4923435363738394041424344454647

الإحصائيات

سورة الزخرف
ترتيب المصحف43ترتيب النزول63
التصنيفمكيّةعدد الصفحات6.70
عدد الآيات89عدد الأجزاء0.33
عدد الأحزاب0.65عدد الأرباع2.60
ترتيب الطول30تبدأ في الجزء25
تنتهي في الجزء25عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 24/29الحواميم: 4/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (34) الى الآية رقم (42) عدد الآيات (9)

= وطيباتِها حقيرةٌ عندَ اللهِ، ثُمَّ بَيَّنَ خطرَ الإعراضِ عن القرآنِ، وبَيَّنَ لرسولِه ﷺ أنَّ دعوتَه لن تؤثرَ في قلوبِ الكُفَّارِ تسليةً له ﷺ، ثُمَّ أعلمَهُ بانتقامِه منهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (43) الى الآية رقم (47) عدد الآيات (5)

بعدَ وعدِهِ بالنَّصرِ أمرَ اللهُ هنا نبيَّه ﷺ بشدَّةِ التَّمسكِ بالقرآنِ، وبَيَّنَ أنَّه شرفٌ له، ثُمَّ ذكرَ قصَّةَ موسى عليه السلام وبعدَه عيسى عليه السلام تسليةً له ﷺ عمَّا يلقَاهُ من إعراضِ قومِهِ عن دعوتِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الزخرف

التحذير من الانبهار بالمظاهر المادية/ الدعوة إلى الإيمان والتوحيد

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هدف السورة::   التحذير من الانبهار بالمظاهر المادية. وهذا واضح من اسم السورة (الزخرف)، فالسورة تحذر من خطورة الانبهار بالمظاهر المادية وزخارف الدنيا، وفي المقابل تؤكد على أن الزخرف الحقيقي والنعيم الحقيقي ليس في الدنيا، بل في الجنة التي وعد بها المتقون.ولذلك تكرّر في السورة ذكر الذهب والفضة أكثر من أي سورة أخرى.
  • • متاع الحياة الدنيا::   هذه الدنيا لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة لحرم منها أهل الكفر، لكن لهوانها على الله أعطاها لهم، بل كان من الممكن أن يمنحهم منها أكثر وأكثر، لكن الله لم يفعل ذلك؛ لكي لا يفتن المؤمن بهم ويسلك سبيلهم، قال تعالى: ﴿وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وٰحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوٰبًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَـٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةُ عِندَ رَبّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾
  • • الزخرف الحقيقي::   وفي مقابل حديث السورة عن زخارف الدنيا والمظاهر المادّية، تأتي السورة بالزخرف الحقيقي: الجنة وما أعد الله فيها للمتقين: ﴿ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوٰجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَـٰفٍ مّن ذَهَبٍ وَأَكْوٰبٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ﴾ وكأن المعنى: لا تنبهروا يا مؤمنين بزينة الدنيا ولا تنخدعوا بمتاعها؛ لأن متاع الآخرة الذي أعده الله للمتقين أهم وأعظم.
  • • حذار من الزخرف::   إنَّ سورة الزخرف تحذِّر المسلمين من أنّهم لو تعلّقوا بالمظاهر المادّية فلن يفلحوا، وهل تخلّفت أمّتنا في هذا العصر إلاّ بسبب تعلّقها بالمظاهر المادّية وانبهار أفرادها بحضارة الغرب الماديّة؟!كما تحذر السورة أيضًا كل من يختار أصدقاءه وفقًا للمظاهر الماديّة: ﴿ٱلأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ﴾
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   ‏«الزخرف».
  • • معنى الاسم ::   الزخرف: الزينة، وكمال حُسن الشيء، والمزخرف: المزين.
  • • سبب التسمية ::   لورود كلمة (وزخرفًا) في الآية (35)، وهذه الكلمة وردت في سور أخرى لكن هذه السورة اشتملت على وصف لبعض نعيم الدنيا الفاني وهو (الزخرف) ومقارنته بنعيم الآخرة الخالد، فكانت أولى بهذه التسمية.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   : «حم الزخرف»؛ لتمييزها عن بقية سور الحواميم.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   عدم الانبهار بالمظاهر المادية.
  • • علمتني السورة ::   أن الزخرف الحقيقي والنعيم الحقيقي ليس في الدنيا، بل في الجنة.
  • • علمتني السورة ::   أن الله خلق الإنسان ورزقه نعمة العقل وترك له حرية اختيار طريق الخير والشر: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُم ۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الله كَرَّمَ الإنسانَ ورزقه نعمة العقل فلا تتبع من كان قبلك وتقلدهم دون علم: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ عَدُوَّكُمْ غَدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حَم لاَ يُنْصَرُونَ». قال القاضي عياض: «أي علامتُكُمُ التي تَعْرِفُونَ بها أصحابَكم هذا الكلامُ، والشِّعارُ في الأصلِ العلامةُ التي تُنْصَبُ لِيَعْرِفَ بها الرَّجُلُ رُفْقَتَهُ، و(حم لا ينصرون) معناهُ بفضلِ السُّورِ المفتتحةِ بِحم ومنزلَتِها من اللهِ لا يُنْصَرون»، و(سورة الزخرف) من السور المفتتحة بـ (حم).
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الزخرف من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
    • عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: «الْحَوَامِيمَ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ». وديباج القرآن: أي زينته، و(سورة الزخرف) من الحواميم.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة الزخرف هي السورة الرابعة من الحواميم أو آل (حم)، وهي سبع سور متتالية، وهي: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وأطلق عليها بعض العلماء: عرائس القرآن، وكلها مكية.
    • سورة الزخرف السورة على دعاء الركوب، في الآيتين (13-14).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتجنب الانبهار بالمظاهر المادية وزخارف الدنيا.
    • أن نشكر الله تعالى على نعمه علينا، ومنها قول: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) عند ركوب وسائل النقل: ﴿وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ﴾ (13، 14).
    • أن نضع خطةً للقضاء على أنواع الترف الذي يجعلنا نرتكب محرمًا أو نترك واجبًا: ﴿وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ﴾ (23).
    • أن نرضى بقِسْمَتِنا، ولا نَحْسُدُ أحدًا؛ فاللهُ هو من يَقْسِمُ الأرزاقَ: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ (32).
    • أن ندون ما مرَّ بنا اليوم من أنواع تسخير الله تعالى الناس بعضهم لبعض: ﴿لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ (32).
    • أن نتذكر مصيبة أصابتنا، ثم نتذكر ذنبًا فعلناه قبلها ونستغفر الله منه؛ فربما أُصبنا بالمصيبة لكي نرجع إلى ربنا: ﴿وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (48).
    • أن نتبع صراط الله في أمورنا كلها ولا نَحِد عنه: ﴿إِنَّ اللَّـهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ (64). • أن نحذر من الاختلاف في الدين: ﴿فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ (65).
    • أن ننزه الله عما افتراه عليه الكفار من نسبة الولد إليه: ﴿قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ (81).
    • أن نسبح الله تعالى عند سماع: ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ (82).

تمرين حفظ الصفحة : 492

492

مدارسة الآية : [34] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ

التفسير :

[34] وجعلنا لبيوتهم أبواباً من فضة، وجعلنا لهم سرراً عليها يتكئون،

ولجعل لهم{ زخرفا} أي:لزخرف لهم دنياهم بأنواع الزخارف، وأعطاهم ما يشتهون، ولكن منعه من ذلك رحمته بعباده خوفا عليهم من التسارع في الكفر وكثرة المعاصي بسبب حب الدنيا، ففي هذا دليل على أنه يمنع العباد بعض أمور الدنيا منعا عاما أو خاصا لمصالحهم، وأن الدنيا لا تزن عند اللّه جناح بعوضة، وأن كل هذه المذكورات متاع الحياة الدنيا، منغصة، مكدرة، فانية، وأن الآخرة عند اللّه تعالى خير للمتقين لربهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، لأن نعيمها تام كامل من كل وجه، وفي الجنة ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وهم فيها خالدون، فما أشد الفرق بين الدارين".

ولجعلنا- أيضا- لبيوتهم أبوابا جميلة، وسررا ثمينة عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ أى: على السرر يتكئون وهم جالسون فوقها.

( ولبيوتهم أبوابا ) أي : أغلاقا على أبوابهم ( وسررا عليها يتكئون ) ، أي : جميع ذلك يكون فضة ،

القول في تأويل قوله تعالى : وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34)

يقول تعالى ذكره: وجعلنا لبيوتهم أبوابا من فضة, وسُرُرا من فضة.

كما حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, وسررا قال: سرر فضة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فى قوله: ( وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ ) قال: الأبواب من فضة, والسرر من فضة عليها يتكئون, يقول: على السرر يتكئون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[34] ﴿وَلِبُيوتِهِم أَبوابًا وَسُرُرًا عَلَيها يَتَّكِئونَ﴾ من النعم التى نغفل عن شكرها أن يكون لك بيت، وله باب يغلق عليك وأهلك، وأن يكون لديك داخل هذا البيت مكانٌ تجلس عليه متكئًا، وهذا دليل الراحة والرضا، فالحمد لله رب العالمين.

الإعراب :

  • ﴿ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْااباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ
  • هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب اعرابها.بمعنى على «أسرة» جمع سرير عليها يجلسون. من «اتكأ» أي جلس متمكنا'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ سُقُفَ البيوتِ ومعارجَها؛ ذكرَ هنا أبوابَها وسُرُرَها، قال تعالى:
﴿ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وسررا:
1- بضم السين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، وهى لغة لبعض تميم، وبعض كلب.

مدارسة الآية : [35] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا ..

التفسير :

[35]وجعلنا لهم ذهباً، وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا، وهو متاع قليل زائل، ونعيم الآخرة مدَّخر عند ربك للمتقين ليس لغيرهم.

ولجعل لهم{ زخرفا} أي:لزخرف لهم دنياهم بأنواع الزخارف، وأعطاهم ما يشتهون، ولكن منعه من ذلك رحمته بعباده خوفا عليهم من التسارع في الكفر وكثرة المعاصي بسبب حب الدنيا، ففي هذا دليل على أنه يمنع العباد بعض أمور الدنيا منعا عاما أو خاصا لمصالحهم، وأن الدنيا لا تزن عند اللّه جناح بعوضة، وأن كل هذه المذكورات متاع الحياة الدنيا، منغصة، مكدرة، فانية، وأن الآخرة عند اللّه تعالى خير للمتقين لربهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، لأن نعيمها تام كامل من كل وجه، وفي الجنة ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وهم فيها خالدون، فما أشد الفرق بين الدارين".

وَزُخْرُفاً أى: ولجعلنا لهم زخرفا، ليستعملوه في أسقف منازلهم، وفي أبواب بيوتهم، وفي غير ذلك من شئون حياتهم.

والزخرف: يطلق على الشيء الذي يتزين به. فيشمل الذهب والفضة، وغيرهما مما يستعمله الناس في تزيين بيوتهم.

وقوله: وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا، وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ أى:

وما كل ما ذكرناه من البيوت الموصوفة بما ذكرناه من الصفات السابقة، إلا شيء يتمتع به المتمتعون في الحياة، التي أمرها إلى زوال واضمحلال..

أما الآخرة التي زينتها باقية لا تنتهي ولا تنقطع، فهي عند ربك خاصة بالمؤمنين الصادقين، الذين آثروا النعيم الباقي على النعيم الفاني، فقدموا في دنياهم العمل الصالح، الذي ينفعهم في أخراهم.

وبعد هذا الحديث الجامع عن هوان شأن الدنيا عند الله- تعالى-، أتبع- سبحانه- ذلك ببيان حال الذين يعرضون عن ذكر الله- تعالى-، وأنهم يوم القيامة لن ينفعهم ندمهم أو تحسرهم، وسلى النبي صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه منهم. فقال- تعالى-:

( وزخرفا ) ، أي : وذهبا . قاله ابن عباس ، وقتادة ، والسدي ، وابن زيد .

ثم قال : ( وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا ) أي : إنما ذلك من الدنيا الفانية الزائلة الحقيرة عند الله [ تعالى ] أي : يعجل لهم بحسناتهم التي يعملونها في الدنيا مآكل ومشارب ، ليوافوا الآخرة وليس لهم عند الله حسنة يجزيهم بها ، كما ورد به الحديث الصحيح . [ وقد ] ورد في حديث آخر : " لو أن الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ، ما سقى منها كافرا شربة ماء " ، أسنده البغوي من رواية زكريا بن منظور ، عن أبى حازم ، عن سهل بن سعد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره ورواه الطبراني من طريق زمعة بن صالح ، عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لو عدلت الدنيا جناح بعوضة ، ما أعطى كافرا منها شيئا " .

ثم قال : ( والآخرة عند ربك للمتقين ) أي : هي لهم خاصة لا يشاركهم : فيها [ أحد ] غيرهم ولهذا لما قال عمر بن الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صعد إليه في تلك المشربة لما آلى من نسائه ، فرآه [ عمر ] على رمال حصير قد أثر بجنبه فابتدرت عيناه بالبكاء وقال : يا رسول الله هذا كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت صفوة الله من خلقه . وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متكئا فجلس وقال : " أوفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟ " ثم قال : " أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا " وفي رواية : " أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة ؟ "

وفي الصحيحين أيضا وغيرهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافها ، فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة " . وإنما خولهم الله تعالى في الدنيا لحقارتها ، كما روى الترمذي وابن ماجه ، من طريق أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ، ما سقى منها كافرا شربة ماء أبدا " ، قال الترمذي : حسن صحيح .

وقوله: ( وَزُخْرُفًا ) يقول: ولجعلنا لهم مع ذلك زخرفا, وهو الذهب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس ( وَزُخْرُفًا ) وهو الذهب.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ( وَزُخْرُفًا ) قال: الذهب. وقال الحسن: بيت من زُخرف, قال: ذهب.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَزُخْرُفًا ) الزخرف: الذهب, قال: قد والله كانت تكره ثياب الشهرة. وذُكر لنا أن نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقول: " إيَّاكُمْ والحُمْرَةَ فإنَّها مِنْ أحَبّ الزّينَةِ إلى الشَّيْطَانِ".

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَزُخْرُفًا ) قال: الذهب.

حدثنا أحمد (1) قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَزُخْرُفًا ) قال: الذهب.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَزُخْرُفًا ) لجعلنا هذا لأهل الكفر, يعني لبيوتهم سقفا من فضة وما ذكر معها. والزخرف سمي هذا الذي سمي السقف, والمعارج والأبواب والسرر من الأثاث والفرش والمتاع.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَزُخْرُفًا ) يقول: ذهبا. والزخرف على قول ابن زيد: هذا هو ما تتخذه الناس من منازلهم من الفرش والأمتعة والآلات.

وفي نصب الزخرف وجهان: أحدهما: أن يكون معناه: لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومن زخرف, فلما لم يكرّر عليه من نصب على إعمال الفعل فيه ذلك, والمعنى فيه: فكأنه قيل: وزخرفا يجعل ذلك لهم منه. والوجه الثاني: أن يكون معطوفا على السرر, فيكون معناه: لجعلنا لهم هذه الأشياء من فضة, وجعلنا لهم مع ذلك ذهبا يكون لهم غنى يستغنون بها, ولو كان التنـزيل جاء بخفض الزخرف لكان: لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومن زخرف, فكان الزخرف يكون معطوفا على الفضة. وأما المعارج فإنها جُمعت على مفاعل, وواحدها معراج, على جمع معرج, كما يجمع المفتاح مفاتح على جمع مفتح, لأنهما لغتان: معرج, ومفتح, ولو جمع معاريج كان صوابا, كما يجمع المفتاح مفاتيح, إذ كان واحده معراج.

وقوله: ( وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) يقول تعالى ذكره: وما كل هذه الأشياء التي ذكرت من السقف من الفضة والمعارج والأبواب والسرر من الفضة والزخرف, إلا متاع يستمتع به أهل الدنيا في الدنيا.( وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ) يقول تعالى ذكره: وزين الدار الآخرة وبهاؤها عند ربك للمتقين, الذين اتقوا الله فخافوا عقابه, فجدوا في طاعته, وحذروا معاصيه خاصة دون غيرهم من خلق الله.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ) خصوصا.

-----------------

الهوامش :

(1) يظهر أن هذا مكرر .

التدبر :

وقفة
[35] أي كل ما ذُكِر من السقف والمعارج والأبواب والسرر من الفضة والذهب هي متاع الدنيا، ولا يعود على صاحبه بالسعادة الأبدية، وإنما السعادة الأبدية فقد ادَّخرها الله للمتقين.
وقفة
[35] ﴿وَزُخرُفًا وَإِن كُلُّ ذلِكَ لَمّا مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلمُتَّقينَ﴾ لا تغفل عن الشكر والحمد لأنعم الله عليك.
تفاعل
[35] ﴿وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ قل: «اللهم اجعلنا من المتقين».
عمل
[35] اختر ما عند الله، وازهد بما عند الناس ﴿وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلمُتَّقينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَزُخْرُفاً:
  • معطوفة بالواو على «سقفا» بتقدير: ولجعلنا لهم زخرفا أي زينة في كل شيء. والزخرف: الزينة والذهب. ويجوز أن يكون الأصل سقفا من فضة وزخرف: يعني بعضها من فضة وبعضها من ذهب فنصب على العطف على محل مِنْ فِضَّةٍ»
  • ﴿ وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ:
  • الواو استئنافية. ان: مخففة من الثقيلة الحرف المشبه بالفعل لا عمل لها. كل: مبتدأ مرفوع بالضمة. ذلك: ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب.
  • ﴿ لَمّا مَتاعُ:
  • حرف استثناء بمعنى «إلا» لأنها مشددة. أو تكون لام التوكيد -المزحلقة-وهي اللام الفارقة. بين «ان» المخففة والنافية. فاذا كان اعراب «ان» نافية كانت «لما» بمعنى «الا» وان كان اعراب «ان» أي «ان» المخففة كانت اللام لام التوكيد الفارقة و «ما» زائدة للتوكيد كقوله تعالى مَثَلاً ما بَعُوضَةً» و «متاع» خبر «كل» مرفوع بالضمة. بمعنى تمتع.
  • ﴿ الْحَياةِ الدُّنْيا:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. الدنيا:صفة-نعت-للحياة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ:
  • الواو استئنافية. الآخرة: مبتدأ مرفوع بالضمة.عند: مفعول فيه ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بصفة محذوفة من الآخرة. ربك: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل جربالاضافة. بمعنى وجزاء الآخرة. فحذف المضاف وحل المضاف اليه محله.
  • ﴿ لِلْمُتَّقِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

آل عمران: 14﴿وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَ‍َٔابِ
التوبة: 38﴿أَرَضِيتُم بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ
يونس: 23﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ
القصص: 60﴿وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَـ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَاۚ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ
القصص: 61﴿أَفَمَن وَعَدۡنَٰهُ وَعۡدًا حَسَنٗا فَهُوَ لَٰقِيهِ كَمَن مَّتَّعۡنَٰهُ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ
الشورى: 36﴿فَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَـ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ
الزخرف: 35﴿وَزُخۡرُفٗاۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَٱلۡأٓخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُتَّقِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ سُقُفَ البيوتِ ومعارجَها وأبوابَها وسُرُرَها؛ ذكرَ هنا الذهب، ثم بَيَّنَ أن كل ذلك متاع الحياة الدنيا، يتمتع به فيها ثم يزول، أما الآخرة فزينتها باقية لا تنتهي ولا تنقطع، قال تعالى:
﴿ وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لما:
قرئ:
1- بفتح اللام وتخفيف الميم، وهى مخففة من الثقيلة، واللام، الفارقة بين الإيجاب والنفي، و «ما» زائدة، و «متاع» خبر «كل» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتشديد الميم، بمعنى «إلا» ، و «أن» نافية، وهى قراءة الحسن، وطلحة، والأعمش، وعيسى، وعاصم، وحمزة.
3- بكسر اللام، و «ما» موصولة، وهى قراءة أبى رجاء، وأبى حيوة.

مدارسة الآية : [36] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ ..

التفسير :

[36] ومن يُعْرِض عن ذكر الرحمن، وهو القرآن، فلم يَخَفْ عقابه، ولم يهتد بهدايته، نجعل له شيطاناً في الدنيا يغويه؛ جزاء له على إعراضه عن ذكر الله، فهو له ملازم ومصاحب يمنعه الحلال، ويبعثه على الحرام.

يخبر تعالى عن عقوبته البليغة، لمن أعرض عن ذكره، فقال:{ وَمَنْ يَعْشُ} أي:يعرض ويصد{ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} الذي هو القرآن العظيم، الذي هو أعظم رحمة رحم بها الرحمن عباده، فمن قبلها، فقد قبل خير المواهب، وفاز بأعظم المطالب والرغائب، ومن أعرض عنها وردها، فقد خاب وخسر خسارة لا يسعد بعدها أبدا، وقيَّض له الرحمن شيطانا مريدا، يقارنه ويصاحبه، ويعده ويمنيه، ويؤزه إلى المعاصي أزا،

وقوله- سبحانه-: يَعْشُ أى: يعرض. يقال عشا فلان يعشو، كدعا يدعو، وعشى يعشى، كرضى يرضى، إذا ضعف بصره، ومنه قولهم: ناقة عشواء، إذا كانت لا تبصر إلا شيئا قليلا، والمراد هنا: عمى البصيرة وضعف إدراكها للخير. ومنه قولهم: ركب فلان العشواء، إذا خبط أمره على غير هدى أو بصيرة.

والمعنى: ومن يتعام عن ذكر الرحمن، ويعرض عن قرآنه، ويتجاهل هدى الرسول صلّى الله عليه وسلّم نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً أى، نهيئ ونسبب له شيطانا رجيما يستولى عليه، ويستحوذ على قلبه وعقله.

فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ أى: فذلك الشيطان يكون ملازما ومصاحبا لهذا الإنسان الذي أعرض عن القرآن، ملازمة القرين لقرينه، والشيء لظله.

ومن الآيات التي تشبه هذه الآية قوله- تعالى-: وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ، وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ .

يقول تعالى : ( ومن يعش ) أي : يتعامى ويتغافل ويعرض ، ( عن ذكر الرحمن ) والعشا في العين : ضعف بصرها . والمراد هاهنا عشا البصيرة ، ( نقيض له شيطانا فهو له قرين ) كقوله : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) [ النساء : 115 ] ، وكقوله : ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) [ الصف : 5 ] ، وكقوله : ( وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ) [ فصلت : 25 ] ; ولهذا قال هاهنا :

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)

يقول تعالى ذكره: ومن يعرض عن ذكر الله فلم يخف سطوته, ولم يخش عقابه ( نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) يقول: نجعل له شيطانا يغويه فهو له قرين: يقول: فهو للشيطان قرين, أي يصير كذلك, وأصل العشو: النظر بغير ثبت لعلة في العين, يقال منه: عشا فلان يعشو عشوا وعشوّا: إذا ضعف بصره, وأظلمت عينه, كأن عليه غشاوة, كما قال الشاعر:

مَتـى تَأتِـهِ تَعْشُـو إلـى ضَـوْءِ نارِهِ

تَجِـدْ حَطَبـا جَـزْلا وَنـارًا تَأَجَّجـا (2)

يعني: متى تفتقر فتأته يعنك. وأما إذا ذهب البصر ولم يبصر, فإنه يقال فيه: عَشِيَ فلان يَعْشَى عَشًى منقوص, ومنه قول الأعشى?

رأتْ رَجُـــلا غَــائِبَ الوَافِــدَيْنِ

مُخْــتَلِفَ الخَـلْقِ أعْشَـى ضَرِيـرا (3)

يقال منه: رجل أعشى وامرأة عشواء. وإنما معنى الكلام: ومن لا ينظر في حجج الله بالإعراض منه عنه إلا نظرًا ضعيفًا, كنظر من قد عَشِيَ بصره ( نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا ). وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا ) يقول: إذا أعرض عن ذكر الله نقيض له شيطانا( فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ).

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ ) قال: يعرض.

وقد تأوّله بعضهم بمعنى. ومن يعمَ, ومن تأوّل ذلك كذلك, فيحب أن تكون قراءته ( وَمَنْ يَعْشَ ) بفتح الشين على ما بيَّنت قيل.

* ذكر من تأوّله كذلك: حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ ) قال: من يعمَ عن ذكر الرحمن.

التدبر :

وقفة
[36] ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ﴾ ذكر الرحمن (واضح بين) ﻻ يصيبك دونه (عشى).
وقفة
[36] ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا﴾ يقيض الله للإنسان ما يريد بحسب اهتمامه وأفكاره، فمن فكر بالحزن جلب الله إليه الحزن، ومن فكر بالخير جلب الله إليه الخير.
اسقاط
[36] كلما بعد المرء عن القرآن صار أقرب للشيطان، وهنا تكمن خطورة ترك القرآن وهجره ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا﴾.
عمل
[36] ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ قل: «سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» مائة مرة.
وقفة
[36] ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ من لم يردعه ذكر الله عن المعاصي؛ يُسلِّط الله عليه شيطانًا يدله على الشر.
وقفة
[36] ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ خطر الإعراض عن القرآن.
وقفة
[36] ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ من عرض الله عليه خير المواهب، وأعظم العطايا، فأعرض عنها، عاقبه الله أشد عقوبة، وقيض له شيطانًا يؤزه إلى المعاصي أزا، ويصرفه عن الطاعات.
وقفة
[36] ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ القرآن عزيز؛ لذا سخَّر الله شيطانًا لكل من أعرض عن كتابه، تلاوة أو عملًا.
وقفة
[36] ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ قال ابن القيم: «فمن لم يعذب شيطانه في هذه الدار بذكر الله تعالى وتوحيده واستغفاره وطاعته؛ عذبه شيطانه في الآخرة بعذاب النار، فلا بد لكل أحد أن يعذب شيطانه أو يعذبه شيطانه».
عمل
[36] احرص على الأذكار والأوراد اليومية ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾.
وقفة
[36] ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ المعادلة واضحة: ترك الذكر = ستكون قرين الشيطان، أما: الذاكرين = ﴿فاذكروني اذكركم﴾ [البقرة: 152].
وقفة
[36] ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ الإعراض عن الذكر يسبب تسلط الشياطين على الإنسان، وإذا تسلطت نهته عن كل خير.
وقفة
[36] ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ بقدر انصرافك عن القرآن يسلَّط عليك الشيطان.
وقفة
[36] ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا﴾ لكل معرض عن القرآن شيطان مسخر له، وظيفته: ﴿فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾.
وقفة
[36] عن سفيان بن عيينة أنه قال: «ليس مثل من أمثال العرب إلا وأصله في كتاب الله تعالى»، قيل له: فأين قول الناس: أعط أخاك تمرة، فإن أبى فجمرة؟ فقال: «في قوله: ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾».
عمل
[36] تذكر لحظات طويلة مرت عليك لم تذكر الله فيها، ثم تذكر أن الشيطان كان قرينك فيها ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾.
وقفة
[36] ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ هذا يعني أن مقدار ابتعادك عن القرآن هو مقدار اقتراب الشيطان منك.
عمل
[36] احفظ نفسك بالقرآن وإلا دخل الشيطان ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾.
وقفة
[36] من ترك الذكر لازَمهُ الشيطان ملازمة الظل، قال تعالى: ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَمَنْ يَعْشُ:
  • الواو استئنافية. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في رفع مبتدأ والجملة الشرطية من فعل الشرط‍ وجوابه: في محل رفع خبر «من» يعش: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بمن وعلامة جزمه حذف آخره حرف العلة-الواو-والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بمعنى:من يتعام أو من يعرض.
  • ﴿ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ:
  • جار ومجرور متعلق بيعش. الرحمن: مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً:
  • الجملة: جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب. نقيض: فعل مضارع جواب الشرط‍ -جزاؤه-مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. له: جار ومجرور متعلق بنقيض. شيطانا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى: نقدر له شيطانا.
  • ﴿ فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ:
  • الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. هو: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. له: جار ومجرور متعلق بالخبر. قرين: خبر «هو» مرفوع بالضمة. بمعنى فهو يظل له.'

المتشابهات :

النساء: 117﴿إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدٗا
الزخرف: 36﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ أن المال متاع الدنيا، وهو عرض زائل، ونعيم الآخرة هو النعيم الدائم؛ ذكرَ هنا أن من فاز بالمال والجاه صار كالأعشى عن ذكرِ الله، وصار من جلساء الشياطين الضالين المضلين، قال تعالى:
﴿ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يعش:
1- بضم الشين، أي يتعام ويتجاهل.
وقرئ:
2- بفتح الشين، أي: يعم عن ذكر الرحمن، وهى قراءة يحيى بن سلام البصري.
3- يعشو، بالواو، وهى قراءة زيد بن على.
نقيض:
1- بالنون، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالياء، أي: يقيض الرحمن، وهى قراءة على، والسلمى، ويعقوب، وأبى عمرو، بخلاف عنه، وحماد عن عاصم، وعصمة عن الأعمش، وعن عاصم والعليمي، عن أبى بكر.
3- بالياء، مبنيا للمفعول، و «شيطان» بالرفع، وهى قراءة ابن عباس.

مدارسة الآية : [37] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ ..

التفسير :

[37] وإن الشياطين ليصدون عن سبيل الحق هؤلاء الذين يعرضون عن ذكر الله، فيزيِّنون لهم الضلالة، ويكرِّهون لهم الإيمان بالله والعمل بطاعته، ويظن هؤلاء المعرضون بتحسين الشياطين لهم ما هم عليه من الضلال أنهم على الحق والهدى.

{ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} أي:الصراط المستقيم، والدين القويم.{ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} بسبب تزيين الشيطان للباطل وتحسينه له، وإعراضهم عن الحق، فاجتمع هذا وهذا.

فإن قيل:فهل لهذا من عذر، من حيث إنه ظن أنه مهتد، وليس كذلك؟

قيل:لا عذر لهذا وأمثاله، الذين مصدر جهلهم الإعراض عن ذكر اللّه، مع تمكنهم على الاهتداء، فزهدوا في الهدى مع القدرة عليه، ورغبوا في الباطل، فالذنب ذنبهم، والجرم جرمهم.

فهذه حالة هذا المعرض عن ذكر اللّه في الدنيا، مع قرينه، وهو الضلال والغيّ، وانقلاب الحقائق.

ثم بين- سبحانه- الآثار التي تترتب على مقارنة الشيطان للإنسان فقال: وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ.

والضمير في وَإِنَّهُمْ يعود إلى الشيطان باعتبار جنسه، وفي قوله- تعالى- لَيَصُدُّونَهُمْ يعود إلى وَمَنْ في قوله وَمَنْ يَعْشُ ... باعتبار معناها.

أى: ومن يعرض عن طاعة الله، نهيئ له شيطانا، فيكون ملازما له ملازمة تامة، وإن هؤلاء الشياطين وظيفتهم أنهم يصدون هؤلاء الفاسقين عن ذكر الله- تعالى-، وعن سبيله الحق وصراطه المستقيم.

وَيَحْسَبُونَ أى: هؤلاء الكافرون أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ إلى السبيل الحق. فالضمائر في قوله وَيَحْسَبُونَ وما بعده يعود إلى الكافرين.

ويصح أن يكون الضمير في قوله وَيَحْسَبُونَ يعود إلى الكفار، وفي قوله أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ يعود إلى الشيطان، فيكون المعنى:

ويظن هؤلاء الكافرون أن الشياطين مهتدون إلى الحق، ولذلك اتبعوهم وأطاعوهم.

أي هذا الذي تغافل عن الهدى نقيض له من الشياطين من يضله ويهديه إلى صراط الجحيم.

وقوله: ( وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ) يقول تعالى ذكره: وإن الشياطين ليصدّون هؤلاء الذين يعشون عن ذكر الله, عن سبيل الحقّ, فيزينون لهم الضلالة, ويكرهون إليهم الإيمان بالله, والعمل بطاعته ( وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ) يقول: ويظن المشركون بالله بتحسين الشياطين لهم ما هم عليه من الضلالة, أنهم على الحق والصواب, يخبر تعالى ذكره عنهم أنهم من الذي هم عليه من الشرك على شكّ وعلى غير بصيرة. وقال جلّ ثناؤه: ( وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ) فأخرج ذكرهم مخرج ذكر الجميع, وإنما ذُكر قبل واحدا, فقال: ( نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا ) لأن الشيطان وإن كان لفظه واحدا, ففي معنى جمع.

--------------------

الهوامش :

(2) هذا بيت مركب من شطرين من بيتين مختلفين ؛ فصدره للحطيئة من قصدية مدح بها بغيض بن عامر بن شماس بن لأي بن أنف الناقة التميمي. وعجزه من بيت لعبد بن الحر من قصيدة قالها وهو في حبس مصعب بن الزبير في الكوفة وبيت الحطيئة بتمامه كما في ( خزانة الأدب الكبير للبغدادي 3 : 662 ) :

مَتـى تَأْتِـهِ تَعْشُـو إلـى ضَـوْءِ نَارِهِ

تجِـدْ خَـيرَ نـارٍ عِنْدَهـا خَـيرُ مُوقِدِ

وبيت عبد الله بن الحر بتمامه هو ، كما في ( الخزانة 3 : 663 ) :

َتـى تَأْتِنـا تُلْمِـمْ بِنـا فِـي دِيارِنـا

تَجِـدْ حَطَبـا جَـزْلا ونـاراً تَأجَّجـا

واستشهد المؤلف بالبيت عند قوله تعالى : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن ) . قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 220 ) : أي تظلم عينه عنه ، كأن عليها غشاوة . وقال الفراء في معاني القرآن ( الورقة 295) : يريد : ومن يعرض عنه . ومن قرأها (ومن يعش ) فتح الشين ، فمعناه : من يعم عنه . وقال القتيبي ( اللسان : عشي ) معنى قوله ( ومن يعش عن ذكر الرحمن ) أي يظلم بصره . قال : وهذا قول أبي عبيدة . ثم ذهب يرد قول الفراء ويقول : لم أر أحداً يجيزه : عشوت عن الشيء : أعرضت عنه . إنما يقال : تعايشت عن الشيء : أي تغافلت عنه ، كأني لم أره . وكذلك تعاميت . قال : وعشوت إلى النار : أي استدللت عليها ببصر ضعيف . وقال الأزهري يرد كلام ابن قتيبة : أغفل القتيبي موضع الصواب ، واعترض مع غفلته على الفراء . والعرب تقول : عشوت إلى النار أعشو عشوا ، أي قصدتها مهتديا . وعشوت عنها : أي أعرضت عنها . فيفرقون بين إلى وعن موصولين بالفعل . ا هـ .

(3) البيت لأعشى بن قيس بن ثعلبة ، ميمون بن قيس ( ديوانه طبع القاهرة 95 ) الضمير في رأت يعود على امرأة ذكرها من أول القصيدة ، وسماها ليلى . والوافدان : العينان . ومختلف الخلق : غيرته السن والأحداث عما عهدته عليه من النضرة والقوة . والأعشى الذي به سوء في عينيه ، أو هو الذي لا يبصر ليلاً ، أو هو الأعمى . وهو الأقرب لقوله بعده" ضريرا" . وفعله عشي يعشى عشى ، مثل عمي يعمى . وهو غير عشا إلى الشيء يعشو إذا نظر إليه وأقبل عليه ؛ أو عشا عنه يعشو عشا : إذا أعرض عنه ؛ كما بيناه في الشاهد الذي قبله . ا هـ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[37] ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾ فإن قيل: فهل لهذا من عذر، من حيث إنه ظن أنه مهتدٍ وليس كذلك؟ قيل: لا عذر لهذا وأمثاله؛ الذين مصدر جهلهم الإعراض عن ذكر الله، مع تمكنهم على الاهتداء، فزهدوا في الهدى مع القدرة عليه، ورغبوا في الباطل، فالذنب ذنبهم، والجرم جرمهم.
وقفة
[37] ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾ أشد أنواع الضلال أن تتمسك بالباطل وتدعو إليه، وتصد غيرك عن الحق وتحذرهم منه، ثم تحسب نفسك من المهتدين.
وقفة
[37] ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾ هل لهؤلاء عذر؟ لا عذر لهم ولا لأمثالهم؛ لأنهم بدؤوا العدوان بإعراضهم عن ذكر الله، وزهدوا في الهداية مع القدرة عليها، ورغبوا في الباطل، فالذنب ذنبهم، والجرم جرمهم.
وقفة
[37] ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾ ما نزلت على المعرضين عقوبة أقسى من كونهم يرون الضلال هداية.
وقفة
[37] لا يلزم من ضلال الإنسان أن يعلم أنه كذلك، فالرضا بالرأي قد يصاحبك وأنت على باطل ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾.
وقفة
[37] أعظم الفتنة أن تتمسَّك بالشر وتدعو إليه وتدفع الخير وتحذر منه وتحسب أنك على هدى ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾.
وقفة
[37] الهداية لا تُعرَف بقناعة النفس بها، وإنما بدلالة الله عليها، فكم من ضالٍ يحسب أنه على حق! ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾.
عمل
[37] احذر أن تعمل عملًا تظن أنك مهتد فيه وأنت على ضلال، وعلاج ذلك العلم بالدليل الصحيح ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾.
وقفة
[37] القناعة بالفكر والرأي والدعوة إليه بإخلاص لا تعني أن صاحبه على الحق: ﴿وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون﴾، والناجي من أنجاه الله.
وقفة
[37] الهداية ليست بقناعة النفس بها، وإنما برضا الله عنها، فكم من ضالٍّ يحسب أنه على حق! ﴿وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون﴾.
وقفة
[37] هذا حال الطغاة مع الدعاة: ﴿وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون﴾.
وقفة
[37] النفس قد تستسيغ الشر حتى تظنه الخير، فالصواب ليس ما تهواه النفس؛ بل ما ثبت بالدليل ولو كرهته. ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾.
وقفة
[37] ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾ كم من مفتون لا يدري أنه مفتون؟!
وقفة
[37] ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾ أشدُّ أنواعِ العُقوبات أن تنحرفَ، ويوهمكَ الشيطانُ باستقامتِكَ.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّهُمْ:
  • الواو عاطفة. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم انّ يعود على «شيطان» لأنه محمول على عموم الشياطين أي الجمع.
  • ﴿ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «ان» اللام لام التوكيد-المزحلقة-يصدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. والضمير يعود على مَنْ يَعْشُ» على المعنى لا اللفظ‍.عن السبيل: جار ومجرور متعلق بيصدونهم. أي يمنعونهم عن الدين.
  • ﴿ وَيَحْسَبُونَ:
  • الواو: حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال.يحسبون: تعرب اعراب «يصدون» وجملة «يحسبون» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: وهم يحسبون.
  • ﴿ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ:
  • انّ وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «يحسبون» و «أنهم» أعربت. والضمير يعود على «هم» في «يصدونهم» مهتدون: خبر «أنّ» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

الأعراف: 30﴿إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّـهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ
الزخرف: 37﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ الشياطين؛ بَيَّنَ هنا الآثار التي تترتب على مقارنة الشيطان للإنسان، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [38] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا ..

التفسير :

[38] حتى إذا جاءنا الذي أعرض عن ذكر الرحمن للحساب والجزاء، قال لقرينه:وددت أن بيني وبينك بُعْدَ ما بين المشرق والمغرب، فبئس القرين لي أنت؛ حيث أغويتني.

وأما حاله، إذا جاء ربه في الآخرة، فهو شر الأحوال، وهو:إظهار الندم والتحسر، والحزن الذي لا يجبر مصابه، والتبرِّي من قرينه، ولهذا قال تعالى:{ حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ}

كما في قوله تعالى:{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا}

ثم بين- سبحانه- ما يكون بين هذا الإنسان الكافر وبين قرينه من الشياطين يوم القيامة، فقال- تعالى-: حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ.

أى: لقد استمر هذا المعرض عن ذكر الله في غيه. ومات على ذلك حتى إذا جاءنا يوم القيامة للحساب والجزاء، قالَ لقرينه الذي صده عن طريق الحق..

يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ أى: أتمنى أن تكون المسافة التي بيني وبينك من البعد والمفارقة، كالمسافة التي بين المشرق والمغرب.

فالمراد بالمشرقين المشرق والمغرب فعبر- سبحانه- بالمشرقين على سبيل التغليب لأحدهما على الآخر.

فَبِئْسَ الْقَرِينُ أى: فبئس القرين أنت- أيها الشيطان- فالمخصوص بالذم محذوف.

أي : هذا الذي تغافل عن الهدى نقيض له من الشياطين من يضله ، ويهديه إلى صراط الجحيم . فإذا وافى الله يوم القيامة يتبرم بالشيطان الذي وكل به ، ( قال ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ) [ أي : فبئس القرين كنت لي في الدنيا ] وقرأ بعضهم : " حتى إذا جاءانا " يعني : القرين والمقارن .

قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن سعيد الجريري قال : بلغنا أن الكافر إذا بعث من قبره يوم القيامة سفع بيده شيطان فلم يفارقه ، حتى يصيرهما الله تعالى إلى النار ، فذلك حين يقول : ( ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين )

والمراد بالمشرقين هنا هو ما بين المشرق والمغرب . وإنما استعمل هاهنا تغليبا ، كما يقال القمران ، والعمران ، والأبوان ، [ والعسران ] . قاله ابن جرير وغيره .

[ ولما كان الاشتراك في المصيبة في الدنيا يحصل به تسلية لمن شاركه في مصيبته ، كما قالت الخنساء تبكي أخاها :

ولولا كثرة الباكين حولي على قتلاهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكن

أسلي النفس عنه بالتأسي

قطع الله بذلك بين أهل النار ، فلا يحصل لهم بذلك تأس وتسلية ولا تخفيف ] .

القول في تأويل قوله تعالى : حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38)

اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( حَتَّى إِذَا جَاءَنَا ) فقرأته عامة قرّاء الحجاز سوى ابن محيصن, وبعض الكوفيين وبعض الشاميين " حتى إذا جاءنا " على التوحيد بمعنى: حتى إذا جاءنا هذا الذي عَشِي عن ذكر الرحمن, وقرينه الذي قيض له من الشياطين. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة وابن محيصن: ( حَتَّى إِذَا جَاءَنَا ) على التوحيد, بمعنى: حتى إذا جاءنا هذا العاشي من بني آدم عن ذكر الرحمن.

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان متقاربتا المعنى وذلك أن في خبر الله تبارك وتعالى عن حال أحد الفريقين عند مقدمه عليه فيما أقرنا فيه في الدنيا, الكفاية للسامع عن خبر الآخر, إذ كان الخبر عن حال أحدهما معلوما به خبر حال الآخر, وهما مع ذلك قراءتان مستفيضتان في قرءة الأمصار, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة: حتى إذَا جاءنا هو وقرينه جميعا.

وقوله: ( يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ ) يقول تعالى ذكره: قال أحد هذين القرينين لصاحبه الآخر: وددت أن بيني وبينك بعد المشرقين: أى بعد ما بين المشرق والمغرب, فغلب اسم أحدهما على الآخر, كما قيل: شبه القمرين, وكما قال الشاعر?

أخَذْنــا بآفــاقِ السَّــمَاءِ عَلَيْكُـمُ

لنَــا قَمَرَاهَــا والنُّجُــومُ الطَّـوَالِعُ (4)

وكما قال الآخر?

فَبَصْــرَةُ الأزْدِ مِنَّـا والعِـرَاقُ لنَـا

والمَـوْصِلانِ وَمِنَّـا مِصْـرُ والحَـرَمُ (5)

يعني: الموصل والجزيرة, فقال: الموصلان, فغلب الموصل.

وقد قيل: عنى بقوله ( بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ ) : مشرق الشتاء, ومشرق الصيف, وذلك أن الشمس تطلع في الشتاء من مشرق, وفي الصيف من مشرق غيره; وكذلك المغرب تغرب في مغربين مختلفين, كما قال جلّ ثناؤه: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ .

وذُكر أن هذا قول أحدهما لصاحبه عند لزوم كل واحد منهما صاحبه حتى يورده جهنم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن سعيد الجريري, قال: بلغني أن الكافر إذا بُعث يوم القيامة من قبره, سفع بيده الشيطان, فلم يفارقه حتى يصيرهما الله إلى النار, فذلك حين يقول: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين, فبئس القرين. وأما المؤمن فيوكَّل به ملك فهو معه حتى قال: إما يفصل بين الناس, أو نصير إلى ما شاء الله.

-----------------

الهوامش :

(4) البيت للفرزدق ( ديوانه طبعة الصاوي 519 ) . قال : وقمراها : الشمس والقمر ، ثناهما تغليبا . ورواه المبرد في الكامل :" أخذنا بأطراف" في موضع ، ورواه في آخر بآفاق . ا هـ . واستشهد به المؤلف عند قوله تعالى : (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين) : أي بعد ما بين المشرق والمغرب . وأخذ كلامه من كلام الفراء في معاني القرآن ( الورقة 295 ) قال الفراء : يريد ما بين مشرق الشتاء ومشرق الصيف . ويقال إنه أراد المشرق والمغرب ، فقال المشرقين ، وهو أشبه الوجهين بالصواب ؛ لأن العرب قد تجمع الاسمين ، على تسمية أشهرهما فيقال : جاءك الزهدمان ، وإنما أحدهما زهم ( أي والآخر : كردم العبسيان كما تقدم في شاهد سابق ) وقال الشاعر :" أخذنا بآفاق السماء ..." البيت .

(5) هذا الشاهد في معنى الذي قبله . استشهد به الفراء أيضا في معاني القرآن كسابقه ، على أن الشيئين المختلفي اللفظ ، قد يجمعان بلفظ واحد ، فيقال البصرتان ، البصرة والكوفة ، والموصلان للموصل والجزيرة . وكل هذا من باب تغليب الأشهر من اللفظين على الآخر . قال : وأنشدني رجل من طيئ :" فبصرة الأزد منا ..." البيت ، يريد الجزيرة والموصل .

التدبر :

وقفة
[38] ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾ قال أبو سعيد الخدري: «إذا بعث الكافر زُوج بقرينه من الشياطين، فلا يفارقه حتى يصير إلى النار».
وقفة
[38] ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾ اقتران الكافر بالشيطان في قيد واحد غدًا من ألوان العذاب وسبب أشد الآلام لذا يصرخ الكافر في شيطانه: «يا ليت بيني وبينك ما بين المشرق والمغرب».
وقفة
[38] رُبما يُردي الإنسان في آراء الباطل أقرب الناس وأكثرهم جلوسًا إليه، وآنسهم له ﴿حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بُعد المشرقين فبئس القرين﴾.
عمل
[38] ﴿قال يا لَيت بَيني وَبَينَك بُعد المشرِقين﴾ ابتعد عن كل ما يبعدك عن ربك، حتى لا تندم هناك، يوم لا ينفع الندم.
وقفة
[38] ﴿قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾ تأمل: لم يقل (بيننا)؛ لأنه أراد قمة البراءة فسعى للتخلص منه ففصل حتى الألفاظ.
لمسة
[38] ﴿يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ﴾ المراد بالمشرقين هنا: المشرق والمغرب، وإنما استعمل هنا تغليبًا، كما يقال للشمس والقمر: القمران، ولأبي بكر وعمر: العمران، وللتمر والماء: الأسودان.
وقفة
[38] أعظم الناس ظلمًا لصاحبه الذي يراه على باطل يخسر به آخرته، ثم يجامله ويسكت؛ حفاظًا على صداقته ومودته ﴿فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ حَتّى إِذا:
  • حرف غاية وابتداء. إذا: ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلق بجوابه مبني على السكون متضمن معنى الشرط‍.
  • ﴿ جاءَنا:
  • الجملة الفعلية: في محل جر بالاضافة. جاء: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو يعود على لفظ‍ «من» في قوله وَمَنْ يَعْشُ» أي جاءنا العاشي. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ قالَ:
  • تعرب اعراب «جاء» وجملة «قال» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. بمعنى قال العاشي أي المتعامي عن ذكر الله لشيطانه. والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به مقول القول.
  • ﴿ يا لَيْتَ:
  • يا: حرف تنبيه. أو حرف نداء والمنادى محذوف. والتقدير: يا هؤلاء مثلا. ليت: حرف تمن ونصب من أخوات «انّ».
  • ﴿ بَيْنِي وَبَيْنَكَ:
  • ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركته المناسبة متعلق بخبر «ليت» المقدم وهو مضاف والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم- في محل جر بالاضافة. وبينك: معطوفة بالواو على «بيني» وتعرب إعرابها.والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ:
  • اسم «ليت» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.المشرقين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد وهما: المشرق والمغرب. والمراد في بعدهما: تباعدهما. والأصل: بعد المشرق من المغرب والمغرب من المشرق فغلب المشرق على المغرب.
  • ﴿ فَبِئْسَ الْقَرِينُ:
  • الفاء: استئنافية. بئس: فعل ماض جامد لانشاء الذم مبني على الفتح. القرين: فاعل «بئس» مرفوع بالضمة. وحذف المخصوص بالذم اختصارا لأنه معلوم التقدير: فبئس القرين آت يعود على العاشي.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ حال المعرض عن ذكر اللّه في الدنيا، مع قرينه، وهو الضلال والغيُّ، وانقلاب الحقائق؛ ذكرَ هنا حالَه إذا جاءَ ربَّه في الآخرة، قال تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

جاءنا:
1- على الإفراد، وهى قراءة الأعمش، والأعرج، وعيسى، وابن محيصن، والأخوين.
وقرئ:
2- جاآنا، على التثنية، وهى قراءة أبى جعفر، وشيبة، وقتادة، والزهري، والجحدري، وأبى بكر، والحرميين.

مدارسة الآية : [39] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ ..

التفسير :

[39] ولن ينفعكم اليوم -أيها المعرضون- عن ذكر الله إذ أشركتم في الدنيا أنكم في العذاب مشتركون أنتم وقرناؤكم، فلكل واحد نصيبه الأوفر من العذاب، كما اشتركتم في الكفر.

وقوله تعالى:{ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} أي:ولا ينفعكم يوم القيامة اشتراككم في العذاب، أنتم وقرناؤكم وأخلاؤكم، وذلك لأنكم اشتركتم في الظلم، فاشتركتم في عقابه وعذابه.

ولن ينفعكم أيضا، روح التسلي في المصيبة، فإن المصيبة إذا وقعت في الدنيا، واشترك فيها المعاقبون، هان عليهم بعض الهون، وتسلَّى بعضهم ببعض، وأما مصيبة الآخرة، فإنها جمعت كل عقاب، ما فيه أدنى راحة، حتى ولا هذه الراحة. نسألك يا ربنا العافية، وأن تريحنا برحمتك.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك ما سيقال لهذا العاشى عن ذكر الله ولقرينه على سبيل التأنيب والتوبيخ فقال: وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ....

والضمير في قوله: يَنْفَعَكُمُ يعود إلى التمني المذكور في قوله: يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ ... وإِذْ ظرف لما مضى من الزمان، بدل من الْيَوْمَ.

أى: ولن ينفعكم ندمكم وتمنيكم اليوم شيئا، بعد أن تبين لكم أنكم كنتم ظالمين في الدنيا، ومصرين على الكفر والضلال.

وقوله: أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ تعليل لما قبله. أى: ولن ينفعكم اليوم تمنيكم وندمكم لأنكم في هذا اليوم أنتم وقرناءكم مشتركون في العذاب، كما كنتم في الدنيا مشتركين في سببه، وهو الكفر والضلال.

قال صاحب الكشاف ما ملخصه: قوله: أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ في محل الرفع على الفاعليه. يعنى: ولن ينفعكم كونكم مشتركين في العذاب كما ينفع الواقعين في الأمر الصعب اشتراكهم فيه لتعاونهم في تحمل أعبائه. لأن كل واحد منكم، به من العذاب ما هو فوق طاقته..

ولك أن تجعل الفاعل التمني في قوله: يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ... على معنى: ولن ينفعكم اليوم ما أنتم فيه من تمنى مباعدة القرين، وقوله: أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ تعليل، أى: ولن ينفعكم تمنيكم، لأن حقكم أن تشتركوا أنتم وقرناؤكم في العذاب ... وتقويه قراءة من قرأ أَنَّكُمْ بالكسر.

ثم قال تعالى : ( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون ) أي : لا يغني عنكم اجتماعكم في النار واشتراككم في العذاب الأليم .

وقوله: ( وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ ) أيها العاشون عن ذكر الله في الدنيا( إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ) يقول: لن يخفف عنكم اليوم من عذاب الله اشتراككم فيه, لأن لكل واحد منكم نصيبه منه, و " أنَّ" من قوله ( أنَّكُمْ ) في موضع رفع لما ذكرت أن معناه: لن ينفعكم اشتراككم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[39] ﴿وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ هذا كلام يقال للكفار في الآخرة، ومعناه أنهم لا ينفعهم اشتراكهم في العذاب، ولا يجدون راحة التأسي التي يجدها المكروب في الدنيا إذا رأى غيره قد أصابه مثل الذي أصابه.
وقفة
[39] ﴿وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ هذا قول يلقى على أسماع أهل النار يوم القيامة، قال السعدي: «ولن ينفعكم أيضًا روح التسلي في المصيبة، فإن المصيبة إذا وقعت في الدنيا، واشترك فيها المعاقبون، هان عليهم بعض الهون، وتسلى بعضهم ببعض، وأما مصيبة الآخرة، فإنها جمعت كل عقاب، ما فيه أدني راحة، حتى ولا هذه الراحة».
وقفة
[39] ﴿وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ قالت الخنساء لما جاءها خبر قتل أخيها: ولَوْلا كَثرَة ُ الباكينَ حَوْلي ... على إخوانهمْ لقتلتُ نفسي فلولا هذا التأسي لقتلت نفسها، لكن الله نفي عن أهل النار الانتفاع بمثل هذا التأسي.
وقفة
[39] ﴿وَلَن يَنفَعَكُمُ اليَومَ إِذ ظَلَمتُم أَنَّكُم فِي العَذابِ مُشتَرِكونَ﴾ اشتراك الناس ببعض مصائب الدنيا تخفِّف عن المُصاب وتسلِّيه، أما مصائبُ الآخرة فلن تزيدَه مشاركةُ الآخرين له فيها إلا حسرةً وعذابًا: ﴿كلما دخلت أمة لعنت أختها﴾ [الأعراف: 38].
وقفة
[39] ﴿وَلَن يَنفَعَكُمُ اليَومَ إِذ ظَلَمتُم أَنَّكُم فِي العَذابِ مُشتَرِكونَ﴾ في الدنيا: يفرح المخطئ بأمثاله، أما في الآخرة: لا يشعر إلا بعذابه.
وقفة
[39] صاحب الباطل ينتشي إذا كان له شركاء يستقوي بهم في باطله، لكن هذه الشراكة لا نفع لها في اﻵخرة ﴿ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون﴾.
وقفة
[39] كل البلاء إذا عمَّ هان إلا بلاء عذاب النار، نعوذ بالله من النار ﴿ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون﴾.
وقفة
[39] القرين يهون عليه مع قرينه السوء والشر في الدنيا؛ لكن عذاب الآخرة مختلف ﴿وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾.
تفاعل
[39] ﴿أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ:
  • الواو: استئنافية. لن: حرف نصب ونفي واستقبال.ينفع: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة. الكاف: ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور
  • ﴿ الْيَوْمَ إِذْ:
  • ظرف زمان-مفعول فيه-منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بينفع. إذ: حرف للتعليل لا محل لها من الاعراب. أو تكون اسما مبنيا على السكون في محل نصب بدلا من «اليوم» وان كانت «اذ» تفيد الماضي و «اليوم» ليس بماض فقيل في تعليل ذلك: ان الدنيا والآخرة متصلتان وهما سواء في حكم الله تعالى. وعليه فتكون «اذ» بدلا من اليوم حتى كأنها مستقبلية أو كأن اليوم ماض. وقيل المعنى: أن ثبوت ظلمهم عندهم يكون يوم القيامة فكأنه قال: ولن ينفعكم اليوم إذ صح ظلمكم عندكم فهو بدل من اليوم أيضا. وقال آخرون: التقدير: بعد اذ ظلمتم فحذف المضاف للعلم به.
  • ﴿ ظَلَمْتُمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل جر بالاضافة في حالة اعراب «اذ» بدلا من «اليوم» وفي حالة اعرابها: حرف تعليل تكون جملة «ظلمتم» اعتراضية بين الفعل وفاعله لا محل لها من الاعراب. وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. وحذف مفعولها اختصارا. أي ظلمتم أنفسكم.
  • ﴿ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «أن» والميم علامة جمع الذكور. في العذاب: جار ومجرور متعلق بخبر «أن» و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «ينفع» التقدير: لن ينفعكم اشتراككم في العذاب. والجملة من اسم «ان» وخبرها صلة الحرف المصدري لا محل لها من الاعراب. أو يكون المعنى: لن ينفعكم كونكم مشتركين في العذاب كما ينفع الواقعين في الأمر الصعب اشتراكهم فيه. وعلى التمني يكون المعنى: ولن ينفعكم اليوم ما أنتم عليه من تمني مباعدة القرين.و«أنكم» في العذاب مشتركون «تعليل أي لن ينفعكم تمنيكم لأن حقكم أن تشتركوا أنتم وقرناؤكم في العذاب كما كنتم مشتركين في سببه وهو الكفر.
  • ﴿ مُشْتَرِكُونَ:
  • خبر «أنّ» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ حالَ المُعرِض في الآخرة؛ ذكرَ هنا ما سيقال لهذا المُعرِض عن ذكر الله ولقرينه على سبيل التأنيب والتوبيخ، قال تعالى:
﴿ وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أنكم:
وقرئ:
إنكم، بالكسر.

مدارسة الآية : [40] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي ..

التفسير :

[40] أفأنت -أيها الرسول- تُسمِع مَن أصمَّه الله عن سماع الحق، أو تهدي إلى طريق الهدى مَن أعمى قلبه عن إبصاره، أو تهدي مَن كان في ضلال عن الحق بيِّن واضح؟ ليس ذلك إليك، إنما عليك البلاغ، وليس عليك هداهم، ولكن الله يهدي مَن يشاء، ويضلُّ مَن يشاء.

يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، مسليا له عن امتناع المكذبين عن الاستجابة له، وأنهم لا خير فيهم، ولا فيهم زكاء يدعوهم إلى الهدى:{ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ} أي:الذين لا يسمعون{ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ} الذين لا يبصرون،

أو تهدي{ مَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} أي:بَيِّنٌ واضح، لعلمه بضلاله، ورضاه به.

فكما أن الأصم لا يسمع الأصوات، والأعمى لا يبصر، والضال ضلالا مبينا لا يهتدي، فهؤلاء قد فسدت فطرهم وعقولهم، بإعراضهم عن الذكر، واستحدثوا عقائد فاسدة، وصفات خبيثة، تمنعهم وتحول بينهم وبين الهدى، وتوجب لهم الازدياد من الردى، فهؤلاء لم يبق إلا عذابهم ونكالهم، إما في الدنيا، أو في الآخرة، ولهذا قال تعالى:

وبعد هذا التوبيخ الشديد للمعرض عن ذكر الله ولشيطانه، يوجه الله- تعالى- خطابه لنبيه صلّى الله عليه وسلّم ليزيده تسلية وتثبيتا فيقول: أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.

والاستفهام للنفي أى: أفأنت- أيها الرسول الكريم- تستطيع أن تسمع الصم صوتك، أو أن تهدى الذين انطمست بصائرهم إلى الطريق الحق. أو أن تخرج من كان في الضلال الواضح إلى الهدى والرشاد؟

كلا إنك لن تستطيع ذلك، لأن الهداية والإضلال، من الله- تعالى- وحده. وأنت- أيها الرسول الكريم- عليك البلاغ ونحن علينا الحساب.

فالمقصود من الآية الكريمة تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم ونهيه من أن يضيق صدره بسبب إعراضهم المستمر عن دعوة الحق، وبيان أن الهداية والإضلال بيد الله- تعالى- وحده.

وسماهم- سبحانه- صما وعميا، مع أنهم يسمعون ويبصرون، لأنهم بمنزلة الصم والعمى في عدم انتفاعهم بالهدى والرشاد الذي جاءهم به صلّى الله عليه وسلّم.

وقوله- تعالى-: وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ معطوف على العمى والصم باعتبار تغاير الصفات.

أى: أنت- أيها الرسول الكريم- لن تستطيع هداية من كان أصم وأعمى، ومن كان مصرا على الضلال المبين وما دام الأمر كذلك فسر في طريقك، دون أن تذهب نفسك عليهم حسرات..

وقوله : ( أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين ) أي : ليس ذلك إليك ، إنما عليك البلاغ ، وليس عليك هداهم ، ولكن الله يهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، وهو الحكم العدل في ذلك .

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (40)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ ) : من قد سلبه الله استماع حججه التي احتجّ بها في هذا الكتاب فأصمه عنه, أو تهدي إلى طريق الهدى من أعمى الله قلبه عن إبصاره, واستحوذ عليه الشيطان, فزين له الردى ( وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) يقول: أو تهدي من كان في جور عن قصد السبيل, سالك غير سبيل الحقّ, قد أبان ضلاله أنه عن الحقّ زائل, وعن قصد السبيل جائر: يقول جلّ ثناؤه: ليس ذلك إليك, إنما ذلك إلى الله الذي بيده صرف قلوب خلقه كيف شاء, وإنما أنت منذر, فبلغهم النذارة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[40] ﴿أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ﴾ استفهام بمعنى النفي، فليس يمكنك هداية من سددنا بصيرته، ومن صببنا في مسامع فهمه رصاص الشقاء والحرمان، وفيه تسلية لقلب النبي ﷺ الحزين على إعراض قومه.
وقفة
[40] ﴿أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ فالمعنى: ليس شيء من ذلك إليك، بل هو إلى الله القادر على كل شيء، وأما أنت فليس عليك إلا البلاغ.
وقفة
[40] التمسك بالكتاب والسنة فيهما العصمة والنجاة في الدنيا والآخرة ﴿أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ:
  • الهمزة همزة إنكار وتعجيب بلفظ‍ استفهام أدخلت على المسمع أو المهدي دون فعله دليل على أن الله وحده هو القادر على ذلك على سبيل الالجاء والقسر. أنت: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. تسمع: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت وجملة «تسمع» وما بعدها في محل رفع خبر المبتدأ
  • ﴿ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أو:حرف عطف. تهدي العمي: معطوفة على تُسْمِعُ الصُّمَّ» وتعرب اعرابها.وعلامة رفع الفعل الضمة المقدرة على الياء للثقل.
  • ﴿ وَمَنْ كانَ:
  • الواو عاطفة. من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به لأنه معطوف على منصوب. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «كان» مبين: صفة-نعت- لضلال مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. وجملة كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.'

المتشابهات :

يونس: 42﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ۚ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ
الزخرف: 40﴿ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ حالَ الكُفَّارِ وما يُقالُ لهم، وكانت قُرَيشٌ تَسمَعُ ذلك فلا تَزدادُ إلَّا عُتُوًّا واعتِراضًا، وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَجتَهِدُ في تحصيلِ الإيمانِ لهم؛ خاطَبَه تعالى هنا تَسليةً له باستِفهامِ تَعجيبٍ، أي: إنَّ هؤلاء صُمٌّ فلا يُمكِنُك إسماعُهم، عُمْيٌ حَيارَى فلا يُمكِنُك أن تَهدِيَهم، وإنَّما ذلك راجِعٌ إليه تعالى، قال تعالى:
﴿ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [41] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم ..

التفسير :

[41] فإن توفيناك -أيها الرسول- قبل نصرك على المكذبين مِن قومك، فإنَّا منهم منتقمون في الآخرة،

{ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ} أي:فإن ذهبنا بك قبل أن نريك ما نعدهم من العذاب، فاعلم بخبرنا الصادق أنا منهم منتقمون.

وقوله- سبحانه-: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ، أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ زيادة في تسليته وتثبيته صلّى الله عليه وسلّم.

أى: أن أمرك- أيها الرسول الكريم- مع هؤلاء الظالمين لا يخلو عن حالين: إما أن نتوفينك قبل أن ترى نقمتنا منهم.. وفي هذه الحالة فسنتولى نحن عذابهم والانتقام منهم، حسب إرادتنا ومشيئتنا، وإما أن نبقى حياتك حتى ترى بعينيك العذاب الذي توعدناهم به، فإنا عليهم وعلى غيرهم مقتدرون على تنفيذ ما نتوعد به من دون أن يستطيع أحد الإفلات من قبضتنا وقدرتنا.

قال ابن كثير: أى: نحن قادرون على هذا وعلى هذا. ولم يقبض الله- تعالى- رسوله، حتى أقر عينه من أعدائه، وحكمه في نواصيهم، وملكه ما تضمنته صياصيهم .

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ .

ثم قال : ( فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون ) أي : لا بد أن ننتقم منهم ونعاقبهم ، ولو ذهبت أنت

وقوله: ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) اختلف أهل التأويل في المعنيين بهذا الوعيد, فقال بعضهم: عني به أهل الإسلام من أمة نبينا عليه الصلاة والسلام .

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا سوار بن عبد الله العنبري, قال: ثني أبي, عن أبي الأشهب, عن الحسن, في قوله: ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) قال: لقد كانت بعد نبي الله نقمة شديدة, فأكرم الله جلّ ثناؤه نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يريه في أمته ما كان من النقمة بعده.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) فذهب الله بنبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, ولم ير في أمته إلا الذي تقرّ به عينه, وأبقى الله النقمة بعده, وليس من نبيّ إلا وقد رأى في أمته العقوبة, أو قال ما لا يشتهي. ذُكر لنا أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أُري الذي لقيت أمته بعده, فما زال منقبضا ما انبسط ضاحكا حتى لقي الله تبارك وتعالى.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, قال: تلا قتادة ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) فقال: ذهب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبقيت النقمة, ولم ير الله نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في أمته شيئا يكرهه حتى مضى, ولم يكن نبيّ قطّ إلا رأى العقوبة في أمته, إلا نبيكم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. قال: وذُكر لنا أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أري ما يصيب أمته بعده, فما رئي ضاحكا منبسطا حتى قبضه الله.

وقال آخرون: بل عنى به أهل الشرك من قريش, وقالوا: قد أري الله نبيه عليه الصلاة والسلام فيهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) كما انتقمنا من الأمم الماضية.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[41] ﴿فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ﴾ يعني: يا محمد، إن انقضى أجلك ولم تشهد ما توعَّدناهم به، فلا تشكَّ في صدق كلامنا، فإنَّ ما أخبرناك عنه -لا محالة- كائن.

الإعراب :

  • ﴿ فَإِمّا:
  • الفاء: استئنافية. اما: أصلها: ان حرف شرط‍ جازم أدغمت بما.و«ما» زائدة وهي بمثابة لام القسم.
  • ﴿ نَذْهَبَنَّ بِكَ:
  • فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد في محل جزم بان لأنه فعل الشرط‍ والنون المؤكدة لا محل لها من الاعراب والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. بك: جار ومجرور متعلق بنذهبن.ومفعولها تعدت اليه بالباء. بمعنى: فان قبضناك قبل ان ننصرك عليهم ونشفي صدور المؤمنين منهم.
  • ﴿ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بإن. الفاء: واقعة في جواب الشرط‍.انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «نا» المدغمة: ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» من: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بخبر «ان».منتقمون: خبر «انّ» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: سننتقم منهم أشد الانتقام في الآخرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     وبعد أن أيأسه من إيمانهم؛ سلاه بالانتقام منهم لأجله، إما حال حياته، أو بعد مماته، قال تعالى:
﴿ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [42] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا ..

التفسير :

[42]أو نرينك الذي وعدناهم من العذاب النازل بهم كيوم «بدر»، فإنا عليهم مقتدرون نُظهِرك عليهم، ونخزيهم بيدك وأيدي المؤمنين بك.

{ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ} من العذاب{ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ} ولكن ذلك متوقف على اقتضاء الحكمة لتعجيله أو تأخيره، فهذه حالك وحال هؤلاء المكذبين.

وقوله- سبحانه-: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ، أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ زيادة في تسليته وتثبيته صلّى الله عليه وسلّم.

أى: أن أمرك- أيها الرسول الكريم- مع هؤلاء الظالمين لا يخلو عن حالين: إما أن نتوفينك قبل أن ترى نقمتنا منهم.. وفي هذه الحالة فسنتولى نحن عذابهم والانتقام منهم، حسب إرادتنا ومشيئتنا، وإما أن نبقى حياتك حتى ترى بعينيك العذاب الذي توعدناهم به، فإنا عليهم وعلى غيرهم مقتدرون على تنفيذ ما نتوعد به من دون أن يستطيع أحد الإفلات من قبضتنا وقدرتنا.

قال ابن كثير: أى: نحن قادرون على هذا وعلى هذا. ولم يقبض الله- تعالى- رسوله، حتى أقر عينه من أعدائه، وحكمه في نواصيهم، وملكه ما تضمنته صياصيهم .

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ .

( أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ) أي : نحن قادرون على هذا وعلى هذا . ولم يقبض الله رسوله حتى أقر عينه من أعدائه ، وحكمه في نواصيهم ، وملكه ما تضمنته صياصيهم . هذا معنى قول السدي ، واختاره ابن جرير .

وقال ابن جرير حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر قال : تلا قتادة : ( فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون ) فقال : ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - وبقيت النقمة ، ولم ير الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - في أمته شيئا يكرهه ، حتى مضى ، ولم يكن نبي قط إلا ورأى العقوبة في أمته ، إلا نبيكم - صلى الله عليه وسلم - . قال : وذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أري ما يصيب أمته من بعده ، فما رئي ضاحكا منبسطا حتى قبضه الله عز وجل .

وذكر من رواية سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة نحوه . ثم روى ابن جرير عن الحسن نحو ذلك أيضا .

وفي الحديث : " النجوم أمنة للسماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي ، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون " .

( أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ ) فقد أراه الله ذلك وأظهره عليه. وهذا القول الثاني أولى التأويلين في ذلك بالصواب وذلك أن ذلك في سياق خبر الله عن المشركين فلأن يكون ذلك تهديدا لهم أولى من أن يكون وعيدا لمن لم يجر له ذكر. فمعنى الكلام إذ كان ذلك كذلك: فإن نذهب بك يا محمد من بين أظهر هؤلاء المشركين, فنخرجك من بينهم ( فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ), كما فعلنا ذلك بغيرهم من الأمم المكذّبة رسلها.( أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ ) يا محمد من الظفر بهم, وإعلائك عليهم ( فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ ) أن نظهرك عليهم, ونخزيهم بيدك وأيدي المؤمنين بك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[42] ﴿أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ﴾ لا يُعجِزنا تعجيل العذاب أو تأخيره، لكن ذلك متوقف على افتضاء الحكمة.
وقفة
[42] ﴿أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ﴾ قال ابن عاشور: «والمعنى: أننا منتقمون منهم في الدنيا، سواء كنت حيًّا أو بعد موتك، أي فالانتقام منهم من شأننا وليس من شأنك؛ لأنه من أجل إعراضهم عن أمرنا وديننا، ولعله لدفع استبطاء النبي ﷺ أو المسلمين تأخير الانتقام من المشركين، ولأن المشركين كانوا يتربصون بالنبي ﷺ الموت، فيستريحوا من دعوته، فأعلمه الله أنه لا يفلتهم من الانتقام على تقدير موته».

الإعراب :

  • ﴿ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ
  • هذه الآية الكريمة معطوفة بأو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها.والكاف في «نرينك» ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان والجملة الفعلية بعده: صلته لا محل لها
  • ﴿ وَعَدْناهُمْ:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وحذفت الصلة الجار اختصارا أي ما وعدناهم به من العذاب.بمعنى: وان أردنا أن ننجز في حياتك يا محمد وما وعدناهم من العذاب النازل بهم وهو يوم بدر فهم تحت ملكتنا وقدرتنا لا يفوتوننا'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     وبعد ذكرِ العذابِ الأخرويِّ؛ ذكرَ هنا العذابَ الدُّنيويَّ، قال تعالى:
﴿ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ ..

التفسير :

[43] فاستمسك -أيها الرسول- بما يأمرك به الله في هذا القرآن الذي أوحاه إليك؛ إنك على صراط مستقيم، وذلك هو دين الله الذي أمر به، وهو الإسلام. وفي هذا تثبيت للرسول -صلى الله عليه وسلم-، وثناء عليه.

وأما أنت{ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} فعلا واتصافا، بما يأمر بالاتصاف به ودعوة إليه، وحرصا على تنفيذه في نفسك وفي غيرك.{ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} موصل إلى الله وإلى دار كرامته، وهذا مما يوجب عليك زيادة التمسك به والاهتداء إذا علمت أنه حق وعدل وصدق، تكون بانيا على أصل أصيل، إذا بنى غيرك على الشكوك والأوهام، والظلم والجور.

والفاء في قوله- تعالى-: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ... واقعة جوابا لشرط مقدر.

أى: إذا كان الأمر كما ذكرنا لك من أن أمرك مع هؤلاء المشركين لا يخلو عن حالين:

فاستمسك- أيها الرسول الكريم- بما أوحينا إليك من هدايات وإرشادات إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وطريق قويم لا عوج فيه ولا اضطراب.

ثم قال تعالى : ( فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم ) أي : خذ بالقرآن المنزل على قلبك ، فإنه هو الحق ، وما يهدي إليه هو الحق المفضي إلى صراط الله المستقيم ، الموصل إلى جنات النعيم ، والخير الدائم المقيم .

القول في تأويل قوله تعالى : فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فتمسك يا محمد بما يأمرك به هذا القرآن الذي أوحاه إليك ربك,( إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) و منهاج سديد, وذلك هو دين الله الذي أمر به, وهو الإسلام.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) : أي الإسلام.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ).

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[43] ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ﴾ التمسك بالقرآن وتدبره والعمل به من أعظم أسباب الثبات على الحق.
وقفة
‌‏[43] ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ﴾ هذه الوصية ينبغي أن نتواصى بها في هذا الزمان الذي تكاثرت فيه الفتن، واختلطت فيه الأمور، وكثر فيه المبطلون والأئمة المضلون.
وقفة
‏[43] ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ﴾ استمسك أيها المؤمن بالوحي كتابًا وسنة، وعض عليه بالنواجذ فلا نجاة إلا لمن تمسك بالوحي، ولن يتمسك بالوحي إلا من عرفه وتعلمه.
وقفة
[43] ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ﴾ ما كان الصدر الأول من سلفنا صالحًا بالجبلة والطبع، فالرعيل منهم -وهم الصحابة- كانوا في جاهلية جهلاء كبقية العرب، وإنما أصلحهم القرآن لما استمسكوا بعروته واهتدوا بهديه، ووقفوا عند حدوده، وحكموه في أنفسهم، فبذلك أصبحوا صالحين مصلحين، سادة في غير جبرية، وقادة في غير عنف.
وقفة
[43] عز كل أمة مسلمة وطول بقائها مرهون بمدى حفظها للضرورات الخمس، وهي الدين، والنفس، والمال، والعقل، والعرض، كلها ذكرت بالوحي ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ﴾.
وقفة
[43] ‏القرآن يجعلك تستمسك بالأسس والمبادئ، ثم تنطلق نحو التطور والتجديد في الحياة ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ﴾.
وقفة
[43] ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ على قدر تمسكك بالكتاب والسنة تكون هدايتك على الصراط.
وقفة
[43] ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ هُدِيَ إلى الحق من تمسك بكتاب الله.
وقفة
[43] ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ هل يظن عاقل -بعد هذه الآية- أنه ينجو أو يهتدي للحق أو يثبت على الصراط المستقيم بغير القرآن والسنَّة؟
وقفة
[43] ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ إذا أمر الرسول ﷺ بالاستمساك بالحق -وهو المؤيد بالوحي وبالآيات، المضمون له أعلى المقامات- فكيف بمن ليس له مؤيدات ولا ضمانات، وقد احتوشته الشهوات والشبهات؟!
وقفة
[43] ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ الاستمساك يدل على صعوبة ما ينازع الوحي, ومنازع الوحي اليوم: من قدم العقل من أهل الأهواء على منهج الوحي, وكذلك من هجره, ومن لم يأنس به, ومن فاته نصيبه منه, ومن بدل أحكامه, ومن نسيه وأعرض عنه, فكلها منازعات للوحي توجب على المؤمن الاستمساك بالوحي بقوة.
وقفة
[43] يجب عليك الحرص على اتباع أحكام الله عز وجل وأوامره وتجنب نواهيه ﴿فَاستَمسِك بِالَّذي أوحِيَ إِلَيكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُستَقيمٍ﴾.
لمسة
[43] ﴿فَاستَمسِك بِالَّذي أوحِيَ إِلَيكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُستَقيمٍ﴾ تعلمنا أن زيادة المبنى تعنى زيادة فى المعنى، ودخول حرفى السين والتاء فى الكلمة (فاستمسك) تؤكد على ضرورة التمسك بالوحى وما جاء به، كما تؤكد على أن هذا التمسك ليس بالأمر الهين.
وقفة
[43] ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ الكلام للنبي ﷺ والمراد به أمته، أي استمسكوا بالقرآن، وإلا انحرفتم عن صراطه المستقيم.
وقفة
[43] ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ وهذا تثبيت للرَّسول ﷺ وثناء عليه بأنه ما زاغ قيد أنملة عمَّا بعثه الله به، ويتبعه تثبيت قلوب المؤمنين على إيمانهم.
وقفة
[43] ﴿فَاستَمسِك بِالَّذي أوحِيَ إِلَيكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُستَقيمٍ﴾ أي طمأنينة وتثبيت وبصيرة تسكبها هذه الآية في قلب المستمسك بالوحي!
وقفة
[43] ﴿فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم﴾ تتغير الأزمنة والأماكن والأحوال ويبقى أمر الله سبحانه وتعالى منهجًا ثابتًا مطردًا إلى قيام الساعة، لا يتغير ولا يتبدل: ﴿فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما﴾ [الفتح: 10].
عمل
[43] تعرف على سنة مهجورة وحاول تطبيقها متمسكًا بها ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾.
وقفة
[43] اربأ بنفسك أن تكون أسير حزب أو جماعة ترضى لرضاها وتغضب لغضبها، وعض بالنواجذ على وصية الله لنبيه ﷺ: ﴿فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم﴾.
وقفة
[43] الفتن من حولنا تموج كموج البحر؛ فثبِّت سفينتك لئلا تنقلب كما تقلبت قلوب قوم كانوا على الطريق: ﴿فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم﴾.
وقفة
[43] في ظل حملات التشكيك في ثوابت العقائد والقيم والأخلاق يحتاج المسلم كل حينٍ إلى استحضار هذا التثبيت الإلهي العظيم: ﴿فَاستَمسِك بِالَّذي أوحِيَ إِلَيكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُستَقيمٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَاسْتَمْسِكْ:
  • الفاء: استئنافية. استمسك: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ بِالَّذِي:
  • الباء: حرف جر. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق باستمسك.
  • ﴿ أُوحِيَ إِلَيْكَ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.أوحي: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اليك: جار ومجرور متعلق بأوحي بمعنى فتمسك بالذي أوحاه الله اليك.
  • ﴿ إِنَّكَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب اسمها.
  • ﴿ عَلى صِراطٍ‍ مُسْتَقِيمٍ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «ان» مستقيم: صفة -نعت-لصراط‍ مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. بمعنى لأنك على طريق قويم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     ولَمَّا هَوَّن اللهُ على رَسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم ما يُلاقيه مِن شِدَّةِ الحِرصِ على إيمانِهم، ووَعَدَه النَّصرَ عليهم؛ أمَرَه هنا بالثَّباتِ على دينِه وكِتابِه، قال تعالى:
﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أوحى:
1- مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للفاعل، وهى قراءة الضحاك.

مدارسة الآية : [44] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ ..

التفسير :

[44] وإن هذا القرآن لَشرف لك ولقومك من قريش؛ حيث أُنزل بلغتهم، فهم أفهم الناس له، فينبغي أن يكونوا أقوم الناس به، وأعملهم بمقتضاه، وسوف تُسأَلُ أنت ومَن معك عن الشكر لله عليه، والعمل به، والدعوة إليه.

{ وَإِنَّهُ} أي:هذا القرآن الكريم{ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} أي:فخر لكم، ومنقبة جليلة، ونعمة لا يقادر قدرها، ولا يعرف وصفها، ويذكركم أيضا ما فيه الخير الدنيوي والأخروي، ويحثكم عليه، ويذكركم الشر ويرهبكم عنه،{ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} عنه، هل قمتم به فارتفعتم وانتفعتم، أم لم تقوموا به فيكون حجة عليكم، وكفرا منكم بهذه النعمة؟

وَإِنَّهُ أى: هذا القرآن لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ أى: لشرف عظيم لك ولشرف عظيم لأهل مكة الذين بعثت فيهم بصفة خاصة، ولغيرهم ممن آمن بك بصفة عامة كما قال- تعالى-: لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ ... أى: عزكم وشرفكم.

وقوله: وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ تحذير من مخالفة ما اشتمل عليه هذا القرآن من أحكام وآداب وتشريعات.

أى: وسوف تسألون يوم القيامة عنه، وعن القيام بحقه، وعن مقدار تمسككم بأوامره ونواهيه وعن شكركم لله- تعالى- على منحكم لهذه النعمة.

ثم قال : ( وإنه لذكر لك ولقومك ) قيل : معناه لشرف لك ولقومك ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، وابن زيد . واختاره ابن جرير ، ولم يحك سواه .

وأورد البغوي هاهنا حديث الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن معاوية قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن هذا الأمر في قريش لا ينازعهم فيه أحد إلا أكبه الله على وجهه ما أقاموا الدين " . رواه البخاري .

و [ قيل ] معناه أنه شرف لهم من حيث إنه أنزل بلغتهم ، فهم أفهم الناس له ، فينبغي أن يكونوا أقوم الناس به وأعملهم بمقتضاه ، وهكذا كان خيارهم وصفوتهم من الخلص من المهاجرين السابقين الأولين ، ومن شابههم وتابعهم .

وقيل : معناه : ( وإنه لذكر لك ولقومك ) أي : لتذكير لك ولقومك ، وتخصيصهم بالذكر لا ينفي من سواهم ، كقوله : ( لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون ) [ الأنبياء : 10 ] ، وكقوله : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) [ الشعراء : 214 ] .

( وسوف تسألون ) أي : عن هذا القرآن وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له .

وقوله: ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) يقول تعالى ذكره: وإن هذا القرآن الذي أوحي إليك يا محمد الذي أمرناك أن تستمسك به لشرف لك ولقومك من قريش ( وَسَوْفَ تُسْأَلُون ) يقول: وسوف يسألك ربك وإياهم عما عملتم فيه, وهل عملتم بما أمركم ربكم فيه, وانتهيتم عما نهاكم عنه فيه؟.

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثنا معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس: قوله: ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) يقول: إن القرآن شرف لك.

حدثني عمرو بن مالك, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) قال: يقول للرجل: من أنت؟ فيقول: من العرب, فيقال: من أيّ العرب؟ فيقول: من قريش.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) وهو هذا القرآن.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) قال: شرف لك ولقومك, يعني القرآن.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) قال: أولم تكن النبوّة والقرآن الذي أنـزل على نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ذكرا له ولقومه.

التدبر :

وقفة
[44] ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ القرآن شرف حياتهم، وحياة ما بعد مماتهم.
وقفة
[44] ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ القرآن شرف للعربية، فما قيمة العربية إذا لم نسخرها في فهم القرآن وتدبره!
وقفة
[44] ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ القرآن عزة لك ولقومك العرب؛ فقد نزل بالعربية، وكم عز أقوام بعز لغات.
وقفة
[44] ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ هذا وعد الله لأهل القرآن، الشرف والرفعة وعد أكبر من عبث العابثين وتشويه الجاهلين.
وقفة
[44] ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ القرآن شرف لرسول الله ﷺ ولأمته.
وقفة
[44] ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ حتى الأنبياء قبلك لم ينزل عليهم هذا القرآن، أي شعور بالغبطة يتملكنا ونحن نشعر بهذا؟!
وقفة
[44] ﴿وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون﴾ القرآن شرف هذه الأمه وعزها، ومهما ابتغت العزة بغير القرآن أذلها الله.
وقفة
[44] ﴿وَإِنَّهُ لَذِكرٌ لَكَ وَلِقَومِكَ وَسَوفَ تُسأَلونَ﴾ القرآن هو عهـد الله إلى الناس أجمعيـن، فهل عقدت عليه عزمك، وأبرمت عليه ميثاقك، أم أنك لا تزال من المتردديـن؟
لمسة
[44] ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ الضمير في (وإنه) للقرآن أو للإسلام، والذكر هنا بمعنى الشرف، وقوم النبي ﷺ هم قريش وسائر العرب؛ فإنهم نالوا بالإسلام شرف الدنيا والآخرة، ويكفيك أن فتحوا مشارق الأرض ومغاربها.
وقفة
[44] على العرب مسؤولية أكثر من غيرهم ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [3]، ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾.
وقفة
[44] ﴿لَذِكْرٌ لَّكَ﴾ شرفُكُم بقدرِ قربِكم من القرآنِ وتطبيقِكم لتعاليمِه، وإلَّا فانتظروا السُّؤالَ على تفريطِكِم به.
وقفة
[44] ﴿وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ هذا الكتاب مادة اختباركم غدًا: هل عملتم به فارتفعتم، أم لم تعملوا به فانهزمتم وذللتم؟ هل شكرتم نعمة القرآن أم كفرتم بها؟!
اسقاط
[44] ﴿وَسَوفَ تُسأَلونَ﴾ هل أنت مستعد لهذا السؤال ؟ وهل لديك إجابة؟

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّهُ:
  • الواو عاطفة. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إنّ».
  • ﴿ لَذِكْرٌ لَكَ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-ذكر: خبر «ان» مرفوع بالضمة.لك: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لذكر. بمعنى: وان الذي أوحي اليك لشرف كبير لك.
  • ﴿ وَلِقَوْمِكَ:
  • الواو عاطفة. لقومك: جار ومجرور معطوف على «لك» والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ:
  • الواو: حرف عطف. سوف: حرف تسويف- استقبال-للبعيد يفيد التوكيد والتقدير: ولسوف. تسألون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. وحذفت الصلة الجار. أي: تسألون عنه يوم القيامة'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ تأثيرَ التَّمَسُّكِ بهذا الدِّينِ في مَنافِعِ الآخرةِ؛ بَيَّنَ هنا تأثيرَه في مَنافِعِ الدُّنيا، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [45] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ ..

التفسير :

[45]واسأل -أيها الرسول- أتباع مَن أرسلنا مِن قبلكمِن رسلنا وحملة شرائعهم:أجاءت رسلهم بعبادة غير الله؟ فإنهم يخبرونك أن ذلك لم يقع؛ فإن جميع الرسل دَعَوْا إلى ما دعوتَ الناس إليه من عبادة الله وحده لا شريك له، ونهَوْا عن عبادة ما سوى الله.

{ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} حتى يكون للمشركين نوع حجة، يتبعون فيها أحدا من الرسل، فإنك لو سألتهم واستخبرتهم عن أحوالهم، لم تجد أحدا منهم يدعو إلى اتخاذ إله آخر مع الله مع أن كل الرسل، من أولهم إلى آخرهم، يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له. قال تعالى:{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} وكل رسول بعثه الله، يقول لقومه:اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، فدل هذا أن المشركين ليس لهم مستند في شركهم، لا من عقل صحيح، ولا نقل عن الرسل.

ثم أضاف- سبحانه- إلى هذا التثبيت لنبيه صلّى الله عليه وسلّم تثبيتا آخر فقال: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ.

والمقصود من الآية الكريمة بيان أن الرسل جميعا، قد دعوا أقوامهم إلى عبادة الله- تعالى- وحده، كما قال- سبحانه-: وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ، فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ .

كما قال- تعالى-: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ .

قال صاحب الكشاف ما ملخصه: ليس المراد بسؤال الرسل حقيقة السؤال لاستحالته، ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم، وأنهم ما جاءوا قط بعبادة الأوثان، وإنما جاءوا بالأمر بعبادة الله- تعالى- وحده..

وقيل: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم جمع الله له الأنبياء، في ليلة الإسراء في بيت المقدس، فصلى بهم إماما، وقيل له سلهم: فلم يتشكك ولم يسأل.

وقيل معناه، سل أمم من أرسلنا من قبلك، وهم أهل الكتابين: التوراة والإنجيل فإذا سألهم فكأنما سأل- رسلهم- فالكلام على حذف مضاف .

فالآية الكريمة تقرر على كل الوجوه بأبلغ أسلوب، أن جميع الرسل قد جاءوا بعقيدة واحدة، وبدين واحد، هو عبادة الله- تعالى- ونبذ كل معبود سواه.

ثم تمضى السورة الكريمة في تسليتها للرسول صلّى الله عليه وسلّم وفي تثبيتها للمؤمنين، فتذكر جانبا من قصة موسى- عليه السلام مع فرعون، وكيف أن فرعون سخر من دعوة موسى- عليه السلام- وتباهي على قومه بذلك، وكيف أنه استخف بهم فأطاعوه، فكانت عاقبته وعاقبتهم أن أغرقهم الله جميعا. قال- تعالى-:

وقوله : ( واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) ؟ أي : جميع الرسل دعوا إلى ما دعوت الناس إليه من عبادة الله وحده لا شريك له ، ونهوا عن عبادة الأصنام والأنداد ، كقوله : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل : 36 ] . قال مجاهد : في قراءة عبد الله بن مسعود : " واسأل الذين أرسلنا إليهم قبلك رسلنا " . وهكذا حكاه قتادة والضحاك والسدي ، عن ابن مسعود . وهذا كأنه تفسير لا تلاوة ، والله أعلم .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : واسألهم ليلة الإسراء ، فإن الأنبياء جمعوا له . واختار ابن جرير الأول ، [ والله أعلم ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)

اختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا ) ومن الذين أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بمسألتهم ذلك, فقال بعضهم الذين أمر بمسألتهم ذلك رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, مؤمنو أهل الكتابين: التوراة, والإنجيل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عبد الأعلى بن واصل, قال: ثنا يحيى بن آدم, عن ابن عيينة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: في قراءة عبد الله بن مسعود " وَاسأَلْ الَّذِينَ أرْسَلْنا إلَيْهِمْ قَبْلَكَ رُسُلنا ".

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا ) إنها قراءة عبد الله: " سل الذين أرسلنا إليهم قبلك رسلنا ".

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا ) يقول: سل أهل التوراة والإنجيل: هل جاءتهم الرسل إلا بالتوحيد أن يوحدوا الله وحده؟ قال: وفي بعض القراءة: " واسأل الذين أرسلنا إليهم رسلنا قبلك ".( أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ).

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة في بعض الحروف " واسْأَلْ الَّذِينَ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا " سل أهل الكتاب: أما كانت الرسل تأتيهم بالتوحيد؟ أما كانت تأتي بالإخلاص؟.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول: في قوله: ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا ) في قراءة ابن مسعود " سَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ" يعني: مؤمني أهل الكتاب.

وقال آخرون: بل الذي أمر بمسألتهم ذلك الأنبياء الذين جُمِعوا له ليلة أُسرِي به ببيت المقدس.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ )... الآية, قال: جمعوا له ليلة أُسري به ببيت المقدس, فأمهم, وصلى بهم, فقال الله له: سلهم, قال: فكان أشدّ إيمانا ويقينا بالله وبما جاء من الله أن يسألهم, وقرأ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ قال: فلم يكن فى شكّ, ولم يسأل الأنبياء, ولا الذين يقرءون الكتاب. قال: ونادى جبرائيل صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقلت في نفسي: " الآن يؤمنا أبونا إبراهيم "; قال: " فدفع جبرائيل في ظهري", قال: تقدم يا محمد فصلّ, وقرأ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ... حتى بلغ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا .

وأولى القولين بالصواب في تأويل ذلك, قول من قال: عني به: سل مؤمني أهل الكتابين.

فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يقال: سل الرسل, فيكون معناه: سل المؤمنين بهم وبكتابهم؟ قيل: جاز ذلك من أجل أن المؤمنين بهم وبكتبهم أهل بلاغ عنهم ما أتوهم به عن ربهم, فالخبر عنهم وعما جاءوا به من ربهم إذا صحَّ بمعنى خبرهم, والمسألة عما جاءوا به بمعنى مسألتهم إذا كان المسئول من أهل العلم بهم والصدق عليهم, وذلك نظير أمر الله جلّ ثناؤه إيانا برد ما تنازعنا فيه إلى الله وإلى الرسول, يقول: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ومعلوم أن معنى ذلك: فردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله, لأن الرد إلى ذلك رد إلى الله والرسول. وكذلك قوله: ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا ) إنما معناه: فاسأل كتب الذين أرسلنا من قبلك من الرسل, فإنك تعلم صحة ذلك من قبلنا, فاستغنى بذكر الرسل من ذكر الكتب, إذ كان معلوما ما معناه.

وقوله: ( أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ) يقول: أمرناهم بعبادة الآلهة من دون إلله فيما جاءوهم به, أو أتوهم بالأمر بذلك من عندنا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ )؟ أتتهم الرسل يأمرونهم بعبادة الآلهة من دون الله؟ وقيل: ( آلِهَةً يُعْبَدُونَ ), فأخرج الخبر عن الآلهة مخرج الخبر عن ذكور بني آدم, ولم يقل: تعبد, ولا يعبدن, فتؤنث وهي حجارة, أو بعض الجماد كما يفعل في الخبر عن بعض الجماد. وإنما فعل ذلك كذلك, إذ كانت تعبد وتعظم تعظيم الناس ملوكهم وسراتهم, فأجري الخبر عنها مُجْرى الخبر عن المملوك والأشراف من بني آدم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[45] ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا﴾ إن قلتَ: كيف قال ذلك، مع أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يلقَ أحدًا من الرسل حتى يسأله؟ قلتُ: فيه إضمارٌ تقديره: واسأل أتباعَ أو أممَ مَنْ أرسلنا، أو هو مجازٌ عن النَّظر في أديانهم، والبحثِ عن مِلَلِهم هل فيها ذلك؟ أو واسأَلِ المرسلينَ ليلةَ الِإسراء، فإنه لَقِيهم وأمَّهم في مسجد بيت المقدس، وقال بعد أن نزلت عليه هذه الآية بعد سلامه: لا أسألُ قد كُفيتُ، كأنَّ المرادَ بالأمرِ بالسؤالِ، التقريبُ لمشركي قريش، أنه لم يأتِ رسولٌ من الله، ولا كتابٌ بعبادة غير الله.
وقفة
[45] ﴿أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ اتفاق الرسالات كلها على نبذ الشرك.

الإعراب :

  • ﴿ وَسْئَلْ:
  • الواو: عاطفة. اسأل: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ مَنْ أَرْسَلْنا:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.أرسل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. وجملة «أرسلنا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: من أرسلناهم أي الذين أرسلناهم. وهذا التقدير: خاص بوجه الاعراب وهو يتعارض مع التفسير والمعنى. اذ كيف يتسنى للرسول الكريم هذا السؤال؟ وفي هذا القول الكريم حذف من باب الاختصار وهو كثير في القرآن الكريم كما جاء في سورة يوسف قوله تعالى وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ» بتقدير: واسأل أهل القرية. واذا جاز هذا التقدير هناك فإنه يجوز هنا أيضا فيكون التقدير: واسأل يا محمد قبائل من قد أرسلنا اليهم رسلا من رسلنا. فحذف مفعول اسأل «قبائل» وحل المضاف اليه «من» محلها. أما مفعول «أرسلنا» وهو «رسلا» فقد حذف لأن مِنْ رُسُلِنا» البيانية أو التبعيضية دالة عليه.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِكَ:
  • جار ومجرور متعلق بأرسلنا أو بصفة محذوفة لمفعول «أرسلنا» المقدر والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مِنْ رُسُلِنا:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «من» التقدير حالة كونهم رسلا من رسلنا. ومن بيانية. أو تكون «من» للتبعيض دالة على مفعول «أرسلنا» و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ:
  • الهمزة: همزة انكار للنفي بلفظ‍ استفهام.جعلنا: تعرب اعراب «أرسلنا» وجملة «أجعلنا وما بعدها» في محل نصب مفعول به-مقول القول-لأن كلمة «اسأل» بمعنى القول. من دون: جار ومجرور متعلق بجعلنا أو هو في مقام المفعول الثاني لجعلنا. الرحمن: أي الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ آلِهَةً يُعْبَدُونَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. يعبدون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. وجملة «يعبدون» في محل نصب صفة لآلهة'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     وبعد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالثَّباتِ على دينِه وكِتابِه؛ ثبته هنا ببيان أن الرسل جميعًا قد دعوا أقوامهم إلى عبادة الله وحده، وما عليه مشركي مكة من عبادة الأصنام لم يأت في شريعة من الشرائع، قال تعالى:
﴿ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [46] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى ..

التفسير :

[46] ولقد أرسلنا موسى بحججنا إلى فرعون وأشراف قومه، كما أرسلناك -أيها الرسول- إلى هؤلاء المشركين من قومك، فقال لهم موسى:إني رسول رب العالمين،

لما قال تعالى:{ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} بين تعالى حال موسى ودعوته، التي هي أشهر ما يكون من دعوات الرسل، ولأن اللّه تعالى أكثر من ذكرها في كتابه، فذكر حاله مع فرعون، فقال:{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا} التي دلت دلالة قاطعة على صحة ما جاء به، كالعصا، والحية، وإرسال الجراد، والقمل، إلى آخر الآيات.

{ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فدعاهم إلى الإقرار بربهم، ونهاهم عن عبادة ما سواه.

وقصة موسى- عليه السلام- مع فرعون ومع بنى إسرائيل، على رأس القصص التي تكرر الحديث عنها في القرآن الكريم، في سور متعددة، وذلك لما فيها من مساجلات ومحاورات بين أهل الحق وأهل الباطل، ولما فيها من عبر وعظات لقوم يعقلون.

لقد وردت هذه القصة في سور: البقرة، والأعراف، ويونس، وهود، والإسراء، وطه، والقصص، والصافات، وغافر.. ولكن بأساليب متنوعة يكمل بعضها بعضا.

وهنا تبدأ هذه القصة بقوله- تعالى-: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ، فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ.

أى: والله لقد أرسلنا نبينا موسى- عليه السلام- بِآياتِنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا، والتي على رأسها اليد والعصا.. وأرسلناه بهذه الآيات إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ أى:

أشراف قومه فقال لهم ناصحا ومرشدا: إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ إليكم، لآمركم بعبادة الله- تعالى-: وحده، وأنهاكم عن عبادة غيره.

يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله موسى ، عليه السلام ، أنه ابتعثه إلى فرعون وملئه من الأمراء والوزراء والقادة ، والأتباع والرعايا ، من القبط وبني إسرائيل ، يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وينهاهم عن عبادة ما سواه ، وأنه بعث معه آيات عظاما ، كيده وعصاه ، وما أرسل معه من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ، ومن نقص الزروع والأنفس والثمرات ،

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46)

يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا يا محمد موسى بحججنا إلى فرعون وأشراف قومه, كما أرسلناك إلى هؤلاء المشركين من قومك, فقال لهم موسى: إني رسول رب العالمين, كما قلت أنت لقومك من قريش. إني رسول الله إليكم.

التدبر :

وقفة
[46] ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ولما كان المترفون مولعين بأن يزدَرُوا مَن جاءهم بنوع من الازدراء، ولا يزالون يوردون هذا وأمثاله من الضلال حتى يقهرهم ذو الجلال بما أتتهم به رسله: إما بإهلاكهم، أو غيره، وإن كانوا في غاية القوة، أورد سبحانه قصة موسى عليه الصلاة والسلام شاهدة على ذلك بما قال فرعون لموسى عليه الصلاة والسلام من نحو ذلك، ومن إهلاكه على قوته، وإنجاء بني إسرائيل على ضعفهم.
وقفة
[46] ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ تكررت قصة موسى في سور: البقرة، والأعراف، ويونس، وهود، والإسراء، وطه، والقصص، والصافات، وغافر، ولكن بأساليب متنوعة تفيد جميعًا سرد فصول الصراع بين الحق والباطل.
وقفة
[46] ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ جاء هنا بذكر موسى عليه السلام، لأنه سبق أن قالوا: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَـٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [٣١]؛ ليبين لهم شرف محمد صلى الله عليه وسلم فيهم، فموسى لم يكن في قومه مثل النبي صلى الله عليه وسلم فيهم، ومع ذلك فإن الله تعالى أرسله إلى من هو أعظم منهم، إلى فرعون الذي ادعى الألوهية.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ:
  • أعربت في الآية الكريمة الثالثة والعشرين من سورة «غافر».
  • ﴿ وَمَلائِهِ:
  • معطوفة بالواو على «فرعون» والمعطوف على مجرور مثله والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَقالَ:
  • الفاء عاطفة على مضمر بمعنى فأتاهم مطيعا فقال لهم. قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول
  • ﴿ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل -ضمير المتكلم-في محل نصب اسم «ان» رسول: خبرها مرفوع بالضمة.رب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ الْعالَمِينَ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد وحذف الجار صلتها أي رسوله اليكم.'

المتشابهات :

هود: 96﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
ابراهيم: 5﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
غافر: 23﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
الزخرف: 46﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [46] لما قبلها :     وبعد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالثَّباتِ، ثم تثبيته ببيان أن الرسل جميعًا قد دعوا أقوامهم إلى عبادة الله وحده؛ تمضي السورة هنا في تثبيتها للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فتذكر جانبًا من قصة موسى عليه السلام مع فرعون، وكيف أن فرعون سخر من دعوة موسى عليه السلام، وكيف أنه استخف بهم فأطاعوه، فكانت عاقبته وعاقبتهم أن أغرقهم الله جميعًا، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [47] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا جَاءهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم ..

التفسير :

[47] فلما جاءهم بالبينات الواضحات الدالة على صدقه في دعوته، إذا فرعون وملؤه مما جاءهم به موسى من الآيات والعبر يضحكون.

{ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ} أي:ردوها وأنكروها، واستهزأوا بها، ظلما وعلوا، فلم يكن لقصور بالآيات، وعدم وضوح فيها.

فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ أى: فحين جاء موسى- عليه السلام-إلى فرعون وملئه بآياتنا الدالة على قدرتنا، سارعوا إلى الضحك منها، والسخرية بها، بدون تأمل أو تدبر، شأن المغرورين الجهلاء.

فقوله- تعالى-: إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ جواب فَلَمَّا والتعبير يشير إلى مسارعتهم إلى السخرية والاستخفاف بالآيات التي جاء بها موسى- عليه السلام-، مع أن هذه الآيات كانت تقتضي منهم التدبر والتفكر لو كانوا يعقلون.

ومع هذا كله استكبروا عن اتباعها والانقياد لها وكذبوها وسخروا منها وضحكوا ممن جاءهم بها.

( فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ ) يقول: فلما جاء موسى فرعون وملأه بحججنا وأدلتنا على صدق قوله, فيما يدعوهم إليه من توحيد الله والبراءة من عبادة الآلهة, إذا فرعون وقومه مما جاءهم به موسى من الآيات والعبر يضحكون; كما أن قومك مما جئتهم به من الآيات والعبر يسخرون, وهذا تسلية من الله عزّ وجلّ نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عما كان يلقى من مشركي قومه, وإعلام منه له, أن قومه من أهل الشرك لن يعدو أن يكونوا كسائر الأمم الذين كانوا على منهاجهم في الكفر بالله وتكذيب رسله, وندب منه نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى الاستنان في الصبر عليهم بسنن أولي العزم من الرسل, وإخبار منه له أن عقبى مردتهم إلى البوار والهلاك كسنته في المتمردين عليه قبلهم, وإظفاره بهم, وإعلائه أمره, كالذي فعل بموسى عليه السلام, وقومه الذين آمنوا به من إظهارهم على فرعون وملئه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[47] ﴿فَلَمَّا جَاءَهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ﴾ السُّخريةُ من الدِّينِ وأهلِه من صفاتِ الكُفَّارِ والمنافقين.
وقفة
[47] ﴿فَلَمَّا جَاءَهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ﴾ تسلية من الله لنبيه عما كان يلقى من المشركين، وإعلامه أن قومه ليسوا إلا كسائر الأمم الذين كفروا بالله وكذبوا رسله، وحث منه لنبيه على الصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، وإخباره أن عاقبته النصر، وعاقبة هؤلاء الهلاك، كالذي فعل بموسى والذين آمنوا معه من إظهارهم على فرعون وملئه.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا جاءَهُمْ:
  • الفاء: استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب.جاء: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:هو و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة «جاءهم» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بِآياتِنا:
  • جار ومجرور متعلق بجاءهم. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِذا هُمْ:
  • حرف فجاءة «فجائية» لا عمل لها سادة مسد الفاء في المجازاة أو لأن فعل المفاجأة معها مقدر وهو عامل النصب في محلها بتقدير: فلما جاءهم بآياتنا فاجئوا وقت ضحكهم. هم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ مِنْها يَضْحَكُونَ:
  • جار ومجرور متعلق بالخبر. يضحكون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يضحكون» في محل رفع خبر «هم» والجملة الاسمية هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [47] لما قبلها :     ولَمَّا جاءهم بالآيات العظام التي كانت تقتضي منهم التدبر والتفكر لو كانوا يعقلون؛ قابلوها بالضحك والسخرية والاستهزاء، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا جَاءهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف