31313141516171819202122232425262728293031323334353637

الإحصائيات

سورة طه
ترتيب المصحف20ترتيب النزول45
التصنيفمكيّةعدد الصفحات9.70
عدد الآيات135عدد الأجزاء0.50
عدد الأحزاب1.00عدد الأرباع4.00
ترتيب الطول19تبدأ في الجزء16
تنتهي في الجزء16عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 11/29طه: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (13) الى الآية رقم (16) عدد الآيات (4)

اللهُ يختارُ موسى عليه السلام نبيًا ويُوحِي إليه بتوحيدِه وعبادتِه، والإيمانِ بالساعةِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (17) الى الآية رقم (23) عدد الآيات (7)

انقلابُ عصا موسى عليه السلام حَيَّةً (المعجزةُ الأُولَى)، واليدُ البيضاءُ (المعجزةُ الثانيةُ).

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (24) الى الآية رقم (36) عدد الآيات (13)

أَمَرَ اللهُ موسى عليه السلام أن يذهبَ إلى فرعونَ، فسألَ موسى ربَّه أربعةَ أمورٍ: شَرْحَ صدرِه، وتيسيرَ أمرِه، وحَلَّ عقدةِ لسانِه، وجَعْلَ أخيه هارونَ نبيًا ومُعِينًا له، فاستجابَ له.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة طه

رالإسلام سعادة لا شقاء/ تقوية النبي ﷺ لحمل الرسالة والصبر عليها/ طغيان من أعرض عن هدي الله عز وجل

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • الإسلام هو منهج السعادة::   وقال عنه أيضًا: «وَاللَّهِ مَا رَأَيْت أَحَدًا أَطْيَبُ عَيْشًا مِنْهُ قَطُّ، مَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْعَيْشِ وخلاف الرَّفَاهِيَةِ وَالنَّعِيمِ بَلْ ضِدِّهَا، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَطْيَبُ النَّاسِ عَيْشًا وأشرحهم صَدْرًا, وَأَقْوَاهُمْ قَلْبًا وَأَسَرُّهُمْ نَفْسًا، تَلُوحُ نَضرَةُ النَّعِيمِ عَلَى وَجْهِهِ، وَكُنَّا إذَا اشْتَدَّ بِنَا الْخَوْفُ، وَسَاءَتْ مِنَّا الظُّنُونُ، وَضَاقَتْ بِنَا الأَرْضُ أَتَيْنَاهُ، فَمَا هُوَ إلا أَنْ نَرَاهُ وَنَسْمَعَ كَلامَهُ فَيَذْهَبَ ذَلِكَ كُلُّهُ, وَيَنْقَلِبَ انْشِرَاحًا وَقُوَّةً وَيَقِينًا وَطُمَأْنِينَةً». هل تعلم ما السر الذي جعل كدر الدنيا عند شيخ الإسلام ابن تيمية سعادة؟ هذا ما سنعرفه من خلال سورة طه.
  • • كيف تشقى مع الرحمن؟:   رسالة السورة تظهر من البداية: ﴿طه * مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لِتَشْقَى﴾ (1-2). ومعنى ذلك أن هذا الدين وهذا المنهج ليسا لشقاء الناس، بل إن الإسلام هو منهج السعادة، فلا شقاء مع الإسلام، رغم كل الظروف والصعوبات التي تواجهنا، لكن الشقاء يكون في ترك طريق الله. إن أردت أن تنهي الشقاء من حياتك؛ فعليك بالقرآن: ﴿طه * مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لِتَشْقَى﴾ (1-2). إنّ أكثر من يستفيد برسالة هذه السورة هم الشباب البعيدون عن التدين، أو الذين يريدون الالتزام، لكنهم يخافون من أن التزامهم بمنهج الله تعالى سوف يمنعهم من السعادة، ويجلب عليهم الحزن والكآبة ويحرمهم من متع الحياة وأسباب اللهو والترفيه، هذا المفهوم خاطئ جدًا، لذلك تأتي السورة لتؤكد لنا أن الإسلام هو منهج السعادة. كيف ترينا سورة طه هذا المعنى؟ تعال معنا لنعيش مع آيات السورة من أولها.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «طه».
  • • معنى الاسم ::   حرفان من حروف الهجاء، وتنطق: (طاها).
  • • سبب التسمية ::   لافتتاح السورة بهما.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة موسى»، و«سورة الكليم»؛ لاشتمالها على قصة موسى مفصلة، وسمى الكليم؛ لأن الله تعالى كلَّمه.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الإسلام سعادة لا شقاء.
  • • علمتني السورة ::   دع المخلوق وتوجه دائمًا وأبدًا بحاجاتك للخالق، الناس لا تملك شيئًا، لكن الله بحوزته السماوات والأرض: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن على الزوج واجب الإنفاق على الأهل (المرأة) من غذاء، وكساء، ومسكن، ووسائل تدفئة وقت البرد: ﴿فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى﴾
  • • علمتني السورة ::   أن العمل على كسب العيش وفعل الأسباب من سنة الأنبياء عليهم السلام: ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اسْمُ اللَّهِ الأَعْظَمُ فِي ثَلاثِ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ: الْبَقَرَةِ، وَآلِ عِمْرَانَ، وَطه».
    • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطه، وَالْأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي»، قال ابن حجر: «وَمُرَاد اِبْن مَسْعُود أَنَّهُنَّ مِنْ أَوَّل مَا تُعُلِّمَ مِنْ الْقُرْآن، وَأَنَّ لَهُنَّ فَضْلًا لِمَا فِيهِنَّ مِنْ الْقَصَص وَأَخْبَار الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة طه من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • جو السورة هو جو الرحمة والمن والطمأنينة والرعاية بالمختارين، فلذا جاء نظم ألفاظها سهلًا يشبه سورة مريم السابقة.
    • يذكر العوام أن «يس» و«طه» من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا غير صحيح
    • قال الشيخ ابن باز رحمه الله: وليس «طه» و«يس» من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في أصح قولي العلماء، بل هما من الحروف المقطعة في أوائل السور؛ مثل «ص» و«ق» و«ن» ونحوها.
    • قال البقاعي: «ومن أعظم فضائلها (أي سورة طه): أن قراءة أولها كان سببًا لإسلام عمر بن الخطاب ...». والصحيح: أن ما ورد أن سورة «طه» كانت سببًا في إسلام عمر بن الخطاب لم يصح رغم شهرته.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نلزم القرآن، فهو من أعظم أسباب السعادة: ﴿طه (1) مَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لِتَشۡقَىٰٓ ﴾ (1، 2).
    • أن نتذكر دومًا أن الله تعالى مطّلع على السرائر والخفيّات, فلا تقل ولا تفعل ما يسخطه سبحانه: ﴿وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ (7).
    • أن نحذر من مصاحبة من اتبع هواه فإنها تعدي وتردي!: ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ﴾ (16).
    • أن نجوّدْ عبارتنا: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ۞ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ (27، 28)، ففصاحة لسان الداعية إلى الدين والواعظ المنذر تعين على تدبر ما يقول وفِقهه.
    • أن نحافظ على أذكار الصباح والمساء وأدبار الصلوات وعند النوم: ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا ۞وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ (33، 34).
    • أن نسأل الله أن يلقي علينا محبة منه, وأن يضع لنا القبول في الأرض, كما أنعم على أوليائه: ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي﴾ (39).
    • أن نحرص على القولِ الطَّيبِ مع كل الناس: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا﴾ (44).
    • أن نتواضع؛ لأننا مهما ملكنا، ومهما علونا، ومهما تكبرنا، فيبقى أصلنا من تراب، وإليه سنعود!: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾ (55).
    • ألا نتعب أنفسنا مع المعاند؛ لأن في رأسه فكرة لا يريد تغييرها، فهي بنظره الصواب وما سواها هراء!: ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ﴾ (56).
    • أن ننكر المنكر: ﴿قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ﴾ (61).
    • أن نحذر من مقولة: «أنا عبد المأمور»، فنحن مؤاخذون بأعمالنا، فالجنود لما أطاعوا فرعون: ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ (78).
    • ألا نهتم كثيرًا بغضب المخلوق، المهم ألا يغضب علينا الخالق!: ﴿وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ﴾ (81).
    • ألا نتردد في العودة إلى الله مهما لوثتنا الذنوب والخطايا، فالذي سترنا تحت سقف المعصية لن يخذلنا ونحن تحت جناح التوبة: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ﴾ (82).
    • أن نحرص على دخول المسجد قبلَ الأذانِ، فالأعجلُ إلى الطَّاعةِ أحرى بالرِّضا: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ (84).
    • ألا نواجه الغاضبَ بغضبٍ مثله، بل نتلطَّف في الرَّدِ عليه، فكم من هجرٍ وفراقٍ طويلٍ كان سببُه غضبٌ بسيطٌ لم يجدْ مَن يحتويه، قال هارون لموسى: ﴿يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾ (94).
    • أن نقبل على القرآن الكريم تعلمًا، وتعليمًا، وعملًا؛ ففيه النجاة: ﴿وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا ۞ مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا﴾ (99، 100).
    • أن نكثر من الدعاء بزيادة العلم: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (114).
    • أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ونعوّذ أهلنا وأولادنا منه: ﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ﴾ (117).
    • أن نحــرص على معـرفة سـيـرة مـن ينصحنا قبـل أن نقبـل نصيحتــه: ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ﴾ (120).
    • ألا نتمنى ما عند غيرنا من زهرة الحياة الدنيا؛ فإنها إلى زوال: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ ﴾ (131).

تمرين حفظ الصفحة : 313

313

مدارسة الآية : [13] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى

التفسير :

[13] وإني اخترتك يا موسى لرسالتي، فاستمع لما يوحى إليك مني.

{ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ} أي:تخيرتك واصطفيتك من الناس، وهذه أكبر نعمة ومنة أنعم الله بها عليه، تقتضي من الشكر ما يليق بها، ولهذا قال:{ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} أي:ألق سمعك للذي أوحي إليك، فإنه حقيق بذلك، لأنه أصل الدين ومبدأه، وعماد الدعوة الإسلامية.

وَأَنَا اخْتَرْتُكَ أى: اصطفيتك من بين أفراد قومك لحمل رسالتي، وتبليغ دعوتي فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى إليك منى، ونفذ ما آمرك به.

وقوله : ( وأنا اخترتك ) كقوله ( إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ) [ الأعراف : 144 ] أي : على جميع الناس من الموجودين في زمانه .

و قد قيل : إن الله تعالى قال : يا موسى ، أتدري لم خصصتك بالتكليم من بين الناس ؟ قال : لا . قال : لأني لم يتواضع لي أحد تواضعك .

وقوله : ( فاستمع لما يوحى ) أي : اسمع الآن ما أقول لك وأوحيه إليك

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13)

اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة القرّاء الذين قرءوا " وأنَّا " بتشديد النون، و (أنا) بفتح الألف من " أنا " ردّا على: نودي يا موسى، كأن معنى الكلام عندهم: نودي يا موسى إني أنا ربك، وأنا اخترتك، وبهذه القراءة قرأ ذلك عامَّة قرّاء الكوفة. وأما عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة فقرءوه: (وأنا اخْتَرْتُكَ) بتخفيف النون على وجه الخبر من الله عن نفسه أنه اختاره.

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان قد قرأ بكل واحدة منهما قرّاء أهل العلم بالقرآن، مع اتفاق معنييهما، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب فيه، وتأويل الكلام: نودي أنَّا اخترناك. فاجتبيناك لرسالتنا إلى من نرسلك إليه ( فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ) يقول: فاستمع لوحينا الذي نوحيه إليك وعه، واعمل به.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾ بداية السعادة التي لا تنتهي.
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾ رجعت الأمور لاختيار الله، فكما أن (الأنبياء) اختيار فورثتهم (العلماء) اختيار.
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾ هنا يتوقف الوجود مشدوها، ماذا تعني الحياة بأسرها بعد هذه الكلمة؟
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾، ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي﴾ [39]، ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾ [41]، كيف كان قلب الكليم وهو يسمع هذه الكلمات من العليم؟!
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾ كم من الناس يفرح باختيار أمير لصحبته! أو وزير لمكتبه! كلها ستذهب سدى، إلا اختيار الله لك لدينه ودعوته.
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾ الله يختار لدينه، وهو أعلم بمن يختار.
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾، ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي﴾ [39]، الله (صنعه) على عينه، ثم (أحبه)، ثم (اختاره)، فرجع الفضل كله لله.
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾ تسقط وتتلاشى كل مفاخر الدنيا ومناصبها وأوسمتها أمام اختيار الله لك.
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾ لا يختار الله إلا المطأطئين للوحي.
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾ الله لا ينظر إلى القشور (الشكل واللون والحسب والنسب)، بل ينظر إلى القلب؛ إن كان طاهرًا اصطفاه.
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾ اختاره في ليلة شاتية باردة وقد ضيع الطريق في الصحراء، لا تخنقك الظروف حولك، ربما كنت على موعد اختيار.
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾ ‏الانشغال بالقرآن تلاوةً واستماعًا وتدبرًا، ‏هو اصطفاء واختيار من الله فحافظ عليه.
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾ الاصطفاء والتوفيق للطاعة نعمة عظيمة تحتاج لشكر.
وقفة
[13] ﴿وَأَنَا اختَرتُكَ فَاستَمِع لِما يوحى﴾ الإختيار تشريف يتبعه تكليف.
وقفة
[13] رسالة معلم القرآن: ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾ لم أجد أجمل منها لك.
وقفة
[13] كم هو جميل شعورك بالغبطة باختيار الله لك لسماع كلامه والقرب منه ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾.
وقفة
[13] الإنشغال بالقرآن تلاوةً واستماعًا وتدبُرًا اصطفاء رباني، تأمّل: ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾.
لمسة
[13] ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾ قال (استمع) ولم يقل: (اسمع)؛ لأن (اسمع) تفيد معنى يسمع لما يريد أو ما لا يريد، أو سمع ما لا رغبة له بسماعه، أما (استمع) فمعناها أن تتكلف السماع، لكي تسمع ما يلقى إليك، فتتهيـأ كل جوارحك وأعضائِك للسماع.
وقفة
[13] ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾ أول منازل العلم: حسن الاستماع.
وقفة
[13] ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾ وجوب حسن الاستماع في الأمور المهمة، وأهمها الوحي المنزل من عند الله.
وقفة
[13] ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾ قال سفيان بن عُيينة: «أَوَّلُ الْعِلْمِ الْإِنْصَاتُ، ثُمَّ الِاسْتِمَاعُ، ثُمَّ الْحِفْظُ، ثُمَّ الْعَمَلُ، ثُمَّ النَّشْرُ».
وقفة
[13] لك الفخر إن كنت تعقل، هذا الرب العظيم، قدر برحمته أن يكلمك أنت أيها الإنسان، فكلمك بالقرآن، أوَ تدري ما تسمع؟ رب الكون يكلمك ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾، أي وجدان وأي قلب يتدبر هذه الحقيقة العظمى فلا يخر ساجدًا لله الواحد القهار رغبًا ورهبًا؟! اللهم إلا إذا كان صخرًا أو حجرًا ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ﴾ [الحشر: 21].

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ:
  • الواو: عاطفة. أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اخترت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير المخاطب في محل نصب مفعول به. وجملة «اخترتك» في محل رفع خبر المبتدأ بمعنى: وقد اخبرتك لرسالتي أو وأنا اصطفيتك للنبوة.
  • ﴿ فَاسْتَمِعْ:
  • الفاء: استئنافية. استمع: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ لِما يُوحى:
  • اللام: حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق باستمع أو باخترتك. يوحى: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. وجملة «يوحى» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. أو تكون «ما» مصدرية والجملة بعدها: صلتها لا محل لها، «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام بتقدير للوحي'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     وبعد أن نادى اللهُ عز و جل موسى عليه السلام؛ أخبره هنا بأنه اصطفاه من بين أفراد قومه لحمل الرسالة، ثم أمره أن يستمع لما يوحيه إليه، قال تعالى:
﴿ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وأنا اخترتك:
1- بضمير المتكلم، المفرد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- وأنا اخترناك، بفتح الهمزة وشد النون، وهى قراءة طلحة، والأعمش، وابن أبى ليلى، وحمزة، وخلف، فى اختياره.
3- وأنى اخترتك، بفتح الهمزة وياء المتكلم، وهى قراءة أبى.

مدارسة الآية : [14] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ ..

التفسير :

[14] إنني أنا الله لا معبود بحق إلا أنا، لا شريك لي، فاعبدني وحدي، وأقم الصلاة لتذكرني فيها.

ثم بين الذي يوحيه إليه بقوله:{ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا} أي:الله المستحق الألوهية المتصف بها، لأنه الكامل في أسمائه وصفاته، المنفرد بأفعاله، الذي لا شريك له ولا مثيل ولا كفو ولا سمي،{ فَاعْبُدْنِي} بجميع أنواع العبادة، ظاهرها وباطنها، أصولها وفروعها، ثم خص الصلاة بالذكر وإن كانت داخلة في العبادة، لفضلها وشرفها، وتضمنها عبودية القلب واللسان والجوارح.

وقوله:{ لِذِكْرِي} اللام للتعليل أي:أقم الصلاة لأجل ذكرك إياي، لأن ذكره تعالى أجل المقاصد، وهو عبودية القلب، وبه سعادته، فالقلب المعطل عن ذكر الله، معطل عن كل خير، وقد خرب كل الخراب، فشرع الله للعباد أنواع العبادات، التي المقصود منها إقامة ذكره، وخصوصا الصلاة.

قال الله تعالى:{ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أي:ما فيها من ذكر الله أكبر من نهيها عن الفحشاء والمنكر، وهذا النوع يقال له توحيد الألوهية، وتوحيد العبادة، فالألوهية وصفه تعالى، والعبودية وصف عبده.

إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا مستحق للعبادة والطاعة والخضوع فَاعْبُدْنِي عبادة خالصة لوجهي.

وَأَقِمِ الصَّلاةَ التي هي من أشرف العبادات، وأفضل الطاعات لِذِكْرِي أى:وأدم إقامة الصلاة بخشوع وإخلاص، ليشتد تذكرك لي. واتصالك بي، وذلك لأن الصلاة مشتملة على الكثير من الأذكار التي فيها الثناء على ذاتى وصفاتي.

أو المعنى: وأدم الصلاة لذكرى خاصة، بحيث تكون خالصة لوجهي، ولا رياء فيها لأحد.

قال الآلوسى ما ملخصه: قوله: لِذِكْرِي الظاهر أنه متعلق بأقم، أى: أقم الصلاة لذكرى فيها لاشتمالها على الأذكار. وقيل: المراد أقم الصلاة لذكرى خاصة لا ترائى بها ولا تشوبها بذكر غيرى.. أو لكي أذكرك بالثناء وأثيبك بها. أو لذكرى إياها في الكتب السماوية وأمرى بها. أو لأوقات ذكرى وهي مواقيت الصلاة. فاللام وقتية بمعنى عند مثلها في قوله- تعالى- يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي.

ومن الناس من حمل الذكر على ذكر الصلاة بعد نسيانها. والمراد: أقم الصلاة عند تذكرها..

ففي الحديث الصحيح: «من نام عن صلاة أو نسيها. فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك..» .

وخص- سبحانه- الصلاة بالذكر مع أنها داخلة في العبادة المأمور بها في قوله فَاعْبُدْنِي على سبيل التشريف والتكريم، إذ الصلاة أكمل وسيلة توصل الإنسان إلى مداومة ذكر الله- تعالى- وخشيته، لاشتمالها على ألوان متعددة من صور العبادة والطاعة، إذ فيها قراءة للقرآن الكريم، وفيها الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم وفيها تسبيح الله وتمجيده.

( إنني أنا الله لا إله إلا أنا ) هذا أول واجب على المكلفين أن يعلموا أنه لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له .

وقوله : ( فاعبدني ) أي : وحدني وقم بعبادتي من غير شريك ، ( وأقم الصلاة لذكري ) قيل : معناه : صل لتذكرني . وقيل : معناه : وأقم الصلاة عند ذكرك لي .

ويشهد لهذا الثاني ما قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا المثنى بن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رقد أحدكم عن الصلاة ، أو غفل عنها ، فليصلها إذا ذكرها; فإن الله تعالى قال : ( وأقم الصلاة لذكري ) .

وفي الصحيحين عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من نام عن صلاة أو نسيها ، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ، لا كفارة لها إلا ذلك " .

( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ ) يقول تعالى ذكره: إنني أنا المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له، لا إلَهَ إلا أنا فلا تعبد غيري، فإنه لا معبود تجوز أو تصلح له العبادة سواي (فاعْبُدْنِي) يقول: فأخلص العبادة لي دون كلّ ما عبد من دوني (وأقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي).

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: معنى ذلك: أقم الصلاة لي فإنك إذا أقمتها ذكرتني.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) قال: إذا صلى ذكر ربه.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) قال: إذا ذكر عَبد ربه.

قال آخرون: بل معنى ذلك: وأقم الصلاة حين تذكرها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن مُغيرة، عن إبراهيم في قوله ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) قال: يصليها حين يذكرها.

حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثني عمي عبد الله بن وهب، قال: ثني يونس ومالك بن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّها إذَا ذَكَرَها ، قال الله ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) ". وكان الزهري يقرؤها: ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) بمنـزلة فعلى.

قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من قال: معناه: أقم الصلاة لتذكرني فيها، لأن ذلك أظهر معنييه، ولو كان معناه: حين تذكرها، لكان التنـزيل: أقم الصلاة لذكركها. وفي قوله: (لِذِكْرِي) دلالة بينة على صحة ما قال مجاهد في تأويل ذلك، ولو كانت القراءة التي ذكرناها عن الزهري قراءة مستفيضة في قراءة الأمصار، كان صحيحا تأويل من تأوّله بمعنى: أقم الصلاة حين تذكرها، وذلك أن الزهري وجَّه بقراءته ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) بالألف لا بالإضافة، إلى أقم لذكراها، لأن الهاء والألف حذفتا، وهما مرادتان في الكلام ليوفق بينها وبين سائر رءوس الآيات، إذ كانت بالألف والفتح. ولو قال قائل في قراءة الزهري هذه التي ذكرنا عنه، إنما قصد الزهري بفتحها تصييره الإضافة ألفا للتوفيق بينه وبين رءوس الآيات قبله وبعده، لأنه خالف بقراءته ذلك كذلك من قرأه بالإضافة، وقال: إنما ذلك كقول الشاعر:

أُطَــوّفُ مــا أُطَــوّفُ ثُـمَّ آوي

إلــــى (1) أمَّــا وَيُرْوِيني النَّقِــيعُ (2)

وهو يريد: إلى أمي، وكقول العرب: يا أبا وأما، وهي تريد: يا أبي وأمي، كان له بذلك مقال.

---------------------

الهوامش :

(1) في الأصل : إذ , ولعله تحريف عن " إلى " .

(2) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( مصور الجامعة ص 196 ) قال : والعرب تقول : بيتًا وأما ، يريدون : بأبي وأمي ومثله ( يا ويلتا أعجزت ) وإن شئت جعلتها يا إضافة ، وإن شئت يا ندبة . أه . والنقيع والنقيعة : المحض من اللبن يبرد ، قال ابن بري : شاده قول الشاعر : " . . ويكفين النقيع " .

التدبر :

وقفة
[14] ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ﴾ أعظم وأجل وأفخم تعريف في عمر الكون كله.
وقفة
[14] ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ﴾ يخفق منها فؤادك وتسمو روحك ويخشع جنانك وترتعش لها أطرافك وتسح عينك الدمع السخين فيلهج لسانك لبيك يا الله.
وقفة
[14] ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ﴾ لو أدركت القلوب عظمة الله؛ لكان شهيقها القرآن، وزفيرها الذِكر، ونبضُها الدعاء.
لمسة
[14] ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ﴾ خاطب موسى بالإفراد لم يقل: (نحن)؛ لأنه لا ينسجم هنا، فالمقام توحيد وليس مقام خلق.
وقفة
[14] ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ﴾ فيه إشارةٌ إلى أن أول ما يتعارف به المتلاقون أن يعرفوا أسماءهم.
وقفة
[14] ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ﴾ يا لها من لحظة غالية نادرة، أن يسمع موسى هذا النداء الجزل العظيم من ربه، أي فرح وأي رهبة، وأي وجل سيبقى في قلبه.
وقفة
[14] في قوله تعالى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ﴾ عدة مؤكدات وهي: الحرف الناسخ إنَّ, ونون الوقاية, والضمير (أنا).
عمل
[14] ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا﴾ لا تجعل هذا القلب يتعلق إلا بالله، ولا يخاف ولا يرجو إلا الله، فأقبل على الله وأعرض عن من سواه .
عمل
[14] ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا﴾ افرح لأنك عرفتَ إلهـك الحقيقي، فغيرك يبحث عن ربه بين الفئران والشجر والبقر.
وقفة
[14] ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾ وليست حاجة الأرواح قط إلى شيء أعظم منها إلى معرفة بارئها ومحبته وذكره.
وقفة
[14] ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ إِقَامَة الصلاة لذكره من أجلِّ عبادته.
وقفة
[14] ليس الميت من خرجت روحه من جنبيه، وإنما الميت من لا يفقه ماذا لربه من حقوق عليه ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾.
وقفة
[14] يأتي موسى ﷺ لموعدٍ لا تتخيل العقولُ عظمته، فيتلقى أعظمَ أمرين: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾.
وقفة
[14] ﴿لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾ من أعظم البواعث التي تُستنهض بها النفوس للعبادة: معرفتُها بخالقها وربها وأنه المستحق للألوهية سبحانه.
لمسة
[14] ﴿فَاعْبُدْنِي﴾: بجميع أنواع العبادة: ظاهرها وباطنها، أصولها وفروعها، ثم خص الصلاة بالذكر -وإن كانت داخلة في العبادة- لفضلها وشرفها، وتضمنها عبودية القلب واللسان والجوارح.
وقفة
[14] ﴿فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ قيل: المعنى لتذكرني فيها، وقيل: لأذكرك بها.
وقفة
[14] ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ كل الانحناءات تقصم الظهر؛ إلا انحناءات الصلاة؛ فبها تسمُو الرّوح وترتقي.
وقفة
[14] ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ خُصت الصلاة بالذكر؛ لأنَّها لا تنقطع ما دام الإنسان حيًا، بخلاف الزكاة فلا بد من مال، والحج لا بد من استطاعة، ولأن الصلاة تتكرر في اليوم أكثر من مرة.
وقفة
[14] ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ ذِكره تعالى أجل المقاصِد وهو عبودية القلب، وبه سعادته فالقلب المعطل عن ذكر الله معطل عن كل خيره، وقد خرب كل الخراب.
وقفة
[14] ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ إقامة الصلاة لذكر الله، إن الإنسان ليستحي من ربه حين يجول فكره في صلاته في غير ذكره.
وقفة
[14] ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ هل عرفت أهمية الصلاة؟ أول ما أمر الله به الكليم، فخص الصلاة بالذكر الجليل، وأفردها بالأمر بالعبادة دلالة على التبجيل، ولفضلها على سائر العبادات بلا مثيل.
وقفة
[14] ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ قال الألوسي: «أي: أقم الصلاة لذكري فيها لاشتمالها على الأذكار، وقيل: المراد: أقم الصلاة لذكري خاصة، لا ترائي بها، ولا تشوبها بذکر غيري أو لكي اذكرك بالثناء وأثيبك بها، أو لذكري إياها في الكتب السماوية وأمری بها، أو لأوقات ذكري وهي مواقيت الصلاة».
وقفة
[14، 15] ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي * إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ اشتمل أول الوحي إلى موسى على أصلين في العقيدة وهما: الإقرار بتوحيد الله، والإيمان بالساعة (القيامة)، وعلى أهم فريضة بعد الإيمان وهي الصلاة.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي:
  • أعربت في الآيتين الكريمتين الثانية عشرة والثامنة. النون في «انني» و «فاعبدني» للوقاية لا محل لها. والياء في «اعبدني» ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي:
  • معطوفة بالواو على «اعبدني» وتعرب إعرابها وحركت الميم بالكسر لالتقاء الساكنين و «الصلاة» مفعول به منصوب بالفتحة. لذكرى: جار ومجرور متعلق بأقم والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة أي عند ذكرى أو لاخلاص ذكرى وطلب وجهي أو لأوقات ذكرى وهي مواقيت الصلاة أو بحذف المضاف أي لذكر صلاتي.'

المتشابهات :

النحل: 2﴿عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ
طه: 14﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي
الأنبياء: 25﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     ولَمَّا أمرَ اللهُ عز و جل موسى عليه السلام أن يستمع لما يوحيه إليه؛ بَيَّنَ له هنا أهم ما يوحى إليه، وهو توحيد الله، ثم أمره بعبادته وإقامة الصلاة، قال تعالى:
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لذكرى:
وقرئ:
1- للذكرى، بلام التعريف وألف التأنيث، وهى قراءة السلمى، والنخعي.
2- لذكرى، بألف التأنيث، بغير لام التعريف، وهى قراءة فرقة.
3- للذكر، وهى قراءة فرقة.

مدارسة الآية : [15] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ..

التفسير :

[15] إن الساعة التي يُبعث فيها الناس آتية لابد من وقوعها، أكاد أخفيها من نفسي، فكيف يعلمها أحد من المخلوقين؟ لكي تُجزى كل نفس بما عملت في الدنيا من خير أو شر.

{ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ} أي:لا بد من وقوعها{ أَكَادُ أُخْفِيهَا} أي:عن نفسي كما في بعض القراءات، كقوله تعالى:{ يَسْأَلَكَ الناس عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ الله} وقال:{ وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} فعلمها قد أخفاه عن الخلائق كلهم، فلا يعلمها ملك مقرب، ولا نبي مرسل، والحكمة في إتيان الساعة{ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} من الخير والشر، فهي الباب لدار الجزاء{ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}

ثم بين- سبحانه- أن الساعة آتية لا ريب فيها فقال: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى.

أى: إن الساعة التي هي وقت البعث والحساب والثواب والعقاب، آتية أى: كائنة وحاصلة لا شك فيها.

وقوله أَكادُ أُخْفِيها أى: أقرب أن أخفى وقتها ولا أظهره لا إجمالا ولا تفصيلا، ولولا أن في إطلاع أصفيائى على بعض علاماتها فائدة، لما تحدثت عنها.

قالوا: «والحكمة في إخفاء الساعة وإخفاء وقت الموت، أن الله- تعالى- وعد بعدم قبول التوبة عند قربهما، فلو عرف وقت الموت لاشتغل الإنسان بالمعصية إلى قرب ذلك الوقت ثم يتوب، فيتخلص من عقاب المعصية فتعريف الموت كالإغراء بفعل المعصية، وهو لا يجوز .

قال الآلوسى ما ملخصه: وقوله: أَكادُ أُخْفِيها أقرب أن أخفى الساعة ولا أظهرها، بأن أقول إنها آتية.. أو أريد إخفاء وقتها المعين وعدم إظهاره.. فكاد بمعنى أراد، وإلى هذا ذهب الأخفش وغيره.. وروى عن ابن عباس أن المعنى: أكاد أخفيها من نفسي، فكيف أظهركم عليها.. وهذا محمول على ما جرت به عادة العرب من أن أحدهم إذا أراد المبالغة في كتمان الشيء قال: كدت أخفيه عن نفسي.

وقال أبو على: المعنى أكاد أظهرها بأن أوقعها، وهذا بناء على أن أخفيها من ألفاظ السلب بمعنى أزيل خفاءها.. .

ويبدو لنا أن الإخفاء هنا على حقيقته، وأن المقصود من الآية الكريمة إخفاء وقت مجيء الساعة عن الناس. حتى يكونوا على استعداد لمجيئها عن طريق العمل الصالح الذي ينفعهم يوم القيامة.

فحكمة الله- تعالى- اقتضت إخفاء وقت الساعة، وعدم إطلاع أحد عليها إلا بالمقدار الذي يأذن الله- تعالى- به لرسله.

قال الإمام ابن جرير ما ملخصه: «والذي هو أولى بتأويل الآية من القول: قول من قال معناه: أكاد أخفيها من نفسي.. لأن المعروف من معنى الإخفاء في كلام العرب: الستر.

يقال: قد أخفيت الشيء إذا سترته.. وإنما اخترنا هذا القول على غيره لموافقته أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين.. .

وقوله: لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى متعلق بآتية، وجملة أَكادُ أُخْفِيها معترضة بينهما.

أى: إن الساعة آنية لا ريب فيها، لكي تجزى كل نفس على حسب سعيها وعملها في الدنيا.

قال- تعالى-: وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً .

وقال- سبحانه-: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.

وقوله : ( إن الساعة آتية ) أي : قائمة لا محالة ، وكائنة لا بد منها .

وقوله : ( أكاد أخفيها ) قال الضحاك ، عن ابن عباس : أنه كان يقرؤها : " أكاد أخفيها من نفسي " ، يقول : لأنها لا تخفى من نفس الله أبدا .

وقال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : من نفسه . وكذا قال مجاهد ، وأبو صالح ، ويحيى بن رافع .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( أكاد أخفيها ) يقول : لا أطلع عليها أحدا غيري .

وقال السدي : ليس أحد من أهل السماوات والأرض إلا قد أخفى الله عنه علم الساعة ، وهي في قراءة ابن مسعود : " إني أكاد أخفيها من نفسي " ، يقول : كتمتها عن الخلائق ، حتى لو استطعت أن أكتمها من نفسي لفعلت .

وقال قتادة : ( أكاد أخفيها ) وهي في بعض القراءة " أخفيها من نفسي ، ولعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين ، ومن الأنبياء والمرسلين .

قلت : وهذا كقوله تعالى : ( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ) [ النمل : 65 ] وقال : ( ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة ) [ الأعراف : 187 ] أي : ثقل علمها على أهل السماوات والأرض .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا منجاب ، حدثنا أبو نميلة ، حدثني محمد بن سهل الأسدي ، عن وقاء قال : أقرأنيها سعيد بن جبير ( أكاد أخفيها ) ، يعني : بنصب الألف وخفض الفاء ، يقول : أظهرها ، ثم قال أما سمعت قول الشاعر :

دأب شهرين ثم شهرا دميكا بأريكين يخفيان غميرا

وقال الأسدي : الغمير نبت رطب ، ينبت في خلال يبس . والأريكين : موضع ، والدميك : الشهر التام . وهذا الشعر لكعب بن زهير .

وقوله سبحانه وتعالى : ( لتجزى كل نفس بما تسعى ) أي : أقيمها لا محالة ، لأجزي كل عامل بعمله ، ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [ الزلزلة : 7 ، 8 ] و ( إنما تجزون ما كنتم تعملون ) [ الطور : 16 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)

يقول تعالى ذكره: إن الساعة التي يبعث الله فيها الخلائق من قبورهم لموقف القيامة جائية ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) فعلى ضمّ الألف من أخفيها قراءة جميع قرّاء أمصار الإسلام، بمعنى: أكاد أخفيها من نفسي، لئلا يطلع عليها أحد، وبذلك جاء تأويل أكثر أهل العلم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) يقول: لا أظهر عليها أحدا غيري.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: لا تأتيكم إلا بغتة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: من نفسي.

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: من نفسي.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: من نفسي.

حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا محمد بن عبيد الطنافسي، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: يخفيها من نفسه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) وهي في بعض القراءة: أخفيها من نفسي. ولعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين، ومن الأنبياء المرسلين.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: في بعض الحروف: ( إنَّ السَّاعَةَ آتِيهٌ أَكَادُ أُخْفِيها مِنْ نَفْسِي).

وقال آخرون: إنما هو: ( أكادُ أَخْفِيها) بفتح الألف من أخفيها بمعنى: أظهرها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا محمد بن سهل، قال: سألني رجل في المسجد عن هذا البيت.

دَابَ شَــهْرَيْنِ ثُــمَّ شَـهْرًا دَمِيكًـا

بِـــأرِيكينِ يَخْفِيـــان غَمِـــيرًا (3)

فقلت: يظهران، فقال ورقاء بن إياس وهو خلفي: أقرأنيها سعيد بن جبير ( أكادُ أَخْفِيها) بنصب الألف ، وقد رُوي عن سعيد بن جبير وفاق لقول الآخرين الذين قالوا: معناه: أكاد أخفيها من نفسي.

* ذكر الرواية عنه بذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عطاء، عن سعيد بن جبير ومنصور، عن مجاهد، قالا( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قالا من نفسي.

حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري، قال: ثنا ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: من نفسي.

قال أبو جعفر: والذي هو أولى بتأويل الآية من القول، قول من قال: معناه: أكاد أخفيها من نفسي، لأن تأويل أهل التأويل بذلك جاء، والذي ذُكر عن سعيد بن جبير من قراءة ذلك بفتح الألف قراءة لا أستجيز القراءة بها لخلافها قراءة الحجة التي لا يجوز خلافها فيما جاءت به نقلا مستفيضا.

فإن قال قائل: ولم وجهت تأويل قوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) بضم الألف إلى معنى: أكاد أخفيها من نفسي، دون توجيهه إلى معنى: أكاد أظهرها، وقد علمت أن للإخفاء في كلام العرب وجهين: أحدهما الإظهار، والآخر الكتمان، وأن الإظهار في هذا الموضع أشبه بمعنى الكلام، إذ كان الإخفاء من نفسه يكاد عند السامعين أن يستحيل معناه، إذ كان محالا أن يخفي أحد عن نفسه شيئا هو به عالم، والله تعالى ذكره لا يخفى عليه خافية؟ قيل: الأمر في ذلك بخلاف ما ظننت، وإنما وجَّهنا معنى (أُخْفِيها) بضمّ الألف إلى معنى: أسترها من نفسي، لأن المعروف من معنى الإخفاء في كلام العرب: الستر. يقال: قد أخفيت الشيء: إذا سترته، وأن الذين وجَّهوا معناه إلى الإظهار، اعتمدوا على بيت لامرئ القيس ابن عابس الكندي.

حُدثت عن معمر بن المثنى أنه قال: أنشدنيه أبو الخطاب، عن أهله في بلده:

فــإنْ تُدْفِنُــوا الــدَّاءَ لا نُخْفِــهِ

وإنْ تَبْعَثُـــوا الحَــرْبَ لا نَقْعُــد (4)

بضمّ النون من لا نخفه، ومعناه: لا نظهره، فكان اعتمادهم في توجيه الإخفاء في هذا الموضع إلى الإظهار على ما ذكروا من سماعهم هذا البيت، على ما وصفت من ضم النون من نخفه، وقد أنشدني الثقة عن الفرّاء:

فإنْ تَدْفِنُوا الدَّاءَ لا نَخْفِهِ

بفتح النون من نخفه، من خفيته أخفيه، وهو أولى بالصواب لأنه المعروف من كلام العرب.

فإذا كان ذلك كذلك، وكان الفتح في الألف من أخفيها غير جائز عندنا لما ذكرنا، ثبت وصحّ الوجه الآخر، وهو أن معنى ذلك. أكاد استرها من نفسي.

وأما وجه صحة القول في ذلك، فهو أن الله تعالى ذكره خاطب بالقرآن العرب على ما يعرفونه من كلامهم وجرى به خطابهم بينهم، فلما كان معروفا في كلامهم أن يقول أحدهم إذا أراد المبالغة في الخبر عن إخفائه شيئا هو له مسرّ: قد كدت أن أخفي هذا الأمر عن نفسي من شدّة استسراري به، ولو قدرت أخفيه عن نفسي أخفيته، خاطبهم على حسب ما قد جرى به استعمالهم في ذلك من الكلام بينهم، وما قد عرفوه في منطقهم وقد قيل في ذلك أقوال غير ما قلنا. وإنما اخترنا هذا القول على غيره من الأقوال لموافقة أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين، إذ كنا لا نستجيز الخلاف عليهم، فيما استفاض القول به منهم، وجاء عنهم مجيئا يقطع العذر، فأما الذين قالوا في ذلك غير قولنا ممن قال فيه على وجه الانتزاع من كلام العرب، من غير أن يعزوه إلى إمام من الصحابة أو التابعين، وعلى وجه يحتمل الكلام من غير وجهه المعروف، فإنهم اختلفوا في معناه بينهم، فقال بعضهم: يحتمل معناه: أريد أخفيها، قال: وذلك معروف في اللغة، وذُكر أنه حُكي عن العرب أنهم يقولون: أولئك أصحابي الذين أكاد أنـزل عليهم، وقال: معناه: لا أنـزل إلا عليهم. قال: وحُكي: أكاد أبرح منـزلي: أي ما أبرح منـزلي، واحتجّ ببيت أنشده لبعض الشعراء:

كــادَتْ وكِـدْتُ وتِلـكَ خَـيْرُ إرَادَةٍ

لَـوْ عـادَ مِـنْ عَهْد الصَّبابَةِ ما مَضَى (5)

وقال: يريد: بكادت: أرادت، قال: فيكون المعنى: أريد أخفيها لتجزى كلّ نفس بما تسعى. قال: ومما يُشبه ذلك قول زيد الخيل:

سـريع إلـى الهَيْجـاءِ شـاكٍ سِلاحُهُ

فَمَـــا أنْ تَكـــادُ قِرْنُــهُ يَتَنَفَّسُ (6)

وقال: كأنه قال: فما يتنفس قرنه، وإلا ضعف المعنى; قال: وقال ذو الرُّمَّة:

إذا غَـيَّرَ النَّـأْيُ المُحِـبِّينَ لَـمْ يَكَـدْ

رَسِـيسُ الهَـوَى مِـنْ حُبّ مَيَّةَ يَبْرَحُ (7)

قال: وليس المعنى: لم يكد يبرح: أي بعد يُسر، ويبرح بعد عُسر; وإنما المعنى: لم يبرح، أو لم يرد يبرح، وإلا ضعف المعنى; قال: وكذلك قول أبي النجم:

وإنْ أتــاكَ نَعِــيّ فــانْدُبَنَّ أبــا

قَـدْ كَـادَ يَضطْلِـعُ الأعْـداءَ والخُطَبَا (8)

وقال: يكون المعنى: قد اضطلع الأعداء، وإلا لم يكن مدحا إذا أراد كاد ولم يرد يفعل.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن الساعة آتية أكاد، قال: وانتهى الخبر عند قوله أكاد لأن معناه: أكاد أن آتي بها، قال: ثم ابتدأ فقال: ولكني أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى، قال: وذلك نظير قول ابن ضابي:

هَمَمَـتُ وَلَـمْ أفْعَـلْ وكِـدْتُ ولَيْتَنِـي

تَـرَكْتُ عـلى عثمـانَ تَبْكِـي أقارِبُهُ (9)

فقال: كدت، ومعناه: كدت أفعل.

وقال آخرون: معنى (أُخفيها) أظهرها، وقالوا: الإخفاء والإسرار قد توجههما العرب إلى معنى الإظهار، واستشهد بعضهم لقيله ذلك ببيت الفرزدق:

فَلَمَّــا رأى الحَجَّــاجَ جَـرَّدَ سَـيْفَهُ

أسَـرَّ الحَـرُورِيُّ الّـذِي كـانَ أضْمَرَا (10)

وقال: عنى بقوله: أسرّ: أظهر. قال: وقد يجوز أن يكون معنى قوله وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ وأظهروها، قال: وذلك أنهم قالوا: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا . وقال جميع هؤلاء الذين حكينا قولهم جائز أن يكون قول من قال: معنى ذلك: أكاد أخفيها من نفسي، أن يكون أراد: أخفيها من قبلي ومن عندي، وكلّ هذه الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرنا توجيه منهم للكلام إلى غير وجهه المعروف، وغير جائز توجيه معاني كلام الله إلى غير الأغلب عليه من وجوهه عند المخاطبين به، ففي ذلك مع خلافهم تأويل أهل العلم فيه شاهد عدل على خطأ ما ذهبوا إليه فيه.

وقوله ( لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ) يقول تعالى ذكره: إن الساعة آتية لتجزى كلّ نفس: يقول: لتثاب كل نفس امتحنها ربها بالعبادة في الدنيا بما تسعى، يقول: بما تعمل من خير وشرّ، وطاعة ومعصية .

----------------------

الهوامش :

(3) البيت لكعب ( اللسان ، والتاج ، دمك ) قالا : يقال أقمت عنده شهرًا دميكا ، أي شهر تامًّا ، قال كعب : " داب شهرين ثم شهرًا دميكًا " أه . ولم يذكر الشطر الثاني من البيت . وفي ( معجم ما استعجم للبكري ص 144 ) قال أبو عبيدة : أريك في بلاد ذبيان . قال : وهما أريكان : أريك الأسود ، وأريك الأبيض ، والأريك : الجبل الصغير ويخيفان : بفتح الياء يخرجان والغير : له معاني كثيرة ، منها في تاج العروس : الغمير ، كأمير : حب البهمي الساقط من سنبله حين ييبس ، أو نبات أخضر قد غمره اليبس . . إلخ .

(4) البيت لامرئ القيس بن عابس الكندي . استشهد به صاحب ( اللسان : خفا ) على أن قوله لا نخفه ، بفتح النون أي لا نظهره . وكذا ترى قوله تعالى : " أكاد أخفيها " أي أظهرها ، حكاه اللحياني ، عن الكسائي ، عن محمد بن سهل ، عن سعيد بن جبير . أه . قال في اللسان : يقال خفيت الشيء : أظهرته واستخرجته ، يقال خفي المطر الفئار : إذا أخرجهن من أنفاقهن ، أي من جحرتهن . قال امرئ القيس يصف فرسا :

خفــاهن مــن أنفــاقهن كأنمــا

خفــاهن ودق مـن عشـي مجـلب

وخفيت الشيء أخفيه : كتمته ، وهو من الأضداد ، وأخفيت الشيء : سترته وكتمته ، ورواية المؤلف البيت كما في معاني القرآن للفراء . وفي ( اللسان ؛ : خفا ) : " فإن تكتموا السر لا نخفه " .

(5) البيت في ( اللسان : كيد ) قال : ويقال : فلان يكيد أمرا ما أدري ما هو ؟ إذا كان يريغه ، ويحتال له ، ويسعى له . وقال : " بلغوا الأمر الذي كادوا " : يريد : طلبوا أو أرادوا ، وأنشد أبو بكر في كاد بمعنى أراد ، للأفوه :

فــإن تجــمع أوتــاد وأعمــدة

وسـاكن بلغـوا الأمـر الـذي كـادوا

أراد : الذي أرادوا ، وأنشد :

كــادت وكـدت وتلـك خـير إرادة

لـو ( كان ) من أمر الصبابة ما مضى

قال : معناه : ما أرادت ، قال : ويحتمله قوله تعالى : لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا لأن الذي عاين من الظلمات آيسه من التأمل ليده ، والإبصار إليها ، والبيت شاهد على أن كاد بمعنى أراد ، استشهد به المؤلف عند قوله تعالى : أَكَادُ أُخْفِيهَا .

(6) البيت لزيد الخيل كما قال المؤلف . واستشهد به صاحب ( اللسان : كاد ) على أن كاد قد تجيء صلة في الكلام . قال : وتكون كاد صلة للكلام ( زائدة ) ، أجاز ذلك الأخفش وقطرب وأبو حاتم ، واحتج قطرب بقول الشاعر : " سريع . . إلخ " . معناه : ما يتنفس قرنه ، ولكن أبا جعفر الطبري جعله شبيهًا بالشاهد السابق عليه ، وتوجيه قطرب لهذا الشاهد أوضح وأحسن ، وإن التي قبل يكاد : زائدة ، أو نافية مؤكدة لما النافية قبلها .

(7) هذا البيت من حائية ذي الرمة المشهورة ( ديوان طبعة كيمبردج سنة 1919 ص 78 ) قال شارحه : النأي البعد ، رسيس الهوى : مسه ، وما خفي منه ، أو أوله ، ويقال : لم يجد رسيس الحمى ، واستشهد المؤلف بالبيت على أن المعنى فيه : لم يبرح - أو لم يرد يبرح ؛ وعلى هذا يكون الفعل ( يكاد ) زائدًا في الكلام ، وقد جاء في ( اللسان : رسس ) رواية أخرى للبيت ، تؤيد ما ذهب إليه المؤلف ، من أن المعنى على زيادة ( يكاد ) ، وهي :

إذا غَـيَّرَ النَّـأْيُ المُحِـبِّينَ لَـمْ يَكَـدْ

رَسِـيسُ الهَـوَى مِـنْ حُبّ مَيَّةَ يَبْرَحُ

وهذه الرواية هي التي عدل إليها الشاعر ، حين خطأه ابن شبرمة قاضي البصرة لما سمعه ينشد القصيدة في المربد. ولكن المحققين قالوا إن بديهة ذي الرمة في الرواية الأولى ، كانت أجود من روايته ، ( في الرواية الثانية ) . وقد بين العلامة المحقق رضي الله الديلي الأستراباذي : محمد بن الحسن ، صواب الرواية الأولى ، بأن معنى لم يكد : لم يقرب وأن نفي مقاربة الشيء أبلغ من نفي الشيء فيكون معنى البيت : إذا غير البعاد قلوب المحبين ، فبعاد مية عني لا يذهب بما أحس لها من حب ثابت مقيم ولا يقارب أن يذهب به . ( وانظر شرح الرضي على كافية ابن الحاجب ، طبعة الآستانة 2 : 306 أفعال المقاربة ) . وقد أبطل الرضي زعم من زعم من النحاة أن " نفي كاد إثبات وأن إثباته نفي " وهو كلام نفيس دال على ذكائه ودقة فهمه .

(8) البيت لأبي النجم كما قال المؤلف ، والشاهد في قوله " كاد يضطلع " فقد ذهب المؤلف أن معناه : قد اضطلع الأعداء وإلا لم يكن مدحا إذا أراد كاد . ولم يرد يفعل ، وعلى التخريج للبيت يكون الفعل ( كاد ) صلة ( زائدة ) ، مثل الشاهدين السابقين عليه عنده . ويضطلع الأعداء : أي يضطلع بهم وبالخطب ، أسقط البا ، فعدى الفعل بنفسه إلى المعمول الذي كان مجرورا بالباء قبل إسقاطها . يقال اضطلع بحمله ، أي قوي عليه ونهض به . وهو من الضلاعة أي القوة . وفي ( اللسان : ضلع ) : واضطلع الحمل أي احتمله أضلاعه . وقال ابن السكيت : يقال : هو مضطلع بحمله ، أي قوي على حمله ، وهو مفتعل مج الضلاعة . والنعي : الناعي الذي يخبر بموت من مات .

(9) البيت لضابئ ابن الحارث البرجمي ، حبسه الخليفة عثمان ، لأنه كان فاحشا ، هجا قوما فأراد عثمان تأديبه ، فلما دعي ليؤدب ، شد سكينا في ساقه ، ليقتل بها عثمان ، فعثر عليه ، ثم ضرب وأعيد إلى السجن حتى مات فيه . والبيت من مقطوعة لأمية له أنشدها أبو العباس المبرد انظر ( رغبة الآمل ، بشرح الكامل للمرصفي 4 : 91 ) .

فــلا تتبعينــي إن هلكـت ملامـة

فليس بعــار قتــل مـن لا أقاتلـه

هممـت ولـم أفعـل وكـدت وليتنـي

تـركت عـلى عثمـان تبكـي حلائله

والشاهد في قوله : كدت ، أي كدت أفعل ما هممت به من قتل عثمان . وهو نظير ما في القرآن ( إن الساعة آتية أكاد ) ذهب قوم إلى أن معناه : أكاد أن آتي بها . ثم ابتدأ فقال : ولكني أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى والبيت لضابئ لا لابنه كما قال المؤلف .

(10) لم أجد هذا البيت في ديوان الفرزدق ،وهو من شواهد أبي عبيدة ( اللسان : سرر ) قال : أسررت الشيء : أخفيته ، وأسررته : أعلنته ، ومن الإظهار قوله تعالى : ( وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ) أي أظهروها . وأنشد الفرزدق * فلمـا رأى الحجـاج جـرد سيفه *

البيت . قال شمر : لم أجد هذا البيت للفرزدق وما قال غير أبي عبيدة في قوله " وأسروا الندامة " أي أظهروها . قال : ولم أسمع ذلك لغيره . قال الأزهري : وأهل اللغة أنكروا أبي عبيدة أشد الإنكار . وقيل : أسروا الندامة : يعني : الرؤساء من المشركين أسروا الندامة في سفلتهم الذين أضلوهم ، وأسروها : أخفوها وكذلك قال الزجاج ، وهو قول المفسرين . والحروري : الخارجي نسبة إلى حروراء ، وهو أول مجتمعاتهم لما نابذوا أمير المؤمنين عليا ، وأظهروا التحكيم " لا حكم إلا لله " . فسموا المحكمة ، والحرورية ، والخوارج .

التدبر :

وقفة
[15] ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ﴾ مُؤسف حد البكاء أن نرى علامات الساعة تتحقق ولا زلنا نرمي أنفسنا في أحضان الدُنيا.
وقفة
[15] ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ كان هذا قبل ثلاثة آلاف سنة! فما ظنّكم بها اليوم؟!
وقفة
[15] ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ قال الطبري: «بمعنى: أكاد أخفيها من نفسي، لئلا يطلع عليها أحد، وبذلك جاء تأويل أكثر أهل العلم».
وقفة
[15] ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ قال الجمل: «والحكمة في إخفاء الساعة وإخفاء وقت الموت، أن الله تعالى وعد بعدم قبول التوبة عند قربها، فلو عرف وقت الموت لاشتغل الإنسان بالمعصية إلى قرب ذلك الوقت ثم يتوب، فيتخلص من عقاب المعصية فتعريف الموت كالإغراء بفعل المعصية، وهو لا يجوز».
وقفة
[15] قال تعالى: ﴿إن الساعة لآتية لا ريب فيها﴾ [الحجر: 85]، وقال تعالى في طه: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ أدخل اللام في الحجر دون طه، لماذا؟ الجواب: أن الخطاب هنا مع المنكرين للبعث، فناسب التوكيد باللام، والخطاب في طه مع موسى عليه السلام، وهو مؤمن بالساعة فلم يحتج إلى توكيد فيها.
وقفة
[15] قال ابن عباس:«كل شيء في القرآن: أكاد، وكادوا، وكاد، ولو، فإنه لا يكون أبدًا»، وهو مثل قوله: ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾.
وقفة
[15] ﴿لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ﴾ ربك لا يحيف عليك أبدًا، أو يهضم حقك، إن لم ينعم عليك ويتجاوز عنك فلن يظلمك، فالكريم العادل لا يجور.
وقفة
[15] ﴿لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ﴾ قال (تسعى) لأنه: على قدر سعيك يكون جزاؤك، والله أكرم.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الساعة: أي القيامة: اسم «انّ» منصوب بالفتحة. آتية: خبرها مرفوع بالضمة.
  • ﴿ أَكادُ أُخْفِيها:
  • فعل مضارع ناقص من أفعال المقاربة مرفوع بالضمة واسمها:ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. أخفي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «أخفيها» في محل نصب خبر «أكاد» بمعنى: أكاد أزيل خفاءها: أي أظهرها. والخفاء:الغطاء. ويجوز أن تكون جملة أَكادُ أُخْفِيها» اعتراضية لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ:
  • اللام: حرف جر للتعليل. تجزى: فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. كل: نائب فاعل مرفوع بالضمة. نفس: مضاف اليه مجرور بالكسرة. وجملة «تجزى كلّ نفس» صلة «أن» المضمرة لا محل لها. و«أن» المصدرية المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بآتية.
  • ﴿ بِما تَسْعى:
  • الباء: حرف جر. ما: مصدرية. تسعى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. وجملة «تسعى» صلة «ما» لا محل لها. و «ما» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بتجزى. التقدير بسعيها.'

المتشابهات :

الحجر: 85﴿وَ إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ
غافر: 59﴿ إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ
طه: 15﴿ إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
الحج: 7﴿وَ إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّـهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     : ولَمَّا ذكرَ اللهُ عز و جل الأمرَ بالعبادةِ وإقامةِ الصلاةِ؛ ذكَرَ هنا الحامِلَ على ذلك، وهو: البَعثُ والجَزاءُ، فعند قيام الساعة يظهر ما عمله الإنسان، وجزاء ذلك إما ثوابًا وإما عقابًا، قال تعالى:
﴿ إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أخفيها:
وقرئ:
1- بضم الهمزة، مضارع «أخفى» ، وهى قراءة الجمهور.
2- بفتحها، وهى قراءة أبى الدرداء، وابن جبير، والحسن، ومجاهد، وحميد، ورويت عن ابن كثير، وعاصم.

مدارسة الآية : [16] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ ..

التفسير :

[16] فلا يصرفنَّك -يا موسى- عن الإيمان بها والاستعداد لها مَن لا يصدق بوقوعها ولا يعمل لها، واتبع هوى نفسه، فكذَّب بها، فتهلك.

أي:فلا يصدك ويشغلك عن الإيمان بالساعة، والجزاء، والعمل لذلك، من كان كافرا بها، غير معتقد لوقوعها.

يسعى في الشك فيها والتشكيك، ويجادل فيها بالباطل، ويقيم من الشبه ما يقدر عليه، متبعا في ذلك هواه، ليس قصده الوصول إلى الحق، وإنما قصاراه اتباع هواه، فإياك أن تصغي إلى من هذه حاله، أو تقبل شيئا من أقواله وأعماله الصادرة عن الإيمان بها والسعي لها سعيها، وإنما حذر الله تعالى عمن هذه حاله لأنه من أخوف ما يكون على المؤمن بوسوسته وتدجيله وكون النفوس مجبولة على التشبه، والاقتداء بأبناء الجنس، وفي هذا تنبيه وإشارة إلى التحذير عن كل داع إلى باطل، يصد عن الإيمان الواجب، أو عن كماله، أو يوقع الشبهة في القلب، وعن النظر في الكتب المشتملة على ذلك، وذكر في هذا الإيمان به، وعبادته، والإيمان باليوم الآخر، لأن هذه الأمور الثلاثة أصول الإيمان، وركن الدين، وإذا تمت تم أمر الدين، ونقصه أو فقده بنقصها، أو نقص شيء منها. وهذه نظير قوله تعالى في الإخبار عن ميزان سعادة الفرق، الذين أوتوا

الكتاب وشقاوتهم:{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئون وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

وقوله:{ فَتَرْدَى} أي:تهلك وتشقى، إن اتبعت طريق من يصد عنها .

ثم حذر- سبحانه- من عدم الاستعداد للساعة. ومن الشك في إتيانها فقال:

فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها أى: فلا يصرفنك عن الإيمان بها، وعن العمل الصالح الذي ينفعك عند مجيئها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها من الكافرين والفاسقين وَاتَّبَعَ هَواهُ في إنكارها وفي تكذيب ما يكون فيها من ثواب أو عقاب فَتَرْدى أى: فتهلك، إن أنت أطعت هذا الذي لا يؤمن بها. يقال: ردى فلان- كرضى- إذا هلك، وأرداه غيره إذا أهلكه.

فالآية الكريمة تحذير شديد من اتباع المنكرين لقيام الساعة والمعرضين عن الاستعداد لها، بعد أن أكد- سبحانه- في آيات كثيرة أن الساعة آتية لا ريب فيها.

قال- تعالى-: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ، وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى، وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ .

وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة قد أثبتت وحدانية الله- تعالى- كما في قوله: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا كما أثبتت وجوب التوجه إليه وحده بالعبادة كما في قوله- سبحانه-:

فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي. كما أثبتت أن يوم القيامة لا شك في إتيانه في الوقت الذي يريده الله- تعالى- كما قال- عز وجل-: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ....

ثم بين- سبحانه- بعض التوجيهات والأوامر التي وجهها- عز وجل- إلى نبيه موسى- عليه السلام- كما حكى ما التمسه موسى من خالقه- تعالى- فقال:

وقوله : ( فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى ) المراد بهذا الخطاب آحاد المكلفين ، أي : لا تتبعوا سبيل من كذب بالساعة ، وأقبل على ملاذه في دنياه ، وعصى مولاه ، واتبع هواه ، فمن وافقهم على ذلك فقد خاب وخسر ) فتردى ) أي : تهلك وتعطب قال الله تعالى : ( وما يغني عنه ماله إذا تردى ) [ الليل : 11 ] .

وقوله ( فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا ) يقول تعالى ذكره: فلا يردّنك يا موسى عن التأهُّب للساعة، من لا يؤمن بها، يعني: من لا يقرّ بقيام الساعة، ولا يصدّق بالبعث بعد الممات، ولا يرجو ثوابا، ولا يخاف عقابا. وقوله ( وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ) يقول: اتبع هوى نفسه، وخالف أمر الله ونهيه ( فَتَرْدَى) يقول: فتهلك إن أنت انصددت عن التأهب للساعة، وعن الإيمان بها، وبأن الله باعث الخلق لقيامها من قبورهم بعد فنائهم بصدّ من كفر بها، وكان بعضهم يزعم أن الهاء والألف من قوله ( فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا ) كناية عن ذكر الإيمان، قال: وإنما قيل عنها وهي كناية عن الإيمان كما قيل إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ يذهب إلى الفعلة، ولم يجر للإيمان ذكر في هذا الموضع، فيجعل ذلك من ذكره، وإنما جرى ذكر الساعة، فهو بأن يكون من ذكرها أولى.

التدبر :

وقفة
[16] ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ﴾ قال الزمخشري: «يعني أن من لا يؤمن بالآخرة هم الجم الغفير، إذ لا شي أطم على الكفرة ولا هم أشد له نكيرًا من البعث، فلا يهولنك وفور (كثرة) دهمائهم، ولا عظم سوادهم، ولا تحمل الكثرة مزلة قدمك، واعلم أنهم -وإن كثروا تلك الكثرة- فقدوتهم فيما هم فيه من الهوى واتباعه، لا البرهان».
وقفة
[16] ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ﴾ في هذا تنبيه وإشارة إلى التحذير من الداع إلى باطل يصد عن الإيمان الواجب أو عن كماله، أو يوقع الشبهة في القلب، وعن النظر في الكتب المشتملة على ذلك.
عمل
[16] ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ﴾ احذر من مصاحبة من اتبع هواه فإنها تعدي وتردي!
وقفة
‏[16] لأهل الباطل وكثرتهم هيبة قد تصرف عن الحق وتُضعف الثقة به، حذّر الله موسى من هيبة أهل الباطل ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ﴾.
وقفة
[16] إذا تحكَّم الهوى بالرأي هوى ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ﴾ .
وقفة
[16] الهوى كالخمر للعقول، يُعميها عن الحق فتتردى في ظلام الآراء والأفكار ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ﴾.
وقفة
[16] كل من لم يؤمن بيوم الآخرة إنما هو حقيقة قد اتبع هواه، وإنما يقولون الأدلة والبراهين على عدم حقيقة اليوم الآخر، إنما لأجل أن يستروا على أنفسهم حقيقة اتباعهم لأهوائهم ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ﴾.
عمل
[16] الحذر الحذر من قطاع الطريق بينك وبين الله سبحانه ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ﴾.
وقفة
[16] ﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ﴾ الهوى لا يعرف الحق أو العدل أو الصواب؛ لأن من يقف على رأسه ويدعو إليه هو من أخرج أباك من الجنة.

الإعراب :

  • ﴿ فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها:
  • الفاء: سببية. لا: ناهية جازمة. يصدنك: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم بلا.الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل نصب مفعول به. عنها:جار ومجرور متعلق بيصدن بمعنى لا يلفتنك عنها أو فلا يمنعك عنها أي عن تصديقها. والضمير للقيامة ويجوز أن يكون للصلاة.
  • ﴿ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها:
  • من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. لا: نافية لا عمل لها. يؤمن: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بها: جار ومجرور متعلق بيؤمن والجملة صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَاتَّبَعَ هَواهُ:
  • الواو استئنافية ويجوز أن تكون عاطفة. اتبع: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. هوى: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر والهاء ضمير متصل مبني على الضم-ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَتَرْدى:
  • الفاء: سببية. تردى: أي تهلك: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. وجملة «تردى» صلة «أن» المضمرة لا محل لها. و «أن» المضمرة وما بعدها: بتأويل مصدر معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق. التقدير: ليكن منك عدم الصدّ فالنجاة.'

المتشابهات :

طه: 16﴿فَـ لَا يَصُدُّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ
القصص: 87﴿وَ لَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّـهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ
الزخرف: 62﴿وَ لَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الساعة؛ حذرَ اللهُ عز و جل هنا من عدم الاستعداد للساعة، ومن الشك في إتيانها، فمن لم يؤمن بها سيشقى ويترَدَّى، قال تعالى:
﴿ فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فتردى:
وقرئ:
بكسر التاء، وهى قراءة يحيى.

مدارسة الآية : [17] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى

التفسير :

[17] وما هذه التي في يمينك يا موسى؟

لما بين الله لموسى أصل الإيمان، أراد أن يبين له ويريه من آياته ما يطمئن به قلبه، وتقر به عينه، ويقوي إيمانه، بتأييد الله له على عدوه فقال:{ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} هذا، مع علمه تعالى، ولكن لزيادة الاهتمام في هذا الموضع، أخرج الكلام بطريق الاستفهام .

الاستفهام في قوله- تعالى-: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى للتقرير، لأن الله- تعالى- عالم بما في يمين موسى، فالمقصود من هذا السؤال اعتراف موسى وإقراره بأن ما في يده إنما هي عصا فيزداد بعد ذلك يقينه بقدرة الله- تعالى- عند ما يرى العصا التي بيمينه قد انقلبت حية تسعى.

قال صاحب الكشاف: إنما سأله- سبحانه- ليريه عظم ما يخترعه- عز وعلا- في الخشبة اليابسة من قلبها حية نضاضة- أى تحرك لسانها في فمها-، وليقرر في نفسه المباينة البعيدة بين المقلوب عنه، والمقلوب إليه، وينبهه على قدرته الباهرة. ونظيره أن يريك الزراد زبرة من حديد- أى قطعة من حديد- ويقول لك: ما هي؟ فتقول: زبرة حديد. ثم يريك بعد أيام لبوسا مسردا فيقول لك: هي تلك الزبرة صيرتها إلى ما ترى من عجيب الصنعة، وأنيق السرد.. .

والآية الكريمة: شروع في بيان ما كلف الله- تعالى- به عبده موسى- عليه السلام- من الأمور المتعلقة بالخلق، إثر حكاية ما أمر- سبحانه- به موسى من إخلاص العبادة له، والإيمان بالساعة وما فيها من حساب وثواب وعقاب.

هذا برهان من الله تعالى لموسى ، عليه السلام ، ومعجزة عظيمة ، وخرق للعادة باهر ، دال على أنه لا يقدر على مثل هذا إلا الله عز وجل ، وأنه لا يأتي به إلا نبي مرسل ، وقوله : ( وما تلك بيمينك يا موسى ) قال بعض المفسرين : إنما قال له ذلك على سبيل الإيناس له . وقيل : إنما قال له ذلك على وجه التقرير ، أي : أما هذه التي في يمينك عصاك التي تعرفها ، فسترى ما نصنع بها الآن ، ( وما تلك بيمينك يا موسى ) استفهام تقرير .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17)

يقول تعالى ذكره: وما هذه التي في يمينك يا موسى؟ فالباء في قوله (بِيَمِينكَ) من صلة تلك، والعرب تصل تلك وهذه كما تصل الذي، ومنه قول يزيد بن مفرع:

عَــدسْ مــا لِعَبَّـادٍ عَلَيْـكِ إمـارَةٌ

أمِنْــتِ وَهَــذَا تَحْــملِينَ طَلِيــقُ (11)

كأنه قال: والذي تحملين طليق.

ولعل قائلا أن يقول: وما وجه استخبار الله موسى عما في يده؟ ألم يكن عالما بأن الذي في يده عصا؟ قيل له: إن ذلك على غير الذي ذهبت إليه، وإنما قال ذلك عزّ ذكره له إذا أراد أن يحوّلها حية تسعى، وهي خشبة، فنبهه عليها، وقرّره بأنها خشبة يتوكأ عليها، ويهشّ بها على غنمه، ليعرّفه قُدرته على ما يشاء، وعظم سلطانه، ونفاذ أمره فيما أحبّ بتحويله إياها حيَّة تسعى، إذا أراد ذلك به ليجعل ذلك لموسى آية مع سائر آياته إلى فرعون وقومه.

-----------------------

الهوامش :

(11) البيت لزيد بن مفرغ الحميري ، يخاطب بغلته حين هرب من عبيد الله بن زياد وأخيه عباد ، وكان ابن مفرغ يهجوهما إذا تأخر عليه العطاء ، وله قصة مشهورة . وعدس : زجر للبغل ، أو اسم له . ويروى نجوت في مكان : أمنت ( اللسان : عدس ) . وهذا : اسم إشارة ، وقد وصل بجملة تحملين ، فصار من الأسماء الموصولة في قول بعض النحويين . هذا : مبتدأ وجملة تحملين : صلة ؛ وطليق : خبر المبتدأ . أي والذي تحملينه طليق ، ليس لأحد عليه سلطان .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[17] ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ﴾ قدّر الله أن يحملها موسى في تلك اللحظة بيمينه تشريفًا لها، فهي ستذكر في أعظم كتاب، وتكون بها معجزة عظيمة.
وقفة
[17] ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ﴾ إن قلتَ: ما فائدةُ سؤالهِ تعالى لموسى، مع أنه أعلمُ بما في يده؟! قلتُ: فائدتُه تأنيسُه، وتخفيفُ ما حصل عنده من دهشةِ الخطاب، وهيبة الِإجلال، وقت التكلم معه، أو اعترافه بكونها عَصَا، وازدياد علمه بذلك، فلا يعترضه شكّ إذا قلبها الله ثعبانًا، أنها كانت عصى ثم انقلبت ثعبانًا بقدرة الله تعالى.
وقفة
[17] ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ﴾ موسى مضطرب، ربه يكلمه، الموقف رهيب، بل صعب، فيأتي صوت الأمان ليهدء قلبه المرتعب فيناديه باسمه (يا موسى).
وقفة
[17] ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ﴾ إنما سأله ليريه عظيم ما يفعله في العصا من قلبها حية؛ فمعنى السؤال: تقرير أنها عصا، فيتبين له الفرق بين حالها قبل أن يقلبها، وبعد أن قلبها.
وقفة
[17] ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ﴾ تهيئة الخواطر قبل إلقاء الأوامر.
وقفة
[17] ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ﴾ عند الضيق لا تنظر لما في أيدي الناس، قد يكون الفرج فى يمينك، وأنت لا تعلم.
لمسة
[17] ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ﴾ ابتدأ تعالى سؤال موسى عمّا يحمل بيده مع أن حمله للعصا واضح وهو لا يحتاج إلى سؤال، وهو سبحانه أعلم به، لشد انتباه موسى عليه السلام؛ ليوقن بأنه ممسك بعصاه، حتى إذا ما انقلبت حيّة لم يشك في أن تلك الحيّة هي التي كانت عصاه، والهدف هو تقرير الأمر وتثبيته.

الإعراب :

  • ﴿ وَما تِلْكَ:
  • الواو: استئنافية. ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. تلك: اسم اشارة مبهم مبني على الفتح في محل رفع خبر.
  • ﴿ بِيَمِينِكَ:
  • جار ومجرور في محل نصب حال والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة ويجوز أن يكون الجار والمجرور متعلقا بفعل محذوف تقديره: استقرت. والجملة الفعلية «استقرت بيمينك» صلة الموصول «تلك» اذا جاز إعرابها: اسما موصولا بمعنى: وما التي بيمينك؟
  • ﴿ يا مُوسى:
  • يا: أداة مناداة. موسى: اسم منادى معرفة مفرد مبني على الضم المقدر على الألف للتعذر في محل نصب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     وبعد التذكير بالساعة والاستعداد لها؛ أرادَ اللهُ عز و جل أن يبيِّن لموسى عليه السلام ويريه من آياته ما يطمئن به قلبه، وتقر به عينه، ويقوي إيمانه بتأييد الله له على عدوه، فسأله هذا السؤال:
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا ..

التفسير :

[18] قال موسى:هي عصاي أعتمد عليها في المشي، وأهزُّ بها الشجر؛ لترعى غنمي ما يتساقط من ورقه، ولي فيها منافع أخرى.

{ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} ذكر فيها هاتين المنفعتين، منفعة لجنس الآدمي، وهو أنه يعتمد عليها في قيامه ومشيه، فيحصل فيها معونة. ومنفعة للبهائم، وهو أنه كان يرعى الغنم، فإذا رعاها في شجر الخبط ونحوه، هش بها، أي:ضرب الشجر، ليتساقط ورقه، فيرعاه الغنم.

هذا الخلق الحسن من موسى عليه السلام، الذي من آثاره، حسن رعاية الحيوان البهيم، والإحسان إليه دل على عناية من الله له واصطفاء، وتخصيص تقتضيه رحمة الله وحكمته.{ وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ} أي:مقاصد{ أُخْرَى} غير هذين الأمرين. ومن أدب موسى عليه السلام، أن الله لما سأله عما في يمينه، وكان السؤال محتملا عن السؤال عن عينها، أو منفعتها أجابه بعينها، ومنفعتها

والمعنى: وأى شيء بيدك اليمنى يا موسى؟ فأجاب موسى بقوله- كما حكى القرآن عنه قالَ هِيَ عَصايَ أى: الشيء الذي بيميني هو عصاي.. ونسبها إلى نفسه لزيادة التحقق والتثبت من أنها خاصة به وكائنة بيده اليمنى.

ثم بين وظيفتها فقال: أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها أى: أعتمد عليها لتساعدنى في حال السير وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي أى: وأضرب بها الشجر اليابس ليسقط، ورقة فترعاه أغنامى.

يقال هش فلان الشجرة بالعصا- من باب رد- فهو يهشها هشا، إذا ضربها بعصاه أو بما يشبهها ليتساقط ورقها. ومفعول أهش محذوف. أى: وأهش بها الشجر والورق.

وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى والمآرب: جمع مأربة- بتثليث الراء- بمعنى حاجة. تقول:

لا أرب لي في هذا الشيء، أى: لا حاجة لي فيه.

أى: ولي في هذه العصا حاجات أخرى، ومنافع غير التي ذكرتها.

وقد كان يكفى موسى- عليه السلام- في الجواب أن يقول: هي عصاي، ولكنه أضاف إلى ذلك أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي.. لأن المقام يستدعى البسط والإطالة في الكلام، إذ هو مقام حديث العبد مع خالقه، والحبيب مع حبيبه.

وأجمل في قوله: وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى إما حياء من الله- تعالى- لطول الكلام في الجواب، وإما رجاء أن يسأل عن هذه المآرب المجملة، فيجيب عنها بالتفصيل تلذذا في الخطاب.

قال القرطبي: وفي هذه الآية دليل على جواب السؤال بأكثر مما سئل، لأنه لما قال:

وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى ذكر معاني أربعة وهي: إضافة العصا إليه، وكان حقه أن يقول عصا، والتوكؤ، والهش، والمآرب المطلقة. فذكر موسى من منافع عصاه معظمها.

وفي الحديث: سئل النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ماء البحر فقال: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» وسألته امرأة عن الصغير حين رفعته إليه فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم ولك أجر» .

وقال الإمام ابن كثير عند تفسيره لقوله وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى: وقد تكلف بعضهم لذكر شيء من تلك المآرب التي أبهمت، فقيل: كانت تضيء له بالليل، وتحرس له الغنم إذا نام، ويغرسها فتصير شجرة تظلله، وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة.

والظاهر أنها لم تكن كذلك، ولو كانت كذلك لما استنكر موسى صيرورتها ثعبانا، ولما فر منها هاربا، ولكن كل ذلك من الأخبار الإسرائيلية .

( قال هي عصاي أتوكأ عليها ) أي : أعتمد عليها في حال المشي ( وأهش بها على غنمي ) أي : أهز بها الشجرة ليسقط ورقها ، لترعاه غنمي .

قال عبد الرحمن بن القاسم : عن الإمام مالك : والهش : أن يضع الرجل المحجن في الغصن ، ثم يحركه حتى يسقط ورقه وثمره ، ولا يكسر العود ، فهذا الهش ، ولا يخبط . وكذا قال ميمون بن مهران أيضا .

وقوله : ( ولي فيها مآرب أخرى ) أي : مصالح ومنافع وحاجات أخر غير ذلك . وقد تكلف بعضهم لذكر شيء من تلك المآرب التي أبهمت ، فقيل : كانت تضيء له بالليل ، وتحرس له الغنم إذا نام ، ويغرسها فتصير شجرة تظله ، وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة .

والظاهر أنها لم تكن كذلك ، ولو كانت كذلك لما استنكر موسى صيرورتها ثعبانا ، فما كان يفر منها هاربا ، ولكن كل ذلك من الأخبار الإسرائيلية وكذا قول بعضهم : إنها كانت لآدم ، عليه السلام . وقول الآخر : إنها هي الدابة التي تخرج قبل يوم القيامة . وروي عن ابن عباس أنه قال : كان اسمها ماشا . والله أعلم بالصواب .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن موسى: قال موسى مجيبا لربه ( هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) يقول: أضرب بها الشجر اليابس فيسقط ورقها وترعاه غنمي، يقال منه: هشّ فلان الشجر يهشّ هشا: إذا اختبط ورق أغصانها فسقط ورقها، كما قال الراجز:

أهُشُّ بالْعصَـــا عــلى أغْنــامِي

مِـــنْ نـــاعِمِ الأرَاكِ والبَشــامِ (12)

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ( وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) قال: أخبط بها الشجر.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) قال: أخبط.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) قال: كان نبيّ الله موسى صلى الله عليه وسلم يهشّ على غنمه ورق الشجر.

حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) يقول: أضرب بها الشجر للغنم، فيقع الورق.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) قال: يتوكأ عليها حين يمشي مع الغنم، ويهشّ بها، يحرّك الشجر حتى يسقط الورق الحبَلة وغيرها.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسن، عن عكرمة ( وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) قال: أضرب بها الشجر، فيسقط من ورقها عليّ.

حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه، قال: ثنا علي بن الحسن، قال: ثنا حسين، قال: سمعت عكرمة يقول ( وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) قال: أضرب بها الشجر، فيتساقط الورق على غنمي.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا مُعاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) يقول: أضرب بها الشجر حتى يسقط منه ما تأكل غنمي.

وقوله ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) يقول:

ولي في عصاي هذه حوائج أخرى، وهي جمع مأربة، وفيها للعرب لغات ثلاث: مأرُبة بضم الراء، ومأرَبة بفتحها، ومأرِبة بكسرها، وهي مفعلة من قولهم: لا أرب لي في هذا الأمر: أي لا حاجة لي فيه، وقيل أخرى وهن مآرب جمع، ولم يقل أخر، كما قيل: لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وقد بيَّنت العلة في توجيه ذلك هنالك.

وبنحو الذي قلنا في معنى المآرب، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: ثنا حفص بن جميع، قال: ثنا سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله: ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) قال: حوائج أخرى قد علمتها.

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) يقول: حاجة أخرى.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) قال: حاجات.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) قال: حاجات ومنافع.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُريج، عن مجاهد ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) قال: حاجات.

حدثني موسى، قال: ثني عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) يقول: حوائج أخرى أحمل عليها المزود والسقاء.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) قال: حوائج أخرى.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، في قوله ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) قال: حاجات ومنافع أخرى.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن وهب بن منبه ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) أي منافع أخرى.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) قال: حوائج أخرى سوى ذلك.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( مَآرِبُ أُخْرَى ) قال: حاجات أخرى.

-----------------------

الهوامش :

(12) في ( اللسان : هش ) : الهش أن تنثر ورق الشجر بعصا . هش الغصن يهشه هشا خطبه فألقى ورقه لغنمه ، ومنه قوله عز وجل : وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي قال الفراء : أي أضرب بها الشجر اليابس ، ليسقط ورقها ، فترعاه غنمه . والأراك والبشام : نوعان من الشجر ترتعيهما الماشية ، وفي أغصانها لين وقد تأكلها الماشية إذا كانت خضراء .

التدبر :

لمسة
[18] ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾ السؤال عن العصا بـ (ما) الاستفهامية كان يتطلب تحديد ماهية ما يحمل وحسب، فيقول مثلًا: (هذه عصا)، لكن أطنب موسى وعدّد منافعها وتوسع في الجواب تلذذًا بالخطاب، فالمرء إن تكلم مع شخص ذي بال تمنى لو طال حديثه معه، فكيف بمن خاطب وتكلم مع خالق الخلق سبحانه وتعالى؟!
وقفة
[18] العمل على كسب العيش وفعل الأسباب من سنة الأنبياء عليهم السلام ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ﴾.
وقفة
[18] ﴿هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾ تحوّلت عصاه من هداية الغنم إلى هداية البشر، الاعتماد على الله يُسخّر للعبد غايات عظيمة بوسائل ضعيفة.
وقفة
[18] ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾ أراد موسى عليه السلام أن يطيل كلامه مع ربه؛ فكيف بلذة النظر إليه؟!
وقفة
[18] ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾ لو قال: « هي عصاي» لكفى؛ لكن موسى عليه السلام أراد أن يأنس بكلام ربه ﷻ.
عمل
[18] ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾ عدد فضائل عصا، (لا تبخل بذكر الفضائل لشيء يبارك لك فيه).
وقفة
[18] ﴿أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ﴾ موسى شكر نعمة (العصا) فزادت النعم، فصارت عصاه معجزته.
وقفة
[18] موسى يعدد فضائل عصاه: ﴿أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ﴾، حتى العصا تكبر في عين الشاكر.
وقفة
[18] ﴿وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾ مِن راعي (غنم) إلى راعي (أمم)، ما هيأك الله له في بدايتك ينفعك بعد تقدمك.
وقفة
[18] ﴿وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾ موسى كان أفضل إنسان في ذلك الزمان وكانت مهنته راعي! إن لم يفتح لك الله من الدنيا فليس معناه أنك لست بعزيز عنده.
وقفة
[18] ﴿وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾ ظل موسى عشر سنين يرعى الغنم، وبقي يوسف خادمًا في بيت العزيز أكثر من ذلك، لا تيأس من مرور العقود وبركان عظمتك لم ينفجر، المهم أن تكون الحمم ساخنة في جوف البركان.
وقفة
[18] ﴿وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾ ولم يقل: (اضرب بها غنمي)؛ كان (لينًا) على الغنم، الله أعلم بمن يختار.
وقفة
[18] ﴿وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾ استدل به على استحباب الاقتصاد في المرعي بالهش، وهو ضرب الشجرة ليسقط الورق دون الاستئصال؛ ليخلف فينتفع به غيره.
وقفة
[18] ﴿وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾ دليل على حسن رعاية موسى للحيوان البهيم، والإحسان إليه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ»، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ». [البخاري 2262].
وقفة
[18] ﴿وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾ الحكمة في إلهام الأنبياء رعي الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أممهم؛ ولأن في مخالطتها ما يحصل لهم الحلم والشفقة؛ لأنهم إذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها في المرعي، ونقلها من مسرح إلى مسرح أحسن، ودفع عدوها من سبع وغيره كالسارق، وعلموا اختلاف طباعها وشدة تفرقها مع ضعفها واحتياجها إلى المعاهدة، ألفوا من ذلك الصبر على الأمة، وعرفوا اختلاف طباعها، وتفاوت عقولها، فجبروا كسرها، ورفقوا بضعيفها، وأحسنوا التعاهد لها، فيكون تحملهم لشقة ذلك أسهل مما لو كلفوا القيام بذلك من أول وهلة.
وقفة
[18] ﴿وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾ في أشرف لقاء تشرف به بشر تحدث النبي عن رعيه للغنم، شرفنا أن نعيش بحقيقتنا في كل الظروف دون تصنع أو زيف.
وقفة
[18] ﴿عَلَى غَنَمِي﴾ موسى أفضلُ أهلِ زمانِه ومهنته راعي! إن لم يهبك اللهُ المالَ فليس لأنَّك لست بعزيزٍ عنده.
عمل
[18] ﴿وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ﴾ استثمر ما لديك من وسائل في كل ما أمكن من مآرب.
وقفة
[18، 19] لما أضاف موسى العصا لنفسه ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ﴾، أجابه الله: ﴿أَلْقِهَا يَا مُوسَى﴾ إرشادًا لنا أن لا نعلق قلوبنا بشيء أو بأحد سواه.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الاسمية بعدها: في محل نصب مفعول به لقال.
  • ﴿ هِيَ عَصايَ:
  • ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. عصاي: خبر «هي» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والياء ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة وحرك بالفتح لالتقاء الساكنين
  • ﴿ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال. أتوكأ: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. عليها: جار ومجرور متعلق بأتوكأ.
  • ﴿ وَأَهُشُّ بِها:
  • معطوفة بالواو على أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها» وتعرب إعرابها بمعنى: وأخبط‍ بها الورق على رءوس غنمي.
  • ﴿ عَلى غَنَمِي وَلِيَ:
  • جار ومجرور متعلق بأهش والياء ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة. الواو: استئنافية. لي: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم.
  • ﴿ فِيها مَآرِبُ أُخْرى:
  • جار ومجرور متعلق بمآرب أو بحال محذوفة منها. مآرب جمع «مأرب» بمعنى مقاصد أو حاجات: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-على وزن-مفاعل-اخرى:صفة-نعت-لمآرب مرفوعة مثلها بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد السؤال: وما هذه التي في يمينِك يا موسى؟ يأتي هنا الجواب: هِيَ عَصَايَ، ثم عدد منافعها فأطالَ؛ أُنسًا بمحادثة رب العالمين، قال تعالى:
﴿ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

عصاى:
قرئ:
1- عصى، بقلب الألف ياء وإدغامها فى ياء المتكلم، وهى قراءة ابن أبى إسحاق، والجحدري.
2- عصاى، بكسر الياء، وهى قراءة الحسن، ورويت عن ابن أبى إسحاق، وأبى عمرو، معا.
3- عصاى، بسكون الياء، وهى قراءة الجحدري.
وأهش:
1- بضم الياء، والشين المعجمة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسر الهاء والشين المعجمة، وهى قراءة النخعي.
3- بضم الهاء والشين غير معجمة، والهش: السوق، وهى قراءة الحسن، وعكرمة.
4- بضم الهمز والشين المعجمة، من «أهش» رباعيا، ذكرها الزمخشري، عن النخعي.
غنمى:
وقرئ:
بسكون النون، وهى قراءة فرقة.
مآرب:
وقرئ:
مارب، بغير همز، أي: بغير همز محقق، يعنى التسهيل، وهى قراءة الزهري، وشيبة.

مدارسة الآية : [19] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى

التفسير :

[19] قال الله لموسى:ألق عصاك.

تفسير الآيتين 19 و 20:ـ

فقال الله له:{ أَلْقِهَا يَا مُوسَى* فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}

انقلبت بإذن الله ثعبانا عظيما، فولى موسى هاربا خائفا، ولم يعقب، وفي وصفها بأنها تسعى، إزالة لوهم يمكن وجوده، وهو أن يظن أنها تخييل لا حقيقة، فكونها تسعى يزيل هذا الوهم.

وقوله- سبحانه-: قالَ أَلْقِها يا مُوسى جملة مستأنفة جواب عن سؤال مقدر، كأنه قيل: فماذا قال الله- تعالى- لموسى بعد ذلك؟.

فكان الجواب: قال- سبحانه- لموسى: اطرح يا موسى هذه العصا التي بيمينك لترى ما يكون بعد ذلك.

وقوله تعالى "قال ألقها يا موسى" أي هذه العصا التي في يدك يا موسى ألقها.

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19)

يقول تعالى ذكره: قال الله لموسى: ألق عصاك التي بيمينك يا موسى ، يقول الله جل جلاله: فألقاها موسى، فجعلها الله حية تسعى، وكانت قبل ذلك خشبة يابسة، وعصا يتوكأ عليها ويهشّ بها على غنمه، فصارت حية بأمر الله.

كما حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: ثنا حفص بن جميع، قال: ثنا سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما قيل لموسى: ألقها يا موسى، ألقاها( فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ) ولم تكن قبل ذلك حية، قال: فمرّت بشجرة فأكلتها، ومرت بصخرة فابتلعتها، قال: فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها، قال: فولى مدبرا، فنودي أن يا موسى خذها، فلم يأخذها، ثم نودي الثانية: أن ( خُذْهَا وَلا تَخَفْ ) ، فلم يأخذها، فقيل له في الثالثة إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ فأخذها.

حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: قال له، يعني لموسى ربه ( أَلْقِهَا يَا مُوسَى ) يعني ( فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ) فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ فنودي يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[19] ﴿قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى﴾ هذا أول تدريب رباني! قال القرطبي: «لما أراد الله تعالى أن يدرِّبه في تلقي النبوة وتكاليفها أمره بإلقاء العصا».
وقفة
[19، 20] ﴿قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا﴾ كل ما يأمرك الله بإلقائه فألقه، ولو كان أثيرًا لديك؛ كن ممن قالوا سمعنا وأطعنا، ولا تؤثر أحدًا على من خلقك.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي قال الله سبحانه له. والجملة بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ أَلْقِها يا مُوسى:
  • ألق: فعل أمر مبني على حذف آخره-حرف العلة- والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يا: أداة نداء. موسى منادى علم مفرد مبني على الضم المقدر على الألف للتعذر في محل نصب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     ولَمَّا أجاب موسى عليه السلام عن السؤال؛ أمره اللهُ عز و جل بإلقائها، ليُرِيَه ما جعل له فيها من المعجزة الظاهرة، قال تعالى:
﴿ قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى

التفسير :

[20] فألقاها موسى على الأرض، فانقلبت بإذن الله حية تسعى، فرأى موسى أمراً عظيماً وولى هارباً.

تفسير الآيتين 19 و 20:ـ

فقال الله له:{ أَلْقِهَا يَا مُوسَى* فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}

انقلبت بإذن الله ثعبانا عظيما، فولى موسى هاربا خائفا، ولم يعقب، وفي وصفها بأنها تسعى، إزالة لوهم يمكن وجوده، وهو أن يظن أنها تخييل لا حقيقة، فكونها تسعى يزيل هذا الوهم.

فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى.

أى: فامتثل موسى أمر ربه، فألقاها على الأرض، ونظر إليها فإذا هي قد تحولت بقدرة الله- تعالى- إلى «حية» - أى ثعبان عظيم- «تسعى» ، أى: تمشى على الأرض بسرعة وخفة حركة ووصفها- سبحانه- هنا بأنها حَيَّةٌ تَسْعى، ووصفها في سورة الشعراء بأنها ثُعْبانٌ مُبِينٌ ووصفها في سورة النمل بأنها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ .

ولا تنافى بين هذه الأوصاف، لأن الحية اسم جنس يطلق على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والثعبان: هو العظيم منها، والجان: هو الحية الصغيرة الجسم، السريعة الحركة.

وقد صرحت بعض الآيات أن موسى- عليه السلام- عند ما رأى عصاه قد تحولت إلى ذلك، ولى مدبرا ولم يعقب. قال- تعالى-: وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ ...

( فألقاها فإذا هي حية تسعى ) أي : صارت في الحال حية عظيمة ، ثعبانا طويلا يتحرك حركة سريعة ، فإذا هي تهتز كأنها جان ، وهو أسرع الحيات حركة ، ولكنه صغير ، فهذه في غاية الكبر ، وفي غاية سرعة الحركة ، ( تسعى ) أي : تمشي وتضطرب .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن عبدة ، حدثنا حفص بن جميع ، حدثنا سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ( فألقاها فإذا هي حية تسعى ) ولم تكن قبل ذلك حية ، فمرت بشجرة فأكلتها ، ومرت بصخرة فابتلعتها ، فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها ، فولى مدبرا ، فنودي أن : يا موسى ، خذها . فلم يأخذها ، ثم نودي الثانية أن : خذها ولا تخف . فقيل له في الثالثة : إنك من الآمنين . فأخذها .

وقال وهب بن منبه في قوله : ( فألقاها فإذا هي حية تسعى ) قال : فألقاها على وجه الأرض ، ثم حانت نظرة فإذا بأعظم ثعبان نظر إليه الناظرون ، فدب يلتمس كأنه يبتغي شيئا يريد أخذه ، يمر بالصخرة مثل الخلفة من الإبل فيلتقمها ، ويطعن بالناب من أنيابه في أصل الشجرة العظيمة فيجتثها ، عيناه توقدان نارا ، وقد عاد المحجن منها عرفا . قيل : شعر مثل النيازك ، وعاد الشعبتان منها مثل القليب الواسع ، فيه أضراس وأنياب ، لها صريف ، فلما عاين ذلك موسى ولى مدبرا ولم يعقب ، فذهب حتى أمعن ، ورأى أنه قد أعجز الحية ، ثم ذكر ربه فوقف استحياء منه ، ثم نودي : يا موسى أن : ارجع حيث كنت . فرجع موسى وهو شديد الخوف . فقال : ( خذها ) بيمينك ( ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى ) وعلى موسى حينئذ مدرعة من صوف ، فدخلها بخلال من عيدان ، فلما أمره بأخذها أدلى طرف المدرعة على يده ، فقال له ملك : أرأيت يا موسى ، لو أذن الله بما تحاذر أكانت المدرعة تغني عنك شيئا ؟ قال : لا ولكني ضعيف ، ومن ضعف خلقت . فكشف عن يده ثم وضعها على فم الحية ، حتى سمع حس الأضراس والأنياب ، ثم قبض فإذا هي عصاه التي عهدها ، وإذا يده في موضعها الذي كان يضعها إذا توكأ بين الشعبتين; ولهذا قال تعالى : ( سنعيدها سيرتها الأولى ) أي : إلى حالها التي تعرف قبل ذلك .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن وهب بن منبه، (قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى) تهتزّ، لها أنياب وهيئة كما شاء الله أن تكون، فرأى أمرا فظيعا، وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ فناداه ربه: يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَى ).

التدبر :

وقفة
[20] ﴿فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾ إبراز انقلاب العصا حية في أثناء المحاورة كان بهدف تثبيت قلب موسى وطمأنته، ولدفع الشك عن أن يتسلل إليه إذا أُمِر بنفس الأمر أمام فرعون دون تجربة سابقة.
وقفة
[20] ﴿فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾ على قدر سرعة الاستجابة تكون سرعة إنجاز الله لك.
وقفة
[20] ﴿فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾ في وصفها بأنها تسعى, إزالة لوهم يمكن وجوده, وهو أن يظن أنها تخييل, لا حقيقة، فكونها تسعى يزيل هذا الوهم.
وقفة
[20] ﴿فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾، ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ [النمل: 10]، ﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ﴾ [الأعراف: 107]، تجمع الأوصاف الثلاثة: فهي حية قاتلة مميتةٌ، وهي ثعبان ضخمٌ، وهي جانٌ سريعة في حركتها، فتجمع الأوصاف الثلاثة، القتل والضخامة والسرعة.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَلْقاها:
  • الفاء: استئنافية. القى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ:
  • الفاء: استئنافية. اذا: حرف فجاءة وعند بعضهم اسم تفيد الظرفية لا عمل لها. هي: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. حية: خبر «هي» مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية: استئنافية لا محل لها.
  • ﴿ تَسْعى:
  • معنى «تمشي» أو «تزحف» فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. والجملة الفعلية «تسعى» في محل رفع صفة-نعت-لحية. أو في محل نصب حال من المبتدأ «هي».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ولَمَّا أمرَ اللهُ عز و جل موسى عليه السلام أن يلقي العصا؛ استجاب موسى عليه السلام وألقاها، فإذا بالعصا تتحول إلى حية تسعى، قال تعالى:
﴿ فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [21] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا ..

التفسير :

[21] قال الله لموسى:خذ الحية، ولا تَخَفْ منها، سوف نعيدها عصاً كما كانت في حالتها الأولى.

فقال الله لموسى:{ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ} أي:ليس عليك منها بأس.{ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} أي:هيئتها وصفتها، إذ كانت عصا، فامتثل موسى أمر الله إيمانا به وتسليما، فأخذها، فعادت عصاه التي كان يعرفها

ولكن الله- تعالى- ثبت فؤاده، وطمأن نفسه: قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ أى: خذ هذه الحية التي تحولت عصاك إليها ولا تخف منها، كما هو الشأن في الطبائع البشرية، فإنا سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى أى: سنعيد هذه الحية إلى هيئتها الأولى التي كانت عليها قبل أن تصير حية تسعى، وهي أن نعيدها بقدرتنا التي لا بعجزها شيء إلى عصا كما كانت من قبل.

فالجملة الكريمة مسوقة لتعليل وجوب الامتثال للأمر وعدم الخوف، أى: خذها ولا تخف منها، فإن هذه الحية سنرجعها عصا كما كانت من قبل.

وقوله- تعالى- سِيرَتَهَا فعلة من السّير، وهي الحالة والهيئة التي يكون عليها الإنسان، وهو منصوب بنزع الخافض. أى: سنعيدها إلى هيئتها وحالتها الأولى.

قالوا: ومن الحكم التي من أجلها حول الله- تعالى- العصا إلى حية تسعى: توطين قلب موسى- عليه السلام- على ذلك، حتى لا يضطرب إذا ما تحولت إلى ثعبان عظيم عند ما يلقيها أمام فرعون وقومه.

فقد جرت عادة الإنسان أن يقل اضطرابه من الشيء العجيب الغريب بعد رؤيته له لأول مرة.

بأخذها لف طرف المدرعة على يده فقال له ملك: أرأيت يا موسى لو أذن الله بما تحاذر أكانت المدرعة تغني عنك شيئا قال لا ولكني ضعيف ومن ضعف خلقت فكشف عن يده ثم وضعها على فم الحية حتى سمع حس الأضراس والأنياب ثم قبض فإذا هي عصاه التي عهدها وإذا يده في موضعها الذي كان يضعها إذا توكأ بين الشعبتين ولهذا قال تعالى سنعيدها سيرتها الأولى أي إلى حالها التى تعرف قبل ذلك.

وقوله ( قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ ) يقول تعالى ذكره قال الله لموسى: خذ الحية، والهاء والألف من ذكر الحية ( وَلا تَخَفْ ) يقول: ولا تخف من هذه الحية يقول: ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَى) يقول : فإنا سنعيدها لهيئتها الأولى التي كانت عليها قبل أن نصيرها حية، ونردّها عصا كما كانت.

يقال لكل من كان على أمر فتركه، وتحوّل عنه ثم راجعه: عاد فلان سيرته الأولى، وعاد لسيرته الأولى، وعاد إلى سيرته الأولى.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (سِيرَتها الأولى) يقول: حالتها الأولى.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، فال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( سِيرَتَهَا الأولَى ) قال: هيئتها.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن وهب بن منبه ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَى ) أي سنردّها عصا كما كانت.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَى ) قال: إلى هيئتها الأولى.

التدبر :

وقفة
[21] ﴿قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ﴾ الذي أعاد عصى موسى بعد أن كانت حية تسعى قادر أن يحيي العظام وهي رميم ويجعلها حية تسعى!
وقفة
[21] ﴿قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ﴾ لم يقل أن موسى هرب أو فزع.
وقفة
[21] ﴿قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ﴾ يضعف الإنسان في الحق لولا تثبيت الله له، ويخاف، ويقلق، قال الله لموسى عندما رأى العصا: (لا تخف)، وعند رؤية السحرة: (لا تخف)، وعند فلق البحر: (لا تخاف).
عمل
[21] ﴿قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ﴾ ثق بالله، وخذ الحية من رأسها، بلا خوف ولا وجل، وهي لا شك تربية ربانية عظيمة على التوكل وامتثال أمر الله.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ خُذْها:
  • فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَلا تَخَفْ:
  • الواو: عاطفة. لا: ناهية جازمة. تخف: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت ألفه لأن أصله «تخاف» لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ سَنُعِيدُها:
  • السين: حرف استقبال-تسويف-للقريب. نعيد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. ها ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول.
  • ﴿ سِيرَتَهَا الْأُولى:
  • مفعول به ثان منصوب بالفتحة بمعنى سنعيد اليها سيرتها الأولى من عادة بمعنى عاد اليه وبزيادة الهمزة تعدى الى مفعولين ويجوز أن تكون مفعولا مطلقا منصوبا بفعل مضمر بتقدير تسير سيرتها الأولى وأوصل الفعل. الأولى: صفة-نعت-للسيرة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     : لما تحولت العصا إلى حَيَّة تسعى؛ أمرَ اللهُ عز و جل موسى عليه السلام أن يأخذها؛ فعادت عصا كما كانت، قال تعالى:
﴿ قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ ..

التفسير :

[22] . واضمم يدك إلى جنبك تحت العَضُد تخرج بيضاء كالثلج من غير برص؛ لتكون لك علامة أخرى.

{ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ} أي:أدخل يدك في جيبك، وضم عليك عضدك، الذي هو جناح الإنسان{ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} أي:بياضا ساطعا، من غير عيب ولا برص{ آيَةً أُخْرَى}

قال الله:{ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}

ثم وجه- سبحانه- أمرا آخر إلى عبده موسى فقال: وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى.

والضم: الجمع. يقال: ضم فلان أصابعه إذا جمعها. والجناح، يطلق على العضد وعلى الجنب، وعلى الإبط. وأصله جناح الطائر وسمى بذلك لأنه يجنحه، أى: يميله عند الطيران، ثم توسع فيه فأطلق على العضد وغيره.

والمراد باليد هنا: كف يده اليمنى.

والسوء: الرديء والقبيح من كل شيء، وكنى به هنا عن البرص لشدة قبحه.

والمعنى: واضمم- يا موسى- يدك اليمنى الى عضد يدك اليسرى بأن تجعلها تحته عند الإبط. ثم أخرجها فإنها تخرج بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ أى: تخرج منيرة مشرقة واضحة البياض دون أن يعلق بها أى سوء من برص أو مرض أو غيرهما، وإنما يكون بياضها بياضا مشرقا بقدرة الله- تعالى- وإرادته.

قال الحسن البصري: أخرجها- والله- كأنها مصباح، فعلم موسى أنه قد لقى ربه- تعالى-.

وقوله: تَخْرُجْ بَيْضاءَ ... جواب الأمر وهو قوله: وَاضْمُمْ يَدَكَ.

وقوله: مِنْ غَيْرِ سُوءٍ احتراس لدفع توهم أن يكون بياضها بسبب مرض أو أذى، وهو متعلق بتخرج.

وقوله: آيَةً أُخْرى أى: معجزة أخرى غير معجزة العصا التي سبق أن منحناها لك.

كما قال- تعالى: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ .

وهذا برهان ثان لموسى ، عليه السلام ، وهو أن الله أمره أن يدخل يده في جيبه ، كما صرح به في الآية الأخرى ، وهاهنا عبر عن ذلك بقوله : ( واضمم يدك إلى جناحك ) وقال في مكان آخر : ( واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه ) [ القصص : 32 ] .

وقال مجاهد : ( واضمم يدك إلى جناحك ) كفه تحت عضده .

وذلك أن موسى ، عليه السلام ، كان إذا أدخل يده في جيبه ثم أخرجها ، تخرج تتلألأ كأنها فلقة قمر .

وقوله : ( تخرج بيضاء من غير سوء ) أي : من غير برص ولا أذى ، ومن غير شين . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي ، وغيرهم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22)

يقول تعالى ذكره: واضمم يا موسى يدك، فضعها تحت عضدك; والجناحان هما اليدان، كذلك رُوي الخبر عن أبي هُريرة وكعب الأحبار، وأما أهل العربية، فإنهم يقولون: هما الجنبان، وكان بعضهم يستشهد لقوله ذلك بقول الراجز:

أضُمُّهُ للصَّدْرِ والجَناحِ (13)

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( إِلَى جَنَاحِكَ ) قال: كفه تحت عضده.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.

وقوله ( تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) ذكر أن موسى عليه السلام كان رجلا آدم، فأدخل يده في جيبه، ثم أخرجها بيضاء من غير سوء، من غير برص، مثل الثلج، ثم ردّها، فخرجت كما كانت على لونه.

حدثنا بذلك ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن وهب بن منبه.

حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري، قال: ثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس، في قوله ( تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) قال: من غير برص.

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) قال: من غير برص.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله ( بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) قال: من غير برص.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) قال: من غير برص.

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) قال: من غير برص.

حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) قال: من غير برص.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا حماد بن مسعدة، قال: ثنا قرة، عن الحسن في قول الله ( بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) قال: أخرجها الله من غير سوء، من غير برص، فعلم موسى أنه لقي ربه.

وقوله ( آيَةً أُخْرَى ) يقول: وهذه علامة ودلالة أخرى غير الآية التي أريناك قبلها من تحويل العصا حية تسعى على حقيقة ما بعثناك به من الرسالة لمن بعثناك إليه، ونصب آية على اتصالها بالفعل، إذ لم يظهر لها ما يرفعها من هذه أو هي .

--------------------

الهوامش :

(13) في ( اللسان : جنح ) : وجناحا الطائر : يداه . وجناح الإنسان يده . ويدا الإنسان : جناحاه . وقال الزجاج : الجناح : العضد ، ويقال : اليد كلها جناح . أه . وجناحا العسكر جانباه ، وجناحا الوادي : مجريان عن يمينه وشماله . أه . ولم أقف على قائل الرجز .

التدبر :

وقفة
[22] ﴿مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ مِنْ غير سوءٍ أي من غير قبح وعيب كبياض البرص مما يُنفِّر الناس، وكان البرص أبغض شيء إلى العرب، وكان لهم منه نفور عظيم.
لمسة
[22] اعتمد الزمخشري أن قوله: ﴿مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ كناية عن البرص، کما کني عن العورة بالسوأة، وكان العرب ينفرون حتى من سماع اسم البرص، فكان جديرًا بأن يکنی عنه، ولا تكاد ترى أحسن ولا ألطف من كنايات القرآن.

الإعراب :

  • ﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ:
  • الواو عاطفة. اضمم: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. يدك: مفعول به منصوب بالفتحة والكاف ضمير المخاطب في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِلى جَناحِكَ:
  • جار ومجرور متعلق باضمم والكاف ضمير المخاطب في محل جر بالاضافة. أي إلى جنبك تحت العضد أو الإبط‍.
  • ﴿ تَخْرُجْ:
  • فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب-الأمر-وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي.
  • ﴿ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ:
  • بيضاء: حال منصوب بالفتحة ولم تنون لأنها ممنوعة من الصرف-التنوين-على وزن-فعلاء-ومنتهية بألف تأنيث. من غير: جار ومجرور متعلق بتخرج. سوء: مضاف اليه مجرور بالكسرة أي من غير عاهة.
  • ﴿ آيَةً أُخْرى:
  • آية: حال ثانية منصوبة بالفتحة أو بدل من الحال الأولى- بيضاء-أو منصوبة بفعل محذوف بتقدير: خذ آية أو ودونك آية. أو نؤتيك آية. فالكلمة مفعول به بفعل مضمر حذف لدلالة الكلام. وقد تعلق بهذا المضمر المحذوف «لنريك» أي خذ هذه الآية أيضا بعد قلب العصا حية لنريك بهاتين الآيتين بعض آياتنا الكبرى. أو الكبرى أو لنريك بهما الكبرى من آياتنا أو لنريك من آيتنا الكبرى فعلنا ذلك. أخرى: صفة-نعت-لآية منصوبة بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر.'

المتشابهات :

طه: 22﴿وَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَىٰ
القصص: 32﴿ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ
النمل: 12﴿وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ۖ فِي تِسْعِ آيَاتٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     وبعد أن أرى اللهُ عز و جل موسى عليه السلام معجزة انقلاب العصا إلى حَيَّة تسعى؛ يريه هنا معجزة ثانية، وهي: معجزة اليد البيضاء، قال تعالى:
﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى

التفسير :

[23] فعلنا ذلك؛ لكي نريك -يا موسى- من أدلتنا الكبرى ما يدلُّ على قدرتنا، وعظيم سلطاننا، وصحة رسالتك.

{ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} أي:فعلنا ما ذكرنا، من انقلاب العصا حية تسعى، ومن خروج اليد بيضاء للناظرين، لأجل أن نريك من آياتنا الكبرى، الدالة على صحة رسالتك وحقيقة ما جئت به، فيطمئن قلبك ويزداد علمك، وتثق بوعد الله لك بالحفظ والنصرة، ولتكون حجة وبرهانا لمن أرسلت إليهم.

وقوله: لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى، تعليل لمحذوف، أى: فعلنا ما فعلنا من إعطائك معجزة العصا ومعجزة اليد، لنريك بهاتين المعجزتين بعض معجزاتنا الكبرى، الدالة على عظيم قدرتنا، وانفرادنا بالربوبية والأولوهية.

وقال الحسن البصري : أخرجها - والله - كأنها مصباح ، فعلم موسى أنه قد لقي ربه عز وجل; ولهذا قال تعالى : ( لنريك من آياتنا الكبرى ) .

وقال وهب : قال له ربه : ادنه : فلم يزل يدنيه حتى شد ظهره بجذع الشجرة ، فاستقر وذهبت عنه الرعدة ، وجمع يده في العصا ، وخضع برأسه وعنقه .

وقوله ( لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى ) يقول تعالى ذكره: واضمم يدك يا موسى إلى جناحك، تخرج بيضاء من غير سوء، كي نريك من أدلتنا الكبرى على عظيم سلطاننا وقُدرتنا. وقال: الكبرى، فوحَّد، وقد قال ( مِنْ آيَاتِنَا ) كَمَا قَالَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وقد بيَّنا ذلك هنالك. وكان بعض أهل البصرة يقول: إنما قيل الكبرى، لأنه أريد بها التقديم، كأن معناها عنده: لنريك الكبرى من آياتنا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[23] ﴿لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى﴾ كلُّ تشريف لابد وراءه من تكليف! سنريك من آياتنا الكبرى، ليقوى قلبك على مواجهة الطغاة.

الإعراب :

  • ﴿ لِنُرِيَكَ:
  • اللام: حرف جر للتعليل. نري: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن والكاف ضمير المخاطب في محل نصب مفعول به أول. وجملة «نريك» صلة «أن» لا محل لها. و «أن» المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بفعل محذوف تقديره خذ وقد شرح في الآية الكريمة السابقة.
  • ﴿ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى:
  • جار ومجرور متعلق بالمفعول الثاني دلت عليه «من» التبعيضية كما شرح في الآية الكريمة السابقة. و «نا» ضمير متصل في محل جر للتعظيم بالاضافة. الكبرى: صفة-نعت-للآيات مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     وبعد انقلاب العصا حَيَّة، وخروج اليد بيضاء للناظرين؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنه فعل هذا بموسى عليه السلام ليريه من الآيات الدالة على صحة رسالته، فيطمئن قلبه، ولتكون حجة وبرهانًا لمن أرسل إليهم، قال تعالى:
﴿ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [24] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى

التفسير :

[24] اذهب -يا موسى- إلى فرعون؛ إنه قد تجاوز قدره وتمرَّد على ربه، فادعه إلى توحيد الله وعبادته.

تفسير الآيتين 24 و25:ـ

لما أوحى الله إلى موسى، ونبأه، وأراه الآيات الباهرات، أرسله إلى فرعون، ملك مصر، فقال:{ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} أي:تمرد وزاد على الحد في الكفر والفساد والعلو في الأرض، والقهر للضعفاء، حتى إنه ادعى الربوبية والألوهية -قبحه الله- أي:وطغيانه سبب لهلاكه، ولكن من رحمة الله وحكمته وعدله، أنه لا يعذب أحدا، إلا بعد قيام الحجة بالرسل، فحينئذ علم موسى عليه السلام أنه تحمل حملا عظيما، حيث أرسل إلى هذا الجبار العنيد، الذي ليس له منازع في مصر من الخلق، وموسى عليه السلام، وحده، وقد جرى منه ما جرى من القتل، فامتثل أمر ربه، وتلقاه بالانشراح والقبول، وسأله المعونة وتيسير الأسباب، التي [هي] من تمام الدعوة، فقال:{ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} أي:وسعه وأفسحه، لأتحمل الأذى القولي والفعلي، ولا يتكدر قلبي بذلك، ولا يضيق صدري، فإن الصدر إذا ضاق، لم يصلح صاحبه لهداية الخلق ودعوتهم.

قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} وعسى الخلق يقبلون الحق مع اللين وسعة الصدر وانشراحه عليهم.

ثم صرح- سبحانه- بالمقصود من إعطاء موسى هاتين المعجزتين العظيمتين فقال:

اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى أى: اذهب يا موسى ومعك هاتان المعجزتان، فادعه إلى عبادتي وحدي، ومره فليحسن إلى بنى إسرائيل ولا يعذبهم، وانهه عن التجبر والظلم، فإنه قد طغى وبغى وتجاوز حدود الحق والعدل، وزعم للناس أنه ربهم الأعلى.

وقوله ( اذهب إلى فرعون إنه طغى ) أي : اذهب إلى فرعون ملك مصر ، الذي خرجت فارا منه وهاربا ، فادعه إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ومره فليحسن إلى بني إسرائيل ولا يعذبهم ، فإنه قد طغى وبغى ، وآثر الحياة الدنيا ، ونسي الرب الأعلى .

قال وهب بن منبه : قال الله لموسى : انطلق برسالتي فإنك بعيني وسمعي ، وإني معك أيدي ونصري ، وإني قد ألبستك جنة من سلطاني لتستكمل بها القوة في أمري ، فأنت جند عظيم من جندي ، بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي ، بطر نعمتي ، وأمن مكري ، وغرته الدنيا عني ، حتى جحد حقي ، وأنكر ربوبيتي ، وزعم أنه لا يعرفني ، فإني أقسم بعزتي لولا القدر الذي وضعت بيني وبين خلقي ، لبطشت به بطشة جبار ، يغضب لغضبه السماوات والأرض ، والجبال والبحار ، فإن أمرت السماء حصبته ، وإن أمرت الأرض ابتلعته ، وإن أمرت الجبال دمرته ، وإن أمرت البحار غرقته ، ولكنه هان علي ، وسقط من عيني ، ووسعه حلمي ، واستغنيت بما عندي ، وحقي إني أنا الغني لا غني غيري ، فبلغه رسالتي ، وادعه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاصي ، وذكره أيامي وحذره نقمتي وبأسي ، وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي ، وقل له فيما بين ذلك قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ، وخبره أني إلى العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة ، ولا يروعنك ما ألبسته من لباس الدنيا ، فإن ناصيته بيدي ، ليس ينطق ولا يطرف ولا يتنفس إلا بإذني ، وقل له : أجب ربك فإنه واسع المغفرة ، وقد أمهلك أربعمائة سنة ، في كلها أنت مبارزه بالمحاربة ، تسبه وتتمثل به وتصد عباده عن سبيله وهو يمطر عليك السماء ، وينبت لك الأرض ، و لم تسقم ولم تهرم ولم تفتقر ولم تغلب ولو شاء الله أن يعجل لك العقوبة لفعل ، ولكنه ذو أناة وحلم عظيم . وجاهده بنفسك وأخيك وأنتما تحتسبان بجهاده فإني لو شئت أن آتيه بجنود لا قبل له بها لفعلت ، ولكن ليعلم هذا العبد الضعيف الذي قد أعجبته نفسه وجموعه أن الفئة القليلة - ولا قليل مني - تغلب الفئة الكثيرة بإذني ، ولا تعجبنكما زينته ، ولا ما متع به ، ولا تمدا إلى ذلك أعينكما ، فإنها زهر الحياة الدنيا ، وزينة المترفين . ولو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة ، ليعلم فرعون حين ينظر إليها أن مقدرته تعجز عن مثل ما أوتيتما ، فعلت ، ولكني أرغب بكما عن ذلك ، وأزويه عنكما . وكذلك أفعل بأوليائي ، وقديما ما جرت عادتي في ذلك . فإني لأذودهم عن نعيمها ورخائها ، كما يذود الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة ، وما ذاك لهوانهم علي ، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفرا لم تكلمه الدنيا .

واعلم أنه لا يتزين لي العباد بزينة هي أبلغ مما عندي - من الزهد في الدنيا ، فإنها زينة المتقين ، عليهم منها لباس يعرفون به من السكينة والخشوع ، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، أولئك أوليائي حقا حقا ، فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك ، وذلل قلبك ولسانك ، واعلم أنه من أهان لي وليا أو أخافه ، فقد بارزني بالمحاربة ، وبادأني وعرض لي نفسه ودعاني إليها ، وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي ، أفيظن الذي يحاربني أن يقوم لي ، أم يظن الذي يعاديني أن يعجزني ، أم يظن الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني . وكيف وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة ، لا أكل مضطرهم إلى غيري .

رواه ابن أبي حاتم .

القول في تأويل قوله تعالى : اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)

يقول تعالى ذكره لنبيه موسى صلوات الله عليه: (اذْهَبْ) يا موسى ( إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ). يقول: إنه تجاوز قدره، وتمرّد على ربه; وقد بيَّنا معنى الطغيان بما مضى بما أغنى عن إعادته، في هذا الموضع.

وفي الكلام محذوف استغني بفهم السامع بما ذكر منه، وهو قوله ( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ) فادعه إلى توحيد الله وطاعته، وإرسال بني إسرائيل معك .

التدبر :

وقفة
[24] لما قال الله لموسى: ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾ [13]، قال: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ﴾، إن أروع صور الاختيار الربانى أن يصرفك إلى ميادين الدعوة، لا مجال للانتظار.
وقفة
[24] ﴿اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ﴾ ما أحلم الرب مع طغيان العبد! فقد عاند أمر ربه، ونازع ربوبيته، ومع هذا أرسل إليه رسولًا يدعوه، وللهداية يرجوه.
لمسة
[24] ﴿اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ﴾ في الكلام حذف استغني عن ذكره لفهم السامع له، وتقدير المحذوف: (فادعه إلى توحيد الله وطاعته، وإرسال بني إسرائيل معك).
وقفة
[24] الطغيان هو أشد اﻷشياء ضررًا على المرء؛ إذ ﻻ ذنب أعظم من أن يدعي بشر اﻷلوهية كما ادعاها فرعون لنفسه، وذلك نتيجة الطغيان ﴿اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ﴾.
وقفة
[24، 25] ﴿اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ في المهمّات الصعبة قل يا رب.
وقفة
[24، 25] ﴿اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ أهم ما يُرزقه الداعية المصلح انشراح الصدر؛ فالطريق طويل وشاق.
وقفة
[24، 25] ﴿اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ أول ما يحتاجه الداعية في طريق الدعوة انشراح الصدر.
وقفة
[24، 25] ﴿اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ في أعماقنا، في صدورنا، حيث الطاقة التي تبدد مخاوفنا وتكتسح قلقنا، في صدرك تحسم المعركة.
وقفة
[24، 25] ﴿اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ مهمة عظيمة استعان بالله عليها، هذا مفتاح التوفيق.

الإعراب :

  • ﴿ اذْهَبْ:
  • فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ إِلى فِرْعَوْنَ:
  • جار ومجرور متعلق باذهب وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-للعجمة والعلمية
  • ﴿ إِنَّهُ طَغى:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل -ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب اسم «إنّ».طغى: أي بغى أو جاوز الحدّ: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «طغى» في محل رفع خبر إنّ.'

المتشابهات :

طه: 24﴿ اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى
النازعات: 17﴿ اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى
طه: 43﴿ اذْهَبْا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     ولَمَّا أظهَر اللهُ عز و جل لموسى عليه السلام المعجزتين السابقتين؛ صرَّح هنا بالغرض المقصود من هذه المعجزات، فقال تعالى:
﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [25] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي

التفسير :

[25] قال موسى:رب وسِّع لي صدري،

تفسير الآيتين 24 و25:ـ

لما أوحى الله إلى موسى، ونبأه، وأراه الآيات الباهرات، أرسله إلى فرعون، ملك مصر، فقال:{ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} أي:تمرد وزاد على الحد في الكفر والفساد والعلو في الأرض، والقهر للضعفاء، حتى إنه ادعى الربوبية والألوهية -قبحه الله- أي:وطغيانه سبب لهلاكه، ولكن من رحمة الله وحكمته وعدله، أنه لا يعذب أحدا، إلا بعد قيام الحجة بالرسل، فحينئذ علم موسى عليه السلام أنه تحمل حملا عظيما، حيث أرسل إلى هذا الجبار العنيد، الذي ليس له منازع في مصر من الخلق، وموسى عليه السلام، وحده، وقد جرى منه ما جرى من القتل، فامتثل أمر ربه، وتلقاه بالانشراح والقبول، وسأله المعونة وتيسير الأسباب، التي [هي] من تمام الدعوة، فقال:{ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} أي:وسعه وأفسحه، لأتحمل الأذى القولي والفعلي، ولا يتكدر قلبي بذلك، ولا يضيق صدري، فإن الصدر إذا ضاق، لم يصلح صاحبه لهداية الخلق ودعوتهم.

قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} وعسى الخلق يقبلون الحق مع اللين وسعة الصدر وانشراحه عليهم.

وهنا التمس موسى- عليه السلام- العون من خالقه، لكي يتسنى له أداء ما كلفه به فقال: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي أى: أسألك يا إلهى أن توسع صدري بنور الإيمان والنبوة، وأن تجعله يتقبل تكاليفك بسرور وارتياح.

( قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري ) هذا سؤال من موسى ، عليه السلام ، لربه عز وجل ، أن يشرح له صدره فيما بعثه به ، فإنه قد أمره بأمر عظيم ، وخطب جسيم ، بعثه إلى أعظم ملك على وجه الأرض إذ ذاك ، وأجبرهم ، وأشدهم كفرا ، وأكثرهم جنودا ، وأعمرهم ملكا ، وأطغاهم وأبلغهم تمردا ، بلغ من أمره أن ادعى أنه لا يعرف الله ، ولا يعلم لرعاياه إلها غيره .

هذا وقد مكث موسى في داره مدة وليدا عندهم ، في حجر فرعون ، على فراشه ، ثم قتل منهم نفسا فخافهم أن يقتلوه ، فهرب منهم هذه المدة بكمالها . ثم بعد هذا بعثه ربه عز وجل إليهم نذيرا يدعوهم إلى الله عز وجل أن يعبدوه وحده لا شريك له;

( قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) يقول: ربّ اشرح لي صدري، لأعي عنك ما تودعه من وحيك، وأجترئ به على خطاب فرعون

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[25] ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ لن تضيق وربك موجود، جبال الهموم ينسفها ربك نسفًا إن استغثت بكرمه، فلله ألطاف يمن بها على عباده.
وقفة
[25] ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ ترك موسي عليه السلام أدعية كثيرة واختار الدعاء بانشراح الصدر، إذ لا يحتاج الداعية شئيًا مثل انشراح صدره؛ لأنه سيواجه من الناس ما يجعل صدرة ضيقًا حرجًا.
وقفة
[25] ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ الداعية محتاج إلى انشراح الصدر؛ ليتمكن من إيصال دعوته بأيسر كلفة؛ ولأجل أن يراه الناس على أكمل ما يكون من السرور، فتسري تلك الروح منه إلى المدعوين، فتتحقق بذلك السعادة، التي هي من أعظم مقاصد الدعوة، وأما إذا ضاق صدره، وقل صبره ، فلن يقوم بعمل كبير، ولن يصدر عنه خير كثير.
وقفة
[25] ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ بيان لمدى حاجة الداعية إلى انشراح الصدر؛ حتى يتمكن من إيصاله دعوته بأيسر كلفة، ولأجل أن يراه الناس على أكمل ما يكون من السرور؛ فتسري تلك الروح منه إلى المدعوين؛ فيتحقق مقصد من أعظم مقاصد الدعوة، ألا وهو الوصول إلى السعادة.
وقفة
[25] ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ الدعاة أوسع الناس صدورًا.
وقفة
[25] ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ لا يحتاج الداعية شيئًا مثل (انشراح صدره)؛ لأنه سيواجه ما يجعل صدره ضيقًا.
وقفة
[25] حين تحمل موسى عبء دعوة فرعون الجبار ابتدأ دعوته بسؤال ربه ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾، مهما اشتدت المخاطر مفتاح الحل في داخلك.
وقفة
[25] ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ فأزدادُ حِلمًا عند الغضب، ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ فأزدادُ صبرًا على الأذى، ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ فلا أقول إلا خيرًا.
وقفة
[25] ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ بيان لمدى حاجة الداعيه إلى انشراح الصدر، حتى يتمكن من إيصال دعوته بأيسر كلفه، أما إذا ضاق صدره فلن يقوم بعمل كبير.
وقفة
[25] ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ أي: وسِّعه وأفسِحه لأتحمل الأذى القولي والفعلي، ولا يتكدر قلبي بذلك، ولا يضيق صدري؛ فإن الصدر إذا ضاق لم يصلح صاحبه لهداية الخلق ودعوتهم.
وقفة
[25] ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ بناء على الآية فالمفترض: أن الدعاة أوسع الناس صدورًا.
وقفة
[25] ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾، ﴿واحلل عقدة من لساني﴾ [27]، ﴿واجعل لي وزيرا﴾ [29]، هذا ما يحتاجه كل داعية لتصل رسالته بوضوح.
تفاعل
[25] ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ ادعُ الله الآن.
وقفة
[25] حين تحمل موسى عبء دعوة فرعون الجبار ابتدأ دعوته بسؤال ربه ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾، مهما اشتدت المخاطر مفتاح الحل في داخلك.
وقفة
[25، 26] موسي عليه السلام قدم طلب ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ على قوله: ﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾، فمن لطائف التقديم: أنه بقدر انشراح صدرك تتيسر أمورك, فأول تعسر الأمور ضيق الصدر.
وقفة
[25، 26] على العبد قبل أن يبدأ بأي عمل أن يطلب العون والتوفيق من الله ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾.
عمل
[25، 26] سجِّل في ورقة أهم النقاط التي تعين الداعية في دعوته من خلال قصة موسى عليه السلام ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾.
عمل
[25، 26] لا تقلق؛ لأن انشراح الصدر مدعاة لتيسير كثير من الأمر، ولذا قدمه موسى عليه السلام في سؤاله ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾.
وقفة
[25، 26] ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ سأل اللّه أن يوسع قلبه للحق؛ حتى يعلم أن أحدًا لا يقدر على مضرّته إلا بإذن اللّه، وإذا علم ذلك لم يخف فرعون مع شدة شوكته وكثرة جنوده.
وقفة
[25، 26] ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ رددها وكررها؛ لأنه إن شرح الله صدرك لن يكون هناك عوائق داخلية من هم وغم وضيق، وإن يسر أمرك فلن يكون هناك عوائق خارجية من حجر وشجر وبشر.
وقفة
[25، 26] ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ ذكر (لِي) مع أن ياء المتكلم في قوله (صدري - أمري) تُغني عن الجار والمجرور، من أجل التأكيد والتعليل لما تفيده اللام من معنى العلّة، وكأنه يقول: «يا رب اشرح صدري لأجلي، ويسّر أمري لأجلي»، وهذا إلحاح من موسى في الدعاء لنفسه.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي قال موسى.
  • ﴿ رَبِّ:
  • منادى بأداة نداء محذوفة أي يا ربّ. ربّ: منادى مضاف منصوب للتعظيم بالفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على ياء المتكلم المحذوفة. والياء المحذوفة ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ اشْرَحْ لِي صَدْرِي:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به-مقول القول- بمعنى: وسع لي صدري لقبول الحق. اشرح: فعل دعاء وتضرع بصيغة -طلب-مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. لي: جار ومجرور متعلق باشرح. صدري: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة.والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     ولَمَّا أمرَ اللهُ عز و جل موسى عليه السلام بهذا الحمل الثقيل، وهو الذهاب إلى فرعون -أطْغى طغاةِ زمانِه-؛ هنا طلب موسى عليه السلام العون من ربِّه، فسألَه ثمانيةَ أمورٍ: الأمر الأول: شَرْحَ صدرِه (أي: وسع صدرى ليتقبل التكاليف بسرور وارتياح)، قال تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [26] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي

التفسير :

[26]وسَهِّل لي أمري،

{ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} أي:سهل علي كل أمر أسلكه وكل طريق أقصده في سبيلك، وهون علي ما أمامي من الشدائد، ومن تيسير الأمر أن ييسر للداعي أن يأتي جميع الأمور من أبوابها، ويخاطب كل أحد بما يناسب له، ويدعوه بأقرب الطرق الموصلة إلى قبول قوله.

وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي أى: وسهل لي ما أمرتنى به، فإنك إن لم تحطنى بهذا التيسير، فلا طاقة لي بحمل أعباء هذه الرسالة.

قال صاحب الكشاف: «لما أمره بالذهاب إلى فرعون الطاغي- لعنه الله- عرف أنه كلف أمرا عظيما، وخطبا جسيما يحتاج معه إلى احتمال مالا يحتمله إلا ذو جأش رابط، وصدر فسيح، فاستوهب ربه أن يشرح صدره، ويفسح قلبه، ويجعله حليما حمولا يستقبل ما عسى يرد عليه من الشدائد التي يذهب معها صبر الصابر.. وأن يسهل عليه في الجملة أمره الذي هو خلافة الله في أرضه، وما يصحبها من مزاولة معاظم الشئون، ومقاساة جلائل الخطوب. .

ولهذا قال : ( رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري ) أي : إن لم تكن أنت عوني ونصيري ، وعضدي وظهيري ، وإلا فلا طاقة لي بذلك .

( وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ) يقول: وسهل عليّ القيام بما تكلفني من الرسالة، وتحملني من الطاعة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) قال: جرأة لي.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[26] ﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ مهما احكمت أمورك واستعملت دهاءك وسيرته لصالحك لكن بالنهاية لا غنى لك عن توفيق الله وعونه لك، فمعية الله تيسر العمل.
وقفة
[26] ﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ هذه الدعوة يسر الله بها الأعباء الكبرى في مواجهة فرعون، اهتف بها، ييسر الله بها حياتك.
وقفة
[26] ﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ ما أصعب الأمور إن تعسرت بوجه صاحبها، وما أثقلها على النفس، اللهمَّ إن اليسر جند من جنودك؛ فأيدنا به.
وقفة
[26] ﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ ما تيسر أمر عسره الله، ولا تعسر أمر يسره الله.
عمل
[26] طموحٌ في الدعاء: ﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾، كن طَموحًا في دعائك، مِثْلُ موسى عليه السلام لم يطلب تيسير دعوة فرعون فقط، بل طلب تيسير أمر حياته كلها.
وقفة
[26] كل أمر عسير إذا لم ييسره الله ﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾.
وقفة
[24-26] ﴿اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ ولما علم موسى ذلك لم يبادر بالمراجعة في الخوف من ظلم فرعون، بل تلقى الأمر، وسأل الله الإعانة عليه بما يؤول إلى رباطة جأشه وخلق الأسباب التي تعينه على تبليغه، وإعطائه فصاحة القول للإسراع بالإقناع بالحجة.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي
  • هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى: وسهله أي وسهل ما ألقى في سبيل رسالتي.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     الأمر الثاني: تيسيرَ أمرِه؛ فالمهمة شاقة، فقال:
﴿ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [27] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي

التفسير :

[27]وأطلق لساني بفصيح المنطق؛

تفسير الآيتين 27 و 28:ـ

{ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي} وكان في لسانه ثقل لا يكاد يفهم عنه الكلام، كما قال المفسرون، كما قال الله عنه أنه قال:{ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} فسأل الله أن يحل منه عقدة، يفقهوا ما يقول فيحصل المقصود التام من المخاطبة والمراجعة والبيان عن المعاني.

وقوله: وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي دعاء ثالث تضرع به إلى خالقه- تعالى- أى: وأسألك يا رب أن تحل عقدة من لساني حتى يفهم الناس قولي لهم، وحديثي معهم، فهما يتأتى منه المقصود، فمن للتبعيض، أى: واحلل عقده كائنة من عقده.

وقد روى أنه كان بلسانه حبسة، والأرجح أن هذا هو الذي عناه، ويؤيده قوله- تعالى- في آية أخرى: وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي، إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ .

قال ابن كثير: «ذلك لما كان أصابه من اللثغ، حين عرض عليه- فرعون- التمرة والجمرة، فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه.. وما سأل أن يزول ذلك بالكلية، بل حيث يزول العي، ويحصل لهم فهم ما يريد منه وهو قدر الحاجة ولو سأل الجميع لزال، ولكن الأنبياء لا يسألون إلا بقدر الحاجة، ولهذا بقيت بقية.

قال الحسن البصري: سأل موسى ربه أن يحل عقدة واحدة من لسانه، ولو سأل أكثر من ذلك لأعطى .

( واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ) وذلك لما كان أصابه من اللثغ ، حين عرض عليه التمرة والجمرة ، فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه ، كما سيأتي بيانه ، وما سأل أن يزول ذلك بالكلية ، بل بحيث يزول العي ، ويحصل لهم فهم ما يريد منه وهو قدر الحاجة . ولو سأل الجميع لزال ، ولكن الأنبياء لا يسألون إلا بحسب الحاجة ، ولهذا بقيت بقية ، قال الله تعالى إخبارا عن فرعون أنه قال : ( أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين ) [ الزخرف : 52 ] أي : يفصح بالكلام .

وقال الحسن البصري : ( واحلل عقدة من لساني ) قال : حل عقدة واحدة ، ولو سأل أكثر من ذلك أعطي .

وقال ابن عباس : شكا موسى إلى ربه ما يتخوف من آل فرعون في القتيل ، وعقدة لسانه ، فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام ، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون يكون له ردءا ويتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به لسانه ، فآتاه سؤله ، فحل عقدة من لسانه .

وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن عمرو بن عثمان ، حدثنا بقية ، عن أرطاة بن المنذر ، حدثني بعض أصحاب محمد بن كعب ، عنه قال : أتاه ذو قرابة له . فقال له : ما بك بأس لولا أنك تلحن في كلامك ، ولست تعرب في قراءتك ؟ فقال القرظي : يا ابن أخي ، ألست أفهمك إذا حدثتك ؟ قال : نعم . قال : فإن موسى ، عليه السلام ، إنما سأل ربه أن يحل عقدة من لسانه كي يفقه بنو إسرائيل كلامه ، ولم يزد عليها . هذا لفظه .

وقوله ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي ) يقول: وأطلق لساني بالمنطق، وكانت فيه فيما ذكر عُجمة عن الكلام الذي كان من إلقائه الجمرة إلى فيه يوم همّ فرعون بقتله.

* ذكر الرواية بذلك عمن قاله: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن سعيد بن جبير، في قوله: ( عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي ) قال: عجمة لجمرة نار أدخلها في فيه عن أمر امرأة فرعون، تردّ به عنه عقوبة فرعون، حين أخذ موسى بلحيته وهو لا يعقل، فقال: هذا عدو لي، فقالت له. إنه لا يعقل.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي ) لجمرة نار أدخلها في فيه عن أمر امرأة فرعون، تدرأ به عنه عقوبة فرعون، حين أخذ موسى بلحيته وهو لا يعقل، فقال: هذا عدوّ لي، فقالت له: إنه لا يعقل، هذا قول سعيد بن جبير.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي ) قال: عجمة الجمرة نار أدخلها في فيه، عن أمر امرأة فرعون تردّ به عنه عقوبة فرعون حين أخذ بلحيته.

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: لما تحرّك الغلام، يعني موسى، أورته أمه آسية صبيا، فبينما هي ترقصه وتلعب به، إذ ناولته فرعون، وقالت: خذه، فلما أخذه إليه أخذ موسى بلحيته فنتفها، فقال فرعون: عليّ بالذباحين، قالت آسية: لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا إنما هو صبيّ لا يعقل، وإنما صنع هذا من صباه، وقد علمت أنه ليس في أهل مصر أحلى منى أنا أضع له حليا من الياقوت، وأضع له جمرا، فإن أخذ الياقوت فهو يعقل فاذبحه، وإن أخذ الجمر فإنه هو صبيّ، فأخرجت له ياقوتها ووضعت له طستا من جمر، فجاء جبرائيل صلى الله عليه وسلم، فطرح في يده جمرة، فطرحها موسى في فيه، فأحرقت لسانه، فهو الذي يقول الله عز وجل (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي) ، فزالت (14) عن موسى من أجل ذلك.

--------------------

الهوامش :

(14) في النسخة رقم 100 دار الكتب المصرية : فتراللت ، ولعله : فزالت ، أي العقدة .

التدبر :

وقفة
[27] ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي﴾ طلاقة اللسان وعذوبة الكلام وفصاحة المقال أمر لابد منه لمن يريد كسب معركة الحوار، فلسانك هو المروج الأول لقضيتك.
وقفة
[27]‏ ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي﴾ الفصاحة والبيان مما يعين على التعليم، وعلى إقامة الدعوة، لهذا طلب موسى من ربه أن يحل عقدة من لسانه؛ ليفقهوا قوله.
وقفة
[27] ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي﴾ قال ابن كثير: «ذلك لما كان أصابه من اللثغ، حين عرض عليه فرعون التمرة والجمرة، فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه، وما سأل أن يزول ذلك بالكلية، بل حيث يزول العي، ويحصل لهم فهم ما يريد منه وهو قدر الحاجة، ولو سأل الجميع لزال، ولكن الأنبياء لا يسألون إلا بقدر الحاجة؛ ولهذا بقيت بقية».
وقفة
[27] ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي﴾ جاء في وصف موسى عليه السلام، أنه كان آدم طوالًا، شعره مجعد، وبه حبسة من لسانه، وأما صفة هارون فإنه كان أبيضًا، سبط الشعر، وسيم التقاسيم.
وقفة
[25-27] ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي﴾ كل تلك الأمنيات كانت لأجل إقامة ذكر الله ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ [33، 34].
عمل
[27، 28] جوّدْ عبارتك: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾، فصاحة لسان الداعية إلى الدين والواعظ المنذر؛ تعين على تدبر ما يقول وفِقهه.
وقفة
[27، 28] ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ أهمية امتلاك الداعية لمهارة الإفهام للمدعوِّين.
وقفة
[27، 28] ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ كان في لسان موسي عليه السلام عقدة, والمفسرون يذكورن أن في لسانة لثغة نتيجة لأكلة جمرة حينما هم فرعون بقتله, ويحتمل أنه سأل ربه أن يطلق لسانه في الدعوة والبيان والحجة والبرهان, فإن اللسان ينعقد أحيانًا في المخاصمات والمناظرات، والملاحظ أنه دعا أيضًا بأن يفتح الله أفهامهم ليفهموا عنه، لأن موسي عليه السلام يعلم عقدة اللسان يحلها البيان, لكن عقدة الفقة والفهم كيف تحل؟!
وقفة
[27، 28] ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ الداعية يحمل هم فقه الناس لخطابه، ولا يلقي رسالته كيفما اتفق ثم يمضي.
وقفة
[27، 28] ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ كان في لسانه عوق, لكنه لم يضخم العقبة -كحال بعضنا- بل تقدمت به الهمة, فطلب حل العقدة, فحُلت.

الإعراب :

  • ﴿ وَاحْلُلْ عُقْدَةً:
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها.وعلامة نصب المفعول «عقدة» الفتحة الظاهرة.
  • ﴿ مِنْ لِسانِي:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من عقدة. بتقدير عقدة من عقد لساني والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     الأمر الثالث: حَلَّ عقدةِ لسانِه، أي: سأل سلامة آلة التبليغ، وهو اللسان؛ فقد كان عنده حبسة أو أمر متعلق بالنطق لا نعلمه تحديدًا، فقال:
﴿ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [28] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَفْقَهُوا قَوْلِي

التفسير :

[28] ليفهموا كلامي.

تفسير الآيتين 27 و 28:ـ

{ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي} وكان في لسانه ثقل لا يكاد يفهم عنه الكلام، كما قال المفسرون، كما قال الله عنه أنه قال:{ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} فسأل الله أن يحل منه عقدة، يفقهوا ما يقول فيحصل المقصود التام من المخاطبة والمراجعة والبيان عن المعاني.

وقوله: وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي دعاء ثالث تضرع به إلى خالقه- تعالى- أى: وأسألك يا رب أن تحل عقدة من لساني حتى يفهم الناس قولي لهم، وحديثي معهم، فهما يتأتى منه المقصود، فمن للتبعيض، أى: واحلل عقده كائنة من عقده.

وقد روى أنه كان بلسانه حبسة، والأرجح أن هذا هو الذي عناه، ويؤيده قوله- تعالى- في آية أخرى: وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي، إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ .

قال ابن كثير: «ذلك لما كان أصابه من اللثغ، حين عرض عليه- فرعون- التمرة والجمرة، فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه.. وما سأل أن يزول ذلك بالكلية، بل حيث يزول العي، ويحصل لهم فهم ما يريد منه وهو قدر الحاجة ولو سأل الجميع لزال، ولكن الأنبياء لا يسألون إلا بقدر الحاجة، ولهذا بقيت بقية.

قال الحسن البصري: سأل موسى ربه أن يحل عقدة واحدة من لسانه، ولو سأل أكثر من ذلك لأعطى .

(يفقهوا قولي ) وذلك لما كان أصابه من اللثغ ، حين عرض عليه التمرة والجمرة ، فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه ، كما سيأتي بيانه ، وما سأل أن يزول ذلك بالكلية ، بل بحيث يزول العي ، ويحصل لهم فهم ما يريد منه وهو قدر الحاجة . ولو سأل الجميع لزال ، ولكن الأنبياء لا يسألون إلا بحسب الحاجة ، ولهذا بقيت بقية ، قال الله تعالى إخبارا عن فرعون أنه قال : ( أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين ) [ الزخرف : 52 ] أي : يفصح بالكلام .

وقال الحسن البصري : ( واحلل عقدة من لساني ) قال : حل عقدة واحدة ، ولو سأل أكثر من ذلك أعطي .

وقال ابن عباس : شكا موسى إلى ربه ما يتخوف من آل فرعون في القتيل ، وعقدة لسانه ، فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام ، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون يكون له ردءا ويتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به لسانه ، فآتاه سؤله ، فحل عقدة من لسانه .

وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن عمرو بن عثمان ، حدثنا بقية ، عن أرطاة بن المنذر ، حدثني بعض أصحاب محمد بن كعب ، عنه قال : أتاه ذو قرابة له . فقال له : ما بك بأس لولا أنك تلحن في كلامك ، ولست تعرب في قراءتك ؟ فقال القرظي : يا ابن أخي ، ألست أفهمك إذا حدثتك ؟ قال : نعم . قال : فإن موسى ، عليه السلام ، إنما سأل ربه أن يحل عقدة من لسانه كي يفقه بنو إسرائيل كلامه ، ولم يزد عليها . هذا لفظه .

وقوله ( يَفْقَهُوا قَوْلِي ) يقول: يفقهوا عني ما أخاطبهم وأراجعهم به من الكلام .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[28] ﴿يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ الأنبياء حملوا همّ فهم الناس لكلامهم، الدعوة ليست مجرد كلام يقال.

الإعراب :

  • ﴿ يَفْقَهُوا قَوْلِي:
  • فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الدعاء-الطلب-وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.قولي: تعرب إعراب «صدري» بمعنى: ليفهموا قولي خشية من التلعثم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     لما سألَ موسى عليه السلام حَلَّ عقدةِ لسانِه؛ جاء هنا التعليل، وهو: ليفهموا كلامي، فقال:
﴿ يَفْقَهُوا قَوْلِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [29] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي

التفسير :

[29]واجعل لي معيناً من أهلي،.

تفسير الآيات من 29 الى 31:ـ

{ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي} أي:معينا يعاونني، ويؤازرني، ويساعدني على من أرسلت إليهم، وسأل أن يكون من أهله، لأنه من باب البر، وأحق ببر الإنسان قرابته، ثم عينه بسؤاله فقال:{ هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} أي:قوني به، وشد به ظهري، قال الله:{ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا}

وقوله- سبحانه-: وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي دعاء آخر تضرع به إلى ربه في أمر خارجى عنه، بعد أن دعاه في أمر يتعلق بصدره ولسانه.

وقوله: وَزِيراً من الموازرة وهي المعاونة. يقال: وازرت فلانا موازرة، إذا أعنته على أمره. أو من الوزر- بفتح الواو والزاى- وهو الملجأ الذي يعتصم به الإنسان لينجو من الهلاك.

أى: وأسألك- يا إلهى- أن تجعل لي «وزيرا» أى: معينا وظهيرا من أهلى في إبلاغ رسالتك،

وقوله : ( واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي ) : وهذا أيضا سؤال من موسى في أمر خارجي عنه ، وهو مساعدة أخيه هارون له .

قال الثوري ، عن أبي سعيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال : فنبئ هارون ساعتئذ حين نبئ موسى ، عليهما السلام .

وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن ابن نمير ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة عن أبيه ، عن عائشة أنها خرجت فيما كانت تعتمر ، فنزلت ببعض الأعراب ، فسمعت رجلا يقول : أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه ؟ قالوا : ما ندري . قال : والله أنا أدري . قالت : فقلت في نفسي : في حلفه لا يستثني ، إنه ليعلم أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه . قال : موسى حين سأل لأخيه النبوة . فقلت : صدق والله . قلت : وفي هذا قال الله تعالى في الثناء على موسى ، عليه السلام : ( وكان عند الله وجيها ) [ الأحزاب : 69 ] .

( وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي ) يقول: واجعل لي عونا من أهل بيتي .

التدبر :

عمل
[29] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي﴾ اجعل لك أخًا معينًا يشد عضدك ويؤازرك عن الملمات ويشاركك الرأي والمشورة.
وقفة
[29] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي﴾ الناس مهما كانوا يحبوك لكن لن يكونوا كأهلك، ومهما تعاونوا معك لكن لن يهمهم أمرك كأهلك، فأهلك هم أقوى سند لك.
عمل
[29] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي﴾ ابحث عن صـاحب صالح مناسب لك، واشترك معه في عمل دعوي.
وقفة
[29] ﴿وَاجعَل لي وَزيرًا مِن أَهلي﴾ الاستعانة بالأهل ليست فى العمل فقط، إنما ﴿كَي نُسَبِّحَكَ كَثيرًا﴾ [33].
وقفة
[29، 30] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾ بعد شفاعة موسى لأخيه بالنبوة مَن يلوم الأخ بنفع أخيه؟!
وقفة
[29، 30] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾ التعاون بين الدعاة ضروري لإنجاح المقصود؛ فقد جعل الله لموسى أخاه هارون نبيًّا ليعاونه في أداء الرسالة.
وقفة
[29، 30] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾ هذه الآية في موسى عليه السلام؛ وهارون في هذه الآية ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ﴾ شخص آخر.
وقفة
[29، 30] لما كان صغيرًا قالت أخته: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ﴾ [40]، ولما كبر قال: ﴿واجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾، دور أخته سبق دور أخيه.
وقفة
[29، 30] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾ أولى الناس بخيرك وشفاعتك ومحبتك هم: أهل بيتك.
وقفة
[29، 30] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾ هذه أعظم شفاعة مرت على الأرض, فبعد شفاعة موسى لأخيه بالنبوة مَن يلوم الأخ بنفع أخيه؟!
وقفة
[29، 30] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾ خير عون تطلبه من ربك، ما يعينك على إنفاذ أمره والقيام بواجباته.
وقفة
[29، 30] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾ قال ابن عاشور: «وخص هارون لفرط ثقته به؛ ولأنه كان فصيح اللسان مقوالًا، فكونه من أهله مظنة النصح له، وكونه أخاه أقوى في المناصحة، وكونه الأخ الخاص لأنه معلوم عنده بأصالة الرأي».
وقفة
[29، 30] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾ أيها الداعية: إذا ظفرتَ بقريب يفهمك، ويتفق معك في المبادئ والأهداف؛ فاستمسك به، فإنه خير معين بعد الله على مصاعب الطريق.
وقفة
[29، 30] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾ جميل أن تحقق مجدًا؛ وأجمل منه أن تساعد الآخرين ليبلغوه معك.
عمل
[29، 30] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾ استفد ممن حولك؛ لن تمنعك ظروفك عن أمر طُلب منك بعد ذلك.
عمل
[29، 30] ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾ اختر من الأصحاب من يشد من أزرك ويعينك على طاعة ربك.
وقفة
[29، 30] للصحبة تأثيرها؛ ولذا طلب موسى ﷺ من ربه: ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾، والغاية من طلبه: ﴿كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا﴾ [33].
وقفة
[29، 30] لعائلة موسى عليه السلام دور مبارك: أمه: ﴿أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ﴾ [38]، أخته: ﴿تَمْشِي أُخْتُكَ﴾ [40]، أخوه: ﴿وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾، عائلة الإنسان مصدر أمان.

الإعراب :

  • ﴿ وَاِجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي
  • هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة السابعة والعشرين. لي: جار ومجرور متعلق باجعل ومعنى «وزيرا» المؤارزة وهي المعاونة. وقال الأصمعي: وكان القياس أزيرا فقلبت الهمزة الى الواو ووجه قلبها أن فعيلا جاء في معنى مفاعل مجيئا صالحا كقولهم: عشير وجليس وقعيد وخليل وصديق ونديم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [29] لما قبلها :     الأمر الرابع: أن يجَعْلَ له وزيرًا من أهله؛ ليقويه ويتشاور معه في الأمر الجليل الذي هو مقدم عليه، وهو تبليغ رسالة الله إلى فرعون الذي طغى وبغى، وقال لقومه: «أنا ربكم الأعلى»، والأمر الخامس: أن يكون ذلك الوزير من أهله، أي من أقاربه، فقال:
﴿ وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [30] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هَارُونَ أَخِي

التفسير :

[30]هارون أخي

تفسير الآيات من 29 الى 31:ـ

{ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي} أي:معينا يعاونني، ويؤازرني، ويساعدني على من أرسلت إليهم، وسأل أن يكون من أهله، لأنه من باب البر، وأحق ببر الإنسان قرابته، ثم عينه بسؤاله فقال:{ هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} أي:قوني به، وشد به ظهري، قال الله:{ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا}

وهذا الوزير والمعين هو أخى هارون، الذي أسألك أن تقوى به ظهري، وأن تجعله شريكا لي في تبليغ رسالتك، حتى نؤديها على الوجه الأكمل وكأن موسى- عليه السلام- قد علم من نفسه حدة الطبع، وسرعة الانفعال، فالتجأ إلى ربه لكي يعينه بأخيه هارون، ليقويه ويتشاور معه في الأمر الجليل الذي هو مقدم عليه، وهو تبليغ رسالة الله إلى فرعون الذي طغى وبغى وقال لقومه أنا ربكم الأعلى.

قال ابن عباس: نبئ هارون ساعتئذ حين نبئ موسى.

(هارون أخي ) : وهذا أيضا سؤال من موسى في أمر خارجي عنه ، وهو مساعدة أخيه هارون له .

قال الثوري ، عن أبي سعيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال : فنبئ هارون ساعتئذ حين نبئ موسى ، عليهما السلام .

وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن ابن نمير ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة عن أبيه ، عن عائشة أنها خرجت فيما كانت تعتمر ، فنزلت ببعض الأعراب ، فسمعت رجلا يقول : أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه ؟ قالوا : ما ندري . قال : والله أنا أدري . قالت : فقلت في نفسي : في حلفه لا يستثني ، إنه ليعلم أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه . قال : موسى حين سأل لأخيه النبوة . فقلت : صدق والله . قلت : وفي هذا قال الله تعالى في الثناء على موسى ، عليه السلام : ( وكان عند الله وجيها ) [ الأحزاب : 69 ] .

( هَارُونَ أَخِي ).

وفي نصب هارون وجهان: أحدهما أن يكون هارون منصوبا على الترجمة عن الوزير (15) .

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: كان هارون أكبر من موسى.

------------------

الهوامش :

(15) لم يبين المؤلف الوجه الثاني في نصب هارون ، وقد بينه الشوكاني في تفسيره " فتح القدير " طبعة الحلبي . 3 : 351 قال : وانتصاب " وزيرا " و " هارون " : على أنهما مفعولا أجعل . وقيل مفعولاه : " لي وزيرا " ، ويكون هارون عطف بيان للوزير . أه . قلت : وعني المؤلف بالترجمة : البدل . وهو أخو عطف البيان .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[30] ﴿هَارُونَ أَخِي﴾ الله يعلم أن هارون هو أخ موسى دون أن يخبره! لكن لشدة احتياجه له خرجت منه هذه الكلمة، فالأخ هو سندك الحقيقي في النوازل.
وقفة
[30] ﴿هَارُونَ أَخِي﴾ الحكمة من تكليف هارون بالنبوة، أن يقوم بها كأمر إلهي لا كأمر من أخيه، قد يضجر من أوامر أخيه أو يتراجع عنها، أو يكون نصره لأخيه كما ينصر الإخوة إخوانهم، بينما لا يمكنه التراجع والضجر والتملل لو كانت نبوة أمرها من الله تعالى، وليست من موسى عليه السلام.
وقفة
[27-30] قال محمد الأمين الشنقيطي: «فذكر هنا من دواعي العون على أداء الرسالة أربعة عوامل: بدأها بشرح الصدر، ثم تيسير الأمر، وهذان عاملان ذاتيان، ثم الوسيلة بينه وبين فرعون، وهو اللسان في الإقناع: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾، ثم العامل المادي أخيرا في المؤازرة: ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي﴾».
وقفة
[30، 31]‏ ﴿هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ علم موسى من سابق عهد هارون النصح والمحبة والعون له؛ فسأل الله ذلك، ما أعظم نعمة الإحسان للإخوة؛ بلغت بهارون النبوة.
اسقاط
[30، 31]‏ ﴿هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ موسى وهو من أولي العزم من الرسل احتاج صاحبًا يعينه، فكيف بك؟ هل لك صاحب يعينك؟!

الإعراب :

  • ﴿ هارُونَ:
  • مفعول به ثان منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف -التنوين-للعجمة والعلمية وكان حقه أن يكون مفعولا به أول و «وزيرا» مفعولا به ثانيا. فقدم ثانيهما على أولهما عناية بأمر الوزارة. ويجوز أن يكون «هارون» عطف بيان من وزيرا.
  • ﴿ أَخِي:
  • عطف بيان من وزيرا أيضا. أو تكون «أخي» بدلا من «هارون» على وجهي اعراب «هارون» منصوبة بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [30] لما قبلها :     الأمر السادس: أن يكون الوزير الذي من أهله هو أخوه هارون عليه السلام، فقال:
﴿ هَارُونَ أَخِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [31] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي

التفسير :

[31]قَوِّني به وشدَّ به ظهري،

تفسير الآيات من 29 الى 31:ـ

{ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي} أي:معينا يعاونني، ويؤازرني، ويساعدني على من أرسلت إليهم، وسأل أن يكون من أهله، لأنه من باب البر، وأحق ببر الإنسان قرابته، ثم عينه بسؤاله فقال:{ هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} أي:قوني به، وشد به ظهري، قال الله:{ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا}

الذي أسألك أن تقوى به ظهري، وأن تجعله شريكا لي في تبليغ رسالتك، حتى نؤديها على الوجه الأكمل وكأن موسى- عليه السلام- قد علم من نفسه حدة الطبع، وسرعة الانفعال، فالتجأ إلى ربه لكي يعينه بأخيه هارون، ليقويه ويتشاور معه في الأمر الجليل الذي هو مقدم عليه، وهو تبليغ رسالة الله إلى فرعون الذي طغى وبغى وقال لقومه أنا ربكم الأعلى.

قال ابن عباس: نبئ هارون ساعتئذ حين نبئ موسى.

وقوله "اشدد به أزري" قال مجاهد ظهري.

القول في تأويل قوله تعالى : اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن موسى أنه سأل ربه أن يشدد أزره بأخيه هارون. وإنما يعني بقوله ( اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ) قوْ ظهري، وأعني به ، يقال منه: قد أزر فلان فلانا: إذا أعانه وشدّ ظهره.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ) يقول: أشدد به ظهري.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ) يقول: اشدد به أمري، وقوّني به، فإن لي به قوّة.

التدبر :

وقفة
[31] قال موسى محتاجًا لهارون: ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾؛ لا غنى (للفاضل) عن (المفضول).
وقفة
[31] كان موسى عليه السلام محتاجًا لهارون عليه السلام فقال لربه: ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾، فمن فوائدها: أنه لا غنى (للفاضل) عن (المفضول).
وقفة
[31] ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ من لطائف ذكر شد الأزر: أنه مهما تمتع الداعية بالامتيازات والصفات فهو أحوج ما يكون (لمن يشد أزره) ويعاونه ويسانده.
وقفة
[31] ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ آزر الله موسى بأخيه هارون، وأعان عمر بن عبد العزيز بابنه عبد الملك وغلامه مزاحم، وأمد صلاح الدين بالقاضي الفاضل، حتى أتقى الأتقياء بحاجة لصحبة!
وقفة
[31] ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ موسى احتاجَ صاحِبًا يُعِينُه، فهل لكَ صاحبٌ يُعِينُكَ؟!
وقفة
[31] ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ مهما تمتع الداعية بالامتيازات والصفات فهو أحوج ما يكون (لمن يشد أزره) ويعاونه ويسانده.
وقفة
[31] ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ مهما بلغ الإنسان من مكانة فهو أحوج ما يكون إلى من يشد أزره ويطمئن قلبه ويعاونه ويسانده ويذكِّره بالله.
وقفة
[31، 32] ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ قال ابن المقفع: «إذا نابت أخاك إحدى النوائب، من زوال نعمة أو نزول بلية، فاعلم أنك قد ابتليت معه: إما بالمواساة فتشاركه في البلية، وإما بالخذلان فتحتمل العار»، العلاقة مسؤولية.
وقفة
[31، 32] ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ ما أجمل الحياة حين تضيق بك الدنيا! فتجد فيها أخ عزيز أو صديق حميم يشاركك أحزانك ويُواسيك في همومك، وأجمل من ذلك حين يُقاسمك الشراكة في العمل الصالح.

الإعراب :

  • ﴿ اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي
  • تعرب إعراب الآية الكريمة الخامسة والعشرين لأنها مثلها فيها تضرع ودعاء بمعنى: قوني به فوق قوتي لأن معنى «الأزر» القوة الشديدة وآزره قواه. أو بمعنى: اشدد به ظهري.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [31] لما قبلها :     الأمر السابع: أن طلبَ موسى عليه السلام من ربِّه أن يشُدَّ أَزْرَه بأخيه هارون عليه السلام، أي: يجعلَه ناصرًا له ومُعِينًا، فقال:
﴿ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

اشدد:
1- أمر من «شد» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح الهمزة، وهى قراءة الحسن، وزيد بن على، وابن عامر.
3- أشدد، مضارع «شدد» للتكثير، وهى قراءة الحسن.

مدارسة الآية : [32] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي

التفسير :

[32] وأشركه معي في النبوة وتبليغ الرسالة؛

{ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} أي:في النبوة، بأن تجعله نبيا رسولا، كما جعلتني.

الذي أسألك أن تقوى به ظهري، وأن تجعله شريكا لي في تبليغ رسالتك، حتى نؤديها على الوجه الأكمل وكأن موسى- عليه السلام- قد علم من نفسه حدة الطبع، وسرعة الانفعال، فالتجأ إلى ربه لكي يعينه بأخيه هارون، ليقويه ويتشاور معه في الأمر الجليل الذي هو مقدم عليه، وهو تبليغ رسالة الله إلى فرعون الذي طغى وبغى وقال لقومه أنا ربكم الأعلى.

قال ابن عباس: نبئ هارون ساعتئذ حين نبئ موسى.

"وأشركه في أمري" أي في مشاورتي.

وقوله ( وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) يقول: واجعله نبيا مثل ما جعلتني نبيا، وأرسله معي إلى فرعون

التدبر :

وقفة
[32] ﴿وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ ما أجمل التعاون: إذا العبءُ الثَّقيلُ توزَّعته ... رقابُ القومِ خفَّ على الرِّقابِ
وقفة
[32] ﴿وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ من ظن أنه لا يحتاج إلى غيره؛ فهو مغرور.
وقفة
[32] ﴿وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ رفيق الدرب الذي تحتاجه ليس شخصًا عاديًا، ولكنه يشعر بك، ويعرف متى يقول لك بحب: (ﻻ تحزن إن الله معنا).
وقفة
[29-32] الاستعانة إذا كانت بأولي القربى من أهل النسب، أو التربية، أو الصحبة القديمة كانت أكمل؛ لما يقع في ذلك من مجانسة خلقهم لخلقه، فتتم المشاكلة في الاستعانة، قال تعالى: ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. في أمري: جار ومجرور متعلق باشرك والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى واجعله شريكا أو شريكي في أمري.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     الأمر الثامن: أن طلبَ موسى عليه السلام من ربِّه أن يجعل هارون عليه السلام نبيًّا، فقال:
﴿ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أشركه:
1- بفتح الهمزة، الأمر من «أشرك» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، مضارع مجزوم، وهى قراءة الحسن، وزيد بن على، وابن عامر.

مدارسة الآية : [33] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا

التفسير :

[33]كي ننزهك بالتسبيح كثيراً.

تفسير الايتين 33 و34:ـ

{ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا* وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا} علم عليه الصلاة والسلام، أن مدار العبادات كلها والدين، على ذكر الله، فسأل الله أن يجعل أخاه معه، يتساعدان ويتعاونان على البر والتقوى، فيكثر منهما ذكر الله من التسبيح والتهليل، وغيره من أنواع العبادات.

وقوله: كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً تعليل للدعوات الصالحات التي تضرع بها موسى إلى ربه- تعالى-.

أى: أجب- يا إلهى- دعائي بأن تشرح صدري.. وتشد بأخى هارون أزرى، كي نسبحك تسبيحا كثيرا، ونذكرك ذكرا كثيرا، إنك- سبحانك- كنت وما زلت بنا بصيرا، لا يخفى عليك شيء من أمرنا أو من أمر خلقك، فأنت المطلع على حالنا وعلى ضعفنا، وأنت العليم بحاجتنا إليك وإلى عونك ورعايتك.

بهذه الدعوات الخاشعات ابتهل موسى إلى ربه، وأطال الابتهال في بسط حاجته، وكشف ضعفه.. فماذا كانت النتيجة؟.

لقد كانت النتيجة أن أجاب الله له دعاءه، وحقق له مطالبه، وذكره ببعض مننه عليه فقال- تعالى-:.

"كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا" قال مجاهد لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا.

(كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا) يقول : كي نعظمك بالتسبيح لك كثيرا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[33] الصاحب الصالح يذكرك بربك: ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا﴾، يصبرك: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40]، ويصحح أخطاءك: ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ﴾ [الكهف: 37].
تفاعل
[33] ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[33] ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا﴾ علم موسى عليه السلام أن الله يحب التسبيح؛ فتوسل به لبلوغ إجابة دعائه، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.
وقفة
[25-33] في قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ إلى قوله: ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا﴾ أدب من آداب الدعاء، وهو نبل الغاية، وشرف المقصد، وقريب منه حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ يَعُودُ مَرِيضًا قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ، يَنْكَأُ لَكَ عَدُوًّا، وَيَمْشِي لَكَ إِلَى الصَّلَاةِ» [أحمد 2/172، وحسنه الألباني].
اسقاط
[33، 34] ما أعظم شأن الذكر! يدعو موسى عليه السلام ربه أن يجعل له وزيرًا من أهله؛ ليشد أزره ويشركه في أمره ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾، فما حالك أخي الموفق مع الذكر؟
وقفة
[33، 34] ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ مقياس الصاحب الصالح هو من يذكرك بربك.
وقفة
[33، 34] كثرة الذكر من أعمال الأنبياء، قال تعالى على لسان موسى: ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾، وكلما ذكرت الله أكثر كلما صفت مرآة قلبك، وإذا صفا القلب استقرت به الحكمة والخشية وسائر فضائل القلوب.
وقفة
[33، 34] ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ النفس تنشط للطاعة بآخرين على جادتها، وأن التسبيح والذكر مما يستعان به حتى على أعتى الطغاة.
عمل
[33، 34] تعاهد نفسك هذا اليوم بأذكار الصباح والمساء، وأدبار الصلوات، وعند النوم ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا *وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾.
لمسة
[33، 34] ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ قدم التسبيح على الذكر؛ لأنه تنزيه الله سبحانه تخلية، والذكر تحلية، والتخلية قبل التحلية؛ ولأن محل التنزيه القلب، ومحل الذكر اللسان، فقدم ما محله القلب على ما محله اللسان.
لمسة
[33، 34] ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ لم يقل: (نسبِّحك ونذكرك) فقط، بل وصفها بالكثرة، فالذكر الكثير من أحب القربات إلى الله.
لمسة
[33، 34] ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ ما الفرق بين الذكر والتسبيح ودلالة تقديم الذكر على التسبيح؟ من حيث اللغة: الذكر أعم من التسبيح، يشمل التسبيح والتحميد والتهليل، فهو عام، والتسبيح قسم منه، فإذن التسبيح أخص من الذكر، فكل تسبيح ذكر، وليس كل ذكر تسبيح، ومن حيث الاستعمال: القرآن إذا استعمل الذكر لم يجعل له وقتًا: ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ﴾ [آل عمران: ٤١]، وخصص الوقت في التسبيح: (بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ)، وهنا في سورة طه قدّم التسبيح؛ لأن موسى كان في حالة خوف أن يفعل بهم فرعون ما يفعل من سوء، ﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى﴾ [٤٥]، والتسبيح ينجي من الضيق والغم، ويذهب الهم والكرب والخوف، وربنا قال للرسول ﷺ: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: 97، 98].

الإعراب :

  • ﴿ كَيْ نُسَبِّحَكَ:
  • كي: حرف جر. نسبح: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد «كي» وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والكاف ضمير المخاطب سبحانه في محل نصب للتعظيم مفعول به. وجملة «نسبحك» صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الإعراب.و«أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بكي والجار والمجرور متعلق باشدد وأشركه.
  • ﴿ كَثِيراً:
  • صفة-نعت-نائبة عن المفعول المطلق-المصدر-أو هي صفة لمصدر محذوف بتقدير: نسبحك تسبيحا كثيرا. وبمعنى: كي ننزهك ونقدسك تنزيها وتقديسا كثيرا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     ولَمَّا دعا موسى عليه السلام ربَّه أن يجعل أخاه هارون نبيًا؛ بَيَّنَ هنا ما لأجله دعا بهذا الدعاء، وهو: حتى نسبحك أنا وهو كثيرًا، ويعين بعضنا بعضًا على الدعوة إليك، فقال:
﴿ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [34] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا

التفسير :

[34]ونذكرك كثيراً فنحمدك.

تفسير الايتين 33 و34:ـ

{ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا* وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا} علم عليه الصلاة والسلام، أن مدار العبادات كلها والدين، على ذكر الله، فسأل الله أن يجعل أخاه معه، يتساعدان ويتعاونان على البر والتقوى، فيكثر منهما ذكر الله من التسبيح والتهليل، وغيره من أنواع العبادات.

وقوله: كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً تعليل للدعوات الصالحات التي تضرع بها موسى إلى ربه- تعالى-.

أى: أجب- يا إلهى- دعائي بأن تشرح صدري.. وتشد بأخى هارون أزرى، كي نسبحك تسبيحا كثيرا، ونذكرك ذكرا كثيرا، إنك- سبحانك- كنت وما زلت بنا بصيرا، لا يخفى عليك شيء من أمرنا أو من أمر خلقك، فأنت المطلع على حالنا وعلى ضعفنا، وأنت العليم بحاجتنا إليك وإلى عونك ورعايتك.

بهذه الدعوات الخاشعات ابتهل موسى إلى ربه، وأطال الابتهال في بسط حاجته، وكشف ضعفه..

" ونذكرك كثيرا" قال مجاهد لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا.

(وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا) فنحمدك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[34] ﴿وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ أكثر من ذكر الله.
وقفة
[29-34] من أعظم ما يعين على (العبادة) الصديق الصالح الناصح.
اسقاط
[30-34] هل صاحبك يُعينك على ذكر الله؟

الإعراب :

  • ﴿ وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا كان التسبيح ذكرًا خاصًّا؛ لكونه بالتنزيه الذي أعلاه التوحيد؛ أتبعه بالذِّكر العامِّ، فقال:
﴿ وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [35] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا

التفسير :

[35] إنك كنت بنا بصيراً، لا يخفى عليك شيء من أفعالنا.

{ إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا} تعلم حالنا وضعفنا وعجزنا وافتقارنا إليك في كل الأمور، وأنت أبصر بنا من أنفسنا وأرحم، فمن علينا بما سألناك، وأجب لنا فيما دعوناك.

وقوله: كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً تعليل للدعوات الصالحات التي تضرع بها موسى إلى ربه- تعالى-.

أى: أجب- يا إلهى- دعائي بأن تشرح صدري.. وتشد بأخى هارون أزرى، كي نسبحك تسبيحا كثيرا، ونذكرك ذكرا كثيرا، إنك- سبحانك- كنت وما زلت بنا بصيرا، لا يخفى عليك شيء من أمرنا أو من أمر خلقك، فأنت المطلع على حالنا وعلى ضعفنا، وأنت العليم بحاجتنا إليك وإلى عونك ورعايتك.

بهذه الدعوات الخاشعات ابتهل موسى إلى ربه، وأطال الابتهال في بسط حاجته، وكشف ضعفه.. فماذا كانت النتيجة؟.

لقد كانت النتيجة أن أجاب الله له دعاءه، وحقق له مطالبه، وذكره ببعض مننه عليه فقال- تعالى-:.

وقوله"إنك كنت بنا بصيرا" أي في اصطفائك لنا وإعطائك إيانا النبوة وبعثتك لنا إلى عدوك فرعون فلك الحمد على ذلك.

(إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا) يقول : إنك كنت ذا بصر بنا لا يخفى عليك من أفعالنا شيء .

وذُكر عن عبد الله بن أبي إسحاق أنه كان يقرأ: (أشْدُد بِهِ أزْرِي) بفتح الألف من أشدد (وأُشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) بضم الألف من أشركه، بمعنى الخبر من موسى عن نفسه، أنه يفعل ذلك، لا على وجه الدعاء، وإذا قرئ ذلك كذلك جزم أشدد وأشرك على الجزاء، أو جواب الدعاء، وذلك قراءة لا أرى القراءة بها، وإن كان لها وجه مفهوم، لخلافها قراءة الحجة التي لا يجوز خلافها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[35] ﴿إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا﴾ مهما تخفينا، ومهما تجملنا، ومهما تلونا، فنحن كتاب مكشوف أمام الله، واضح غاية الوضوح، فيا الله سترك علينا وعفوك عنا.
وقفة
[35] ﴿إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا﴾ أنت أبصر بنا من أنفسنا وأرحم، فمن علينا بما سألناك، وأجب لنا فيما دعوناك.
وقفة
[35]‏ ﴿إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا﴾ من أعظم أسباب إجابة الدعاء: أن تتوسل إلى الله بعلمه بحالك، بضعفك، بحزنك، بمرضك، بضيقك بخوفك.
لمسة
[35] ﴿إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا﴾ «علمه بحالي أرجى لإجابة سؤالي»، وهذا أصوب من قول بعضهم: «علمه بحال يغنيه عن سؤالي»، فلا غنى عن سؤال الله.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّكَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير المخاطب سبحانه في محل نصب للتعظيم اسم «إن».
  • ﴿ كُنْتَ بِنا بَصِيراً:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «إن».كنت: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» بنا: جار ومجرور متعلق بخبر كان و «بصيرا» خبر «كان» منصوب بالفتحة. بمعنى: عليما بحالنا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     وبعد كل ما سأله موسى عليه السلام من شَرْح صَدْرِهِ وَمَا بَعْدَهُ؛ جاء هنا تَعْلِيلٌ لِسُؤَالِهِ، أَيْ: لِأَنَّكَ تَعْلَمُ حَالِي وَحَالَ أَخِي، وَإِنِّي مَا دَعَوْتُكَ بِمَا دَعَوْتُ إِلَّا لِأَنَّنَا مُحْتَاجَانِ لِذَلِكَ، فقال:
﴿ إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [36] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا ..

التفسير :

[36] قال الله:قد أعطيتك كل ما سألت يا موسى.

فقال الله:{ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى} أي:أعطيت جميع ما طلبت، فسنشرح صدرك، ونيسر أمرك، ونحل عقدة من لسانك، يفقهوا قولك، ونشد عضدك بأخيك هارون،{ ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون}

وهذا السؤال من موسى عليه السلام، يدل على كمال معرفته بالله، وكمال فطنته ومعرفته للأمور، وكمال نصحه، وذلك أن الداعي إلى الله، المرشد للخلق، خصوصا إذا كان المدعو من أهل العناد والتكبر والطغيان يحتاج إلى سعة صدر، وحلم تام، على ما يصيبه من الأذى، ولسان فصيح، يتمكن من التعبير به عن ما يريده ويقصده، بل الفصاحة والبلاغة لصاحب هذا المقام، من ألزم ما يكون، لكثرة المراجعات والمراوضات، ولحاجته لتحسين الحق، وتزيينه بما يقدر عليه، ليحببه إلى النفوس، وإلى تقبيح الباطل وتهجينه، لينفر عنه، ويحتاج مع ذلك أيضا، أن يتيسر له أمره، فيأتي البيوت من أبوابها، ويدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، يعامل الناس كلا بحسب حاله، وتمام ذلك، أن يكون لمن هذه صفته، أعوان ووزراء، يساعدونه على مطلوبه، لأن الأصوات إذا كثرت، لا بد أن تؤثر، فلذلك سأل عليه الصلاة والسلام هذه الأمور فأعطيها.

وإذا نظرت إلى حالة الأنبياء المرسلين إلى الخلق، رأيتهم بهذه الحال، بحسب أحوالهم خصوصا، خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه في الذروة العليا من كل صفة كمال، وله من شرح الصدر، وتيسير الأمر، وفصاحة اللسان، وحسن التعبير والبيان، والأعوان على الحق من الصحابة، فمن بعدهم، ما ليس لغيره.

قوله- سبحانه-: قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى حكاية لما رد الله- تعالى- به على نبيه موسى- عليه السلام- بعد أن تضرع إليه بتلك الدعوات النافعات.

والسؤال هنا بمعنى المسئول، كالأكل بمعنى المأكول.

قال الآلوسى: «والإيتاء: عبارة عن تعلق إرادته- تعالى- بوقوع تلك المطالب وحصولها له- عليه السلام- ألبتة، وتقديره- تعالى- إياها حتما، فكلها حاصلة له- عليه السلام- وإن كان وقوع بعضها بالفعل مرتبا بعد، كتيسير الأمر، وشد الأزر.. .

أى: قال الله- تعالى- لموسى بعد أن ابتهل إليه- سبحانه- بما ابتهل: لقد أجبنا دعاءك يا موسى، وأعطيناك ما سألتنا إياه، فطب نفسا وقر عينا.

هذه إجابة من الله لرسوله موسى ، عليه السلام ، فيما سأل من ربه عز وجل ، وتذكير له بنعمه السالفة عليه ، فيما كان ألهم أمه حين كانت ترضعه ، وتحذر عليه من فرعون وملئه أن يقتلوه; لأنه كان قد ولد في السنة التي يقتلون فيها الغلمان . فاتخذت له تابوتا ، فكانت ترضعه ثم تضعه فيه ، وترسله في البحر - وهو النيل - وتمسكه إلى منزلها بحبل فذهبت مرة لتربطه فانفلت منها وذهب به البحر ، فحصل لها من الغم والهم ما ذكره الله عنها في قوله : ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها ) [ القصص : 10 ] فذهب به البحر إلى دار فرعون ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ) [ القصص : 8 ] أي قدرا مقدورا من الله ، حيث كانوا هم يقتلون الغلمان من بني إسرائيل ، حذرا من وجود موسى ، فحكم الله - وله السلطان العظيم ، والقدرة التامة - ألا يربى إلا على فراش فرعون ، ويغذى بطعامه وشرابه ، مع محبته وزوجته له

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36)

يقول تعالى ذكره: قال الله لموسى صلى الله عليه وسلم: قد أعطيت ما سألت يا موسى ربك من شرحه صدرك وتيسيره لك أمرك، وحلّ عقدة لسانك، وتصيير أخيك هارون وزيرا لك، وشدّ أزرك به، وإشراكه في الرسالة معك .

التدبر :

عمل
[36] ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ﴾ حاجتك توجه بها إلى الله فقط، فهو وحده من لا يخلف الوعد، ولا يخيب ظنك، وإن ناديته أجابك وأكرمك.
عمل
[36] ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ﴾ سبع حاجات أجابها الله دفعة واحدة؛ احشد رغباتك، واكثر سؤالاتك، واهتف بكل حاجاتك، فرب لحظة يقال لك: قد أوتيت سؤلك!
وقفة
[36] ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ﴾ أعطيناك قبل سؤلك: حفظناك في اليم، ونجينا أمك من الغم، وربيناك في حجر العدو، وقذفنا الشفقة عليك في قلب امرأة فرعون، وألقينا عليك المحبة حتى أحبك من يعاديك، ورباك حتى قتل بسببك ما لا يحصى من الولدان، ومن ابتداك بهذه النعم دون أن تسأله، لن يحرمك وأنت تسأله.
وقفة
[36] ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ﴾ اللهم شيئًا كهذا لأمنياتنا، لانتظارنا، للهفتنا، لما غاب عن الناس وعلمته أنت.
عمل
[36] ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ﴾ لا تيأسْ من دعوتك إلى الله بتحقيقِ ما تريد، فقد استجاب الله لِموسى سبعِ رغبات دفعة واحدةً.
عمل
[36] لا تستكثر دعواتك فقد حقق الله 6 دعوات في لحظة: ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ﴾، ولا تستكثر ذنوبك فقد استجاب الله لإبليس ﴿قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ [الأعراف: 15].
تفاعل
[36] ﴿قالَ قَد أوتيتَ سُؤلَكَ يا موسى﴾ قل: «اللهم ارزق كل منا مسألته».
وقفة
[36، 37] ﴿قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ * وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ﴾ كيف لا يجيب دعاء اليوم، وهو صاحب أفضال الأمس؟!
وقفة
[36، 37] ﴿قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ * وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ﴾ فأعطاه الله سؤاله, ومَنَّ عليه مرة بعد مرة, إذا وثقت بحب الله (فَتَدَلَلِ).

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ قَدْ أُوتِيتَ:
  • قد: حرف تحقيق. أوتيت: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعل.
  • ﴿ سُؤْلَكَ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة والكاف ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل جر بالاضافة أي بسؤلك بمعنى ما تسأله وتتمناه.
  • ﴿ يا مُوسى:
  • يا: حرف نداء. موسى: اسم منادى علم معرفة مبني على الضم المقدر على الألف للتعذر في محل نصب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     وبعد الدعوات الثمانية التي تضرع بها موسى عليه السلام إلى ربَّه؛ استجابَ اللهُ له، قال تعالى:
﴿ قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [37] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى

التفسير :

[37] ولقد أنعمنا عليك -يا موسى- قبل هذه النعمة نعمة أخرى، حين كنت رضيعاً، فأنجيناك مِن بطش فرعون.

لما ذكر منته على عبده ورسوله، موسى بن عمران، في الدين، والوحي، والرسالة، وإجابة سؤاله، ذكر نعمته عليه، وقت التربية، والتنقلات في أطواره فقال:{ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى}

وقوله- تعالى-: وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى تذكير منه- سبحانه- لموسى، بجانب من النعم التي أنعم بها عليه، حتى يزداد ثباتا وثقة بوعد الله- تعالى- ولذا صدرت الجملة بالقسم.

أى: وبعزتي وجلالي لقد مننا عليك، وأحسنا إليك مَرَّةً أُخْرى قبل ذلك، ومنحناك من رعايتنا قبل أن تلتمس منا أن نشرح لك صدرك، وأن نيسر لك أمرك ...

هذه إجابة من الله لرسوله موسى ، عليه السلام ، فيما سأل من ربه عز وجل ، وتذكير له بنعمه السالفة عليه ، فيما كان ألهم أمه حين كانت ترضعه ، وتحذر عليه من فرعون وملئه أن يقتلوه; لأنه كان قد ولد في السنة التي يقتلون فيها الغلمان . فاتخذت له تابوتا ، فكانت ترضعه ثم تضعه فيه ، وترسله في البحر - وهو النيل - وتمسكه إلى منزلها بحبل فذهبت مرة لتربطه فانفلت منها وذهب به البحر ، فحصل لها من الغم والهم ما ذكره الله عنها في قوله : ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها ) [ القصص : 10 ] فذهب به البحر إلى دار فرعون ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ) [ القصص : 8 ] أي قدرا مقدورا من الله ، حيث كانوا هم يقتلون الغلمان من بني إسرائيل ، حذرا من وجود موسى ، فحكم الله - وله السلطان العظيم ، والقدرة التامة - ألا يربى إلا على فراش فرعون ، ويغذى بطعامه وشرابه ، مع محبته وزوجته له

( وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى ) يقول تعالى ذكره: ولقد تطولنا عليك يا موسى قبل هذه المرة مرّة أخرى.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[37] ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ﴾ تاريخ حياتك فيه الكثير من جميل ربك مما يجعلك أن تطمئن للمستقبل.
وقفة
[37] ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ﴾ أنا هنا لا أريدك أن تتدبّر، أنا أريدك أن تستشعر الدفء فقط.
وقفة
[37] ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ﴾ كم لله من فضل علينا ومنّة؟ فلك الحمد يا الله حمدًا كثيرًا طيبًا ولك الشكر والثناء الحسن.
اسقاط
[37] فى كل مرة يدركك فيها لطفه الخفى أستشعر قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ مَنَنّا:
  • الواو: استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. منن: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير التفخيم المسند الى الواحد المطاع سبحانه في محل رفع فاعل.
  • ﴿ عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى:
  • جار ومجرور متعلق بمن. مرة: مفعول مطلق نائب عن المصدر منصوب بالفتحة. أخرى: صفة-نعت-لمرة منصوبة مثلها بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     وبعد أن استجابَ اللهُ عز و جل الدعوات الثمانية لموسى عليه السلام؛ ذَكَّرَه هنا بجانب من النعم التى أنعم بها عليه قبل النبوة؛ حتى يزداد ثباتًا وثقة بوعد الله، وكأنه يقول له: «راعيت مصلحتك قبل سؤالك؛ فكيف لا أعطيك مرادك بعد السؤال؟!»، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف