4035354555657585960616263

الإحصائيات

سورة العنكبوت
ترتيب المصحف29ترتيب النزول85
التصنيفمكيّةعدد الصفحات8.00
عدد الآيات69عدد الأجزاء0.37
عدد الأحزاب0.75عدد الأرباع3.00
ترتيب الطول26تبدأ في الجزء20
تنتهي في الجزء21عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 15/29آلم: 3/6

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (53) الى الآية رقم (55) عدد الآيات (3)

ردٌّ آخرُ على الكفَّارِ لمَّا استعجلُوا العذابَ استهزاءً، بأنَّ العذابَ آتٍ لا ريبَ فيه فى الوقتِ الذى يشاؤه اللهُ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (56) الى الآية رقم (60) عدد الآيات (5)

وبعدَ بيانِ عنادِ المُشركين في تصديقِ القرآنِ؛ أرشدَ اللهُ المؤمنينَ هنا إلى الهجرةِ فِرارًا مِمَّن يفتنُهم، وألَّا يمنعَهم من الهجرةِ خوفُ الموتِ فكلُّ نفسٍ ستذوقُه، ولا خوفُ الفقرِ فقد تكفَّلَ اللهُ بالرِّزقِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (61) الى الآية رقم (63) عدد الآيات (3)

= ثُمَّ بَيَّنَ مَا عليهِ المُشركونَ مِن تَناقضٍ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة العنكبوت

الفتن والابتلاءات سنة ماضية (جَاهِد الفتن)/ هوان الباطل وأهله مهما علوا وتجبروا/ الابتلاء والولاء

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • امتحانات وامتحانات::   في الحياة الدراسية اختبارات وامتحانات، بعضها مهم، وبعضها أقل أهمية، وهناك امتحانات مصيرية، تغير المسار ويعتمد عليها ما بعدها (كالثانوية العامة مثلًا). وهناك أيضًا امتحانات كهذه في حياتنا بصفة عامة، امتحانات تحدد مصيرنا. فالإنسان معرّض للامتحان أو الاختبار، معرض أن يفتن في كثير من الأمور كفتنة المال والبنين والدنيا والسلطة والشهوات والصحة والأهل، وهذا من تدبير الله تعالى ليبلوا الناس أيهم أحسن عملًا، وليعلم صدق العباد وليختبرهم في إيمانهم وصدقهم.
  • • وسورة العنكبوت تتحدث عن هذا الموضوع: الامتحان أو الابتلاء أو الفتنة. كيف؟:   سورة العنكبوت من أواخر ما نزل في مكة، قبل هجرته عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، والمسلمون يتعرضون في مكة لأقصى أنواع التعذيب ليتركوا دينهم، محنة وشدة وفتنة وابتلاء. ومع هذا التعذيب يأتي امتحان جديد؛ امتحان مختلف. هذا الامتحان هو: الهجرة؛ أن يتركوا مكة، أن يتركوا الأهل والأقارب والعشيرة والعمل والمال والبيوت. كثيرًا ما تتعبنا أوطاننا، لكن قرار مغادرتها ليس سهلًا بالمرة. الهجرة اليوم مألوفة، والناس يتبادلون التهاني عندما يحصلون عليها، لكنها لم تكن كذلك آنذاك، هذا التنقل لم يكن مقبولًا بالنسبة للعربي الحضري، من يولد في مدينة يموت فيها غالبًا. السورة تعرض لقصص أنبياء في لحظات خروجهم من مدنهم، كل قصة من هذه القصص عرضت سابقًا في سور مختلفة، لكننا الآن نراها على نحو مختلف، هذه المرة نراهم وهم يهاجرون، كما يجب أن يفعل من تنزلت السورة بينهم.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «العنكبوت».
  • • معنى الاسم ::   العنكبوت حيوان صغير، ذكره يدعي عنكب، أما أنثاه فهي العنكبوت، وهي التي تبني البيت من خلال مغزل خاص موجود في نهاية بطنها، ولا يوجد مثله عند الذكر، ولذا جاء في الآية: ﴿كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتًا﴾ (41)، وتصل عدد الخيوط إلي 400 ألف خيط، وطول الخيط الواحد 20 سم، له ثمانية أرجل، وست إلي ثمان أعين، ينسج شبكة من الخيوط للقبض عل فرائسها.
  • • سبب التسمية ::   لأن ‏الله شبه في الآية (41) الذين جعلوا الأوثان أولياء من دون الله يرجون نصرها بالعنكبوت التي عملت بيتًا لنفسها ليحفظها من الحر والبرد، ولم يرد لفظ (العنكبوت) في غيرها من السور.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الطريق إلى الله غير مفروش بالورود؛ فلابد من التعرض لألوان من الفتن والابتلاءات.
  • • علمتني السورة ::   أنه لابد للمؤمن أن يبتلى في هذه الدنيا فالإيمان ليس كلمة تقال باللسان فقط فالله تعالى يبتلي عباده ليميز بينهم: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّـهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن العبرة بالأفعال، لا بالأقوال فقط: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّـهِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن كل إنسان يحمل أوزاره يوم القيامة، وأوزار من أضلهم: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ ۖ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ۖ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة العنكبوت من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • من أواخر ما نزل من القرآن المكي، بل ذهب ابن عباس رضي الله عنه إلى أنها آخر ما نزل في مكة.
    • السورة المكية الوحيدة التي ذُكِرَ فيها لفظ (المنافقين)، في قوله تعالى: ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ﴾ (11)، ولذا نجد بعض العلماء اعتبر الآيات الإحدى عشرة الأولى من السورة آيات مدنية.
    • جرت عادة السور التي تبدأ بالحروف المقطعة (وهي: 29 سورة) أن يأتي الحديث عن القرآن الكريم بعد الأحرف المقطعة مباشرة؛ إلا أربع سور، وهي: مريم والعنكبوت والروم والقلم.
    • السور الكريمة المسماة بأسماء الحيوانات 7 سور، وهي: البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والعاديات، والفيل.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نجاهد الفتن، ونوطِّن أنفسنا أنه لابد من التعرض لألوان من الفتن والابتلاءات.
    • أن نقرأ أخبار الصحابة الذين تعرضوا للفتنة؛ كسلمان الفارسي، أو عمار بن ياسر مثلًا, وكيف صدقوا وصبروا، ونقتدي بهم: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّـهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ (3).
    • إذا أصابتنا فتنة أن نصبر ونتوكل على الله، وندعو الله أن يفرج عنا: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّـهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّـهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّـهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ...﴾ (10).
    • أن نقتدي بالأنبيـاءِ فـي صَبرهِم وحرصهم على الدَّعـوة إلى الله: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا﴾ (14).
    • ألا نتخذ من دون الله أولياء؛ فقد ضرب الله لهم مثلًا ببيت العنكبوت، وهذا دليل على ضعفهم: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (41).
    • أن نقرأ كتاب الله ونتدبره، ونعمل به، ونحافظ على الصلاة؛ فإنها تنهى عن الفحشاء، ونكثر من ذكر الله: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّـهِ أَكْبَرُ ...﴾ (45).
    • أن نتدرب على الحوار؛ فهو من سنن الأنبياء: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (46).
    • لا تحمل هم الرزق؛ فإن الله قد كفاك إياه: ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾ (60).
    • أن نهاجر في أرض الله الواسعة إذا كنا في بلد ولم نستطع إقامة شعائر الله: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ (56).
    • أن نخلص العبادة لله تعالى في السراء والضراء: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ (65).

تمرين حفظ الصفحة : 403

403

مدارسة الآية : [53] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى ..

التفسير :

[53] ويستعجلك -أيها الرسول- هؤلاء المشركون من قومك بالعذاب استهزاء، ولولا أن الله جعل لعذابهم في الدنيا وقتاً لا يتقدم ولا يتأخر، لجاءهم العذاب حين طلبوه، وليأتينهم فجأة، وهم لا يشعرون به ولا يُحِسُّون.

يخبر تعالى عن جهل المكذبين للرسول وما جاء به، وأنهم يقولون -استعجالا للعذاب، وزيادة تكذيب-{ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ؟

يقول تعالى:{ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى} مضروب لنزوله، ولم يأت بعد،{ لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ} بسبب تعجيزهم لنا وتكذيبهم الحق، فلو آخذناهم بجهلهم، لكان كلامهم أسرع لبلائهم وعقوبتهم، ولكن -مع ذلك- فلا يستبطئون نزوله، فإنه سيأتيهم{ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}

فوقع كما أخبر اللّه تعالى، لما قدموا لـ "بدر"بطرين مفاخرين، ظانين

أنهم قادرون على مقصودهم، فأهانهم اللّه، وقتل كبارهم، واستوعب جملة أشرارهم، ولم يبق فيهم بيت إلا أصابته تلك المصيبة، فأتاهم العذاب من حيث لم يحتسبوا، ونزل بهم وهم لا يشعرون.

وقوله- عز وجل-: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ ... بيان للون آخر من ألوان انطماس بصيرة هؤلاء الكافرين، ومن سفاهاتهم وجهالاتهم. أى: أن هؤلاء المشركين لم يكتفوا بتكذيبك- أيها الرسول الكريم- بل أضافوا إلى ذلك، التطاول عليك، لسوء أدبهم، وعدم فهمهم لوظيفتك. بدليل أنهم يطلبون منك أن تنزل عليهم العذاب بعجلة وبدون إبطاء، على سبيل التحدي لك. كما قالوا في موطن آخر: ... اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ .

ثم يبين الله- تعالى- حكمته في تأخير عذابه عنهم إلى حين فيقول: وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ.... أى: يستعجلك المشركون يا محمد في نزول العذاب بهم، والحق أنه لولا أجل مسمى، ووقت معين، حدده الله- تعالى- في علمه لنزول العذاب بهم، لجاءهم العذاب في الوقت الذي طلبوه، بدون إبطاء أو تأخير.

ومع ذلك فقل لهم- أيها الرسول الكريم- إن هذا العذاب آت لا ريب فيه في الوقت الذي يشاؤه الله- تعالى-، وإن هذا العذاب المدمر المهلك: لَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. أى: ليحلن عليهم فجأة وبدون مقدمات، والحال أنهم لا يشعرون به، بل يأتيهم بغتة فيبهتهم، ويستأصل شأفتهم.

يقول تعالى مخبرا عن جهل المشركين في استعجالهم عذاب الله أن يقع بهم ، وبأس الله أن يحل عليهم ، كما قال تعالى : ( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) [ الأنفال : 32 ] ، وقال هاهنا : ( ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب ) أي : لولا ما حتم الله من تأخير العذاب إلى يوم القيامة لجاءهم العذاب قريبا سريعا كما استعجلوه .

ثم قال : ( وليأتينهم بغتة ) أي : فجأة ، ( وهم لا يشعرون .)

القول في تأويل قوله تعالى : وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (53)

يقول تعالى ذكره: ويستعجلك يا محمد هؤلاء القائلون من قومك: لولا أنـزل عليه آية من ربه بالعذاب ويقولون: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ ولولا أجل سميته لهم فلا أهلكهم حتى يستوفوه ويبلغوه، لجاءهم العذاب عاجلا. وقوله: ( وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) يقول: وليأتينهم العذاب فجأة، وهم لا يشعرون بوقت مجيئه قبل مجيئه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ ) قال: قال ناس من جهلة هذه الأمة اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ الآية.

التدبر :

وقفة
[53] ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ﴾ استعجال الكافر بالعذاب دليل على حمقه.
وقفة
[53] ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ ۚ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَاءَهُمُ الْعَذَابُ﴾ تأجيل العذاب لحكمة ورحمة! قال الرازي: «أَجَّلَهُ اللَّهُ لِحِكْمَةٍ وَرَحْمَةٍ، فَلِكَوْنِهِ حَكِيمًا لَا يَكُونُ مُتَغَيِّرًا مُنْقَلِبًا، وَلِكَوْنِهِ رَحِيمًا لَا يَكُونُ غَضُوبًا مُنْزَعِجًا، وَلَوْلَا ذَلِكَ الْأَجَلُ الْمُسَمَّى الَّذِي اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ وَارْتَضَتْهُ رَحْمَتُهُ؛ لَمَا كَانَ لَهُ رَحْمَةٌ وَحِكْمَةٌ، فَيَكُونُ غَضُوبًا مُنْقَلِبًا، فَيَتَأَثَّرُ بِاسْتِعْجَالِكُمْ وَيَتَغَيَّرُ مِنْ سُؤَالِكُمْ فَيَعْجَلُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَا يَأْتِيكُمْ بِالْعَذَابِ وَأَنْتُمْ تَسْأَلُونَهُ، وَلَا يدفع عنكم بالعذاب حِينَ تَسْتَعِيذُونَ بِهِ مِنْهُ».
تفاعل
[53] ﴿لَّجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً﴾ استعذ بالله الآن من عذابه.
عمل
[53] ﴿لَّجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً﴾ احذر أن يأتيك أجلُك وأنت على معصيةِ اللهِ.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ:
  • الواو استئنافية. يستعجلونك: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. بالعذاب: جار ومجرور متعلق بيستعجلون. والمخاطب هو الرسول الكريم محمد (صلّى الله عليه وسلّم).
  • ﴿ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى:
  • الواو استئنافية. لولا: حرف شرط‍ غير جازم.اجل: مبتدأ مرفوع بالضمة وجاز الابتداء بالنكرة لانه موصوف. مسمى:صفة-نعت-لاجل مرفوعة مثلها بالضمة المقدرة للتعذر على الالف قبل تنوينها لانها نكرة. وخبر المبتدأ محذوف وجوبا بمعنى: ولولا وقت او ميعاد مقدر سماه الله اوجبت حكمته تأخيره الى ذلك الوقت المسمى.والجملة الاسمية «اجل مسمى مع الخبر» ابتدائية لا محل لها من الاعراب
  • ﴿ لَجاءَهُمُ الْعَذابُ:
  • اللام واقعة في جواب لَوْلا». جاء: فعل ماض مبني على الفتح. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم.العذاب: فاعل مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية «جاءهم العذاب» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً:
  • الواو عاطفة لان اللام الواقعة في جواب «لو» في لَجاءَهُمُ الْعَذابُ» هي لام توكيد كذلك. يأتين: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي العذاب. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. اي يباغتهم العذاب بغتة. بغتة: مصدر في موضع الحال بمعنى فجأة.
  • ﴿ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ:
  • الواو حالية. الجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال. هم: ضمير منفصل-ضمير الغائبين-في محل رفع مبتدأ. لا:نافية لا عمل. يشعرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة لا يَشْعُرُونَ» في محل رفع خبر «هم».'

المتشابهات :

الحج: 47﴿وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّـهُ وَعْدَهُ
العنكبوت: 53﴿وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ ۚ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَاءَهُمُ الْعَذَابُ
العنكبوت: 54﴿ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [53] لما قبلها :     الشُّبْهَةُ الثالثة: استعجال المشركين لنزول العذاب بهم في الدنيا استهزاءً، والرد عليها: أنَّ العذابَ آتٍ لا ريبَ فيه في الوقتِ الذي يشاؤه اللهُ، قال تعالى:
﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَجَاءهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [54] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ ..

التفسير :

[54] يستعجلونك بالعذاب في الدنيا، وهو آتيهم لا محالة إمَّا في الدنيا وإمَّا في الآخرة، وإن عذاب جهنم في الآخرة لمحيط بهم، لا مفرَّ لهم منه.

هذا، وإن لم ينزل عليهم العذاب الدنيوي، فإن أمامهم العذاب الأخروي، الذي لا يخلص منهم أحد منه، سواء عوجل بعذاب الدنيا أو أمهل.{ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} ليس لهم عنها معدل ولا متصرف، قد أحاطت بهم من كل جانب، كما أحاطت بهم ذنوبهم وسيئاتهم وكفرهم، وذلك العذاب، هو العذاب الشديد.

ثم كرر- سبحانه- أقوالهم على سبيل التعجيب من حالهم، والتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما لقيه منهم. فقال: يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ.

أى: يستعجلونك- أيها الرسول الكريم- بالعذاب، الذي لا يطلبه أحد في ذهنه مثقال ذرة من عقل، والحال أن ما استعجلوه سينزل بهم لا محالة، وستحيط بهم جهنم من كل جانب.

أي : يستعجلون بالعذاب ، وهو واقع بهم لا محالة .

قال شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة قال في قوله : ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) ، قال : البحر .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين . حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد ، حدثنا أبي عن مجالد ، عن الشعبي ; أنه سمع ابن عباس يقول : ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) : وجهنم هو هذا البحر الأخضر ، تنتثر الكواكب فيه ، وتكور فيه الشمس والقمر ، ثم يستوقد فيكون هو جهنم .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عاصم ، حدثنا عبد الله بن أمية ، حدثني محمد بن حيي ، حدثنا صفوان بن يعلى ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " البحر هو جهنم " . قالوا : ليعلى ، فقال : ألا ترون أن الله يقول : ( نارا أحاط بهم سرادقها ) [ الكهف : 29 ] ، قال : لا والذي نفس يعلى بيده لا أدخلها أبدا حتى أعرض على الله ، ولا يصيبني منها قطرة حتى أعرض على الله عز وجل .

هذا تفسير غريب ، وحديث غريب جدا ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54)

يقول تعالى ذكره: يستعجلكَ يا محمد هؤلاء المشركون بمجيء العذاب ونـزوله بهم، والنار بهم محيطة، لم يبق إلا أن يدخلوها. وقيل: إن ذلك هو البحر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، قال: سمعت عكرمة يقول في هذه الآية ( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ) قال: البحر.

أخبرنا ابن وكيع، قال: ثنا غندر، عن شعبة، عن سماك، عن عكرمة، مثله.

التدبر :

وقفة
[54] ﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ تأمل في هذه اللوحة الفنية الأدبية الساحرة للألباب وهي تجسد لك حالة طريفة وفريدة، فهؤلاء الكافرون يستعجلون النبي صلى الله عليه وسلم بالعذاب في الوقت الذي تحيط بهم جهنم، وكأنما ننظر فنرى هذا المنظر من حيث لا يرونه، فنعجب لغفلتهم وهم واقفون يستعجلون العذاب وجهنم محيطة بهم من كل جانب، كما يحيط السوار بالمعصم.
وقفة
[54] ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ أي النار جامعة لكل كافر، لن يفلت منهم واحد، ولا يبقى أحد من الكفار إلا دخل النار.
وقفة
[54] ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ ومعناها كذلك: يأتيهم الموت من فوقهم، ومن أسفل منهم، ولم يذكر اليمين والشمال؛ لأن جدران النار أو سرادقها أحاطت بهم من كل جانب.
تفاعل
[54] ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ استعذ بالله من جهنم.

الإعراب :

  • ﴿ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ:
  • اعربت في الآية الكريمة السابقة.
  • ﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ:
  • الواو استئنافية. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.جهنم: اسم «ان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم تنون لانها ممنوعة من الصرف للمعرفة والتأنيث.
  • ﴿ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-.محيطة: خبر «ان» مرفوع بالضمة. بالكافرين: جار ومجرور متعلق بمحيطة وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. اي ستحيط‍ بهم يوم القيامة او هي محيطة بهم من الآن.'

المتشابهات :

التوبة: 49﴿أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ
العنكبوت: 54﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [54] لما قبلها :     وبعد الرد عليهم استعجالهم نزول العذاب؛ يأتي هنا التعجب من عنادهم، هم لا يطيقون لسعة عقرب، ولا نهشة أفعى، ويطالبون بالعذاب! قال تعالى:
﴿ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [55] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ ..

التفسير :

[55] يوم القيامة يغشى الكافرين عذاب جهنم من فوق رؤوسهم، ومِن تحت أقدامهم، فالنار تغشاهم من سائر جهاتهم، ويقول الله لهم حينئذ:ذوقوا جزاء ما كنتم تعملونه في الدنيا:من الإشراك بالله، وارتكاب الجرائم والآثام.

{ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فإن أعمالكم انقلبت عليكم عذابا، وشملكم العذاب كما شملكم الكفر والذنوب.

ثم بين- سبحانه- كيفية إحاطة جهنم بهم فقال: يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ.

أى: ستحيط بهم جهنم من كل جانب. يوم يحل بهم العذاب مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ أى: من جميع جهاتهم.

وَيَقُولُ- سبحانه- لهم، على سبيل التقريع والتأنيب ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أى: تذوقوا العذاب المهين الذي كنتم تستعجلونه في الدنيا والذي أحاط بكم من كل جانب بسبب أعمالكم القبيحة، وأقوالكم الباطلة.

وبعد أن بين- سبحانه- سوء عاقبة المكذبين، الذين استعجلوا العذاب لجهلهم وعنادهم، أتبع ذلك بتوجيه نداء إلى المؤمنين أمرهم فيه بالثبات على الحق، فقال- تعالى-:

ثم قال تعالى : ( يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ) ، كقوله تعالى : ( لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش ) [ الأعراف : 41 ] ، وقال : ( لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ) [ الزمر : 16 ] ، وقال : ( لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ) [ الأنبياء : 39 ] ، فالنار تغشاهم من سائر جهاتهم ، وهذا أبلغ في العذاب الحسي .

وقوله : ( ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون ) ، تهديد وتقريع وتوبيخ ، وهذا عذاب معنوي على النفوس ، كقوله : ( يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر . إنا كل شيء خلقناه بقدر ) [ القمر : 48 ، 49 ] ، وقال ( يوم يدعون إلى نار جهنم دعا . هذه النار التي كنتم بها تكذبون . أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون . اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون ) [ الطور : 13 - 16 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55)

يقول تعالى ذكره: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ يوم يغشى الكافرين العذاب، من فوقهم في جهنم، ومن تحت أرجلهم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ) : أي في النار.

وقوله: ( وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: ويقول الله لهم: ذوقوا ما كنتم تعملون في الدنيا من معاصي الله، وما يسخطه فيها. وبالياء في (وَيقُولُ ذُوقُوا) قرأت عامة قرّاء الأمصار خلا أبي جعفر، وأبي عمرو، فإنهما قرأا ذلك بالنون: (وَنَقُولُ). والقراءة التي هي القراءة عندنا بالياء، لإجماع الحجة من القرّاء عليها.

التدبر :

وقفة
[55] ﴿يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ فالنار تغشاهم من سائر جهاتهم، وهذا أبلغ في العذاب الحسي.
تفاعل
[55] ﴿يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[55] ﴿يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ آية جمعت بين العذاب الحسي والعذاب المعنوي، فالحسي أن النار تغشاهم من جميع الجهات، والمعنوي هو التقريع والتهديد والتوبيخ في قوله: ﴿وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
وقفة
[55] ﴿يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ أتستطيع أن تتخيل هذا المشهد المرعب والمفزع؟ مشهد العذاب الذي يلتف حول أعناق المسيئين ويحوطهم إحاطة تامة لا مفر منها، ثم يغطيهم من فوقهم ومن أسفل منهم، وإمعانًا في إذلالهم وإهانتهم وتسليط العذاب الشديد عليهم يخاطبون بالقول الغليظ: ﴿ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فقد جعل الله عملهم السيء في الدنيا زادًا أَضرموا به النار التي أنزلوا بها، ومن ثم تكون زادا يأكلونه، أغلِظ به من طعام وأتعِس به من زاد!
وقفة
[55] ﴿وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ وهذا عذاب معنوي على النفوس.

الإعراب :

  • ﴿ يَوْمَ:
  • ظرف زمان متعلق بمحيطة وعلامة نصبه الفتحة وهو منصوب على الظرفية او منصوب بمضمر تقديره اذكر. والجملة الفعلية بعده في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. العذاب: فاعل مرفوع بالضمة بمعنى يوم يغطيهم العذاب.
  • ﴿ مِنْ فَوْقِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بيغشاهم العذاب او يتعلق بحال محذوفة للعذاب بمعنى يغطيهم العذاب بدء من فوقهم او مغطيا جميع جوانبهم.و«هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ:
  • معطوفة بالواو على مِنْ فَوْقِهِمْ» وتعرب اعرابها.ارجل: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.و«هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَيَقُولُ:
  • الواو عاطفة. يقول: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو اي ويقول الله لهم.
  • ﴿ ذُوقُوا:
  • فعل امر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. والجملة الفعلية ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» في محل نصب مفعول به ليقول.
  • ﴿ ما كُنْتُمْ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.اي جزاء ما كنتم تعملونه فحذف المفعول المضاف «جزاء» وحل المضاف اليه «ما» محله. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ تَعْمَلُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «تعملون» في محل نصب خبر «كان».وجملة كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به. التقدير: ما كنتم تعملونه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [55] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ أن جهنم محيطة بالكافرين؛ بَيَّنَ هنا كيفِيَّةَ إحاطةِ العذابِ بهم، قال تعالى:
﴿ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ويقول:
1- بالياء، وهى قراءة الكوفيين، ونافع.
وقرئ:
2- بالنون، وهى قراءة باقى السبعة.
3- بالتاء، أي: جهنم، وهى قراءة أبى البرهسم.
4- ويقال، مبنيا للمفعول، وهى قراءة ابن مسعود، وابن أبى عبلة.

مدارسة الآية : [56] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ ..

التفسير :

[56] يا عبادي الذين آمنوا إن كنتم في ضيق من إظهار الإيمان وعبادة الله وحده، فهاجِروا إلى أرض الله الواسعة، وأخلصوا العبادة لي وحدي.

يقول تعالى:{ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} بي وصدقوا رسولي{ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} فإذا تعذرت عليكم عبادة ربكم في أرض، فارتحلوا منها إلى أرض أخرى، حيث كانت العبادة للّه وحده، فأماكن العبادة ومواضعها، واسعة، والمعبود واحد.

قال الإمام ابن كثير: قوله- تعالى-: يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ ...

: هذا أمر من الله- تعالى- لعباده المؤمنين، بالهجرة من البلد الذي لا يقدرون فيه على إقامة الدين، إلى أرض الله الواسعة، حيث يمكن إقامة الدين، بأن يوحدوا الله ويعبدوه كما أمرهم ...

روى الإمام أحمد عن أبى يحيى مولى الزبير بن العوام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«البلاد بلاد الله، والعباد عباد الله، فحيثما أصبت خيرا فأقم» .

ولهذا لما ضاق على المستضعفين بمكة مقامهم بها، خرجوا مهاجرين إلى أرض الحبشة، ليأمنوا على دينهم هناك.. ثم بعد ذلك، هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة المنورة ... » .

وفي ندائهم بقوله: يا عِبادِيَ

وفي وصفهم بالإيمان، تكريم وتشريف لهم، حيث أضافهم- سبحانه- إلى ذاته، ونعتهم بالنعت المحبب إلى قلوبهم.

وقوله: إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ

تحريض لهم على الهجرة من الأرض التي لا يتمكنون فيها من إقامة شعائر دينهم، فكأنه- سبحانه- يقول لهم: ليس هناك ما يجبركم على الإقامة في تلك الأرض التي لا قدرة لكم فيها على إظهار دينكم، بل اخرجوا منها فإن أرضى واسعة، ومن خرج من أجل كلمة الله، رزقه الله- تعالى- من حيث لا يحتسب.

ومن المفسرين الذين أجادوا في شرح هذا المعنى، صاحب الكشاف- رحمه الله- فقد قال: ومعنى الآية: أن المؤمن إذا لم يتسهل له العبادة في بلد هو فيه، ولم يتمش له أمر دينه كما يحب، فليهاجر عنه إلى بلد يقدر أنه فيه أسلم قلبا، وأصح دينا، وأكثر عبادة ...

ولعمري إن البقاع تتفاوت في ذلك التفاوت الكثير، ولقد جربنا وجرب أولونا، فلم نجد فيما درنا وداروا: أعون على قهر النفس، وعصيان الشهوة، وأجمع للقلب المتلفت، وأضم للهم المنتشر، وأحث على القناعة، وأطرد للشيطان، وأبعد عن الفتن ... من سكنى حرم الله، وجوار بيت الله، فلله الحمد على ما سهل من ذلك وقرب ... » .

والفاء في قوله- تعالى- فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ

بمعنى الشرط، وإياى منصوب بفعل مضمر، قد استغنى عنه بما يشبهه. أى: فاعبدوا إياى فاعبدون.

والمعنى: إن ضاق بكم مكان، فإياى فاعبدوا، لأن أرضى واسعة، ولن تضيق بكم.

هذا أمر من الله لعباده المؤمنين بالهجرة من البلد الذي لا يقدرون فيه على إقامة الدين ، إلى أرض الله الواسعة ، حيث يمكن إقامة الدين ، بأن يوحدوا الله ويعبدوه كما أمرهم ; ولهذا قال : ( ياعبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون ) .

قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن عبد ربه ، حدثنا بقية بن الوليد ، حدثني جبير بن عمرو القرشي ، حدثني أبو سعد الأنصاري ، عن أبي يحيى مولى الزبير بن العوام قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " البلاد بلاد الله ، والعباد عباد الله ، فحيثما أصبت خيرا فأقم " .

ولهذا لما ضاق على المستضعفين بمكة مقامهم بها ، خرجوا مهاجرين إلى أرض الحبشة ، ليأمنوا على دينهم هناك ، فوجدوا هناك خير المنزلين ، أصحمة النجاشي ملك الحبشة ، رحمه الله ، آواهم وأيدهم بنصره ، وجعلهم سيوما ببلاده . ثم بعد ذلك هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الباقون إلى المدينة النبوية يثرب المطهرة

القول في تأويل قوله تعالى : يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56)

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من عباده: يا عبادي الذين وحَّدوني، وآمنوا بي، وبرسولي محمد صلى الله عليه وسلم (إنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ).

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أريد من الخبر عن سعة الأرض، فقال بعضهم: أريد بذلك أنها لم تضق عليكم فتقيموا بموضع منها لا يحلّ لكم المُقام فيه، ولكن إذا عمل بمكان منها بمعاصي الله، فلم تقدروا على تغييره، فاهرُبوا منه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير في قوله: (إنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ) قال: إذا عُمِل فيها بالمعاصي، فاخرج منها.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي &; 20-56 &; خالد، عن سعيد بن جُبير، في قوله: (إنَّ أرْضِي وَاسِعَةٌ) قال: إذا عمل فيها بالمعاصي، فاخرج منها.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن ليث، عن رجل، عن سعيد بن جُبَير قال: اهرُبوا؛ فإن أرضي واسعة.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شريك، عن منصور، عن عطاء قال: إذا أمِرتم بالمعاصي فاهربوا، فإن أرضي واسعة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا شريك، عن منصور، عن عطاء (إنَّ أرْضِي وَاسِعَةٌ) قال: مجانبة أهل المعاصي.

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (إنَّ أرْضِي وَاسِعَةٌ)، فهاجروا وجاهدوا.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) فقلت: يريد بهذا من كان بمكة من المؤمنين، فقال: نعم.

وقال آخرون: معنى ذلك: إن ما أخرج من أرضي لكم من الرزق واسع لكم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثني زيد بن الحباب، عن شدّاد بن سعيد بن مالك أبي طلحة الراسبي، عن غَيْلان بن جرير المِعْولي، عن مطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير العامري في قول الله: (إنَّ أرْضِي وَاسِعَةٌ) : قال: إن رزقي لكم واسع.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا زيد بن حُباب، عن شدّاد، عن غَيلان بن جرير، عن مُطَرِّف بن الشِّخِّير (إنَّ أرْضِي وَاسِعَةٌ) قال: رزقي لكم واسع.

وأولى القولين بتأويل الآية، قول من قال: معنى ذلك: إن أرضي واسعة، فاهربوا ممن منعكم من العمل بطاعتي؛ لدلالة قوله: ( فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) على ذلك، وأن ذلك هو أظهر معنييه، وذلك أن الأرض إذا وصفها بِسعَة، فالغالب من وصفه إياها بذلك لا تضيق جميعها على من ضاق عليه منها موضع، لا أنه وصفها بكثرة الخير والخصب.

وقوله: ( فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) يقول: فأخلصوا لي عبادتكم وطاعتكم، ولا تطيعوا في معصيتي أحدا من خلقي.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[56] ﴿يا عِبادِيَ الَّذينَ آمَنوا﴾ نسب الله عز وجل عباده المؤمنين لنفسه؛ أي شرف وتكريم هذا!
وقفة
[56] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ﴾ ما ضاقت الأرض بمؤمن صدق مع الله.
وقفة
[56] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ﴾ لم تضق الأرض يومًا على مؤمن.
وقفة
[56] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ﴾ تتسع الأرض لنا بقدر إيماننا وعبوديتنا.
وقفة
[56] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ ‏إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت فتذكر أن سعتها إنما تكون بتحقيق عبوديتك لمن هي تحت ملكه.
وقفة
[56] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ فإذا تعذرت عليكم عبادة ربكم في أرض فارتحلوا منها إلى أرض أخرى؛ حيث كانت العبادة لله وحده؛ فأماكن العبادة ومواضعها واسعة والمعبود واحد.
وقفة
[56] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ لا عذر لك في القعود عن عبادة الله والإصلاح في أرض الله، إن ضاقت بك أرض، فهاجر إلى غيرها.
وقفة
[56] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ كيف عالج القرآن حنين المهاجر إلى الوطن؟ الجواب: إن هاجس الأسى لمفارقة الوطن هو الهاجس الأول الذي يتحرك في النفس التي تدعى للهجرة، ومن هنا يمس قلوبهم بهاتين اللمستين: بالنداء الحبيب القريب (يَا عِبَادِيَ)، وبالسعة في الأرض: (إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ)، وما دامت كلها أرض الله، فأحب بقعة منها إذن هي التي يجدون فيها السعة لعبادة الله وحده دون سواه.
وقفة
[56] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ باب الهجرة من أجل سلامة الدين مفتوح.
وقفة
[56] ﴿يا عِبادِيَ الَّذينَ آمَنوا إِنَّ أَرضي واسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعبُدونِ﴾ دعوة للحرص على الاستقرار في المكان الذي يعينك على عبادة الله، ومغادرة الوطن لذلك.
عمل
[56] إن دينك أغلى ما لديك، فإن لم تستطع أن تحافظ عليه فى أحب البلاد إليك؛ فهاجر منها، وحافظ عليه ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾.
وقفة
[56] ﴿إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ﴾ لا عذرَ لأحدٍ في تركِ عبادةِ اللهِ؛ لأنَّه إن مُنِع منها في بلدٍ وجَبَ عليه أن يهاجرَ إلى بلدٍ آخَرَ.
وقفة
[56] مشروعية الهجرة لكل مؤمن يخاف أن يفتن في دينه ولا يستطيع أن يمارس عباداته كما أمر الله ﴿إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ﴾.
وقفة
[56] تأملوا: ﴿إِنَّ أَرضي واسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعبُدونِ﴾، من شروط الخروج من الديار: القدرة على أداء العبادات دون تضييق فى المكان الذى ستهاجر إليه.

الإعراب :

  • ﴿ يا عِبادِيَ:
  • يا: اداة نداء. عبادي: منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء وهو مضاف والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة-نعت-للعباد على اللفظ‍ ويجوز ان يكون في محل رفع على التقدير واللفظ‍.اي يا ايها العباد الذين. او يكون بدلا من منادى محذوف التقدير: يا ايها الذين.
  • ﴿ آمَنُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. والجملة صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ارضي: اسم «ان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.واسعة: خبر «ان» مرفوع بالضمة
  • ﴿ فَإِيّايَ فَاعْبُدُونِ:
  • الفاء استئنافية. اياي: ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم والياء حرف للمتكلم لا محل له.وقيل ان الكلمة «اياي» بأكملها في محل نصب. بتقدير: فاعبدوا إياي فاعبدون. فاعبدون: الفاء واقعة في جواب شرط‍ محذوف لان المعنى: ان ارضي واسعة فان لم تخلصوا العبادة في ارض فأخلصوها لي في غيرها ثم حذف الشرط‍ وعوض من حذفه تقديم المفعول مع افادة تقديمه معنى الاختصاص والأهمية. اعبدون: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والنون نون الوقاية لا محل لها من الاعراب. والياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها في محل نصب مفعول به.'

المتشابهات :

البقرة: 41﴿وَلَا تَشۡتَرُواْ بِ‍َٔايَٰتِي ثَمَنٗا قَلِيلٗا إِيَّايَ فَاتَّقُونِ
العنكبوت: 56﴿يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ أَرۡضِي وَٰسِعَةٞ فَـ إِيَّايَ فَاعْبُدُونِ
البقرة: 40﴿وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِيٓ أُوفِ بِعَهۡدِكُمۡ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ
النحل: 51﴿وَقَالَ ٱللَّهُ لَا تَتَّخِذُوٓاْ إِلَٰهَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِۖ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَـ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [56] لما قبلها :     وبعد بيانِ عنادِ المُشركين وتكذيبهم بالقرآنِ؛ أرشدَ اللهُ المؤمنينَ هنا إلى الهجرةِ فِرارًا مِمَّن يفتنُهم، قال تعالى:
﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [57] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ ..

التفسير :

[57] كل نفس حية ذائقة الموت، ثم إلينا ترجعون للحساب والجزاء.

والموت لا بد أن ينزل بكم ثم ترجعون إلى ربكم.

ثم رغبهم بأسلوب آخر في الهجرة من الأرض الظالم أهلها، بأن بين لهم بأن الموت سيدركهم في كل مكان، فقال- تعالى-: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ، ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ.

أى: كل نفس سواء أكانت في وطنها الذي عاشت فيه أم في غيره، ذائقة لمرارة الموت، ومتجرعة لكأسه، ثم إلينا بعد ذلك ترجعون جميعا لنحاسبكم على أعمالكم.

ثم قال : ( كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون ) أي : أينما كنتم يدرككم الموت ، فكونوا في طاعة الله وحيث أمركم الله ، فهو خير لكم ، فإن الموت لا بد منه ، ولا محيد عنه ، ثم إلى الله المرجع [ والمآب ] ، فمن كان مطيعا له جازاه أفضل الجزاء ، ووافاه أتم الثواب

القول في تأويل قوله تعالى : كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57)

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب نبيه: هاجِرُوا من أرض الشرك، من مكة إلى أرض الإسلام المدينة، فإن أرضي واسعة، فاصبروا على عبادتي، وأخلِصوا طاعتي، فإنكم ميتون وصائرون إليّ؛ لأن كل نفس حية ذائقة الموت، ثم إلينا بعد الموت تُرَدّون، ثم أخبرهم جلّ ثناؤه عما أعدّ للصابرين منهم على طاعته من كرامته عنده.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[57] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ حقر الله هنا شأن الدنيا، أي: أنتم لا محالة ميتون، ومحشورون إلينا، فالبدار إلى طاعة الله، والهجرة إليه وإلى ما يمتثل.
وقفة
[57] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ لذا كان توكل القلب على من يموت حماقة، وكل الخلق يموتون.
وقفة
[57] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ الموت إنما هو مجرد تذوق لما بعده، والأذواق تختلف، والطعوم تختلف، وكل نفس تذوق ما ستطعمه يوم القيامة.
وقفة
[57] ما دلالة كلمة (ذوق) للموت في قوله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾؟ وكيف تكون ذائقة الموت؟ الجواب: الذوق هو الذوق باللسان للطعام والشراب، ولكنه هنا استعير للتعبير عن الإحساس بالموت، كأنه شرابٌ يشربه المرء لا مفر له منه، وفي هذا تصوير للشعور بالموت عند سكراته، كأنه شراب يتجرعه الميت، وهذا أوقع للمهابة في نفس المرء من الموت وسكراته.
وقفة
[57] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ النظر في العاقبة وتذكر الموت من أهم أسباب تحقير أمر الدنيا وتهوين مخاوفها وأحزانها.
وقفة
[57] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ من أجمل ما قيل: المَوتُ فِي كُلِّ حِيْنٍ يَنْشِر الكَفَنَا ... وَنَحْنُ فِي غَفلةٍ عَمَّا يُرَادَ بِنَا أَيْنَ الأَحِبَّةُ والجِيرانُ مَا فَعَلُوا ... أيْنَ الذين هُم كَانوا لَنَا سَكَنَا سَقَاهُمُ المَوتُ كَأسًا غيرَ صَافَية ... فَصَيَّرتْهُمْ لأِطْبَاق الثَّرَى رُهُنَا
وقفة
[57] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ الوقوف على القبور عبرة وعظة، ولكن الأشد من ذلك التفكر في القبر الخالي الجاهز الذي لم يدفن فيه أحد بعد، فإن صاحبه ما زال حيًّا، فقد تكون أنت، ‏اللهم إني أسألك حسن الختام، وهوِّن علينا سكرات الموت.
وقفة
[57] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ ينبغي على من عرف أن هذه نهايته وهذا مآله أن يعمل صالحًا ولا يغتر بدنيا زائلة.
وقفة
[57] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ عند ذهابك إلى أمريكا؛ لن تكون هناك إلا قوانين أمريكا، وليست قوانين أي دولة أخرى، ولن يشفع لك عدم علمك بقانونهم فضلًا عن عدم اعترافك بها، لأنك عندهم، ولأن القوانين مكتوبة ومتاحة لكل من يريد أن يعرف قبل أن يأتي، ولله المثل الأعلى، عند ذهابك إلى الله؛ لن تكون هناك إلا شريعة الله فقط، وليست أي شرائع أو قوانين أخرى، ولن يشفع لك عدم علمك بشريعة الله، فضلًا عن عدم اعترافك بها، لأنك ستكون واقفًا بين يدي الله، ولأنها مكتوبة في القرآن، ومشروحة في السنة، ومتاحة لكل من يريد أن يعرفها، قد تفضل ألا تذهب إلى أمريكا حتى لا تلتزم بقوانينهم، ولكنك حتمًا ستذهب إلى الله.
وقفة
[57] في قوله تعالى: ﴿كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون﴾، عزاءٌ لكل البشر: أن الموت بابٌ لا بد أن يدخله جميع الناس.
وقفة
[57] يظل الموت حقيقية مطلقة، وموعدًا مؤكدًا لكل الذين يحاولون تجاهله وتناسيه: ﴿كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ ثُمَّ إِلَينا تُرجَعونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ:
  • كل: مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف.نفس: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. ذائقة: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف وهو في الاصل اسم فاعل اضيف الى مفعوله.الموت: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. اي كل نفس مقدر لها ان تذوق الموت لا محالة.
  • ﴿ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ:
  • ثم: حرف عطف بمعنى: ثم انتم الينا تعادون.الينا: جار ومجرور متعلق بترجعون. و «ترجعون» فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.'

المتشابهات :

آل عمران: 185﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
الأنبياء: 35﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
العنكبوت: 57﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [57] لما قبلها :     ولَمَّا أرشدَ اللهُ المؤمنينَ إلى الهجرةِ، وصعُبَ عليهم تَركُ الأوطانِ ومُفارَقةُ الأهل؛ بَيَّنَ لهم هنا أنَّ ما يكرَهونَ لا بُدَّ مِن وُقوعِه، فإنَّ كُلَّ نفْسٍ ذائِقةُ الموتِ، والموتُ مُفَرِّقُ الأحبابَ، فالأَوْلى أن يكونَ ذلك في سَبيلِ اللهِ، فيُجازيكم عليه؛ فإنَّ إلى اللهِ مَرجِعَكم، قال تعالى:
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ذائقة:
وقرئ:
بالتنوين، ونصب «الموت» ، وهى قراءة أبى حيوة.
ترجعون:
قرئ:
1- بتاء الخطاب، مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
2- بتاء الخطاب، مبنيا للفاعل، وهى قراءة على.
3- بياء الغيبة، وهى قراءة عاصم.

مدارسة الآية : [58] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم ..

التفسير :

[58] والذين صدَّقوا بالله ورسوله وعملوا ما أُمروا به من الصالحات لننزلنَّهم من الجنة غرفاً عالية تجري من تحتها الأنهار، ماكثين فيها أبداً، نِعْمَ جزاء العاملين بطاعة الله هذه الغرف في جنات النعيم.

فيجازي من أحسن عبادته وجمع بين الإيمان والعمل الصالح بإنزاله الغرف العالية، والمنازل الأنيقة الجامعة لما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وأنتم فيها خالدون.

فـ{ نعم} تلك المنازل، في جنات النعيم{ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} للّه.

ثم بين- سبحانه- ما أعده للمؤمنين الصادقين من جزاء طيب فقال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً....

أى: والذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحات، لننزلنهم من الجنة غرفا عالية فخمة. هذه الغرف من صفاتها أنها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ زيادة في إكرام أصحابها، وفضلا عن ذلك فقد جعلناهم خالِدِينَ فِيها خلودا أبديا.

والمخصوص بالمدح في قوله: نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ محذوف. أى: نعم أجر العاملين، أجر هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات.

ولهذا قال : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار ) أي : لنسكننهم منازل عالية في الجنة تجري من تحتها الأنهار ، على اختلاف أصنافها ، من ماء وخمر ، وعسل ولبن ، يصرفونها ويجرونها حيث شاءوا ، ( خالدين فيها ) أي : ماكثين فيها أبدا لا يبغون عنها حولا ( نعم أجر العاملين ) : نعمت هذه الغرف أجرا على أعمال المؤمنين .

فقال: (وَالَّذِينَ آمَنُوا)، يعني: صدقوا الله ورسوله فيما جاء به من عند الله، (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) يقول: وعملوا بما أمرهم الله فأطاعوه فيه، وانتهوا عما نهاهم عنه ( لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا ) يقول: لننـزلنهم من الجنة عَلالي.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة، وبعض الكوفيين: (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) بالباء، وقرأته عامة قرّاء الكوفة بالثاء (لَنَثْوِيَنَّهُمْ).

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان في قرّاء الأمصار، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن قوله: ( لَنُبَوِّئَنَّهُمْ ) من بوأته منـزلا أي أنـزلته، وكذلك لنثوينهم، إنما هو من أثويته مسكنا، إذا أنـزلته منـزلا من الثواء، وهو المقام.

وقوله: ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) يقول: تجري من تحت أشجارها الأنهار (خَالِدِينَ فِيهَا) يقول: ماكثين فيها إلى غير نهاية، (نِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ) يقول: نعم جزاء العاملين بطاعة الله هذه الغرفُ التي يُثْوِيهُمُوها الله في جنَاته، تجرى من تحتها الأنهار.

التدبر :

وقفة
[58] ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ اربح صفقة: إيمان + عمل صالح = غرف فخمة عالية + جریان الأنهار من تحتها + خلود أبدي.
وقفة
[58] ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ لمزيد الإكرام: دعم الله وعده بالقسم، وأخبر أنه تولى بنفسه عملية إنزال وإسكان أهل الجنة مساكنهم.
وقفة
[58] ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ وقصد منها أيضًا تهوين ما يلاقيه المؤمنون من الأذى في الله -ولو بلغ إلى الموت- بالنسبة لما يترقبهم من فضل الله وثوابه الخالد.
وقفة
[58] ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ انظر إلى هذه المفاضلة والموازنة بين منزلين، منزل أهل الجنة ومنزل أهل النار، فمنزل أهل النار هو عذاب يغشى أهله من فوقهم ومن أسفل منهم: ﴿يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ [55]، ومثل أهل الجنة غُرَفٌ تضمهم وتحتويهم، في مقابل إحاطة جهنم بالكافرين، ولكن شتان بين احتواء واحتواء! وشتان بين غشيان وغشيان! فالكافرون يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم، وأهل الجنة يغشاهم النعيم من فوقهم بالغُرَف، ومن تحتهم بالأنهار.
تفاعل
[58] ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
لمسة
[58] ﴿نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ ولم تأت بصيغة الأمر، فلم يقل: (خذوا أجرتكم)؛ لأن لفظ الأمر ربما دل على انقطاع الأجر بعده، وأما: (نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) فتوحي بدوام الأجر، وأنه يزداد نعيمًا يومًا بعد يوم، وهو ما لا يكون إلا في الجنة.

الإعراب :

  • ﴿ وَالَّذِينَ:
  • الواو استئنافية. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. والجملة بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ آمَنُوا وَعَمِلُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وعملوا: معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ الصّالِحاتِ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المؤنث السالم. اي الاعمال الصالحات. فحذف المفعول الموصوف وحلت الصفة محله.
  • ﴿ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ:
  • الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر المبتدأ. اللام لام التوكيد. نبوئن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن ونون التوكيد الثقيلة لا محل لها من الاعراب. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به اول. اي لننزلنهم.
  • ﴿ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً:
  • جار ومجرور متعلق بنبوئن. غرفا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة
  • ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة-نعت- لغرفا. تجري: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. من تحت: جار ومجرور متعلق بتجري او بحال محذوفة من الانهار بتقدير كائنة تحتها. «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.الانهار: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ خالِدِينَ فِيها:
  • حال من المؤمنين منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. فيها: جار ومجرور متعلق بخالدين.
  • ﴿ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ:
  • نعم: فعل ماض لانشاء المدح مبني على الفتح.اجر: فاعل مرفوع بالضمة. العاملين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لانه جمع مذكر سالم. والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد وحذف المخصوص بالمدح لانه سبقه ما يدل عليه. بمعنى: فنعم الاجر اجر العاملين.'

المتشابهات :

آل عمران: 136﴿أُولَـٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
العنكبوت: 58﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
الزمر: 74﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [58] لما قبلها :     وبعد بيان أن النَّاسَ سيرجعون إلى الله بعد الموت؛ بَيَّنَ اللهُ هنا ما أعدَّه للمؤمنين الصادقين من جزاء طيب في الآخرة، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لنبوئنهم:
وقرئ:
لنثوينهم، من الثواء، وهى قراءة على، وعبد الله، والربيع بن خيثم، وابن وثاب، وطلحة، وزيد بن على، وحمزة، والكسائي.
غرفا:
وقرئ:
بضم الراء، ورويت عن ابن عامر.
نعم:
1- بغير فاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- فنعم، بالفاء، وهى قراءة ابن وثاب.

مدارسة الآية : [59] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ

التفسير :

[59] إن تلك الجنات المذكورة للمؤمنين الذين صبروا على عبادة الله، وتمسكوا بدينهم، وعلى الله يعتمدون في أرزاقهم وجهاد أعدائهم.

{ الَّذِينَ صَبَرُوا} على عبادة اللّه{ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} في ذلك. فصبرهم على عبادة اللّه، يقتضي بذل الجهد والطاقة في ذلك، والمحاربة العظيمة للشيطان، الذي يدعوهم إلى الإخلال بشيء من ذلك، وتوكلهم، يقتضي شدة اعتمادهم على اللّه، وحسن ظنهم به، أن يحقق ما عزموا عليه من الأعمال ويكملها، ونص على التوكل، وإن كان داخلا في الصبر، لأنه يحتاج إليه في كل فعل وترك مأمور به، ولا يتم إلا به.

وقوله: الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ صفة لهؤلاء العاملين.

أى: من مناقبهم الجليلة أنهم يصبرون على طاعة الله، وعلى كل ما يحسن معه الصبر، وأنهم يفوضون أمورهم إلى خالقهم لا إلى غيره.

( الذين صبروا ) أي : على دينهم ، وهاجروا إلى الله ، ونابذوا الأعداء ، وفارقوا الأهل والأقرباء ، ابتغاء وجه الله ، ورجاء ما عنده وتصديق موعوده .

قال ابن أبي حاتم رحمه الله : حدثني أبي ، حدثنا صفوان المؤذن ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن أخيه زيد بن سلام ، عن جده أبي سلام الأسود ، حدثني أبو معاتق الأشعري ، أن أبا مالك الأشعري حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثه : أن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، أعدها الله لمن أطعم الطعام ، وأطاب الكلام ، وأباح الصيام ، وأقام الصلاة والناس نيام .

[ وقوله ] : ( وعلى ربهم يتوكلون ) في أحوالهم كلها ، في دينهم ودنياهم .

الذين صبروا على أذى المشركين في الدنيا، وما كانوا يَلْقون منهم، وعلى العمل بطاعة الله وما يرضيه، وجهاد أعدائه (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) في أرزاقهم وجهاد أعدائهم، فلا يَنْكُلون عنهم، ثقة منهم بأن الله مُعْلِي كلمته، ومُوهِن كيد الكافرين، وأن ما قُسِم لهم &; 20-58 &; من الرزق فلن يَفُوتَهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[59] ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ جاء الفعل (صبروا) ماضيًا من باب البشارة للمؤمنين، كأن العذاب والشدة أمر قد مضى، وأن المستقبل مشرق وآمن، بينما جاء الفعل (يتوكلون) مضارعًا؛ لأن التوكل في حياة المسلم أمر متجدد كل يوم، فلا يعمل المسلم عملًا مها دق أو عظم إلا متوكلًا على الله سبحانه.
وقفة
[59] ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ وبذلك تنجح أمورهم وتستقيم أحوالهم، فإن الصبر والتوكل ملاك الأمور كلها، فما فات أحدًا شيء من الخير إلا لعدم صبره وبذل جهده فيما أريد منه، أو لعدم توكله واعتماده على الله.
وقفة
[59] ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ الصبر على الطاعات والمكاره وتجسيد التوكل واقعًا في كل أعمالك سيجزيك الله بهما غرف الجنة.
عمل
[59] ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ ما تلقــاه اليوم من الضُّر؛ فاصبر عليه تنَـل أجره، وما تخشــاه غدًا فتوكــــل على الله فيه؛ يكفِكَ أمره.
عمل
[59] سَل الله أن يرزقك الصبر، ويعينك عليه ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.
وقفة
[59] فضل الصبر والتوكل على الله ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.
وقفة
[59] ﴿وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ يعتمدون في قلوبهم على ربهم وحده في جلب مصالحهم ودفع مضارهم، والتوكل هو الحامل للأعمال كلها؛ فلا توجد ولا تكمل إلا به.
لمسة
[59] ﴿وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ قدم الجار والمجرور (وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ)؛ لقصر التوكل على الله، فهم لا يتوكلون إلا على الله سبحانه، وجاء التعبير (رَبِّهِمْ)؛ لأن الرب هو الراعي والخالق والرازق، فناسب الأمر سياق التوكل.
وقفة
[59] ﴿وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ جِمَاعُ الْإِيمَانِ»، وكان يدعو: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صِدْقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَحُسْنَ الظَنِّ بِكَ».
وقفة
[59] ﴿وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ قال بعض الحكماء: «التوكل على ثلاث درجات، أولاها: ترك الشكاية، والثانية: الرضى، والثالثة: المحبة، فترك الشكاية درجة الصبر، والرضى سكون القلب بما قسم الله له، وهي أرفع من الأولى، والمحبة أن يكون حبه لما يصنع الله به، فالأولى للزاهدين، والثانية للصادقين، والثالثة للمرسلين».

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة-نعت- للعاملين. صبروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «صبروا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب بمعنى: الصابرين على مفارقة الاوطان وعلى اذى المشركين.
  • ﴿ وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ:
  • الواو عاطفة. على رب: جار ومجرور للتعظيم متعلق بيتوكلون. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. يتوكلون:فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.والفعل معطوف على صبروا لانه داخل في حيز الصلة بتقدير الصابرين على اذى المشركين والمتوكلين على ربهم.'

المتشابهات :

النحل: 42﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
العنكبوت: 59﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [59] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ الجنةَ؛ وصفَ هنا العاملين المستحقين لها بالصبرو التوكل، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [60] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ ..

التفسير :

[60] وكم من دابة لا تدَّخر غذاءها لغد، كما يفعل ابن آدم، فالله سبحانه وتعالى يرزقها كما يرزقكم، وهو السميع لأقوالكم، العليم بأفعالكم وخطرات قلوبكم.

أي:الباري تبارك وتعالى، قد تكفل بأرزاق الخلائق كلهم، قويهم وعاجزهم، فكم{ مِنْ دَابَّةٍ} في الأرض، ضعيفة القوى، ضعيفة العقل.{ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} ولا تدخره، بل لم تزل، لا شيء معها من الرزق، ولا يزال اللّه يسخر لها الرزق، في كل وقت بوقته.

{ اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} فكلكم عيال اللّه، القائم برزقكم، كما قام بخلقكم وتدبيركم،{ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} فلا يخفى عليه خافية، ولا تهلك دابة من عدم الرزق بسبب أنها خافية عليه.

كما قال تعالى:{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}

ثم رغبهم- سبحانه- في الهجرة لإعلاء كلمة الله بأسلوب ثالث، حيث بين لهم أن هجرتهم لن تضيع شيئا من رزقهم الذي كتبه الله لهم، فقال- سبحانه-: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا، اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

روى أن بعض الذين أسلموا بمكة عند ما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة قالوا:

كيف نهاجر إلى بلدة ليس لنا فيها معيشة، فنزلت هذه الآية.

وكلمة «كأين» : مركبة من كاف التشبيه وأى الاستفهامية المنونة، ثم هجر معنى جزأيها وصارت كلمة واحدة بمعنى كم الخبرية الدالة على التكثير. ويكنى بها عن عدد مبهم فتفتقر إلى تمييز بعدها. وهي مبتدأ. و «من دابة» تمييز لها.

وجملة: «لا تحمل رزقها» صفة لها، وجملة «الله يرزقها» هي الخبر.

والدابة: اسم لكل نفس تدب على وجه الأرض سواء أكانت من العقلاء أم من غير العقلاء. أى: وكثير من الدواب التي خلقها الله- تعالى- بقدرته، لا تستطيع تحصيل رزقها، ولا تعرف كيف توفره لنفسها، لضعفها أو عجزها ... ومع هذا فالله- تعالى- برحمته وفضله يرزقها ولا يتركها تموت جوعا، ويرزقكم أنتم- أيضا، لأنه لا يوجد مخلوق- مهما اجتهد ودأب يستطيع أن يخلق رزقه.

وَهُوَ- سبحانه- السَّمِيعُ لكل شيء الْعَلِيمُ بما تسرون وما تعلنون.

وقدم- سبحانه- رزق الدابة التي لا تستطيع تحصيله، على رزقهم فقال: اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ لينفى من قلوب الناس القلق على الرزق، وليشعرهم بأن الأسباب ليست هي كل شيء، فإن واهب الأسباب، لا يترك أحدا بدون رزق، ولإزالة ما قد يخطر في النفوس من أن الهجرة من أجل إعلاء كلمة الله قد تنقص الرزق..

وهكذا يسوق- سبحانه- من المرغبات في الهجرة في سبيله، ما يقنع النفوس، ويهدى القلوب، ويجعل المؤمنين يقبلون على تلبية ندائه، وهم آمنون مطمئنون على أرواحهم، وعلى أرزاقهم، وعلى حاضرهم ومستقبلهم، فسبحان من هذا كلامه.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة ببيان ما عليه المشركون من تناقض في أفكارهم وفي تصوراتهم، وببيان حال هذه الحياة الدنيا. وببيان جانب من النعم التي أنعم بها على أهل مكة، وببيان ما أعده للمجاهدين في سبيله من ثواب، فقال- تعالى-:

ثم أخبرهم تعالى أن الرزق لا يختص ببقعة ، بل رزقه تعالى عام لخلقه حيث كانوا وأين كانوا ، بل كانت أرزاق المهاجرين حيث هاجروا أكثر وأوسع وأطيب ، فإنهم بعد قليل صاروا حكام البلاد في سائر الأقطار والأمصار ; ولهذا قال : ( وكأين من دابة لا تحمل رزقها ) أي : لا تطيق جمعه وتحصيله ولا تؤخر شيئا لغد ، ( الله يرزقها وإياكم ) أي : الله يقيض لها رزقها على ضعفها ، وييسره عليها ، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه ، حتى الذر في قرار الأرض ، والطير في الهواء والحيتان في الماء ، قال الله تعالى : ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ) [ هود : 6 ] .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الرحمن الهروي ، حدثنا يزيد - يعني ابن هارون - حدثنا الجراح بن منهال الجزري - هو أبو العطوف - عن الزهري ، عن رجل ، عن ابن عمر قال : خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل بعض حيطان المدينة ، فجعل يلتقط من التمر ويأكل ، فقال لي : " يا ابن عمر ، ما لك لا تأكل ؟ " قال : قلت : لا أشتهيه يا رسول الله ، قال : " لكني أشتهيه ، وهذه صبح رابعة منذ لم أذق طعاما ولم أجده ، ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك قيصر وكسرى فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يخبئون رزق سنتهم بضعف اليقين ؟ " . قال : فوالله ما برحنا ولا رمنا حتى نزلت : ( وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم ) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله لم يأمرني بكنز الدنيا ، ولا باتباع الشهوات ، فمن كنز دنياه يريد بها حياة باقية فإن الحياة بيد الله ، ألا وإني لا أكنز دينارا ولا درهما ، ولا أخبئ رزقا لغد " .

وهذا حديث غريب ، وأبو العطوف الجزري ضعيف .

وقد ذكروا أن الغراب إذا فقس عن فراخه البيض ، خرجوا وهم بيض فإذا رآهم أبواهم كذلك ، نفرا عنهم أياما حتى يسود الريش ، فيظل الفرخ فاتحا فاه يتفقد أبويه ، فيقيض الله له طيرا صغارا كالبرغش فيغشاه فيتقوت منه تلك الأيام حتى يسود ريشه ، والأبوان يتفقدانه كل وقت ، فكلما رأوه أبيض الريش نفرا عنه ، فإذا رأوه قد اسود ريشه عطفا عليه بالحضانة والرزق ، ولهذا قال الشاعر :

يا رازق النعاب في عشه وجابر العظم الكسير المهيض

وقد قال الشافعي في جملة كلام له في الأوامر كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " سافروا تصحوا وترزقوا " .

قال البيهقي أخبرنا إملاء أبو الحسن علي بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، أخبرنا محمد بن غالب ، حدثني محمد بن سنان ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن رداد - شيخ من أهل المدينة - حدثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سافروا تصحوا وتغنموا " . قال : ورويناه عن ابن عباس .

وقال الإمام أحمد : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن دراج ، عن عبد الرحمن بن حجيرة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سافروا تربحوا ، وصوموا تصحوا ، واغزوا تغنموا " .

وقد ورد مثل حديث ابن عمر عن ابن عباس مرفوعا ، وعن معاذ بن جبل موقوفا . وفي لفظ : " سافروا مع ذوي الجدود والميسرة "

وقوله تعالى : ( وهو السميع العليم ) أي : السميع لأقوال عباده ، العليم بحركاتهم وسكناتهم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله، من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: هاجروا وجاهدوا في الله أيها المؤمنون أعداءه، ولا تخافوا عيلة ولا إقتارا، فكم من دابة ذات حاجة إلى غذاء ومطعم ومشرب (لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا)، يعني: غذاءها لا تحمله، فترفعه في يومها لغدها لعجزها عن ذلك ( اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ) يوما بيوم (وَهُوَ السَّمِيعُ) لأقوالكم: نخشى بفراقنا أوطاننا العَيْلة (العَلِيمُ) ما في أنفسكم، وما إليه صائر أمركم، وأمر عدوّكم، من إذلال الله إياهم، ونُصرتكم عليهم، وغير ذلك من أموركم، لا يخفى عليه شيء من أمور خلقه.

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ ) قال: الطيرُ والبهائم لا تحمل الرزق.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت عمران، عن أبي مُجَلِّز في هذه الآية ( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ) قال: من الدوابّ ما لا يستطيع أن يدّخر لغد، يُوَفَّق لرزقه كلّ يوم حتى يموت.

حدثنا ابن وكيع قال: ثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن عليّ بن الأقمر ( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا ) قال: لا تدخر شيئا لغد.

التدبر :

وقفة
[60] ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا﴾ ملايين الكائنات بلا جيوب ولا خزائن ولا أرصدة؛ تنام الآن دون أن تشعر بالقلق لرزق غدها.
وقفة
[60] ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾ يسوي بين الحريص والمتوكل في رزقه، وبين الراغب والقانع، وبين الحيول والعاجز؛ حتى لا يغتر الجلد أنه مرزوق بجلده، ولا يتصور العاجز أنه ممنوع بعجزه.
لمسة
[60] ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾ (وكأين) للتكثير، فإن أكثر الحيوانات لا تحمل رزقها، ولا تقوم بتخزينه کما يفعل الإنسان، ومع هذا فقد ضمن الله لها رزقها طوال عمرها، فاهدأ أيها الإنسان ولا تضطرب.
وقفة
[60] ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾ قال ابن جزي: «والقصد بالآية: تقوية لقلوب المؤمنين؛ إذ خافوا الفقر والجوع في الهجرة إلى بلاد الناس، أي كما يرزق الله الحيوانات الضعيفة، كذلك يرزقكم إذا هاجرتم من بلدكم».
عمل
[60] ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾ لا تقلق، وهـذا كلام ربك .
عمل
[60] ﴿وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم﴾ أبواب الأمل تفتحها هذه الآية؛ تفائل.
عمل
[60] ﴿وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم﴾ الله الرزاق؛ فلا تخش شيئًا.
عمل
[60] ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾ هناك دواب لا تستطيع أن تدَّخر طعامها للغد، فيُوَفقُ لرزقه كل يوم حتى يموت، تكفل الله بالرزق لجميع خلقه، القوي منهم والضعيف؛ فثق بربك وأحسن الظن به.
وقفة
[60] ما الفرق بين الأجر والرزق؟ الجواب: الأجر قد يكون هو الجزاء علي العمل, ويقال فيما كان عقد, وما يجري مجري العقد، أما الرزق فقد يستعمل للنصيب, ويستعمل للقوت الذي يتغذي به البدن, وذلك نحو قوله تعالي: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود : 6]، وقال: ﴿وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾، ولا يصح أن يقال في هذا: أجر، وقد يستعمل الرزق للمطر, قال تعالي: ﴿وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقاً﴾ [غافر: 13] , وله استعمالات أخري.
وقفة
[60] التفت حولك، هل ترى نملة أو حشرة صغيرة تحمل رزقها على ظهرها؟ بل ربما دفعته بمقدمة رأسها لعجزها عن جمله، أي هم حملته هذه الدويبة الصغيرة لرزقها؟ وهل كان معها خرائط تهتدي بها؟ كلا، إنها هداية الله الذي قدَّر فهدى، والذي قال: ﴿وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾، فكيف يقلق عبد في شأن رزقه، وهذا كلام ربه؟
عمل
[60] لا تحمل هم الرزق؛ فإن الله قد كفاك إياه ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾.
عمل
[60] كيف يقلق على رزقه من يقرأ قول الرزاق: ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾؟ ابذل السبب، وتوكل، ثم أبشر.
وقفة
[60] ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ أي: كم من دابة ضعيفة لا تقدر على حمل رزقها، ولكن الله يرزقها مع ضعفها، والقصد بالآية: تقوية لقلوب المؤمنين؛ إذا خافوا الفقر والجوع في الهجرة إلى بلاد الناس، أي: كما يرزق الله الحيوانات الضعيفة كذلك يرزقكم إذا هاجرتم من بلدكم.
عمل
[60] حدد أوقات قدرتك على العمل في يومك وأسبوعك، ثم اقسمها بين العمل للدنيا وللآخرة، متيقنًا أن رزقك على الله لا على جهدك ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
عمل
[60] تأمل النمل والطير كيف يسوق الله تعالى إليها رزقها، ثم ادع الله أن يرزقك رزقًا حلالًا طيبًا مباركًا فيه ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
عمل
[60] لا تَحمِلْ همَّ الرِّزقِ ﴿اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾، آيةٌ تفتحُ أبوابَ الأملِ، فلا تقلقْ وثقْ باللهِ وتفاءلْ.

الإعراب :

  • ﴿ وَكَأَيِّنْ:
  • الواو استئنافية. كأين: كناية عن عدد تفيد التكثير مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ. واصلها «كأي» والنون تنوين. اي كأي، كأين. وهي بمعنى «كم» العددية او الخبرية.
  • ﴿ مِنْ دَابَّةٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة لكأين. و «دابة» مميز «كأين» مجرور بمن البيانية. والدابة: كل نفس دبت على الارض عاقلة كانت ام غير عاقلة.
  • ﴿ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا:
  • الجملة الفعلية في محل جر صفة لدابة لفظا ويجوز ان تكون في محل رفع خبر المبتدأ «كأين».لا: نافية لا عمل لها. تحمل:فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي.رزق: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ اللهُ يَرْزُقُها:
  • الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «كأين».الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يرزق: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي الله سبحانه. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «يرزقها» في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ وَإِيّاكُمْ:
  • الواو عاطفة. ايا: ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب لانه معطوف على منصوب وهو الضمير «ها» في «يرزقها» أي واياكم يرزق ايضا والكاف للخطاب والميم علامة الجمع.
  • ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ:
  • الواو عاطفة. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.السميع: خبر «هو» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ الْعَلِيمُ:
  • خبر ثان للمبتدإ «هو» ويجوز ان يكون صفة للسميع بمعنى وهو السميع لقولكم العليم بما في ضمائركم.'

المتشابهات :

آل عمران: 146﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ
يوسف: 105﴿ وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ
الحج: 48﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ
العنكبوت: 60﴿ وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ
محمد: 13﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ
الطلاق: 8﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا
الحج: 45﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا

أسباب النزول :

  • أخْبَرَنا أبُو بَكْرٍ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيّانَ، قالَ: حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الجَمّالُ، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ الواحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ البَجَلِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ هارُونَ، قالَ: حَدَّثَنا الجَرّاحُ بْنُ مِنهالٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ - وهو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَطاءٍ - عَنْ عَطاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتّى دَخَلَ بَعْضَ حِيطانِ الأنْصارِ، فَجَعَلَ يَلْقُطُ مِنَ التَّمْرِ ويَأْكُلُ، فَقالَ: ”يا ابْنَ عُمَرَ، ما لَكَ لا تَأْكُلُ ؟“ . فَقُلْتُ: لا أشْتَهِيهِ يا رَسُولَ اللَّهِ. فَقالَ: ”لَكِنِّي أشْتَهِيهِ، وهَذِهِ صَبِيحَةُ رابِعَةٍ لَمْ أذُقْ طَعامًا، ولَوْ شِئْتُ لَدَعَوْتُ رَبِّي فَأعْطانِي مِثْلَ مُلْكِ كِسْرى وقَيْصَرَ، فَكَيْفَ بِكَ يا ابْنَ عُمَرَ إذا بَقِيتَ في قَوْمٍ يَخْبَئُونَ رِزْقَ سَنَتِهِمْ ويَضْعُفُ اليَقِينُ ؟“ . قالَ: فَواللَّهِ ما بَرِحْنا حَتّى نَزَلَتْ: ﴿وكَأيِّن مِّن دابَّةٍ لّا تَحْمِلُ رِزْقَها اللَّهُ يَرْزُقُها وإيّاكم وهو السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [60] لما قبلها :     ولَمَّا مدحَ اللهُ الَّذين صَبَروا وعلى ربِّهم يتوكَّلون؛ ذكَرَ هنا ما يُعِينُ على التَّوكُّلِ، وهو النظرُ في حالِ الدَّوابِّ الَّتي لا تدَّخِرُ شَيئًا لغدٍ، ويأتيها رزقُها كُلَّ يومٍ، قال تعالى:
﴿ وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [61] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ ..

التفسير :

[61] ولئن سألت -أيها الرسول- المشركين:من الذي خلق السموات والأرض على هذا النظام البديع، وذلَّل الشمس والقمر؟ ليقولُنَّ:خلقهن الله وحده، فكيف يصرفون عن الإيمان بالله خالق كل شيء ومدبره، ويعبدون معه غيره؟ فاعجب من إفكهم وكذبهم!

هذا استدلال على المشركين المكذبين بتوحيد الإلهية والعبادة، وإلزام لهم بما أثبتوه من توحيد الربوبية، فأنت لو سألتهم من خلق السماوات والأرض، ومن نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها، ومن بيده تدبير جميع الأشياء؟{ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} وحده، ولَاعْتَرَفُوا بعجز الأوثان ومن عبدوه مع اللّه على شيء من ذلك.

فاعجب لإفكهم وكذبهم، وعدولهم إلى من أقروا بعجزه، وأنه لا يستحق أن يدبر شيئا، وسَجِّلْ عليهم بعدم العقل، وأنهم السفهاء، ضعفاء الأحلام، فهل تجد أضعف عقلا، وأقل بصيرة، ممن أتى إلى حجر، أو قبر ونحوه، وهو يدري أنه لا ينفع ولا يضر، ولا يخلق ولا يرزق، ثم صرف له خالص الإخلاص، وصافي العبودية، وأشركه مع الرب، الخالق الرازق، النافع الضار. وقل:الحمد لله الذي بين الهدى من الضلال، وأوضح بطلان ما عليه المشركون، ليحذره الموفقون.

وقل:الحمد لله، الذي خلق العالم العلوي والسفلي، وقام بتدبيرهم ورزقهم، وبسط الرزق على من يشاء، وضيقه على من يشاء، حكمة منه، ولعلمه بما يصلح عباده وما ينبغي لهم.

وقوله- سبحانه-: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، لَيَقُولُنَّ اللَّهُ.. بيان لما كان عليه مشركو العرب من اعتراف بأن المستقل بخلق هذا الكون هو الله- تعالى-.

أى: ولئن سألت- أيها الرسول الكريم- هؤلاء المشركين، من الذي أوجد هذه السموات وهذه الأرض، ومن الذي ذلل وسخر لمنفعتكم الشمس والقمر، ليقولن بدون تردد: الله- تعالى- هو الذي فعل ذلك بقدرته.

وقوله- سبحانه-: فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ تعجيب من تناقضهم في أفعالهم، ومن انحراف في تفكيرهم، ومن تركهم العمل بموجب ما تقتضيه أقوالهم.

أى: إذا كنتم معترفين بأن الله وحده هو الخالق للسموات والأرض، والمسخر للشمس والقمر، فلماذا أشركتم معه في العبادة آلهة أخرى؟ ولماذا تنصرفون عن الإقرار بوحدانيته- عز وجل-؟

يقول تعالى مقررا أنه لا إله إلا هو ; لأن المشركين - الذين يعبدون معه غيره - معترفون أنه المستقل بخلق السموات والأرض والشمس والقمر ، وتسخير الليل والنهار ، وأنه الخالق الرازق لعباده ، ومقدر آجالهم واختلافها واختلاف أرزاقهم ففاوت بينهم ، فمنهم الغني والفقير ، وهو العليم بما يصلح كلا منهم ، ومن يستحق الغنى ممن يستحق الفقر ، فذكر أنه المستبد بخلق الأشياء المتفرد بتدبيرها ، فإذا كان الأمر كذلك فلم يعبد غيره ؟ ولم يتوكل على غيره ؟ فكما أنه الواحد في ملكه فليكن الواحد في عبادته ، وكثيرا ما يقرر تعالى مقام الإلهية بالاعتراف بتوحيد الربوبية . وقد كان المشركون يعترفون بذلك ، كما كانوا يقولون في تلبيتهم : " لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك " .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61)

يقول تعالى ذكره: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله، من خلق السموات والأرض فَسَوّاهن، وسخَّر الشمس والقمر لعباده، يجريان دائبين لمصالح خلق الله، ليقولنّ: الذي خلق ذلك وفَعَلَه الله.(فَأنَّى يُؤْفَكُونَ) يقول جلّ ثناؤه: &; 20-59 &; فأنى يُصْرفون عمن صنع ذلك، فيعدلون عن إخلاص العبادة له.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (فَأنَّى يُؤْفَكُونَ) : أي يعدلون.

التدبر :

وقفة
[61] ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ﴾ الإقرار بالربوبية دون الإقرار بالألوهية لا يحقق لصاحبه النجاة والإيمان.
وقفة
[61] ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ ۖ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾ استعمال الحوار في الدعوة والتعليم أجدى من أسلوب الإلقاء والتلقين، ويغرس القناعة بالفكرة بدلًا من التسليم السلبي بها.
وقفة
[61] ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ ۖ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾ قال الرازي: «ذكر أمرين: أحدهما خلق السموات والأرض، والآخر تسخير الشمس والقمر؛ لأن الإيجاد قد يكون للذوات، وقد يكون للصفات، فخلق السموات والأرض إشارة إلى إيجاد الذوات، وتسخير الشمس والقمر إشارة إلى إيجاد الصفات، وهي الحركة وغيرها».
وقفة
[61] ﴿فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾ كيف يصرفون عن عبادة الله؟! مع أن من علمت عظمته وجبت خدمته، وعظمة الخلق دليل عظمة الخالق، ولا عظمة فوق عظمة خالق السموات والأرض.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَئِنْ:
  • الواو استئنافية. اللام: موطئة للقسم-اللام المؤذنة. ان: حرف شرط‍ جازم.
  • ﴿ سَأَلْتَهُمْ:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بإن والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين اي اهل مكة في محل نصب مفعول به. وجملة «إن سألتهم» اعتراضية بين القسم وجوابه لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ:
  • اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وخبره الجملة الفعلية خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ» في محل رفع او تكون «من» اسما موصولا في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير: عمن. والجار والمجرور متعلقا بسألتهم. وجملة خَلَقَ السَّماااتِ وَالْأَرْضَ» صلة الموصول لا محل لها. خلق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. السموات: مفعول به منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المؤنث السالم. والارض: معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة
  • ﴿ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ:
  • الجملتان معطوفتان بواوي العطف على خَلَقَ السَّماااتِ وَالْأَرْضَ» وتعربان مثلها.
  • ﴿ لَيَقُولُنَّ:
  • الجملة جواب القسم لا محل من الاعراب وجواب الشرط‍ محذوف دل عليه جواب القسم. اللام: واقعة في جواب القسم المقدرة. يقولن:فعل مضارع مبني على حذف النون لانه من الافعال الخمسة. وسبب بنائه على حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة. وواو الجماعة-المحذوفة- لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل. ونون التوكيد الثقيلة لا محل لها. والجملة الاسمية او الفعلية بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ اللهُ:
  • خبر مبتدأ محذوف تقديره هو الله مرفوع للتعظيم بالضمة. او يكون لفظ‍ الجلالة فاعلا لفعل محذوف جوازا تقديره خلقهن الله وقد حذف الفعل هنا جوازا لانه اجيب به استفهام ظاهر ملفوظ‍.
  • ﴿ فَأَنّى يُؤْفَكُونَ:
  • الفاء استئنافية. أنى: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب على الظرفية متعلق بيؤفكون بمعنى فكيف يصرفون عن توحيد الله مع اقرارهم بأنه سبحانه خالق السموات والارض. يؤفكون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.'

المتشابهات :

العنكبوت: 61﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ
لقمان: 25﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ
الزمر: 38﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ
الزخرف: 9﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [61] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ سوءَ عاقبة المشركين، وحسنَ عاقبة المؤمنين؛ بَيَّنَ هنا تناقُضَ المشركين في عبادتِهم لغير الله في خَمْسِ حُجَجٍ: الحُجَّةُ الأولى: اعترافُهم بأن اللهَ تعالى هو الخالق لهذا الكون، قال تعالى:
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [62] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء ..

التفسير :

[62] الله سبحانه وتعالى يوسع الرزق لمن يشاء من خلقه، ويضيِّق على آخرين منهم؛ لعلمه بما يصلح عباده، إن الله بكل شيء من أحوالكم وأموركم عليم، لا يخفى عليه شيء.

هذا استدلال على المشركين المكذبين بتوحيد الإلهية والعبادة، وإلزام لهم بما أثبتوه من توحيد الربوبية، فأنت لو سألتهم من خلق السماوات والأرض، ومن نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها، ومن بيده تدبير جميع الأشياء؟{ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} وحده، ولَاعْتَرَفُوا بعجز الأوثان ومن عبدوه مع اللّه على شيء من ذلك.

فاعجب لإفكهم وكذبهم، وعدولهم إلى من أقروا بعجزه، وأنه لا يستحق أن يدبر شيئا، وسَجِّلْ عليهم بعدم العقل، وأنهم السفهاء، ضعفاء الأحلام، فهل تجد أضعف عقلا، وأقل بصيرة، ممن أتى إلى حجر، أو قبر ونحوه، وهو يدري أنه لا ينفع ولا يضر، ولا يخلق ولا يرزق، ثم صرف له خالص الإخلاص، وصافي العبودية، وأشركه مع الرب، الخالق الرازق، النافع الضار. وقل:الحمد لله الذي بين الهدى من الضلال، وأوضح بطلان ما عليه المشركون، ليحذره الموفقون.

وقل:الحمد لله، الذي خلق العالم العلوي والسفلي، وقام بتدبيرهم ورزقهم، وبسط الرزق على من يشاء، وضيقه على من يشاء، حكمة منه، ولعلمه بما يصلح عباده وما ينبغي لهم.

ثم بين- سبحانه- أن الأرزاق جميعها بيده، يوسعها لمن يشاء ويضيقها على من يشاء فقال: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ...

والضمير في قوله: لَهُ يعود على مِنْ على حد قولك: عندي درهم ونصفه.

أى: ونصف درهم آخر.

أى: الله- تعالى- وحده هو الذي يوسع الرزق لمن يشاء أن يوسعه عليه من عباده، وهو وحده الذي يضيق الرزق على من يشاء أن يضيقه عليه من عباده. لأنه- سبحانه- لا يسأل عما يفعل، وأفعاله كلها خاضعة لمشيئته وحكمته، وكل شيء عنده بمقدار.

ويجوز أن يكون المعنى: الله- تعالى- وحده هو الذي بقدرته أن يوسع الرزق لمن يشاء من عباده تارة، وأن يضيقه عليهم تارة أخرى.

فعلى المعنى الأول: يكون البسط في الرزق لأشخاص، والتضييق على آخرين، وعلى المعنى الثاني يكون البسط والتضييق للأشخاص أنفسهم ولكن في أوقات مختلفة.

والله- تعالى- قادر على كل هذه الأحوال، لأنه- سبحانه- لا يعجزه شيء.

إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فيعلم ما فيه صلاح عباده وما فيه فسادهم، ويعلم من يستحق أن يبسط له في رزقه، ومن يستحق التضييق عليه في رزقه.

يقول تعالى مقررا أنه لا إله إلا هو ; لأن المشركين - الذين يعبدون معه غيره - معترفون أنه المستقل بخلق السموات والأرض والشمس والقمر ، وتسخير الليل والنهار ، وأنه الخالق الرازق لعباده ، ومقدر آجالهم واختلافها واختلاف أرزاقهم ففاوت بينهم ، فمنهم الغني والفقير ، وهو العليم بما يصلح كلا منهم ، ومن يستحق الغنى ممن يستحق الفقر ، فذكر أنه المستبد بخلق الأشياء المتفرد بتدبيرها ، فإذا كان الأمر كذلك فلم يعبد غيره ؟ ولم يتوكل على غيره ؟ فكما أنه الواحد في ملكه فليكن الواحد في عبادته ، وكثيرا ما يقرر تعالى مقام الإلهية بالاعتراف بتوحيد الربوبية . وقد كان المشركون يعترفون بذلك ، كما كانوا يقولون في تلبيتهم : " لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك " .

القول في تأويل قوله تعالى : اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62)

يقول تعالى ذكره: الله يوسع من رزقه لمن يشاء من خلقه، ويضيق فيُقتِّر لمن يشاء منهم، يقول: فأرزاقكم وقسمتها بينكم أيها الناس بيدي، دون كل أحد سواي، أبسط لمن شئت منها، وأقتر على من شئت، فلا يخلفنكم عن الهجرة وجهاد عدوّكم خوف العيلة ( إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) يقول: إن الله عليم بمصالحكم، ومن لا يصلُح له إلا البسط في الرزق، ومن لا يصلح له إلا التقتير عليه، وهو عالم بذلك.

التدبر :

تفاعل
[62] ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ سَل الله من فضله الآن.
وقفة
[62] ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ ما فائدة إثبات العلم لله بعد إثبات الرزق؟! والجواب: لا يصح إطلاق اسم الرزاق إلا على العالم بحاجة عبيده من الرزق.
وقفة
[62] ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ قيل لحكيم: «لو سددنا على رجل باب بيته وتركناه من أين يأتيه رزقه؟»، قال: «من حيث يأتيه أجله».
وقفة
[62] ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ الله عليم بما يصلح لك من غنى أو فقر.

الإعراب :

  • ﴿ اللهُ يَبْسُطُ‍ الرِّزْقَ:
  • لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يبسط‍:فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي الله سبحانه. الرزق: مفعول به منصوب بالفتحة. والجملة الفعلية يَبْسُطُ‍ الرِّزْقَ» في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ لِمَنْ يَشاءُ:
  • اللام حرف جر. من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. يشاء: تعرب اعراب «يبسط‍».والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به. التقدير: لمن يشاؤه اي يريده
  • ﴿ مِنْ عِبادِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «من» الاسم الموصول لان «من» حرف جر بياني للمبهم قبلها لان «من يشاء» مبهم غير معين. بمعنى حال كونهم من عباده والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَيَقْدِرُ لَهُ:
  • الواو عاطفة. يقدر له: معطوفة على يَبْسُطُ‍ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ» وتعرب اعرابها وهي بتقديرها ايضا. بمعنى: ويقتر او ويضيق الرزق على من يشاء. فوضع الضمير موضع «من يشاء» لان «من يشاء» مبهم غير معين.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة:اسم «ان» منصوب للتعظيم بالفتحة. بكل: جار ومجرور متعلق بخبر «إن».
  • ﴿ شَيْءٍ عَلِيمٌ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. عليم: خبر «ان» مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

القصص: 82﴿يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوۡلَآ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا لَخَسَفَ بِنَاۖ
العنكبوت: 62﴿اللَّـهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
سبإ: 39﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [62] لما قبلها :     الحُجَّةُ الثانيةُ: اعترافُهم بأن اللهَ تعالى هو الرزاق لعباده، قال تعالى:
﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ويقدر:
وقرئ:
بضم الياء وفتح القاف وشد الدال، وهى قراءة علقمة الحمصي.

مدارسة الآية : [63] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ ..

التفسير :

[63] ولئن سألت -أيها الرسول- المشركين:مَنِ الذي نزَّل من السحاب ماء فأنبت به الأرض من بعد جفافها؟ ليقولُنَّ لك معترفين:الله وحده هو الذي نزَّل ذلك، قل:الحمد لله الذي أظهر حجتك عليهم، بل أكثرهم لا يعقلون ما ينفعهم ولا ما يضرهم، ولو عَقَلوا ما أشركوا مع

هذا استدلال على المشركين المكذبين بتوحيد الإلهية والعبادة، وإلزام لهم بما أثبتوه من توحيد الربوبية، فأنت لو سألتهم من خلق السماوات والأرض، ومن نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها، ومن بيده تدبير جميع الأشياء؟{ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} وحده، ولَاعْتَرَفُوا بعجز الأوثان ومن عبدوه مع اللّه على شيء من ذلك.

فاعجب لإفكهم وكذبهم، وعدولهم إلى من أقروا بعجزه، وأنه لا يستحق أن يدبر شيئا، وسَجِّلْ عليهم بعدم العقل، وأنهم السفهاء، ضعفاء الأحلام، فهل تجد أضعف عقلا، وأقل بصيرة، ممن أتى إلى حجر، أو قبر ونحوه، وهو يدري أنه لا ينفع ولا يضر، ولا يخلق ولا يرزق، ثم صرف له خالص الإخلاص، وصافي العبودية، وأشركه مع الرب، الخالق الرازق، النافع الضار. وقل:الحمد لله الذي بين الهدى من الضلال، وأوضح بطلان ما عليه المشركون، ليحذره الموفقون.

وقل:الحمد لله، الذي خلق العالم العلوي والسفلي، وقام بتدبيرهم ورزقهم، وبسط الرزق على من يشاء، وضيقه على من يشاء، حكمة منه، ولعلمه بما يصلح عباده وما ينبغي لهم.

ثم أكد- سبحانه- للمرة الثانية اعتراف هؤلاء المشركين بقدرة الله- تعالى- فقال:

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً أى: ماء كثيرا فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها أى: فجعل الأرض بسبب نزول الماء عليها تصبح خضراء بالنبات بعد أن كانت جدباء قاحلة.

لئن سألتهم من فعل ذلك لَيَقُولُنَّ اللَّهُ هو الذي فعل ذلك.

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أى: قل- أيها الرسول الكريم- على سبيل الثناء على الله- تعالى-: الحمد لله الذي أظهر حجته، وجعلهم ينطقون بأنك على الحق المبين، ويعترفون بأن إشراكهم إنما هو من باب العناد والجحود.

وقوله- سبحانه-: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ إضراب عما هم عليه من انحراف وتناقض، إلى بيان حقيقة حالهم، وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما يعتريه بسببهم من حزن.

أى: بل أكثرهم لا يعقلون شيئا مما يجب أن يكون عليه العقلاء من فهم سليم للأمور، ومن العمل بمقتضى ما تنطق به الألسنة.

وفي التعبير بأكثرهم، إنصاف لقلة منهم عقلت الحق فاتبعته، وآمنت به وصدقته،

يقول تعالى مقررا أنه لا إله إلا هو ; لأن المشركين - الذين يعبدون معه غيره - معترفون أنه المستقل بخلق السموات والأرض والشمس والقمر ، وتسخير الليل والنهار ، وأنه الخالق الرازق لعباده ، ومقدر آجالهم واختلافها واختلاف أرزاقهم ففاوت بينهم ، فمنهم الغني والفقير ، وهو العليم بما يصلح كلا منهم ، ومن يستحق الغنى ممن يستحق الفقر ، فذكر أنه المستبد بخلق الأشياء المتفرد بتدبيرها ، فإذا كان الأمر كذلك فلم يعبد غيره ؟ ولم يتوكل على غيره ؟ فكما أنه الواحد في ملكه فليكن الواحد في عبادته ، وكثيرا ما يقرر تعالى مقام الإلهية بالاعتراف بتوحيد الربوبية . وقد كان المشركون يعترفون بذلك ، كما كانوا يقولون في تلبيتهم : " لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك " .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (63)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله من قومك من نـزل من السماء ماء، وهو المطر الذي ينـزله الله من السحاب (فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ) يقول: فأحيا بالماء الذي نـزل من السماء الأرض، وإحياؤها: إنباته النبات فيها(مِنْ بَعْدِ مَوْتها) من بعد جدوبها وقحوطها.

وقوله: (لَيَقُولُنَّ اللهَ) يقول: ليقولنّ الذي فعل ذلك الله، الذي له عبادة كل شيء.

وقوله: (قُلِ الحَمْدُ لِلهِ) يقول: وإذا قالوا ذلك، فقل: الحمد لله ( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) يقول: بل أكثر هؤلاء المشركين بالله لا يعقلون ما لهم فيه النفع من أمر دينهم، وما فيه الضرّ، فهم لجهلهم يحسبون أنهم لعبادتهم الآلهة دون الله، ينالون بها عند الله زُلْفة وقربة، ولا يعلمون أنهم بذلك هالكون، مستوجبون الخلود في النار.

التدبر :

وقفة
[63] ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ حياة الأرض بعد موتها بالمطر من قِبَل الله، وكذلك حياة القلوب بعد موتها بقدرة الله، والنفوس بعد فتورها برحمة الله.
عمل
[63] ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ احمد الله أن أظهر الحق على يديك، بحيث لا يجترئ المبطلون على إنكاره وجحوده.
وقفة
[63] ﴿الحمد لله﴾ ما أجملها من كلمة حين تسمعها بأصوات المرضى الخافتة، وعلى شفاه النفوس المتعبة! يقولون: «يا رب، لك الحمد» في غمرات الألم.
عمل
[63] قل: ﴿الحمد لله﴾ لا يشترط أن تكون شاعرًا أو أديبا، أحمد ربك بلغتك المتعثرة، وحروفك الواهنة، كلماتك بالحب تسبق القصائد، ولسانك الصادق يتخطى الخطب.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ
  • هذه الآية الكريمة تعرب اعراب الآية الكريمة الحادية والستين. من السماء:جار ومجرور متعلق بالفعل «نزل».احيا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر. به: جار ومجرور متعلق بأحيا. من بعد موتها: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «الارض».موت: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قُلِ:
  • فعل امر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. وحذفت واوه لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ الْحَمْدُ لِلّهِ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به على الحكاية-مقول القول-.الحمد: مبتدأ مرفوع بالضمة. لله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر المبتدأ.
  • ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. أكثر: مبتدأ مرفوع بالضمة.و«هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لا يَعْقِلُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. لا: نافية لا عمل لها.يعقلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف مفعولها. اي لا يدركون ما يقولون.'

المتشابهات :

البقرة: 164﴿وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا
النحل: 65﴿وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا
العنكبوت: 63﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ
الجاثية: 5﴿وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [63] لما قبلها :     الحُجَّةُ الثالثةُ: اعترافُهم بأن اللهَ تعالى منرلُ الماء وخالقُ النبات، قال تعالى:
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف