347757677787980818283848586878889

الإحصائيات

سورة المؤمنون
ترتيب المصحف23ترتيب النزول74
التصنيفمكيّةعدد الصفحات8.00
عدد الآيات118عدد الأجزاء0.37
عدد الأحزاب0.75عدد الأرباع3.00
ترتيب الطول25تبدأ في الجزء18
تنتهي في الجزء18عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 5/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (75) الى الآية رقم (80) عدد الآيات (6)

= ثُمَّ بَيَّنَ هنا أن هؤلاءِ المُعرضينَ عن القرآنِ لا يفيدُهم الابتلاءُ بالنِّعمةِ ولا الابتلاءُ بالنِّقمةِ، بل يظلُّون كذلك حتَّى يأتيَهم العذابُ، ثُمَّ ذَكَّرَهم بنَعمِهِ تعالى ومظاهرِ وحدانيتِه وقدرتِه لَعلَّهم يُؤمنُون، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (81) الى الآية رقم (90) عدد الآيات (10)

= ثُمَّ بَيَّنَ هنا إنكارَ المشركينَ للبعثِ بعدَ الموتِ تقليدًا للآباءِ، وردَّ اللهِ عليهم بأدلَّةٍ ثلاثةٍ تثبتُ البعثَ من غيرِ شكٍّ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة المؤمنون

المؤمنون؛ أين أنت من صفاتهم؟

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • أين أنت من هذه الصفات؟:   هذه السورة تذكر لك أهم صفات المؤمنين؛ لتراجع تصرفاتك وتقيم أعمالك. وكأنها تسأل قارئ القرآن: أين أنت من صفات هؤلاء المؤمنين المفلحين الذين عُرضت عليك صفاتهم؟ كما أنها تلفت نظرك إلى معنى مهم: وهو أن هذه الصفات تجمع ما بين الأخلاق والعبادات، فترى أول صفة هي صفة عبادة، ثم التي بعدها صفة خلق وهكذا.
  • • تعالوا بنا الآن نعرض الآيات والصفات على أنفسنا (الإسقاط)::   تبدأ السورة بقوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ﴾ (1)، فمن هم؟ وكيف نكون منهم؟ تعالوا نبدأ الرحلة، نعرض صفات المؤمنين على أنفسنا (ونعطي لكل صفة تحققت فينا درجة من 10): 1- ﴿ٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَـٰشِعُونَ﴾ (2): كيف تؤدي صلاتك؟ هل تخشع فيها أم لا؟ كم نقطة تعطي نفسك عن هذا السؤال؟ 2- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ﴾ (3): هل تمسك لسانك عما لا يفيد من الكلام؟ هل تعرض عن مجالس الغيبة؟ هل تقع في النميمة؟ 3- ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ (4): هل أخرجت زكاة مالك أم لا؟ متى تصدقت آخر مرة؟ وبكم؟ 4- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ﴾ (5): كيف أنت مع حفظ الفرج؟ والعفة والبعد عن كل ما يؤدي إلى الزنا؟ 5، 6- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَـٰنَـٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رٰعُونَ﴾ (8): كيف حفظك للأمانة؟ من أبسط الأمانات (مبلغ صغير أو كتاب استعرته من صديق)، إلى أمانة الدين وحفظه ونشره بين الناس؟ هل تحافظ على عهودك؟ 7- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوٰتِهِمْ يُحَـٰفِظُونَ﴾ (9): هل تحافظ على الصلاة في أول وقتها؟ وتحافظ على الجماعة؟ كم نقطة تعطي نفسك على أداء الصلاة والمحافظة عليها؟
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «المؤمنون».
  • • معنى الاسم ::   المؤمنون: هم مَن آمن بأركان الإيمان الستة؛ اعتقادًا وقولًا وعملًا.
  • • سبب التسمية ::   : لافتتاحها بفلاح المؤمنين، وصفاتهم، وجزائهم في الآخرة.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة قد أفلح»؛ لافتتاحها بهذا.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   صفات المؤمنين الصادقين, وأصول الدين من التوحيد والرسالة والبعث.
  • • علمتني السورة ::   أن التدرج في الخلق والشرع سُنَّة إلهية: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ...﴾
  • • علمتني السورة ::   أن عاقبة الكافر الندامة والخسران: ﴿قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن من طاب مطعمه طاب عمله، ثمرة أكل الحلال الطيب العمل الصالح: ﴿أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: «حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ فَصَلَّى فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى أَوْ عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ. وسورة المؤمنون من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • احتوت سورة المؤمنون على 11 آية تعتبر من الآيات الجوامع؛ حيث جمعت أوصاف المؤمنين وأخلاقهم وبيان ما يجب عليهم تجاه ربهم وتجاه الناس، وهي الآيات (من 1 إلى 11).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نجاهد أنفسنا للاتصاف بصفات المؤمنين؛ فنكون: ممن يخشع في صلاته، وممن يبتعد عن الكلام الذي لا فائدة منه، ويخرج زكاة ماله، ويبتعد عن الزنا، ويحافظ على الأمانة، والعهود والوعود، والصلوات: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ (1-9).
    • أن نتذكر عند الشرب أو الغسل أن نعمة الماء العذب من أكثر نعم الله الدنيوية علينا، ونكثر من شكر الله عليها: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ (18).
    • ألا نتكل على نسبنا؛ فالأنساب لا تنجي من عذاب الله: ﴿فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ۖ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ (27).
    • أن نتذكر موقفًا أنقذنا الله فيه من حرج أو خطر، ونحمد الله على ذلك: ﴿فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (28).
    • أن نتدبر قصص المرسلين، ونتأملها؛ فإن الله ما ذكرها إلا لما فيها من الدروس والعبر: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ﴾ (30).
    • أن نستعيذ بالله أن يلهينا النعيم عن طاعته والقرب منه: ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ (33).
    • أن نحذر من الخروج عن جماعة المسلمين: ﴿وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ * فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ (52-53).
    • أن ننتبه من غفلتنا؛ فقد تكون النعم المنزلة علينا استدراجًا: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ۚ بَل لَّا يَشْعُرُونَ﴾ (55-56).
    • ألا نغتر بعملنا الصالح؛ بل نبقى خائفين من الله: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ﴾ (57).
    • أن نكون من المسارعين في الخيرات؛ الذين من صفاتهم: الخشية والخوف من الله تعالى، الإيمان بآيات الله تعالى، عدم الإشراك بالله، الإنفاق والعطاء في سبيل الله والخوف منه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ (57-61).
    • أن نحذر اتباع الهوى؛ فإنه مفسدة: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾ (71).
    • أن نتضرع إلى الله أن يكشف الكرب والضر عن المسلمين: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾.
    • أن نقرأ ونتفكر في نعمة السمع، والبصر، والعقل، ثم نشكر الله عليها: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ (78).
    • أن نحسِن إلى شخصٍ أساءَ إلينا بمسامحتِه وإهداءِ هديةٍ له: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ (96).
    • أن نستعيذ بالله من همزات الشياطين: ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ (97).
    • أن نعمل الصالحات في حياتنا؛ حتى لا تكون أمنياتنا عند الممات: ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا﴾ (99-100).
    • أن ندعو الله بهذا الدعاء: ﴿رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ (109).
    • أن ننصح من يسخر من الدعاةِ إلى اللهِ, ونقرأْ عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ۞ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾ (109، 110). • ألا نصرف شيئًا من الدعاء لغير الله: ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ (117).

تمرين حفظ الصفحة : 347

347

مدارسة الآية : [75] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم ..

التفسير :

[75] ولو رحمناهم وكشفنا عنهم ما بهم مِن قحط وجوع لَتمادَوا في الكفر والعناد، يتحيَّرون ويتخبطون.

هذا بيان لشدة تمردهم وعنادهم، وأنهم إذا أصابهم الضر، دعوا الله أن يكشف عنهم ليؤمنوا، أو ابتلاهم بذلك ليرجعوا إليه. إن الله إذا كشف الضر عنهم لجوا، أي:استمروا في طغيانهم يعمهون، أي:يجولون في كفرهم، حائرين مترددين.

كما ذكر الله حالهم عند ركوب الفلك، وأنهم يدعون مخلصين له الدين، وينسون ما يشركون به، فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بالشرك وغيره.

أى: ولو رحمنا هؤلاء المشركين الذين تنكبوا الصراط المستقيم وكشفنا ما بهم من ضر.

أى: من سوء حال بسبب ما نزل بهم من قحط وجدب وفقر لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ أى: لتمادوا في طغيانهم، وتجاوزوا الحدود في كفرهم وضلالهم، وفي تحيرهم وترددهم بدون تمييز بين الحق والباطل.

والتعبير بقوله- تعالى- لَلَجُّوا يشعر بأنهم لقسوة قلوبهم، صاروا لا تؤثر فيهم المصائب بل يزدادون بسببها طغيانا وكفرا، إذ الفعل «لجوا» مأخوذ من اللجاج. هو التمادي والعناد في ارتكاب المنهي عن ارتكابه.

يقال: لج فلان في الأمر يلج لججا ولجاجة. إذا لازمه وواظب عليه. ومنه «اللّجة» - بفتح اللام- لكثرة الأصوات. ولجة البحر- بضم اللام- لتردد أمواجه..

وقوله: يَعْمَهُونَ من العمه، بمعنى التردد والتحير، وهو للقلوب بمنزلة العمى للعيون.

وهو مأخوذ من قولهم: أرض عمهاء، إذا لم يكن فيها علامات ترشد إلى الخروج منها.

وقوله : ( ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ) : يخبر تعالى عن غلظهم في كفرهم بأنه لو أراح عللهم وأفهمهم القرآن ، لما انقادوا له ولاستمروا على كفرهم وعنادهم وطغيانهم ، كما قال تعالى : ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ) [ الأنفال : 23 ] ، وقال : ( ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين . بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون . وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ) [ الأنعام : 27 29 ] ، فهذا من باب علمه تعالى بما لا يكون ، لو كان كيف يكون .

[ و ] قال الضحاك ، عن ابن عباس : كل ما فيه " لو " ، فهو مما لا يكون أبدا .

وقوله: ( وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ ) يقول تعالى: ولو رحمنا هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة، ورفعنا عنهم ما بهم من القحط والجدب وضرّ الجوع والهزال;( لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ ) يعني في عتوّهم وجرأتهم على ربهم.( يَعْمَهُونَ ) يعني: يتردّدون.

كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، في قوله: ( وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ ) قال: الجوع.

التدبر :

وقفة
[75] ﴿وَلَوْ رَحِمْنَٰهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ﴾ ولو رحمنا هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة، ورفعنا عنهم ما بهم من القحط والجدب، وضر الجوع، والهزال ﴿لَّلَجُّوا فِي طُغْيَٰنِهِمْ﴾ في عتوهم، وجرأتهم على ربهم، ﴿يَعْمَهُونَ﴾ يترددون.
وقفة
[75] ﴿وَلَوْ رَحِمْنَٰهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَٰنِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ كفران النعم صفة من صفات الكفار.
وقفة
[75] يُنزل اللهُ البلاءَ على بعضِ عبادِه رحمةً بهم لأنَّه لو عافَاهم لطَغَوا ﴿وَلَوْ رَحِمْنَٰهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَٰنِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾.
وقفة
[75] بعض البلاء نعمة، فلو رفعه الله عن الإنسان لطغى، فأراد تقييده حتى لا يزداد شرًا ﴿وَلَوْ رَحِمْنَٰهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَٰنِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾.
وقفة
[75] ﴿وَلَو رَحِمناهُم وَكَشَفنا ما بِهِم مِن ضُرٍّ لَلَجّوا في طُغيانِهِم يَعمَهونَ﴾ رحمات الله إلى الناس تترى، وطغيانهم وظلمهم ما زال مستمرًا غير منقطع.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَوْ رَحِمْناهُمْ:
  • الواو: استئنافية. ويجوز أن تكون عاطفة. لو: حرف شرط‍ غير جازم. رحم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ:
  • معطوفة بالواو على «رحمنا» وتعرب إعرابها. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بهم: جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة. والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «ما» اللام واقعة في جواب «لو».لجوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بمعنى: لتمادوا والجملة الفعلية «للجوا» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ:
  • جار ومجرور متعلق بلجوا. بمعنى: في عدوانهم ضالين و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. يعمهون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «يعمهون» في محل نصب حال بمعنى ضالين.'

المتشابهات :

البقرة: 15﴿اللَّـهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
الأنعام: 110﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
الأعراف: 186﴿مَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ ۚ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
يونس: 11﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
المؤمنون: 75﴿وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [75] لما قبلها :     وبعد أن وصفَ اللهُ هؤلاء الكافرين بالميل عن الطريق المستقيم، بَيَّنَ هنا أنهم مُصِرُّون على الكفر، لا يَرجِعون عنه بحال، وصاروا لا يؤثر فيهم الابتلاء بالخير أو الشر، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [76] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا ..

التفسير :

[76] ولقد ابتليناهم بصنوف المصائب فما خضعوا لربهم، وما دعوه خاشعين عند نزولها.

{ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ} قال المفسرون:المراد بذلك:الجوع الذي أصابهم سبع سنين، وأن الله ابتلاهم بذلك، ليرجعوا إليه بالذل والاستسلام، فلم ينجع فيهم، ولا نجح منهم أحد،{ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ} أي:خضعوا وذلوا{ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} إليه ويفتقرون، بل مر عليهم ذلك ثم زال، كأنه لم يصبهم، لم يزالوا في غيهم وكفرهم، ولكن وراءهم العذاب الذي لا يرد

وقوله- سبحانه-: وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ مؤكد لما قبله من وصف هؤلاء المشركين بالجحود والعناد.

والمراد بالعذاب هنا: العذاب الدنيوي كالجوع والقحط والمصائب.

والاستكانة: الانتقال من كون إلى كون ومن حال إلى حال. ثم غلب استعمال هذه الكلمة في الانتقال من حال التكبر والغرور إلى حال التذلل والخضوع.

أى: ولقد أخذنا هؤلاء الطغاة، بالعذاب الشديد، كالفقر، والمصائب والأمراض فما خضعوا لربهم- عز وجل- وما انقادوا له وأطاعوه، وما تضرعوا إليه- سبحانه- بالدعاء الخالص لوجهه الكريم، لكي يكشف عنهم- عز وجل- ما نزل بهم من ضر.

يقول تعالى : ( ولقد أخذناهم بالعذاب ) أي : ابتليناهم بالمصائب والشدائد ، ( فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ) أي : فما ردهم ذلك عما كانوا فيه من الكفر والمخالفة ، بل استمروا على ضلالهم وغيهم . ( فما استكانوا ) أي : ما خشعوا ، ( وما يتضرعون ) أي : ما دعوا ، كما قال تعالى : ( فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ) [ الأنعام : 43 ] .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن حمزة المروزي ، حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أبي ، عن يزيد يعني : النحوي عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه قال : جاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، أنشدك الله والرحم ، فقد أكلنا العلهز يعني : الوبر والدم فأنزل الله : ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون )

وهكذا رواه النسائي عن محمد بن عقيل ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، به . وأصل هذا الحديث في الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال : " اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف " .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان ، عن وهب بن عمر بن كيسان قال : حبس وهب بن منبه ، فقال له رجل من الأبناء : ألا أنشدك بيتا من شعر يا أبا عبد الله؟ فقال وهب : نحن في طرف من عذاب الله ، والله تعالى يقول : ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ) قال : وصام وهب ثلاثا متواصلة ، فقيل له : ما هذا الصوم يا أبا عبد الله؟ قال : أحدث لنا فأحدثنا . يعني : أحدث لنا الحبس ، فأحدثنا زيادة عبادة .

يقول تعالى ذكره: ولقد أخذنا هؤلاء المشركين بعذابنا، وأنـزلنا بهم بأسنا، وسخطنا وضيقنا عليهم معايشهم، وأجدبنا بلادهم، وقتلنا سراتهم بالسيف.( فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ ) يقول: فما خضعوا لربهم فينقادوا لأمره ونهيه، وينيبوا إلى طاعته ( وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) يقول: وما يتذللون له.

وذُكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخذ الله قريشا بسني الجدب، إذ دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ذكر الخبر في ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا أبو تميلة، عن الحسن، عن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا محمد، أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز! يعني الوبر والدم، فأنـزل الله: ( ولقد أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ).

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبد المؤمن، عن علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن ابن أثال الحنفي، لما أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو أسير، فخلى سبيله، فلحق بمكة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة، حتى أكلت قريش العِلْهِز، فجاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال: أليس تزعم بأنك بُعثت رحمة للعالمين؟ فقال: " بلى!" فقال: قد قتلتَ الآباء بالسيف والأبناء بالجوع ! فأنـزل الله: ( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ... ) الآية.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: أخبرنا عمرو، قال: قال الحسن: إذا أصاب الناس من قِبَل الشيطان بلاء، فإنما هي نقمة، فلا تستقبلوا نقمة الله بالحمية، ولكن استقبلوها بالاستغفار، وتضرعوا إلى الله، وقرأ هذه الآية: ( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ).

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله: ( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ ) قال: الجوع والجدب.( فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ) فَصَبَرُوا(وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ).

التدبر :

عمل
[76] ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[76] ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ﴾ ولقد أخذنا هؤلاء المشركين بعذابنا، وأنزلنا بهم بأسنا، وسخطنا، وضيقنا عليهم معايشهم، وأجدبنا بلادهم، وقتلنا سراتهم بالسيف، ﴿فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ﴾ فما خضعوا لربهم؛ فينقادوا لأمره ونهيه، وينيبوا إلى طاعته، ﴿وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ وما يتذللون له.
وقفة
[76] ﴿وَلَقَد أَخَذناهُم بِالعَذابِ فَمَا استَكانوا لِرَبِّهِم وَما يَتَضَرَّعونَ﴾ هذا نموذج لصنف من الناس الذين تصيبهم المصائب والنكبات والعذاب، ولكن قلوبهم قاسية لا تتأثر، نسأل الله العاقبة.
وقفة
[76] ﴿وَلَقَد أَخَذناهُم بِالعَذابِ فَمَا استَكانوا لِرَبِّهِم وَما يَتَضَرَّعونَ﴾، ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنعام:43] أمر طبيعي أن نبتلى، والمطلوب شرعًا أن يسمع ربنا -الغني عنا- تضرعنا حين نبتلى؛ لأن الله عاب على هؤلاء عدم تضرعهم فقط.
وقفة
[76] ﴿وَلَقَد أَخَذناهُم بِالعَذابِ فَمَا استَكانوا لِرَبِّهِم وَما يَتَضَرَّعونَ﴾ عدم اعتبار الكفار بالنعم أو النقم التي تقع عليهم دليل على فساد فطرهم.
وقفة
[76] ﴿وَلَقَد أَخَذناهُم بِالعَذابِ﴾ يبتليهم الله بالمصائب، لكن مشكلتهم عدم تغير حالهم ﴿فما استكانوا لربهم وما يتضرعون﴾.
وقفة
[76] ﴿وَلَقَد أَخَذناهُم بِالعَذابِ فَمَا استَكانوا لِرَبِّهِم وَما يَتَضَرَّعونَ﴾ فالله يبتلي عبده ليسمع تضرعه ودعاءه، ولا يحب التجلد عليه، وأحب شيء إلى الله: ‏انكسار قلب عبده بين يديه، والتذلل لله وإظهار ضعفه وحاجته وعجزه.
عمل
[76] تذكر بلاء كشفه الله عنك، واشكر الله عليه ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾.
عمل
[76] تضرع إلى الله أن يكشف الكرب والضر عن المسلمين ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾.
وقفة
[76] كلما زاد عليك الابتلاء فزد في العبادة؛ استكانة لله، وتضرعًا له ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾.
وقفة
[76] ﴿وَلَقَد أَخَذناهُم بِالعَذابِ فَمَا استَكانوا لِرَبِّهِم وَما يَتَضَرَّعونَ﴾ ومن الناس من يُبتلى فتخشع نفسه ويرجع عن الذنوب ويلجأ إلى الله، ولكن فريقًا آخر لا يزيدهم الإبتلاء إلا غيًا وظلمًا، اللهم اجعلنا من الذين إذا ابتليتهم صبروا واسترجعوا وعادوا إليك منيبين مستغفرين.
لمسة
[76] ﴿فَمَا استَكانوا﴾ الاستكانة: مشتقة من السكون، وهي تدل على الخضوع؛ لأن الذي يخضع يقطع الحركة أمام من خضع له، والاستكانة تدل على المبالغة في السكون؛ للإشارة إلى تمكن السكون والخضوع وقوته في قلب صاحبه.
عمل
[76، 77] احذر زيادة نزول عذاب الله تعالى عليك إن استمريت على معصيته ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ * حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ:
  • الواو استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. أخذ: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. بالعذاب: جار ومجرور متعلق بأخذناهم.
  • ﴿ فَمَا اسْتَكانُوا:
  • الفاء: استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. استكانوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بمعنى: فما ذلوا.
  • ﴿ لِرَبِّهِمْ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق بما استكانوا. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف اليه.
  • ﴿ وَما يَتَضَرَّعُونَ:
  • الواو عاطفة. لأن ما يَتَضَرَّعُونَ» حكاية حال ماضية. ما: نافية لا عمل لها يتضرعون بمعنى: خضعوا أو تذللوا: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

الأعراف: 94﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ
الأنعام: 42﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ
المؤمنون: 76﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ

أسباب النزول :

  • أخْبَرَنا أبُو القاسِمِ بْنُ عَبْدانَ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو العَبّاسِ السَّيّارِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسى بْنِ حاتِمٍ، قالَ: حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ الحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قالَ: أخْبَرَنا الحُسَيْنُ بْنُ واقِدٍ، قالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ النَّحْوِيُّ، أنَّ عِكْرِمَةَ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: جاءَ أبُو سُفْيانَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، أنْشُدُكَ اللَّهَ والرَّحِمَ، لَقَدْ أكَلْنا العِلْهِزَ - يَعْنِي الوَبَرَ بِالدَّمِ - فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ولَقَدْ أخَذْناهُم بِالعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وما يَتَضَرَّعُونَ﴾ .قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لَمّا أتى ثُمامَةُ بْنُ أُثالٍ الحَنَفِيُّ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأسْلَمَ وهو أسِيرٌ، فَخَلّى سَبِيلَهُ، فَلَحِقَ بِاليَمامَةِ، فَحالَ بَيْنَ أهْلِ مَكَّةَ وبَيْنَ المِيرَةِ مِنَ اليَمامَةِ، وأخَذَ اللَّهُ تَعالى قُرَيْشًا بِسِنِي الجَدْبِ حَتّى أكَلُوا العِلْهِزَ، فَجاءَ أبُو سُفْيانَ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: أنْشُدُكَ اللَّهَ والرَّحِمَ، ألَيْسَ تَزْعُمُ أنَّكَ بُعِثْتَ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ؟ قالَ: ”بَلى“ . فَقالَ: قَدْ قَتَلْتَ الآباءَ بِالسَّيْفِ، والأبْناءَ بِالجُوعِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [76] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أن هؤلاء الكافرين مُصِرُّون على الكفر؛ أكد هنا جحودهم وعنادهم، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [77] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ..

التفسير :

[77] حتى إذا فتحنا عليهم باباً من العذاب الشديد في الآخرة، إذا هم فيه آيسون من كل خير، متحيرون لا يدرون ما يصنعون.

{ حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ} كالقتل يوم بدر وغيره،{ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} آيسون من كل خير، قد حضرهم الشر وأسبابه، فليحذروا قبل نزول عذاب الله الشديد، الذي لا يرد، بخلاف مجرد العذاب، فإنه ربما أقلع عنهم، كالعقوبات الدنيوية، التي يؤدب الله بها عباده. قال تعالى فيها:{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}

ولفظ «حتى» في قوله- تعالى- حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ ...

يقصد به ابتداء الكلام، وإذا الأولى شرطية، والثانية وهي قوله إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ رابطة للجواب.

أى: هم مستمرون على جحودهم وعنادهم، حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد، من أبواب عذاب الآخرة المعد لهم إذا هم فيه مبلسون، أى: ساكتون من شدة الحيرة، وآيسون من كل نجاء. يقال: أبلس فلان إبلاسا، إذا سكت في حيرة ويأس من الخلاص مما هو فيه من عذاب وبلاء.

وقريب من هذه الآيات في المعنى قوله- تعالى-: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ، وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ.

وقوله- عز وجل-: بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ .

وقوله- سبحانه-: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ، فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ، فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا، وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ .

ثم تأخذ السورة الكريمة بعد ذلك في تذكيرهم بنعم الله عليهم، لعلهم يتوبون أو يتذكرون، فتقول:

وقوله : ( حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ) أي : حتى إذا جاءهم أمر الله وجاءتهم الساعة بغتة وأخذهم من عقاب الله ما لم يكونوا يحتسبون ، فعند ذلك أبلسوا من كل خير ، وأيسوا من كل راحة ، وانقطعت آمالهم ورجاؤهم .

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: معناه: حتى إذا فتحنا عليهم باب القتال، فقتلوا يوم بدر.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني إسحاق بن شاهين، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، في قوله: ( حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ) قد مضى، كان يوم بدر.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثني عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس مثله.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج: ( حتى إذا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ) قال: يوم بدر.

وقال آخرون: معناه: حتى إذا فتحنا عليهم باب المجاعة والضر، وهو الباب ذو العذاب الشديد.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ) قال: لكفار قريش الجوع، وما قبلها من القصة لهم أيضا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، بنحوه، إلا أنه قال: وما قبلها أيضا.

وهذا القول الذي قاله مجاهد: أولى بتأويل الآية، لصحة الخبر الذي ذكرناه قبل عن ابن عباس، أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة المجاعة التي أصابت قريشا؛ بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، وأمر ثمامة بن أثال، وذلك لا شك أنه كان بعد وقعة بدر.

وقوله: ( إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) يقول: إذا هؤلاء المشركون فيما فتحنا عليهم من العذاب حزنى نادمون على ما سلف منهم، في تكذيبهم بآيات الله، في حين لا ينفعهم الندم والحزن.

التدبر :

وقفة
[77] فتح الله عليك تأتي في الخير والشر، لكن تأتي من فوق: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء﴾ [الحجر: 14]، ﴿حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾، ﴿لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ﴾ [الأعراف: 96]، ﴿قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: 76].
وقفة
[77] ﴿حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ تأمل هذا التهديد والوعيد، فالله لم يهددهم بأن يصيبهم عذاب شديد، بل عذاب مفزع مختزن وراء بابه، فإذا ما فتح هذا الباب؛ إنهال العذاب عليهم دفعة واحدة بشكل مفاجئ، ولذلك وصف الباب بقوله: ﴿بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾.
لمسة
[77] قال: ﴿فَتَحْنَا عَلَيْهِم﴾ ولم يقل: (لهم)؛ ففيه استعلاء وتسلّط، ولذلك العذاب يأتي بـ (على): ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾ [الفيل: 3] لم يقل: (أرسل إليهم)، ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ﴾ [الأعراف: 133]، ففي الغالب تأتي (على) مع العقوبات.

الإعراب :

  • ﴿ حَتّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ
  • هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الرابعة والستين. عليهم: جار ومجرور متعلق بفتحنا و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. بابا: مفعول به منصوب بالفتحة. ذا: صفة-نعت-لبابا منصوبة مثلها وعلامة نصبها الألف لأنها من الأسماء الخمسة وهي مضافة. عذاب: مضاف اليه مجرور بالكسرة. شديد: صفة-نعت-لعذاب مجرورة مثلها. مبلسون: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد بمعنى: متحيرون يائسون ساكنون.'

المتشابهات :

الحجر: 14﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ
المؤمنون: 77﴿حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [77] لما قبلها :     وبعد ذكرِ عذاب الدنيا؛ ذكرَ اللهُ هنا عذاب الآخرة، قال تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

مبلسون:
وقرئ:
بفتح اللام، وهى قراءة السلمى.

مدارسة الآية : [78] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ ..

التفسير :

[78] وهو الذي أنشأ لكم السمع لإدراك المسموعات، والأبصار لإدراك المرئيات، والأفئدة لتفقهوا بها، ومع ذلك فشكركم لهذه النعم المتوالية عليكم قليل لا يُذْكَر.

يخبر تعالى بمننه على عباده الداعيةلهم إلى شكره، والقيام بحقه فقال:{ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ} لتدركوا به المسموعات، فتنتفعوا في دينكم ودنياكم،{ وَالْأَبْصَارَ} لتدركوا بها المبصرات، فتنتفعوا بهافي مصالحكم.

{ وَالْأَفْئِدَةَ} أي:العقول التي تدركون بها الأشياء، وتتميزون بها عن البهائم، فلو عدمتم السمع، والأبصار، والعقول، بأن كنتم صما عميا بكما ماذا تكون حالكم؟ وماذا تفقدون من ضرورياتكم وكمالكم؟ أفلا تشكرون الذي من عليكم بهذه النعم، فتقومون بتوحيده وطاعته؟. ولكنكم، قليل شكركم، مع توالي النعم عليكم.

أى: «وهو» الله- تعالى- وحده، «الذي أنشأ لكم» أيها الناس بفضله ورحمته «السمع» الذي تسمعون به «والأبصار» التي تبصرون بها «والأفئدة» التي بواسطتها تفهمون وتدركون ...

ولو تدبر الإنسان هذه النعم حق التدبر: لاهتدى إلى الحق. ولآمن بأن الخالق لهذه الحواس وغيرها. هو الله الواحد القهار.

ولكن الإنسان- إلا من عصم الله- قليل الشكر لله- تعالى- ولذا قال- سبحانه-: قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ أى: شكرا قليلا ما تشكرون هذه النعم الجليلة، بدليل أن أكثر الناس في هذه الحياة، كافرون بوحدانية الله- تعالى-.

فلفظ «قليلا» صفة لموصوف محذوف، و «ما» لتأكيد هذه القلة وتقريرها.

ثم ذكر تعالى نعمته على عباده في أن جعل لهم السمع والأبصار والأفئدة ، وهي العقول والفهوم ، التي يدركون بها الأشياء ، ويعتبرون بما في الكون من الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى ، وأنه الفاعل المختار لما يشاء .

وقوله : ( قليلا ما تشكرون ) أي : وما أقل شكركم لله على ما أنعم به عليكم ، كقوله : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [ يوسف : 103 ] .

يقول تعالى ذكره: والله الذي أحدث لكم أيها المكذّبون بالبعث بعد الممات السمعَ الذي تسمعون به، والأبصَارَ التي تبصرون بها، والأفئدة التي تفقهون بها، فكيف يتعذّر على من أنشأ ذلك ابتداء إعادته بعد عدمه وفقده، وهو الذي يوجد ذلك كله إذا شاء ويفنيه إذا أراد (قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ) يقول: تشكرون أيها المكذّبون خير الله من عطائكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[78] ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ وذكر السمع، والبصر، والأفئدة -وهي القلوب- لعظم المنافع التي فيها، فيجب شكر خالقها، ومن شكره: توحيده، واتباع رسوله عليه الصلاة السلام، ففي ذكرها تعديد نعمة، وإقامة حجة.
عمل
[78] اقرأ وتفكر في نعمة السمع، أو البصر، أو العقل، ثم اشكر الله عليها ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾.
وقفة
[78] ﴿قليلاً ما تشكرون﴾ الحمد لله على عين تبصر، وأذن تسمع، وجسد معافى، وقلب ينبض، لك الحمد ربي على نعمك التي لا تعد ولا تحصى.

الإعراب :

  • ﴿ وَهُوَ الَّذِي:
  • الواو: استئنافية. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. الذي: اسم موصول في محل رفع خبر «هو».
  • ﴿ أَنْشَأَ لَكُمُ:
  • الجملة الفعلية وما تلاها: صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. أنشأ: أي خلق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لكم: جار ومجرور متعلق بأنشأ والميم علامة الجمع.
  • ﴿ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة والاسمان بعده: معطوفان عليه بواوي العطف منصوبان مثله بمعنى: خلق لكم السمع والأعين والقلوب لتسمعوا بها الحق وتروا نتائجه وتفهموه.
  • ﴿ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ:
  • قليلا: صفة-نعت-لمصدر محذوف يفسره ما بعدها أي تشكرون شكرا قليلا. ما: زائدة للتوكيد بمعنى «حقا» تشكرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. و«قليلا» النائبة عن المصدر سدّت مسدّ مفعول «تشكرون».'

المتشابهات :

المؤمنون: 78﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ
النحل: 78﴿وَاللَّـهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
السجدة: 9﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ
الملك: 23﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [78] لما قبلها :     وبعد توبيخ الكافرين لإعراضهم عن القرآن والنَّبي صلى الله عليه وسلم؛ ذكرَ اللهُ هنا سبعة من نعمه على خلقه؛ للاستدلال بها على أن خالق هذه النعم هو الذي يستحق الشكر، ويستحق العبادة دون سواه، وهي: 1- نعمة السمع والبصر والفؤاد، قال تعالى :
﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [79] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ ..

التفسير :

[79] وهو الذي خلق جميع الناس في الأرض، وإليه تُحشرون بعد موتكم، فيجازيكم بما عملتم من خير أو شر.

{ وَهُوَ} تعالى{ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ} أي:بثكم في أقطارها، وجهاتها، وسلطكم على استخراج مصالحها ومنافعها، وجعلها كافية لمعايشكم ومساكنكم،{ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} بعد موتكم، فيجازيكم بما عملتم في الأرض، من خير وشر، وتحدث الأرض التي كنتم فيها بأخبارها

وقوله- سبحانه-: وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ بيان لنعمة أخرى من نعمه التي لا تحصى.

أى: وهو- سبحانه- الذي أوجدكم من الأرض، ونشركم فيها عن طريق التناسل، وإليه وحده تجمعون يوم القيامة للحساب.

ثم أخبر تعالى عن قدرته العظيمة وسلطانه القاهر ، في برئة الخليقة وذرئه لهم في سائر أقطار الأرض ، على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وصفاتهم ، ثم يوم القيامة يجمع الأولين منهم والآخرين لميقات يوم معلوم ، فلا يترك منهم صغيرا ولا كبيرا ، ولا ذكرا ولا أنثى ، ولا جليلا ولا حقيرا ، إلا أعاده كما بدأه;

يقول تعالى ذكره: والله الذي خلقكم في الأرض وإليه تُحْشَرونَ من بعد مماتكم، ثم تبعثون من قبوركم إلى موقف الحساب.

التدبر :

وقفة
[79] ﴿وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ هذا امتنان بنعمة الإيجاد والحياة وتيسير التمكن من الأرض وإكثار النوع لأن الذرء يستلزم ذلك كله. وهذا استدلال آخر على انفراد الله تعالى بالإلهية إذ قد علموا أنه لا شريك له في الخلق فكيف يشركون معه الإلهية أصنافا هم يعلمون أنها لا تخلق شيئا، وهو أيضا استدلال على البعث لأن الذي أحيا الناس عن عدم قادر على إعادة إحيائهم بعد تقطع أوصالهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
  • هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. و«ذرأكم» أي خلقكم: الكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. في الأرض: جار ومجرور متعلق بذرأكم. واليه: الواو: استئنافية. اليه: جار ومجرور متعلق بتحشرون. تحشرون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. أي تجمعون.'

المتشابهات :

المؤمنون: 79﴿وَ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
الملك: 24﴿قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [79] لما قبلها :     2- نعمة خلق الإنسان، قال تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [80] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ ..

التفسير :

[80] وهو وحده الذي يحيي من العدم، ويميت بعد الحياة، وله تعاقب الليل والنهار وتفاوتهما، أفلا تعقلون قدرته ووحدانيته؟

وَهُوَ} تعالى وحده{ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} أي:المتصرف في الحياة والموت، هو الله وحده،{ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي:تعاقبهما وتناوبهما، فلو شاء أن يجعل النهار سرمدا، من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه؟ ولو شاء أن يجعل الليل سرمدا، من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تبصرون؟. (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون).

ولهذا قال هنا:{ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} فتعرفون أن الذي وهب لكم من النعم، السمع، والأبصار، والأفئدة، والذي نشركم في الأرض وحده، والذي يحيي ويميت وحده، والذي يتصرف بالليل والنهار وحده, أن ذلك موجب لكم، أن تخلصوا له العبادة وحده لا شريك له، وتتركوا عبادة من لا ينفع ولا يضر، ولا يتصرف بشيء، بل هو عاجز من كل وجه، فلو كان لكم عقل لم تفعلوا ذلك.

ثم ذكر ما يدل على كمال قدرته فقال: وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ بدون أن يشاركه في ذلك مشارك، وَلَهُ وحده التأثير في اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما، وزيادة أحدهما ونقص الآخر، أَفَلا تَعْقِلُونَ وتدركون ما في هذا كله من دلائل واضحة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته؟

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك أن هؤلاء المشركين، لم يقابلوا نعم الله- تعالى- عليهم بالشكر، وإنما قابلوها بالجحود وبإنكار البعث والحساب، وأمر- سبحانه- رسوله صلى الله عليه وسلّم أن يرد عليهم فقال- تعالى-:

ولهذا قال : ( وهو الذي يحيي ويميت ) أي : يحيي الرمم ويميت الأمم ، ( وله اختلاف الليل والنهار ) أي : وعن أمره تسخير الليل والنهار ، كل منهما يطلب الآخر طلبا حثيثا ، يتعاقبان لا يفتران ، ولا يفترقان بزمان غيرهما ، كقوله تعالى : ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) [ يس : 40 ] .

وقوله : ( أفلا تعقلون ) أي : أفليس لكم عقول تدلكم على العزيز العليم ، الذي قد قهر كل شيء ، وعز كل شيء ، وخضع له كل شيء .

يقول تعالى ذكره: والله الذي يحيي خلقه يقول: يجعلهم أحياء بعد أن كانوا نطفا أمواتا، بنفخ الروح فيها بعد التارات التي تأتي عليها ، ( وَيُمِيتُ ) يقول: ويميتهم بعد أن أحياهم ( وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) يقول: وهو الذي جعل الليل والنهار مختلفين، كما يقال في الكلام: لك المنّ والفضل، بمعنى: إنك تمنّ وتفضل. وقوله: ( أَفَلا تَعْقِلُونَ ) يقول: أفلا تعقلون أيها الناس، أن الذي فعل هذه الأفعال ابتداء من غير أصل، لا يمتنع عليه إحياء الأموات بعد فنائهم، وإنشاء ما شاء إعدامه بعد إنشائه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[78-80] في هذه الآيات امتن الله تعالى على عباده بنعم عظيمة دالة على قدرته وحكمته وعلمه وهي أربعة: 1. خلق لكم الأسماع لسماع الأصوات، والأبصار لرؤية الأشياء. 2. خلقكم وبثّكم بالتناسل في الأرض، لعمارتها وتحضرها. 3. وهبكم نعمة الحياة، لكن تلك النعمة غير خالدة، وإنما المقصود منها الانتقال إلى دار الثواب، وذلك بالإماتة بعد الإحياء، ثم بالإعادة أحياء مرة أخرى للجزاء. 4. تسخير الليل والنهار، وجعل كل منهما يطلب الآخر، يتعاقبان، لا يفتران ولا يفترقان بنظام دقيق وزمان محدد.

الإعراب :

  • ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ:
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. يحيى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يحيي» صلة الموصول لا محل لها وحذف المفعول اختصارا بمعنى ويحيي الأموات. ويميت: معطوفة بالواو على «يحيي» وتعرب اعرابها وعلامة رفع الفعل «يميت» الضمة الظاهرة على آخره بمعنى ويميت الأحياء.
  • ﴿ وَلَهُ اخْتِلافُ:
  • الواو عاطفة. له: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. اختلاف: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
  • ﴿ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ:
  • مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والنهار: معطوفة بالواو على «الليل» مجرورة مثله وتعرب اعرابها.
  • ﴿ أَفَلا تَعْقِلُونَ:
  • الألف ألف توبيخ بلفظ‍ استفهام. الفاء زائدة-تزيينية-. لا: نافية لا عمل لها. تعقلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. ومفعول تعقلون محذوف بمعنى: أفلا تفهمون وتتدبرون هذه الحكمة أي حكمة هذا التدبير.'

المتشابهات :

البقرة: 258﴿إِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ
المؤمنون: 80﴿وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
غافر: 68﴿هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [80] لما قبلها :     3- نعمة الحياة والموت. 4- اختلاف الليل والنهار، قال تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تعقلون:
وقرئ:
يعقلون، بياء الغيبة، على الالتفات، وهى قراءة أبى عمرو.

مدارسة الآية : [81] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ ..

التفسير :

[81] لكن الكفار لم يصدقوا بالبعث، بل ردَّدوا مقولة أسلافهم المنكرين.

تفسير الآيتين 81 و 82

أي:بل سلك هؤلاء المكذبون مسلك الأولين من المكذبين بالبعث، واستبعدوه غاية الاستبعاد وقالوا:{ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} أي:هذا لا يتصور، ولا يدخل العقل، بزعمهم.

ولفظ «بل» في قوله- تعالى-: بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ للإضراب الانتقالى. وهو معطوف على مضمر يقتضيه المقام.

أى: لقد سقنا لهم ألوانا من النعم، وسقنا لهم ما يدل على قدرتنا ومع ذلك فلم يؤمنوا.

بل قالوا مثل ما قال من هم على شاكلتهم في الكفر من الأقوام الأولين.

ثم قال مخبرا عن منكري البعث ، الذين أشبهوا من قبلهم من المكذبين : ( بل قالوا مثل ما قال الأولون )

يقول تعالى ذكره: ما اعتبر هؤلاء المشركون بآيات الله، ولا تدبروا ما احتجّ عليهم من الحجج والدلالة على قدرته، على فعل كلّ ما يشاء، ولكن قالوا مثل ما قال أسلافهم من الأمم المكذّبة رسلها قبلهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[81] ﴿بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ﴾ خطر التقليد، ساروا في طريق سلَفِهم، وأسروا في العناد مثل إسرافهم، فأصابهم مثل هلاكهم وتلفِهم.
وقفة
[81] ﴿بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ﴾ التمسك بالتقليد الأعمى يمنع من الوصول للحق.
وقفة
[81] يواجهون الحق بنفس حجج السابقين، ولكن يُجددون في الصياغة، فيظنون أنهم أتوا بجديد، فيغترون بذلك، قال الله: ﴿بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ بَلْ قالُوا:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ مِثْلَ ما قالَ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. أو صفة-نعت-لمصدر محذوف يفسره السياق بتقدير: قالوا قولا مثل، وهو مضاف. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. قال: فعل ماض مبني على الفتح.
  • ﴿ الْأَوَّلُونَ:
  • فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. وجملة قالَ الْأَوَّلُونَ» صلة الموصول لا محل لها. أو تكون الجملة الثانية لا محل لها لأنها بدل من الجملة الأولى.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [81] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ هذه النعم؛ بَيَّنَ هنا أن هؤلاء المشركين لم يقابلوا هذه النعم بالشكر، وإنما قابلوها بالجحود وبإنكار البعث والحساب، قال تعالى:
﴿ بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [82] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ..

التفسير :

[82] قالوا:أإذا متنا وتحللت أجسامنا وعظامنا في تراب الأرض نُحْيا مرة أُخرى؟ هذا لا يكون ولا يُتصور.

تفسير الآيتين 81 و 82

أي:بل سلك هؤلاء المكذبون مسلك الأولين من المكذبين بالبعث، واستبعدوه غاية الاستبعاد وقالوا:{ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} أي:هذا لا يتصور، ولا يدخل العقل، بزعمهم.

ثم حكى- سبحانه- ما قالوه فقال: قالُوا على سبيل التعجب والإنكار أَإِذا مِتْنا، وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ.

فهم يرون- لجهلهم وغبائهم- أنه من المستحيل أن يعادوا إلى الحياة بعد أن يموتوا ويصيروا ترابا وعظاما نخرة.

وهذا الذي قالوه هنا. قد حكى القرآن عنهم مثله في آيات كثيرة، من ذلك قوله- تعالى- أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ .

وقوله- سبحانه-: يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ .

(قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ) يعني يستبعدون وقوع ذلك بعد صيرورتهم إلى البلى ،

( قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا ) يقول: أئذا متنا وعدنا ترابا قد بليت أجسامنا، وبرأت عظامنا من لحومنا( أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) يقول: إنا لمبعوثون من قبورنا أحياء، كهيئتنا قبل الممات؟ إن هذا لشيء غير كائن.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[82] ﴿قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ ما الفرق بين (مُتُّمْ) بالضم و(مِتم) بالكسر؟ (مُتم) مسندة إلى المعلوم، أي مُتُّمْ أنتم، والتاء ضمير مبني في محل رفع فاعل، أما (مِتُّمْ) بالكسر مبنية للمجهول، بمعني من وقع عليه الموت، بمعنى أُمِتُّم.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا أَءذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً وَعِظاماً أَءِنّا لَمَبْعُوثُونَ
  • هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الخامسة من سورة الرعد. وعظاما: معطوفة بالواو على «ترابا» وتعرب إعرابها. لمبعوثون: اللام لام الابتداء -المزحلقة-للتوكيد. مبعوثون: خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: لعائدون الى الحياة ثانية؟ والعامل في «اذا» متنا. و «اذا» في موضع نصب على الظرفية والهمزة همزة تعجيب بلفظ‍ استفهام وجملة «إننا لمبعوثون بدل من ااذا متنا».'

المتشابهات :

الصافات: 53﴿ أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَدِينُونَ
المؤمنون: 82﴿قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
الصافات: 16﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [82] لما قبلها :     لما ذكرَ اللهُ أن الكفار لم يصدقوا بالبعث، وردَّدوا ما قاله الأولون؛ ذكرَ هنا ما قاله الأوَّلون، قال تعالى:
﴿ قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [83] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا ..

التفسير :

[83] لقد قيل هذا الكلام لآبائنا من قبل، كما تقوله لنا يا محمد، فلم نره حقيقة، ما هذا إلا أباطيل الأولين.

{ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ} أي:ما زلنا نوعد بأن البعث كائن، نحن وآباؤنا، ولم نره، ولم يأت بعد،{ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} أي:قصصهم وأسمارهم، التي يتحدث بها وتلهى، وإلا فليس لها حقيقة، وكذبوا -قبحهم الله- فإن الله أراهم، من آياته أكبر من البعث، ومثله،{ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ}

{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} الآيات{ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} الآيات.

ثم بين- سبحانه- أنهم لم يكتفوا بإنكارهم للبعث، بل أضافوا إلى ذلك سوء الأدب، والسخرية ممن يؤمن به فقال: لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ....

أى: لقد وعدنا على لسان هذا الرسول صلّى الله عليه وسلّم بأن البعث حق، كما وعد آباؤنا قبل ذلك على ألسنة الرسل السابقين، ونحن لا نصدق هذا الرسول، ولا أولئك الرسل.

إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أى: ما هذا البعث الذي وعدنا جميعا به، إلا أساطير الأولين. أى: أكاذيبهم التي سطروها من عند أنفسهم في كتبهم.

والأساطير: جمع أسطورة، كأحدوثة، وأعجوبة، وأكذوبة.

وهكذا الجهلاء المغرورون، لا يقفون من الحق موقف المنكر له فحسب، بل يضيفون إلى ذلك سوء الأدب، وقبح المنطق، والقول بغير علم.

( لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين ) يعنون : [ أن ] الإعادة محال ، إنما يخبر بها من تلقاها عن كتب الأولين واختلاقهم . وهذا الإنكار والتكذيب منهم كقوله تعالى إخبارا عنهم : ( أئذا كنا عظاما نخرة . قالوا تلك إذا كرة خاسرة . فإنما هي زجرة واحدة . فإذا هم بالساهرة ) [ النازعات : 11 14 ] ، وقال تعالى : ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين . وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) [ يس : 77 79 ] .

يقول تعالى ذكره: قالوا: لقد وعدنا هذا الوعد الذي تعدنا يا محمد، وَوَعَد آباءنا من قبلنا قومٌ ذكروا أنهم لله رسل من قبلك ، فلم نره حقيقة (إِنْ هَذَا) يقول: ما هذا الذي تعدنا من البعث بعد الممات ( إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ ) يقول: ما سطره الأولون في كتبهم من الأحاديث والأخبار، التي لا صحة لها ولا حقيقة.

التدبر :

وقفة
[83] ما أكثر اغترار الخلق بحلم الله عليهم! ﴿لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾.
وقفة
[83] التمسك بالتقليد الأعمى يمنع من الوصول للحق ﴿لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ لَقَدْ وُعِدْنا:
  • اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. وعد: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل. أي وعدنا من قبل المرسلين.
  • ﴿ نَحْنُ وَآباؤُنا:
  • نحن: ضمير منفصل-ضمير المتكلمين-في محل رفع توكيد للضمير «نا» الواو عاطفة. آباء معطوفة على ضمير المتكلمين في «وعدنا» مرفوع بالضمة. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ هذا مِنْ قَبْلُ:
  • هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به لوعدنا. من قبل: جار ومجرور متعلق بوعدنا. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن. أي وعد آباؤنا هذا من قبلنا.
  • ﴿ إِنْ هذا إِلاّ:
  • ان: مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. الاّ: أداة حصر لا عمل لها.
  • ﴿ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ:
  • أساطير: خبر «هذا» مرفوع بالضمة وهو مضاف.الأولين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: أوهام وخرافات الأقدمين. وهي جمع أسطورة.'

المتشابهات :

الأنعام: 25﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
الأنفال: 31﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا ۙ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
المؤمنون: 83﴿لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
النمل: 68﴿لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [83] لما قبلها :     وبعد أن أنكرَ الكفارُ البعثَ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنهم لم يكتفوا بذلك، بل أضافوا إلى ذلك: سوء الأدب مع الله ومع رسله، والسخرية ممن يؤمن بالبعث والنشور، قال تعالى:
﴿ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [84] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا ..

التفسير :

[84] قل لهم:لمن هذه الأرض ومَن فيها إن كان لديكم علم؟

تفسير الآيتين 84 و85

أي:قل لهؤلاء المكذبين بالبعث، العادلين بالله غيره، محتجا عليهم بما أثبتوه، وأقروا به، من توحيد الربوبية، وانفراد الله بها، على ما أنكروه من توحيد الإلهية والعبادة، وبما أثبتوه من خلق المخلوقات العظيمة، على ما أنكروه من إعادة الموتى، الذي هو أسهل من ذلك.{ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا} أي:من هو الخالق للأرض ومن عليها، من حيوان، ونبات وجماد وبحار وأنهار وجبال، المالك لذلك، المدبر له؟ فإنك إذا سألتهمعن ذلك، لا بد أن يقولوا:الله وحده. فقل لهم إذا أقروا بذلك:{ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} أي:أفلا ترجعون إلى ما ذكركم الله به، مما هو معلوم عندكم، مستقر في فطركم، قد يغيبه الإعراض في بعض الأوقات. والحقيقة أنكم إن رجعتم إلى ذاكرتكم, بمجرد التأمل، علمتم أن مالك ذلك، هو المعبود وحده، وأن إلهية من هو مملوك أبطل الباطل

وقد أمر الله- تعالى- رسوله أن يرد على أباطيلهم، وأن يلزمهم بثلاث حجج، تدل على أن الله- تعالى- قادر على إعادتهم إلى الحياة بعد موتهم.

أما الحجة الأولى فتتجلى في قوله- سبحانه-: قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أى: قل لهم- أيها الرسول الكريم- لمن هذه الأرض ملكا وتصرفا، ولمن هذه المخلوقات التي عليها، خلقا وتدبيرا، إن كنتم من أهل العلم والفهم؟ أو كنتم عالمين بذلك فأخبرونى من خالقهم؟ فجواب الشرط محذوف لدلالة الاستفهام عليه.

يقرر تعالى وحدانيته ، واستقلاله بالخلق والتصرف والملك ، ليرشد إلى أنه الذي لا إله إلا هو ، ولا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له; ولهذا قال لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين العابدين معه غيره ، المعترفين له بالربوبية ، وأنه لا شريك له فيها ، ومع هذا فقد أشركوا معه في الإلهية ، فعبدوا غيره معه ، مع اعترافهم أن الذين عبدوهم لا يخلقون شيئا ، ولا يملكون شيئا ، ولا يستبدون بشيء ، بل اعتقدوا أنهم يقربونهم إليه زلفى : ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) [ الزمر : 3 ] ، فقال : ( قل لمن الأرض ومن فيها ) أي : من مالكها الذي خلقها ومن فيها من الحيوانات والنباتات والثمرات ، وسائر صنوف المخلوقات ( إن كنتم تعلمون )

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المكذّبين بالآخرة من قومك: لمن ملك الأرض ومن فيها من الخلق، إن كنتم تعلمون من مالكها؟ ثم أعلمه أنهم سيقرّون بأنها لله ملكا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[84] ﴿قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ قال مكي: «فيها دلالة على جواز محاجة الكفار والمبطلين وإقامة الحجة وإظهار الباطل من قولهم ومذهبهم, ووجوب النظر في الحجج على من خالف دين الله».
تفاعل
[84] ﴿قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[84، 85] ﴿قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ﴾ ولو وقرت في قلوب المسلمين حقًا لما وُجدت القوانيين الوضعية في بلاد المسلمين.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أي فاسألهم يا محمد.
  • ﴿ لِمَنِ الْأَرْضُ:
  • الجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به-مقول القول- لمن: اللام حرف جر. من: اسم استفهام مبني على السكون حرك بالكسر لالتقاء الساكنين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. الأرض: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. بمعنى: لمن هذه الأرض؟ وفي القول الكريم توبيخ لهم.
  • ﴿ وَمَنْ فِيها:
  • الواو عاطفة. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع معطوف على «الأرض» فيها: جار ومجرور متعلق بمضمر تقديره: استقر أو هو مستقر أو كائن وجملة «استقر فيها» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. بمعنى: ومن هو كائن فيها أو ومن عليها من البشر وبقية الكائنات.
  • ﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ:
  • إن: حرف شرط‍ جازم. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بان. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «تعلمون» في محل نصب خبر «كان» وجواب الشرط‍ محذوف تقديره: إن كنتم تعلمون فأجيبوني عما استعلمتم منه ان كان عندكم علم وفي الكلام استخفاف بهم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [84] لما قبلها :     5- نعمة خلق الأرض ومن فيها، قال تعالى:
﴿ قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [85] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ

التفسير :

[85] سيعترفون حتماً بأنها لله، هو خالقها ومالكها، قل لهم:ألا يكون لكم في ذلك تذكُّر بأنه قادر على البعث والنشور؟

تفسير الآيتين 84 و85

أي:قل لهؤلاء المكذبين بالبعث، العادلين بالله غيره، محتجا عليهم بما أثبتوه، وأقروا به، من توحيد الربوبية، وانفراد الله بها، على ما أنكروه من توحيد الإلهية والعبادة، وبما أثبتوه من خلق المخلوقات العظيمة، على ما أنكروه من إعادة الموتى، الذي هو أسهل من ذلك.{ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا} أي:من هو الخالق للأرض ومن عليها، من حيوان، ونبات وجماد وبحار وأنهار وجبال، المالك لذلك، المدبر له؟ فإنك إذا سألتهمعن ذلك، لا بد أن يقولوا:الله وحده. فقل لهم إذا أقروا بذلك:{ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} أي:أفلا ترجعون إلى ما ذكركم الله به، مما هو معلوم عندكم، مستقر في فطركم، قد يغيبه الإعراض في بعض الأوقات. والحقيقة أنكم إن رجعتم إلى ذاكرتكم, بمجرد التأمل، علمتم أن مالك ذلك، هو المعبود وحده، وأن إلهية من هو مملوك أبطل الباطل

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ولا يملكون أن يقولوا غير ذلك، لأن بداهة العقل تضطرهم إلى أن يعترفوا بأن الأرض ومن فيها لله- تعالى-.

قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ أى: قل لهم في الجواب على اعترافهم هذا، أتعلمون ذلك، فلا تتذكرون بأن من خلق الأرض ومن فيها قادر على إحياء الناس بعد موتهم.

. سيقولون لله ) أي : فيعترفون لك بأن ذلك لله وحده لا شريك له ، فإذا كان ذلك ( قل أفلا تذكرون ) [ أي : لا تذكرون ] أنه لا تنبغي العبادة إلا للخالق الرازق لا لغيره .

أعلمه أنهم سيقرّون بأنها لله ملكا دون سائر الأشياء غيره ( أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) يقول: فقل لهم إذا أجابوك بذلك كذلك أفلا تذكرون، فتعلمون أن من قدر على خلق ذلك ابتداء فهو قادر على إحيائهم بعد مماتهم وإعادتهم خلقا سويا بعد فنائهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[85] ﴿قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ ترغيب إلهي في إعمال العقل والتفكر والتدبر، ليصلوا إلى أن من بدأ الخلق قادر على إعادته.

الإعراب :

  • ﴿ سَيَقُولُونَ:
  • السين: حرف تسويف-استقبال-يقولون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ لِلّهِ:
  • جار ومجرور للتعظيم في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف بتقدير: هي لله والجملة الاسمية «هي لله» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ:
  • قل: أعربت في الآية السابقة. أَفَلا تَذَكَّرُونَ: أعربت في الآية الثمانين. وأصلها: تتذكرون فحذفت التاء الثانية تخفيفا وشددت الذال. بمعنى: أفلا تذكرون أي تعتبرون فتعلموا أن من فطر الأرض ومن فيها كان قادرا على اعادة الخلق؟'

المتشابهات :

المؤمنون: 85﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
المؤمنون: 87﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ
المؤمنون: 89﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ ۚ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [85] لما قبلها :     وبعد هذا السؤال التقريري الملزم؛ أخبرَ اللهُ هنا بجوابهم قبل أن يجيبوا، قال تعالى:
﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لله:
وقرئ:
1- الله، بلفظ الجلالة، مرفوعا، وهى قراءة عبد الله، والحسن، والجحدري، ونصر بن عاصم، وابن وثاب، وأبى الأشهب، وأبى عمرو، من السبعة.
2- لله، بلام الجر، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [86] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ..

التفسير :

[86] قل مَن رب السموات السبع وربُّ العرشِ العظيمِ، الذي جعله اللهُ أعظمَ المخلوقاتِ وأعلاها؟

{ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ} وما فيها من النيرات، والكواكب السيارات، والثوابت{ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} الذي هو أعلى المخلوقات وأوسعها وأعظمها، فمن الذي خلق ذلك ودبره، وصرفه بأنواع التدبير؟

وأما الحجة الثانية فهي قوله- سبحانه-: قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وهو كرسيه الذي وسع السموات والأرض؟

( قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ) أي : من هو خالق العالم العلوي بما فيه من الكواكب النيرات ، والملائكة الخاضعين له في سائر الأقطار منها والجهات ، ومن هو رب العرش العظيم ، يعني : الذي هو سقف المخلوقات ، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " شأن الله أعظم من ذلك ، إن عرشه على سماواته هكذا " وأشار بيده مثل القبة .

وفي الحديث الآخر : " ما السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، وإن الكرسي بما فيه بالنسبة إلى العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة " .

ولهذا قال بعض السلف : إن مسافة ما بين قطري العرش من جانب إلى جانب مسيرة خمسين ألف سنة ، [ وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة ] .

وقال الضحاك ، عن ابن عباس : إنما سمي عرشا لارتفاعه .

وقال الأعمش عن كعب الأحبار : إن السماوات والأرض في العرش ، كالقنديل المعلق بين السماء والأرض .

وقال مجاهد : ما السماوات والأرض في العرش إلا كحلقة في أرض فلاة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا العلاء بن سالم ، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان الثوري ، عن عمار الدهني ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : العرش لا يقدر أحد قدره . وفي رواية : إلا الله عز وجل .

وقال بعض السلف : العرش من ياقوتة حمراء .

ولهذا قال هاهنا : ( ورب العرش العظيم ) يعني : الكبير : وقال في آخر السورة : ( رب العرش الكريم ) أي : الحسن البهي . فقد جمع العرش بين العظمة في الاتساع والعلو ، والحسن الباهر; ولهذا قال من قال : إنه من ياقوتة حمراء .

وقال ابن مسعود : إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار ، نور العرش من نور وجهه .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهم يا محمد: من ربّ السماوات السبع، وربّ العرش المحيط بذلك؟ سيقولون: ذلك كله لله، وهو ربه، فقل لهم: أفلا تتقون عقابه على كفركم به وتكذيبكم خبره وخبر رسوله؟

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

تفاعل
[86] ﴿قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ سَبِّح الله الآن.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ مَنْ رَبُّ:
  • قل: أعربت. من: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ربّ: خبر «من» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ السَّماواتِ السَّبْعِ:
  • مضاف اليه مجرور بالكسرة. السبع: صفة-نعت- للسماوات مجرورة مثلها. والجملة الاسمية مَنْ رَبُّ» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ:
  • معطوفة بالواو على رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ» وتعرب إعرابها. بمعنى: وربّ الملك العظيم.'

المتشابهات :

التوبة: 129﴿حَسْبِيَ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
المؤمنون: 86﴿قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
النمل: 26﴿اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
المؤمنون: 116﴿فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [86] لما قبلها :     6- نعمة خلق السماوات، قال تعالى:
﴿ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

العظيم:
وقرئ:
برفع الميم، نعتا ل «رب» ، وهى قراءة ابن محيصن.

مدارسة الآية : [87] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ

التفسير :

[87] سيقولون حتماً:هي مِلْك لله، فقل لهم:أفلا تخافون عذابه إذا عبدتم غيره؟

{ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} أي:سيقرون بأن الله رب ذلك كله. قل لهم حين يقرون بذلك:{ أَفَلَا تَتَّقُونَ} عبادة المخلوقات العاجزة، وتتقون الرب العظيم، كامل القدرة، عظيم السلطان؟ وفي هذا من لطف الخطاب، من قوله:{ أَفَلَا تذكرون}{ أفلا تَتَّقُونَ} والوعظ بأداة العرض الجاذبة للقلوب

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ فهو رب كل شيء. قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ أى: قل لهم على سبيل التبكيت والتقريع، أتقولون ذلك، ومع هذا لا تتقون الله، ولا تخافون عقابه، بسبب عبادتكم لغيره، وإنكاركم لما نهاكم عن إنكاره؟

وقوله : ( سيقولون لله قل أفلا تتقون ) أي : إذا كنتم تعترفون بأنه رب السماوات ورب العرش العظيم ، أفلا تخافون عقابه وتحذرون عذابه ، في عبادتكم معه غيره وإشراككم به؟

قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي في كتاب " التفكر والاعتبار " : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، أخبرني عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يحدث عن امرأة كانت في الجاهلية على رأس جبل ، معها ابن لها يرعى غنما ، فقال لها ابنها : يا أماه ، من خلقك؟ قالت : الله . قال : فمن خلق أبي؟ قالت : الله . قال : فمن خلقني؟ قالت : الله . قال : فمن خلق السماء؟ قالت : الله . قال : فمن خلق الأرض؟ قالت : الله . قال : فمن خلق الجبل؟ قالت : الله . قال : فمن خلق هذه الغنم؟ قالت : الله . قال : فإني أسمع لله شأنا ثم ألقى نفسه من الجبل فتقطع .

قال ابن عمر : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يحدثنا هذا الحديث .

قال عبد الله بن دينار : كان ابن عمر كثيرا ما يحدثنا بهذا الحديث .

قلت : في إسناده عبد الله بن جعفر المديني ، والد الإمام علي بن المديني ، وقد تكلموا فيه ، فالله أعلم .

وقد اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الحجاز والعراق والشام: ( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) سوى أبي عمرو، فإنه خالفهم فقرأه: " سَيَقُولُونَ الله " في هذا الموضع، وفي الآخر الذي بعده إتباعا لخط المصحف، فإن ذلك كذلك في مصاحف الأمصار، إلا في مصحف أهل البصرة، فإنه في الموضعين بالألف، فقرءوا &; 19-64 &; بالألف كلها اتباعا لخط مصحفهم، فأما الذين قرءوه بالألف فلا مؤنة في قراءتهم ذلك كذلك؛ لأنهم أجروا الجواب على الابتداء، وردّوا مرفوعا على مرفوع، وذلك أن معنى الكلام على قراءتهم: قل من رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، سيقولون ربّ ذلك الله، فلا مؤنة في قراءة ذلك كذلك. وأما الذين قرءوا ذلك في هذا، والذي يليه بغير ألف، فإنهم قالوا: معنى قوله: قل من رب السماوات: لمن السماوات؟ لمن ملك ذلك؟ فجعل الجواب على المعنى، فقيل: لله; لأن المسألة عن ملك ذلك لمن هو؟ قالوا: وذلك نظير قول قائل لرجل: مَنْ مولاك؟ فيجيب المجيب عن معنى ما سئل، فيقول: أنا لفلان; لأنه مفهوم لذلك من الجواب ما هو مفهوم بقوله: مولاي فلان. وكان بعضهم يذكر أن بعض بني عامر أنشده:

وأعْلَــمُ أنَّنِــي ســأكُونُ رَمْسًـا

إذَا سَـــارَ النَّوَاجِـــعُ لا يَسِــيرُ

فقــال الســائلون لمــن حـفرتم?

فقــال المخــبرون لهــم وزيـرُ (1)

فأجاب المخفوض بمرفوع؛ لأن معنى الكلام: فقال السائلون: من الميت؟ فقال المخبرون: الميت وزير. فأجابوا عن المعنى دون اللفظ.

والصواب من القراءة في ذلك أنهما قراءتان قد قرأ بهما علماء من القرّاء، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أني مع ذلك أختار قراءة جميع ذلك بغير ألف؛ لإجماع خطوط مصاحف الأمصار على ذلك، سوى خط مصحف أهل البصرة.

------------------------

الهوامش :

(1) البيتان مما أنشده الفراء عن بعض بني عامر ، في كتابه ( معاني القرآن ) الورقة 216 من مصورة الجامعة رقم 24059 قال الفراء : وقوله { قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله } هذه مسألة فيها ؛ لأنه قد استفهم بلام ، فرجعت في خبر المستفهم . وأما الأخريان ، فإن أهل المدينة وعامة أهل الكوفة يقرءونها كقراءة أبي كذلك : لله ، لله ، لله ، ثلاثتهنَّ . وأهل البصرة يقرءون الأخريين : الله ، الله ، وهو في العربية أبين ، لأنه مردود مرفوع ؛ ألا ترى أن قوله : { قل من رب السماوات } مرفوع ، لا خفض فيه ، فجرى جوابه على مبتدأ به ، وكذلك هي في قراءة عبد الله . والعلة في إدخال اللام في الأخريين في قول أبي وأصحابه : أنك لو قلت لرجل : من مولاك ؟ فقال : أنا لفلان ، كفاك من أن يقول : مولاي فلان ، فلما كان المعنيان واحدًا ، جرى ذلك في كلامهم ؛ أنشدني بعض بني عامر " وأعلم أنني سأكون رمسا .. . " البيتين . فرفع ، أراد : الميت وزير . و النواجع : جمع ناجعة ، وهي الجماعة تترك منازلها في طلب الكلأ.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[87] ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ الإقرار بالربوبية ما لم يصحبه إقرار بالألوهية لا ينجي صاحبه.
وقفة
[87] ﴿قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ ما التقوى؟ قال الإمام أحمد: «التقوى هي ترك ما تهوى لما تخشی».
وقفة
[84-87] دلت هذه الآيات على جواز جدال الكفار، وإقامة الحجة عليهم.

الإعراب :

  • ﴿ سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ
  • تعرب إعراب الآية الكريمة الخامسة والثمانين. ومفعول «تتقون» محذوف بمعنى أفلا تخافون عقابه سبحانه فلا تشركوا به وتعصوا رسله. وجاء الجواب «لله» باللام على المعنى. لأن القول: من ربّ ولمن هو في معنى واحد. وبغير اللام على اللفظ‍.أي بمعنى «الله».'

المتشابهات :

المؤمنون: 85﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
المؤمنون: 87﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ
المؤمنون: 89﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ ۚ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [87] لما قبلها :     وبعد السؤال التقريري الثاني؛ أخبرَ اللهُ هنا بجوابهم قبل أن يجيبوا، قال تعالى:
﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لله:
انظر: الآية: 85، من هذه السورة.

مدارسة الآية : [88] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ ..

التفسير :

[88] قل:مَن مالك كل شيء ومَن بيده خزائن كل شيء، ومَن يجير مَنِ استجار به، ولا يقدر أحد أن يُجير ويحمي مَن أراد الله إهلاكه، ولا يدفع الشر الذي قدَّره الله، إن كنتم تعلمون ذلك؟

{ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} أي:ملك كل شيء، من العالم العلوي، والعالم السفلي، ما نبصره، وما لا نبصره؟. و "الملكوت "ب صيغة مبالغة بمعنى الملك.{ وَهُوَ يُجِيرُ} عباده من الشر، ويدفع عنهم المكاره، ويحفظهم مما يضرهم،{ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ} أي:لا يقدر أحد أن يجير على الله. ولا يدفع الشر الذي قدره الله. بل ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه

وأما الحجة الثالثة، فتتجلى في قوله عز وجل: قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ..

أى: قل لهم من بيده ملك كل شيء كائنا ما كان.

فالملكوت من الملك، وزيدت الواو والتاء للمبالغة في هذا الملك.

وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ أى: وهو- سبحانه- يغيث من يشاء من خلقه فلا يستطيع أحد أن يناله بسوء، أما من يريد الله- تعالى- أن ينزل به عقابه، فلن يستطيع أحد أن يمنع هذا العقاب عنه.

يقال: أجرت فلانا على فلان، إذا أغثته وأنقذته منه. وعدى بعلى لتضمينه معنى النصر.

إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أى: إن كنتم- أيضا- من أهل العلم والفهم.

( قل من بيده ملكوت كل شيء ) أي : بيده الملك ، ( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) [ هود : 56 ] ، أي : متصرف فيها . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا والذي نفسي بيده " ، وكان إذا اجتهد في اليمين قال : " لا ومقلب القلوب " ، فهو سبحانه الخالق المالك المتصرف ، ( وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ) كانت العرب إذا كان السيد فيهم فأجار أحدا ، لا يخفر في جواره ، وليس لمن دونه أن يجير عليه ، لئلا يفتات عليه ، ولهذا قال الله : ( وهو يجير ولا يجار عليه ) أي : وهو السيد العظيم الذي لا أعظم منه ، الذي له الخلق والأمر ، ولا معقب لحكمه ، الذي لا يمانع ولا يخالف ، وما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وقال الله : ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) [ الأنبياء : 23 ] ، أي : لا يسئل عما يفعل; لعظمته وكبريائه ، وقهره وغلبته ، وعزته وحكمته ، والخلق كلهم يسألون عن أعمالهم ، كما قال تعالى : ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) [ الحجر : 92 ، 93 ] .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد: من بيده خزائن كلّ شيء؟

كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله ( مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ) قال: خزائن كل شيء.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن مجاهد، في قول الله: ( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ) قال: خزائن كل شيء.

وقوله ( وَهُوَ يُجِيرُ ) من أراد ممن قصده بسوء، ( وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ ) يقول: ولا أحد يمتنع ممن أراده هو بسوء، فيدفع عنه عذابه وعقابه (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) من ذلك صفته. فإنهم يقولون: إن ملكوت كلّ شيء والقدرة على الأشياء كلها لله

التدبر :

اسقاط
[88] ﴿قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ يا ابن آدم، أتخشى الفقر وأنت عبدُ الغني؟! أتخشى أن تُخذل وأنت عبدُ القوي؟! أتخشى أن تشقى وأنت عبدُ مَن بيده ملكوت كل شيء؟!
تفاعل
[88] ﴿قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ﴾ سَبِّح الله الآن.
عمل
[88] ﴿قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ﴾ استجر بالله؛ فإن ملكوت كلّ شيء والقدرة على الأشياء كلها بيده وحده.
وقفة
[88] ﴿قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ورسخت هذه الآية ومثيلاتها في قلبي وقلبك لما التفتت قلوبنا لغير الله.
وقفة
[88] عجبًا للمؤمن تعصر قلبه الحاجة فيدلي بها لمخلوق ضعيف، ويغفل عمن لا يرد سؤله آخر ساعة من الجمعة ﴿قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
عمل
[88] مهما بلغ حجم همومك، أو أهدافك وأمنياتك فلن تعجز من ﴿بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، سله سيكرمك.
وقفة
[88] ما معنى قوله تعالى: ﴿وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ﴾؟ الجواب: معناه أن الله سبحانه يغيث من استغاث به ممن أراده بشرٍ من المخلوقات، ويمنعه ممن أراده بسوءٍ إذا شاء، ولا أحد من الخلق يستطيع أن يمنع أحدًا أراده الله بسوء فينجيه من بأس الله وعقابه، ونظيره قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يونس: 107].

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ:
  • أعربت في الآية الكريمة السادسة والثمانين.و«ملكوت» بمعنى «الملك المطلق» بيده: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. ملكوت: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة والجملة الاسمية في محل رفع خبر «من».
  • ﴿ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ:
  • كل: مضاف اليه مجرور بالكسرة وهو مضاف. شيء:مضاف اليه مجرور بالكسرة. الواو عاطفة. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ يُجِيرُ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هو» فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ:
  • الواو عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. يجار: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. عليه: جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل. بمعنى: وهو يغيث من يشاء ممن يشاء ولا يغيث أحد منه أحدا.
  • ﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ:
  • أعربت في الآية الكريمة الرابعة والثمانين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [88] لما قبلها :     7- نعمة تدبير الكون، قال تعالى:
﴿ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [89] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ

التفسير :

[89] سيجيبون:بأن ذلك كلَّه لله، قل لهم:كيف تذهب عقولكم وتُخْدَعون وتُصْرفون عن توحيد الله وطاعته، وتصديق أمر البعث والنشور؟

{ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} أي:سيقرون أن الله المالك لكل شيء، المجير، الذي لا يجار عليه.

{ قُلْ} لهم حين يقرون بذلك، ملزما لهم،{ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} أي:فأين تذهب عقولكم، حيث عبدتم من علمتم أنهم لا ملك لهم، ولا قسط من الملك، وأنهم عاجزون من جميع الوجوه، وتركتم الإخلاص للمالك العظيم القادر المدبر لجميع الأمور، فالعقول التي دلتكم على هذا، لا تكون إلا مسحورة، وهي - بلا شك- قد سحرها الشيطان، بما زين لهم، وحسن لهم، وقلب الحقائق لهم، فسحر عقولهم، كما سحرت السحرة أعين الناس.

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ أى: سيقولون ملك كل شيء لله، والقدرة على كل شيء لله.

قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ أى: قل لهم في الجواب عليهم، ما دمتم قد اعترفتم بأن كل شيء تحت قدرة الله وسيطرته، فكيف تخدعون وتصرفون عن الحق وعن الرشد مع علمكم بهما، إلى ما أنتم عليه من باطل وغي!! يقال: سحر فلان غيره، بمعنى خدعه، أو أتى عمل السحر. والمسحور هو الشخص المخدوع أو من تأثر بما عمل له من سحر.

وبهذه الحجج الدامغة، أخرس الله- تعالى- ألسنة المنكرين للبعث، وأثبت لهم أنه- سبحانه- لا يعجزه شيء.

وبعد أن أثبت- سبحانه- أن البعث حق، أتبع ذلك بإثبات وحدانيته، وإبطال ما يزعمون له- تعالى- من الولد والشريك. فقال:

وقوله : ( سيقولون لله ) أي : سيعترفون أن السيد العظيم الذي يجير ولا يجار عليه ، هو الله تعالى ، وحده لا شريك له ( قل فأنى تسحرون ) أي : فكيف تذهب عقولكم في عبادتكم معه غيره مع اعترافكم وعلمكم بذلك .

فإنهم يقولون: إن ملكوت كلّ شيء والقدرة على الأشياء كلها لله، فقل لهم يا محمد: ( فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) يقولون: فمن أيّ وجه تصرفون عن التصديق بآيات الله، والإقرار بأخباره وأخبار رسوله، والإيمان بأن الله القادر على كل ما يشاء، وعلى بعثكم أحياء بعد مماتكم، مع علمكم بما تقولون من عظيم سلطانه وقدرته؟!

وكان ابن عباس فيما ذكر عنه يقول في معنى قوله ( تُسْحَرُونَ ) ما حدثني به عليّ، قال: ثنا عبد الله قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( فأنى تُسْحَرُونَ ) يقول: تكذبون.

وقد بيَّنت فيما مضى السِّحْر: أنه تخييل الشيء إلى الناظر أنه على خلاف ما هو به من هيئته، فذلك معنى قوله: ( فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) إنما معناه: فمن أيّ وجه يخيل إليكم الكذب حقا: والفاسد صحيحا، فتصرفون عن الإقرار بالحقّ الذي يدعوكم إليه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.

التدبر :

وقفة
[89] ﴿قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ يَروج الباطل على بعض الناس، فينجذبون إليه، وينشطون للترويج له والعمل له كأنهم مسحورون.

الإعراب :

  • ﴿ سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ فَأَنّى تُسْحَرُونَ
  • الجزء الأول من هذه الآية الكريمة يعرب إعراب الآية الكريمة الخامسة والثمانين أي الملك لله.
  • ﴿ فَأَنّى تُسْحَرُونَ:
  • الفاء استئنافية. أنى: اسم استفهام مبني على السكون بمعنى «كيف» في محل نصب حال. تسحرون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى فكيف تخدعون عن توحيده وطاعته والخادع هو الشيطان بسحره.'

المتشابهات :

المؤمنون: 85﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
المؤمنون: 87﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ
المؤمنون: 89﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ ۚ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [89] لما قبلها :     وبعد السؤال التقريري الثالث؛ أخبرَ اللهُ هنا بجوابهم قبل أن يجيبوا، قال تعالى:
﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لله:
أنظر: الآية: 85، من هذه السورة.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف