473505152535455565758

الإحصائيات

سورة غافر
ترتيب المصحف40ترتيب النزول60
التصنيفمكيّةعدد الصفحات9.80
عدد الآيات85عدد الأجزاء0.47
عدد الأحزاب0.95عدد الأرباع3.80
ترتيب الطول21تبدأ في الجزء24
تنتهي في الجزء24عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 21/29الحواميم: 1/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (50) الى الآية رقم (55) عدد الآيات (6)

= ثُمَّ رَدُّ خزنةِ جهنَّمَ على الكُفَّارِ، ولمَّا بَيَّنَ اللهُ حِفْظَه لموسى ومؤمنِ آلِ فرعونَ من مكرِ فرعونَ بَيَّنَ هنا أنه ينصرُ رسلَه والذينَ آمنُوا معَه، ثُمَّ أمرَ نَبيَّه ﷺ بالصَّبرِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (56) الى الآية رقم (58) عدد الآيات (3)

توضيحُ سببِ جدالِ المشركينَ في آياتِ اللهِ بالباطلِ الذي بدأتْ بهِ السورةُ، ثُمَّ ذِكرُ أدلَّةٍ على وجودِ اللهِ وقدرتِه وإمكانِ يومِ القيامةِ، مثل: 1- خلقُ السَّمواتِ والأرض.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة غافر

أهمية الدعوة إلى الله وتفويض الأمر لله/ غافر الذنب لمن آمن وشديد العقاب لمن كفر

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • ما علاقة الدعوة بتفويض الأمر إلى الله؟:   إن الداعي إلى الله تعالى سيواجه مشاكل ومصاعب خلال دعوته، فإذا أردت أخي المسلم أن تختار طريق الدعوة إلى الله، طريق أنبياء الله تعالى، فاعلم أن هناك عقبات كثيرة فيه، وعليك أن تفوض الأمر كله لله وتتوكل عليه. لذلك جاء في هذه السورة آية محورية: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَـٰدُ﴾ (51). هذه الآية موجهة إليك أخي المسلم كما هي موجهة للأنبياء: ﴿رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ﴾، وتعدك بالنصر الرباني في الدنيا قبل الآخرة: ﴿فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَـٰدُ﴾، فتوكل على الله، وفوض الأمر إليه.
  • • خير القول وخير العمل::   وسورة غافر تنضم إلى سور كثيرة في القرآن في حثها على أشرف مهمة في التاريخ: الدعوة إلى الله، لأنها طريق الأنبياء والمرسلين، فلا بد أن يحرص الإنسان عليها ويهتم بها، لا بل ينذر حياته كلها لإيصال الخير إلى الناس. والدعوة ليست صعبة، إذ لا يشترط أن يكون المرء (علَّامة) حتى يدعو إلى الله تعالى. حدّث أصدقاءك عن الإسلام وعظمته ورحمته، أو انشر الكتب النافعة التي تعلّم الناس أمور دينهم وتقرّبهم إلى الله، حدّثي رفيقاتك عن الحياء والعفة بأي وسيلة تؤثر في القلب، وليس عليكم النظر إلى النتائج، إذ أن المطلوب منا هو العمل فقط، والله وحده هو الذي يهدي من يشاء.
  • • إني عذت بربي وربكم:   ولأن السورة تحدثنا عن الدعوة وتفويض الأمر إلى الله، فإننا نرى هذه المعاني مرتين في قصة موسى عليه السلام: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِى أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنّى أَخَافُ أَن يُبَدّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِى ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ﴾ (26). وحين وصل الأمر إلى التهديد بالقتل، استمر موسى عليه السلام بالدعوة إلى دين الله تعالى وفوّض أمره إلى الله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ إِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُـمْ مّن كُلّ مُتَكَبّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ﴾ (27).
  • • وأفوض أمري إلى الله::   ونموذج التفويض الثاني، لرجل مؤمن من آل فرعون، كان يكتم إيمانه، لكنه حين رآهم يكيدون لموسى ليقتلوه، قال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبّىَ ٱلله﴾ (28)، فكانت صدمة لفرعون أن يقف رجل من حاشيته ويدافع عن موسى، وكان مؤكدًا عند الجميع أن فرعون سيبطش به، لكن المؤمن الصادق انتقل من الدعوة إلى التفويض: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُـمْ وَأُفَوّضُ أَمْرِى إِلَى ٱلله إِنَّ ٱلله بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ﴾ (44). فماذا حدث بعد ذلك؟: ﴿فَوقَاهُ ٱلله سَيّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ﴾ (45). وكأن المعنى: ادع أيها المسلم إلى الله، ولا تخش في الله لومة لائم، وتوكل على من يحفظك وفوض أمرك إليه، ليحميك من أعدائك، واستعذ دومًا بالله تعالى، كما قال موسى: ﴿إِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُـمْ﴾ (27).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة غافر»، و«‏سورة ‏المؤمن»، و«سورة حم المؤمن».
  • • معنى الاسم ::   غافر: أي ساتر الذنوب ومتجاوز عنها.
  • • سبب التسمية ::   سميت «سورة غافر»؛ لورود هذا اللفظ في أول السورة الآية (3)، وسميت بـ«حم المؤمن»، و«‏سورة ‏المؤمن»؛ ‏لذكر ‏قصة ‏مؤمن ‏آل ‏فرعون، ولم تذكر هذه القصة في سورة أخرى.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   1- سورة «الطَّوْلِ»؛ لورودها في مستهلها (والطَّوْل: أي الفضل والنعمة). 2- «سورة حم الأولى»؛ لأنها السورة الأولى في ترتيب المصحف بين السور الحواميم.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أهمية الدعوة إلى الله وتفويض الأمر إليه.
  • • علمتني السورة ::   أن الله غافر الذنب لمن آمن، وشديد العقاب لمن كفر.
  • • علمتني السورة ::   أن الدعوة ليست صعبة، إذ لا يشترط أن يكون المرء (علَّامة) حتى يدعو إلى الله تعالى.
  • • علمتني السورة ::   أن من رحمة الله تعالى بنا أن السيئة بمثلها والحسنة مضاعفة: ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ عَدُوَّكُمْ غَدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حَم لاَ يُنْصَرُونَ». قال القاضي عياض: «أي علامتُكُمُ التي تَعْرِفُونَ بها أصحابَكم هذا الكلامُ، والشِّعارُ في الأصلِ العلامةُ التي تُنْصَبُ لِيَعْرِفَ بها الرَّجُلُ رُفْقَتَهُ، و(حم لا ينصرون) معناهُ بفضلِ السُّورِ المفتتحةِ بِحم ومنزلَتِها من اللهِ لا يُنْصَرون»، و(سورة غافر) من السور المفتتحة بـ (حم).
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة غافر من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
    • عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: «الْحَوَامِيمَ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ». وديباج القرآن: أي زينته، و(سورة غافر) من الحواميم.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة غافر أول الحواميم أو آل (حم)، وهي سبع سور متتالية، وهي: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وأطلق عليها بعض العلماء: عرائس القرآن، وكلها مكية.
    • هي أكثر سورة يتكرر فيها مشتقات لفظ (الجدال)، حيث تكرر فيها 5 مرات.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن ندعو الناس إلى الله، ولا نخش في الله لومة لائم، ونتوكل عليه، ونفوض أمرنا إليه.
    • أن نحذر الجدال في آيات الله بغير علم: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّـهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ ...﴾ (4). • أن نخلص عبادتنا لله وحده، ولا نشرك به شيئًا: ﴿ذَٰلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّـهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ لِلَّـهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾ (12).
    • أن نراقب الله تعالى في السر والعلن: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ (19).
    • أن نحذر أن يزين لنا الشيطان أعمالنا: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ﴾ (36، 37).
    • أن نستخدم الأسلوب الوعظي المؤثر في دعوتنا إلى الله: ﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ (41).
    • أن نحذر أن نسلم عقولنا لأحد ونتبعه دون علم؛ فإنه سيتبرأ منا يوم القيامة: ﴿... فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا ...﴾ (47، 48).
    • أن نكثر من الأعمال الصالحة استعدادًا للآخرة: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ﴾ (59).
    • أن نجعل الليل راحة لأبداننا والنهار لمعاشنا: ﴿اللَّـهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ (61).
    • أن نبادر بالتوبة، ونحذر من تسويفها: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّـهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ...﴾ (84، 85)، فإذا وقع العذاب لا تقبل التوبة.

تمرين حفظ الصفحة : 473

473

مدارسة الآية : [50] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم ..

التفسير :

[50] قال خزنة جهنم لهم توبيخاً:هذا الدعاء لا ينفعكم في شيء، أولم تأتكم رسلكم بالحجج الواضحة من الله فكذبتموهم؟ فاعترف الجاحدون بذلك وقالوا:بلى. فتبرأ خزنة جهنم منهم وقالوا:نحن لا ندعو لكم، ولا نشفع فيكم، فادعوا أنتم، ولكن هذا الدعاء لا يغني شيئاً؛ لأنك

فـ{ قَالُوا} لهم موبخين ومبينين أن شفاعتهم لا تنفعهم، ودعاءهم لا يفيدهم شيئًا:{ أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} التي تبينتم بها الحق والصراط المستقيم، وما يقرب من الله وما يبعد منه؟

{ قَالُوا بَلَى} قد جاءونا بالبينات، وقامت علينا حجة الله البالغة فظلمنا وعاندنا الحق بعد ما تبين.{ قَالُوا} أي:الخزنة لأهل النار، متبرئين من الدعاء لهم والشفاعة:{ فَادْعُوا} أنتم ولكن هذا الدعاء هل يغني شيئا أم لا؟

قال تعالى:{ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} أي:باطل لاغ، لأن الكفر محبط لجميع الأعمال صادّ لإجابة الدعاء.

وهنا يرد عليهم خزنة جهنم بقولهم: أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ أى: قالوا لهم على سبيل التوبيخ والتأنيب: أو لم تك رسلكم في الدنيا تنذركم بسوء مصير الكافرين، وتأتيكم بالمعجزات الواضحات الدالة على صدقهم.

قالُوا بَلى أى: الكافرون لخزنة جهنم: بلى أتونا بكل ذلك فكذبناهم.

وهنا رد عليهم الخزنة بقولهم: مادام الأمر كما ذكرتم من أن الرسل قد نصحوكم ولكنكم أعرضتم عنهم فَادْعُوا ما شئتم فإن الدعاء والطلب والرجاء لن ينفعكم شيئا.

وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ أى: وما دعاء الكافرين وتضرعهم إلا في ضياع وخسران.

( أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات ) أي : أوما قامت عليكم الحجج في الدنيا على ألسنة الرسل ؟ ( قالوا بلى قالوا فادعوا ) أي : أنتم لأنفسكم ، فنحن لا ندعو لكم ولا نسمع منكم ولا نود خلاصكم ، ونحن منكم برآء ، ثم نخبركم أنه سواء دعوتم أو لم تدعوا لا يستجاب لكم ولا يخفف عنكم ; ولهذا قالوا : ( وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) أي : إلا من ذهاب ، لا يتقبل ولا يستجاب .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ (50)

وقوله: ( قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ) يقول تعالى ذكره: قالت خزنة جهنم لهم: أو لم تك تأتيكم في الدنيا رسلكم بالبيّنات من الحجج على توحيد الله, فتوحدوه وتؤمنوا به, وتتبرّءوا مما دونه من الآلهة؟ قالوا: بلى, قد أتتنا رسلنا بذلك.

وقوله: ( قَالُوا فَادْعُوا ) يقول جلّ ثناؤه: قالت الخزنة لهم: فادعوا إذن ربكم الذي أتتكم الرسل بالدعاء إلى الإيمان به.

وقوله: ( وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ ) يقول: قد دعوا وما دعاؤهم إلا في ضلال, لأنه دعاء لا ينفعهم, ولا يستجاب لهم, بل يقال لهم: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ .

التدبر :

وقفة
[50] ﴿قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ أي: كما توليتم الإعراض عن الرسل استبدادًا بآرائكم فتولَّوا اليومَ أمرَ أنفسكم؛ فادعوا أنتم.
وقفة
[50] ﴿قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ لا يجيب الله دعوة الكافر إلا في حالتين: إذا كان مضطرًّا أو كان مظلومًا.
وقفة
[50] ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ الكفر محبط لجميع الأعمال، صادٌّ لإجابة الدعاء.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ أَوَلَمْ تَكُ:
  • الهمزة همزة توبيخ والزام للحجة بلفظ‍ استفهام. الواو: زائدة.لم: حرف نفي وجزم وقلب. تك: فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره النون المحذوفة جوازا وتخفيفا وحذفت الواو لأن اصله:تكون لالتقاء الساكنين. وحذفت الواو وجوبا.
  • ﴿ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ:
  • اعربت في الآية الكريمة الثانية والعشرين.والكاف ضمير المخاطبين.
  • ﴿ قالُوا بَلى قالُوا:
  • اعربتا في بداية الآية الكريمة. بلى: بمعنى «نعم» وهو حرف جواب يجاب به عن النفي ويقصد به الايجاب. وهو لا عمل له.
  • ﴿ فَادْعُوا:
  • الفاء استئنافية. ادعوا: اعربت في الآية الكريمة السابقة.
  • ﴿ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ:
  • اعربت في الآية الكريمة الخامسة والعشرين.'

المتشابهات :

غافر: 25﴿قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ ۚ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ
الرعد: 14﴿لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ
غافر: 50﴿قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [50] لما قبلها :     ولَمَّا اتجهوا نحو خزنة جهنم؛ ليشفعوا لهم عند ربهم؛ جاء هنا توبيخُ الملائكةِ لهم، قال تعالى:
﴿ قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [51] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا ..

التفسير :

[51] إنَّا لننصر رسلنا ومَن تبعهم من المؤمنين، ونؤيدهم على مَن آذاهم في حياتهم الدنيا، ويوم القيامة، يوم تشهد فيه الملائكة والأنبياء والمؤمنون على الأمم التي كذَّبت رسلها، فتشهد بأن الرسل قد بلَّغوا رسالات ربهم، وأن الأمم كذَّبتهم.

لما ذكر عقوبة آل فرعون في الدنيا، والبرزخ، ويوم القيامة، وذكر حالة أهل النار الفظيعة، الذين نابذوا رسله وحاربوهم، قال:{ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي:بالحجة والبرهان والنصر، في الآخرة بالحكم لهم ولأتباعهم بالثواب، ولمن حاربهم بشدة العقاب.

ثم بين- سبحانه- سنة من سننه التي لا تتخلف فقال: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا، وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ.

والأشهاد: جمع شاهد، وعلى رأسهم الأنبياء الذين يشهدون على أممهم يوم القيامة بأنهم قد بلغوهم دعوة الله، والملائكة الذين يشهدون للرسل بالتبليغ، وللمؤمنين بالإيمان وللكافرين بالكفر، وكل من يقوم يوم القيامة للشهادة على غيره يكون من الأشهاد.

أى: لقد اقتضت سنتنا التي لا تتخلف أن ننصر رسلنا والمؤمنين في الدنيا بالحجة الدامغة التي تزهق باطل أعدائهم، وبالتغلب عليهم، وبالانتقام منهم.

وأن ننصرهم في الآخرة كذلك بأن نجعل لهم الجنة، والنار لأعدائهم.

قال صاحب الكشاف: قوله: فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ أى: في الدنيا والآخرة، يعنى أنه ينصرهم في الدارين جميعا بالحجة والظفر على أعدائهم، وإن غلبوا في الدنيا في بعض الأحايين امتحانا من الله، فالعاقبة لهم، ويتيح الله من يقتص من أعدائهم ولو بعد حين .

وما ذكره صاحب الكشاف فإننا نراه واقعا في سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلم وفي سيرة أتباعه فلقد هاجر النبي صلّى الله عليه وسلم من مكة وليس معه سوى أبى بكر الصديق، وعاد إليها بعد ثماني سنوات فاتحا غازيا ظافرا، ومن حوله الآلاف من أصحابه.

والمؤمنون قد يغلبون- أحيانا- ويعتدى عليهم.. ولكن العاقبة لا بد أن تكون لهم. متى داوموا على التمسك بما يقتضيه إيمانهم من الثبات على الحق، ومن العمل الصالح..

وعبر- سبحانه- عن يوم القيامة، بيوم يقوم الأشهاد، للإشعار بأن نصر الرسل والمؤمنين في هذا اليوم سيكون نصرا مشهودا معلوما من الأولين والآخرين، لا ينكره منكر.

ولا ينازع فيه منازع.

قد أورد أبو جعفر بن جرير ، رحمه الله تعالى ، عند قوله تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ) سؤالا فقال : قد علم أن بعض الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام ، قتله قومه بالكلية كيحيى وزكريا وشعياء ، ومنهم من خرج من بين أظهرهم إما مهاجرا كإبراهيم ، وإما إلى السماء كعيسى ، فأين النصرة في الدنيا ؟ ثم أجاب عن ذلك بجوابين .

أحدهما : أن يكون الخبر خرج عاما ، والمراد به البعض ، قال : وهذا سائغ في اللغة .

الثاني : أن يكون المراد بالنصر الانتصار لهم ممن آذاهم ، وسواء كان ذلك بحضرتهم أو في غيبتهم أو بعد موتهم ، كما فعل بقتلة يحيى وزكريا وشعياء ، سلط عليهم من أعدائهم من أهانهم وسفك دماءهم ، وقد ذكر أن النمروذ أخذه الله أخذ عزيز مقتدر ، وأما الذين راموا صلب المسيح ، عليه السلام ، من اليهود ، فسلط الله عليهم الروم فأهانوهم وأذلوهم ، وأظهرهم الله عليهم . ثم قبل يوم القيامة سينزل عيسى ابن مريم إماما عادلا وحكما مقسطا ، فيقتل المسيح الدجال وجنوده من اليهود ، ويقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويضع الجزية فلا يقبل إلا الإسلام . وهذه نصرة عظيمة ، وهذه سنة الله في خلقه في قديم الدهر وحديثه : أنه ينصر عباده المؤمنين في الدنيا ، ويقر أعينهم ممن آذاهم ، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " يقول الله تعالى : من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب " وفي الحديث الآخر : " إني لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرب " ; ولهذا أهلك تعالى قوم نوح وعاد وثمود ، وأصحاب الرس ، وقوم لوط ، وأهل مدين ، وأشباههم وأضرابهم ممن كذب الرسل وخالف الحق . وأنجى الله من بينهم المؤمنين ، فلم يهلك منهم أحدا وعذب الكافرين ، فلم يفلت منهم أحدا .

قال السدي : لم يبعث الله رسولا قط إلى قوم فيقتلونه ، أو قوما من المؤمنين يدعون إلى الحق فيقتلون ، فيذهب ذلك القرن حتى يبعث الله لهم من ينصرهم ، فيطلب بدمائهم ممن فعل ذلك بهم في الدنيا . قال : فكانت الأنبياء والمؤمنون يقتلون في الدنيا ، وهم منصورون فيها .

وهكذا نصر الله [ سبحانه ] نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على من خالفه وناوأه ، وكذبه وعاداه ، فجعل كلمته هي العليا ، ودينه هو الظاهر على سائر الأديان . وأمره بالهجرة من بين ظهراني قومه إلى المدينة النبوية ، وجعل له فيها أنصارا وأعوانا ، ثم منحه أكتاف المشركين يوم بدر ، فنصره عليهم وخذلهم له ، وقتل صناديدهم ، وأسر سراتهم ، فاستاقهم مقرنين في الأصفاد ، ثم من عليهم بأخذه الفداء منهم ، ثم بعد مدة قريبة فتح [ عليه ] مكة ، فقرت عينه ببلده ، وهو البلد المحرم الحرام المشرف المعظم ، فأنقذه الله به مما كان فيه من الشرك والكفر ، وفتح له اليمن ، ودانت له جزيرة العرب بكمالها ، ودخل الناس في دين الله أفواجا . ثم قبضه الله ، تعالى ، إليه لما له عنده من الكرامة العظيمة ، فأقام الله أصحابه خلفاء بعده ، فبلغوا عنه دين الله ، ودعوا عباد الله إلى الله . وفتحوا البلاد والرساتيق والأقاليم والمدائن والقرى والقلوب ، حتى انتشرت الدعوة المحمدية في مشارق الأرض ومغاربها . ثم لا يزال هذا الدين قائما منصورا ظاهرا إلى قيام الساعة ; ولهذا قال تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) أي : يوم القيامة تكون النصرة أعظم وأكبر وأجل .

قال مجاهد : الأشهاد : الملائكة .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51)

يقول القائل: وما معنى: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) وقد علمنا أن منهم من قتله أعداؤه, ومثَّلوا به, كشعياء ويحيى بن زكريا وأشباههما. ومنهم من همّ بقتله قومه, فكان أحسن أحواله أن يخلص منهم حتى فارقهم ناجيا بنفسه, كإبراهيم الذي هاجر إلى الشام من أرضه مفارقا لقومه, وعيسى الذي رفع إلى السماء إذ أراد قومه قتله, فأين النصرة التي أخبرنا أنه ينصرها رسله, و المؤمنين به في الحياة الدنيا, وهؤلاء أنبياؤه قد نالهم من قومهم ما قد علمت, وما نصروا على من نالهم بما نالهم به؟ قيل: إن لقوله: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) وجهين كلاهما صحيح معناه. أحدهما أن يكون معناه: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا إما بإعلائناهم على من كذّبنا وإظفارنا بهم, حتى يقهروهم غلبة, ويذلوهم بالظفر ذلة, كالذي فعل من ذلك بداود وسليمان, فأعطاهما من المُلْك والسلطان ما قهرا به كل كافر, وكالذي فعل بمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بإظهاره على من كذّبه من قومه, وإما بانتقامنا ممن حادّهم وشاقهم بإهلاكهم وإنجاء الرسل ممن كذّبهم وعاداهم, كالذي فعل تعالى ذكره بنوح وقومه, من تغريق قومه وإنجائه منهم, وكالذي فعل بموسى وفرعون وقومه, إذ أهلكهم غرقا, ونجى موسى ومن آمن به من بني إسرائيل وغيرهم ونحو ذلك, أو بانتقامنا في الحياة الدنيا من مكذّبيهم بعد وفاة رسولنا من بعد مهلكهم, كالذي فعلنا من نصرتنا شعياء بعد مهلكه, بتسليطنا على قتله من سلطنا حتى انتصرنا بهم من قتلته, وكفعلنا بقتلة يحيى, من تسليطنا بختنصر عليهم حتى انتصرنا به من قتله له وكانتصارنا لعيسى من مريدي قتله بالروم حتى أهلكناهم بهم, فهذا أحد وجهيه. وقد كان بعض أهل التأويل يوجه معنى ذلك إلى هذا الوجه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن الفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ قول الله: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) قد كانت الأنبياء والمؤمنون يقتلون في الدنيا وهم منصورون, وذلك أن تلك الأمة التي تفعل ذلك بالأنبياء والمؤمنين لا تذهب حتى يبعث الله قوما فينتصر بهم لأولئك الذين قتلوا منهم. والوجه الآخر: أن يكون هذا الكلام على وجه الخبر عن الجميع من الرسل والمؤمنين, والمراد واحد, فيكون تأويل الكلام حينئذ: إنا لننصر رسولنا محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والذين آمنوا به في الحياة الدنيا, ويوم يقوم الأشهاد, كما بيَّنا فيما مضى أن العرب تخرج الخبر بلفظ الجميع, والمراد واحد إذا لم تنصب للخبر شخصا بعينه.

التدبر :

وقفة
[51] ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ مهما أوتي الأعداء من قوة؛ فإن رجال الإيمان والسنة أقوى منهم.
وقفة
[51] ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ نصر الله للمؤمنين حاصل وواقع حتى لو عاكستهم الظروف، ستكون رايات النصر خفاقة لهم وحدهم.
عمل
[51] ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ عند المحن لا تخف، وعليك باليقين أن الدين محفوظ، وإن ذهبت الدول.
وقفة
[51] ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ قال القشيري: «ننصرهم على أعدائهم بكيد خفي ولطف غير مرئي، من حيث يحتسبون، ومن حيث لا يحتسبون».
لمسة
[51] ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ آيةٌ خبريةٌ؛ ﻻ يملكُ أحدٌ تغييرَهَا، ينصرُهم (في الدُّنيا)، يا (أهلَ الدُّنيا) أتسمعونَ؟
وقفة
[51] ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما: «بالغلبة والقهر»، وقال الضحاك: «بالحجة، وفي الآخرة بالعذر»، وقيل: «بالانتقام من الأعداء في الدنيا والآخرة»، وكل ذلك قد كان للأنبياء والمؤمنين؛ فهم منصورون بالحجة على من خالفهم، وقد نصرهم الله بالقهر على من ناوأهم وإهلاك أعدائهم، ونصرهم بعد أن قُتلوا بالانتقام من أعدائهم؛ كما نصر يحيى بن زكريا لما قُتِل؛ قُتِل به سبعون ألفًا، فهم منصورون بأحد هذه الوجوه.
وقفة
[51] ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ قال ابن عاشور: «وَالْمعْنَى لَا تستبطىء النَّصْرَ فَإِنَّهُ وَاقِعٌ، وَذَلِكَ مَا نُصِرَ بِهِ النَّبِي ﷺ فِي أَيَّامِهِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ وَيَوْمَ الْفَتْحِ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ وَفِي أَيَّامِ الْغَزَوَاتِ الْأُخْرَى، وَمَا عَرَضَ مِنَ الْهَزِيمَةِ يَوْمَ أُحُدٍ كَانَ امْتِحَانًا وَتَنْبِيهًا عَلَى سُوءِ مَغَبَّةِ عَدَمِ الْحِفَاظِ عَلَى وَصِيَّةِ الرَّسُولِ ﷺ أَنْ لَا يَبْرَحُوا مِنْ مَكَانِهِمْ، ثُمَّ كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ».
وقفة
[51] ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ كيف يقع النصر في الدنيا؟ وقد قتل زكريا، ويحيى، وحاولوا قتل عيسى فرفعه الله إليه، وأخرج إبراهيم من أرضه، وهاجر محمد ﷺ؟ والجواب: أن النصر إما يكون في الحياة بمحق الأعداء، أو يكون بالانتقام من الأعداء لايذائهم الأنبياء، وذلك في حياة الأنبياء أو بعد موتهم، فالوعد أكيد، لكن الميعاد مخفي.
وقفة
[51] ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ نصر الله لرسله وللمؤمنين سُنَّة إلهية ثابتة.
تفاعل
[51] ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ اجتهد من الآن في نصرة دين الله، واستبشر بنصر الله لك.
وقفة
[51] ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ الوعد ماض؛ فعلينا بإخلاص النية والأخذ بالأسباب.
وقفة
[51] ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ نصر الله للرسل والمؤمنين ممتد لا ينقطع عنهم في الحياة الدنيا والآخرة، قد تظنها هزيمة وما هي بهزيمة، فالنصر وعدٌ من الله وحقيقة.
وقفة
[51] من يعيش مع القرآن سيرى أن نصر الله لأهل الإيمان مُمكّنٌ في الأرض ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾.
وقفة
[51] وعد الله حق وهو لا يخلف الميعاد، ومن أصدق من الله حديثًا! ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾.
وقفة
[51] ﴿إِنّا لَنَنصُرُ رُسُلَنا وَالَّذينَ آمَنوا فِي الحَياةِ الدُّنيا وَيَومَ يَقومُ الأَشهادُ﴾ سنة إلهية، فليستبشر الذين آمنوا ولهم النصر فى الدنيا والفوز فى الآخرة، فاللهم اجعلنا من الذين آمنوا.

الإعراب :

  • ﴿ إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».اللام: لام التوكيد المزحلقة. ننصر: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. رسل: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. وجملة «ننصر رسلنا» في محل رفع خبر «إن».
  • ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا:
  • الواو عاطفة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب لأنه معطوف على منصوب «رسلنا».آمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا:
  • جار ومجرور متعلق بننصر. الدنيا: صفة-نعت- للحياة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الالف للتعذر.
  • ﴿ وَيَوْمَ:
  • الواو عاطفة. يوم: ظرف زمان-مفعول فيه-منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. متعلق بننصر.
  • ﴿ يَقُومُ الْأَشْهادُ:
  • الجملة الفعلية: في محل جر بالإضافة. يقوم: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة. الاشهاد: فاعل مرفوع بالضمة. بمعنى في الدنيا والآخرة. والاشهاد: جمع شاهد وهم الحفظة من الملائكة والانبياء والمؤمنين من أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) ليكونوا شهداء على الناس يوم القيامة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [51] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَر اللهُ وِقايتَه موسى عليه السَّلامُ وذلك المؤمِنَ مِن مَكرِ فِرعَونَ؛ بَيَّنَ هنا أنَّه يَنصُرُ رُسُلَه والَّذين آمَنوا معه، وفي هذا تبشير لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بنَصْرِه على قومِه، قال تعالى:
﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يقوم:
1- بالياء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- تقوم، بتاء التأنيث، وهى قراءة ابن هرمز، وإسماعيل، والمنقري، عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [52] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ..

التفسير :

[52] يوم الحساب لا ينتفع الكافرون الذين تعدَّوا حدود الله بما يقدِّمونه من عذر لتكذيبهم رسل الله، ولهم الطرد من رحمة الله، ولهم الدار السيئة في الآخرة، وهي النار.

{ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} حين يعتذرون{ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} أي:الدار السيئة التي تسوء نازليها.

وقوله: يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ. أى: وننصرهم يوم القيامة يوم يقدم الظالمون أعذارهم لكي نعفو عنهم. فلا يقبل منهم عذر واحد، لأنها أعذار ساقطة. وجاءت في غير وقتها.

ولا منافاة بين هذه الآية وبين قوله- تعالى-: وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ لأن المقصود منها واحد. وهو أنهم ليس لهم عذر مقبول حتى يلتفت إليهم، وإنما عذرهم مرفوض رفضا تاما.

وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ من الله- تعالى- ومن عباده المؤمنين وَلَهُمُ- أيضا- سُوءُ الدَّارِ وهي جهنم وسوؤها ما يسوء فيها من العذاب، فالإضافة من باب إضافة الصفة إلى الموصوف. أى: ولهم الدار السوءى.

وفي هاتين الآيتين ما فيهما من البشارة السارة العظيمة للمؤمنين ومن الإهانة التي ليس بعدها إهانة للكافرين.

وقوله : ( يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ) بدل من قوله : ( ويوم يقوم الأشهاد ) .

وقرأ آخرون : " يوم " بالرفع ، كأنه فسره به . ( ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين ) ، وهم المشركون ) معذرتهم ) أي : لا يقبل منهم عذر ولا فدية ، ( ولهم اللعنة ) أي : الإبعاد والطرد من الرحمة ، ( ولهم سوء الدار ) وهي النار . قاله السدي ، بئس المنزل والمقيل .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ولهم سوء الدار ) أي : سوء العاقبة .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة ( وَيَوْمَ يَقُومُ ) بالياء. وينفع أيضا بالياء, وقرأ ذلك بعض أهل مكة وبعض قرّاء البصرة: " تَقُومُ" بالتاء, و " تَنْفَعُ" بالتاء.

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

وقد بيَّنا فيما مضى أن العرب تذكر فعل الرجل وتؤنث إذا تقدّم بما أغنى عن إعادته.

وعني بقوله: ( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) يوم يقوم الأشهاد من الملائكة والأنبياء والمؤمنين على الأمم المكذبة رسلها بالشهادة بأن الرسل قد بلغتهم رسالات ربهم, وأن الأمم كذّبتهم. والأشهاد: جمع شهيد, كما الأشراف: جمع شريف.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتاد.( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) من ملائكة الله وأنبيائه, والمؤمنين به.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) يوم القيامة.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن مجاهد, في قول الله: ( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) قال الملائكة.

وقوله: ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ) يقول تعالى ذكره: ذلك يوم لا ينفع أهل الشرك اعتذارهم لأنهم لا يعتذرون إن اعتذروا إلا بباطل, وذلك أن الله قد أعذر إليهم في الدنيا, وتابع عليهم الحجج فيها فلا حجة لهم في الآخرة إلا الاعتصام بالكذب بأن يقولوا: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ .

وقوله: ( وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ ) يقول: وللظالمين اللعنة, وهي البعد من رحمة الله ( وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) يقول: ولهم مع اللعنة من الله شرّ ما في الدار الآخرة, وهو العذاب الأليم.

التدبر :

وقفة
[52] ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ﴾ هذا اليوم هو اليوم الآخر، أما الآن فالمعاذير مقبولة، قم واعتذر وتب لله واستغفر، رب اغفر لي ولوالدي وللمسلمين.
وقفة
[52] ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ﴾ اعتذار الظالم يوم القيامة لا ينفعه.
وقفة
[52] ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ﴾ الاعتذار اليوم سَمتُ الأبرار، وما أحبه إلى الرحيم الغفار! لكن غدًا لا تقبل الأعذار، ولا ينفع تبرير من الفجار.
وقفة
[52] ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ﴾ لا منافاة بين هذه الآية وبين قوله تعالى: ﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات: 36]، لأن المقصود واحد، وهو أنهم ليس لهم عذر مقبول حتى يستمع إليهم، أو قيل: يعتذرون في موقف، ولا يعتذرون في موقف آخر.
وقفة
[52] ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ﴾ لحظة واحدة قبل الموت تكفي للاعتذار، والفوز بالجنة والنجاة من النار، وأما غدًا، فأعذار الدنيا كلها لا تكفيك!
عمل
[52] ﴿فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا﴾ [85]، ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ﴾ لا زلنا في المهلة فلنراجع أنفسنا.
وقفة
[52] ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ احذر الظلم؛ فيوم القيامة لا العذر يجدي، بل اللعن والعذاب المخزي.
وقفة
[52] آيات تخلع القلب: قال ﷻ: ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾، اللهم إني اعوذ بك أن أظلم أو أُظلم.
وقفة
[52] ﴿وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ﴾ لا يجوز لعن إلا من لعن الله، فلا يجوز لعن كافر بعينه، لعل الله يهديه.
تفاعل
[52] ﴿وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ يَوْمَ:
  • بدل من «يوم» الواردة في الآية الكريمة السابقة. والجملة الفعلية بعده: في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ لا يَنْفَعُ الظّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ:
  • لا: أداة نافية لا عمل لها. ينفع: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة. الظالمين: مفعول به مقدم منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. معذرة: فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة. وقد ذكر الفعل لأنه فصل عن فاعله ولأن «معذرتهم» بمعنى: اعتذارهم.
  • ﴿ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ:
  • الواو استئنافية. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. اللعنة: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. اي البعد من رحمة الله.
  • ﴿ وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ:
  • معطوفة بالواو على لَهُمُ اللَّعْنَةُ» وتعرب اعرابها. و «الدار» مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. اي ولهم سوء دار الآخرة وهو عذابها'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [52] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ أنه يَنصُرُ رُسُلَه والَّذين آمَنوا معه؛ وصفَ هنا حالَ أعدائِهم بأمورٍ ثلاثةٍ: ١- أنَّه لا يَنفَعُهم شَيءٌ مِن المعاذيرِ البتَّةَ. ٢- أنَّ لهم اللَّعنةَ. ٣- أنَّ لهم سوءَ الدَّارِ، قال تعالى:
﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ينفع:
قرئ:
1- بالتاء، وبالياء. «انظر: سورة الروم، الآية: 57» .

مدارسة الآية : [53] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا ..

التفسير :

[53] ولقد آتينا موسى ما يهدي إلى الحق من التوراة والمعجزات، وجعلنا بني إسرائيل يتوارثون التوراة خلفاً عن سلف،

لما ذكر ما جرى لموسى وفرعون، وما آل إليه أمر فرعون وجنوده، ثم ذكر الحكم العام الشامل له ولأهل النار، ذكر أنه أعطى موسى{ الْهُدَى} أي:الآيات، والعلم الذي يهتدي به المهتدون.{ وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} أي:جعلناه متوارثًا بينهم، من قرن إلى آخر، وهو التوراة.

ثم ساق- سبحانه- مثالا من نصره لرسله ولعباده المؤمنين. فقال- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ، هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ.

أى: والله لقد آتينا عبدنا ونبينا موسى ما يهتدى به من المعجزات والصحف والشرائع.

وأورثنا من بعده قومه بنى إسرائيل الكتاب وهو التوراة. لكي ينتفعوا بإرشاداته وأحكامه وتوجيهاته.

وقوله : ( ولقد آتينا موسى الهدى ) وهو ما بعثه الله به من الهدى والنور ، ( وأورثنا بني إسرائيل الكتاب ) أي : جعلنا لهم العاقبة ، وأورثناهم بلاد فرعون وأمواله وحواصله وأرضه ، بما صبروا على طاعة الله واتباع رسوله موسى ، عليه السلام ، وفي الكتاب الذي أورثوه - وهو التوراة -

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53)

يقول تعالى ذكره ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ) البيان للحقّ الذي بعثناه به كما آتينا ذلك محمدا فكذّب به فرعون وقومه, كما كذّبت قريش محمدا( وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ ) يقول: وأورثنا بني إسرائيل التوراة, فعلَّمناهموها.

التدبر :

وقفة
[53] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ﴾ هذا من أوضح مُثُل نصر الله رسله والذين آمنوا بهم، وهو أشبه الأمثال بالنصر الذي قدره الله تعالى للنبي ﷺ والمؤمنين؛ فإن نصر موسى على قوم فرعون كوَّن الله به أمةً عظيمة لم تكن يؤبه بها، وأوتيتْ شريعة عظيمة، ومُلكًا عظيمًا، وكذلك كان نصر النبي ﷺ والمؤمنين، وكان أعظمَ من ذلك وأكملَ وأشرفَ.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنا:
  • الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. آتي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ مُوسَى الْهُدى:
  • مفعولا «آتينا» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المقدرة على الالف للتعذر.
  • ﴿ وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ:
  • معطوفة بالواو على آتَيْنا مُوسَى الْهُدى» وتعرب اعرابها. وعلامة نصب المفعول الاول «بني» الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت نونه للإضافة. وعلامة نصب المفعول الثاني «الكتاب» الفتحة الظاهرة. و «اسرائيل» مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف، لأنه اسم اعجمي.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [53] لما قبلها :     وبعد أن ذَكَرَ اللهُ أنَّه يَنصُرُ رُسُلَه والَّذين آمَنوا معه؛ ذكَرَ هنا مثالًا على ذلك: نصر اللهِ لموسى عليه السلام على فرعون، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [54] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ

التفسير :

[54]هادية إلى سبيل الرشاد، وموعظة لأصحاب العقول السليمة.

وذلك الكتاب مشتمل على الهدى الذي هو:العلم بالأحكام الشرعية وغيرها، وعلى التذكر للخير بالترغيب فيه، وعن الشر بالترهيب عنه، وليس ذلك لكل أحد، وإنما هو{ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}

وفعلنا ما فعلنا من أجل أن يكون ذلك الكتاب هداية وذكرى لأصحاب العقول السليمة فقوله- تعالى- هُدىً وَذِكْرى مفعول لأجله. أو هما مصدران في موضع الحال. أى:

وأورثنا بنى إسرائيل الكتاب، حالة كونه هاديا ومذكرا لأولى الألباب. لأنهم هم الذين ينتفعون بالهدايات. وهم الذين يتذكرون ويعتبرون دون غيرهم.

( هدى وذكرى لأولي الألباب ) وهي : العقول الصحيحة السليمة .

وأنـزلنا إليهم ( هُدًى ) يعني بيانا لأمر دينهم, وما ألزمناهم من فرائضها,( وَذِكْرَى لأولِي الألْبَابِ ) يقول: وتذكيرا منا لأهل الحجا والعقول منهم بها.

التدبر :

وقفة
[54] ﴿هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ لا يظن حافظ القرآن أنه قد حاز الهدى بحفظ القرآن دون العمل به، فلم ينتفع اليهود بالتوراة، وكانوا كالحمار يحمل أسفارًا، فلا تكونوا مثلهم.

الإعراب :

  • ﴿ هُدىً وَذِكْرى:
  • بمعنى ارشادا او هداية وهي منصوبة على المفعول له- لأجله-اي لأجل الهداية او مفعول مطلق-مصدر-بمعنى يهديهم هدى. او حال بمعنى هاديا وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الالف للتعذر قبل تنوينها. وذكرى: معطوفة بالواو على «هدى» وتعرب اعرابها. وهي ممنوعة من الصرف لأنها اسم مقصور على وزن «فعلى» مصدر منته بألف تأنيث مقصورة.
  • ﴿ لِأُولِي الْأَلْبابِ:
  • جار ومجرور متعلق بالعامل في مصدر هُدىً وَذِكْرى» وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والكلمة تكتب بواو ولا تلفظ‍ وهي جمع بمعنى «ذوي» لا واحد له. وقيل هي اسم جمع واحده: ذو بمعنى صاحب. الألباب: مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى: لأصحاب العقول.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [54] لما قبلها :     ولَمَّا امتنَّ اللهُ على بني إسرائيل بالتوراة؛ ذكرَ هنا ما اشتمَل عليه هذا الكتابُ، قال تعالى:
﴿ هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [55] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ..

التفسير :

[55] فاصبر -أيها الرسول- على أذى المشركين، فقد وعدناك بإعلاء كلمتك، ووعْدُنا حق لا يُخْلَف، واستغفر لذنبك، ودُمْ على تنزيه ربك عمَّا لا يليق به، في آخر النهار وأوله.

{ فَاصْبِرْ} يا أيها الرسول كما صبر من قبلك من أولي العزم المرسلين.{ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} أي:ليس مشكوكًا فيه، أو فيه ريب أو كذب، حتى يعسر عليك الصبر، وإنما هو الحق المحض، والهدى الصرف، الذي يصبر عليه الصابرون، ويجتهد في التمسك به أهل البصائر.

فقوله:{ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} من الأسباب التي تحث على الصبر على طاعة الله وعن ما يكره الله.

{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} المانع لك من تحصيل فوزك وسعادتك، فأمره بالصبر الذي فيه يحصل المحبوب، وبالاستغفار الذي فيه دفع المحذور، وبالتسبيح بحمد الله تعالى خصوصًا{ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} اللذين هما أفضل الأوقات، وفيهما من الأوراد والوظائف الواجبة والمستحبة ما فيهما، لأن في ذلك عونًا على جميع الأمور.

ثم ختم- سبحانه- الآيات الكريمة بأمر النبي صلّى الله عليه وسلم بالصبر على أذى أعدائه. فقال:

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ...

أى: إذا كان الأمر كما ذكرنا لك- أيها الرسول الكريم- من أننا سننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ.. فاصبر على ما أصابك من أعدائك، فإن ما وعدك الله- تعالى- به من النصر ثابت لا شك فيه، وحق لا باطل معه.

وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ فإن استغفارك هذا وأنت المعصوم من كل ما يغضبنا- يجعل أمتك تقتدى بك في ذلك، وتسير على نهجك في الإكثار من فعل الطاعات.

وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ أى: وبجانب استغفارك من الذنوب، أكثر من تسبيح ربك ومن تنزيهه عن كل ما لا يليق به عند حلول الليل، وعند تباكير الصباح، فإن هذا الاستغفار، وذلك التسبيح، خير زاد للوصول إلى السعادة والفوز في الدنيا والآخرة.

قال الإمام الرازي ما ملخصه: واعلم أن مجامع الطاعات محصورة في قسمين: التوبة عما لا ينبغي، والاشتغال بما ينبغي، والأول مقدم على الثاني بحسب الرتبة الذاتية. فوجب أن يكون مقدما عليه في الذكر..

أما التوبة عما لا ينبغي، فنراها في قوله- تعالى-: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ.

وأما الاشتغال بما ينبغي، فنراه في قوله- تعالى- وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ.

والتسبيح عبارة عن تنزيه الله- تعالى- عن كل ما لا يليق به، والعشى والإبكار، قيل صلاة العصر وصلاة الفجر. وقيل: الإبكار عبارة عن أول النهار إلى النصف. والعشى عبارة عن النصف إلى آخر النهار، فيدخل فيه كل الأوقات، وبالجملة فالمراد منه المواظبة على ذكر الله. وأن لا يفتر اللسان عنه.. .

ثم تعود السورة الكريمة مرة أخرى إلى توبيخ الذين يجادلون في آيات الله بغير حجة أو برهان، وتبين الأسباب التي حملتهم على ذلك، وترشد إلى العلاج من شرورهم، وتنفى المساواة بين الكافر والمؤمن، وتدعو المؤمنين إلى الإكثار من التضرع إلى الله- تعالى- فتقول:

وقوله : ( فاصبر ) أي : يا محمد ، ( إن وعد الله ) أي : وعدناك أنا سنعلي كلمتك ، ونجعل العاقبة لك ولمن اتبعك ، والله لا يخلف الميعاد . وهذا الذي أخبرناك به حق لا مرية فيه ولا شك .

وقوله : ( واستغفر لذنبك ) هذا تهييج للأمة على الاستغفار ، ( وسبح بحمد ربك بالعشي ) أي : في أواخر النهار وأوائل الليل ، ( والإبكار ) وهي أوائل النهار وأواخر الليل .

وقوله: ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فاصبر يا محمد لأمر ربك, وانفذ لما أرسلك به من الرسالة, وبلِّغ قومك ومن أمرت بإبلاغه ما أنـزل إليك, وأيقن بحقيقة وعد الله الذي وعدك من نصرتك, ونصرة من صدّقك وآمن بك, على من كذّبك, وأنكر ما جئته به من عند ربك, وإن وعد الله حقّ لا خلف له وهو منجز له ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) يقول: وسله غفران ذنوبك وعفوه لك عنه ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ) يقول: وصلّ بالشكر منك لربك ( بِالْعَشِيِّ ) وذلك من زوال الشمس إلى الليل ( وَالإبْكَارِ ) وذلك من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس. وقد وجه قوم الإبكار إلى أنه من طلوع الشمس إلى ارتفاع الضحى, وخروج وقت الضحى, والمعروف عند العرب القول الأوّل.

واختلف أهل العربية في وجه عطف الإبكار والباء غير حسن دخولها فيه على العشيّ, والباء تحسن فيه, فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك: وسبح بحمد ربك بالعشي وفي الإبكار. وقال: قد يقال: بالدار زيد, يراد: فى الدار زيد, وقال غيره: إنما قيل ذلك كذلك, لأن معنى الكلام: صل بالحمد بهذين الوقتين وفي هذين الوقتين, فإدخال الباء في واحد فيهما.

التدبر :

وقفة
[55] ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ﴾ أهمية الصبر في مواجهة الباطل.
وقفة
[55] ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ﴾ قال القشيري: «الصبر في انتظار الموعود من الحق على حسب الإيمان والتصديق، فمن كان تصديقه ويقينه أتم وأقوى كان صبره أتم وأوفي».
وقفة
[55] ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ﴾ قال القشيري: «كن بقلبك فارغًا عنهم، وانظر من بعد إلى ما يُفعل بهم، واستيقن بأنه لا بقاء لجولة باطلهم، فإن لقيت بعض ما نتوعدهم به وإلا فلا تك في ريب من مقاساتهم ذلك بعد».
وقفة
[55] ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ﴾ العبد مأمور أن يصبر على المقدور، ويطيع المأمور، وإذا أذنب استغفر.
وقفة
[55] ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ﴾ اليقين بوعد الله يهون الصبر، وعليه يعين.
وقفة
[55] ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ﴾ الصبر مر نتقبله علي مضض، لكن خلف الصبر أمنيات مؤجلة ونصر وتمكين وكل أمر جميل، لكن لننجح بالصبر.
عمل
[55] اصبر وصابر في طريق الحق؛ يحدوك لذلك يقينك بأن وعد الله حق ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ﴾.
وقفة
[55] ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ لا تقع فتنة إلا من ترك ما أمر الله به؛ فإنه سبحانه أمر بالحق، وأمر بالصبر، فالفتنة إما من ترك الحق، وإما من ترك الصبر.
وقفة
[55] ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه اﻵية: «هذا تهييج للأمة على الاستغفار».
وقفة
[55] ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ فأمره بالصبر، وأخبره أن وعد الله حق، وأمره أن يستغفر لذنبه.
عمل
[55] ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ مهما اشتدت المحن وأحاط بك الأعداء؛ فخذ بهذا التوجيه الرباني تجد الفرج والنصر.
وقفة
[55] الصبر والصلاة والاستغفار والتسبيح من أعظم ما يُعين على الثبات على الحق ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾.
وقفة
[55] أعظم معين على الصبر اشتغال المؤمن بالإستغفار والتسبيح ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾.
وقفة
[55] ﴿إنَّ وعد الله حقٌّ﴾ أي لا شكَّ فيه، وهذا مما يُعين على الصبر، فإن العبد إذا علم أن عمله غير ضائع بل سيجده كاملًا؛ هان عليه ما يلقاه من المكاره، ويسَّر عليه كل عسير، واستقل من عمله كل كثير.
وقفة
[55] ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ يستحب للمسلم الإكثار من الاستغفار، فقد كان النبي ﷺ يستغفر في اليوم والليلة مائة مرة، فعَنْ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» [مسلم 2702]، وقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ t: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «وَاللَّهِ إِنِّي لاَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» [البخاري 6307]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» [أبو داود 1516، وصححه الألباني].
تفاعل
[55] ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ استغفر الآن.
وقفة
[55] ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ قال البغوي: «أمره بالاستغفار مع أنه مغفور له لتستن به أمته».
وقفة
[55] ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ قال الألوسي: «أمر عليه السلام بذلك إبانة لفضل التوبة ومقدارها عند الله تعالى، وأنها صفة الأنبياء، وبعثًا للكفرة على الرجوع عما هم عليه بأبلغ وجه وألطفه؛ فإنه عليه السلام حيث أمر بها وهو منزَّه عن شائبة اقتراف ما يوجبها من الذنب وإن قل، فتوبتهم وهم عاكفون على أنواع الكفر والمعاصي مما لا بد منه أولى».
عمل
[55] تذكر ذنوبًا فعلتها، ثم أكثر الاستغفار منها ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾.
تفاعل
[55] ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ سَبِّح الله الآن.
عمل
[55] ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ قل: (سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ) مائةَ مرةٍ في المساءِ وفي الصَّباح.
وقفة
[55] ﴿وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار﴾ هما أفضل الأوقات، وفيهما من الأوراد والوظائف الواجبة والمستحبة ما فيهما؛ لأن في ذلك عونًا على جميع الأمور.
وقفة
[55] ﴿وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار﴾ من أدام التسبيح انفرجت أسراره، ومن أدام الحمد تتابعت عليه الخيرات، ومن أدام الاستغفار فتحت له المغاليق.

الإعراب :

  • ﴿ فَاصْبِرْ:
  • الفاء استئنافية. اصبر: فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. بمعنى: فاصبر على أذى قومك.
  • ﴿ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. وعد: اسم «إن» منصوب بالفتحة. الله: لفظ‍ الجلالة مضاف اليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة جره الكسرة. حق: خبر «إن» مرفوع بالضمة. بمعنى إن وعد الله بنصرك يا محمد حق وإن العاقبة لك.
  • ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ:
  • معطوفة بالواو على «اصبر» وتعرب اعرابها. وحذف المفعول لأنه معلوم اي واستغفر الله لذنبك. لذنبك: جار ومجرور متعلق باستغفر والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ:
  • تعرب اعراب «واستغفر» بمعنى ونزه ربك عن الشوائب. بحمد: جار ومجرور متعلق بسبح او متعلق بحال من ضمير «سبح» بتقدير: حامدا ربك. ربك: مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والكاف: اعربت في «لذنبك».
  • ﴿ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ:
  • جار ومجرور متعلق باستغفر والابكار: معطوفة بالواو على «العشي» وتعرب مثلها. وقيل هما صلاتا العصر والفجر.'

المتشابهات :

الروم: 60﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ
غافر: 55﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ
غافر: 77﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [55] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ أنه ينصر رسلَه والمؤمنين، وضربَ لذلك مثلًا بحال موسى عليه السلام؛ خاطبَ نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم هنا، وأمرَه بالصبرِ على الأذى، قال تعالى:
﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [56] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ ..

التفسير :

[56] إن الذين يدفعون الحق بالباطل، ويردُّون الحجج الصحيحة بالشُّبه الفاسدة بلا برهان ولا حجة من الله، ليس في صدور هؤلاء إلا تكبر عن الحق؛ حسداً منهم على الفضل الذي آتاه الله نبيه، وكرامةِ النبوة التي أكرمه بها، وهو أمر ليسوا بمدركيه ولا نائليه، فاعتصم بال

يخبر تعالى أن من جادل في آياته ليبطلها بالباطل، بغير بينة من أمره ولا حجة، إن هذا صادر من كبر في صدورهم على الحق وعلى من جاء به، يريدون الاستعلاء عليه بما معهم من الباطل، فهذا قصدهم ومرادهم.

ولكن هذا لا يتم لهم وليسوا ببالغيه، فهذا نص صريح، وبشارة، بأن كل من جادل الحق أنه مغلوب، وكل من تكبر عليه فهو في نهايته ذليل.

{ فَاسْتَعِذْ} أي:اعتصم والجأ{ بِاللَّهِ} ولم يذكر ما يستعيذ، إرادة للعموم. أي:استعذ بالله من الكبر الذي يوجب التكبر على الحق، واستعذ بالله من شياطين الإنس والجن، واستعذ بالله من جميع الشرور.

{ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} لجميع الأصوات على اختلافها،{ الْبَصِيرُ} بجميع المرئيات، بأي محل وموضع وزمان كانت.

والمراد بالمجادلة في قوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ.. المجادلة بالباطل بدون حجة أو دليل، أما المجادلة لإحقاق الحق والكشف عنه..

فهي محمودة، لأنها تهدى إلى الخير والصلاح.

قال صاحب الكشاف: فأما الجدال في آيات الله، لإيضاح ملتبسها، وحل مشكلها، ومقادحة أهل العلم في استنباط معانيها ورد أهل الزيغ عنها، فأعظم جهاد في سبيل الله.. .

وجملة إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ خبر إن، والكبر بمعنى التكبر والتعالي والتعاظم على الغير.

والمعنى: إن الذين يجادلون في آيات الله- تعالى- الدالة على وحدانيته وصدق رسله، وليس عندهم دليل أو برهان على صحة دعواهم..

هؤلاء المجادلون بالباطل ما حملهم على ذلك إلا التكبر والتعاظم والتطلع إلى الرياسة وإلى أن تكون النبوة فيهم أو فيمن يميلون إليهم.. وهم جميعا لن يصلوا إلى شيء من ذلك، ولن يبلغوا ما تتوق إليه نفوسهم المريضة، لأن العطاء والمنع بيد الله- تعالى- وحده.

وصدق الله إذ يقول: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .

فالآية الكريمة تبين أن على رأس الأسباب التي حملت هؤلاء المجادلين بالباطل على جدالهم.

هو حبهم للتكبر والتعالي ...

قال الآلوسى: قوله: بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ ... أى: بغير حجة في ذلك أتتهم من جهته- تعالى- وتقييد المجادلة بذلك مع استحالة إتيان الحجة، للإيذان بأن المتكلم في أمر الدين، لا بد من استناده إلى حجة واضحة وبرهان مبين، وهذا عام في كل مجادل مبطل..

وقوله: ما هُمْ بِبالِغِيهِ صفة لقوله كِبْرٌ أى ما هم ببالغي موجب الكبر ومقتضية، وهو متعلق إرادتهم من دفع الآيات أو من الرياسة أو النبوة.. .

وقوله- سبحانه-: فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. إرشاد منه- تعالى- إلى ما يقي من شرور هؤلاء المجادلين بالباطل.

أى: هذا هو حال المجادلين بالباطل وهذا هو الدافع إلى جدالهم، وما دام هذا هو حالهم،فالتجئ إلى الله- تعالى- أيها الرسول الكريم- لكي يحفظك من شرورهم وكيدهم، إنه- تعالى- هو السميع لكل شيء، البصير بما ظهر وخفى من شئون عباده.

وقوله : ( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم ) أي : يدفعون الحق بالباطل ، ويردون الحجج الصحيحة بالشبه الفاسدة بلا برهان ولا حجة من الله ، ( إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ) أي : ما في صدورهم إلا كبر على اتباع الحق ، واحتقار لمن جاءهم به ، وليس ما يرومونه من إخمال الحق وإعلاء الباطل بحاصل لهم ، بل الحق هو المرفوع ، وقولهم وقصدهم هو الموضوع ، ( فاستعذ بالله ) أي : من حال مثل هؤلاء ، ( إنه هو السميع البصير ) أو من شر مثل هؤلاء المجادلين في آيات الله بغير سلطان . هذا تفسير ابن جرير .

وقال كعب وأبو العالية : نزلت هذه الآية في اليهود : ( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ) قال أبو العالية : وذلك أنهم ادعوا أن الدجال منهم ، وأنهم يملكون به الأرض . فقال الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - آمرا له أن يستعيذ من فتنة الدجال ، ولهذا قال : ( فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير ) .

وهذا قول غريب ، وفيه تعسف بعيد ، وإن كان قد رواه ابن أبي حاتم في كتابه ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56)

يقول تعالى ذكره: إن الذين يخاصمونك يا محمد فيما أتيتهم به من عند ربك من الآيات ( بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ) يقول: بغير حجة جاءتهم من عند الله بمخاصمتك فيها( إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ ) يقول: ما في صدورهم إلا كبر يتكبرون من أجله عن اتباعك, وقبول الحق الذي أتيتهم به حسدا منهم على الفضل الذي آتاك الله, والكرامة التي أكرمك بها من النبوّة ( مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ) يقول: الذي حسدوك عليه أمر ليسوا بُمدركيه ولا نائليه, لأن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, وليس بالأمر الذي يدرك بالأمانيّ; وقد قيل: إن معناه: إن في صدورهم إلا عظمة ما هم ببالغي تلك العظمة لأن الله مذلُّهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال. ثني أبو عاصم, قال. ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ ) قال: عظمة.

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: ( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتاد., قوله.( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ) لم يأتهم بذاك سلطان.

وقوله: ( فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) يقول تعالى ذكره: فاستجر بالله يا محمد من شرّ هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان, ومن الكبر أن يعرض فى قلبك منه شيء ( إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) يقول: إن الله هو السميع لما يقول هؤلاء المجادلون في آيات الله وغيرهم من قول البصير بما تمله جوارحهم, لا يخفى عليه شيء من ذلك.

التدبر :

عمل
[56] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾ في أكثر الأحيان يكون الحامل على الجدال: الكبر، فلا تخض نقاشًا مع متكبر.
وقفة
[56] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾ كل من تكلم في أمر الدين، فلا بد له من حجة ودليل.
وقفة
[56] الحجج الواهية إذا صاحبها كِبْر؛ أصبحت أدلة قويَّة عند أصحابها ﴿إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر﴾.
وقفة
[56] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ﴾ وفائدة هذا القيد: تشنيع مجادلتهم؛ وإلا فإن المجادلة في آيات الله لا تكون إلا بغير سلطان؛ لأن آيات الله لا تكون مخالفة للواقع، فهذا القيد نظير القيد في قوله: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) [القصص: 50].
وقفة
[56] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ﴾ أي: تكبر وتعاظم يمنعهم من أن يتبعوك وأن ينقادوا إليك.
وقفة
[56] الكِبر من أسباب الجدال في دين الله والضياع ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ﴾.
وقفة
[56] غالبًا كثرة الجدال تكون بسبب الكِبر والرغبة بالانتصار الشخصي لا للحق ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ﴾.
وقفة
[56] أكثر من يجادل بالباطل ليزيل به الحق إنما يجادل عن كِبر ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ﴾.
عمل
[56] استعذ بالله من الكبر، فإنه يمنع من قبول الحق ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ﴾.
وقفة
[56] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ المجادلة بالباطل من أهم أسبابه كِبر في قلب المجادِل واستعلاء واستكبار.
عمل
[56] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ الجدال بغير علم من وساوس الشيطان الذي يوافق كبرًا في نفس المجادل، فاحذر الوقوع في براثنه، استعذ بالله، واحذر من الجدال بآيات الله بغير علم.
وقفة
[56] ﴿إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ﴾ فالمتكبر يريد أن يصل بتكبره ورده للحق إلى منزلة لم يصل إليها بعمله ومواهبه؛ حسدًا وبغيًا، وعد من الله بأنه لن يحقق ذلك، بل إنه بمقدار تكبره سينزل عن مرتبته التي هو فيها قبل تكبره، بخلاف ما كان يؤمله ويرتجيه من علو! جزاءً وفاقًا.
وقفة
[56] ﴿إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ﴾ الحق يعلو ولا يُعلى عليه. قال ابن كثير: «ما في صدورهم إلا كبر على اتباع الحق، واحتقار لمن جاءهم به، وليس ما يرومونه من إخمال الحق وإعلاء الباطل بحاصل لهم، بل الحق هو المرفوع».
وقفة
[56] ﴿إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ﴾ من أذله الله فلا عزة له. وقيل: في صدورهم عظمة، ما هم ببالغي تلك العظمة؛ لأن الله مذلّهم.
وقفة
[56] ﴿إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ﴾ المُتكبِّر أقلُّ النَّاسِ بلوغًا لمُرادِه، لأنَّه يعيشُ وهمًا، والوهمُ لا يتحقَّقُ.
لمسة
[56] ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ولم يذكر يستعيذ من ماذا؛ ليفيد العموم، أي استعذ بالله من الكبر، واستعذ به من شياطين الإنس والجن، واستعذ بالله من كل الشرور.
تفاعل
[56] ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ﴾ استعذ بالله الآن.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها والجملة بعده: صلته لا محل لها.
  • ﴿ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ:
  • اعربت في الآية الكريمة الخامسة والثلاثين.
  • ﴿ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ:
  • إن: مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. في صدور: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة. والجملة الاسمية إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاّ كِبْرٌ» في محل رفع خبر «إن».
  • ﴿ إِلاّ كِبْرٌ:
  • اداة حصر لا عمل لها. كبر: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. بمعنى فما ذلك إلا تكبر منهم عن قبول الحق.
  • ﴿ ما هُمْ بِبالِغِيهِ:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع صفة-نعت-لكبر. ما: نافية لا عمل لها. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. ببالغيه: جار ومجرور متعلق بخبر «هم» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون للإضافة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة وهو من اضافة العامل-اسم الفاعل-الى معموله. اي ببالغي موجب الكبر ومقتضيه.
  • ﴿ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ:
  • الفاء استئنافية للتعليل. استعذ: فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: انت. بالله: جار ومجرور للتعظيم متعلق باستعذ. اي فالجئ الى الله من شرورهم.
  • ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد التعليل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسمها. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. السميع البصير: خبرا «هو» اي خبر بعد خبر للمبتدإ «هو» مرفوعان بالضمة. بمعنى: هو السميع لما تقول ويقولون وهو البصير بما تعمل ويعملون. والجملة الاسمية هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» في محل رفع خبر «إن» ويجوز ان يكون «هو» ضمير فصل او عماد لا محل له من الاعراب ويكون السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» خبري «إن».'

المتشابهات :

الأعراف: 200﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
النحل: 98﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
غافر: 56﴿إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
فصلت: 36﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [56] لما قبلها :     وبعد الرَّدِّ على مُجادَلةِ المشركينَ في آياتِ اللهِ، ودَحْضِ شُبَهِهم، وتَوعُّدِهم على كُفْرِهم، وضَرْبِ الأمثالِ لهم، ووعدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والمؤمنينَ بالنَّصرِ عليهم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا سببَ جدالِ المشركينَ في آياتِ اللهِ بالباطلِ الذي بدأتْ بهِ السورةُ، وهو: التَّكبُّرُ عن أنْ يَكونوا تَبعًا للرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [57] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ ..

التفسير :

[57] لَخَلْق الله السموات والأرض أكبر من خَلْق الناس وإعادتهم بعد موتهم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن خلق جميع ذلك هيِّن على الله.

يخبر تعالى بما تقرر في العقول، أن خلق السماوات والأرض -على عظمهما وسعتهما- أعظم وأكبر، من خلق الناس، فإن الناس بالنسبة إلى خلق السماوات والأرض من أصغر ما يكون فالذي خلق الأجرام العظيمة وأتقنها، قادر على إعادة الناس بعد موتهم من باب أولى وأحرى. وهذا أحد الأدلة العقلية الدالة على البعث، دلالة قاطعة، بمجرد نظر العاقل إليها، يستدل بها استدلالاً لا يقبل الشك والشبهة بوقوع ما أخبرت به الرسل من البعث.

وليس كل أحد يجعل فكره لذلك، ويقبل بتدبره، ولهذا قال:{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} ولذلك لا يعتبرون بذلك، ولا يجعلونه منهم على بال.

ثم بين- سبحانه- للناس من طريق المشاهدة صغر حجمهم بالنسبة إلى بعض خلقه- تعالى- فيقول: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

أى: لخلق السموات والأرض ابتداء وبدون مثال سابق، أكبر وأعظم من خلق الناس. ومما لا شك فيه أن من قدر على خلق الأعظم، فهو على خلق ما هو أقل منه أقدر وأقدر، ولكن أكثر الناس لاستيلاء الغفلة والهوى عليهم، لا يعلمون هذه الحقيقة الجلية. وقوله- تعالى- أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ إنما هو من باب تقريب الأشياء إلى الفهم. فمن المعروف بين الناس أن معالجة الشيء الكبير أشد من معالجة الشيء الصغير. وإن كان الأمر بالنسبة إلى الله- تعالى- لا تفاوت بين خلق الكبير وخلق الصغير، إذ كل شيء خاضع لإرادته كما قال- سبحانه-: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف اتصل قوله لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ..

بما قبله؟.

قلت: إن مجادلتهم في آيات الله كانت مشتملة على إنكار البعث. وهو أصل المجادلة ومدارها، فحجّوا بخلق السموات والأرض لأنهم كانوا مقرين بأن الله خالقهم، وبأنهما خلق عظيم لا يقادر قدره، وخلق الناس بالقياس إلى خلقهما شيء قليل، فمن قدر على خلقهما مع عظمهما. كان على خلق الإنسان مع ضآلته أقدر.. .

يقول تعالى منبها على أنه يعيد الخلائق يوم القيامة ، وأن ذلك سهل عليه ، يسير لديه - بأنه خلق السموات والأرض ، وخلقهما أكبر من خلق الناس بدأة وإعادة ، فمن قدر على ذلك فهو قادر على ما دونه بطريق الأولى والأحرى ، كما قال تعالى : ( أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير ) [ الأحقاف : 33 ] . وقال هاهنا : ( لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ; فلهذا لا يتدبرون هذه الحجة ولا يتأملونها ، كما كان كثير من العرب يعترفون بأن الله خلق السموات والأرض ، وينكرون المعاد ، استبعادا وكفرا وعنادا ، وقد اعترفوا بما هو أولى مما أنكروا .

القول في تأويل قوله تعالى : لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (57)

يقول تعالى ذكره: لابتداع السموات والأرض وإنشاؤها من غير شيء أعظم أيها الناس عندكم إن كنتم مستعظمي خلق الناس, وإنشائهم من غير شيء من خلق الناس, ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن خلق جميع ذلك هين على الله.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[57] ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ دلالة خلق السماوات والأرض على البعث؛ لأن من خلق ما هو عظيم قادر على إعادة الحياة إلى ما دونه.
وقفة
[57] ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ في الكون (المعلوم) قرابة مليون مليون مجرَّة، وفي المجرَّة الواحدة قرابة مليون مليون نجم، وبعض النجوم يكبر الشمس بملايين المرَّات، فأيها أعظم خلق الناس أم هذا الخلق؟
وقفة
[57] ضرب الله في كتابه أمثالًا بالبعوضة والذباب والعنكبوت، وهي على صغرها محل للاعتبار العميق، فكيف بما هو أكبر ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾.
وقفة
[57] العجب ممن يؤمن أن الله يُسير الأفلاك بنظام دقيق من أول خلقها لم تختل، ثم يرفض نظامه للحياة والسياسة ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾.
وقفة
[57] من قدر على خلق الشيء العظيم فهو أقدر على إحياء الضعيف ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾.
وقفة
[57] الملحد يؤمن بيقين أن الدولة لا تصلح إلا برئيس يُدبرها، ويرى أن الكون بأفلاكه يسير بانتظام بلا مدبّر ﴿لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس﴾.
وقفة
[57] الإنسان إذا قاس نفسه بعالم الذرة فأخذته العبرة لكبره، فليقسها بعالم الكواكب، بالسماء، ليستشعر الهوان من صغره وضآلته، ولكن من طبيعة البشر الغرور: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
وقفة
[57] قال أحداهن: «ثلاث سنين قضيتها في العلاجات والأطباء والأعشاب؛ لأرزق بطفل، وفي يوم ما، وبعد أن قاربت الوصول إلي اليأس، كنت أقرأ : ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾، فقلت: إذا كان خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس، فهو قادر علي أن يخلق جنينًا في رحمي، وما هي إلا أيام معدودات حتي حملت، وأنعم الله علي بطفلتي الجميلة، فله الحمد والشكر».
وقفة
[57] ﴿لَخَلْقُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ أكبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أكثَر النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أي: أنَّ خلق الأصغر أسهلُ من خلق الأكبر، ثم قال: ﴿لا يؤمنون﴾ [59] أي بالبعث، ثم قال: ﴿لا يشكرون﴾ [61]، أي الله على فضله، فختم كل آيةٍ بما اقتضاه أولها.
وقفة
[57] ﴿ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾، ﴿ولكن أكثر الناس لا يؤمنون﴾ [59]، ﴿ولكن أكثر الناس لا يشكرون﴾ [61] جميعها في غافر، الأولى: لا يعلمون بعظمة هذا الخلق، والثانية: لا يؤمنون بإتيان وقيام الساعة فهم منكرون لها، والثالثة: لا يشكرون فضل الله عليهم ونعمته الظاهرة والباطنة.
عمل
[57] ولكن أكثر الناس: ﴿لا يعلمون﴾، ﴿لا يؤمنون﴾ [59]، ﴿لا يشكرون﴾ [61]؛ احذر أن تكون منهم! اللهم اجعلنا من القليل العالم المؤمن الشاكر.

الإعراب :

  • ﴿ لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:
  • اللام: لام التوكيد. خلق: مبتدأ مرفوع بالضمة. السموات: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض: معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها.
  • ﴿ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ:
  • خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف صيغة تفضيل أي أفعل تفضيل وبوزن الفعل. من خلق: جار ومجرور متعلق بأكبر. الناس: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ:
  • الواو استدراكية. لكن: حرف مشبه بالفعل. أكثر: اسمها منصوب بالفتحة. الناس: أعربت.
  • ﴿ لا يَعْلَمُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «لكن».لا: نافية لا عمل لها. يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعولها لأنه معلوم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [57] لما قبلها :     ولَمَّا كانت مُجادَلتُهم في آياتِ اللهِ مُشتَمِلةً على إنكارِ البَعثِ، وهو أصلُ المُجادَلةِ ومَدارُها؛ فحُجُّوا هنا بخَلقِ السَّمَواتِ والأرضِ؛ لأنَّهم كانوا مُقِرِّينَ بأنَّ اللهَ خالِقُها، وبأنَّها خَلقٌ عَظيمٌ، وخَلقُ النَّاسِ بالقياسِ إليه شَيءٌ قَليلٌ مَهينٌ، فمَن قدَرَ على خَلْقِها معَ عِظَمِها، كان على خَلْقِ الإنسانِ أو بَعْثِه أقْدَرَ، قال تعالى:
﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [58] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ ..

التفسير :

[58] وما يستوي الأعمى والبصير، وكذلك لا يستوي المؤمنون الذين يُقِرُّون بأن الله هو الإله الحق لا شريك له، ويستجيبون لرسله ويعملون بشرعه، والجاحدون الذين ينكرون أن الله هو الإله الحق، ويكذبون رسله، ولا يعملون بشرعه. قليلاً ما تتذكرون -أيها الناس- حجج الله،

أي:كما لا يستوي الأعمى والبصير، كذلك لا يستوي من آمن بالله وعمل الصالحات، ومن كان مستكبرًا على عبادة ربه، مقدمًا على معاصيه، ساعيًا في مساخطه،{ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ} أي:تذكركم قليل وإلا، فلو تذكرتم مراتب الأمور، ومنازل الخير والشر، والفرق بين الأبرار والفجار، وكانت لكم همة عليه، لآثرتم النافع على الضار، والهدى على الضلال، والسعادة الدائمة، على الدنيا الفانية.

وقوله- تعالى- وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ ... نفى لعدم المساواة بين الأخيار والأشرار. والمتقين والفجار..

أى: كما أنه لا يصح في عرف أى عاقل المساواة بين الأعمى والبصير. كذلك لا تصح المساواة بين المؤمنين الذين قدموا في دنياهم العمل الصالح، وبين الكافرين والفاسقين الذين لطخوا حياتهم بالعمل السيئ، والفعل القبيح..

ولفظ «قليلا» في قوله- تعالى- قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ مفعول مطلق، وهو صفة لموصوف محذوف، و «ما» مزيدة للتأكيد. أى تذكرا قليلا تتذكرون.

ثم قال : ( وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء ) أي كما لا يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا ، والبصير الذي يرى ما انتهى إليه بصره ، بل بينهما فرق عظيم ، كذلك لا يستوي المؤمنون الأبرار والكفرة الفجار ، ( قليلا ما تتذكرون ) أي : ما أقل ما يتذكر كثير من الناس .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58)

وما يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا, وهو مثل الكافر الذي لا يتأمل حجج الله بعينيه, فيتدبرها ويعتبر بها, فيعلم وحدانيته وقُدرته على خلق ما شاء من شيء, ويؤمن به ويصدّق. والبصير الذي يرى بعينيه ما شخص لهما ويبصره, وذلك مثل للمؤمن الذي يرى بعينيه حجج الله, فيتفكَّر فيها ويتعظ, ويعلم ما دلت عليه من توحيد صانعه, وعظيم سلطانه وقُدرته على خلق ما يشاء; يقول جلّ ثناؤه: كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) يقول جلّ ثناؤه: ولا يستوي أيضا كذلك المؤمنون بالله ورسوله, المطيعون لربهم, ولا المسيء, وهو الكافر بربه, العاصي له, المخالف أمره ( قَلِيلا مَا تَتَذَكَّرُونَ ) يقول جل ثناؤه: قليلا ما تتذكرون أيها الناس حجج الله, فتعتبرون وتتعظون; يقول: لو تذكرتم آياته واعتبرتم, لعرفتم خطأ ما أنتم عليه مقيمون من إنكاركم قدرة الله على إحيائه من فني من خلقه من بعد الفناء, وإعادتهم لحياتهم من بعد وفاتهم, وعلمتم قبح شرككم من تشركون في عبادة ربكم.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( تَتَذَكَّرُونَ ) فقرأت ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة: " يَتَذَكَّرُونَ" بالياء على وجه الخبر, وقرأته عامة قرّاء الكوفة: ( تَتَذَكَّرُونَ ) بالتاء على وجه الخطاب, والقول في ذلك أن القراءة بهما صواب.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[58] ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ ۚ قَلِيلًا مَّا تَتَذَكَّرُونَ﴾ وإنما قدم ذكر الأعمى على ذكر البصير مع أن البصر أشرف من العمى بالنسبة لذات واحدة، والمشبهَ بالبصير أشرفُ من المشبه بالأعمى؛ إذ المشبه بالبصير المؤمنون، فقدم ذكر تشبيه الكافرين؛ مراعاة لكون الأهمُّ في المقام بيانَ حال الذين يجادلون في الآيات؛ إذ هم المقصود بالموعظة.
وقفة
[58] ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ ۚ قَلِيلًا مَّا تَتَذَكَّرُونَ﴾ كما أنه لا يصح المساواة بين الأعمى والبصير، فكذلك لا تصح مساواة المؤمن بالكافر، والبر والفاجر، لا عند الله، ولا في دنيا الناس.

الإعراب :

  • ﴿ وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. يستوي: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل. الاعمى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والبصير: معطوفة بالواو على «الأعمى» مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة الظاهرة. ضرب سبحانه وتعالى الأعمى والبصير مثلا للمحسن والمسيء.
  • ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا:
  • الواو عاطفة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع لأنه معطوف على مرفوع أي ولا يستوي الذين. آمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ:
  • معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.
  • ﴿ وَلا الْمُسِيءُ:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد معنى النفي. المسيء: مرفوع بالضمة لأنه معطوف على مرفوع. أي ولا يستوي المسيء الذي يعمل السيئات.
  • ﴿ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ:
  • صفة نائبة عن المصدر-المفعول المطلق-بتقدير: تذكرا قليلا تتذكرون. و «ما» زائدة مهملة. تتذكرون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بمعنى: تتعظون.'

المتشابهات :

فاطر: 19﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ
غافر: 58﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [58] لما قبلها :     ولَمَّا نزَّل اللهُ المُشرِكينَ مَنزِلةَ مَن لا يَعلَمُ؛ ضرَبَ مثَلًا لهم وللمُؤمِنينَ؛ فمَثَلُ الَّذين يُجادِلونَ في أمْرِ البَعثِ مع وُضوحِ إمكانِه مَثَلُ الأعمَى، ومَثَلُ المؤمِنينَ الَّذين آمَنوا به مَثَلُ حالِ البَصيرِ، قال تعالى :
﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَّا تَتَذَكَّرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تتذكرون:
1- بتاء الخطاب، وهى قراءة قتادة، وطلحة، وأبى عبد الرحمن، وعيسى، والكوفيين.
وقرئ:
2- بالياء، على الغيبة، وهى قراءة الأعرج، والحسن، وأبى جعفر، وشيبة.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف