلى بن أبي يحيى ، عن فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها الحسين بن علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " للسائل حق وإن جاء على فرس " .

ورواه أبو داود من حديث سفيان الثوري ، به ثم أسنده من وجه آخر عن علي بن أبي طالب . وروي من حديث الهرماس بن زياد مرفوعا .

وأما ) المحروم ) ، فقال ابن عباس ، ومجاهد : هو المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم . يعني : لا سهم له في بيت المال ، ولا كسب له ، ولا حرفة يتقوت منها .

وقالت أم المؤمنين عائشة : هو المحارف الذي لا يكاد يتيسر له مكسبه . وقال الضحاك : هو الذي لا يكون له مال إلا ذهب ، قضى الله له ذلك .

وقال أبو قلابة : جاء سيل باليمامة فذهب بمال رجل ، فقال رجل من الصحابة : هذا المحروم .

وقال ابن عباس أيضا ، وسعيد بن المسيب ، وإبراهيم النخعي ، ونافع - مولى ابن عمر - وعطاء بن أبي رباح ) المحروم ) : المحارف .

وقال قتادة ، والزهري : ( المحروم ) : الذي لا يسأل الناس شيئا ، قال الزهري وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان ، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ، ولا يفطن له فيتصدق عليه " .

وهذا الحديث قد أسنده الشيخان في صحيحيهما من وجه آخر .

وقال سعيد بن جبير : هو الذي يجيء وقد قسم المغنم ، فيرضخ له .

وقال محمد بن إسحاق : حدثني بعض أصحابنا قال : كنا مع عمر بن عبد العزيز في طريق مكة فجاء كلب فانتزع عمر كتف شاة فرمى بها إليه ، وقال : يقولون : إنه المحروم .

وقال الشعبي : أعياني أن أعلم ما المحروم .

واختار ابن جرير أن المحروم : [ هو ] الذي لا مال له بأي سبب كان ، قد ذهب ماله ، سواء كان لا يقدر على الكسب ، أو قد هلك ماله أو نحوه بآفة أو نحوها .

وقال الثوري ، عن قيس بن مسلم ، عن الحسن بن محمد ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فغنموا ، فجاء قوم لم يشهدوا الغنيمة فنزلت هذه الآية : ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) .

وهذا يقتضي أن هذه مدنية ، وليس كذلك ، بل هي مكية شاملة لما بعدها .

وقوله ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) يقول تعالى ذكره: وفي أموال هؤلاء المحسنين الذين وصف صفتهم حقٌّ لسائلهم المحتاج إلى ما في أيديهم والمحروم.

وبنحو الذي قلنا في معنى السائل, قال أهل التأويل, وهم في معنى المحروم مختلفون, فمن قائل: هو المحارَف الذي ليس له في الإسلام سهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن &; 22-414 &; قيس بن كركم, عن ابن عباس سألته عن السائل والمحروم, قال: السائل: الذي يسأل الناس, والمحروم: الذي ليس له في الإسلام سهم وهو محارَف.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه عن ابن عباس, قوله ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) قال: المحروم: المحارف.

حدثنا سهل بن موسى الرازي, قال: ثنا وكيع, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن قيس بن كركم, عن ابن عباس, قال: السائل: السائل. والمحروم: المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم.

حدثنا سهل بن موسى, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن قيس بن كركم, عن ابن عباس, قال: المحروم: المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم.

حدثنا حُميد بن مسعدة, قال: ثنا يزيد بن زريع, قال: ثنا شعبة عن أبي إسحاق, عن قيس بن كركم, عن ابن عباس في هذه الآية ( لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) قال: السائل: الذي يسأل, والمحروم: المحارَف.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, قال: سمعت أبا إسحاق يحدّث عن قيس بن كركم, عن ابن عباس, بنحوه.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول: الله تبارك وتعالى: المحروم, قال: المحارف.

وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَالمَحْرُومِ ) : هو الرجل المحارف الذي لا يكون له مال إلا ذهب, قضى الله له ذلك.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن قيس بن كركم, قال: سألت ابن عباس عن قوله ( لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) قال: السائل: الذي يسأل, والمحروم: المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم.

حدثني محمد بن عمرو المقدمي, قال: ثنا قريش بن أنس, عن سليمان, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب: المحروم: المحارَف.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن منصور, عن إبراهيم, قال في المحروم: هو المحارف الذي ليس له أحد يعطف عليه, أو يعطيه شيئا.

حدثني ابن المثنى, قال: ثني وهب بن جرير, قال ثنا شعبة, عن عاصم, عن أبي قلابة, قال: جاء سيل باليمامة, فذهب بمال رجل, فقال رجل من أصحاب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : هذا المحروم.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا أيوب, عن نافع, قال: المحروم: المحارف.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثني مسلم بن خالد, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس, قال: المحروم: المحارف.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا حجاج, عن الوليد بن العيزار عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس أنه قال: المحروم: هو المحارف.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا هشيم, عن أبي بشر, قال: سألت سعيد بن جُبير, عن المحروم, فلم يقل فيه شيئا, فقال عطاء: هو المحدود المحارف.

ومن قائل: هو المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني نافع بن يزيد, عن عمرو بن الحارث, عن بكير بن الأشجّ, عن سعيد بن المسيب, أنه سُئل عن المحروم فقال: المحارف. (4)

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) هذان فقيرا أهل الإسلام, سائل يسأل في كفِّه, وفقير معتفِّف, ولكليهما عليك حقّ يا ابن آدم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الزهري ( لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) قال: السائل: الذي يسأل, والمحروم: المتعفف الذي لا يسأل.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, قال: قال معمر, وحدثني الزهريّ, أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " لَيْسَ المِسْكينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمرةُ والتَّمْرَتان والأكْلَة والأكْلَتانِ, قالوا فمن المسكين يا رسول الله؟ قال: الَّذِي لا يَجِدُ غِنًى, وَلا يُعْلَمُ بِحاجَتِهِ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَذلكَ المَحْرُومُ" .

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, في قوله ( لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) قال: السائل الذي يسأل بكفه, والمحروم: المتعفف, ولكليهما عليك حقّ يا ابن آدم.

وقائل: هو الذي لا سهم له في الغنيمة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن قيس بن مسلم, عن الحسن بن محمد, إن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعث سرية, فغنموا, فجاء قوم يشهدون الغنيمة, فنـزلت هذه الآية : ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) .

حدثنا أبو كُريب, قال: ثنا ابن أبي زائدة, عن سفيان, عن قيس بن مسلم الجدلي, عن الحسن بن محمد, قال: بعثت سرية فغنموا, ثم جاء قوم من بعدهم, قال: فنـزلت ( لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) .

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, عن إبراهيم أن أناسا قدموا على عليّ رضي الله عنه الكوفة بعد وقعة الجمل, فقال: اقسموا لهم, قال: هذا المحروم.

حدثنا أبو كُريب, قال: ثنا أبو نعيم, عن سفيان, عن قيس بن مسلم, عن الحسن بن محمد أن قوما في زمان النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أصابوا غنيمة, فجاء قوم بعد, فنـزلت ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) .

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا حكام, قال: ثنا عمرو, عن منصور, عن إبراهيم, قال: المحروم: الذي لا فيء له في الإسلام, وهو محارف من الناس.

قال: ثنا جرير, عن منصور, عن إبراهيم, قوله ( لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) قال: المحروم: الذي لا يجري عليه شيء من الفيء, وهو محارف من الناس.

وقائل: هو الذي لا ينمى له مال.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني أبو السائب, قال: ثنا ابن إدريس, عن حصين, قال: سألت عكرِمة, عن السائل والمحروم؟ قال: السائل: الذي يسألك, والمحروم: الذي لا ينمى له مال.

وقائل: هو الذي قد ذهب ثمره وزرعه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) قال: المحروم: المصاب ثمره وزرعه, &; 22-418 &; وقرأ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ . . حتى بلغ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ وقال أصحاب الجنة : إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ .

حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني عبد الله بن عياش, قال: قال زيد بن أسلم في قول الله ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) قال ليس ذلك بالزكاة, ولكن ذلك مما ينفقون من أموالهم بعد إخراج الزكاة, والمحروم: الذي يُصاب زرعه أو ثمره أو نسل ماشيته, فيكون له حقّ على من لم يصبه ذلك من المسلمين, كما قال لأصحاب الجنة حين أهلك جنتهم قالوا بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ وقال أيضًا : لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ .

وكان الشعبي يقول في ذلك ما حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, عن ابن عون, قال: قال الشعبيّ: أعياني أن أعلم ما المحروم.

والصواب من القول في ذلك عندي أنه الذي قد حُرم الرزق واحتاج, وقد يكون ذلك بذهاب ماله وثمره, فصار ممن حرمه الله ذلك, وقد يكون بسبب تعففه وتركه المسألة, ويكون بأنه لا سهم له في الغنيمة لغيبته عن الوقعة, فلا قول في ذلك أولى بالصواب من أن تعمّ, كما قال جلّ ثناؤه ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) .

-------------------------

الهوامش :

(4) هذا الأثر يناسب القول الأول ، فلعله مؤخر من تقديم .

التدبر :

وقفة
[19] ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ المراد بالحق هنا غير الزكاة من الصدقات، وهذا يناسب وصف حال المحسنين الذين بذلوا بعد الزكاة الصدقات، ولأن السورة مكية، والزكاة إنما فُرضت في السنة الثانية من الهجرة.
عمل
[19] ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ حدِّد مقدارًا ثابتًا -ولو يسيرًا- من دخلِك للفقراءِ.
وقفة
[19] ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ من صفات أهل التقوى: تفقد الفقراء المتعففين وإعانتهم.
وقفة
[19] ﴿وَفي أَموالِهِم حَقٌّ لِلسّائِلِ وَالمَحرومِ﴾ تأمل كلمة (حَقٌّ)، وليس تفضلًا منك.
وقفة
[19] ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ من كمال الكرم والسَّخاء: تحرِّي الفقيرَ المتعفِّفَ الذي لا يسأل الناسَ لشدَّة الحياء.

الإعراب :

  • ﴿ وَفِي أَمْوالِهِمْ:
  • الواو عاطفة. في أموال: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ:
  • مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. للسائل: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من حق. الواو عاطفة. المحروم: معطوفة على «السائل» وتعرب اعرابها. '

المتشابهات :

الذاريات: 19﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
المعارج: 24﴿وَالَّذِينَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ مُعامَلتَهم للخالِقِ؛ أتْبَعَه مُعامَلتَهم للخلائِقِ؛ تَكميلًا لحقيقةِ الإحسانِ، قال تعالى :
﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ

التفسير :

[20] وفي الأرض عبر ودلائل واضحة على قدرة خالقها لأهل اليقين بأن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، والمصدِّقين لرسوله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول تعالى -داعيًا عباده إلى التفكر والاعتبار-:{ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ}

وذلك شامل لنفس الأرض، وما فيها، من جبال وبحار، وأنهار، وأشجار، ونبات تدل المتفكر فيها، المتأمل لمعانيها، على عظمة خالقها، وسعة سلطانه، وعميم إحسانه، وإحاطة علمه، بالظواهر والبواطن.

ثم لفت- سبحانه- الأنظار إلى ما في الأرض من دلائل على قدرته ووحدانيته فقال:

وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ. أى: وفي الأرض آيات عظيمة وعبر وعظات بليغة، تدل على وحدانية الله وقدرته، كصنوف النبات، والحيوانات، والمهاد، والجبال، والقفار، والأنهار، والبحار. وهذه الآيات والعبر لا ينتفع بها إلا الموقنون بأن المستحق للعبادة إنما هو الله- عز وجل-.

وقوله : ( وفي الأرض آيات للموقنين ) أي : فيها من الآيات الدالة على عظمة خالقها وقدرته الباهرة ، مما قد ذرأ فيها من صنوف النبات والحيوانات ، والمهاد والجبال ، والقفار والأنهار والبحار ، واختلاف ألسنة الناس وألوانهم ، وما جبلوا عليه من الإرادات والقوى ، وما بينهم من التفاوت في العقول والفهوم والحركات ، والسعادة والشقاوة ، وما في تركيبهم من الحكم في وضع كل عضو من أعضائهم في المحل الذي هو محتاج إليه فيه ; ولهذا قال :

القول في تأويل قوله تعالى : وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20)

يقول تعالى ذكره: وفي الأرض عبر وعظات لأهل اليقين بحقيقة ما عاينوا ورأوا إذا ساروا فيها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ) قال: يقول: معتبر لمن اعتبر.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ) إذا سار في أرض الله رأى عبرا وآيات عظاما.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[20] ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ﴾ لا يستقبل الآيات، ولا يتفكر في هذا إعجاز الله في المخلوقات، إلا قلب عامر باليقين، فكنز اليقين هو الذي يحيي القلوب فترى وتدرك، ومن حُرم اليقين كان أعمى البصيرة ولو كان من أشهر العلماء، فهؤلاء يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا، أما حقيقتها فتظل محجوبة عن قلوبهم.
وقفة
[20] ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ﴾ ذكرت الآية الكريمة الأرض؛ لأنه إذا استقر اليقين بالقلب فكل ما حوله يزيده يقينًا حتى موطئ قدميه.
وقفة
[20] ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ﴾ إذا استقر اليقين بالقلب فكل ما حوله يزيده يقينًا حتى موطئ قدميه.
وقفة
[20] ﴿وَفِي الأَرضِ آياتٌ لِلموقِنينَ﴾ الأمر لا يحتاج (تيليسكوبات) معقدة لتفحُّص السماء ولا غواصات مكلفة لتفحُّص البحار، فلو نظر الإنسان تحت قدميه بتأمل لثوانٍ لازداد يقينا..

الإعراب :

  • ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب اعرابها وعلامة جر الاسم «الموقنين» الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     وبعد أن ذكَرَ اللهُ أوصافَ المتَّقينَ، بَيَّنَ أنَّه قد لاحَتْ لهم من الأدِلَّة ما بها أخْبَتوا إلى ربِّهم، وأنابُوا إليه؛ داعيًا عباده إلى التفكر فيها والاعتبار، وهي: ١- الأرض، قال تعالى:
﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

آيات:
وقرئ:
آية، على الإفراد، وهى قراءة قتادة.

مدارسة الآية : [21] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ

التفسير :

[21] وفي خلق أنفسكم دلائل على قدرة الله تعالى، وعبر تدلكم على وحدانية خالقكم، وأنه لا إله لكم يستحق العبادة سواه، أغَفَلتم عنها، فلا تبصرون ذلك، فتعتبرون به؟

كذلك في نفس العبد من العبر والحكمة والرحمة ما يدل على أن الله وحده الأحدالفرد الصمد، وأنه لم يخلق الخلق سدى.

ثم لفتة أخرى إلى النفس البشرية، قال- تعالى-: وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ.

أى: وفي أنفسكم وذواتكم وخلقكم ... أفلا تبصرون إبصار تذكر واعتبار، فإن في خلقكم من سلالة من طين، ثم جعلكم نطفة فعلقة فمضغة فخلقا آخر، ثم في رعايتكم في بطون أمهاتكم. ثم في تدرجكم من حال إلى حال، ثم في اختلاف ألسنتكم وألوانكم، ثم في التركيب العجيب الدقيق لأجسادكم وأعضائكم. ثم في تفاوت عقولكم وأفهامكم واتجاهاتكم.

في كل ذلك وغيره، عبرة للمعتبرين وعظة للمتعظين.

ورحم الله صاحب الكشاف، فقد قال عند تفسيره لهاتين الآيتين وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ تدل على الصانع وقدرته وحكمته وتدبيره، حيث هي مدحوّة كالبساط ... وفيها المسالك والفجاج للمتقلبين فيها، والماشين في مناكبها.

وهي مجزأة: فمن سهل وجبل، وبر وبحر، وقطع متجاورات: من صلبة ورخوة، وطيبة وسبخة، وهي كالطروقة تلقح بألوان النبات ... وتسقى بماء واحد، ونفضل بعضها على بعض في الأكل، وكلها موافقة لحوائج ساكنيها.

في كل ذلك آيات لِلْمُوقِنِينَ أى: للموحدين الذين سلكوا الطريق السوى..

فازدادوا إيمانا على إيمانهم.

وَفِي أَنْفُسِكُمْ في حال ابتدائها وتنقلها من حال إلى حال، وفي بواطنها وظواهرها، من عجائب الفطر. وبدائع الخلق، ما تتحير فيه الأذهان، وحسبك بالقلوب، وما ركز فيها من العقول، وخصت به من أصناف المعاني، وبالألسن والنطق ومخارج الحروف، وما في تركيبها وترتيبها ولطائفها: من الآيات الدالة على حكمة المدبر.. فتبارك الله أحسن الخالقين .

( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) : قال قتادة : من تفكر في خلق نفسه عرف أنه إنما خلق ولينت مفاصله للعبادة .

وقوله ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: وفي سبيل الخلاء والبول في أنفسكم عِبرة لكم, ودليل لكم على ربكم, أفلا تبصرون إلى ذلك منكم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصاريّ, قال: ثنا أبو أُسامة, عن ابن جُرَيح, عن ابن المرتفع, قال: سمعت ابن الزُّبير يقول : ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) قال: سبيل الغائط والبول.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن جُريج, عن محمد بن المرتفع, عن عبد الله بن الزُّبير ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) قال: سبيل الخلاء والبول.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وفي تسوية الله تبارك وتعالى مفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالة لكم على أن خلقتم لعبادته.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) , وقرأ قول الله تبارك وتعالى وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ قال: وفينا آيات كثيرة, هذا السمع والبصر واللسان والقلب, لا يدري أحد ما هو أسود أو أحمر, وهذا الكلام الذي يتلجلج به, وهذا القلب أيّ شيء هو, إنما هو مضغة في جوفه, يجعل الله فيه العقل, أفيدري أحد ما ذاك العقل, وما صفته, وكيف هو.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: معنى ذلك: وفي أنفسكم أيضا أيها الناس آيات وعِبر تدلُّكم على وحدانية صانعكم, وأنه لا إله لكم سواه, إذ كان لا شيء يقدر على أن يخلق مثل خلقه إياكم ( أَفَلا تُبْصِرُونَ ) يقول: أفلا تنظرون في ذلك فتتفكروا فيه, فتعلموا حقيقة وحدانية خالقكم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[21] ﴿وَفي أَنفُسِكُم أَفَلا تُبصِرونَ﴾ من تفكر في خلقه علم أنما لينت مفاصله للعبادة.
اسقاط
[21] ﴿وَفي أَنفُسِكُم أَفَلا تُبصِرونَ﴾ تخيل لو وُكلت بأمر قلبك وتشغيله، هل يهنأ لك عيش؟!
تفاعل
[21] ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ كررها مرارًا وتأمل في نفسك لِتعلم عظمة الله في خلقه واشكره على نِعمه.
وقفة
[21] ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ قال بعض العلماء: «إن فيه خلق الإنسان خمسة آلاف حكمة»، وقال بعضهم: «الإنسان نسخة مختصرة من العالم كله».
وقفة
[21] ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ أي أن مجرد نظرة بصيرة في أجسامكم وأرواحكم، تدلكم على طريق الإيمان.
وقفة
[21] ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ لا ندري ما يحدث في أجسامنا من عمليات هضم وتنفس، وهي بداخلنا، والله وحده يرعها.
عمل
[21] ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾، ﴿أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ﴾ [البلد: 8، 9] تَأمَّلْ جميع النعَم الَّتي أنعَم اللهُ عليك بها وتذكَّر أن الله أخَذَها مِن غيرك، فاشْكُر ربَّك على ما أعطاك مِن نِعم، واستغلَّ هذهِ النعَم بِفعلِ ما يُرضِيه سُبحانه.
وقفة
[21] ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ ‏فمن الناس من تجده هينًا لينًا طليق الوجه مسرورًا، كل من رآه سرَّ بوجهه، وكل من جلس إليه زال عنه الغم والهم ‏ومن الناس من هو بالعكس قطوب، عبوس بمجرد ما تراه ولو كنت مسرورًا لأتاك الحزن والسوء.
وقفة
[21] نفس الإنسان تهتم وتضيق ولا يجد العقل سببًا لذلك، غيَّب الله عنه علم نفسه، ليُعلمه أنه في علم غيره أجهل ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾.
وقفة
[21] تأمل كيفية خلق الرأس، وكثرة ما فيه من العظام، حتى قيل إنها خمسة وخمسون عظمًا، مختلفة الأشكال والمقادير والمنافع، وكيف ركبه سبحانه وتعالى على البدن، وجعله عاليًا علو الراكب على مركوبه؟ ثم اقرأ قوله تعالى: ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾.
وقفة
[21] العجب كل العجب ممَّن يكون الهُدهُد أصدق منه في توحيده، والنمل أقوى منه في تنظيمه وحسن ظنِّه؛ ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾.
وقفة
[21] أكبر موقظ للإنسان من غفلته: أن يتذكر أصل خلقته ﴿وفي أنفسكم أفلا تبصرون﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ:
  • معطوفة بالواو على فِي الْأَرْضِ» وتعرب اعرابها وحذف المبتدأ اختصارا ولانه معلوم من السياق. بمعنى: وفي الارض دلائل عبر وفي خلقكم آيات اي دلائل وعظات تدل الموقنين على وجود الخالق. او يتعلق بتبصرون.
  • ﴿ أَفَلا تُبْصِرُونَ:
  • الالف ألف توبيخ بلفظ‍ استفهام والفاء زائدة-تزيينية-.لا: نافية لا عمل لها و «تبصرون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل اي أفلا تنظرون في انفسكم او أفلا تتفكرون وتتأملون في دليل وجود الخالق. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ٢- الأنفس، قال تعالى :
﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ

التفسير :

[22] وفي السماء رزقكم وما توعدون من الخير والشر والثواب والعقاب، وغير ذلك كله مكتوب مقدَّر.

{ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} أي مادة رزقكم، من الأمطار، وصنوف الأقدار، الرزق الديني والدنيوي،{ وَمَا تُوعَدُونَ} من الجزاء في الدنيا والآخرة، فإنه ينزل من عند الله، كسائر الأقدار.

ثم لفتة ثالثة للأنظار إلى الأسباب الظاهرة للرزق، تراها في قوله- تعالى-: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ.

أى: أن أرزاقكم مقدرة مكتوبة عنده- سبحانه- وهي تنزل إليكم من جهة السماء، عن طريق الأمطار التي تنزل على الأرض الجدباء. فتنبت بإذن الله من كل زوج بهيج.

كما قال- تعالى-: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً .

وقال- سبحانه-: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.

قال القرطبي: قوله: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ الرزق هنا: ما ينزل من السماء من مطر ينبت به الزرع، ويحيى به الإنسان ... أى: وفي السماء سبب رزقكم، سمى المطر سماء لأنه من السماء ينزل.

وقال سفيان الثوري: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ أى: عند الله في السماء رزقكم .

وقوله: وَما تُوعَدُونَ أى: وفي السماء محددة ومقدرة أرزاقكم. وما توعدون به من ثواب أو عقاب، ومن خير أو شر، ومن بعث وجزاء.

وما في محل رفع عطف على قوله رِزْقُكُمْ أى: وفي السماء رزقكم والذي توعدونه من ثواب على الطاعة، ومن عقاب على المعصية.

فالآية الكريمة وإن كانت تلفت الأنظار إلى أسباب الرزق وإلى مباشرة هذه الأسباب، إلا أنها تذكر المؤمن بأن يكون اعتماده على خالق الأسباب، وأن يراقبه ويطيعه في السر والعلن لأنه- سبحانه- هو صاحب الخلق والأمر.

ثم قال : ( وفي السماء رزقكم ) يعني : المطر ، ( وما توعدون ) يعني : الجنة . قاله ابن عباس ، ومجاهد وغير واحد .

وقال سفيان الثوري : قرأ واصل الأحدب هذه الآية : ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) فقال : ألا إني أرى رزقي في السماء ، وأنا أطلبه في الأرض ؟ فدخل خربة فمكث [ فيها ] ثلاثا لا يصيب شيئا ، فلما أن كان في اليوم الثالث إذا هو بدوخلة من رطب ، وكان له أخ أحسن نية منه ، فدخل معه فصارتا دوخلتين ، فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرق الموت بينهما .

وقوله ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ ) يقول تعالى ذكره: وفي السماء: المطر والثلج اللذان بهما تخرج الأرض رزقكم, وقوتكم من الطعام والثمار وغير ذلك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: ثنا النضر, قال: ثنا جُوَيبر, عن الضحاك, في قوله ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ ) قال: المطر.

حدثنا أبو كُريب, قال: ثنا ابن يمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد, في قوله ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) قال: الثلج, وكلّ عين ذائبة من الثلج لا تنقص.

حدثنا يونس بن عبد الأعلى, قال: ثنا سفيان, عن عبد الكريم, عن الحسن, قال: في السحاب فيه والله رزقكم, ولكنكم تحرمونه بخطاياكم وأعمالكم.

قال أخبرنا سفيان, عن إسماعيل بن أمية, قال: أحسبه أو غيره " أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سمع رجلا ومطروا, يقول: ومطرنا ببعض عثانين الأسد, فقال كَذَبْتَ, بَلْ هُوَ رِزقُ اللهِ" .

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن مجاهد ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) قال: رزقكم المطر.

قال: ثنا مهران, عن سفيان ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ ) قال: رزقكم المطر.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ومن عند الله الذي في السماء رزقكم, وممن تأوّله كذلك واصل الأحدب.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا هارون بن المُغيرة من أهل الرأي, عن سفيان الثوري, قال: قرأ واصل الأحدب هذه الآية ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) فقال: ألا إن رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض, فدخل خرِبة فمكث ثلاثا لا يصيب شيئا, فلما كان اليوم الثالث إذا هو بدوخلَّة رطب, وكان له أخ أحسن نية منه, فدخل معه, فصارتا دوخلَّتين, فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرّق الموت بينهما.

واختلف أهل التأويل في تأويل, قوله ( وَمَا تُوعَدُونَ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: وما توعدون من خير, أو شرّ.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن مجاهد ( وَمَا تُوعَدُونَ ) قال: وما توعدون من خير أو شرّ.

حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) يقول: الجنة في السماء, وما توعدون من خير أو شرّ.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما توعدون من الجنة والنار.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: ثنا النضر, قال: أخبرنا جويبر, عن الضحاك, في قوله ( وَمَا تُوعَدُونَ ) قال: الجنة والنار.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ، ( وَمَا تُوعَدُونَ ) من الجنة.

وأولى القولين بالصواب في ذلك عندي, القول الذي قاله مجاهد, لأن الله عمّ الخبر بقوله ( وَمَا تُوعَدُونَ ) عن كلّ ما وعدنا من خير أو شرّ, ولم يخصص بذلك بعضا دون بعض, فهو على عمومه كما عمه الله جلّ ثناؤه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ﴾ الرزق مرفوع لكي لا تذل رقبتك بالانحناء، ولا قلبك بالتلفت والعناء.
وقفة
[22] ﴿وفي السماء رزقكم﴾، ﴿يرزقكم من السماء﴾ [يونس: 31]، ﴿يدبر الأمر من السماء﴾ [السجدة: 5]، حقائق قرآنية تخبرنا أن العطايا لا تبدأ من الأرض، فلا نـتطلع لغير السماء.
عمل
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ عش يومك، ولا تبالغ في تحمل الهموم.
عمل
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ كل ما تحتاجه ستجده عند رب السماء؛ ألِحّ الدعاء فالأمنيات ستَهطُل عليك قريبًا بإذن الله.
عمل
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ قال أحد السلف: «اعبد الله كما أمرك، يرزقك كما وعدك».
عمل
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ ثِق به كما أمَرك يساق لك رزقك كما وَعدك.
وقفة
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ الرزق: أمر وتقدير أزليٌّ مكتوب في اللوح المحفوظ.
وقفة
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ إن الله هو الرزاق، إذا لم يكتب الرزاق الرزق فالشهادة الجامعية وغيرها ليست بشيء، ويجب تصحيح هذا المفهوم.
عمل
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ كل ما ترتجيه من إزاحة ألم، وتحقيق أمل، وكشف هم، وتفريج كرب، هو في السماء؛ فارفع نحو السماء طرفك، وقل: يا رب.
وقفة
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ غلاء السعر ورخصه لا يغير رزقًا قد كتبه الله لك وأنت في بطن أمك، ولو كان الرزق في اﻷرض لهلك الناس، ولكنه في السماء.
وقفة
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ رزقك في السماء لن يستطيع أحد من الخلق أن يصل إليه ليمنعه.
وقفة
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ أي لا يشغلك طلب الرزق عن عبادتي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ اللّهَ تَعَالَى يَقُولُ: «يَا ابْنَ آدم، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلاَ تَفْعَلْ مَلأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا وَلَمْ أسُدَّ فَقْرَكَ» [أحمد 2/358، وصححه الألباني].
عمل
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ رزقك أصله عند الله في السماء، وبثَّ أسبابه لك في الأرض؛ فاعتقد بقلبك وجود أصله، واطلب بجوارحك أسبابه.
عمل
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ إذا شعرت بنقص الرزق؛ فارفع رأسك للسماء، واسأل الكريم واستغفره.
عمل
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ على كل الظروف المالية التي تمر بها لا تشكيها إلا للرزَّاق، وتذكر أنك أفضل حالًا من غيرك.
وقفة
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ قال العلامة بن باز: «لما فقدتُ بصري وأنا صغير، سمعت خالتي تقول لأمي وهي تظن أني نائم: مسكين عبد العزيز، كيف سيحصل على وظيفة يعيش منها؟!»، لم يعلموا أن من عاش لله أغناه.
عمل
[22] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ أسبابُ الرزق في الأرض ظاهرةٌ, ولكنَّها في الحقيقة في السماء, بيد مدبِّر الأسباب ومقسِّم الأرزاق, فادعُ الذي في السماء تُفتح لك خزائنُ الأرض.
عمل
[22] اعلم أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل برزقك ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾.
عمل
[22] اطمئنَّ، لن يستطيعَ أيُّ مخلوقٍ أن يقطعَ رزقَك ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾.
عمل
[22] تذكَّر أن عليك أن تعبده كما أمَرك وعليه تفضُّلًا أن يرزقك كما وعدك، قال ﷻ: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾.
عمل
[22] لا تقلق فإن رزقك الذي تسلمته في الأرض إنما مصدره من السماء وحسب، وما أهل الأرض في رزقك إلا وسائط ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾.
وقفة
[22] من الأشياء المطمئنة أن الرزق ليس بالأرض مهما تعددت القرارات، الرزق في السماء، اللهم ارزقنا من لدنك رزقًا حسنًا ﴿وفي السماء رزقكم وماتوعدون﴾.
عمل
[22] إذا سمعتم أو قرأتم: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾؛ ترفعوا عن أهل الأرض، فحاجتكم ليست عندهم؛ مهما كانت مناصبهم ونفوذهم.
اسقاط
[22] كل من يشتكي من قلة الرزق: أين قلبك عن هذه الآية: ﴿وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾.
وقفة
[20-22] ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ ... وَفِي أَنفُسِكُمْ ... وَفِي السَّمَاءِ ...﴾ المتفكر؛ كل السبل تقوده إلى الله.
وقفة
[22، 23] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ هل يشك أحد أنه يتكلم؟! يقينك بالرزق كيقينك بالنطق.
وقفة
[22، 23] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ والله إنه لحق يقسم بنفسه سبحانه أن الرزق بيده لتنقطع العلائق بالخلائق.
وقفة
[22، 23] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ سمع أعرابي هـذه الآية فبكى وقال: «أغضبوه حتى أقسم».
وقفة
[22، 23] ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ كما أن كل إنسان ينطق بلسان نفسه لا يمكنه أن ينطق بلسان غيره، فكذلك كل إنسان يأكل رزق نفسه الذي قسم له، ولا يقدر أن يأكل رزق غيره.
وقفة
[22، 23] لقد أقسم ربنا في كتابه بكثير من مخلوقاته؛ أقسم بالشمس وضحاها، وأقسم بالليل، وبالفجر، فلما ذكر الرزق أقسم بذاته جل جلاله فقال: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ:
  • الواو عاطفة. في السماء: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. رزق: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. الرزق: هو المطر لانه سبب الاقوات. او وفي السماء اسباب رزقكم.
  • ﴿ وَما تُوعَدُونَ:
  • الواو عاطفة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع لانه معطوف على مرفوع وهو «رزقكم».توعدون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.وجملة «توعدون» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع- الى الموصول الجار محذوف. التقدير: وما توعدون به في العقبى. بمعنى ما ترزقونه في الدنيا وما توعدونه له كله مقدر مكتوب في السماء. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ٣- السماء، قال تعالى:
﴿ وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

رزقكم:
وقرئ:
أرزاقكم، على الجمع، وهى قراءة ابن محيصن.

مدارسة الآية : [23] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ ..

التفسير :

[23] أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة إنَّ ما وعدكم به حق، فلا تَشُكُّوا فيه كما لا تَشُكُّون في نطقكم.

فلما بين الآيات ونبه عليها تنبيهًا، ينتبه به الذكي اللبيب، أقسم تعالى على أن وعده وجزاءه حق، وشبه ذلك، بأظهر الأشياء [لنا] وهو النطق، فقال:{ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} فكما لا تشكون في نطقكم، فكذلك لا ينبغي الشك في البعث بعد الموت

ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات بهذا القسم فقال: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ.

والضمير في قوله إِنَّهُ يعود إلى ما سبق الإخبار عنه من أمر البعث والحساب والجزاء والرزق.. وغير ذلك مما يدل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به عن ربه.

ولفظ «مثل» منصوب بنزع الخافض، و «ما» مزيدة للتأكيد أى: فوحق رب السماء والأرض، إن جميع ما ذكرناه لكم في هذه السورة، أو في هذا القرآن، حق ثابت لا مرية فيه، كمثل نطقكم الذي تنطقونه بألسنتكم دون أن تشكوا في كونه قد صدر عنكم لا عن غيركم.

فالمقصود بالآية الكريمة، تأكيد صدق ما أخبر به الله- تعالى- عباده في هذه السورة وغيرها، لأن نطقهم بألسنتهم حقيقة لا يجادل فيها مجادل، وكذلك ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند ربه، وما تلاه عليهم في هذه السورة وغيرها، حق ثابت لا ريب فيه.

وهكذا نرى هذه الآيات قد بشرت المتقين بألوان من البشارات، ثم لفتت عقول الناس إلى ما في الأرض وإلى ما في أنفسهم وإلى ما في السماء من عظات وعبر.

ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن قصص بعض الأنبياء السابقين فبدأت بجانب من قصة إبراهيم- عليه السلام- مع الملائكة الذين جاءوا لبشارته بابنه إسحاق، فقال- تعالى:

وقوله : ( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ) يقسم تعالى بنفسه الكريمة أن ما وعدهم به من أمر القيامة والبعث والجزاء ، كائن لا محالة ، وهو حق لا مرية فيه ، فلا تشكوا فيه كما لا تشكوا في نطقكم حين تنطقون . وكان معاذ ، رضي الله عنه إذا حدث بالشيء يقول لصاحبه : إن هذا لحق كما أنك هاهنا .

قال مسدد ، عن ابن أبي عدي ، عن عوف ، عن الحسن البصري قال : بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " قاتل الله أقواما أقسم لهم ربهم ثم لم يصدقوا " .

ورواه ابن جرير ، عن بندار ، عن ابن أبي عدي ، عن عوف ، عن الحسن ، فذكره مرسلا .

القول في تأويل قوله تعالى : فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)

يقول تعالى ذكره مقسما لخلقه بنفسه: فوربّ السماء والأرض, إن الذي قلت لكم أيها الناس: إن في السماء رزقكم وما توعدون لحقّ, كما حقّ أنكم تنطقون.

وقد حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا ابن أبي عدي, عن عوف, عن الحسن, في قوله ( فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) قال: بلغني أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " قاتل الله أقواما أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدّقوه " وقال الفرّاء: للجمع بين " ما " و " إنّ" في هذا الموضع وجهان: أحدهما: أن يكون ذلك نظير جمع العرب بين الشيئين من الأسماء والأدوات, كقول الشاعر في الأسماء:

مِــنَ النَّفَـرِ اللائِـي الَّـذِينَ إذَا هُـمُ

يَهـابُ اللِّئـامُ حَلْقَـةَ البـاب قَعْقَعُـوا (5)

فجمع بين اللائي والذين, وأحدهما مجزئ من الآخر; وكقول الآخر في الأدوات:

مــا إنْ رأيْــتُ وَلا سَــمِعْتُ بِـهِ

كــالْيَوْمِ طــالِيَ أيْنُــقٍ جُــرْبِ (6)

فجمع بين " ما " و بين " إن ", وهما جحدان يجزئ أحدهما من الآخر. وأما الآخر: فهو لو أن ذلك أفرد بما, لكان خبرا عن أنه حقّ لا كذب, وليس ذلك المعنيّ به. وإنما أُريد به: أنه لحقّ كما حقّ أن الآدميّ ناطق. ألا يرى أن قولك: أحق منطقك, معناه: أحقّ هو أم كذب, وأن قولك أحق أنك تنطق معناه للاستثبات لا لغيره, فأدخلت " أن " ليفرّق بها بين المعنيين, قال: فهذا أعجب الوجهين إليّ.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة ( مِثْلَ مَا ) نصبا بمعنى: إنه لحقّ حقا يقينا كأنهم وجهوها إلى مذهب المصدر. وقد يجوز أن يكون نصبها من أجل أن العرب تنصبها إذا رفعت بها الاسم, فتقول: مثل من عبد الله, وعبد الله مثلك, وأنت مثلُه, ومثلَهُ رفعا ونصبا. وقد يجوز أن يكون نصبها على مذهب المصدر, إنه لحقّ كنطقكم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة, وبعض أهل البصرة رفعا " مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ " على وحه النعت للحقّ.

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار, متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

-----------------------

الهوامش :

(5) هذا البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 311 ) على أن العرب قد تجمع بين الشيئين من الأسماء والأدوات إذا اختلف لفظهما ، مثل اللائي والذين ، فإنهما بمعنى واحد ، وأحدهما يجزئ عن الآخر ، كما في قوله تعالى " إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون " فقد جمع بين " ما " و " أن " . وقد نقل المؤلف بقية كلام الفراء في توجيه ذلك الجمع بين اللفظين . واستشهد به النحويون على مثل ما استشهد به الفراء . وانظر تفصيل الكلام على البيت في خزانة الأدب الكبرى للبغدادي ( 2 : 529 - 534 ) وقد نسب البيت لأبي الربيس الثعلبي . وروايته كما في شعره ( في الخزانة 532 ) :

مـن النفـر البيـض الـذين إذا انتموا

وهـاب الرجـال حلقـة الباب فعقعوا

يمدح عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وهو صاحب الناقة التي سرقها أبو الربيس ومدح صاحبها وروى الجاحظ في البيان والتبيين أن الأبيات التي منها بيت الشاهد قالها شاعر يمدح بها أسيلم بن الأحنف الأسدي ، قال : وكان ذا بيان وأدب وعقل وجاه ، وهو الذي يقول فيه الشاعر ... الأبيات . وقال الزبير بن بكار في أنساب قريش : إن أبا الربيس عباد بن طهفة الثعلبي قال لعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ... الأبيات وفيها البيت :

مـن النفـر الشـم الـذين إذا ابتـدوا

وهـاب اللئـام حلقـة البـاب قعقعـوا

(6) هذا البيت من كلام دريد بن الصمة فارس جشم ، وكان جاء إلى عمرو بن الشريد السلمي يخطب إليه ابنته الخنساء ، وكانت تهنأ بالقطران إبلا لأبيها ، فلما رآها قال أبياتًا يصفها ، ومنها :

أخُنــاس قَــدْ هــامَ الفُـؤَاد بكُـمْ

وأصَابَـــهُ تَبْــلٌ مِــنَ الْحــبّ

فلما أخبرها أبوها بما جاء له فارس جشم ، رغبت عنه ، لكبر سنه ، ورغبت في بني أعمامها .

انظر القصة في ترجمة الخنساء في الأغاني لأبي الفرج ) والشاهد في هذا البيت كما قال الفراء في معاني القرآن : إن العرب قد تجمع بين الشيئين من الأسماء والأدوات . إذا اختلف لفظهما ، مثل جمع الشاعر بين " ما " و " إن " في هذا البيت ، للتوكيد . وكما في قوله تعالى : " إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون " . فما مصدريه ، وكذلك إن حرف يؤول ما بعده مصدر ، وكان في أحدهما غنية عن الآخر .

التدبر :

وقفة
[23] ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ سمعها أعرابي فبكى وقال: «أغضبوه بأفعالهم حتى أقسم لهم أن رزقهم عنده، وليس عند الخلق».
وقفة
[23] ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ أقسم سبحانه أعظم قسَمٍ، بأعظم مُقسَمٍ به، على أجلِّ مُقسَمٍ عليه، وأكَّد الإخبار به بهذا القسَم، ثم أكَّدَه سبحانه بشبهه بالأمر المحَقَّق الذي لا يشكُّ فيه ذو حاسَّة سليمة.
وقفة
[23] ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ إن رزقك أيها الإنسانُ مقدّرٌ مقسومٌ, وهو لك حقٌّ مؤكَّدٌ مضمونٌ, فما عليك سوي الدأب لكسبه بالحلال, وإن قُطِع عنك من طريقِ؛ أتاك من غير طريقٍ وطريقِ.
وقفة
[23] ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ كل ما جاء في هذا الكتاب من خبر فهو حق مثل ما أنكم تنطقون بألسنتكم، وتتحدثون مع بعضكم، وهو أمر محسوس لديكم، كذلك هو عند الله.
وقفة
[23] كان أحد السلف إذا تلا: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ بكى، وقال: «من أغضب الجليل حتى حلف على هذا، ونحن نصدقه بلا حلف».
وقفة
[23] التدبر لا يحتاج شهادات ودراسات عليا؛ سمع أعرابي: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ فقال: «من ذا الذي أغضب الجليل حتى أقسم».

الإعراب :

  • ﴿ فَوَ رَبِّ:
  • الفاء استئنافية. الواو: واو القسم حرف جر. رب: مقسم به مجرور بواو القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف
  • ﴿ السَّماءِ وَالْأَرْضِ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والارض: معطوفة بالواو على «السماء» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة.
  • ﴿ إِنَّهُ لَحَقٌّ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل واقع في جواب القسم والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» بمعنى ان هذا الامر او قولنا: وفي السماء رزقكم وما توعدون. والجملة المؤولة من «إنّ» مع اسمها وخبرها: جواب القسم لا محل لها.
  • ﴿ مِثْلَ ما:
  • صفة-نعت-لمصدر محذوف بتقدير لحق حقا مثل. او منصوب على الحال من نكرة على خلاف القاعدة او هو مبني على الفتح لاضافته الى غير متمكن. ما: زائدة لا محل لها.
  • ﴿ أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ:
  • حرف مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسمها والميم علامة جمع الذكور.تنطقون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «تنطقون» في محل رفع خبر «أن» و «أن» واسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل جر بالاضافة. التقدير: مثل نطقكم. و «كم» مع جملة «تنطقون» صلة «أن» لا محل لها من الاعراب. بمعنى فهل تشكون في نطقكم؟ فينبغي ان لا تشكوا كذلك في ان رزقكم في السماء وما توعدون. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ سُبحانَه الآياتِ، ونَبَّه عليها تنبيهًا يَنتَبِهُ به الذَّكيُّ اللَّبيبُ؛ أقسَمَ تعالى على أنَّ وَعْدَه وجَزاءَه حَقٌّ، وشَبَّه ذلك بأظهَرِ الأشياءِ لنا، وهو النُّطقُ: كما لا تَشُكُّونَ في نُطقِكم، فكذلك لا يَنبغي الشَّكُّ في البَعثِ بعدَ المَوتِ، قال تعالى:
﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تَنْطِقُونَ مثل:
1- بالرفع، صفة لقوله «الحق» ، وهى قراءة حمزة، والكسائي، وأبى بكر، والحسن، وابن أبى إسحاق، والأعمش، بخلاف عن ثلاثتهم.
2- بالنصب، وهى قراءة باقى السبعة، والجمهور.

مدارسة الآية : [24] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ..

التفسير :

[24] هل أتاك -أيها الرسول- حديث ضيف إبراهيم الذين أكرمهم -وكانوا من الملائكة الكرام-

يقول تعالى:{ هَلْ أَتَاكَ} أي:أما جاءك{ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} ونبأهم الغريب العجيب، وهم:الملائكة، الذين أرسلهم الله، لإهلاك قوم لوط، وأمرهم بالمرور على إبراهيم، فجاؤوه في صورة أضياف.

وهذه القصة التي تحكى لنا هنا ما دار بين إبراهيم- عليه السلام- وبين الملائكة الذين جاءوا لبشارته بابنه إسحاق، ولإخباره بإهلاك قوم لوط، قد وردت قبل ذلك في سورتي هود والحجر.

وقد افتتحت هنا بأسلوب الاستفهام هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ للإشعار بأهمية هذه القصة، وتفخيم شأنها، وبأنها لا علم بها إلا عن طريق الوحى ... وقيل إن هل هنا بمعنى قد.

والمعنى: هل أتاك- أيها الرسول الكريم- حديث ضيف إبراهيم المكرمين؟ إننا فيما أنزلناه عليك من قرآن كريم، نقص عليك قصتهم بالحق الذي لا يحوم حوله باطل، على سبيل التثبيت لك، والتسلية لقلبك.

والضيف في الأصل مصدر بمعنى الميل، يقال ضاف فلان فلانا إذا مال كل واحد منهما نحو الآخر، ويطلق على الواحد والجماعة. والمراد هنا: جماعة الملائكة الذين قدموا على إبراهيم- عليه السلام- وعلى رأسهم جبريل، ووصفهم بأنهم كانوا مكرمين، لإكرام الله- تعالى- لهم بطاعته وامتثال أمره. ولإكرام إبراهيم لهم، حيث قدم لهم أشهى الأطعمة وأجودها.

قال الآلوسى: قيل: كانوا اثنى عشر ملكا وقيل: كانوا ثلاثة: جبريل وإسرافيل وميكائيل. وسموا ضيفا لأنهم كانوا في صورة الضيف، ولأن إبراهيم- عليه السلام- حسبهم كذلك، فالتسمية على مقتضى الظاهر والحسبان.

وبدأ بقصة إبراهيم وإن كانت متأخرة عن قصة عاد، لأنها أقوى في غرض التسلية .

هذه القصة قد تقدمت في سورة " هود " و " الحجر " أيضا . وقوله : ( هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ) أي : الذين أرصد لهم الكرامة . وقد ذهب الإمام أحمد وطائفة من العلماء إلى وجوب الضيافة للنزيل ، وقد وردت السنة بذلك كما هو ظاهر التنزيل .

القول في تأويل قوله تعالى : هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , يخبره أنه محلّ بمن تمادى في غيه, وأصرّ على كفره, فلم يتب منه من كفار قومه, ما أحلّ بمن قبلهم من الأمم الخالية, ومذكرا قومه من قريش بإخباره إياهم أخبارهم وقصصهم, وما فعل بهم, هل أتاك يا محمد حديث ضيف إبراهيم خليل الرحمن المكرمين.

يعني بقوله ( الْمُكْرَمِينَ ) أن إبراهيم عليه السلام وسارة خدماهم بأنفسهما.

وقيل: إنما قيل ( الْمُكْرَمِينَ ) كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ) قال: أكرمهم إبراهيم, وأمر أهله لهم بالعجل حينئذ.

التدبر :

وقفة
[24] ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ﴾ إشارة إلى الملائكة المكرمين؛ لأنهم كذلك عند الله، أو إشارة إلى إكرام إبراهيم لهم.
وقفة
[24] ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ﴾ ترد القصة في القرآن كثيرًا لما لها من أثر، تشد الانتباه، تدعو للتأمل، تحوي رسائل لكل الفئات.
وقفة
[24] ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ﴾ ليس كالسَّخاء خَلَّةٌ يكسِبُ بها الداعيةُ قلوبَ الناس؛ طمعًا في صلاحهم وهدايتهم.
وقفة
[24] ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ﴾ سماهم ضيف (اسم جنس) إشارة إلى اهتمام إبراهيم عليه السلام بجميع ضيوفه على حد سواء، فلم يقدم أحدًا على أحد، وهكذا ينبغي الاهتمام بالضيوف في المساواة في الترحيب بهم جميعًا.
وقفة
[24] عظم قصة إبراهيم عليه السلام وما فيها من العبر ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ﴾.
عمل
[24] ادع أحد زملائك إلى المنزل وأكرمه ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ هَلْ أَتاكَ:
  • حرف استفهام لا عمل له. أتى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم.
  • ﴿ حَدِيثُ ضَيْفِ:
  • فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. ضيف: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف اي ضيوف ابراهيم وهو يطلق على الواحد والجماعة لانه في الاصل مصدر «ضاف» يضيف ضيفا وجعلهم ضيفا وهم الملائكة لانهم كانوا في صورة الضيف حيث اضافهم.
  • ﴿ إِبْراهِيمَ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لانه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة.
  • ﴿ الْمُكْرَمِينَ:
  • صفة-نعت-لضيف مجرورة مثلها وعلامة جرها الياء لانها جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

الحجر: 51﴿وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ
الذاريات: 24﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     وبعد المواعظ ودلائل التوحيد؛ تنتقل الآيات إلى الاعتِبارِ بأحوال الأمم السابقة، فذكرَ اللهُ باختصار ست قصص من قصص الأنبياء، وبدأ بالقصة الأولى: قصة إبراهيم عليه السلام معَ الملائكةِ الذينَ مرُّوا بهِ في صورةِ أضيافٍ في طريقهم لإهلاكِ قريةِ لوطٍ (القصة الثانية)، قال تعالى :
﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

المكرمين:
وقرئ:
بالتشديد، وهى قراءة عكرمة.

مدارسة الآية : [25] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا ..

التفسير :

[25] حين دخلوا عليه في بيته، فحيَّوه قائلين له:سلاماً، فردَّ عليهم التحية قائلاً:سلام عليكم، أنتم قوم غرباء لا نعرفكم.

{ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ} مجيبًا لهم{ سَلَامٌ} أي:عليكم{ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} أي:أنتم قوم منكرون، فأحب أن تعرفوني بأنفسكم، ولم يعرفهم إلا بعد ذلك.

والظرف في قوله: إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ.. متعلق بلفظ حَدِيثُ السابق.

أى: هل بلغك حديثهم الواقع في وقت دخولهم عليه.. أو بمحذوف تقديره: اذكر، أى:

اذكر وقت أن دخلوا عليه فَقالُوا سَلاماً، أى: فقالوا نسلم عليك سلاما.

قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أى: قال إبراهيم في جوابه عليهم: عليكم سلام، أنتم قوم منكرون أى: غير معروفين لي قبل ذلك.

قال صاحب الكشاف: أنكرهم للسلام الذي هو علم الإسلام، أو أراد أنهم ليسوا من معارفه، أو من جنس الناس الذين عهدهم.. أو رأى لهم حالا وشكلا خلاف حال الناس وشكلهم، أو كان هذا سؤالا لهم، كأنه قال: أنتم قوم منكرون فعرفوني من أنتم.. .

وقيل: إن إبراهيم قد قال ذلك في نفسه، والتقدير: هؤلاء قوم منكرون، لأنه لم يرهم قبل ذلك.

وقال إبراهيم في جوابه عليهم سَلامٌ بالرفع، لإفادة الدوام والثبات عن طريق الجملة الاسمية، التي تدل على ذلك، وللإشارة إلى أدبه معهم، حيث رد على تحيتهم بأفضل منها.

وقوله : ( قالوا سلاما قال سلام ) : الرفع أقوى وأثبت من النصب ، فرده أفضل من التسليم ; ولهذا قال تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) [ النساء : 86 ] ، فالخليل اختار الأفضل .

وقوله : ( قوم منكرون ) : وذلك أن الملائكة وهم : جبريل وإسرافيل وميكائيل قدموا عليه في صور شبان حسان عليهم مهابة عظيمة ; ولهذا قال : ( قوم منكرون ) .

وقوله ( إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ ) يقول: حين دخل ضيف إبراهيم عليه, فقالوا له سلاما: أي أسلموا إسلاما, قال سلام.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة, قال ( سَلامٌ ) بالألف بمعنى قال: إبراهيم لهم سلام عليكم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ( سِلْمٌ ) بغير ألف, بمعنى, قال: أنتم سلم.

وقوله ( قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ) يقول: قوم لا نعرفكم, ورفع ( قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) بإضمار أنتم.

التدبر :

وقفة
[25] ﴿إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ﴾ لم يذكر استئذانهم، كان ﷺ قد عرف بإكرام الضيفان، لا يحتاج إلى الاستئذان، وهذا غاية ما يكون من الكرم؛ كذلك كونوا يا اتباع الأنبياء.
وقفة
[25] ﴿إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ﴾ قال صاحب الكشاف: «أنكرهم للسلام الذي هو علم الإسلام، أو أراد أنهم ليسوا من معارفه، أو من جنس الناس الذين عهدهم، أو رأي لهم حالًا وشكلًا خلاف حال الناس وشكلهم، أو كان هذا سؤالًا لهم، كأنه قال: أنتم قوم منكرون فعرِّفوني من أنتم».
لمسة
[25] ﴿فَقَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ﴾ حياهم أحسن من تحيتهم، فإن قولهم (سَلَامًا) بالنصب يدل على سلمنا سلامًا، وقوله (سَلَامٌ) بالرفع أي سلامٌ عليكم.
وقفة
[25] ﴿سَلَامًا﴾ مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره نسلِّم سلامًا، و﴿سَلَامٌ﴾ مبتدأ خبره محذوف تقديره سلام عليكم، وفيها أعاريب أخرى، لكن هذا أشهرها.
لمسة
[25] ﴿قَوْمٌ مُّنكَرُونَ﴾ بنى الفعل للمفعول وحذف فاعله، فقال: (مُّنكَرُونَ)، ولم يقل: (إني أنكركم)، وهو أحسن في هذا المقام، وأبعد من التنفير والمواجهة بالخشونة.
وقفة
[25، 26] ﴿قوم منكرون * فراغ إلى أهله فجاء بعجلٍ سمين﴾ عجل سمين وهو لم يعرفهم! فكيف لو كان يعرفهم؟ الكَرَمُ عنوان المصلحين.

الإعراب :

  • ﴿ إِذْ:
  • ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بالمكرمين على تفسير اكرام ابراهيم لهم أو فيما في «ضيف» من معنى الفعل.او يكون اسما في محل نصب مفعولا به بفعل محذوف تقديره اذكر. وجملة دَخَلُوا عَلَيْهِ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. عليه: جار ومجرور متعلق بفعل «دخلوا».فقالوا: معطوفة بالفاء على «دخلوا» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ سَلاماً:
  • مصدر «مفعول مطلق» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ساد مسد الفعل مستغن به عنه واصله: نسلم عليكم سلاما. ويجوز ان يكون منصوبا بقالوا.
  • ﴿ قالَ سَلامٌ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والجملة الاسمية بعده في محل نصب مفعول به-مقول القول-.سلام: معدول به الى الرفع على الابتداء مرفوع بالضمة وخبره محذوف معناه عليكم سلام. وجملة «قال سلام عليكم» استئنافية لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ:
  • خبر مبتدأ محذوف تقديره انتم قوم مرفوع بالضمة.منكرون: صفة-نعت-لقوم مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الواو لانها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد اي غير معروفين. انكرهم لانهم ليسوا من معارفه او من جنس الناس الذين عهدهم لان لهم حالا وشكلا خلاف حال الناس وشكلهم هذا ما فسره الزمخشري واضاف كأنه قال:انتم قوم منكرون فعرفوني من أنتم؟ '

المتشابهات :

الحجر: 52﴿ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ
الذاريات: 25﴿ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     ولَمَّا أرسلَ اللهُ الملائكةِ، ومرُّوا بإبراهيم عليه السلام في صورةِ أضيافٍ؛ دخلوا بيته، وحيَّوه، وردَّ عليهم التحية، قال تعالى:
﴿ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

سلاما ... سلام:
1- سلاما، بالنصب، على المصدر الذي سد مسد فعله المستغنى به، و «سلام» بالرفع، مبتدأ، والخبر محذوف، تقديره: عليكم سلام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- سلاما ... سلم، بكسر السين فى الثانية وإسكان اللام مع الرفع، وهى قراءة ابن وثاب، والنخعي، وابن جبير، وطلحة.
3- سلاما ... سلما، بنصبهما.

مدارسة الآية : [26] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ ..

التفسير :

[26] فعَدَلَ ومال خفية إلى أهله، فعمد إلى عجل سمين فذبحه، وشواه بالنار،

ولهذا راغ إلى أهله أي:ذهب سريعًا في خفية، ليحضر لهم قراهم،{ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ}

ثم بين- سبحانه- ما فعله إبراهيم بعد ذلك فقال: فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ أى: فذهب إلى أهله في خفية من ضيوفه. فجاء إليهم بعجل ممتلئ لحما وشحما.

يقال: راغ فلان إلى كذا، إذا مال إليه في استخفاء وسرعة.

وقوله : ( فراغ إلى أهله ) أي : انسل خفية في سرعة ، ( فجاء بعجل سمين ) أي : من خيار ماله . وفي الآية الأخرى : ( فما لبث أن جاء بعجل حنيذ ) [ هود : 69 ] أي : مشوي على الرضف

وقوله ( فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ ) يقول: عدل إلى أهله ورجع. وكان الفرّاء يقول: الروغ وإن كان على هذا المعنى فإنه لا ينطق به حتى يكون صاحبه مخفيا ذهابه أو مجيئه, وقال: ألا ترى أنك تقول قد راغ أهل مكة وأنت تريد رجعوا أو صدروا, فلو أخفى راجع رجوعه حسنت فيه راغ ويروغ.

وقوله ( فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ) يقول: فجاء ضيفَه بعجل سمين قد أنضجه شيًا.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ) قال: كان عامة مال نبيّ الله إبراهيم عليه السلام البقر.

التدبر :

وقفة
[26] ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ﴾ الروغان هو الذهاب في اختفاء بحيث لا يكاد يشعر به، وهذا من كرم رب المنْزل الْمُضِيف: أن يذهب في اختفاء بحيث لا يكاد يشعر به الضيف فيشق عليه ويستحي، فلا يشعر به إلا وقد جاءه بالطعام، بخلاف من يسمع ضيفه ويقول له أو لمن حضر: مكانكم حتى آتيكم بالطعام، ونحو ذلك مما يوجب حياء الضيف واحتشامه.
وقفة
[26] ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ﴾ الروغان: الذهاب في اختفاء بحيث لا يكاد يشعر به الضيف، وهذا من كرم رب المنزل المضيف أن يذهب في اختفاء، بحيث لا يشعر به الضيف.
وقفة
[26] ﴿فَراغَ إِلى أَهلِهِ فَجاءَ بِعِجلٍ سَمينٍ﴾ في الآية ترغيب في أن يكون أهل الإنسان -ومن يتولى شئون بيته- حازمين، مستعدين لكل ما يراد منهم من الشئون والقيام بمهمات البيت، فإن إبراهيم في الحال بادر إلى أهله، فوجد طعام ضيوفه حاضرًا لا يحوج إلا إلى تقديمه.
وقفة
[26] ﴿فَراغَ إِلى أَهلِهِ فَجاءَ بِعِجلٍ سَمينٍ﴾ فيه ثلاثة أنواع من المدح: 1- خدمة ضيفه بنفسه. 2- أنه جاءهم بحيوانٍ تام؛ ليتخيروا من أطايب لحمه ما شاؤوا. 3- أنه سمين؛ ليس بمهزول.
وقفة
[26] ﴿فَراغَ إِلى أَهلِهِ فَجاءَ بِعِجلٍ سَمينٍ﴾ المبادرة والإسراع بتجهيز طعام لضيوف من علامات الكرم.
وقفة
[26] ﴿فَراغَ إِلى أَهلِهِ فَجاءَ بِعِجلٍ سَمينٍ﴾ تأملوا الكرم: عجل وسمين، وهكذا وفادة الكرام من أهل دارٍ كرام.
وقفة
[26] ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ ذهب مسرعًا مختفيًا وجاء بالذي يسر، هكذا الكرام يفاجئون الضيوف.
وقفة
[26] ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ الضيف يُكرم لا يشاور ولا يستأذن، أكرم إبراهيم الملائكة ولو استأذنهم لامتنعوا لأنهم لا يأكلون.
وقفة
[26] ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ أي ذهب خفية دون أن يشعرهم، بخلاف ما يفعله البعض، إذا نزل به ضيف أشعره أنه سيكرمه فيمنعه، وهذا ليس من الكرم في شيء.
وقفة
[26] ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ المبادرةُ إلي إكرام الضَّيف, والقيامُ علي خِدمته, والتلطُّفُ في دعوته, وإيثارُه بخير الزَّاد دَيدَنُ النبلاء.
وقفة
[26] ﴿فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ دل على خدمته للضيف بنفسه، وهو الذي ذهب وجاء به بنفسه، ولم يبعثه مع خادمه، وهذا أبلغ في إكرام الضيف.
وقفة
[26] ﴿فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ جاء بعجل كامل ولم يأت ببضعة منه، وهذا من تمام كرمه ﷺ.
وقفة
[26] ﴿فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ إنه سمين لا هزيل، ومعلوم أن ذلك من أفخر أموالهم، ومثله يتخذ للاقتناء والتربية، فآثر به ضيفانه.
وقفة
[26، 27] ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ﴾ من آداب الضيافة أن تكرم ضيفك وتقدِّم له أجود أنواع الطعام.
وقفة
[26، 27] ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ﴾ متضمن وجوهًا من المدح، وآداب الضيافة، وإكرام الضيف.
وقفة
[26، 27] الضيف يُكرم لا يشاور ولا يستأذن، أكرم إبراهيم الملائكة ولو استأذنهم لامتنعوا لأنهم لا يأكلون ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَراغَ:
  • الفاء استئنافية. راغ: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي فذهب في خفية من ضيوفه وهو من آداب الضيافة.
  • ﴿ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ:
  • جار ومجرور متعلق براغ والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. فجاء: معطوفة بالفاء على «راغ» وتعرب اعرابها. اي فجاء ضيوفه وحذف المفعول اختصارا لانه معلوم.
  • ﴿ بِعِجْلٍ سَمِينٍ:
  • جار ومجرور متعلق بجاء. سمين: صفة-نعت-لعجل مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. '

المتشابهات :

الصافات: 91﴿ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ
الذاريات: 26﴿ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     وبعد أن دخلوا وسَلَّمُوا؛ أسرعَ إبراهيمُ عليه السلام غايةَ الإسراعِ في إحضارِ ما ينبغي للضيف، ظنًّا منه أنهم آدميون، قال تعالى:
﴿ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [27] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ

التفسير :

[27] ثم وضعه أمامهم، وتلطَّف في دعوتهم إلى الطعام قائلاً:ألا تأكلون؟

[فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ} وعرض عليهم الأكل، فـ{ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ}

فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ أى: فذهب إلى أهله فذبح عجلا وشواه، فقربه إلى ضيوفه وقال لهم: أَلا تَأْكُلُونَ أى: حضهم على الأكل شأن المضيف الكريم. فقال لهم على سبيل التلطف وحسن العرض: ألا تأكلون من طعامي.

قال ابن كثير: وهذه الآيات انتظمت آداب الضيافة، فإنه جاء بطعامه من حيث لا يشعرون بسرعة. ولم يمتن عليهم أولا فقال: نأتيكم بطعام؟ بل جاء به بسرعة وخفاء، وأتى بأفضل ما وجد من ماله، وهو عجل سمين مشوى فقربه إليهم، لم يضعه وقال:

اقتربوا، بل وضعه بين أيديهم، ولم يأمرهم أمرا يشق على سامعه بصيغة الجزم، بل قال:

أَلا تَأْكُلُونَ على سبيل العرض والتلطف، كما يقول القائل اليوم: إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق. فافعل .

( فقربه إليهم ) أي : أدناه منهم ، ( قال ألا تأكلون ) : تلطف في العبارة وعرض حسن .

وهذه الآية انتظمت آداب الضيافة ; فإنه جاء بطعامه من حيث لا يشعرون بسرعة ، ولم يمتن عليهم أولا فقال : " نأتيكم بطعام ؟ " بل جاء به بسرعة وخفاء ، وأتى بأفضل ما وجد من ماله ، وهو عجل فتي سمين مشوي ، فقربه إليهم ، لم يضعه ، وقال : اقتربوا ، بل وضعه بين أيديهم ، ولم يأمرهم أمرا يشق على سامعه بصيغة الجزم ، بل قال : ( ألا تأكلون ) على سبيل العرض والتلطف ، كما يقول القائل اليوم : إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق ، فافعل .

القول في تأويل قوله تعالى : فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ (27)

وقوله ( فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ ) ؟ وفي الكلام متروك استغني بدلالة الظاهر عليه منه وهو فقرّبه إليهم, فأمسكوا عن أكله, فقال: ألا تأكلون؟ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[27] ﴿فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ﴾ من أدب الأنبياء تقريب الطعام للضيف، لا أن تنقل الضيف من مكان لآخر.
وقفة
[27] ﴿فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ﴾ لم ينقلهم من مجلسهم إلى موضع آخر؛ بل جعل الطعام بين أيديهم.
وقفة
[27] ﴿فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ﴾ وهذا من تمام الإكرام للضيف، بخلاف ما يطعمه العافي والسائل فإنه يدعى إلى مكان الطعام، وفعله ﷺ يخالف فعلنا اليوم مع الضيوف.
وقفة
[27] ﴿فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ﴾ خمسة من آداب الضيافة: قال ابن كثير: «وهذه الآيات انتظمت آداب الضيافة: 1- فإنه جاء بطعامه من حيث لا يشعرون بسرعة. 2- ولم يمتن عليهم أولا فقال: نأتيكم بطعام؟ بل جاء به بسرعة وخفاء. 3- وأتي بأفضل ما وجد من ماله، وهو عجل سمين مشوي. 4- فقرَّبه إليهم، لم يضعه وقال: اقتربوا، بل وضعه بين أيديهم. 5- ولم يأمرهم أمرًا يشق على سامعه بصيغة الجزم، بل قال: (ألا تأكُلُونَ) على سبيل العرض والتلطف، كما يقول القائل اليوم: إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق، فافعل».
لمسة
[27] ﴿أَلَا تَأْكُلُونَ﴾ هذا عرض وتلطف في القول، وهو أحسن من قول: (كلوا) أو: (مدوا أيديكم)، وهذا مما يعلم الناس بعقولهم حسنه ولطفه، وبعضهم يلمح بـ (بسم الله).
وقفة
[27] لم يكن ضيوفه يحتاجون معه إلى الإذن في الأكل، بل كان إذا قدم إليهم الطعام أكلوا، وهؤلاء الضيوف لما امتنعوا من الأكل قال لهم: ﴿أَلَا تَأْكُلُونَ﴾.
وقفة
[25-27] من آداب الضيافة: رد التحية بأحسن منها، وتحضير المائدة خفية، والاستعداد للضيوف قبل نزولهم، وعدم استثناء شيء من المائدة، والإشراف على تحضيرها، والإسراع فيه، وتقريبها للضيوف، وخطابهم برفق.

الإعراب :

  • ﴿ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ:
  • الفاء عاطفة. قربه: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. اليهم: جار ومجرور متعلق بقرب.
  • ﴿ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ:
  • تعرب اعراب «قرب».والجملة بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-ألا: الالف ألف انكار بلفظ‍ استفهام. اي انكر عليهم ترك الاكل. و «لا» نافية لا عمل لها. او تكون «ألا» حرف تنبيه او للحث على الاكل. تأكلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. '

المتشابهات :

الصافات: 91﴿فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَـ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ
الذاريات: 27﴿فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     ولَمَّا جاءهم بعجل سمين مشوي؛ وضعه أمامهم وحَضَّهم على الأكل، قال تعالى:
﴿ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [28] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا ..

التفسير :

[28]فلما رآهم لا يأكلون أحسَّ في نفسه خوفاً منهم، قالوا له:لا تَخَفْ إنا رسل الله، وبشَّروه بأن زوجته «سَارَةَ» ستلد له ولداً، سيكون من أهل العلم بالله وبدينه، وهو إسحاق عليه السلام.

[فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} حين رأى أيديهم لا تصل إليه،{ قَالُوا لَا تَخَفْ} وأخبروه بما جاؤوا له{ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} وهو:إسحاق عليه السلام.

ولكن إبراهيم مع هذا العرض الحسن، والكرم الواضح، لم يجد من ضيوفه استجابة لدعوته. فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً أى: فأضمر في نفسه خوفا منهم حين رأى إعراضا عن طعامه، مع حضهم على الأكل منه، ومع جودة هذا الطعام.

وهنا كشف الملائكة له عن ذواتهم فقالوا لا تَخَفْ أى: لا تخف فإنا رسل الله وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ أى: وبشروه بغلام سيولد له، وسيكون كثير العلم عند ما يبلغ سن الرشد، وهذا الغلام إسحاق- عليه السلام-.

وقوله : ( فأوجس منهم خيفة ) : هذا محال على ما تقدم في القصة في السورة الأخرى ، وهو قوله : ( فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت ) [ هود : 70 ، 71 ] أي : استبشرت بهلاكهم ; لتمردهم وعتوهم على الله ، فعند ذلك بشرتها الملائكة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب . ( قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ) [ هود 72 ، 73 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( وبشروه بغلام عليم ) ، فالبشارة له هي بشارة لها ; لأن الولد منهما ، فكل منهما بشر به .

فأوجس منهم, يقول: فأوجس في نفسه إبراهيم من ضيفه خيفة وأضمرها( قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) يعني: بإسحاق, وقال: عليم بمعنى عالم إذا كبر, وذكر الفراء أن بعض المشيخة كان يقول: إذا كان للعلم منتظرًا قيل: إنه لعالم عن قليل وغاية, وفي السيد سائد, والكريم كارم. قال: والذي قال حسن. قال: وهذا أيضا كلام عربيّ حسن قد قاله الله في عليم وحكيم وميت.

ورُوي عن مجاهد في قوله ( بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) ما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أَبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) قال: إسماعيل.

وإنما قلت: عنى به إسحاق, لأن البشارة كانت بالولد من سارّة, وإسماعيل لهاجَر لا لسارّة.

التدبر :

عمل
[28] ﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾ ثم بشروه بغلام عليم؛ ﻻ تستعجل، من تنفر منه في قلبك قد يكون معه سعادة عمرك.
وقفة
[28] ﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾ أحسها وأضمرها في نفسه ولم يبدها لهم لامتناعهم من آكل الحنيذ، فخاف منهم ولم يظهر لهم ذلك، فلما علمت الملائكة قالوا: لا تخف.
وقفة
[28] ﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ﴾ إذا ما توجَّس منك شخصٌ؛ فلا تدَعه وتوجُّسَه, ولكن سارع إلي طمأنته، وإزالة ما ساورَه من شكٍّ تجاهك.
وقفة
[28] ﴿فَأَوجَسَ مِنهُم خيفَةً قالوا لا تَخَف وَبَشَّروهُ بِغُلامٍ عَليمٍ﴾ دائمًا ما نجهله نخشاه.
وقفة
[28] ﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ قال القرطبي: «والجمهور على أن المبشر به هو إسحاق».
وقفة
[28] ﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ ما أسرع فرج الله! سرعان ما انقلب الخوف إلى بُشرى!
وقفة
[28] ﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ قد تخاف شيئًا وفيه البشارة.
عمل
[28] ﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ عطايا عظيمة بعد خوف؛ اطرد الخوف بالأمل.
وقفة
[28] ﴿وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ إبراهيم عليه السلام حين بُشر بالولد سكت يقينًا بوعد الله, وامرأته ضحكت تعجُّبًا من أمر الله, ففرق بين الموقفين بناءً على فَرْقِ ما بين القلبين, فما وَقَرَ في القلب يظهر في المواقف.
وقفة
[28] ﴿فبشرناه بغلام حليم﴾ [الصافات: 101]، وهنا فى الذاريات: ﴿بغلام عليم﴾، ما وجه مجئ كل واحد في موضعه؟ الجواب: إنما وصفه هنا بالحلم: وهو إسماعيل والله أعلم، وهو الأظهر لما ذكر عنه من الانقياد إلى رؤيا أبيه مع ما فيه من أمر الأشياء على النفس وأكرهها عندها ووعدها بالصبر، وتعليقه بالمشيئة، وكل ذلك دليل على تمام الحلم والعقل، وأما في الذاريات: فالمراد -والله أعلم- إسحاق؛ لأن تبشير إبراهيم بعلمه ونبوته فيه دلالة على بقائه إلى كبره، وهذا يدل على أن الذبيح إسماعيل.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً:
  • الفاء استئنافية. اوجس: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بأوجس. خيفة:مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اي فأضمر منهم خيفة اي خاف منهم عند ما رآهم لم يأكلوا من العجل.
  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ لا تَخَفْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-لا: ناهية جازمة. تخف: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الالف لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ:
  • معطوفة بالواو على «قالوا» وتعرب اعرابها والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. بغلام: جار ومجرور متعلق ببشروا. عليم: صفة-نعت-لغلام مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. '

المتشابهات :

هود: 70﴿فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمِ لُوطٖ
الذاريات: 28﴿فَـ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     ولَمَّا دعاهم للطعام ولم يأكلوا؛ خاف منهم؛ لأن أكل الضيف أمنة، وفي الإعراض عنه وحشة موجبة لسوء الظن، فطمأنوه، وعرفوه أنهم ملائكة، وبشروه بغلام، وهو إسحاق، قال تعالى:
﴿ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [29] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ ..

التفسير :

[29] فلما سمعت زوجة إبراهيم مقالة هؤلاء الملائكة بالبشارة أقبلت نحوهم في صيحة، فلطمت وجهها تعجباً من هذا الأمر، وقالت:كيف ألد وأنا عجوز عقيم لا ألد؟

فلما سمعت المرأة البشارة{ أقبلت} فرحة مستبشرة{ فِي صَرَّةٍ} أي:صيحة{ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} وهذا من جنس ما يجري من لنساء عند السرور [ونحوه] من الأقوال والأفعال المخالفة للطبيعة والعادة،{ وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} أي:أنى لي الولد، وأنا عجوز، قد بلغت من السن، ما لا تلد معه النساء، ومع ذلك، فأنا عقيم، غير صالح رحمي للولادة أصلاً، فثم مانعان، كل منهما مانع من الولد، وقد ذكرت المانع الثالث في سورة هود بقولها:{ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ}

ثم يحكى القرآن بعد ذلك ما كان من امرأته بعد أن سمعت بهذه البشرى فقال:

فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ.

أى: فأقبلت امرأة ابراهيم- عليه السلام- وهي تصيح في تعجب واستغراب من هذه البشرى. فضربت بيدها على وجهها وقالت: أنا عجوز عقيم فكيف ألد؟.

والصرة: من الصرير وهو الصوت، ومنه صرير الباب، أى: صوته، والصك الضرب الشديد على الوجه، وعادة ما تفعله النساء إذا تعجبن من شيء.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- في سورة هود: قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً، إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ.

وقوله : ( فأقبلت امرأته في صرة ) أي : في صرخة عظيمة ورنة ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو صالح ، والضحاك ، وزيد بن أسلم والثوري والسدي وهي قولها : ( يا ويلتا ) ( فصكت وجهها ) أي : ضربت بيدها على جبينها ، قاله مجاهد وابن سابط .

وقال ابن عباس : لطمت ، أي تعجبا كما تتعجب النساء من الأمر الغريب ، ( وقالت عجوز عقيم ) أي : كيف ألد وأنا عجوز [ عقيم ] ، وقد كنت في حال الصبا عقيما لا أحبل ؟ .

قوله ( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ) يعنى: سارّة, وليس ذلك إقبال نقلة من موضع إلى موضع, ولا تحوّل من مكان إلى مكان, وإنما هو كقول القائل: أقبل يشتمني, بمعنى: أخذ في شتمي. وقوله ( فِي صَرَّةٍ ) يعني: في صيحة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( فِي صَرَّةٍ ) يقول: في صيحة.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) يعني بالصرّة: الصيحة.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فِي صَرَّةٍ ) قال: صيحة.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ) : أي أقبلت في رنة.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( صَرَّةٍ ) قال: أقبلت ترنَ. (7)

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن العلاء بن عبد الكريم اليامي, عن ابن سابَط, قوله ( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ) قال: في صيحة.

حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ) قال: الصرّة: الصيحة.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال; سمعت الضحاك يقول في قوله ( فِي صَرَّةٍ ) يعني: صيحة. وقد قال بعضهم: إنَّ تلك الصيحة أوَّه مقصورة الألف.

وقوله ( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) اختلف أهل التأويل في معنى صكها, والموضع الذي ضربته من وجهها, فقال بعضهم: معنى صكها وجهها: لَطْمِها إياه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) يقول: لَطَمت.

وقال آخرون: بل ضربت بيدها جبهتها تعجبا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني موسى بن هارون, قال: ثنا عمرو بن حماد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قال: لما بَشَّر جبريل سارةَ بإسحاق, ومن وراء إسحاق يعقوب, ضربت جبهتها عجبا, فذلك قوله ( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) .

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) قال: جبهتها.

حدثني ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن العلاء بن عبد الكريم الياميّ, عن ابن سابط, قوله ( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) قال: قالت هكذا; وضرب سفيان بيده على جبهته.

قال: ثنا مهران; عن سفيان ( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) وضعت يدها على جبهتها تعجبا, والصكّ عند العرب: هو الضرب. وقد قيل: إن صكها وجهها, أن جمعت أصابعها, فضربت بها جبهتها( وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ) يقول: وقالت: أتلد، وحذفت أتلد لدلالة الكلام عليه, وبضمير أتلد رفعت عجوز عقيم, وعني بالعقيم: التي لا تلد.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا سليمان, أبو داود, قال: ثنا شعبة, عن مشاش, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( عَجُوزٌ عَقِيمٌ ) قال: لا تلد.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا رجل من أهل خراسان من الأزد, يكني أبا ساسان, قال: سألت الضحاك, عن قوله ( عَقِيمٌ ) قال: التي ليس لها ولد.

-----------------

الهوامش :

(7) الرنة : الصيحة الحزينة . ورنت ترن رنينًا ، وأرانت : صاحت .

التدبر :

وقفة
[29] ﴿فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ﴾ في صَرة أي صوت وضجة، ومنه صرير الباب وهو صوته، وليس المـراد ُصرة بضم الصاد، وهي كيـس المتاع.
وقفة
[29] ﴿فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ قال الإمام القرطبي: «وكانت سارة لم تلد قبل ذلك، فولدت وهي بنت تسع وتسعين سنة، وإبراهيم يومئذ ابن مائة سنة».
وقفة
[29] ﴿فصكت وجهها﴾ تعجب إبراهيم عليه السلام وسارة كلاهما، ولكن سارة صكت وجهها، طريقة المرأة في التعبير ليست كالرجل، ما أجمل الانتباه لذلك!
وقفة
[29] ﴿فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ قد ترى نفسك في أسوأ حال وأن تحقق أمنياتك محال، لكن حين يردك الله بفضل يغمرك عطائه، وإن كانت ضدك كل الأسباب.
وقفة
[29] ﴿عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ ولكن رحمة الله بعبده إبراهيم ولطفه به وقدرته سبحانه أرسل الملائكة وبشروه بغلام عليم، فلا تيأس مهما ضاقت بك السبل.
وقفة
[29] سئل الضحاك عن قوله تعالى: ﴿عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾، و﴿الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ [41]، و﴿عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ [الحج: 55]، فقال: ﴿عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ التي لا ولد لها، و﴿الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ التي لا بركة فيها ولا منفعة ولا تلقح، وأما ﴿عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ فيوم لا ليلة له.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ:
  • الفاء سببية. اقبلت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب وحركت بالكسر لالتقاء الساكنين. امرأته: فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة. اي فجاءت امرأته.
  • ﴿ فِي صَرَّةٍ:
  • جار ومجرور في محل نصب حال بتقدير: صارة: اي صائحة.والكلمة من صر الباب والقلم صريرا.
  • ﴿ فَصَكَّتْ وَجْهَها:
  • معطوفة بالفاء على «اقبلت» وتعرب اعرابها والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي. وجه: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى: فلطمت ببسط‍ يديها وقيل فضربت بأطراف اصابعها جبهتها متعجبة.
  • ﴿ وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ:
  • معطوفة بالواو على «صكت».والجملة الاسمية التي بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.عجوز: خبر مبتدأ محذوف تقديره انا عجوز عقيم فكيف ألد؟ .عقيم: صفة-نعت-لعجوز مرفوعة مثلها بالضمة. اي عاقر. و «قالت»: تعرب اعراب «أقبلت». '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [29] لما قبلها :     ولَمَّا بشروه بغلام، وسمعتهم سارة؛ أقبلت وهي تصرخ صرخة عظيمة، ولطمت وجهها تعجبًا من هذا الأمر: كيف ألد وأنا عجوز عقيم لا ألد؟ قال تعالى:
﴿ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [30] :الذاريات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ ..

التفسير :

[30]قالت لها ملائكة الله:هكذا قال ربك كما أخبرناك، وهو القادر على ذلك، فلا عجب من قدرته. إنه سبحانه وتعالى هو الحكيم الذي يضع الأشياء مواضعها، العليم بمصالح عباده.

{ قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ} أي:الله الذي قدر ذلك وأمضاه، فلا عجب في قدرة الله تعالى{ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} أي:الذي يضع الأشياء مواضعها، وقد وسع كل شيء علمًا فسلموا لحكمه، واشكروه على نعمته.

وهنا رد عليها الملائكة بما يزيل تعجبها واستغرابها واستبعادها لأن يكون لها ولد مع كبر سنها، ويحكى القرآن ذلك فيقول: قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ.

أى: قال الملائكة لامرأة إبراهيم: لا تتعجبى من أن يكون لك غلام في هذه السن، فإن هذا الحكم هو حكم ربك. وهذا القول الذي بشرناك به هو قوله- سبحانه- وقوله لا مرد له: إنه- تعالى- هو الحكيم في كل أقواله وأفعاله. العليم بأحوال خلقه.

( قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ) أي : عليم بما تستحقون من الكرامة ، حكيم في أقواله وأفعاله .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل ضيف إبراهيم لزوجته إذ قالت لهم, وقد بشروها بغلام عليم: أتلد عجوز عقيم ( قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ ) يقول: هكذا قال ربك: أي كما أخبرناك وقلنا لك (إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) والهاء في قوله: ( إِنَّهُ ) من ذكر الرب, هو الحكيم في تدبيره خلقه, العليم بمصالحهم, وبما كان, وبما هو كائن.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[30] ﴿قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾ وكل شيء يكون إذا قيل له: كن، وقد قال الله، فماذا بعد قوله؟ إن الألفة والعادة تقيدان الإدراك البشري، وتحدان من تصوراته، فيُدهَش إذ يرى ما يخالف المألوف له؛ ويعجب كيف يكون؛ وقد يتبجَّح فينكر أن يكون! والمشيئة المطلقة ماضية في طريقها، لا تتقيد بمألوف البشر الصغير المحدود؛ تُبدِع ما تشاء، بغير ما حدود أو قيود!
وقفة
[30] ﴿قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾ إذا ما فَاجَأك أمرٌ تكرهُه, أو نزل بساحتك قضاءٌ تستثقلُه؛ فأكثر من التفكر في اسمي الله (الحكيم, العليم), فذلك معينٌ لك علي الرِّضا والتسليمِ.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول- والكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة واللام للبعد والكاف للخطاب. قال: فعل ماض مبني على الفتح. ربك: فاعل مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبة-مبني على الكسر في محل جر بالاضافة. وجملة قالَ رَبُّكِ» في محل رفع خبر «كذلك» بمعنى: مثل ذلك الذي قلنا واخبرنا به قال ربك.
  • ﴿ إِنَّهُ هُوَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان».هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. والجملة الاسمية في محل رفع خبر إن.
  • ﴿ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ:
  • خبران للمبتدإ «هو» اي خبر بعد خبر. ويجوز ان يكون «العليم» صفة «للحكيم» او يكون «هو» تأكيدا للضمير في «انه» ويجوز ان يكون ضمير فصل او عماد لا محل له من الاعراب. ويكون «العليم الحكيم» خبري «ان». '

المتشابهات :

مريم: 21﴿قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ
الذاريات: 30﴿قَالُوا كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [30] لما قبلها :     ولَمَّا تعجبت؛ ردت عليها الملائكة بما يزيل تعجبها واستغرابها، قال تعالى:
﴿ قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف