4323233343536373839

الإحصائيات

سورة سبإ
ترتيب المصحف34ترتيب النزول58
التصنيفمكيّةعدد الصفحات6.50
عدد الآيات54عدد الأجزاء0.35
عدد الأحزاب0.70عدد الأرباع2.80
ترتيب الطول31تبدأ في الجزء22
تنتهي في الجزء22عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 6/14الحمد لله: 4/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (32) الى الآية رقم (35) عدد الآيات (4)

تبرؤُ الذينَ استَكْبَرُوا من الذينَ استُضْعِفُوا، وذكرُ جزاءِ الفريقينِ، ثُمَّ إعراضُ المُترَفِينَ من أهلِ القرى عن الإيمانِ، واغترارُهم بكثرةِ أموالِهم وأولادِهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (36) الى الآية رقم (39) عدد الآيات (4)

الردُّ على المُترَفينَ بأنَّ اللهَ هو الذي يفاضِلُ بين عبادِه في الأرزاقِ، ثُمَّ أعلنَ تعالى ميزانَ القربى عندَه، وأنَّها ليست بكثرةِ المالِ والولدِ، وإنَّما بالإيمانِ والعملِ الصالحِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة سبإ

حسن عاقبة الشاكرين وسوء عاقبة الجاحدين/ العبودية سبيل العمران (حضارتان في الميزان).

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هؤلاء شكروا وهؤلاء كفروا::   بدأت السورة بـ: 1- بيان ربوبية الله وألوهيته وقدرته سبحانه وتعالى، ثم: 2- الإخبار عن إنكار كفار مكة للبعث والجزاء، وسخريتهم من النبي ﷺ، وقد هدَّدهم الله على ذلك بالعذاب مِن فوقهم، أو من تحت أرجلهم، ثم أعقب ذلك بـ: 3- قصة داود وسليمان عليهما السلام، ثم قصة قوم سبأ. ويشترك أصحاب القصتين في أن الله قد أنعم عليهم بالخيرات، ورزقهم من الطيبات، حتى شبعوا وأَمِنُوا، ولكن آل داود آمنوا وشكروا، وآل سبأ بطروا وكفروا، فكانت القصتان مثَلين لأمَّتين إحداهما شاكرة، والأخرى كافرة، وكانت أمَّة داود الشاكرة المرحومة مثلًا للنبي ﷺ ومَن آمن معه، وفي ذلك تثبيت لهم على إيمانهم، وربط على قلوبهم، كما كانت أمَّة سبأ الكافرة المعذَّبة مثلًا لكفار قريش؛ لإنذارهم من العذاب كما عذب الله قوم سبأ.
  • • من هي سبأ؟:   إن سبأً قومٌ اكتملتْ نِعَمُهم؛ فأرزاقُهم حاضرة، وأرضهم مخضرَّة، وسماؤهم ممطرة، وثمارهم يانعة، وضروعهم دارَّة، تحيط بمساكنهم الأشجارُ والثمار، وتملأ جنبتي بلادهم؛ فلا يسيرون إلا في خضرة من الأرض، ولا يأكلون إلا أطيب الطعام والثمار، يشربون من الماء أعذبَه، ويتنفسون من الهواء أنقاه، حتى ذكر المفسِّرون خلو أرضهم وأجوائهم من الهوام والحشرات المؤذية، وهذا من أكمل ما يكون للعيش الرغيد، والراحة التامة، والنعم الكاملة. ولم يطلب ربُّهم منهم مقابلَ هذه النعم المتتابعة إلا شكرَه عليها، بإقامة دينه وتحقيق توحيده: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ (15)، فوصفها الله بأنها بلدة طيبة؛ فكل شيء فيها طيِّب. وقد عفا الله عنهم ما مضى مِن كفرهم وتجاوزهم، فلم يستأصلهم به، ودعاهم إلى شكره، بتذكيرهم بمغفرته ورزقه: ﴿كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ (15). لكنهم قابلوا دعوة الله لهم بالإعراض والاستكبار، والإعراضُ أشدُّ أنواع الكفر، فاستحقوا العذابَ والدمار: ﴿ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾ (16)، ففتح الله عليهم سدَّهم؛ ليغرق بلادهم، ويهلك حرثهم وأنعامهم، ويتلف أشجارهم وثمارهم، فأضحتْ بلادُهم بعد الخضرة مغبرَّةً، وبعد الجدة مقفرةً، وبعد السَّعة ضيقةً، وذهبتْ نعمهم في لمح البصر، وصاروا ممحلين لا يلوون على شيء.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سبأ».
  • • معنى الاسم ::   سبأ: هي أرض باليمن، مدينتها مأرب.
  • • سبب التسمية ::   لأن ‏الله ‏ذكر ‏فيها ‏قصة ‏سبأ‏، ‏وقد ‏كان ‏أهلها ‏في ‏نعمة ‏ورخاء، ‏وكانت ‏مساكنهم ‏حدائق ‏وجنات ‏فلما كفروا ‏النعمة ‏دمرهم ‏الله ‏بسيل ‏العرم ‏وجعلهم ‏عبرة ‏لمن ‏يعتبر‏‏.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن العبودية سبيل العمران.
  • • علمتني السورة ::   حسن عاقبة الشاكرين وسوء عاقبة الجاحدين.
  • • علمتني السورة ::   لأن تكذيب الحضارات وكفرها بالله تعالى هو سبب هلاكها.
  • • علمتني السورة ::   أن الغنى لا يدل على محبة الله للعبد: ﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ...﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة سبأ من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة سبأ تشبه سورة الفرقان في أنها استعرضت شبهات الكفار، وردت عليها واحدة واحدة، كالشبهات التي دارت حول التوحيد والرسالة، وركزت كثيرًا حول شبهة إنكار البعث.
    • استخدمت السورة أسلوب الجدال والحوار لتفنيد شبهات الكفار؛ بل نرى لونًا من أدب الجدال لا نظير له، وهو في غاية الإنصاف والاعتدال! حيث يتنزل فيه عارض الحق إلى مستوى خصمه، ويناشده أن يعي وأن يقبل الصواب: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (24)، وهذا الجدل علي هذا النحو المهذب أقرب إلى لمس قلوب المستكبرين، وأجدر بأن يثير التدبر الهادئ والاقناع العميق.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن ندوام على شكر الله على نعمه بقلوبنا وألسنتنا وأعمالنا.
    • أن نصلح أعمالنا الظاهرة والباطنة؛ فإن الله لا يخفى عليه شيء: ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ (3).
    • أن نُعَلِّم مسلمًا سورةً من القرآنِ؛ شكرًا لله على حفظِنا لهذه السُّورةِ: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ (13).
    • أن نحذر من اتباع خطوات الشيطان؛ فليس له علينا سلطان: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَان﴾ (20-21).
    • أن نحذر من عبادة القبور ودعاء الأولياء والصالحين بحجة أنهم شفعاء: ﴿وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ (23).
    • أن نعلم أن رزقنا بيد الله تعالى؛ فلا نحزن ونرض بما قسم الله لنا: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّـهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ (24).
    • أن نستخدم في دعوتِنا التبشيرَ والإنذارَ: ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ (28).
    • أن ننفق من أموالنا في دعم مشروع خيري راجين الخلف من الله تعالى: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ (39).
    • أن نحْيي في أنفسِنا عبادةَ التَّفكُّرِ؛ فهي من أجَلِّ العباداتِ القلبيةِ: ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ (46).
    • أن نُذَكِّر أنفسنا عندَ كُلِّ عملٍ نقومُ به: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ﴾ (47)؛ لا ننتظرْ جزاءً من أحدٍ، لا نجعل الدين سلمًا ننال به عرض الدنيا الزائل؛ فإن الآخرة خير وأبقى.

تمرين حفظ الصفحة : 432

432

مدارسة الآية : [32] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا ..

التفسير :

[32] قال الرؤساء للذين استُضعِفوا:أنحن منعناكم من الهدى بعد إذ جاءكم؟ بل كنتم مجرمين إذ دخلتم في الكفر بإرادتكم مختارين.

{ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا} مستفهمين لهم ومخبرين أن الجميع مشتركون في الجرم:{ أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ} أي:بقوتنا وقهرنا لكم.{ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ} أي:مختارين للإجرام, لستم مقهورين عليه, وإن كنا قد زينا لكم, فما كان لنا عليكم من سلطان.

وهنا يرد الزعماء باستنكار وضيق، ويحكى ذلك القرآن فيقول: قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا على سبيل التوبيخ والتقريع أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ

كلا، إننا ما فعلنا ذلك، ولسنا نحن الذين حلنا بينكم وبين اتباع الحق.

بَلْ أنتم الذين كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ في حق أنفسكم، حيث اتبعتمونا باختياركم، ورضيتم عن طواعية منكم أن تتبعوا غيركم بدون تفكر أو تدبر للأمور.

فقال لهم القادة والسادة ، وهم الذين استكبروا : ( أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم ) أي : نحن ما فعلنا بكم أكثر من أنا دعوناكم فاتبعتمونا من غير دليل ولا برهان ، وخالفتم الأدلة والبراهين والحجج التي جاءت بها الأنبياء ، لشهوتكم واختياركم لذلك; ولهذا قالوا : ( بل كنتم مجرمين )

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32)

يقول تعالى ذكره: (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) في الدنيا، فرأسوا في الضلالة والكفر بالله (لِلَّذِينّ اسْتُضْعِفُوا) فيها فكانوا أتباعًا لأهل الضلالة منهم إذ قالوا لهم لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ : (أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى) ومنعناكم من اتباع الحق (بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ) من عند الله يبين لكم (بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ) فمنعكم إيثاركم الكفر بالله على الإيمان من اتباع الهدى، والإيمان بالله ورسوله.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[32] ﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم ۖ بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ﴾ كلاهما مجرم، لكن المستكبرين أعظم إجرامًا، لكنها زفرات اليائسين، يظنون الشكوى مما يرفع العذاب عنهم أو يخففه إلى حين، وهيهات.
وقفة
[32] تجنب طاعة الكبراء في الباطل ﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم ۖ بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ﴾.
وقفة
[32] تبرؤ الأتباع والمتبوعين بعضهم من بعض، لا يُعْفِي كلًّا من مسؤوليته ﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم ۖ بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ﴾.
وقفة
[32] ﴿قالَ الَّذينَ استَكبَروا لِلَّذينَ استُضعِفوا أَنَحنُ صَدَدناكُم عَنِ الهُدى بَعدَ إِذ جاءَكُم بَل كُنتُم مُجرِمينَ﴾ كلا، ما فعلنا ذلك، ولسنا نحن الذين حلنا بينكم وبين اتباع الحق، بَلْ أنتم الذين كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ في حق أنفسكم، حيث اتبعتمونا باختياركم، ورضيتم عن طواعية منكم أن تتبعوا غيركم بدون تفكر أو تدبر للأمور، ياله من حوار مخيف.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا:
  • اللام حرف جر. الذين تعرب اعراب قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا» في الآية الكريمة السابقة.: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقال. استضعفوا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. وجملة «استضعفوا» صلة الموصول لا محل لها. والجملة بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ:
  • الهمزة حرف انكار بلفظ‍ استفهام. نحن: ضمير منفصل-ضمير المتكلمين-في محل رفع مبتدأ. صدد: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور وجملة «صددناكم» أي منعناكم في محل رفع خبر «نحن».
  • ﴿ عَنِ الْهُدى:
  • جار ومجرور متعلق بصددناكم. وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر وكسر نون «عن» لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ:
  • ظرف زمان متعلق بصددنا منصوب على الظرفية وهو مضاف. اذ: اسم مبني على السكون في محل جر بالاضافة وهو مضاف أيضا و «إذ» أيضا من الظروف وقد وقعت مضافا اليها من باب الاتساع في الزمان فأضيف اليها ظرف الزمان كما يضاف الى الجمل. جاء: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «كم» أعربت في «صددناكم» وجملة «جاءكم» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف «إذ».
  • ﴿ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل -ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. مجرمين: خبر «كان» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

الأعراف: 76﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُم بِهِ كَافِرُونَ
سبإ: 32﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم
غافر: 48﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّـهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     وبعد بيان ما قاله المستضعفون للذين استكبروا، وهم القادة والرؤساء؛ بَيَّنَ اللهُ هنا رَدَّ الرؤساء على المستضعفين، قال تعالى:
﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [33] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ..

التفسير :

[33] وقال المستضعفون لرؤسائهم في الضلال:بل تدبيركم الشر لنا في الليل والنهار هو الذي أوقعنا في التهلُكة، فكنتم تطلبون منا أن نكفر بالله، ونجعل له شركاء في العبادة، وأسرَّ كُلٌّ من الفريقين الحسرة حين رأوا العذاب الذي أُعدَّ لهم، وجعلنا الأغلال في أعناق ا

{ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا} أي:بل الذي دهانا منكم, ووصل إلينا من إضلالكم, ما دبرتموه من المكر, في الليل والنهار, إذ تُحَسِّنون لنا الكفر, وتدعوننا إليه, وتقولون:إنه الحق, وتقدحون في الحق وتهجنونه, وتزعمون أنه الباطل، فما زال مكركم بنا, وكيدكم إيانا, حتى أغويتمونا وفتنتمونا.

فلم تفد تلك المراجعة بينهم شيئا إلا تبري بعضهم من بعض, والندامة العظيمة, ولهذا قال:{ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ} أي:زال عنهم ذلك الاحتجاج الذي احتج به بعضهم على بعض لينجو من العذاب, وعلم أنه ظالم مستحق له، فندم كل منهم غاية الندم, وتمنى أن لو كان على الحق, [وأنه] ترك الباطل الذي أوصله إلى هذا العذاب, سرا في أنفسهم, لخوفهم من الفضيحة في إقرارهم على أنفسهم. وفي بعض مواقف القيامة, وعند دخولهم النار, يظهرون ذلك الندم جهرا.

{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} الآيات.

{ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ}

{ وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا} يغلون كما يغل المسجون الذي سيهان في سجنه كما قال تعالى{ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} الآيات.

{ هَلْ يُجْزَوْنَ} في هذا العذاب والنكال, وتلك الأغلال الثقال{ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} من الكفر والفسوق والعصيان.

ولم يقتنع الأتباع بما رد به عليهم السادة والكبراء، بل حكى القرآن للمرة الثانية ردهم عليهم فقال: وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا في الرد عليهم بحسرة وألم:

بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أى قالوا لهم أنتم لستم صادقين في قولكم لنا: إنكم لم تصدونا عن اتباع الهدى بعد إذ جاءنا بل إن مكركم بنا الليل والنهار وإغراءكم لنا بالبقاء على الكفر.

وتهديدكم إيانا بالقتل أو التعذيب إذا ما خالفناكم، وأمركم لنا بأن نكفر بالله- تعالى- ونجعل له أندادا، أى شركاء في العبادة والطاعة. كل ذلك هو الذي حال بيننا وبين اتباع الحق الذي جاءنا به الرسول صلّى الله عليه وسلم.

والمكر: هو الاحتيال والخديعة. يقال مكر فلان بفلان، إذا خدعه وأراد به شرا.

وهو هنا فاعل لفعل محذوف والتقدير: بل الذي صدنا عن الإيمان مكركم بنا في الليل والنهار، فحذف المضاف إليه وأقيم مقامه الظرف اتساعا.

وقوله: إِذْ تَأْمُرُونَنا.. ظرف للمكر. أى: بل مكركم الدائم بنا وقت أمركم لنا بأن نكفر بالله ونجعل له أشباها ونظراء نعبدها من دونه- تعالى- هو الذي حال بيننا وبين اتباع الحق والهدى.

قال الجمل: وقوله بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ يجوز رفع مَكْرُ من ثلاثة أوجه:

أحدها: على الفاعلية بتقدير: بل صدنا مكركم في هذين الوقتين، الثاني ان يكون مبتدأ خبره محذوف. أى: مكر الليل صدنا عن اتباع الحق. الثالث: العكس، أى: سبب كفرنا مكركم. وإضافة المكر إلى الليل والنهار إما على الإسناد المجازى كقولهم: ليل ماكر، فيكون مصدرا مضافا لمرفوعه وإما على الاتساع في الظرف، فجعل كالمفعول به فيكون مضافا لمنصوبه .

والضمير المرفوع في قوله- سبحانه-: وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يعود إلى الأتباع والزعماء. وأسروا من الإسرار بمعنى الكتمان والإخفاء.

أى: وأضمر الذين استضعفوا والمستكبرون الندامة والحسرة حين شاهدوا العذاب المعد لهم جميعا، وذلك لأنهم بهتوا وشهدوا حين عاينوه، ودفنت الكلمات في صدورهم فلم يتمكنوا من النطق بها وأصابهم ما أصابهم من الكمد الذي يجعل الشفاه لا تتحرك، والألسنة لا تنطق.

فالمقصود من إسرار الندامة: بيان عجزهم الشديد عن النطق بما يريدون النطق به لفظاعة ما شهدوه من عذاب غليظ قد أعد لهم.

وقيل إن أَسَرُّوا النَّدامَةَ بمعنى أظهروها: لأن لفظ أسر من الأضداد.

قال الآلوسى ما ملخصه: وَأَسَرُّوا أى: أضمر الظالمون من الفريقين النَّدامَةَ على ما كان منهم في الدنيا.. لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ لأنهم بهتوا لما عاينوه فلم يقدروا على النطق.

وقيل: أسروا الندامة. بمعنى أظهروها، فإن لفظ «أسر» من الأضداد، إذ الهمزة تصلح للإثبات وللسلب، فمعنى أسره: جعله سره، أو أزال سره.. .

ثم بين- سبحانه- ما حل بهم من عذاب بسبب كفرهم فقال: وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا، هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ.

أي : بل كنتم تمكرون بنا ليلا ونهارا ، وتغرونا وتمنونا ، وتخبرونا أنا على هدى وأنا على شيء ، فإذا جميع ذلك باطل وكذب ومين .

قال قتادة ، وابن زيد : ( بل مكر الليل والنهار ) يقول : بل مكرهم بالليل والنهار . وكذا قال مالك ، عن زيد بن أسلم : مكرهم بالليل والنهار .

( إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا ) أي نظراء وآلهة معه ، وتقيموا لنا شبها وأشياء من المحال تضلونا بها ( وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ) أي : الجميع من السادة والأتباع ، كل ندم على ما سلف منه .

( وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا ) : وهي السلاسل التي تجمع أيديهم مع أعناقهم ، ( هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ) أي : إنما نجازيكم بأعمالكم ، كل بحسبه ، للقادة عذاب بحسبهم ، وللأتباع بحسبهم ) قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون ) [ الأعراف : 38 ] .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا فروة بن أبي المغراء ، حدثنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني ، عن أبي سنان ضرار بن صرد ، عن عبد الله بن أبي الهذيل ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن جهنم لما سيق إليها أهلها تلقاهم لهبها ، ثم لفحتهم لفحة فلم يبق لحم إلا سقط على العرقوب " .

وحدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن أبي الحوارى ، حدثنا الطيب أبو الحسن ، عن الحسن بن يحيى الخشني قال : ما في جهنم دار ولا مغار ولا غل ولا سلسلة ولا قيد ، إلا اسم صاحبها عليه مكتوب . قال : فحدثته أبا سليمان - يعني : الداراني ، رحمة الله عليه - فبكى ثم قال : ويحك . فكيف به لو جمع هذا كله عليه ، فجعل القيد في رجليه ، والغل في يديه والسلسلة في عنقه ، ثم أدخل النار وأدخل المغار ؟!

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)

يقول تعالى ذكره: (وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) من الكفرة بالله في الدنيا، فكانوا أتباعًا لرؤسائهم في الضلالة (لِلَّذِينّ اسْتَكْبَرُوا) فيها، فكانوا لهم رؤساء (بَلْ مَكْرُ) كم لنا بـ(اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) صدنا عن الهدى ( إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ ) أمثالا وأشباهًا في العبادة والألوهة، فأضيف إلى الليل والنهار. والمعنى ما ذكرنا من مكر المستكبرين بالمستضعفين في الليل والنهار، على اتساع العرب في الذي قد عُرِفَ معناها فيه من منطقها، من نقل صفة الشيء إلى غيره، فتقول للرجل: يا فلان نهارك صائم وليلك قائم، وكما &; 20-408 &; قال الشاعر:

وَنِمْتِ ومَا لَيْلُ المَطِيِّ بنَائمِ (1)

وما أشبه ذلك مما قد مضى بياننا له في غير هذا الموضع من كتابنا هذا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا ) يقول: بل مكركم بنا في الليل والنهار أيها العظماء الرؤساء حتى أزلتمونا عن عبادة الله.

وقد ذُكر في تأويله عن سعيد بن جبير ما حدثنا أَبو كريب قال: ثنا ابن يمان عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير ( بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) قال: مرُّ الليل والنهار.

وقوله ( إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ ) يقول: حين تأمروننا أن نكفر بالله.

وقوله (وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا) يقول: شركاء.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا) شركاء.

قوله ( وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ) يقول: وندموا على ما فرطوا من طاعة الله في الدنيا حين عاينوا عذاب الله الذي أعده لهم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَأَسَرُّوا الندَامَةَ) بينهم ( لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ) .

قوله ( وَجَعَلْنَا الأغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) وغلت أيدي الكافرين بالله في جهنم إلى أعناقهم في جوامع من نار جهنم، جزاء بما كانوا بالله في الدنيا يكفرون، يقول جل ثناؤه: ما يفعل الله ذلك بهم إلا ثوابًا لأعمالهم الخبيثة التي كانوا في الدنيا يعملونها، ومكافأة لهم عليها.

------------------------

الهوامش:

(1) هذا عجز بيت لجرير بن عطية الخطفي الشاعر الإسلامي، وصدره:

لقـد لمتنـا يـا أم غيـلان في السرى

(ديوانه طبعة الصاوي 554) واستشهد به المؤلف على أنك تقول يا فلان نهارك صائم وليلك قائم، فتسلم الصيام والقيام إلى الليل والنهار إسنادا مجازيا عقليا، والأصل فيه أن يسند الصيام والقيام للرجل لا للزمان، وذلك من باب التوسع المجازي، العلاقة هنا الزمانية، والقرينة هنا عقلية. وذلك نظير قوله تعالى: (بل مكر الليل والنهار). أصله: بل مكركم بنا في الليل والنهار، ثم أسند الفعل إليهما. قال الفراء في (معاني القرآن ، الورقة 274): وقوله: (بل مكر الليل والنهار): المكر ليس لليل ولا النهار، وإنما المعنى: بل مكركم بالليل والنهار. وقد يجوز أن تضيف الفعل إلى الليل والنهار، ويكونا كالفاعلين؛ لأن العرب تقول: نهارك صائم، وليلك قائم، ثم تضيف الفعل إلى الليل والنهار، وهو المعنى للآدميين، كما تقول: نام ليلك. ا . هـ.

التدبر :

وقفة
[33] ﴿بَل مَكرُ اللَّيلِ وَالنَّهارِ﴾ هناك مثل شهير: (الزَّن على الودان أمر من السحر).
وقفة
[33] أيها الباذل لدينه: إذا استطلت الطريق، أو استكثرت ما تبذل، فمن أعداء الدين من قال الله عنهم: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّـهِ﴾.
وقفة
[33] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّـهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا﴾ هذه مراجعة من الأتباع للرؤساء حين قالوا لهم: إنما كفرتم ببصائر أنفسكم، قال المستضعفون: بل كفرنا بمكركم بنا بالليل والنهار، وأضاف المكر إلى الليل والنهار لتدل هذه الإضافة على الدُّؤوب والدوام.
عمل
[33] احذر من صداقة أهل النفاق الذين يمكرون ويحاولون صدك عن طاعة الله بأنواع الحيل ﴿وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّـهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا﴾.
وقفة
[33] ﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾ أي: زال عنهم ذلك الاحتجاج الذي احتج به بعضهم على بعض لينجو من العذاب، وعلم أنه ظالم مستحق له، فندم كل منهم غاية الندم، وتمنى أن لو كان على الحق، وأنه ترك الباطل الذي أوصله إلى هذا العذاب سرًّا في أنفسهم؛ لخوفهم من الفضيحة في إقرارهم على أنفسهم.
وقفة
[33] ﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾ أسروا الندامة؛ لأن الشماتة لا يحتملها أحد في الدنيا ولا في الآخرة, فلا تضع نفسك في محل الشماتة.
وقفة
[33] ﴿وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمّا رَأَوُا العَذابَ﴾ يا لها من حسرة!
عمل
[33] تذكر أن أهل الكفر والعصيان سيندمون أشد الندم إذا عاينوا العذاب ﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
تفاعل
[33] ﴿وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[33] ﴿وَجَعَلنَا الأَغلالَ في أَعناقِ الَّذينَ كَفَروا هَل يُجزَونَ إِلّا ما كانوا يَعمَلونَ﴾ أى إذلال هذا!
عمل
[33] صم يومًا في سبيل لله تعالى ﴿هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا:
  • الواو عاطفة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل والجملة بعده أعربت في الآية الكريمة الحادية والثلاثين
  • ﴿ بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. مكر: خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو مكركم أو سبب ذلك مكركم في الليل والنهار أو تكون مبتدأ وخبرها محذوفا بتقدير: مكركم في الليل والنهار سبب ذلك. والمعنى: لم يكن اجرامنا هو الذي صدنا كما تقولون بل تصديكم لنا بالمكر علينا ليلا ونهارا. فاتسع في الظرف باجرائه مجرى المفعول به واضافة المكر اليه. أو جعل ليلهم ونهارهم ماكرين على الاسناد المجازي. الليل:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والنهار: معطوفة بالواو على«الليل» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ إِذْ تَأْمُرُونَنا:
  • ظرف للزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بما قبله.تأمرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب مفعول به. وجملة «تأمروننا» في محل جر مضاف اليه.
  • ﴿ أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ:
  • حرف مصدرية ونصب. نكفر: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. بالله:جار ومجرور للتعظيم متعلق بنكفر. وجملة «نكفر» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «أن» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر. التقدير بالكفر بالله أو تحملوننا على الكفر بالله. والجار والمجرور متعلق بتأمروننا
  • ﴿ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً:
  • معطوفة بالواو على نَكْفُرَ بِاللهِ» وتعرب إعرابها.أندادا: مفعول به منصوب بالفتحة. مفردها «ند» بمعنى أن نجعل له نظراء من الآلهة مشابهة أو مماثلة له سبحانه.
  • ﴿ وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ:
  • الواو استئنافية. أسروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.الندامة: مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى: وأخفوا الندم في نفوس.
  • ﴿ لَمّا رَأَوُا الْعَذابَ:
  • اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. وجواب الشرط‍ محذوف لتقدم معناه. رأوا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة للتعذر وحذفت الألف لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. العذاب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وجملة رَأَوُا الْعَذابَ» في محل جر بالاضافة. وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة.
  • ﴿ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ:
  • الواو استئنافية. جعل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.الاغلال: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة
  • ﴿ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بجعلنا أو يكون في مقام المفعول الثاني لجعلنا. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.والجملة الفعلية بعده: صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ:
  • تعرب إعراب «أسروا» هل: حرف استفهام لا عمل له. يجزون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل
  • ﴿ إِلاّ ما كانُوا:
  • أداة حصر لا عمل لها. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به أو نائبة عن المصدر-المفعول المطلق-أي هل يجزون إلا جزاء على أعمالهم. فتكون «ما» مضافا اليها أقيمت مقام المضاف -المصدر-المحذوف على تقدير: إلا جزاء ما كانوا و «كانوا» فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. وجملة كانُوا يَعْمَلُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ يَعْمَلُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يعملون» في محل نصب خبر «كان».'

المتشابهات :

يونس: 54﴿وَلَوۡ أَنَّ لِكُلِّ نَفۡسٖ ظَلَمَتۡ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ لَٱفۡتَدَتۡ بِهِۦۗ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ
سبإ: 33﴿إِذۡ تَأۡمُرُونَنَآ أَن نَّكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجۡعَلَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     ولَمَّا أنكَر رؤساؤُهم أنَّهم السببُ في كفرِهم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا رد المستضعفين على قول المستكبرين، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

مكر:
وقرئ:
1- «بل مكر الليل والنهار» نصب على الظرف، وهى قراءة يحيى بن يعمر.
2- بفتح الكاف وشد الراء، مرفوعة مضافة، ومعناه: كدور الليل والنهار، وهى قراءة سعيد بن جبير ابن محمد، وأبى يعمر أيضا.
3- على القراءة السابقة، مع نصب الراء على الظرف، وهى قراءة ابن جبير، وطلحة بن راشد، وهو من التابعين، من صحح المصاحف بأمر الحجاج.

مدارسة الآية : [34] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن ..

التفسير :

[34] وما أرسلنا في قرية من رسول يدعو إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة، إلا قال المنغمسون في اللذات والشهوات من أهلها:إنَّا بالذي جئتم به -أيها الرسل- جاحدون.

يخبر تعالى عن حالة الأمم الماضية المكذبة للرسل, أنها كحال هؤلاء الحاضرين المكذبين لرسولهم محمد صلى اللّه عليه وسلم, وأن اللّه إذا أرسل رسولا في قرية من القرى, كفر به مترفوها, وأبطرتهم نعمتهم وفخروا بها.

قال صاحب الكشاف عند تفسيره لقوله- تعالى-: وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ... : هذه تسلية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم مما منى به من قومه من التكذيب والكفر بما جاء به، والمنافسة بكثرة الأموال والأولاد، والتكبر بذلك على المؤمنين.. وأنه- سبحانه- لم يرسل قط إلى أهل قرية من نذير، إلا قالوا له مثل ما قال أهل مكة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم .

والمعنى: وما أرسلنا في قرية، من القرى مِنْ نَذِيرٍ ينذر أهلها بسوء العاقبة إذا ما استمروا على كفرهم وضلالهم. إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها أى: إلا قال أغنياؤها ورؤساؤها وجبابرتها المتسعون في النعم فيها، لمن جاءوا لإنذارهم وهدايتهم إلى الحق.

إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ من الدعوة إلى عبادة الله- تعالى- كافِرُونَ بما نحن عليه من شرك وتقليد للآباء مؤمنون.

فالآية الكريمة تحكى موقف المترفين في كل أمة، من الرسل الذين جاءوا لهدايتهم، وأن هؤلاء المترفين في كل زمان ومكان، كانوا أعداء للأنبياء وللمصلحين، لأن الترف من شأنه أن يفسد الفطرة، ويبعث على الغرور والتطاول، ويحول بين الإنسان وبين التمسك بالفضائل والقيم العليا، ويهدى إلى الانغماس في الرذائل والشهوات الدنيا.

يقول تعالى مسليا لنبيه ، وآمرا له بالتأسي بمن قبله من الرسل ، ومخبره بأنه ما بعث نبيا في قرية إلا كذبه مترفوها ، واتبعه ضعفاؤهم ، كما قال قوم نوح : ( أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ) [ الشعراء : 111 ] ، ( وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ) [ هود : 27 ] ، وقال الكبراء من قوم صالح : ( للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون ) [ الأعراف : 75 ، 76 ] وقال تعالى : ( وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين ) [ الأنعام : 53 ] ؟ وقال : ( وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها ) [ الأنعام : 122 ] وقال : ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول ) [ الإسراء : 16 ] . وقال هاهنا : ( وما أرسلنا في قرية من نذير ) أي : نبي أو رسول ( إلا قال مترفوها ) ، وهم أولو النعمة والحشمة والثروة والرياسة .

قال قتادة : هم جبابرتهم وقادتهم ورءوسهم في الشر . ( إنا بما أرسلتم به كافرون ) أي : لا نؤمن به ولا نتبعه .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا هارون بن إسحاق ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب عن سفيان عن عاصم ، عن أبي رزين قال : كان رجلان شريكان خرج أحدهما إلى الساحل وبقي الآخر ، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى صاحبه يسأله : ما فعل ؟ فكتب إليه أنه لم يتبعه أحد من قريش ، إنما اتبعه أراذل الناس ومساكينهم . قال : فترك تجارته ثم أتى صاحبه فقال : دلني عليه - قال : وكان يقرأ الكتب ، أو بعض الكتب - قال : فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إلام تدعو ؟ قال : " إلى كذا وكذا " . قال : أشهد أنك رسول الله . قال : " وما علمك بذلك ؟ " قال : إنه لم يبعث نبي إلا اتبعه رذالة الناس ومساكينهم . قال : فنزلت هذه الآية : ( وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون ) ] الآيات ] ، قال : فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله قد أنزل تصديق ما قلت " .

وهكذا قال هرقل لأبي سفيان حين سأله عن تلك المسائل ، قال فيها : وسألتك : أضعفاء الناس اتبعه أم أشرافهم فزعمت : بل ضعفاؤهم ، وهم أتباع الرسل .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34)

يقول تعالى ذكره: وما بعثنا إلى أهل قرية نذيرًا ينذرهم بأسنا أن ينـزل بهم على معصيتهم إيانا، إلا قال كبراؤها ورؤساؤها في الضلالة كما قال قوم فرعون من المشركين له: إنَّا بما أرسلتم به من النذارة، وبعثتم به من توحيد الله، والبراءة من الآلهة والأنداد، كافرون.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ) قال: هم رءوسهم وقادتهم في الشر.

التدبر :

وقفة
[34] قال ابن كثير: «عن أبي رزين قال: كان رجلان شریکان خرج أحدهما إلى الساحل وبقي الآخر، فلما بعث النبي ﷺ كتب إلى صاحبه يسأله ما فعل، فكتب إليه أنه لم يتبعه أحد من قریش، إنما اتبعه أراذل الناس ومساکینهم، قال: فترك تجارته ثم أتى صاحبه، فقال: دلني عليه، قال: وكان يقرأ الكتب أو بعض الكتب، قال: فأتى النبي ﷺ، فقال: إلام تدعو؟ قال: «أدعو إلى كذا وكذا» قال: أشهد أنك رسول الله، قال رسول الله ﷺ: «وما علمك بذلك؟» قال: إنه لم يبعث نبي إلا اتبعه أراذل الناس ومساکینهم، قال: فنزلت هذه الآية: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ﴾، فأرسل إليه النبي ﷺ: «إن الله عز وجل قد أنزل تصديق ما قلت».
وقفة
[34] ﴿وَما أَرسَلنا في قَريَةٍ مِن نَذيرٍ إِلّا قالَ مُترَفوها إِنّا بِما أُرسِلتُم بِهِ كافِرونَ﴾ هذه تسلية لرسول الله ﷺ مما منى به من قومه من التكذيب والكفر بما جاء به،
وقفة
[34] ﴿وَما أَرسَلنا في قَريَةٍ مِن نَذيرٍ إِلّا قالَ مُترَفوها إِنّا بِما أُرسِلتُم بِهِ كافِرونَ﴾ الترف من شأنه أن يفسد الفطرة، ويبعث على الغرور والتطاول، ويحول بين الإنسان وبين التمسك بالفضائل والقيم العليا، ويهدى إلى الانغماس في الرذائل والشهوات الدنيا.
وقفة
[34، 35] الحق والترف قلَّما يجتمعان في أحد ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ * وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا﴾.
وقفة
[34] ﴿إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون﴾، ﴿إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون﴾ [الزخرف: 23]، المترفين الأغنياء أكثر المستفيدين من بقاء الحال؛ لذلك هم دائمًا أعداء الإصلاح والتغيير ويسخرون أموالهم وأدواتهم ضدها.
وقفة
[34] ﴿مُتْرَفُوهَا﴾ الترفُ مبعدٌ عن الإذعانِ للحقِّ والانقيادِ له.

الإعراب :

  • ﴿ وَما أَرْسَلْنا:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها، ارسل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ:
  • جار ومجرور متعلق بأرسلنا. من: حرف جر زائد.نذير: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به.
  • ﴿ إِلاّ قالَ مُتْرَفُوها:
  • أداة حصر لا عمل لها. قال: فعل ماض مبني على الفتح. مترفوها: فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت نونه للاضافة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. أي متنعموها.
  • ﴿ إِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ:
  • الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به-مقول القول-ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».بما: الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر «ان» و«أرسلتم» فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل. والميم علامة جمع الذكور. به:جار ومجرور متعلق بأرسلتم. وجملة أُرْسِلْتُمْ بِهِ» صلة الموصول لا محل من الاعراب.
  • ﴿ كافِرُونَ:
  • خبر «انّ» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. والمخاطبون هم الرسل.'

المتشابهات :

سبإ: 34﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ
فصلت: 14﴿قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً فَـ إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ
الزخرف: 24﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ۖ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا قَصَّ اللهُ حالَ من تقدَّم من الكفار؛ بَيَّنَ لنبيِّه صلى الله عليه وسلم هنا أنه ليس بِدْعًا مِن بين الأنبياء؛ فما مِن نبيٍّ بُعِث في قريةٍ إلَّا كذَّبَه مُترَفُوها، واتَّبَعه ضُعَفاؤُها، قال تعالى:
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [35] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا ..

التفسير :

[35] وقالوا:نحن أكثر منكم أموالاً وأولاداً، والله لم يعطنا هذه النعم إلا لرضاه عنا، وما نحن بمعذَّبين في الدنيا ولا في الآخرة.

{ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا} أي:ممن اتبع الحق{ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} أي:أولا, لسنا بمبعوثين, فإن بعثنا, فالذي أعطانا الأموال والأولاد في الدنيا, سيعطينا أكثر من ذلك في الآخرة ولا يعذبنا.

ثم يحكى القرآن الكريم أن هؤلاء المترفين لم يكتفوا بإعلان كفرهم، وتكذيبهم للأنبياء والمصلحين، بل أضافوا إلى ذلك التبجح والتعالي على المؤمنين. فقال- تعالى-:

وَقالُوا أى المترفون الذين أبطرتهم النعمة للمؤمنين الفقراء نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً منكم- أيها المؤمنون-، إذ أموالنا أكثر من أموالكم، وأولادنا أكثر من أولادكم، ولولا أننا أفضل عند الله منكم، لما أعطانا. مالا يعطيكم ...

فنحن نعيش حياتنا في أمان واطمئنان وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ بشيء من العذاب الذي تعدوننا به لا في الدنيا ولا في الآخرة.

قال الامام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: افتخر المترفون- بكثرة الأموال والأولاد، واعتقدوا أن ذلك دليل على محبة الله لهم، واعتنائه بهم، وأنه ما كان ليعطيهم هذا في الدنيا، ثم يعذبهم في الآخرة، وهيهات لهم ذلك. قال- تعالى-: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ، إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ

وقوله تعالى إخبارا عن المترفين المكذبين : ( وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ) أي : افتخروا بكثرة الأموال والأولاد ، واعتقدوا أن ذلك دليل على محبة الله لهم واعتنائه بهم ، وأنه ما كان ليعطيهم هذا في الدنيا ، ثم يعذبهم في الآخرة ، وهيهات لهم ذلك . قال الله : ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ) [ المؤمنون : 55 ، 56 ] وقال : ( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ) [ التوبة : 55 ] ، وقال تعالى : ( ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا ) [ المدثر : 11 - 17 ] .

وقد أخبر الله عن صاحب تينك الجنتين : أنه كان ذا مال وولد وثمر ، ثم لم تغن عنه شيئا ، بل سلب ذلك كله في الدنيا قبل الآخرة; ولهذا قال تعالى هاهنا :

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالا وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35)

يقول تعالى ذكره: وقال أهل الاستكبار على الله من كل قرية أرسلنا فيها نذيرًا لأنبيائنا ورسلنا: نحن أكثر أموالا وأولادًا وما نحن في الآخرة بمعذبين لأن الله لو لم يكن راضيًا ما نحن عليه من الملة والعمل لم يخولنا الأموال والأولاد، ولم يبسط لنا في الرزق، وإنما أعطانا ما أعطانا من ذلك لرضاه أعمالنا، وآثرنا بما آثرنا على غيرنا لفضلنا، وزلفة لنا عنده.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[35] ﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ أي: افتخروا بكثرة الأموال والأولاد، واعتقدوا أن ذلك دليل على محبة الله تعالى لهم واعتنائه بهم، وأنه ما كان ليعطيهم هذا في الدنيا ثم يعذبهم في الآخرة.
تفاعل
[35] ﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ قل الآن: «اللهم اجعلنا عند النعماء من الشاكرين, وعند البلاء من الصابرين».
وقفة
[35] ﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ یا مساكين، ليس المال والأموال علامة حب الله للعبد ورضاه عنه، كثيرًا ما يكونان من أسباب الاستدراج إلى مصارع العباد.
وقفة
[35] ﴿وَقالوا نَحنُ أَكثَرُ أَموالًا وَأَولادًا وَما نَحنُ بِمُعَذَّبينَ﴾ انتبه، لا تظن الخير الوفير هو دائمًا بسبب رضا الله عنك، بل قد يكون استدراجًا أو إمهالًا.
وقفة
[35] ﴿وَقالوا نَحنُ أَكثَرُ أَموالًا وَأَولادًا وَما نَحنُ بِمُعَذَّبينَ﴾ أى زعموا أنهم أكرم على الله من أن يعذبهم نظرًا إلى أحوالهم في الدنيا، وظنوا أنهم لو لم يكرموا على الله لما رزقهم الله، ولولا أن المؤمنين هانوا عليه لما حرمهم، فأبطل الله ظنهم بأن الرزق فضل من الله يقسمه كيف يشاء، فربما وسع على العاصي وضيق على المطيع، وربما عكس، فلا ينقاس عليهما أمر الثواب، وذلك قوله: ﴿قُل إِنَّ رَبّي يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشاءُ وَيَقدِرُ﴾ [سبأ: 36]

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • الواو عاطفة. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ نَحْنُ أَكْثَرُ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-نحن:ضمير منفصل-ضمير المتكلمين-في محل رفع مبتدأ. اكثر: خبر «نحن» مرفوع بالضمة. ولم تنون الكلمة لأنها ممنوعة من الصرف-التنوين-صيغة أفعل التفضيل بوزن-أفعل-ووزن الفعل على وزن-أفعل-يقول المترفون أي الكافرون نحن في الدنيا اكثر من المؤمنين أموالا وهذا مما يشفع لنا في الآخرة.
  • ﴿ أَمْوالاً وَأَوْلاداً:
  • تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وأولادا: معطوفة بالواو على «أموالا» منصوبة مثلها. واعرب اعرابها.
  • ﴿ وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ:
  • الواو عاطفة للتعليل. ما: بمنزلة «ليس» في لغة الحجاز ونافية لا عمل لها في لغة بني تميم و «نحن» ضمير منفصل-ضمير المتكلمين-في محل رفع اسم «ما» على اللغة الأولى ومبتدأ على اللغة الثانية.الباء حرف جر زائد للتاكيد. معذبين: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على الأول ومرفوع محلا على الثاني. أي خبر «ما» على اللغة الأولى وخبر المبتدأ على اللغة الثانية وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

الشعراء: 138﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
سبإ: 35﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
الصافات: 59﴿إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     وبعد أن أعلن هؤلاء المترفين كفرَهم وتكذيبَهم للأنبياء والمصلحين؛ لم يكتفوا بذلك، بل استدلوا على كونهم على حقٍّ بكثرة الأموال والأولاد، وزعموا أن ذلك سيكون سبب نجاتهم من العذاب في الآخرة، قال تعالى:
﴿ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [36] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ ..

التفسير :

[36] قل لهم -أيها الرسول-:إن ربي يوسِّع الرزق في الدنيا لمن يشاء مِن عباده، ويضيِّق على مَن يشاء، لا لمحبة ولا لبغض، ولكن يفعل ذلك اختباراً، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن ذلك اختبار لعباده؛ لأنهم لا يتأملون.

فأجابهم اللّه تعالى, بأن بسط الرزق وتضييقه, ليس دليلا على ما زعمتم، فإن الرزق تحت مشيئة اللّه, إن شاء بسطه لعبده, وإن شاء ضيقه.

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يصحح لهؤلاء المترفين خطأهم، وأن يكشف لهم عن جهلهم، وأن يبين لهم أن مسألة الغنى والفقر بيد الله- تعالى- وحده، وأن الثواب والعقاب لا يخضعان للغنى أو للفقر، وإنما يتبعان الإيمان أو الكفر، فقال- تعالى- قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

وبسط الرزق: سعته وكثرته. وتقديره: تقليله وتضييقه.

أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الجاهلين إِنَّ رَبِّي وحده هو الذي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ أن يبسطه له وَيَقْدِرُ أى: ويقتر الرزق ويضيقه على من يشاء أن يضيقه عليه. والأمر في كلتا الحالتين مرده إلى الله- تعالى- وحده، على حسب ما تقتضيه حكمته في خلقه.

وربما يوسع رزق العاصي ويضيق رزق المطيع. أو العكس، وربما يوسع على شخص في وقت ويضيق عليه في وقت آخر، ولا ينقاس على ذلك أمر الثواب والعقاب، لأن مناطهما الطاعة وعدمها.

وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ هذه الحقيقة التي اقتضتها حكمة الله- تعالى- وإرادته، فزعموا أن بسط الرزق دليل الشرف والكرامة، وأن ضيق الرزق دليل الهوان والذل، ولم يدركوا- لجهلهم وانطماس بصائرهم- أن بسط الرزق قد يكون للاستدراج، وأن تضييقه قد يكون للابتلاء والاختبار، ليتميز قوى الإيمان من ضعيفه.

( قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) أي : يعطي المال لمن يحب ومن لا يحب ، فيفقر من يشاء ويغني من يشاء ، وله الحكمة التامة البالغة ، والحجة الدامغة القاطعة ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) .

يقول الله لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل لهم يا محمد (إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ) من المعاش والرياش في الدنيا(لِمَنْ يَشَاءُ) من خلقه (وَيَقْدِرُ) فيضيق على من يشاء لا لمحبة فيمن يبسط له ذلك ولا خير فيه ولا زلفة له استحق بها منه، ولا لبغض منه لمن قدر عليه ذلك ولا مقت، ولكنه يفعل ذلك محنة لعباده وابتلاء، وأكثر الناس لا يعلمون أن الله يفعل ذلك اختبارًا لعباده ولكنهم يظنون أن ذلك منه محبة لمن بسط له ومقت لمن قدر عليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى ... الآية، قال: قالوا: نحن أكثر أموالا وأولادًا، فأخبرهم الله أنه ليست أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ، قال: وهذا قول المشركين لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه، قالوا: لو لم يكن الله عنا راضيًا لم يعطنا هذا، كما قال قارون: لولا أن الله رضِيَ بي وبحالي ما أعطاني هذا، قال: أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ ... إلى آخر الآية.

التدبر :

وقفة
[36] ﴿قُل إِنَّ رَبّي يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشاءُ وَيَقدِرُ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ﴾ وبسط الرزق: سعته وكثرته، وتقديره: تقليله وتضييقه.
وقفة
[36] ﴿قُل إِنَّ رَبّي يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشاءُ وَيَقدِرُ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ﴾ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا» [البخاري 1442].
وقفة
[36] ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يوسِّع الله الرزق امتحانًا، ويضيِّقه ابتلاء، ولكن أكثر الناس يظنون الأمر حبط عشواء.
تفاعل
[36] ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ سَل الله من فضله الآن.
وقفة
[36] ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ﴾ أي لحكمة بالغة، فيوسع الرزق لحكمة، ويضيقه لحكمة، والمؤمن موقن بحكمة الله مسلم لها وإن لم تظهر له، والكافر والمنافق جاهلان، فيسخطان.
وقفة
[36] ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ﴾ ما اتسع رزق ولا ضاق إلا بإذن الرزاق.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ‍ الرِّزْقَ:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به-مقول القول-انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربي: اسم «انّ» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. يبسط‍:فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.الرزق: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وجملة يَبْسُطُ‍ الرِّزْقَ» في محل رفع خبر «انّ» بمعنى يوسع الرزق.
  • ﴿ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ:
  • اللام حرف جر. من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار المجرور متعلق بيبسط‍.يشاء: تعرب اعراب «يبسط‍» وجملة «يشاء» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد -الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: لمن يشاؤه أو يكون مفعولها محذوفا اختصارا بمعنى: لمن يشاء البسط‍ له. ويقدر: معطوفة بالواو على «يبسط‍» وتعرب إعرابها. بمعنى ويضيق الرزق على من يشاء. وقد حذف المفعول وصلته اختصارا لأن ما قبله يدل عليه.
  • ﴿ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ:
  • الواو استدراكية. لكن: حرف مشبه بالفعل.اكثر: اسم «لكن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الناس: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ لا يَعْلَمُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لكن» لا: نافية لا عمل لها.يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف مفعولها التقدير: لا يعلمون ذلك.'

المتشابهات :

سبإ: 36﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
سبإ: 39﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     ولَمَّا استدل هؤلاء المترفين على كونهم على حقٍّ بكثرة الأموال والأولاد؛ أمرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يصحح لهم خطأهم، ويبين لهم أن مسألة الغنى والفقر بيد الله وحده، فالرزق في الدنيا لا تدل سعته وضيقه على حال المحق والمبطل، فكم من موسر شقي! ومعسر تقي! قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ويقدر:
1- بالتخفيف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتشديد، وهى قراءة الأعمش.

مدارسة الآية : [37] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي ..

التفسير :

[37] وليست أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا قربى وترفع درجاتكم، لكن مَن آمن بالله وعمل صالحاً فهؤلاء لهم ثواب الضعف من الحسنات، فالحسنة بعشر أمثالها إلى ما يشاء الله من الزيادة، وهم في أعالي الجنة آمنون من العذاب والموت والأحزان.

وليست الأموال والأولاد بالتي تقرب إلى الله زلفى وتدني إليه، وإنما الذي يقرب منه زلفى, الإيمان بما جاء به المرسلون, والعمل الصالح الذي هو من لوازم الإيمان, فأولئك لهم الجزاء عند اللّه تعالى مضاعفا الحسنة بعشر أمثالها, إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة, لا يعلمها إلا اللّه،{ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} أي:في المنازل العاليات المرتفعات جدا, ساكنين فيها مطمئنين, آمنون من المكدرات والمنغصات, لما هم فيه من اللذات, وأنواع المشتهيات, وآمنون من الخروج منها والحزن فيها.

ثم زاد- سبحانه- هذه القضية توضيحا وتبيينا فقال: وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى.

الزلفى: مصدر كالقربى، وانتصابه على المصدرية من معنى العامل. أى ليست كثرة أموالكم، ولا كثرة أولادكم بالتي من شأنها أن تقربكم إلينا قربى، لأن هذه الكثرة ليست دليل محبة منا لكم، ولا تكريم منا لكم، وإنما الذي يقربكم منا هو الإيمان والعمل الصالح.

كما وضح- سبحانه- هذه الحقيقة في قوله بعد ذلك: إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ.

أى: ليس الأمر كما زعمتم- أيها المترفون- من أن كثرة الأموال والأولاد ستنجيكم من العذاب، ولكن الحق والصدق أن الذي ينجيكم من ذلك ويقربكم منا، هو الإيمان والعمل الصالح. فهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحة لهم عند الله- تعالى- الجزاء الحسن المضاعف، وهم في غرفات الجنات آمنون مطمئنون.

قال الشوكانى ما ملخصه: قوله: إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً هو استثناء منقطع فيكون محله النصب. أى: لكن من آمن وعمل صالحا.. والإشارة بقوله: فَأُولئِكَ إلى مَنْ والجمع باعتبار المعنى. وهو مبتدأ. وخبره لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ أى: فأولئك يجازيهم الله الضعف، وهو من إضافة المصدر إلى المفعول. أو فأولئك لهم الجزاء المضاعف فيكون من إضافة الموصوف إلى الصفة.. .

ثم بين- سبحانه- سوء عاقبة المصرين على كفرهم فقال: وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ، أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ.

ثم قال : ( وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ) أي : ليست هذه دليلا على محبتنا لكم ، ولا اعتنائنا بكم .

قال الإمام أحمد ، رحمه الله : حدثنا كثير ، حدثنا جعفر ، حدثنا يزيد بن الأصم ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " . [ و ] رواه مسلم وابن ماجه ، من حديث كثير بن هشام ، عن جعفر بن برقان ، به .

ولهذا قال : ( إلا من آمن وعمل صالحا ) أي : إنما يقربكم عندنا زلفى الإيمان والعمل الصالح ، ( فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا ) أي : تضاعف لهم الحسنة بعشرة أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ( وهم في الغرفات آمنون ) أي : في منازل الجنة العالية آمنون من كل بأس وخوف وأذى ، ومن كل شر يحذر منه .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا فروة بن أبي المغراء الكندي ، حدثنا القاسم وعلي بن مسهر ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة لغرفا ترى ظهورها من بطونها ، وبطونها من ظهورها " . فقال أعرابي : لمن هي ؟ قال : " لمن طيب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، [ وصلى بالليل والناس نيام ] " .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37)

يقول جل ثناؤه: وما أموالكم التي تفتخرون بها أيها القوم على الناس ولا أولادكم الذين تتكبرون بهم، بالتي تقربكم منَّا قربة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (عِنْدَنَا زُلْفَى) قال: قربى.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى ) لا يعتبر الناس بكثرة المال والولد، وإن الكافر قد يعطى المال، وربما حبس عن المؤمن. وقال جل ثناؤه: ( وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى ) ولم يقل باللَّتين، وقد ذكر الأموال والأولاد، وهما نوعان مختلفان، لأنه ذُكر من كل نوع منهما جمع يصلح فيه التي، ولو قال قائل: أراد بذلك أحد النوعين لم يبعد قوله، وكان ذلك كقول الشاعر:

نحــنُ بِمَــا عِندَنــا وأنـتَ بمـا

عِنــدكَ رَاضٍ والــرأيُ مخــتَلِفُ (2)

ولم يقل راضيان.

وقوله (إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك؛ فقال بعضهم: معنى ذلك وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحًا فإنه تقربهم أموالهم وأولادهم بطاعتهم الله في ذلك وأدائهم فيه حقه إلى الله زلفى دون أهل الكفر بالله.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله (إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا) قال: لم تضرهم أموالهم ولا أولادهم في الدنيا للمؤمنين، وقرأ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ فالحسنى: الجنة، والزيادة: ما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به، كما حاسب الآخرين، فمن حمل على هذا التأويل نصب بوقوع تقرب عليه، وقد يحتمل أن يكون " من " في موضع رفع، فيكون كأنه قيل: وما هو إلا من آمن وعمل صالحًا.

وقوله (فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْف) يقول: فهؤلاء لهم من الله على أعمالهم الصالحة الضعف من الثواب، بالواحدة عشر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا) قال: بأعمالهم الواحد عشر، وفي سبيل الله بالواحد سبعمائة.

وقوله (فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ) يقول: وهم في غرفات الجنات آمنون من عذاب الله.

------------------------

الهوامش:

(2) البيت لقيس بن الخطيم من قصيدة من المنسرح، كما في معاهد التنصيص شرح شواهد التلخيص. لعبد الرحيم العباسي وقد تقدم الكلام عليه في (10 : 122) مبسوطا. فراجعه ثمة.

التدبر :

عمل
[37] ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا﴾ قد خاطبك الله بها، فلا تفخر بمالك كثيرًا.
وقفة
[37] ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ ليست الزلفي عند الله بالمال والأولاد، ولكن بالأعمال الصالحة والأرواح الصافية والنفوس الزاكية والعيون الباكية.
وقفة
[37] ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ قال الزمخشري: «والمعنى: أن الأموال لا تقرب أحدًا إلا المؤمن الصالح الذی ينفقها في سبيل الله، والأولاد لا تقرب أحدًا إلا من علمهم الخير، وفقههم في الدين ورشحهم للصلاح والطاعة».
وقفة
[37] ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ إن لم تقربك أعمالك الصالحة؛ فلن يقربك مال ولا ولد.
وقفة
[37] ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ المال والغنى محمود إذا استعمل في طاعة الله، بل هو وسيلة عبادة.
وقفة
[37] من عدل الله ورحمته أن المال ليس بمقياس على علو منزلة الإنسان عند الله ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾.
وقفة
[37] المؤمن ينفعه ماله وولده، والكافر لا ينتفع بهما ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾.
وقفة
[37] الداعي إلى ربه على بصيرة لا يزاحمه حظوظ مال أو جاه أو رياسة؛ لأن سلعة الله فوق الحظوظ كلها ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾.
لمسة
[37] ﴿فَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا﴾ الباء في: (بِمَا عَمِلُوا) هي باء السببية، وليست باء العوض، فجعل الله العمل سبب دخول الجنة، ولم يجعل الجنة عوضًا على العمل.
تفاعل
[37] ﴿فَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[37] ﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ أحلى ما في نعيم الجنة أنه أبدي، فأهل الجنة آمنون من انقطاعه أو نقصانه أو تغيره، بل نعيمهم یزید حلاوة وجمالًا يومًا بعد يوم.
وقفة
[37] قوله تعالى‏:‏‏ ﴿وَهُم فِي الغُرُفاتِ آمِنونَ﴾ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا، وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا»، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لِمَنْ أَطَابَ الكَلاَمَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» [الترمذي 2527، وحسنه الألباني].
وقفة
[37] ﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ تلاشت مخاوفهم, وتبدد قلقهم.
وقفة
[37] ﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ ما الفرق بين الحجرة والغرفة؟ الجواب: (الغرفة): تكون أعلى، والغرفات بنايات عالية، وهي مساكن أهل الجنة في الجنة كما عند الراغب الأصفهاني، و(الحجرة): سميت بذلك؛ لأنها حجر على صاحبها، وتكون أسفل على الأرض، والحجرات بيت النبي عليه السلام خاصة به وبنسائه تفتح على المسجد.

الإعراب :

  • ﴿ وَما أَمْوالُكُمْ:
  • الواو استئنافية. ما: الحجازية بمنزلة «ليس» ومهملة بلغة بني تميم. أموالكم: اسم «ما» على الأولى ومبتدأ على الثانية مرفوع بالضمة. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-في محل جر بالاضافة. والميم للجمع.
  • ﴿ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتاكيد النفي. أولادكم: معطوفة على «أموالكم» وتعرب اعرابها بالتي: الباء حرف جر. التي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر «ما» أو بخبر المبتدأ «أموالكم» بمعنى بالأمور التي فحذف المجرور الموصوف وحلت الصفة محله. وقيل. المعنى المقصود: وما جماعة أموالكم ولا جماعة اولادكم بالتي وذلك أن جمع التكسير يستوى في تأنيثه العقلاء وغير العقلاء. وقيل: يجوز أن تكون «التي» هي التقوى وهي المقربة عند الله زلفى وحدها: أي ليست أموالكم بتلك الموضوعة للقربى
  • ﴿ تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. تقربكم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به. والميم علامة جمع الذكور. عندنا: ظرف مكان متعلق بتقربكم منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. زلفى: مفعول مطلق لأنه مرادف للمصدر أي بمعنى تقربكم قربة والكلمة اسم المصدر بمعنى «إزلافا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ إِلاّ مَنْ آمَنَ:
  • أداة استثناء. من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مستثنى من ضمير المخاطبين «كم» في «تقربكم» آمن: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «آمن» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَعَمِلَ صالِحاً:
  • معطوفة على «آمن» وتعرب اعرابها. صالحا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: عملا صالحا فحذف المفعول الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.
  • ﴿ فَأُولئِكَ:
  • الفاء استئنافية للتعليل. أولئك: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب.
  • ﴿ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع خبر «أولئك» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. جزاء: مبتدأ مرفوع بالضمة. الضعف: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. وقد أضيف المصدر الى المفعول لأن أصل الكلام فأولئك لهم أن يجازوا الضعف ثم جزاء الضعف أي أضعافا مضاعفة.
  • ﴿ بِما عَمِلُوا:
  • الباء حرف جر و «ما» مصدرية. عملوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «عملوا» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب. ويجوز ان تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل جر بالباء وجملة «عملوا» صلته لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: بما عملوه. أي بسبب ما عملوه فحذف المجرور المضاف وأقيم المصدر المضاف اليه مقامه.والجار والمجرور متعلق بالمضمر المقدر وهو «يجازون» والمعنى على جعل «ما» مصدرية أو تقدير الجملة: بعملهم. أي على أعمالهم.
  • ﴿ وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ:
  • الواو عاطفة. هم: ضمير منفصل-ضمير الغائبين-في محل رفع مبتدأ. في الغرفات: جار ومجرور متعلق بخبر «هم» أي في حجرات الجنان. آمنون: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     وبعد بيان خطئهم؛ زادَ اللهُ القضيةَ هنا توضيحًا وتبيينًا، فأعلنَ هنا ميزانَ القربى عندَه، وأنَّها ليست بكثرةِ المالِ والولدِ، وإنَّما بالإيمانِ والعملِ الصالحِ، قال تعالى:
﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بالتي:
1- بالإفراد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- باللاتي، بالجمع، وهى قراءة الحسن.
زلفى:
وقرئ:
زلفا، بفتح اللام والتنوين، جمع زلفة، وهى القرية، وهى قراءة الضحاك.
جزاء الضعف:
1- على الإضافة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- برفعهما، وهى قراءة قتادة.
3- بنصب الأول، ورفع الثاني، وهى قراءة يعقوب، فى رواية.
الغرفات:
1- جمعا، مضموم الراء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- جمعا، ساكن الراء، وهى قراءة الحسن، وعاصم، بخلاف عنه، والأعمش، ومحمد بن كعب.
3- جمعا، مفتوح الراء، وهى قراءة لبعض القراء.
4- الغرفة، على التوحيد، ساكنة الراء، وهى قراءة ابن وثاب، والأعمش، وطلحة، وحمزة.
5- الغرفة، على التوحيد وفتح الراء، ورويت عن ابن وثاب أيضا.

مدارسة الآية : [38] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ ..

التفسير :

[38] والذين يسعون في إبطال حججنا، ويصدون عن سبيل الله مشاقين مغالبين، هؤلاء في عذاب جهنم يوم القيامة، تحضرهم الزبانية، فلا يخرجون منها.

وأما الذين سعوا في آياتنا على وجه التعجيز لنا ولرسلنا والتكذيب فـ{ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ}

أى: والذين يسعون في إبطال آياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا، مُعاجِزِينَ.

أى: زاعمين سبقهم لنا، وعدم قدرتنا عليهم أُولئِكَ الذين يفعلون ذلك فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ أى: في عذاب جهنم مخلدون، حيث تحضرهم ملائكة العذاب بدون شفقة أو رحمة، وتلقى بهم فيها.

( والذين يسعون في آياتنا معاجزين ) أي : يسعون في الصد عن سبيل الله ، واتباع الرسل والتصديق بآياته ، ( أولئك في العذاب محضرون ) أي : جميعهم مجزيون بأعمالهم فيها بحسبهم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38)

يقول تعالى ذكره: والذين يعملون في آياتنا، يعني: في حججنا وآي كتابنا، يبتغون إبطاله ويريدون إطفاء نوره معاونين، يحسبون أنهم يفوتوننا بأنفسهم ويعجزوننا(أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ) يعني: في عذاب جهنم محضرون يوم القيامة .

التدبر :

وقفة
[38] ﴿وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾ سيظل الدين مهاجَمًا من أناس سخَّروا أموالهم وطاقاتهم وأوقاتهم لإبطال آياته بكل تصميم، فلا تتعجَّبوا.
تفاعل
[38] ﴿أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ:
  • الواو استئنافية. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يسعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة صلة الموصول لا محل لها
  • ﴿ فِي آياتِنا:
  • جار ومجرور متعلق بيسعون. و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة. أي في ابطال آياتنا فحذف المجرور المضاف وحل المضاف اليه محله
  • ﴿ مُعاجِزِينَ:
  • حال من واو الجماعة في «يسعون» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى مسابقين لأنبيائنا.
  • ﴿ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ:
  • الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» أولاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. في العذاب: جار ومجرور متعلق بالخبر. محضرون: خبر «أولئك» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.بمعنى فأولئك في العذاب يحضر عذابهم الملائكة أو هم مقعدون يحضرهم ملائكة العذاب.'

المتشابهات :

سبإ: 38﴿ وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَـٰئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ
الحج: 51﴿ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ
سبإ: 5﴿ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ جَزاءَ مَن آمَن؛ ذكَرَ هنا عِقابَ مَن كَفَر؛ لِيَظهَرَ تَبايُنُ الجَزاءَينِ، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [39] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ ..

التفسير :

[39] قل -أيها الرسول- لهؤلاء المغترين بالأموال والأولاد:إن ربي يوسِّع الرزق على مَن يشاء مِن عباده، ويضيِّقه على مَن يشاء؛ لحكمة يعلمها، ومهما أَعْطَيتم من شيء فيما أمركم به فهو يعوضه لكم في الدنيا بالبدل، وفي الآخرة بالثواب، وهو -سبحانه- خير الرازقين، ف

ثم أعاد تعالى أنه{ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} ليرتب عليه قوله:{ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} نفقة واجبة, أو مستحبة, على قريب, أو جار, أو مسكين, أو يتيم, أو غير ذلك،{ فَهُوَ} تعالى{ يُخْلِفُهُ} فلا تتوهموا أن الإنفاق مما ينقص الرزق, بل وعد بالخلف للمنفق, الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر{ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} فاطلبوا الرزق منه, واسعوا في الأسباب التي أمركم بها.

وقوله- سبحانه-: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ تأكيد وتقرير لتلك الحقيقة التي سبق الحديث عنها، وهي أن التوسع والتضييق في الرزق بيد الله- تعالى- وحده.

والضمير في قوله- تعالى- لَهُ يعود إلى الشخص الموسع عليه أو المضيق عليه في رزقه. أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المترفين على سبيل التأكيد وإزالة ما هم عليه من جهل: إن ربي- عز وجل- يبسط الرزق لمن يشاء من عباده، ويضيق هذا الرزق على من يشاء أن يضيقه منهم، وليس في ذلك ما يدل على السعادة أو الشقاوة، لأن هذه الأمور خاضعة لحكمته في خلقه- سبحانه-.

وَما أَنْفَقْتُمْ أيها المؤمنون مِنْ شَيْءٍ في سبيل الله- تعالى- وفي أوجه طاعته فَهُوَ- سبحانه- يُخْلِفُهُ أى: يعوضه لكم بما هو خير منه. يقال: فلان أخلف لفلان وأخلف عليه، إذا أعطاه العوض والبدل.

وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ أى: وهو- سبحانه- خير رازق لعباده لأن كل رزق يصل إلى الناس إنما هو بتقديره وإرادته، وقد جرت سنته- سبحانه- أن يزيد الأسخياء من فضله وكرمه.

وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما من يوم يصبح العباد فيه،إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم اعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم اعط ممسكا تلفا.

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد حكت جانبا من شبهات المشركين، ومن أقوالهم الباطلة، وردت عليهم بما يزهق باطلهم، ويمحو شبهاتهم، لكي يزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم.

ثم بين- سبحانه- حال أولئك المشركين يوم القيامة، وكيف أن الملائكة يكذبونهم في مزاعمهم، فقال- تعالى-:

وقوله : ( قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ) أي : بحسب ما له في ذلك من الحكمة ، يبسط على هذا من المال كثيرا ، ويضيق على هذا ويقتر على هذا رزقه جدا ، وله في ذلك من الحكمة ما لا يدركها غيره ، كما قال تعالى : ( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ) [ الإسراء : 21 ] أي : كما هم متفاوتون في الدنيا : هذا فقير مدقع ، وهذا غني موسع عليه ، فكذلك هم في الآخرة : هذا في الغرفات في أعلى الدرجات ، وهذا في الغمرات في أسفل الدركات . وأطيب الناس في الدنيا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد أفلح من أسلم ورزق كفافا ، وقنعه الله بما آتاه " . رواه مسلم من حديث ابن عمرو .

وقوله : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ) أي : مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به وأباحه لكم ، فهو يخلفه عليكم في الدنيا بالبدل ، وفي الآخرة بالجزاء والثواب ، كما ثبت في الحديث : يقول الله تعالى : أنفق أنفق عليك " . وفي الحديث : أن ملكين يصيحان كل يوم ، يقول أحدهما : " اللهم أعط ممسكا تلفا " ، ويقول الآخر : " اللهم أعط منفقا خلفا " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنفق بلالا ولا تخش من ذي العرش إقلالا " .

وقال ابن أبي حاتم عن يزيد بن عبد العزيز الطلاس ، حدثنا هشيم عن الكوثر بن حكيم ، عن مكحول قال : بلغني عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا إن بعدكم زمان عضوض ، يعض الموسر على ما في يده حذار الإنفاق " . ثم تلا هذه الآية : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين )

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا روح بن حاتم ، حدثنا هشيم ، عن الكوثر بن حكيم عن مكحول قال : بلغني عن حذيفة أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا إن بعد زمانكم هذا زمان عضوض ، يعض الموسر على ما في يديه حذار الإنفاق " ، قال الله تعالى : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) ، وينهل شرار الخلق يبايعون كل مضطر ، ألا إن بيع المضطرين حرام ، ألا إن بيع المضطرين حرام المسلم أخو المسلم . لا يظلمه ولا يخذله ، إن كان عندك معروف ، فعد به على أخيك ، وإلا فلا تزده هلاكا إلى هلاكه " .

هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وفي إسناده ضعف .

وقال سفيان الثوري ، عن أبي يونس الحسن بن يزيد قال : قال مجاهد : لا يتأولن أحدكم هذه الآية : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ) : إذا كان عند أحدكم ما يقيمه فليقصد فيه ، فإن الرزق مقسوم .

( قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) يقول تعالى ذكره: قل يا محمد إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من خلقه فيوسعه عليه تكرمة له وغير تكرمة، ويقدر على من يشاء منهم فيضيقه ويقتره إهانة له وغير إهانة، بل محنة واختبارًا( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ) يقول: وما أنفقتم أيها الناس من نفقة في طاعة الله، فإن الله يخلفها عليكم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار قال: ثنا يحيى قال: ثنا سفيان عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ) قال: ما كان في غير إسراف ولا تقتير.

وقوله (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) يقول: وهو خير من قيل إنه يرزق ووصف به، وذلك أنه قد يوصف بذلك من دونه فيقال: فلان يرزق أهله وعياله.

التدبر :

وقفة
[39] ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ﴾ إخبار يتضمن الردَّ عليهم بأن بسط الرزق وقبضه في الدنيا معلق بمشيئة الله؛ فقد يوسع الله على الكافر وعلى العاصي، ويضيق على المؤمن والمطيع، وبالعكس، فليس في ذلك دليل على أمر الآخرة.
تفاعل
[39] ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ سَل الله من فضله الآن.
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ من توقع أن تخلف عليه نفقته، سهل عليه بذلها، سواء وقع عليه إخلافها عاجلًا أو آجلًا.
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ قال ابن كثير: «يخلفه عليكم بالبدل، وفي الآخرة بالجزاء والثواب».
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ حتى ما تنفقه من راحتك ومشاعرك، وما تمنحه للآخرين من فرحة رغم آلامك يخلفه انشراحًا وفرحة في قلبك.
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ ما تنفقه من وقتك وراحتك من أجل سعادة الآخرين يخلفه الله بركة وسعادة وراحة وانشراحًا.
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم ... فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ أيُّ ضمانٍ أوثَقُ من هذا؟!
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ لن يكون إخلاف الله الكريم مثل إنفاق البشر؛ ومن كان أكرم في الإنفاق فالله أكثر في الخلف.
اسقاط
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ هل أنت حين تمد يدك بالصدقة يتشبع قلبك يقينًا بأنها لا تنقص مالك، بل سيخلفه الله؟
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ حتى ما تنفقه من راحتك، ومشاعرك، وما تمنحه للآخرين من فرحة رغم آلامك، يخلفه انشراحًا وفرحة في قلبك.
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ (من شيء) وقت، مال، صحة، جهد، راحة، سعادة ...
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ أثر الصدقة واضح على النفس، وفـي بركـة الأمـوال والأولاد، ودفـع البـلاء وجلـب الرخــاء.
وقفة
[39] ضمان من الله الكريم ﷻ: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾.
عمل
[39] في كتاب الله أكثر من 8 آيات تؤكد أن كل نفقة يعوضها الله أضعافًا مضاعفة ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾؛ فاطمئن.
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ آية تجعلك تنفق بلا تردد.
اسقاط
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ عجبًا لمن يقرأ هذا الوعد الحق فيسوِّف ويبخل، وإذا سمع وعد الخلق بتجارة قد تخسر أسرع ولم يتردد.
عمل
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ مع نزول راتبك لِيكن لإخوانك حظٌّ من مالك، واللهُ قد وعدك بالخلف.
اسقاط
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ أتخشى الفقر بعد هذا الوعد؟!
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ قال ابن العربي: «قد يعوّض مثله أو أَزْيَدَ، وقد يعوض ثوابًا، وقد يدخر له، وهو كالدعاء في وعد الإِجابة»، وقد يعوِّض صحة، وقد يعوِّض تعميرًا، ولله في خلقه أسرار.
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ أنفق من مالك في دعم مشروع دعوي راجيًا الخلف من الله تعالى.
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ تركُ الصدقةِ خوفًا من الإقلالِ هو من سوءِ الظنِّ باللهِ.
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ الإنفاق في سبيل الله يؤدي إلى إخلاف المال في الدنيا، والجزاء الحسن في الآخرة.
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ قال ﷺ: «مَا نَقَصَ مَالُ عَبدٍ مِنْ صَدَقَةٍ» [الترمذي 2325، وصححه الألباني].
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ قال أحد المسؤولين في مؤسسة الجميح أن الشيخ محمد الجميح قال له بعد لقاء مع ابن باز: «لم يطلب مني الشيخ أي تبرع للمسلمين إلا وأعطيته ما طلب، ولا يمر أربعة أيام إلا وأجد بركة ما أعطيته في مالي».
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ اختبار يقينك بوعد الله.
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ وعد عظيم من رب كريم، لو كنا منه على يقين ما تردد أحد بصدقة.
وقفة
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ ليس المقصود المال فقط، بل حتي علمك، وجاهك، ووقتك، وخلقك، ومشاعرك، كلها سيخلفها الله لك.
عمل
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ كل بذلك وعطاءاتك خلفها على الله، فلا تنتظر شكرًا من أحد.
اسقاط
[39] ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ يتيم، فقير، أرملة، مطلقة، مكروب، هل لهم نصيب من راتبك اليوم؟
وقفة
[39] كل المرابحات المالية في الدنيا قابلة للخسارة؛ إلا المرابحة بالصدقة، فلا خسارة فيها على الإطلاق ﴿وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين﴾.
عمل
[39] ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ لا يرزقك فحسب؛ بل رزقه أحسن الرزق وأهنؤه وأطيبه وأنفعه، حين تنهض للحياة قم بهذا الظن لرزق ربك.
وقفة
[39] ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ وخيرية الله في الرزق تظهر في أربعة أمور: 1- إنه رزقك قبل أن يخلقك. 2- إنه رزقه لا يتأخر عن وقت الحاجة إليه. 3- إنه لا يحاسبك على ما رزقك. 4- إنه لا يريد منك جزاءً ولا شكورًا.
وقفة
[39] ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ قال بعض المفسرين أي أن المخلوق يرزق (مجازًا) فإذا سخط قطع رزقه، والله عز وجل يسخط ولا يقطع رزقه، فاشدد يديك بحبل الله معتصمًا، فإنه الركن إن خانتك أركان.
وقفة
[39] ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ ومن خيرية رزق الله أن عطاءه يأتيك بدون منه، ويحفظ ماء وجهك، ويجعلك موفور الكرامة، ومع ذلك نقف بباب من يذلنا!

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ
  • هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة السادسة والثلاثين. من عباده: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «من» لأن» من عباده» فيها حرف جر بياني للمبهم في «من يشاء» المعنى: لمن يشاء حال كونه من عباده والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. له: جار ومجرور متعلق بيقدر
  • ﴿ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ:
  • الواو استئنافية. ما: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «أنفق» الذي لم يستوف مفعوله. و «ما» بمعنى «أي شيء» أنفقتم فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك في محل جزم بما لأنه فعل الشرط‍.التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. من شيء: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من اسم الشرط‍«ما» المبهم. و «من» حرف جر بياني التقدير: أي شيء أنفقتموه حالة كونه من الاشياء.
  • ﴿ فَهُوَ يُخْلِفُهُ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط‍.هو ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. يخلفه: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به وجملة «يخلفه» في محل رفع خبر «هو» بمعنى: فالله يعوضه لكم. أو بمعنى وما كان من خلف فهو منه.
  • ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ:
  • الواو عاطفة. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. خير: خبر «هو» مرفوع بالضمة. الرازقين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من الحركة والتنوين في المفرد.'

المتشابهات :

القصص: 82﴿يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوۡلَآ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا لَخَسَفَ بِنَاۖ وَيۡكَأَنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ
العنكبوت: 62﴿اللَّـه يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
سبإ: 39﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     ولَمَّا كان افتِخارُ الكافِرينَ بكَثرةِ الأموالِ والأولادِ؛ كرَّرَ اللهُ ما تقدَّم لقصد التأكيد للحجة، والدفع لما قاله الكفرة، فبَيَّنَ هنا أنَّ ذلك جارٍ على ما شاء اللهُ، لا أنَّه على حَسَبِ الاستحقاقِ ولا التَّكرِمةِ ولا الهَوانِ، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ويقدر:
انظر: الآية: 36، من هذه السورة.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف