469171819202122232425

الإحصائيات

سورة غافر
ترتيب المصحف40ترتيب النزول60
التصنيفمكيّةعدد الصفحات9.80
عدد الآيات85عدد الأجزاء0.47
عدد الأحزاب0.95عدد الأرباع3.80
ترتيب الطول21تبدأ في الجزء24
تنتهي في الجزء24عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 21/29الحواميم: 1/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (17) الى الآية رقم (20) عدد الآيات (4)

بعدَ إنذارِ النَّاسِ بالعذابِ ذَكَرَ عدلَهُ تعالى وأوصافَ يومِ القيامةِ لتخويفِ الكُفَّارِ من عذابِ الآخرةِ، وإحاطةَ علمِه تعالى بأعمالِ عبادِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (21) الى الآية رقم (22) عدد الآيات (2)

بعدَ أن خوَّفَهم بعذابِ الآخرةِ خوَّفَهم بعذابِ الدُّنيا كما حدَثَ للأممِ السَّابقةِ الذينَ كَذَّبُوا الرُّسلَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (23) الى الآية رقم (25) عدد الآيات (3)

بعد ذكرِ إهلاكِ اللهِ للمكذِّبين من الأممِ السَّابقةِ، ذَكَرَ اللهُ هنا قِصَّةَ موسى عليه السلام معَ فرعونَ وهامانَ وقارونَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة غافر

أهمية الدعوة إلى الله وتفويض الأمر لله/ غافر الذنب لمن آمن وشديد العقاب لمن كفر

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • ما علاقة الدعوة بتفويض الأمر إلى الله؟:   إن الداعي إلى الله تعالى سيواجه مشاكل ومصاعب خلال دعوته، فإذا أردت أخي المسلم أن تختار طريق الدعوة إلى الله، طريق أنبياء الله تعالى، فاعلم أن هناك عقبات كثيرة فيه، وعليك أن تفوض الأمر كله لله وتتوكل عليه. لذلك جاء في هذه السورة آية محورية: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَـٰدُ﴾ (51). هذه الآية موجهة إليك أخي المسلم كما هي موجهة للأنبياء: ﴿رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ﴾، وتعدك بالنصر الرباني في الدنيا قبل الآخرة: ﴿فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَـٰدُ﴾، فتوكل على الله، وفوض الأمر إليه.
  • • خير القول وخير العمل::   وسورة غافر تنضم إلى سور كثيرة في القرآن في حثها على أشرف مهمة في التاريخ: الدعوة إلى الله، لأنها طريق الأنبياء والمرسلين، فلا بد أن يحرص الإنسان عليها ويهتم بها، لا بل ينذر حياته كلها لإيصال الخير إلى الناس. والدعوة ليست صعبة، إذ لا يشترط أن يكون المرء (علَّامة) حتى يدعو إلى الله تعالى. حدّث أصدقاءك عن الإسلام وعظمته ورحمته، أو انشر الكتب النافعة التي تعلّم الناس أمور دينهم وتقرّبهم إلى الله، حدّثي رفيقاتك عن الحياء والعفة بأي وسيلة تؤثر في القلب، وليس عليكم النظر إلى النتائج، إذ أن المطلوب منا هو العمل فقط، والله وحده هو الذي يهدي من يشاء.
  • • إني عذت بربي وربكم:   ولأن السورة تحدثنا عن الدعوة وتفويض الأمر إلى الله، فإننا نرى هذه المعاني مرتين في قصة موسى عليه السلام: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِى أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنّى أَخَافُ أَن يُبَدّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِى ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ﴾ (26). وحين وصل الأمر إلى التهديد بالقتل، استمر موسى عليه السلام بالدعوة إلى دين الله تعالى وفوّض أمره إلى الله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ إِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُـمْ مّن كُلّ مُتَكَبّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ﴾ (27).
  • • وأفوض أمري إلى الله::   ونموذج التفويض الثاني، لرجل مؤمن من آل فرعون، كان يكتم إيمانه، لكنه حين رآهم يكيدون لموسى ليقتلوه، قال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبّىَ ٱلله﴾ (28)، فكانت صدمة لفرعون أن يقف رجل من حاشيته ويدافع عن موسى، وكان مؤكدًا عند الجميع أن فرعون سيبطش به، لكن المؤمن الصادق انتقل من الدعوة إلى التفويض: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُـمْ وَأُفَوّضُ أَمْرِى إِلَى ٱلله إِنَّ ٱلله بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ﴾ (44). فماذا حدث بعد ذلك؟: ﴿فَوقَاهُ ٱلله سَيّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ﴾ (45). وكأن المعنى: ادع أيها المسلم إلى الله، ولا تخش في الله لومة لائم، وتوكل على من يحفظك وفوض أمرك إليه، ليحميك من أعدائك، واستعذ دومًا بالله تعالى، كما قال موسى: ﴿إِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُـمْ﴾ (27).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة غافر»، و«‏سورة ‏المؤمن»، و«سورة حم المؤمن».
  • • معنى الاسم ::   غافر: أي ساتر الذنوب ومتجاوز عنها.
  • • سبب التسمية ::   سميت «سورة غافر»؛ لورود هذا اللفظ في أول السورة الآية (3)، وسميت بـ«حم المؤمن»، و«‏سورة ‏المؤمن»؛ ‏لذكر ‏قصة ‏مؤمن ‏آل ‏فرعون، ولم تذكر هذه القصة في سورة أخرى.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   1- سورة «الطَّوْلِ»؛ لورودها في مستهلها (والطَّوْل: أي الفضل والنعمة). 2- «سورة حم الأولى»؛ لأنها السورة الأولى في ترتيب المصحف بين السور الحواميم.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أهمية الدعوة إلى الله وتفويض الأمر إليه.
  • • علمتني السورة ::   أن الله غافر الذنب لمن آمن، وشديد العقاب لمن كفر.
  • • علمتني السورة ::   أن الدعوة ليست صعبة، إذ لا يشترط أن يكون المرء (علَّامة) حتى يدعو إلى الله تعالى.
  • • علمتني السورة ::   أن من رحمة الله تعالى بنا أن السيئة بمثلها والحسنة مضاعفة: ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ عَدُوَّكُمْ غَدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حَم لاَ يُنْصَرُونَ». قال القاضي عياض: «أي علامتُكُمُ التي تَعْرِفُونَ بها أصحابَكم هذا الكلامُ، والشِّعارُ في الأصلِ العلامةُ التي تُنْصَبُ لِيَعْرِفَ بها الرَّجُلُ رُفْقَتَهُ، و(حم لا ينصرون) معناهُ بفضلِ السُّورِ المفتتحةِ بِحم ومنزلَتِها من اللهِ لا يُنْصَرون»، و(سورة غافر) من السور المفتتحة بـ (حم).
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة غافر من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
    • عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: «الْحَوَامِيمَ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ». وديباج القرآن: أي زينته، و(سورة غافر) من الحواميم.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة غافر أول الحواميم أو آل (حم)، وهي سبع سور متتالية، وهي: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وأطلق عليها بعض العلماء: عرائس القرآن، وكلها مكية.
    • هي أكثر سورة يتكرر فيها مشتقات لفظ (الجدال)، حيث تكرر فيها 5 مرات.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن ندعو الناس إلى الله، ولا نخش في الله لومة لائم، ونتوكل عليه، ونفوض أمرنا إليه.
    • أن نحذر الجدال في آيات الله بغير علم: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّـهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ ...﴾ (4). • أن نخلص عبادتنا لله وحده، ولا نشرك به شيئًا: ﴿ذَٰلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّـهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ لِلَّـهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾ (12).
    • أن نراقب الله تعالى في السر والعلن: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ (19).
    • أن نحذر أن يزين لنا الشيطان أعمالنا: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ﴾ (36، 37).
    • أن نستخدم الأسلوب الوعظي المؤثر في دعوتنا إلى الله: ﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ (41).
    • أن نحذر أن نسلم عقولنا لأحد ونتبعه دون علم؛ فإنه سيتبرأ منا يوم القيامة: ﴿... فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا ...﴾ (47، 48).
    • أن نكثر من الأعمال الصالحة استعدادًا للآخرة: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ﴾ (59).
    • أن نجعل الليل راحة لأبداننا والنهار لمعاشنا: ﴿اللَّـهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ (61).
    • أن نبادر بالتوبة، ونحذر من تسويفها: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّـهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ...﴾ (84، 85)، فإذا وقع العذاب لا تقبل التوبة.

تمرين حفظ الصفحة : 469

469

مدارسة الآية : [17] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا ..

التفسير :

[17] اليوم تثاب كل نفس بما كسبت في الدنيا من خير وشر، لا ظلم لأحد اليوم بزيادة في سيئاته أو نقص من حسناته. إن الله سبحانه وتعالى سريع الحساب، فلا تستبطئوا ذلك اليوم؛ فإنه قريب.

{ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} في الدنيا، من خير وشر، قليل وكثير.{ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} على أحد، بزيادة في سيئاته، أو نقص من حسناته.{ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} أي:لا تستبطئوا ذلك اليوم فإنه آت، وكل آت قريب. وهو أيضا سريع المحاسبة لعباده يوم القيامة، لإحاطة علمه وكمال قدرته.

وبعد أن قرر- سبحانه- أن الملك في هذا اليوم له وحده. أتبع ذلك ببيان ما يحدث في هذا اليوم فقال: الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ ...

أى: في هذا اليوم الهائل الشديد تجازى كل نفس من النفوس المؤمنة والكافرة، والبارة والفاجرة. بما كسبت في دنياها من خير أو شر، ومن طاعة أو معصية.

لا ظُلْمَ الْيَوْمَ ولا جور ولا محاباة ولا وساطات.. وإنما تعطى كل نفس ما تستحقه من ثواب أو عقاب.

إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ لأنه- سبحانه- لا يحتاج إلى تفكير عند محاسبته لخلقه، بل هو- سبحانه- قد أحاط بكل شيء علما، كما قال- تعالى-: عالِمِ الْغَيْبِ، لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ، وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

وقوله : ( اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب ) يخبر تعالى عن عدله في حكمه بين خلقه ، أنه لا يظلم مثقال ذرة من خير ولا من شر ، بل يجزي بالحسنة عشر أمثالها ، وبالسيئة واحدة ; ولهذا قال : ( لا ظلم اليوم ) كما ثبت في صحيح مسلم ، عن أبي ذر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي عن ربه - عز وجل - أنه قال : " يا عبادي ، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا - إلى أن قال - : يا عبادي ، إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " .

وقوله : ( إن الله سريع الحساب ) أي : يحاسب الخلائق كلهم ، كما يحاسب نفسا واحدة ، كما قال : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) [ لقمان : 28 ] ، وقال [ تعالى ] : ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) [ القمر : 50 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله يوم القيامة حين يبعث خلقه من قبورهم لموقف الحساب: ( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) يقول: اليوم يثاب كلّ عامل بعمله, فيوفى أجر عمله, فعامل الخير يجزى الخير, وعامل الشر يجزى جزاءه.

وقوله: ( لا ظُلْمَ الْيَوْمَ ) يقول: لا بخس على أحد فيما استوجبه من أجر عمله في الدنيا, فينقص منه إن كان محسنا, ولا حُمِل على مسيء إثم ذنب لم يعمله فيعاقب عليه ( إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) يقول: إن الله ذو سرعة في محاسبة عباده يومئذ على أعمالهم التي عملوها في الدنيا; ذُكر أن ذلك اليوم لا يَنْتَصِف حتى يقيل أهل الجنة في الجنة , وأهل النار في النار, وقد فرغ من حسابهم, والقضاء بينهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[17] ﴿الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ لا تدل الآية على أن الميت لا ينتفع بعمل غيره، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: «إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟»، قَالَ: «نَعَمْ، تَصَدَّقْ عَنْهَا» [البخاري 2760، افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا: ماتت فجاة]، وعَنْ عَائِشَةَ أيضًا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» [البخاري 1952].
وقفة
[17] لا يُظلم أحد يوم القيامة بزيادة في سيئاته، أو نقص من حسناته ﴿الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾.
عمل
[17] ﴿الْيَوْمَ تُجْزَىٰ ... لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ﴾ تذكَّر أحدًا ظلمتَه، واطلب العفوَ منه، أو ادعُ له بظهرِ الغيبِ، واستغفر من ذنبِك.
وقفة
[17] ﴿الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ في الدنيا من خير وشر، قليل وكثير، ﴿لا ظلم اليوم﴾ على أحد بزيادة في سيئاته أو نقص من حسناته.
وقفة
[17] ﴿اليَومَ تُجزى كُلُّ نَفسٍ بِما كَسَبَت﴾ هى حقيقة لمن يريد أن يعلم، وللتأكيد: ﴿لا ظُلمَ اليَومَ﴾، والمعلوم والشاهد: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَريعُ الحِسابِ﴾.
وقفة
[17] ﴿لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ﴾ ولا جور ولا محاباة ولا وساطات ولا استئنافات.
وقفة
[17] قال الرازي: «وقوع الظلم في الجزاء يقع على أربعة أقسام أحدها: أن يستحق الرجل ثوابًا فيمنع منه. وثانيها: أن يُعطى بعضٌ بعض حقه، ولكنه لا يُوصل إليه حَقهُ بالتمام. وثالثها: أن يعذب من لا يستحق العذاب. ورابعها: أن يكون الرجل مستحقًّا للعذاب فَيُعَدَّب، ويُزاد على قدر حقه. فقوله ﴿لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ﴾ يفيد نفي هذه الأقسام الأربعة».
وقفة
[17] ﴿إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ لأنه العالم الذي لا يعزب عن علمه شيء، فلا يؤخر جزاء أحد للاشتغال بغيره، وكما يرزقهم في ساعة واحدة يحاسبهم كذلك في ساعة واحدة.
وقفة
[17] ﴿إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ قال ابن كثير: «أي يحاسب الخلائق كلهم كما يحاسب نفسًا واحدة».
وقفة
[17] ﴿إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ عن ابن عباس: «إذا أخذ في حسابهم لم يقل أهل الجنة إلا فيها، ولا أهل النار إلا فيها».

الإعراب :

  • ﴿ الْيَوْمَ:
  • ظرف زمان متعلق بتجزى منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر. كل: نائب فاعل مرفوع بالضمة. نفس: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ بِما كَسَبَتْ:
  • الباء حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بتجزى. كسبت: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب. وجملة «كسبت» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: بما كسبته أي بما عملته. أو تكون «ما» مصدرية «وكسبت» صلتها لا محل لها من الاعراب. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلق بتجزى.
  • ﴿ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ:
  • أداة نافية للجنس تعمل عمل «انّ» ظلم: اسمها مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا. اليوم: أعربت. أي لا ظلم في هذا اليوم. والجملة في محل نصب حال من «اليوم» الأولى. أي اليوم لا ظلم فيه.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «انّ» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. سريع:خبرها مرفوع بالضمة. الحساب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.'

المتشابهات :

البقرة: 202﴿أُولَـٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا ۚ وَاللَّـهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ
النور: 39﴿وَوَجَدَ اللَّـهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّـهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ
آل عمران: 19﴿وَمَن يَكۡفُرۡ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَـ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
آل عمران: 199﴿أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
المائدة: 4﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
ابراهيم: 51﴿لِيَجۡزِيَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡۚ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
غافر: 17﴿ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۢ بِمَا كَسَبَتۡۚ لَا ظُلۡمَ ٱلۡيَوۡمَۚ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا قرَّر اللهُ أنَّ المِلكَ لله وحدَه في ذلك اليومِ؛ عدَّد هنا نتائجَ ذلك، وهي أنَّ كلَّ نفسٍ تجزَى ما كسَبتْ، وأنَّ الظُّلمَ مأمونٌ، قال تعالى:
﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ ..

التفسير :

[18] وحذِّر -أيها الرسول- الناس من يوم القيامة القريب، وإن استبعدوه، إذ قلوب العباد مِن مخافة عقاب الله قد ارتفعت من صدورهم، فتعلقت بحلوقهم، وهم ممتلئون غمّاً وحزناً. ما للظالمين من قريب ولا صاحب، ولا شفيع يشفع لهم عند ربهم، فيستجاب له.

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:{ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} أي:يوم القيامة التي قد أزفت وقربت، وآن الوصول إلى أهوالها وقلاقلها وزلازلها،{ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ} أي:قد ارتفعت وبقيت أفئدتهم هواء، ووصلت القلوب من الروع والكرب إلى الحناجر، شاخصة أبصارهم.{ كَاظِمِينَ} لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا وكاظمين على ما في قلوبهم من الروع الشديد والمزعجات الهائلة.

{ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ} أي:قريب ولا صاحب،{ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} لأن الشفعاء لا يشفعون في الظالم نفسه بالشرك، ولو قدرت شفاعتهم، فالله تعالى لا يرضى شفاعتهم، فلا يقبلها.

ثم يوجه الله- تعالى- أمره إلى النبي صلّى الله عليه وسلم بأن يحذر كفار قريش من أهوال هذا اليوم فيقول: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ...

والآزفة: القيامة. وأصل معنى الآزفة: القريبة، وسميت القيامة بذلك لقربها، يقال:

أزف- بزنة فرح- يوم الرحيل. إذا دنا وقرب.

والحناجر: جمع حنجرة وهي الحلقوم.

وكاظمين: حال من أصحاب القلوب على المعنى. فإن ذكر القلوب يدل على ذكر أصحابها.

وأصل الكظم: الحبس والإمساك للشيء. يقال: كظم القربة إذا ملأها بالماء، وسد فاها، حتى لا يخرج منها شيء من الماء.

والمعنى: وأنذر- أيها الرسول الكريم- الناس، وحذرهم من أهوال يوم عظيم قريب الوقوع، هذا اليوم تكون قلوبهم فيه مرتفعة عن مواضعها من صدورهم. ومتشبثة بحناجرهم، ويكونون كاظمين عليها وممسكين بها حتى لا تخرج مع أنفاسهم. كما يمسك صاحب القربة فمها لكي لا يتسرب منها الماء.

فالآية الكريمة تصوير يديع لما يكون عليه الناس في هذا اليوم من فزع شديد، وكرب عظيم. وخوف ليس بعده خوف.

والحديث عن قرب يوم القيامة قد جاء في آيات كثيرة منها قوله- تعالى-: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ...

وقوله- سبحانه- اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ.

والظاهر أن قوله هنا يَوْمَ الْآزِفَةِ هو المفعول الثاني للإنذار ليس ظرفا له. لأن الإنذار والتخويف من أهوال يوم القيامة واقع في دار الدنيا.

وقوله: إِذِ الْقُلُوبُ بدل من يوم الآزفة.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت «كاظمين» بم انتصب؟ قلت: هو حال من أصحاب القلوب على المعنى، لأن المعنى: إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين عليها. ويجوز أن يكون حالا من القلوب، وأن القلوب، كاظمة على غم وكرب فيها مع بلوغها الحناجر.

وإنما جمع جمع السلامة، لأنه وصفها بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء، كما قال- تعالى-: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ ... .

وقوله- تعالى-: ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ نفى لكون هؤلاء الظالمين يوجد في هذا اليوم من ينفعهم أو يدافع عنهم.

والحميم: هو الإنسان الذي يحبك ويشفق عليك ويهتم بأمرك، ومنه قيل لخاصة الرجل:

حامّته.

والشفيع: من الشفع، بمعنى الانضمام، يقال شفع فلان لفلان إذا انضم إليه ليدافع عنه.

أى: ليس للظالمين في هذا اليوم قريب أو محب يعطف عليهم، ولا شفيع يطيعهم في الشفاعة لهم، لأنهم في هذا اليوم يكونون محل غضب الجميع ونقمتهم، بسبب ظلمهم وإصرارهم على كفرهم.

فالآية الكريمة نفت عنهم الصديق الذي يهتم بأمرهم، والشفيع الذي يشفع لهم، والإنسان الذي تكون له أية كلمة تسمع في شأنهم.

يوم الآزفة هو : اسم من أسماء يوم القيامة ، سميت بذلك لاقترابها ، كما قال تعالى : ( أزفت الآزفة . ليس لها من دون الله كاشفة ) [ النجم : 57 ، 58 ] وقال ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) [ القمر : 1 ] ، وقال ( اقترب للناس حسابهم ) [ الأنبياء : 1 ] وقال ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) [ النحل : 1 ] وقال ( فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون ) [ الملك : 27 ] .

وقوله : ( إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ) [ أي ساكتين ] ، قال قتادة : وقفت القلوب في الحناجر من الخوف ، فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها . وكذا قال عكرمة ، والسدي ، وغير واحد .

ومعنى ) كاظمين ) أي : ساكتين ، لا يتكلم أحد إلا بإذنه ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) [ النبأ : 38 ] .

وقال ابن جريج : ( كاظمين ) أي : باكين .

وقوله : ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) أي : ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم ، ولا شفيع يشفع فيهم ، بل قد تقطعت بهم الأسباب من كل خير .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18)

يقول تعالى ذكره لنبيه: وأنذر يا محمد مشركي قومك يوم الآزفة, يعنى يوم القيامة, أن يوافوا الله فيه بأعمالهم الخبيثة, فيستحقوا من الله عقابه الأليم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( يَوْمَ الآزِفَةِ ) قال: يوم القيامة.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ ) يوم القيامة.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ ) قال: يوم القيامة.

حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فى قوله ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ ) قال: يوم القيامة, وقرأ: أَزِفَتِ الآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ .

وقوله: ( إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ) يقول تعالى ذكره: إذ قلوب العباد من مخافة عقاب الله لدى حناجرهم قد شخصت من صدورهم, فتعلقت بحلوقهم كاظميها, يرومون ردّها إلى مواضعها من صدورهم فلا ترجع, ولا هي تخرج من أبدانهم فيموتوا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ ) قال: قد وقعت القلوب في الحناجر من المخافة, فلا هي تخرج ولا تعود إلى أمكنتها.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ) قال: شخصت أفئدتهم عن أمكنتها, فنشبت في حلوقهم, فلم تخرج من أجوافهم فيموتوا, ولم ترجع إلى أمكنتها فتستقرّ.

واختلف أهل العربية في وجه النصب ( كَاظِمِينَ ) فقال بعض نحويِّي البصرة: انتصابه على الحال, كأنه أراد: إذ القلوب لدى الحناجر في هذه الحال. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: الألف واللام بدل من الإضافة, كأنه قال: إذا قلوبهم لدى حناجرهم في حال كظمهم. وقال آخر منهم: هو نصب على القطع من المعنى الذي يرجع من ذكرهم في القلوب والحناجر, المعنى : إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين. قال: فإن شئت جعلت قطعة من الهاء التي في قوله ( وَأَنْذِرْهُمْ ) قال: والأول أجود في العربية, وقد تقدّم بيان وجه ذلك.

وقوله: ( مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ ) يقول جلّ ثناؤه: ما للكافرين بالله يومئذ من حميم يحم (1) لهم, فيدفع عنهم عظيم ما نـزل بهم من عذاب الله, ولا شفيع يشفع لهم عند ربهم فيطاع فيما شفع, ويُجاب فيما سأل.

وبنحو الذي قلنا فى ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ ) قال: من يعنيه أمرهم, ولا شفيع لهم. وقوله: ( يطاع ) صلة للشفيع. ومعنى الكلام: ما للظالمين من حميم ولا شفيع إذا شفع أطيع فيما شفع, فأجيب وقبلت شفاعته له.

------------------------

الهوامش:

(1) في اللسان : حمنى : الأمر وأحمني : أهمني . وقال الأزهري : أحمني هذا الأمر واحتممت له ، كأنه اهتمام بحميم قريب .

التدبر :

وقفة
[18] ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ﴾ التذكير بيوم القيامة من أعظم الزواجر عن المعاصي.
وقفة
[18] ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ﴾ من أهم وسائل الإنذار هو التخويف من يوم القيامة، وهو يوم قريب (أزف)، اليوم الذي لا يوم بعده، وهو آخر يوم قبل الخلود في الجنة أو النار، وهو يوم عصيب طويل مقداره خمسون ألف سنة.
وقفة
[18] ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ﴾ سمي يوم القيامة بالآزفة، من أزف الرحيل قرب، وترتفع القلوب خوفًا والكفار ممتلئين غمًا، فليس لهم نصير ولا شفيع.
وقفة
[18] ﴿وَأَنذِرهُم يَومَ الآزِفَةِ﴾ الإنذار لا يعنى فقط التخويف والترهيب، إنما هو دلالة على اهتمام المنذر بمن يحب، وخوفه عليهم من العقاب، لذا هو ينذر قبل وقوع العقاب بوقت كاف؛ ليتعظ ويرتدع من له قلب سليم.
وقفة
[18] ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ﴾ سميت بذلك لأنها قريبة؛ إذ كل ما هو آت قريب، ﴿إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ﴾؛ وذلك أنها تزول عن أماكنها من الخوف حتى تصير إلى الحناجر، فلا هي تعود إلى أماكنها، ولا هي تخرج من أفواههم فيموتوا ويستريحوا.
وقفة
[18] ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ﴾ بلغ من شدة الفزع، أن تكاد القلوب تصعد إلى الحناجر، وتخرج من الصدر، ليبقى الإنسان على هذه الحال: لا يموت فيستريح، ولا ينقطع خوفه ووجعه فيطمئن.
وقفة
[18] ﴿وَأَنذِرهُم يَومَ الآزِفَةِ إِذِ القُلوبُ لَدَى الحَناجِرِ كاظِمينَ﴾ عافانا الله وإياكم يفقدون حتى الصراخ للتنفيس عما فى صدورهم.
وقفة
[18] شدة هول يوم القيامة حتى إن القلوب تصل إلى الحناجر من شدة الفزع ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ﴾.
وقفة
[18] ﴿إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ﴾ لا تَظنَّ أنَّ النصر يأتِي بمجرد أمنيات أو دعوات تُتَمتم بها؛ ثمَّة إبتلاءٌ وتَمحيص؛ ثمّ يأتِي النَّصر والفُتوحات.
وقفة
[18] ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ﴾ من العذاب فقدان الأحبة الذي يشاركون الإنسان أوجاعه ويتألمون بصدق لآلامه؛ لذا كان من عذاب أهل النار: فقدانهم.
وقفة
[18] ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ قال أحد السلف: «وكيف يكون للظالمين حميمٌ أو شفيع والطالبُ له رب العالمين!».
وقفة
[18] ﴿ما للظالمين من حميم ولا شفيع يُطاع﴾ ما أعظم شعور المعاقب بالوحدة والندامة عندما لا يجد صديقًا يواسيه، ولا شافعًا لدفع العقاب عنه!
وقفة
[18] ﴿ما لِلظّالِمينَ مِن حَميمٍ وَلا شَفيعٍ يُطاعُ﴾ يُقدر الله للبعض شفيعًا يشفع لهم يومها، ولكن بعملك تخسر شفاعته.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ:
  • به أول.الواو استئنافية. أنذر: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول
  • ﴿ يَوْمَ الْآزِفَةِ:
  • مفعول به ثان لأن الفعل يتعدى الى مفعولين وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الآزقة أي القيامة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة أي خوفهم عذابه فحذف المضاف وحل المضاف اليه محله. أي خوفهم عذاب ذلك اليوم.
  • ﴿ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ:
  • اذ اسم مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين في محل نصب ظرف زمان متعلق بأنذرهم. أو تكون «اذ» بدلا من يَوْمَ الْآزِفَةِ» القلوب: مبتدأ مرفوع بالضمة. لدى:ظرف مكان متعلق بخبر المبتدأ وهو مضاف. الحناجر: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والجملة الاسمية الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ» في محل جر بالاضافة. بمعنى: حيث تبلغ القلوب الحناجر من شدة الهلع والفزع وهول اليوم المذكور.
  • ﴿ كاظِمِينَ:
  • حال عن أصحاب القلوب على المعنى منصوبة وعلامة نصبها الياء لأنها جمع مذكر سالم أو حال من القلوب. وقد جمعت الكلمة جمع مذكر سالما لأنها موصوفة بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء والنون عوض من تنوين المفرد. أي القلوب كاظمة على غم وكرب فيها. ويجوز أن يكون حالا عن قوله «وأنذرهم» أي وأنذرهم مقدرين أو مشارفين الكظم
  • ﴿ ما لِلظّالِمِينَ:
  • ما: نافية لا عمل لها. للظالمين: جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ مِنْ حَمِيمٍ:
  • من: حرف جر زائد لتاكيد معنى النفي. حميم: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر. بمعنى: من قريب شفيق يعطف عليهم.
  • ﴿ وَلا شَفِيعٍ:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتاكيد النفي. شفيع: معطوفة على «حميم» وتعرب إعرابها. بمعنى: ولا شفيع يشفع لهم عند ربهم
  • ﴿ يُطاعُ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة. ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يطاع» في محل جر صفة -نعت-لشفيع على اللفظ‍ وفي محل رفع على الموضع-المحل-بمعنى-تفيد شفاعته.'

المتشابهات :

مريم: 39﴿ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ
غافر: 18﴿ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد بيان أن يوم القيامة هو يوم الجزاء على الأعمال؛ أمرَ اللهُ رسولَه صلي الله عليه وسلم أن يحذِّر النَّاس من مغبة هذا اليوم؛ حتى يعملوا له وهم في الدنيا، وقبل أن يحلَّ بهم عقاب الله، قال تعالى:
﴿ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ..

التفسير :

[19] يعلم الله سبحانه ما تختلسه العيون من نظرات، وما يضمره الإنسان في نفسه من خير أو شر.

{ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} وهو النظر الذي يخفيه العبد من جليسه ومقارنه، وهو نظر المسارقة،{ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} مما لم يبينه العبد لغيره، فالله تعالى يعلم ذلك الخفي، فغيره من الأمور الظاهرة من باب أولى وأحرى.

ثم أكد- سبحانه- شمول علمه لكل شيء فقال: يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ.

والمراد بخائنة الأعين: النظرة الخائنة التي يتسلل بها المتسلل ليطلع على ما حرم الله الاطلاع عليه.

والجملة خبر لمبتدأ محذوف. والإضافة في قوله خائِنَةَ الْأَعْيُنِ على معنى من، وخائنة:

نعت لمصدر محذوف.

أى: هو- سبحانه- يعلم النظرة الخائنة من الأعين، وهي التي يوجهها صاحبها في تسلل وخفية إلى محارم الله- تعالى- كما يعلم- سبحانه- الأشياء التي يخفيها الناس في صدورهم، وسيجازيهم على ذلك في هذا اليوم بما يستحقون.

قال القرطبي: ولما جيء بعبد الله بن أبى سرح إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد ما اطمأن أهل مكة، وطلب له الأمان عثمان بن عفان، صمت رسول الله صلّى الله عليه وسلم طويلا، ثم قال:

«نعم» .

فلما انصرف قال صلّى الله عليه وسلم لمن حوله: «ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه» .

فقال رجل من الأنصار: فهلا اومأت إلى يا رسول الله؟ فقال: «إن النبي لا تكون له خائنة أعين» .

وقوله : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) يخبر تعالى عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء ، جليلها وحقيرها ، صغيرها وكبيرها ، دقيقها ولطيفها ; ليحذر الناس علمه فيهم ، فيستحيوا من الله حق الحياء ، ويتقوه حق تقواه ، ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه ، فإنه تعالى يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانة ، ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر .

قال ابن عباس في قوله : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) وهو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم ، وفيهم المرأة الحسناء ، أو تمر به وبهم المرأة الحسناء ، فإذا غفلوا لحظ إليها ، فإذا فطنوا غض ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غض [ بصره عنها ] وقد اطلع الله من قلبه أنه ود أن لو اطلع على فرجها . رواه ابن أبي حاتم .

وقال الضحاك : ( خائنة الأعين ) هو الغمز ، وقول الرجل : رأيت ، ولم ير ; أو : لم أر ، وقد رأى .

وقال ابن عباس : يعلم [ الله ] تعالى من العين في نظرها ، هل تريد الخيانة أم لا ؟ وكذا قال مجاهد ، وقتادة .

وقال ابن عباس في قوله : ( وما تخفي الصدور ) يعلم إذا أنت قدرت عليها هل تزني بها أم لا ؟ .

وقال السدي : ( وما تخفي الصدور ) أي : من الوسوسة .

وقوله: ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ ) يقول جلّ ذكره مخبرا عن صفة نفسه: يعلم ربكم ما خانت أعين عباده, وما أخفته صدورهم, يعني: وما أضمرته قلوبهم; يقول: لا يخفى عليه شيء من أمورهم حتى ما يحدث به نفسه, ويضمره قلبه إذا نظر ماذا يريد بنظره, وما ينوي ذلك بقلبه .

التدبر :

وقفة
[19] ﴿يَعلَمُ خائِنَةَ الأَعيُنِ﴾ يا من تنظر خلسة لما ليس من حقك النظر إليه: الله يراك.
وقفة
[19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾ قال ابن عباس: «هو الرجل ينظر إلى المرأة، فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره، فإذا رأى منهم غفلة تدسس بالنظر، فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره، وقد علم الله عز وجل منه أنه يود لو نظر إلى عورتها».
وقفة
[19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾ أن تسرق النظر من غير علم من حولك.
وقفة
[19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾ فيه ذم النظر إلي ما لا يجوز.
عمل
[19] يكفيك في النظرةِ المحرَّمةِ أنَّها خيانةً لربِّك، تأمَّل قولَه: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾ فسمَّاها خائنةً، تذكَّر هذه الآيةَ كلَّما هَمَمتَ بمعصيةٍ.
وقفة
[19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ من دلائل الآية الكريمة الارتباط بين العين والصدر, فمن أخفي في صدره مرضًا أظهرته العين نظرًا, ومن عُمَّر بالتقوي قلبُهُ فقد تعبَّد لله بصرُهُ.
وقفة
[19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ يخبر عز وجل عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء: جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، دقيقها ولطيفها؛ ليحذر الناس علمه فيهم، فيستحيوا من الله تعالى حق الحياء، ويتقوه حق تقواه، ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه.
وقفة
[19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ أن تختلس نظرة إلى من حولك دون أن يشعر، حتى هذه الله يعلمها.
عمل
[19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ لا تعالج العيون وتهمل ما خفي في الصدور.
وقفة
[19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾ هو النظر الذي يخفيه العبد من جليسه (نظر المسارقة) ﴿وما تخفي الصدور﴾ مما لم يبينه العبد فالله ﷻ يعلم ذلك الخفي، فغيره من باب أولى.
وقفة
[19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ ‏اختلاسات النظر وما تخفيه الصدور ‏خَفية على البشر؛ ولكنها معلومة عند من يعلم الخطرات واللحظات والوساوس سبحانه، ‏فكن على حذر أن يراك حيث نهاك.
وقفة
[19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ أمران شديدا الخفاء على الناس: ‏اختلاس نظرة لمحرم، خاطرة فى صدر، لكن الله يعلمهما.
عمل
[19]‏ ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ اعرضها على نفسك وقلبك.
عمل
[19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ تذكر دقائق قضيتها في غفلة أو معصية، وامكث مثلها في النظر إلى آيات القرآن، لعل الحسنات يذهبن السيئات.
عمل
[19] يقول الله ﷻ: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾، تذكر هذه الآية العظيمة واجعلها نصب عينيك كلما سولت لك نفسك لفعل المعصية.
وقفة
[19] إحاطة علم الله بأعمال عباده؛ خَفِيَّة كانت أم ظاهرة ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾.
وقفة
[19] كيف تصنع هذه الآية بقلب المؤمن وتعدِّل مساره؛ حين يضعها أمام ناظره، ويستشعر معناها! ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾.
وقفة
[19] يتحدث الشخص بأسلوب الحزين على زلة أخيه كأنه يغار على أهل العلم والدعوة وهو ينشر زلاتهم، وللقلوب أسرار ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾.
وقفة
[19] سوء الظن مثل سوء القول، فكما يحرم عليك أن تحدث غيرك بلسانك بمساوئ الغير، فليس لك أن تحدث نفسك وتسيء الظن بأخيك، فإن الله: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾.
عمل
[19] حافظ على طهارة قلبك اليوم، ولا تختلس النظر إلى ما لا يحل لك في الشارع أو السوق أو التلفاز أو الحاسب الآلي أو الهـاتف ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾.
وقفة
[19] ﴿وَما تُخفِي الصُّدورُ﴾ من فضل الله علينا أنه جل شأنه لا يحاسبنا على ما يدور فى صدورنا، لكنه يقينًا يعلمه، أفلا تستحى!
وقفة
[19] ﴿وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ قال ابن عباس: «أي: هل يزني بها لو خلا بها أو لا؟».

الإعراب :

  • ﴿ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر آخر من أخبار «هو» في قوله تعالى هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ» الواردة في الآية الكريمة الثالثة عشرة.يعلم: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. خائنة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.الأعين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى: يعلم نظراتهم الخائنة المحرمة.
  • ﴿ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ:
  • الواو عاطفة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب لأنه معطوف على منصوب أي ويعلم ما تخفيه الصدور. تخفي: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل. الصدور: فاعل مرفوع بالضمة. وجملة تُخْفِي الصُّدُورُ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: وما تخفيه صدورهم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     وبعد أنْ أيْأَسَ اللهُ الظالمين مِن وجود شَفيعٍ يَسعَى لهم في عدَمِ المُؤاخَذةِ بذُنوبِهم؛ أيأَسَهم مِن أن يَتوهَّموا أنَّهم يَستَطيعونَ إخفاءَ شَيءٍ مِن نواياهم، قال تعالى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أخفى أفعالِ الظَّاهِرِ؛ أتْبَعَه أخفَى ما في الباطِنِ، قال تعالى:
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ ..

التفسير :

[20] والله سبحانه يقضي بين الناس بالعدل فيما يستحقونه، والذين يُعبدون من دون الله من الآلهة لا يقضون بشيء؛ لعجزهم عن ذلك. إن الله هو السميع لأقوال خلقه، البصير بأفعالهم وأعمالهم، وسيجازيهم عليها.

{ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} لأن قوله حق، وحكمه الشرعي حق، وحكمه الجزائي حق وهو المحيط علمًا وكتابة وحفظا بجميع الأشياء، وهو المنزه عن الظلم والنقص وسائر العيوب، وهو الذي يقضي قضاءه القدري، الذي إذا شاء شيئًا كان وما لم يشأ لم يكن، وهو الذي يقضي بين عباده المؤمنين والكافرين في الدنيا، ويفصل بينهم بفتح ينصر به أولياءه وأحبابه.

{ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} وهذا شامل لكل ما عبد من دون الله{ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ} لعجزهم وعدم إرادتهم للخير واستطاعتهم لفعله.{ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ} لجميع الأصوات، باختلاف اللغات، على تفنن الحاجات.{ الْبَصِيرُ}بما كان وما يكون، وما نبصر وما لا نبصر، وما يعلم العباد وما لا يعلمون.

قال في أول هاتين الآيتين{ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} ثم وصفها بهذه الأوصاف المقتضية للاستعداد لذلك اليوم العظيم، لاشتمالها على الترغيب والترهيب.

ثم بين- سبحانه- أن القضاء الحق في هذا اليوم مرده إليه وحده فقال: وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ....

أى: والله- تعالى- يقضى بين عباده قضاء ملتبسا بالحق الذي لا يحوم حوله باطل.

وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ.. أى: والآلهة الذين يعبدهم الكفار من دون الله- تعالى- لا يقضون بشيء أصلا، لأنهم لا يعلمون شيئا، ولا يقدرون على شيء، وإذا فهم أعجز وأتفه من أن يلتفت إليهم.

إِنَّ اللَّهَ- تعالى- هُوَ السَّمِيعُ لكل شيء الْبَصِيرُ بكل شيء، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

وقوله : ( والله يقضي بالحق ) أي : يحكم بالعدل .

وقال الأعمش : عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] في قوله : ( والله يقضي بالحق ) قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة ، وبالسيئة السيئة ( إن الله هو السميع البصير ) .

وهذا الذي فسر به ابن عباس في هذه الآية كقوله تعالى : ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) [ النجم : 31 ] . وقوله : ( والذين يدعون من دونه ) أي : من الأصنام والأوثان والأنداد ، ( لا يقضون بشيء ) أي : لا يملكون شيئا ولا يحكمون بشيء ( إن الله هو السميع البصير ) أي : سميع لأقوال خلقه ، بصير بهم ، فيهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، وهو الحاكم العادل في جميع ذلك .

( وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ) يقول: والله تعالى ذكره يقضي في الذي خانته الأعين بنظرها, وأخفته الصدور عند نظر العيون بالحق, فيجزي الذين أغمضوا أبصارهم, وصرفوها عن محارمه حذارَ الموقف بين يديه, ومسألته عنه بالحُسنى, والذين ردّدوا النظر, وعزمت قلوبهم على مواقعة الفواحش إذا قدّرت, جزاءها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عبد الله بن أحمد المَرْوَزِيّ, قال: ثنا عليّ بن حسين بن واقد قال: ثني أبي, قال: ثنا الأعمش, قال: ثنا سعيد بن جبير, عن ابن عباس ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ ) إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا( وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا؟ قال: ثم سكت, ثم قال: ألا أخبركم بالتي تليها؟ قلت نعم, قال: ( وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ) قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة, وبالسيئة السيئة ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) قال الحسن: فقلت للأعمش: حدثني الكلبيّ, إلا أنه قال: إن الله قادر على أن يجزي بالسيئة السيئة, وبالحسنة عشرا. وقال الأعمش: إن الذي عند الكلبيّ عندي, ما خرج مني إلا بحقير.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ ) قال: نظر الأعين إلى ما نهى الله عنه.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( خَائِنَةَ الأعْيُنِ ) : أي يعلم همزه بعينه, وإغماضه فيما لا يحبّ الله ولا يرضاه.

وقوله: ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ) يقول: والأوثان والآلهة التي يعبدها هؤلاء المشركون بالله من قومك من دونه لا يقضون بشيء, لأنها لا تعلم شيئا, ولا تقدر على شيء, يقول جلّ ثناؤه لهم: فاعبدوا الذي يقدر على كل شيء, ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم, فيجزي محسنكم بالإحسان, والمسيء بالإساءة, لا ما لا يقدر على شيء ولا يعلم شيئا, فيعرف المحسن من المسيء, فيثيب المحسن, ويعاقب المسيء.

وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) يقول: إن الله هو السميع لما تنطق به ألسنتكم أيها الناس, البصير بما تفعلون من الأفعال, محيط بكل ذلك محصيه عليكم, ليجازي جميعكم جزاءه يوم الجزاء.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة: " وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ" بالتاء على وجه الخطاب. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بالياء على وجه الخبر.

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

التدبر :

وقفة
[20] ﴿وَاللَّـهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ﴾ هذا يوجب عظيم خوف المذنبين من الله؛ لأن القاضى إذا كان عالمًا بكل شيء حتى نظرات العيون وخبايا الصدور، لم يمكن الإفلات من حكمه أو التحايل عليه.
وقفة
[20] ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ﴾ كل من تعلق بغير الله فقد تعلق بسراب، وارتبط بمن لا يضره ولا ينفعه، وهو أعجز من أن ينفع نفسه أو يضرها فضلًا عن أن ينفع غيره أو يضره.
وقفة
[20] ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ يتكلم العبد بكلام، فيُقال له: «لقد سمعك فلان»؛ فيتلون وجهه، ويستشعِر الحرج، ويسعى في الاعتذار وتبرير ما قال، فالله أحق أن يُستحى منه.

الإعراب :

  • ﴿ وَاللهُ يَقْضِي:
  • الواو استئنافية. الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يقضي: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية يَقْضِي بِالْحَقِّ» في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ بِالْحَقِّ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة لمصدر-مفعول مطلق-محذوف. أي قضاء ملتبسا بالحق.
  • ﴿ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ:
  • الواو عاطفة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يدعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: يدعونهم أي الذين يعبدونهم.
  • ﴿ مِنْ دُونِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة لموصوف محذوف بتقدير: والذين يدعونهم آلهة من دونه أو متعلق بحال محذوفة بتقدير: حالة كونهم من دونه والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «الذين» لا: نافية لا عمل لها. يقضون: تعرب اعراب «يدعون» بشيء: جار ومجرور متعلق بيقضون.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «انّ» منصوب للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع خبر «انّ» هو:ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. السميع البصير: خبران للمبتدإ خبر بعد خبر مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة ويجوز أن يكون «البصير» صفة-نعتا-للسميع. و «انّ» وما في حيزها من اسمها وخبرها جاءت تقريرا لقوله سبحانه: يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.'

المتشابهات :

الرعد: 14﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ و الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ
غافر: 20﴿وَاللَّـهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ۖ وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ
الزخرف: 86﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ أنه يعلم ما تختلسه العيون من نظرات، وما يضمره الإنسان في نفسه من خير أو شر؛ بَيَّنَ هنا أن القضاء الحق في هذا اليوم مرده إليه وحده، قال تعالى:
﴿ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يدعون:
1- بياء الغيبة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- تدعون، بتاء الخطاب، وهى قراءة أبى جعفر، وشيبة، ونافع، بخلاف عنه، وهشام.

مدارسة الآية : [21] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ..

التفسير :

[21] أو لم يَسِرْ هؤلاء المكذبون برسالتك -أيها الرسول- في الأرض، فينظروا كيف كان خاتمة الأمم السابقة قبلهم؟ كانوا أشد منهم بطشاً، وأبقى في الأرض آثاراً، فلم تنفعهم شدة قواهم وعِظَم أجسامهم، فأخذهم الله بعقوبته؛ بسبب كفرهم واكتسابهم الآثام، وما كان لهم من

يقول تعالى:{ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} أي:بقلوبهم وأبدانهم سير نظر واعتبار، وتفكر في الآثار،{ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ} من المكذبين، فسيجدونها شر العواقب، عاقبة الهلاك والدمار والخزي والفضيحة، وقد كانوا أشد قوة من هؤلاء في الْعَدَد والْعُدَد وكبر الأجسام.{ و} أشد{ آثارا في الأرض} من البناء والغرس، وقوة الآثار تدل على قوة المؤثر فيها وعلى تمنعه بها.{ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ} بعقوبته بذنوبهم حين أصروا واستمروا عليها.

ثم وبخ- سبحانه- هؤلاء الظالمين على عدم اعتبارهم واتعاظهم بمن كان قبلهم فقال:

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ، كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ.

أى: أبلغت الجهالة والغفلة وانطماس البصيرة بهؤلاء المشركين من قومك- يا محمد- أنهم لم يعتبروا ولم يتعظوا بالظالمين السابقين الذين دمرناهم تدميرا.

إنهم يمرون عليهم مصبحين وبالليل، وإنهم ليشاهدون آثارهم ماثلة أمام أعينهم، يشاهدون آثار قوم صالح، ويشاهدون آثار غيرهم.

ولقد كان هؤلاء السابقون الظالمون، أشد من مشركي قريش في القوة والبأس، وأشد منهم في إقامة المبانى الفارهة، والحصون الحصينة..

فلما استمروا في جحودهم وكفرهم، أخذهم الله- تعالى- أخذ عزيز مقتدر، بسبب ذنوبهم. وما كان لهم من دون الله- تعالى- من يدفع عنهم عذابه، أو يقيهم من بأسه.

يقول تعالى : أولم يسر هؤلاء المكذبون برسالتك يا محمد ( في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم ) أي : من الأمم المكذبة بالأنبياء ، ما حل بهم من العذاب والنكال مع أنهم كانوا أشد من هؤلاء قوة ( وآثارا في الأرض ) أي : أثروا في الأرض من البنايات والمعالم والديارات ، ما لا يقدر عليه هؤلاء ، كما قال : ( ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه ) [ الأحقاف : 26 ] ، وقال ( وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها ) [ الروم : 9 ] أي : ومع هذه القوة العظيمة والبأس الشديد ، أخذهم الله بذنوبهم ، وهي كفرهم برسلهم ، ( وما كان لهم من الله من واق ) أي : وما دفع عنهم عذاب الله أحد ، ولا رده عنهم راد ، ولا وقاهم واق .

القول في تأويل قوله تعالى : أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21)

يقول تعالى ذكره: أو لم يسر هؤلاء المقيمون على شركهم بالله, المكذبون رسوله من قريش, في البلاد,( فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ ) يقول: فيروا ما الذي كان خاتمة أمم الذين كانوا من قبلهم من الأمم الذين سلكوا سبيلهم, في الكفر بالله, وتكذيب رسله ( كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) يقول: كانت تلك الأمم الذين كانوا من قبلهم أشد منهم بطشا, وأبقى في الأرض آثارا, فلم تنفعهم شدة قواهم, وعظم أجسامهم, إذ جاءهم أمر الله, وأخذهم بما أجرموا من معاصيه, واكتسبوا من الآثام, ولكنه أباد جمعهم, وصارت مساكنهم خاوية منهم بما ظلموا( وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ) يقول: وما كان لهم من عذاب الله إذ جاءهم, من واق يقيهم, فيدفعه عنهم.

كالذي حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ) يقيهم, ولا ينفعهم.

التدبر :

وقفة
[21] ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا﴾ الأمر بالسير في الأرض للاتعاظ بحال المشركين الذين أهلكوا.
وقفة
[21] ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ﴾ من لم يسر بقدمه، فليسر بقلبه، وسير القلب بقراءة وسماع أحوال الأمم السابقة، والتفكر في عاقبتهم، فالفكرة سير القلب.
وقفة
[21] اتخذ الناس النظر في آثار الأمم السابقة للتسلية، وإمضاء أوقات الفراغ، مبتعدين عن التفكر الذي أمر الله به في عقوبتهم ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ﴾.
تفاعل
[21] ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّـهُ بِذُنُوبِهِمْ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[21] الاستغفار من أسباب رفع البلاء وتخفيفه؛ لأن البلاء ينزل بالذنوب، قال الله تعالى: ﴿فأخذهم الله بذنوبهم﴾، ﴿فأهلكناهم بذنوبهم﴾ [الأنعام: 6]، ﴿أصبناهم بذنوبهم﴾ [الأعراف: 100].
وقفة
[21] ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّـهُ بِذُنُوبِهِمْ﴾ فلم تغن عنهم قوتهم، ولامكرهم ولم يكن لأحدأن يقيهم من عذاب الله ﴿وما كان لهم من الله من واق﴾ فلنعتبر.
وقفة
[٢١] دراسة التاريخ والسياحة فى الأرض من الضروريات؛ لنتعلم أحوال السابقين ونتعظ بهم.
وقفة
[21] أخذهم الله بأهون الأسباب، فقتل النمرود بحشرة، وأغرق فرعون بجنس ما افتخر به: الأنهار التي تجري من تحته، فأجراها من فوقه، وأهلك عادًا بألطف المخلوقات وهو الريح.

الإعراب :

  • ﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ
  • القسم الاكبر من هذه الآية الكريمة أعرب في الآية الكريمة التاسعة من سورة الروم والآية الكريمة الرابعة والأربعين من سورة فاطر.
  • ﴿ وَآثاراً فِي الْأَرْضِ:
  • معطوفة بالواو على «قوة» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة. بتقدير: وأكثر آثارا. في الأرض: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من آثارا.
  • ﴿ فَأَخَذَهُمُ اللهُ:
  • الفاء سببية. أخذ: فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. أي فأهلكهم الله.
  • ﴿ بِذُنُوبِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بحال من الضمير «هم» في «أخذهم» بمعنى:أهلكهم متلبسين أو هم متلبسون بذنوبهم. أو متعلق بمفعول له. بتقدير:أهلكهم بسبب ذنوبهم أي نتيجة ذنوبهم. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَما كانَ:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
  • ﴿ لَهُمْ مِنَ اللهِ:
  • اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «كان» المقدم. من الله: جار ومجرور للتعظيم أي من دون الله أو من غير الله.
  • ﴿ مِنْ واقٍ:
  • من: حرف جر زائد لتاكيد معنى النفي. واق: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا اسم «كان» ولم تظهر علامة الجر لأنها حذفت مع الياء المحذوفة لأنه الكلمة اسم منقوص نكرة حذفت ياؤه وبقيت الكسرة دالة عليها.بمعنى: من حافظ‍ والجار والمجرور للتعظيم مِنَ اللهِ» متعلق بحال محذوف من «واق» لأنه صفة له قدمت عليه.'

المتشابهات :

يوسف: 109﴿نُّوحِيٓ إِلَيۡهِم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰٓۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا
غافر: 82﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً
محمد: 10﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ دَمَّرَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ
الروم: 9﴿ أَوَ لَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ
فاطر: 44﴿ أَوَ لَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً
غافر: 21﴿ أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ ۚ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     وبعد أن خوَّفَهم اللهُ بعذابِ الآخرةِ؛ خوَّفَهم هنا بعذابِ الدُّنيا، كما حدَثَ للأممِ السَّابقةِ الذينَ كَذَّبُوا الرُّسلَ، قال تعالى:
﴿ أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم ..

التفسير :

[22] ذلك العذاب الذي حَلَّ بالمكذبين السابقين، كان بسبب موقفهم من رسل الله الذين جاؤوا بالدلائل القاطعة على صدق دعواهم، فكفروا بهم وكذَّبوهم، فأخذهم الله بعقابه، إنه سبحانه قوي لا يغلبه أحد، شديد العقاب لمن كفر به وعصاه.

{ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} فلم تغن قوتهم عند قوة اللّه شيئًا، بل من أعظم الأمم قوة، قوم عاد الذين قالوا:{ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} أرسل اللّه إليهم ريحا أضعفت قواهم، ودمرتهم كل تدمير.

ثم ذكر نموذجا من أحوال المكذبين بالرسل وهو فرعون وجنوده فقال:

ذلِكَ الأخذ من أسبابه بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أى: بالدلائل الواضحات على صدقهم فيما يبلغونهم عن ربهم.

فَكَفَرُوا أى: بالرسل وبما جاءوهم به فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أى: فأهلكهم- سبحانه- إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ أى: إنه- سبحانه- قوى لا يحول بين ما يريد أن يفعله حائل، شديد العقاب لمن كفر به، وأعرض عن دعوة رسله.

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد ساقت لنا أنواعا متعددة من مظاهر قدرة الله، ومن أهوال يوم القيامة، ومن علمه الشامل لكل شيء، ومن قضائه العادل ومن أخذه للظالمين أخذ عزيز مقتدر.

ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن جانب من قصة موسى- عليه السلام- مع فرعون. فذكرت جانبا من التهديدات التي وجهها فرعون إلى موسى وقومه، وكيف أن موسى- عليه السلام- رد عليه ردا قويا حكيما، فقال- تعالى-

ثم ذكر علة أخذه إياهم وذنوبهم التي ارتكبوها واجترموها ، فقال : ( ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات ) أي : بالدلائل الواضحات والبراهين القاطعات ، ( فكفروا ) أي : مع هذا البيان والبرهان كفروا وجحدوا ، ( فأخذهم الله ) أي : أهلكهم ودمر عليهم وللكافرين أمثالها ، ( إنه قوي شديد العقاب ) أي : ذو قوة عظيمة وبطش شديد ، وهو ( شديد العقاب ) أي : عقابه أليم شديد وجيع . أعاذنا الله منه .

القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22)

يقول تعالى ذكره: هذا الذي فعلت بهؤلاء الأمم الذين من قبل مشركي قريش من إهلاكنا لهم بذنوبهم فعلنا بهم بأنهم كانت تأتيهم رسل الله إليهم بالبيّنات, يعني بالآيات الدالات على حقيقة ما تدعوهم إليه من توحيد الله, والانتهاء إلى طاعته ( فَكَفَرُوا ) يقول: فانكروا رسالتها, وجحدوا توحيد الله, وأبوا أن يطيعوا الله ( فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ ) يقول: فأخذهم الله بعذابه فأهلكهم ( إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) يقول: إن الله ذو قوّة لا يقهره شيء, ولا يغلبه, ولا يعجزه شيء أراده, شديد عقابه من عاقب من خلقه، وهذا وعيد من الله مشركي قريش, المكذّبين رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول لهم جلّ ثناؤه: فاحذروا أيها القوم أن تسلكوا سبيلهم في تكذيب محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وجحود توحيد الله, ومخالفة أمره ونهيه فيسلك بكم في تعجيل الهلاك لكم مسلَكَهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[22] ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ﴾ لاحظ أن الله ربط الأسباب بمسبباتها، وهو الذي لا يُسأل عما يفعل، والدرس: تحتاج دائمًا أن تستعمل هذا الأسلوب لإقناع غيرك.

الإعراب :

  • ﴿ ذلِكَ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. أي ذلك الإهلاك.
  • ﴿ بِأَنَّهُمْ:
  • الباء حرف جر. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسمها و «أنّ» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر ذلك التقدير: ذلك الاهلاك الذي قضاه الله عليهم مستحق عليهم بسبب كفرهم.
  • ﴿ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «أنّ» كانت:فعل ماض ناقص مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب. وحذف اسمها وهو «رسلهم» لأن ما بعدها يدل عليه أو بسبب تقديم خبر «كان» جملة تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ» في محل نصب وتأخير اسمها «رسلهم» والجملة الفعلية «تأتيهم» في محل خبر «كان» و «تأتي» فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. رسل: فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. وقد أنث الفعل مع رسلهم لأن «الرسل» جماعة أي على المعنى ولأن الفاعل فصل عن فعله.
  • ﴿ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا:
  • جار ومجرور متعلق بتأتيهم. الفاء استئنافية. كفروا:فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «انّ».
  • ﴿ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ:
  • خبرا «انّ» مرفوعان بالضمة. العقاب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى قوي البطش شديد العقاب. فحذف المضاف اليه الأول لأنه معلوم.'

المتشابهات :

غافر: 22﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّـهُ
التغابن: 6﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أخْذَهم؛ ذكَرَ هنا سبَبَه بما حاصِلُه أنَّ الاستِهانةَ بالرَّسولِ استِهانةٌ بمَن أرسَلَه، قال تعالى:
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ ..

التفسير :

[23] ولقد أرسلنا موسى بآياتنا العظيمة الدالة على حقيقة ما أُرسل به، وحجة واضحة بيِّنة على صدقه في دعوته، وبطلان ما كان عليه مَن أُرسل إليهم.

أي:{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا} إلى جنس هؤلاء المكذبين{ مُوسَى} ابن عمران،{ بِآيَاتِنَا} العظيمة، الدالة دلالة قطعية، على حقية ما أرسل به، وبطلان ما عليه من أرسل إليهم من الشرك وما يتبعه.{ وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} أي:حجة بينة، تتسلط على القلوب فتذعن لها، كالحية والعصا ونحوهما من الآيات البينات، التي أيد الله بها موسى، ومكنه مما دعا إليه من الحق.

والمراد بآياتنا في قوله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا تلك الآيات التسع التي أعطاها الله- تعالى- لموسى، لتكون معجزات له دالة على صدقة، وهي: العصا، واليد، والسنون، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل والضفادع، والدم.

قال- تعالى- وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ.

والمراد بالسلطان المبين: الحجة القاهرة الظاهرة التي تغلب بها في الحجاج والجدال على فرعون.

أى: والله لقد منحنا موسى- عليه السلام- بفضلنا وقدرتنا معجزات باهرات، ومنحناه- أيضا- حجة قوية واضحة، يدمر بها حجج أعدائه.

يقول تعالى مسليا لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في تكذيب من كذبه من قومه ، ومبشرا له بأن العاقبة والنصرة له في الدنيا والآخرة ، كما جرى لموسى بن عمران ، فإن الله تعالى أرسله بالآيات البينات ، والدلائل الواضحات ; ولهذا قال : ( بآياتنا وسلطان مبين ) والسلطان هو : الحجة والبرهان .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23)

يقول تعالى ذكره مُسَلِّيا نبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, عما كان يلقى من مشركي قومه من قريش, بإعلامه ما لقي موسى ممن أرسل إليه من التكذيب, ومخيره أنه معليه عليهم, وجاعل دائرة السَّوْء على من حادّه وشاقَّه, كسنته في موسى صلوات الله عليه, إذ أعلاه, وأهلك عدوه فرعون ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا ) : يعني بأدلته.( وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) : كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة,( وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) : أي عذر مبين, يقول: وحججه المبينة لمن يراها أنها حجة محققة ما يدعو إليه موسى .

التدبر :

وقفة
[23] ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ قص الله تعالى على رسوله قصة موسى مع فرعون؛ ليسلِّيه بها، ويصبره، وليعلمه أن البلاء مهما اشتد يعقبه الفرج، وأن الله ناصره على قومه كما نصر موسى على فرعون وقومه.
وقفة
[23] ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [البخاري 4981].
وقفة
[23] ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ قال الحافظ ابن حجر: «وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُعْجِزَات الْمَاضِيَة كَانَتْ حِسِّيَّة تُشَاهَد بِالْأَبْصَارِ؛ كَنَاقَةِ صَالِح، وَعَصَا مُوسَى، وَمُعْجِزَة الْقُرْآن تُشَاهَد بِالْبَصِيرَةِ، فَيَكُون مَنْ يَتْبَعهُ لِأَجْلِهَا أَكْثَر، لِأَنَّ الَّذِي يُشَاهَد بِعَيْنِ الرَّأْس يَنْقَرِض بِانْقِرَاضِ مُشَاهِده، وَاَلَّذِي يُشَاهَد بِعَيْنِ الْعَقْل بَاقٍ يُشَاهِدهُ كُلّ مَنْ جَاءَ بَعْد الْأَوَّل مُسْتَمِرًّا».

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا:
  • الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. أرسل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ مُوسى:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف
  • ﴿ بِآياتِنا:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بمعنى: أرسلناه معززا بمعجزاتنا.و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَسُلْطانٍ مُبِينٍ:
  • معطوفة بالواو على «آياتنا» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. مبين: صفة-نعت-لسلطان مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة أي وبرهان واضح.'

المتشابهات :

هود: 96﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
ابراهيم: 5﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
غافر: 23﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
الزخرف: 46﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     ولَمَّا سلَّى اللهُ رَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذِكرِ الكُفَّارِ الذين كذَّبوا الأنبياءَ قَبْلَه، وبمُشاهَدةِ آثارِهم؛ سلَّاه هنا أيضًا بذِكرِ موسَى عليه السَّلامُ، وأنَّه معَ قوَّةِ مُعجِزاتِه بعَثَه إلى فِرعَونَ وهامانَ وقارونَ، فكَذَّبوه، وقالوا: هو ساحِرٌ كذَّابٌ، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وسلطان:
وقرئ:
بضم اللام، وهى قراءة عيسى.

مدارسة الآية : [24] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا ..

التفسير :

[24] إلى فرعون ملك «مصر»، وهامان وزيره، وقارون صاحب الأموال والكنوز، فأنكروا رسالته واستكبروا، وقالوا عنه:إنه ساحر كذاب، فكيف يزعم أنه أُرسِل للناس رسولاً؟

والمبعوث إليهم{ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ} وزيره{ وَقَارُونَ} الذي كان من قوم موسى، فبغى عليهم بماله، وكلهم ردوا عليه أشد الرد{ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ}

وقوله- سبحانه-: إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ ... بيان لمن أرسله الله- تعالى- إليهم.

وفرعون: لقب لكل ملك من ملوك مصر في تلك العهود السابقة، والمراد به هنا: ذلك الملك الجبار الظالم الذي أرسل في عهده موسى- عليه السلام-، ويقال إنه «منفتاح» بن رمسيس الثاني.

وهامانَ هو وزير فرعون وقارُونَ هو الذي كان من قوم موسى فبغى عليهم.

وأعطاه الله- تعالى- الكثير من الأموال.. ثم خسف به وبداره الأرض.

وخص- سبحانه- هؤلاء الثلاثة بالذكر، مع أن رسالة موسى كانت لهم ولأتباعهم، لأنهم هم الزعماء البارزون، الذين كانوا يدبرون المكايد ضد موسى- عليه السلام- فيتبعهم العامة من أقوامهم.

وقوله: فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ أرسلناه إلى هؤلاء الطغاة ومعه آياتنا الدالة على صدقه، فكان جوابهم على دعوته إياهم الى عبادة الله- تعالى- وحده. أن قالوا في شأنه، إنه ساحر يموه على الناس بسحره، وأنه كذاب في دعواه أنه رسول من رب العالمين.

وهكذا كانت نتيجة أول لقاء بين موسى- عليه السلام- وبين هؤلاء الطغاة الظالمين. أنهم وصفوه بالسحر والكذب، وهو المؤيد بآيات الله، وبحججه الظاهرة. وما وصفوه بذلك إلا من أجل الحسد والعناد، والحرص على دنياهم وملكهم.

( إلى فرعون ) هو : ملك القبط بالديار المصرية ، ( وهامان ) وهو : وزيره في مملكته ) وقارون ) وكان أكثر الناس في زمانه مالا وتجارة ( فقالوا ساحر كذاب ) أي : كذبوه وجعلوه ساحرا ممخرقا مموها كذابا في أن الله أرسله . وهذه كقوله [ تعالى ] : ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون ) [ الذاريات 52 ، 53 ] .

( إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ) يقول: فقال هؤلاء الذين أرسل إليهم موسى لموسى: هو ساحر يسحر العصا, فيرى الناظر إليها أنها حية تسعى.

( كَذَّابٌ ) يقول: يكذب على الله, ويزعم أنه أرسله إلى الناس رسولا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[24] ﴿إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾ أسباب معارضة المصلحين تتنوع، ومنها ثلاثة: الملك والسلطان (فرعون)، والمنصب (هامان)، والمال (قارون).
وقفة
[24] ﴿هذا ساحر كذاب﴾ [ص: 4]، ﴿فقالوا ساحر كذاب﴾، ﴿بل هو كذاب أشر﴾ [القمر: 25] الكذاب لا يثبت ولا يستطيع أن يبني بيتًا من طوب؛ فكيف بمن ثبت وبنى عالمًا من المبادئ؟!
وقفة
[24، 25] ﴿إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ ...﴾ قال هؤلاء الثلاثة وأجمع رأيهم على أن يُقتل أبناء بني إسرائيل أتباع موسى وشبانهم وأهل القوة منهم، وأن يُستَحيَى النساء للخدمة والاسترقاق، وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ عبارة وجيزة تعطي قوتها أن هؤلاء الثلاثة لم يقدرهم الله تعالى على قتل أحد من بني إسرائيل، ولا نجحت لهم فيه سعاية، بل أضل الله سعيهم وكيدهم.

الإعراب :

  • ﴿ إِلى فِرْعَوْنَ:
  • جار ومجرور متعلق بأرسلنا وجر الاسم بحرف الجر وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة ولأنه أكثر من ثلاثة أحرف.
  • ﴿ وَهامانَ وَقارُونَ:
  • الاسمان معطوفان بواوي العطف على «فرعون» ويعربان اعرابه.
  • ﴿ فَقالُوا:
  • الفاء استئنافية. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ ساحِرٌ كَذّابٌ:
  • خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو ساحر أو هذا ساحر.كذاب: صفة-نعت-لساحر مرفوعة مثلها بالضمة. و «كذاب» من صيغ المبالغة فعال بمعنى فاعل أي كثير الكذب فسموا السلطان المبين سحرا وكذبا. والجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به-مقول القول.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ الرسولَ؛ ذكرَ هنا المرسَلَ إليهم، قال تعالى:
﴿ إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [25] :غافر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا ..

التفسير :

[25] فلما جاء موسى فرعونَ وهامانَ وقارونَ بالمعجزات الظاهرة مِن عندنا، لم يكتفوا بمعارضتها وإنكارها، بل قالوا:اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه، واستبقوا نساءهم للخدمة والاسترقاق. وما تدبير أهل الكفر إلا في ذَهاب وهلاك.

{ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا} وأيده الله بالمعجزات الباهرة، الموجبة لتمام الإذعان، لم يقابلوها بذلك، ولم يكفهم مجرد الترك والإعراض، بل ولا إنكارها ومعارضتها بباطلهم، بل وصلت بهم الحال الشنيعة إلى أن{ قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ} حيث كادوا هذه المكيدة، وزعموا أنهم إذا قتلوا أبناءهم، لم يقووا، وبقوا في رقهم وتحت عبوديتهم.

فما كيدهم إلا في ضلال، حيث لم يتم لهم ما قصدوا، بل أصابهم ضد ما قصدوا، أهلكهم الله وأبادهم عن آخرهم.

وتدبر هذه النكتة التي يكثر مرورها بكتاب الله تعالى:إذا كان السياق في قصة معينة أو على شيء معين، وأراد الله أن يحكم على ذلك المعين بحكم، لا يختص به ذكر الحكم، وعلقه على الوصف العام ليكون أعم، وتندرج فيه الصورة التي سيق الكلام لأجلها، وليندفع الإيهام باختصاص الحكم بذلك المعين.

فلهذا لم يقل{ وما كيدهم إلا في ضلال} بل قال:{ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}

ثم لم يكتفوا بهذا القول، بل انتقلوا إلى مرحلة أخرى أشد وأطغى، فقالوا- كما حكى القرآن عنهم: فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ....

أى: فحين وصل إليهم موسى- عليه السلام- بدعوته. وخاطبهم بما أمره الله- تعالى- أن يخاطبهم به، وجابههم بالحق الذي زوده الله- تعالى- به.

ما كان منهم إلا أن قالوا- على سبيل التهديد والوعيد-: اقتلوا الذكور من أبناء الذين آمنوا مع موسى، ودخلوا في دينه، واتركوا الإناث بدون قتل لخدمتكم، وليكون ذلك أبلغ في إذلالهم. إذ بقاء النساء بدون رجال فتنة كبيرة. وذل عظيم.

والتعبير بقوله. فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا يشعر بأن هؤلاء الظالمين قد جاءهم الحق إلى بيوتهم ومساكنهم، وأنهم لم يخرجوا لطلبه، وإنما هو الذي جاءهم عن طريق موسى، المؤيد بآيات الله- تعالى-.

والقائلون: اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ هم الملأ من قوم فرعون الذين كانوا يزينون له الظلم والعدوان. إرضاء له. وإرهابا لموسى- عليه السلام- ولمن آمن معه.

قال الإمام الرازي: والصحيح أن هذا القتل كان غير القتل الذي وقع في وقت ولادة موسى، لأن القتل في ذلك الوقت كان بسبب أن المنجمين قد أخبروا فرعون بولادة عدو له يظهر عليه، فأمر بقتل الأبناء في ذلك الوقت. وأما في هذا الوقت. فموسى- عليه السلام- كان قد جاءه وأظهر المعجزات. فعند ذلك أمر بقتل أبناء الذين آمنوا معه، لئلا ينشئوا على دين موسى، فيقوى بهم. وهذه العلة مختصة بالبنين دون البنات. فلهذا السبب أمر بقتل الأبناء.. .

وقوله- تعالى-: وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ توهين لشأن الكافرين في كل زمان ومكان، وتشجيع للمؤمنين على أن يسيروا في طريق الحق دون أن يرهبهم وعد أو وعيد.

فإن النصر سيكون في النهاية لهم.

أى: وما كيد الكافرين ومكرهم وعدوانهم، إلا مصيره إلى الضلال والضياع والبطلان.

يقال: ضل فلان الطريق إذا ضاع منه الرشد. والتبست عليه السبل. وصار تائها لا يعرف له طريقا يوصله إلى ما يريد.

( فلما جاءهم بالحق من عندنا ) أي : بالبرهان القاطع الدال على أن الله تعالى أرسله إليهم ، ( قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم ) وهذا أمر ثان من فرعون بقتل ذكور بني إسرائيل . أما الأول : فكان لأجل الاحتراز من وجود موسى ، أو لإذلال هذا الشعب وتقليل عددهم ، أو لمجموع الأمرين . وأما الأمر الثاني : فللعلة الثانية ، لإهانة هذا الشعب ، ولكي يتشاءموا بموسى - عليه السلام - ; ولهذا قالوا : ( أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ) [ الأعراف : 129 ] .

قال قتادة : هذا أمر بعد أمر .

قال الله تعالى : ( وما كيد الكافرين إلا في ضلال ) أي : وما مكرهم وقصدهم الذي هو تقليل عدد بني إسرائيل لئلا ينصروا عليهم ، إلا ذاهب وهالك في ضلال .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ (25)

يقول تعالى ذكره: فلما جاء موسى هؤلاء الذين أرسله الله إليهم بالحق من عندنا, وذلك مجيئه إياهم بتوحيد الله, والعمل بطاعته, مع إقامة الحجة عليهم, بأن الله ابتعثه إليهم بالدعاء إلى ذلك ( قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا ) بالله ( مَعَهُ ) من بني إسرائيل ( وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ ) يقول: واستبقوا نساءهم للخدمة.

فإن قال قائل: وكيف قيل ( فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ ) , وإنما كان قتل فرعون الولدان من بني إسرائيل حذار المولود الذي كان أخبر أنه على رأسه ذهاب ملكه, وهلاك قومه, وذلك كان فيما يقال قبل أن يبعث الله موسى نبيًّا؟ قيل: إن هذا الأمر بقتل أبناء الذين آمنوا مع موسى, واستحياء نسائهم, كان أمرا من فرعون وملئه من بعد الأمر الأول الذي كان من فرعون قبل مولد موسى.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتاده: ( فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ ) قال: هذا قتل غير القتل الأوّل الذي كان.

وقوله: ( وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ ) يقول: وما احتيال أهل الكفر لأهل الإيمان بالله إلا في جوز عن سبيل الحقّ, وصدّ عن قصد المحجة, وأخذ على غير هدى.

التدبر :

وقفة
[25] ﴿فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ﴾ قال ابن كثير: «وهذا أمر ثاني من فرعون بقتل ذكور بني إسرائيل، أما الأول، فكان لأجل الاحتراز من وجود موسى، أو لإذلال هذا الشعب وتقليل عددهم أو لمجموع الأمرين، وأما الأمر الثاني، فللعلة الثانية لإهانة هذا الشعب، ولكي يتشاءموا بموسى، ولهذا قالوا: ﴿أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾ [الأعراف: 129]».
وقفة
[25] ﴿فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ ۚ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ تدبر هذه النكتة التي يكثر مرورها بكتاب الله تعالى: إذا كان السياق في قصة معينة أو على شيء معين، وأراد الله أن يحكم على ذلك المعين بحكم لا يختص به، ذكر الحكم وعلقه على الوصف العام؛ ليكون أعم، وتندرج فيه الصورة التي سيق الكلام لأجلها، وليندفع الإيهام باختصاص الحكم بذلك المعين، فلهذا لم يقل: «وما كيدهم إلا في ضلال»، بل قال: ﴿وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾.
وقفة
[25] ﴿اقْتُلُوا أَبْنَاء الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ هكذا الطغاة المستبدين عندما يفقدون الحجة يقابلون الدعوة بالعنف والقتل.
وقفة
[25] ﴿وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ إظهار اسم الكافرين هنا للربط بين السبب والمسبِّب، ولإفادة العموم، فينصرف الذهن إلى أن كيد كل كافر في ضلال، وليس فقط فرعون وجنوده.
وقفة
[25] يكيدون للإسلام ويمكرون بالمسلمين ويتمالؤون على حربهم وعزاؤنا قول الله ﷻ: ﴿وما كيد الكافرين إلا في ضلال﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا:
  • الفاء استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية.
  • ﴿ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ:
  • الجملة الفعلية: في محل جر بالاضافة. جاء: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. بالحق: جار ومجرور متعلق بجاءهم. أي فلما جاءهم موسى بالنبوة.
  • ﴿ مِنْ عِنْدِنا:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة للحق. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قالُوا:
  • الجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «اقتلوا» في محل نصب مفعول به لقالوا.
  • ﴿ اقْتُلُوا:
  • فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة.الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ أَبْناءَ الَّذِينَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ آمَنُوا مَعَهُ:
  • صلة الموصول لا محل لها من الاعراب تعرب اعراب «قالوا» مع: ظرف مكان متعلق بآمنوا والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ:
  • معطوفة بالواو على اُقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ» وتعرب اعرابها. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة بمعنى واستبقوا نساءهم.
  • ﴿ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. كيد:مبتدأ مرفوع بالضمة. الكافرين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ إِلاّ فِي ضَلالٍ:
  • أداة حصر لا عمل لها. في ضلال: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ.'

المتشابهات :

يونس: 76﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ
القصص: 48﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ
غافر: 25﴿ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     ولَمَّا عجزوا عن مقارعةِ الحُجَّة بالحُجَّة؛ لجؤوا إلى استعمال القوة، كما هو دأب الطغاة، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاء الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف