ترتيب المصحف | 40 | ترتيب النزول | 60 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 9.80 |
عدد الآيات | 85 | عدد الأجزاء | 0.47 |
عدد الأحزاب | 0.95 | عدد الأرباع | 3.80 |
ترتيب الطول | 21 | تبدأ في الجزء | 24 |
تنتهي في الجزء | 24 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 21/29 | الحواميم: 1/7 |
= ثُمَّ رَدُّ خزنةِ جهنَّمَ على الكُفَّارِ، ولمَّا بَيَّنَ اللهُ حِفْظَه لموسى ومؤمنِ آلِ فرعونَ من مكرِ فرعونَ بَيَّنَ هنا أنه ينصرُ رسلَه والذينَ آمنُوا معَه، ثُمَّ أمرَ نَبيَّه ﷺ بالصَّبرِ.
قريبًا إن شاء الله
توضيحُ سببِ جدالِ المشركينَ في آياتِ اللهِ بالباطلِ الذي بدأتْ بهِ السورةُ، ثُمَّ ذِكرُ أدلَّةٍ على وجودِ اللهِ وقدرتِه وإمكانِ يومِ القيامةِ، مثل: 1- خلقُ السَّمواتِ والأرض.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
فـ{ قَالُوا} لهم موبخين ومبينين أن شفاعتهم لا تنفعهم، ودعاءهم لا يفيدهم شيئًا:{ أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} التي تبينتم بها الحق والصراط المستقيم، وما يقرب من الله وما يبعد منه؟
{ قَالُوا بَلَى} قد جاءونا بالبينات، وقامت علينا حجة الله البالغة فظلمنا وعاندنا الحق بعد ما تبين.{ قَالُوا} أي:الخزنة لأهل النار، متبرئين من الدعاء لهم والشفاعة:{ فَادْعُوا} أنتم ولكن هذا الدعاء هل يغني شيئا أم لا؟
قال تعالى:{ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} أي:باطل لاغ، لأن الكفر محبط لجميع الأعمال صادّ لإجابة الدعاء.
وهنا يرد عليهم خزنة جهنم بقولهم: أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ أى: قالوا لهم على سبيل التوبيخ والتأنيب: أو لم تك رسلكم في الدنيا تنذركم بسوء مصير الكافرين، وتأتيكم بالمعجزات الواضحات الدالة على صدقهم.
قالُوا بَلى أى: الكافرون لخزنة جهنم: بلى أتونا بكل ذلك فكذبناهم.
وهنا رد عليهم الخزنة بقولهم: مادام الأمر كما ذكرتم من أن الرسل قد نصحوكم ولكنكم أعرضتم عنهم فَادْعُوا ما شئتم فإن الدعاء والطلب والرجاء لن ينفعكم شيئا.
وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ أى: وما دعاء الكافرين وتضرعهم إلا في ضياع وخسران.
( أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات ) أي : أوما قامت عليكم الحجج في الدنيا على ألسنة الرسل ؟ ( قالوا بلى قالوا فادعوا ) أي : أنتم لأنفسكم ، فنحن لا ندعو لكم ولا نسمع منكم ولا نود خلاصكم ، ونحن منكم برآء ، ثم نخبركم أنه سواء دعوتم أو لم تدعوا لا يستجاب لكم ولا يخفف عنكم ; ولهذا قالوا : ( وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) أي : إلا من ذهاب ، لا يتقبل ولا يستجاب .
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ (50)
وقوله: ( قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ) يقول تعالى ذكره: قالت خزنة جهنم لهم: أو لم تك تأتيكم في الدنيا رسلكم بالبيّنات من الحجج على توحيد الله, فتوحدوه وتؤمنوا به, وتتبرّءوا مما دونه من الآلهة؟ قالوا: بلى, قد أتتنا رسلنا بذلك.
وقوله: ( قَالُوا فَادْعُوا ) يقول جلّ ثناؤه: قالت الخزنة لهم: فادعوا إذن ربكم الذي أتتكم الرسل بالدعاء إلى الإيمان به.
وقوله: ( وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ ) يقول: قد دعوا وما دعاؤهم إلا في ضلال, لأنه دعاء لا ينفعهم, ولا يستجاب لهم, بل يقال لهم: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
غافر: 25 | ﴿قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ ۚ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾ |
---|
الرعد: 14 | ﴿لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾ |
---|
غافر: 50 | ﴿قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
لما ذكر عقوبة آل فرعون في الدنيا، والبرزخ، ويوم القيامة، وذكر حالة أهل النار الفظيعة، الذين نابذوا رسله وحاربوهم، قال:{ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي:بالحجة والبرهان والنصر، في الآخرة بالحكم لهم ولأتباعهم بالثواب، ولمن حاربهم بشدة العقاب.
ثم بين- سبحانه- سنة من سننه التي لا تتخلف فقال: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا، وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ.
والأشهاد: جمع شاهد، وعلى رأسهم الأنبياء الذين يشهدون على أممهم يوم القيامة بأنهم قد بلغوهم دعوة الله، والملائكة الذين يشهدون للرسل بالتبليغ، وللمؤمنين بالإيمان وللكافرين بالكفر، وكل من يقوم يوم القيامة للشهادة على غيره يكون من الأشهاد.
أى: لقد اقتضت سنتنا التي لا تتخلف أن ننصر رسلنا والمؤمنين في الدنيا بالحجة الدامغة التي تزهق باطل أعدائهم، وبالتغلب عليهم، وبالانتقام منهم.
وأن ننصرهم في الآخرة كذلك بأن نجعل لهم الجنة، والنار لأعدائهم.
قال صاحب الكشاف: قوله: فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ أى: في الدنيا والآخرة، يعنى أنه ينصرهم في الدارين جميعا بالحجة والظفر على أعدائهم، وإن غلبوا في الدنيا في بعض الأحايين امتحانا من الله، فالعاقبة لهم، ويتيح الله من يقتص من أعدائهم ولو بعد حين .
وما ذكره صاحب الكشاف فإننا نراه واقعا في سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلم وفي سيرة أتباعه فلقد هاجر النبي صلّى الله عليه وسلم من مكة وليس معه سوى أبى بكر الصديق، وعاد إليها بعد ثماني سنوات فاتحا غازيا ظافرا، ومن حوله الآلاف من أصحابه.
والمؤمنون قد يغلبون- أحيانا- ويعتدى عليهم.. ولكن العاقبة لا بد أن تكون لهم. متى داوموا على التمسك بما يقتضيه إيمانهم من الثبات على الحق، ومن العمل الصالح..
وعبر- سبحانه- عن يوم القيامة، بيوم يقوم الأشهاد، للإشعار بأن نصر الرسل والمؤمنين في هذا اليوم سيكون نصرا مشهودا معلوما من الأولين والآخرين، لا ينكره منكر.
ولا ينازع فيه منازع.
قد أورد أبو جعفر بن جرير ، رحمه الله تعالى ، عند قوله تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ) سؤالا فقال : قد علم أن بعض الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام ، قتله قومه بالكلية كيحيى وزكريا وشعياء ، ومنهم من خرج من بين أظهرهم إما مهاجرا كإبراهيم ، وإما إلى السماء كعيسى ، فأين النصرة في الدنيا ؟ ثم أجاب عن ذلك بجوابين .
أحدهما : أن يكون الخبر خرج عاما ، والمراد به البعض ، قال : وهذا سائغ في اللغة .
الثاني : أن يكون المراد بالنصر الانتصار لهم ممن آذاهم ، وسواء كان ذلك بحضرتهم أو في غيبتهم أو بعد موتهم ، كما فعل بقتلة يحيى وزكريا وشعياء ، سلط عليهم من أعدائهم من أهانهم وسفك دماءهم ، وقد ذكر أن النمروذ أخذه الله أخذ عزيز مقتدر ، وأما الذين راموا صلب المسيح ، عليه السلام ، من اليهود ، فسلط الله عليهم الروم فأهانوهم وأذلوهم ، وأظهرهم الله عليهم . ثم قبل يوم القيامة سينزل عيسى ابن مريم إماما عادلا وحكما مقسطا ، فيقتل المسيح الدجال وجنوده من اليهود ، ويقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويضع الجزية فلا يقبل إلا الإسلام . وهذه نصرة عظيمة ، وهذه سنة الله في خلقه في قديم الدهر وحديثه : أنه ينصر عباده المؤمنين في الدنيا ، ويقر أعينهم ممن آذاهم ، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " يقول الله تعالى : من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب " وفي الحديث الآخر : " إني لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرب " ; ولهذا أهلك تعالى قوم نوح وعاد وثمود ، وأصحاب الرس ، وقوم لوط ، وأهل مدين ، وأشباههم وأضرابهم ممن كذب الرسل وخالف الحق . وأنجى الله من بينهم المؤمنين ، فلم يهلك منهم أحدا وعذب الكافرين ، فلم يفلت منهم أحدا .
قال السدي : لم يبعث الله رسولا قط إلى قوم فيقتلونه ، أو قوما من المؤمنين يدعون إلى الحق فيقتلون ، فيذهب ذلك القرن حتى يبعث الله لهم من ينصرهم ، فيطلب بدمائهم ممن فعل ذلك بهم في الدنيا . قال : فكانت الأنبياء والمؤمنون يقتلون في الدنيا ، وهم منصورون فيها .
وهكذا نصر الله [ سبحانه ] نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على من خالفه وناوأه ، وكذبه وعاداه ، فجعل كلمته هي العليا ، ودينه هو الظاهر على سائر الأديان . وأمره بالهجرة من بين ظهراني قومه إلى المدينة النبوية ، وجعل له فيها أنصارا وأعوانا ، ثم منحه أكتاف المشركين يوم بدر ، فنصره عليهم وخذلهم له ، وقتل صناديدهم ، وأسر سراتهم ، فاستاقهم مقرنين في الأصفاد ، ثم من عليهم بأخذه الفداء منهم ، ثم بعد مدة قريبة فتح [ عليه ] مكة ، فقرت عينه ببلده ، وهو البلد المحرم الحرام المشرف المعظم ، فأنقذه الله به مما كان فيه من الشرك والكفر ، وفتح له اليمن ، ودانت له جزيرة العرب بكمالها ، ودخل الناس في دين الله أفواجا . ثم قبضه الله ، تعالى ، إليه لما له عنده من الكرامة العظيمة ، فأقام الله أصحابه خلفاء بعده ، فبلغوا عنه دين الله ، ودعوا عباد الله إلى الله . وفتحوا البلاد والرساتيق والأقاليم والمدائن والقرى والقلوب ، حتى انتشرت الدعوة المحمدية في مشارق الأرض ومغاربها . ثم لا يزال هذا الدين قائما منصورا ظاهرا إلى قيام الساعة ; ولهذا قال تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) أي : يوم القيامة تكون النصرة أعظم وأكبر وأجل .
قال مجاهد : الأشهاد : الملائكة .
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51)
يقول القائل: وما معنى: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) وقد علمنا أن منهم من قتله أعداؤه, ومثَّلوا به, كشعياء ويحيى بن زكريا وأشباههما. ومنهم من همّ بقتله قومه, فكان أحسن أحواله أن يخلص منهم حتى فارقهم ناجيا بنفسه, كإبراهيم الذي هاجر إلى الشام من أرضه مفارقا لقومه, وعيسى الذي رفع إلى السماء إذ أراد قومه قتله, فأين النصرة التي أخبرنا أنه ينصرها رسله, و المؤمنين به في الحياة الدنيا, وهؤلاء أنبياؤه قد نالهم من قومهم ما قد علمت, وما نصروا على من نالهم بما نالهم به؟ قيل: إن لقوله: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) وجهين كلاهما صحيح معناه. أحدهما أن يكون معناه: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا إما بإعلائناهم على من كذّبنا وإظفارنا بهم, حتى يقهروهم غلبة, ويذلوهم بالظفر ذلة, كالذي فعل من ذلك بداود وسليمان, فأعطاهما من المُلْك والسلطان ما قهرا به كل كافر, وكالذي فعل بمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بإظهاره على من كذّبه من قومه, وإما بانتقامنا ممن حادّهم وشاقهم بإهلاكهم وإنجاء الرسل ممن كذّبهم وعاداهم, كالذي فعل تعالى ذكره بنوح وقومه, من تغريق قومه وإنجائه منهم, وكالذي فعل بموسى وفرعون وقومه, إذ أهلكهم غرقا, ونجى موسى ومن آمن به من بني إسرائيل وغيرهم ونحو ذلك, أو بانتقامنا في الحياة الدنيا من مكذّبيهم بعد وفاة رسولنا من بعد مهلكهم, كالذي فعلنا من نصرتنا شعياء بعد مهلكه, بتسليطنا على قتله من سلطنا حتى انتصرنا بهم من قتلته, وكفعلنا بقتلة يحيى, من تسليطنا بختنصر عليهم حتى انتصرنا به من قتله له وكانتصارنا لعيسى من مريدي قتله بالروم حتى أهلكناهم بهم, فهذا أحد وجهيه. وقد كان بعض أهل التأويل يوجه معنى ذلك إلى هذا الوجه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن الفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ قول الله: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) قد كانت الأنبياء والمؤمنون يقتلون في الدنيا وهم منصورون, وذلك أن تلك الأمة التي تفعل ذلك بالأنبياء والمؤمنين لا تذهب حتى يبعث الله قوما فينتصر بهم لأولئك الذين قتلوا منهم. والوجه الآخر: أن يكون هذا الكلام على وجه الخبر عن الجميع من الرسل والمؤمنين, والمراد واحد, فيكون تأويل الكلام حينئذ: إنا لننصر رسولنا محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والذين آمنوا به في الحياة الدنيا, ويوم يقوم الأشهاد, كما بيَّنا فيما مضى أن العرب تخرج الخبر بلفظ الجميع, والمراد واحد إذا لم تنصب للخبر شخصا بعينه.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
يقوم:
1- بالياء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- تقوم، بتاء التأنيث، وهى قراءة ابن هرمز، وإسماعيل، والمنقري، عن أبى عمرو.
التفسير :
{ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} حين يعتذرون{ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} أي:الدار السيئة التي تسوء نازليها.
وقوله: يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ. أى: وننصرهم يوم القيامة يوم يقدم الظالمون أعذارهم لكي نعفو عنهم. فلا يقبل منهم عذر واحد، لأنها أعذار ساقطة. وجاءت في غير وقتها.
ولا منافاة بين هذه الآية وبين قوله- تعالى-: وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ لأن المقصود منها واحد. وهو أنهم ليس لهم عذر مقبول حتى يلتفت إليهم، وإنما عذرهم مرفوض رفضا تاما.
وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ من الله- تعالى- ومن عباده المؤمنين وَلَهُمُ- أيضا- سُوءُ الدَّارِ وهي جهنم وسوؤها ما يسوء فيها من العذاب، فالإضافة من باب إضافة الصفة إلى الموصوف. أى: ولهم الدار السوءى.
وفي هاتين الآيتين ما فيهما من البشارة السارة العظيمة للمؤمنين ومن الإهانة التي ليس بعدها إهانة للكافرين.
وقوله : ( يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ) بدل من قوله : ( ويوم يقوم الأشهاد ) .
وقرأ آخرون : " يوم " بالرفع ، كأنه فسره به . ( ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين ) ، وهم المشركون ) معذرتهم ) أي : لا يقبل منهم عذر ولا فدية ، ( ولهم اللعنة ) أي : الإبعاد والطرد من الرحمة ، ( ولهم سوء الدار ) وهي النار . قاله السدي ، بئس المنزل والمقيل .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ولهم سوء الدار ) أي : سوء العاقبة .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة ( وَيَوْمَ يَقُومُ ) بالياء. وينفع أيضا بالياء, وقرأ ذلك بعض أهل مكة وبعض قرّاء البصرة: " تَقُومُ" بالتاء, و " تَنْفَعُ" بالتاء.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقد بيَّنا فيما مضى أن العرب تذكر فعل الرجل وتؤنث إذا تقدّم بما أغنى عن إعادته.
وعني بقوله: ( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) يوم يقوم الأشهاد من الملائكة والأنبياء والمؤمنين على الأمم المكذبة رسلها بالشهادة بأن الرسل قد بلغتهم رسالات ربهم, وأن الأمم كذّبتهم. والأشهاد: جمع شهيد, كما الأشراف: جمع شريف.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتاد.( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) من ملائكة الله وأنبيائه, والمؤمنين به.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) يوم القيامة.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن مجاهد, في قول الله: ( وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) قال الملائكة.
وقوله: ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ) يقول تعالى ذكره: ذلك يوم لا ينفع أهل الشرك اعتذارهم لأنهم لا يعتذرون إن اعتذروا إلا بباطل, وذلك أن الله قد أعذر إليهم في الدنيا, وتابع عليهم الحجج فيها فلا حجة لهم في الآخرة إلا الاعتصام بالكذب بأن يقولوا: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ .
وقوله: ( وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ ) يقول: وللظالمين اللعنة, وهي البعد من رحمة الله ( وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) يقول: ولهم مع اللعنة من الله شرّ ما في الدار الآخرة, وهو العذاب الأليم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ينفع:
قرئ:
1- بالتاء، وبالياء. «انظر: سورة الروم، الآية: 57» .
التفسير :
لما ذكر ما جرى لموسى وفرعون، وما آل إليه أمر فرعون وجنوده، ثم ذكر الحكم العام الشامل له ولأهل النار، ذكر أنه أعطى موسى{ الْهُدَى} أي:الآيات، والعلم الذي يهتدي به المهتدون.{ وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} أي:جعلناه متوارثًا بينهم، من قرن إلى آخر، وهو التوراة.
ثم ساق- سبحانه- مثالا من نصره لرسله ولعباده المؤمنين. فقال- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ، هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ.
أى: والله لقد آتينا عبدنا ونبينا موسى ما يهتدى به من المعجزات والصحف والشرائع.
وأورثنا من بعده قومه بنى إسرائيل الكتاب وهو التوراة. لكي ينتفعوا بإرشاداته وأحكامه وتوجيهاته.
وقوله : ( ولقد آتينا موسى الهدى ) وهو ما بعثه الله به من الهدى والنور ، ( وأورثنا بني إسرائيل الكتاب ) أي : جعلنا لهم العاقبة ، وأورثناهم بلاد فرعون وأمواله وحواصله وأرضه ، بما صبروا على طاعة الله واتباع رسوله موسى ، عليه السلام ، وفي الكتاب الذي أورثوه - وهو التوراة -
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53)
يقول تعالى ذكره ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ) البيان للحقّ الذي بعثناه به كما آتينا ذلك محمدا فكذّب به فرعون وقومه, كما كذّبت قريش محمدا( وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ ) يقول: وأورثنا بني إسرائيل التوراة, فعلَّمناهموها.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وذلك الكتاب مشتمل على الهدى الذي هو:العلم بالأحكام الشرعية وغيرها، وعلى التذكر للخير بالترغيب فيه، وعن الشر بالترهيب عنه، وليس ذلك لكل أحد، وإنما هو{ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}
وفعلنا ما فعلنا من أجل أن يكون ذلك الكتاب هداية وذكرى لأصحاب العقول السليمة فقوله- تعالى- هُدىً وَذِكْرى مفعول لأجله. أو هما مصدران في موضع الحال. أى:
وأورثنا بنى إسرائيل الكتاب، حالة كونه هاديا ومذكرا لأولى الألباب. لأنهم هم الذين ينتفعون بالهدايات. وهم الذين يتذكرون ويعتبرون دون غيرهم.
( هدى وذكرى لأولي الألباب ) وهي : العقول الصحيحة السليمة .
وأنـزلنا إليهم ( هُدًى ) يعني بيانا لأمر دينهم, وما ألزمناهم من فرائضها,( وَذِكْرَى لأولِي الألْبَابِ ) يقول: وتذكيرا منا لأهل الحجا والعقول منهم بها.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَاصْبِرْ} يا أيها الرسول كما صبر من قبلك من أولي العزم المرسلين.{ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} أي:ليس مشكوكًا فيه، أو فيه ريب أو كذب، حتى يعسر عليك الصبر، وإنما هو الحق المحض، والهدى الصرف، الذي يصبر عليه الصابرون، ويجتهد في التمسك به أهل البصائر.
فقوله:{ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} من الأسباب التي تحث على الصبر على طاعة الله وعن ما يكره الله.
{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} المانع لك من تحصيل فوزك وسعادتك، فأمره بالصبر الذي فيه يحصل المحبوب، وبالاستغفار الذي فيه دفع المحذور، وبالتسبيح بحمد الله تعالى خصوصًا{ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} اللذين هما أفضل الأوقات، وفيهما من الأوراد والوظائف الواجبة والمستحبة ما فيهما، لأن في ذلك عونًا على جميع الأمور.
ثم ختم- سبحانه- الآيات الكريمة بأمر النبي صلّى الله عليه وسلم بالصبر على أذى أعدائه. فقال:
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ...
أى: إذا كان الأمر كما ذكرنا لك- أيها الرسول الكريم- من أننا سننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ.. فاصبر على ما أصابك من أعدائك، فإن ما وعدك الله- تعالى- به من النصر ثابت لا شك فيه، وحق لا باطل معه.
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ فإن استغفارك هذا وأنت المعصوم من كل ما يغضبنا- يجعل أمتك تقتدى بك في ذلك، وتسير على نهجك في الإكثار من فعل الطاعات.
وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ أى: وبجانب استغفارك من الذنوب، أكثر من تسبيح ربك ومن تنزيهه عن كل ما لا يليق به عند حلول الليل، وعند تباكير الصباح، فإن هذا الاستغفار، وذلك التسبيح، خير زاد للوصول إلى السعادة والفوز في الدنيا والآخرة.
قال الإمام الرازي ما ملخصه: واعلم أن مجامع الطاعات محصورة في قسمين: التوبة عما لا ينبغي، والاشتغال بما ينبغي، والأول مقدم على الثاني بحسب الرتبة الذاتية. فوجب أن يكون مقدما عليه في الذكر..
أما التوبة عما لا ينبغي، فنراها في قوله- تعالى-: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ.
وأما الاشتغال بما ينبغي، فنراه في قوله- تعالى- وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ.
والتسبيح عبارة عن تنزيه الله- تعالى- عن كل ما لا يليق به، والعشى والإبكار، قيل صلاة العصر وصلاة الفجر. وقيل: الإبكار عبارة عن أول النهار إلى النصف. والعشى عبارة عن النصف إلى آخر النهار، فيدخل فيه كل الأوقات، وبالجملة فالمراد منه المواظبة على ذكر الله. وأن لا يفتر اللسان عنه.. .
ثم تعود السورة الكريمة مرة أخرى إلى توبيخ الذين يجادلون في آيات الله بغير حجة أو برهان، وتبين الأسباب التي حملتهم على ذلك، وترشد إلى العلاج من شرورهم، وتنفى المساواة بين الكافر والمؤمن، وتدعو المؤمنين إلى الإكثار من التضرع إلى الله- تعالى- فتقول:
وقوله : ( فاصبر ) أي : يا محمد ، ( إن وعد الله ) أي : وعدناك أنا سنعلي كلمتك ، ونجعل العاقبة لك ولمن اتبعك ، والله لا يخلف الميعاد . وهذا الذي أخبرناك به حق لا مرية فيه ولا شك .
وقوله : ( واستغفر لذنبك ) هذا تهييج للأمة على الاستغفار ، ( وسبح بحمد ربك بالعشي ) أي : في أواخر النهار وأوائل الليل ، ( والإبكار ) وهي أوائل النهار وأواخر الليل .
وقوله: ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فاصبر يا محمد لأمر ربك, وانفذ لما أرسلك به من الرسالة, وبلِّغ قومك ومن أمرت بإبلاغه ما أنـزل إليك, وأيقن بحقيقة وعد الله الذي وعدك من نصرتك, ونصرة من صدّقك وآمن بك, على من كذّبك, وأنكر ما جئته به من عند ربك, وإن وعد الله حقّ لا خلف له وهو منجز له ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) يقول: وسله غفران ذنوبك وعفوه لك عنه ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ) يقول: وصلّ بالشكر منك لربك ( بِالْعَشِيِّ ) وذلك من زوال الشمس إلى الليل ( وَالإبْكَارِ ) وذلك من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس. وقد وجه قوم الإبكار إلى أنه من طلوع الشمس إلى ارتفاع الضحى, وخروج وقت الضحى, والمعروف عند العرب القول الأوّل.
واختلف أهل العربية في وجه عطف الإبكار والباء غير حسن دخولها فيه على العشيّ, والباء تحسن فيه, فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك: وسبح بحمد ربك بالعشي وفي الإبكار. وقال: قد يقال: بالدار زيد, يراد: فى الدار زيد, وقال غيره: إنما قيل ذلك كذلك, لأن معنى الكلام: صل بالحمد بهذين الوقتين وفي هذين الوقتين, فإدخال الباء في واحد فيهما.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الروم: 60 | ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ﴾ |
---|
غافر: 55 | ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ |
---|
غافر: 77 | ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى أن من جادل في آياته ليبطلها بالباطل، بغير بينة من أمره ولا حجة، إن هذا صادر من كبر في صدورهم على الحق وعلى من جاء به، يريدون الاستعلاء عليه بما معهم من الباطل، فهذا قصدهم ومرادهم.
ولكن هذا لا يتم لهم وليسوا ببالغيه، فهذا نص صريح، وبشارة، بأن كل من جادل الحق أنه مغلوب، وكل من تكبر عليه فهو في نهايته ذليل.
{ فَاسْتَعِذْ} أي:اعتصم والجأ{ بِاللَّهِ} ولم يذكر ما يستعيذ، إرادة للعموم. أي:استعذ بالله من الكبر الذي يوجب التكبر على الحق، واستعذ بالله من شياطين الإنس والجن، واستعذ بالله من جميع الشرور.
{ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} لجميع الأصوات على اختلافها،{ الْبَصِيرُ} بجميع المرئيات، بأي محل وموضع وزمان كانت.
والمراد بالمجادلة في قوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ.. المجادلة بالباطل بدون حجة أو دليل، أما المجادلة لإحقاق الحق والكشف عنه..
فهي محمودة، لأنها تهدى إلى الخير والصلاح.
قال صاحب الكشاف: فأما الجدال في آيات الله، لإيضاح ملتبسها، وحل مشكلها، ومقادحة أهل العلم في استنباط معانيها ورد أهل الزيغ عنها، فأعظم جهاد في سبيل الله.. .
وجملة إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ خبر إن، والكبر بمعنى التكبر والتعالي والتعاظم على الغير.
والمعنى: إن الذين يجادلون في آيات الله- تعالى- الدالة على وحدانيته وصدق رسله، وليس عندهم دليل أو برهان على صحة دعواهم..
هؤلاء المجادلون بالباطل ما حملهم على ذلك إلا التكبر والتعاظم والتطلع إلى الرياسة وإلى أن تكون النبوة فيهم أو فيمن يميلون إليهم.. وهم جميعا لن يصلوا إلى شيء من ذلك، ولن يبلغوا ما تتوق إليه نفوسهم المريضة، لأن العطاء والمنع بيد الله- تعالى- وحده.
وصدق الله إذ يقول: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .
فالآية الكريمة تبين أن على رأس الأسباب التي حملت هؤلاء المجادلين بالباطل على جدالهم.
هو حبهم للتكبر والتعالي ...
قال الآلوسى: قوله: بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ ... أى: بغير حجة في ذلك أتتهم من جهته- تعالى- وتقييد المجادلة بذلك مع استحالة إتيان الحجة، للإيذان بأن المتكلم في أمر الدين، لا بد من استناده إلى حجة واضحة وبرهان مبين، وهذا عام في كل مجادل مبطل..
وقوله: ما هُمْ بِبالِغِيهِ صفة لقوله كِبْرٌ أى ما هم ببالغي موجب الكبر ومقتضية، وهو متعلق إرادتهم من دفع الآيات أو من الرياسة أو النبوة.. .
وقوله- سبحانه-: فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. إرشاد منه- تعالى- إلى ما يقي من شرور هؤلاء المجادلين بالباطل.
أى: هذا هو حال المجادلين بالباطل وهذا هو الدافع إلى جدالهم، وما دام هذا هو حالهم،فالتجئ إلى الله- تعالى- أيها الرسول الكريم- لكي يحفظك من شرورهم وكيدهم، إنه- تعالى- هو السميع لكل شيء، البصير بما ظهر وخفى من شئون عباده.
وقوله : ( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم ) أي : يدفعون الحق بالباطل ، ويردون الحجج الصحيحة بالشبه الفاسدة بلا برهان ولا حجة من الله ، ( إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ) أي : ما في صدورهم إلا كبر على اتباع الحق ، واحتقار لمن جاءهم به ، وليس ما يرومونه من إخمال الحق وإعلاء الباطل بحاصل لهم ، بل الحق هو المرفوع ، وقولهم وقصدهم هو الموضوع ، ( فاستعذ بالله ) أي : من حال مثل هؤلاء ، ( إنه هو السميع البصير ) أو من شر مثل هؤلاء المجادلين في آيات الله بغير سلطان . هذا تفسير ابن جرير .
وقال كعب وأبو العالية : نزلت هذه الآية في اليهود : ( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ) قال أبو العالية : وذلك أنهم ادعوا أن الدجال منهم ، وأنهم يملكون به الأرض . فقال الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - آمرا له أن يستعيذ من فتنة الدجال ، ولهذا قال : ( فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير ) .
وهذا قول غريب ، وفيه تعسف بعيد ، وإن كان قد رواه ابن أبي حاتم في كتابه ، والله أعلم .
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56)
يقول تعالى ذكره: إن الذين يخاصمونك يا محمد فيما أتيتهم به من عند ربك من الآيات ( بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ) يقول: بغير حجة جاءتهم من عند الله بمخاصمتك فيها( إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ ) يقول: ما في صدورهم إلا كبر يتكبرون من أجله عن اتباعك, وقبول الحق الذي أتيتهم به حسدا منهم على الفضل الذي آتاك الله, والكرامة التي أكرمك بها من النبوّة ( مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ) يقول: الذي حسدوك عليه أمر ليسوا بُمدركيه ولا نائليه, لأن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, وليس بالأمر الذي يدرك بالأمانيّ; وقد قيل: إن معناه: إن في صدورهم إلا عظمة ما هم ببالغي تلك العظمة لأن الله مذلُّهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال. ثني أبو عاصم, قال. ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ ) قال: عظمة.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: ( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتاد., قوله.( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ) لم يأتهم بذاك سلطان.
وقوله: ( فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) يقول تعالى ذكره: فاستجر بالله يا محمد من شرّ هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان, ومن الكبر أن يعرض فى قلبك منه شيء ( إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) يقول: إن الله هو السميع لما يقول هؤلاء المجادلون في آيات الله وغيرهم من قول البصير بما تمله جوارحهم, لا يخفى عليه شيء من ذلك.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 200 | ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ |
---|
النحل: 98 | ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ |
---|
غافر: 56 | ﴿إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ |
---|
فصلت: 36 | ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى بما تقرر في العقول، أن خلق السماوات والأرض -على عظمهما وسعتهما- أعظم وأكبر، من خلق الناس، فإن الناس بالنسبة إلى خلق السماوات والأرض من أصغر ما يكون فالذي خلق الأجرام العظيمة وأتقنها، قادر على إعادة الناس بعد موتهم من باب أولى وأحرى. وهذا أحد الأدلة العقلية الدالة على البعث، دلالة قاطعة، بمجرد نظر العاقل إليها، يستدل بها استدلالاً لا يقبل الشك والشبهة بوقوع ما أخبرت به الرسل من البعث.
وليس كل أحد يجعل فكره لذلك، ويقبل بتدبره، ولهذا قال:{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} ولذلك لا يعتبرون بذلك، ولا يجعلونه منهم على بال.
ثم بين- سبحانه- للناس من طريق المشاهدة صغر حجمهم بالنسبة إلى بعض خلقه- تعالى- فيقول: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.
أى: لخلق السموات والأرض ابتداء وبدون مثال سابق، أكبر وأعظم من خلق الناس. ومما لا شك فيه أن من قدر على خلق الأعظم، فهو على خلق ما هو أقل منه أقدر وأقدر، ولكن أكثر الناس لاستيلاء الغفلة والهوى عليهم، لا يعلمون هذه الحقيقة الجلية. وقوله- تعالى- أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ إنما هو من باب تقريب الأشياء إلى الفهم. فمن المعروف بين الناس أن معالجة الشيء الكبير أشد من معالجة الشيء الصغير. وإن كان الأمر بالنسبة إلى الله- تعالى- لا تفاوت بين خلق الكبير وخلق الصغير، إذ كل شيء خاضع لإرادته كما قال- سبحانه-: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف اتصل قوله لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ..
بما قبله؟.
قلت: إن مجادلتهم في آيات الله كانت مشتملة على إنكار البعث. وهو أصل المجادلة ومدارها، فحجّوا بخلق السموات والأرض لأنهم كانوا مقرين بأن الله خالقهم، وبأنهما خلق عظيم لا يقادر قدره، وخلق الناس بالقياس إلى خلقهما شيء قليل، فمن قدر على خلقهما مع عظمهما. كان على خلق الإنسان مع ضآلته أقدر.. .
يقول تعالى منبها على أنه يعيد الخلائق يوم القيامة ، وأن ذلك سهل عليه ، يسير لديه - بأنه خلق السموات والأرض ، وخلقهما أكبر من خلق الناس بدأة وإعادة ، فمن قدر على ذلك فهو قادر على ما دونه بطريق الأولى والأحرى ، كما قال تعالى : ( أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير ) [ الأحقاف : 33 ] . وقال هاهنا : ( لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ; فلهذا لا يتدبرون هذه الحجة ولا يتأملونها ، كما كان كثير من العرب يعترفون بأن الله خلق السموات والأرض ، وينكرون المعاد ، استبعادا وكفرا وعنادا ، وقد اعترفوا بما هو أولى مما أنكروا .
القول في تأويل قوله تعالى : لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (57)
يقول تعالى ذكره: لابتداع السموات والأرض وإنشاؤها من غير شيء أعظم أيها الناس عندكم إن كنتم مستعظمي خلق الناس, وإنشائهم من غير شيء من خلق الناس, ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن خلق جميع ذلك هين على الله.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:كما لا يستوي الأعمى والبصير، كذلك لا يستوي من آمن بالله وعمل الصالحات، ومن كان مستكبرًا على عبادة ربه، مقدمًا على معاصيه، ساعيًا في مساخطه،{ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ} أي:تذكركم قليل وإلا، فلو تذكرتم مراتب الأمور، ومنازل الخير والشر، والفرق بين الأبرار والفجار، وكانت لكم همة عليه، لآثرتم النافع على الضار، والهدى على الضلال، والسعادة الدائمة، على الدنيا الفانية.
وقوله- تعالى- وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ ... نفى لعدم المساواة بين الأخيار والأشرار. والمتقين والفجار..
أى: كما أنه لا يصح في عرف أى عاقل المساواة بين الأعمى والبصير. كذلك لا تصح المساواة بين المؤمنين الذين قدموا في دنياهم العمل الصالح، وبين الكافرين والفاسقين الذين لطخوا حياتهم بالعمل السيئ، والفعل القبيح..
ولفظ «قليلا» في قوله- تعالى- قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ مفعول مطلق، وهو صفة لموصوف محذوف، و «ما» مزيدة للتأكيد. أى تذكرا قليلا تتذكرون.
ثم قال : ( وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء ) أي كما لا يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا ، والبصير الذي يرى ما انتهى إليه بصره ، بل بينهما فرق عظيم ، كذلك لا يستوي المؤمنون الأبرار والكفرة الفجار ، ( قليلا ما تتذكرون ) أي : ما أقل ما يتذكر كثير من الناس .
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58)
وما يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا, وهو مثل الكافر الذي لا يتأمل حجج الله بعينيه, فيتدبرها ويعتبر بها, فيعلم وحدانيته وقُدرته على خلق ما شاء من شيء, ويؤمن به ويصدّق. والبصير الذي يرى بعينيه ما شخص لهما ويبصره, وذلك مثل للمؤمن الذي يرى بعينيه حجج الله, فيتفكَّر فيها ويتعظ, ويعلم ما دلت عليه من توحيد صانعه, وعظيم سلطانه وقُدرته على خلق ما يشاء; يقول جلّ ثناؤه: كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) يقول جلّ ثناؤه: ولا يستوي أيضا كذلك المؤمنون بالله ورسوله, المطيعون لربهم, ولا المسيء, وهو الكافر بربه, العاصي له, المخالف أمره ( قَلِيلا مَا تَتَذَكَّرُونَ ) يقول جل ثناؤه: قليلا ما تتذكرون أيها الناس حجج الله, فتعتبرون وتتعظون; يقول: لو تذكرتم آياته واعتبرتم, لعرفتم خطأ ما أنتم عليه مقيمون من إنكاركم قدرة الله على إحيائه من فني من خلقه من بعد الفناء, وإعادتهم لحياتهم من بعد وفاتهم, وعلمتم قبح شرككم من تشركون في عبادة ربكم.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( تَتَذَكَّرُونَ ) فقرأت ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة: " يَتَذَكَّرُونَ" بالياء على وجه الخبر, وقرأته عامة قرّاء الكوفة: ( تَتَذَكَّرُونَ ) بالتاء على وجه الخطاب, والقول في ذلك أن القراءة بهما صواب.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
فاطر: 19 | ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ ﴾ |
---|
غافر: 58 | ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
تتذكرون:
1- بتاء الخطاب، وهى قراءة قتادة، وطلحة، وأبى عبد الرحمن، وعيسى، والكوفيين.
وقرئ:
2- بالياء، على الغيبة، وهى قراءة الأعرج، والحسن، وأبى جعفر، وشيبة.