39144454647484950

الإحصائيات

سورة القصص
ترتيب المصحف28ترتيب النزول49
التصنيفمكيّةعدد الصفحات11.00
عدد الآيات88عدد الأجزاء0.56
عدد الأحزاب1.12عدد الأرباع4.50
ترتيب الطول14تبدأ في الجزء20
تنتهي في الجزء20عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 14/29طسم: 2/2

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (44) الى الآية رقم (47) عدد الآيات (4)

بعدَ نهايةِ قصَّةِ موسى عليه السلام يُبيِّنُ اللهُ هنا أن الإخبارَ عن أحوالِ الأممِ السابقةِ كمناجاةِ اللهِ لموسىعليه السلام وإقامتِه في مَدْيَنَ دليلٌ على أنَّ القرآنَ من عندِ اللهِ وأنه ﷺ نبيٌّ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (48) الى الآية رقم (50) عدد الآيات (3)

بعد أنْ أكَّدت الآياتُ صدقَ النَّبي ﷺ ، أظهَرتْ هنا عِنادَ كفَّارِ مكةَ، طلبُوا معجزاتٍ ماديةً كمعجزاتِ موسى عليه السلام ، والرَّدُّ: ألَمْ يكفرْ اليهودُ بما أُعطِيَ موسى عليه السلام من قبلُ؟! فبانَ أنَّهم يتَّبِعُونَ الهوى.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة القصص

الدعوة إلى التوحيد، وبيان أن إرادة الله وحده هي النافذة/ الثقة بوعد الله/ عاقبة الطغيان والفساد

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • عن أي شيء تتحدث سورة القصص؟:   المحور الأساسي في سورة القصص هو قصة موسى عليه السلام. هل ذكرت السورة كل جوانب قصة موسى عليه السلام؟ الجواب: لا، بل ركزت على جوانب محددة من قصته: مولده، رميه في البحر، نشأته في قصر فرعون، خروجه من مصر إلى مدين وزواجه، ثم عودته إلى بلده بعد عشر سنين، وانتصاره على فرعون. سورة القصص هي السورة الوحيدة في القرآن التي ركّزت على مولد موسى ونشأته وخروجه إلى مدين، بينما لم تركز على بني إسرائيل ومشاكلهم مع موسى كما في باقي السور، فلماذا؟ تعالوا نتعرف على وقت نزول السورة لعلنا نجد الجواب. وقت نزول السورة: نزلت السورة وقت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه من مكة إلى المدينة حزينًا لفراق بلده، فأراد الله أن يطمئن قلبه بأنه سيرده إلي مكة مرة أخرى؛ فقص عليه قصة موسى عليه السلام، منذ مولده وفراقه لأمه، ثم عودته إليها. نزلت السورة تقول للنبي صلى الله عليه وسلم : إنك ستعود إلي مكة يا رسول الله منتصرًا بعد أن خرجت منها متخفيًا.
  • • في أول السورة وعد، وفي آخرها وعد::   فتأمل العلاقة بينهما: 1- الأول: وعد الله لأم موسى في أول السورة: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَـٰعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ﴾ (7). 2- الثاني: وعد الله للنبي صلى الله عليه وسلم في آخر السورة: ﴿إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ﴾ (85). عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ قَالَ: إِلَى مَكَّةَ. (البخاري 4773). ونلاحظ استعمال نفس الكلمة في الوعدين: (راد). وكأن المعنى: يا محمد إن الذي صدق وعده مع موسى وأمه، سيعيدك إلى مكة فاتحًا منتصرًا. فهدف سورة القصص هو الثقة بوعد الله، واليقين بأنه متحقق لا محالة، مهما طالت المدة أو صعبت الظروف.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «القصص».
  • • معنى الاسم ::   قصَّ علىَّ خبرَه: أورده، والقصَص: الخبر المقصوص، والقِصص: جمع قِصَّة.
  • • سبب التسمية ::   لورود هذا اللفظ (القصص) في الآية (25)؛ ولأن ‏الله ‏ذكر ‏فيها ‏قصة ‏موسى ‏مفصلة ‏موضحة ‏من ‏حين ‏ولادته ‏إلى ‏حين ‏رسالته.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة طسم» تسمية للسورة بما افتتحت به، و«سورة موسى»؛ لذكر ‏قصته ‏فيها ‏مفصلة.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   الثقة بوعد الله، وأنه متحقق لا محالة، مهما طالت المدة أو صعبت الظروف.
  • • علمتني السورة ::   أن الصراع بين الحق والباطل صراع قديم ومستمر.
  • • علمتني السورة ::   أن العاقبة للحق وأهله، وأن إرادة الله وحده هي النافذة.
  • • علمتني السورة ::   اليقين في الله: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾ ، أم تخاف على ابنها من فرعون تلقي به في البحر؟!
رابعًا : فضل السورة :
  • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة القصص من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة القصص من (الطواسين أو الطواسيم)، وهي ثلاث سور نزلت متتالية، ووضعت في المصحف متتالية أيضًا، وهي: الشعراء، النمل، القصص، وسميت بذلك؛ لأنها افتتحت بالحروف المقطعة طسم (في الشعراء والقصص)، وطس (في النمل)، ويكاد يكون منهاجها واحدًا، في سلوك مسلك العظة والعبرة، عن طريق قصص الغابرين، وجميعها افتتحت بذكر قصة موسى عليه السلام، وكذلك جميعها اختتم بالتهديد والوعيد للمعاندين والمخالفين.
    • قصة موسى عليه السلام ذكرت في كثير من سور القرآن (تكرر اسم موسى 136 مرة في 34 سورة، وأكثر السور التي ذكرت قصته بالتفصيل: الأعراف، طه، القصص)، ولكن نجد أنها في سورة القصص ركزت على قصة سيدنا موسى من مولده إلى بعثته، وذكرت تفاصيل لم تذكر في سواها: كقتله المصري، وخروجه إلى مدين، وزواجه من بنت الرجل الصالح، وفصلت أكثر في محنة ميلاده ونشأته في قصر فرعون.
    • احتوت سورة القصص على آية تدل على فصيح القرآن الكريم وإعجازه، وهي: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ (7)؛ لأنها اشتملت على: أَمرْين ونهيين وخبرين وبشارتين؛ أما الأمران فهما: ﴿أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾، و﴿فَأَلْقِيهِ﴾، وأما النهيان فهما: ﴿وَلَا تَخَافِي﴾، و﴿وَلَا تَحْزَنِي﴾، وأما الخبران فهما: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ﴾، و﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ﴾، وأما البشارتان فهما: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾، و﴿وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن تمتلأ قلوبنا بهذا العمل القلبي العظيم: اليقين والثقة في الله.
    • ألا نخاف علو الظالم وقوته؛ فلله إرادة سيمليها على كونه إملاءًا، وسينتهي الفساد، وسيعلو الحق، وسيأتي التمكين: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ ... وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ (4-6).
    • ألا نستعجل النصر؛ قال الله عن بني إسرائيل: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواَ﴾ (5)، ولم يأتِ النصر إلا بعد أربعين سنة.
    • أن نستخدم الحيلة المشروعة للتخلص من ظلم الظالم: ﴿فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ (12).
    • أن نصلح بين اثنين متخاصمين: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ...﴾ (15).
    • أن نلجأ إلى الله دومًا: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (21).
    • أن نفعل الخير ونمضي؛ لا ننتظر الجزاء من الناس: ﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ ﴾ (24).
    • أن نكافئ شخصًا أحسن إلينا؛ فإن هذا من دأب الصالحين: ﴿قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ (25).
    • أن نستعن بمن يعيننا على القيام بدعوتنا ممن يملك المواصفات المناسبة: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾ (34).
    • أن نحذر من اتباع الهوى: ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ﴾ (50).
    • أن نعرض عن اللغو: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾ (55).
    • أن نحذر الظلم؛ فإنه من أسباب هلاك الأمم السابقة: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ (59).
    • ألا يشغلنا طعام ولا لباس ولا مسكن في الدنيا عن الآخرة: ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ اللَّـهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾ (60).
    • أن نحسن سريرتنا؛ فإن الله يعلم ما في الصدور: ﴿وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ (69).
    • أن نرضى بما قسم الله لنا: ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ (82).

تمرين حفظ الصفحة : 391

391

مدارسة الآية : [44] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ ..

التفسير :

[44] وما كنت -أيها الرسول- بجانب الجبل الغربي من موسى إذ كلَّفناه أَمْرنا ونَهْينا، وما كنت من الشاهدين لذلك، حتى يقال:إنه وصل إليك من هذا الطريق.

ولما قص اللّه على رسوله ما قص من هذه الأخبار الغيبية، نبه العباد على أن هذا خبر إلهي محض، ليس للرسول، طريق إلى علمه إلا من جهة الوحي، ولهذا قال:{ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ}

أي:بجانب الطور الغربي وقت قضائنا لموسى الأمر{ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ} على ذلك، حتى يقال:إنه وصل إليك من هذا الطريق.

والخطاب في قوله- تعالى-: وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ.. للرسول صلّى الله عليه وسلم والمراد بجانب الغربي: الجانب الغربي لجبل الطور الذي وقع فيه الميقات، وفيه تلقى موسى التوراة من ربه- تعالى-.

أى: وما كنت- أيها الرسول الكريم- حاضرا في هذا المكان، إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ أى، وقت أن كلفناه بحمل رسالتنا، وأنزلنا إليه التوراة، لتكون هداية ونورا له ولقومه.

وَما كُنْتَ أيضا- أيها الرسول الكريم- مِنَ الشَّاهِدِينَ لذلك، حتى تعرف حقيقة ما كلفنا به أخاك موسى، فتبلغه للناس عن طريق المشاهدة.

فالمقصود بالآية بيان أن ما بلغه الرسول صلّى الله عليه وسلّم للناس عن أخبار الأولين، إنما بلغه عن طريق الوحى الذي أوحاه الله- تعالى- إليه، وليس عن طريق آخر.

قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: يقول- تعالى- منبها على برهان نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم حيث أخبر بالغيوب الماضية خبرا كأن سامعه شاهد وراء لما تقدم، وهو رجل أمى لا يقرأ شيئا من الكتب، نشأ بين قوم لا يعرفون شيئا من ذلك، كما أنه لما أخبره عن مريم وما كان من أمرها، قال- تعالى-: وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ثم قال- تعالى-: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ، ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ.

يقول تعالى منبها على برهان نبوة محمد ، صلوات الله وسلامه عليه ، حيث أخبر بالغيوب الماضية ، خبرا كأن سامعه شاهد وراء لما تقدم ، وهو رجل أمي لا يقرأ شيئا من الكتب ، نشأ بين قوم لا يعرفون شيئا من ذلك ، كما أنه لما أخبره عن مريم وما كان من أمرها ، قال تعالى : ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ) [ آل عمران : 44 ] ، أي : ما كنت حاضرا لذلك ، ولكن الله أوحاه إليك . وهكذا لما أخبره عن نوح وقومه ، وما كان من إنجاء الله له وإغراق قومه .

ثم قال تعالى : ( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ) [ هود : 49 ] وقال في آخر السورة ( ذلك من أنباء القرى نقصه عليك ) [ هود : 100 ] ، وقال بعد ذكر قصة يوسف : ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون ) [ يوسف : 102 ] ، وقال في سورة طه : ( كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا ) [ طه : 99 ] وقال هاهنا - بعدما أخبر عن قصة موسى من أولها إلى آخرها ، وكيف كان ابتداء إيحاء الله إليه وتكليمه له - : ( وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر ) يعني : يا محمد ، ما كنت بجانب الجبل الغربي الذي كلم الله موسى من الشجرة التي هي شرقية على شاطئ الوادي ، ( وما كنت من الشاهدين ) لذلك

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( وَمَا كُنْتَ ) يا محمد ( بِجَانِبِ ) غربي الجبل ( إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأمْرَ ) يقول: إذ فرضنا إلى موسى الأمر فيما ألزمناه وقومه, وعهدنا إليه من عهد ( وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) يقول: وما كنت لذلك من الشاهدين.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: ( وَمَا كُنْتَ ) يا محمد ( بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ ) يقول: بجانب غربي الجبل ( إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأمْرَ ).

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: غربي الجبل.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا الضحاك بن مخلد, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن علي بن مدرك, عن أبي زُرعة بن عمرو, قال: إنكم أمة محمد صلى الله عليه وسلم قد أجبتم قبل أن تسألوا, وقرأ: ( وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأمْرَ ).

التدبر :

وقفة
[44] ﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ﴾: خطاب لسيدنا محمد ﷺ؛ والمراد به إقامة حجة لإخباره بحال موسى وهو لم يحضره، و﴿الْغَرْبِيِّ﴾: المكان الذي في غربي الطور؛ وهو المكان الذي كلم الله فيه موسى، والأمر المقضي إلى موسى هو النبوة، و﴿مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ معناه: من الحاضرين هناك، والمعنى: لم تحضر يا محمد للاطلاع على هذه الغيوب التي تخبر بها، ولكنها صارت إليك بوحينا؛ فكان الواجب على الناس المسارعة إلى الإيمان بك.
وقفة
[44] ﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ لأن المرء قد يكون موجودًا في المكان، ولا يشاهد ما يجري حوله فيه.
وقفة
[44] ﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ إن قلتَ: أوّلُها يُغني عن قوله: ﴿وَمَا كنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾؟ قلتُ: لا، إذْ معنى أولها: ما كنتَ يا محمدُ حاضرًا حين أحكمنا إلى موسى الوحي، ومعنى: ﴿وَمَا كنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ أي الحاضرين قصته مع شعيب عليهم السلام، فاختلفت القصتان.
وقفة
[44] ﴿وَما كُنتَ بِجانِبِ الغَربِيِّ إِذ قَضَينا إِلى موسَى الأَمرَ وَما كُنتَ مِنَ الشّاهِدينَ﴾ تعلمنا أنه من التدبر معرفة على من يعود الضمير فى الكلمة، والضمير هنا للمخاطب وهو المصطفى ﷺ، ولكن المراد تنبيه العباد ولفت أنظارهم لقدرة الله عز وجل فى إخباره صلوات الله عليه وسلامه بأمور من سبقه.

الإعراب :

  • ﴿ وَما كُنْتَ:
  • الواو: عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. كنت: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطب-وهو الرسول الكريم محمد (صلّى الله عليه وسلّم). مبني على الفتح في محل رفع اسم «كان».
  • ﴿ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «كان» أي وما كنت حاضرا أو موجودا في المكان الذي أوحينا فيه الى موسى في جانب الوادي الغربي أو الطور-الجبل-الغربي: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. وهو صفة للوادي أو الطور فحلت الصفة الْغَرْبِيِّ» محل الموصوف المجرور بالاضافة. «الوادي» أو «الطور».
  • ﴿ إِذْ قَضَيْنا:
  • إذ: ظرف للزمن الماضي مبني على السكون في محل نصب متعلق بما كنت. قضي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. وجملة قَضَيْنا» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف إِذْ» أي حين.
  • ﴿ إِلى مُوسَى الْأَمْرَ:
  • جار ومجرور متعلق بقضينا وعلامة جر الاسم الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف-التنوين- للعجمة. الأمر: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة، والأمر المقضي اليه هو الوحي الذي أوحى إليه.
  • ﴿ وَما كُنْتَ مِنَ الشّاهِدِينَ:
  • معطوفة بالواو على ما كُنْتَ» الأولى. من الشاهدين: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم: الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد بمعنى: ولا كنت من جملة الشاهدين على الوحي اليه.'

المتشابهات :

القصص: 44﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى الْأَمْرَ
القصص: 46﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     ولَمَّا قَصَّ اللَّهُ على رسولِه صلى الله عليه وسلم ما قص من هذه الأخبار الغيبية؛ ذكرَ اللهُ هنا ثلاثة تعقيبات للتأكيد على أن الإخبارَ بأحوالِ الأممِ السابقةِ دليلٌ على أنَّ القرآنَ من عندِ اللهِ، وأنه صلى الله عليه وسلم نبيٌّ: التعقيب الأول: كيفَ عَرَفَ محمدٌ صلى الله عليه وسلم جَانِبَ الطُّور الغَربي؟ قال تعالى:
﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [45] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ..

التفسير :

[45] ولكنا خلقنا أمماً من بعد موسى، فمكثوا زمناً طويلاً، فنسوا عهد الله، وتركوا أمره، وما كنت مقيماً في أهل «مدين» تقرأ عليهم كتابنا، فتعرف قصتهم وتخبر بها، ولكن ذلك الخبر الذي جئت به عن موسى وحي، وشاهد على رسالتك.

{ وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} فاندرس العلم، ونسيت آياته، فبعثناك في وقت اشتدت الحاجة إليك وإلى ما علمناك وأوحينا إليك.{ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا} أي:مقيما{ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} أي:تعلمهم وتتعلم منهم، حتى أخبرت بما أخبرت من شأن موسى في مدين،{ وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} أي:ولكن ذلك الخبر الذي جئت به عن موسى، أثر من آثار إرسالنا إياك، وَوَحْيٌ لا سبيل لك إلى علمه، بدون إرسالنا.

وقوله- سبحانه-: وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ بيان للأسباب التي من أجلها قص الله- تعالى- على نبيه صلّى الله عليه وسلّم أخبار الأمم السابقة.

أى: أنت أيها الرسول الكريم- لم تكن معاصرا لتلك الأحداث ولكن أخبرناك بها عن طريق الوحى، والسبب في ذلك أن بينك وبين موسى وغيره من الأنبياء أزمانا طويلة، تغيرت فيه الشرائع والأحكام، وعميت على الناس الأنباء، فكان من الخير والحكمة أن نقص عليك أخبار السابقين بالحق الذي لا يحوم حوله باطل، حتى يعرف الناس الأمور على وجهها الصحيح.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف يتصل قوله: وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً بهذا الكلام؟

قلت: اتصاله به وكونه استدراكا له، من حيث إن معناه: ولكنا أنشأنا بعد عهد الوحى إلى عهدك قرونا طويلة فَتَطاوَلَ على آخرهم: وهو القرن الذي أنت فيهم الْعُمُرُ.

أى: أمد انقطاع الوحى، واندرست العلوم، فوجب إرسالك إليهم، فأرسلناك وأكسبناك- أى: وأعطيناك- العلم بقصص الأنبياء.. فذكر سبب الوحى الذي هو إطالة الفترة ودل به على المسبب، على عادة الله- تعالى- في اختصاراته وقوله- سبحانه-: وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا مؤكدة لمضمون ما قبله. من عدم معرفة الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأخبار السابقين إلا عن طريق الوحى.

وقوله: ثاوِياً من الثواء بمعنى الإقامة. يقال: ثوى فلان بالمكان يثوى ثواء فهو ثاو، إذا أقام فيه. والمثوى: المنزل، ومنه الأثر القائل: أصلحوا مثاويكم، أى: منازلكم.

أى: وما كنت- أيها الرسول الكريم- مقيما في أهل مدين، وقت تلاوتك على أهل مكة المكرمة، قصة موسى والشيخ الكبير وما جرى بينهما، حتى تنقلها إليهم بطريق المشاهدة وإنما أنت أخبرتهم بها عن طريق وحينا الصادق المتمثل فيما أنزلناه عليك من آيات القرآن البينات.

فالضمير في قوله تَتْلُوا عَلَيْهِمْ يعود على أهل مكة. والجملة حالية.

ويرى أكثر المفسرين أن الضمير لأهل مدين، أى وما كنت مقيما في أهل مدين، تقرأ عليهم آياتنا، وتتعلم منهم، والجملة حالية- أيضا- أو خبر ثان.

وعلى كلا التفسيرين فالمقصود بالجملة الكريمة إثبات أن ما أخبر به الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن الأولين، إنما هو عن طريق الوحى ليس غير.

وقوله- سبحانه-: وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ أى: ولكنا كنا مرسلين لك، وموحين إليك بتلك الآيات وفيها ما فيها عن أخبار الأولين. لإحقاق الحق وإبطال الباطل.

ولكن الله سبحانه وتعالى أوحى إليك ذلك ، ليجعله حجة وبرهانا على قرون قد تطاول عهدها ، ونسوا حجج الله عليهم ، وما أوحاه إلى الأنبياء المتقدمين .

وقوله : ( وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ) أي : وما كنت مقيما في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ، حين أخبرت عن نبيها شعيب ، وما قال لقومه ، وما ردوا عليه ، ( ولكنا كنا مرسلين ) أي : ولكن نحن أوحينا إليك ذلك ، وأرسلناك للناس رسولا .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45)

يعني تعالى ذكره بقوله: ( وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا ) ولكنا خلقنا أمما فأحدثناها من بعد ذلك ( فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ) وقوله: ( وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ) يقول: وما كنت مقيما في أهل مدين, يقال: ثويت بالمكان أثْوِي به ثَواء, قال أعشى ثعلبة:

أَثْــوَى وَقَصَّــرَ لَيْلَــهُ لِــيُزَوَّدُا

فَمَضَـى وَأَخْـلَفَ مِـنْ قُتَيْلَـةَ مَوْعِدَا (1)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ) قال: الثاوي: المقيم ( تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) يقول: تقرأ عليهم كتابنا( وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) يقول: لم تشهد شيئا من ذلك يا محمد, ولكنا كنا نحن نفعل ذلك ونرسل الرسل.

التدبر :

وقفة
[45] ﴿وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ﴾ وذلك أن اللّه تعالى قد عهد إلى موسى وقومه عهودًا في محمد ﷺ والإيمان به، فلما طال عليهم العمر، وخُلِّفت القرون بعد القرون نسوا تلك العهود وتركوا الوفاء بها.
وقفة
[45] ﴿وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ﴾ اندراس العلم بتطاول الزمن.
وقفة
[45] ﴿وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ﴾ طول الزمان ينسي صاحب العهد ما قطعه على نفسه في ظل غياب الايمان، فقد أخذ موسى العهود على قومه بأن يؤمنوا برسالة محمد، فلما توالت القرون نسوا عهودهم ولم يوفوا بها.
وقفة
[45] الإيمان والعلم لا بُدَّ لهما من التعاهد والمذاكرة؛ فإن تطاول العمر، ومرور الزمان يسببان النسيان ﴿وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ﴾.
وقفة
[45] ﴿وَلَـٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَـٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ فاندرس العلم، ونُسِيَت آياته؛ فبعثناك في وقت اشتدت الحاجة إليك، وإلى ما علمناك وأوحينا إليك.
وقفة
[45] ﴿وَلَـٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَـٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ اختر واحدة من قصص القرآن واقرأ تفسيرها من كتب التفسير أو التاريخ؛ ففيها العظات والعبر.
وقفة
[45] ﴿وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَـٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ إذا كان إخبار النبي ﷺ بدقائق الأمور التي لا يمكن أن يأتي أحد بمثلها، إلا إذا كان شاهدًا وحاضرًا في ذلك الزمان، ألم يكن دليلًا على صدق نبوته، وصحة رسالته؟!

الإعراب :

  • ﴿ وَلكِنّا:
  • الواو استئنافية. لكن: حرف مشبه بالفعل للاستدراك، «نا» ضمير متصل في محل نصب اسمها.
  • ﴿ أَنْشَأْنا قُرُوناً:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لكن» أنشأ: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. قرونا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى: ولكنا أنشأنا بعد عهد الوحي إلى عهدك أجيالا كثيرة من الناس.
  • ﴿ فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ:
  • الفاء سببية. تطاول: فعل ماض مبني على الفتح. عليهم: جار ومجرور متعلق بتطاول و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. العمر: فاعل مرفوع بالضمة. بمعنى فتطاولت عليهم الآماد.
  • ﴿ وَما كُنْتَ ثاوِياً:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. كنت: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع اسم «كان» ثاويا: أي مقيما: خبر «كان» منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ:
  • جار ومجرور متعلق بثاويا. مدين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف- التنوين-لأنه اسم قبيلة أي التأنيث والتعريف.
  • ﴿ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وجملة تَتْلُوا» في محل نصب خبر ثان لكان. أو حال من ضمير المخاطب في كُنْتَ» أو من ثاوِياً» أي من الضمير المستتر في اسم الفاعل ثاوِياً» عليهم: جار ومجرور متعلق بتتلو و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. آيات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَلكِنّا كُنّا:
  • أعربت في وَلكِنّا أَنْشَأْنا».و لكِنّا» فعل ماض ناقص و «نا» ضمير متصل في محل رفع اسمها.
  • ﴿ مُرْسِلِينَ:
  • خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحذف المفعول اختصارا ولأنه معلوم. أي مرسليك بمعنى أرسلناك وأخبرناك بقصتهم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     التعقيب الثاني: لم يكن محمدٌ صلى الله عليه وسلم مقيمًا بين أهل مَدْيَنَ معاصرًا لأحداثها، قال تعالى:
﴿ وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [46] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ ..

التفسير :

[46] وما كنت -أيها الرسول- بجانب جبل الطور حين نادينا موسى، ولم تشهد شيئاً من ذلك فتعلمه، ولكنا أرسلناك رحمة من ربك؛ لتنذر قوماً لم يأتهم مِن قبلك من نذير؛ لعلهم يتذكرون الخير الذي جئتَ به فيفعلوه، والشرَّ الذي نَهيتَ عنه فيجتنبوه.

{ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا} موسى، وَأمرناه أن يأتي القوم الظالمين، ويبلغهم رسالتنا، ويريهم من آياتنا وعجائبنا ما قصصنا عليك. والمقصود:أن الماجريات، التي جرت لموسى عليه الصلاة والسلام في هذه الأماكن، فقصصتها كما هي، من غير زيادة ولا نقص، لا يخلو من أحد أمرين.

إما أن تكون حضرتها وشاهدتها، أو ذهبت إلى محالِّها فتعلمتها من أهلها، فحينئذ قد لا يدل ذلك على أنك رسول اللّه، إذ الأمور التي يخبر بها عن شهادة ودراسة، من الأمور المشتركة غير المختصة بالأنبياء، ولكن هذا قد عُلِمَ وتُيُقِّن أنه ما كان وما صار، فأولياؤك وأعداؤك يعلمون عدم ذلك.

فتعين الأمر الثاني، وهو:أن هذا جاءك من قِبَلِ اللّه ووحيه وإرساله، فثبت بالدليل القطعي، صحة رسالتك، ورحمة اللّه بك للعباد، ولهذا قال:{ وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} أي:العرب، وقريش، فإن الرسالة [عندهم] لا تعرف وقت إرسال الرسول وقبله بأزمان متطاولة،{ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} تفصيل الخير فيفعلونه، والشر فيتركونه، فإذا كنت بهذه المنزلة، كان الواجب عليهم، المبادرة إلى الإيمان بك، وشكر هذه النعمة، التي لا يقادر قدرها، ولا يدرك شكرها.

وإنذاره للعرب لا ينفي أن يكون مرسلا لغيرهم، فإنه عربي، والقرآن الذي أنزل عليه عربي، وأول من باشر بدعوته العرب، فكانت رسالته إليهم أصلا، ولغيرهم تبعا، كما قال تعالى{ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ}{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}

ثم ساق- سبحانه- ما يؤكد هذه المعاني تأكيدا قويا، حتى يخرس ألسنة الكافرين، فقال- تعالى-: وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا.

أى وما كنت- أيضا أيها الرسول الكريم- بجانب الجبل المسمى بالطور وقت أن نادينا موسى، وكلفناه بحمل رسالتنا، وأعطيناه التوراة، وأوحينا إليه بما أوحينا من أحكام وتشريعات.

وقوله- تعالى-: وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أى: ولكن فعلنا ما فعلنا، بأن أرسلناك إلى الناس، وقصصنا عليك ما نريده من أخبار الأولين، من أجل رحمتنا بك وبالناس، حتى يعتبروا ويتعظوا بأحوال السابقين، فالعاقل من اتعظ بغيره.

فقوله- تعالى-: رَحْمَةً منصوب على أنه مفعول لأجله، أو على المصدرية.

وقوله- سبحانه-: لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ متعلق بالفعل المعلل بالرحمة، والمراد بالقوم: أهل مكة وغيرهم ممن بعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم إليهم.

وجملة ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ صفة لقوله قَوْماً وما موصولة مفعول ثان لتنذر، وقوله: مِنْ نَذِيرٍ متعلق.

أى: أرسلناك رحمة، لتنذر قوما العقاب الذي أتاهم من نذير من قبلك، وكما قال- تعالى-: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ.

ويصح أن تكون ما نافية ومِنْ في قوله مِنْ نَذِيرٍ للتأكيد، فيكون المعنى: أرسلناك رحمة لتنذر هؤلاء المشركين من أهل مكة الذين لم يأتهم نذير من قبلك منذ أزمان متطاولة. إذ الفترة التي بينك وبين أبيهم إسماعيل تزيد على ألفى سنة.

ورسالة إسماعيل إليهم قد اندرست معالمها، فكانت الحكمة والرحمة تقتضيان إرسالك إليهم لتنذرهم سوء عاقبة الشرك.

أما معظم الرسل من قبلك- كموسى وعيسى وزكريا ويحيى وداود وسليمان فكانت مع تباعد زمانها عنك- أيضا- إلى غيرهم من بنى إسرائيل، ومن الأمم الأخرى. المتناثرة في أطراف الجزيرة العربية.

فالمراد بالقوم على هذا الرأى: العرب المعاصرون له صلّى الله عليه وسلّم كما قال- تعالى-:

لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ.

ولعل هذا الرأى أقرب إلى سياق الآيات، وإلى إقامة الحجة على مشركي قريش، الذين وقفوا من الرسول صلّى الله عليه وسلّم موقف المكذب لرسالته، المعادى لدعوته.

وقوله- سبحانه-: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ تذييل قصد به حضهم على التذكر والاعتبار.

أى: أرسلناك إليهم كي يتذكروا ما ترشدهم إليه، ويعتبروا بما جئتهم به، ويخشوا سوء عاقبة مخالفة إنذارك لهم.

وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ) - قال أبو عبد الرحمن النسائي ، في التفسير من سننه : أخبرنا علي بن حجر ، أخبرنا عيسى - وهو ابن يونس - عن حمزة الزيات ، عن الأعمش ، عن علي بن مدرك ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ) ، قال : نودوا : يا أمة محمد ، أعطيتكم قبل أن تسألوني ، وأجبتكم قبل أن تدعوني .

وهكذا رواه ابن جرير وابن أبي حاتم ، من حديث جماعة ، عن حمزة - وهو ابن حبيب الزيات - عن الأعمش . ورواه ابن جرير من حديث وكيع ويحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن علي بن مدرك ، عن أبي زرعة - وهو ابن عمرو بن جرير - أنه قال ذلك من كلامه ، والله أعلم .

وقال مقاتل بن حيان : ( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ) : أمتك في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت .

وقال قتادة : ( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ) موسى . وهذا - والله أعلم - أشبه بقوله تعالى : ( وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر ) .

ثم أخبر هاهنا بصيغة أخرى أخص من ذلك ، وهو النداء ، كما قال تعالى : ( وإذ نادى ربك موسى ) [ الشعراء : 10 ] ، وقال : ( إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى ) [ النازعات : 16 ] ، وقال : ( وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ) [ مريم : 52 ] .

وقوله : ( ولكن رحمة من ربك ) أي : ما كنت مشاهدا لشيء من ذلك ، ولكن الله أوحاه إليك وأخبرك به ، رحمة منه لك وبالعباد بإرسالك إليهم ، ( لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون ) أي : لعلهم يهتدون بما جئتهم به من الله عز وجل .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)

يقول تعالى ذكره: وما كنت يا محمد بجانب الجبل إذ نادينا موسى بأن فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ ... الآية.

كما حدثنا عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي, قال: ثنا يحيى بن عيسى, عن الأعمش, عن عليّ بن مدرك, عن أبي زُرْعة, في قول الله: ( وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا قال: نادى يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني, وأجبتكم قبل أن تدعوني.

حدثنا بشر بن معاذ, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: ( وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا قال: نُودوا: يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني, واستجبت لكم قبل أن تَدْعُوني.

حدثني ابن وكيع, قال: ثنا حرملة بن قيس النخعيّ, قال: سمعت هذا الحديث من أبي زُرْعة بن عمرو بن جرير, عن أبي هريرة ( وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا ) قال: نودوا يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني, واستجبت لكم قبل أن تدعوني.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا معتمر عن سليمان, وسفيان عن سليمان, وحجاج, عن حمزة الزيات, عن الأعمش, عن عليّ بن مدرك, عن أبي زُرْعة بن عمرو, عن أبي هريرة, في قوله: ( وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا ) قال: نُودوا يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني, واستجبت لكم قبل أن تدعوني, قال: وهو قوله:حين قال موسى وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ ... الآية.

قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج مثل ذلك.

وقوله: ( وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) يقول تعالى ذكره: لم تشهد شيئا من ذلك يا محمد فتعلمه, ولكنا عرفناكه, وأنـزلنا إليك, فاقتصصنا ذلك كله عليك في كتابنا, وابتعثناك بما أنـزلنا إليك من ذلك رسولا إلى من ابتعثناك إليه من الخلق رحمة منا لك ولهم.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ ( لِتُنْذِرَ قَوْمًا ) ... الآية.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) قال: كان رحمة من ربك النبوّة.

وقوله: ( لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ ) يقول تعالى ذكره: ولكن أرسلناك بهذا الكتاب وهذا الدين لتنذر قوما لم يأتهم من قبلك نذير, وهم العرب الذين بُعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم , بعثه الله إليهم رحمة لينذرهم بأسه على عبادتهم الأصنام, وإشراكهم به الأوثان والأنداد.

وقوله: ( لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) يقول: ليتذكروا خطأ ما هم عليه مقيمون من كفرهم بربهم, فينيبوا إلى الإقرار لله بالوحدانية, وإفراده بالعبادة دون كلّ ما سواه من الآلهة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد ( وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) قال: الذي أنـزلنا عليك من القرآن ( لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ ).

------------------------

الهوامش:

(1) ‌البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة (اللسان: ثوى. والديوان طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ص227). وهو من قصيدة قالها لكسرى حين أراد منهم رهائن لما أغار الحارث بن وعلة على بعض السواد. وفي البيت: ليلة... فمضت. في موضع ليلة... ومضى. وفي رواية مجاز القرآن لأبي عبيدة: فمضى ورواية الديوان أحسن، لقوله بعده: "ومضى لحاجته". قال شارح الديوان: ثوى وأثوى بمعنى واحد، أي أقام. وقصر: توانى. وأخلف فلانًا وجد موعده خلفًا (بكسر الخاء) أي مختلفًا يقول: عدل عن سفره، فأقام وتخلف ليلة ليتزود من قتيلة، فمضت الليلة، وأخلفته قتيلة الموعد.

التدبر :

وقفة
[46] ﴿رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾ لو دققنا جيدًا وأمعنا النظر لوجدنا أن لطف الله يتدخل في كل تفاصيل حياتنا، لكن لا ننتبه، وإن انتبهنا فقلما نشكر.
وقفة
[46] ﴿رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾ نفي علم الغيب عن رسول الله ﷺ إلَّا ما أطلعه الله عليه.
وقفة
[46] ﴿رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾ أرسلناك بالقرآن، وفيه: كتاب الله فيه خبر ما قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وحكم ما بينكم، لذا فهو أعظم رحمة.
وقفة
[46] ﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ أي: لم يأتهم نذير لوقوعهم في فترة بينك وبين عيسى، وهي خمسمائة وخمسون سنة.

الإعراب :

  • ﴿ وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا:
  • أعربت في الآية الكريمة الرابعة والأربعين ومفعول نادَيْنا» محذوف اختصارا ولأنه معلوم بمعنى: حين نادينا موسى وكلمناه ليلة المناجاة.
  • ﴿ وَلكِنْ رَحْمَةً:
  • الواو زائدة. لكن: حرف استدراك لا عمل له لأنه مخفف. رحمة: مفعول لأجله بمعنى ولكن علمناك من أجل الرحمة. ويجوز أن يكون مفعولا مطلقا «مصدرا» منصوبا بفعل مضمر من معنى المصدر بتقدير: ولكن رحمناك أو هو خبر «كان» المحذوفة.
  • ﴿ مِنْ رَبِّكَ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من رحمة. والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لِتُنْذِرَ قَوْماً:
  • اللام: حرف جر للتعليل. تنذر: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. قوما: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وجملة «تنذر قوما» صلة «ان» المضمرة لا محل لها. وأن المضمرة وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بالمضمر العامل في رَحْمَةً» بتقدير: علمناك رحمة من عندنا لانذار قوم.
  • ﴿ ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة-لقوما. ما: نافية لا عمل لها. أتى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. من: حرف جر زائد لتوكيد النفي. نذير: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل «أتى».
  • ﴿ مِنْ قَبْلِكَ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من نَذِيرٍ» والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ:
  • أعربت في الآية الكريمة الثالثة والأربعين.'

المتشابهات :

القصص: 46﴿وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
السجدة: 3﴿بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [46] لما قبلها :     التعقيب الثالث: لم يكن محمدٌ صلى الله عليه وسلم حَاضرًا وقتَ نداءِ اللهِ لموسى وتكليمِهِ إيَّاه، قال تعالى:
﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [47] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا ..

التفسير :

[47] ولولا أن ينزل بهؤلاء الكفار عذاب بسبب كفرهم بربهم، فيقولوا:ربنا هلَّا أرسلت إلينا رسولاً من قبل، فنتبع آياتك المنزلة في كتابك، ونكون من المؤمنين بك.

{ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} من الكفر والمعاصي{ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي:فأرسلناك يا محمد، لدفع حجتهم، وقطع مقالتهم.

ثم أبطل- سبحانه- ما يتعللون به من معاذير فقال: وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ، فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

ولَوْلا الأولى: امتناعية، تدل على امتناع الجواب لوجود الشرط، وجوابها محذوف لدلالة الكلام عليه، و «أن» وما في حيزها في محل رفع بالابتداء.

ولَوْلا الثانية: تحضيضية، وجوابها قوله فَنَتَّبِعَ آياتِكَ.. وجملة فَيَقُولُوا عطف على أَنْ تُصِيبَهُمْ ومن جملة ما في حيز لَوْلا الأولى.

والمعنى: ولولا أن تصيب هؤلاء المشركين مُصِيبَةٌ أى عقوبة شديدة. بسبب اقترافهم الكفر والمعاصي فَيَقُولُوا على سبيل التعلل عند نزول العقوبة بهم رَبَّنا أى:

يا ربنا هلا أرسلت إلينا رسولا من عندك فَنَتَّبِعَ آياتِكَ الدالة على صدقه وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ به وبما جاء به من آيات من عندك.

أى: ولولا قولهم هذا، وتعللهم بأنهم ما حملهم على الكفر، إلا عدم مجيء رسول إليهم يبشرهم وينذرهم.. لولا ذلك لما أرسلناك إليهم، ولكنا أرسلناك إليهم لنقطع حجتهم، ونزيل تعللهم، ونثبت لهم أن استمرارهم على كفرهم- بعد إرسالك إليهم، كان بسبب عنادهم وجحودهم، واستحواذ الشيطان عليهم.

قال الإمام ابن كثير: قوله- تعالى-: وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ أى: وأرسلناك إليهم- يا محمد لتقيم عليهم الحجة، ولتقطع عذرهم إذا جاءهم عذاب من الله بسبب كفرهم، فيحتجوا بأنهم لم يأتهم رسول ولا نذير، كما قال- تعالى- بعد ذكره إنزال كتابه المبارك وهو القرآن: أَنْ تَقُولُوا: إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا، وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا: لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ، فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ..

( ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين ) أي : وأرسلناك إليهم لتقيم عليهم الحجة ولتقطع عذرهم إذا جاءهم عذاب من الله بكفرهم ، فيحتجوا بأنهم لم يأتهم رسول ولا نذير ، كما قال تعالى بعد ذكره إنزال كتابه المبارك وهو القرآن : ( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة ) [ الأنعام : 156 ، 157 ] ، وقال : ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) [ النساء : 165 ] ، وقال تعالى : ( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ) [ المائدة : 19 ] ، والآيات في هذا كثيرة [ والله أعلم ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47)

يقول تعالى ذكره: ولولا أن يقول هؤلاء الذين أرسلتك يا محمد إليهم, لو حلّ بهم بأسنا, أو أتاهم عذابنا من قبل أن نرسلك إليهم على كفرهم بربهم, واكتسابهم الآثام, واجترامهم المعاصي: ربنا هلا أرسلت إلينا رسولا من قبل أن يحلّ بنا سخطك, وينـزل بنا عذابك فنتبع أدلتك, وآي كتابك الذي تنـزله على رسولك ونكون من المؤمنين بألوهيتك, المصدقين رسولك فيما أمرتنا ونهيتنا, لعاجلناهم العقوبة على شركهم من قبل ما أرسلناك إليهم, ولكنا بعثناك إليهم نذيرا بأسنا على كفرهم, لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل. والمصيبة في هذا الموضع: العذاب والنقمة. ويعني بقوله: ( بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ) بما اكتسبوا.

التدبر :

وقفة
[47] ﴿وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ ما مِن مصيبةٍ تقعُ في الأرضِ إلا بما قدَّمت أيدي النَّاسِ.
وقفة
[47] ﴿وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ الله لا يقدر لنا إلا كل خير، لكن الشرور نحن الذين نجرها إلى أنفسنا ونستدعيها بأفعالنا.
وقفة
[47] ﴿وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ أي بما اقترفوا من الكفر والمعاصي، ويعبر عن كل الأعمال وإن لم تصدر عن الأيدي باجتراح الأيدي وتقديم الأيدي لما أن أكثر الأعمال تزاول بها.
وقفة
[47] ﴿وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ ما وقع بلاء إلا بذنب، ولا كشف إلا بتوية، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا اخْتَلَجَ عِرْقٌ وَلاَ عَيْنٌ إِلَّابِذَنْبٍ، وَمَا يَدْفَعُ اللهُ عَنْهُ أَكْثَرُ» [الطبرانى في الصغير 2/216، وصححه الألباني].
وقفة
[47] ﴿وَلَولا أَن تُصيبَهُم مُصيبَةٌ بِما قَدَّمَت أَيديهِم فَيَقولوا رَبَّنا لَولا أَرسَلتَ إِلَينا رَسولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكونَ مِنَ المُؤمِنينَ﴾ دائمًا يتعلل الفاشلون بأسباب واهية وغير منطقية لإلقاء التبعات على من سواهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ:
  • الواو: استئنافية. لولا: حرف شرط‍ غير جازم-حرف امتناع لوجود-وجوابها محذوف بتقدير: ما أرسلناك اليهم. ان: حرف مصدري ناصب يفيد التعليل. تصيب: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. مصيبة: فاعل مرفوع بالضمة وجملة تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ» صلة أَنْ» المصدرية لا محل لها. و أَنْ» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ وخبره محذوف وجوبا لأن الجملة مسبوقة بلولا.
  • ﴿ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بتصيبهم. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. قدمت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. أيدي: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة وجملة قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ» صلة الموصول لا محل لها والعائد الى الموصول ضمير منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: قدمته أيديهم بمعنى بسبب ما قدموا من الشرك والمعاصي.
  • ﴿ فَيَقُولُوا:
  • الفاء عاطفة للتسبيب. يقولوا: معطوفة على تُصِيبَهُمْ» منصوبة مثلها بأن وعلامة نصبها حذف النون الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ رَبَّنا لَوْلا:
  • منادى بأداة نداء محذوفة التقدير: يا ربنا منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة. لولا: بمعنى «هلا» وهو حرف تحضيض. ولَوْلا» وما بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع لمتحرك. والفعل بتأويل الفعل المضارع. والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. الينا: جار ومجرور متعلق بأرسلت أو بمفعولها. رسولا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ فَنَتَّبِعَ آياتِكَ:
  • الفاء سببية وهي حرف عطف بمعنى «لكي» نتبع: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. آياتك: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وجملة «نتبع آياتك» صلة أَنْ» المضمرة لا محل لها وأن وما بعدها: بتأويل مصدر معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق. وجاءت الفاء في «نتبع» جوابا للو لا. لكون لولا التحضيضية في حكم الأمر حيث إنّ الأمر باعث على الفعل والباعث والمحضض يصبان في معنى واحد.
  • ﴿ وَنَكُونَ:
  • معطوفة بالواو على «نتبع» منصوبة مثلها. وهي فعل مضارع ناقص منصوب، وعلامة نصبه الفتحة واسمه: ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن.
  • ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر نَكُونَ» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وفي هذه الآية الكريمة اشكال وهي مثار جدل بين علماء اللغة. حيث قيل ان المعنى:ولولا أنهم قائلون اذا عوقبوا بما قدموا من الشرك والمعاصي هلا أرسلت الينا رسولا محتجين علينا بذلك لما أرسلنا اليهم. يعني أن الرسل اليهم إنما هو ليلزموا الحجة ولا يلزموها يقول كشاف الزمخشري: فان قلت: كيف استقام هذا المعنى وقد جعلت العقوبة هي السبب في الإرسال لا القول لدخول حرف الامتناع عليها دونه؟ قلت: القول هو المقصود بأن يكون سببا لإرسال الرسل. ولكن العقوبة لما كانت هي السبب للقول وكان وجوده بوجودها جعلت العقوبة كأنها سبب الإرسال بواسطة القول فأدخلت عليها لولا وجيء بالقول معطوفا عليها بالفاء المعطية معنى السببية ويؤول معناه الى قولك: ولولا قولهم هذا إذا أصابتهم مصيبة لما أرسلنا ولكن اختيرت هذه الطريقة لنكتة أي لمسألة دقيقة. وهي أنهم لو لم يعاقبوا مثلا على كفرهم وقد عاينوا ما ألجئوا به الى العلم اليقين لم يقولوا-لولا-أرسلت الينا رسولا-وإنما السبب في قولهم هذا هو العقاب لا غير لا التأسف على ما فاتهم من الايمان بخالقهم.'

المتشابهات :

طه: 134﴿وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبۡلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخۡزَىٰ
القصص: 47﴿وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [47] لما قبلها :     وبعد التعقيبات الثلاثة التي توكد أنَّ القرآنَ من عندِ اللهِ، وأنه صلى الله عليه وسلم نبيٌّ؛ ذكرَ اللهُ هنا الحكمة من إرسال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الكفار، وأن في ذلك قطعًا لمعذرتهم، وإبطالًا لما يتعللون به من معاذير، قال تعالى:
﴿ وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [48] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا ..

التفسير :

[48] فلما جاء محمدٌ هؤلاء القوم نذيراً لهم، قالوا:هلَّا أوتي هذا الذي أُرسِل إلينا مثل ما أوتي موسى من معجزات حسية، وكتابٍ نزل جملة واحدة! قل -أيها الرسول- لهم:أو لم يكفر اليهود بما أوتي موسى من قبل؟ قالوا:في التوراة والقرآن سِحْران تعاونا في سحرهما، و

{ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ} الذي لا شك فيه{ مِنْ عِنْدِنَا} وهو القرآن، الذي أوحيناه إليك{ قَالُوا} مكذبين له، ومعترضين بما ليس يعترض به:{ لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى} أي:أنزل عليه كتاب من السماء جملة واحدة. أي:فأما ما دام ينزل متفرقا، فإنه ليس من عند اللّه. وأي:دليل في هذا؟ وأي:شبهة أنه ليس من عند اللّه، حين نزل مفرقا؟

بل من كمال هذا القرآن، واعتناء اللّه بمن أنزل عليه، أن نزل متفرقا، ليثبت اللّه به فؤاد رسوله، ويحصل زيادة الإيمان للمؤمنين{ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} وأيضا، فإن قياسهم على كتاب موسى، قياس قد نقضوه، فكيف يقيسونه على كتاب كفروا به ولم يؤمنوا؟ ولهذا قال{ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا} أي:القرآن والتوراة، تعاونا في سحرهما، وإضلال الناس{ وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ} فثبت بهذا أن القوم يريدون إبطال الحق بما ليس ببرهان، وينقضونه بما لا ينقض، ويقولون الأقوال المتناقضة المختلفة، وهذا شأن كل كافر. ولهذا صرح أنهم كفروا بالكتابين والرسولين، ولكن هل كفرهم بهما كان طلبا للحق، واتباعا لأمر عندهم خير منهما، أم مجرد هوى؟.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك موقفهم بعد مجيء الرسول صلّى الله عليه وسلّم إليهم فقال: فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا: لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى.

أى: ظل مشركو قريش أزمانا متطاولة دون أن يأتيهم رسول ينذرهم ويبشرهم فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا متمثلا في رسولنا محمد صلّى الله عليه وسلّم وفيما أيدناه به من معجزات دالة على صدقه، وعلى رأسها القرآن الكريم.

لما جاءهم هذا الرسول الكريم قالُوا على سبيل التعنت والجحود: هلا أوتى هذا الرسول مثل ما أوتى موسى، من توراة أنزلت عليه جملة واحدة ومن معجزات حسية منها العصا واليد والطوفان، والجراد ... إلخ.

وقوله- عز وجل-: أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ.. رد عليهم لبيان أن ما قالوه هو من باب العناد والتعنت، والاستفهام لتقرير كفرهم وتأكيده.

أى: قالوا ما قالوا على سبيل الجحود، والحال أن هؤلاء المشركين كفروا كفرا صريحا بما أعطاه الله- تعالى- لموسى من قبلك- يا محمد- من معجزات، كما كفروا بالمعجزات التي جئت بها من عند ربك، فهم دينهم الكفر بكل حق.

ثم حكى- سبحانه- بعض أقوالهم الباطلة فقال: قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا، وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ.

وقوله: سِحْرانِ خبر لمبتدأ محذوف. أى: قالوا ما يقوله كل مجادل بغير علم:

هما- أى ما جاء به موسى وما جاء به محمد- عليهما الصلاة والسلام، سِحْرانِ تَظاهَرا أى: تعاونا على إضلالنا، وإخراجنا عن ديننا، وقالوا- أيضا- إِنَّا بِكُلٍّ أى بكل واحد مما جاءوا به كافِرُونَ كفرا لا رجوع معه إلى ما جاء به هذان النبيان- عليهما الصلاة والسلام-.

قال الآلوسى: وقوله: قالُوا استئناف مسوق لتقرير كفرهم المستفاد من الإنكار السابق، وبيان كيفيته، وسِحْرانِ، يعنون بهما ما أوتى نبينا وما أوتى موسى..

تَظاهَرا أى: تعاونا بتصديق كل واحد منهما الآخر، وتأييده إياه، وذلك أن أهل مكة بعثوا رهطا منهم إلى رؤساء اليهود في عيد لهم، فسألوهم عن شأنه صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: إنا نجده في التوراة بنعته وصفته، فلما رجع الرهط وأخبروهم بما قالت اليهود. قالوا ذلك.

وقرأ الأكثرون قالوا ساحران تظاهرا وأرادوا بهما محمد وموسى- عليهما الصلاة والسلام- .

قول تعالى مخبرا عن القوم الذين لو عذبهم قبل قيام الحجة عليهم ، لاحتجوا بأنهم لم يأتهم رسول : أنهم لما جاءهم الحق من عنده على لسان محمد ، صلوات الله وسلامه عليه قالوا على وجه التعنت والعناد والكفر والجهل والإلحاد : ( لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ) ، يعنون - والله أعلم - : من الآيات الكثيرة ، مثل العصا واليد ، والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ، وتنقص الزروع والثمار ، مما يضيق على أعداء الله ، وكفلق البحر ، وتظليل الغمام ، وإنزال المن والسلوى ، إلى غير ذلك من الآيات الباهرة ، والحجج القاهرة ، التي أجراها الله على يدي موسى عليه السلام ، حجة وبراهين له على فرعون وملئه وبني إسرائيل ، ومع هذا كله لم ينجع في فرعون وملئه ، بل كفروا بموسى وأخيه هارون ، كما قالوا لهما : ( أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين ) [ يونس : 78 ] ، وقال تعالى : ( فكذبوهما فكانوا من المهلكين ) [ المؤمنون : 48 ] . ولهذا قال هاهنا : ( أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ) أي : أولم يكفر البشر بما أوتي موسى من تلك الآيات العظيمة . ( قالوا سحران تظاهرا ، ) ، أي تعاونا ، ( وقالوا إنا بكل كافرون ) أي : بكل منهما كافرون . ولشدة التلازم والتصاحب والمقارنة بين موسى وهارون ، دل ذكر أحدهما على الآخر ، كما قال الشاعر :

فما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني

أي : فما أدري أيليني الخير أو الشر . قال مجاهد بن جبر : أمرت اليهود قريشا ا أن يقولوا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، فقال الله : ( أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا ) قال : يعني موسى وهارون - صلى الله عليه وسلم - ( تظاهرا ) أي : تعاونا وتناصرا وصدق كل منهما الآخر . وبهذا قال سعيد بن جبير وأبو رزين في قوله : ( ساحران ) يعنون : موسى وهارون . وهذا قول جيد قوي ، والله أعلم .

وقال مسلم بن يسار ، عن ابن عباس ) قالوا ساحران تظاهرا ) يعني : موسى ومحمدا ، صلوات الله وسلامه عليهما وهذا رواية عن الحسن البصري .

وقال الحسن وقتادة : يعني : عيسى ومحمدا ، صلى الله عليهما وسلم ، وهذا فيه بعد ; لأن عيسى لم يجر له ذكر هاهنا ، والله أعلم .

وأما من قرأ ( سحران تظاهرا ) ، فقال علي بن أبي طلحة والعوفي ، عن ابن عباس . يعنون : التوراة والقرآن . وكذا قال عاصم الجندي ، والسدي ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، قال السدي : يعني صدق كل واحد منهما الآخر .

وقال عكرمة : يعنون : التوراة والإنجيل . وهو رواية عن أبي زرعة ، واختاره ابن جرير .

وقال الضحاك وقتادة : الإنجيل والقرآن . والله سبحانه ، أعلم بالصواب . والظاهر على قراءة : ( سحران ) أنهم يعنون : التوراة والقرآن ; لأنه قال بعده : ( قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه ) ، وكثيرا ما يقرن الله بين التوراة والقرآن ، كما في قوله تعالى ( قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس ) إلى أن قال : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك ) [ الأنعام : 91 ، 92 ] ،

وقال في آخر السورة : ( ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن ) ، إلى أن قال : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ) [ الأنعام : 155 ] ، وقالت الجن : ( إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى [ مصدقا لما بين يديه ] ) [ الأحقاف : 30 ] وقال ورقة بن نوفل : هذا الناموس الذي أنزل [ الله ] على موسى . وقد علم بالضرورة لذوي الألباب أن الله لم ينزل كتابا من السماء فيما أنزل من الكتب المتعددة على أنبيائه أكمل ولا أشمل ولا أفصح ولا أعظم ولا أشرف من الكتاب الذي أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو القرآن ، وبعده في الشرف والعظمة الكتاب الذي أنزله على موسى بن عمران ، عليه السلام ، وهو التوراة التي قال الله تعالى فيها : ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء ) [ المائدة : 44 ] . والإنجيل إنما نزل متمما للتوراة ومحلا لبعض ما حرم على بني إسرائيل .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)

يقول تعالى ذكره: فلما جاء هؤلاء الذين لم يأتهم من قبلك يا محمد نذير فبعثناك إليهم نذيرا( الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا ) , وهو محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة من الله إليهم, قالوا تمرّدًا على الله, وتماديا في الغيّ: هلا أوتي هذا الذي أرسل إلينا, وهو محمد صلى الله عليه وسلم مثل ما أوتي موسى بن عمران من الكتاب؟ يقول الله تبارك وتعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لقومك من قريش, القائلين لك ( لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى ) أو لم يكفر الذين علموا هذه الحجة من اليهود بما أوتي موسى منْ قبلك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: يهود تأمر قريشا أن تسأل محمدا مثل ما أوتي موسى, يقول الله لمحمد صلى الله عليه وسلم: قل لقريش يقولوا لهم: أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: ( قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى ) قال: اليهود تأمر قريشا, ثم ذكر نحوه " قَالُوا سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: " وَقَالُوا سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " بمعنى: أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل, وقالوا له ولمحمد صلى الله عليه وسلم في قول بعض المفسرين, وفي قول بعضهم لموسى وهارون عليهما السلام, وفي قول بعضهم: لعيسى ومحمد ساحران تعاونا. وقرأ عامة قرّاء الكوفة: ( قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) بمعنى: وقالوا للتوراة والفرقان في قول بعض أهل التأويل, وفي قول بعضهم للإنجيل والفُرقان.

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك على قدر اختلاف القرّاء في قراءته.

* ذكر من قال: عُنِيَ بالساحرين اللذين تظاهرا محمد وموسى صلى الله عليهما:

حدثنا سليمان بن محمد بن معدي كرب الرعيني, قال: ثنا بقية بن الوليد, قال: ثنا شعبة, عن أبي حمزة قال: سمعت مسلم بن يسار, يحدّث عن ابن عباس, في قول الله " ساحران تظاهرا " قال: موسى ومحمد.

حدثنا محمد بن المثنى, قال. ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن أبي حمزة, قال: سمعت مسلم بن يسار, قال: سألت ابن عباس, عن هذه الآية " ساحران تظاهرا " قال: موسى ومحمد.

حدثنا ابن المثنى, قال. ثنا يحيى بن سعيد, عن شعبة, عن أبي حمزة, عن مسلم بن يسار, أن ابن عباس, قرأ " سَاحِرَانِ" قال موسى ومحمد عليهما السلام.

حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا أبي , عن شعبة, عن كيسان أبي حمزة, عن مسلم بن يسار, عن ابن عباس, مثله.

* ومن قال: موسى وهارون عليهما السلام:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله " ساحران تظاهرا " قال يهودُ: لموسى وهارون.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) قول يهودَ لموسى وهارون عليهما السلام.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد, عن سعيد بن جُبَيْر وأبي رزين أن أحدهما قرأ: " سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا ", والآخر: " سِحْرَانِ". قال: الذي قرأ " سِحْرَانِ" قال: التوراة والإنجيل. وقال: الذي قرأ: " سَاحِرَان " قال: موسى وهارون.

وقال آخرون: عنوا بالساحرين عيسى ومحمدا صلى الله عليه وسلم .

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين. قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن الحسن, قوله: " سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " قال عيسى ومحمد, أو قال موسى صلى الله عليه وسلم .

* ذكر من قال: عنوا بذلك التوراة والفرقان, ووجه تأويله إلى قراءة من قرأ " سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ":

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال ثنى معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: " سِحْرَانِ تَظَاهَرَا " يقول: التوراة والقرآن.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمى, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) يعني: التوراة والفرقان.

حدثني يونس, قال أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) قال: كتاب موسى, وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

* ذكر من قال: عنوا به التوراة والإنجيل:

حدثنا ابن وكيع، قال ثنا ابن علية, عن حميد الأعرج, عن مجاهد, قال: كنت إلى جنب ابن عباس وهو يتعوذ بين الركن والمقام, فقلت كيف تقرأ " سِحْرَانِ", أو " ساحِران "؟فلم يردّ عليّ شيئا, فقال عكرِمة: ساحران, وظننت أنه لو كره ذلك أنكره عليّ . قال حميد فلقيت عكرِمة بعد ذلك فذكرت ذلك له, وقلت كيف كان يقرؤها؟ قال: كان يقرأ " سِحْرَانِ تَظَاهَرَا " أي: التوراة والإنجيل.

* ذكر من قال: عنوا به الفرقان والإنجيل:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا عبيد, عن الضحاك, أنه قرأ ( سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) يعنون الإنجيل والفرقان.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: ( قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) قالت ذلك أعداء الله اليهود للإنجيل والفرقان, فمن قال " سَاحِرَانِ" فيقول: محمد, وعيسى ابن مريم.

قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب, قراءة من قرأه ( قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) بمعنى: كتاب موسى وهو التوراة, وكتاب عيسى وهو الإنجيل.

وإنما قلنا: ذلك أولى القراءتين بالصواب, لأن الكلام من قبله جرى بذكر الكتاب, وهو قوله: ( قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى ) والذي يليه من بعده ذكر الكتاب, وهو قوله: فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ فالذي بينهما بأن يكون من ذكره أولى وأشبه بأن يكون من ذكر غيره. وإذ كان ذلك هو الأولى بالقراءة, فمعلوم أن معنى الكلام: قل يا محمد، أو لم يكفر هؤلاء اليهود بما أوتي موسى من قبل؟ وقالوا لما أوتي موسى (2) من الكتاب وما أوتيته أنت: سحران تعاونا؟

وقوله: ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) يقول تعالى ذكره: وقالت اليهود: إنا بكلّ كتاب في الأرض من توراة وإنجيل, وزبور وفرقان كافرون.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل, وخالفه فيه مخالفون.

* ذكر من قال مثل الذي قلنا في ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) قالوا: نكفر أيضا بما أوتي محمد.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) قال اليهود أيضا: نكفر بما أوتي محمد أيضا.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وقالوا إنا بكلّ الكتابين الفرقان والإنجيل كافرون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا عبيد, عن الضحاك ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) يقول: بالإنجيل والقرآن.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) يعنون الإنجيل والفرقان.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) قال: هم أهل الكتاب, يقول: بالكتابين: التوراة والفرقان .

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) الذي جاء به موسى, والذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم .

------------------------

الهوامش:

(2) ‌لعله: لما أوتي عيسى... إلخ.

التدبر :

عمل
[48] ﴿فَلَمّا جاءَهُمُ الحَقُّ مِن عِندِنا﴾ عندما يظهر لك الحق جليًّا واضحًا؛ فلا تماطل وتجادل وارضخ له وأذعن، فلا تكونن كأمثال هؤلاء الكافرين الجاهلين.
وقفة
[48] ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ﴾ اليهود سبب كل بلاء، قال أبو حيان: «وهذه المقالة التي قالوها هي من تعليم اليهود لقريش، قالوا لهم: ألَا يأتي بآية باهرة کآيات موسی؟».
وقفة
[48] ﴿قالوا لَولا أوتِيَ مِثلَ ما أوتِيَ موسى﴾ من فرط جهلهم يفتقرون للتجديد والتحديث، ويرغبون بآيات جاءت منذ سنين.
وقفة
[48] ﴿قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا﴾ النقاش مع المشكك لن يؤدي لنتيجة، بل وسيصدمك بضحالة تفكيره ونظرته القاصرة، فالعقول أرزاق وسبحان مقسمها!
وقفة
[48] ﴿قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا﴾ قال اليهود ذلك عن التوراة التي كفروا بها من قبل، فكيف لا يكفرون بالقرآن؟! وقصدوا بالساحرين: موسى ومحمد عليهما السلام، وأنهما تعاونا على هذا السحر، وقيل: هذا قول کفار قريش فرارًا من الإيمان.
وقفة
[48] ﴿وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ﴾ الكفر موقف نفسي! إعلان الموقف النهائي: هو الكفر سواء بالكتابين أو بالرسولين، فليس عندهم أدنی استعداد للإيمان.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا:
  • الفاء: استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بجوابه.
  • ﴿ جاءَهُمُ الْحَقُّ:
  • فعلم ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. الحق: فاعل مرفوع بالضمة. وهو الرسول الكريم محمد المصدق بالكتاب المعجز مع سائر المعجزات وجملة جاءَهُمُ الْحَقُّ» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد «لما» أي جاء قوم محمد (صلّى الله عليه وسلّم).
  • ﴿ مِنْ عِنْدِنا:
  • جار ومجرور متعلق بجاء أو بحال محذوفة من الْحَقُّ» و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قالُوا:
  • الجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الإعراب. وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ لَوْلا أُوتِيَ:
  • لولا: حرف تحضيض لا عمل لها بمعنى «هلا» و لَوْلا» وما بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-أوتي: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الحق. بمعنى: هلا أعطي أو منح محمد.
  • ﴿ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى:
  • مثل: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. أوتي: أعربت. موسى: نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر. وجملة أُوتِيَ مُوسى» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد للموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: ما أوتيه موسى بمعنى: ما أعطي موسى من المعجزات وهم يدلون بقولهم هذا على العناد والتعنت.
  • ﴿ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا:
  • الهمزة همزة تقرير وإنكار بلفظ‍ استفهام. الواو زائدة. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يكفروا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أي ألم يكفر آباؤهم الذين سبقوهم أي الكفرة في زمن موسى.
  • ﴿ بِما أُوتِيَ مُوسى:
  • جار ومجرور متعلق بيكفروا. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. أوتي موسى: أعربت.
  • ﴿ مِنْ قَبْلُ:
  • من: حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن والجار والمجرور مِنْ قَبْلُ» متعلق بيكفروا. أو بأوتي. أي ان الذين قالوا هذا القول كما كفروا بمحمد-ص-وبالقرآن فقد كفروا بموسى عليه السلام وبالتوراة.
  • ﴿ قالُوا سِحْرانِ:
  • قالوا: أعربت: أي وقالوا في موسى ومحمد عليهما السلام أو في موسى وأخيه هارون. سحران: بمعنى: ساحران جعلوهما سحرين للمبالغة. والكلمة خبر مبتدأ محذوف تقديره: هما سحران. أي إنهما سحران أو ساحران مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ تَظاهَرا:
  • فعل ماض مبني على الفتح والألف ضمير متصل-ضمير الاثنين- مبني على السكون في محل رفع فاعل. وجملة تَظاهَرا» في محل رفع صفة -نعت-لسحران بمعنى تعاونا على الشعوذة.
  • ﴿ وَقالُوا إِنّا:
  • الواو عاطفة. قالوا: أعربت. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» والجملة من «ان» واسمها وخبرها في محل نصب مفعول به لقالوا.
  • ﴿ بِكُلٍّ كافِرُونَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «ان» وحذف الجار-صلة-كل- أي بكل منهما. كافرون: خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

يونس: 76﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ
القصص: 48﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ
غافر: 25﴿ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [48] لما قبلها :     وبعد أنْ أكَّدت الآياتُ صدقَ النَّبي صلى الله عليه وسلم؛ أظهَرتْ هنا عِنادَ كفَّارِ مكةَ، حيث طلبُوا معجزاتٍ ماديةً كمعجزاتِ موسى عليه السلام، والرَّدُّ: ألَمْ يكفرِ اليهودُ بما أُعطِيَ موسى عليه السلام من قبلُ؟! فظَهر أنَّهم يتَّبِعُونَ الهوى، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

سحران:
وقرئ:
ساحران، وهى قراءة الجمهور.
تظاهرا:
1- فعلا ماضيا، على وزن «تفاعل» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- اظاهرا، بهمزة الوصل وشد الظاء، وهى قراءة طلحة، والأعمش، وكذا هى فى حرف عبد الله.
3- تظاهرا، بالتاء وتشديد الظاء، وهى قراءة محبوب عن الحسن، ويحيى بن الحارث الذمارى، وأبى حيوة، وأبى خلاد عن اليزيدي.
قال ابن خالويه: وتشديده لحن، لأنه فعل ماض، وإنما يشدد فى المضارع.
وقال صاحب اللوامح: ولا أعرف وجهه.
وقال صاحب الكامل فى القراءات: ولا معنى له.
وقال أبو حيان: هو مضارع حذفت منه النون، وقد جاء حذفها فى قليل من الكلام وفى الشعر.

مدارسة الآية : [49] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ..

التفسير :

[49] قل -أيها الرسول- لهؤلاء:فأتوا بكتاب من عند الله هو أقوم من التوراة والقرآن أتبعه، إن كنتم صادقين في زعمكم.

قال تعالى ملزما لهم بذلك:{ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا} أي:من التوراة والقرآن{ أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ولا سبيل لهم ولا لغيرهم أن يأتوا بمثلهما، فإنه ما طرق العالم منذ خلقه اللّه، مثل هذين الكتابين، علما وهدى، وبيانا، ورحمة للخلق، وهذا من كمال الإنصاف من الداعي أن قال:أنا مقصودي الحق والهدى والرشد، وقد جئتكم بهذا الكتاب المشتمل على ذلك، الموافق لكتاب موسى، فيجب علينا جميعا الإذعان لهما واتباعهما، من حيث كونهما هدى وحقا، فإن جئتموني بكتاب من عند اللّه هو أهدى منهما اتبعته، وإلا، فلا أترك هدى وحقا قد علمته لغير هدى وحق .

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يتحداهم، وأن يفحمهم بما يخرس ألسنتهم فقال: قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الجاحدين: لقد أنزل الله- تعالى- على موسى التوراة. وأنزل القرآن على، وأنا مؤمن بهما كل الإيمان، فإن كنتم أنتم مصرون على كفركم فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، هُوَ أَهْدى مِنْهُما أى هو أوضح منهما وأبين في الإرشاد إلى الطريق المستقيم.

وقوله أَتَّبِعْهُ مجزوم في جواب الأمر المحذوف، أى: إن تأتوا به أتبعه.. إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في زعمكم أن القرآن والتوراة نوع من السحر.

فالآية الكريمة تتهكم بهم، وتسخر منهم، بأسلوب بديع معجز، لأنه من المعروف لكل عاقل أنهم ليس في استطاعتهم- ولا في استطاعة غيرهم- أن يأتوا بكتاب. أهدى من الكتابين اللذين أنزلهما- سبحانه- على نبيين كريمين من أنبيائه، هما موسى ومحمد- عليهما الصلاة والسلام-.

ولذا قال صاحب الكشاف ما ملخصه: وهذا الشرط يأتى به المدل بالأمر المتحقق لصحته، لأن امتناع الإتيان بكتاب أهدى من الكتابين. أمر معلوم متحقق. لا مجال فيه للشك، ويجوز أن يقصد بحرف الشك التهكم بهم .

ولهذا قال تعالى : ( قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين ) أي : فيما تدافعون به الحق وتعارضون به من الباطل .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للقائلين للتوراة والإنجيل: هما سحران تظاهرا: ائتوا بكتاب من عند الله, هو أهدى منهما لطريق الحقّ, ولسبيل الرشاد ( أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) في زعمكم أن هذين الكتابين سحران, وأن الحقّ في غيرهما.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قال: فقال الله تعالى ( قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا ) ... الآية.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فقال الله ( قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا ) من هذين الكتابين; الذي بعث به موسى, والذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[49] ﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ المسلم يصدر عن الدليل الشرعي الصحيح.
وقفة
[49] ﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ اعلم أنه لا يوجد كتاب أهدى من كتاب الله.
وقفة
[49] ﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ تحدِّي الكفار بالإتيان بما هو أهدى من وحي الله إلى رسله.
وقفة
[49] ﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ تکذيب لطيف! قال أبو حيان: «تعليق إتيانهم بشرط الصدق أمر متحقق متيقن أنه لا يكون ولا يمكن صدقهم، كما أنه لا يمكن أن يأتوا بكتاب من عند الله يكون أهدى من الكتابين».
وقفة
[49] ﴿قُل فَأتوا بِكِتابٍ مِن عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهدى مِنهُما أَتَّبِعهُ إِن كُنتُم صادِقينَ﴾ اللهم ارزقنا حُجة داحضة نُفحِم بها الكاذبين الضالين المضلين ليَظهَر سُوء تفكيرهم واضحا للعيان .. اللهم آمين

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ فَأْتُوا بِكِتابٍ:
  • الفاء: عاطفة على فعل مضمر مقدر. ائتوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. بكتاب: جار ومجرور متعلق بائتوا.
  • ﴿ مِنْ عِنْدِ اللهِ:
  • جار ومجرور في محل جر صفة-نعت-لكتاب. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ هُوَ أَهْدى مِنْهُما:
  • الجملة الاسمية في محل جر صفة ثانية لكتاب. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. اهدى: خبر هُوَ» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. منهما: جار ومجرور متعلق بأهدى. و «ما» علامة التثنية. بمعنى: هو أهدى مما أنزل على موسى ومما أنزل علي. أي أهدى من التوراة والقرآن.
  • ﴿ أَتَّبِعْهُ:
  • فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب-الأمر-بمعنى: أن تؤتوا بكتاب .. اتبعه والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. وعلامة جزم الفعل السكون والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب مفعول به. ويجوز أن يكون الفعل مجزوما لأنه جواب شرط‍ متقدم بمعنى: ان كنتم صادقين اتبعه. ويجوز ان تكون الفاء في فَأْتُوا بِكِتابٍ» واقعة في جواب الشرط‍ المتقدم.
  • ﴿ إِنْ كُنْتُمْ:
  • ان: حرف شرط‍ جازم. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. وجواب الشرط‍ محذوف لتقدم معناه.
  • ﴿ صادِقِينَ:
  • خبر «كان» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.'

المتشابهات :

البقرة: 23﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
يونس: 38﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
هود: 13﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
القصص: 49﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [49] لما قبلها :     وبعد أن رَدَّ اللهُ عن شُبهتهم؛ أمرَ رسوله صلى الله عليه وسلم هنا أن يتحداهم، وأن يفحمهم بما يخرس ألسنتهم، قال تعالى:
﴿ قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أتبعه:
وقرئ:
يرفع العين، على الاستئناف، أي: أنا أتبعه، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [50] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ ..

التفسير :

[50] فإن لم يستجيبوا لك بالإتيان بالكتاب، ولم تبق لهم حجة، فاعلم أنما يتبعون أهواءهم، ولا أحد أكثر ضلالاً ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. إن الله لا يوفِّق لإصابة الحق القوم الظالمين الذين خالفوا أمر الله، وتجاوزوا حدوده.

فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ} فلم يأتوا بكتاب أهدى منهما{ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} أي:فاعلم أن تركهم اتباعك، ليسوا ذاهبين إلى حق يعرفونه، ولا إلى هدى، وإنما ذلك مجرد اتباع لأهوائهم.{ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} فهذا من أضل الناس، حيث عرض عليه الهدى، والصراط المستقيم، الموصل إلى اللّه وإلى دار كرامته، فلم يلتفت إليه ولم يقبل عليه، ودعاه هواه إلى سلوك الطرق الموصلة إلى الهلاك والشقاء فاتبعه وترك الهدى، فهل أحد أضل ممن هذا وصفه؟"ولكن ظلمه وعدوانه، وعدم محبته للحق، هو الذي أوجب له:أن يبقى على ضلاله ولا يهديه اللّه، فلهذا قال:{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} أي:الذين صار الظلم لهم وصفا والعناد لهم نعتا، جاءهم الهدى فرفضوه، وعرض لهم الهوى، فتبعوه، سدوا على أنفسهم أبواب الهداية وطرقها، وفتحوا عليهم أبواب الغواية وسبلها، فهم في غيهم وظلمهم يعمهون، وفي شقائهم وهلاكهم يترددون.

وفي قوله:{ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} دليل على أن كل من لم يستجب للرسول، وذهب إلى قول مخالف لقول الرسول، فإنه لم يذهب إلى هدى، وإنما ذهب إلى هوى.

وقوله- سبحانه-: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ زيادة في تثبيت قلب النبي صلّى الله عليه وسلم وتسليته عما أصابه منهم من أذى.

أى: فإن لم يفعلوا ما تحديتهم به، من الإتيان بكتاب هو أهدى من الكتابين.

فَاعْلَمْ- أيها الرسول الكريم- أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ الباطلة، وشهواتهم الزائفة، عند ما يجادلونك في شئون دعوتك.

والاستفهام في قوله: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ.. للنفي والإنكار.

أى: ولا أحد أضل ممن اتبع هواه وشيطانه، دون أن تكون معه هداية من الله- تعالى- تهديد إلى طريق الحق، لأن هذا الضال قد استحب العمى على الهدى. وآثر الغواية على الرشد.

وقوله- سبحانه-: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ تذييل مبين لسنة الله- تعالى- في خلقه.

أى: إنه- سبحانه- جرت سنته أن لا يهدى القوم الظالمين إلى طريق الحق بسبب إصرارهم على الباطل، وتجاوزهم لكل حدود الحق والخير.

قال الله تعالى : ( فإن لم يستجيبوا لك ) أي : فإن لم يجيبوك عما قلت لهم ولم يتبعوا الحق ( فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ) أي : بلا دليل ولا حجة ( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ) أي : بغير حجة مأخوذة من كتاب الله ، ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .

القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)

يقول تعالى ذكره: فإن لم يجبك هؤلاء القائلون للتوراة والإنجيل: سحران تظاهرا, الزاعمون أن الحقّ في غيرهما من اليهود يا محمد, إلى أن يأتوك بكتاب من عند الله, هو أهدى منهما, فاعلم أنما يتبعون أهواءهم, وأن الذي ينطقون به ويقولون في الكتابين, قول كذب وباطل, لا حقيقة له, ولعل قائلا أن يقول: أو لم يكن النبيّ صلى الله عليه وسلم يعلم أن ما قال القائلون من اليهود وغيرهم في التوراة والإنجيل من الإفك والزور, المسموهما سحرين باطل من القول, إلا بأن لا يجيبوه إلى إتيانهم بكتاب هو أهدى منهما؟

قيل: هذا كلام خرج مخرج الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم , والمراد به المقول لهم: أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ من كفار قريش, وذلك أنه قيل للنبيّ صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لمشركي قريش: أو لم يكفر هؤلاء الذين أمروكم أن تقولوا: هلا أوتي محمد مثل ما أوتي موسى -بالذي أوتي موسى- من قبل هذا القرآن؟ ويقولوا للذي أنـزل عليه وعلى عيسى سِحْرَانِ تَظَاهَرَا فقولوا لهم إن كنتم صادقين أن ما أوتي موسى وعيسى سحر, فأتوني بكتاب من عند الله, هو أهدى من كتابيهما, فإن هم لم يجيبوكم إلى ذلك فأعلموا أنهم كذبة, وأنهم إنما يتبعون في تكذيبهم محمدا, وما جاءهم به من عند الله أهواء أنفسهم, ويتركون الحق وهم يعلمون.

يقول تعالى ذكره: " وَمَنْ أَضَلُّ" عن طريق الرشاد, وسبيل السداد ممن اتبع هوى نفسه بغير بيان من عند الله, وعهد من الله, ويترك عهد الله الذي عهده إلى خلقه في وحيه وتنـزيله: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) يقول تعالى ذكره: إن الله لا يوفق لإصابة الحقّ وسبيل الرشد القوم الذين خالفوا أ مر الله وتركوا طاعته, وكذّبوا رسوله, وبدّلوا عهده, واتبعوا أهواء أنفسهم إيثارا منهم لطاعة الشيطان على طاعة ربهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[50] ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ﴾ كلُّ من لم يستجِب للرَّسُولِ وذهَبَ إلى قولٍ مخالفٍ، فإنَّه لم يذهبْ إلى هدًى، وإنما ذهَبَ إلى هوًى.
وقفة
[50] ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ من بلغه هدي نبيه ﷺ فلم يستجب فلا تفسير لامتناعه إلا أنه اتبع هواه، سواء أكان هوى شهوة أو هوى شبهة.
وقفة
[50] ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ إن لم تنقد للهدى؛ قادك الهوى.
وقفة
[50] ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ الاستجابة إما للوحي وإما للهوى؛ فإنه لا توجد قسمة ثالثة.
وقفة
[50] ﴿فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْوَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ لا قيمة لحوار المنطق والعقل حين يكون حوار الضمير معطوبًا.
وقفة
[50] ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ عدم الاستجابة لدعوة الحق سببها اتِّباع الهوى خالِف هواك تستقِم.
وقفة
[50] ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ من لم يستجب لما أمره الله وما جاء به نبيه؛ فهو متبع لهواه ورغبات نفسه.
وقفة
[50] ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ إما أن تستجيب للنبي ﷺ أو تكون متبعًا لهواك.
وقفة
[50] ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ هما طريقان لا ثالث لهما: إما اتباع الرسول ﷺ وإما اتباع الهوى.
تفاعل
[50] ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ﴾ استعذ بالله من اتباع الهوى, ومن الضلالة بعد الهدى.
عمل
[50] حدد عملًا تحس أنك قدمت هوى نفسك فيه على شرع الله، ثم استغفر الله وقدم شرع الله على هوى نفسك ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ﴾.
وقفة
[50] ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ﴾ دليل على أن كل من لم يستجب للرسول، وذهب إلى قول مخالف لقول الرسول؛ فإنه لم يذهب إلى هُدًى، وإنما ذهب إلى هوًى.
وقفة
[50] ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ﴾ الأهواء هي إرادات النفس بغير علم؛ فكل من فعل ما تريده نفسه بغير علم يبين أنه مصلحة فهو متبع هواه، والعلم بالذي هو مصلحة العبد عند الله في الآخرة هو العلم الذي جاءت به الرسل.
تفاعل
[50] ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ﴾ قل: «لا أحد يا رب أضل منه».
وقفة
[50] ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ﴾ ضلال الكفار بسبب اتباع الهوى، لا بسبب اتباع الدليل.
وقفة
[50] الهوى هو أول فتنة طرقت العالم، وباتباع الهوى ضل إبليس، وبه ضلَّ كثير من الأمم عن اتباع رسلهم وأنبيائهم، كما في قصص القرآن العظيم، ولهذا حكم الله أنه لا أحد أضل ممن اتباع هواه، فقال سبحانه: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ﴾.
وقفة
[50] ما منا من أحد إلا له هوى، غير أن منا من قاد هواه بنور من الله، ومنا من أعرض عن نور الله بهواه فضل وأضل ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ﴾.
وقفة
[50] لا إيمان ولا عقل لمن كان إلهه هواه، وشهوته معبوده؛ فقد تعطل عقله، وأُغلقت منافذ تفكيره ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ الله﴾.
وقفة
[50] ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ واتباع الهوى -مع إلغاء إعمال النظر ومراجعته في النجاة- يلقي بصاحبه إلى كثير من أحوال الضرِّ بدون تحديد ولا انحصار.
وقفة
[50] ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ الظالمُ محرومٌ من الهدايةِ، ولو لَمْ تكن هنالِك عقوبةٌ إلَّا هذه لَكَفَتَه.
تفاعل
[50] ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من الظالمين.
وقفة
[50] ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ الكذب, الظلم, الفسق: تدمير متعمد لصوت الإنسان الداخلي , وهتافه الهادي.

الإعراب :

  • ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ:
  • الفاء استئنافية. ان: حرف شرط‍ جازم. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يستجيبوا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون في محل جزم فعل الشرط‍ الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لك: جار ومجرور متعلق بيستجيبوا أو هو في مقام مفعول يَسْتَجِيبُوا» وقد عدي الفعل باللام لأنه تعدى الى الداعي وليس الى الدعاء. بمعنى: هذا الفعل يتعدى الى الدعاء بنفسه والى الداعي باللام ويحذف الدعاء اذا عدي الى الداعي. فيقال استجاب الله دعاءه واستجاب له. والفعل «استجاب» وان خلا من الدعاء هنا الاّ أن المعنى: فان لم يستجيبوا الدعاء إلى الإتيان بالكتاب-في الآية السابقة- فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ.لأن قوله- فَأْتُوا بِكِتابٍ -هو أمر بالإتيان. والأمر بعث على الفعل ودعاء اليه.
  • ﴿ فَاعْلَمْ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم. اعلم: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و«الفاء» رابطة لجواب الشرط‍ -جزائه.
  • ﴿ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ:
  • أنما: كافة ومكفوفة. يتبعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل، اهواء: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ:
  • الواو استئنافية. من: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أضل: خبر مَنْ» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن-أفعل-وبوزن الفعل.
  • ﴿ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ:
  • جار ومجرور متعلق بأضل و مَنْ» اسم موصول مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين في محل جر بمن. اتبع: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. هواه: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل جر بالاضافة. وجملة اِتَّبَعَ هَواهُ» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. بمعنى: ومن أضل ممن لا يتبع في دينه إلاّ ميوله الضالة.
  • ﴿ بِغَيْرِ هُدىً:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بمعنى: مخذولا. هدى: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ مِنَ اللهِ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق بالحال المحذوفة. أي مخذولا من الله فخلى بينه وبين ضلاله.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسمها منصوب للتعظيم بالفتحة. لا: نافية لا عمل لها. يهدي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ» في محل رفع خبر فَإِنْ».
  • ﴿ الْقَوْمَ الظّالِمِينَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الظالمين: صفة -نعت-للقوم منصوبة مثلها وعلامة نصبها الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وحذف مفعول اسم الفاعل الظّالِمِينَ» أي الظالمين أنفسهم نتيجة ضلالهم.'

المتشابهات :

المائدة: 51﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
الأنعام: 144﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا لِّيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
القصص: 50﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
الأحقاف: 10﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ۖ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [50] لما قبلها :     وبعد أن أمرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يتحداهم؛ بَيَّنَ له هنا ما يصنع إنْ هم لم يستجيبوا، وهم بالقطع لن يستجيبوا، قال تعالى:
﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف