3373940414243444546

الإحصائيات

سورة الحج
ترتيب المصحف22ترتيب النزول103
التصنيفمكيّةعدد الصفحات10.00
عدد الآيات78عدد الأجزاء0.50
عدد الأحزاب1.00عدد الأرباع4.00
ترتيب الطول20تبدأ في الجزء17
تنتهي في الجزء17عدد السجدات2
فاتحتهافاتحتها
النداء: 3/10يا أيها الناس: 2/2

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (39) الى الآية رقم (41) عدد الآيات (3)

= البيتِ الحرامِ، وما في الحجِّ من منافعَ، ذكرَ هنا ما يزيلُ الصدّ ويؤمنُ الحجَّ، وهو الإذنُ بقتالِ المشركينَ، ثُمَّ تبشيرُهم بالنَّصرِ وتمكينُهم من عدوِّهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (42) الى الآية رقم (46) عدد الآيات (5)

بعدَ بيانِ أن المشركينَ أَخْرَجُوا المؤمنينَ من ديارِهم بغيرِ حقِّ، أتتْ هذه الآياتُ تسليةً للنبي ﷺ، فقد كان قبلَه أنبياءٌ كُذِّبُوا، ثُمَّ بَيَّنَ اللهُ مصيرَ الأممِ الظَّالمةِ، ووَبَّخَ المشركينَ الذينَ لا يعتبرُونَ ولا يتعظُونَ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الحج

الحج أبرز مظهر للتوحيد في الأرض وأشبهها بالبعث

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • لماذا يتوجه الناس جميعًا إلى الله وحده بالعبادة؟:   ومع بدايتها تذكرك السورة بأن حياتك رحلة سفر تمر بمحطات متعددة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ...﴾ (5). • العمر رحلة، كما هو الحج رحلة. • سورة الحج رسالة لك: أن حياتك رحلة سفر، كما أن الحج رحلة سفر. • سورة الحج رسالة إلى الناس جميعًا أن يتوجهوا إلى الله وحده لا شريك له بالعبادة كلها. • سورة الحج رسالة إلى الناس جميعًا أن يحجوا إلى الله بقلوبهم وبأبدانهم (وليس فقط حج البدن إلى مكة).
  • • بين سورة الحج وسورة الأنبياء::   والسورة تجيب: لأنه وحده هو الذي خلق، ووحده هو الذي ملك، ووحده هو الذي أحيا، ووحده هو الذي يميت، ووحده هو الذي يرزق، ووحده هو الذي يبعث الناس يوم القيامة. هل عندكم من شركاء بهذه الصفات أو ببعضها؟ لا أحد، إذًا فتبارك الله أحسن الخالقين، وتبارك الله رب العالمين.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الحج».
  • • معنى الاسم ::   الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام.
  • • سبب التسمية ::   لأنها اشتملت على الدعوة إلى الحج على لسان ‏إبراهيم ‏عليه ‏السلام.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الحج أبرز مظهر للتوحيد في الأرض، وأشبهها بالبعث.
  • • علمتني السورة ::   تذكر يوم القيامة والاستعداد له: ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا﴾
  • • علمتني السورة ::   أن هناك ارتباطًا عكسيًا بين العلمِ والجَدَلِ، كلَّما قلَّ العلمُ زادَ الجدالُ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾
  • • علمتني السورة ::   ألا أكون أقل خلق الله في التسبيح والسجود له سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: «مَا حَفِظْتُ سُورَةَ يُوسُفَ وَسُورَةَ الْحَجِّ إِلَّا مِنْ عُمَرَ بنِ الخطابِ، مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يَقْرَؤُهُمَا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وكَانَ يَقْرَؤُهُمَا قِرَاءَةً بَطِيئَةً».
    • عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ عَلَى سَائِرِ الْقُرْآنِ بِسَجْدَتَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ».
    • عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَجَدَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ, وَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ فُضِّلَتْ عَلَى السُّوَرِ بِسَجْدَتَيْنِ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الحج من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • هي السورة الوحيدة التي سميت باسم ركن من أركان الإسلام.
    • اختصت سورة الحج باحتوائها على سجدتين من سجدات التلاوة: السجدة السادسة والسابعة -بحسب ترتيب المصحف-، في الآيتين (18)، (77).
    • قال الغَزْنَوِيُّ: وهي من أعاجيب السور، نزلت ليلًا ونهارًا، سفرًا وحضرًا، مكيًا ومدنيًا، سلميًا وحربيًا، ناسخًا ومنسوخًا، محكمًا ومُتَشَابهًا.
    • احتوت السورة على الآية التي أذن فيها الله للمسلمين بالقتال: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ (39).
    • ذُكِرَ في أواخر السورة 7 آيات متواليات، في آخر كل آية منها اسمان من أسماء الله الحسنى، وهي في قوله تعالى: ﴿... وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59) ... إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) ... وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) ... وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) ... إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) ... وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64) ... إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (59-65).
    • وهذا أمر لم يأت في القرآن سوى في هذا الموضع.
    • يمتاز أسلوب السورة -في مجموعه- بالقوة والعنف، والشدة والرهبة، والإنذار والتحذير، وغرس التقوى في القلوب بأسلوب تخشع له النفوس.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نستعد ليوم القيامة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ (1).
    • أن نسَأل الله تعالى الأمن يوم الفزع: ﴿أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ (1).
    • أن نحذر من الجدال في دين الله بدون علم: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ﴾ (3).
    • أن نستعيذ بالله من أن ترد إلى أرذل العمر: ﴿وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا﴾ (5).
    • أن نحذر من علامة المنافق: عبادة وقت الرخاء، وردة وقت الابتلاء: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّـهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ﴾ (11).
    • أن نحذر من صرف الدعاء لغير الله تعالى؛ فهذا هو الضلال البعيد: ﴿يَدْعُو مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾ (12).
    • أن نسجد سجود التلاوة عند قراءة هذه الآية مستشعرين أنه ليس كل الناس يسجدون هذا السجود: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ﴾ (18).
    • أن نجتهد ألاّ نتكلم إلا بكلامٍ طيب: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ (24).
    • أن نبادر بالحج، ولا نسوف: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا ...﴾ (27).
    • أن نعظم حرمات الله، وأكل ما أحل من النعم واجتناب ما يعبد من دون الله واجتناب قول الزور: ﴿ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّـهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ۗ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ۖ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ (30).
    • أن نحذر الناس من الشرك بالله، ونبين لهم خطورته:‏ ﴿وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ (31).
    • ألا نتسخط مما يحصل لنا من مصائب، بل نصبر ابتغاء وجه ربنا، ونحتسب ثوابه، ونرتقب أجره: ﴿وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ﴾ (35).
    • أن ندعو لإخواننا المستضعفين من المسلمين في أرجاء المعمورة: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ (39).
    • أن نحذر أمراضَ القلوبِ؛ كالكبرِ، والحقدِ، والحسدِ، وغيرِها: ﴿لِّلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ (53).
    • أن نهجر رفقاء السوء، وأماكن المعصية؛ محتسبين ذلك من أبواب الهجرة إلى الله: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّـهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ (58).
    • أن نتأمل بعد صلاة الفجر قدرة الله في دخول النهار في الليل: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ (61).
    • أن نطيل الركوع والسجود، فإن الله سبحانه يحب ذلك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ﴾ (77).

تمرين حفظ الصفحة : 337

337

مدارسة الآية : [39] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ..

التفسير :

[39] كان المسلمون في أول أمرهم ممنوعين من قتال الكفار، مأمورين بالصبر على أذاهم، فلما بلغ أذى المشركين مداه، وخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- من «مكة» مهاجراً إلى «المدينة»، وأصبح للإسلام قوة أَذِنَ الله للمسلمين في القتال؛ بسبب ما وقع عليهم من الظلم والعد

كان المسلمون في أول الإسلام ممنوعين من قتال الكفار، ومأمورين بالصبر عليهم، لحكمة إلهية، فلما هاجروا إلى المدينة، وأوذوا، وحصل لهم منعة وقوة، أذن لهم بالقتال، قال تعالى:{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} يفهم منه أنهم كانوا قبل ممنوعين، فأذن الله لهم بقتال الذين يقاتلون، وإنما أذن لهم، لأنهم ظلموا، بمنعهم من دينهم، وأذيتهم عليه، وإخراجهم من ديارهم.{ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} فليستنصروه، وليستعينوا به .

ثم رخص- سبحانه- للمؤمنين بأن يقاتلوا في سبيله فقال: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا....

وقوله- تعالى- أُذِنَ فعل ماض مبنى للمجهول مأخوذ من الإذن بمعنى الإباحة والرخصة. والمقصود إباحة مشروعية القتال، وقد قالوا: بأن هذه الآيات أول ما نزل في شأن مشروعية القتال.

أخرج الإمام أحمد والترمذي عن ابن عباس قال: لما خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم ليهلكن، فنزلت هذه الآيات.

وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي أُذِنَ بالبناء الفاعل. والمأذون لهم فيه هو القتال، وهو محذوف في قوة المذكور بدليل قوله يُقاتَلُونَ والباء في قوله بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا للسببية.

أى: أذن الله- تعالى- للمؤمنين، ورخص لهم، بأن يقاتلوا أعداءهم الذين ظلموهم، وآذوهم، واعتدوا عليه، بعد أن صبر هؤلاء المؤمنون على أذى أعدائهم صبرا طويلا.

قال الآلوسى: والمراد بالموصول أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم الذين في مكة، فقد نقل الواحدي وغيره، أن المشركين كانوا يؤذونهم، وكانوا يأتون النبي صلّى الله عليه وسلّم بين مضروب ومشجوج ويتظلمون إليه فيقول لهم: اصبروا فإنى لم أومر بالقتال حتى هاجر صلّى الله عليه وسلّم فنزلت

هذه الآية. وهي أول آية نزلت في القتال بعد ما نهى عنه في نيف وسبعين آية .

وقوله- تعالى-: وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وعد منه- سبحانه- للمؤمنين بالنصر وحض لهم على الإقدام على الجهاد في سبيله بدون تردد أو وهن.

أى: وإن الله- تعالى- لقادر على أن ينصر عباده المؤمنين. وعلى أن يمكن لهم في الأرض، وعلى أن يجعلهم الوارثين لأعدائهم الكافرين.

قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: قوله: وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ أى: هو قادر على نصر عباده المؤمنين من غير قتال، ولكنه يريد من عباده أن يبلوا جهدهم في طاعته، كما قال- تعالى-: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ، حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها، ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ، وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ.. .

وإنما شرع- سبحانه- الجهاد في الوقت الأليق به، لأنهم لما كانوا بمكة، كان المشركون أكثر عددا. فلو أمر المسلمون بالقتال لشق ذلك عليهم ...

فلما استقروا بالمدينة. وصارت لهم دار إسلام، ومعقلا يلجئون إليه شرع الله جهاد الأعداء، فكانت هذه الآية أول ما نزل في ذلك.. .

قال العوفي ، عن ابن عباس : نزلت في محمد وأصحابه حين أخرجوا من مكة .

وقال غير واحد من السلف هذه أول آية نزلت في الجهاد ، واستدل بهذه الآية بعضهم على أن السورة مدنية ، وقاله مجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وغير واحد .

وقال ابن جرير : حدثني يحيى بن داود الواسطي : حدثنا إسحاق بن يوسف ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن مسلم هو البطين عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيهم . إنا لله وإنا إليه راجعون ، ليهلكن . قال ابن عباس : فأنزل الله عز وجل : ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ) ، قال أبو بكر ، رضي الله تعالى عنه : فعرفت أنه سيكون قتال .

ورواه الإمام أحمد ، عن إسحاق بن يوسف الأزرق ، به وزاد : قال ابن عباس : وهي أول آية نزلت في القتال .

ورواه الترمذي ، والنسائي في التفسير من سننيهما ، وابن أبي حاتم من حديث إسحاق بن يوسف زاد الترمذي : ووكيع ، كلاهما عن سفيان الثوري ، به . وقال الترمذي : حديث حسن ، وقد رواه غير واحد ، عن الثوري ، وليس فيه ابن عباس .

وقوله : ( وإن الله على نصرهم لقدير ) أي : هو قادر على نصر عباده المؤمنين من غير قتال ، ولكن هو يريد من عباده أن يبلوا جهدهم في طاعته ، كما قال : ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم . سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم ) [ محمد : 4 6 ] ، وقال تعالى : ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين . ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم ) [ التوبة : 14 ، 15 ] ، وقال : ( أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون ) [ التوبة : 16 ] ، ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم [ الله ] الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) [ آل عمران : 142 ] ، وقال : ( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ) [ محمد : 31 ] .

والآيات في هذا كثيرة; ولهذا قال ابن عباس في قوله : ( وإن الله على نصرهم لقدير ) وقد فعل .

وإنما شرع [ الله ] تعالى الجهاد في الوقت الأليق به; لأنهم لما كانوا بمكة كان المشركون أكثر عددا ، فلو أمر المسلمين ، وهم أقل من العشر ، بقتال الباقين لشق عليهم; ولهذا لما بايع أهل يثرب ليلة العقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا نيفا وثمانين ، قالوا : يا رسول الله ، ألا نميل على أهل الوادي يعنون أهل منى ليالي منى فنقتلهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني لم أؤمر بهذا " . فلما بغى المشركون ، وأخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم ، وهموا بقتله ، وشردوا أصحابه شذر مذر ، فذهب منهم طائفة إلىالحبشة ، وآخرون إلى المدينة . فلما استقروا بالمدينة ، ووافاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واجتمعوا عليه ، وقاموا بنصره وصارت لهم دار إسلام ومعقلا يلجئون إليه شرع الله جهاد الأعداء ، فكانت هذه الآية أول ما نزل في ذلك ، فقال تعالى : ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير )

يقول تعالى ذكره: أذن الله للمؤمنين الذين يقاتلون المشركين في سبيله بأن المشركين ظلموهم بقتالهم.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة: (أُذِنَ) بضم الألف,(يُقاتَلُونَ) بفتح التاء بترك تسمية الفاعل في أُذِنَ ويُقاتَلُون جميعًا. وقرأ ذلك بعض الكوفيين وعامة قرّاء البصرة: (أُذِنَ) بترك تسمية الفاعل, و " يُقاتِلُونَ" بكسر التاء, بمعنى يقاتل المأذون لهم في القتال المشركين. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين وبعض المكيين: " أَذِنَ" بفتح الألف, بمعنى: أذن الله, و " يُقاتِلُونَ" بكسر التاء, بمعنى: إن الذين أذن الله لهم بالقتال يقاتلون المشركين. وهذه القراءات الثلاث متقاربات المعنى; لأن الذين قرءوا أُذِنَ على وجه ما لم يسمّ فاعله يرجع معناه في التأويل إلى معنى قراءة من قرأه على وجه ما سمي فاعله- وإن من قرأ يُقاتِلونَ، ويُقاتَلُون بالكسر أو الفتح, فقريب معنى أحدهما من معنى الآخر- وذلك أن من قاتل إنسانا فالذي قاتله له مقاتل, وكل واحد منهما مقاتل. فإذ كان ذلك كذلك فبأية هذه القراءات قرأ القارئ فمصيب الصواب.

غير أن أحبّ ذلك إليّ أن أقرأ به: أَذِنَ بفتح الألف, بمعنى: أذن الله, لقرب ذلك من قوله: ( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) أذن الله في الذين لا يحبهم للذين يقاتلونهم بقتالهم, فيردُ أذنَ على قوله: ( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ ) وكذلك أحب القراءات إليّ في يُقاتِلُون كسر التاء, بمعنى: الذين يقاتلون من قد أخبر الله عنهم أنه لا يحبهم, فيكون الكلام متصلا معنى بعضه ببعض.

وقد اختُلف في الذين عُنوا بالإذن لهم بهذه الآية في القتال, فقال بعضهم: عني به: نبيّ الله وأصحابه.

*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) يعني محمدا وأصحابه إذا أخرجوا من مكة إلى المدينة; يقول الله: ( وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) وقد فعل.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن مسلم البطين, عن سعيد بن جُبير, قال: لما خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة, قال رجل: أخرجوا نبيهم، فنـزلت: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) الآية الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

حدثنا يحيى بن داود الواسطي, قال: ثنا إسحاق بن يوسف, عن سفيان, عن الأعمش, عن مسلم, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: لما خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم, إنا لله وإنا إليه راجعون, ليهلكنّ- قال ابن عباس: فأنـزل الله: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) قال أبو بكر: فعرفت أنه سيكون قتال. وهي أوّل آية نـزلت.قال ابن داود: قال ابن إسحاق: كانوا يقرءون: (أُذِنَ) ونحن نقرأ: " أَذِنَ".

حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا إسحاق, عن سفيان, عن الأعمش, عن مسلم, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم, ثم ذكر نحوه, إلا أنه قال: فقال أبو بكر: قد علمت أنه يكون قتال. وإلى هذا الموضع انتهى حديثه, ولم يزد عليه.

حدثني محمد بن خلف العسقلاني, قال: ثنا محمد بن يوسف, قال: ثنا قيس بن الربيع, عن الأعمش, عن مسلم, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة, قال أبو بكر: إنا لله وإنا إليه راجعون, أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم, والله ليهلكنّ جميعا! فلما نـزلت: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا )إلى قوله: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ عرف أبو بكر أنه سيكون قتال.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) قال: أذن لهم في قتالهم بعد ما عفا عنهم عشر سنين. وقرأ: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ وقال: هؤلاء المؤمنون.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ . (1)

وقال آخرون: بل عني بهذه الآية قوم بأعيانهم كانوا خرجوا من دار الحرب يريدون الهجرة, فمنعوا من ذلك.

*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى- وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) قال: أناس مؤمنون خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة, فكانوا يمنعون, فأذن الله للمؤمنين بقتال الكفار, فقاتلوهم.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, في قوله: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) قال: ناس من المؤمنين خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة, وكانوا يمنعون, فأدركهم الكفار, فأذن للمؤمنين بقتال الكفار فقاتلوهم. قال ابن جُرَيج: يقول: أوّل قتال أذن الله به للمؤمنين.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة: في حرف ابن مسعود: " أُذِنَ للَّذِينَ يُقاتَلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ" قال قَتادة: وهي أوّل آية نـزلت في القتال, فأذن لهم أن يقاتلوا.

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) قال: هي أوّل آية أنـزلت في القتال, فأذن لهم أن يقاتلوا. وقد كان بعضهم يزعم أن الله إنما قال: أذن للذين يقاتلون بالقتال من أجل أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, كانوا استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل الكفار إذا آذوهم واشتدّوا عليهم بمكة قبل الهجرة غيلة سرّا; فأنـزل الله في ذلك: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) فَلَمَّا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة, أطلق لهم قتلهم وقتالهم, فقال: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ). وهذا قول ذُكر عن الضحاك بن مزاحم من وجه غير ثبت.

وقوله: ( وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) يقول جل ثناؤه: وإن الله على نصر المؤمنين الذين يقاتلون في سبيل الله لقادر, وقد نصرهم فأعزّهم ورفعهم وأهلك عدوّهم وأذلهم بأيديهم.

------------------------

الهوامش:

(1) لعله اختصره إن لم يكن سقط منه شيء من الناسخ ، والأصل : هم والنبي وأصحابه ، أو نحو ذلك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[39] ﴿أُذِنَ﴾ بالبناء للمجهول، فالقتال مكروه والأمور المستكرهة والمشقة يبنيها ربنا للمجهول مع أنه كله بقدر الله عز وجل، لكن لا ينسبه لنفسه ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: 183]، ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: 178]، ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ [البقرة: 216].
وقفة
[39] ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ علينا رص الصفوف، وتوحيد الكلمة، وابتغاء مرضاة الله بذلك، ومن الله النصر.
وقفة
[39] ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ (أُذِنَ) بالبناء للمجهول، فالقتال مكروه، والأمور المستكرهة والمشقة يبنيها ربنا للمجهول مع أنه كله بقدر الله عز وجل، لكن لا ينسبه لنفسه ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: 178]، ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: 178]، ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ [البقرة: 216].
وقفة
[39] الله قادر على تعجيل النصر وحسمه؛ ولكنه يريد من المظلوم أن يأخذ بأسباب النصر ليعينه ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾.
عمل
[39] ادعُ لإخوانك المستضعفين من المسلمين في أرجاء المعمورة ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾.
وقفة
[39] ﴿وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ قال ابن كثير: «أي: هو قادر على نصر عباده المؤمنين من غير قتال؛ ولكنه يريد من عباده أن يبذلوا جهدهم في طاعته».
وقفة
[39، 40] ﴿وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ اقترن النصر بالإخراج، اللهم عجل بنصرك.

الإعراب :

  • ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ:
  • اذن: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح بمعنى: رخص الله بالقتال. ونائب الفاعل جار ومجرور محذوف .. بتقدير: أذن في القتال في محل رفع وحذف الجار والمجرور «في القتال» المأذون فيه-لدلالة يقاتلون عليه. اللام حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأذن. يقاتلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا:
  • الباء حرف جر. أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و«هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «أن» ظلموا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والألف فارقة. وجملة «ظلموا» في محل رفع خبر «أن» و «أن» مع ما في حيزها من اسمها وخبرها في محل جر بالباء. أي بسبب أنهم ظلموا بحذف المجرور المضاف «سبب» وحلول المصدر المؤول محله. بمعنى: بسبب كونهم مظلومين.
  • ﴿ وَإِنَّ اللهَ:
  • الواو استئنافية. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «انّ» منصوب بالفتحة.
  • ﴿ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ:
  • جار ومجرور متعلق بقدير و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. اللام لام التوكيد-المزحلقة-قدير: خبر «انّ» مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأنَّهم ظُلِمُوا﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: كانَ مُشْرِكُو أهْلِ مَكَّةَ يُؤْذُونَ أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلا يَزالُونَ يَجِيئُونَ مِن بَيْنِ مَضْرُوبٍ ومَشْجُوجٍ، فَيَشْكُونَهم إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَيَقُولُ لَهم: ”اصْبِرُوا فَإنِّي لَمْ أُومَرْ بِالقِتالِ“ . حَتّى هاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأنَّهم ظُلِمُوا﴾ .وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لَمّا أُخْرِجَ النَّبِيُّ ﷺ مِن مَكَّةَ قالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إنّا لِلَّهِ وإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ، لَنَهْلِكَنَّ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأنَّهم ظُلِمُوا وإنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ . الآيَةَ. قالَ أبُو بَكْرٍ: فَعَرَفْتُ أنَّهُ سَيَكُونُ قِتالٌ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ صدَّ الكفارِ للمؤمنينَ عن البيتِ الحرامِ؛ ذكرَ هنا ما يزيلُ الصدَّ ويؤمنُ الحجَّ، وهو الإذنُ بقتالِ المشركينَ، ثُمَّ بَشَّرَ المؤمنين بالنَّصرِ والتمكين، قال تعالى:
﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [40] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ ..

التفسير :

[40] الذين أُلجئوا إلى الخروج من ديارهم، لا لشيء فعلوه إلا لأنهم أسلموا وقالوا:ربنا الله وحده. ولولا ما شرعه الله مِن دَفْع الظلم الذي ينتفع به جميع أهل الأديان المنزَّلة، وردِّ الباطل بالقتال المأذون فيه لهُزِم الحقُّ في كل أمة ولخربت الأرض، وهُدِّمت في

{ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} أي:ألجئوا إلى الخروج بالأذية والفتنة{ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا} أن ذنبهم الذي نقم منهم أعداؤهم{ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} أي:إلا أنهم وحدوا الله، وعبدوه مخلصين له الدين، فإن كان هذا ذنبا، فهو ذنبهم كقوله تعالى:{ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} وهذا يدل على حكمة الجهاد، وأن المقصود منه إقامة دين الله، وذب الكفار المؤذين للمؤمنين، البادئين لهم بالاعتداء، عن ظلمهم واعتدائهم، والتمكن من عبادة الله، وإقامة الشرائع الظاهرة، ولهذا قال:{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} فيدفع الله بالمجاهدين في سبيله ضرر الكافرين،{ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} أي:لهدمت هذه المعابد الكبار، لطوائف أهل الكتاب، معابد اليهود والنصارى، والمساجد للمسلمين،{ يُذْكَرَ فِيهَا} أي:في هذه المعابد{ اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} تقام فيها الصلوات، وتتلى فيها كتب الله، ويذكر فيها اسم الله بأنواع الذكر، فلولا دفع الله الناس بعضهم ببعض، لاستولى الكفار على المسلمين، فخربوا معابدهم، وفتنوهم عن دينهم، فدل هذا، أن الجهاد مشروع، لأجل دفع الصائل والمؤذي، ومقصود لغيره، ودل ذلك على أن البلدان التي حصلت فيها الطمأنينة بعبادة الله، وعمرت مساجدها، وأقيمت فيها شعائر الدين كلها، من فضائل المجاهدين وببركتهم، دفع الله عنها الكافرين، قال الله تعالى:{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}

فإن قلت:نرى الآن مساجد المسلمين عامرة لم تخرب، مع أنها كثير منها إمارة صغيرة، وحكومة غير منظمة، مع أنهم لا يدان لهم بقتال من جاورهم من الإفرنج، بل نرى المساجد التي تحت ولايتهم وسيطرتهم عامرة، وأهلها آمنون مطمئنون، مع قدرة ولاتهم من الكفار على هدمها، والله أخبر أنه لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض، لهدمت هذه المعابد، ونحن لا نشاهد دفعا.

أجيب بأن هذا السؤال والاستشكال، داخل في عموم هذه الآية وفرد من أفرادها، فإن من عرف أحوال الدول الآن ونظامها، وأنها تعتبر كل أمة وجنس تحت ولايتها، وداخل في حكمها، تعتبره عضوا من أعضاء المملكة، وجزء من أجزاء الحكومة، سواء كانت تلك الأمة مقتدرة بعددها أو عددها، أو مالها، أو عملها، أو خدمتها، فتراعي الحكومات مصالح ذلك الشعب، الدينية والدنيوية، وتخشى إن لم تفعل ذلك أن يختل نظامها، وتفقد بعض أركانها، فيقوم من أمر الدين بهذا السبب ما يقوم، خصوصا المساجد، فإنها -ولله الحمد- في غاية الانتظام، حتى في عواصم الدول الكبار.

وتراعي تلك الدول الحكومات المستقلة، نظرا لخواطر رعاياهم المسلمين، مع وجود التحاسد والتباغض بين دول النصارى، الذي أخبر الله أنه لا يزال إلى يوم القيامة، فتبقى الحكومة المسلمة، التي لا تقدر تدافع عن نفسها، سالمة من [كثير] ضررهم، لقيام الحسد عندهم، فلا يقدر أحدهم أن يمد يده عليها، خوفا من احتمائها بالآخر، مع أن الله تعالى لا بد أن يري عباده من نصر الإسلام والمسلمين، ما قد وعد به في كتابه.

وقد ظهرت -ولله الحمد- أسبابه [بشعور المسلمين بضرورة رجوعهم إلى دينهم والشعور مبدأ العمل] فنحمده ونسأله أن يتم نعمته، ولهذا قال في وعده الصادق المطابق للواقع:{ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} أي:يقوم بنصر دينه، مخلصا له في ذلك، يقاتل في سبيله، لتكون كلمة الله هي العليا.

{ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} أي:كامل القوة، عزيز لا يرام، قد قهر الخلائق، وأخذ بنواصيهم، فأبشروا، يا معشر المسلمين، فإنكم وإن ضعف عددكم وعددكم، وقوي عدد عدوكم وعدتهم فإن ركنكم القوي العزيز، ومعتمدكم على من خلقكم وخلق ما تعملون، فاعملوا بالأسباب المأمور بها، ثم اطلبوا منه نصركم، فلا بد أن ينصركم.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} وقوموا، أيها المسلمون، بحق الإيمان والعمل الصالح، فقد{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}

وقوله- سبحانه-: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ..

بيان لبعض الأسباب التي من أجلها شرع الله الجهاد في سبيله.

أى: إن الله- تعالى- لقدير على نصر المؤمنين الذين أخرجهم الكافرون من ديارهم بغير حق، وبغير أى سبب من الأسباب، سوى أنهم كانوا يقولون ربنا الله- تعالى- وحده، ولن نعبد من دونه إلها آخر.

أى: ليس هناك ما يوجب إخراجهم- في زعم المشركين- سوى قولهم ربنا الله.

ثم حرض- سبحانه- المؤمنين على القتال في سبيله، بأن بين لهم أن هذا القتال يقتضيه نظام هذا العالم وصلاحه، فقال- تعالى-: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً.

والمراد بالدفع: إذن الله المؤمنين في قتال المشركين. والمراد بقوله: بَعْضَهُمْ الكافرون. وبقوله: بِبَعْضٍ المؤمنون.

والصوامع: جمع صومعة، وهي بناء مرتفع يتخذه الرهبان معابد لهم.

والبيع: جمع بيعة- بكسر الباء- وهي كنائس النصارى التي لا تختص بالرهبان.

والصلوات: أماكن العبادة لليهود.

أى: ولولا أن الله- تعالى- أباح للمؤمنين قتال المشركين، لعاث المشركون في الأرض فسادا، ولهدموا في زمن موسى وعيسى أماكن العبادة الخاصة بأتباعهما، ولهدموا في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلّم المساجد التي تقام فيها الصلاة.

قال القرطبي: قوله- تعالى-: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ... أى:

ولولا ما شرعه الله- تعالى- للأنبياء والمؤمنين من قتال الأعداء لاستولى أهل الشرك.

وعطلوا ما بناه أهل الديانات من مواضع العبادات ولكنه دفع بأن أوجب القتال ليتفرغ أهل الدين للعبادة. فالجهاد أمر متقدم في الأمم. وبه صلحت الشرائع، واجتمعت المتعبدات، فكأنه قال: أذن في القتال فليقاتل المؤمنون. ثم قوى هذا الأمر في القتال بقوله: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ ... الآية أى: لولا الجهاد والقتال لتغلب أهل الباطل على أهل الحق في كل أمة .. .

فالآية الكريمة تفيد أن الله- تعالى- قد شرع القتال لإعلاء الحق وإزهاق الباطل، ولولا ذلك لاختل هذا العالم، وانتشر فيه الفساد.

والتعبير بقوله- تعالى-: لَهُدِّمَتْ بالتشديد للإشعار بأن عدم مشروعية القتال، يؤدى إلى فساد ذريع، وإلى تحطيم شديد لأماكن العبادة والطاعة لله- عز وجل-.

وقدم الصوامع والبيع والصلوات على المساجد، باعتبار أنها أقدم منها في الوجود، أو للانتقال من الشريف إلى الأشرف.

ثم ساق- سبحانه- بأسلوب مؤكد سنة من سننه التي لا تتخلف فقال: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ.

أى: والله لينصرن- سبحانه- من ينصر دينه وأولياءه، لأنه- تعالى- هو القوى على كل فعل يريده، العزيز الذي لا يغالبه مغالب، ولا ينازعه منازع.

وقد أنجز- سبحانه- وعده وسنته، فسلط عباده المؤمنين من المهاجرين والأنصار، على أعدائه، فأذلوا الشرك والمشركين وحطموا دولتي الأكاسرة والقياصرة، وأورثهم أرضهم وديارهم.

( الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق )

قال العوفي ، عن ابن عباس : أخرجوا من مكة إلى المدينة بغير حق ، يعني : محمدا وأصحابه .

( إلا أن يقولوا ربنا الله ) أي : ما كان لهم إلى قومهم إساءة ، ولا كان لهم ذنب إلا أنهم عبدوا الله وحده لا شريك له . وهذا استثناء منقطع بالنسبة إلى ما في نفس الأمر ، وأما عند المشركين فهو أكبر الذنوب ، كما قال تعالى : ( يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم ) [ الممتحنة : 1 ] ، وقال تعالى في قصة أصحاب الأخدود : ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ) [ البروج : 8 ] . ولهذا لما كان المسلمون يرتجزون في بناء الخندق ، ويقولون :

لاهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا

وثبت الأقدام إن لاقينا إن الألى قد بغوا علينا

إذا أرادوا فتنة أبينا

فيوافقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول معهم آخر كل قافية ، فإذا قالوا : " إذا أرادوا فتنة أبينا " ، يقول : " أبينا " ، يمد بها صوته .

ثم قال تعالى : ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض ) أي : لولا أنه يدفع عن قوم بقوم ، ويكشف شر أناس عن غيرهم ، بما يخلقه ويقدره من الأسباب ، لفسدت الأرض ، وأهلك القوي الضعيف .

( لهدمت صوامع ) وهي المعابد الصغار للرهبان ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وأبو العالية ، وعكرمة ، والضحاك ، وغيرهم .

وقال قتادة : هي معابد الصابئين . وفي رواية عنه : صوامع المجوس .

وقال مقاتل بن حيان : هي البيوت التي على الطرق .

( وبيع ) : وهي أوسع منها ، وأكثر عابدين فيها . وهي للنصارى أيضا . قاله أبو العالية ، وقتادة ، والضحاك ، وابن صخر ، ومقاتل بن حيان ، وخصيف ، وغيرهم .

وحكى ابن جبير عن مجاهد وغيره : أنها كنائس اليهود . وحكى السدي ، عمن حدثه ، عن ابن عباس : أنها كنائس اليهود ، ومجاهد إنما قال : هي الكنائس ، والله أعلم .

وقوله : ( وصلوات ) : قال العوفي ، عن ابن عباس : الصلوات : الكنائس . وكذا قال عكرمة ، والضحاك ، وقتادة : إنها كنائس اليهود . وهم يسمونها صلوتا .

وحكى السدي ، عمن حدثه ، عن ابن عباس : أنها كنائس النصارى .

وقال أبو العالية ، وغيره : الصلوات : معابد الصابئين .

وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : الصلوات : مساجد لأهل الكتاب ولأهل الإسلام بالطرق . وأما المساجد فهي للمسلمين .

وقوله : ( يذكر فيها اسم الله كثيرا ) فقد قيل : الضمير في قوله : ( يذكر فيها ) عائد إلى المساجد; لأنها أقرب المذكورات .

وقال الضحاك : الجميع يذكر فيها اسم الله كثيرا .

وقال ابن جرير : الصواب : لهدمت صوامع الرهبان وبيع النصارى وصلوات اليهود ، وهي كنائسهم ، ومساجد المسلمين التي يذكر فيها اسم الله كثيرا; لأن هذا هو المستعمل المعروف في كلام العرب .

وقال بعض العلماء : هذا ترق من الأقل إلى الأكثر إلى أن ينتهي إلى المساجد ، وهي أكثر عمارا وأكثر عبادا ، وهم ذوو القصد الصحيح .

وقوله : ( ولينصرن الله من ينصره ) كقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم . والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ) [ محمد : 7 ، 8 ] .

وقوله : ( إن الله لقوي عزيز ) وصف نفسه بالقوة والعزة ، فبقوته خلق كل شيء فقدره تقديرا ، وبعزته لا يقهره قاهر ، ولا يغلبه غالب ، بل كل شيء ذليل لديه ، فقير إليه . ومن كان القوي العزيز ناصره فهو المنصور ، وعدوه هو المقهور ، قال الله تعالى : ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين . إنهم لهم المنصورون . وإن جندنا لهم الغالبون ) [ الصافات : 171 173 ] وقال [ الله ] تعالى : ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ) [ المجادلة : 21 ] .

يقول تعالى ذكره: أذن للذين يقاتلون ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ ) فالذين الثانية ردّ على الذين الأولى. وعنى بالمخرجين من دورهم: المؤمنين الذين أخرجهم كفار قريش من مكة. وكان إخراجهم إياهم من دورهم وتعذيبهم بعضهم على الإيمان بالله ورسوله, وسبهم بعضهم بألسنتهم ووعيدهم إياهم, حتى اضطرّوهم إلى الخروج عنهم. وكان فعلهم ذلك بهم بغير حقّ، لأنهم كانوا على باطل والمؤمنون على الحقّ, فلذلك قال جل ثناؤه: ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ ).

وقوله: ( إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ) يقول تعالى ذكره: لم يخرجوا من ديارهم إلا بقولهم: ربنا الله وحده لا شريك له! فأن في موضع خفض ردّا على الباء في قوله: ( بِغَيْرِ حَقٍّ ) , وقد يجوز أن تكون في موضع نصب على وجه الاستثناء.

وقوله: ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: ولولا دفع الله المشركين بالمسلمين.

*ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, قوله: ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) دفع المشركين بالمسلمين.

وقال آخرون: معنى ذلك: ولولا القتال والجهاد في سبيل الله.

*ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) قال لولا القتال والجهاد.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولولا دفع الله بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن بعدهم من التابعين.

*ذكر من قال ذلك: حدثنا إبراهيم بن سعيد, قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم, عن سيف بن عمرو, عن أبي روق, عن ثابت بن عوسجة الحضرميّ, قال: حدثني سبعة وعشرون من أصحاب عليّ وعبد الله منهم لاحق بن الأقمر, والعيزار بن جرول, وعطية القرظي, أن عليا رضي الله عنه قال: إنما أنـزلت هذه الآية في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) لولا دفاع الله بأصحاب محمد عن التابعين ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ ).

وقال آخرون: بل معنى ذلك: لولا أن الله يدفع بمن أوجب قبول شهادته في الحقوق تكون لبعض الناس على بعض عمن لا يجوز شهادته وغيره, فأحيا بذلك مال هذا ويوقي بسبب هذا إراقة دم هذا, وتركوا المظالم من أجله, لتظالم الناس فهدمت صوامع.

*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) يقول: دفع بعضهم بعضا في الشهادة, وفي الحقّ, وفيما يكون من قبل هذا. يقول: لولاهم لأهلكت هذه الصوامع وما ذكر معها.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه لولا دفاعه الناس بعضهم ببعض, لهُدم ما ذكر, من دفعه تعالى ذكره بعضهم ببعض, وكفِّه المشركين بالمسلمين عن ذلك; ومنه كفه ببعضهم التظالم, كالسلطان الذي كفّ به رعيته عن التظالم بينهم; ومنه كفُّه لمن أجاز شهادته بينهم ببعضهم عن الذهاب بحق من له قبله حق, ونحو ذلك. وكلّ ذلك دفع منه الناس بعضهم عن بعض, لولا ذلك لتظالموا, فهدم القاهرون صوامع المقهورين وبيَعهم وما سمّى جل ثناؤه. ولم يضع الله تعالى دلالة في عقل على أنه عنى من ذلك بعضا دون بعض, ولا جاء بأن ذلك كذلك خبر يجب التسليم له, فذلك على الظاهر والعموم على ما قد بيَّنته قبل لعموم ظاهر ذلك جميع ما ذكرنا.

وقوله: ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ) اختلف أهل التأويل في المعنيّ بالصوامع, فقال بعضهم: عني بها صوامع الرهبان.

*ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا عبد الوهاب, قال: ثنا داود, عن رفيع في هذه الآية: ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ) قال: صوامع الرهبان.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ) قال: صوامع الرهبان.

- حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ) قال: صوامع الرهبان.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ) قال: صوامع الرهبان.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول: في قوله: ( لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ) وهي صوامع الصغار يبنونها (2) وقال آخرون: بل هي صوامع الصابئين.

*ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة: (صَوَامِعُ) قال: هي للصابئين.

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (لَهُدّمَتْ). فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة: " لَهُدِمَتْ". خفيفة. وقرأته عامة قرّاء أهل الكوفة والبصرة: (لَهُدّمَتْ) بالتشديد بمعنى تكرير الهدم فيها مرّة بعد مرّة. والتشديد في ذلك أعجب القراءتين إليّ. لأن ذلك من أفعال أهل الكفر بذلك.

وأما قوله (وَبِيَعٌ) فإنه يعني بها: بيع النصارى.

وقد اختلف أهل التأويل في ذلك, فقال بعضهم مثل الذي قلنا في ذلك.

*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن المثنى, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا داود, عن رفيع: (وَبِيَعٌ) قال: بيع النصارى.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قَتادة: (وَبِيَعٌ) للنصارى.

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة, مثله.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول: البِيَع: بيع النصارى.

وقال آخرون: عني بالبيع في هذا الموضع: كنائس اليهود.

*ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث. قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: (وَبِيَعٌ) قال: وكنائس.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (وَبِيَعٌ) قال: البيع للكنائس.

قوله: (وَصَلَوَاتٌ) اختلف أهل التأويل في معناه, فقال بعضهم: عني بالصلوات الكنائس.

*ذكر من قال ذلك:- حدثنا محمد سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله: (وَصَلَوَاتٌ) قال: يعني بالصلوات الكنائس.

حُدثت عن الحسن, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَصَلَوَاتٌ) كنائس اليهود, ويسمون الكنيسة صلوتا.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة: (وَصَلَوَاتٌ) كنائس اليهود.

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.

وقال آخرون: عنى بالصلوات مساجد الصابئين.

*ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا داود, قال: سألت أبا العالية عن الصلوات. قال: هي مساجد الصابئين.

قال: ثنا عبد الوهاب, قال: ثنا داود, عن رفيع, نحوه.

وقال آخرون: هي مساجد للمسلمين ولأهل الكتاب بالطرق.

*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَصَلَوَاتٌ ) قال: مساجد لأهل الكتاب ولأهل الإسلام بالطرق.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, نحوه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (وَصَلَوَاتٌ) قال: الصلوات صلوات أهل الإسلام, تنقطع إذا دخل العدو عليهم, انقطعت العبادة, والمساجد تهدم, كما صنع بختنصر.

وقوله: ( وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ) اختلف في المساجد التي أريدت بهذا القول, فقال بعضهم: أريد بذلك مساجد المسلمين.

*ذكر من قال ذلك:- حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الوهاب, قال: ثنا داود, عن رفيع, قوله: (وَمَساجِدُ) قال: مساجد المسلمين.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, قال: ثنا معمر, عن قتادة: ( وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ) قال: المساجد: مساجد المسلمين يذكر فيها اسم الله كثيرا.

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن معمر, عن قَتاده, نحوه.

وقال آخرون: عني بقوله: (وَمَساجِدُ) الصوامع والبيع والصلوات.

* ذكر من قال ذلك:- حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: (وَمَساجِدُ) يقول في كل هذا يذكر اسم الله كثيرا, ولم يخصّ المساجد.

وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: الصلوات لا تهدم, ولكن حمله على فعل آخر, كأنه قال: وتركت صلوات. وقال بعضهم: إنما يعني: مواضع الصلوات. وقال بعضهم: إنما هي صلوات, وهي كنائس اليهود, تدعى بالعِبرانية: صلوتا.

وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: لهدِّمت صوامع الرهبان وبِيَع النصارى, وصلوات اليهود, وهي كنائسهم, ومساجد المسلمين التي يذكر فيها اسم الله كثيرا.

وإنما قلنا هذا القول أولى بتأويل ذلك; لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب المستفيض فيهم, وما خالفه من القول وإن كان له وجه فغير مستعمل فيما وجهه إليه من وجهه إليه.

وقوله: ( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ) يقول تعالى ذكره: وليعيننّ الله من يقاتل في سبيله, لتكون كلمته العليا على عدوّه; فنصْر الله عبده: معونته إياه, ونصر العبد ربه: جهاده في سبيله, لتكون كلمته العليا.

وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) يقول تعالى ذكره: إن الله لقويّ على نصر من جاهد في سبيله من أهل ولايته وطاعته, عزيز في مُلكه, يقول: منيع في سلطانه, لا يقهره قاهر, ولا يغلبه غالب.

------------------------

الهوامش:

(2) لعله وهي الصوامع الصغار : أي المعابد الصغار . . الخ .

التدبر :

وقفة
[40] ﴿فاخرج إني﴾ [القصص: 20]، ﴿الذين أخرجوا من ديارهم﴾، ﴿وقد أخرجنا من ديارنا﴾ [البقرة: 246]، هكذا حال عباد الله وقد واساهم ربهم ﴿إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون﴾ [العنكبوت: 56].
وقفة
[40] ﴿الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق﴾ الغربة نوع من الابتلاء، إما تكفر به السيئات أو ترفع به الدرجات.
وقفة
[40] ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّـهُ﴾ وهذا يدل على حكمة الجهاد، وأن المقصود منه إقامة دين الله، وذبُّ الكفار المؤذين للمؤمنين.
وقفة
[40] ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ﴾ ذكر الله عز وجل الناس، ولم يذكر المؤمنين والكافرين، فلفظ الناس يشمل العموم، وقد يكون من الدفع، أن يتدافع الكفار فيما بينهم ، ويقي الله المؤمنين شرهم.
وقفة
[40] ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَت صَوَامِعُ وبِيع﴾ فإِن قلتَ: أيُّ مِنَّةٍ على المؤمنين في حفظ (الصَّوامعِ) و(البِيَعِ) و(الصَّلَوَاتِ) أي الكنائس عن الهدم، حتَّى امتنَّ عليهم بذلك؟! قلتُ: المِنَّةُ عليهم فيها أن الصَّوامع، والبِيَعَ، في حرسهِم وحفظهم، لأن أهلهما محترمون، أو المرادُ لهدِّمت صوامع وبِيعٌ في زمن عيسى عليه السلام، وكنائس في زمن موسى عليه السلام، ومساجدُ في زمن أمن النبي صلى الله عليه وسلم، فالامتنانُ على أهل الأديانِ الثلاثة، لا على المؤمنين خاصَّة.
وقفة
[40] ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ﴾ إثبات مشروعية الجهاد؛ للحفاظ على مواطن العبادة.
وقفة
[40] ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ﴾ إذا وصل الإفساد لـ (دور العبادة) حلت (سنة المدافعة).
وقفة
[40] ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ﴾ لتعلم أن غاية الجهاد حماية الإنسان من الطغيان.
وقفة
[40] ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ﴾ دل ذلك على أن البلدان التي حصلت فيها الطمأنينة بعبادة الله، وعمرت مساجدها، وأقيمت فيها شعائر الدين كلها من فضائل المجاهدين، وببركتهم دفع الله عنها الكافرين.
وقفة
[40] ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا﴾ الآية تقوية للإذن في القتال، وإظهار للمصلحة التي فيه؛ كأنه يقول: لولا القتال والجهاد لاستولى الكفار على المسلمين وذهب الدين.
وقفة
[40] ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا﴾ ومعاني هذه الأسماء هي في الأمم التي لها كتاب على قديم الدهر، ولم يذكر في هذه المجوس، ولا أهل الإشراك؛ لأن هؤلاء ليس لهم ما تجب حمايته، ولا يوجد ذكر الله إلا عند أهل الشرائع.
وقفة
[40] ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا﴾ قال القرطبي: «ولولا ما شرعه الله تعالى للأنبياء والمؤمنين من قتال الأعداء لاستولى أهل الشرك، وعطلوا ما بناه أهل الديانات من مواضع العبادات، ولكنه دفع بأن أوجب القتال ليتفرغ أهل الدين للعبادة، فالجهاد أمر متقدم في الأمم، وبه صلحت الشرائع، واجتمعت المتعبدات، ولولا الجهاد والقتال لتغلب أهل الباطل على أهل الحق في كل أمة».
وقفة
[40] كل (صلاة) في القرآن الكريم فهي: عبادة ورحمة، إلا ﴿وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ﴾‏ فهي: الأماكن .
وقفة
[40] ﴿لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ﴾ الصلوات يراد بها: كنائس اليهود؛ وليس الصلوات المعروفة.
لمسة
[40] ما الفرق الدلالي بين (الخراب) و(الهدم) و(الدمار) و(الهلاك) واستخدامها في القرآن؟ الخراب ضد العمران: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ﴾ [الحشر: 2]، وقد يكون الخراب بمعنى ترك المكان: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا﴾ [البقرة: 114]، يعني لا يجعل فيها مصلِّين، يمنع المصلين بصورة من الصور إذا كان متسلطًا ظالمًا. الهلاك هو الموت، وهو عام يستعمل في الإنسان وغير الإنسان، في الأموال وفي كل شيء، ليس بالضرورة عقوبة: ﴿إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ﴾ [النساء: 176]، يعني مات، ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ﴾ [الحاقة: 29]، ﴿يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا﴾ [البلد: 6]، ﴿وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾ [الأعراف: 4]. الدمار عقوبة، وهو إيصال الهلاك للإنسان وغير الإنسان: ﴿أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [النمل: 51]، ﴿وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ﴾ الأعراف: ١٣٧]. الهدم هو ضد البناء، شيء مبني تهدمه لأي سبب: ﴿لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ﴾، لو أردت أن تجدد البيت القديم تهدمه ثم تبنيه.
وقفة
[40] ﴿ولينصرن الله من ينصره﴾ إذا تأخر النصر فليتفقَّد المسلمون الشرط، فنصر الله مشروط بنصره، من أقام حق الله أقام الله حقه.
وقفة
[40] ﴿ولينصرن الله من ينصره﴾ كل قضية حق نصرتها لله فقد أقسم الله أن ينصرك فيها، ولو خذلك العالم كله!
وقفة
[40] ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ حقيقية واضحة لا تحتاج إلى مزيد بيان، فانظر هل أنت منهم؟ والنصر ليس في الدنيا فقط، فالآخرة متصلة بالدنيا.
وقفة
[40] ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ كل من أطاع الله يكون قد ساهَمَ في نشْر الحق، ونَصْر دين الله ﷻ، وكثّر سواد المسلمين.
تفاعل
[40] ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ يا رب انصرنا على أنفسنا؛ حتى ننتصر لك فـنستحق أن تنصرنا على أعدائنا.
وقفة
[40] ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ أي: من ينصر دينه وأولياءه، وهو وعد تضمن الحض على القتال.
عمل
[40] ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ اجتهد من الآن في نصرة دين الله، واستبشر بنصر الله لك.
وقفة
[40] من انتصر لله نصره وأعزه ولو بعد حين، ومن انتصر لنفسه أو ملكه؛ هزمه الله وأذله ولو بعد سنين ﴿ولينصرن الله من ينصره﴾.
وقفة
[40] إذا استبطأت أنفس المؤمنين النصر؛ فليتفقدوا نياتهم وإخلاصهم، هل أرادوا نصر دينه؟ وهل اﻹرادة خالصة لوجهه؟ لأن الله وعد فقال: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ﴾.
وقفة
[40] وعد من الله سبحانه أن نصره يتنزل على من نصر دينه ورفع شرعه ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ﴾.
وقفة
[40] هدية ووعد للحجاج ولغيرهم من سورة الحج: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ﴾، كيف لو استحضرها الحاج وغيره هذه الأيام في دعواتهم؟!
وقفة
[40] ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ﴾ أقسم الله عز وجل على نصرة من نصر دينه، وفي هذا حث على نصرة هذا الدين، والذود عنه، والدفع عن حياضه.
لمسة
[40] ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ يقول محمد الأمين الشنقيطي: «ومثالهم مثال العامل الذي عاقده رجل ليعمل له، فامتنع من أن يعمل، ثم لما جاء الوقت جاء لصاحب العمل، وقال: أعطني أجرتي، قال: كيف تطلب مني أجرتك وأنت لم تعمل شيئًا؟ أنت رجل مجنون! فهؤلاء مثل هذا يعصون الله ويناصبونه بالعداء، ويغيرون معالم دينه، ويتحاكمون إلى الطاغوت، ثم يقولون: نحن مؤمنون ينصرنا الله! هذا جنون وهوس وقلب للحقائق».
وقفة
[40] ﴿ولينصرنَّ الله من ينصره﴾ معادلة سهلة صعبة، والذي أقسم ووعد بها هو القادر سبحانه ﴿إن الله لقوي عزيز﴾.
وقفة
[40] من ظن أن الله لا ينصر من ينصره فقد كذّب الله بوعده، ولكن الله يطيل طريق النصر بالصبر ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
وقفة
[40] إثبات صفتي القوة والعزة لله ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بدل من «الذين» الأولى الواردة في الآية الكريمة السابقة.
  • ﴿ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ:
  • الجملة: صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.أخرجوا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. من ديار: جارومجرور متعلق بأخرجوا و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بِغَيْرِ حَقٍّ:
  • جار ومجرور متعلق بحال من فاعل «أخرج» وهم المشركون. بمعنى: الذين أخرجهم المشركون غير محقين. حق: مضاف اليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ إِلاّ أَنْ يَقُولُوا:
  • إلاّ: أداة استثناء. أن: حرف مصدرية ونصب. يقولوا:فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مستثنى بإلّا استثناء منقطعا وجملة «يقولوا» صلة «أن» المصدرية لا محل لها. ويجوز أن يكون المصدر المؤول في محل جر بحرف جر مقدر بمعنى:الاّ بأن يقولوا: ربنا الله. أي بغير موجب سوى التوحيد وتكون «إلاّ» أداة استثناء لا عمل لها. ويكون المصدر وما بعده بدلا من «حق».
  • ﴿ رَبُّنَا اللهُ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة. و «نا» ضمير المتكلمين في محل جر بالاضافة. الله لفظ‍ الجلالة: خبر المبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. بمعنى: ربنا الله لا شريك له. والجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ:
  • الواو استئنافية. لولا: حرف شرط‍ غير جازم. دفع:مبتدأ مرفوع بالضمة وخبره محذوف وجوبا وهو مصدر عامل مضاف للفاعل. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ:
  • الناس مفعول به للمصدر «دفع» منصوب بالفتحة. بعض: بدل من الناس منصوب بالفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. ببعض: جار ومجرور متعلق بدفع بمعنى: ولولا أن يدفع الله الناس أي بعض الناس ببعض ويسلط‍ المؤمنين على الكافرين.
  • ﴿ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ:
  • اللام: واقعة في جواب «لولا» هدمت: أي خربت:فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. صوامع: نائب فاعل مرفوع بالضمة. وجملة «هدمت صوامع» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها. والصوامع: جمع صومعة وهي بيوت الرهبان و «صوامع» ممنوعة من الصرف «التنوين» لأنها على وزن «مفاعل».
  • ﴿ وَبِيَعٌ وَصَلَااتٌ وَمَساجِدُ:
  • معطوفات بواوات العطف على «صوامع» وتعرب إعرابها. بمعنى لخربت باستيلاء المشركين على أهل الديانات السماوية. و «البيع» جمع «بيعة» وهي الكنائس. و «صلوات» جمع «صلاة» وهي معابد اليهود. والمساجد: أماكن عبادة المسلمين.
  • ﴿ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع صفة-نعت- لمساجد. أو يجوز أن تكون صفة لمساجد وما قبلها. يذكر: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. فيها: جار ومجرور متعلق بيذكر. اسم:نائب فاعل مرفوع بالضمة. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة. كثيرا صفة-نعت-للمصدر-المفعول المطلق-المقدر بمعنى:ذكرا كثيرا. منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ:
  • الواو: استئنافية. اللام لام التوكيد-لام الابتداء- ينصرن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة.والنون لا عمل لها. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.والأصح أن تكون اللام واقعة في جواب قسم مقدر بمعنى: وقد آلى الله لينصرن.
  • ﴿ مَنْ يَنْصُرُهُ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.ينصره: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «من» والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به وجملة «ينصره» صلة الموصول لا محل لها. بمعنى: من ينصر دين الله.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «إنّ» منصوب للتعظيم بالفتحة. اللام: لام الابتداء -المزحلقة-.قويّ: خبر «إنّ» مرفوع بالضمة بمعنى: قوي على نصر من ينصر دينه. عزيز: صفة-نعت-لقوي. أو خبر ثان لأنّ مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

الحج: 40﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
الحج: 74﴿مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
الحديد: 25﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
المجادلة: 21﴿كَتَبَ اللَّـهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّـهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أنَّ المؤمنينَ إنما أُذِن لهم في القتالِ لأجْلِ أنَّهم ظُلِموا؛ بَيَّنَ هنا هذا الظلم، وهو: 1- أنَّهم أخرجوهم من ديارِهم بغير حق. 2- أنَّهم أخرجوهم بسبَبِ أنَّهم قالوا: ﴿رَبُّنَا اللَّهُ﴾، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ولولا دفع:
1- وهى قراءة الكوفيين، وابن عامر، وقرآ «يدافع» الآية: 38.
وقرئ:
2- ولولا دفاع، وهى قراءة الحسن، وأبى جعفر، وقرآ «يدافع» الآية: 38.
لهدمت:
وقرئ:
1- مخففا، وهى قراءة الحرميين، وأيوب، وقتادة، وطلحة، وزائدة عن الأعمش، والزعفراني.
2- مشددا، وهى قراءة باقى السبعة.
وصلوات:
1- جمع صلاة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضم الصاد واللام، وهى قراءة جعفر بن محمد.
3- بسكون اللام وكسر الصاد، وحكيت عن خالويه.
4- بضم الصاد وفتح اللام، وحكيت عن الجحدري.
5- بفتح الصاد وسكون اللام، وحكيت عن الكلبي، وأبى العالية.
6- صلوت، بضمتين من غير ألف، وحكيت عن الجحدري أيضا.
7- صلوتا، بضمتين من غير ألف، وفتح التاء، وألف بعدها، وحكيت عن مجاهد.
8- صلوت، بضمتين من غير ألف، وبثاء منقوطة بثلاث، وحكيت عن الضحاك.
9- صلوثا، بضمتين من غير ألف، وبثاء منقوطة بثلاث، وألف، وحكيت عن أبى رجاء، والجحدري، وأبى العالية.
10- صلويثا، بكسر الصاد وإسكان اللام وواو مكسورة بعدها ياء بعدها ثاء، منقوطة بثلاث، بعدها ألف، وهى قراءة عكرمة.
11- صلواث، بضم الصاد وسكون اللام وواو مفتوحة بعدها ألف، بعدها ثاء مثلثة النقط، وهى قراءة الجحدري أيضا.
12- صلواث على القراءة السابقة، ولكن بكسر الصاد، وهى قراءة مجاهد.
13- صلوب، بالباء الموحدة، على وزن «كعوب» ، حكاها خالويه، وابن عطية، عن الحجاج، والجحدري.
14- صلوات، كقراءة الجمهور، ولكن من غير تنوين التاء، على أنه اسم موضع، رويت عن هارون، عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [41] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ..

التفسير :

[41] الذين وعدناهم بنصرنا هم الذين إنْ مكَّنَّاهم في الأرض، واستخلفناهم فيها بإظهارهم على عدوهم، أقاموا الصلاة بأدائها في أوقاتها بحدودها، وأخرجوا زكاة أموالهم إلى أهلها، وأمروا بكل ما أمر الله به مِن حقوقه وحقوق عباده، ونَهَوْا عن كل ما نهى الله عنه ورسو

ثم ذكر علامة من ينصره، وبها يعرف، أن من ادعى أنه ينصر الله وينصر دينه، ولم يتصف بهذا الوصف، فهو كاذب فقال:{ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} أي:ملكناهم إياها، وجعلناهم المتسلطين عليها، من غير منازع ينازعهم، ولا معارض،{ أَقَامُوا الصَّلَاةَ} في أوقاتها، وحدودها، وأركانها، وشروطها، في الجمعة والجماعات.

{ وَآتُوا الزَّكَاةَ} التي عليهم خصوصا، وعلى رعيتهم عموما، آتوها أهلها، الذين هم أهلها،{ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ} وهذا يشمل كل معروف حسنه شرعا وعقلا، من حقوق الله، وحقوق الآدميين،{ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} كل منكر شرعا وعقلا، معروف قبحه، والأمر بالشيء والنهي عنه يدخل فيه ما لا يتم إلا به، فإذا كان المعروف والمنكر يتوقف على تعلم وتعليم، أجبروا الناس على التعلم والتعليم، وإذا كان يتوقف على تأديب مقدر شرعا، أو غير مقدر، كأنواع التعزير، قاموا بذلك، وإذا كان يتوقف على جعل أناس متصدين له، لزم ذلك، ونحو ذلك مما لا يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا به.

{ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} أي:جميع الأمور، ترجع إلى الله، وقد أخبر أن العاقبة للتقوى، فمن سلطه الله على العباد من الملوك، وقام بأمر الله، كانت له العاقبة الحميدة، والحالة الرشيدة، ومن تسلط عليهم بالجبروت، وأقام فيهم هوى نفسه، فإنه وإن حصل له ملك موقت، فإن عاقبته غير حميدة، فولايته مشئومة، وعاقبته مذمومة.

ثم وصف- سبحانه- هؤلاء المؤمنين الذين وعدهم بنصره بأكرم الصفات ليميزهم عن غيرهم فقال: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ، وَآتَوُا الزَّكاةَ، وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ.

أى: ولينصرن الله- تعالى- هؤلاء المؤمنين الصادقين الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، والذين من صفاتهم أنهم إذا ما مكنا لهم في الأرض، ونصرناهم على أعدائهم، شكروا لنا ما أكرمناهم به، فأقاموا الصلاة في مواقيتها بخشوع وإخلاص، وقدموا زكاة أموالهم للمحتاجين، وأمروا غيرهم بالمعروف ونهوه عن المنكر، ولله- تعالى- وحده عاقبة الأمور ومردها ومرجعها في الآخرة، فيجازى كل إنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب.

فالآية الكريمة تبين أن أولى الناس بنصر الله، هم هؤلاء المؤمنون الصادقون، الذين أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ...

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ .

وقوله- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ.. .

وبعد أن أذن الله- تعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم وللمؤمنين في القتال، وبشرهم بالنصر.. أتبع ذلك بتسليته صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من حزن بسبب تكذيب المشركين له ووبخ- سبحانه- أولئك المشركين على عدم اعتبارهم بمن سبقهم فقال- تعالى-:

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب وهشام ، عن محمد قال : قال عثمان بن عفان : فينا نزلت : ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) ، فأخرجنا من ديارنا بغير حق ، إلا أن قلنا : " ربنا الله " ، ثم مكنا في الأرض ، فأقمنا الصلاة ، وآتينا الزكاة ، وأمرنا بالمعروف ، ونهينا عن المنكر ، ولله عاقبة الأمور ، فهي لي ولأصحابي .

وقال أبو العالية : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

وقال الصباح بن سوادة الكندي : سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب وهو يقول : ( الذين إن مكناهم في الأرض ) الآية ، ثم قال : إلا أنها ليست على الوالي وحده ، ولكنها على الوالي والمولى عليه ، ألا أنبئكم بما لكم على الوالي من ذلكم ، وبما للوالي عليكم منه؟ إن لكم على الوالي من ذلكم أن يؤاخذكم بحقوق الله عليكم ، وأن يأخذ لبعضكم من بعض ، وأن يهديكم للتي هي أقوم ما استطاع ، وإن عليكم من ذلك الطاعة غير المبزوزة ولا المستكرهة ، ولا المخالف سرها علانيتها .

وقال عطية العوفي : هذه الآية كقوله : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض [ كما استخلف الذين من قبلهم ] ) [ النور : 55 ] .

وقوله : ( ولله عاقبة الأمور ) ، كقوله تعالى ( والعاقبة للمتقين ) [ القصص : 83 ] .

وقال زيد بن أسلم : ( ولله عاقبة الأمور ) : وعند الله ثواب ما صنعوا .

يقول تعالى ذكره: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا, الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة. والذين ههنا ردّ على الذين يقاتلون.

ويعني بقوله: ( إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ ) إن وطنا لهم في البلاد, فقهروا المشركين وغلبوهم عليها, وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول: إن نصرناهم على أعدائهم وقهروا مشركي مكة, أطاعوا الله, فأقاموا الصلاة بحدودها، وآتوا الزكاة: يقول: وأعطوا زكاة أموالهم من جعلها الله له ( وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ ) يقول: ودعوا الناس إلى توحيد الله والعمل بطاعته وما يعرفه أهل الإيمان بالله ( وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ) يقول: ونهوا عن الشرك بالله، والعمل بمعاصيه، الذي ينكره أهل الحقّ والإيمان بالله ( وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ ) يقول: ولله آخر أمور الخلق، يعني: أن إليه مصيرها في الثواب عليها، والعقاب في الدار الآخرة.

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك: حدثني الحارث, قال: ثنا الحسين الأشيب, قال: ثنا أبو جعفر عيسى بن ماهان, الذي يقال له الرازي, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, في قوله: ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ) قال: كان أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلى الإخلاص لله وحده لا شريك له; ونهيهم عن المنكر أنهم نهوا عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان. قال: فمن دعا إلى الله من الناس كلهم فقد أمر بالمعروف, ومن نهى عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان فقد نهى عن المنكر.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[41] تحقيق التمكين بعد النصر أصعب من النصر، وتحقيقه بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والمحافظة عليه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقفة
[41] أول مراحل سقوط الدول وزوال التمكين لها: التهاون في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعطيلها، فأين العقلاء الذين يفقهون حقائق القرآن؟!
وقفة
[41] ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ أقاموا شرع الله بمجرد التمكين والقدرة وليس بموافقة أهواء الأغلبية.
وقفة
[41] ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ ﴾ وعدهم بالاستخلاف لصحة نواياهم بإقامة شرع الله لا بتخيير الناس في تطبيق شرعه.
وقفة
[41] ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ قال الحسن البصري: «مُروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، وإلا كنتم موعظةً لغيركم».
وقفة
[41] ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ إقامة الدين سبب لنصر الله لعبيده المؤمنين.
عمل
[41] حافظ على إقامة الصلاة, وحث من حولك عليها ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾.
وقفة
[41] ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ﴾ لم يبحثوا عن مصالحِهم الشخصيةِ أبدًا، فمَكَّن لهم.
وقفة
[41] ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ﴾ ما قيمة الأرض بما فيها من جبال وأودية وبحار وصحاري بلا جباه مؤمنة تسجد لله رب العالمين!
وقفة
[41] ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ﴾ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون بقاء الأمن ويرتفع شأن الإسلام.
وقفة
[41] ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ﴾ تميز أهداف المؤمنين عن غيرهم من الدنيويين طلبوا التمكين لا لمصالحهم الشخصية أو تطلعاتهم الدنيوية، لكن للقيام بواجبات دينهم .
وقفة
[41] أركان التمكين: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ﴾.
وقفة
[41] مهام جيل التمكين: ﴿الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاةوأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر﴾، جعلنا الله منهم.
وقفة
[41] ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ فمن قام بهذه الأمور نصره الله على عدوه.
عمل
[41] ﴿وَنَهَوْا عَنِ ٱلْمُنكَرِ﴾ أنكِرَ بحكمَةٍ ما تراه من منكَراتٍ بين زملائِك وفي حيِّك.
وقفة
[41] ﴿ولن يخلف الله وعده﴾ تعرف على ما وعد الله به، وقابل هذه الوعود بالتصديق الجازم ليزداد إيمانك وتقوى ثقتك بربك ويطمئن قلبك.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب بدل من اسم الموصول «من ينصره» في الآية السابقة. أو في محل جر بدل من الَّذِينَ أُخْرِجُوا» ..أو الذين يقاتلون في الآيتين التاسعة والثلاثين والأربعين.
  • ﴿ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ:
  • إن: حرف شرط‍ جازم. مكن: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.في الأرض: جار ومجرور متعلق بمكنا بمعنى ان غلبناهم على أعدائهم من الكافرين.
  • ﴿ أَقامُوا الصَّلاةَ:
  • لجملة: جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الإعراب. بمعنى: ان غلبناهم في الأرض لم يتجبروا بل أقاموا الصلاة ... أقاموا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الصلاة: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَآتَوُا الزَّكاةَ:
  • معطوفة بالواو على أَقامُوا الصَّلاةَ» وتعرب إعرابها. علامة بناء الفعل «آتوا» الفتحة المقدرة للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة.
  • ﴿ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ:
  • معطوفة بالواو على أَقامُوا الصَّلاةَ» وتعرب إعرابها.بالمعروف: جار ومجرور متعلق بأمروا.
  • ﴿ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ:
  • معطوفة بالواو على أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ» و «نهوا» تعرب إعراب «آتوا» وكسرت نون «عن» لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ وَلِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ:
  • الواو استئنافية. لله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر مقدم. عاقبة: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الأمور: مضاف اليه مجرور بالكسرة. بمعنى: مرجعها الى حكمه وتقديره وحده سبحانه.'

المتشابهات :

البقرة: 277﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ
التوبة: 5﴿فَإِن تَابُواْ وَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ
التوبة: 11﴿فَإِن تَابُواْ وَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ
الحج: 41﴿ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     وبعد أن بَشَّرَ اللهُ المؤمنين بالنَّصرِ والتمكين؛ بَيَّنَ هنا ما يترتب على النصر والتمكين من نتائج طيبة، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [42] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ ..

التفسير :

[42] وإن يكذبك قومك -أيها الرسول- فقد سبقهم في تكذيب رسلهم قوم نوح، وعاد، وثمود،

تفسير الآيات من 42 و44:ـ

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:وإن يكذبك هؤلاء المشركون فلست بأول رسول كذب، وليسوا بأول أمة كذبت رسولها{ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ* وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ* وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ} أي:قوم شعيب.{ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ} المكذبين، فلم أعاجلهم بالعقوبة، بل أمهلتهم، حتى استمروا في طغيانهم يعمهون، وفي كفرهم وشرهم يزدادون،{ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ} بالعذاب أخذ عزيز مقتدر{ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي:إنكاري عليهم كفرهم، وتكذيبهم كيف حاله، كان أشد العقوبات، وأفظع المثلات، فمنهم من أغرقه، ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من أهلك بالريح العقيم، ومنهم من خسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه عذاب يوم الظلة، فليعتبر بهم هؤلاء المكذبون، أن يصيبهم ما أصابهم، فإنهم ليسوا خيرا منهم، ولا كتب لهم براءة في الكتب المنزلة من الله، وكم من المعذبين المهلكين أمثال هؤلاء كثير

والمعنى: لا تحزن- أيها الرسول الكريم- لأن هؤلاء المشركين قد كذبوك فيما جئتهم به من عند ربك، وأعرضوا عنه، فإن قوم نوح، وقوم هود. وقوم صالح، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وقوم شعيب، وقوم موسى، قد كذبوا هؤلاء الأنبياء الكرام، وما يقال لك من هؤلاء المشركين، قد قيل للرسل من قبلك.

قال- تعالى-: كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ .

واستغنى في عاد وثمود عن ذكر القوم، لاشتهارهم بهذا الاسم الذي يدل دلالة واضحة على هؤلاء الظالمين.

يقول تعالى مسليا لنبيه محمد في تكذيب من خالفه من قومه " وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح- إلى أن قال - وكذب موسى " أي مع ما جاء به من الآيات البينات والدلائل الواضحات.

يقول تعالى ذكره مسليا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم عما يناله من أذى المشركين بالله, وحاضا له على الصبر على ما يلحقه منهم من السبّ والتكذيب: وإن يكذّبك يا محمد هؤلاء المشركون بالله على ما آتيتَهم به من الحق والبرهان, وما تعدهم من العذاب على كفرهم بالله, فذلك سنة إخوانهم من الأمم الخالية المكذّبة رسل الله المشركة بالله ومنهاجهم من قبلهم, فلا يصدنك ذلك, فإن العذاب المهين من ورائهم ونصري إياك وأتباعك عليهم آتيهم من وراء ذلك, كما أتى عذابي على أسلافهم من الأمم الذين من قبلهم بعد الإمهال إلى بلوغ الآجال. فقد كذبت قبلهم يعني مشركي قريش; قوم نوح, وقوم عاد وثمود.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[42] إذا قرأت القرآن فوجدت أن نوحًا وهودًا وصالحًا وإبراهيم ولوطًا وغيرهم من الأنبياء كانوا على نفس الطريق الذي تسير عليه الآن؛ ستشعر بزهوٍ وفخر وعَظمة.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ:
  • الواو: استئنافية. إن: حرف شرط‍ جازم. يكذبوك:فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير المخاطب في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فَقَدْ كَذَّبَتْ:
  • الجملة: جواب شرط‍ جازم مسبوقة بقد مقترنة بالفاء في محل جزم. الفاء: واقعة في جواب الشرط‍.قد: حرف تحقيق. كذبت:فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها.
  • ﴿ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ:
  • قبل: ظرف زمان منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بكذبت. وهو مضاف. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. قوم: فاعل «كذبت» مرفوع بالضمة. وقد أنث فعله لأن «القوم» جمع لا واحد من لفظه يذكر ويؤنث لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها اذا كانت للآدميين تذكر وتؤنث. نوح: مضاف اليه مجرور بالكسرة وهو اسم أعجمي انصرف لخفته ولأنه ثلاثي أوسطه ساكن.
  • ﴿ وَعادٌ وَثَمُودُ:
  • معطوفان بواوي العطف على قَوْمُ نُوحٍ» مرفوعان بالضمة. ولم تنون «ثمود» لأنها اسم القبيلة بمعنى: وان يكذبوك يا محمد فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود ولست وحيدا في التكذيب. ومفعول «كذبت» محذوف لأنه مفهوم من السياق. أي كذبت هذه الأقوام رسلهم.'

المتشابهات :

آل عمران: 184﴿ فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ
الأنعام: 147﴿ فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ
يونس: 41﴿ وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ أن المشركين أَخرَجُوا المؤمنينَ من ديارِهم بغيرِ حقٍّ؛ أتبع ذلك تسلية النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان قبلَه أنبياءُ كُذِّبُوا، ومن أمثلة الأمم التي كذبت رسلها: 1- قوم نوح. 2- قوم هود. 3- قوم صالح، قال تعالى:
﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ

التفسير :

[43] وقوم إبراهيم، وقوم لوط،

تفسير الآيات من 42 و44:ـ

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:وإن يكذبك هؤلاء المشركون فلست بأول رسول كذب، وليسوا بأول أمة كذبت رسولها{ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ* وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ* وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ} أي:قوم شعيب.{ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ} المكذبين، فلم أعاجلهم بالعقوبة، بل أمهلتهم، حتى استمروا في طغيانهم يعمهون، وفي كفرهم وشرهم يزدادون،{ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ} بالعذاب أخذ عزيز مقتدر{ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي:إنكاري عليهم كفرهم، وتكذيبهم كيف حاله، كان أشد العقوبات، وأفظع المثلات، فمنهم من أغرقه، ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من أهلك بالريح العقيم، ومنهم من خسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه عذاب يوم الظلة، فليعتبر بهم هؤلاء المكذبون، أن يصيبهم ما أصابهم، فإنهم ليسوا خيرا منهم، ولا كتب لهم براءة في الكتب المنزلة من الله، وكم من المعذبين المهلكين أمثال هؤلاء كثير

وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ

يقول تعالى مسليا لنبيه محمد في تكذيب من خالفه من قومه " وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح- إلى أن قال - وكذب موسى " أي مع ما جاء به من الآيات البينات والدلائل الواضحات.

وقوم إبراهيم, وقوم لوط.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[43] إن كَذب أحدٌ حقَّك؛ فتذكر تكذيب من هم مثلك أو خير منك لتثبت.

الإعراب :

  • ﴿ وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ
  • هذه الآية الكريمة معطوفة بواوي العطف على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. وابراهيم اسم مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والعلمية.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     4- قوم إبراهيم. 5- قوم لوط، قال تعالى:
﴿ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [44] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ ..

التفسير :

[44] وأصحاب «مدين» الذين كذبوا شعيباً، وكذَّب فرعونُ وقومُه موسى، فلم أعاجل هذه الأمم بالعقوبة، بل أمهلتها، ثم أخذتُ كُلّاً منهم بالعذاب، فكيف كان إنكاري عليهم كفرهم وتكذيبهم، وكيف كان تبديلُ ما كان بهم مِن نعمة بالعذاب والهلاك؟

تفسير الآيات من 42 و44:ـ

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:وإن يكذبك هؤلاء المشركون فلست بأول رسول كذب، وليسوا بأول أمة كذبت رسولها{ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ* وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ* وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ} أي:قوم شعيب.{ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ} المكذبين، فلم أعاجلهم بالعقوبة، بل أمهلتهم، حتى استمروا في طغيانهم يعمهون، وفي كفرهم وشرهم يزدادون،{ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ} بالعذاب أخذ عزيز مقتدر{ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي:إنكاري عليهم كفرهم، وتكذيبهم كيف حاله، كان أشد العقوبات، وأفظع المثلات، فمنهم من أغرقه، ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من أهلك بالريح العقيم، ومنهم من خسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه عذاب يوم الظلة، فليعتبر بهم هؤلاء المكذبون، أن يصيبهم ما أصابهم، فإنهم ليسوا خيرا منهم، ولا كتب لهم براءة في الكتب المنزلة من الله، وكم من المعذبين المهلكين أمثال هؤلاء كثير

وقال- سبحانه-: وَأَصْحابُ مَدْيَنَ ولم يقل وقوم شعيب، لأنهم هم الأسبق في التكذيب له- عليه السلام- على أصحاب الأيكة، ولأنهم هم أهله أما أصحاب الأيكة فكانوا غرباء عنه.

وقال- سبحانه-: وَكُذِّبَ مُوسى لأنه لم يكذّب من جميع قومه وهم بنو إسرائيل.

وإنما كان المكذب له هو فرعون وملأه، وللإشارة إلى أن موسى- عليه السلام- قد جاء إلى الناس بآيات واضحات تدل على صدقه، ومع ذلك فقد قوبل بالتكذيب من فرعون وملئه.

ثم بين- سبحانه- ما حل بهؤلاء من عقوبات فقال: فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ.

والإملاء: الإمهال وفي الصحيحين عن أبى موسى الأشعرى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:

«إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» .

والنكير: اسم مصدر بمعنى الإنكار، يقال: أنكرت على فلان فعله، إذا ردعته وزجرته عنه.

أى: هؤلاء الأقوام الذين كذبوا أنبياءهم، لم أعاجلهم بالعقوبة، بل أمهلتهم وأمليت لهم، ثم أخذتهم أخذ عزيز مقتدر، فانظر- أيها العاقل- كيف كان إنكارى عليهم؟ لقد كان إنكارا مخيفا مهلكا فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً. وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا، وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ، وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ .

وقال- سبحانه- فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ بالإظهار دون الإضمار، لزيادة التشنيع عليهم والاستفهام في قوله- تعالى-: فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ للتهويل والتعجيب. أى: لقد كان إنكارا فظيعا حول حياتهم إلى موت، وعمرانهم إلى خراب، وغرورهم إلى ذلة وهوان.. فعلى مشركي قريش أن يعتبروا بذلك ويتعظوا.. وإلا فالعاقبة معروفة لهم.

( فأمليت للكافرين ) أي : أنظرتهم وأخرتهم ، ( ثم أخذتهم فكيف كان نكير ) أي : فكيف كان إنكاري عليهم ، ومعاقبتي لهم؟!

ذكر بعض السلف أنه كان بين قول فرعون لقومه : ( أنا ربكم الأعلى ) [ النازعات : 24 ] ، وبين إهلاك الله له أربعون سنة .

وفي الصحيحين عن أبي موسى ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) [ هود : 102 ] .

وأصحاب مدين, وهم قوم شعيب. يقول: كذب كلّ هؤلاء رسلهم. وكذب موسى، فقيل: وكذب موسى، ولم يقل: وقوم موسى, لأن قوم موسى بنو إسرائيل, وكانت قد استجابت له ولم تكذّبه, وإنما كذّبه فرعون وقومه من القبط.

وقد قيل: إنما قيل ذلك كذلك لأنه ولد فيهم كما ولد في أهل مكة.

وقوله: ( فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ) يقول: فأمهلت لأهل الكفر بالله من هذه الأمم, فلم أعاجلهم بالنقمة والعذاب ( ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ) يقول: ثم أحللت بهم العقاب بعد الإملاء ( فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ )

يقول: فانظر يا محمد كيف كان تغييري ما كان بهم من نعمة وتنكري لهم عما كنت عليه من الإحسان إليهم, ألم أبدلهم بالكثرة قلة وبالحياة موتا وهلاكا وبالعمارة خرابا؟ يقول: فكذلك فعلي بمكذّبيك من قريش, وإن أمليت لهم إلى آجالهم, فإني منجزك وعدي فيهم كما أنجزت غيرك من رسلي وعدي في أممهم, فأهلكناهم وأنجيتهم من بين أظهرهم.

التدبر :

وقفة
[44] ﴿وَكُذِّبَ مُوسَىٰ﴾ هنا اختلف الصياغة ، ولعل السبب أنه اختلف في دعوته عن بقية الأنبياء الذين واجهوا أقوامهم المشركين، فإنه قد واجه فرعون الذي ادعى الألوهية ،فمهمته كانت أصعب من بقية الأنبياء.
وقفة
[44] قوله تعالى: ﴿وَكُذِّبَ مُوسَى فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ إنما لم يقل: " وبنو إسرائيل " في قوم موسى، عطفاً على " قوم نوح "؟! لأن قوم موسى لم يكذِّبوه، بل غيرهم وهم القِبْطُ، أو الإِبهامُ في بناءِ الفعل للمفعول، للتفخيم والتعظيم، أي وكُذِّبَ موسى أيضاً مع وضوح آياته، وعظَم معجزاته، فما ظنُّك بغيره؟
تفاعل
[44] ﴿فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[42-44] هذه الآيات تسلية للنبي ﷺ ومن تبعه إلى يوم الدين، وتذكير بأن ما يجري لهم من صنوف البلاء هو سنة ماضية لا تتخلف، فاصبروا كما صبر هؤلاء، واقتدوا بهم.
اسقاط
[42-44] يا كل داعية صادق: ألا تشعر بالفخر أنك تسير في موكب العظماء من سادة الأنبياء، فيه نوح وإبراهيم وموسى وكثيرون ممن سار في نفس طريقك الذي تسير فيه اليوم، فيا لروعة هذا الشرف والمجد.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَصْحابُ مَدْيَنَ:
  • معطوفة بالواو على قَوْمُ نُوحٍ» وتعرب إعرابها. أي فقد كذبت قوم شعيب. لأن أصحاب مدين بمعنى: أهل مدين وهم قوم شعيب. و «مدين» مضاف اليه مجرور بالفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-للعملية لأنها اسم قبيلة.
  • ﴿ وَكُذِّبَ مُوسى:
  • الواو عاطفة. كذب: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. موسى: نائب فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.بمعنى: وكذبت قوم موسى.
  • ﴿ فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ:
  • الفاء: سببية. أمليت. بمعنى: أمهلت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. للكافرين: جار ومجرور متعلق بأمليت وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض من تنوين المفرد.
  • ﴿ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ:
  • حرف عطف تفيد التراخي لأنها جاءت بعد حذف مقدر.بمعنى فلما لم يرتدع هؤلاء المكذبون ويعودوا للطريق الجاد بعد أن أنذرتهم. أخذت: تعرب إعراب «أمليت» و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ:
  • الفاء: استئنافية. بمعنى التعليل. كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر «كان» مقدم. نكير: اسم «كان» مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة. والياء المحذوفة اختصارا وخطا ضمير متصل في محل جر بالاضافة والكسرة دالة على حذف الياء. بمعنى انكاري عليهم وتغيير حياتهم حيث أبدلهم بالنعمة محنة وبالحياة هلاكا وبالعمارة خرابا. و«كان» فعل ماض ناقص مبني على الفتح.'

المتشابهات :

الرعد: 32﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ
الحج: 44﴿وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     6- قوم شعيب. 7- قوم موسى، قال تعالى:
﴿ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [45] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ..

التفسير :

[45] فكثيراً من القرى الظالمة بكفرها أهلكنا أهلها، فديارهم مهدَّمة خَلَتْ مِن سكانها، وآبارها لا يُستقى منها، وقصورها العالية المزخرفة لم تدفع عن أهلها سوء العذاب.

{ فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ} أي:وكم من قرية{ أَهْلَكْنَاهَا} بالعذاب الشديد، والخزي الدنيوي،{ وَهِيَ ظَالِمَةٌ} بكفرها بالله وتكذيبها لرسله، لم يكن عقوبتنا لها ظلما منا،{ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} أي:فديارهم متهدمة، قصورها، وجدرانها، قد سقطت عروشها، فأصبحت خرابا بعد أن كانت عامرة، وموحشة بعد أن كانت آهلة بأهلها آنسة،{ وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} أي:وكم من بئر، قد كان يزدحم عليه الخلق، لشربهم، وشرب مواشيهم، ففقد أهله، وعدم منه الوارد والصادر، وكم من قصر، تعب عليه أهله، فشيدوه، ورفعوه، وحصنوه، وزخرفوه، فحين جاءهم أمر الله، لم يغن عنهم شيئا، وأصبح خاليا من أهله، قد صاروا عبرة لمن اعتبر، ومثالا لمن فكر ونظر.

وبعد هذا البيان المشتمل على سوء عاقبة هذه الأمم التي كذبت رسلها.. أتبع ذلك- سبحانه- ببيان مصير كثير من الأمم الظالمة فقال: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ، فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ، وَقَصْرٍ مَشِيدٍ.

وكلمة «كأين» مركبة من كاف التشبيه، ومن أى الاستفهامية المنونة، ثم هجر معنى جزأيها وصارت كلمة واحدة بمعنى كم الخبرية المفيدة للتكثير، ويكنى بها عن عدد مبهم فتفتقر إلى تمييز بعدها. ومميزها غالبا ما يجر بمن كما في الآية وفي غيرها. قال- تعالى-: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ... ، وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ .

قال الآلوسى: وقوله: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ منصوب بمضمر يفسره قوله- تعالى-:

أَهْلَكْناها أى: فأهلكنا كثيرا من القرى أهلكناها.. أو مرفوع على الابتداء، وجملة أَهْلَكْناها خبره.

أى: فكثير من القرى أهلكناها.. وقوله: وَهِيَ ظالِمَةٌ جملة حالية من مفعول أهلكنا.. .

ولفظ خاوِيَةٌ بمعنى ساقطة أو خالية. يقال خوى البيت يخوى إذا سقط أو خلا ممن يسكنه.

والعروش: جمع عرش وهو سقف البيت، ويسمى العريش: وكل ما يهيأ ليستظل به فهو عريش.

وبئر معطلة أى: مهجورة لهلاك أهلها، يقال: بأر فلان الأرض إذا حفرها ليستخرج منها الماء.

والمشيد: المجصص بالشّيد وهو الجصّ. يقال: شاد فلان بيته يشيده، إذا طلاه بالشّيد.

والمعنى: وكثير من القوى أهلكناها بسبب ظلمهم وكفرهم، فإذا ما نظرت إليها وجدتها خالية من أهلها، وقد سقطت سقوفها على جدرانها. وكثير من الآبار التي كانت تتفجر بالماء عطلناها وصارت مهجورة، وكثير- أيضا- من القصور المشيدة الفخمة أخليناها من أهلها.

وذلك لأنهم كذبوا رسلنا، وجحدوا نعمنا، فدمرناهم تدميرا. وجعلنا مساكنهم من بعدهم أثرا بعد عين.

فأنت ترى أن هذه الآية الكريمة قد اشتملت على أشد ألوان الوعيد والتهديد لكفار قريش الذين كذبوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأعرضوا عن دعوته.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً .

ثم قال تعالى : ( فكأين من قرية أهلكناها ) أي : كم من قرية أهلكتها ( وهي ظالمة ) ] أي : مكذبة لرسولها ، ( فهي خاوية على عروشها ) قال الضحاك : سقوفها ، أي : قد خربت منازلها وتعطلت حواضرها .

( وبئر معطلة ) أي : لا يستقى منها ، ولا يردها أحد بعد كثرة وارديها والازدحام عليها .

( وقصر مشيد ) قال عكرمة : يعني المبيض بالجص .

وروي عن علي بن أبي طالب ، ومجاهد ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وأبي المليح ، والضحاك ، نحو ذلك .

وقال آخرون : هو المنيف المرتفع .

وقال آخرون : الشديد المنيع الحصين .

وكل هذه الأقوال متقاربة ، ولا منافاة بينها ، فإنه لم يحم أهله شدة بنائه ولا ارتفاعه ، ولا إحكامه ولا حصانته ، عن حلول بأس الله بهم ، كما قال تعالى : ( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) [ النساء : 78 ] .

يقول تعالى ذكره: وكم يا محمد من قرية أهلكت أهلها وهم ظالمون; يقول: وهم يعبدون غير من ينبغي أن يُعبد, ويعصون من لا ينبغي لهم أن يعصوه.وقوله: ( فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ) يقول: فباد أهلها وخلت, وخوت من سكانها, فخربت وتداعت, وتساقطت على عروشها; يعني على بنائها وسقوفها.

كما: حدثنا أبو هشام الرفاعي, قال: ثنا أبو خالد, عن جويبر, عن الضحاك: ( فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ) قال: خواؤها: خرابها, وعروشها: سقوفها.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة: (خاويَةٌ) قال: خربة ليس فيها أحد.

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة. مثله.

وقوله: ( وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ ) يقول تعالى: فكأين من قرية أهلكناها, ومن بئر عطلناها, بإفناء أهلها وهلاك وارديها, فاندفنت وتعطلت, فلا واردة لها ولا شاربة منها(وَ) من ( وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) رفيع بالصخور والجصّ, قد خلا من سكانه, بما أذقنا أهله من عذابنا بسوء فعالهم, فبادوا وبقي قصورهم المشيدة خالية منهم. والبئر والقصر مخفوضان بالعطف على القرية. كان بعض نحويي الكوفة يقول: هما معطوفان على العروش بالعطف عليها خفضا, وإن لم يحسن فيهما, على أن العروش أعالي البيوت، والبئر في الأرض, وكذلك القصر، لأن القرية لم تخو على القصر, ولكنه أتبع بعضه بعضا كما قال: وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ فمعنى الكلام على ما قال هذا الذي ذكرنا قوله في ذلك: فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة, فهي خاوية على عروشها, ولها بئر معطلة وقصر مشيد؛ ولكن لما لم يكن مع البئر رافع ولا عامل فيها, أتبعها في الإعراب العروش، والمعنى ما وصفت.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ ) قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنى حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس: ( وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ ) قال: التي قد تُرِكت.وقال غيره: لا أهل لها.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة: ( وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ ) قال: عطلها أهلها, تركوها.

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ ) قال: لا أهل لها.

واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) فقال بعضهم: معناه: وقصر مجصص.

*ذكر من قال ذلك:- حدثني مطر بن محمد الضبي, قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي, قال: ثنا سفيان, عن هلال بن خباب عن عكرمة, في قوله: ( وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) قال: مجصص.

حدثنا أبو كريب, قال: ثنا يحيى بن يمان, عن سفيان, عن هلال بن خباب, عن عكرمة, مثله.

حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي, قال: ثني غالب بن فائد, قال: ثنا سفيان, عن هلال بن خباب عن عكرمة, مثله.

حدثني الحسين بن محمد العنقزي, قال: ثني أبي, عن أسباط, عن السديّ, عن عكرمة, في قوله: ( وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) قال: مجصص.

حدثني مطر بن محمد, قال: ثنا كثير بن هشام. قال. حدثنا جعفر بن برقان, قال: كنت أمشي مع عكرمة, فرأى حائط آجرّ مصهرج, فوضع يده عليه وقال: هذا المشيد الذي قال الله.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا عباد بن العوامّ, عن هلال بن خباب, عن عكرمة: ( وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) قال: المجصص. قال عكرِمة: والجصّ بالمدينة يسمى الشيد.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) قال: بالقصة أو الفضة.

حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) قال: بالقصة يعني بالجصّ.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.

حدثنا الحسن, أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا ابن جُرَيج, عن عطاء, في قوله: ( وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) قال: مجصص.

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن الثوري, عن هلال بن خباب, عن سعيد بن جبير, في قوله: ( وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) قال: مجصص،هكذا هو في كتابي عن سعيد بن جبير.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وقصر رفيع طويل.

*ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قَتادة: ( وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) قال: كان أهله شيَّدوه وحصَّنوه, فهلكوا وتركوه.

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عُبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: ( وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) يقول: طويل.

وأولى القولين في ذلك بالصواب: قول من قال: عني بالمشيد المجصص, وذلك أن الشيد في كلام العرب هو الجصّ بعينه; ومنه قول الراجز:

كَحَبَّةِ المَاءِ بينَ الطَّيّ والشِّيدِ (3)

فالمشيد: إنما هو مفعول من الشِّيد; ومنه قول امرئ القيس:

وتَيْمـاءَ لَـمْ يَـتْرُكْ بِهـا جِـذْعَ نَخْلَةٍ

وَلا أُطُمـــا إلا مَشــيدًا بِجَــنْدَلِ (4)

يعني بذلك: إلا بالبناء بالشيد والجندل. وقد يجوز أن يكون معنيا بالمشيد: المرفوع بناؤه بالشيد, فيكون الذين قالوا: عني بالمشيد الطويل نحْوا بذلك إلى هذا التأويل; ومنه قول عديّ بن زيد:

شـــادَهُ مَرْمَــرًا وَجَلَّلَــهُ كِــلْ

ســا فللطْــيَر فِــي ذُرَاهُ وُكُـورُ (5)

وقد تأوّله بعض أهل العلم بلغات العرب بمعنى المزين بالشيد من شدته أشيده. إذا زيَّنته به, وذلك شبيه بمعنى من قال: مجصص.

------------------------

الهوامش:

(3) هذا عجز بيت من البسيط ، وليس من الرجز . وقال في اللسان : وحبب الماء بالكسر ، وحببه وحبابه بالفتح : طرائقه والطي : الحجارة تبنى بها جدار البئر . والشيد ، بكسر الشين : كل ما طلي به الحائط من جص أو بلاط ، وبالفتح : المصدر تقول شاده يشيده شيدا : جصصه ، وبناء مشيد : معمول بالشيد .

(4) البيت لامرئ القيس يصف السيل في معلقته المشهورة ( مختار الشعر الجاهلي ، بشرح مصطفى السقا ، طبعة الحلبي ، ص 33 ) قال شارحه : تيماء : مدينة . والأطم : البيت المسطح ، ويروى " ولا أجما " ، وهو بمعنى الأطم . يقول : لم يدع السيل بيتا مبينا بحصى وحجارة إلا هدمه إلا المشيد بجندل فإنه سلم لقوته .

وفي ( اللسان : شيد ) : وبناء مشيد : معمول بالشيد . وكل ما أحكم من البناء فقد شيد ، وتشييد البناء إحكامه ورفعه ، والمشيد : المبني بالشيد وأنشد : " شاده مرمرا . . . البيت " . قال أبو عبيدة : البناء : المشيد ( بالتشديد ) : المطول . والمفهوم من نصوص اللغويين من بيت امرئ القيس ومن بيت عدي بن زيد الآتي بعد هذا ، أن البناء المشيد بالتخفيف : هو المطول الذاهب في السماء ، أو هو المحكم القوي . فيكون للمشيد إذن معنيان : الأول هو المطلي بالجص ونحوه لتزيينه . والثاني هو المبني بالجص ونحوه مع الصخور أو المرمر ...الخ .

(5) البيت لعدي بن زيد العبادي . وقد أنشده في ( اللسان : شيد ) ولم ينسبه وقال المشيد : المبني بالتشيد . أه . يريد أنه أحكم بناؤه وأحكم بالتشيد مع المرمر ، وهو نوع من الرخام صلب . والكلس قال في ( اللسان : كلس ) : مثل الصاروج يبنى به . وقيل الكلس : ما طلي به حائط أو باطن قصر ، شبه الجص من غير آجر ؛ قال عدي بن يزيد العبادي ( وذكر أربعة أبيات منها بيت الشاهد ، وهو آخرها ) ثم قال : والتكليس التمليس ، فإذا طلى ثخينا فهو المقرمد . والشاهد في بيت عدي هذا كما بيناه في بيت امرئ القيس قبله أن قوله " شاده مرمرا " يفهم منه الإحكام والتقوية ورفع البناء ، ولا يفهم منه الطلاء الخارجي بالشيد . وهو ما قاله المؤلف . والذرا بضم الذال : جمع ذروة ، وهي أعلى الشيء . والوكور : جمع وكر وهو عش الطائر ، أي أن صاحب ذلك القصر المعروف بالحضر ، رفع بناءه بالشيد والمرمر ، ثم كلسه وملسه بالجص أو بالكلس ، وإن الطير قد اتخذت وكورها في أعلاه .

التدبر :

وقفة
[45] ﴿فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾ قرى بأكملها يهلكها الجبار سبحانه! فكيف بمعاند تليف رئوي يميته، سرطان يتلفه، جلطة تجعله يخر صريعًا؟!
تفاعل
[45] ﴿فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.
وقفة
[45] إن الله ليملي للظالمين حتى إذا أخذهم لم يفلتهم ﴿فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا﴾.
لمسة
[45] ما الفرق بين (القرية) و(المدينة)، ودلالة ذكر (القرية) مع الهلاك؟ القرية في اللغة تشمل الضيعة إذا كانت صغيرة، وإذا اتسعت تسمى مدينة، القرية لا تناقض المدينة، وكلها في اللغة يمكن أن تسمى قرية، الإشتقاق اللغوي لمدينة من مَدَن يعني أقام بالمكان، ولهذا ربنا لما يذكر الهلاك يذكرها بلفظ قرية: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ﴾ [الحجر: 4، الشعراء: 208] لم يقل مدينة؛ لأنها لم تعد دار إقامة، قرية تطلق حتى وإن كانت خاوية: ﴿فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾، ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً﴾ [الإسراء: 16]، ﴿وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا﴾ [الإسراء: 58].
وقفة
[45] ﴿فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ﴾ خذوا العبرة منهم يا ظلمة! كم من بئر جف ماؤها، وقرى بقصورها المشيدة هجرها سكانها! وقد كانت بالبنيان مشهورة، وبالسكان معمورة، لكن لعنة الظلم حلت بهم، وأنزلتهم من عليائهم.
وقفة
[45] ﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾ أي أهلكنا أهلها، لأن المكان باق، ومع بقاء المكان فالمعنى غيرناها عما كانت عليه قبل ذلك، وفي آية آخرى يقول تعالى: ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [النمل: 52].
لمسة
[45] ما الفرق بين (الجب) و(البئر)؟ (الجُبُّ) يعني البئر الذي فيه الماء، كما توضح الآية: ﴿وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ﴾ [يوسف: 19] تفيد أن الجب فيه ماء، أما (البئر) فقد يكون فيها ماء وقد لا يكون، كما قال تعالى: ﴿وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ:
  • الفاء: استئنافية. كأين: كناية عن عدد مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ. من قرية: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من كأين. و «من» حرف جر بياني. وأصلها من أهل قرية. فحذف المجرورالمضاف «أهل» وحل المضاف اليه محله. «قرية» وأعربت «كأين» مبتدأ لأن المفعول بعدها استوفى مفعوله. بمعنى: كثير من القرى وأهلها أهلكنا.
  • ﴿ أَهْلَكْناها:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «كأين» أهلك: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به
  • ﴿ وَهِيَ ظالِمَةٌ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها: في محل نصب حال.هي: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. ظالمة: خبر «هي» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ فَهِيَ خاوِيَةٌ:
  • الجملة الاسمية معطوفة بالفاء على محل «أهلكنا» هي خاوية.تعرب اعراب «هي ظالمة».
  • ﴿ عَلى عُرُوشِها:
  • جار ومجرور متعلق بخاوية. بمعنى: انها ساقطة على سقوفها. أي تهدمت حيطانها فسقطت فوق سقوفها. ويجوز أن يكون الجار والمجرور «على عروشها» متعلقا بخبر ثان بتقدير: هي خاوية أي خالية وهي على عروشها: قائمة مطلة على عروشها بمعنى ساقطة مع بقاء عروشها وسلامتها من السقوط‍.و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ:
  • وبئر: معطوفة بالواو على «قرية» بمعنى: كم قرية أهلكنا وكم بئر عطلنا عن سقاتها و «معطلة» صفة-نعت-لبئر مجرورة مثلها بمعنى: ملأى بالماء معطلة لهلاك أهلها.
  • ﴿ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ:
  • معطوفة بالواو على بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ» أو على «قرية» بمعنى وكم قصر مشيد أخليناه من ساكنيه. وحذفت «أخليناه» لدلالة معطلة عليه.'

المتشابهات :

آل عمران: 146﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ
يوسف: 105﴿ وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ
الحج: 48﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ
العنكبوت: 60﴿ وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ
محمد: 13﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ
الطلاق: 8﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا
الحج: 45﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ سوءَ عاقبة هذه الأمم التى كذبت رسلها؛ أتبع ذلك بما يدل على أنَّ لذلك أمثالًا، وإن لم يُذكَرْ مُفَصَّلًا، قال تعالى:
﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أهلكناها:
1- بالنون، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- أهلكتها، بتاء المتكلم، وهى قراءة أبى عمرو، وجماعة.

مدارسة الآية : [46] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ ..

التفسير :

[46] أفلم يَسِر المكذبون من قريش في الأرض ليشاهدوا آثار المهلَكين، فيتفكروا بعقولهم، فيعتبروا، ويسمعوا أخبارهم سماع تدبُّر فيتعظوا؟ فإن العمى ليس عمى البصر، وإنما العمى المُهْلِك هو عمى البصيرة عن إدراك الحق والاعتبار.

دعا الله عباده إلى السير في الأرض، لينظروا، ويعتبروا فقال:{ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} بأبدانهم وقلوبهم{ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} آيات الله ويتأملون بها مواقع عبره،{ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} أخبار الأمم الماضين، وأنباء القرون المعذبين، وإلا فمجرد نظر العين، وسماع الأذن، وسير البدن الخالي من التفكر والاعتبار، غير مفيد، ولا موصل إلى المطلوب، ولهذا قال:{ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} أي:هذا العمى الضار في الدين، عمى القلب عن الحق، حتى لا يشاهده كما لا يشاهد الأعمى المرئيات، وأما عمى البصر، فغايته بلغة، ومنفعة دنيوية.

ثم ينتقل القرآن الكريم من هذا التهديد الشديد، إلى التوبيخ والتقريع لهؤلاء المشركين، الذين لا يعتبرون ولا يتعظون فيقول: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها، أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها ...

والاستفهام للتوبيخ والإنكار، والفاء للعطف على مقدر يستدعيه المقام.

والمعنى: إن مصارع الغابرين وديارهم، يمر بها كفار قريش، ويعرفونها، فهم يرون في طريقهم إلى الشام قرى صالح وقرى قوم لوط.. قال- تعالى-: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ

.

والشأن في هذه الرؤية أن تجعل صاحبها يعتبر ويتعظ، متى كان عنده قلب يعقل ما يجب فهمه، أو أذن تسمع ما يجب سماعه وتنفيذه، ولكن هؤلاء الجاهلين يرون مصارع الغابرين فلا يعقلون، ولا يعتبرون، ويسمعون الأحاديث عن تلك الآبار المعطلة، والقصور الخالية من سكانها، والمنازل المهدمة، فلا يتعظون.

وقوله- تعالى-: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ بيان لسبب انطماس بصائرهم، وقسوة قلوبهم.

والضمير في قوله فَإِنَّها للقصة. أى: فإن الحال أنه لا يعتد بعمى الأبصار، ولكن الذي يعتد به هو عمى القلوب التي في الصدور، وهؤلاء المشركون قد أصيبوا بالعمى الذي هو أشنع عمى وأقبحه. وهو عمى القلوب عن الفهم وقبول الحق.

وذكر- سبحانه- أن مواضع القلوب في الصدور، لزيادة التأكيد، ولزيادة إثبات العمى لتلك القلوب التي حدد- سبحانه- موضعها تحديدا دقيقا.

قال الآلوسى: فالكلام تذييل لتهويل ما نزل بهم من عدم فقه القلب، وأنه العمى الذي لا عمى بعده، بل لا عمى إلا هو، أو المعنى: إن أبصارهم صحيحة سالمة لا عمى بها. وإن العمى بقلوبهم، فكأنه قيل: أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب ذات بصائر، فإن الآفة ببصائر قلوبهم لا بأبصار عيونهم، وهي الآفة التي كل آفة دونها. كأنه يحثهم على إزالة المرض وينعى عليهم تقاعدهم عنها .

وقوله : ( أفلم يسيروا في الأرض ) أي : بأبدانهم وبفكرهم أيضا ، وذلك كاف ، كما قال ابن أبي الدنيا في كتاب " التفكر والاعتبار " :

حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا سيار ، حدثنا جعفر ، حدثنا مالك بن دينار قال : أوحى الله تعالى إلى موسى ، عليه السلام ، أن يا موسى ، اتخذ نعلين من حديد وعصا ، ثم سح في الأرض ، واطلب الآثار والعبر ، حتى تتخرق النعلان وتكسر العصا .

وقال ابن أبي الدنيا : قال بعض الحكماء : أحي قلبك بالمواعظ ، ونوره بالفكر ، وموته بالزهد ، وقوه باليقين ، وذلله بالموت ، وقرره بالفناء ، وبصره فجائع الدنيا ، وحذره صولة الدهر وفحش تقلب الأيام ، واعرض عليه أخبار الماضين ، وذكره ما أصاب من كان قبله ، وسر في ديارهم وآثارهم ، وانظر ما فعلوا ، وأين حلوا ، وعم انقلبوا .

أي : فانظروا ما حل بالأمم المكذبة من النقم والنكال ( فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها ) أي : فيعتبرون بها ، ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) أي : ليس العمى عمى البصر ، وإنما العمى عمى البصيرة ، وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفذ إلى العبر ، ولا تدري ما الخبر . وما أحسن ما قاله بعض الشعراء في هذا المعنى وهو أبو محمد عبد الله بن محمد ابن سارة الأندلسي الشنتريني ، وقد كانت وفاته سنة سبع عشرة وخمسمائة :

يا من يصيخ إلى داعي الشقاء وقد نادى به الناعيان : الشيب والكبر إن كنت لا تسمع الذكرى ، ففيم ترى

في رأسك الواعيان : السمع والبصر؟ ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل

لم يهده الهاديان : العين والأثر لا الدهر يبقى ولا الدنيا ، ولا الفلك ال

أعلى ولا النيران : الشمس والقمر ليرحلن عن الدنيا ، وإن كرها

فراقها الثاويان : البدو والحضر

يقول تعالى ذكره: أفلم يسيروا هؤلاء المكذّبون بآيات الله والجاحدون قدرته في البلاد, فينظروا إلى مصارع ضربائهم من مكذّبي رسل الله الذين خلوْا من قبلهم, كعاد وثمود وقوم لوط وشعيب, وأوطانهم ومساكنهم, فيتفكَّروا فيها ويعتبروا بها ويعلموا بتدبرهم أمرها وأمر أهلها، سنة الله فيمن كفر وعبد غيره وكذّب رسله, فينيبوا من عتوّهم وكفرهم, ويكون لهم إذا تدبروا ذلك واعتبروا به وأنابوا إلى الحقّ( قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ) حجج الله على خلقه وقدرته على ما بيَّنا( أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ) يقول: أو آذان تصغي لسماع الحقّ فتعي ذلك وتميز بينه وبين الباطل.وقوله: ( فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ ) يقول: فإنها لا تعمى أبصارهم أن يبصروا بها الأشخاص ويروها, بل يبصرون ذلك بأبصارهم; ولكن تعمى قلوبهم التي في صدورهم عن أنصار الحق ومعرفته.

والهاء في قوله: ( فَإِنَّهَا لا تَعْمَى ) هاء عماد, كقول القائل: إنه عبد الله قائم.

وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: " فإنَّهُ لا تَعْمَى الأبْصَارُ".وقيل: ( وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) والقلوب لا تكون إلا في الصدور, توكيدا للكلام, كما قيل: يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[46] ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾ السفه ليس جنونًا، ولكنه سوء إعمال للعقل من قبل صاحبه، وتهميش له عن أداء دوره الذي خلقه الله ﻷجله.
وقفة
[46] ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾ ليست الهداية بالعقل الذي في الرأس، بل بالقلب الذي في الصدر.
وقفة
[46] من الاتعاظ بالزمن دراسة التاريخ العام، وتتبع آيات الله في الآفاق، وتدبر أحوال الأمم: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾.
وقفة
[46] ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾ قال ﷺ: «إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ». [البخاري 52].
وقفة
[46] ما الفرق بين لفظ الفؤاد والقلب في القرآن؟ قبل: القلب في سياق المسائل العقلية العلمية: ﴿إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب﴾ [ق: 37]، ﴿لهم قلوب يعقلون بها﴾، والفؤاد في سياق المسائل العاطفية الرقيقة: ﴿وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا﴾ [القصص: 10].
وقفة
[46] الذكاء غير العقل؛ فاللصوص والمحتالون والمزورون والكاذبون والفاسقون والمنافقون أذكياء، لكن ليس بينهم عاقل واحد، قال تعالى: ﴿فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾.
وقفة
[46] العبد هو الذى يخاف موت قلبه، لا موت بدنه، إذ أكثر الخلق يخافون موت أبدانهم، ولا يبالون بموت قلوبهم.
وقفة
[46] ﴿فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ من لطائف الآية تقديم القلب على الأذن؛ لأن الأذن تسمع الخبر فترسلة للقلب فإن كان سليمًا من الهوي عقل, فرجع الأمر للقلب.
وقفة
[46] ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ العمى المهلك هو عمى البصيرة.
وقفة
[46] ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ قال قتادة: «البصر الظاهر: بلغة ومتعة، وبصر القلب: هو البصر النافع».
وقفة
[46] ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ معناه: أن العمى الضار هو عمى القلب، فأما عمى البصر فليس بضار في أمر الدين.
وقفة
[46] ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ ما هذه الأبصار التي في الرؤوس! فإنها جعلها الله منفعة وبلغة، وأما البصر النافع فهو في القلب.
وقفة
[46] ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ فأخبر عز وجل أن الحواس تبع للعقل، وأن ذا العقل الذي يغلب هواه عليه؛ لا ينتفع بما أدركت حواسه.
وقفة
[46] ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ عمى القلوب مانع من الاعتبار بآيات الله.
وقفة
[46] العبرة بالبصيرة القلبية لا بالبصر؛ فكم من أعمى هو أبصر للحقائق من ذي بصر ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾.
وقفة
[46] قد تعمى العين ويبصر القلب: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾، وقد تبصر العين ويعمى القلب: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: 198].
وقفة
[46] ليس كل مبصر يرى ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ﴾ أي: فعمى القلب هو العمى الحقيقي، لا عمى البصر، فأعمى القلب أولى أن يكون أعمى من أعمى العين، فنبه بقوله: ﴿الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ على أن العمى هو الباطن في العضو الذي محله الصدر، لا العمى الظاهر في العضو الذي محله الوجه.
وقفة
[46] ﴿وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ﴾ العَمَي الحقيقي عمي القلبِ عن الاتعاظِ والاعتبارِ.
وقفة
[46] ﴿وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ قال مجاهد: «لكل عين أربع أعين، يعني لكل إنسان أربع أعين: عينان في رأسه لدنياه، وعينان في قلبه لآخرته، فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه فلم يضره عماه شيئًا، وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه فلم ينفعه نظره شيئًا».
لمسة
[46] ﴿وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ ما الفرق بين العقل والقلب؟ العقل هو مناط التفكير، والقلب مناط الحثِّ على العمل، وهو يقظ متحرك، هو الذي يدفع، وليست المشكلة في وجود العقل وإنما في وجود القلب الذي يدفع إلى العمل ويحرك له بموجب ما تعقله، فالناس يختلفون بحسب الاستجابة إلى ما يعلمون، وذلك راجع للقلب، فالقلب يدفع للعمل، والعقل بارد يعلم الحجج، قد يكون هناك شخصان مؤمنان بفكرة واحدة، ويأتي أحدهما بحجج أقوى من الآخر، لكن الآخر ملتزم أكثر من صاحب الحجج، إذًا ما قيمة هذا العقل الذي هو مناط التفكير وما قيمة المعرفة من دون أن تعمل بها؟ لا شيء، من العامَّة نجد من عنده من الحجج أقل مما عند العالِم، لكنهم أكثر يقظة والتزامًا وتحركًا من العالِم، فقلوبهم حيَّة، فالمقصود بالقلوب هو أمر معنوي، وليس العضلة التى في الصدر، حتى المخ موجود في الرأس، ولكن العقل أبعد من ذلك.
وقفة
[46] القلب كالمرآة، لا يعكس الذي أمامه نقيًّا وعليه شائبة، جرد القلب من الهوى كما تجرد المرآة من الكدر؛ ترى الحق نقيًّا ﴿ولكن تعمى القلوب التي في الصدور﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا:
  • الهمزة همزة تعجيب بلفظ‍ استفهام. الفاء: زائدة تزيينية.لم: حرف نفي وجزم وقلب. يسيروا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة
  • ﴿ فِي الْأَرْضِ:
  • جار ومجرور متعلق بيسيروا: بمعنى أفلم يسيروا في الأرض ليشاهدوا آثار من أهلك قبلهم؟
  • ﴿ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ:
  • الفاء: سببية. تكون: فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه الفتحة. لهم: جار ومجرور متعلق بخبر «تكون» المقدم. قلوب: اسم «تكون» مرفوع بالضمة وجملة «تكون لهم قلوب» صلة «أن» المضمرة لا محل لها، «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق. بمعنى: عسى أن تكون لهم قلوب.
  • ﴿ يَعْقِلُونَ بِها:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع صفة-نعت-لقلوب يعقلون:فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.بها: جار ومجرور متعلق بيعقلون.
  • ﴿ أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها:
  • أو: حرف عطف للتخيير. وما بعده:معطوف على قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها» ويعرب إعرابها.
  • ﴿ فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ:
  • الفاء: استئنافية للتعليل. إن» حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «ها» ضمير القصة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» ويجوز أن يكون ضميرا مبهما يفسره الأبصار والمعنى أن ابصارهم صحيحة سالمة لا عمى بها وانما العمى بقلوبهم. لا: نافية لا عمل لها.تعمى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.الأبصار: فاعل مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية لا تَعْمَى الْأَبْصارُ» في محل رفع خبر «إن».
  • ﴿ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ:
  • الواو: زائدة لأنها داخلة على حرف الاستدراك.لكن: حرف مشبه بالفعل للاستدراك مخفف مهمل. تعمى القلوب:تعرب إعراب تَعْمَى الْأَبْصارُ» وفي القول استعارة ومثل.
  • ﴿ الَّتِي فِي الصُّدُورِ:
  • التي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة-نعت-للقلوب. في الصدور: جار ومجرور متعلق بفعل مضمر تقديره: استقر أو هي مستقرة وجملة تستقر في الصدور صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [46] لما قبلها :     وبعد أن ذكَرَ اللهُ سوءَ عاقبة مَن كذَّبَ الرُّسُلَ مِن الأُمَمِ السابقة، وكان عِندَ العَرَبِ أشياءُ مِن أخبارهم، وهم عارِفونَ ببِلادِهم، وكثيرًا ما يَمُرُّونَ على كثيرٍ منها؛ وَبَّخَ هنا مشركي مكة إذ لم يعتبرُوا بهم ولم يتعظُوا، قال تعالى:
﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فتكون:
1- بالتاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- فيكون، بالياء، وهى قراءة مبشر بن عبيد.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف