591123456789101112131415161712345678910

الإحصائيات

سورة الطارق
ترتيب المصحف86ترتيب النزول36
التصنيفمكيّةعدد الصفحات0.50
عدد الآيات17عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.20
ترتيب الطول92تبدأ في الجزء30
تنتهي في الجزء30عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
القسم: 9/17_
سورة الأعلى
ترتيب المصحف87ترتيب النزول8
التصنيفمكيّةعدد الصفحات0.60
عدد الآيات19عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.20
ترتيب الطول90تبدأ في الجزء30
تنتهي في الجزء30عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 14/14_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (17) عدد الآيات (17)

القَسَمُ على أنَّ كلَّ إنسانٍ قد وُكِّلَ به من يحرُسُه من الملائكةِ الأبرارِ، وذِكْرُ الأدلَّةِ على قدرةِ اللهِ على إعادةِ الإنسانِ بعدَ موتِه، ثُمَّ بيانُ صدقِ القرآنِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (8) عدد الآيات (8)

تنزيهُ اللَّهِ عن كلِّ ما لا يليقُ بهِ، ثُمَّ بَشَّرَ اللَّهُ نبيَّه ﷺ بـ: حفظِ القرآنِ وعدمِ نسيانِه، والتيسيرِ والتَّوفيقِ لأعمالِ الخيرِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (9) الى الآية رقم (15) عدد الآيات (7)

بعدَ أن بَشَّرَه أَمَرَه بتذكيرِ الخلقِ، ثُمَّ بَيَّنَ فلاحَ من طَهَّرَ نفسَه =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الطارق

تذكر حقيقتك أيها الانسان

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • نقاط السورة:   السورة تدور حول: إظهار قدرة الله النافذة وقدرته البالغة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الطارق».
  • • معنى الاسم ::   الطارق: أصل الطرق الضرب والدق، والطارق: هو النجم الذي يطلع ليلًا.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بالقسم بالسماء والطارق.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   رقابة الله النافذة وقدرته البالغة.
  • • علمتني السورة ::   أن المستقبل لهذا الدين، فأعداء الدين يخططون لمحاربة الإسلام والدعاة إلى الله، والله يدبر ما يحبط مسعاهم ويبطل كيدهم وتآمرهم.
  • • علمتني السورة ::   أن لكل إنسان حفظة من الملائكة يحفظون أعماله: ﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الملائكة تحفظ الإنسان، وأعماله خيرها وشرها؛ ليحاسب عليها: ﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِى الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِـ﴿السَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾، ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ﴾، وَنَحْوِهِمَا مِنَ السُّوَرِ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الطارق من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الطارق من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • جاء في بداية سورة الطارق القسم بالطارق، فقال تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾، ثم وضحت المقصود بالطارق، فقال تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ أي الطارق هو النجم الثاقب، وهذا يسمى تفسير القرآن بالقرآن، وهو أعلى مراتب التفسير بالمأثور، ثم يليه تفسير القرآن بالسنة، ثم تفسير القرآن بأقوال الصحابة، ثم تفسير القرآن بأقوال التابعين.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نستشعر رقابة الله؛ فهي صمام الأمان الذي يحمي من الذلل.
    • أن نصبر كما صبر الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه، ولنطمئن ونستبشر، ولنوقن بالحقيقة التي غفل عنها الكثير: أن المستقبل لهذا الدين.
    • ألا نتكبر على أحد؛ ونتذكر دومًا أننا خُلِقنا من نطفة: ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾ (5).
    • أن نتذكر ذنبًا فعلناه ولم يطلع عليه بشر ونستغفر الله منه: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ (9).
    • أن نستعد ليوم القيامة، يوم تنكشف الأسرار: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ﴾ (9، 10).
    • أن نتجنب السخرية؛ فالأسلوب الساخر لا ينتج حقًا، ولا يعبر عن قضية: ﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ (14).
    • ألا نغتر بحلم الله، ونحذر من إمهاله وكيده: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ (15-17).
سورة الأعلى

تذكير النفوس بمِنَّةِ الله، وتعليقها بالحياة الأخرى، وتخليصها من التعلقات الدنيا

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • نقاط السورة:   السورة تدور حول : تذكير النفوس بمِنَّةِ الله تعالى، وتعليقها بالحياة الأخرى، وتخليصها من التعلقات الدنيا.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   سورة «الأعلى»، وسورة «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى».
  • • معنى الاسم ::   الأعلى: اسم من أسماء الله الحسنى، والأعلى: أي فوق كل شيء، والقاهر لكل شيء.
  • • سبب التسمية ::   لذكر هذا اللفظ في أول آية.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ‏‏ ‏سَبِّحْ».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن علو المؤمن في الدنيا والآخرة مرتبط بإيمانه بالرب (الأعلى)، والاستعانة به.
  • • علمتني السورة ::   لا تغفل عن تسبيح الله: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الحفظ ﻧﻌﻤﺔ؛ وحذرتني أن أنسى ﻣﺎ ﺣﻔﻈﺖ: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن من الناس من يتذكر ويخشى الله، ومنهم من يعرض عن ذكر الله: ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ * سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِى الْعِيدَيْنِ وَفِى الْجُمُعَةِ بِـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ وَ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾».
    • عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ قال: «سَألْنَا عَائِشَةَ: بِأىِّ شَىْءٍ كَانَ يُوتِرُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: كَانَ يَقْرَأ فِى الرَّكْعَةِ الاولَى بِـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الاعْلَى﴾، وَفِى الثَّانِيَةِ بِـ ﴿قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾، وَفِى الثَّالِثَةِ بِـ ﴿قُلْ هُوَ الله أحَدٌ﴾ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ».
    • عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَامَ مُعَاذٌ فَصَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَطَوَّلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَفَتَّانٌ يَا مُعَاذُ؟ أَفَتَّانٌ يَا مُعَاذُ؟ أَيْنَ كُنْتَ عَنْ: ﴿سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾، ﴿وَالضُّحَى﴾، ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الأعلى من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الأعلى من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • مَنْ قرأ أول سورة الأعلى، وهو قوله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ يستحب له أن يقول: (سبحان ربي الأعلى)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَرَأَ: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ قَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّىَ الأَعْلَى»».
    • سورة الأعلى هي السورة السابعة والأخيرة -بحسب ترتيب المصحف- التي تفتتح بالتسبيح، والتي تسمى بالمُسبِّحات، وهي 7 سور، وهي: الإسراء، والحديد، والحشر، والصف، والجمعة، والتغابن، والأعلى، وكلها من المفصل ما عدا الإسراء، وكلها سور مدنية ما عدا الإسراء والأعلى فمن السور المكية.
    • سورة الأعلى آخر سورة -بحسب ترتيب المصحف- تفتتح بالثناء على الله، وعدد السور التي افتتحت بذلك 14 سورة، وهي: الفاتحة، والأنعام، والإسراء، والكهف، والفرقان، وسبأ، وفاطر، والحديد، والحشر، والصف، والجمعة، والتغابن، والملك، والأعلى.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نستشعِر دومًا أن الله عالٍ بذاته، وعالٍ بصفاتِه، ولهذا كان الإنسانُ إذا سجد يقول: «سبحان ربي الأعلى»؛ ليتذكَّرَ كمالَ علوِّ ربِّه.
    • أن ننشغل بمعالي الأمور، ونبتعد عن السفاسف.
    • أن نكثر من تسبيح الله وذكره: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ (1).
    • أن نحذر من نسيان ﻣﺎ حفظنا: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ﴾ (6).
    • أن نقبل على القراءة والإقراء: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ﴾ (6).
    • أن ننتبه إلى أعمال القلوب وأعمالِ الخلواتِ؛ فاللهُ تعالى يعلمُ كلَّ شيءٍ: ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ﴾ (7).
    • أن نطهر أنفسنا ﻭننقيها ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﻣﺴﺎﻭﺉ ﺍﻷﺧﻼﻕ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ﴾ (14).
    • ألا نغتر بالحياة الدنيا، ولا ننشغل بالفاني عن الباقي: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾ (16، 17).

تمرين حفظ الصفحة : 591

591

مدارسة الآية : [1] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ

التفسير :

[1] أقسم الله سبحانه بالسماء والنجم الذي يَظْهر ليلاً

يقول [الله] تعالى:{ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}

تفسير سورة الطارق

مقدمة وتمهيد

1- سورة «الطارق» من السور المكية، وعدد آياتها سبع عشرة آية، وكان نزولها بعد سورة «البلد» وقبل سورة «القمر» وهي السورة السادسة والثلاثون، في ترتيب النزول، أما في المصحف، فهي السورة السادسة والثمانون.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها كثيرا، فقد أخرج الإمام أحمد عن أبى هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العشاء الآخرة «بالسماء ذات البروج، والسماء والطارق» .

وأخرج- أيضا- عن خالد بن أبى جبل العدواني: أنه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشرق- بضم الميم- ثقيف. - أى في سوق ثقيف- وهو قائم على قوس أو عصى. حين أتاهم يبتغى عندهم النصر. فسمعته يقول: وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ حتى ختمها. قال:

فوعيتها في الجاهلية ثم قرأتها في الإسلام. قال: فدعتني ثقيف فقالوا: ماذا سمعت من هذا الرجل؟ فقرأتها عليهم. فقال من معهم من قريش: نحن أعلم بصاحبنا لو كنا نعلم أن ما يقول حقا لا تبعناه. .

2- والسورة الكريمة من مقاصدها: إقامة الأدلة على وحدانية الله- تعالى-، وعلى كمال قدرته، وبليغ حكمته، وسعة علمه، وإثبات أن هذا القرآن من عنده- تعالى-، وأن العاقبة للمتقين.

الطارق : اسم فاعل من الطروق . والمراد به هنا : النجم الذى يظهر ليلا فى السماء .

قال القرطبى ما ملخصه : الطارق : النجم ، اسم جنس سمى بذلك لأنه يطرق ليلا ، ومنه الحديث : نهى النبى صلى الله عليه وسلم أن يطرق المسافر أهله ليلا . . والعرب تسمى كل قاصد فى الليل طارقا . يقال : طرق فلان ، إذا جاء ليلا . . وأصل الطرق : الدق ، ومنه سميت المطرقة ، فسمى قاصد الليل طارقا ، لاحتياجه فى الوصول إلى الدق .

وفى الحديث : " أعوذ بك من طوارق الليل والنهار ، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن . . " .

تفسير سورة الطارق وهي مكية .

قال عبد الله ابن الإمام أحمد : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن محمد - قال : عبد الله وسمعته أنا منه - حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي ، عن عبد الرحمن بن خالد بن أبي جبل العدواني ، عن أبيه : أنه أبصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مشرق ثقيف وهو قائم على قوس - أو : عصا - حين أتاهم يبتغي عندهم النصر ، فسمعته يقول : " والسماء والطارق " حتى ختمها - قال : فوعيتها في الجاهلية وأنا مشرك ، ثم قرأتها في الإسلام - قال : فدعتني ثقيف فقالوا : ماذا سمعت من هذا الرجل ؟ فقرأتها عليهم ، فقال من معهم من قريش : نحن أعلم بصاحبنا ، لو كنا نعلم ما يقول حقا لاتبعناه .

وقال النسائي : حدثنا عمرو بن منصور ، حدثنا أبو نعيم ، عن مسعر ، عن محارب بن دثار ، عن جابر قال : صلى معاذ المغرب ، فقرأ البقرة والنساء ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أفتان يا معاذ ؟ ما كان يكفيك أن تقرأ بالسماء والطارق ، والشمس وضحاها ، ونحو هذا ؟ " .

يقسم تعالى بالسماء وما جعل فيها من الكواكب النيرة ; ولهذا قال : ( والسماء والطارق )

القول في تأويل قوله تعالى : وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)

أقسم ربنا بالسماء وبالطارق الذي يطرق ليلا من النجوم المضيئة، ويخفى نهارًا، وكل ما جاء ليلا فقد طرق.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ) قال: السماء وما يطرق فيها .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ) قال: طارق يطرق بليل، ويخفى بالنهار .

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( وَالطَّارِقِ ) قال: ظهور النجوم، يقول: يطرقك ليلا .

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( الطَّارِقِ ) النجم .

التدبر :

وقفة
[1] ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾ الله تعالى أكثر في كتابه ذكر السماء والشمس والقمر؛ لأن أحوالها في أشكالها وسيرها ومطالعها ومغاربها عجيبة، وأما الطارق فهو كل ما أتاك ليلًا سواء كان كوكبًا أو غيره.

الإعراب :

  • ﴿ وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ:
  • الواو واو القسم حرف جر. السماء: اسم مقسم به مجرور بواو القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل محذوف تقديره: أقسم او أحلف والواو هنا عوض عن حرف الجر «الباء» ثم اسقطت كلمة «أحلف» اختصارا لان المعنى مفهوم. والطارق: معطوفة بالواو على «السماء» وتعرب اعرابها و «الطارق» هو النجم الطارق اي الآتي ليلا

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿والسَّماءِ والطّارِقِ (١) وما أدْراكَ ما الطّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثّاقِبُ﴾ نَزَلَتْ في أبِي طالِبٍ، وذَلِكَ أنَّهُ أتى النَّبِيَّ ﷺ فَأتْحَفَهُ بِخُبْزٍ ولَبَنٍ، فَبَيْنَما هو جالِسٌ يَأْكُلُ إذِ انْحَطَّ نَجْمٌ فامْتَلَأ ما ثَمَّ نارًا، فَفَزِعَ أبُو طالِبٍ وقالَ: أيُّ شَيْءٍ هَذا ؟ فَقالَ: ”هَذا نَجْمٌ رُمِيَ بِهِ، وهو آيَةٌ مِن آياتِ اللَّهِ“ . فَعَجِبَ أبُو طالِبٍ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السوةُ بالقَسَمِ على أنَّ كلَّ إنسانٍ قد وُكِّلَ به من يحرُسُه من الملائكةِ الأبرارِ، قال تعالى:
﴿ وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [2] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ

التفسير :

[2] وما أدراك ما عِظَمُ هذا النجم؟

وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ

وقوله- تعالى-: وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ تنويه بشأنه إثر تفخيمه بالإقسام به، فالاستفهام مستعمل في تعظيم أمره.

وقد جاء التعبير بقوله- تعالى-: وَما أَدْراكَ ... ثلاث عشرة مرة في القرآن الكريم، كلها جاء الخبر بعدها- كما هنا-، وكما في قوله- تعالى- وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ. لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ وكما في قوله- سبحانه-: وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ. ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ. يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً.. إلا واحدة لم يأت الخبر بعدها، وهي قوله- تعالى-: الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ ...

أما التعبير بقوله- تعالى-: وَما يُدْرِيكَ.. فقد جاء ثلاث مرات، ولم يأت الخبر بعد واحدة من هذه المرات. قال- تعالى-: وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً.

وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ، وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى.

قال القرطبي: قال سفيان: كل ما في القرآن وما أدراك فقد أخبر به، وكل شيء قال فيه: وما يدريك، لم يخبر به.

ثم قال ( وما أدراك ما الطارق ) ثم فسره بقوله : ( النجم الثاقب )

قال قتادة وغيره : إنما سمي النجم طارقا ; لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار . ويؤيده ما جاء في الحديث الصحيح : نهى أن يطرق الرجل أهله طروقا أي : يأتيهم فجأة بالليل . وفي الحديث الآخر المشتمل على الدعاء : " إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن " .

( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : &; 24-352 &; وما أشعرك يا محمد ما الطارق الذي أقسمتُ به، ثم بين ذلك جلّ ثناؤه، فقال: هو النجم الثاقب، يعني: يتوقد ضياؤه ويتوهَّج.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[2] قال يحيى بن سلام: «بلغني أن كل شيء في القرآن ﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾ فقد أدراه إياه وعلمه، وكل شيء قال: (وَمَا يُدْرِيكَ) فهو مما لم يعلمه».
وقفة
[2، 3] ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ شبَّه طلوع النجم ليلًا بطروق المسافر الطارق بيتًا، يجمعهما الظهور في الليل.

الإعراب :

  • ﴿ وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ
  • تعرب اعراب الآية الكريمة الثالثة من سورة «الحاقة».

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿والسَّماءِ والطّارِقِ (١) وما أدْراكَ ما الطّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثّاقِبُ﴾ نَزَلَتْ في أبِي طالِبٍ، وذَلِكَ أنَّهُ أتى النَّبِيَّ ﷺ فَأتْحَفَهُ بِخُبْزٍ ولَبَنٍ، فَبَيْنَما هو جالِسٌ يَأْكُلُ إذِ انْحَطَّ نَجْمٌ فامْتَلَأ ما ثَمَّ نارًا، فَفَزِعَ أبُو طالِبٍ وقالَ: أيُّ شَيْءٍ هَذا ؟ فَقالَ: ”هَذا نَجْمٌ رُمِيَ بِهِ، وهو آيَةٌ مِن آياتِ اللَّهِ“ . فَعَجِبَ أبُو طالِبٍ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ الطَّارِقُ يُطْلَقُ عَلى غَيْرِ النَّجْمِ؛ أبْهَمَهُ أوَّلًا ثُمَّ عَظَّمَ المُقْسَم بِهِ، قال تعالى:
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [3] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ النَّجْمُ الثَّاقِبُ

التفسير :

[3] هو النجم المضيء المتوهِّج

ثم فسر الطارق بقوله:{ النَّجْمُ الثَّاقِبُ}

أي:المضيء، الذي يثقب نوره، فيخرق السماوات [فينفذ حتى يرى في الأرض]، والصحيح أنه اسم جنس يشمل سائر النجوم الثواقب.

وقد قيل:إنه "زحل "الذي يخرق السماوات السبع وينفذ فيهافيرى منها. وسمي طارقًا، لأنه يطرق ليلًا.

وقوله النَّجْمُ الثَّاقِبُ بيان وتفسير للطارق، والثاقب. أى: المضيء الذي يثقب الظلام ويخرقه بنوره فينفذ فيه، ويبدده.

والجملة الكريمة مستأنفة، وهي جواب عن سؤال مقدر نشأ مما قبله، كأنه قيل: وما هو الطارق؟ فكان الجواب: هو النجم الثاقب.

وقوله تعالى "الثاقب" قال ابن عباس المضيء وقال السدي يثقب الشياطين إذا أرسل عليها وقال عكرمة هو مضيء ومحرق للشيطان.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) يعني: المضيء .

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) قال: هي الكواكب المضيئة، وثقوبه: إذا أضاء .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة، في قوله: ( النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) قال: الذي يثقب .

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ( الثَّاقِبُ ) قال: الذي يتوهَّج .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ثقوبه: ضوءه .

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) : المضيء .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) قال: كانت العرب تسمِّي الثُّريا النجم، ويقال: إن الثاقبَ النجمُ الذي يقال له زُحَلْ. والثاقب أيضًا: الذي قد ارتفع على النجوم، والعرب تقول للطائر - إذا هو لحق ببطن السماء ارتفاعًا -: قد ثَقَبَ، والعرب تقول: أثقِب نارك: أي أضئها .

التدبر :

وقفة
[3] ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ الذي يثقب نوره، فيخرق السماوات، فينفذ حتى يُرى في الأرض، ويشمل سائر النجوم.
وقفة
[3] ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ هو النجم المضيء المتوهِّج، والله أبهم الموصوف بالطارق ابتداء، ثم زيد إبهامًا مشوبًا بتعظيم أمره بقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ﴾، ثم بين بأنه ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾؛ ليحصل من ذلك مزيد تقرر للمراد بالمقسم به، وهو أنه من جنس النجوم، شبه طلوع النجم ليلًا بطروق المسافر الطارق بيتًا بجامع كونه ظهورًا في الليل.

الإعراب :

  • ﴿ النَّجْمُ الثَّاقِبُ:
  • بدل من المبدل منه «الطارق» في الآية الكريمة الثانية او صفة- نعت- له ويجوز ان يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. الثاقب: صفة- نعت- للنجم اي النجم المضيء مرفوع بالضمة ايضا والجملة الاسمية لا محل لها من الاعراب لانها تفسيرية. اي فسر «الطارق» بالنجم الثاقب.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿والسَّماءِ والطّارِقِ (١) وما أدْراكَ ما الطّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثّاقِبُ﴾ نَزَلَتْ في أبِي طالِبٍ، وذَلِكَ أنَّهُ أتى النَّبِيَّ ﷺ فَأتْحَفَهُ بِخُبْزٍ ولَبَنٍ، فَبَيْنَما هو جالِسٌ يَأْكُلُ إذِ انْحَطَّ نَجْمٌ فامْتَلَأ ما ثَمَّ نارًا، فَفَزِعَ أبُو طالِبٍ وقالَ: أيُّ شَيْءٍ هَذا ؟ فَقالَ: ”هَذا نَجْمٌ رُمِيَ بِهِ، وهو آيَةٌ مِن آياتِ اللَّهِ“ . فَعَجِبَ أبُو طالِبٍ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     وبعد إبهامِ الطَّارِقِ؛ فَسَّرَه هنا، قال تعالى:
﴿ النَّجْمُ الثَّاقِبُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [4] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا ..

التفسير :

[4] ما كلُّ نفس إلا أوكل بها مَلَك رقيب يحفظ عليها أعمالها؛ لتحاسَب عليها يوم القيامة.

والمقسم عليه قوله:{ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} يحفظ عليها أعمالها الصالحة والسيئة، وستجازى بعملها المحفوظ عليها.

وقوله- سبحانه-: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ جواب القسم وما بينهما كلام معترض لتفخيم شأن المقسم به.. والحافظ: هو الذي يحفظ ما كلف بحفظه، لمقصد معين.

أى: وحق السماء البديعة الصنع، وحق النجم الذي يطلع فيها فيبدد ظلام الليل، ما كل نفس من الأنفس إلا وعليها من الملائكة من يحفظ عملها ويسجله، سواء أكان هذا العمل خيرا أم شرا.

قال الإمام الشوكانى ما ملخصه: قرأ الجمهور بتخفيف الميم في قوله: لما، فتكون «إن» مخففة من الثقيلة، فيها ضمير الشأن المقدر، وهو اسمها، واللام هي الفارقة- بين «إن» النافية، و «إن» المخففة من الثقيلة- وما مزيدة. أى: إن الشأن كل نفس لعليها حافظ.

وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بتشديد الميم في قوله لَمَّا، فتكون «إن» نافية، و «لما» بمعنى إلا. أى: ما كل نفس إلا عليها حافظ.

والحافظ: هم الحفظة من الملائكة الذين يحفظون عليها عملها وقولها وفعلها. وقيل:

الحافظ هو الله- تعالى- وقيل: هو العقل يرشدهم إلى المصالح.

والأول أولى لقوله- تعالى-: وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً وقوله: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. وحفظ الملائكة إنما هو من حفظه- تعالى-، لأنهم لا يحفظون إلا بأمره- عز وجل-.

والمقصود من الآية الكريمة: تحقيق تسجيل أعمال الإنسان عليه، وأنه سيحاسب عليها وسيجازى عليها بما يستحقه من ثواب أو عقاب.

وقوله : ( إن كل نفس لما عليها حافظ ) أي : كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات ، كما قال تعالى : ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) الآية [ الرعد : 11 ] .

وقوله: ( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه من قرّاء المدينة أبو جعفر، ومن قرّاء الكوفة حمزة ( لَمَّا عَلَيْهَا ) بتشديد الميم. وذُكِر عن الحسن أنه قرأ ذلك كذلك.

حدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا أبو عبيد، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن الحسن أنه كان يقرؤها( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) مشدّدة، ويقول: إلا ليها حافظ، وهكذا كلّ شيءٍ في القرآن بالتثقيل . وقرأ ذلك من أهل المدينة نافع، ومن أهل &; 24-353 &; البصرة أبو عمرو: ( لَمَا ) بالتخفيف، بمعنى: إن كلّ نفس لعليها حافظ، وعلى أن اللام جواب " إن " و " ما " التي بعدها صلة. وإذا كان ذلك كذلك لم يكن فيه تشديد.

والقراءة التي لا أختار غيرَها في ذلك التخفيف، لأن ذلك هو الكلام المعروف من كلام العرب، وقد أنكر التشديد جماعةٌ من أهل المعرفة بكلام العرب؛ أن يكون معروفًا من كلام العرب، غير أن الفرّاء كان يقول: لا نعرف جهة التثقيل في ذلك، ونرى أنها لغةٌ في هذيلٍ، يجعلون " إلا " مع " إن المخففة ": لَمَّا، ولا يجاوزون ذلك، كأنه قال: ما كلّ نفس إلا عليها حافظ، فإن كان صحيحًا ما ذكر الفرّاء من أنها لغة هُذَيلٍ، فالقراءة بها جائزةٌ صحيحةٌ، وإن كان الاختيار أيضًا - إذا صحّ ذلك عندنا - القراءة الأخرى وهي التخفيف؛ لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب، ولا ينبغي أن يُترك الأعرف إلى الأنكر.

وقد حدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا أبو عبيد، قال: ثنا معاذ، عن ابن عون، قال: قرأت عند ابن سيرين: ( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) فأنكره، وقال: سبحان الله، سبحان الله .

فتأويل الكلام إذن: إن كلّ نفس لعليها حافظ من ربها، يحفظ عملها، ويُحصي عليها ما تكسب من خير أو شرّ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) قال: كلّ نفس عليها حفظة من الملائكة .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَا عَلَيْهَا حَافِظٌ ): حفظة يحفظون عملك ورزقك وأجلك، إذا توفيته يا ابن آدم قُبِضت إلى ربك .

التدبر :

وقفة
[4] ﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ تحفظ الملائكة الإنسان، وأعماله خيرها وشرها؛ ليحاسب عليها.
وقفة
[4] ﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ في التعبير بهذه الصيغة معنى التوكيد الشديد، فما من نفس إلا عليها حافظ يراقبها، ويحصي عليها عملها، ويحفظه عليها حتى يوم الجزاء، وهو مكلف بهذا من قِبَل الله، فليس هناك فوضى، والناس ليسوا مطلقين في الأرض بلا حساب أو رقيب، فتكون الآية زاجرة عن فعل السيئات، ووعيدًا لأصحاب الغفلات.
وقفة
[4] ﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ قال قتادة: «حفظة يحفظون عليك رزقك وعملك وأجلك».
وقفة
[4] (لمّا) قد تكون بمعنى (إلَّا)، مثل: ﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ يعني: (إلا عليها حافظ).

الإعراب :

  • ﴿ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ:
  • بمعنى «ما» النافية وهي جواب القسم وموصلة له وتفيد التوكيد. كل: مبتدأ مرفوع بالضمة. نفس: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ:
  • حرف استثناء بمعنى «إلا» لانها مشددة. عليها: جار ومجرور متعلق بالخبر. حافظ: اي مهيمن خبر المبتدأ «كل» مرفوع بالضمة او تكون «ان» هنا مخففة من الشديدة مهملة دخلت اللام في خبرها عوضا مما حذف من التشديد. وقيل: ان: غير عاملة عند سيبويه واللام تلزم خبرها لئلا تلتبس بان النافية وقال الكوفيون المخففة هي «ان» النافية واللام بمعنى «إلا» وخالفهم البصريون في ذلك.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ المُقسَمَ به؛ أتْبَعَه بذِكرِ المُقسَمِ عليه، قال تعالى:
﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إن:
1- خفيفة، و «كل» رفع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتشديد، و «كل» بالنصب، حكاها هارون.
لما:
قرئ:
1- خفيفة، وهى قراءة الجمهور.
2- مشددة، بمعنى «إلا» ، وهى قراءة الحسن، والأعرج، وقتادة، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، وأبى عمرو، ونافع، بخلاف عنهما.

مدارسة الآية : [5] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ

التفسير :

[5] فلينظر الإنسان المنكر للبعث مِمَّ خُلِقَ؟ ليعلم أن إعادة خلق الإنسان ليست أصعب مِن خلقه أولاً

{ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} أي:فليتدبر خلقته ومبدأه.

وبعد أن بين- سبحانه- أن كل نفس عليها حافظ يسجل عليها أعمالها، أتبع ذلك بأمر الإنسان بالتفكر فيما ينفعه، بأن يعتبر بأول نشأته، وليعلم أن من خلقه من ماء مهين، قادر على إعادته إلى الحياة مرة أخرى، فقال- تعالى-: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ. خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ. يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ ...

والفاء في قوله فَلْيَنْظُرِ ... للتفريع على ما تقدم، وهي بمعنى الفصيحة،

وقوله : ( فلينظر الإنسان مم خلق ) تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خلق منه ، وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد ; لأن من قدر على البداءة فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى ، كما قال : ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ] .

وقوله: ( فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ )

يقول تعالى ذكره: فلينظر الإنسان المكذّب بالبعث بعد الممات، المُنكر قُدرة الله على إحيائه بعد مماته، ( مِمَّ خُلِقَ ) يقول: من أيّ شيءٍ خلقه ربه، ثم أخبر جلّ ثناؤه عما خلقه منه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[5] حتى لا تتكبر تذكر أنك خُلِقت من نطفة ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾.
وقفة
[5، 6] ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ﴾ إن الذي أخرجك من مضايق الأصلاب , وجعلك من قطرة ماء صغيرة إنسانا عاقلا سويا , لقادر علي إخراجك من كل ضيق , فإياك والقنوط.

الإعراب :

  • ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ:
  • الفاء حرف عطف او استئناف واللام لام الامر والاصل كسرها واسكنت تخفيفا لاتصالها بالفاء. ينظر: فعل مضارع مجزوم باللام وعلامة جزمه سكون آخره وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين. الانسان: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ مِمَّ خُلِقَ:
  • مركبة من «من» حرف جر و «ما» اسم استفهام مبني على السكون المقدر على الالف قبل حذفها في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بخلق وادغمت النون في الميم وحذفت الالف من «ما» لانها جرت بحرف جر. خلق: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي من أي شيء خلق.

المتشابهات :

عبس: 24﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ
الطارق: 5﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أنَّ كُلَّ نفْسٍ عليها حافِظٌ؛ أتْبَعَ ذلك بوَصيَّةِ الإنسانِ بالنَّظَرِ في أوَّلِ أمرِه ونَشأتِه الأُولى؛ حتَّى يَعلَمَ أنَّ مَن أنشأه قادِرٌ على إعادتِه وجزائِه، فيَعمَلَ لذلك، ولا يُملِيَ على حافِظِه إلَّا ما يَسُرُّه في عاقِبتِه، قال تعالى:
﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [6] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ

التفسير :

[6] خلق مِن منيٍّ منصبٍّ بسرعة في الرحم

فإنه مخلوق{ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} وهو:المني

وقوله:

خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ جواب الاستفهام في قوله- سبحانه- مِمَّ خُلِقَ والمقصود بالاستفهام هنا: الحث والحض على التفكر والتدبر.

و «دافق» اسم فاعل من الدفق، وهو الصب للشيء بقوة وسرعة، يقال: تدفق الماء إذا سال باندفاع وسرعة. والمراد به هنا: الماء الذي يخرج من الرجل ويصب في رحم المرأة.

والصلب: يطلق على فقار الظهر بالنسبة للرجل، والترائب: جمع تريبة، وهي العظام التي تكون في أعلى صدر المرأة، ويعبرون عنها بقولهم موضع القلادة من المرأة.

أى: إذا كان الأمر كما ذكرت لكم- أيها الناس-، من أن كل نفس عليها حافظ يسجل عليها أقوالها وأفعالها.. فلينظر الإنسان منكم نظر تأمل وتدبر واعتبار، وليسأل نفسه من أى شيء خلق؟ لقد خلقه الله- تعالى- بقدرته، من ماء متدفق، يخرج بقوة وسرعة من الرجل، ليصب في رحم الأنثى.

وهذا الماء الدافق من صفاته أنه يخرج من بين صلب الرجل، ومن بين ترائب المرأة، حيث يختلط الماءان، ويتكون منهما الإنسان في مراحله المختلفة بقدرة الله- تعالى-.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما وجه اتصال قوله: فَلْيَنْظُرِ بما قبله؟.

قلت: وجه اتصاله به أنه لما ذكر أن على كل نفس حافظا، أتبعه بتوصية الإنسان بالنظر في أول أمره. ونشأته الأولى، حتى يعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائه، فيعمل ليوم الإعادة والجزاء، ولا يملى على حافظه إلا ما يسره في عاقبته.

«مم خلق» استفهام جوابه: «خلق من ماء دافق» ، والدفق: صبّ فيه دفع. ومعنى «دافق» النسبة إلى الدفق الذي هو مصدر دفق، كاللابن والتامر. أو الإسناد المجازى، والدفق في الحقيقة لصاحبه.

ولم يقل ماءين لامتزاجهما في الرحم، واتحادهما حين ابتدئ في خلقه ... .

وقال بعض العلماء: قوله: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ أى: من ماء ذي دفق.. وكل من منى الرجل. ومنى المرأة، اللذين يتخلق منهما الجنين، ذو دفق في الرحم.

يعني المني يخرج دفقا من الرجل ومن المرأة فيتولد منهما الولد بإذن الله عز وجل.

فقال: ( خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ) يعني: من ماء مدفوق، وهو مما أخرجته العرب بلفظ فاعل، وهو بمعنى المفعول، ويقال: إن أكثر من يستعمل ذلك من أحياء العرب سكان الحجاز إذا كان في مذهب النعت، كقولهم: هذا سرٌّ كاتم وهمٌّ ناصب، ونحو ذلك.

التدبر :

وقفة
[6] ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ الماء: هو المني، و(دافق) بمعنى: مدفوق، أي: خلق من ماء مدفوق، وكما قال العلماء في المني: إنه يخرج بشهوة، ودفق، ويتبعه فتور، فرب العزة يقول: ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ أي: من ماء مدفوق، فهو تنبيه للإنسان على أصل خلقه الذي خلق منه حتى يتواضع لله ولا يستكبر، وإذا علم ما هو أصله، تواضع وخضع إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر.
وقفة
[6] ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ قال ابن عاشور: «وأطنب في وصف هذا الماء الدافق، لإدماج التعليم والعبرة بدقائق التكوين، ليستيقظ الجاهل الكافر، ويزداد المؤمن علمًا ويقينًا».
وقفة
[6] ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ ماء دافق أي يصب، سريع السيلان.

الإعراب :

  • ﴿ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ:
  • اعربت. من ماء: جار ومجرور متعلق بخلق. دافق: صفة- نعت- لماء مجرورة مثلها بالكسرة اي من ماء منصب باندفاع اي صب فيه دفع بمعنى مدفوق اي مصبوب بشدة. وجملة «خلق» تفسيرية لا محل لها.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [6] لما قبلها :     ولَمَّا كأنه قيلَ: مِمَّ خُلِقَ؟؛ أجابَ هنا عن هذا السؤال، قال تعالى:
﴿ خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [7] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ

التفسير :

[7] يخرج من بين صلب الرجل وصدر المرأة

المني الذي{ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} يحتمل أنه من بين صلب الرجل وترائب المرأة، وهي ثدياها.

ويحتمل أن المراد المني الدافق، وهو مني الرجل، وأن محله الذي يخرج منه ما بين صلبه وترائبه، ولعل هذا أولى، فإنه إنما وصف الله به الماء الدافق، والذي يحس [به] ويشاهد دفقه، هو مني الرجل، وكذلك لفظ الترائب فإنها تستعمل في الرجل، فإن الترائب للرجل، بمنزلة الثديين للأنثى، فلو أريدت الأنثى لقال:"من بين الصلب والثديين "ونحو ذلك، والله أعلم.

يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ أى: يخرج هذا الماء الدافق، من بين صلب كل واحد منهما، وترائب كل منهما. أى: أن أعضاء وقوى كل منهما، تتعاون في تكوين ما هو مبدأ لتوالد الإنسان: ماء الرجل وهو المنى، ومادة المرأة وهي البويضة المصحوبة بالسائل، المنصبان بدفع وسيلان سريع إلى الرحم عند الاتصال الجنسي. ويسمى الفقهاء هذه المادة منيا وماء.. .

وقال فضيلة الشيخ ابن عاشور: وأطنب- سبحانه- في وصف هذا الماء الدافق، لإدماج التعليم والعبرة بدقائق التكوين، ليستيقظ الجاهل الكافر، ويزداد المؤمن علما ويقينا.

ووصف بأنه يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ، لأن الناس لا يتفطنون لذلك.. وهذا من الإعجاز العلمي في القرآن، الذي لم يكن علم به للذين نزل بينهم، وهو إشارة مجملة، وقد بينها حديث مسلم عن أم سلمة وعائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن احتلام المرأة فقال: «تغتسل إذا أبصرت الماء. فقيل له: أترى المرأة ذلك؟ فقال: وهل يكون الشبه إلا من قبل ذلك، إذا علا ماء المرأة ماء الرجل، أشبه الولد أخواله، وإذا علا ماء الرجل ماءها، أشبه أعمامه» .

وقال صاحب الظلال: ولقد كان هذا سرا مكنونا في علم الله لا يعلمه البشر، حتى كان نصف القرن الأخير، حيث اطلع العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته، وعرف أنه في عظام الظهر الفقارية، يتكون ماء الرجل. وفي عظام الصدر العلوية يتكون ماء المرأة، حيث يلتقيان في قرار مكين. فينشأ منهما الإنسان.. .

قال شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( يخرج من بين الصلب والترائب ) صلب الرجل وترائب المرأة ، أصفر رقيق ، لا يكون الولد إلا منهما . وكذا قال سعيد بن جبير ، وعكرمة ، وقتادة والسدي ، وغيرهم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، عن مسعر : سمعت الحكم ذكر عن ابن عباس : ( يخرج من بين الصلب والترائب ) قال : هذه الترائب . ووضع يده على صدره .

وقال الضحاك وعطية ، عن ابن عباس : تريبة المرأة موضع القلادة . وكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير . وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الترائب : بين ثدييها .

وعن مجاهد : الترائب ما بين المنكبين إلى الصدر . وعنه أيضا : الترائب أسفل من التراقي . وقال سفيان الثوري : فوق الثديين . وعن سعيد بن جبير : الترائب أربعة أضلاع من هذا الجانب الأسفل .

وعن الضحاك : الترائب بين الثديين والرجلين والعينين .

وقال الليث بن سعد عن معمر بن أبي حبيبة المدني : أنه بلغه في قول الله - عز وجل - : ( يخرج من بين الصلب والترائب ) قال : هو عصارة القلب ، من هناك يكون الولد .

وعن قتادة : ( يخرج من بين الصلب والترائب ) من بين صلبه ونحره .

وقوله: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) يقول: يخرج من بين ذلك، ومعنى الكلام: منهما، كما يقال: سيخرج من بين هذين الشيئين خير كثير، بمعنى: يخرج منهما.

واختلف أهل التأويل في معنى الترائب وموضعها، فقال بعضهم: الترائب: موضع القلادة من صدر المرأة.

* ذكر من قال ذلك.

حدثني عبد الرحمن بن الأسود الطفاويّ، قال: ثنا محمد بن ربيعة، عن سَلَمَة بن سابور، عن عطية العَوْفِيّ، عن ابن عباس ( الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) قال: الترائب: موضع القِلادة .

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) يقول: من بين ثدي المرأة .

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: سُئل عكرِمة عن الترائب، فقال: هذه، ووضع يده على صدره بين ثدييه .

حدثني ابن المثنى، قال: ثني سلم بن قتيبة، قال: ثني عبد الله بن النُّعمان الحُدَانيّ، أنه سمع عكرِمة يقول: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) قال: صُلْب الرجل، وترائب المرأة .

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن شريك، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، قال: الترائب الصدر .

قال: ثنا ابن يمان، عن مِسْعَر، عن الحكم، عن أبي عياض، قال: ( التَّرَائِبِ ): الصدر .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) قال: الترائب: الصدر. وهذا الصلب وأشار إلى ظهره .

وقال آخرون: الترائب: ما بين المنكبين والصدر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن إسرائيل، عن ثُوَير، عن مجاهد، قال : ( الترائِبِ ) ما بين المنكبين والصدر .

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( التَّرَائِبِ ) قال: أسفل من التراقي.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قال: الصُّلْب للرجل، والترائب للمرأة، والترائب فوق الثديين.

وقال آخرون: هو اليدان والرجلان والعينان.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) قال: فالترائب أطراف الرجل واليدان والرجلان والعينان، فتلك الترائب.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي رَوْق، عن الضحاك ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) قال: الترائب: اليدان والرجلان.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، قال: قال غيره: الترائب: ماء المرأة وصلب الرجل.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) : عيناه ويداه ورجلاه.

وقال آخرون: معنى ذلك، أنه يخرج من بين صلب الرجل ونحره.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) يقول: يخرج من بين صلب الرجل ونحره.

وقال آخرون: هي الأضلاع التي أسفل الصلب.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) قال: الترائب: الأضلاع التي أسفل الصلب.

وقال آخرون: هي عصارة القلب.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني الليث، أن معمر بن أبي حَبِيبة المَدِيني حدّثه، أنه بلغه في قول الله: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) قال: هو عُصَارة القلب، ومنه يكون الولد .

والصواب من القول في ذلك عندنا، قولُ من قال: هو موضع القِلادة من المرأة، حيث تقع عليه من صدرها؛ لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب، وبه جاءت أشعارهم، قال المثقَّب العبدي:

وَمِــنْ ذَهَـبٍ يُسَـنُّ عَـلَى تَـرِيبٍ

كَلَــوْنِ العَـاجِ لَيْسَ بِـذِي غُضُـونِ (1)

وقال آخر:

وَالزَّعْفَــرَانُ عَـلَى تَرَائِبِهَـا شَـرِقا

بِــــهِ اللَّبَّــــاُت والنَّحْــــرُ (2)

التدبر :

وقفة
[7] ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ الذي أخرجك وأنت نطفة من مضائق الأصلاب والترائب؛ قدير على إخراجك من كل ضيق.

الإعراب :

  • ﴿ يَخْرُجُ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «يخرج» في محل جر صفة ثانية لماء
  • ﴿ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ:
  • جار ومجرور متعلق بيخرج. الصلب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ وَالتَّرائِبِ:
  • معطوفة بالواو على «الصلب» مجرورة مثلها بالكسرة اي من بين صلب الرجل وترائب المرأة وهي عظام الصدر حيث تكون القلادة و «من» لابتداء الغاية.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     ولَمَّا كان المرادُ بالماءِ ماءَ الرَّجلِ وماءَ المرأةِ؛ وَصَفَ هنا محلَّه الذي يخرج منه، قال تعالى:
﴿ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يخرج:
1- مبنيا للفاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للمفعول، وهى قراءة ابن أبى عبلة، وابن مقسم.
الصلب:
1- بضم الصاد وسكون اللام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضم الصاد واللام، وهى قراءة ابن أبى عبلة، وابن مقسم، وأهل مكة، وعيسى.
3- بفتحهما، وهى قراءة اليماني.

مدارسة الآية : [8] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ

التفسير :

[8]إن الذي خلق الإنسان من هذا الماء لَقادر على رجعه إلى الحياة بعد الموت.

فالذي أوجد الإنسان من ماء دافق، يخرج من هذا الموضع الصعب، قادر على رجعه في الآخرة، وإعادته للبعث، والنشور [والجزاء] ، وقد قيل:إن معناه، أن الله على رجع الماء المدفوق في الصلب لقادر، وهذا - وإن كان المعنى صحيحًا - فليس هو المراد من الآية.

وقوله- سبحانه-: إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ، فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ. بيان لكمال قدرته- تعالى- وأنه كما أنشأ الإنسان من ماء مهين، قادر على إعادته إلى الحياة بعد موته. والضمير في قوله: إِنَّهُ يعود إلى الله- عز وجل- لأن الخالق للإنسان من ماء دافق هو الله- تعالى-.

والضمير في قوله «رجعه» يعود إلى الإنسان المخلوق.

وقوله : ( إنه على رجعه لقادر ) فيه قولان :

أحدهما : على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك . قاله مجاهد ، وعكرمة ، وغيرهما .

والقول الثاني : إنه على رجع هذا الإنسان المخلوق من ماء دافق ، أي : إعادته وبعثه إلى الدار الآخرة لقادر ; لأن من قدر على البدء قدر على الإعادة .

وقد ذكر الله ، - عز وجل - هذا الدليل في القرآن في غير ما موضع ، وهذا القول قال به الضحاك ، واختاره ابن جرير ،

وقوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) يقول تعالى ذكره: إن هذا الذي خلقكم أيها الناس من هذا الماء الدافق، فجعلكم بشرًا سويًا، بعد أن كنتم ماء مدفوقًا، على رجعه لقادر.

واختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله: ( عَلَى رَجْعِهِ ) على ما هي عائدةٌ، فقال بعضهم: هي عائدة على الماء. وقالوا: معنى الكلام: إن الله على ردّ النطفة في الموضع التي خرجت منه ( لَقَادِرٌ ) .

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن عكرِمة، في قوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) قال: إنه على رَدّه في صُلْبه لقادر .

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله، قال: ثنا شعبة، عن أبي رجاء، عن عكرمة في قوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) قال: لِلصُّلب .

حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) قال: على أن يرد الماء في الإحليل .

حدثني نصر بن عبد الرحمن الأوْدِيّ الوشاء، قال: ثنا أبو قَطَن عمرو بن الهيثم، عن ورقاء، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن عبد الله بن أبي بكر، عن مجاهد، في قوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) قال: على ردّ النطفة في الإحليل .

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) قال: في الإحليل .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) قال: ردّه في الإحليل .

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنه على ردّ الإنسان ماءً كما كان قبل أن يخلقه منه.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) إن شئتُ رددتُه كما خلقته من ماءٍ .

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنه على حبس ذلك الماء لقادرٌ.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) قال: على رجع ذلك الماء لقادرٌ، حتى لا يخرج، كما قدر على أن يخلق منه ما خلق قادر على أن يرجعه .

وقال آخرون: بل معنى ذلك أنه قادر على رجع الإنسان من حال الكبر إلى حال الصغر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن مقاتل بن حيان، عن الضحاك قال: سمعته يقول في قوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) يقول: إن شئتُ رددته من الكبر إلى الشباب، ومن الشباب إلى الصِّبا، ومن الصبا إلى النطفة. وعلى هذا التأويل تكون الهاء في قوله: ( عَلَى رَجْعِهِ ) من ذكر الإنسان.

وقال آخرون، ممن زعم أن الهاء للإنسان: معنى ذلك أنه على إحيائه بعد مماته لقادر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) إن الله تعالى ذكره على بعثه وإعادته قادر .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: إن الله على ردّ الإنسان المخلوق من ماء دافق من بعد مماته حيًّا، كهيئته قبل مماته لقادر.

وإنما قلت: هذا أولى الأقوال في ذلك بالصواب؛ لقوله: ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) فكان في إتباعه قوله: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) نبأ من أنباء القيامة، دلالة على أن السابق قبلها أيضًا منه، ومنه ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) يقول تعالى ذكره: إنه على إحيائه بعد مماته لقادر يوم تُبلى السرائر، فاليوم من صفة الرجع، لأن المعنى: إنه على رجعه يوم تبلى السرائر لقادر.

التدبر :

وقفة
[8] ﴿إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ القادر على أن يرجع جسدك بعد أن يبلى؛ قادر على أن يعيد لك عافيتك وصحتك وسعادتك، وكل شيء جميل فقدته.
وقفة
[8] ﴿إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ هذا قياس عقلي، فالذي قدر على أن يخلق الإنسان من هذا الماء المهين الدافق، قادر أن يعيده يوم القيامة، وهو استدلال بالمحسوس المشاهد على الغيب غير المشاهد.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّهُ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» والضمير يعود على الخالق سبحانه لدلالة «خلق» عليه أي ان ذلك الذي خلق الانسان ابتداء من نطفة.
  • ﴿ عَلى رَجْعِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بالخبر والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالاضافة أي على اعادته
  • ﴿ لَقادِرٌ:
  • اللام لام التوكيد- المزحلقة- قادر: خبر «ان» مرفوع بالضمة اي لبين القدرة لا يعجز عنه.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     ولَمَّا قَدَرَ الخالقُ على جَمعِ تلك الأجزاءِ المتفَرِّقةِ حتَّى خَلَقَ منها إنسانًا سَوِيًّا؛ وَجَب أن يُقالَ: إنَّه بَعْدَ مَوتِه وتفَرُّقِ أجزائِه لا بُدَّ أن يَقدِرَ الخالقُ على جَمعِ تلك الأجزاءِ، وجَعْلِها خَلْقًا سَوِيًّا كما كان، قال تعالى:
﴿ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [9] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ

التفسير :

[9] يوم تُختَبر السرائر فيما أخفته، ويُمَيَّز الصالح منها من الفاسد

{ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} أي:تختبر سرائر الصدور، ويظهر ما كان في القلوب من خير وشر على صفحات الوجوه قال تعالى:{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} ففي الدنيا، تنكتم كثير من الأمور، ولا تظهر عيانًا للناس، وأما في القيامة، فيظهر بر الأبرار، وفجور الفجار، وتصير الأمور علانية.

وقوله: تُبْلَى من البلاء بمعنى الاختبار والامتحان، ومنه قوله- تعالى- إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ والمراد بقوله تُبْلَى هنا: الكشف والظهور.

والسَّرائِرُ جمع سريرة، وهي ما أسره الإنسان من أقوال وأفعال، والظرف «يوم» متعلق بقوله: رَجْعِهِ.

أى: إن الله- تعالى- الذي قدر على خلق الإنسان من ماء دافق. يخرج من بين الصلب والترائب.. لقادر- أيضا- على إعادة خلق هذا الإنسان بعد موته، وعلى بعثه من قبره للحساب والجزاء، يوم القيامة، يوم تكشف المكنونات، وتبدو ظاهرة للعيان، وترفع الحجب عما كان يخفيه الإنسان في دنياه من عقائد ونيات وغيرهما.

ولهذا قال : ( يوم تبلى السرائر ) أي : يوم القيامة تبلى فيه السرائر ، أي : تظهر وتبدو ، ويبقى السر علانية والمكنون مشهورا . وقد ثبت في الصحيحين ، عن ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يرفع لكل غادر لواء عند استه يقال : هذه غدرة فلان بن فلان " .

وَعُنِي بقوله: ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ )

يوم تُخْتَبَرُ سرائر العباد، فيظهر منها يومئذ ما كان في الدنيا مستخفيًا عن أعين العباد من الفرائض التي كان الله ألزمه إياها، وكلَّفه العمل بها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن عبد الله بن صالح، عن يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، في قوله: ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) قال: ذلك الصوم والصلاة وغسل الجنابة، وهو السرائر، ولو شاء أن يقول: قد صُمْتُ، وليس بصائم، وقد صلَّيتُ، ولم يصلّ، وقد اغتسلت، ولم يغتسل.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) إن هذه السرائر مختبرة، فأسِرّوا خيرًا وأعلنوه إن استطعتم، ولا قوّة إلا بالله .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) قال: تُخْتَبَر .

التدبر :

وقفة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ أي: تخرج مخبآتها وتظهر؛ وهو كل ما كان استسره الإنسان من خير أو شر وأضمره من إيمان أو كفر.
لمسة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ وفي التعبير عن الأعمال بـ (السر) لطيفة، وهو أن الأعمال نتائج السرائر، فمن كانت سريرته صالحة كان عمله صالحًا، فتبدو سريرته على وجهه نورًا وإشراقًا، ومن كانت سريرته فاسدة كان عمله تابعًا لسريرته، فتبدو سريريته على وجهه سوادًا وظلمة، وإن كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنما هو عمله لا سريرته.
وقفة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ قال ابن عمر: «يبدي الله يوم القيامة كل سر خفي، فيكون زينًا في الوجوه، وشينًا في الوجوه».
وقفة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ قال ابن المبـارك: «ما رأيـتُ أحدًا ارتفع مثـل (مالك)، ليس لهُ كثيرُ صلاة ولا صيام، إلاَّ أن تكون له سريرة».
وقفة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ يوم تنكشف الخفايا وتُقتَص المظالم، ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: 88، 89] خالٍ من الظلم والسواد.
وقفة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ هناك كلُّ النوايا تتكشُّف، لديك الآن مُتُّسعٌ لترميمِ سريرتك وإصلاحِ نيَّتك.
وقفة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ الاختبار يوم القيامة للسريرة فيتميز صحيحها من سقيمها, ومن فوائد ذلك: أن أعمال الجوارح تبع لما انعقدت عليه السرائر.
وقفة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ سرائرك وغدراتك التي تخفيها عن العباد؛ ستظهر على صفحات وجهك، وسيرفع لكل غادر لواء، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ» [البخاري 6178].
وقفة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس.
وقفة
[9] ﴿يَومَ تُبلَى السَّرائِرُ﴾ يوم تُخْتَبر السرائر، فيُكْشَف عما كانت تضمره القلوب من النيات والعقائد وغيرها، فيتميز الصالح منها والفاسد.
وقفة
[9] ﴿يَومَ تُبلَى السَّرائِرُ﴾ ما خبأته فى الدنيا برغبتك؛ سيكشف يوم القيامة بغير رغبتك.
وقفة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ مـن أصلح سريرته؛ فاح عبير فضله، وعبقت القلوب بـنشر طيبه، فالله الله في إصلاح السرائر، فلا ينفع مع فسادها صلاح الظاهر.
وقفة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ (كل السرائر) بدون استثناء.
تفاعل
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ قل: «يا رب طهِّر سرائرنا الآن حتى لا يخزينا كشف سترك يوم القيامة».
وقفة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ هذا مستقبل حتمي الوقوع، سأمر به أنا وأنتِ، فـاللهم إن كان في قلوبنا شائبة لا ترضاها ولم نلحظها فبصِّرنا بها؛ وطهّر قلوبنا منها، وارزقنا النقاء الذي يرضيك عنا لنكون من أهل منابر النور.
عمل
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ طَيِّب نيتك, وأصلح باطنك, فإن أمامك وقفة بين يدي الله يحصل فيها ما في الصدور, ويكشف فيها عما في القلوب.
وقفة
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ آية تحدث رهبة في النفس وتخاطبها خطابًا يكاد ينخلغ منه القلب، فليس عند الله سر أو علانية.
عمل
[9] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ «قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ» [مسلم 1905]؛ فلنحاذر قبل أن تبلى السرائر.
اسقاط
[9] صدرك صندوق لأكثر أعمالك، وسيفتح هذا الصندوق: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ فانظر ما الذي سيفتح عليه الصندوق؟ أيسرك أن يفتح وفيه رياء أم حسد أم شيء يكدر سلامته؟ هنيئًا لمن قيل له أنت ممن: ﴿أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: 89].
وقفة
[9] هل يسرك أن يعلم الناس ما في صدرك -مما تحرص على كتمانه ولا تحب نسبته إليك-؟! قطعًا لا تحب، بل ستتبرأ منه لو ظهر، إذن قف مع هذه الآية متدبرًا، وتأمل ذلك المشهد العظيم: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾، ﴿وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾ [العاديات: 10]، أتريد النجاة من هذا كله؟ إذن حاول أن تأتي ربك كما أتى الخليل عليه الصلاة والسلام ربه تعالى: ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الصافات: 84]، وهنا؟ لن ترى ما يسوؤك!
عمل
[9] تذكر ذنبًا فعلته ولم يطلع عليه بشر واستغفر الله منه ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾.
وقفة
[9] مواقع التواصل الاجتماعي صناديق نودع فيها ما نشاء من خير أو شر، ثم تفتح يوم القيامة: ﴿يوم تبلى السرائر﴾.
عمل
[9] تفقد قلبك، وانظر في أسراره، أيسرك أن يُطلع عليها؟! ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ يَوْمَ:
  • ظرف زمان منصوب برجعه وعلامة نصبه الفتحة او منصوب بفعل مضمر يفسره «ناصر» في الآية التالية هذا في حالة جعل الضمير في «رجعه» للماء اي يرجعه الى مخرجه من الصلب ....
  • ﴿ تُبْلَى السَّرائِرُ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر. السرائر: نائب فاعل مرفوع بالضمة اي يوم تختبر الضمائر او ما أسر في القلوب من العقائد والنيات وما أخفي من الاعمال.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [9] لما قبلها :     ولَمَّا أقامَ اللهُ الدَّليلَ على صِحَّةِ القَولِ بالبَعْثِ والقيامةِ؛ وَصَفَ هنا حالَ الإنسانِ في ذلك اليومِ، فقال تعالى:
﴿ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [10] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا ..

التفسير :

[10] فما للإنسان من قوة يدفع بها عن نفسه، وما له من ناصر يدفع عنه عذاب الله.

{ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ} يدفع بها عن نفسه{ وَلَا نَاصِرٍ} خارجيينتصر به، فهذا القسم على حالة العاملين وقت عملهم وعند جزائهم.

وفي هذا اليوم لا يكون للإنسان من قوة تحميه من الحساب والجزاء، ولا يكون له من ناصر ينصره من بأس الله- تعالى- أو من مدافع يدافع عنه.

وقوله تعالى "فما له" أي الإنسان يوم القيامة "من قوة" أي في نفسه "ولا ناصر" أي من خارج منه أي لا يقدر على أن ينقذ نفسه من عذاب الله ولا يستطيع له أحد ذلك.

وقوله: ( فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ ) يقول تعالى ذكره: فما للإنسان الكافر يومئذ من قوّة يمتنع بها من عذاب الله، وأليم نكاله، ولا ناصر ينصره فيستنقذه ممن ناله بمكروه، وقد كان في الدنيا يرجع إلى قوّةٍ من عشيرته، يمتنع بهم ممن أراده بسوءٍ، وناصرٍ من حليفٍ ينصره على من ظلمه واضطهده.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ ) ينصره من الله .

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( وَلا نَاصِرٍ ) قال: من قوّة يمتنع بها، ولا ناصر ينصره من الله .

حدثني عليّ بن سهل، قال: ثنا ضَمْرة بن ربيعة، عن سفيان الثوري، في قوله: ( مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ ) قال: القوّة: العشيرة، والناصر: الحليف .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[10] ﴿فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ﴾ فما للإنسان الكافر يومئذ من قوة يمتنع بها من عذاب الله وأليم نكاله، ولا ناصر ينصره فيستنقذه ممن ناله بمكروه، وقد كان في الدنيا يرجع إلى قوة من عشيرته يمتنع بهم ممن أراده بسوء، وناصر من حليف ينصره على من ظلمه واضطهده.
وقفة
[10] ﴿فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ﴾ تأمل كيف نفت هذه الآية كل سبب يمكن أن يكون للإنسان يوم القيامة، فإنه نفى القوة وهي ما عند الإنسان من داخله، ونفى الناصر وهو ما له من خارجه.
وقفة
[10] لا قوة للعبد ذلك اليوم؛ لأن قوة الإنسان إما أن تكون لذاته، أو مستفادة من غيره، فنفى القوة الذاتية بقوله: ﴿فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ﴾، ونفي القوة الخارجية بقوله: ﴿وَلَا نَاصِرٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ:
  • الفاء حرف عطف وجواب. ما: نافية لا عمل لها. له: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. من: حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. قوة: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لانه مبتدأ مؤخر اي فما للانسان من منعة في نفسه يمتنع بها و «من» حرف جر لابتداء الغاية.
  • ﴿ وَلا ناصِرٍ:
  • الواو عاطفة. لا: نافية زائدة لتأكيد معنى النفي. ناصر: معطوفة على «قوة» وتعرب اعرابها اي ولا مانع يمنعه من عذاب الله اي ينصره منه.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     ولَمَّا كان الامتِناعُ في الدُّنيا إمَّا بقُوَّةٍ في الإنسانِ، وإمَّا بناصرٍ خارجٍ عن نَفْسِه؛ نفى عنه تعالى ما يمتَنِعُ به، قال تعالى:
﴿ فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [11] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ

التفسير :

[11] والسماء ذات المطر المتكرر

ثم أقسم قسمًا ثانيًا على صحة القرآن، فقال:{ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} أي:ترجع السماء بالمطر كل عام، وتنصدع الأرض للنبات، فيعيش بذلك الآدميون والبهائم، وترجع السماء أيضًا بالأقدار والشئون الإلهية كل وقت، وتنصدع الأرض عن الأموات .

ثم أقسم- سبحانه- مرة أخرى بالسماء على أن القرآن من عنده- تعالى- فقال:

وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ. وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ. إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ. وَما هُوَ بِالْهَزْلِ.

والرجع: المطر. وسمى بذلك لأنه يجيء ويرجع ويتكرر، وقيل: الرجع هنا: الشمس والقمر والنجوم، يرجعن في السماء حيث تطلع من ناحية، وتغيب في الأخرى.

وقيل: المراد بالرجع: الملائكة، لأنهم يرجعون إليها حاملين أعمال العباد.

قال ابن عباس : الرجع : المطر . وعنه : هو السحاب فيه المطر . وعنه : ( والسماء ذات الرجع ) تمطر ثم تمطر .

وقال قتادة : ترجع رزق العباد كل عام ، ولولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم .

وقال ابن زيد : ترجع نجومها وشمسها وقمرها ، يأتين من هاهنا .

القول في تأويل قوله تعالى : وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11)

يقول تعالى ذكره: ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ) ترْجع بالغيوم وأرزاق العباد كلّ عام؛ ومنه قول المتنخِّل في صفة سيف:

أبْيَـــضُ كــالرَّجْعِ رَسُــوبٌ إذَا

مَــا ثَــاخَ فِــي مُحْـتَفَلٍ يَخْـتَلِي (3)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن خصيف، عن عكرِمة، عن ابن عباس: ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ) قال: السحاب فيه المطر .

حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن خَصِيف، عن عكرِمة، عن ابن عباس في قوله: ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ) قال: ذات السحاب فيه المطر .

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ) يعني بالرجع: القطر والرزق كلّ عام .

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ) قال: ترجع بأرزاق الناس كلّ عام؛ قال أبو رجاء: سُئل عنها عكرِمة، فقال: رجعت بالمطر .

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( ذَاتِ الرَّجْعِ ) قال: السحاب يمطر، ثم يَرجع بالمطر .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ) قال: ترجع بأرزاق العباد كلّ عام، لولا ذلك هلَكوا، وهلَكت مواشيهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ) قال: ترجع بالغيث كلّ عام .

حُدثت عن الحسين: قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ) يعني: المطر .

وقال آخرون: يعني بذلك: أن شمسها وقمرها يغيب ويطلُع.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ) قال: شمسها وقمرها ونجومها يأتين من هاهنا .

التدبر :

وقفة
[11، 12] ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ يقسم الله هنا بالسماء ذات السحب والغيوم والأمطار, والأرض ذات التشقق عن النباتات والزروع المختلفة على أن القرآن الكريم قول فصل وحكم عدل في كل مختلف فيه، وفي القسم بهاتين الحالتين إيماء إلى دليلين من أدلة البعث بعد الموت.
عمل
[11، 12] ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ تفاءلوا! سموا المطر رجعًا ليرجع، استعمل دائمًا لغة المتفائلين.
اسقاط
[12:11] ﴿وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجعِ * وَالأَرضِ ذاتِ الصَّدعِ﴾ كونٌ منظمٌ بإبداع، بخطوات محسومة سابقًا وبدقة، فنتائج لا تقبل خطأ، فهل نظمت حياتك؟

الإعراب :

  • ﴿ وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ:
  • اعربت في الآية الكريمة الاولى. ذات: صفة- نعت- للسماء مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. الرجع: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة اي ذات المطر وفي الآية معناه ذات النفع. سمي المطر رجعا تسمية بمصدر «رجع».

المتشابهات :

الذاريات: 7﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ
البروج: 1﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ
الطارق: 11﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     وبعْدَ أنْ تَبيَّنَ الدَّليلُ على إمْكانِ البَعثِ؛ أُعقِبَ بتَحقيقِ أنَّ القُرآنَ حَقٌّ، وأنَّ ما فيه قولٌ فَصْلٌ؛ إبْطالًا لِما مُوِّهَ عليهم مِن أنَّ أَخبارَه غَيرُ صادِقةٍ؛ إذ قد أَخبَرَهم بإحْياءِ الرِّمَمِ البالِيةِ، قال تعالى:
﴿ وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [12] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ

التفسير :

[12] والأرض ذات التشقق بما يتخللها من نبات

ثم أقسم قسمًا ثانيًا على صحة القرآن، فقال:{ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} أي:ترجع السماء بالمطر كل عام، وتنصدع الأرض للنبات، فيعيش بذلك الآدميون والبهائم، وترجع السماء أيضًا بالأقدار والشئون الإلهية كل وقت، وتنصدع الأرض عن الأموات .

والصدع: الشق والانفطار، يقال: تصدع الشيء، إذا تشقق.. والمراد به هنا:

ما تتشقق عنه الأرض من نبات. كما قال- تعالى-: أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا. ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا، فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا. وَعِنَباً وَقَضْباً..

أى: وحق السماء صاحبة المطر الذي ينزل من جهتها مرة فأخرى، لنفع العباد والحيوان والنبات.. وحق الأرض ذات النبات البازغ من شقوقها.

قال ابن عباس هو انصداعها عن النبات وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة وأبو مالك والضحاك والحسن وقتادة والسدي وغير واحد.

وقوله: ( وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) يقول تعالى ذكره: والأرض ذات الصدع بالنبات.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خَصِيف، عن عكرِمة، عن ابن عباس ( وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) قال: ذات النبات.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) يقول: صدعها إخراج النبات في كلّ عام.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَيَة، عن أبي رجاء، عن الحسن ( وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) قال: هذه تصدع عما تحتها؛ قال أبو رجاء: وسُئل عنها عكرِمة، فقال: هذه تصدع عن الرزق .

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، عن ابن أبي نجيح، قال مجاهد: ( وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) مثل المأزم مأزم منى .

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) قال: الصدع: مثل المأزم، غير الأودية وغير الجُرُف .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) تصدع عن الثمار وعن النبات كما رأيتم .

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) قال: تصدع عن النبات .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) وقرأ: ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا إلى آخر الآية، قال: صدعها للحرث .

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) :النبات .

التدبر :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الإعراب :

  • ﴿ وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. و «الصدع» ما يتصدع عن الأرض من النبات.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ الأمْرَ العُلويَّ بادِئًا به لشَرَفِه؛ أتْبَعَه السُّفليَّ، قال تعالى:
﴿ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [13] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ

التفسير :

[13] إن القرآن لقول فصل بَيْنَ الحق والباطل

{ إِنَّه} أي:القرآن{ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} أي:حق وصدق بين واضح.

إِنَّهُ أى: هذا القرآن لَقَوْلٌ فَصْلٌ أى: لقول فاصل بين الحق والباطل، والهدى والضلال. والغي والرشاد.. وقد بلغ النهاية في ذلك حتى لكأنه نفس الفصل.

قال ابن عباس حق وكذا قال قتادة وقال آخر حكم عدل.

وقوله: ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ) يقول تعالى ذكره: إن هذا القول وهذا الخبر لقول فصل: يقول: لقول يفصل بين الحقّ والباطل ببيانه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في العبارة عنه، فقال بعضهم: لقول حقّ. وقال بعضهم: لقول حكم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ) يقول: حقّ .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ) :أي حُكْم .

التدبر :

وقفة
[13] ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ كل الأقوال رمادية؛ إلا القول الفصل.
وقفة
[13] ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ ‏قاطع لكل من ناوأه وعاداه، ولهذا نجد المسلمين- لما كانوا يجاهدون الكفار بالقرآن، نجدهم- غلبوا الكفار، وقطعوا دابرهم فلما أعرضوا عن القرآن هُزموا بقدر بُعدهم عن القرآن وكلما أبعد الإنسان عن كتاب الله ابتعدت عنه العزة، وابتعد عنه النصر حتى يرجع إلى كتاب الله.
وقفة
[13، 14] ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ وهكذا هم أهل القرآن: أهل جدّ، ليسوا من أهل الهزل والغفلة، والقرآن يربي أهله على عزائم الأمور.
وقفة
[13، 14] ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ لا ينبغي للقول الفصل إلا أن يؤخذ بجد وقوة؛ تدبرًا لآياته, وتحليقًا في سماء معانيه ومقاصده, علمًا وعملًا.
وقفة
[13، 14] ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ هل يعي ذلك أولئك الذين يستشهِدُون بآياتِ اللهِ في مواطنِ المزاحِ والضَّحِكِ.
وقفة
[13، 14] ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ القرآن هو القول الفصل الذي يفصل بين الحق والباطل، وهو قول فصل ينهي كل قول، وكل جدل، وكل شك، وكل ريب، ومثل هذا الكتاب لا يمكن أن يتلبس به أي شيء من الهزل.
وقفة
[13، 14] يا أخي تكفل الله برزقك وأنت سجين في بطن أمك؛ أفيتركك وأنت طليق تمشي في مناكبها؟ ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّهُ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء يعود على القرآن ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» والجملة من «إن» وما في حيزها من اسمها وخبرها جواب القسم لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ لَقَوْلٌ فَصْلٌ:
  • اللام لام التوكيد- المزحلقة. قول: خبر «ان» مرفوع بالضمة. فصل: صفة- نعت- لقول مرفوعة مثلها بالضمة اي ذو فصل اي فاصل بين الحق والباطل.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     وبعد القسم؛ جاء جوابُ القسم، قال تعالى:
﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ

التفسير :

[14] وما هو بالهزل. ولا يجوز للمخلوق أن يقسم بغير الله، وإن فَعل فقد أشرك.

{ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} أي:جد ليس بالهزل، وهو القول الذي يفصل بين الطوائف والمقالات، وتنفصل به الخصومات.

{ إِنَّهُمْ} أي:المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم، وللقرآن

وَما هُوَ بِالْهَزْلِ أى: وأن هذا القرآن، ليس فيه شائبة من شوائب الهزل أو اللعب أو المزاح. بل هو جد كله، فيجب على كل عاقل، أن يتبع هداه، وأن يستجيب لأمره ونهيه.

وفي هذه الآيات الكريمة رد بليغ، على أولئك المشركين الجاهلين، الذين وصفوا القرآن، بأنه نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم ليهزل به، لأنه يخبرهم بأن الأموات سيعادون إلى الحياة مرة أخرى، وذلك أمر تستبعده نفوسهم المطموسة.

وفي قوله- تعالى-: وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ. وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ مقابلة لطيفة، حيث وصف- سبحانه- السماء والأرض بما يناسبهما، وبما يشير إلى أن البعث حق، لأنه كما ينزل المطر من السماء فيحيى الأرض بعد موتها. كذلك يحيى الله- تعالى- بقدرته الأجساد بعد موتها. وعاد الضمير في قوله إِنَّهُ إلى القرآن- مع أنه لم يسبق له ذكر- لأنه معلوم من المقام.

أي بل هو جد حق.

وقوله: ( وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ) يقول: وما هو باللعب ولا الباطل.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ) يقول: بالباطل .

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ) قال: باللعب .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[14] ﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ الأسلوب الساخر لا ينتج حقًّا، ولا يعبر عن قضية.

الإعراب :

  • ﴿ وَما هُوَ:
  • الواو حرف عطف. ما: نافية بمنزلة «ليس» عند أهل الحجاز ونافية لا عمل لها عند بني تميم و «هو» ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع اسم «ما» على اللغة الاولى ومبتدأ على اللغة الثانية.
  • ﴿ بِالْهَزْلِ:
  • الباء حرف جر زائد. الهزل: اسم مجرور بالباء لفظا منصوب محلا لانه خبر «ما» ومرفوع محلا لانه خبر «هو» وعلامة نصبه او رفعه فتحة مقدرة او ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورهما اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد اي أنه جد كله لا هوادة فيه.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     وبعد الثَّناءِ على القُرآنِ بأنَّه «قَولٌ فَصلٌ» ردًّا على المشركينَ؛ إذ كانوا يَزعُمونَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جاء يَهزِلُ؛ إذ يخبِرُ بأنَّ الموتى سيَحْيَونَ، يُريدونَ تضليلَ عامَّتِهم حينَ يَسمَعونَ القُرآنِ، يختَلِقونَ لهم تلك المعاذيرَ؛ لِيَصرِفوهم عن أن يتدَبَّروا القُرآنَ؛ أَكَّدَ الأمْرَ هنا، فقال تعالى:
﴿ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا

التفسير :

[15] إن المكذبين للرسول -صلى الله عليه وسلم-، وللقرآن يكيدون ويدبرون؛ ليدفعوا بكيدهم الحق ويؤيدوا الباطل.

{ يَكِيدُونَ كَيْدًا} ليدفعوا بكيدهم الحق، ويؤيدوا الباطل.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة، بتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وبتبشيره بحسن العاقبة فقال- تعالى-: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً. وَأَكِيدُ كَيْداً. فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً وقوله: رُوَيْداً تصغير «رود» بزنة عود- من قولهم: فلان يمشى على رود، أى: على مهل، وأصله من رادت الريح ترود، إذا تحركت حركة ضعيفة.

والكيد: العمل على إلحاق الضرر بالغير بطريقة خفية، فهو نوع من المكر.

والمراد به بالنسبة لهؤلاء المشركين: تكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما جاء به من عند ربه، فكيدهم مستعمل في حقيقته.

أي يمكرون بالناس في دعوتهم إلى خلاف القرآن.

وقوله: ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ) يقول تعالى ذكره: إن هؤلاء المكذّبين بالله ورسوله والوعد والوعيد يمكرون مكرًا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[15] ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا﴾ جاءت الآية بصغية المضارعة (يَكِيدُونَ)، ومن لطائف ذلك: إفادته استمرار الكيد, ولا يزال أهل الكفر مستمرين في كيدهم, وفقه ذلك مفيد في الحذر منهم.
وقفة
[15، 16] ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ ويُعلَمُ بِهذا مَن الغالب؛ فإن الآدمي أضعف وأحقر من أن يغالب القوي العليم.
وقفة
[15، 16] ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ ضعف كيد الكفار إذا قوبل بكيد الله سبحانه.
وقفة
[15، 16] ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ هذا كيد، وهذا كيد، وهذه هي المعركة: ذات طرف واحد في الحقيقة، وإن صَوَّرَت ذات طرفين لمجرد السخرية والهزء.
عمل
[15، 16] ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ ما أثر كيدهم إذا كان الله جل وعلا يكيد لهم؟! فلا تجزع، ولا تيأس.
عمل
[16:15] ﴿إِنَّهُم يَكيدونَ كَيدًا * وَأَكيدُ كَيدًا﴾ لا وجه للمقارنة، أبشروا.
وقفة
[15، 16] ﴿نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُم﴾ [التوبة: 67]، ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا﴾ [النمل: 50]، ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾؛ يعاملك الله بمثل ما تعامله به.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّهُمْ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «ان» اي أهل مكة.
  • ﴿ يَكِيدُونَ كَيْداً:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. كيدا: مفعول مطلق- مصدر- منصوب وعلامة نصبه الفتحة اي يعملون المكايد في إبطال أمر الله وإطفاء نور الحق.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد الرَدِّ على المشركينَ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا ما يدبرونه للمؤمنين، وما تحويه صدورهم من غلٍّ لهم، قال تعالى:
﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَكِيدُ كَيْدًا

التفسير :

[16]وأكيد كيداً لإظهار الحق، ولو كره الكافرون

{ وَأَكِيدُ كَيْدًا} لإظهار الحق، ولو كره الكافرون، ولدفع ما جاءوا به من الباطل، ويعلم بهذا من الغالب، فإن الآدمي أضعف وأحقر من أن يغالب القوي العليم في كيده.

والمراد به بالنسبة لله- تعالى-: إمهالهم واستدراجهم، حتى يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، في الوقت الذي يختاره ويشاؤه.

أى: إن هؤلاء المشركين يحيكون المكايد لإبطال أمرك- أيها الرسول الكريم-، وإنى أقابل كيدهم ومكرهم بما يناسبه من استدراج من حيث لا يعلمون، ثم آخذهم أخذ عزيز مقتدر،

وقوله: ( وَأَكِيدُ كَيْدًا ) يقول: وأمكر مكرًا؛ ومكره جلّ ثناؤه بهم: إملاؤه إياهم على معصيتهم وكفرهم به.

التدبر :

وقفة
[16] ﴿وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ يغتر الظلمة بحلم الله عليهم، ولكنه سبحانه يملي لهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَكِيدُ كَيْداً:
  • الواو عاطفة. أكيد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا. كيدا: اعربت في الآية الكريمة السابقة اي واستدرجهم للانتصار منهم لان الكيد محال على الله. أي للانتقام منهم.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ كيدَهم؛ ذكرَ كيدَه بهم؛ تثبيتًا للمؤمنين، ووعدًا لهم بالنصر، قال تعالى:
﴿ وَأَكِيدُ كَيْدًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :الطارق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا

التفسير :

[17] فلا تستعجل لهم –أيها الرسول- بطلب إنزال العقاب بهم، بل أمهلهم وأنظرهم قليلاً، ولا تستعجل لهم، وسترى ما يحلُّ بهم من العذاب والنكال والعقوبة والهلاك

{ فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} أي:قليلًا، فسيعلمون عاقبة أمرهم، حين ينزل بهم العقاب.

تم تفسير سورة الطارق، والحمد لله رب العالمين.

فتمهل- أيها الرسول الكريم- مع هؤلاء المشركين. ولا تستعجل عقابهم. وانتظر

تدبيرى فيهم، وأمهلهم وأنظرهم «رويدا» أى: إمهالا قريبا أو قليلا، فإن كل آت قريب، وقد حقق- سبحانه- لنبيه وعده بأن جعل العاقبة له ولأتباعه.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ثم قال : ( فمهل الكافرين ) أي : أنظرهم ولا تستعجل لهم ، ( أمهلهم رويدا ) أي : قليلا . أي : وترى ماذا أحل بهم من العذاب والنكال والعقوبة والهلاك ، كما قال : ( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ) [ لقمان : 24 ] .

آخر تفسير سورة " الطارق " ولله الحمد .

وقوله: ( فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فمهِّل يا محمد الكافرين ولا تعجل عليهم ( أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ) يقول: أمهلهم آنًا قليلا وأنظرهم للموعد الذي هو وقت حلول النقمة بهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ) يقول: قريبًا .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ) الرويد: القليل .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ) قال: مَهِّلْهم، فلا تعجل عليهم تَرْكَهُمْ، حتى لمَّا أراد الانتصار منهم أمره بجهادهم وقتالهم، والغلظة عليهم .

آخر تفسير سورة والسماء والطارق.

التدبر :

عمل
[17] ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ لا تعجل، ولا تستبطئ نهاية المعركة، فإنما هي الحكمة وراء الإمهال القليل، وهو قليل حتى لو استغرق عمر الحياة الدنيا، فما عمر الدنيا إلى جانب خلود الآخرة؟!
تفاعل
[17] ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[17] ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ منهج الدعاة السير علي خطا الأنبياء: بالصبر علي سفه الفاجر الدنئ, والحلم علي طيش الحاقد الردئ, حتي يقضي الله بأمره.
وقفة
[17] ﴿فَمَهِّلِ الكافِرينَ أَمهِلهُم رُوَيدًا﴾ يتباهون ويتفاخرون بأنعم الله عليهم، بينما هو فى الحقيقة إمهال!
وقفة
[17] الحذر من كيد الله وإمهاله للمعرضين ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾.
وقفة
[17] ما الفرق بين لفظ الإرجاء والإمهال والإنظار والإملاء في القرآن؟ الجواب: الإرجاء: تأخير مع إعطاء فرصة ﴿أرجه وأخاه وابعث في المدائن﴾ [الشعراء: 36]، والإمهال: تأخير مع التهديد ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾، والإنظار: تأخير تحت المراقبة ﴿قال أنظرني﴾ [الأعراف: 14]، والإملاء: تأخير مع تمادي في الذنب ﴿أملي لهم إن كيدي﴾ [القلم: 45].

الإعراب :

  • ﴿ فَمَهِّلِ:
  • الفاء استئنافية للتسبيب. مهل: فعل أمر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ الْكافِرِينَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً:
  • تعرب اعراب «مهل» وعلامة بناء الفعل السكون الظاهر و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به وكرر وخالف بين اللفظين لزيادة التسكين منه والتصبير وهي تأكيد للفعل «مهل». رويدا: صفة منصوبة بالفتح حلت محل مفعول المصدر- المفعول المطلق- والتقدير: أمهلهم مهلا رويدا اي امهالا يسيرا.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     وبعد الوعد بالنصر؛ أمَرَ اللهُ رسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ألا يستعجل عذابهم؛ فسيرى ما يحلُّ بهم من العذاب والهلاك، قال تعالى:
﴿ فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أمهلهم:
وقرئ:
مهلهم، وهى قراءة ابن عباس.

مدارسة الآية : [1] :الأعلى     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى

التفسير :

[1] نَزِّه اسم ربك الأعلى عن الشريك والنقائص تنزيهاً يليق بعظمته سبحانه

يأمر تعالى بتسبيحه المتضمن لذكره وعبادته، والخضوع لجلاله، والاستكانة لعظمته، وأن يكون تسبيحا، يليق بعظمة الله تعالى، بأن تذكر أسماؤه الحسنى العالية على كل اسم بمعناها الحسن العظيم.

تفسير سورة الأعلى

مقدمة وتمهيد

1- سورة «الأعلى» تسمى- أيضا- بسورة: «سبح اسم ربك الأعلى» ، فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ- عند ما بلغه أنه يطيل الصلاة وهو يصلى بجماعة: «أفتان أنت يا معاذ؟ هلا صليت بسبح اسم ربك الأعلى. والشمس وضحاها.

والليل إذا يغشى» ..

2- وسورة «الأعلى» من السور التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب قراءتها، لاشتمالها على تنزيه الله- تعالى-، وعلى الكثير من نعمه ومننه، فقد أخرج الإمام أحمد عن على بن أبى طالب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة.

وعن النعمان بن بشير، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيدين: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ، وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا.

وعن عائشة- رضى الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .

3- وعدد آياتها تسع عشرة آيه. وهي من السور المكية الخالصة. قال الآلوسى:

والجمهور على أنها مكية، وعن بعضهم أنها مدنية.

والدليل على كونها مكية، ما أخرجه البخاري عن البراء بن عازب قال: أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئاننا

افتتحت السورة الكريمة ، بأمر النبى صلى الله عليه وسلم بالمداومة على تنزيه الله - تعالى - عن كل نقص ، ويدخل فى هذا الأمر ، كل من يصلح للخطاب . والاسم لمراد به الجنس ، فيشمل جميع أسمائه - تعالى - .

أى : نزه - أيها الرسول الكريم - أسماء ربك الأعلى عن كل ما لا يليق بها ، فلا تطلقها على غيره - تعالى - إذا كان خاصة به ، كلفظ الجلالة ، وكلفظ الرحمن ، ولا تذكرها فى موضع لا يتناسب مع جلالها وعظمتها ، ولا تحرفها عن المعانى التى وضعت لها كما يفعل الزائغون . فقد قال - تعالى - : ( وَللَّهِ الأسمآء الحسنى فادعوه بِهَا وَذَرُواْ الذين يُلْحِدُونَ في أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) ونزه ربك الأعلى ، عن الشريك ، وعن الوالد ، وعن الولد ، وعن الشبيه . . وعن كل ما لا يليق به .

قال الجمل : أى : نزه ربك عن كل ما لا يليق به ، فى ذاته ، وصفاته ، وأسمائه ، وأفعاله ، وأحكامه . أما فى ذاته : فأن تعتقد أنها ليست من الجواهر والأعراض . وأما فى صفاته : فإن تعتقد أنها لسيت محدثة ولا متناهية ولا ناقصة . وأما فى أفعاله : فأن تعتقد أنه - سبحانه - مطلق لا اعتراض لأحد عليه فى أمر من الأمور . وأما فى أسمائه : فأن لا تذكره - سبحانه - إلا بالأسماء التى لا توهم نقصا بوجه من الوجوه . . وأما فى أحكامه : فإن تعلم أنه ما كلفنا لنفع يعود عليه ، بل لمحض المالكية . .

أخرج الإِمام أحمد عن عامر بن عقبة الجهنى قال : " لما نزلت : ( فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم ) قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجعلوها فى ركوعكم " فلما نزلت : ( سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى ) قال : " اجعلوها فى سجودكم " " .

تفسير سورة سبح وهي مكية .

والدليل على ذلك ما رواه البخاري : حدثنا عبدان : أخبرني أبي ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب قال : أول من قدم علينا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مصعب بن عمير وابن أم مكتوم ، فجعلا يقرئاننا القرآن . ثم جاء عمار وبلال وسعد . ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين . ثم جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به ، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون : هذا رسول الله قد جاء ، فما جاء حتى قرأت : " سبح اسم ربك الأعلى " في سور مثلها .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا إسرائيل ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبيه ، عن علي قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب هذه السورة : " سبح اسم ربك الأعلى " . تفرد به أحمد .

وثبت في الصحيحين : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ : " هلا صليت بسبح اسم ربك الأعلى ، والشمس وضحاها ، والليل إذا يغشى " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه ، عن حبيب بن سالم ، عن أبيه ، عن النعمان بن بشير : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في العيدين ب " سبح اسم ربك الأعلى " و " هل أتاك حديث الغاشية " وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا .

هكذا وقع في مسند الإمام أحمد إسناد هذا الحديث . وقد رواه مسلم - في صحيحه - وأبو داود والترمذي والنسائي ، من حديث أبي عوانة وجرير وشعبة ، ثلاثتهم عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه ، عن حبيب بن سالم ، عن النعمان بن بشير ، به قال الترمذي : " وكذا رواه الثوري ومسعر ، عن إبراهيم - قال : ورواه سفيان بن عيينة عن إبراهيم - عن أبيه ، عن حبيب بن سالم ، عن أبيه ، عن النعمان . ولا يعرف لحبيب رواية عن أبيه " .

وقد رواه ابن ماجه عن محمد بن الصباح ، عن سفيان بن عيينة ، عن إبراهيم بن المنتشر ، عن أبيه عن حبيب بن سالم ، عن النعمان به كما رواه الجماعة ، والله أعلم .

ولفظ مسلم وأهل السنن : كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة ب " سبح اسم ربك الأعلى " و " هل أتاك حديث الغاشية " وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهما .

وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي بن كعب ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الرحمن بن أبزى ، وعائشة أم المؤمنين : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الوتر ب " سبح اسم ربك الأعلى " و " قل يا أيها الكافرون " و " قل هو الله أحد " زادت عائشة : والمعوذتين .

وهكذا روي هذا الحديث - من طريق - جابر وأبي أمامة صدي بن عجلان ، وعبد الله بن مسعود ، وعمران بن حصين ، وعلي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم ولولا خشية الإطالة لأوردنا ما تيسر من أسانيد ذلك ومتونه ولكن في الإرشاد بهذا الاختصار كفاية ، والله أعلم .

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا موسى - يعني ابن أيوب الغافقي - حدثنا عمي إياس بن عامر ، سمعت عقبة بن عامر الجهني لما نزلت : ( فسبح باسم ربك العظيم ) [ الواقعة : 74 ، 96 ] قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اجعلوها في ركوعكم " . فلما نزلت : ( سبح اسم ربك الأعلى ) قال : " اجعلوها في سجودكم " .

ورواه أبو داود وابن ماجه ، من حديث ابن المبارك ، عن موسى بن أيوب ، به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأ : ( سبح اسم ربك الأعلى ) قال : " سبحان ربي الأعلى " .

وهكذا رواه أبو داود عن زهير بن حرب ، عن وكيع ، به وقال : " خولف فيه وكيع ، رواه أبو وكيع وشعبة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، موقوفا " .

وقال الثوري ، عن السدي ، عن عبد خير قال : سمعت عليا قرأ ( سبح اسم ربك الأعلى ) فقال : سبحان ربي الأعلى .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام عن عنبسة ، عن أبي إسحاق الهمداني : أن ابن عباس كان إذا قرأ : ( سبح اسم ربك الأعلى ) يقول : سبحان ربي الأعلى ، وإذا قرأ : ( لا أقسم بيوم القيامة ) [ القيامة : 1 ] فأتى على آخرها : ( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) [ القيامة : 40 ] يقول : سبحانك وبلى .

وقال قتادة : ( سبح اسم ربك الأعلى ) ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأها ، قال : " سبحان ربي الأعلى " .

القول في تأويل قوله تعالى : سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1)

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) فقال بعضهم: معناه: عظم ربك الأعلى، لا ربّ أعلى منه وأعظم، وكان بعضهم إذا قرأ ذلك قال: سبحان ربي الأعلى.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر أنه كان يقرأ: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) سبحان ربي الأعلى ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ) قال: وهي في قراءة أُبيّ بن كعب كذلك .

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: سفيان، عن السدي، عن عبد خير، قال: سمعت عليًا رضي الله عنه قرأ: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) فقال: سبحان ربي الأعلى .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن أبي إسحاق الهمداني، أن ابن عباس، كان إذا قرأ ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) يقول: سبحان ربي الأعلى، وإذا قرأ لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فأتى على آخرها أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ؟ يقول: سبحانك اللهمّ وبَلَى .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال: سبحان ربي الأعلَى.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن خارجة، عن داود، عن زياد بن عبد الله، قال: سمعت ابن عباس يقرأ في صلاة المغرب: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) سبحان ربي الأعلَى .

وقال آخرون: بل معنى ذلك: نـزه يا محمد اسم ربك الأعلى، أن تسمي به شيئًا سواه، ينهاه بذلك أن يفعل ما فعل من ذلك المشركون من تسميتهم آلهتهم بعضها اللات وبعضها العزّى.

وقال غيرهم: بل معنى ذلك: نـزه الله عما يقول فيه المشركون كما قال: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وقالوا: معنى ذلك: سبح ربك الأعلى؛ قالوا: وليس الاسم معنيًا.

وقال آخرون: نـزه تسميتك يا محمد ربك الأعلى وذكرك إياه أن تذكره إلا وأنت له خاشع متذلل؛ قالوا: وإنما عُنِي بالاسم: التسمية، ولكن وُضع الاسم مكان المصدر.

وقال آخرون: معنى قوله: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) : صلّ بذكر ربك يا محمد ، يعني بذلك: صلّ وأنت له ذاكر، ومنه وجل خائف.

وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال: معناه: نـزه اسم ربك أن تدعو به الآلهة والأوثان، لما ذكرت من الأخبار، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة أنهم كانوا إذا قرءوا ذلك قالوا: سبحان ربي الأعلى، فَبَيَّن بذلك أن معناه كان عندهم معلوما: عظم اسم ربك ونـزهه.

التدبر :

وقفة
[1] ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ كما هو الأعلى في السماء لا بد أن يكون الأعلى في سموات قلبك، الأعلى في كل حياتك.
وقفة
[1] ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ وهو الأعلى في السماء يسمعك ولو كنت في أدنى الأرض، سبحان ربي الأعلى.
تفاعل
[1] ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ سبِّح ناطقًا باسم ربك متكلمًا به.
وقفة
[1] ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ قال القرطبي: «يُستحب للقارئ إذا قرأ: سبح اسم ربك الأعلى أن يقول عقبه: سبحان ربي الأعلى، قاله النبي ﷺ وقاله جماعة من الصحابة والتابعين».
وقفة
[1] ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ استشعر دومًا أن الله عال بذاته, وعال بصفاته, ولهذا كان الإنسان إذا سجد يقول: «سبحان ربي الأعلى», ليتذكر كمال علو ربه.
وقفة
[1] ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ ولأنه الأعلى سبحانه؛ فهو وحده المستحق للتنزيه.

الإعراب :

  • ﴿ سَبِّحِ:
  • فعل أمر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ اسْمَ رَبِّكَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة، ربك: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الْأَعْلَى:
  • صفة- نعت- للرب أو الاسم مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر أي قدس ونزه اسم ربك عما لا يصح من المعاني. القاهر المقتدر على كل شيء. ويكون منصوبا اذا أعربت صفة للاسم وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السورةُ بتنزيه اللَّهِ عن كلِّ ما لا يليقُ بهِ، قال تعالى:
﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [2] :الأعلى     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى

التفسير :

[2] الذي خلق المخلوقات، فأتقن خلقها، وأحسنه

وتذكر أفعاله التي منها أنه خلق المخلوقات فسواها، أي:أتقنها وأحسن خلقها.

ثم وصف- سبحانه- ذاته بعد وصفه بالأعلى بصفات كريمة أخرى فقال: الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. والخلق: هو الإيجاد للشيء على غير مثال سابق، والتسوية: هي جعل المخلوقات على الحالة والهيئة التي تناسبها، وتتلاءم مع طبيعتها.

أى: الذي خلق الخلائق كلها، وجعلها متساوية في الأحكام والإتقان حسبما اقتضته حكمته. ومنح كل مخلوق ما يناسب طبيعته ووظيفته.

قال صاحب الكشاف: قوله: الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى أى: خلق كل شيء فسوى خلقه تسوية، ولم يأت به متفاوتا غير ملتئم، ولكن على إحكام واتساق، ودلالة على أنه صادر عن عالم، وأنه صنعة حكيم.. .

أي خلق الخليقة وسوى كل مخلوق في أحسن الهيئات.

وقوله: ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ) يقول: الذي خلق الأشياء فسوىّ خلقها، وعدّلها، والتسوية التعديل.

التدبر :

وقفة
[2] ﴿الَّذي خَلَقَ فَسَوّى﴾ ولأنه الخالق فأبدع فيما خلق على غير مثال سابق.
وقفة
[2، 3] قال الرازي: «فاعلم أنه سبحانه وتعالى لما أمر بالتسبيح فكأن سائلًا قال: الاشتغال بالتسبيح إنما يكون بعد المعرفة، فما الدليل على وجود الرب؟ فقال: ﴿الَّذِى خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِى قَدَّرَ فَهَدَى﴾، واعلم أن الاستدلال بالخلق والهداية هي الطريقة المعتمدة عند أكابر الأنبياء عليهم السلام، والدليل عليه ما حكى الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام أنه قال: ﴿الَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ﴾ [الشعراء: 78]».

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِي:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة- ثانية للموصوف- ربك- أو بدل- منه ويجوز أن يكون صفة للأعلى لأن الصفة موصوفة في المعنى. والجملة بعده: صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ خَلَقَ فَسَوَّى:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وحذف المفعول اختصارا أي خلق كل شيء فسوى خلقه. فسوى: معطوفة بالفاء على «خلق» وتعرب اعرابها. وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَ اللهُ نَبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالتَّسبيحِ، فكأنَّ سائِلًا قال: الاشْتِغالُ بالتَّسبيحِ إنَّما يَكونُ بَعْدَ المَعرِفةِ؛ فما الدَّليلُ على وُجودِ الرَّبِّ؟ فقال تعالى:
﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [3] :الأعلى     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى

التفسير :

[3] والذي قدَّر جميع المقدرات، فهدى كل خلق إلى ما يناسبه

{ وَالَّذِي قَدَّرَ} تقديرًا، تتبعه جميع المقدرات{ فَهَدَى} إلى ذلك جميع المخلوقات.

وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى والتقدير: وضع الأشياء في مواضعها الصحيحة، بمقدار معين، وبكيفية معينة.. تقتضيها الحكمة، ويقرها العقل السليم.

وقوله: فَهَدَى من الهداية. بمعنى الإرشاد والدلالة على طريق الخير والبر. أى:

وهو- سبحانه- الذي جعل الأشياء على مقادير مخصوصة في أجناسها، وفي أنواعها، وفي أفرادها. وفي صفاتها وأفعالها.. وهدى كل مخلوق إلى ما ينبغي له طبعا واختيارا، ووجهه إلى الوظيفة التي خلقه من أجلها، بأن أوجد فيه العقل والميول والإلهامات والغرائز والدوافع التي تعينه على أداء تلك الوظيفة.

وحذف- سبحانه- المفعول في قوله: الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى للعموم، لأن هذه الأفعال تشمل جميع مخلوقاته- عز وجل-.

قال الآلوسى: وَالَّذِي قَدَّرَ ... أى: جعل الأشياء على مقادير مخصوصة..

فَهَدى أى: فوجه كل واحد منها إلى ما يصدر عنه، وينبغي له.. فلو تتبعت أحوال النباتات والحيوانات، لرأيت في كل منها ما تحار فيه العقول، وتضيق عنه دفاتر النقول.

وأما فنون هداياته- سبحانه- للإنسان على الخصوص، ففوق ذلك بمراحل.. وهيهات أن يحيط بها فلك العبارة والتحرير، ولا يعلمها إلا اللطيف الخبير.

أتزعم أنك جرم صغير ... وفيك انطوى العالم الأكبر

وقد فصل بعض العلماء الحديث عن مظاهر تقديره وهدايته- سبحانه- فقال: قوله- تعالى-: الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى أى: الذي خلق كل شيء فسواه، فأكمل صنعته، وبلغ به غاية الكمال الذي يناسبه، والذي قدر لكل مخلوق وظيفته وطريقته وغايته، فهداه إلى ما خلقه لأجله، وألهمه غاية وجوده، وقدر له ما يصلحه مدة بقائه، وهداه إليه. وهذه الحقيقة الكبرى ماثلة في كل شيء في هذا الوجود، ويشهد بها كل شيء في رحاب هذا الكون، من الكبير إلى الصغير..

فالطيور لها غريزة العودة إلى الموطن.. دون أن تضل عنه مهما بعد. والنحلة تهتدى إلى خليتها، مهما طمست الريح في هبوبها على الأعشاب والأشجار كل دليل يرى..

وسمك «السلمون» الصغير، يمضى سنوات في البحر، ثم يعود إلى نهره الخاص به...

وقوله : ( والذي قدر فهدى ) قال مجاهد : هدى الإنسان للشقاوة والسعادة ، وهدى الأنعام لمراتعها .

وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لفرعون : ( ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) [ طه : 5 ] أي : قدر قدرا ، وهدى الخلائق إليه ، كما ثبت في صحيح مسلم ، عن عبد الله بن عمرو : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء " .

وقوله: ( وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ) يقول تعالى ذكره: والذي قدّر خلقه فهدى.

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي عُنِي بقوله: ( فَهَدَى ) ، فقال بعضهم: هدى الإنسان لسبيل الخير والشرّ، والبهائم للمراتع.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( قَدَّرَ فَهَدَى ) قال: هدى الإنسان للشِّقوة والسعادة، وهَدى الأنعام لمراتعها .

وقال آخرون: بل معنى ذلك، هدى الذكور لمأتى الإناث. وقد ذكرنا الرواية بذلك فيما مضى.

والصواب من القول في ذلك عندنا، أن الله عمّ بقوله: ( فَهَدَى ) الخبر عن هدايته خلقه، ولم يخصص من ذلك معنى دون معنى، وقد هداهم لسبيل الخير والشرّ، وهدى الذكور لمأتى الإناث، فالخبر على عمومه حتى يأتي خبر تقوم به الحجة، دالّ على خصوصه. واجتمعت قرّاء الأمصار على تشديد الدال من قدّر، غير الكسائي فإنه خفَّفها.

والصواب في ذلك التشديد، لإجماع الحجة عليه.

التدبر :

وقفة
[3] ﴿وَالَّذي قَدَّرَ فَهَدى﴾ لما خلق الله الإنسان ماسَّ الحاجة، ظاهرَ العجز؛ جعل لنيل حاجته أسبابًا، ولدفع عجزه حيلةً، دلَّه عليها بالعقل، وأرشده إليها بالفطنة.
وقفة
[3] ﴿وَالَّذي قَدَّرَ فَهَدى﴾ نعم، مَن غيره سبحانه هدى الرضيع إلى ثدى أمه؟! ومن غيره سبحانه هدى النحل إلى الزهور والورود؛ لتنتج لنا عسلًا فيه شفاء؟! ومن غيره سبحانه هدى الطير إلى أعشاشها؟!

الإعراب :

  • ﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب اعرابها. أي قدر لكل حيوان ما يصلحه فهداه اليه وعرفه وجه الانتفاع به.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ خلقتَه؛ ذكرَ هدايتَه، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

قدر:
1- بشد الدال، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مخفف الدال، من «القدرة» ، وهى قراءة الكسائي.

مدارسة الآية : [4] :الأعلى     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى

التفسير :

[4] والذي أنبت الكلأ الأخضر

وهذه الهداية العامة، التي مضمونها أنه هدى كل مخلوق لمصلحته، وتذكر فيها نعمه الدنيوية، ولهذا قال فيها:{ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} أي:أنزل من السماء ماء فأنبت به أنواعالنبات والعشب الكثير، فرتع فيها الناس والبهائم وكل حيوان، ثم بعد أن استكمل ما قدر له من الشباب، ألوى نباته، وصوح عشبه.

وقوله- سبحانه-: وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى. فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى بيان لمظهر آخر من مظاهر قدرته- تعالى-، التي لا يعجزها شيء.

والمرعى: النبات الذي ترعاه الحيوانات، وهو اسم مكان للأرض الذي يوجد فيها النبات.

والغثاء: هو اليابس الجاف من النبات الذي ترعاه المواشي.

والأحوى: أى: المائل إلى السواد، مأخوذ من الحوّة- بضم الحاء مع تشديد الواو المفتوحة- وهي لون يكون بين السواد والخضرة أو الحمرة. ووصف الغثاء بأنه أحوى، لأنه إذا طال عليه الزمن، وأصابته المياه، اسود وتعفن فصار أحوى.

أى: وهو- سبحانه- وحده، الذي أنبت النبات الذي ترعاه الدواب، حالة كون هذا النبات أخضر رطبا. ثم يحوله بقدرته- تعالى- بعد حين إلى نبات يابس جاف.

وهذا من أكبر الأدلة المشاهدة، على أنه- تعالى- يتصرف في خلقه كما يشاء، فهو القادر على تحويل الزرع الأخضر إلى زرع يابس جاف، كما أنه قادر على إحياء الإنسان بعد موته.

فالمقصود من هذه الآيات الكريمة، الإرشاد إلى كمال قدرته، وتنوع نعمه- سبحانه-، حتى يزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم، وحتى يعود الكافرون إلى رشدهم بعد هذا البيان الواضح الحكيم.

أي من جميع صنوف النباتات والزروع.

وقوله: ( وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ) يقول: والذي أخرج من الأرض مرعى الأنعام من صنوف النبات وأنواع الحشيش.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب بن مكرم، قال ثنا الحفري، قال ثنا سفيان، عن منصور، عن أبي رزين ( أَخْرَجَ الْمَرْعَى ) قال النبات .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ... ) الآية، نبت كما رأيتم بين أصفر وأحمر وأبيض .

التدبر :

وقفة
[4، 5] ﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَىٰ * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَىٰ﴾ هذا مثل للحياة الدنيا، ولعاقبة الكفار، ومن اغتر بالدنيا، فإنهم يكونون في نعيم وزينة وسعادة، ثم يصيرون إلى شقاء في الدنيا والآخرة، كالمرعى الذي جعله غثاء أحوى -أي هشيمًا متغيرًا-.
وقفة
[4، 5] ﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَىٰ * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَىٰ﴾ امتن الله علينا بالمرعي الذي تخرجه الأرض من النباتات والزروع، ثم ذكّرنا بما يصير إليه هذا الكلأ، وهو غثاء أحوى بعد ما يبس ومات.

الإعراب :

  • ﴿ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى
  • تعرب إعراب الآية الكريمة السابقة. أي أخرج من الأرض ما ترعاه البهائم وتأكله أو بمعنى: أنبت المرعى. المرعى: مفعول «أخرج» الصريح منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ ما يختصُّ به النَّاسُ؛ أَتبَعَه بذِكْرِ ما يختصُّ به غيرُ النَّاس من النَّعَمِ، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [5] :الأعلى     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى

التفسير :

[5] فجعله بعد ذلك هشيماً جافّاً متغيِّراً إلى السَّواد بعد اخضراره.

{ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} أي:أسود أي:جعله هشيمًا رميمًا، ويذكر فيها نعمه الدينية.

وقوله- سبحانه-: وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى. فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى بيان لمظهر آخر من مظاهر قدرته- تعالى-، التي لا يعجزها شيء.

والمرعى: النبات الذي ترعاه الحيوانات، وهو اسم مكان للأرض الذي يوجد فيها النبات.

والغثاء: هو اليابس الجاف من النبات الذي ترعاه المواشي.

والأحوى: أى: المائل إلى السواد، مأخوذ من الحوّة- بضم الحاء مع تشديد الواو المفتوحة- وهي لون يكون بين السواد والخضرة أو الحمرة. ووصف الغثاء بأنه أحوى، لأنه إذا طال عليه الزمن، وأصابته المياه، اسود وتعفن فصار أحوى.

أى: وهو- سبحانه- وحده، الذي أنبت النبات الذي ترعاه الدواب، حالة كون هذا النبات أخضر رطبا. ثم يحوله بقدرته- تعالى- بعد حين إلى نبات يابس جاف.

وهذا من أكبر الأدلة المشاهدة، على أنه- تعالى- يتصرف في خلقه كما يشاء، فهو القادر على تحويل الزرع الأخضر إلى زرع يابس جاف، كما أنه قادر على إحياء الإنسان بعد موته.

فالمقصود من هذه الآيات الكريمة، الإرشاد إلى كمال قدرته، وتنوع نعمه- سبحانه-، حتى يزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم، وحتى يعود الكافرون إلى رشدهم بعد هذا البيان الواضح الحكيم.

( فجعله غثاء أحوى ) قال ابن عباس : هشيما متغيرا . وعن مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد ، نحوه .

قال ابن جرير : وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم ، وأن معنى الكلام : والذي أخرج المرعى أحوى ، أي : أخضر إلى السواد ، فجعله غثاء بعد ذلك . ثم قال ابن جرير : وهذا وإن كان محتملا إلا أنه غير صواب ; لمخالفته أقوال أهل التأويل .

وقوله: ( فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ) يقول تعالى ذكره: فجعل ذلك المرعى غُثاء، وهو ما جفّ من النبات ويبس، فطارت به الريح؛ وإنما عُني به هاهنا أنه جعله هشيمًا يابسًا متغيرًا إلى الحُوَّة، وهي السواد من بعد البياض أو الخضْرة، من شدّة اليبس.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( غُثَاءً أَحْوَى ) يقول: هشيمًا متغيرًا

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( غُثَاءً أَحْوَى ) قال: غثاء السيل أحوى، قال: أسود .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ( غُثَاءً أَحْوَى ) قال: يعود يبسًا بعد خُضرة .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ) قال: كان بقلا ونباتًا أخضر، ثم هاج فيبُس، فصار غُثاء أحوى تذهب به الرياح والسيول. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخَّر الذي معناه التقديم، وأن معنى الكلام: والذي أخرج المرعى أحوى: أي أخضر إلى السواد، فجعله غثاء بعد ذلك، ويعتلّ لقوله ذلك بقول ذي الرُّمة:

حَــوَّاءُ قَرْحـاءُ أشْـراطِيَّةٌ وَكَـفَتْ

فِيهَــا الذِّهَــابُ وَحَفَّتْهَـا الْـبَرَاعِيمُ (4)

وهذا القول وإن كان غير مدفوع أن يكون ما اشتدّت خضرته من النبات، قد تسميه العرب أسود، غير صواب عندي بخلافه تأويل أهل التأويل في أن الحرف إنما يحتال لمعناه المخرج بالتقديم والتأخير إذا لم يكن له وجه مفهوم إلا بتقديمه عن موضعه، أو تأخيره، فأما وله في موضعه وجه صحيح فلا وجه لطلب الاحتيال لمعناه بالتقديم والتأخير.

------------------

الهوامش :

(4) البيت لذي الرمة ( ديوانه : 573 ) وأنشده أبو عبيدة في مجاز القرآن ( 186 ) قال : { فجعله غثاء أحوى } هيجه حتى يبس ، فجعله أسود من احتراقه . غثاء : هشيما . وهو في موضع آخر من شدة خضرته وكثرة مائه يقال له : أحوى ؛ قال ذو الرمة : " قرحاء حواء ... " البيت . وفي ( اللسان : قرح ) وروضة قرحاء : في وسطها نورًا أبيض . قال ذو الرمة يصف روضة : " حواء قرحاء .... " البيت " . وقيل القرحاء : التي بدا نبتها : وفي ( اللسان : شرط ) وروضة أشراطية : مطرت بالشرطين ، قال ذو الرمة يصف روضة " قرحاء حواء أشراطية ... " يعني : روضة مطرت بنوء الشرطين ( وهما نجمان من برج الحمل ، يقال لهما قرن الحمل . ( اللسان : شرط ) . قال : وإنما قال : قرحاء ؛ لأن في وسطها نوارة بيضاء ، وقال : حواء : لخضرة نباتها . وفي ( اللسان : ذهب ) والذهبة ، بالكسر : المطرة . وقيل : المطرة : الضعيفة . وقيل : الجود ( بالفتح ) . والجمع : ذهاب . قال ذو الرمة يصف روضة : " حواء قرحاء ... " البيت . ا هـ . وفي ( اللسان : برعم ) البرعم والبرعوم والبرعومة ( بضم أولها ) كله : كم ثمر الشجر والنور . وقيل : زهرة الشجرة ، ونور النبت ، قبل أن يتفتح . وبرعمت الشجرة فهي مبرعمة . وتبرعمت : أخرجت برعمتها . قال : وفسر مؤرج قول ذي الرمة :

* فيهـا الذهـاب وحفتهـا البراعيم *

فقال : هي رمال فيها دارات تنبت البقل . ا هـ .

التدبر :

وقفة
[4، 5] ﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَىٰ * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَىٰ﴾ من الأرض القاحلة الجدباء ينبت المرعي الخصب الأخضر, دلالة علي تصرف الله تعالي في خلقه, وعظيم حوله وطوله.

الإعراب :

  • ﴿ فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى
  • معطوفة بالفاء على الآية الكريمة السابقة وتعرب اعرابها والهاء في «جعله» ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول. و «غثاء» مفعول به ثان منصوب بالفتحة. أحوى: صفة لغثاء منصوبة وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. أي أنبت المرعى فجعله بعد خضرته ورفيفه درينا أو هشيما أسود. ويجوز أن يكون «أحوى» حالا من المرعى: أي أخرجه أحوى أسود من شدة الخضرة والري فجعله غثاء أي يابسا. والفاء في «فجعله» وقعت موقع «ثم» مع الفاصل الكثير بين خروج المرعى وجعله غثاء.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     ولَمَّا كان إيباسُه وتَسويدُه بَعْدَ اخضِرارِه ونُمُوِّه في غايةِ الدَّلالةِ على تمامِ القُدرةِ وكَمالِ الاختيارِ، بمُعاقَبةِ الأضْدادِ على الذَّاتِ الواحِدةِ؛ قال تعالى:
﴿ فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [6] :الأعلى     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى

التفسير :

[6] سنقرئك -أيها الرسول- هذا القرآن قراءة لا تنساها

{ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} أي:سنحفظ ما أوحينا إليك من الكتاب، ونوعيه قلبك، فلا تنسى منه شيئًا، وهذه بشارة كبيرة من الله لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، أن الله سيعلمه علمًا لا ينساه.

ثم بين- سبحانه- جانبا من مظاهر فضله على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى. إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ. إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى.

والنسيان: زوال ما كان موجودا في حافظة الإنسان. والاستثناء مفرغ من أعم المفاعيل.

ومفعول المشيئة محذوف. جريا على غالب استعماله في كلام العرب..

أى: سنقرئك- أيها الرسول الكريم- القرآن على لسان أمين وحينا جبريل- عليه السلام-. وسنجعلك حافظا وواعيا لما سيقرؤه جبريل عليك، بحيث لا تنساه في وقت من الأوقات، أو في حال من الأحوال، إلا في الوقت أو في الحال الذي يشاء الله- تعالى- أن ينسيك شيئا من ذلك. فإنك ستنساه بأمره- تعالى- لأنه وحده- عز وجل- هو العليم بما كان ظاهرا من الأشياء، وبما كان خافيا منها.

فالمقصود من هاتين الآيتين: وعد الله- تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم ببيان أنه- سبحانه-، كما أنه قادر على أن يقرئ الرسول صلى الله عليه وسلم قراءة لا ينساها، فهو أيضا قادر على أن يزيل من صدره ما يشاء إزالته، عن طريق النسيان لما حفظه.

فالمراد بهذا الاستثناء: بيان أنه- تعالى- لو أراد أن يصير الرسول صلى الله عليه وسلم ناسيا للقرآن لقدر على ذلك، كما قال- سبحانه- وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ..

إذ هو- تعالى- على كل شيء قدير، ولكنه لم يشأ ذلك فضلا منه وكرما.

قال الإمام الشوكانى ما ملخصه: قوله: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى أى: سنجعلك قارئا بأن نلهمك القراءة. فلا تنسى ما تقرؤه، والجملة مستأنفة لبيان هدايته صلى الله عليه وسلم الخاصة، بعد بيان الهداية العامة، وهي هدايته صلى الله عليه وسلم لحفظ القرآن.

وقوله : ( سنقرئك ) أي : يا محمد ( فلا تنسى ) وهذا إخبار من الله ، - عز وجل - ووعد منه له ، بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها ، ( إلا ما شاء الله ) وهذا اختيار ابن جرير .

وقال قتادة : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله .

وقيل : المراد بقوله : ( فلا تنسى ) طلب ،

وقوله: ( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ ) يقول تعالى ذكره: سنقرئك يا محمد هذا القرآن فلا تنساه، إلا ما شاء الله.

ثم اختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( فَلا تَنْسَى إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ ) فقال بعضهم: هذا إخبار من الله نبيه عليه الصلاة والسلام أنه يعلمه هذا القرآن ويحفظه عليه، ونهي منه أن يعجل بقراءته كما قال جلّ ثناؤه: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ .

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن؛ قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى ) قال: كان يتذكر القرآن في نفسه مخافة أن ينسى، فقال قائلو هذه المقالة: معنى الاستثناء في هذا الموضع على النسيان، ومعنى الكلام: فلا تنسى، إلا ما شاء الله أن تنساه، ولا تذكُرَه، قالوا: ذلك هو ما نسخه الله من القرآن، فرفع حكمه وتلاوته.

* ذكر من قال ذلك:

التدبر :

وقفة
[6] ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ﴾ قال الرازي: «هذه آية تدل على المعجزة من وجهين: أحدهما: إنه كان رجلًا أميًّا، فحفظه لهذا الكتاب المطول عن غير دراسة ولا تكرار ولا كتبة، خارق للعادة، فيكون معجرًا. وثانيهما: أن هذه السورة من أوائل ما نزل بمكة، فهذا إخبار عن أمر عجيب غريب مخالف للعادة سيقع في المستقبل، وقد وقع، فكان هذا إخبارًا عن الغيب، فيكون معجزًا».
وقفة
[6] ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ﴾ ﺍﻟﺤﻔﻆُ ﻧﻌﻤﺔٌ ﻋﻈﻴﻤﺔٌ، ﻭﺃﻋﻈﻢُ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺪﻡُ ﻧﺴﻴﺎﻥِ ﻣﺎ ﺣﻔِﻈﺖَ.
عمل
[6] ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ﴾ راجع سورة أو احفظها.
عمل
[6] ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ﴾ مِن أعظَمِ النعَم الَّتي أعطاها اللهُ للعبْد هيَ: الحفظ؛ فاحفظ ما ينفعك واترُك ما لا ينفعك في حيَاتك وبعدَ مَماتك.
وقفة
[6] ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ﴾ ما أشرف إقراء القرآن وتعليمه! وقد نسب الله إقراء نبيه إلي نفسه؛ لجلال الأمر وعظيم أهميته, فأين المقبلون علي كتاب الله تعلمًا وقراءة؟!
وقفة
[6] ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ﴾ إقبالك علي القراءة والإقراء, وما تتمتع به من حافظةٍ واعية, وذاكرة حاضرة, كل ذلك نعمة عظيمة من ربك تستوجب الشكر, بتوظيفها فيما ينفع الناس.

الإعراب :

  • ﴿ سَنُقْرِئُكَ:
  • السين: حرف استقبال- تسويف- للقريب. نقرئك: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول وحذف المفعول الثاني اختصارا لأنه معلوم أي سنقرئك يا محمد القرآن. أي ما يقرأ عليه جبريل من الوحي فيحفظه.
  • ﴿ فَلا تَنْسى:
  • الفاء: استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. بمعنى «ليس» تنسى: فعل مضارع مرفوع ولا علامة للرفع فيه لأن الألف في آخره بدل من ياء. والأصل تنسي فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وحذف المفعول اختصارا لأن ما قبله يدل عليه. أي فلا تنسى ما يقرأ عليك. وقيل: اللام لام الأمر- النهي- والفعل مجزوم بها والألف مزيدة للفاصلة- أي رأس الاية- بمعنى فلا تغفل قراءته وتكريره فتنساه.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [6] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَه اللهُ بالتَّسبيحِ، وكان التَّسبيحُ لا يَتِمُّ إلَّا بقراءةِ ما أُنزِلَ عليه مِنَ القُرآنِ، وكان يتذكَّرُ في نَفْسِه مَخافةَ أن يَنْسى؛ فأزال عنه ذلك، وبَشَّرَه بأنَّه تعالى يُقرِئُه، وأنَّه لا يَنسى، قال تعالى:
﴿ سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [7] :الأعلى     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ إِنَّهُ ..

التفسير :

[7] إلَّا ما شاء الله مما اقتضت حكمته أن ينسيه لمصلحة يعلمها. إنه -سبحانه- يعلم الجهر من القول والعمل، وما يخفى منهما.

{ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} مما اقتضت حكمته أن ينسيكه لمصلحة بالغة،{ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} ومن ذلك أنه يعلم ما يصلح عباده أي:فلذلك يشرع ما أراد، ويحكم بما يريد.

وقوله: إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ استثناء مفرغ من أعم المفاعيل، أى: لا تنسى مما تقرؤه شيئا من الأشياء، إلا ما شاء الله أن تنساه، وهو لم يشأ- سبحانه- أن ينسى النبي صلى الله عليه وسلم شيئا كقوله- تعالى- خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ. وقيل: «لا» في قوله فَلا تَنْسى للنهى، والألف مزيدة لرعاية الفاصلة، كما في قوله- تعالى-: فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا، يعنى: فلا تغفل عن قراءته.

وقال الإمام الرازي: وهاتان الآيتان تدلان على المعجزة من وجهين:

أحدهما: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أميا، فحفظه لهذا الكتاب المطول عن غير دراسة، ولا تكرار، ولا كتبة، خارق للعادة فيكون معجزا. وثانيهما: أن هذه السورة من أوائل ما نزل بمكة. فهذا إخبار عن أمر عجيب غريب مخالف للعادة. سيقع في المستقبل، وقد وقع، فكان هذا إخبارا عن الغيب، فيكون معجزا...

وجعلوا معنى الاستثناء على هذا ما يقع من النسخ ، أي : لا تنسى ما نقرئك إلا ما شاء الله رفعه ; فلا عليك أن تتركه .

وقوله : ( إنه يعلم الجهر وما يخفى ) أي : يعلم ما يجهر به العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم ، لا يخفى عليه من ذلك شيء .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى ) كان صلى الله عليه وسلم لا ينسى شيئًا( إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ ) .

وقال آخرون: معنى النسيان في هذا الموضع: الترك؛ وقالوا: معنى الكلام: سنقرئك يا محمد فلا تترك العمل بشيء منه، إلا ما شاء الله أن تترك العمل به، مما ننسخه.

وكان بعض أهل العربية يقول في ذلك: لم يشأ الله أن تنسى شيئًا، وهو كقوله: خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ ولا يشاء. قال: وأنت قائل في الكلام: لأعطينك كلّ ما سألت إلا ما شئت، وإلا أن أشاء أن أمنعك، والنية أن لا تمنعه، ولا تشاء شيئًا. قال: وعلى هذا مجاري الأيمان، يستثنى فيها، ونية الحالف: اللمام.

والقول الذي هو أولى بالصواب عندي قول من قال: معنى ذلك: فلا تنسى إلا أن نشاء نحن أن نُنسيكه بنسخه ورفعه.

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن ذلك أظهر معانيه.

وقوله: ( إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ) يقول تعالى ذكره: إن الله يعلم الجهر يا محمد من عملك ما أظهرته وأعلنته ( وَمَا يَخْفَى ) يقول: وما يخفى منه فلم تظهره مما كتمته، يقول: هو يعلم جميع أعمالك سرّها وعلانيتها؛ يقول: فاحذره أن يطلع عليك وأنت عامل في حال من أحوالك بغير الذي أذن لك به.

التدبر :

وقفة
[7] ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ﴾ على الإنسانِ أن يتنبَّه إلى أعمالِ قلبِه وأعمالِ الخلواتِ؛ فاللهُ تعالى يعلمُ كلَّ شيءٍ.
وقفة
[7] ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ﴾ إذا تعالت الأصوات وارتفعت واشتدت لا يميز الإنسان بينها، ولكن الله يسمع كلام كل شخص بعينه.
وقفة
[7] قالوا: «كُل ما يعجبك، والبس ما يعجب الناس»، هكذا ولع كثيرين بالتماس رضا الناس، في مظهر أهمل معه المخبر، والموفق من استحضر: ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ﴾.
وقفة
[7] على الإنسان أن يتنبه إلى أعمال قلبه وأعمال الخلوات؛ فالله تعالى يعلم كل شيء ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ:
  • أداة استثناء. ما: اسم موصول بمعنى «الذي» مبني على السكون في محل نصب مستثنى بإلا. شاء: فعل ماض مبني على الفتح. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة وحذف مفعول «شاء» وهو كثير الحذف في القرآن بعد «شاء» لدلالة ما قبله عليه. أي إلا ما شاء الله أن ينسيكه برفع تلاوته للمصلحة. وجملة «شاءَ اللَّهُ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» يعلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الجهر: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وجملة «يَعْلَمُ الْجَهْرَ» في محل رفع خبر «ان» وما بعدها: جملة اعتراضية لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَما يَخْفى:
  • الواو عاطفة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب معطوف على «الجهر» يخفى: تعرب اعراب «يعلم» وعلامة رفعها الضمة المقدرة على الألف للتعذر. وجملة «يخفى» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. أي يعلم ما يسر الانسان وما يعلن من الأقوال والأفعال وما ظهر وما بطن من أحوالكم.

المتشابهات :

الأنعام: 128﴿قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ
الأعراف: 188﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ وَلَوۡ كُنتُ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ لَٱسۡتَكۡثَرۡتُ مِنَ ٱلۡخَيۡرِ
يونس: 49﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌۚ إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَلَا يَسۡتَ‍ٔۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ
الأعلى: 7﴿ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ
هود: 107﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٞ لِّمَا يُرِيد
هود: 108﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     ولَمَّا بَشَّرَه بأنَّه تعالى يُقرِئُه، وأنَّه لا يَنسى؛ استثنى ما شاء أن يُنسِيَه لمصلحةٍ كالنَّسخِ وغيرِه، قال تعالى:
﴿ إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [8] :الأعلى     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى

التفسير :

[8] ونيسرك لليسرى في جميع أمورك، ومن ذلك تسهيل تَلَقِّي أعباء الرسالة، وجعل دينك يسراً لا عسر فيه.

{ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} وهذه أيضًا بشارة كبيرة، أن الله ييسر رسوله صلى الله عليه وسلم لليسرى في جميع أموره، ويجعل شرعه ودينه يسرا.

وقوله- سبحانه-: وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى معطوف على قوله سَنُقْرِئُكَ وجملة:

إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى معترضة.

والتيسير بمعنى التسهيل والتخفيف، وهو جعل العمل يسيرا على عامله بأن يهيئ الله- تعالى- للعامل الأسباب التي تهون له العسير، وتقرب له البعيد.

واليسرى: مؤنث الأيسر، بمعنى الأسهل، والموصوف محذوف.

والمعنى: سنجعلك- أيها الرسول الكريم- صاحب ذاكرة قوية تحفظ القرآن ولا تنساه.

وسنوفقك توفيقا دائما للطريقة اليسرى في كل باب من أبواب الدين: علما وعملا، واهتداء وهداية- وسنرزقك الأمور الحسنة التي تجعلك تعيش سعيدا في دنياك، وظافرا برضواننا في أخراك.

ولقد أنجز الله- تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم وعده، حيث أعطاه شريعة سمحة، ومنحه أخلاقا كريمة، من مظاهرها أنه صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ودعا أتباعه إلى الأخذ بمبدأ التيسير، فقال: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا..» .

فهاتان بشارتان عظيمتان للرسول صلى الله عليه وسلم. أولاهما: تتمثل في إلهامه الذاكرة الواعية الحافظة لما يوحى اليه. وثانيتهما: توفيقه صلى الله عليه وسلم إلى الشريعة اليسرى، وإلى الأخلاق الكريمة وإلى الأخذ بما هو أرفق وأيسر في كل أحواله.

أي نسهل عليك أفعال الخير وأقواله ونشرع لك شرعا سهلا سمحا مستقيما عدلا لا اعوجاج فيه ولا حرج ولا عسر.

القول في تأويل قوله تعالى : وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8)

يقول تعالى ذكره: ونسهلك يا محمد لعمل الخير وهو اليُسرَى، واليُسرَى: هو الفُعلى من اليسر.

التدبر :

وقفة
[8] ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ﴾ أي: نسهل عليك أفعال الخير وأقواله، ونشرع لك شرعًا سهلًا سمحًا مستقيمًا عدلًا؛ لا اعوجاج فيه ولا حرج ولا عسر.
لمسة
[8] ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ﴾ نون التعظيم دالة على عظمة العطاء؛ لأن الله فتح على نبيه من أبواب التيسير ما لم يفتحه على أحد قبله.
وقفة
[8] ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ﴾ كانت سيرته ﷺ كلها صفحات من السماحة واليسر، فما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وكان يقول لأصحابه: «فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» [البخاري 220].
وقفة
[8] ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ﴾ إنه وعد لرسول اللهﷺ ولأمته من بعده؛ بأن يوفقوا لليسري, فلا تعترض دروبهم شدة وضنك إلا ويجعل لهم منهما فرجًا ومخرجًا.
وقفة
[8] عفا النبي ﷺ عن قاتل عمه، وتجاوز عمن اعتدى على بناته أثناء هجرتهن، ورحب بمن جاءه تائبًا وكان قد أهدر دمه، وأطلق قريشًا كلها يوم فتح مكة، وهو القادر على أن يفعل بها ما شاء، وأعطى الأعرابي حتى أرضاه، ومنع أصحابه من تهييج ذلك الذي بال في مصلاه، وما ذلك إلا معنى من معاني: ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ﴾.
لمسة
[8] قال الله: ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ﴾، ولم يقل: (ونيسر اليسرى لك)؛ ﻷن من وفقه الله أخذ بيده حتى يتقلب في يسر.

الإعراب :

  • ﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى:
  • معطوفة بالواو على «نقرئك» وتعرب اعرابها. لليسرى: جار ومجرور متعلق بنيسرك وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر أي ونوفقك للطريقة التي هي أسهل وأيسر: أي حفظ الوحي وقيل للشريعة السمحة التي هي أيسر الشرائع.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     ولَمَّا كان في الوعد بالإقراء الوعد بتشريع الأحكام، وفيها ما يصعب على المخاطبين احتماله؛ أتبع ذلك الوعد بما يزيده حلاوة في النفوس، قال تعالى:
﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [9] :الأعلى     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى

التفسير :

[9] فعِظ قومك -أيها الرسول- حسبما يسَّرناه لك بما يوحى إليك، واهدهم إلى ما فيه خيرهم. وخُصَّ بالتذكير مَنْ يُرْجى منه التذكُّر، ولا تُتْعِب نفسك في تذكير مَن لا يورثه التذكير إلا عتوّاً ونفوراً.

{ فَذَكِّرْ} بشرع الله وآياته{ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} أي:ما دامت الذكرى مقبولة، والموعظة مسموعة، سواء حصل من الذكرى جميع المقصود أو بعضه.

ومفهوم الآية أنه إن لم تنفع الذكرى، بأن كان التذكير يزيد في الشر، أو ينقص من الخير، لم تكن الذكرى مأمورًا بها، بل منهيًا عنها، فالذكرى ينقسم الناس فيها قسمين:منتفعون وغير منتفعين.

ثم أمره- تعالى- بدوام التذكير بدعوة الحق بدون إبطاء أو يأس فقال: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى. سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى. وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى. الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى. ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى.

والفاء في قوله فَذَكِّرْ للتفريع على ما تقدم، والأمر مستعمل هنا في طلب المداومة على التذكير بدعوة الحق التي أرسله- سبحانه- بها، والذكرى: بمعنى التذكير.

والمعنى: إذا كان الأمر كما أخبرناك- أيها الرسول الكريم- فداوم على تذكير الناس بالهدى ودين الحق، واتبع في ذلك الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، واهتم في تذكيرك بمن تتوقع منهم قبول دعوتك، وأعرض عن الجاحدين والمعاندين والجاهلين.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كان الرسول صلى الله عليه وسلم مأمورا بالذكرى نفعت أو لم تنفع.. فما معنى اشتراط النفع؟ ..

قلت: هو على وجهين: أحدهما. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استفرغ مجهوده في تذكيرهم، وما كانوا يزيدون على زيادة الذكرى إلا عتوا وطغيانا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتلظى حسرة وتلهفا، ويزداد جدا في تذكيرهم، وحرصا عليه، فقيل له: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ. فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ وذلك بعد إلزام الحجة بتكرير التذكير.

والثاني: أن يكون ظاهره شرطا، ومعناه ذمّا للمذكّرين- بتشديد الكاف المفتوحة- وإخبارا عن حالهم، واستبعادا لتأثير الذكرى فيهم، وتسجيلا عليهم بالطبع على قلوبهم، كما تقول للواعظ: عظ المكاسين إن سمعوا منك، قاصدا بهذا الشرط، استبعاد ذلك، وأنه لن يكون.. .

وقال الإمام الرازي ما ملخصه: جاء التعليق بالشرط في قوله- تعالى-: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى مع أنه صلى الله عليه وسلم مطلوب منه أن يذكر الناس جميعا، نفعتهم الذكرى أم لم تنفعهم- للتنبيه على أشرف الحالين، وهو وجود النفع الذي من أجله شرعت الذكرى، كقوله- تعالى-: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ. وللإشعار بأن المراد من الشرط: البعث على الانتفاع بالذكرى، كما يقول الإنسان لغيره بعد أن بين له الحق، قد أوضحت لك الأمر إن كنت تعقل، فيكون مراده الحض على القبول...

ويبدو لنا أن المقصود بالآية الكريمة، تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على المداومة على دعوة الناس إلى قبول الحق الذي جاء به، فإن هذا التذكير إن لم ينفع الناس جميعا، فسينفع بعضهم، فقد اقتضت سنة الله- تعالى- أن لا تخلو الأرض ممن يستمع إلى الحق، ويستجيب له.

وقوله : ( فذكر إن نفعت الذكرى ) أي : ذكر حيث تنفع التذكرة . ومن هاهنا يؤخذ الأدب في نشر العلم ، فلا يضعه عند غير أهله ، كما قال أمير المؤمنين علي ، رضي الله عنه : ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم . وقال : حدث الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟!

وقوله: ( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ) يقول تعالى ذكره: فذكِّر عباد الله يا محمد عظمته، وعِظْهم، وحذّرهم عقوبته ( إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ) يقول: إن نفعت الذكرى الذين قد آيستُك من إيمانهم، فلا تنفعهم الذكرى. وقوله: ( فَذَكِّرْ ) أمر من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بتذكير جميع الناس، ثم قال: إن نفعت الذكرى هؤلاء الذين قد آيستك من إيمانهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[9] ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ﴾ أي: ذكِّر حيثُ تنفع التذكرة. ومن ههنا يؤخذ الأدب في نشر العلم، فلا يضعه عند غير أهله، كما قال ابن مسعود رضي اللَّهُ عنه: «ما أنت بمحدِّث قومًا حديثًا لا تَبْلُغُهُ عقولهم إلا كان فِتْنَةً لبعضهم». وقال عليٌّ رضي اللَّهُ عنه: «حَدِّثِ الناس بما يعرفون، أَتُحِبُّونَ أن يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ».
وقفة
[9] ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ﴾ من مفهوم هذا: أنها إن ضرت فترك التذكير الموجب للضرر الكثير هو المتعين.
وقفة
[9] ﴿فَذَكِّر إِن نَفَعَتِ الذِّكرى﴾ قاعدة هامة: لا تضيع وقتك مع من لا فائدة تُرجى منه، حاول ثم حاول، ثم تحول لغيره.
وقفة
[9] ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ﴾ التذكر التام يستلزم التأثر بما تذكره؛ فإن تذكر محبوبًا طلبه، وإن تذكر مرهوبًا هرب منه.
وقفة
[9] ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ﴾ قال علي: «أما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم، وقال: «حدِّث الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذب الله ورسوله».
وقفة
[9] ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ﴾ للتذكير شروط، قال الشيخ السعدي: «مفهوم الآية أنه إذا ترتب على التذكير مضرة أرجح ترك التذكير؛ خوف وقوع المنكر».
وقفة
[9] من الخطأ أن يبرر البعض ترك القيام بالدعوة استدلالًا بهذه الآية: ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ﴾، دون النظر في الآية الأخرى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: 55]، فالدعوة نافعة حالًا أو مآلًا، لكن قد تطرأ أسباب يكون من الحكمة تأخير التذكير لعارض، وبهذا نجمع بين الآيتين.
عمل
[9] أرسل رسالة تذكر فيها بتقوى الله عز وجل ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ﴾.
وقفة
[9] قوله تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ﴾ أي: ذكِّر حيث تنفع التذكرة، ومن ها هنا يؤخذ الأدب في نشر العلم، فلا يضعه عند غير أهله.

الإعراب :

  • ﴿ فَذَكِّرْ:
  • الفاء استئنافية. أو واقعة في جواب الشرط المقدم. ذكر: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وحذف المفعول اختصارا أي فذكر الناس أو فذكر بالقرآن
  • ﴿ إِنْ نَفَعَتِ:
  • حرف شرط جازم. نفعت: فعل ماض وهو في معنى المستقبل مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن والتاء تاء التأنيث الساكنة حركت بالكسر لالتقاء الساكنين وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. أي يمكن في معنى تقديم الاية وتأخيرها. التقدير: ان نفعت الذكرى فذكر. أو تكون «ان» هنا بمعنى «قد».
  • ﴿ الذِّكْرى:
  • فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.

المتشابهات :

الأنعام: 70﴿وَذَرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَعِبٗا وَلَهۡوٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ وَذَكِّرْ ٓ أَن تُبۡسَلَ نَفۡسُۢ بِمَا كَسَبَتۡ لَيۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ
الذاريات: 55﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ
ق: 45﴿ّنحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرْ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ
الطور: 29﴿ فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٖ وَلَا مَجۡنُونٍ
الأعلى: 9﴿ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ
الغاشية: 21﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٞ
الأنعام: 70﴿وَذَرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَعِبٗا وَلَهۡوٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ وَذَكِّرْ ٓ أَن تُبۡسَلَ نَفۡسُۢ بِمَا كَسَبَتۡ لَيۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ
الذاريات: 55﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ
ق: 45﴿ّنحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرْ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ
الطور: 29﴿ فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٖ وَلَا مَجۡنُونٍ
الأعلى: 9﴿ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ
الغاشية: 21﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٞ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [9] لما قبلها :     ولَمَّا تكَفَّل اللهُ بتيسيرِ جَميعِ مَصالحِ الدُّنيا والآخرةِ؛ أمَرَه بدَعوةِ الخَلْقِ إلى الحَقِّ، قال تعالى:
﴿ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [10] :الأعلى     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى

التفسير :

[10]سيتعظ الذي يخاف ربه.

فأما المنتفعون، فقد ذكرهم بقوله:{ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} الله تعالى، فإن خشية الله تعالى، وعلمه بأن سيجازيه على أعماله، توجب للعبد الانكفاف عن المعاصيوالسعي في الخيرات.

ويدل على هذا المعنى قوله- تعالى- بعد ذلك: سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى أى: سينتفع بتذكيرك- أيها الرسول الكريم- من يخشى الله- تعالى- ويخاف عذابه، ويرجو ثوابه.

أي سيتعظ بما تبلغه يا محمد من قلبه يخشى الله ويعلم أنه ملاقيه.

وقوله: ( سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ) يقول جلّ ثناؤه: سَيَذَّكَّرُ يا محمد إذا ذكرت الذين أمرتك بتذكيرهم من يخشى الله، ويخاف عقابه .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[10] ﴿سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ﴾ خشية الله تبعث على الاتعاظ.
وقفة
[10] ﴿سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ﴾ العلم يورث الخشية، والخشية تورث التذكُّر والاعتبار، ولن يعتبر من لا يخشى، ولن يخشى من لا يعلم.
وقفة
[10] ﴿سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ﴾ لعل من أعظم أسباب الانتفاع بالقرآن وإشراق أنواره في قلب المؤمن: استحضار تعظيم الله وخشيته في قلب العبد عند القراءة.
وقفة
[10، 11] قوله تعالى: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى﴾ قال قتادة رحمه الله: والله ما خشي الله عبد قط إلا ذكره، ولا يتنكب هذا الذكر زهدًا فيه وبغضًا لأهله إلا شقي بَيَّن الشقاء.
اسقاط
[10، 11] ﴿سَيَذَّكَّرُ مَن يَخشى * وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشقَى﴾ قف مع نفسك وقفة حاسمة، واسألها من أى الفئتين أنت؟

الإعراب :

  • ﴿ سَيَذَّكَّرُ مَنْ:
  • السين حرف تسويف للتأكيد في المستقبل. يذكر: أصله يتذكر حذفت التاء تخفيفا وهو فعل مضارع مرفع بالضمة. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ يَخْشى:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وحذف المفعول اختصارا أي من يخشى الله وسوء العاقبة وجملة «يخشى» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَه بالتَّذكيرِ لكُلِّ أحدٍ؛ قَسَّم النَّاسَ له إلى قِسمَينِ: قِسمٌ يَقبَلُ، وقِسمٌ لا يَقبَلُ، قال تعالى:
﴿ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف