47134353637383940

الإحصائيات

سورة غافر
ترتيب المصحف40ترتيب النزول60
التصنيفمكيّةعدد الصفحات9.80
عدد الآيات85عدد الأجزاء0.47
عدد الأحزاب0.95عدد الأرباع3.80
ترتيب الطول21تبدأ في الجزء24
تنتهي في الجزء24عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 21/29الحواميم: 1/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (34) الى الآية رقم (35) عدد الآيات (2)

وأخيرًا ذَكَّرَهُم بما فَعَلَ آباؤُهُم الأولُونَ معَ يوسفَ عليه السلام من تكذيبِ رسالتِه ورسالةِ من بعدَه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (36) الى الآية رقم (40) عدد الآيات (5)

فرعونُ يأمرُ وزيرَهُ هَامَانَ ببناءِ قصرٍ عالٍ ليصعدَ عليه ليرى إلهَ موسى استهزاءً بموسى وإنكارًا لرسالتِه، ثُمَّ متابعةُ الرجلِ المؤمنِ دعوةَ قومِه لاتِّباعِه وعدمِ الاغترارِ بالدُّنيا.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة غافر

أهمية الدعوة إلى الله وتفويض الأمر لله/ غافر الذنب لمن آمن وشديد العقاب لمن كفر

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • ما علاقة الدعوة بتفويض الأمر إلى الله؟:   إن الداعي إلى الله تعالى سيواجه مشاكل ومصاعب خلال دعوته، فإذا أردت أخي المسلم أن تختار طريق الدعوة إلى الله، طريق أنبياء الله تعالى، فاعلم أن هناك عقبات كثيرة فيه، وعليك أن تفوض الأمر كله لله وتتوكل عليه. لذلك جاء في هذه السورة آية محورية: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَـٰدُ﴾ (51). هذه الآية موجهة إليك أخي المسلم كما هي موجهة للأنبياء: ﴿رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ﴾، وتعدك بالنصر الرباني في الدنيا قبل الآخرة: ﴿فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَـٰدُ﴾، فتوكل على الله، وفوض الأمر إليه.
  • • خير القول وخير العمل::   وسورة غافر تنضم إلى سور كثيرة في القرآن في حثها على أشرف مهمة في التاريخ: الدعوة إلى الله، لأنها طريق الأنبياء والمرسلين، فلا بد أن يحرص الإنسان عليها ويهتم بها، لا بل ينذر حياته كلها لإيصال الخير إلى الناس. والدعوة ليست صعبة، إذ لا يشترط أن يكون المرء (علَّامة) حتى يدعو إلى الله تعالى. حدّث أصدقاءك عن الإسلام وعظمته ورحمته، أو انشر الكتب النافعة التي تعلّم الناس أمور دينهم وتقرّبهم إلى الله، حدّثي رفيقاتك عن الحياء والعفة بأي وسيلة تؤثر في القلب، وليس عليكم النظر إلى النتائج، إذ أن المطلوب منا هو العمل فقط، والله وحده هو الذي يهدي من يشاء.
  • • إني عذت بربي وربكم:   ولأن السورة تحدثنا عن الدعوة وتفويض الأمر إلى الله، فإننا نرى هذه المعاني مرتين في قصة موسى عليه السلام: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِى أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنّى أَخَافُ أَن يُبَدّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِى ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ﴾ (26). وحين وصل الأمر إلى التهديد بالقتل، استمر موسى عليه السلام بالدعوة إلى دين الله تعالى وفوّض أمره إلى الله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ إِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُـمْ مّن كُلّ مُتَكَبّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ﴾ (27).
  • • وأفوض أمري إلى الله::   ونموذج التفويض الثاني، لرجل مؤمن من آل فرعون، كان يكتم إيمانه، لكنه حين رآهم يكيدون لموسى ليقتلوه، قال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبّىَ ٱلله﴾ (28)، فكانت صدمة لفرعون أن يقف رجل من حاشيته ويدافع عن موسى، وكان مؤكدًا عند الجميع أن فرعون سيبطش به، لكن المؤمن الصادق انتقل من الدعوة إلى التفويض: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُـمْ وَأُفَوّضُ أَمْرِى إِلَى ٱلله إِنَّ ٱلله بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ﴾ (44). فماذا حدث بعد ذلك؟: ﴿فَوقَاهُ ٱلله سَيّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ﴾ (45). وكأن المعنى: ادع أيها المسلم إلى الله، ولا تخش في الله لومة لائم، وتوكل على من يحفظك وفوض أمرك إليه، ليحميك من أعدائك، واستعذ دومًا بالله تعالى، كما قال موسى: ﴿إِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُـمْ﴾ (27).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة غافر»، و«‏سورة ‏المؤمن»، و«سورة حم المؤمن».
  • • معنى الاسم ::   غافر: أي ساتر الذنوب ومتجاوز عنها.
  • • سبب التسمية ::   سميت «سورة غافر»؛ لورود هذا اللفظ في أول السورة الآية (3)، وسميت بـ«حم المؤمن»، و«‏سورة ‏المؤمن»؛ ‏لذكر ‏قصة ‏مؤمن ‏آل ‏فرعون، ولم تذكر هذه القصة في سورة أخرى.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   1- سورة «الطَّوْلِ»؛ لورودها في مستهلها (والطَّوْل: أي الفضل والنعمة). 2- «سورة حم الأولى»؛ لأنها السورة الأولى في ترتيب المصحف بين السور الحواميم.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أهمية الدعوة إلى الله وتفويض الأمر إليه.
  • • علمتني السورة ::   أن الله غافر الذنب لمن آمن، وشديد العقاب لمن كفر.
  • • علمتني السورة ::   أن الدعوة ليست صعبة، إذ لا يشترط أن يكون المرء (علَّامة) حتى يدعو إلى الله تعالى.
  • • علمتني السورة ::   أن من رحمة الله تعالى بنا أن السيئة بمثلها والحسنة مضاعفة: ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ عَدُوَّكُمْ غَدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حَم لاَ يُنْصَرُونَ». قال القاضي عياض: «أي علامتُكُمُ التي تَعْرِفُونَ بها أصحابَكم هذا الكلامُ، والشِّعارُ في الأصلِ العلامةُ التي تُنْصَبُ لِيَعْرِفَ بها الرَّجُلُ رُفْقَتَهُ، و(حم لا ينصرون) معناهُ بفضلِ السُّورِ المفتتحةِ بِحم ومنزلَتِها من اللهِ لا يُنْصَرون»، و(سورة غافر) من السور المفتتحة بـ (حم).
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة غافر من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
    • عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: «الْحَوَامِيمَ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ». وديباج القرآن: أي زينته، و(سورة غافر) من الحواميم.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة غافر أول الحواميم أو آل (حم)، وهي سبع سور متتالية، وهي: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وأطلق عليها بعض العلماء: عرائس القرآن، وكلها مكية.
    • هي أكثر سورة يتكرر فيها مشتقات لفظ (الجدال)، حيث تكرر فيها 5 مرات.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن ندعو الناس إلى الله، ولا نخش في الله لومة لائم، ونتوكل عليه، ونفوض أمرنا إليه.
    • أن نحذر الجدال في آيات الله بغير علم: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّـهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ ...﴾ (4). • أن نخلص عبادتنا لله وحده، ولا نشرك به شيئًا: ﴿ذَٰلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّـهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ لِلَّـهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾ (12).
    • أن نراقب الله تعالى في السر والعلن: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ (19).
    • أن نحذر أن يزين لنا الشيطان أعمالنا: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ﴾ (36، 37).
    • أن نستخدم الأسلوب الوعظي المؤثر في دعوتنا إلى الله: ﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ (41).
    • أن نحذر أن نسلم عقولنا لأحد ونتبعه دون علم؛ فإنه سيتبرأ منا يوم القيامة: ﴿... فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا ...﴾ (47، 48).
    • أن نكثر من الأعمال الصالحة استعدادًا للآخرة: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ﴾ (59).
    • أن نجعل الليل راحة لأبداننا والنهار لمعاشنا: ﴿اللَّـهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ (61).
    • أن نبادر بالتوبة، ونحذر من تسويفها: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّـهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ...﴾ (84، 85)، فإذا وقع العذاب لا تقبل التوبة.

تمرين حفظ الصفحة : 471

471

مدارسة الآية : [34] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ ..

التفسير :

[34] ولقد أرسل الله إليكم النبيَّ الكريم يوسف بن يعقوب عليهما السلام من قبل موسى، بالدلائل الواضحة على صدقه، وأمركم بعبادة الله وحده لا شريك له، فما زلتم مرتابين مما جاءكم به في حياته، حتى إذا مات ازداد شككم وشرككم، وقلتم:إن الله لن يرسل من بعده رسولاً،

{ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ} بن يعقوب عليهما السلام{ مِنْ قَبْلُ} إتيان موسى بالبينات الدالة على صدقه، وأمركم بعبادة ربكم وحده لا شريك له،{ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ} في حياته{ حَتَّى إِذَا هَلَكَ} ازداد شككم وشرككم، و{ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} أي:هذا ظنكم الباطل، وحسبانكم الذي لا يليق بالله تعالى، فإنه تعالى لا يترك خلقه سدى، لا يأمرهم وينهاهم، ويرسل إليهم رسله، وظن أن الله لا يرسل رسولا ظن ضلال، ولهذا قال:{ كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ} وهذا هو وصفهم الحقيقي الذي وصفوا به موسى ظلمًا وعلوا، فهم المسرفون بتجاوزهم الحق وعدولهم عنه إلى الضلال، وهم الكذبة، حيث نسبوا ذلك إلى الله، وكذبوا رسوله.

فالذي وصفه السرف والكذب، لا ينفك عنهما، لا يهديه الله، ولا يوفقه للخير، لأنه رد الحق بعد أن وصل إليه وعرفه، فجزاؤه أن يعاقبه الله، بأن يمنعه الهدى، كما قال تعالى:{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}{ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}{ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}

ثم ذكرهم بعد ذلك بما كان من أسلافهم مع أحد أنبيائهم فقال: وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ، حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا.

والذي عليه المحققون أن المراد بيوسف هنا: يوسف بن يعقوب- عليهما السلام- والمراد بمجيئه إليهم: مجيئه إلى آبائهم، إذ بين يوسف وموسى- عليهما السلام- أكثر من أربعة قرون، فالتعبير في الآية الكريمة من باب نسبة أحوال الآباء إلى الأبناء لسيرهم على منوالهم وعلى طريقتهم في الإعراض عن الحق.

أى: ولقد جاء يوسف- عليه السلام- إلى آبائكم من قبل مجيء موسى إليكم، وكان مجيئه إلى آبائكم مصحوبا بالمعجزات والبينات، والآيات الواضحات الدالة على صدقه.

فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ أى: فما زال آباؤكم في شك مما جاءهم به من البينات والهدى، كشأنكم أنتم مع نبيكم موسى- عليه السلام-.

حَتَّى إِذا هَلَكَ أى: مات يوسف- عليه السلام-.

قُلْتُمْ أى: قال آباؤكم الذين أنتم من نسلهم لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا فهم قد كذبوا رسالته في حياته، وكفروا بمن بعده من الرسل بعد موته، لأنهم نفوا أن يكون هناك رسول من بعده.

فأنت ترى أن الرجل المؤمن يحذر قومه من أن يسلكوا مسلك آبائهم، في تكذيب رسل الله، وفي الإعراض عن دعوتهم.

قال ابن كثير: قوله- تعالى-: وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ يعنى: أهل مصر، قد بعث الله فيهم رسولا من قبل موسى، وهو يوسف- عليه السلام-، كان عزيز أهل مصر، وكان رسولا يدعو إلى الله أمته القبط، فما أطاعوه تلك الساعة إلا لمجرد الوزارة.

والجاه الدنيوي. ولهذا قال: فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا أى: يئستم فقلتم طامعين: لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا وذلك لكفرهم وتكذيبهم .

وقوله: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ أى: مثل ذلك الإضلال الفظيع، يضل الله- تعالى- من هو مسرف في ارتكاب الفسوق والعصيان، ومن هو مرتاب في دينه.

شاك في صدق رسوله، لاستيلاء الشيطان والهوى على قلبه.

وقوله : ( ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات ) يعني : أهل مصر ، قد بعث الله فيهم رسولا من قبل موسى ، وهو يوسف - عليه السلام - كان عزيز أهل مصر ، وكان رسولا يدعو إلى الله أمته القبط ، فما أطاعوه تلك الساعة إلا لمجرد الوزارة والجاه الدنيوي ; ولهذا قال : ( فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا ) أي : يئستم فقلتم طامعين : ( لن يبعث الله من بعده رسولا ) وذلك لكفرهم وتكذيبهم ( كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب ) أي : كحالكم هذا .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)

يقول تعالى ذكره: ولقد جاءكم يوسف بن يعقوب يا قوم من قبل موسى بالواضحات من حجج الله.

كما حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ ) قال: قبل موسى.

وقوله: ( فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ ) يقول: فلم تزالوا مرتابين فيما أتاكم به يوسف من عند ربكم غير موقني القلوب بحقيقته ( حَتَّى إِذَا هَلَكَ ) يقول: حتى إذا مات يوسف قلتم أيها القوم: لن يبعث الله من بعد يوسف إليكم رسولا بالدعاء إلى الحقّ( كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ) يقول: هكذا يصد الله عن إصابة الحقّ وقصد السبيل من هو كافر به مرتاب, شاكّ فى حقيقة أخبار رسله.

التدبر :

وقفة
[34] ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ﴾ توسم فيهم قلة جدوى النصح لهم، وأنهم مصممون على تكذيب موسى، فارتقى في موعظتهم إلى اللوم على ما مضى، ولتذكيرهم بأنهم من ذرية قوم كذّبوا يوسف لما جاءهم بالبينات، فتكذيب المرشدين إلى الحق معروفة في أسلافهم، فتكون سجية فيهم.
وقفة
[34] ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ﴾ تكذيبكم كتكذيب آبائكم من قبل، وكأنكم لم ترثوا منهم إلا السيئات، ولم تتعلموا منهم إلا الإعراض عن الآيات.
وقفة
[34] ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ﴾ ما أسفل هذه الهمم! جاءتهم البينات، فقابلوها بالشك والشبهات، وقام يوسف بتنظيم شؤون دنياهم وأنقذهم من مجاعات، فلم تعزم نفوسهم على أن يسألوه إرشادهم في الدين ليفوزوا بنعيم الجنات.
وقفة
[34] سبب تكذيبهم ليوسف وهو الصديق: أنهم انتفعوا به في تدبير أمور دنياهم؛ فانشغلوا بها عن استرشادهم به دينيًا ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ﴾.
وقفة
[34] قال الله عن يوسف عليه السلام في سورة غافر: ﴿حتى إذا هلك قلتم ...﴾ هل يقال للصالحين بعد موتهم أنهم هلكوا ؟ الجواب: نعم؛ لأن أصل الهلاك السقوط، فيقال لمن مات هلك.
تفاعل
[34] ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[34] في الآية بيان أن الضلال عاقبة المسرفين المرتابين، فالإسراف يمنع من محاسبة النفس، والارتياب يضعف عزم القلب عن قبول الحق ﴿كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ جاءَكُمْ:
  • الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. جاء: فعل ماض مبني على الفتح الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة الجمع.
  • ﴿ يُوسُفُ:
  • فاعل مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-لأنه اسم اعجمي.
  • ﴿ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ:
  • حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بجاء. بالبينات: جار ومجرور متعلق بجاءكم. وهي في الأصل صفة-نعت-لموصوف محذوف أي بالآيات البينات. بمعنى بالمعجزات الواضحات فأقيمت الصفة مقام الموصوف.
  • ﴿ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ:
  • الفاء استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. زلتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «زال» والميم علامة جمع الذكور. في شك: جار ومجرور متعلق بخبر «ما زال».
  • ﴿ مِمّا جاءَكُمْ بِهِ:
  • أصلها: من: حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بشك. جاءكم: أعربت.به: جار ومجرور متعلق بجاءكم وجملة جاءَكُمْ بِهِ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ حَتّى إِذا هَلَكَ:
  • حتى: حرف غاية وابتداء. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط‍ خافض لشرطه متعلق بجوابه. هلك: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. بمعنى: قبض او مات. وجملة «هلك» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قُلْتُمْ:
  • الجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل من الاعراب. وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل -ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة الجمع.
  • ﴿ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ:
  • الجملة وما بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول- لن: حرف نفي ونصب واستقبال. يبعث: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة ونصبه الفتحة. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً:
  • جار ومجرور متعلق بيبعث والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. رسولا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ كَذلِكَ:
  • الكاف اسم مبني على الفتح في محل نصب صفة-نعت-لمصدر- مفعول مطلق-محذوف بتقدير: مثل هذا الاضلال يضل الله أي مثل هذا الخذلان المبين يخذل الله. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة. اللام للبعد والكاف حرف خطاب.
  • ﴿ يُضِلُّ اللهُ مَنْ:
  • فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الاسمية بعده: صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ:
  • ضمير منفصل مبني على الفتح في محل مبتدأ.مسرف: خبر «هو» مرفوع بالضمة وحذف الجار صلته. أي من هو أو كل مسرف في عصيانه. مرتاب: خبر «هو» خبر ثان أي خبر بعد خبر وحذفت صلته الجار أي مرتاب بمعنى شاك في دينه.'

المتشابهات :

البقرة: 92﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ
غافر: 34﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا رأى مُؤمِنُ آلِ فِرعَونَ أنَّهم مُصمِّمون على تَكذيبِ مُوسى؛ ارتَقى في مَوعظتِهم إلى اللَّومِ على ما مَضى، فذَكَّرَهُم بما فَعَلَ آباؤُهُم الأولُونَ معَ يوسفَ عليه السلام من تكذيبِ رسالتِه، مع أنه جاء لهم بالدلائل الواضحة التي تدل على صدق رسالته، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [35] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ ..

التفسير :

[35] الذين يخاصمون في آيات الله وحججه لدفعها مِن غير أن يكون لديهم حجة مقبولة، كَبُر ذلك الجدال مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا، كما خَتَم بالضلال وحَجَبَ عن الهدى قلوب هؤلاء المخاصمين، يختم الله على قلب كل مستكبر عن توحيد الله وطاعته، جبار بكثرة ظلمه وعد

ثم ذكر وصف المسرف الكذاب فقال:{ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ} التي بينت الحق من الباطل، وصارت -من ظهورها- بمنزلة الشمس للبصر، فهم يجادلون فيها على وضوحها، ليدفعوها ويبطلوها{ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ} أي:بغير حجة وبرهان، وهذا وصف لازم لكل من جادل في آيات الله، فإنه من المحال أن يجادل بسلطان، لأن الحق لا يعارضه معارض، فلا يمكن أن يعارض بدليل شرعي أو عقلي أصلا،{ كَبُرَ} ذلك القول المتضمن لرد الحق بالباطل{ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا} فالله أشد بغضًا لصاحبه، لأنه تضمن التكذيب بالحق والتصديق بالباطل ونسبته إليه، وهذه أمور يشتد بغض الله لها ولمن اتصف بها، وكذلك عباده المؤمنون يمقتون على ذلك أشد المقت موافقة لربهم، وهؤلاء خواص خلق الله تعالى، فمقتهم دليل على شناعة من مقتوه،{ كَذَلِكَ} أي:كما طبع على قلوب آل فرعون{ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} متكبر في نفسه على الحق برده وعلى الخلق باحتقارهم، جبار بكثرة ظلمه وعدوانه.

ثم بين لهم أن غضب الله- تعالى- شديد، على الذين يجادلون في آياته الدالة على وحدانيته وعلى كمال قدرته، وعلى صدق أنبيائه، بغير حجة أو دليل فقال الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا....

وقوله: الَّذِينَ يُجادِلُونَ ... مبتدأ، وخبره قوله- تعالى-: كَبُرَ مَقْتاً..

والفاعل ضمير يعود إلى الجدال المفهوم من قوله يُجادِلُونَ أى: كبر جدالهم ومَقْتاً تمييز محول عن الفاعل، أى: عظم بغضا جدالهم عند الله وعند المؤمنين.

أى: الذين يجادلون في آيات الله الدالة على وحدانيته، وعلى صدق أنبيائه بغير دليل أو برهان أتاهم من الله- تعالى- عن طريق رسله، هؤلاء الذين يفعلون ذلك، كبر وعظم بغضا جدالهم عند الله- تعالى- وعند الذين آمنوا.

قال الجمل: وهذه الصفة- وهي الجدال بالباطل بدون برهان- موجودة في فرعون وقومه، ويكون الرجل المؤمن قد عدل عن مخاطبتهم إلى الاسم الغائب، لحسن محاورته لهم، واستجلاب قلوبهم. وأبرز ذلك في صورة تذكرهم فلم يخصهم بالخطاب.

وفي قوله: كَبُرَ ضرب من التعجب والاستعظام لجدالهم .

وقوله: كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ أى: مثل ذلك الطبع العجيب، يطبع الله- تعالى- ويختم بالكفر والعمى على قلب كل إنسان متكبر عن الاستماع للحق، متطاول ومتجبر على خلق الله- تعالى- بالعدوان والإيذاء.

ومع هذا النصح الزاخر بالحكم الحكيمة، والتوجيهات السليمة، والإرشادات القويمة من الرجل المؤمن لقومه.. ظل فرعون سادرا في غيه، مصرا على كفره وضلاله.. إلا أن الرجل المؤمن لم ييأس من توجيه النصح بل أخذ يذكر وينذر ويبشر.. ويحكى القرآن الكريم كل ذلك فيقول:

ثم قال : ( الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم ) أي : الذين يدفعون الحق بالباطل ، ويجادلون الحجج بغير دليل وحجة معهم من الله ، فإن الله يمقت على ذلك أشد المقت ; ولهذا قال تعالى : ( كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا ) أي : والمؤمنون أيضا يبغضون من تكون هذه صفته ، فإن من كانت هذه صفته ، يطبع الله على قلبه ، فلا يعرف بعد ذلك معروفا ، ولا ينكر منكرا ; ولهذا قال : ( كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر ) أي : على اتباع الحق ) جبار ) .

وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة - وحكي عن الشعبي - أنهما قالا : لا يكون الإنسان جبارا حتى يقتل نفسين .

وقال أبو عمران الجوني وقتادة : آية الجبابرة القتل بغير حق .

القول في تأويل قوله تعالى : الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل المؤمن من آل فرعون: ( الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ) فقوله " الذين " مردود على " من " في قوله مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ . وتأويل الكلام: كذلك يضلّ الله أهل الإسراف والغلوّ في ضلالهم بكفرهم بالله, واجترائهم على معاصيه, المرتابين في أخبار رسله, الذين يخاصمون في حججه التي أتتهم بها رسله ليدحضوها بالباطل من الحُجَج ( بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ) يقول: بغير حجة أتتهم من عند ربهم يدفعون بها حقيقة الحُجَج التي أتتهم بها الرسل; و " الذين " إذا كان معنى الكلام ما ذكرنا في موضع نصب ردًّا على " مَن ".

وقوله: ( كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ ) يقول: كبر ذلك الجدال الذي يجادلونه في آيات الله مقتا عند الله,( وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا ) بالله; وإنما نصب قوله: ( مَقْتا ) لما في قوله ( كَبُرَ ) من ضمير الجدال, وهو نظير قوله: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ فنصب كلمة من نصبها, لأنه جعل في قوله: ( كَبُرَتْ ) ضمير قولهم: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا وأما من لم يضمر ذلك فإنه رفع الكلمة.

وقوله: ( كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) يقول: كما طبع الله على قلوب المسرفين الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم, كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر على الله أن يوحده, ويصدّق رسله. جبار: يعني متعظم عن اتباع الحقّ.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الأمصار, خلا أبي عمرو بن العلاء, على: ( كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ ) بإضافة القلب إلى المتكبر, بمعنى الخبر عن أن الله طبع على قلوب المتكبرين كلها; ومن كان ذلك قراءته, كان قوله " جبار ". من نعت " متكبر ". وقد روي عن ابن مسعود أنه كان يقرأ ذلك " كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ على قَلْبِ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ".

حدثني بذلك ابن يوسف, قال: ثنا القاسم, قال: ثني حجاج, عن هارون أنه كذلك في حرف ابن مسعود, وهذا الذي ذُكر عن ابن مسعود من قراءته يحقق قراءة من قرأ ذلك بإضافة قلب إلى المتكبر, لأن تقديم " كل " قبل القلب وتأخيرها بعده لا يغير المعنى, بل معنى ذلك في الحالتين واحد. وقد حُكي عن بعض العرب سماعا: هو يرجِّل شعره يوم كلّ جمعة, يعني: كلّ يوم جمعة. وأما أبو عمرو فقرأ ذلك بتنوين القلب وترك إضافته إلى متكبر, وجعل المتكبر والجبار من صفة القلب.

وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه بإضافة القلب إلى المتكبر, لأن التكبر فعل الفاعل بقلبه, كما أن القاتل إذا قتل قتيلا وإن كان قتله بيده, فإن الفعل مضاف إليه, وإنما القلب جارحة من جوارح المتكبر. وإن كان بها التكبر, فإن الفعل إلى فاعله مضاف, نظير الذي قلنا في القتل, وذلك وإن كان كما قلنا, فإن الأخرى غير مدفوعة, لأن العرب لا تمنع أن تقول: بطشت يد فلان, ورأت عيناه كذا, وفهم قلبه, فتضيف الأفعال إلى الجوارح, وإن كانت في الحقيقة لأصحابها.

التدبر :

عمل
[35] ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ﴾ احْذَرْ من الجدالِ بغيرِ علم.
وقفة
[35] الجدال لإبطال الحق وإحقاق الباطل خصلة ذميمة، وهي من صفات أهل الضلال ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾.
وقفة
[35] ﴿الَّذينَ يُجادِلونَ في آياتِ اللَّهِ بِغَيرِ سُلطانٍ أَتاهُم﴾ لابد من التأصيل لأى أمر قبل النقاش فيه؛ لتكون الحجة قوية
وقفة
[35] ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي الذين يدفعون الحق بالباطل ويجادلون الحجج بغير دليل وحجه معهم من الله تعالى فإن الله عز وجل يمقت على ذالك أشد المقت.
وقفة
[35] ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يجادلون بصيغة المضارع لإفادة تجدد مجادلتهم وتكررها، وأنهم لا ينفكون عنها.
وقفة
[35] ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ من أسباب إضلال الله للعبد: كثرة جداله بغير حق.
وقفة
[35] ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ قال الطاهر بن عاشور: «وفي إسناد كراهية الجدال في آيات الله بغير سلطان للمؤمنين تلقين للمؤمنين بالإعراض عن مجادلة المشركين، على نحو ما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾ [القصص: 55]، وقوله: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: ۹۳]، وقوله: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: ۷۲]».
تفاعل
[35] استعذ بالله من الجدال بغير علم ومن مقت الله ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
وقفة
[35] ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ وكذلك عباده المؤمنون يمقتون على ذلك أشد المقت موافقة لربهم، وهؤلاء خواص خلق الله تعالى؛ فمقتهم دليل على شناعة من مقتوه.
تفاعل
[35] ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[35] ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ التكبر والاستعلاء واتباع الهوي من أكبر الحواجز التي تحجز وصول الهداية إلي القلوب.
وقفة
[35] ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ كَمالُ السَّعادَةِ في أمْرَيْنِ: التَّعْظِيمُ لِأمْرِ اللَّهِ، والشَّفَقَةُ عَلى خَلْقِ اللَّهِ، فالتَّكَبُّرُ كالمُضادِّ لِلتَّعْظِيمِ لِأمْرِ اللَّهِ، والجَبَرُوتُ كالمُضادِّ لِلشَّفَقَةِ عَلى خَلْقِ اللَّهِ.
اسقاط
[35] ﴿يَطْبَعُ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ﴾ الكبرُ مانعٌ من الهدايةِ إلى الحقِّ، هل أنت متكبرٌ؟
وقفة
[35] ﴿يَطْبَعُ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ﴾ قلب المتكبر مغلق بقفل مفتاحه ضائع؛ لذا لا سبيل لفتح أبواب قلبه أمام أنوار الهداية.
وقفة
[35] ﴿يَطْبَعُ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ﴾ المتكبر صفة للقلب؛ لأنه الملك، والجوارح جنود، فإذا تمكن الكِبر من القلب، تبعته الجوارح.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ على تأويل حذف المضاف بتقدير: جدال الذين: فأقيم المضاف اليه مقامه. والجملة الفعلية بعده: صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. في آيات: جار ومجرور متعلق بيجادلون. الله:مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ بِغَيْرِ سُلْطانٍ:
  • جار ومجرور متعلق بيجادلون. سلطان: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة أي بغير دليل أو برهان بمعنى بالباطل وعلى المعنى يجوز أن يتعلق الجار والمجرور بحال مقدرة بمعنى: يجادلون في آيات الله باطلين أي غير محقين أو وهم على باطل.
  • ﴿ أَتاهُمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل جر صفة-نعت-لسلطان. أتى فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ كَبُرَ مَقْتاً:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود الى مصدر الفعل المتقدم «يجادلون» أي بتقدير: كبر جدالهم مقتا. مقتا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وجملة كَبُرَ مَقْتاً» في محل رفع خبر «الذين».
  • ﴿ عِنْدَ اللهِ:
  • ظرف مكان متعلق بكبر منصوب على الظرفية. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا:
  • الواو عاطفة. عند: أعربت. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. آمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب
  • ﴿ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ:
  • تعرب اعراب كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ» الواردة في الآية الكريمة السابقة. أي يختم الله.
  • ﴿ عَلى كُلِّ قَلْبِ:
  • جار ومجرور متعلق بيطبع. قلب: مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.
  • ﴿ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ:
  • مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. جبار:صفة-نعت-لمتكبر مجرورة مثلها، ويجوز أن يكون التقدير: على كل ذي قلب متكبر. أي بجعل الصفة لصاحب القلب.'

المتشابهات :

غافر: 35﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا
غافر: 56﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     ولَمَّا ذَمَّ اللهُ كلَّ متجاوز للحق، كثير الشك والارتياب؛ بَيَّنَ هنا ما لِأجْلِهِ بَقُوا في ذَلِكَ الشَّكِّ والإسْرافِ، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

قلب:
وقرئ:
1- بالتنوين، وهى قراءة أبى عمرو بن ذكوان، والأعرج، بخلاف عنه.
2- بالإضافة، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [36] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ ..

التفسير :

[36] وقال فرعون مكذِّباً لموسى في دعوته إلى الإقرار برب العالمين والتسليم له:يا هامان ابْنِ لي بناءً عظيماً؛ لعلِّي أبلغ أبواب السموات.

{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ} معارضًا لموسى ومكذبًا له في دعوته إلى الإقرار برب العالمين، الذي على العرش استوى، وعلى الخلق اعتلى:{ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} أي:بناء عظيمًا مرتفعًا، والقصد منه لعلي أطلع{ إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبًا}

والمراد بالصرح في قوله- تعالى-: وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً ... البناء العالي المكشوف للناس، الذي يرى الناظر من فوقه ما يريد أن يراه، مأخوذ من التصريح بمعنى الكشف والإيضاح.

والأسباب: جمع سبب، وهو كل ما يتوصل به إلى الشيء، والمراد بها هنا: أبواب السماء وطرقها، التي يصل منها إلى ما بداخلها.

يقول تعالى مخبرا عن فرعون ، وعتوه ، وتمرده ، وافترائه في تكذيبه موسى - عليه السلام - أنه أمر وزيره هامان أن يبني له صرحا ، وهو : القصر العالي المنيف الشاهق . وكان اتخاذه من الآجر المضروب من الطين المشوي ، كما قال : ( فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا ) [ القصص : 38 ] ، ولهذا قال إبراهيم النخعي : كانوا يكرهون البناء بالآجر ، وأن يجعلوه في قبورهم . رواه ابن أبي حاتم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ (36)

يقول تعالى ذكره: وقال فرعون لما وعظه المؤمن من آله بما وعظه به وزجره عن قتل موسى نبيّ الله وحذره من بأس الله على قيله أقتله ما حذره لوزيره وزير السوء هامان: ( يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَابَ ) يعني بناء. وقد بيَّنا معنى الصرح فيما مضى بشواهده بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

( لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَابَ ) اختلف أهل التأويل في معنى الأسباب في هذا الموضع, فقال بعضهم: أسباب السماوات: طرقها.

* ذكر من قال ذلك:

التدبر :

وقفة
[36] ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا﴾ الحاشية التي تحيط بالظالم ﻻ تقل ظلمًا عنه، بل وتوازيه بالعقلية ذاتها، فالطيور تحن لأشكالها.
وقفة
[36] ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا﴾ الاقتراحات السخيفة للطغاة تلقى رواجًا كبيرًا عند أتباعهم من أهل النفاق.
وقفة
[36] ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا﴾ لا أقبح من الطغاة إلا من يزين لهم سوء أعمالهم، سواء بالتأييد لهم، أو السكوت عن حماقاتهم.
وقفة
[36] ﴿يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا﴾ بدأ هامان بالبناء ليصل للسماء، تعب الأبدان وضياع الأموال لازم للقرارات الفاشلة.
وقفة
[36، 37] ﴿ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّموَاتِ﴾ أي أبوابها وطرقها، فإن قلتَ: ما فائدةُ التكرار هنا؟ قلتُ: فائدته أنه إذا أبهم ثم أوضح كان تفخيمًا لشأنه، فلما أراد تفخيم ما أمَّلَ بلوغه من أسباب السموات، أبهمها ثم أوضحها.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ فِرْعَوْنُ:
  • الواو عاطفة. قال: فعل ماض مبني على الفتح. فرعون:فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ يا هامانُ:
  • اداة نداء. هامان: اسم مفرد علم مبني على الضم في محل نصب.
  • ﴿ ابْنِ لِي صَرْحاً:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب مفعول به-مقول القول- ابن: فعل أمر مبني على حذف آخره حرف العلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. لي: جار ومجرور متعلق بابن. صرحا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أي بناء عاليا.
  • ﴿ لَعَلِّي:
  • حرف مشبه بالفعل يفيد الرجاء وهو طلب-شأنه شأن التمني هنا- شيء محبوب لا يرجى حصوله لاستحالته او لبعد تحقيقه-والياء ضمير متصل -ضمير المتكلم-في محل نصب اسم-لعل-.
  • ﴿ أَبْلُغُ الْأَسْبابَ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر-لعل-أبلغ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنا. الأسباب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أي الوسائل.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     ولَمَّا قال مُؤمِنُ آلِ فِرعَونَ ما قال؛ استمر فرعون في تكبره وتجبره، وأمر وزيره هامان أن يبنى له قصرًا شامخًا؛ ليصعد به إلى السماء؛ ليطلع إلى إله موسى، ومقصده من ذلك الاستهزاء به ونفى رسالته، قال تعالى :
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [37] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ ..

التفسير :

[37] وما يوصلني إليها، فأنظرَ إلى إله موسى بنفسي، وإني لأظن موسى كاذباً في دعواه أن لنا ربّاً، وأنه فوق السموات، وهكذا زُيِّن لفرعون عمله السيِّئ فرآه حسناً، وصُدَّ عن سبيل الحق؛ بسبب الباطل الذي زُيِّن له، وما احتيال فرعون وتدبيره لإيهام الناس أنه محق، و

{ إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبًا} في دعواه أن لنا ربًا، وأنه فوق السماوات.

ولكنه يريد أن يحتاط فرعون، ويختبر الأمر بنفسه، قال الله تعالى في بيان الذي حمله على هذا القول:{ وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ} فزين له العمل السيئ، فلم يزل الشيطان يزينه، وهو يدعو إليه ويحسنه، حتى رآه حسنًا ودعا إليه وناظر مناظرة المحقين، وهو من أعظم المفسدين،{ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ} الحق، بسبب الباطل الذي زين له.{ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ} الذي أراد أن يكيد به الحق، ويوهم به الناس أنه محق، وأن موسى مبطل{ إِلَّا فِي تَبَابٍ} أي:خسار وبوار، لا يفيده إلا الشقاء في الدنيا والآخرة.

أى: وقال فرعون لوزيره هامان: يا هامان ابن لي بناء ظاهرا عاليا مكشوفا لا يخفى على الناظر وإن كان بعيدا عنه، لعلى عن طريق الصعود على هذا البناء الشاهق أبلغ الأبواب الخاصة بالسموات، فأدخل منها فأنظر الى إله موسى.

والمراد بالظن في قوله وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً اليقين لقوله- تعالى- في آية أخرى:

وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ .

فقوله- كما حكى القرآن عنه-: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي قرينة قوية على أن المراد بالظن في الآيتين: اليقين والجزم، بسبب غروره وطغيانه.

أى: وإنى لأعتقد وأجزم بأن موسى كاذبا في دعواه أن هناك إلها غيرى لكم، وفي دعواه أنه رسول إلينا.

وكرر لفظ الأسباب لأن اللفظ الثاني يدل على الأول، والشيء إذا أبهم ثم أوضح، كان تفخيما لشأنه، فلما أراد تفخيم ما أمل بلوغه من أسباب السموات أبهمها ثم أوضحها.

وقوله: فَأَطَّلِعَ قرأه الجمهور بالرفع عطفا على أَبْلُغُ فيكون في حيز الترجي.

وقرأه بعض القراء السبعة بالنصب فيكون جوابا للأمر في قوله: ابْنِ لِي صَرْحاً ...

ولا شك أن قول فرعون هذا بجانب دلالته على أنه بلغ الغاية في الطغيان والفجور والاستخفاف بالعقول، يدل- أيضا- على شدة خداعه، إذ هو يريد أن يتوصل من وراء هذا القول إلى أنه ليس هناك إله سواه ولو كان هناك إله سواه لشاهده هو وغيره من الناس.

قال الإمام ابن كثير: وذلك لأن فرعون بنى هذا الصرح، الذي لم ير في الدنيا بناء أعلى منه، وإنما أراد بهذا أن يظهر لرعيته تكذيب موسى فيما قاله، من أن هناك إلها غير فرعون.. .

وقال الجمل في حاشيته ما ملخصه: وقول فرعون هذا المقصود منه التلبيس والتمويه والتخليط على قومه توصلا لبقائهم على الكفر، وإلا فهو يعرف حقيقة الإله، وأنه ليس في جهة، ولكنه أراد التلبيس، فكأنه يقول لهم: لو كان إله موسى موجودا لكان له محل، ومحله إما الأرض وإما السماء، ولم نره في الأرض، فيبقى أن يكون في السماء، والسماء لا يتوصل

إليها إلا بسلم.. .

ثم بين- سبحانه- أن مكر فرعون هذا مصيره إلى الخسران فقال: وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ، وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ.

والتباب: الهلاك والخسران، يقال: تب الله- تعالى- فلانا، أى: أهلكه، وتبت يدا فلان، أى: خسرتا ومنه قوله- سبحانه-: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ....

أى: ومثل ذلك التزيين القبيح، زين لفرعون سوء عمله، فرآه حسنا، لفجوره وطغيانه، وصد عن سبيل الهدى والرشاد، لأنه استحب العمى على الهدى. وما كيد فرعون ومكره وتلبيسه واحتياله في إبطال الحق، إلا في هلاك وخسران وانقطاع.

وقوله : ( لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات ) قال سعيد بن جبير ، وأبو صالح : أبواب السماوات . وقيل : طرق السماوات ( فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا ) ، وهذا من كفره وتمرده ، أنه كذب موسى في أن الله - عز وجل - أرسله إليه ، قال الله تعالى : ( وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل ) أي : بصنيعه هذا الذي أراد أن يوهم به الرعية أنه يعمل شيئا يتوصل به إلى تكذيب موسى - عليه السلام - ولهذا قال تعالى : ( وما كيد فرعون إلا في تباب ) قال ابن عباس [ رضي الله عنهما ] ، ومجاهد : يعني إلا في خسار .

حدثنا أحمد بن هشام, قال: ثنا عبد الله بن موسى, عن إسرائيل, عن السديّ, عن أبي صالح ( أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ ) قال: طرق السموات.

حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( أَبْلُغُ الأسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ ) قال: طُرُق السموات.

وقال آخرون: عني بأسباب السموات: أبواب السموات.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا ) وكان أول من بنى بهذا الآجر وطبخه ( لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ ) : أي أبواب السموات.

وقال آخرون: بل عُنِي به مَنـزل السماء.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ ) قال: مَنـزل السماء.

وقد بيَّنا فيما مضى قبل, أن السبب: هو كل ما تسبب به إلى الوصول إلى ما يطلب من حبل وسلم وطريق وغير ذلك.

فأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يقال: معناه لعلي أبلغ من أسباب السموات أسبابا أتسبب بها إلى رؤية إله موسى, طرقا كانت تلك الأسباب منها, أو أبوابا, أو منازل, أو غير ذلك.

وقوله: ( فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى ) اختلف القرّاء في قراءة قوله: ( فَأَطَّلِعَ ) فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار: " فَأَطَّلِعُ" بضم العين: ردًا على قوله: ( أَبْلُغُ الأسْبَابَ ) وعطفا به عليه. وذكر عن حميد الأعرج أنه قرأ ( فَأَطَّلِعَ ) نصبا جوابا للعلي, وقد ذكر الفرّاء أن بعض العرب أنشده:

عَــلَّ صُـرُوفَ الدَّهْـرِ أوْ دُولاتِهـا

يُدِلْنَنـــا اللَّمَّــةَ مِــنْ لَمَّاتِهــا

فَتَسْتَرِيحَ النَّفْسُ مِنْ زَفَرَاتِهَا (1)

فنصب فتستريح على أنها جواب للعلّ.

والقراءة التي لا أستجيز غيرها الرفع في ذلك, لإجماع الحجة من القرّاء عليه.

وقوله: ( وَإِنِّي لأظُنُّهُ كَاذِبًا ) يقول: وإني لأظنّ موسى كاذبا فيما يقول ويدّعي من أن له في السماء ربا أرسله إلينا.

وقوله: ( وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ ) يقول الله تعالى ذكره: وهكذا زين الله لفرعون حين عتا عليه وتمرّد, قبيحَ عمله, حتى سوّلت له نفسه بلوغ أسباب السموات, ليطلع إلى إله موسى.

وقوله: ( وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة: ( وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ) بضم الصاد, على وجه ما لم يُسَمّ فاعله.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ) قال: فُعِل ذلك به, زين له سوء عمله, وصُدَّ عن السبيل.

وقرأ ذلك حميد وأبو عمرو وعامة قرّاء البصرة " وَصَدَّ" بفتح الصاد, بمعنى: وأعرض فرعون عن سبيل الله التي ابتُعث بها موسى استكبارا.

والصواب من القول فى ذلك أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

وقوله: ( وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا فِي تَبَابٍ ) يقول تعالى ذكره: وما احتيال فرعون الذي يحتال للاطلاع إلى إله موسى, إلا في خسار وذهاب مال وغبن, لأنه ذهبت نفقته التي أنفقها على الصرح باطلا ولم ينل بما أنفق شيئا مما أراده, فذلك هو الخسار والتباب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا فِي تَبَابٍ ) يقول: في خُسران.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا,, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( فِي تَبَابٍ ) قال: خسار.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا فِي تَبَابٍ ) : أي في ضلال وخسار.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا فِي تَبَابٍ ) قال: التَّباب والضَّلال واحد.

------------------------

الهوامش:

(1) هذه أبيات من مشطور الرجز . قال الفراء في معاني القرآن ( 228 مصورة الجامعة ) وقوله" لعلي أبلغ الأسباب فأطلع" بالرفع ، يرده على قوله" أبلغ" . ومن جعله جوابا" للعلي" نصبه . وقد قرأ به بعض القراء ، قال : وأنشدني بعض العرب :" عل صروف الدهر .... الأبيات" ، فنصب على الجواب بلعل . والرجز لم يعلم قائله . وعل : لغة في لعل . والدولات : جمع دولة في المال . وبالفتح في الحرب . وقيل هما واحد . ويدلننا : من الإدالة ، وهي الغلبة . والملة ، بالفتح : الشدة . وهي مفعول ثان ليدلننا . والشاهد في" فتستريح" حيث نصب في جواب لعل ، الذي هو أداة الترجي . قاله الفراء . وهو الصحيح ، لثبوت ذلك في القرآن :" لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى" . والزفرات جمع زفرة ، وهي المرة من الزفر ، وهو أن يملأ الرجل صدره هواء ، بالشهيق ، ثم يزفر به أي يخرجه ويرمى به ، وذلك عند الغم الحزن . والأصل : تحريك الفاء في الجمع ، على نحو سجدة وسجدات . وسكن هنا للضرورة

التدبر :

وقفة
[37] ﴿فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ تلبيس فرعون على قومه، قال البقاعي: «وتعليله بالترجي الذي لا يكون إلا في الممكن دليل على أنه كان يُلبّس على قومه وهو يعرف الحق، فإنّ عاقلًا لا يعدّ ما رامه في عداد الممكن العادي».
وقفة
[37] لما قال فرعون بمحضر من مَلَئِه: ﴿فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ﴾؛ اقتضى كلامه الإقرار بــ (إله موسى)، فاستدرك ذلك استدراكًا قلقًا بقوله: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾.
وقفة
[37] ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ لفظ الظن هنا يوحي بالموضوعية، فتظاهر فرعون بأنه جاد، ويبحث بحث متأمل ناظر في الأدلة، للتعرف على حقيقة ما يدعو إليه موسى.
لمسة
[37] وجملة: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ معترضة للاحتراس من أن يظن هامان وقومه أن دعوة موسى أوهنت منه يقينَه بدينه وآلهته، وأنه يروم أن يبحث بحث متأمل ناظر في أدلة المعرفة، فحقق لهم أنه ما أراد بذلك إلا نفي ما ادعاه موسى بدليل الحس.
وقفة
[37] ﴿وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ بدايةُ الهلاكِ أنْ تُزيَّنَ لكَ أعمالُكَ السَّيئةُ فترَاها حسَنَةَ.
وقفة
[37] ﴿وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ أشد عقوبات الله للعبد: التزيين: أن ترى الباطل حقًّا، والشر خيرًا وأهل الحق مبطلين، وأصحاب الباطل محقين.
وقفة
[37] الخطوة الأولية لهلاك الإنسان: أن تزين له أعماله السيئة فيراها حسنة ﴿وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ﴾.
وقفة
[37] ﴿وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ﴾ صد فرعون النَّاس عن طريق الله، فصدَّه الله عن الهداية، فكان جزاؤه جنس عمله.
وقفة
[37] ﴿وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾ كل من كاد مؤمنًا، فكيده إلى ضياع وخسران.
وقفة
[37] ﴿وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾ وسمي كيدًا لأنه عمل ليس المراد به ظاهره، بل أريد به الإِفضاء إلى إيهام قومه كذب موسى عليه السلام.
وقفة
[37] ﴿وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾ وما احتيال فرعون الذي يحتال للاطلاع إلى إله موسى، إلا في خسار وذهاب مال وغبن؛ لأنه ذهبت نفقته التي أنفقها على الصرح باطلًا، ولم ينل بما أنفق شيئًا مما أراده، فذلك هو الخسار والتباب.
وقفة
[37] ﴿وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾ إخفاق حيل الكفار ومكرهم لإبطال الحق.
عمل
[37] كن واثقًا بالله تعالى في نصره وتمكينه لأوليائه، وخذلانه لأعدائه ﴿وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾.
وقفة
[37] القوة تكون في حق أو في باطل، فإن كانت في الحق فإن الله قال: ﴿وإن جندنا لهم الغالبون﴾ [الصافات: 173]، وإن كانت في الباطل فإن الله قال: ﴿وما كيد فرعون إلا في تباب﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَسْبابَ السَّماواتِ:
  • بدل من-الأسباب-في الآية الكريمة السابقة.السموات: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. وفي توضيح «الأسباب» المبهمة بأسباب السموات الموضحة تفخيم لشأنها.
  • ﴿ فَأَطَّلِعَ:
  • الفاء سببية لأنها جواب «لعل» اطلع: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. وجملة «اطلع» صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الإعراب. و «أن» المضمرة وما بعدها: بتأويل مصدر معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق
  • ﴿ إِلى إِلهِ مُوسى:
  • جار ومجرور متعلق باطلع. موسى: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف ومنع من ظهور الحركة التعذر. وفي قوله هذا تهكم بموسى-عليه السلام-.
  • ﴿ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً:
  • الواو: عاطفة. إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد-المزحلقة-أظنه: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول. كاذبا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وجملة «أظنه كاذبا» في محل رفع خبر «إن».
  • ﴿ وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ:
  • الواو: استئنافية. كذلك: أعربت في الآية الكريمة الرابعة والثلاثين. زين: فعل ماضي مبني للمجهول مبني على الفتح. لفرعون: جار ومجرور متعلق بزين وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. بمعنى: زين الشيطان لفرعون.
  • ﴿ سُوءُ عَمَلِهِ:
  • نائب فاعل مرفوع بالضمة. عمله: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ:
  • معطوفة بالواو على «زين» ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي وصد بمعنى: منع أو كف الشيطان فرعون عن سبيل الرشاد. عن السبيل: جار ومجرور متعلق بصد.
  • ﴿ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ:
  • الواو: استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. كيد: مبتدأ مرفوع بالضمة. فرعون: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف.
  • ﴿ إِلاّ فِي تَبابٍ:
  • أداة حصر لا عمل لها. في تباب: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. بمعنى: إلا في خسار وهلاك.'

المتشابهات :

القصص: 38﴿فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ
غافر: 37﴿أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَـ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     وبعد أن أبْهَمَ فرعونُ الأسْبابَ؛ أوْضَحَها هنا، قال تعالى:
﴿ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فأطلع:
قرئ:
1- برفع العين، عطفا على «أبلغ» ، وهى قراءة الجمهور.
2- بنصب العين، وهى قراءة الأعرج، وأبى حيوة، وزيد بن على، والزعفراني، وابن مقسم، وحفص.
زين:
1- مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للفاعل.
صد:
1- مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للفاعل.
3- بفتح الصاد وضم الدال، منونة، عطفا على «سوء عمله» ، وهى قراءة ابن أبى إسحاق، وعبد الرحمن ابن أبى بكرة.

مدارسة الآية : [38] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ ..

التفسير :

[38] وقال الذي آمن معيداً نصيحته لقومه:يا قوم اتبعون أهدكم طريق الرشد والصواب.

{ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ} معيدًا نصيحته لقومه:{ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ} لا كما يقول لكم فرعون، فإنه لا يهديكم إلا طريق الغي والفساد.

ثم حكى القرآن الكريم أن الرجل المؤمن قد تابع حديثه ونصائحه لقومه، بعد أن استمع إلى ما قاله فرعون من باطل وغرور فقال: وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ.. أى: فيما أنصحكم به، وأرشدكم إليه.

أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ أى: اتبعونى فيما نصحتكم به، فإن في اتباعكم لي هدايتكم إلى الطريق الذي كله صلاح وسعادة وسداد. أما اتباعكم لفرعون فيؤدى بكم إلى طريق الغي والضلال.

يقول المؤمن لقومه ممن تمرد وطغى وآثر الحياة الدنيا ، ونسي الجبار الأعلى ، فقال لهم : ( يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد ) لا كما كذب فرعون في قوله : ( وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن المؤمن بالله من آل فرعون ( وَقَالَ الَّذِي آمَنَ ) من قوم فرعون لقومه: ( يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ ) يقول: إن اتبعتموني فقبلتم مني ما أقول لكم, بينت لكم طريق الصواب الذي ترشدون إذا أخذتم فيه وسلكتموه وذلك هو دين الله الذي ابتعث به موسى.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[38] ﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ اتباعكم لي ليس لشخصي؛ بل لدعوتي لكم إلى سبيل الرشاد، فالدعوة إلى مبدأ لا إلى فرد.
وقفة
[38] ﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ تعريض بأن ما عليه فرعون وقومه هو سبيل الغي والضلال.
عمل
[38] ادع إلى الله تعالى أحد الغافلين بحكمة وأسلوب حسن أسوة بصالحي الأمم السابقة ﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ الَّذِي:
  • الواو عاطفة. قال: فعل ماض مبني على الفتح. الذي:اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ آمَنَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:هو. وجملة «آمن» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ:
  • أعربت في الآية الكريمة التاسعة والعشرين. اتبعون: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. النون نون الوقاية لا محل لها. والكسرة دالة على ياء المتكلم المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها. والياء المحذوفة ضمير متصل في محل نصب مفعول به. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ أَهْدِكُمْ:
  • فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب-الأمر-وعلامة جزمه حذف آخره الياء حرف العلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنا والكسرة دالة على الياء المحذوفة. الكاف: ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ سَبِيلَ الرَّشادِ:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الرشاد:مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى: أهدكم إلى سبيل أي طريق السداد فحذف الجار وأوصل الفعل.'

المتشابهات :

آل عمران: 31﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
طه: 90﴿وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَـٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي
غافر: 38﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ
الزخرف: 61﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَ اتَّبِعُونِ ۚ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     ولَمَّا رأى مُؤمِنُ آلِ فِرعَونَ تمادي قومِه في تمردهم وطغيانهم؛ أعاد إليهم النصح مرة أخرى، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الرشاد:
وقرئ:
بشد الشين، وهى قراءة معاذ بن جبل.

مدارسة الآية : [39] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ ..

التفسير :

[39] يا قوم إن هذه الحياة الدنيا حياة يتنعَّم الناس فيها قليلاً، ثم تنقطع وتزول، فينبغي ألا تَرْكَنوا إليها، وإن الدار الآخرة بما فيها من النعيم المقيم هي محل الإقامة التي تستقرون فيها، فينبغي لكم أن تؤثروها، وتعملوا لها العمل الصالح الذي يُسعِدكم فيها.

{ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ} يتمتع بها ويتنعم قليلاً، ثم تنقطع وتضمحل، فلا تغرنكم وتخدعنكم عما خلقتم له{ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} التي هي محل الإقامة، ومنزل السكون والاستقرار، فينبغي لكم أن تؤثروها، وتعملوا لها عملا يسعدكم فيها.

يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ ... أى: هذه الدنيا متاع زائل مهما طالت أيامه..

وَإِنَّ الْآخِرَةَ وحدها هِيَ دارُ الْقَرارِ أى: هي الدار التي فيها البقاء والدوام والخلود.

ثم زهدهم في الدنيا التي [ قد ] آثروها على الأخرى ، وصدتهم عن التصديق برسول الله موسى [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال : ( يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع ) أي : قليلة زائلة فانية عن قريب تذهب [ وتزول ] وتضمحل ، ( وإن الآخرة هي دار القرار ) أي : الدار التي لا زوال لها ، ولا انتقال منها ولا ظعن عنها إلى غيرها ، بل إما نعيم وإما جحيم ، ولهذا قال

يقول: ( إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ ) يقول لقومه: ما هذه الحياة الدنيا العاجلة التي عجلت لكم في هذه الدار إلا متاع تستمتعون بها إلى أجل أنتم بالغوه, ثم تموتون وتزول عنكم ( وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ) يقول: وإن الدار الآخرة, وهي دار القرار التي تستقرّون فيها فلا تموتون ولا تزول عنكم, يقول: فلها فاعملوا, وإياها فاطلبوا.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ) استقرت الجنة بأهلها, واستقرّت النار بأهلها.

التدبر :

وقفة
[39] ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ﴾ أي: يتمتع بها قليلًا، ثم تنقطع وتزول، ﴿وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ أي: الاستقرار والخلود، ومراده بالدار الآخرة: الجنة والنار؛ لأنهما لا يفنيان.
وقفة
[39] ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ قال ابن القيم: «وأما الدنيا فمنقطعة؛ ولذاتها لا تصفو أبدًا ولا تدوم، بخلاف الآخرة فإن لذاتها دائمة، ونعيمها خالص من كل كدر وألم، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مع الخلود أبدًا».
وقفة
[39] ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ قال مطرف: «إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فالتمسوا نعيمًا لا موت فيه».
وقفة
[39] ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ قال أحدهم: «لَوْ كانَتِ الدُّنْيا ذَهَبًا فانِيًا، والآخِرَةُ خَزَفًا باقِيًا، لَكانَتِ الآخِرَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيا، فَكَيْفَ والدُّنْيا خَزَفٌ فانٍ، والآخِرَةُ ذَهَبٌ باقٍ».
وقفة
[39] ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ يا قوم إن هذه الحياة الدنيا حياة يتنعم الناس فيها قليلا ثم تنقطع وتزول فينبغي ألا تركنوا إليها وإن الدارالآخرة بما فيها من النعيم المقيم هي محل الإقامة التي تستقرون فيها فينبغي لكم أن تؤثروها وتعملوا لها العمل الصالح الذي يسعدكم فيها.
وقفة
[39] ﴿وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ وجوب الاستعداد للآخرة، وعدم الانشغال عنها بالدنيا.
عمل
[39] ﴿وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ اجْعَل عملك دومًا ابتغاء مرضَاة الله، فمهما زُيِّنت لك الدُّنيا فإنَّها ذاهبة في سنوات معدودة، والآخرة هي من تدوم معك.
وقفة
[39] ﴿وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دارُ القَرارِ﴾ لنضعها نصب أعيينا فتهن الدنيا فى أنظارنا.
وقفة
[39] من قال أن الدنيا هي دار الراحة والسكينة؟ هناك ﻻ، هنا سيرتاح البال، وتقر العين، وتهدأ النفس، وتسعد الروح ﴿وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ:
  • اعربت في الآية الكريمة التاسعة والعشرين. انما:كافة ومكفوفة. هذه: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ:
  • بدل من اسم الإشارة مرفوع بالضمة. الدنيا:صفة-نعت-للحياة مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة المقدرة على الألف للتعذر. متاع: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.
  • ﴿ وَإِنَّ الْآخِرَةَ:
  • الواو عاطفة. إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.الآخرة: اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ هِيَ دارُ الْقَرارِ:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع خبر «إن» هي ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. دار: خبر «هي» مرفوع بالضمة. القرار:مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. ويجوز أن تكون «هي» ضمير فصل أو عماد لا محل لها وتكون دارُ الْقَرارِ» خبر «إن» بمعنى: إنما هذه الدنيا تمتع يسير وإنّ الآخرة هي دار الاستقرار والبقاء الأبدي.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     وبعد أن دعاهم إلى قبول هذا الدين الذي هو سبيل الخير والرشاد؛ بَيَّنَ لهم هنا حَقارَةَ حالِ الدُّنْيا وكَمالَ حالِ الآخِرَةِ، قال تعالى:
﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [40] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى ..

التفسير :

[40] من عصى الله في حياته وانحرف عن طريق الهدى، فلا يُجْزى في الآخرة إلا عقاباً يساوي معصيته، ومَن أطاع الله وعمل صالحاً بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ذكراً كان أو أنثى، وهو مؤمن بالله موحد له، فأولئك يدخلون الجنة، يرزقهم الله فيها من ثمارها ونعيمها ولذا

{ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً} من شرك أو فسوق أو عصيان{ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} أي:لا يجازى إلا بما يسوؤه ويحزنه لأن جزاء السيئة السوء.

{ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} من أعمال القلوب والجوارح، وأقوال اللسان{ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} أي:يعطون أجرهم بلا حد ولا عد، بل يعطيهم الله ما لا تبلغه أعمالهم.

مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً في هذه الدنيا فَلا يُجْزى في الآخرة إِلَّا مِثْلَها كرما من الله- تعالى- وعدلا.

وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ بالله- تعالى- إيمانا حقا.

فَأُولئِكَ المؤمنون الصادقون يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ أى:

يرزقون فيها رزقا واسعا هنيئا، لا يعلم قدره إلا الله- تعالى-، ولا يحاسبهم عليه محاسب.

فقد تفضل- سبحانه- على عباده. أن يضاعف لهم الحسنات دون السيئات.

( من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ) أي : واحدة مثلها ( ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب ) أي : لا يتقدر بجزاء بل يثيبه الله ثوابا كثيرا لا انقضاء له ولا نفاد .

القول في تأويل قوله تعالى : مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40)

يقول: من عمل بمعصية الله في هذه الحياة الدنيا, فلا يجزيه الله في الآخرة إلا سيئة مثلها, وذلك أن يعاقبه بها;( وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ) يقول: ومن عمل بطاعة الله فى الدنيا, وائتمر لأمره, وانتهى فيها عما نهاه عنه من رجل أو امرأة, وهو مؤمن بالله ( فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ) يقول: فالذين يعملون ذلك من عباد الله يدخلون في الآخرة الجنة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا ) أي شركا," السيئة عند قتادة شرك "( وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا ) , أي خيرا( مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ).

وقوله: ( يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) يقول: يرزقهم الله في الجنة من ثمارها, وما فيها من نعيمها ولذاتها بغير حساب.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) قال: لا والله ما هناكم مكيال ولا ميزان.

التدبر :

وقفة
[40] ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا﴾ السيئة تكتب سيئة واحدة، ومع هذا لا تسجَّل في صحيفتك إلا بعد ست ساعات، تتيح لك فرصة التوبة، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ t عَنْ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ صَاحِبَ الشَّمَالِ لَيَرفَعُ الْقَلَمَ سِتَّ سَاعَاتٍ عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئ أَوْ الْمُسِيء، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللهَ مِنْهَا أَلْقَاهَا، وَإِلاَّ كُتِبَتْ وَاحِدَهً» [الطبرانى 8/185، وحسنه الألباني].
وقفة
[40] ﴿مَن عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجزى إِلّا مِثلَها﴾ وهذا والله يقينًا من رحمة الله بعباده.
وقفة
[40] ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ سئل النخعي عن عمل كذا، ما ثوابه؟ فقال: «إذا قبل لا يُحصى ثوابه».
عمل
[40] اعمل اليومَ عملًا لم تكن قد عملته من قبل، راجيًا من الله سبحانه وتعالى أن يدخلك به الجنة ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.
تفاعل
[40] ﴿فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[40] ﴿يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ في الجنة ﻻ حرمان، كل ما حرمت منه هنا ستجده هناك.

الإعراب :

  • ﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً:
  • اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبره. عمل: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بمن. سيئة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو في الأصل صفة أقيمت مقام موصوف محذوف.التقدير: من عمل فعلة سيئة. وفاعل «عمل» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو.
  • ﴿ فَلا يُجْزى:
  • الجملة جواب شرط‍ مسبوق بنفي مقترن بالفاء في محل جزم بمن. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.لا: نافية لا عمل لها. يجزى: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره: هو.
  • ﴿ إِلاّ مِثْلَها:
  • أداة حصر لا عمل لها. مثل: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.بمعنى: إلا عقوبة مثلها.
  • ﴿ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً:
  • معطوفة بالواو على مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً» وتعرب إعرابها.التقدير: ومن عمل عملا صالحا.
  • ﴿ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى:
  • من: حرف جر بياني. ذكر: اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة. والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من «من» الشرطية التي هي الموصولة نفسها. التقدير: حالة كونه من ذكر. أو: حرف عطف. انثى: معطوفة على «ذكر» وتعرب اعرابها. وقدرت الكسرة على آخرها للتعذر.
  • ﴿ وَهُوَ مُؤْمِنٌ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها: في محل نصب حال.هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. مؤمن: خبر «هو» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ:
  • الجملة الاسمية جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بمن. الفاء رابطة لجواب الشرط‍.أولاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. يدخلون:فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل والجملة الفعلية يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ» في محل رفع خبر «أولئك» الجنة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى فأولئك المؤمنون الصالحون يدخلهم الله جنته الموعودة.
  • ﴿ يُرْزَقُونَ فِيها:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب حال وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل مبني في محل رفع نائب فاعل. فيها: جار ومجرور متعلق بيرزقون.
  • ﴿ بِغَيْرِ حِسابٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «يرزقون» اي يرزقون فيها غير محاسبين او يكون متعلقا بصفة-نعت-لمصدر-مفعول مطلق- محذوف. بتقدير: يرزقون رزقا غير قليل.'

المتشابهات :

النحل: 97﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
غافر: 40﴿وَ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     ولَمَّا مَدَحَ اللهُ الآخرة؛ أشارَ هنا إلى أن جانب الرحمة فيها غالب على جانب العقاب، قال تعالى:
﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يدخلون:
1- مبنيا للفاعل، وهى قراءة أبى رجاء، وشيبة، والأعمش، والأخوين، والصاحبين، وحفص.
وقرئ:
2- مبنيا للمفعول، وهى قراءة باقى السبعة، والأعرج، والحسن، وأبى جعفر، وعيسى.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف