413202122232425262728

الإحصائيات

سورة لقمان
ترتيب المصحف31ترتيب النزول57
التصنيفمكيّةعدد الصفحات4.00
عدد الآيات34عدد الأجزاء0.15
عدد الأحزاب0.33عدد الأرباع1.30
ترتيب الطول45تبدأ في الجزء21
تنتهي في الجزء21عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 17/29آلم: 5/6

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (20) الى الآية رقم (21) عدد الآيات (2)

العودةُ لتوبيخِ المُشرِكينَ لإصرارِهم على الشركِ معَ مشاهدتِهم أدلَّةَ التَّوحيدِ، والتَّمسكِ بتقليدِ الآباءِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (22) الى الآية رقم (24) عدد الآيات (3)

بعدَ ذكرِ حالِ المشركِ المُقلِّدِ للآباءِ، ذكرَ هنا حالَ المؤمنِ المُستسلِمِ لأوامرِ اللهِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (25) الى الآية رقم (28) عدد الآيات (4)

بعدَ أدلَّةِ الوحدانيةِ بَيَّنَ اللهُ هنا اعترافَ المشركينَ بوجودِ اللهِ، ثُمَّ بَيَّنَ عمومَ مُلكِه وسَعةَ علمِه ونفاذَ قدرتِه فلا وجه لاستبعادِ البعثِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة لقمان

تربية الأبناء/ الحكمة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • لماذا لقمان؟:   كل سور القرآن التي حملت أسماء لأشخاص في عناوينها كانت لأنبياء ورسل: يونس، هود، يوسف، إبراهيم، محمد، نوح عليهم السلام، لكن هناك استثناءين اثنين: الأول: مريم، والثاني: لقمان. وجود اسم مريم مفهوم تمامًا، فمريم بنت عمران عليها السلام أم نبي الله عيسى عليه السلام، وهي أيضًا أفضل امرأة على الإطلاق، وقد تكرر اسم مريم في القرآن 34 مرة، وهي المرأة الوحيدة التي ذكر اسمها في القرآن صراحة. لكن لقمان شيء آخر، شيء مختلف يجبرنا على التوقف طويلًا، إذ ليس من السهل أبدًا أن تكون في هذه المقارنة، أن يوضع اسمك في موضع لم يكن إلا للأنبياء. لم يذكر القرآن أن لقمان كان فاتحًا عظيمًا، أو قائدًا عادلًا، أو عابدًا، أو زاهدًا. ربما كان أحد هذه الأشياء أو كلها، لكننا لا نعرف ذلك، لأن القرآن لم يذكرها عنه، بل ذكر شيئًا مختلفًا.
  • • إذن ماذا كان لقمان؟ ما الذي نقله القرآن الكريم عنه؟:   الجواب: كان مربيًا، هذا ما أظهره القرآن منه، هذا هو الجزء الذي جعله يستحق مكانته. مربي؟! هذا فقط؟! نعم، كان مربيًا، قد ننظر إلى الأمر على أنه مجرد عمل تكميلي أو تحصيل حاصل، لكن هذا العمل كان مهمًا لدرجة جعلت من لقمان في الموضع الذي هو فيه. لكنه لم يكن أي مربي بالتأكيد، كان (حكيمًا)، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ...﴾
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «لقمان».
  • • معنى الاسم ::   لقمان: هو رجل صالح آتاه الله الحكمة، واشتهر باسم (لقمان الحكيم)، واختُلِف في نبوته، فذهب الجمهور إلى أنه رجل صالح حكيم وليس بنبي.
  • • سبب التسمية ::   : لاشتمالها ‏على ‏وصايا ‏لقمان الحكيم لابنه.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أهمية تربية الأجيال، وما ينبغي أن يُربَّى عليه الأبناء.
  • • علمتني السورة ::   أن نفع الطاعة وضرر المعصية عائد على العبد: ﴿وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾
  • • علمتني السورة ::   الإحسان إلى الوالدين في غير معصية الله: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, وهذا لا ينافـي بر الوالدين في غير المعصية: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة لقمان من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
    • عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (34)».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • احتوت السورة على 8 آيات تعتبر من الآيات الجوامع؛ حيث جمعت وصايا لقمان الحكيم لابنه.
    • ركزت السورة على العلاقة بين الآباء والأبناء، حيث حثت الآباء على حسن تربية أبنائهم من خلال وصايا لقمان الحكيم لابنه، وكذلك حثت الأبناء على بر والديهما (في الآية 14)، ورغم ذلك أكدت على المسؤولية الفردية في ختام السورة، بأن كلًا من الأب والابن مسؤول على عمله يوم القيامة (في الآية 33).
    • جاء في سورة لقمان آيتان توضحان آيتين ذكرتا في سورة الأنعام، فقد ذُكِرَ الظلم في سورة الأنعام مجملًا في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (82)، وجاءت سورة لقمان فوضحت أن المقصود بالظلم الشرك، قال تعالى: ﴿... إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ (13)، وذكرت مفاتيح الغيب في سورة الأنعام مجملة في قوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ...﴾ (59)، وجاء تفصيلها في آخر آية من سورة لقمان في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ...﴾ (34)، وهذا من باب تفسير القرآن بالقرآن، وهو من أفضل طرق التفسير، وخاصة إذا كان بتوجيه من النبي صلى الله عليه وسلم كما في الموضعين السابقين.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نقترب من أبنائنا ونعظهم ونرشدهم ونوجههم، ونجلس معهم ونتحدث إليهم، فإن لم نقم بهذا الأمر تركنا الشوارع تربي أبناءنا، والقنوات الفضائية تهدم أخلاقهم، ورفاق السوء تفسد سلوكياتهم.
    • أن نتجنب كل ما يضل عن سبيل الله من لهو الحديث وما لا فائدة منه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ...﴾ (6).
    • أن نستعذ بالله من الاستكبار على خلق الله، أو على الانقياد لشرعه: ﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (7).
    • أن نعوّد أنفسنا بأن نخاطب أهلنا وأولادنا ومن حولنا بألطف كلمة وبأحب الأسماء إليهم: ﴿يَا بُنَيَّ﴾ (13).
    • أن نُربي أولادنا بما وصى به لقمان الحكيم ولده: إخلاص العبادة لله وحده، الخوف والخشية من الله تعالى، إقامة الصلاة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الصبر، عدم الكبر، الاعتدال في المشي، خفض الصوت: ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّـهُ ...﴾ (16-19).
    • ألا نتكبّر على الناس، ولا نعبِس في وجوههم، فالنبيّ ﷺ كان لا يُرى إلّا مُتبسّمًا متواضعًا: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ (18).
    • أن نحذر الجدال في الله بغير علم: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ﴾ (20).
    • أن نحذر من تقديس كلام السابقين دون عرضه على كتاب الله وسنة رسوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ (21).
    • أن نتفكر في خلق الله تعالى وعظمته: ﴿مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ... أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ... أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ ...﴾ (28-31).
    • أن نتذكر موقفًا صعبًا نجانا الله منه، ونحمد الله على نعمة النجاة، ثم نعمل عملًا صالحًا شكرًا لله: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ (32).
    • أن نبادر بالعمل، ونحذر التسويف: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ (34).

تمرين حفظ الصفحة : 413

413

مدارسة الآية : [20] :لقمان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ ..

التفسير :

[20] ألم تروا -أيها الناس- أن الله ذلَّل لكم ما في السموات من الشمس والقمر والسحاب وغير ذلك، وما في الأرض من الدوابِّ والشجر والماء، وغير ذلك مما لا يحصى، وعمَّكم بنعمه الظاهرة على الأبدان والجوارح، والباطنة في العقول والقلوب، وما ادَّخره لكم مما لا تعلمو

يمتن تعالى على عباده بنعمه، ويدعوهم إلى شكرها ورؤيتها; وعدم الغفلة عنها فقال:{ أَلَمْ تَرَوْا} أي:تشاهدوا وتبصروا بأبصاركم وقلوبكم،{ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} من الشمس والقمر والنجوم، كلها مسخرات لنفع العباد.

{ وَمَا فِي الْأَرْضِ} من الحيوانات والأشجار والزروع، والأنهار والمعادن ونحوها كما قال تعالى:{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}

{ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ} أي:عمّكم وغمركم نعمه الظاهرة والباطنة التي نعلم بها; والتي تخفى علينا، نعم الدنيا، ونعم الدين، حصول المنافع، ودفع المضار، فوظيفتكم أن تقوموا بشكر هذه النعم; بمحبة المنعم والخضوع له; وصرفها في الاستعانة على طاعته، وأن لا يستعان بشيء منها على معصيته.

{ و} لكن مع توالي هذه النعم;{ مِنَ النَّاسِ مَنْ} لم يشكرها; بل كفرها; وكفر بمن أنعم بها; وجحد الحق الذي أنزل به كتبه; وأرسل به رسله، فجعل{ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ} أي:يجادل عن الباطل; ليدحض به الحق; ويدفع به ما جاء به الرسول من الأمر بعبادة اللّه وحده، وهذا المجادل على غير بصيرة، فليس جداله عن علم، فيترك وشأنه، ويسمح له في الكلام{ وَلَا هُدًى} يقتدي به بالمهتدين{ وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [غير مبين للحق فلا معقول ولا منقول ولا اقتداء بالمهتدين]وإنما جداله في اللّه مبني على تقليد آباء غير مهتدين، بل ضالين مضلين.

ثم ذكر- سبحانه- بعض النعم التي أنعم بها على الناس، ودعا المنحرفين عن الحق إلى ترك المجادلة بالباطل، وإلى مخالفة الشيطان، فقال- تعالى-:

والخطاب في قوله- تعالى-: أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ.. لأولئك المشركين الذين استحبوا العمى على الهدى، واشتروا لهو الحديث ليضلوا غيرهم عن طريق الحق.

وسخر: من التسخير، بمعنى التذليل والتكليف، يقال: سخر فلان فلانا تسخيرا، إذا كلفه عملا بلا أجرة، والمراد به هنا: الإعداد والتهيئة لما يراد الانتفاع به.

والاستفهام لتقرير الواقع وتأكيده. أى: لقد رأيتم- أيها الناس- وشاهدتم أن الله- تعالى- سخر لمنفعتكم ومصلحتكم ما في السموات من شمس وقمر ونجوم.. وما في الأرض من زرع وأشجار وحيوانات وجبال.. وما دام الأمر كذلك فاشكروا الله- تعالى- على هذا التسخير، وأخلصوا له العبادة والطاعة.

وقوله- تعالى-: وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً معطوف على ما قبله.

وقوله: وَأَسْبَغَ بمعنى أتم وأكمل عليكم نعمه: وهي ما ينتفع به الإنسان ويستلذه من الحلال.

والنعمة الظاهرة: هي النعمة المشاهدة المحسوسة كنعمة السمع والبصر وحسن الهيئة والمال، والجاه، وما يشبه ذلك مما يراه الإنسان ويشاهده.

والنعمة الباطنة: هي النعمة الخفية التي يجد الإنسان أثرها في نفسه دون أن يراها. كنعمة الإيمان بالله- تعالى- وإسلام الوجه له- عز وجل-، والاتجاه إلى مكارم الأخلاق، والبعد عن رذائلها وسفسافها.

وفي تفسير النعم الظاهرة والباطنة أقوال أخرى، نرى أن ما ذكرناه أوجهها وأجمعها .

ثم بين- سبحانه- ما عليه بعض الناس من جدال بالباطل فقال: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَلا هُدىً، وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ.

وقوله: يُجادِلُ من الجدال بمعنى المفاوضة على سبيل المخاصمة والمنازعة والمغالبة.

مأخوذ من جدلت الحبل، إذا أحكمت فتله، فكأن المتجادلين يحاول كل واحد منهما أن يقوى رأيه، ويضعف رأى صاحبه.

والمراد من المجادلة في الله: المجادلة في ذاته وصفاته وتشريعاته..

وقوله: بِغَيْرِ عِلْمٍ حال من الفاعل في يُجادِلُ، وهي حال موضحة لما تشعر به المجادلة هنا من الجهل والعناد. أى: ومن الناس قوم استولى عليهم الجهل والعناد، لأنهم يجادلون وينازعون في ذات الله، وفي صفاته، وفي وحيه، وفي تشريعاته.. بغير مستند من علم عقلي أو نقلي، وبغير «هدى» يهديه ويرشده إلى الحق، وبغير كِتابٍ مُنِيرٍ أى: وبغير وحى ينير عقله وقلبه، ويوضح له سبيل الرشاد.

فأنت ترى أن الآية الكريمة قد جردت هذا المجادل، من أى مستند يستند إليه في جداله، سواء أكان هذا المستند عقليا أم نقليا، بل أثبتت له الجهالة من كل الجهات.

يقول تعالى منبها خلقه على نعمه عليهم في الدنيا والآخرة ، بأنه سخر لهم ما في السماوات من نجوم يستضيئون بها في ليلهم ونهارهم ، وما يخلق فيها من سحاب وأمطار وثلج وبرد ، وجعله إياها لهم سقفا محفوظا ، وما خلق لهم في الأرض من قرار وأنهار وأشجار وزروع وثمار . وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة من إرسال الرسل وإنزال الكتب ، وإزاحة الشبه والعلل ، ثم مع هذا كله ما آمن الناس كلهم ، بل منهم من يجادل في الله ، أي : في توحيده وإرسال الرسل . ومجادلته في ذلك بغير علم ، ولا مستند من حجة صحيحة ، ولا كتاب مأثور صحيح; ولهذا قال تعالى : ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ) أي : مبين مضيء .

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20)

يقول تعالى ذكره: (أَلَمْ تَرَوْا) أيها الناس (أنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ) من شمس وقمر ونجم وسحاب (وَما فِي الأرْضِ) من دابة وشجر وماء وبحر وفلك، وغير ذلك من المنافع، يجري ذلك كله لمنافعكم ومصالحكم، لغذائكم وأقواتكم وأرزاقكم وملاذّكم، تتمتعون ببعض ذلك كله، وتنتفعون بجميعه، ( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ).

&; 20-148 &;

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعض المكيين وعامة الكوفيين: (وأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعْمَةً) على الواحدة، ووجهوا معناها إلى أنه الإسلام، أو إلى أنها شهادة أن لا إله إلا الله. وقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: (نِعَمَهُ) على الجماع، ووجَّهوا معنى ذلك، إلى أنها النعم التي سخرها الله للعباد مما في السموات والأرض، واستشهدوا لصحة قراءتهم ذلك كذلك بقوله: شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ قالوا: فهذا جمع النعم.

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان في قرّاء الأمصار، متقاربتا المعنى، وذلك أن النعمة قد تكون بمعنى الواحدة، ومعنى الجماع، وقد يدخل في الجماع الواحدة. وقد قال جلّ ثناؤه وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا فمعلوم أنه لم يعن بذلك نعمة واحدة. وقال في موضع آخر: وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ ، فجمعها، فبأيّ القراءتين قرأ القارئ ذلك فمصيب.

ذكر بعض من قرأ ذلك على التوحيد، وفسَّره على ما ذكرنا عن قارئيه أنهم يفسرونه.

حدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم بن سلام، قال: ثنا حجاج، قال: ثني مستور الهنائي، عن حميد الأعرج، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه قرأها: (وأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعْمَتَهُ ظَاهِرَةً وَباطِنةً)وفسَّرها: الإسلام.

حُدثت عن الفراء قال: ثني شريك بن عبد الله، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه قرأ: (نِعْمَةً) واحدة. قال: ولو كانت (نِعْمَهُ)، لكانت نعمة دون نعمة، أو نعمة فوق نعمة " الشكّ من الفراء ".

حدثني عبد الله بن محمد الزهري، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا حميد، قال: قرأ مجاهد: (وأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعْمَتَهُ ظَاهِرَةً وَباطِنةً) قال: لا إله إلا الله.

حدثني العباس بن أبي طالب، قال: ثنا ابن أبي بكير، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعْمَتَهُ ظَاهِرَةً وَباطِنةً) قال: كان يقول: هي لا إله إلا الله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد (وأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعْمَتَهُ ظَاهِرَةً وَباطِنةً) قال: لا إله إلا الله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عُيينة، عن حميد الأعرج، عن مجاهد، قال: &; 20-149 &; لا إله إلا الله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن آدم، عن سفيان، عن عيسى، عن قَيْس، عن ابن عباس (نِعَمَةً ظاهِرَةً وَباطِنَةً) قال: لا إله إلا الله. وقوله: (ظاهِرَةً) يقول: ظاهرة على الألسن قولا وعلى الأبدان وجوارح الجسد عملا. وقوله: (وَباطِنَةً) يقول: وباطنة في القلوب، اعتقادا ومعرفة.

وقوله: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى ) يقول تعالى ذكره: ومن الناس من يخاصم في توحيد الله، وإخلاص الطاعة والعبادة له (بِغَيرِ عِلْمٍ) عنده بما يخاصم، (وَلا هُدًى): يقول: ولا بيان يبين به صحة ما يقول ( وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ ) يقول: ولا بتنـزيل من الله جاء بما يدعي، يبين حقية دعواه.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ ) ليس معه من الله برهان ولا كتاب.

التدبر :

وقفة
[20] لماذا تغير ضمير المخاطب من الجمع إلى المفرد ﴿ألم تروا﴾ إلى ﴿ألم تر﴾ [29، 31]؟ الجواب: هذا من أساليب العرب في تلوين الخطاب لتنشيط النفس وتشويق السامع, واسمه: الالتفات، وهو في موضع الإفراد يلامس جانب الفرد أكثر.
وقفة
[20] ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ كل ما حولنا مسخر لنا؛ لا تخف من الحياة التي ذللها الله لك.
وقفة
[20] ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ وظيفتكم أن تقوموا بشكر هذه النعم؛ بمحبة المنعم والخضوع له، وصرفها في الاستعانة على طاعته، وأن لا يستعان بشيء منها على معصيته.
عمل
[20] ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ اكتب في ورقة بعض النعم الظاهرة والباطنة عليك؛ ليعينك ذلك على الشكر.
وقفة
[20] ﴿اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم ... وَأَسبَغَ عَلَيكُم﴾ ألا يستحق الحمد والشكر؟! اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ.
عمل
[20] ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ نعم الله ظاهرة وباطنة؛ فتأملها.
وقفة
[20] ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ ثياب النعم تغطيك، الثروات تغمرك، العطاءات تزدحم فيك، وحولك، وفي داخلك، وأعماقك.
وقفة
[20] ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ عن ابن عباس: «النعمة الظاهرة: الإسلام والقرآن، والباطنة: ما ستر عليك من الذنوب، ولم يعجل عليك بالنقمة».
وقفة
[20] ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ النعم دنیوية وأخروية، فالدنيوية الظاهرة: الصحة والمال والعيال والأموال وحسن الخلقة، والدنيوية الباطنة: ستر عيوبك وقبيح أحوالك التي تكره أن يطلع عليها الناس، والأخروية الظاهرة: الإسلام والقرآن، والأخروية الباطنة: ما ستر من عيوبك وأخفى من ذنوبك.
وقفة
[20] ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ الحمد لله على نعمه العظيمة حمدًا يليق بجلال وجه ربنا وعظيم سلطانه.
وقفة
[20] ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ أكثر الناس شكرًا غايته أنه يشكر النعم الظاهرة؛ فيبقى شكر النعم الباطنة؛ فكم يستحق الله من الشكر؟!
وقفة
[20] ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ النعم الباطنة معرفتها تكون بالعلم، إذ كلما ازددت علما ظهرت لك.
وقفة
[20] ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ نعم الله وسيلة لشكره والإيمان به، لا وسيلة للكفر به.
وقفة
[20] ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ قال مجاهد: «أما الظاهرة فالإسلام والرزق، وأما الباطنة فما ستر من العيوب والذنوب».
وقفة
[20] ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ نِعَمُ الله تعالى على العبد كثيرة ظاهرة وباطنة، فمن يقوم بشكر النعم الظاهرة، ومن يتفطَّن للنعم الباطنة، اللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك.
وقفة
[20] ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ قد تكون النعمة ظاهرة في خير ساقه الله إليك، وقد تكون باطنة في شر دفعه الله عنك، وقد تكون الثانية أعظم من الأولى، فالحمد لله.
وقفة
[20] قال تعالى عن إبراهيم: ﴿شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ﴾ [النحل: 121]، وقال: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾، فجمع النعمة في آية النحل جمع قلة (أنعم)؛ لأن نعم الله لا تحصى، وإنما يستطيع الإنسان معرفة بعضها وشكرها وهو ما كان من إبراهيم، فذكر جمع القلة في هذا المقام، أما آية لقمان فجمعها جمع كثرة (نعمه)؛ لأنها في مقام تعداد نعمه وفضله على الناس جميعًا.
وقفة
[20] تحزن وتضجر من اثنين أو ثلاثة يعادونك، وتنسى نعمة الله بالعشرات الذين يحبونك! ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾.
وقفة
[20] ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ كلما قل (العلم) زاد (الجدال).
عمل
[20] اختر سورة من القرآن وطبق عليها المراتب الثلاث لطلب العلم، وهي: أ. قراءة تفسيرها من أحد كتب التفسير. ب. تأمل ما فيها من فوائد. جـ. تدارس السورة مع من هو أعلم منك ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ﴾.
عمل
[20] أرسل رسالة تبين فيها خطر الجدال بغير علم ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ﴾.
وقفة
[20] ثلاثية الوصول إلى الحق في مقام الجدل: ﴿ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير﴾ كم نسبة المتصفين بها في سجالاتنا؟

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ تَرَوْا:
  • الألف ألف تقرير معنى بلفظ‍ استفهام. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تروا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «انّ» منصوب للتعظيم بالفتحة. سخر: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بمعنى «ذلل» وجملة «سخر وما بعدها» في محل رفع خبر «انّ» و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «تروا».
  • ﴿ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ:
  • جار ومجرور متعلق بسخر والميم علامة جمع الذكور. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. في السموات: جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة بمعنى: ما استقر أو هو مستقر في السموات من الشمس والقمر والنجوم وغير ذلك.
  • ﴿ وَما فِي الْأَرْضِ:
  • معطوفة بالواو على ما فِي السَّماواتِ» وتعرب إعرابها. أي من البحار والأنهار والدواب .. الخ.
  • ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ:
  • معطوفة بالواو على سَخَّرَ لَكُمْ» وتعرب إعرابها. نعمة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى: وأتم عليكم نعمه.
  • ﴿ ظاهِرَةً وَباطِنَةً:
  • حال من النعم منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وباطنة: معطوفة بالواو على «ظاهرة» منصوبة مثلها وتعرب مثلها.
  • ﴿ وَمِنَ النّاسِ مَنْ:
  • الواو استئنافية. من الناس: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر والجملة الفعلية بعده: صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ يُجادِلُ فِي اللهِ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. في الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بيجادل بمعنى: في وحدانية الله ووجوده.
  • ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بمعنى: جاهلا أو غير عالم. علم: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى: جاهلا لا يسند جداله بينة.
  • ﴿ وَلا هُدىً:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد جهله. هدى: معطوفة على «علم» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. أي غير مهدي من الله أو لا هدى من الله عنده.
  • ﴿ وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ:
  • تعرب إعراب وَلا هُدىً» وعلامة جر الاسم الكسرة الظاهرة. منير: صفة-نعت-لكتاب مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. أي ولا كتاب ينور بصيرته.'

المتشابهات :

الحج: 65﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ
لقمان: 20﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     وبعد وصايا لُقمان؛ تعود الآيات لتوبيخِ المُشرِكينَ لإصرارِهم على الشركِ معَ مشاهدتِهم أدلَّة التَّوحيدِ في السماوات والأرض، وإنعامه عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة، ومع كل هذا فهناك مَن يجادل في توحيد الله بغير حجة ولا بيان، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أسبغ:
قرئ:
1- وأصبغ، بالصاد، وهى لغة لبنى كلب، يبدلونها من السين، وهى قراءة ابن عباس، ويحيى بن عمارة.
2- بالسين، وهى قراءة باقى القراء.
نعمه:
1- جمعا، مضافا للضمير، وهى قراءة الحسن، والأعرج، وأبى جعفر، وشيبة، ونافع، وأبى عمرو، وحفص.
وقرئ:
2- نعمة، على الإفراد، وهى قراءة باقى السبعة، وزيد بن على.

مدارسة الآية : [21] :لقمان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا ..

التفسير :

[21] وإذا قيل لهؤلاء المجادلين في توحيد الله وإفراده بالعبادة:اتبعوا ما أنزل الله على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- قالوا:بل نتبع ما كان عليه آباؤنا من الشرك وعبادة الأصنام، أيفعلون ذلك، ولو كان الشيطان يدعوهم؛ بتزيينه لهم سوء أعمالهم، وكفرهم بالله إلى

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} على أيدي رسله، فإنه الحق، وبينت لهم أدلته الظاهرة{ قَالُوا} معارضين ذلك:{ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} فلا نترك ما وجدنا عليه آباءنا لقول أحد كائنا من كان.

قال تعالى في الرد عليهم وعلى آبائهم:{ أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} فاستجاب له آباؤهم، ومشوا خلفه، وصاروا من تلاميذ الشيطان، واستولت عليهم الحيرة.

فهل هذا موجب لاتباعهم لهم ومشيهم على طريقتهم، أم ذلك يرهبهم من سلوك سبيلهم، وينادي على ضلالهم، وضلال من اتبعهم.

وليس دعوة الشيطان لآبائهم ولهم، محبة لهم ومودة، وإنما ذلك عداوة لهم ومكر بهم، وبالحقيقة أتباعه من أعدائه، الذين تمكن منهم وظفر بهم، وقرت عينه باستحقاقهم عذاب السعير، بقبول دعوته.

ثم بين- سبحانه- أن هؤلاء المجادلين بالباطل، لم يكتفوا بذلك، بل أضافوا إلى رذائلهم السابقة رذائل أخرى منها العناد والتقليد الأعمى، فقال وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ ... أى: وإذا قيل لهؤلاء المجادلين بالباطل اتبعوا ما أنزله الله- تعالى- على نبيه صلى الله عليه وسلّم من قرآن كريم، ومن وحى حكيم.

قالُوا على سبيل العناد والتقليد الأعمى بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا من عبادة الأصنام والأوثان، والسير على طريقتهم التي كانوا يسيرون عليها.

وقوله- سبحانه-: أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ رد عليهم، وبيان لبطلان الاعتماد في العقيدة على مجرد تقليد الآباء.

والهمزة للاستفهام الإنكارى، والواو للحال. أى: أيتبعون ما كان عليه آباؤهم، والحال أن هذا الاتباع هو من وحى الشيطان الذي يقودهم إلى ما يؤدى إلى عذاب السعير.

قال الآلوسى: وفي الآية دليل على المنع من التقليد لمن قدر على النظر. وأما اتباع الغير في الدين بعد العلم بدليل ما أنه محق، فاتباع في الحقيقة لما أنزل الله- تعالى- وليس من التقليد المذموم في شيء، وقد قال- سبحانه-: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ .

ثم فصل سبحانه بعد ذلك حسن عاقبة الأخيار، وسوء عاقبة الأشرار الذين لا يحسنون التدبر في أنفسهم، أو فيما حولهم، فقال تعالى-:

( وإذا قيل لهم ) أي : لهؤلاء المجادلين في توحيد الله : ( اتبعوا ما أنزل الله ) أي : على رسوله من الشرائع المطهرة ، ( قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ) أي : لم يكن لهم حجة إلا اتباع الآباء الأقدمين ، قال الله : ( أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) [ البقرة : 170 ] أي : فما ظنكم أيها المحتجون بصنيع آبائهم ، أنهم كانوا على ضلالة وأنتم خلف لهم فيما كانوا فيه; ولهذا قال : ( أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ) .

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)

يقول تعالى ذكره: وإذا قيل لهؤلاء الذين يجادلون في توحيد الله جهلا منهم بعظمة الله اتبعوا أيها القوم ما أنـزل الله على رسوله، وصدِّقوا به، فإنه يفرق بين المحقّ منا والمبطل، ويفصل بين الضّالّ والمهتدى، فقالوا: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من الأديان، فإنهم كانوا أهل حقّ، قال الله تعالى ذكره (أوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ) بتزيينه لهم سوء أعمالهم، واتباعهم إياه على ضلالتهم، وكفرهم بالله، وتركهم اتباع ما أنـزل الله من كتابه على نبيه (إلى عَذَابِ السَّعِيرِ) يعني: عذاب النار التي تتسعر وتلتهب.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[21] التقليد الأعمى وتعطيل العقل مضرة ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾.
وقفة
[21] ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ كم أضاع التقليد الأعمى وتعطيل العقل أجيالًا من المسلمين!
وقفة
[21] ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ قال أحدهم: «حين نعلم الإنسان التفكير فإننا نحرره، وحين نلقنه فإننا نضمه للقطيع».
وقفة
[21] ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ عاداتُ الآباءِ لا تُقبَل إذا تعارضت مع الدِّينِ.
وقفة
[21] ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ خطر التقليد الأعمى، وخاصة في أمور الاعتقاد .
وقفة
[21] ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ فرق بين من يتبع ويوافق الآباء في إعراضهم عن دين الله، وبين من يقبل وينقاد ويسلم وجهه مخلصًا لله.
تفاعل
[21] ﴿أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ استعذ بالله الآن من الشيطان الرجيم.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذا:
  • الواو استئنافية. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط‍.
  • ﴿ قِيلَ لَهُمُ:
  • الجملة الفعلية: في محل جر بالاضافة. قيل: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بقيل.
  • ﴿ اتَّبِعُوا:
  • الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل للفعل «قيل» وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ ما أَنْزَلَ اللهُ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أنزل: فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. وجملة أَنْزَلَ اللهُ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد- الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: ما أنزله الله على رسوله الكريم.
  • ﴿ قالُوا:
  • الجملة الفعلية جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة بعدها في محل نصب مفعول به لقالوا.
  • ﴿ بَلْ نَتَّبِعُ:
  • حرف اضراب للاستئناف. نتبع: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.
  • ﴿ ما وَجَدْنا:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. وجد: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل- ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ عَلَيْهِ آباءَنا:
  • جار ومجرور متعلق بوجدنا أو بمفعولها الثاني المقدر. آباء: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَوَلَوْ كانَ:
  • الألف ألف توبيخ معنى بلفظ‍ استفهام. الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال. لو: حرف شرط‍ غير جازم. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح وجواب «لو» محذوف لتقدم معناه. بمعنى: أيتبعون آباءهم في حال دعاء الشيطان لهم بالعذاب.
  • ﴿ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ:
  • اسم «كان» مرفوع بالضمة. يدعو: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «يدعوهم» في محل نصب خبر «كان».
  • ﴿ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ:
  • جار ومجرور متعلق بيدعوهم. السعير: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. و «السعير» هي النار المتقدة المتأججة.'

المتشابهات :

البقرة: 170﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ
لقمان: 21﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ
المائدة: 104﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ
النساء: 61﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     وبعد ذَمِّ مَن يجادل في توحيد الله بغير حجة ولا بيان؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنه لا مطمع في إيمان مثل هؤلاء؛ لأنهم استسلموا لتقليد الآباء، وتركوا الدليل، وإن كان ظاهرًا بينًا، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :لقمان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ ..

التفسير :

[22] ومن يُخْلص عبادته لله وقصده إلى ربه تعالى، وهو محسن في أقواله متقن لأعماله، فقد أخذ بأوثق سبب موصل إلى رضوان الله وجنته. وإلى الله وحده تصير كل الأمور، فيجازي المحسن على إحسانه، والمسيء على إساءته.

{ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ} أي:يخضع له وينقاد له بفعل الشرائع مخلصا له دينه.{ وَهُوَ مُحْسِنٌ} في ذلك الإسلام بأن كان عمله مشروعا، قد اتبع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم.

أو:ومن يسلم وجهه إلى اللّه، بفعل جميع العبادات، وهو محسن فيها، بأن يعبد اللّه كأنه يراه، فإن لم يكن يراه، فإنه يراه.

أو ومن يسلم وجهه إلى اللّه، بالقيام بحقوقه، وهو محسن إلى عباد اللّه، قائم بحقوقهم.

والمعاني متلازمة، لا فرق بينها إلا من جهة [اختلاف]مورد اللفظتين، وإلا فكلها متفقة على القيام بجميع شرائع الدين، على وجه تقبل به وتكمل، فمن فعل ذلك فقد أسلم و{ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} أي:بالعروة التي من تمسك بها، توثق ونجا، وسلم من الهلاك، وفاز بكل خير.

ومن لم يسلم وجهه للّه، أو لم يحسن لم يستمسك بالعروة الوثقى، وإذا لم يستمسك بالعروة الوثقى لم يكن ثَمَّ إلا الهلاك والبوار.{ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} أي:رجوعها وموئلها ومنتهاها، فيحكم في عباده، ويجازيهم بما آلت إليه أعمالهم، ووصلت إليه عواقبهم، فليستعدوا لذلك الأمر.

وقوله- تعالى-: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ أى: ومن يتجه إلى الله- تعالى- ويذعن لأمره، ويخلص له العبادة، وهو محسن في أقواله وأفعاله.

من يفعل ذلك فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى والعروة في أصل معناها: تطلق على ما يتعلق بالشيء من عراه، أى من الجهة التي يجب تعليقه منها. وتجمع على عرا.

والعروة من الدلو مقبضه، ومن الثوب: مدخل زره.

والوثقى: تأنيث الأوثق، وهو الشيء المحكم الموثق. يقال: وثق- بالضم- وثاقه، أى: قوى وثبت فهو وثيق، أى: ثابت محكم.

والمعنى: ومن يستسلم لأمر الله- تعالى- ويأتى بالأقوال والأفعال على وجه حسن، فقد ثبت أمره، واستقام على الطريقة المثلى، وأمسك من الدين بأقوى سبب، وأحكم رباط.

فقد شبه- سبحانه- المتوكل عليه في جميع أموره، المحسن في أفعاله، بمن ترقى في حبل شاهق، وتدلى منه، فاستمسك بأوثق عروة، من حبل متين مأمون انقطاعه.

وخص- سبحانه- الوجه بالذكر، لأنه أكرم الأعضاء وأعظمها حرمة، فإذا خضع الوجه الذي هو أكرم الأعضاء، فغيره أكثر خضوعا.

وقوله: وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أى: وإلى الله- تعالى- وحده تصير الأمور، وترجع إليه، وتخضع لحكمه وإرادته.

يقول تعالى مخبرا عمن أسلم وجهه لله ، أي : أخلص له العمل وانقاد لأمره واتبع شرعه; ولهذا قال : ( وهو محسن ) أي : في عمله ، باتباع ما به أمر ، وترك ما عنه زجر ، ( فقد استمسك بالعروة الوثقى ) أي : فقد أخذ موثقا من الله متينا أنه لا يعذبه ، ( وإلى الله عاقبة الأمور )

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (22)

يقول تعالى ذكره: ومن يُعبِّد وجهه متذللا بالعبودة، مقرّا له بالألوهة (وَهُوَ مُحْسِنٌ) يقول: وهو مطيع لله في أمره ونهيه، ( فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) يقول: &; 20-150 &; فقد تمسك بالطرف الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه من تمسك به، وهذا مثل، وإنما يعني بذلك: أنه قد تمسك من رضا الله بإسلامه وجهه إليه وهو محسن، ما لا يخاف معه عذاب الله يوم القيامة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن أبي السوداء، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس ( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) قال: لا إله إلا الله.

وقوله: ( وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ ) يقول: وإلى الله مرجع عاقبة كلّ أمر خيره وشرّه، وهو المسائل أهله عنه، ومجازيهم عليه.

التدبر :

وقفة
[22] لن تستطيع أن تقبل على الله إلا إذا كنت مُحسنًا ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾.
وقفة
[22] ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ﴾ قرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (ومن يسلم) بالتشديد، يعني: سلم أمرك إلى الله، کما سلم الرجل متاعه إلى غيره، أي توكل عليه، وفوض أمرك إليه.
وقفة
[22] ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ﴾ أهمية الاستسلام لله والانقياد له وإحسان العمل من أجل مرضاته.
وقفة
[22] ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ﴾ العروة الوثقى: هي الصلة المطمئنة بين قلب المؤمن المستسلم وربه، هي الطمأنينة إلى كل ما يأتي به قدر الله في رضى وثقة وقبول، طمأنينة تحفظ للنفس سكينتها في مواجهة الأحداث، وفي الاستعلاء على السراء فلا تبطر، وعلى الضراء فلا تصغر.
وقفة
[22] ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ﴾ ليكن حالك في التمسك بأمره ونهيه كحال الغريق الذي مد له حبل النجاة فاستمسك به بكل قوة؛ لأنه يعلم أنه لو أطلق حبل نجاته لهلك، وخاصة مع كثرة الفتن والملهيات.
وقفة
[22] لن تستمسك بالعروة الوثقى حتى تخلص عبادتك لله، وتحسنها بإقامتها وفق ما أراد الله لك ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ﴾.
وقفة
[22] التمسك بالدين هو حبل النجاة وصمام الأمان ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ﴾.
وقفة
[22] ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ أي: يخلص عبادته وقصده إلى الله تعالى، (وهو محسن)؛ لأن العبادة من غير إحسان ولا معرفة القلب لا تنفع.
وقفة
[22] ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ﴾ في أمواج الأفكار والمشاعر والظروف في خضم التحولات وعواصف التغيير أقبض بقوتك على عروة الخلاص تشبث بها بقوة.

الإعراب :

  • ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ:
  • الواو استئنافية. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة الشرطية من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ. يسلم: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يسلم» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. الى الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بيسلم. بمعنى: ومن يستسلم اليه سبحانه أو يتوكل عليه ويفوضه أمره.
  • ﴿ وَهُوَ مُحْسِنٌ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال .. هو ضمير منفصل-ضمير الغائب-في محل رفع مبتدأ. محسن: خبر «هو» مرفوع بالضمة. بمعنى محسن في أقواله وأفعاله.
  • ﴿ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مسبوق بقد مقترن بالفاء في محل جزم بمن. الفاء رابطة لجواب الشرط‍.قد: حرف تحقيق وقد كسر آخره لالتقاء الساكنين. استمسك: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بمعنى: فقد تمسك.
  • ﴿ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى:
  • جار ومجرور متعلق باستمسك. الوثقى: صفة-نعت- للعروة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر وهي مؤنث «الأوثق» أي الأحكم.
  • ﴿ وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ:
  • الواو استئنافية. الى الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر مقدم. عاقبة: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الأمور: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.'

المتشابهات :

البقرة: 112﴿بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ
النساء: 125﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَٱتَّبَعَ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۗ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبۡرَٰهِيمَ خَلِيلٗا
لقمان: 22﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ وَإِلَى ٱللَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ حالَ المُشرِكِ المجادِلِ في اللهِ المُقلِّدِ للآباءِ؛ بَيَّنَ هنا حالَ المؤمنِ المُستسلِمِ لأوامرِ اللهِ؛ ليَبِينَ الفَرْقُ، ولتتحرَّكَ النُّفوسُ إلى طلبِ الأفضلِ، قال تعالى:
﴿ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :لقمان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ ..

التفسير :

[23] ومن كفر فلا تأسَ عليه -أيها الرسول- ولا تحزن؛ لأنك أدَّيت ما عليك من الدعوة والبلاغ، إلينا مرجعهم ومصيرهم يوم القيامة، فنخبرهم بأعمالهم الخبيثة التي عملوها في الدنيا، ثم نجازيهم عليها، إن الله عليم بما تُكِنُّه صدورهم من الكفر بالله وإيثار طاعة الشيط

{ وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} لأنك أديت ما عليك، من الدعوة والبلاغ، فإذا لم يهتد، فقد وجب أجرك على اللّه، ولم يبق للحزن موضع على عدم اهتدائه، لأنه لو كان فيه خير، لهداه اللّه.

ولا تحزن أيضا، على كونهم تجرأوا عليك بالعداوة، ونابذوك المحاربة، واستمروا على غيهم وكفرهم، ولا تتحرق عليهم، بسبب أنهم ما بودروا بالعذاب.

فإن{ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا} من كفرهم وعداوتهم، وسعيهم في إطفاء نور اللّه وأذى رسله.

{ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} التي ما نطق بها الناطقون، فكيف بما ظهر، وكان شهادة؟"

وقوله- تعالى-: وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ ... تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم، عما أصابه من حزن بسبب إصرار الكافرين على كفرهم.

أى: ومن استمر- أيها الرسول- على كفره بعد أن بلغته رسالتنا ودعوتنا، فلا يحزنك بعد ذلك بقاؤه على كفره وضلاله، فأنت عليك البلاغ، ونحن علينا الحساب، وإنك لا تهدى من أحببت، ولكن الله يهدى من يشاء.

وقوله- سبحانه-: إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ، فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا ... بيان لسوء مصيرهم.

أى: إلينا وحدنا مرجع هؤلاء الكافرين، فنخبرهم بما عملوه في الدنيا من أعمال سيئة، ونجازيهم عليها بما يستحقونه من عقاب.

إِنَّ اللَّهَ- تعالى- عَلِيمٌ علما تاما بِذاتِ الصُّدُورِ أى: بمكنونات الصدور وخفاياها..

أي : لا تحزن يا محمد عليهم في كفرهم بالله وبما جئت به; فإن قدر الله نافذ فيهم ، وإلى الله مرجعهم فينبئهم بما عملوا ، أي : فيجزيهم عليه ، ( إن الله عليم بذات الصدور ) ، فلا تخفى عليه خافية .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23)

يقول تعالى ذكره: ومن كفر بالله فلا يحزنك كفره، ولا تذهب نفسك عليهم حسرة، فإنّ مرجعهم ومصيرهم يوم القيامة إلينا، ونحن نخبرهم بأعمالهم الخبيثة التي عملوها في الدنيا، ثم نجازيهم عليها جزاءهم (إنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) يقول: إن الله ذو علم بما تكنه صدورهم من الكفر بالله، وإيثار طاعة الشيطان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[23] ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ﴾ الكفر الذي هو أعظم المنكرات يقول له ربه: لا يحزنك، لا تحزن، لا تضجر، لا تتكدر حياتك، احتسب، أنكر، قاوم، وطب نفسًا.
وقفة
[23] ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ﴾ هذا هو حزن الأنبياء وورثة الأنبياء، حزين على ما يصيب غيرهم، لا على ما يصيب نفوسهم.
وقفة
[23] ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ﴾ العبدُ مُكلَّفٌ بتبليغِ دعوةِ اللهِ, أمَّا النتائجُ فأمرُهَا إلى اللهِ.
وقفة
[23] ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ﴾ من لم يشفق على نفسه، ولم يبال بها في أي وادٍ هلكت، فهل ستكون أنت أحرص عليها؟!
وقفة
[23] ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ﴾ مواساةٌ لطيفةٌ لكل من بذل الجهد لدعوة حبيبٍ وما اهتدى اهدأ؛ فليس الأمر بيدك.
وقفة
[23] ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ﴾ الله عَلِم أن نبيه صلى الله عليه وسلم يتمنى لو آمنت أمته كلها، فتأتي هذه الآيات تواسيه، وكل عتب في القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم، هو لصالحه وليس عليه.
وقفة
[23] العبد مكلّف بتبليغ دعوة الله, أما النتائج فأمرها إلى الله ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ﴾.
وقفة
[23] ﴿إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ ذات صدرك هي صاحبته، إنها النوايا التي انعجنت بفؤادك، فلا تكاد أنت أن تميزها، الله عليم بها.
وقفة
[23] ﴿إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ رسالة ربانية تقنعك بالسكوت عـن إفصـاح مشاعـرك للناس؛ حيـث يكفيـنـا أن الله يـعلـم بما فـي صدورنـا جميعًا.
وقفة
[23] ﴿إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ في الآية تهديد ووعيد لكل من خالف سره علانيته، وكان ظاهره خيرًا من باطنه، بأن الله يعلم ما تخفي صدوركم من نیات ومکنونات، فأصلحوا بواطنكم وطهروا سرائركم!
وقفة
[23] ﴿عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ ما يدورُ في صدرِك اللهُ عليمٌ به.

الإعراب :

  • ﴿ وَمَنْ كَفَرَ:
  • معطوفة بالواو على «من» الواردة في الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. كفر: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «كفر» صلة الموصول لا محل لها. والفعل «كفر» فعل الشرط‍ في محل جزم بمن.
  • ﴿ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مسبوق بنهي مقترن بالفاء في محل جزم بمن. الفاء رابطة لجواب الشرط‍.لا: ناهية جازمة.يحزنك: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-وهو الرسول الكريم مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. كفره: فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. مرجع: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَنُنَبِّئُهُمْ:
  • الفاء استئنافية. ننبئ: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. أي فنخبرهم.
  • ﴿ بِما عَمِلُوا:
  • الباء حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بننبئ. عملوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «عملوا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد -الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: بما عملوه. أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «عملوا» صلتها لا محل لها من الاعراب. و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقا بننبئ. التقدير: فنخبرهم بأعمالهم.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد التعليل. الله لفظ‍ الجلالة: اسمها منصوب للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ:
  • خبر «انّ» مرفوع بالضمة. بذات: جار ومجرور متعلق بعليم. الصدور: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى: عليم بما يدور في صدورهم وبما تضمره.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ إصرارَ الكافرين على الكفر؛ سلى رسولَه صلى الله عليه وسلم هنا بتَهوينِ كُفرِهم عليه، فمَرجِعهم إلى اللهِ، وسيجازيهم الجزاءَ المناسِبَ لكُفرِهم، قال تعالى:
﴿ وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [24] :لقمان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى ..

التفسير :

[24] نمتعهم في هذه الدنيا الفانية مدة قليلة، ثم يوم القيامة نُلجئهم ونسوقهم إلى عذاب فظيع، وهو عذاب جهنم.

{ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا} في الدنيا، ليزداد إثمهم، ويتوفر عذابهم،{ ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ} أي:[نلجئهم]{ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} أي:انتهى في عظمه وكبره، وفظاعته، وألمه، وشدته.

نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا في هذه الحياة الدنيا. أى نمتعهم تمتيعا قليلا في دنياهم، بأن نعطيهم الأموال والأولاد على سبيل الاستدراج.

ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ أى نعطيهم في حياتهم القصيرة ما يتمتعون به من مال وصحة ... ثم نلجئهم وندفعهم دفعا يوم القيامة الى عذاب مروع فظيع، لضخامة ثقله، وشدة وقعه.

والمراد بالاضطرار: الإلجاء والقسر والإلزام، أى: أنهم لا يستطيعون التفلت أو الانفكاك عن هذا العذاب الذي أعد لهم.

ووصف- سبحانه- العذاب بالغلظ، لزيادة تهويله وشدته. فهو ثقيل عليهم ثقل الأجرام الضخمة التي تهوى على رأس الإنسان، فتشل حركته وتهلكه.

ثم بين- سبحانه- ما كان عليه هؤلاء الكافرون من تناقض بين أقوالهم وأفعالهم فقال:

ثم قال : ( نمتعهم قليلا ) أي : في الدنيا ، ( ثم نضطرهم ) أي : نلجئهم ( إلى عذاب غليظ ) أي : فظيع صعب مشق على النفوس ، كما قال تعالى : ( إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ) [ يونس : 69 ، 70 ] .

وقوله: (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا) يقول: نمهلهم في هذه الدنيا مهلا قليلا يتمتعون فيها ( ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ) يقول: ثم نوردهم على كره منهم عذابا غليظا، وذلك عذاب النار، نعوذ بالله منها، ومن عمل يقرّب منها.

التدبر :

وقفة
[24] ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا﴾ ما أقل قدر الدنيا إذا قورنت بالآخرة، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» [البخاري 3250، مَوْضِعُ سَوْطٍ: قدر موضعه، والسوط ما يضرب به من جلد ونحوه].
وقفة
[24] ما الضابط في فهم هاتين الآيتين: ﴿ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا﴾ [طه: 124]، و﴿نمتعهم قليلا﴾ هل هم في متاع أم معيشة ضنك؟ الجواب: المعيشة الضنك هي الضيق والقلق النفسي المستمر الذي يشعر به المعرض عن ذكر الله، مهما تيسر له من متاع الدنيا.
وقفة
[24] ﴿نُمَتِّعُهُم قَليلًا﴾ مهما طال زمن المتعة؛ فسيظل قليلًا.
وقفة
[24] ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ بعد متاع الدنيا القليل جاء دور العذاب الطويل، والذي يجمع بين شدته وآلامه على النفس، وعدم طاقتها لاحتماله.
وقفة
[24] وإن حسبته متمتعًا بفسقه وباطله، فما هو إلا متاع قليل، فلا يغرنك حاله ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾.
تفاعل
[24] ﴿ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[24] ﴿ثُمَّ نَضطَرُّهُم إِلى عَذابٍ غَليظٍ﴾ فى جملة قصيرة نستطيع تخيل المشهد برمته، (ثُمَّ) أى بعد تمتعهم فى الدنيا العذاب آتٍ آت، (نَضطَرُّهُم) قهرًا وقسرًا ولا فكاك منه، (عَذابٍ غَليظٍ)؛ لتذهب النفس كل مذهب، كيف هو هذا العذاب الغليظ؟!

الإعراب :

  • ﴿ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. بمعنى نمتع الكافرين. قليلا: صفة-نعت-للمصدر-المفعول المطلق- المحذوف. بتقدير: نمتعهم تمتيعا قليلا. أو نمتعهم زمانا قليلا بدنياهم.
  • ﴿ ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ:
  • ثم حرف عطف للتراخي. نضطرهم: معطوفة على «نمتعهم» وتعرب إعرابها بمعنى نلجئهم.
  • ﴿ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ‍:
  • جار ومجرور متعلق بنضطرهم. غليظ‍: صفة-نعت- لعذاب مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة بمعنى الى عذاب ثقيل لا يسعهم تحمله.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أنه سيجازي الكافرين الجزاءَ المناسِبَ لكُفرِهم؛ بَيَّنَ هنا أنه يُمهِلُهم في الدنيا مدة قليلة، ثم يسوقهم إلى عذاب فظيع في الآخرة، قال تعالى:
﴿ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [25] :لقمان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ ..

التفسير :

[25] ولئن سألت -أيها الرسول- هؤلاء المشركين بالله:مَن خلق السموات والأرض؟ ليقولُنَّ الله، فإذا قالوا ذلك فقل لهم:الحمد لله الذي أظهر الاستدلال عليكم من أنفسكم، بل أكثر هؤلاء المشركين لا ينظرون ولا يتدبرون مَن الذي له الحمد والشكر، فلذلك أشركوا معه غيره.

أي:ولئن سألت هؤلاء المشركين المكذبين بالحق{ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} لعلموا أن أصنامهم، ما خلقت شيئا من ذلك ولبادروا بقولهم الله الذي خلقهما وحده.

فـ{ قُلِ} لهم ملزما لهم، ومحتجا عليهم بما أقروا به، على ما أنكروا:{ الْحَمْدُ لِلَّهِ} الذي بيَّن النور، وأظهر الاستدلال عليكم من أنفسكم، فلو كانوا يعلمون، لجزموا أن المنفرد بالخلق والتدبير، هو الذي يفرد بالعبادة والتوحيد.

ولكن{ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} فلذلك أشركوا به غيره، ورضوا بتناقض ما ذهبوا إليه، على وجه الحيرة والشك، لا على وجه البصيرة، ثم ذكر في هاتين الآيتين نموذجا من سعة أوصافه، ليدعو عباده إلى معرفته، ومحبته، وإخلاص الدين له.

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ أيها الرسول الكريم- مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وأوجدهما على هذا النظام البديع.. لَيَقُولُنَّ في الجواب اللَّهُ أى: الله- تعالى- هو الذي خلقهما، وهو الذي أوجدهما.

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ قل- أيها الرسول الكريم- الحمد لله- تعالى- وحده، حيث اعترفتم بأن خالقهما هو الله، وما دام الأمر كذلك، فكيف أشركتم معه في العبادة غيره؟ إن قولكم هذا الذي تؤيده الفطرة، ليتنافى مع ما أنتم عليه من كفر وضلال.

وقوله- سبحانه- بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ إضراب عن أقوالهم إلى بيان واقعهم، أى: بل أكثرهم لا يعلمون الحقائق علما سليما، وإنما هم يقولون بألسنتهم، وما يتباين تباينا تاما مع أفعالهم، وهذا شأن الجاهلين، الذين انطمست بصائرهم..

يقول تعالى مخبرا عن هؤلاء المشركين به : إنهم يعرفون أن الله خالق السماوات والأرض ، وحده لا شريك له ، ومع هذا يعبدون معه شركاء يعترفون أنها خلق له وملك له; ولهذا قال : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله ) [ أي : إذ قامت عليكم الحجة باعترافكم ] ، ( بل أكثرهم لا يعلمون ) .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (25)

يقول تعالى ذكره: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله من قومك (مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الحَمْدُ لله) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد، فإذا &; 20-151 &; قالوا ذلك، فقل لهم: الحمد لله الذي خلق ذلك، لا لمن لا يخلق شيئا وهم يخلقون، ثم قال تعالى ذكره: (بَلْ أكْثرُهُمْ لا يعْلَمون) يقول: بل أكثر هؤلاء المشركون لا يعلمون من الذي له الحمد، وأين موضع الشكر.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[25] ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ الذي خلق السماوات والأرض وما فيهما من نعم هو الذي يستحق الحمد وحده، لكن أكثر الناس لا يحمدون الله، كأنهم جهلة لا يعلمون هذه الحقيقة.
وقفة
[25] ﴿الحمد لله﴾ ما أجملها من كلمة! حين تسمعها بأصوات المرضى الخافتة، وعلى شفاه النفوس المتعبة، يقولون: «يا رب لك الحمد» في غمرات الألم.
عمل
[25] قل: ﴿الحمد لله﴾، لا يشترط أن تكون شاعرًا أو أديبًا، أحمد ربك بلغتك المتعثرة، وحروفك الواهنة كلماتك بالحب تسبق القصائد، ولسانك الصادق يتخطى الخطب.
وقفة
[25] ﴿الحمد لله بل أكثرهم لايعلمون﴾ كم تشعرك هذه الآية بنعم لا حصر لها! خصك الله بها، وفضلك على كثير من خلقه، أعظمها نعمة القرآن والهداية للدين.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ:
  • الواو استئنافية. اللام: موطئة للقسم-اللام المؤذنة- ان: حرف شرط‍ جازم. سألت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل -ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة «إن سألتهم» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ثان لسألت. ويجوز أن تكون في محل جر بحرف جر مقدر أي عمن خلق السموات والأرض. من: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خلق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. السموات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة والجملة الفعلية خَلَقَ السَّماااتِ وَالْأَرْضَ» في محل رفع خبر «من»
  • ﴿ لَيَقُولُنَّ:
  • الجملة: جواب القسم لا محل لها من الاعراب وجواب الشرط‍ محذوف دل عليه جواب القسم أو جواب القسم سدّ مسدّ الجوابين. اللام واقعة في جواب القسم المقدر. يقولن: فعل مضارع مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. وسبب بنائه على حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة. وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل. ونون التوكيد الثقيلة لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ اللهُ:
  • لفظ‍ الجلالة خبر مبتدأ محذوف تقديره هو الله أو مبتدأ وخبره محذوف أي الله خلقهن أو هو فاعل لفعل محذوف يفسره ما قبله ولأنه اجابة عن استفهام بتقدير: خلقهن الله وهذا الوجه هو الأصوب. والجملة بأوجهها الثلاثة في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ قُلِ:
  • فعل أمر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت بمعنى: فقل والجملة الفعلية «قل وما بعدها» استئنافية لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ الْحَمْدُ لِلّهِ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-الحمد: مبتدأ مرفوع بالضمة. لله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر المبتدأ بمعنى الحمد لله على الزامكم بالإقرار بذلك.
  • ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ:
  • حرف اضراب للاستئناف. أكثر: مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لا يَعْلَمُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. لا: نافية لا عمل لها. يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعولها. أي لا يعلمون ذلك أي إلزامهم بالاقرار.'

المتشابهات :

النحل: 75﴿حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا ۖ هَلْ يَسْتَوُونَ ۚ الْحَمْدُ لِلَّـهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
لقمان: 25﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
الزمر: 29﴿وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ الْحَمْدُ لِلَّـهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     وبعد تهديد المشركين؛ بَيَّنَ اللهُ هنا ما كان عليه هؤلاء الكافرون من تناقض بين أقوالهم وأفعالهم، قال تعالى:
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [26] :لقمان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ..

التفسير :

[26] لله -سبحانه- كل ما في السموات والأرض ملكاً وعبيداً وإيجاداً وتقديراً، فلا يستحق العبادة أحد غيره. إن الله هو الغني عن خلقه، له الحمد والثناء على كل حال.

فذكر عموم ملكه، وأن جميع ما في السماوات والأرض - وهذا شامل لجميع العالم العلوي والسفلي - أنه ملكه، يتصرف فيهم بأحكام الملك القدرية، وأحكامه الأمرية، وأحكامه الجزائية، فكلهم عييد مماليك، مدبرون مسخرون، ليس لهم من الملك شيء، وأنه واسع الغنى، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه أحد من الخلق.{ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}

وأن أعمال النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين، لا تنفع اللّه شيئا وإنما تنفع عامليها، واللّه غني عنهم، وعن أعمالهم، ومن غناه، أن أغناهم وأقناهم في دنياهم وأخراهم.

ثم أخبر تعالى عن سعة حمده، وأن حمده من لوازم ذاته، فلا يكون إلا حميدا من جميع الوجوه، فهو حميد في ذاته، وهو حميد في صفاته، فكل صفة من صفاته، يستحق عليها أكمل حمد وأتمه، لكونها صفات عظمة وكمال، وجميع ما فعله وخلقه يحمد عليه، وجميع ما أمر به ونهى عنه يحمد عليه، وجميع ما حكم به في العباد وبين العباد، في الدنيا والآخرة، يحمد عليه.

ثم بين- سبحانه- ما يدل على عظيم قدرته، وشمول ملكه فقال: لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. أى: لله- تعالى- وحده، ما في السموات وما في الأرض، خلقا، وملكا، وتصرفا..

إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ عن كل ما سواه الْحَمِيدُ أى: المحمود من أهل الأرض والسماء، لأنه هو الخالق لكل شيء، والرازق لكل شيء.

ثم ساق- تعالى- بعد ذلك ما يدل على شمول علمه، ونفاذ قدرته، فقال- سبحانه-:

ثم قال : ( لله ما في السماوات والأرض ) أي : هو خلقه وملكه ، ( إن الله هو الغني الحميد ) أي : الغني عما سواه ، وكل شيء فقير إليه ، الحميد في جميع ما خلق ، له الحمد في السماوات والأرض على ما خلق وشرع ، وهو المحمود في الأمور كلها .

وقوله: (لِلهِ ما فِي السَّمَاوَاتِ والأرْضِ) يقول تعالى ذكره: لله كلّ ما في السموات والأرض من شيء ملكا كائنا ما كان ذلك الشيء من وثن وصنم وغير ذلك، مما يعبد أو لا يعبد (إنَّ الله هُوَ الغَنيُّ الحَمِيدُ) يقول: إن الله هو الغنيّ عن عباده هؤلاء المشركين به الأوثان والأنداد، وغير ذلك منهم ومن جميع خلقه؛ لأنهم ملكه وله، وبهم الحاجة إليه، الحميد: يعني: المحمود على نعمه التي أنعمها على خلقه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[26] ﴿لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ﴾ من هذا ملكه جل شأنه فلا حاجه به لأحد فهو ﴿الغَنِيُّ الحَميدُ﴾.
لمسة
[26] ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ ما سر اقتران اسم الله (الغني) باسم (الحميد)؟! السر أن الكل محتاج إلى الله، والله غير محتاج إلى أحد، فهو غني لعدم حاجته، وحمید مشکور لقضاء حوائجكم.
وقفة
[26] ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ قال الخطابي: «(والحميد) هو المحمود الذي استحق الحمد بأفعاله، وهو الذي يحمد في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء؛ لأنه حكيم لا يجري في أفعاله الغلط، ولا يعترضه الخطأ، فهو محمود على كل حال».
وقفة
[26] ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والحمد على الضراء يوجبه مشهدان: أحدهما: علم العبد بأن الله سبحانه مستوجب ذلك، مستحق له بنفسه، فإنه أحسن كل شيء خلقه، وأتقن كل شيء، وهو العليم الحكيم، الخبير الرحيم، والثاني: علمه بأن اختيار الله لعبده المؤمن خير من اختياره لنفسه».

الإعراب :

  • ﴿ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر مقدم.ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. في السموات: جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة بتقدير ما استقر أو ما هو مستقر في السموات. والأرض: معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ هُوَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «ان» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ:
  • خبران متتابعان للمبتدإ الضمير «هو» والجملة الاسمية هُوَ الْغَنِيُّ» في محل رفع خبر «انّ» ويجوز أن يكون «هو» ضمير فصل أو عماد لا محل له من الاعراب فيكون الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ» خبرين لإن. ولكن الوجه الأول من الاعراب أصح لأن الضمير «هو» فصل بين خبر الحرف «ان» واسمه و «هو» الله ونعته «الغني» ويجوز أن يكون الْحَمِيدُ» صفة-نعتا» للغني. والأصح أن يكون خبرا ثانيا لأن المعنى هو الغني عن شكرهم هو الحميد أي المحمود بمعنى حقيق بأن يحمد وان لم يحمده أحد.'

المتشابهات :

آل عمران: 109﴿ وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَإِلَى اللَّـهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ
آل عمران: 129﴿ وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ
النساء: 126﴿ وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا
النساء: 131﴿ وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّـهَ
النساء: 132﴿ وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا
النجم: 31﴿ وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا
البقرة: 284﴿ لِّلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّـهُ
لقمان: 26﴿ لِّلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     ولَمَّا تقرر إقرارهم لله بخلق السماوات والأرض؛ لزمهم أن ما في السماوات والأرض ملك لله، ومن جملة ذلك أصنامهم، فلا يستحق العبادة أحد غيره، قال تعالى:
﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [27] :لقمان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن ..

التفسير :

[27] ولو أن أشجار الأرض كلها بُريت أقلاماً والبحرُ مداد لها، ويُمَد بسبعة أبحر أخرى، وكُتِب بتلك الأقلام وذلك المداد كلمات الله من علمه وحُكْمه، وما أوحاه إلى ملائكته ورسله؛ لتكسرت تلك الأقلام ولنفِد ذلك المداد، ولم تنفد كلمات الله التامة التي لا يحيط بها

ثم أخبر عن سعة كلامه وعظمة قوله، بشرح يبلغ من القلوب كل مبلغ، وتنبهر له العقول، وتحير فيه الأفئدة، وتسيح في معرفته أولو الألباب والبصائر، فقال:{ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} يكتب بها{ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} مدادا يستمد بها، لتكسرت تلك الأقلام ولفني ذلك المداد، و لم تنفد{ كَلِمَاتُ اللَّهِ} تعالى، وهذا ليس مبالغة لا حقيقة له، بل لما علم تبارك وتعالى، أن العقول تتقاصر عن الإحاطة ببعض صفاته، وعلم تعالى أن معرفته لعباده، أفضل نعمة، أنعم بها عليهم، وأجل منقبة حصلوها، وهي لا تمكن على وجهها، ولكن ما لا يدرك كله، لا يترك كله، فنبههم تعالى تنبيها تستنير به قلوبهم، وتنشرح له صدورهم، ويستدلون بما وصلوا إليه إلى ما لم يصلوا إليه، ويقولون كما قال أفضلهم وأعلمهم بربه:"لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك"وإلا، فالأمر أجل من ذلك وأعظم.

وهذا التمثيل من باب تقريب المعنى، الذي لا يطاق الوصول إليه إلى الأفهام والأذهان، وإلا فالأشجار، وإن تضاعفت على ما ذكر، أضعافا كثيرة، والبحور لو امتدتبأضعاف مضاعفة، فإنه يتصور نفادها وانقضاؤها، لكونها مخلوقة.

وأما كلام اللّه تعالى، فلا يتصور نفاده، بل دلنا الدليل الشرعي والعقلي، على أنه لا نفاد له ولا منتهى، وكل شيء ينتهي إلا الباري وصفاته{ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}

وإذا تصور العقل حقيقة أوليته تعالى وآخريته، وأنه كل ما فرضه الذهن من الأزمان السابقة، مهما تسلسل الفرض والتقدير، فهو تعالى قبل ذلك إلى غير نهاية، وأنه مهما فرضه الذهن والعقل، من الأزمان المتأخرة، وتسلسل الفرض والتقدير، وساعد على ذلك من ساعد، بقلبه ولسانه، فاللّه تعالى بعد ذلك إلى غير غاية ولا نهاية.

واللّه في جميع الأوقات يحكم، ويتكلم، ويقول، ويفعل كيف أراد، وإذا أراد لا مانع له من شيء من أقواله وأفعاله، فإذا تصور العقل ذلك، عرف أن المثل الذي ضربه اللّه لكلامه، ليدرك العباد شيئا منه، وإلا، فالأمر أعظم وأجل.

ثم ذكر جلالة عزته وكمال حكمته فقال:{ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} أي:له العزة جميعا، الذي ما في العالم العلوي والسفلي من القوة إلا منه، أعطاها للخلق، فلا حول ولا قوة إلا به، وبعزته قهر الخلق كلهم، وتصرف فيهم، ودبرهم، وبحكمته خلق الخلق، وابتدأه بالحكمة، وجعل غايته والمقصود منه الحكمة، وكذلك الأمر والنهي وجد بالحكمة، وكانت غايته المقصودة الحكمة، فهو الحكيم في خلقه وأمره.

قال ابن كثير: قال قتادة: قال المشركون: إنما هذا كلام يوشك أن ينفد، فقال- تعالى- وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ ...

وعن ابن عباس أن أحبار يهود قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم أرأيت قولك: وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا؟ إيانا تريد أم قومك؟ فقال صلّى الله عليه وسلم: «كلا عنيت» فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان لكل شيء؟ فقال صلّى الله عليه وسلم: «إنها في علم الله قليل، وعندكم من ذلك ما يكفيكم» وأنزل الله فيما سألوه عنه من ذلك: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ .

و «لو» شرطية، وجوابها «ما نفدت كلمات الله..» و «من» في قوله مِنْ شَجَرَةٍ للبيان، وفي الآية الكريمة كلام محذوف يدل عليه السياق.

والمعنى: ولو أن ما في الأرض من أشجار تحولت بغصونها وفروعها إلى أقلام، ولو أن البحر- أيضا- تحول إلى مداد لتلك الأقلام، وأمد هذا البحر بسبعة أبحر أخرى. وكتبت بتلك الأقلام، وبذلك المداد كلمات الله التي يحيط بها علمه- تعالى-..

لنفدت الأقلام، ولنفد ماء البحر، لتناهى كل ذلك، وما نفدت كلمات الله- تعالى- ولا معلوماته، لعدم تناهيها.

إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يعجزه شيء، ولا يغلبه غالب حَكِيمٌ في كل أقواله وأفعاله.

فالآية الكريمة المقصود منها بيان أن علم الله- تعالى- لا نهاية له، وأن مشيئته لا يقف أمامها شيء، وكلماته لا أول لها ولا آخر.

وقال- سبحانه- مِنْ شَجَرَةٍ بالإفراد، لأن المراد تفصيل الشجر واستقصاؤه شجرة فشجرة، حتى لا تبقى واحدة من أنواع الأشجار إلا وتحولت إلى أقلام.

وجمع- سبحانه- الأقلام، للتكثير، أى: أقلام كثيرة يصعب عدها.

والمراد بالبحر: البحر المحيط بالأرض، لأنه المتبادر من التعريف، إذ هو الفرد الكامل.

وإنما ذكرت السبعة بعد ذلك على وجه المبالغة دون إرادة الحصر، وإلا فلو اجتمعت عشرات البحار ما نفدت كلمات الله.

قال صاحب الكشاف فإن قلت: مقتضى الكلام أن يقال: ولو أن الشجر أقلام، والبحر مداد؟ قلت: أغنى عن ذكر المداد قوله يَمُدُّهُ لأنه من قولك: مد الدواة وأمدها. جعل البحر الأعظم بمنزلة الدواة، وجعل الأبحر السبعة مملوءة مدادا، فهي تصب فيه مدادها أبدا صبا لا ينقطع.

فإن قلت: الكلمات جمع قلة، والموضع موضع التكثير لا التقليل، فهلا قيل: كلم الله؟.

قلت: معناه أن كلماته لا تفي بكتابتها البحار فكيف بكلمة؟

وقال الآلوسى: والمراد بكلماته- تعالى- كلمات علمه- سبحانه- وحكمته. وقيل:

المراد بها: مقدوراته وعجائب خلقه، والتي إذا أراد- سبحانه- شيئا منها قال له: كُنْ فَيَكُونُ .

قول تعالى مخبرا عن عظمته وكبريائه وجلاله ، وأسمائه الحسنى وصفاته العلا وكلماته التامة التي لا يحيط بها أحد ، ولا اطلاع لبشر على كنهها وإحصائها ، كما قال سيد البشر وخاتم الرسل : " لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " ، فقال تعالى : ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ) [ أي : ولو أن جميع أشجار الأرض جعلت أقلاما ، وجعل البحر مدادا ومده سبعة أبحر ] معه ، فكتبت بها كلمات الله الدالة على عظمته وصفاته وجلاله لتكسرت الأقلام ، ونفد ماء البحر ، ولو جاء أمثالها مددا .

وإنما ذكرت " السبعة " على وجه المبالغة ، ولم يرد الحصر ولا [ أن ] ثم سبعة أبحر موجودة تحيط بالعالم ، كما يقوله من تلقاه من كلام الإسرائيليين التي لا تصدق ولا تكذب ، بل كما قال تعالى في الآية الأخرى : ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ) [ الكهف : 109 ] ، فليس المراد بقوله : ( بمثله ) آخر فقط ، بل بمثله ثم بمثله ثم بمثله ، ثم هلم جرا; لأنه لا حصر لآيات الله وكلماته .

وقال الحسن البصري : لو جعل شجر الأرض أقلاما ، وجعل البحر مدادا ، وقال الله : " إن من أمري كذا ، ومن أمري كذا " لنفد ما في البحور ، وتكسرت الأقلام .

وقال قتادة : قال المشركون : إنما هذا كلام يوشك أن ينفد ، فقال الله تعالى : ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام ) أي : لو كان شجر الأرض أقلاما ، ومع البحر سبعة أبحر ، ما كان لتنفد عجائب ربي وحكمته وخلقه وعلمه .

وقال الربيع بن أنس : إن مثل علم العباد كلهم في علم الله كقطرة من ماء البحور كلها ، وقد أنزل الله ذلك : ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام ) الآية .

يقول : لو كان البحر مدادا لكلمات الله والأشجار كلها أقلاما ، لانكسرت الأقلام ، وفني ماء البحر ، وبقيت كلمات الله قائمة لا يفنيها شيء ; لأن أحدا لا يستطيع أن يقدر قدره ، ولا يثني عليه كما ينبغي ، حتى يكون هو الذي يثني على نفسه . إن ربنا كما يقول ، وفوق ما نقول .

وقد روي أن هذه الآية نزلت جوابا لليهود ، قال ابن إسحاق : حدثني ابن أبي محمد ، عن سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس ; أن أحبار يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة : يا محمد ، أرأيت قولك : ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) ؟ [ الإسراء : 85 ] ، إيانا تريد أم قومك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلا " . فقالوا : ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان لكل شيء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها في علم الله قليل ، وعندكم من ذلك ما يكفيكم " . وأنزل الله فيما سألوه عنه من ذلك : ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام ) الآية .

وهكذا روي عن عكرمة ، وعطاء بن يسار . وهذا يقتضي أن هذه الآية مدنية لا مكية ، والمشهور أنها مكية ، والله أعلم .

وقوله : ( إن الله عزيز حكيم ) أي : عزيز قد عز كل شيء وقهره وغلبه ، فلا مانع لما أراد ولا مخالف ولا معقب لحكمه ، ( حكيم ) في خلقه وأمره ، وأقواله وأفعاله ، وشرعه وجميع شؤونه .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)

يقول تعالى ذكره: ولو أن شجر الأرض كلها بريت أقلاما(والبَحْرُ يَمُدُّهُ) يقول: والبحر له مداد، والهاء في قوله: (يَمُدُّهُ) عائدة على البحر. وقوله: (منْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مِا نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) وفي هذا الكلام محذوف استغنى بدلالة الظاهر عليه منه، وهو يكتب كلام الله بتلك الأقلام وبذلك المداد، لتكسرت تلك الأقلام، ولنفذ ذلك المداد، ولم تنفد كلمات الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: سألت الحسن عن هذه الآية (وَلَوْ أنَّما في الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أقْلامٌ) قال: لو جعل شجر الأرض أقلاما، وجعل البحور مدادا، وقال الله: إن من أمري كذا، ومن أمري كذا، لنفد ماء البحور، وتكسَّرت الأقلام.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم، قال: ثنا عمرو في قوله: (وَلَوْ أنَّما في الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أقْلامٌ) قال: لو بريت أقلاما والبحر مدادا، فكتب بتلك الأقلام منه (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) ولو مدّه سبعة أبحر.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (وَلَوْ أنَّما في الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أقْلامٌ والبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) &; 20-152 &; قال: قال المشركون: إنما هذا كلام يوشك أن ينفد، قال: لو كان شجر البرّ أقلاما، ومع البحر سبعة أبحر ما كان لتنفد عجائب ربي وحكمته وخلقه وعلمه.

وذُكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبب مجادلة كانت من اليهود له.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا ابن إسحاق، قال: ثني رجل من أهل مكة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس: أن أحبار يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة: يا محمد، أرأيت قوله: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا إيانا تريد أم قومك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كُلا "، فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك: أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كلّ شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّها في عِلْمِ اللهِ قَلِيلٌ وَعِنْدَكُمْ مِنْ ذلكَ ما يكْفِيكُمْ"، فأنـزل الله عليه فيما سألوه عنه من ذلك (وَلَوْ أنَّما في الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أقْلامٌ وَالبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) أي أن التوراة في هذا من علم الله قليل.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرمة، قال: سأل أهل الكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح، فأنـزل الله وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا فقالوا: تزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلا وقد أوتينا التوراة، وهي الحكمة وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا قال: فنـزلت (وَلَوْ أنَّما في الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أقْلامٌ والبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) قال: ما أوتيتم من علم فنجاكم الله به من النار، وأدخلكم الجنة، فهو كثير طيب، وهو في علم الله قليل.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار، قال: لما نـزلت بمكة وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا يعني: اليهود، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، أتاه أحبار يهود، فقالوا: يا محمد، ألم يبلغنا أنك تقول: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا أفتعنينا أم قومك؟ قال: " كُلا قَدْ عَنَيْتُ"، قالوا: فإنك تتلو أنا قد أوتينا التوراة، وفيها تبيان &; 20-153 &; كلّ شيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هِيَ فِي عِلمِ اللهِ قَلِيلٌ، وقَدْ أتاكُمُ اللهُ ما إنْ عَمِلْتُمْ بِهِ انْتَفَعْتُمْ"، فأنـزل الله: (وَلَوْ أنَّما فِي الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أقلامٌ والبَحْرُ يَمُدُّهُ منْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أبْحُرٍ) إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (والبَحْرُ يَمُدُّهُ مَنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أبْحُرٍ) فقرأته عامَّة قرّاء المدينة والكوفة: (والبحرُ) رفعا على الابتداء، وقرأته قرّاء البصرة نصبا، عطفا به على " ما " في قوله: (وَلَوْ أنَّمَا فِي الأرْضِ)، وبأيتهما قرأ القارئ فمصيب عندي. وقوله: (إنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) يقول: إن الله ذو عزّة في انتقامه ممن أشرك به، وادّعى معه إلها غيره، حكيم في تدبيره خلقه.

التدبر :

وقفة
[27] ﴿وَلَو أَنَّما فِي الأَرضِ مِن شَجَرَةٍ أَقلامٌ وَالبَحرُ يَمُدُّهُ مِن بَعدِهِ سَبعَةُ أَبحُرٍ﴾ هذا المثال إنما هو للتقريب لعقل الإنسان القاصر عن تخيل كيف هو كلام الله الذى لا ينفذ.
وقفة
[27] ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّـهِ﴾ لو اجتمعت مواهب أهل العلم والبلاغة والفصاحة أولهم وآخرهم على قلب رجل واحد ليوفوا هذه الآية حقها من بیان وبلاغة لما استطاعوا!
وقفة
[27] ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّـهِ﴾ أي لو أن أشجار الأرض كلها بريت أقلامًا، وصار البحر مدادًا لها، ويمتد بسبعة أبحر أخرى، وكتبت بتلك الأقلام وذلك المداد كلمات الله من علمه وحكمه، لتكسرت تلك الأقلام، ولنفد ذلك المداد، ولم تنفد كلمات الله التامة التي لا يحيط بها أحد.
وقفة
[27] ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّـهِ﴾ كلمات المنح والعطاء والرزق والتيسير، أوامر الخزائن التي لا تنفد، فلا سقف للإنفاق، ولا عجز في البنود، ولا شح في النفقات، ورقة الطلب وعليها توقيع العطاء تقدم بطلبك الآن.
وقفة
[27] ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ كلمة واحدة منها تصلح دنياك وآخرتك، قل: يا رب.
وقفة
[27] ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ قال الحسن: «لو جُعل شجر الأرض أقلامًا، وجُعل ماء البحر في دواة، وقال الله: من أمري كذا وكذا؛ لنفذ البحر ولتكسرت الأقلام».
وقفة
[27] ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّـهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ الآية إخبار بكثرة كلمات الله، والمراد: اتساع علمه، ومعنى الآية: أن شجر الأرض لو كانت أقلامًا، والبحر لو كان مدادًا يصب فيه سبعة أبحر صَبًّا دائمًا، وكتبت بذلك كلمات الله؛ لنفدت الأشجار والبحار، ولم تنفد كلمات الله؛ لأن الأشجار والبحار متناهية، وكلمات الله غير متناهية.
لمسة
[27] وقال سبحانه: ﴿مِن شَجَرَةٍ﴾ بالإفراد، لأن المراد تفصيل الشجر واستقصاؤه شجرة فشجرة، حتى لا تبقى واحدة من أنواع الأشجار إلا وتحولت إلى أقلام، وجمع -سبحانه- الأقلام، للتكثير، أى: أقلام كثيرة يصعب عدها.
وقفة
[27] ﴿مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّـهِ﴾ عدم تناهي كلمات الله.
وقفة
[27] تأمل البحار، وكم قطرات الماء التي فيها، ومع ذلك لو كانت حبرًا ﴿ما نفدت كلمات الله﴾.
وقفة
[27] فإن قلت: الكلمات جمع قلة، والموضع موضع التكثير لا التقليل، فهلا قيل: كلم الله؟ قلت: معناه أن كلماته لا تفي بكتابتها البحار فكيف بكلمة؟!

الإعراب :

  • ﴿ وَلَوْ أَنَّ ما:
  • الواو استئنافية. لو: حرف شرط‍ غير جازم. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم «أن» و «أنّ» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره «ثبت» أو «كان» التقدير: ولو ثبت كون الأشجار أقلاما.
  • ﴿ فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ:
  • جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة بتقدير: ما استقر أو ما وجد في الأرض. من شجرة: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «ما» التقدير: ولو ثبت أن ما في الأرض حالة كونه من شجرة. لأن «من» حرف جر بياني وقبله اسم موصول مبهم. وقد جاءت كلمة «شجرة» على التوحيد دون اسم الجنس الذي هو شجر. يقول الزمخشري في تفسير ذلك: أريد تفصيل الشجر وتقصيها شجرة شجرة حتى لا يبقى من جنس الشجر ولا واحدة الا قد بريت أقلاما. وعن ورود كَلِماتُ اللهِ» وهي جمع قلة والموضع موضع التكثير لا التقليل فلماذا لم يقل «كلم الله»؟ قال: معناه أن كلمات الله لا تفي بكتبتها البحار فكيف بكلمه؟ .
  • ﴿ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ:
  • أقلام: خبر «ان» مرفوع بالضمة. والبحر: معطوفة بالواو على محل «أن» مع اسمها وخبرها. بتقدير: وثبت: وثبت كون البحر ممدودا. أو تكون الجملة ابتدائية أو استئنافية لا محل لها من الاعراب. أو في محل نصب حالية. البحر: مبتدأ مرفوع بالضمة. يمده: فعل مضارع مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم. والجملة الفعلية يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ» في محل رفع خبر المبتدأ «البحر» والجملة الاسمية في محل نصب حال أو لا محل لها وجاءت الجملة حالية رغم عدم وجود ضمير راجع الى صاحب الحال لأن هناك من الأحوال التي حكمها حكم الظروف. مثل قولنا: جئت والقوم جالسون. ويجوز أن يكون المعنى وبحر الأرض على سعته مداد أي حبر ممدود.
  • ﴿ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ:
  • جار ومجرور متعلق بيمد والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. سبعة: فاعل «يمد» مرفوع بالضمة. أبحر: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ ما نَفِدَتْ:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. ما: نافية لا عمل لها. نفدت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب بمعنى: ما فنيت.
  • ﴿ كَلِماتُ اللهِ:
  • فاعل مرفوع بالضمة. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة بمعنى ما فنيت حكم الله وآياته.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ:
  • حرف مشبه بالفعل حرف نصب وتوكيد. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «ان» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. عزيز: خبر «ان» مرفوع بالضمة. أي لا يعجزه شيء.
  • ﴿ حَكِيمٌ:
  • خبر ثان لأن أو صفة لعزيز مرفوع بالضمة بمعنى: لا يخرج من علمه وحكمته شيء.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ولَوْ أنَّما في الأرْضِ مِن شَجَرَةٍ أقْلامٌ﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: سَألَتِ اليَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الرُّوحِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ بِمَكَّةَ: ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أمْرِ رَبِّي وما أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إلّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥] . فَلَمّا هاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى المَدِينَةِ أتاهُ أحْبارُ اليَهُودِ فَقالُوا: يا مُحَمَّدُ، بَلَغَنا عَنْكَ أنَّكَ تَقُولُ: ﴿وما أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إلّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥] . أفَتَعْنِينا أمْ قَوْمَكَ ؟ فَقالَ: ”كُلًّا قَدْ عَنَيْتُ“ . قالُوا: ألَسْتَ تَتْلُو فِيما جاءَكَ أنّا قَدْ أُوتِينا التَّوْراةَ وفِيها عِلْمُ كُلِّ شَيْءٍ ؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”هي في عِلْمِ اللَّهِ قَلِيلٌ، وقَدْ آتاكُمُ اللَّهُ تَعالى ما إنْ عَمِلْتُمْ بِهِ انْتَفَعْتُمْ بِهِ“ . فَقالُوا: يا مُحَمَّدُ، كَيْفَ تَزْعُمُ هَذا وأنْتَ تَقُولُ: ﴿ومَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩] ؟ وكَيْفَ يَجْتَمِعُ هَذا؛ عِلْمٌ قَلِيلٌ وخَيْرٌ كَثِيرٌ ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ولَوْ أنَّما في الأرْضِ مِن شَجَرَةٍ أقْلامٌ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ ما يدل على شمول ملكه؛ بَيَّنَ هنا ما يدل على شمول علمه وقدرته، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

والبحر:
وقرئ:
وبحر، بالتنكير والرفع، وهى قراءة عبد الله.
يمده:
1- بالياء، من «مد» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتاء التأنيث، من «مد» أيضا، وهى قراءة ابن مسعود، وابن عباس.
3- بالياء، من «أمد» ، وهى قراءة عبد الله أيضا، والحسن، وابن مطرف، وابن هرمز.
4- مداده، وهى قراءة جعفر بن محمد.
كلمات:
1- على الجمع، بالألف والتاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- كلمة، على التوحيد، وهى قراءة زيد بن على.
3- ما نفذ كلام الله، وهى قراءة الحسن.

مدارسة الآية : [28] :لقمان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا ..

التفسير :

[28] ما خَلْقُكم -أيها الناس- ولا بَعْثُكم يوم القيامة في السهولة واليسر إلا كخَلْق نفس واحدة وبَعْثها. إن الله سميع لأقوالكم، بصير بأعمالكم، وسيجازيكم عليها.

ثم ذكر عظمة قدرته وكمالها وأنه لا يمكن أن يتصورها العقل فقال:{ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} وهذا شيء يحير العقول، إن خلق جميع الخلق - على كثرتهم وبعثهم بعد موتهم، بعد تفرقهم في لمحة واحدة - كخلقه نفسا واحدة، فلا وجه لاستبعاد البعث والنشور، والجزاء على الأعمال، إلا الجهل بعظمة اللّه وقوة قدرته.

ثم ذكر عموم سمعه لجميع المسموعات، وبصره لجميع المبصرات فقال:{ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}

ثم أتبع- سبحانه- ذلك بيان نفاذ قدرته فقال: ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ.... أى: ما خلقكم- أيها الناس- جميعا، ولا بعثكم يوم القيامة، إلا كخلق نفس واحدة أو بعثها، لأن قدرته- عز وجل- يتساوى معها القليل والكثير، والصغير والكبير، قال- تعالى- إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.

وقال- سبحانه-: وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ.

إِنَّ اللَّهَ- تعالى-: سَمِيعٌ لكل شيء بَصِيرٌ بأحوال خلقه لا يخفى عليه شيء منهم.

ثم ذكر- سبحانه- الناس بجانب من مظاهر قدرته ونعمه عليهم، لكي يخلصوا له العبادة والطاعة، فقال- تعالى-:

وقوله : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) أي : ما خلق جميع الناس وبعثهم يوم المعاد بالنسبة إلى قدرته إلا كنسبة [ خلق ] نفس واحدة ، الجميع هين عليه و ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) [ يس : 82 ] ، ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) [ القمر : 50 ] أي : لا يأمر بالشيء إلا مرة واحدة ، فيكون ذلك الشيء لا يحتاج إلى تكرره وتوكده . ( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ) [ النازعات : 13 ، 14 ] .

وقوله : ( إن الله سميع بصير ) أي : كما هو سميع لأقوالهم بصير بأفعالهم كسمعه وبصره بالنسبة إلى نفس واحدة كذلك قدرته عليهم كقدرته على نفس واحدة; ولهذا قال : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة [ إن الله سميع بصير ] ) .

القول في تأويل قوله تعالى : مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)

يقول تعالى ذكره: ما خلقكم أيها الناس ولا بعثكم على الله إلا كخلق نفس واحدة وبعثها، وذلك أن الله لا يتعذّر عليه شيء أراده، ولا يمتنع منه شيء شاءه إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فسواء خلق واحد وبعثه، وخلق الجميع وبعثهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثني أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (كَنَفْسٍ وِاحِدَةٍ) يقول: كن فيكون للقليل والكثير.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: ( مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) قال: يقول: إنما خلق الله الناس كلهم وبعثهم كخلق نفس واحدة وبعثها، وإنما صلح أن يقال: إلا كنفس واحدة، والمعنى: إلا كخلق نفس واحدة؛ لأن المحذوف فعل يدلّ عليه قوله: (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ) والعرب تفعل ذلك في المصادر، ومنه قول الله: تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ والمعنى: كدوران عين الذي يغشى عليه من الموت، فلم يذكر الدوران والعين لما وصفت.

&; 20-154 &;

وقوله: (إنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) يقول تعالى ذكره: إن الله سميع لما يقول هؤلاء المشركون ويفترونه على ربهم، من ادّعائهم له الشركاء والأنداد وغير ذلك من كلامهم وكلام غيرهم، بصير بما يعملونه وغيرهم من الأعمال، وهو مجازيهم على ذلك جزاءهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[28] ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ آفة أكثر الخلق أنهم يقيسون قدرة الله غير المحدودة بمقاييس عقولهم المحدودة، قال مجاهد: «القليل والكثير عليه سواء، إنما يقول له: كن فيكون».
وقفة
[28] ﴿ما خَلقُكُم وَلا بَعثُكُم إِلّا كَنَفسٍ واحِدَةٍ﴾ سبحانه جل شأنه لا يعجزه شئ، وخلق واحد كخلق الكل سواء.
لمسة
[28] ﴿إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ﴾ السميع إما بمعنى المجيب أي للدعاء، أو بمعنى الإدراك، وسماع الإدراك ثلاثة أقسام: سماع تهدید وهو للعصاة والمجرمين، وسماع تأیید وهو للمؤمنين، ومثاله: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: 46]، وسماع إحاطة وشمول، كما في قول عائشة رضي الله عنها: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ» [أحمد 6 /46، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم].

الإعراب :

  • ﴿ ما خَلْقُكُمْ:
  • ما: نافية لا عمل لها. خلقكم: مبتدأ مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَلا بَعْثُكُمْ:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي. بعثكم: معطوفة على «خلقكم» وتعرب إعرابها بمعنى ما خلقكم من العدم ولا بعثكم يوم الصيحة من قبوركم.
  • ﴿ إِلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ:
  • الاّ أداة حصر لا عمل لها. كنفس: الكاف اسم بمعنى «مثل» يفيد التشبيه مبني على الفتح قي محل رفع خبر المبتدأ. نفس: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى إلاّ كخلق نفس واحدة وبعثها أي سواء في قدرته. وقد حذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه. واحدة: صفة-نعت-لنفس مجرورة بالكسرة.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. أي يسمع كل صوت ويبصر كل مبصر.'

المتشابهات :

فاطر: 28﴿إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
البقرة: 220﴿وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَأَعۡنَتَكُمۡۚ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
الأنفال: 49﴿غَرَّ هَٰٓؤُلَآءِ دِينُهُمۡۗ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَـ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
الأنفال: 10﴿وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
التوبة: 71﴿أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
لقمان: 27﴿مِنۢ بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرٖ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَٰتُ ٱللَّهِۚ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
البقرة: 209﴿فَإِن زَلَلۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡكُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَٱعۡلَمُوٓاْ أنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
البقرة: 260﴿ٱجۡعَلۡ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٖ مِّنۡهُنَّ جُزۡءٗا ثُمَّ ٱدۡعُهُنَّ يَأۡتِينَكَ سَعۡيٗاۚ وَٱعۡلَمۡ أنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ كَمالَ عِلمِه وقُدرتِه؛ ذكَرَ هنا ما يُبطِلُ استِبعادَ المُشرِكينَ للحَشرِ، قال تعالى:
﴿ مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف