38929303132333435

الإحصائيات

سورة القصص
ترتيب المصحف28ترتيب النزول49
التصنيفمكيّةعدد الصفحات11.00
عدد الآيات88عدد الأجزاء0.56
عدد الأحزاب1.12عدد الأرباع4.50
ترتيب الطول14تبدأ في الجزء20
تنتهي في الجزء20عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 14/29طسم: 2/2

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (29) الى الآية رقم (31) عدد الآيات (3)

عودةُ موسى عليه السلام إلى مصرَ بعدَ انتهاءِ المدَّةِ، وفي الطَّريقِ أبصرَ نارًا فذهبَ ليُحضرَ لأهلِهِ جذوةَ نارٍ فناداه ربُّه وآتاه النُّبوةَ، وأعطاه مُعجزتي: العصا واليدِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (32) الى الآية رقم (35) عدد الآيات (4)

بعدَ أن أيَّدَه بالمُعجزاتِ كلفَه بدعوةِ فرعونَ، فخافَ موسى من الثَّأرِ لأنَّه قتلَ القبطيَّ، فأعانَه اللهُ بهارونَ نبيًا.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة القصص

الدعوة إلى التوحيد، وبيان أن إرادة الله وحده هي النافذة/ الثقة بوعد الله/ عاقبة الطغيان والفساد

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • عن أي شيء تتحدث سورة القصص؟:   المحور الأساسي في سورة القصص هو قصة موسى عليه السلام. هل ذكرت السورة كل جوانب قصة موسى عليه السلام؟ الجواب: لا، بل ركزت على جوانب محددة من قصته: مولده، رميه في البحر، نشأته في قصر فرعون، خروجه من مصر إلى مدين وزواجه، ثم عودته إلى بلده بعد عشر سنين، وانتصاره على فرعون. سورة القصص هي السورة الوحيدة في القرآن التي ركّزت على مولد موسى ونشأته وخروجه إلى مدين، بينما لم تركز على بني إسرائيل ومشاكلهم مع موسى كما في باقي السور، فلماذا؟ تعالوا نتعرف على وقت نزول السورة لعلنا نجد الجواب. وقت نزول السورة: نزلت السورة وقت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه من مكة إلى المدينة حزينًا لفراق بلده، فأراد الله أن يطمئن قلبه بأنه سيرده إلي مكة مرة أخرى؛ فقص عليه قصة موسى عليه السلام، منذ مولده وفراقه لأمه، ثم عودته إليها. نزلت السورة تقول للنبي صلى الله عليه وسلم : إنك ستعود إلي مكة يا رسول الله منتصرًا بعد أن خرجت منها متخفيًا.
  • • في أول السورة وعد، وفي آخرها وعد::   فتأمل العلاقة بينهما: 1- الأول: وعد الله لأم موسى في أول السورة: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَـٰعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ﴾ (7). 2- الثاني: وعد الله للنبي صلى الله عليه وسلم في آخر السورة: ﴿إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ﴾ (85). عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ قَالَ: إِلَى مَكَّةَ. (البخاري 4773). ونلاحظ استعمال نفس الكلمة في الوعدين: (راد). وكأن المعنى: يا محمد إن الذي صدق وعده مع موسى وأمه، سيعيدك إلى مكة فاتحًا منتصرًا. فهدف سورة القصص هو الثقة بوعد الله، واليقين بأنه متحقق لا محالة، مهما طالت المدة أو صعبت الظروف.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «القصص».
  • • معنى الاسم ::   قصَّ علىَّ خبرَه: أورده، والقصَص: الخبر المقصوص، والقِصص: جمع قِصَّة.
  • • سبب التسمية ::   لورود هذا اللفظ (القصص) في الآية (25)؛ ولأن ‏الله ‏ذكر ‏فيها ‏قصة ‏موسى ‏مفصلة ‏موضحة ‏من ‏حين ‏ولادته ‏إلى ‏حين ‏رسالته.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة طسم» تسمية للسورة بما افتتحت به، و«سورة موسى»؛ لذكر ‏قصته ‏فيها ‏مفصلة.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   الثقة بوعد الله، وأنه متحقق لا محالة، مهما طالت المدة أو صعبت الظروف.
  • • علمتني السورة ::   أن الصراع بين الحق والباطل صراع قديم ومستمر.
  • • علمتني السورة ::   أن العاقبة للحق وأهله، وأن إرادة الله وحده هي النافذة.
  • • علمتني السورة ::   اليقين في الله: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾ ، أم تخاف على ابنها من فرعون تلقي به في البحر؟!
رابعًا : فضل السورة :
  • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة القصص من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة القصص من (الطواسين أو الطواسيم)، وهي ثلاث سور نزلت متتالية، ووضعت في المصحف متتالية أيضًا، وهي: الشعراء، النمل، القصص، وسميت بذلك؛ لأنها افتتحت بالحروف المقطعة طسم (في الشعراء والقصص)، وطس (في النمل)، ويكاد يكون منهاجها واحدًا، في سلوك مسلك العظة والعبرة، عن طريق قصص الغابرين، وجميعها افتتحت بذكر قصة موسى عليه السلام، وكذلك جميعها اختتم بالتهديد والوعيد للمعاندين والمخالفين.
    • قصة موسى عليه السلام ذكرت في كثير من سور القرآن (تكرر اسم موسى 136 مرة في 34 سورة، وأكثر السور التي ذكرت قصته بالتفصيل: الأعراف، طه، القصص)، ولكن نجد أنها في سورة القصص ركزت على قصة سيدنا موسى من مولده إلى بعثته، وذكرت تفاصيل لم تذكر في سواها: كقتله المصري، وخروجه إلى مدين، وزواجه من بنت الرجل الصالح، وفصلت أكثر في محنة ميلاده ونشأته في قصر فرعون.
    • احتوت سورة القصص على آية تدل على فصيح القرآن الكريم وإعجازه، وهي: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ (7)؛ لأنها اشتملت على: أَمرْين ونهيين وخبرين وبشارتين؛ أما الأمران فهما: ﴿أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾، و﴿فَأَلْقِيهِ﴾، وأما النهيان فهما: ﴿وَلَا تَخَافِي﴾، و﴿وَلَا تَحْزَنِي﴾، وأما الخبران فهما: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ﴾، و﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ﴾، وأما البشارتان فهما: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾، و﴿وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن تمتلأ قلوبنا بهذا العمل القلبي العظيم: اليقين والثقة في الله.
    • ألا نخاف علو الظالم وقوته؛ فلله إرادة سيمليها على كونه إملاءًا، وسينتهي الفساد، وسيعلو الحق، وسيأتي التمكين: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ ... وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ (4-6).
    • ألا نستعجل النصر؛ قال الله عن بني إسرائيل: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواَ﴾ (5)، ولم يأتِ النصر إلا بعد أربعين سنة.
    • أن نستخدم الحيلة المشروعة للتخلص من ظلم الظالم: ﴿فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ (12).
    • أن نصلح بين اثنين متخاصمين: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ...﴾ (15).
    • أن نلجأ إلى الله دومًا: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (21).
    • أن نفعل الخير ونمضي؛ لا ننتظر الجزاء من الناس: ﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ ﴾ (24).
    • أن نكافئ شخصًا أحسن إلينا؛ فإن هذا من دأب الصالحين: ﴿قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ (25).
    • أن نستعن بمن يعيننا على القيام بدعوتنا ممن يملك المواصفات المناسبة: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾ (34).
    • أن نحذر من اتباع الهوى: ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ﴾ (50).
    • أن نعرض عن اللغو: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾ (55).
    • أن نحذر الظلم؛ فإنه من أسباب هلاك الأمم السابقة: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ (59).
    • ألا يشغلنا طعام ولا لباس ولا مسكن في الدنيا عن الآخرة: ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ اللَّـهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾ (60).
    • أن نحسن سريرتنا؛ فإن الله يعلم ما في الصدور: ﴿وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ (69).
    • أن نرضى بما قسم الله لنا: ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ (82).

تمرين حفظ الصفحة : 389

389

مدارسة الآية : [29] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا قَضَى مُوسَىالْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ..

التفسير :

[29] فلما وفَّى نبي الله موسى -عليه السلام- صاحبَه المدة عشر سنين -وهي أكمل المدتين- وسار بأهله إلى «مصر» أبصر من جانب الطور ناراً، قال موسى لأهله:تمهلوا وانتظروا إني أبصرت ناراً؛ لعلي آتيكم منها بنبأ، أو آتيكم بشعلة من النار لعلكم تستدفئون بها.

{ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ} يحتمل أنه قضى الأجل الواجب، أو الزائد عليه، كما هو الظن بموسى ووفائه، اشتاق إلى الوصول إلى أهله ووالدته وعشيرته، ووطنه، وعلم من طول المدة، أنهم قد تناسوا ما صدر منه.{ سَارَ بِأَهْلِهِ} قاصدا مصر،{ آنَسَ} أي:أبصر{ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} وكان قد أصابهم البرد، وتاهوا الطريق.

والمراد بالأجل في قوله- تعالى-: فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ.. المدة التي قضاها موسى أجيرا عند الشيخ الكبير، بجهة مدين.

والمعنى: ومكث موسى عشر سنين في مدين، فلما قضاها وتزوج بإحدى ابنتي الشيخ الكبير، استأذن منه وَسارَ بِأَهْلِهِ أى وسار بزوجته متجها إلى مصر ليرى أقاربه وذوى رحمه، أو إلى مكان آخر قيل: هو بيت المقدس.

آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً ولفظ آنَسَ من الإيناس، وهو إبصار الشيء ورؤيته بوضوح لا التباس معه، حتى لكأنه يحسه بجانب رؤيته له.

أى: وخلال سيره بأهله إلى مصر، رأى بوضوح وجلاء مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً.

أى: رأى من الجهة التي تلى جبل الطور نارا عظيمة.

قال الآلوسى: «استظهر بعضهم أن المبصر كان نورا حقيقة، إلا أنه عبر عنه بالنار، اعتبارا لاعتقاد موسى- عليه السلام-، وقال بعضهم: كان المبصر في صور النار الحقيقة، وأما حقيقته، فوراء طور العقل، إلا أن موسى- عليه السلام- ظنه النار المعروفة» .

وقوله- سبحانه- قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً.. حكاية لما قاله موسى- عليه السلام- لزوجته ومن معها عند ما أبصر النار.

أى: عند ما أبصر موسى النار بوضوح وجلاء قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا في مكانكم إِنِّي آنَسْتُ ناراً على مقربة منى وسأذهب إليها.

لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ ينفعنا في مسيرتنا، أَوْ أقتطع لكم منها جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ.

قال الجمل: قرأ حمزة: أَوْ جَذْوَةٍ بضم الجيم. وقرأ عاصم بالفتح، وقرأ الباقون بالكسر، وهي لغات في العود الذي في رأسه نار، هذا هو المشهور. وقيده بعضهم فقال: في رأسه نار من غير لهب، وقد ورد ما يقتضى وجود اللهب فيه، وقيل: الجذوة العود الغليظ سواء أكان في رأسه نار أم لم يكن. وليس المراد هنا إلا ما في رأسه نار.

وقوله: تَصْطَلُونَ من الاصطلاء بمعنى الاقتراب من النار للاستدفاء بها من البرد.

والطاء فيه مبدلة من تاء الافتعال.

أى: قال موسى لأهله امكثوا في مكانكم حتى أرجع إليكم، فإنى أبصرت نارا سأذهب إليها، لعلى آتيكم من جهتها بخبر يفيدنا في رحلتنا، أو أقتطع لكم منها قطعة من الجمر، كي تستدفئوا بها من البرد.

قال ابن كثير ما ملخصه: وكان ذلك بعد ما قضى موسى الأجل الذي كان بينه وبين صهره في رعاية الغنم، وسار بأهله. قيل: قاصدا بلاد مصر بعد أن طالت الغيبة عنها أكثر من عشر سنين، ومعه زوجته، فأضل الطريق، وكانت ليلة شاتية. ونزل منزلا بين شعاب وجبال، في برد وشتاء، وسحاب وظلام وضباب وجعل يقدح بزند معه ليورى نارا- أى: ليخرج نارا- كما جرت العادة به، فجعل لا يقدح شيئا، ولا يخرج منه شرر ولا شيء، فبينما هو كذلك إذ آنس من جانب الطور نارا.. .

قد تقدم في تفسير الآية قبلها أن موسى عليه السلام ، قضى أتم الأجلين وأوفاهما وأبرهما وأكملهما وأنقاهما ، وقد يستفاد هذا أيضا من الآية الكريمة من قوله : ( فلما قضى موسى الأجل ) أي : الأكمل منهما ، والله أعلم .

قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : قضى عشر سنين ، وبعدها عشرا أخر . وهذا القول لم أره لغيره ، وقد حكاه عنه ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والله أعلم .

وقوله : ( وسار بأهله ) قالوا : كان موسى قد اشتاق إلى بلاده وأهله ، فعزم على زيارتهم في خفية من فرعون وقومه ، فتحمل بأهله وما كان معه من الغنم التي وهبها له صهره ، فسلك بهم في ليلة مطيرة مظلمة باردة ، فنزل منزلا فجعل كلما أورى زنده لا يضيء شيئا ، فتعجب من ذلك ، فبينما هو كذلك [ إذ ] ( آنس من جانب الطور نارا ) أي : رأى نارا تضيء له على بعد ، ( قال لأهله امكثوا إني آنست نارا ) أي : حتى أذهب إليها ، ( لعلي آتيكم منها بخبر ) . وذلك لأنه قد أضل الطريق ، ( أو جذوة من النار ) أي : قطعة منها ، ( لعلكم تصطلون ) أي : تتدفئون بها من البرد .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29)

يقول تعالى ذكره: فلما وفى موسى صاحبه الأجل الذي فارقه عليه, عند إنكاحه إياه ابنته, وذكر أن الذي وفَّاه من الأجلين, أتمهما وأكملهما, وذلك العشر الحجج, على أن بعض أهل العلم قد روي عنه أنه قال: زاد مع العشر عَشْرا أخرى.

ذكر من قال: الذي قضى من ذلك هو الحِجَج العَشْر:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبَيْر, قال: سألت ابن عباس: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: خيرهما وأوفاهما.

حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا أبي, عن سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس سئل: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أتمهما وأخيَرَهما.

حدثني محمد بن عمارة, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: ثنا موسى بن عُبَيدة, عن أخيه, عن سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس, قال: قضى موسى آخِر الأجلين.

حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا ابن عبيدة, عن الحكم بن أبان, عن عكرِمة, سئل &; 19-569 &; ابن عباس: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: أتمهما وأوفاهما.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, قال: ثني ابن إسحاق, عن حكيم بن جُبَيْر, عن سعيد بن جُبَيْر, قال: قال يهودي بالكوفة وأنا أتجهز للحجّ: إني أراك رجلا تتتبع العلم, أخبرني أيّ الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أعلم, وأنا الآن قادم على حَبْر العرب ، يعني ابن عباس, فسائله عن ذلك; فلما قدمت مكة سألت ابن عباس عن ذلك وأخبرته بقول اليهوديّ, فقال ابن عباس: قضى أكثرهما وأطيبهما, إن النبيّ إذا وعد لم يخلف, قال سعيد: فقدمت العراق فلقيت اليهودي, فأخبرته, فقال: صدق, وما أنـزل على موسى هذا, والله العالم.

قال: ثنا يزيد, قال: ثنا الأصبغ بن زيد, عن القاسم بن أبي أيوب, عن سعيد بن جُبَيْر, قال: سألني رجل من أهل النصرانية: أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أعلم, وأنا يومئذ لا أعلم, فلقيت ابن عباس, فذكرت له الذي سألني عنه النصراني, فقال: أما كنت تعلم أن ثمانيا واجب عليه, لم يكن نبيّ الله نقص منها شيئا, وتعلم أن الله كان قاضيا عن موسى عِدَته التي وعده, فإنه قضى عشر سنين.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأجَلَ ) قال: حدث ابن عباس, قال: رعى عليه نبيّ الله أكثرها وأطيبها.

حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا أبي, عن أبي معشر, عن محمد بن كعب القُرَظيّ, قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأجلين قضى موسى؟ قال: " أَوْفَاهُمَا وَأَتَمَّهُمَا ".

حدثنا أحمد بن محمد الطوسي, قال: ثنا الحميدي أبو بكر بن عبد الله بن الزُّبير (1) قال: ثنا سفيان, قال: ثني إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب, عن الحكم بن أبان, عن عكرمة, عن ابن عباس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " سألْتُ جبْرَائِيلَ: أَيُّ الأجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قَالَ: أَتَمَّهُمَا وَأَكْمَلَهُمَا ".

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال مجاهد: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم سأل جبرائيل: " أَيُّ الأجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قَالَ سَوْفَ أَسْأَلُ إسْرَافِيلَ, فَسَأَلَه فَقَالَ: سَوْفَ أَسْأَلُ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى, فَسَألَهُ, فَقَال: أَبَرَّهُمَا وَأَوْفَاهُمَا ".

ذكر من قال: قضى العَشْرَ الحجَج وزاد على العشْر عشرا أخرى:

حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأجَلَ ) قال: عشر سنين, ثم مكث بعد ذلك عشرا أخرى.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: ( قَضَى مُوسَى الأجَلَ ) عشر سنين, ثم مكث بعد ذلك عشرا أخرى.

حدثني المثنى, قال: ثنا معاذ بن هشام, قال: ثنا أبي, عن قَتادة, قال: ثنا أنس, قال: لما دعا نبيّ الله موسى صاحبه إلى الأجل الذي كان بينهما, قال له صاحبه: كلّ شاة ولدت على غير لونها فلك ولد, فعمد, فرفع خيالا على الماء, فلما رأت الخيال, فزعت, فجالت جولة فولدن كلهنّ بُلقا, إلا شاة واحدة, فذهب بأولادهنّ ذلك العام.

وقوله: ( وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا ) يقول تعالى ذكره: ( فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ) شاخصا بهم إلى منـزله من مصر ( آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ ) يعني بقوله: آنس: أبصر وأحسّ كما قال العجَّاج:

آنَسَ خِرْبَـــانَ فَضَــاءٍ فَــانْكَدَرْ

دَانــى جَنَاحَيْـهِ مِـن الطُّـورِ فَمَـرّ (2)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وقد ذكرنا الرواية بذلك فيما مضى قبل, غير أنا نذكر ههنا بعض ما لم نذكر قبل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا ): أي أحسست نارا.

وقد بيَّنا معنى الطور فيما مضى بشواهده, وما فيه من الرواية عن أهل التأويل.

وقوله: ( لأهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا ) يقول: قال موسى لأهله: تَمهَّلُوا وانتظروا: إنّي أبصرت نارا( لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا ) يعني من النار ( بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ ) يقول: أو آتيكم بقطعة غليظة من الحطب فيها النار, وهي مثل الجِذْمة من أصل الشجرة; ومنه قول ابن مقبل:

بَـاتَتْ حَـوَاطِبُ لَيْـلَى يَلْتَمِسْـنَ لَهَـا

جَـزْلَ الجِـذَا غـيرَ خَـوَّارٍ وَلا دَعِرِ (3)

وفي الجِذوة لغات للعرب ثلاث: جِذوة بكسر الجيم, وبها قرأت قرّاء الحجاز والبصرة وبعض أهل الكوفة. وهي أشهر اللغات الثلاث فيها، وجَذوة بفتح الجيم, وبها قرأ أيضًا بعض قرّاء الكوفة (4) . وهذه اللغات الثلاث وإن كنّ مشهورات في كلام العرب, فالقراءة بأشهرها أعجب إليّ, وإن لم أنكر قراءة من قرأ بغير الأشهر منهنّ.

وبنحو الذي قلنا في معنى الجذوة قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا عبد الله, قال: ثني معاوية عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ ) يقول: شهاب.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( أَوْ جَذْوَةٍ ) والجذوة: أصل شجرة فيها نار.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة, قوله: ( إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ ) قال: أصل الشجرة &; 19-572 &; في طرفها النار, فذلك قوله: ( أَوْ جَذْوَةٍ ) قال: السعف فيه النار. قال مَعْمر, وقال قَتادة ( أَوْ جَذْوَةٍ ): أو شُعلة من النار.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ ) قال: أصل شجرة.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ ) قال: أصل شجرة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ ) قال: الجَذوة: العود من الحطب الذي فيه النار, ذلك الجذوة.

وقوله: ( لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ) يقول: لعلكم تسخنون بها من البرد, وكان في شتاء.

------------------------

الهوامش:

(1) ‌في الخلاصة للخزرجي: عبد الله بن الزبير بن عبد الله (أبو عبيد الله) الأسدي الحميدي المكي أحد الأئمة.

(2) هذان بيتان من مشطور الرجز للعجاج الراجز (ديوانه طبع ليبسج سنة 1903 ص17) ورقم البيت الأول هو 76 ورقم الثاني هو 74. وفي رواية الأول: "أبصر" في موضع "آنس" وهما بمعنى. والخربان بالكسر جمع خرب كسبب، وهو ذكر الحبارى، وقيل: هو الحبارى كلها. ومن جموعه أيضًا: أخراب، وخراب. وانكدر: أسرع وانقض. والضمير في الفعلين للبازي المذكور في البيت قبله، وقد شبه الممدوح عمر بن عبيد الله بالبازي ينقض على أعدائه، كما ينقض البازي على الحبارى، فيصيدها. وانظر شرح البيت الثاني مطولا في الجزء (9: 243). وهذه الأرجوزة يمدح بها العجاج عمر بن عبيد الله بن معمر، وقد ولاه ابن الزبير العراق لمحاربة عبيد الله بن بشير بن الماجوز من الخوارج، فعهد في حربهم إلى أخيه عثمان ابن عبيد الله بن معمر، فقتل. (انظر البلاذري مخطوط بدار الكتب المصرية).

(3) البيت لتميم بن مقبل (اللسان: جذا) قال: يقال لأصل الشجرة: جذية وجذاة (الأولى بكسر الجيم، والثانية بفتحها). الأصمعي: جذم كل شيء وجذيه: أصله والجذاء: أصول الشجر العظام العادية، التي بلي أعلاها. وبقي أسفلها، قال تميم بن مقبل: "باتت حواطب ليلى..." البيت. اه. والحواطب: جمع حاطبة، وهي الأمة تجمع الحطب. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن: "جذوة من النار": أي قطعة غليظة من الحطب، ليس فيها لهب، وهي مثل الجذمة، من أصل الشجرة: قال ابن مقبل: "باتت حواطب ليلى..." البيت. اه.والخوار: الضعيف. والدعر: العود يدخن كثيرًا ولا ينقد وهو الرديء الدخان. وقيل: الدعر من الحطب: البالي.

(4) سقط من قلم الناسخ اللغة الثالثة، وهي: جذوة (بضم الجيم) وبها قرئ أيضًا.

التدبر :

وقفة
[29] ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ﴾ يعلم الله سبحانه أي الأجلين قضى موسى ولكنه لم يذكره، لا تشتت أذهان السامعين بتفاصيل تبعدهم عن مقصد كلامك.
وقفة
[29] ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ﴾ الوفاء بالعقود شأن المؤمنين.
وقفة
[29] ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾ لو لم يكن الزواج مهمًّا لما اقتطع موسى ﷺ من عمره عشر سنوات لأجله.
وقفة
[29] ﴿فَلَمّا قَضى موسَى الأَجَلَ وَسارَ بِأَهلِهِ آنَسَ مِن جانِبِ الطّورِ نارًا﴾ من شيم الرجال: الوفاء بالعهود.
وقفة
[29] ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا﴾ الأنبياء أوفياء؛ فموسى قضى أوفى الأجلين وأتمه؛ وهو العشر.
وقفة
[29] ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا﴾ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ؛ فَإِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ» [أبو داود 2571، وصححه الألباني].
وقفة
[29] ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا﴾ عن سعيد بن جبير قال: سألني يهودي من أهل الحيرة؛ أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أدري، حتى أقدم على حبر العرب فأسأله، فقدمت، فسألت ابن عباس، فقال: قضى أكثرهما، وأطيبهما إن رسول الله ﷺ إذا قال فعل.
وقفة
[29] ﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾ (الأهل) الحاضرون على الدوام في حياة الأنبياء.
عمل
[29] ﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾ أهلك هم كنز حياتك؛ لا تتخلى عنهم.
وقفة
[29] استدل بعض أهل العلم بقوله تعالى: ﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾ بأن فيها دليلًا على أن الرجل يذهب بأهله حيث شاء، لما له عليها من فضل القوامة وزيادة الدرجة، إلا أن يلتزم لها أمرًا فالمؤمنون عند شروطهم، وأحق الشروط أن يوفى به ما استحلت به الفروج.
وقفة
[29] ﴿آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا﴾ رؤيته للنار دون أهله يدل على أنه رأى نارًا غير عادية، بحيث لم يره أهله.
وقفة
[29] ﴿قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا﴾ ما أجمل غيرة الرجل على أهله!
وقفة
[29] ﴿قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا﴾ قوامة الرجل، خدمته لأهله، عدم تعريضهم للهلاك، تسمية الزوجة باﻷهل سترًا لها، استجابة المرأة لزوجها.
وقفة
[29] ﴿قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ﴾ من حق زوجتك أن تعرف إلي أين تذهب يا صديقي.
وقفة
[29] ﴿إِنِّي آنَسْتُ نَارًا﴾ لقد كان أهله معه، لكنه رأى النار وحده, عيون المتفائلين تستقبل إشارات الفرج بكفاءة.
وقفة
[29] ﴿إِنِّي آنَسْتُ نَارًا﴾ النفوس العظيمة تلتقط كل إشارات الفأل، مهما بدت بعيدة وخافتة، لثقتها بوعد الله.
وقفة
[29] ﴿إِنّي آنَستُ نارًا﴾ رؤية النار فى الغالب مخيفة، ولكن هنا لها شأن آخر.
وقفة
[29] ﴿إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ من صفات الصالحين: السعي في طلب الرزق، والاجتهاد في حل المشكلات الدنيوية بحكمة وصبر.
وقفة
[29] ﴿لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ يدل على أحد أمرين: 1- أنهم ربما كانوا ضائعين. 2- أنهم كانوا في برد شديد يستدفئون من النار.
وقفة
[29] طريق مظلم مقفر وسفر طويل، ومع هذا يحسن الظن ﴿لَعَلّي آتيكُم مِنها بِخَبَرٍ أَو جَذوَةٍ مِنَ النّارِ لَعَلَّكُم تَصطَلونَ﴾.
وقفة
[29] ﴿أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ كان موسى عليه السلام رجلًا قويًّا يصبر على البرد، فلم يقل: (نصطلي)، إنما حركته الرحمة بزوجه.
وقفة
[29] ﴿أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ على خطى الأنبياء؛ السعى لتدفئة الأجساد الباردة.
وقفة
[29] ﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ ولم يقل: (نصطلي)، مشوار في الظلام لأجل أهله؛ أعطاه الله فيض التكليم، أبرك الخطوات خطواتنا من أجل الآخرين.
وقفة
[29] ﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ يعني أنتم، كان في وسعه أن يصبر هو لكن حملته الرحمة لأهله أن يذهب يلتمس لهم الدفء.
وقفة
[29] ﴿لَعَلَّكُم تَصطَلونَ﴾ الكلمة نفسها توحى بالدف، وأكاد أسمع طقطقة النار وأشم رائحتها.
وقفة
[5-29] إذا أردت أن ترى كيف ترسم خريطة النصر في ميدان الضعف والعجز؛ فاقرأ صدر سورة القصص.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا:
  • الفاء: استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية متعلق بالجواب.
  • ﴿ قَضى مُوسَى:
  • فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. موسى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر وجملة قَضى مُوسَى الْأَجَلَ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وسار: معطوفة بالواو على قَضى» وعلامة بناء الفعل الفتحة الظاهرة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و بِأَهْلِهِ» جار ومجرور متعلق بسار والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى: فحين أدى موسى الميعاد أو المدة التي اشترطها شعيب سار بزوجته.
  • ﴿ آنَسَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى «رأى» أي أبصر.
  • ﴿ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً:
  • جار ومجرور متعلق بآنس. الطور: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. نارا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وجملة آنَسَ» وما تلاها جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها. بمعنى: أبصر من جانب الجبل نارا و الطُّورِ» هو جبل سيناء.
  • ﴿ قالَ لِأَهْلِهِ:
  • بدل من آنَسَ» وتعرب إعرابها. لأهله: جار ومجرور متعلق بقال والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ امْكُثُوا:
  • فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة اُمْكُثُوا» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ إِنِّي آنَسْتُ ناراً:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسم «إن» آنست: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع فاعل. نارا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وجملة آنَسْتُ ناراً» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ لَعَلِّي آتِيكُمْ:
  • تعرب إعراب إِنِّي» آتيكم: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. ويجوز أن تكون آتِيكُمْ» اسما مرفوعا لأنها خبر «لعل» وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل. والكاف ضميرا متصلا في محل جر بالاضافة من اضافة اسم الفاعل إلى مفعوله. وعلى الوجه الأول تكون الجملة الفعلية آتِيكُمْ» في محل رفع خبر «لعل».
  • ﴿ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ:
  • منها: جار ومجرور متعلق بآتيكم. بخبر: جار ومجرور بمقام المفعول الثاني لآتيكم أو حرف عطف للتخيير. جذوة: معطوفة على «خبر» وتعرب مثلها بمعنى آتيكم بخبر عن الطريق لأنه تاه عن الطريق. و جَذْوَةٍ» شعلة أو عود غليظ‍ كانت في رأسه نار أو لم تكن.
  • ﴿ مِنَ النّارِ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من جَذْوَةٍ» و مِنْ» حرف جر بياني.
  • ﴿ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ:
  • حرف مشبه بالفعل من أخوات «ان» يفيد هنا التعليل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تصطلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بمعنى: لكي تستدفئوا وجملة تَصْطَلُونَ» في محل رفع خبر «لعل».'

المتشابهات :

طه: 10﴿إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى
النمل: 7﴿إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ
القصص: 29﴿قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [29] لما قبلها :     ولَمَّا مضت السنوات العشر التي قضاها موسى عليه السلام أجيرًا عند الشيخ الكبير في مَدْيَنَ؛ قرر الرجوع بأهله إلى مصر، ظنًّا منه أن أمرَه قد نُسِي، وفي الطَّريقِ أبصرَ نارًا، فذهبَ ليُحضرَ لأهلِهِ جذوةَ نارٍ، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا قَضَى مُوسَىالْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

جذوة:
1- بفتح الجيم، وهى قراءة عاصم.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة الجمهور.
3- بضمها، وهى قراءة الأعمش، وطلحة، وأبى حيوة، وحمزة.

مدارسة الآية : [30] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ ..

التفسير :

[30] فلما أتى موسى النار ناداه الله من جانب الوادي الأيمن لموسى في البقعة المباركة من جانب الشجرة:أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين،

فلما أتاها نودي{ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} فأخبر بألوهيته وربوبيته، ويلزم من ذلك، أن يأمره بعبادته، وتألهه، كما صرح به في الآية الأخرى{ فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}

ثم بين- سبحانه-: ما حدث لموسى بعد أن وصل إلى الجهة التي فيها النار فقال- تعالى-: فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ، أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.

والضمير في «أتاها» ، يعود إلى النار التي رآها. وشاطئ الوادي: جانبه، والأيمن:

صفته.

أى: فحين أتى موسى- عليه السلام- إلى النار التي أبصرها، نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ أى سمع نداء من الجانب الأيمن بالنسبة له، أى: لموسى وهو يسير إلى النار التي رآها، فمن لابتداء الغاية.

ويرى بعضهم أن المراد بالأيمن. أى: المبارك، مأخوذ من اليمن بمعنى البركة.

وقوله: فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ متعلق بقوله نُودِيَ أو بمحذوف حال من الشاطئ.

وقوله: مِنَ الشَّجَرَةِ بدل اشتمال من شاطئ الوادي، فإنه كان مشتملا عليها.

والبقعة: اسم للقطعة من الأرض التي تكون غير هيئة القطعة المجاورة لها وجمعها بقع- بضم الباء وفتح القاف- وبقاع.

ووصفت بالبركة: لما وقع فيها من التكليم والرسالة لموسى، وإظهار المعجزات والآيات على يديه.

أى: فلما اقترب موسى من النار، نودي من ذلك المكان الطيب، الكائن على يمينه وهو يسير إليها. والمشتمل على البقعة المباركة من ناحية الشجرة.

ولعل التنصيص على الشجرة، للإشارة إلى أنها كانت الوحيدة في ذلك المكان.

وأَنْ في قوله- تعالى-: أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ تفسيرية، لأن النداء قول.

أى: نودي أن يا موسى تنبه وتذكر إنى أنا الله رب العالمين.

قال الإمام ابن كثير: وقوله- تعالى-: أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ أى:

الذي يخاطبك ويكلمك هو رب العالمين، الفعال لما يشاء لا إله غيره. ولا رب سواه، تعالى وتقدس وتنزه عن مماثلة المخلوقات في ذاته وصفاته وأقواله- سبحانه- .

قال الله تعالى : ( فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن ) أي : من جانب الوادي مما يلي الجبل عن يمينه من ناحية الغرب ، كما قال تعالى : ( وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر ) ، فهذا مما يرشد إلى أن موسى قصد النار إلى جهة القبلة ، والجبل الغربي عن يمينه ، والنار وجدها تضطرم في شجرة خضراء في لحف الجبل مما يلي الوادي ، فوقف باهتا في أمرها ، فناداه ربه : ( من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة ) .

قال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : رأيت الشجرة التي نودي منها موسى ، عليه السلام ، سمرة خضراء ترف . إسناده مقارب .

وقال محمد بن إسحاق ، عن بعض من لا يتهم ، عن وهب بن منبه قال : شجرة من العليق ، وبعض أهل الكتاب يقول : من العوسج .

وقال قتادة : هي من العوسج ، وعصاه من العوسج . وقوله تعالى : ( أن ياموسى إني أنا الله رب العالمين ) أي : الذي يخاطبك ويكلمك هو رب العالمين ، الفعال لما يشاء ، لا إله غيره ، ولا رب سواه ، تعالى وتقدس وتنزه عن مماثلة المخلوقات في ذاته وصفاته ، وأقواله وأفعاله سبحانه !

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30)

يقول تعالى ذكره: فلما أتى موسى النار التي آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ ( نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأيْمَن ) يعني بالشاطئ: الشط, وهو جانب الوادي وعدوته, والشاطئ يجمع شواطئ وشطآن. والشطّ: الشُّطوطَ، والأيمن: نعت من الشاطئ عن يمين موسى.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأيْمَن ) قال ابن عمرو في حديثه: عند الطور. وقال الحارث في حديثه: من شاطئ الوادي الأيمن عند الطور عن يمين موسى.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأيْمَنِ ) قال: شِقّ الوادي عن يمين موسى عند الطور.

وقوله: ( فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ ) من صلة الشاطئ.

وتأويل الكلام: فلما أتاها نادى الله موسى من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة منه من الشجرة ( أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ).

وقيل: إن معنى قوله: (مِنَ الشَّجَرَةِ): عند الشجرة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: ( فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ) قال: نودي من عند الشجرة (أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ).

وقيل: إن الشجرة التي نادى موسى منها ربه: شجرة عَوْسَج. وقال بعضهم: بل كانت شجرة العُلَّيق.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة, في قوله: ( الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ ) قال: الشجرة عوسج. قال معمر, عن قَتادة: عصا موسى من العَوْسج; والشجرة من العَوْسج.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض من لا يتهم, عن بعض أهل العلم إِنِّي آنَسْتُ نَارًا قال: خرج نحوها, فإذا هي شجرة من العُلَّيق, وبعض أهل الكتاب يقول: هي عَوْسجة.

حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن عمرو بن مرة, عن أبي عبيدة, عن عبد الله قال: رأيت الشجرة التي نودي منها موسى عليه السلام, شجرة سَمْراء خضراء ترفّ.

التدبر :

وقفة
[30] ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ وصف (رَبُّ الْعَالَمِينَ) يدل على أن جميع الخلائق مسخرة له؛ ليثبت بذلك قلب موسى من هول تلقي الرسالة.
وقفة
[30] ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ الأحداث المهة تُحفظ أماكنها بدقَّة.
وقفة
[30] ﴿فَلَمّا أَتاها نودِيَ مِن شاطِئِ الوادِ الأَيمَنِ فِي البُقعَةِ المُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يا موسى إِنّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ العالَمينَ﴾ المرفأ والأمان والتيمن والبركة واخضرار الشجرة كلها أمور مباركات.
وقفة
[30] ﴿أَن يا موسى﴾ فيها رهبة وهيبة وخشوع وافتقار ولفت انتباه وتودد وتحبب وتقرب وإيناس ورفق ولين، هو الإعجاز فى الإيجاز، سبحانه جل شأنه.
وقفة
[30] ﴿أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ تكليم الله لموسى عليه السلام ثابت على الحقيقة.
وقفة
[30] ﴿إِنّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ العالَمينَ﴾ ألوهية وربوبية.
وقفة
[30] هل خطر على قلبه حين خرج من المدينة ﴿خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ [18]، أن الله جل وعلا سيكلمه بعد عشر سنين ﴿يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا أَتاها:
  • تعرب اعراب فَلَمّا قَضى» الواردة في الآية السابقة. الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى فحين أتى موسى النار.
  • ﴿ نُودِيَ مِنْ شاطِئِ:
  • فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. من شاطئ: جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل للفعل نُودِيَ» بمعنى: سمع مناديا من شاطئ .. أو يكون نائب الفاعل هو المصدر المؤول من أَنْ» يا موسى .. وما بعدها. وتكون مِنْ» لابتداء الغاية. و مِنْ شاطِئِ» متعلقا بنودي.
  • ﴿ الوادِ الْأَيْمَنِ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها. الايمن: صفة-نعت-للوادي مجرورة مثلها وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من الوادي. المباركة: صفة-نعت-للبقعة مجرورة مثلها. وعلامة جرها الكسرة.
  • ﴿ مِنَ الشَّجَرَةِ:
  • جار ومجرور بدل من شاطِئِ الْاادِ» بدل اشتمال. لأن الشجرة كانت ثابتة على الشاطئ في شجرة الزيتون. و مِنْ» لابتداء الغاية أيضا أي أتاه النداء من شاطئ الوادي من قبل الشجرة.
  • ﴿ أَنْ يا مُوسى إِنِّي:
  • ان: مخففة من أَنْ» الثقيلة وهي حرف مشبه بالفعل. واسمه ضمير شأن مستتر تقديره: أنه. يا: أداة نداء. موسى: منادى مبني على الضم المقدر على الألف للتعذر في محل نصب. إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل في محل نصب اسمها و أَنْ» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع خبر أَنْ» المخففة.
  • ﴿ أَنَا اللهُ:
  • أنا: ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب توكيد لضمير المتكلم في إِنِّي» الله لفظ‍ الجلالة: خبر أَنْ» مرفوع للتعظيم بالضمة. أو يكون أَنَا» في محل رفع مبتدأ. ولفظ‍ الجلالة خبره. والجملة الاسمية أَنَا اللهُ» في محل رفع خبر أَنْ».
  • ﴿ رَبُّ الْعالَمِينَ:
  • خبر ثان للمبتدإ أَنَا» أو بدل من الله ويجوز أن يكون صفة -نعتا-لله مرفوعا مثله بالضمة وهو مضاف. العالمين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

طه: 11﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ
القصص: 30﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [30] لما قبلها :     ولَمَّا وصلَ موسى عليه السلام إلى موضع النار التي أبصرها؛ ناداه ربُّه، وأخبره أن الذي يكلمه هو اللَّهُ رب العالمين، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

البقعة:
وقرئ:
بفتح الباء، وهى قراءة الأشهب العقيلي، ومسلمة.
إنى أنا:
وقرئ:
أنى، بفتح الهمزة، على أن تكون تفسيرية، وهى قراءة فرقة.

مدارسة الآية : [31] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا ..

التفسير :

[31]وأن ألق عصاك، فألقاها موسى، فصارت حية تسعى، فلما رآها موسى تضطرب كأنها جانٌّ من الحيات ولَّى هارباً منها، ولم يلتفت من الخوف، فناداه ربه:يا موسى أقبل إليَّ ولا تَخَفْ؛ إنك من الآمنين من كل مكروه.

{ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} فألقاها{ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ} تسعى سعيا شديدا، ولها سورة مُهِيلة{ كَأَنَّهَا جَانٌّ} ذَكَرُ الحيات العظيم،{ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} أي:يرجع، لاستيلاء الروع على قلبه، فقال اللّه له:{ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} وهذا أبلغ ما يكون في التأمين، وعدم الخوف.

فإن قوله:{ أَقْبِلْ} يقتضي الأمر بإقباله، ويجب عليه الامتثال، ولكن قد يكون إقباله، وهو لم يزل في الأمر المخوف، فقال:{ وَلَا تَخَفْ} أمر له بشيئين، إقباله، وأن لا يكون في قلبه خوف، ولكن يبقى احتمال، وهو أنه قد يقبل وهو غير خائف، ولكن لا تحصل له الوقاية والأمن من المكروه، فقال:{ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} فحينئذ اندفع المحذور من جميع الوجوه، فأقبل موسى عليه السلام غير خائف ولا مرعوب، بل مطمئنا، واثقا بخبر ربه، قد ازداد إيمانه، وتم يقينه، فهذه آية، أراه اللّه إياها قبل ذهابه إلى فرعون، ليكون على يقين تام، فيكون أجرأ له، وأقوى وأصلب.

«قوله- سبحانه-: وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ معطوف على قوله أَنْ يا مُوسى فكلاهما مفسر للنداء، والفاء في قوله فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ فصيحة.

والمعنى: نودي أن يا موسى إنى أنا الله رب العالمين، ونودي أن ألق عصاك، فألقاها.

فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ أى تضطرب بسرعة كَأَنَّها جَانٌّ أى: كأنها في سرعة حركتها وشدة اضطرابها جَانٌّ أى: ثعبان يدب بسرعة ويمرق في خفة ولى مدبرا ولم يعقب. أى: ولى هاربا خوفا منها، دون أن يفكر في العودة إليها. ليتبين ماذا بها، وليتأمل ما حدث لها.

يقال: عقب المقاتل إذا كر راجعا إلى خصمه، بعد أن فر من أمامه.

وهنا جاءه النداء مرة أخرى، في قوله- تعالى-: يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ.

أى: يا موسى أقبل نحو المكان الذي كنت فيه، ولا تخف مما رأيته، إنك من عبادنا الآمنين عندنا، المختارين لحمل رسالتنا.

وقوله : ( وأن ألق عصاك ) أي : التي في يدك . كما قرره على ذلك في قوله : ( وما تلك بيمينك ياموسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ) [ طه : 17 ، 18 ] . والمعنى : أما هذه عصاك التي تعرفها ألقها ( فألقاها فإذا هي حية تسعى ) فعرف وتحقق أن الذي يخاطبه ويكلمه هو الذي يقول للشيء : كن ، فيكون . كما تقدم بيان ذلك في سورة " طه " .

وقال هاهنا : ( فلما رآها تهتز ) أي : تضطرب ( كأنها جان ) أي : في حركتها السريعة مع عظم خلق قوائمها واتساع فمها ، واصطكاك أنيابها وأضراسها ، بحيث لا تمر بصخرة إلا ابتلعتها ، فتنحدر في فيها تتقعقع ، كأنها حادرة في واد . فعند ذلك ( ولى مدبرا ولم يعقب ) أي : ولم يكن يلتفت ; لأن طبع البشرية ينفر من ذلك . فلما قال الله له : ( يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين ) ، رجع فوقف في مقامه الأول .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ (31)

يقول تعالى ذكره: نودي موسى: أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فألقاها موسى, فصارت حية تسعى.

( فَلَمَّا رَآهَا ) موسى ( تَهْتَزُّ )يقول: تتحرك وتضطرب ( كَأَنَّهَا جَانٌّ ) والجانّ واحد الجِنّان, وهي نوع معروف من أنواع الحيات, وهي منها عظام. ومعنى الكلام: كأنها جانّ من الحيات ( وَلَّى مُدْبِرًا ) يقول: ولى موسى هاربا منها.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( وَلَّى مُدْبِرًا ) فارا منها، ( وَلَمْ يُعَقِّبْ ) يقول: ولم يرجع على عقبه.

وقد ذكرنا الرواية في ذلك, وما قاله أهل التأويل فيما مضى, فكرهنا إعادته, غير أنا نذكر في ذلك بعض ما لم نذكره هنالك.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( وَلَمْ يُعَقِّبْ ) يقول: ولم يعقب, أي لم يلتفت من الفرق.

حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي ( وَلَمْ يُعَقِّبْ ) يقول: لم ينتظر.

وقوله: ( يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ ) يقول تعالى ذكره: فنودي موسى: يا موسى أقبل إليّ ولا تخف من الذي تهرب منه ( إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ ) من أن يضرّك, إنما هو عصاك.

التدبر :

وقفة
[31] ﴿وَأَن أَلقِ عَصاكَ﴾ لا تدرى من أين يأتيك المدد.
وقفة
[31] هذه آية أراها الله لموسي قبل لقاء فرعون ليكون يقينه أقوى، ويصبح أجرأ في مواجهته وأقوى وأصلب، ثم وعده بالأمن، فاندفع موسى غير خائف ولا وجل، مطمئنًّا واثقًا بوعد ربه.
وقفة
[31] ﴿وَلَّى مُدْبِرًا﴾، و﴿ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ [التوبة: 25] التولية والإدبار بمعنيين مختلفين: فالتولية أن يولي الشيء ظهره، والإدبار أن يهرب منه، فما كل مولٍّ مدبر، وكل مدبر مولٍّ.
وقفة
[31] ﴿فَلَمّا رَآها تَهتَزُّ كَأَنَّها جانٌّ﴾ اللامعقول وغير المنطقى بالنسبة للإنسان غالبًا يحتسبه من المس أو كائنات مخيفة.
وقفة
[31] ﴿يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ﴾ وذلك الخوف من أقوى الدلائل على صدقه في النبوة؛ لأن الساحر يعلم أن الذي أتي به تمويه فلا يخافه ألبتة.
وقفة
[31] ﴿يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ﴾ من كان بكنف الله فهو آمن، ومن كان بحفظ الله فهو المحفوظ، ومن كان بحماية الله فأي خوف سيصله!
وقفة
[31] ﴿يا موسى أَقبِل وَلا تَخَف إِنَّكَ مِنَ الآمِنينَ﴾ ولله المثل الأعلى، فالصغير يطمئن وتهدأ نفسه إن خاف من شئ وطمأنه والده، فكيف بمن يبلغه بالأمن والطمأنة هو رب العزة تبارك وتعالى!
وقفة
[31] ﴿أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾ كل المخاوف تزول إذا كان الأمان من الله.
وقفة
[31] ﴿أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾ أوامر الله أمان، أقبل ولا تخف، مصلحتك فيها.
وقفة
[31] ﴿أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾ احتضن كل المخاوف والمخاطر حين يكون الله معك.
وقفة
[31] ﴿أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾ الإقبال على الله بفعل الطاعات والقربات سبب في الأمن وتفريج الكربات.
وقفة
[31] أيها الخائف من تحكيم شرع ربك ﴿أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾.
وقفة
[31] ‏أيها الراجي عفو مولاه إن لاح لقلبك لحظات إخبات ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ﴾ [طه: 12]، و﴿أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ﴾، وخض غمار السعادة الحقيقية لتكون ﴿إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ
  • هذه الآية الكريمة أعربت في الآية العاشرة من سورة النمل، .أقبل: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب اسم أَنْ» من الآمنين: جار ومجرور متعلق بخبر أَنْ» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

النمل: 10﴿وَ أَلْقِ عَصَاكَ ۚ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ
القصص: 31﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [31] لما قبلها :     وبعد أن ناداه ربُّه أنه هو اللَّهُ ربُّ العالَمين؛ ناداه أن يرمي عصاه من يده على الأرض؛ ليُرِيَه دليلًا على أنه اللَّهُ ربُّ العالَمين، قال تعالى:
﴿ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [32] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ ..

التفسير :

[32] أدخل يدك في فتحة قميصك المفتوحة إلى الصَّدر، وأخرِجْها تخرج بيضاء كالثلج مِن غير مرض ولا برص، واضمم إليك يدك لتأمن من الخوف، فهاتان اللتان أريتُكَهما يا موسى:مِن تحوُّل العصا حية، وجَعْلِ يدك بيضاء تلمع من غير مرض ولا برص، آيتان من ربك إلى فرعون وأش

ثم أراه الآية الأخرى فقال:{ اسْلُكْ يَدَكَ} أي:أدخلها{ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} فسلكها وأخرجها، كما ذكر اللّه تعالى.

{ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} أي ضم جناحك وهو عضدك إلى جنبك يزول عنك الرهب والخوف.{ فَذَانِكَ} انقلاب العصا حية، وخروج اليد بيضاء من غير سوء{ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ} أي:حجتان قاطعتان من اللّه،{ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} فلا يكفيهم مجرد الإنذار وأمر الرسول إياهم، بل لا بد من الآيات الباهرة، إن نفعت.

ثم أمره- سبحانه- بأمر آخر فقال: اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ...

ولفظ اسْلُكْ من السلك- بتشديد السين مع الفتح- بمعنى إدخال الشيء في الشيء.

أى: أدخل يدك يا موسى في فتحة ثوبك، تخرج بيضاء من غير سوء مرض أو عيب وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ والجناح: اليد، والرهب: الخوف والفزع.

والمقصود بالجملة الكريمة وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ إرشاد موسى إلى ما يدخل الطمأنينة على قلبه، ويزيل خوفه.

والمعنى: افعل يا موسى ما أمرناك به، فإذا أفزعك أمر يدك وما تراه من بياضها وشعاعها، فأدخلها في فتحة ثوبك، تعد إلى حالتها الأولى.

وإذا انتابك خوف عند معاينة الحية، فاضمم يدك إلى صدرك، يذهب عنك الخوف.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت ما معنى قوله: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ؟

قلت: فيه معنيان، أحدهما: أن موسى- عليه السلام- لما قلب الله العصا حية فزع واضطرب، فاتقاها بيده، كما يفعل الخائف من الشيء، فقيل له: إن اتقاءك بيدك فيه غضاضة- أى منقصة- عند الأعداء فإذا ألقيتها فعند ما تنقلب حية، فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها، ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران: اجتناب ما هو غضاضة عليك، وإظهار معجزة أخرى.

والثاني: أن يراد بضم جناحه إليه، تجلده وضبط نفسه، وتشدده عند انقلاب العصا حية، حتى لا يضطرب ولا يرهب ... .

واسم الإشارة في قوله، فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه.. يعود إلى العصا واليد. والتذكير لمراعاة الخبر وهو بُرْهانانِ والبرهان: الحجة الواضحة النيرة التي تلجم الخصم، وتجعله لا يستطيع معارضتها. أى: فهاتان المعجزتان اللتان أعطيناك إياهما يا موسى، وهما العصا واليد، حجتان واضحتان كائنتان مِنْ رَبِّكَ فاذهب بهما إلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ لكي تبلغهم رسالتنا، وتأمرهم بإخلاص العبادة لنا.

إِنَّهُمْ أى: فرعون وملئه كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ أى: خارجين من الطاعة إلى المعصية. ومن الحق إلى الباطل.

ثم قال الله له : ( اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ) أي : إذا أدخلت يدك في جيب درعك ثم أخرجتها فإنها تخرج تتلألأ كأنها قطعة قمر في لمعان البرق ; ولهذا قال : ( من غير سوء ) أي : من غير برص .

وقوله : ( واضمم إليك جناحك من الرهب ) : قال مجاهد : من الفزع . وقال قتادة : من الرعب . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وابن جرير : مما حصل لك من خوفك من الحية .

والظاهر أن المراد أعم من هذا ، وهو أنه أمر عليه السلام ، إذا خاف من شيء أن يضم إليه جناحه من الرهب ، وهي يده ، فإذا فعل ذلك ذهب عنه ما يجده من الخوف . وربما إذا استعمل أحد ذلك على سبيل الاقتداء فوضع يديه على فؤاده ، فإنه يزول عنه ما يجد ، أو يخف إن شاء الله ، وبه الثقة .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا الربيع بن ثعلب الشيخ الصالح ، أخبرنا أبو إسماعيل المؤدب ، عن عبد الله بن مسلم ، عن مجاهد ، قال : كان موسى عليه السلام ، قد ملئ قلبه رعبا من فرعون ، فكان إذا رآه قال : اللهم إني أدرأ بك في نحره ، وأعوذ بك من شره ، ففرغ الله ما كان في قلب موسى عليه السلام ، وجعله في قلب فرعون ، فكان إذا رآه بال كما يبول الحمار .

وقوله : ( فذانك برهانان من ربك ) يعني : إلقاءه العصا وجعلها حية تسعى ، وإدخاله يده في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء - دليلان قاطعان واضحان على قدرة الفاعل المختار ، وصحة نبوة من جرى هذا الخارق على يديه ; ولهذا قال : ( إلى فرعون وملئه ) أي : وقومه من الرؤساء والكبراء والأتباع ، ( إنهم كانوا قوما فاسقين ) أي : خارجين عن طاعة الله ، مخالفين لدين الله ، [ والله أعلم ] .

وقوله: ( اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ) يقول: أدخل يدك، وفيه لغتان: سلكته, وأسلكته ( فِي جَيْبِكَ ) يقول: في جيب قميصك.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ): أي في جيب قميصك.

وقد بيَّنا فيما مضى السبب الذي من أجله أُمر أن يدخل يده في الجيب دون الكمّ.

وقوله: ( تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) يقول: تخرج بيضاء من غير برص.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا ابن المفضل, قال: ثنا قرة بن خالد, عن الحسن, في قوله: ( اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) قال: فخرجت كأنها المصباح, فأيقن موسى أنه لقي ربه.

وقوله: ( وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ ) يقول: واضمم إليك يدك.

كما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عباس ( وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ ) قال: يدك.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن ليث, عن مجاهد ( وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ ) قال: وجناحاه: الذراع. والعضد: هو الجناح. والكفّ: اليد, وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ .

وقوله: ( مِنَ الرَّهْبِ ) يقول: من الخوف والفرَق الذي قد نالك من معاينتك ما عاينت من هول الحية.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( مِنَ الرَّهْبِ ) قال: الفرَق.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ ): أي من الرعب.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( مِنَ الرَّهْبِ ) قال: مما دخله من الفرق من الحيّة والخوف, وقال: ذلك الرهب, وقرأ قول الله: وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا قال: خوفا وطمعا.

واختلف القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء أهل الحجاز والبصرة: (مِنَ الرَّهَب) بفتح الراء والهاء. وقرأته عامة قرّاء الكوفة: (مِنَ الرُّهْبِ) بضم الراء وتسكين الهاء, والقول في ذلك أنهما قراءتان متفقتا المعنى مشهورتان في قراء الأمصار, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

وقوله: ( فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ ) يقول تعالى ذكره: فهذان اللذان أريتكهما يا موسى من تحول العصا حية, ويدك وهي سمراء, بيضاء تلمع من غير برص, برهانان: يقول: آيتان وحجتان. وأصل البرهان: البيان, يقال للرجل: يقول القول إذا سئل الحجة عليه: هات برهانك على ما تقول: أي هات تبيان ذلك ومصداقه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي ( فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ ) العصا واليد آيتان.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله ( فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ ) تبيانان من ربك.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق ( فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ ) هذان برهانان.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ ) فقرأ: هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ على ذلك آية نعرفها, وقال: ( برهانان ) آيتان من الله.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (فَذَانِكَ) فقرأته عامة قراء الأمصار, سوى ابن كثير وأبي عمرو: ( فَذَانِكَ ) بتخفيف النون, لأنها نون الاثنين, وقرأه ابن كثير وأبو عمرو: " فَذَانِّكَ" بتشديد النون.

واختلف أهل العربية في وجه تشديدها, فقال بعض نحويي البصرة: ثقل النون من ثقلها للتوكيد, كما أدخلوا اللام في ذلك. وقال بعض نحويي الكوفة: شددت فرقا بينها وبين النون التي تسقط للإضافة, لأن هاتان وهذان لا تضاف. وقال آخر منهم: هو من لغة من قال: هذاآ قال ذلك, فزاد على الألف ألفا, كذا زاد على النون نونا ليفصل بينهما وبين الأسماء المتمكنة, وقال في (ذَانِكَ) إنما كانت ذلك فيمن قال: هذان يا هذا, فكرهوا تثنية الإضافة فأعقبوها باللام, لأن الإضافة تعقب باللام.وكان أبو عمرو يقول: التشديد في النون في (ذَانِكَ) من لغة قريش.

يقول: ( إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ) إلى فرعون وأشراف قومه, حجة عليهم, ودلالة على حقيقة نبوّتك يا موسى ( إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ) يقول: إن فرعون وملأه كانوا قوما كافرين.

التدبر :

وقفة
[32] ﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما: «ليس من أحد يدخله رعب بعد موسى عليه السلام، ثم يدخل يده فيضعها على صدره، إلا ذهب عنه الرعب».
وقفة
[32] ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ﴾ عند الخوف والرهبة ضع يدك على صدرك، لتشعر بالأمان والاطمئنان في أمرك.
وقفة
[32] عند الخوف والرهبة ضع يدك على صدرك لتشعر بالأمان، تلك سنة كليم الرحمن: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ﴾.
عمل
[32] احرص على استحضار الدليل والمثال المناسب في دعوتك ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾.
وقفة
[32] ذو القلب العامر بالإيمان واليقين لا يحتاج براهين، تأملوا لمن البراهين ﴿فَذانِكَ بُرهانانِ مِن رَبِّكَ إِلى فِرعَونَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُم كانوا قَومًا فاسِقينَ﴾.
وقفة
[32] ﴿بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ﴾ المعاند لا تنفع معه كثرة البراهين؛ لأنه يعرف الحق ويرفضه، لكن من عدل الله أن لا يقيم الحد إلا بعد الحجة.
وقفة
[32] ﴿فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ زمرة فرعون واتباعه لن يكونوا أفضل حالًا منه؛ فالأشباه دائمًا يجتمعون والأضداد يتفرقون.

الإعراب :

  • ﴿ اسْلُكْ يَدَكَ:
  • فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. يدك: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فِي جَيْبِكَ:
  • جار ومجرور متعلق باسلك والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل جر بالاضافة. أي ادخل يدك في جيب القميص أي «طوقه».
  • ﴿ تَخْرُجْ بَيْضاءَ:
  • فعل مضارع جواب الطلب مجزوم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. بيضاء: حال منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف لأنه صفة ومذكره «أبيض» على وزن«أفعل» لا تلحق التاء مؤنثه ولانتهائه بألف ممدودة.
  • ﴿ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بمعنى: سالمة من غير آفة. سوء: مضاف اليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ:
  • معطوفة بالواو على اُسْلُكْ يَدَكَ» وتعرب اعرابها وبمعناها. اليك: جار ومجرور متعلق باضمم والمراد بالجناح: اليد. لأن يدي الانسان بمنزلة جناحي الطائر.
  • ﴿ مِنَ الرَّهْبِ:
  • جار ومجرور متعلق باضمم. أي من أجل الرهب أي الخوف. أو متعلق بمفعول لأجله.
  • ﴿ فَذانِكَ:
  • الفاء: استئنافية بمعنى: التعليل. ذانك: مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى «ذا» والكاف للخطاب وقرئ مخففا ومشددا فالمخفف مثنى «ذلك» والمشدد مثنى «ذلك».
  • ﴿ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ:
  • خبر المبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد. من ربك: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من بُرْهانانِ» والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِلى فِرْعَوْنَ:
  • يعرب اعراب مِنْ رَبِّكَ» وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-للعجمة.
  • ﴿ وَمَلائِهِ:
  • معطوفة بالواو على فِرْعَوْنَ» مجرورة أيضا وعلامة الجر الكسرة والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة. بمعنى: فتانك حجتان بينتان نيرتان من ربك الى فرعون وقومه.
  • ﴿ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد التعليل. و«هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «ان» والجملة الفعلية بعدها: في محل رفع خبر «ان» كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. قوما: خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ فاسِقِينَ:
  • صفة-نعت-لقوما منصوبة مثلها وعلامة نصبها الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: خارجين عن الدين.'

المتشابهات :

طه: 22﴿وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَىٰ
القصص: 32﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَٱضۡمُمۡ إِلَيۡكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهۡبِۖ
النمل: 12﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ۖ فِي تِسْعِ آيَاتٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     وبعد أن أراه الآية الأولى (العصا)؛ أراه الآية الثانية (اليد البيضاء)؛ زيادة في الطمأنينة، وبعدَ أن أيَّدَه بالمُعجزاتِ؛ كلفَه بدعوةِ فرعونَ، قال تعالى:
﴿ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الرهب:
قرئ:
1- بفتح الراء والهاء، وهى قراءة الحرميين، وأبى عمرو.
2- بفتح الراء وسكون الهاء، وهى قراءة حفص.
3- بضم الراء وإسكان الهاء، وهى قراءة باقى السبعة.
4- بنصبهما، وهى قراءة قتادة، والحسن، وعيسى، والجحدري.
فذانك:
قرئ:
1- بتشديد النون، وهى قراءة ابن كثير، وأبى عمرو.
2- بتخفيفها، وهى قراءة باقى السبعة.
3- فذانيك، بياء بعد النون مكسورة، وهى لغة هذيل، وقيل: تميم، وبها قرأ ابن مسعود، وعيسى، وابن نوفل، وابن هرمز، وشبل.
4- فذانيك، بياء بعد النون المفتوحة، رواها شبل، عن ابن كثير.
5- بتشديد النون مكسورة بعدها ياء، وهى قراءة ابن مسعود.

مدارسة الآية : [33] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ ..

التفسير :

[33، 34] قال موسى:ربِّ إني قتلت من قوم فرعون نفساً فأخاف أن يقتلوني، وأخي هارون هو أفصح مني نطقاً، فأرسله معي عوناً يصدقني، ويبين لهم عني ما أخاطبهم به، إني أخاف أن يكذبوني في قولي لهم:إني أُرسلت إليهم.

فـ{ قَالَ} موسى عليه السلام.

معتذرا من ربه، وسائلا له المعونة على ما حمله، وذاكرا له الموانع التي فيه، ليزيل ربه ما يحذره منها.{ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا} أي:{ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ{

وهنا تذكر موسى ما كان بينه وبين فرعون وقومه من عداوة، فقال: رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ إذا ذهبت إليهم بهذه الآيات. وهو عليه السلام- لا يقول ذلك، هروبا من تبليغ رسالة الله- تعالى- وإنما ليستعين برعايته- عز وجل- وبحفظه.

عند ما يذهب إلى هؤلاء الأقوام الفاسقين.

لما أمره الله تعالى بالذهاب إلى فرعون ، الذي إنما خرج من ديار مصر فرارا منه وخوفا من سطوته ، ( قال رب إني قتلت منهم نفسا ) يعني : ذلك القبطي ، ( فأخاف أن يقتلون ) أي : إذا رأوني .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33)

يقول تعالى ذكره: ( قال ) موسى: ( رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ ) مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ( نَفْسًا فَأَخَافُ ) إن أتيتهم فلم أُبن عن نفسي بحجة ( أَنْ يَقْتُلُونِ ), لأن في لساني عقدة, ولا أبين معها ما أريد من الكلام.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[33] ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا﴾ لا تجعل السنوات تنسيك ما فعلته من هفوات.
وقفة
[33] ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا﴾ هنا تعلل موسی عليه السلام بعلة لا ليترك الرسالة؛ ولكن ليعينه الله سبحانه ويثبته، فهو يعترف بالضعف وبالعجز، وأنه محتاج إلى الرب سبحانه ليعينه.
وقفة
[33] ﴿قالَ رَبِّ إِنّي قَتَلتُ مِنهُم نَفسًا فَأَخافُ أَن يَقتُلونِ﴾ صاحب القلب الحي لا ينسى ما اقترفه من ذنب، حتى ولو كان بطريق الخطأ رغم مرور السنين.
وقفة
[33] ﴿قالَ رَبِّ إِنّي قَتَلتُ مِنهُم نَفسًا فَأَخافُ أَن يَقتُلونِ﴾ لم يقل موسى هذا الكلام تهربًا من الأمر، حاشاه إنما ليستعين بالله وبحفظه ورعايته له.
عمل
[33] اشكُ همك وخوفك إلى الله تعالى وحده، متأسيًا بنبي الله موسى في شكواه إلى ربه ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ:
  • أعربت في الآية الكريمة السادسة عشرة.
  • ﴿ مِنْهُمْ نَفْساً:
  • من حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن الجار والمجرور متعلق بقتلت. نفسا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فَأَخافُ:
  • الفاء سببية. اخاف: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.
  • ﴿ أَنْ يَقْتُلُونِ:
  • أن: حرف مصدري ناصب. يقتلون: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. النون نون الوقاية. والياء المحذوفة خطا واختصارا اكتفاء بالكسرة الدالة عليها ضمير المتكلم في محل نصب مفعول به. وجملة يَقْتُلُونِ» صلة أَنْ» المصدرية لا محل لها. و أَنْ» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «أخاف».'

المتشابهات :

الشعراء: 14﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ
القصص: 33﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     ولَمَّا كلَّفَ اللهُ موسى عليه السلام بدعوةِ فرعونَ وقومه؛ أرادَ موسى عليه السلام أن يطمئن على نجاح دعوته من أمرين، يخاف منهما على نجاح دعوته: الأمر الأول: ما كان بينه وبين فرعون وقومه من عداوة؛ فخافَ من الثَّأرِ بسبب قتل القبطي؛ فطلب من اللهِ ما يقوي قلبَه ويزيل خوفَه، قال تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [34] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي ..

التفسير :

[33، 34] قال موسى:ربِّ إني قتلت من قوم فرعون نفساً فأخاف أن يقتلوني، وأخي هارون هو أفصح مني نطقاً، فأرسله معي عوناً يصدقني، ويبين لهم عني ما أخاطبهم به، إني أخاف أن يكذبوني في قولي لهم:إني أُرسلت إليهم.

} وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا} أي:معاونا ومساعدا{ يُصَدِّقُنِي} فإنه مع تضافر الأخبار يقوى الحق

ثم أضاف إلى ذلك قوله: وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً أى هو أقدر منى على المدافعة عن الدعوة وعلى تبيان الحق وتوضيحه.

فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي، إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ والردء: العون والنصير.

يقال: ردأته على عدوه وأردأته، إذا أعنته عليه. وردأت الجدار إذا قويته بما يمنعه من أن ينقض.

أى: فأرسل أخى هارون معى إلى هؤلاء القوم، لكي يساعدني ويعينني على تبليغ رسالتك. ويصدقني فيما سأدعوهم إليه، ويخلفني إذا ما اعتدى على. إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ إذا لم يكن معى أخى هارون يعينني ويصدقني.

والمتأمل في هذا الكلام الذي ساقه الله- تعالى- على لسان موسى- عليه السلام- يرى فيه إخلاصه في تبليغ رسالة ربه، وحرصه على أن يؤتى هذا التبليغ ثماره الطيبة على أكمل صورة، وأحسن وجه.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت تصديق أخيه ما الفائدة فيه؟

قلت: ليس الغرض بتصديقه أن يقول له صدقت، أو يقول للناس صدق أخى، وإنما هو أن يلخص بلسانه الحق، ويبسط القول فيه، ويجادل به الكفار كما يصدق القول بالبرهان.

وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لذلك، لا لقوله: صدقت، فإن سحبان وباقلا يستويان فيه .

( وأخي هارون هو أفصح مني لسانا ) ، وذلك أن موسى ، عليه السلام ، كان في لسانه لثغة ، بسبب ما كان تناول تلك الجمرة ، حين خير بينها وبين التمرة أو الدرة ، فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه ، فحصل فيه شدة في التعبير ; ولهذا قال : ( واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري ) [ طه : 27 - 32 ] أي : يؤنسني فيما أمرتني به من هذا المقام العظيم ، وهو القيام بأعباء النبوة والرسالة إلى هذا الملك المتكبر الجبار العنيد . ولهذا قال : ( وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا [ يصدقني ] ) ، أي : وزيرا ومعينا ومقويا لأمري ، يصدقني فيما أقوله وأخبر به عن الله عز وجل ; لأن خبر اثنين أنجع في النفوس من خبر واحد ; ولهذا قال : ( إني أخاف أن يكذبون ) .

وقال محمد بن إسحاق : ( ردءا يصدقني ) أي : يبين لهم عني ما أكلمهم به ، فإنه يفهم [ عني ] .

( وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا ) يقول: أحسن بيانا عما يريد أن يبينه ( فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا ) يقول: عونا( يُصَدِّقُنِي ): أي يبين لهم عني ما أخاطبهم به. كما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق ( وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ): أي يبين لهم عني ما أكلمهم به, فإنه يفهم ما لا يفهمون. وقيل: إنما سأل موسى ربه يؤيده بأخيه, لأن الاثنين إذا اجتمعا على الخير, كانت النفس إلى تصديقهما, أسكن منها إلى تصديق خبر الواحد.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ) لأن الاثنين أحرى أن يصدّقا من واحد.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ) قال عونا.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: ( رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ): أي عونا.

وقال آخرون: معنى ذلك: كيما يصدقني.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا عبد الله, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس ( رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ) يقول: كي يصدّقني.

حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط , عن السدي ( فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ) يقول: كيما يصدّقني.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ) يقول: كيما يصدّقني. والردء قي كلام العرب: هو العون, يقال منه: قد أردأت فلانا على أمره: أي أكفيته وأعنته.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( يُصَدِّقُنِي ) فقرأته عامة قراء الحجاز والبصرة: " رِدْءًا يُصَدِّقْنِي" بجزم يصدقني. وقرأ عاصم وحمزة: " يَصْدُقُنِي" برفعه, فمن رفعه جعله صلة للردء, بمعنى: فأرسله معي ردءًا من صفته يصدّقني; ومَن جزمه جعله جوابا لقوله:فأرسله, فإنك إذا أرسلته صدّقني على وجه الخبر. والرفع في ذلك أحبّ القراءتين إليّ, لأنه مسألة من موسى ربه أن يرسل أخاه عونا له بهذه الصفة.

وقوله: ( إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ) يقول: إني أخاف أن لا يصدقون على قولي لهم: إني أرسلت إليكم.

التدبر :

وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي﴾ ما أجمل الاعتراف بفضائل ومزايا الآخرين! فهذه هي صفاتُ الأنبياء وإنكارُها من صفاتِ الشَّيطان: ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ﴾ [الأعراف: 12]، فالأوَّل: أُكرِم واستجاب الله لدعواته ونصره، والثَّاني: طرده الله من الجنَّة وأعدَّ له عذابًا عسيرًا.
عمل
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ اترك حظوظ النفس، اعترف بمزايا من حولك.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ من أهم صفات القائد أن يعرف نقاط ضعفه، ويعرف بمن يسدها.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ بعيدًا عن الحسد وقريبًا من الطهر والنقاء، يشير إلى من وهبه الله موهبة أن يشاركه.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ في غيابك يعدد محاسنَك أصحابُ النفوس الطاهرة الجميلة.
عمل
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ اعترافك بتفوق غيرك يساهم في كمالك، فالذي ينقصك يكمله الطرف الآخر، والذي ينقص الطرف الآخر تكمله أنت.
عمل
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ اكتشف الصفات الإيجابية في إخوتك؛ لتتعاون معهم على متاعب الحياة.
عمل
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ اعرِفْ قَدرك.
اسقاط
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ الداعية يعترف بمواهب إخوانه الدعاة ويَذكرها، لا مكان لحظوظ النفس هـنا.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ أهمية الفصاحة بالنسبة للدعاة.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ فيه إشارة إلى أهمية العناية بالجانب البياني والإعلامي في باب دعوة الآخرين، مسلمين أو غيرهم، وأنه لا يكفي مجرد صدق الداعي، بل يحسن مع ذلك أن يهتم بكل وسيلة تكون سببًا في إبلاغ دعوته، والتأثير بها.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ بعيدًا عن الحسد، وقريبًا من الطهر والنقاء، يشير إلى من وهبه الله موهبة ليشاركه في سبيل نجاح الدعوة.
عمل
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ قَدِّم المتميِّز مهما كان منصبك، ولا يدفعنَّك الكِبر والأنانية إلى تهميش قدرات من حولك.
اسقاط
[34] ﴿وَأَخي هارونُ هُوَ أَفصَحُ مِنّي لِسانًا﴾ لا يقلل من شأنك أبدًا أن تمدح فى غيرك صفات ليست فيك، بل بالعكس هذا إنما دل فإنه يدل على حس مرهف وأخلاق راقية.
عمل
[34] عوِّد نفسك الاعتراف بمواهب غيرك، أرقى لنفسك وأسلم لقلبك ﴿وأخي هارون هو أفصح مني لسانًا﴾.
عمل
[34] من النبل أن تعترف بفضل صديقك أو منافسك ولو في بعض الخصال ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾.
وقفة
[34] لو كانت الفصاحة محمودة في المقال دون الفعال؛ لكان هارون أولى بالرسالة من موسى ﷺ ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾.
وقفة
[34] الاعتراف بمزايا الآخرين من مزايا الأنبياء والمرسلين: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾، وإنكارها من صفات إبليس والشياطين: ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾ [الأعراف: 12].
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ وإنما عيَّنه ولم يسأل مؤيدًا ما لعلمه بأمانته، وإخلاصه لله ولأخيه، وعلمه بفصاحة لسانه.
عمل
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ استعن بمن يُعينكَ على القيامِ بدعوتِك ممَّن يملكُ المواصفاتِ المناسبةِ.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ ذكر مزايا الآخرين وطلب الخير لهم لا يصدر إلا من نفس كبيرة، وأجره عظيم، ومضاد للحسد.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ لم يحسد أخاه، ولم يقلل من قدرات أخيه ليستأثر بالخير لنفسه؛ نفوس كبيرة استحقت شرف النبوة.
عمل
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ سبيل نجاحك في كل أمورك: اعرف إمكاناتك وكمل جوانب النقص فيها.
وقفة
[34] مهما بلغت من العلم والمعرفة فإنك محتاج إلى الاستفادة من غيرك؛ فإن موسى ﷺ وهو رسول قد قال: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ كان في لسان موسى لثغة ؛ بسبب تناول الجمرة حين خُيِّر بينها وبين التمرة ، فأخذ الجمرة.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ حاجة الداعي إلى الله إلى من يؤازره.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ الوظائف الدينية والمراتب المحصلة عن طريق الشرع لا تتزاحم.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ فتظافر المخبرين يقوّي الخبر.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ الداعية يُكَمِّل أخاه الداعية، يعترف بمواهبه وقدراته، لا حسد أقران هنا.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ العظماء يكتشفون أنفسهم ويعترفون بقدراتهم ويطلبون المساعدة، «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ» [مسلم 2363]، تطابق الذات والدور.
وقفة
[34] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾ اعترافك بمزايا الآخرين لا يُنقص من قدرك.
وقفة
[34] ﴿فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا﴾ أي: معاونًا ومساعدًا، ﴿يُصَدِّقُنِي﴾ فإنه مع تضافر الأخبار يقوى الحق، فأجابه الله إلى سؤاله فقال: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ [القصص: 35] أي: نعاونك به ونقويك.
عمل
[34] ﴿فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾ ساعد أحد الدعاة في أمر يحتاجه.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَخِي هارُونُ هُوَ:
  • الواو استئنافية. أخي: مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة المأتي بها من أجل الياء والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة. هارون: عطف بيان لأخي مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف- التنوين-للعجمة. هو: مبتدأ ثان ضمير منفصل-ضمير الغائب في محل رفع.
  • ﴿ أَفْصَحُ:
  • خبر هُوَ» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف-التنوين- لأنه صيغة أفضل وبوزن الفعل. والجملة الاسمية هُوَ أَفْصَحُ» في محل رفع خبر المبتدأ أَخِي» ويجوز أن تكون هُوَ» ضمير فصل أو عماد لا محل لها. وتكون أَفْصَحُ» خبر المبتدأ «أخي».
  • ﴿ مِنِّي لِساناً:
  • جار ومجرور متعلق بأفصح. لسانا: تمييز منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فَأَرْسِلْهُ:
  • الفاء سببية. أرسله: فعل دعاء وتضرع بصيغة سؤال-طلب- مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ مَعِي رِدْءاً:
  • ظرف مكان يدل على المصاحبة متعلق بأرسله منصوب على الظرفية وهو مضاف والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة. ردءا: حال منصوب بالفتحة وهي حال من الضمير الهاء في «أرسله» بمعنى: معينا. من ردأته بمعنى: أعنته.
  • ﴿ يُصَدِّقُنِي:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. النون للوقاية والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية يُصَدِّقُنِي» في محل نصب صفة-نعت- لردء. أو في محل نصب حال من ضمير المتكلم في مَعِي».
  • ﴿ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. اني: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسم أَنْ» والجملة الفعلية أَخافُ» في محل رفع خبر أَنْ».'

المتشابهات :

الشعراء: 12﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ
القصص: 34﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     الأمر الثاني: خاف من التكذيب؛ فطلب من ربِّه أن يعينه على أعباء الرسالة بأخيه هارون عليه السلام، فقال :
﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ردءا:
1- بالهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الدال، وهى قراءة أبى جعفر، ونافع، والمدنيين.
يصدقنى:
1- بضم القاف، وهى قراءة عاصم، وحمزة.
وقرئ:
2- بالإسكان، وهى قراءة باقى السبعة.
3- يصدقونى، والضمير لفرعون وقومه، وهى قراءة أبى، وزيد بن على.
قال ابن خالويه: هذا شاهد لمن جزم.

مدارسة الآية : [35] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ ..

التفسير :

[35] قال الله لموسى:سنقوِّيك بأخيك، ونجعل لكما حجة على فرعون وقومه فلا يصلون إليكما بسوء. أنتما -يا موسى وهارون- ومَن آمن بكما المنتصرون على فرعون وقومه؛ بسبب آياتنا وما دلَّتْ عليه من الحق.

فأجابه اللّه إلى سؤاله فقال:{ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} أي:نعاونك به ونقويك.

ثم أزال عنه محذور القتل، فقال:{ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} أي:تسلطا، وتمكنا من الدعوة، بالحجة، والهيبة الإلهية من عدوهما لهما،{ فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا} وذلك بسبب آياتنا، وما دلت عليه من الحق، وما أزعجت به من باشرها ونظر إليها، فهي التي بها حصل لكما السلطان، واندفع بها عنكم، كيد عدوكم وصارت لكم أبلغ من الجنود، أولي الْعَدَدِ والْعُدَدِ.

{ أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} وهذا وعد لموسى في ذلك الوقت، وهو وحده فريد، وقد رجع إلى بلده، بعد ما كان شريدا، فلم تزل الأحوال تتطور، والأمور تنتقل، حتى أنجز الله له موعوده، ومكنه من العباد والبلاد، وصار له ولأتباعه، الغلبة والظهور.

ثم حكى القرآن بعد ذلك، أن الله- تعالى- قد أجاب لموسى رجاءه فقال: قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ.

شد العضد: كناية عن التقوية له، لأن اليد تشتد وتقوى، بشدة العضد وقوته. وهو من المرفق إلى الكتف.

أى قال- سبحانه- لقد استجبنا لرجائك يا موسى، وسنقويك ونعينك بأخيك وَنَجْعَلُ لَكُما بقدرتنا ومشيئتنا سُلْطاناً أى: حجة وبرهانا وقوة تمنع الظالمين فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بأذى ولا يتغلبان عليكما بحجة.

وقوله بِآياتِنا متعلق بمحذوف. أى: فوضا أمركما إلى، واذهبا إلى فرعون وقومه بآياتنا الدالة على صدقكما.

وقوله- تعالى-: أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ مؤكد لمضمون ما قبله. من تقوية قلب موسى، وتبشيره بالغلبة والنصر على أعدائه.

أى: أجبنا طلبك يا موسى، وسنقويك بأخيك، فسيرا إلى فرعون وقومه، فسنجعل لكما الحجة عليهم. وستكونان أنتما ومن اتبعكما من المؤمنين أصحاب الغلبة والسلطان على فرعون وجنده.

ونفذ موسى وهارون- عليهما السلام- أمر ربهما- عز وجل- فذهبا إلى فرعون ليبلغاه دعوة الحق، وليأمراه بإخلاص العبادة لله- تعالى-.

وتحكى الآيات الكريمة بعد ذلك ما دار بين موسى وبين فرعون وقومه من محاورات ومجادلات، انتهت بانتصار الحق، وهلاك الباطل.. تحكى الآيات كل ذلك فتقول:

فلما سأل ذلك قال الله تعالى : ( سنشد عضدك بأخيك ) أي : سنقوي أمرك ، ونعز جانبك بأخيك ، الذي سألت له أن يكون نبيا معك . كما قال في الآية الأخرى : ( قد أوتيت سؤلك يا موسى ) [ طه : 36 ] ، وقال تعالى : ( ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ) [ مريم : 53 ] . ولهذا قال بعض السلف : ليس أحد أعظم منة على أخيه من موسى على هارون ، عليهما السلام ، فإنه شفع فيه حتى جعله الله نبيا ورسولا معه إلى فرعون وملئه ، ولهذا قال [ الله تعالى ] في حق موسى : ( وكان عند الله وجيها ) [ الأحزاب : 69 ] .

وقوله تعالى : ( ونجعل لكما سلطانا ) أي : حجة قاهرة ، ( فلا يصلون إليكما بآياتنا ) أي : لا سبيل لهم إلى الوصول إلى أذاكما بسبب إبلاغكما آيات الله ، كما قال الله تعالى [ لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - ] : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك [ وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ] والله يعصمك من الناس ) [ المائدة : 67 ] . وقال تعالى : ( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا ) [ الأحزاب : 39 ] ، أي : وكفى بالله ناصرا ومعينا ومؤيدا . ولهذا أخبرهما أن العاقبة لهما ولمن اتبعهما في الدنيا والآخرة ، فقال : ( أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) ، كما قال تعالى : ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ) [ المجادلة : 21 ] ، وقال تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد . يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ غافر : 51 ، 52 ] .

ووجه ابن جرير على أن المعنى : ( ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما ) ، ثم يبتدئ فيقول : ( بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) ، تقديره : أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا .

ولا شك أن هذا المعنى صحيح ، وهو حاصل من التوجيه الأول ، فلا حاجة إلى هذا ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)

يقول تعالى ذكره: قال الله لموسى ( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ ) ; أي نقوّيك ونعينك بأخيك. تقول العرب إذا أعزّ رجل رجلا وأعانه ومنعه ممن أراده بظلم: قد شدّ فلان على عضد فلان, وهو من عاضده على أمره: إذا أعانه, ومنه قول ابن مقبل:

عَاَضدْتُهَــا بِعَتُــودٍ غَـيْرَ مُعْتَلِـثٍ

كَأَنَّــه وَقْـفُ عَـاجٍ بـاتَ مَكْنُونـا (5)

يعني بذلك: قوسا عاضدها بسهم. وفي العضُد لغات أربع: أجودها: العَضُد, ثم العَضْد, ثم العُضُد, والعُضْد. يجمع جميع ذلك على أعضاد.

وقوله: ( وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا ) يقول: ونجعل لكما حجة.

كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم , قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( لَكُمَا سُلْطَانًا ) حجة.

حدثنا القاسم قال: قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.

حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي ( وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا ) والسلطان: الحجة.

وقوله: ( فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ) يقول تعالى ذكره: فلا يصل إليكما فرعون وقومه بسوء.وقوله: ( بِآيَاتِنَا ) يقول تعالى ذكره: ( فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ) فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ( بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ ) فالباء فِي قوله:بآياتنا من صلة غالبون. ومعنى الكلام: أنتما ومن اتبعكما الغالبون فرعون وملآه بآياتنا؛ أي بحجتنا وسلطاننا الذي نجعله لكما.

----------------

الهوامش :

(5) البيت لتميم بن مقبل، قاله المؤلف نقلا عن مجاز القرآن لأبي عبيدة، قال: (سنشد عضدك بأخيك): أي سنقويك به ونعينك به. يقال إذا أعز رجل رجلا ومنعه: قد شد فلان على عضد فلان. وهو من عاضدته على أمره، أي عاونته عليه وآزرته. قال ابن مقبل: "عاضدته.. بات مكنونًا" يعني قوسًا، أي عاضدها بسهم. اه. انظر المصورة (رقم 26059 بجامعة القاهرة) والعتود: السدرة أو الطلحة، ولعل سهم ابن مقبل كان من شجر السدر أو الطلح. والمعتك إما من اعتلث الزند إذا لم يور، فهو حينئذ بكسر اللام، وإما من اعتلث الرجل زندًا: أخذه من شجر لا يدري أيوري أم يصلد. وقال أبو حنيفة: اعتلث زنده إذا اعترض الشجر اعتراضًا، فاتخذه مما وجد والغين لغة عنه أيضًا. وهو حينئذ بفتح اللام. والوقف من العاج: كهيئة السوار، يريد ما في السهم من خطوط سود سمة له كالتي تكون في الوقف من العاج، وقوله: "بات مكنونا" هذه رواية أبي عبيدة، ولعل ما في الأصل تحريف من الناسخ. ومعناه أن السهم قد أعد وهيئ ووضع في الكنانة، وهي جعبة السهام، وبقي فيها إلى أن ركب في القوس.

التدبر :

عمل
[35] ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ إخوانك هم عُدَّتُك للمهمات، فاستكثر من الصادقين منهم، ولا تفرّط فيه.
وقفة
[35] ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ موسى طلب أن يكون هارون ردءًا معه، فجعله الله عضدًا له، فالله يعطى فوق الأمل.
وقفة
[35] ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ أكبر قوة معنوية قد تبث بروحك الإطمئنان عندما تجد أخ صادق يخفف حملك ويكون لك نعم السند.
وقفة
[35] ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ الأخ الصالح حاجة ملحة في المهمات الصعبة.
وقفة
[35] ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ قال بعض السلف: «ليس أحدٌ أعظم منة على أخيه من موسى على هارون عليهما السلام؛ فإنه شفع فيه حتى جعله الله نبيًّا ورسولًا معه إلى فرعون وملإه».
وقفة
[35] ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ هذه وظيفة الأخ الصالح: أن يشد عضدك، وإذا سألته أعطاك، وإن سكت ابتداك، وإن نزلت بك نازلة واساك.
وقفة
[35] ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ أقرب الناس لعونك وشد عضدك: أخوك.
وقفة
[35] ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ الشد هو الربط،. ومن شأن المرء إذا أراد أن يُجهد أحد أعضائه بالعمل ربط عليه لئلا يعتريه فك أو كسر، وقد جعل الله تعالى هارون أخا موسى بمنزلة الرباط الذي يشد به؛ لأن تأييد هارون لأخيه موسى إنما هو في الفصاحة والكلام، فكأنه الرباط الذي يحميه، فالرباط يحمي العضو من الزلل والكسر، وهارون يقوي موسى في إيضاح حجته ويعينه على ذلك.
وقفة
[35] ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾ [11]، ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ في صغره وقفتْ معه أخته، وفي كبره أخوه، وإنْ بلَغتَ مقام النبوة لا غنى لك عن دفء الأخوة.
وقفة
[35] ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾ [11]، ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ في المواقف الصعبة والشدائد ستجد إخوانك وأخواتك هم من تستطيع الإتكاء والإعتماد عليهم.
وقفة
[35] قال الله تعالى مخاطبًا موسى عليه السلام: ﴿قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخيكَ﴾، قل الآن: «اللهم اجعل لنا أصحاب كصحبة هارون لموسى».
وقفة
[35] ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا﴾ أنت بحاجة لأخيك بعد عون ربك في مواجهة من تخشاه.
وقفة
[35] ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ محل العبرة من هذا الجزء من القصة: التنبيه إلى أن الرسالة فيض من الله على من اصطفاه من عباده، وأن رسالة محمد ﷺ كرسالة موسى: جاءته بغتة؛ فنودي محمد في غار جبل حراء كما نودي موسى في جانب جبل الطور، وأنه اعتراه من الخوف مثل ما اعترى موسى، وأن الله ثبته كما ثبت موسى، وأن الله يكفيه أعداءه كما كفى موسى أعداءه.
وقفة
[35] ﴿سنشد عضدك بأخيك﴾ لم يختر الله من اﻷقارب لشد العضد إلا الأخ؛ فاحرص عليه ﻷنك لن تجد شخصًا يشد عضدك مثله، وهذا لا يكون إلا بالتنازل والعفو.
وقفة
[35] قيل في حب الأخ: هو ذلك الجبل الذي أسند عليه نفسي عند الشدائد، كيف لا أحبه ورب الكون قال فيه: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾.
وقفة
[35] بون شاسع بين استعلاء فرعون وجبروته وطغيانه، وضعف قوم موسى ذلتهم وقلة حيلتهم، وبرغم ذلك قال الله عز وجل لموسى وهارون ومن معهما: ﴿بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ أي: بحجتنا، وهذه هي حقيقة الانتصار.
وقفة
[35] ﴿أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ وهذا وعد لموسى في ذلك الوقت، وهو وحده فريد، وقد رجع إلى بلده بعد ما كان شريدًا، فلم تزل الأحوال تتطور، والأمور تنتقل، حتى أنجز الله له موعوده، ومكنه من العباد والبلاد، وصار له ولأتباعه، الغلبة والظهور.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ سَنَشُدُّ:
  • السين: حرف استقبال-تسويف-نشد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.
  • ﴿ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. بأخيك: جار ومجرور متعلق بنشد وعلامة جر الاسم الياء لأنه من الأسماء الخمسة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. بمعنى: سنقويك بأخيك هارون ونعينك. و «العضد» قوام اليد وبشدتها تشتد.
  • ﴿ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً:
  • معطوفة بالواو على «نشد» وتعرب إعرابها. لكما: جار ومجرور متعلق بنجعل و «ما» للتثنية. سلطانا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أي حجة دامغة.
  • ﴿ فَلا يَصِلُونَ:
  • الفاء عاطفة. للتسبيب. لا: نافية لا عمل لها. يصلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ إِلَيْكُما بِآياتِنا:
  • جار ومجرور متعلق بلا يصلون و «ما» علامة التثنية. بآياتنا: جار ومجرور متعلق بمضمر تقديره اذهبا بآياتنا اليهم. أو بنجعل لكم سلطانا: أي نسلطكما بآياتنا. أو متعلق بلا يصلون: أي تمتنعون منهم بآياتنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَنْتُما وَمَنِ:
  • ضمير منفصل-ضمير المخاطبين في محل رفع مبتدأ والألف علامة التثنية. ومن: الواو عاطفة. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع لأنه معطوف على مرفوع.
  • ﴿ اتَّبَعَكُمَا:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها. اتبع: فعل ماض مبني على الفتح. الكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به و «ما» للتثنية. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ الْغالِبُونَ:
  • خبر المبتدأ أَنْتُما» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     ولَمَّا طلب موسى عليه السلام أمرين من ربِّه؛ استجاب اللهُ له الأمرَ الثاني، فقال تعالى: ( قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ) وبعد أن استجابَ اللهُ له الأمر الثاني؛ استجاب له الأمر الأول، فقال تعالى:
﴿ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

عضدك:
وقرئ:
1- بضمتين، وهى قراءة زيد بن على، والحسن.
2- بضم العين، وإسكان الضاد، ورويت عن الحسن أيضا.
3- بفتح العين وكسر الضاد، ورويت عن بعضهم.
4- بفتحهما، وقرأ بها عيسى.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف