34318192021222324252627

الإحصائيات

سورة المؤمنون
ترتيب المصحف23ترتيب النزول74
التصنيفمكيّةعدد الصفحات8.00
عدد الآيات118عدد الأجزاء0.37
عدد الأحزاب0.75عدد الأرباع3.00
ترتيب الطول25تبدأ في الجزء18
تنتهي في الجزء18عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 5/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (18) الى الآية رقم (22) عدد الآيات (5)

ثُمَّ ذكرَ أدلَّةً أُخرى على قدرتِه على البعثِ: إنزالَ الماءِ من السماءِ وإنباتَ النباتِ، وخلقَ الأنعامِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (23) الى الآية رقم (27) عدد الآيات (5)

وعلى عادةِ القرآنِ بذكرِ قصصِ الأنبياءِ بعدَ أدلَّةِ الوحدانيةِ والقدرةِ، ذكر هنا ما فعلَه الأنبياءُ السابقُونَ معَ أقوامِهم تسليةً للنبي ﷺ عما يلقاه من أذى المشركينَ، القصَّةُ الأولى: قصَّةُ نوحٍ عليه السلام ، دعا قومَه لتوحيدِ اللهِ فكفرُوا، فأوحى له بص

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة المؤمنون

المؤمنون؛ أين أنت من صفاتهم؟

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • أين أنت من هذه الصفات؟:   هذه السورة تذكر لك أهم صفات المؤمنين؛ لتراجع تصرفاتك وتقيم أعمالك. وكأنها تسأل قارئ القرآن: أين أنت من صفات هؤلاء المؤمنين المفلحين الذين عُرضت عليك صفاتهم؟ كما أنها تلفت نظرك إلى معنى مهم: وهو أن هذه الصفات تجمع ما بين الأخلاق والعبادات، فترى أول صفة هي صفة عبادة، ثم التي بعدها صفة خلق وهكذا.
  • • تعالوا بنا الآن نعرض الآيات والصفات على أنفسنا (الإسقاط)::   تبدأ السورة بقوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ﴾ (1)، فمن هم؟ وكيف نكون منهم؟ تعالوا نبدأ الرحلة، نعرض صفات المؤمنين على أنفسنا (ونعطي لكل صفة تحققت فينا درجة من 10): 1- ﴿ٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَـٰشِعُونَ﴾ (2): كيف تؤدي صلاتك؟ هل تخشع فيها أم لا؟ كم نقطة تعطي نفسك عن هذا السؤال؟ 2- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ﴾ (3): هل تمسك لسانك عما لا يفيد من الكلام؟ هل تعرض عن مجالس الغيبة؟ هل تقع في النميمة؟ 3- ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ (4): هل أخرجت زكاة مالك أم لا؟ متى تصدقت آخر مرة؟ وبكم؟ 4- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ﴾ (5): كيف أنت مع حفظ الفرج؟ والعفة والبعد عن كل ما يؤدي إلى الزنا؟ 5، 6- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَـٰنَـٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رٰعُونَ﴾ (8): كيف حفظك للأمانة؟ من أبسط الأمانات (مبلغ صغير أو كتاب استعرته من صديق)، إلى أمانة الدين وحفظه ونشره بين الناس؟ هل تحافظ على عهودك؟ 7- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوٰتِهِمْ يُحَـٰفِظُونَ﴾ (9): هل تحافظ على الصلاة في أول وقتها؟ وتحافظ على الجماعة؟ كم نقطة تعطي نفسك على أداء الصلاة والمحافظة عليها؟
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «المؤمنون».
  • • معنى الاسم ::   المؤمنون: هم مَن آمن بأركان الإيمان الستة؛ اعتقادًا وقولًا وعملًا.
  • • سبب التسمية ::   : لافتتاحها بفلاح المؤمنين، وصفاتهم، وجزائهم في الآخرة.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة قد أفلح»؛ لافتتاحها بهذا.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   صفات المؤمنين الصادقين, وأصول الدين من التوحيد والرسالة والبعث.
  • • علمتني السورة ::   أن التدرج في الخلق والشرع سُنَّة إلهية: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ...﴾
  • • علمتني السورة ::   أن عاقبة الكافر الندامة والخسران: ﴿قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن من طاب مطعمه طاب عمله، ثمرة أكل الحلال الطيب العمل الصالح: ﴿أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: «حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ فَصَلَّى فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى أَوْ عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ. وسورة المؤمنون من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • احتوت سورة المؤمنون على 11 آية تعتبر من الآيات الجوامع؛ حيث جمعت أوصاف المؤمنين وأخلاقهم وبيان ما يجب عليهم تجاه ربهم وتجاه الناس، وهي الآيات (من 1 إلى 11).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نجاهد أنفسنا للاتصاف بصفات المؤمنين؛ فنكون: ممن يخشع في صلاته، وممن يبتعد عن الكلام الذي لا فائدة منه، ويخرج زكاة ماله، ويبتعد عن الزنا، ويحافظ على الأمانة، والعهود والوعود، والصلوات: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ (1-9).
    • أن نتذكر عند الشرب أو الغسل أن نعمة الماء العذب من أكثر نعم الله الدنيوية علينا، ونكثر من شكر الله عليها: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ (18).
    • ألا نتكل على نسبنا؛ فالأنساب لا تنجي من عذاب الله: ﴿فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ۖ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ (27).
    • أن نتذكر موقفًا أنقذنا الله فيه من حرج أو خطر، ونحمد الله على ذلك: ﴿فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (28).
    • أن نتدبر قصص المرسلين، ونتأملها؛ فإن الله ما ذكرها إلا لما فيها من الدروس والعبر: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ﴾ (30).
    • أن نستعيذ بالله أن يلهينا النعيم عن طاعته والقرب منه: ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ (33).
    • أن نحذر من الخروج عن جماعة المسلمين: ﴿وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ * فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ (52-53).
    • أن ننتبه من غفلتنا؛ فقد تكون النعم المنزلة علينا استدراجًا: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ۚ بَل لَّا يَشْعُرُونَ﴾ (55-56).
    • ألا نغتر بعملنا الصالح؛ بل نبقى خائفين من الله: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ﴾ (57).
    • أن نكون من المسارعين في الخيرات؛ الذين من صفاتهم: الخشية والخوف من الله تعالى، الإيمان بآيات الله تعالى، عدم الإشراك بالله، الإنفاق والعطاء في سبيل الله والخوف منه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ (57-61).
    • أن نحذر اتباع الهوى؛ فإنه مفسدة: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾ (71).
    • أن نتضرع إلى الله أن يكشف الكرب والضر عن المسلمين: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾.
    • أن نقرأ ونتفكر في نعمة السمع، والبصر، والعقل، ثم نشكر الله عليها: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ (78).
    • أن نحسِن إلى شخصٍ أساءَ إلينا بمسامحتِه وإهداءِ هديةٍ له: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ (96).
    • أن نستعيذ بالله من همزات الشياطين: ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ (97).
    • أن نعمل الصالحات في حياتنا؛ حتى لا تكون أمنياتنا عند الممات: ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا﴾ (99-100).
    • أن ندعو الله بهذا الدعاء: ﴿رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ (109).
    • أن ننصح من يسخر من الدعاةِ إلى اللهِ, ونقرأْ عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ۞ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾ (109، 110). • ألا نصرف شيئًا من الدعاء لغير الله: ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ (117).

تمرين حفظ الصفحة : 343

343

مدارسة الآية : [18] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ ..

التفسير :

[18] وأنزلنا من السماء ماء بقدر حاجة الخلائق، وجعلنا الأرض مستقراً لهذا الماء، وإنا على ذَهاب بالماء المستقر لَقادرون. وفي هذا تهديد ووعيد للظالمين.

{ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} يكون رزقا لكم ولأنعامكم بقدر ما يكفيكم، فلا ينقصه، بحيث لا يكفي الأرض والأشجار، فلا يحصل منه المقصود، ولا يزيده زيادة لا تحتمل، بحيث يتلف المساكن، ولا تعيش معه النباتات والأشجار، بل أنزله وقت الحاجة لنزوله ثم صرفه عند التضرر من دوامه،{ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} أي:أنزلناه عليها، فسكن واستقر، وأخرج بقدرة منزله، جميع الأزواج النباتية، وأسكنه أيضا معدا في خزائن الأرض، بحيث لم يذهب نازلا، حتى لا يوصل إليه، ولا يبلغ قعره،{ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} إما بأن لا ننزله، أو ننزله، فيذهب نازلا لا يوصل إليه، أو لا يوجد منه المقصود منه، وهذا تنبيه منه لعباده أن يشكروه على نعمته، ويقدروا عدمها، ماذا يحصل به من الضرر، كقوله تعالى:{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ}

ثم بين- سبحانه- بعض النعم التي تأتينا من جهة هذه الطرائق فقال: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ...

أى: وأنزلنا لكم- أيها الناس- بقدرتنا ورحمتنا، ماء بقدر. أى: أنزلناه بمقدار معين، بحيث لا يكون طوفانا فيغرقكم، ولا يكون قليلا فيحصل لكم الجدب والجوع والعطش.

وإنما أنزلناه بتقدير مناسب لجلب المنافع، ودفع المضار، كما قال- سبحانه- في آية أخرى: ... وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ .

وقوله: فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ أى: هذا الماء النازل من السماء بتقدير معين منا تقتضيه حكمتنا، جعلناه ساكنا مستقرا في الأرض، لتنعموا به عن طريق استخراجه من الآبار والعيون وغيرها.

وفي هذه الجملة الكريمة إشارة إلى أن المياه الجوفية الموجودة في باطن الأرض، مستمدة من المياه النازلة من السحاب عن طريق المطر.

وهذا ما قررته النظريات العلمية الحديثة بعد مئات السنين من نزول القرآن الكريم. وبعد أن بقي العلماء دهورا طويلة، يظنون أن المياه التي في جوف الأرض، لا علاقة لها بالمياه النازلة على الأرض عن طريق المطر.

وقوله- سبحانه-: وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ بيان لمظهر من مظاهر قدرته ورأفته ورحمته- تعالى- بعباده.

أى: وإنا على إذهاب هذا الماء الذي أسكناه في باطن الأرض لقادرون، بأن نجعله يتسرب إلى أسفل طبقات الأرض فلا تستطيعون الوصول إليه، أو بأن نزيله من الأرض إزالة تامة، لأن القادر على إنزاله قادر على إزالته وإذهابه، ولكنا لم نفعل ذلك رحمة بكم، وشفقة عليكم، فاشكرونا على نعمنا وضعوها في مواضعها الصحيحة.

قال صاحب الكشاف: «قوله: عَلى ذَهابٍ بِهِ من أوقع النكرات وأحزها للمفصل.

والمعنى: على وجه من وجوه الذهاب به، وطريق من طرقه، وفيه إيذان باقتدار المذهب، وأنه لا يتعايى عليه شيء إذا أراده، وهو أبلغ في الإبعاد، من قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ.

فعلى العباد أن يستعظموا النعمة في الماء. ويقيدوها بالشكر الدائم، ويخافوا نفارها إذا لم تشكر.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ. ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ....

يذكر تعالى نعمه على عبيده التي لا تعد ولا تحصى ، في إنزاله القطر من السماء ) بقدر ) أي : بحسب الحاجة ، لا كثيرا فيفسد الأرض والعمران ، ولا قليلا فلا يكفي الزروع والثمار ، بل بقدر الحاجة إليه من السقي والشرب والانتفاع به ، حتى إن الأراضي التي تحتاج ماء كثيرا لزرعها ولا تحتمل دمنتها إنزال المطر عليها ، يسوق إليها الماء من بلاد أخرى ، كما في أرض مصر ، ويقال لها : " الأرض الجرز " ، يسوق الله إليها ماء النيل معه طين أحمر يجترفه من بلاد الحبشة في زمان أمطارها ، فيأتي الماء يحمل طينا أحمر ، فيسقي أرض مصر ، ويقر الطين على أرضهم ليزرعوا فيه ، لأن أرضهم سباخ يغلب عليها الرمال ، فسبحان اللطيف الخبير الرحيم الغفور .

وقوله : ( فأسكناه في الأرض ) أي : جعلنا الماء إذا نزل من السحاب يخلد في الأرض ، وجعلنا في الأرض قابلية له ، تشربه ويتغذى به ما فيها من الحب والنوى .

وقوله : ( وإنا على ذهاب به لقادرون ) أي : لو شئنا ألا تمطر لفعلنا ، ولو شئنا لصرفناه عنكم إلى السباخ والبراري [ والبحار ] والقفار لفعلنا ، ولو شئنا لجعلناه أجاجا لا ينتفع به لشرب ولا لسقي لفعلنا ، ولو شئنا لجعلناه لا ينزل في الأرض ، بل ينجر على وجهها لفعلنا . ولو شئنا لجعلناه إذا نزل فيها يغور إلى مدى لا تصلون إليه ولا تنتفعون به لفعلنا . ولكن بلطفه ورحمته ينزل عليكم الماء من السحاب عذبا فراتا زلالا فيسكنه في الأرض ويسلكه ينابيع في الأرض ، فيفتح العيون والأنهار ، فيسقي به الزروع والثمار ، وتشربون منه ودوابكم وأنعامكم ، وتغتسلون منه وتتطهرون وتتنظفون ، فله الحمد والمنة .

يقول تعالى ذكره: وأنـزلنا من السماء ما في الأرض من ماء فأسكناه فيها.

كما: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج: ( وَأَنـزلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرْضِ ) ماء هو من السماء.

وقوله: ( وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ) يقول جل ثناؤه: وإنا على الماء الذي أسكناه في الأرض لقادرون أن نذهب به ، فتهلكوا أيها الناس عطشا ، وتخرب أرضوكم، فلا تنبت زرعا ولا غرسا، وتهلك مواشيكم، يقول: فمن نعمتي عليكم تركي ذلك لكم في الأرض جاريا.

التدبر :

وقفة
[18] ﴿وأنزلنا من السماء ماء﴾ ماء السماء إذا نزل من رحمة الله؛ يحيي الأرض بعد موتها، وماء العين إذا نزل من خشية الله؛ يحيي القلوب بعد قسوتها.
وقفة
[18] ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ﴾ أي: بحسب الحاجة؛ لا كثيرًا فيفسد الأرض والعمران، ولا قليلًا فلا يكفي الزروع والثمار، بل بقدر الحاجة إليه من السقي والشرب والانتفاع به.
وقفة
[18] ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ﴾ لطف الله بعباده ظاهر لإنزال المطر وتيسير الانتفاع به.
وقفة
[18] ﴿وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهابٍ به لقادرون﴾ ما علَّمك الله وأسكنه قلبك، إن لم تعمل به؛ فالله على ذهابٍ به لقادر.
عمل
[18] إذا شربت اليوم وغسلت فتذكر أن نعمة الماء العذب من أكثر نعم الله الدنيوية علينا؛ فأكثر من شكر الله عليها ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾.
وقفة
[18] ﴿وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ وهذا تنبيه منه لعباده أن يشكروه على نعمته، ويقدروا عدمها ماذا يحصل به من الضرر.
وقفة
[18] ﴿وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ هل شكرتَ نعمة الماء؟ قال الزمخشري: «فعلى العباد أن يستعظموا النعمة في الماء، ويقيّدوها بالشكر الدائم، ويخافوا نفارها إذا لم تشكر».

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً:
  • الواو عاطفة. أنزل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. من السماء: جار ومجرور متعلق بأنزلنا. ماء: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ بِقَدَرٍ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة لماء أي بتقدير يسلمون معه من المضرة ويصلون الى المنفعة. أو بمقدار حاجتهم ومصلحتهم.
  • ﴿ فَأَسْكَنّاهُ فِي الْأَرْضِ:
  • معطوفة بالفاء على أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً» وتعرب إعرابها. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. بمعنى جعلناه ثابتا في الأرض.
  • ﴿ وَإِنّا عَلى ذَهابٍ بِهِ:
  • الواو عاطفة. إنّا: أصلها: اننا فأدغمت النون في النون وحصل التشديد. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» على ذهاب: جار ومجرور متعلق بخبر انّ. به: جار ومجرور متعلق بصفة لذهاب. أي على وجه من وجوه الذهاب به وطريق من طرقه.
  • ﴿ لَقادِرُونَ:
  • اللام لام الابتداء-المزحلقة-للتوكيد. قادرون: خبر «انّ» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: وانا على إنضابه لقادرون.'

المتشابهات :

المؤمنون: 18﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ
الزخرف: 11﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     الدليل الثالث: إنزال الماءِ من السماءِ، قال تعالى :
﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن ..

التفسير :

[19] فأنشأنا بهذا الماء لكم بساتين النخيل والأعناب، لكم فيها فواكه كثيرة الأنواع والأشكال، ومنها تأكلون.

{ فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ} أي:بذلك الماء{ جَنَّاتٍ} أي:بساتين{ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} خص تعالى هذين النوعين، مع أنه ينشئ منه غيرهما من الأشجار، لفضلهما ومنافعهما، التي فاقت بها الأشجار، ولهذا ذكر العام في قوله:{ لَكُمُ فيها} أي:في تلك الجنات{ فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} من تين، وأترج، ورمان، وتفاح وغيرها

ثم بين- سبحانه- الآثار الجليلة المترتبة على إنزال الماء من السماء فقال: فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ ...

أى: فأوجدنا لكم بسبب نزول الماء على الأرض بساتين متنوعة، بعضها من نخيل، وبعضها من أعناب، وبعضها منهما معا، وبعضها من غيرهما.

وخص النخيل والأعناب بالذكر، لكثرة منافعهما، وانتشارهما في الجزيرة العربية، أكثر من غيرهما.

لَكُمْ فِيها أى: في تلك الجنات فَواكِهُ كَثِيرَةٌ تتلذذون بها في مأكلكم وَمِنْها. أى: ومن هذه البساتين والجنات تَأْكُلُونَ ما تريدون أكله منها في كل الأوقات.

وقوله : ( فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب ) يعني : فأخرجنا لكم بما أنزلنا من الماء ) جنات ) أي : بساتين وحدائق ذات بهجة ، أي : ذات منظر حسن .

وقوله : ( من نخيل وأعناب ) أي : فيها نخيل وأعناب . وهذا ما كان يألف أهل الحجاز ، ولا فرق بين الشيء وبين نظيره ، وكذلك في حق كل أهل إقليم ، عندهم من الثمار من نعمة الله عليهم ما يعجزون عن القيام بشكره .

وقوله : ( لكم فيها فواكه كثيرة ) أي : من جميع الثمار ، كما قال : ( ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات ) [ النحل : 11 ] .

وقوله : ( ومنها تأكلون ) كأنه معطوف على شيء مقدر ، تقديره : تنظرون إلى حسنه ونضجه ، ومنه تأكلون .

يقول تعالى ذكره: فأحدثنا لكم بالماء الذي أنـزلناه من السماء بساتين من نخيل وأعناب ( لَكُمْ فِيهَا ) يقول: لكم في الجنات فواكه كثيرة.( وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ) يقول: ومن الفواكه تأكلون، وقد يجوز أن تكون الهاء والألف من ذكر الجنات، ويحتمل أن تكون من ذكر النخيل والأعناب. وخصّ جل ثناؤه الجنات التي ذكرها في هذا الموضع، فوصفها بأنها من نخيل وأعناب ، دون وصفها بسائر ثمار الأرض; لأن هذين النوعين من الثمار كانا هما أعظم ثمار الحجاز وما قرب منها، فكانت النخيل لأهل المدينة، والأعناب لأهل الطائف، فذكَّر القوم بما يعرفون من نعمة الله عليهم، بما أنعم به عليهم من ثمارها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[19] ﴿فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ قال الرازي: «وإنما ذكر تعالى النخيل والأعناب لكثرة منافعهما، فإنهما يقومان مقام الطعام، ومقام الإدام، ومقام الفواكه رطبًا ويابسًا».

الإعراب :

  • ﴿ فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ:
  • معطوفة بالفاء على «أنزلنا» وتعرب إعرابها. لكم به: جاران ومجروران متعلقان بأنشأنا والميم علامة الجمع.
  • ﴿ جَنّاتٍ:
  • مفعول به منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.
  • ﴿ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «جنات» وأعناب معطوفة بالواو على «نخيل» وتعرب إعرابها.
  • ﴿ لَكُمْ فِيها فَااكِهُ كَثِيرَةٌ:
  • الجملة الاسمية: في محل جر صفة-نعت- لنخيل وأعناب. بمعنى: أن ثمرها جامع بين أمرين: فاكهة يتفكه بها، وطعام يؤكل رطبا ويابسا وعنبا وتمرا زبيبا. لكم: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من فواكه والميم علامة جمع الذكور. فيها: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. فواكه: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة والكلمة ممنوعة من الصرف-التنوين-على وزن-مفاعل-كثيرة: صفة-نعت-لفواكه مرفوعة مثلها بالضمة.
  • ﴿ وَمِنْها تَأْكُلُونَ:
  • الواو عاطفة. منها: جار ومجرور متعلق بتأكلون. تأكلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

الزخرف: 73﴿لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ
النحل: 5﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
المؤمنون: 19﴿فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
المؤمنون: 21﴿نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
غافر: 79﴿اللَّـهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     الدليل الرابع: إنبات النباتِ، قال تعالى :
﴿ فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء ..

التفسير :

[20] وأنشأنا لكم به شجرة الزيتون التي تخرج حول جبل طور «سيناء»، يعصر منها الزيت، فيدَّهن ويؤتدم به.

{ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ} وهي شجرة الزيتون، أي:جنسها، خصت بالذكر، لأن مكانها خاص في أرض الشام، ولمنافعها، التي ذكر بعضها في قوله:{ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} أي:فيها الزيت، الذي هو دهن، يستعملاستعماله من الاستصباح به، واصطباغ الآكلين، أي:يجعل إداما للآكلين، وغير ذلك من المنافع.

والمراد بالشجرة في قوله- تعالى- بعد ذلك: وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ ... ،

شجرة الزيتون. وهي معطوفة على «جنات» من عطف الخاص على العام.

أى: فأنشأنا لكم بسبب هذا الماء النازل من السماء، جنات، وأنشأنا لكم بسببه- أيضا- شجرة مباركة تخرج من هذا الوادي المقدس الذي كلم الله- تعالى- عليه موسى- عليه السلام- وهو المعروف بطور سيناء. أى: بالجبل المسمى بهذا الاسم في منطقة سيناء، ومكانها معروف.

قالوا: وكلمة سيناء- بفتح السين والمد على الراجح- معناها: الحسن باللغة النبطية.

أو معناها: الجبل المليء بالأشجار. وقيل: مأخوذة من السنا بمعنى الارتفاع.

وخصت شجرة الزيتون بالذكر: لأنها من أكثر الأشجار فائدة بزيتها وطعامها وخشبها، ومن أقل الأشجار- أيضا- تكلفة لزارعها.

وخص طور سيناء بإنباتها فيه، مع أنها تنبت منه ومن غيره، لأنها أكثر ما تكون انتشارا في تلك الأماكن، أو لأن منبتها الأصلى كان في هذا المكان، ثم انتقلت منه إلى غيره من الأماكن.

وقوله: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ بيان لمنافع هذه الشجرة على سبيل المدح، والتعليل لإفرادها بالذكر.

والدهن: عصارة كل شيء ذي دسم. والمراد به هنا: زيت الزيتون.

وقراءة الجمهور: تَنْبُتُ- بفتح التاء وضم الباء- على أنه مضارع نبت الثلاثي.

فيكون المعنى: هذه الشجرة من مزاياها أنها تنبت مصحوبة وملتبسة بالدهن الذي يستخرج من زيتونها. فالباء في قوله بِالدُّهْنِ للمصاحبة والملابسة، كما تقول: خرج فلان بسلاحه. أى: مصاحبا له.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: تنبت- بضم التاء وكسر الباء- من أنبت بمعنى نبت. أو:

من أنبت المتعدى بالهمزة، كأنبت الله الزرع. والتقدير: تنبت ثمارها مصحوبة بالدهن.

والصبغ في الأصل: يطلق على الشيء الذي يصبغ به الثوب. والمراد به هنا: الإدام لأنه يصبغ الخبز، ويجعله كأنه مصبوغ به.

أى: أن من فوائد هذه الشجرة المباركة أنها يتخذ منها الزيت الذي ينتفع به، والإدام الذي يحلو معه أكل الخبز والطعام.

روى الإمام أحمد عن مالك بن ربيعة الساعدي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة» .

وقوله : ( وشجرة تخرج من طور سيناء ) يعني : الزيتونة . والطور : هو الجبل . وقال بعضهم : إنما يسمى طورا إذا كان فيه شجر ، فإن عري عنها سمي جبلا لا طورا ، والله أعلم . وطور سيناء : هو طور سينين ، وهو الجبل الذي كلم [ الله ] عليه موسى بن عمران ، عليه السلام ، وما حوله من الجبال التي فيها شجر الزيتون .

وقوله : ( تنبت بالدهن ) : قال بعضهم : الباء زائدة ، وتقديره : تنبت الدهن ، كما في قول العرب : ألقى فلان بيده ، أي : يده . وأما على قول من يضمن الفعل فتقديره : تخرج بالدهن ، أو تأتي بالدهن; ولهذا قال : ( وصبغ ) أي : أدم ، قاله قتادة . ) للآكلين ) أي : فيها ما ينتفع به من الدهن والاصطباغ ، كما قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن عبد الله بن عيسى ، عن عطاء الشامي ، عن أبي أسيد واسمه مالك بن ربيعة الساعدي الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلوا الزيت وادهنوا به ; فإنه من شجرة مباركة " .

وقال عبد بن حميد في مسنده وتفسيره : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ائتدموا بالزيت وادهنوا به ، فإنه يخرج من شجرة مباركة " .

ورواه الترمذي وابن ماجه من غير وجه ، عن عبد الرزاق . قال الترمذي : ولا يعرف إلا من حديثه ، وكان يضطرب فيه ، فربما ذكر فيه عمر وربما لم يذكره .

قال أبو القاسم الطبراني : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، حدثني الصعب بن حكيم بن شريك بن نملة ، عن أبيه عن جده ، قال : ضفت عمر بن الخطاب ليلة عاشوراء ، فأطعمني من رأس بعير بارد ، وأطعمنا زيتا ، وقال : هذا الزيت المبارك الذي قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم .

يقول تعالى ذكره: وأنشأنا لكم أيضا شجرة تخرج من طور سيناء وشجرة منصوبة عطفا على الجنات ويعني بها: شجرة الزيتون.

وقوله: ( تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ ) يقول: تخرج من جبل ينبت الأشجار.

وقد بيَّنت معنى الطور فيما مضى بشواهده، واختلاف المختلفين بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

وأما قوله: ( سَيْنَاءَ ) فإن القرّاء اختلفت في قراءته، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: ( سِيناء ) بكسر السين. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: ( سَيْنَاءَ ) بفتح السين، وهما جميعا مجمعون على مدّها.

والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار، بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

واختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: المبارك، كأن معنى الكلام عنده: وشجرة تخرج من جبل مبارك.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( طُورِ سَيْنَاءَ ) قال: المبارك.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ ) قال: هو جبل بالشام مبارك.

وقال آخرون: معناه: حسن.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( طُورِ سَيْنَاءَ ) قال: هو جبل حسن.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ ) الطور: الجبل بالنبطية، وسيناء، حسنة بالنبطية.

وقال آخرون: هو اسم جبل معروف.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، في قوله: ( مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ ) قال: الجبل الذي نودي منه موسى صلى الله عليه وسلم.

حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( طُورِ سَيْنَاءَ ) قال: هو جبل الطور الذي بالشام، جبل ببيت المقدس، قال: ممدود، هو بين مصر وبين أيلة.

وقال آخرون: معناه: أنه جبل ذو شجر.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عمن قاله.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن سيناء اسم أضيف إليه الطور يعرف به، كما قيل : جبلا طيئ، فأضيفا إلى طيئ، ولو كان القول في ذلك كما قال من قال : معناه : جبل مبارك، أو كما قال من قال : معناه حسن، لكان الطور منوّنا، وكان قوله سيناء من نعته، على أن سيناء بمعنى: مبارك وحسن، غير معروف في كلام العرب ، فيجعل ذلك من نعت الجبل، ولكن القول في ذلك إن شاء الله كما قال ابن عباس، من أنه جبل عرف بذلك، وأنه الحبل الذي نودي منه موسى صلى الله عليه وسلم ، وهو مع ذلك مبارك، لا أن معنى سيناء: معنى مبارك.

وقوله: ( تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ) اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( تُنْبِتُ ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار: ( تَنْبُت ) بفتح التاء، بمعنى: تنبت هذه الشجرة بثمر الدهن، وقرأه بعض قرّاء البصرة: ( تُنْبِت ) بضم التاء، بمعنى تنبت الدهن، تخرجه. وذكر أنها في قراءة عبد الله: ( تُخْرجُ الدُّهْن ) وقالوا: الباء في هذا الموضع زائدة كما قيل: أخذت ثوبه ، وأخذت بثوبه، وكما قال الراجز:

نَحْــنُ بَنُـو جَـعْدَةَ أرْبـابُ الفَلَـجْ

نَضْـرِبُ بِـالبيضِ وَنَرْجُـو بـالفَرَج (1)

بمعنى: ونرجو الفرج. والقول عندي في ذلك أنهما لغتان: نبت، وأنبت; ومن أنبت قول زهير:

رأيْـتَ ذوي الحاجـاتِ حَـوْلَ بُيُوتِهِمْ

قَطِينـا لَهُـمْ حـتى إذا أنْبَـتَ البَقْـلُ (2)

ويروى: نبت، وهو كقوله: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ و " فاسر "، غير أن ذلك وإن كان كذلك، فإن القراءة التي لا أختار غيرها في ذلك قراءة من قرأ: ( تَنْبُت ) بفتح التاء؛ لإجماع الحجة من القرّاء عليها. ومعنى ذلك: تَنْبُت هذه الشجرة بثمر الدهن.

كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ) قال: بثمره.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُريج، عن مجاهد، مثله.

والدهن الذي هو من ثمره الزيت، كما حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ) يقول: هو الزيت يوكل، ويدهن به.

وقوله: ( وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ ) يقول: تنبت بالدهن وبصبغ للآكلين، يصطبغ بالزيت الذين يأكلونه.

كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ ) قال: هذا الزيتون صبغ للآكلين، يأتدمون به، ويصطبغون به.

قال أبو جعفر: فالصبغ عطف على الدهن.

------------------------

الهوامش :

(1) البيت لنابغة بني جعدة ( خزانة الأدب للبغدادي 4 : 160) والفلج في الأصل النهر الصغير ، والماء الجاري. والمراد في البيت : موضع في أعلى بلاد قيس . ويروى (نضرب بالسيف ) . والبيض : جمع أبيض ، وهو السيف . والبيت شاهد على زيادة الباء في قوله بالفرج ، أي ونرجو الفرج . وهي زائدة في المفعول به سماعًا . قال ابن عصفور في الضرائر : زيادة الباء هنا : ضرورة . وقال ابن السيد في شرح أدب الكاتب لابن قتيبة : إنما عدى الرجاء بالباء ، لأنه بمعنى الطمع يتعدى بالباء ، كقولك : طمعت بكذا . قال الشاعر:

طَمِعْــتُ بِلَيْــلَى أنْ تجُـودَ وَإِنَّمَـا

تُقَطِّــعُ أَعْنَــاقَ الرِّجَـالِ المَطَـامِعُ

وبنو جعدة يروى بالرفع على أنه خبر نحن ، وبالنصب على الاختصاص ، والخبر : أرباب . ا ه.

(2) البيت في (اللسان نبت ) قال : ونبت البقل وأنبت بمعنى ، وأنشد لزهير بن أبي سلمى :

إذَا السَّـنَةُ الشَّـهْبَاءُ بِالنَّـاسِ أجْحَـفَتْ

وَنَـالَ كِـرَامَ النَّاسِ فِي الحَجْرةِ الأَكلُ

ثم قال : يعني بالشهباء البيضاء من الجدب ، لأنها تبيض بالثلج أو عدم النبت . والحجرة السنة الشديدة التي تحجر الناس في بيوتهم ، فينحروا كرائم إبلهم ليأكلوها . والقطين : الحشم، وسكان الدار. وأجحفت أضرت بهم ، وأهلكت أموالهم . قال : ونبت وأنبت : مثل قولهم مطرت السماء وأمطرت . وقال في قوله تعالى : {تنبت بالدهن} قرأ ابن كثير وأبو عمرو الحضرمي : {تنبت} بضم في التاء ، وكسر الباء . وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن عامر : بفتح التاء . وقال الفراء : هما لغتان : نبتت الأرض وأنبتت ، قال ابن سيده : أما تنبت ( بضم التاء) فذهب كثير من الناس إلى أن معناه : تنبت الدهن ، أي شجر الدهن ، أو حب الدهن ، وأن الباء فيه زائدة ، وكذلك قول عنترة " شربت بماء الدحرضين ... البيت " قالوا: أراد شربت ماء الدحرضين. قال : وهذا عند حذاق أصحابنا على غير وجه الزيادة ، وإنما تأويله والله أعلم : تنبت ما تنبته والدهن فيها ، كما تقول : خرج زيد بثيابه عليه؛ وركب الأمير بسيفه ، أي وسيفه معه . ا هـ .

التدبر :

عمل
[20] ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ﴾ اجعل في طعامك زيت الزيتون؛ فإنه من شجرة مباركة، وفيه من المنافع الشيء الكثير.
وقفة
[20] ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ﴾ التنويه بمنزلة شجرة الزيتون.
لمسة
[20] ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ﴾ خص الله شجرة الزيتون بالذكر؛ لأنها من أكثر الأشجار فائدة بزيتها وطعامها وخشبها، ومن أقل الأشجار تكلفة في زراعتها، وخص طور سيناء بإنباتها فيه، مع أنها تنبت منه ومن غيره؛ لأنها أكثر ما تكون انتشارًا في تلك الأماكن، أو لأن منبتها الأصلي كان في هذا المكان.
وقفة
[20] ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ﴾ المرادُ بها: شجرة الزيتون، فإِن قلتَ: لمَ خصَّها بطور سيناء، مع أنها تخرج من غيره أيضًا؟! قلت: أصلُها منه، ثمَّ نُقِلتْ إلى غيرهِ.
وقفة
[20] ﴿وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ﴾ الصبغ يطلق على الشيء الذي يصبغ به الثوب، لكن المراد به هنا: الإدام؛ لأنه يصبغ الخبز، ويجعله كأنه مصبوغ به، وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» [الترمذي 1852، وصححه الألباني].

الإعراب :

  • ﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ:
  • معطوفة بالواو على «جنات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة بمعنى: وأنبتنا لكم أيضا شجرة. تخرج: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي والجملة الفعلية «تخرج» في محل نصب صفة-نعت-لشجرة.
  • ﴿ مِنْ طُورِ سَيْناءَ:
  • جار ومجرور متعلق بتخرج. سيناء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف- التنوين-لأنه منته بألف تأنيث ويجوز أن تكون الكلمة مركبة من مضاف ومضاف اليه على أنه اسم جبل. ولو جاءت الكلمة مكسورة السين لمنعت من الصرف لأنها تكون اسما لبقعة فيكون المنع للتعريف والعجمة أو التأنيث.
  • ﴿ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب حال بمعنى: تنبت وفيها الدهن. وهي شجرة الزيتون تنبت ثمراتها مصحوبة بالزيت. تنبت: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي: بالدهن: الباء حرف جر زائد و «الدهن» اسم مجرور لفظا منصوب محلا بتقدير: تنبت الدهن أو يكون الباء متعلقا بحال محذوفة أي تنبت زيتونها مصحوبا بالدهن فيكون المفعول محذوفا.
  • ﴿ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ:
  • معطوفة بالواو على «بالدهن» وتعرب مثلها. للآكلين: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «صبغ» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد بمعنى تنبت مصحوبة بالزيت وأدم للآكلين. لأن «صبغ» هو ما يصبغ به الخبز ويؤكل.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الجنَّات؛ ذكرَ هنا شجرة الزيتون، من باب عطف الخاص على العام، قال تعالى:
﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

سيناء:
وقرئ:
1- بكسر السين، وهى لغة لبنى كنانة، وهى قراءة الحرميين، وأبى عمرو، والحسن.
2- بفتحها، وهى لغة سائر العرب، وهى قراءة عمر بن الخطاب، وباقى السبعة.
3- سينى، مقصورا وبفتح السين.
تنبت:
1- بفتح التاء، وضم الباء، والباء، فى «بالدهن» على هذا، باء الحال، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضم التاء وكسر الباء، والباء فى «بالدهن» على هذا، زائدة، وهى قراءة ابن كثير، وأبى عمرو، وسلام، وسهل، ورويس، والجحدري.
3- بضم التاء وفتح الباء، مبنيا للمفعول، وهى قراءة الحسن، والزهري، وابن هرمز.
4- تنبت الدهن، بضم التاء وكسر الباء، و «الدهن» بالنصب، وهى قراءة زر بن حبيش.
الدهن:
وقرئ:
بالدهان، وهى قراءة سليمان بن عبد الملك، والأشهب.
وصبغ:
وقرئ:
1- وصبغا، بالنصب، عطفا على موضع «بالدهن» ، وهى قراءة الأعمش.
2- وصباغ، وهى قراءة عامر بن عبد الملك.

مدارسة الآية : [21] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ..

التفسير :

[21] وإن لكم -أيها الناس- في الإبل والبقر والغنم لَعبرة تعتبرون بخلقها، نُسْقيكم مما في بطونها من اللبن، ولكم فيها منافع أخرى كثيرة كالصوف والجلود، ونحوهما، ومنها تأكلون.

أي:ومن نعمه عليكم، أن سخر لكم الأنعام، الإبل والبقر، والغنم، فيها عبرة للمعتبرين، ومنافع للمنتفعين{ نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا} من لبن، يخرج من بين فرث ودم، خالص سائغ للشاربين،{ وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ} من أصوافها، وأوبارها، وأشعارها، وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم{ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} أفضل المآكل من لحم وشحم.

وبعد أن بين- سبحانه- جانبا من مظاهر نعمه في الماء والنبات أتبع ذلك ببيان جانب آخر من نعمه في الأنعام والحيوان. فقال: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً ...

والأنعام: تطلق على الإبل والبقر والغنم. وقد تطلق على الإبل خاصة.

والعبرة: اسم من الاعتبار، وهو الحالة التي تجعل الإنسان يعتبر ويتعظ بما يراه ويسمعه.

أى: وإن لكم- أيها الناس- فيما خلق الله لكم من الأنعام لعبرة وعظة، تجعلكم تخلصون العبادة لله- تعالى- وتشكرونه على آلائه.

وقوله- سبحانه-: نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها، وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ.... بيان لمواطن العبرة، وتعريف بأوجه النعمة.

أى: نسقيكم مما في بطونها من ألبان خالصة، تخرج من بين فرث ودم، ولكم في هذه الأنعام منافع كثيرة، كأصوافها وأوبارها وأشعارها، ومنها تأكلون من لحومها، ومما يستخرج من ألبانها.

وقوله : ( وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها وعلى الفلك تحملون ) : يذكر تعالى ما جعل لخلقه في الأنعام من المنافع ، وذلك أنهم يشربون من ألبانها الخارجة من بين فرث ودم ، ويأكلون من حملانها ، ويلبسون من أصوافها وأوبارها وأشعارها ، ويركبون ظهورها ويحملونها الأحمال الثقال إلى البلاد النائية عنهم ، كما قال تعالى : ( وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم ) [ النحل : 7 ] ، وقال تعالى : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون . وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون . ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون ) [ يس : 71 73 ] .

يقول تعالى ذكره: ( وَإِنَّ لَكُمْ ) أيها الناس ( فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ) تعتبرون بها، فتعرفون بها أيادي الله عندكم، وقدرته على ما يشاء، وأنه الذي لا يمتنع عليه شيء أراده ولا يعجزه شيء شاءه ( نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا ) من اللبن الخارج من بين الفرث والدم، ( وَلَكُمْ ) مع ذلك

( فِيهَا ) يعني في الأنعام ( مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ ) وذلك كالإبل التي يُحمل عليها، ويُركب ظهرها، ويُشرب درّها، (وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) يعني من لحومها تأكلون.

التدبر :

وقفة
[21] ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً﴾ بيان للنعم الواصلة إليهم من جهة الحيوان إثر بيان النعم الفائضة من جهة الماء والنبات.
وقفة
[21] ﴿نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا﴾ إعجاز أن يخرج مستخلصًا من بين الفرث والدم بقدرة الله، فيتحول إلى طهارة وإلى طعام تشتهيه النفوس، ويصير من أنفع الأغذية.
وقفة
[21] ﴿نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا﴾ هل تعلم أن تناول نصف لتر من الحليب يوميًا قد يحمي الرجال من الإصابة بداء السكري وأمراض القلب بنسبة 50 % وفق دراسة قامت بها جامعة كارديف، استغرق إجراؤها ۲۰ عامًا، وشملت ۲375 رجلًا.
وقفة
[21] ﴿نُسقيكُم مِمّا في بُطونِها وَلَكُم فيها مَنافِعُ كَثيرَةٌ وَمِنها تَأكُلونَ﴾ هذا الترتيب قد يكون -والله أعلم- ترتيبًا عمريًا؛ فهى أولًا صغيرة السن تلد وتدر لبنًا، وبعد ذلك تُستخدم فى نقل الأغراض والركوب، ثم بعد ذلك تُذبح لتؤكل لحومها.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً:
  • الواو: استئنافية. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. لكم: جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المقدم والميم علامة جمع الذكور. في الأنعام: جار ومجرور متعلق بحال من «عبرة» اللام لام التوكيد «المزحلقة» عبرة: اسم «إنّ» المؤخر منصوب بالفتحة. والأنعام: جمع «نعم» وهي الإبل والبقر والغنم.
  • ﴿ نُسْقِيكُمْ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. والجملة لا محل لها للتعليل.
  • ﴿ مِمّا فِي بُطُونِها:
  • جار ومجرور متعلق بنسقي و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن. في بطون: جار ومجرور متعلق بفعل مضمر أو جملة مضمرة أي: مما استقر أو هو مستقر في بطونها. والجملة استقر في بطونها «صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. و «ها» ضمير متصل في محل جر مضاف اليه بمعنى: من البانها.
  • ﴿ وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ:
  • الواو استئنافية. لكم: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم والميم علامة جمع الذكور. فيها: جار ومجرور متعلق بحال من «منافع».منافع: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-على وزن-مفاعل-كثيرة: صفة-نعت-لمنافع مرفوعة مثلها بالضمة. بمعنى: ولكم فيها منافع من عملها ووبرها وركوبها وصوفها.
  • ﴿ وَمِنْها تَأْكُلُونَ:
  • الواو عاطفة. منها: جار ومجرور متعلق بتأكلون. تأكلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

النحل: 66﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ
المؤمنون: 21﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     الدليل الخامس: خلق الأنعامِ، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ

التفسير :

[22] وعلى الإبل والسفن في البر والبحر تُحْمَلون.

{ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} أي:جعلها سفنا لكم في البر، تحملون عليها أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، كما جعل لكم السفن في البحر تحملكم، وتحمل متاعكم، قليلا [كان] أو كثيرا، فالذي أنعم بهذه النعم، وصنف أنواع الإحسان، وأدر علينا من خيره المدرار، هو الذي يستحق كمال الشكر، وكمال الثناء، والاجتهاد في عبوديته، وأن لا يستعان بنعمه على معاصيه.

عَلَيْها

أى: وعلى هذه الأنعام، والمراد بها هنا: الإبل خاصة عَلَى الْفُلْكِ

أى: السفن التي تجرى في البحرحْمَلُونَ

بقدرتنا ومنتنا، حيث تحمل هذه الإبل وتلك لسفن أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ...

وقريب من هاتين الآيتين في المعنى قوله- تعالى-: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ

.

وقوله- سبحانه-: وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها، وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ، وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا، وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ.

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد ذكرت لنا أنواعا من نعم الله- تعالى- على عباده، هذه النعم التي تدل على كمال قدرته، وعظيم رحمته.

وبعد أن بين- سبحانه- دلائل قدرته عن طريق خلق الإنسان، وعن طريق خلقه لهذه الكائنات التي يشاهدها الإنسان وينتفع بها ... أتبع ذلك بالحديث عن بعض الرسل- عليهم الصلاة والسلام- وعن موقف أقوامهم منهم، وعن سوء عاقبة المكذبين لرسل الله- تعالى- وأنبيائه. وابتدأ- سبحانه- الحديث عن جانب من قصة نوح مع قومه، فقال- تعالى-:

وقوله : ( وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها وعلى الفلك تحملون ) : يذكر تعالى ما جعل لخلقه في الأنعام من المنافع ، وذلك أنهم يشربون من ألبانها الخارجة من بين فرث ودم ، ويأكلون من حملانها ، ويلبسون من أصوافها وأوبارها وأشعارها ، ويركبون ظهورها ويحملونها الأحمال الثقال إلى البلاد النائية عنهم ، كما قال تعالى : ( وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم ) [ النحل : 7 ] ، وقال تعالى : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون . وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون . ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون ) [ يس : 71 73 ] .

وقوله: ( وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ) يقول: وعلى الأنعام، وعلى السفن تحملون على هذه في البر ، وعلى هذه في البحر.

التدبر :

وقفة
[22] ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ كما ذكر النعمة في السير على الأرض؛ أخبرهم أنه أنعم عليهم بالفلك في السير على الماء.
وقفة
[22] ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ لما ذكر الفلك والسير على الماء؛ ذكر بعدها نوحًا عليه السلام صاحب الفلك، وقدم السورة بذكر الامتنان عليهم بنعم من السماء والأرض، وهداهم في البر والبحر، كل هذا مقدمة لنعمة أكبر، هي نعمة إرسال الرسل إليهم، وأولهم نوح عليه السلام.
عمل
[22] ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ قل عند ركوب الدابة: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ».
لمسة
[22] ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ الأنعام سفائن البر كما أن الفلك سفائن البحر؛ لذا قرنهما ببعض.

الإعراب :

  • ﴿ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ:
  • الواو عاطفة. عليها: جار ومجرور متعلق بتحملون. الواو عاطفة. على الفلك: جار ومجرور متعلق بتحملون.
  • ﴿ تُحْمَلُونَ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.'

المتشابهات :

المؤمنون: 22﴿ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
غافر: 80﴿وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ أن في الأنعام منافع أخرى كثيرة؛ قرنها هنا بالفُلك؛ لأن وجه الانتفاع بالإبل في المحمولات على البَرِّ بمنزلة الانتفاع بالفلك في البحر، قال تعالى:
﴿ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ ..

التفسير :

[23] ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه، بدعوة التوحيد فقال لهم:اعبدوا الله وحده، ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جلَّ وعلا، فأخلصوا له العبادة، أفلا تخشون عذابه؟

يذكر تعالى رسالة عبده ورسوله نوح عليه السلام، أول رسول أرسله لأهل الأرض، فأرسله إلى قومه، وهم يعبدون الأصنام، فأمرهم بعبادة الله وحده، فقال:{ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} أي:أخلصوا له العبادة، لأن العبادة لا تصح إلا بإخلاصها.{ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} فيه إبطال ألوهية غير الله، وإثبات الإلهية لله تعالى، لأنه الخالق الرازق، الذي له الكمال كله، وغيره بخلاف ذلك.{ أَفَلَا تَتَّقُونَ} ما أنتم عليه من عبادة الأوثان والأصنام، التي صورت على صور قوم صالحين، فعبدوها مع الله، فاستمر على ذلك، يدعوهم سرا وجهارا، وليلا ونهارا، ألف سنة إلا خمسين عاما، وهم لا يزدادون إلا عتوا ونفورا.

تلك هي قصة نوح- عليه السلام- مع قومه، كما وردت في هذه السورة الكريمة، وقد وردت بصورة أكثر تفصيلا في سورتي هود ونوح.

وينتهى نسب نوح- عليه السلام- إلى شيث بن آدم- عليه السلام-. وقد ذكر نوح في القرآن في ثلاثة وأربعين موضعا.

قال الجمل في حاشيته: وعاش نوح من العمر ألف سنة وخمسين، لأنه أرسل على رأس الأربعين ومكث يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، وعاش بعد الطوفان ستين سنة.

وقدمت قصته هنا على غيره، لتتصل بقصة آدم المذكورة في قوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ للمناسبة بينهما من حيث إن نوحا يعتبر آدم الثاني، لانحصار النوع الإنسانى بعده في نسله.

وقوم الرجل: أقر باؤه الذين يجتمعون معه في جد واحد. وقد يقيم الرجل بين قوم ليس منهم في نسبه، فيسميهم قومه على سبيل المجاز، لمجاورته لهم.

وكان قوم نوح يعبدون الأصنام. فأرسل الله- تعالى- إليهم نوحا لينهاهم عن ذلك، وليأمرهم بإخلاص العبادة لله- تعالى-.

واللام في قوله- سبحانه-: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ ... واقعة في جواب قسم محذوف.

أى: والله لقد أرسلنا نبينا نوحا- عليه السلام- إلى قومه، ليخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.

وقوله- سبحانه- فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ ... حكاية لما وجهه إليهم من نصائح وإرشادات.

أى: أرسلنا نوحا إلى قومه، فقال لهم ما قاله كل نبي: يا قوم اعبدوا الله وحده، فإنكم ليس لكم إله سواه، فهو الذي خلقكم، وهو الذي رزقكم. وهو الذي يحييكم وهو الذي يميتكم، وكل معبود غيره- سبحانه- فهو باطل.

وفي ندائهم بقوله: يا قَوْمِ تلطف في الخطاب، ليستميلهم إلى دعوته، فكأنه يقول لهم: أنتم أهلى وعشيرتي يسرني ما يسركم، ويؤذيني ما يؤذيكم، فاقبلوا دعوتي، لأنى لكم ناصح أمين.

وقوله: أَفَلا تَتَّقُونَ تحذير لهم من الإصرار على شركهم، بعد ترغيبهم في عبادة الله- تعالى- وحده بألطف أسلوب.

أى: أفلا تتقون الله- تعالى- وتخافون عقوبته، بسبب عبادتكم لغيره، مع أنه- سبحانه- هو الذي خلقكم فالاستفهام للإنكار والتوبيخ.

يخبر تعالى عن نوح ، عليه السلام ، حين بعثه إلى قومه ، لينذرهم عذاب الله وبأسه الشديد ، وانتقامه ممن أشرك به وخالف أمره وكذب رسله ، ( فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ) أي : ألا تخافون من الله في إشراككم به؟!

يقول تعالى ذكره: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ ) داعيهم إلى طاعتنا وتوحيدنا، والبراءة من كل معبود سوانا، ( فَقَالَ ) لهم نوح ( يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ) يقول: قال لهم: ذلوا يا قوم لله بالطاعة ( مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) يقول: ما لكم من معبود يجوز لكم أن تعبدوه غيره، ( أَفَلا تَتَّقُونَ ) يقول: أفلا تخشون بعبادتكم غيره عقابه أن يحلّ بكم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[23] ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ﴾ كرر ذكر قصة نوح لما فيها من عظيم العبر من طول مقامه في قومه لمئات السنين، ومقاساته منهم البلاء المبين، وكمال صبره على دعوتهم رغم قلة المستجيبين.
وقفة
[23] ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ﴾ قصة نوح عليه السلام متضمنة في أكثر من عشر سور تقريبًا في القرآن الكريم، وفي القصص القرآني عمومًا ليس هنالك تكرار، وإنما يُذكَر في كل موضع ما يناسب المقام الذي وردت فيه، وما يُراد أن يسلط عليه الضوء، وقد تكون القصص أحيانًا مكملة إحداها للأخرى، يعني يُذكر في السورة ما تكمل السورة التي قبلها.
عمل
[23] ﴿اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ﴾ أكثر من العبادة الخالصة لله سبحانه.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا:
  • الواو: استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. أرسل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ نُوحاً إِلى قَوْمِهِ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة وقد صرف لأنه ثلاثي أوسطه ساكن. الى قومه: جار ومجرور متعلق بأرسلنا. والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَقالَ يا قَوْمِ:
  • الفاء: سببية. قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. يا: أداة نداء. قوم: منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على ياء المتكلم المحذوفة. والياء المحذوفة خطا واختصارا اكتفاء بالكسرة ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ اعْبُدُوا اللهَ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب مفعول به-مقول القول- اعبدوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. أي اعبدوا الله وحده.
  • ﴿ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ:
  • الجملة استئنافية تفيد التعليل للأمر بالعبادة. ما: نافية لا عمل لها. لكم: جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. من: حرف جر زائد للتأكيد. اله: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر. غيره: صفة-نعت-مرفوع لأنه معطوف على موصوف مرفوع محلا وعلامة رفعه الضمة. والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف اليه. بمعنى ما لكم إله غيره.
  • ﴿ أَفَلا تَتَّقُونَ:
  • الألف ألف توبيخ بلفظ‍ استفهام. الفاء زائدة-تزيينية-. لا: نافية لا عمل لها. تتقون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بمعنى أفلا تخافون أن ترفضوا عبادة الله الذي هو ربكم وخالقكم ورازقكم. ومفعول «تتقون» محذوف يفسره المعنى. وهو المصدر المؤول من «أن ترفضوا» أو أفلا تخافون عذابه وأنتم تشركون به.'

المتشابهات :

المؤمنون: 23﴿فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۖ أَفَلَا تَتَّقُونَ
المؤمنون: 32﴿فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۖ أَفَلَا تَتَّقُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     وعلى عادةِ القرآنِ بذكرِ قصصِ الأنبياءِ بعد أدلَّةِ الوحدانيةِ والقدرةِ، ذكر اللهُ هنا ما فعلَه الأنبياءُ السابقُونَ معَ أقوامِهم تسليةً للنبي صلى الله عليه وسلم عما يلقاه من أذى المشركينَ، القصَّةُ الأولى: قصَّةُ نوحٍ عليه السلام لما دعا قومَه لتوحيدِ اللهِ، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [24] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن ..

التفسير :

[24] فكذَّبه أشراف قومه، وقالوا لعامتهم:إنه إنسان مثلكم لا يتميَّز عنكم بشيء، ولا يريد بقوله إلا رئاسة وفضلاً عليكم، ولو شاء الله أن يرسل إلينا رسولاً لأرسله من الملائكة، ما سمعنا بمثل هذا فيمَن سبقنا من آباء وأجداد.

{ فَقَالَ الْمَلَأُ} من قومه الأشراف والسادة المتبوعون -على وجه المعارضة لنبيهم نوح، والتحذير من اتباعه -:{ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} أي:ما هذا إلا بشر مثلكم، قصده حين ادعى النبوة أن يزيد عليكم فضيلة، ليكون متبوعا، وإلا فما الذي يفضله عليكم، وهو من جنسكم؟ وهذه المعارضة لا زالت موجودة في مكذبي الرسل، وقد أجاب الله عنها بجواب شاف، على ألسنة رسله كما في قوله:{ قالوا} أي:لرسلهم{ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ* قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} فأخبروا أن هذا فضل الله ومنته، فليس لكم أن تحجروا على الله، وتمنعوه من إيصال فضله علينا.

وقالوا هنا:{ ولو شاء الله لأنزل ملائكة} وهذه أيضا معارضة بالمشيئة باطلة، فإنه وإن كان لو شاء لأنزل ملائكة، فإنه حكيم رحيم، حكمته ورحمته تقتضي أن يكون الرسول من جنس الآدميين، لأن الملك لا قدرة لهم على مخاطبته، ولا يمكن أن يكون إلا بصورة رجل، ثم يعود اللبس عليهم كما كان.

وقولهم:{ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا} أي بإرسال الرسول{ فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} وأي حجة في عدم سماعهم إرسال رسول في آبائهم الأولين؟ لأنهم لم يحيطوا علما بما تقدم، فلا يجعلوا جهلهم حجة لهم، وعلى تقدير أنه لم يرسل فيهم رسولا، فإما أن يكونوا على الهدى، فلا حاجة لإرسال الرسول إذ ذاك، وإما أن يكونوا على غيره، فليحمدوا ربهم ويشكروه أن خصهم بنعمة لم تأت آباءهم، ولا شعروا بها، ولا يجعلوا عدم الإحسان على غيرهم سببا لكفرهم للإحسان إليهم.

ثم حكى- سبحانه- ما رد به قوم نوح عليه فقال: فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ...

والمراد بالملإ: أصحاب الجاه والغنى من قوم نوح. وهذا اللفظ اسم جمع لا واحد له من لفظه- كرهط- وهو مأخوذ من قولهم: فلان ملئ بكذا، إذا كان قادرا عليه. أو لأنهم متمالئون أى: متظاهرون متعاونون، أو لأنهم يملؤون القلوب والعيون مهابة ...

وفي وصفهم بالكفر: تشنيع عليهم وذم لهم، وإشعار بأنهم عريقون فيه. أى: فقال الأغنياء وأصحاب النفوذ الذين مردوا على الكفر، في الرد على نبيهم نوح عليه السلام:

ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ.

أى: قالوا لأتباعهم على سبيل التحذير من الاستماع إلى دعوة نبيهم، ما هذا، أى:

نوح عليه السلام- إلا بشر مثلكم، ومن جنسكم، ولا فرق بينكم وبينه فكيف يكون نبيّا؟

ولم يقولوا: ما نوح إلا بشر مثلكم، بل أشاروا إليه بدون ذكر اسمه، لأنهم لجهلهم وغرورهم يقصدون تهوين شأنه- عليه الصلاة والسلام- في أعين قومه.

وقولهم: يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ أى: أن نوحا جاء بما جاء به بقصد الرياسة عليكم.

ومرادهم بهذا القول: تنفير الناس منه، وحضهم على عداوته.

وقولهم: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً استبعاد منهم لكون الرسول من البشر أى:

ولو شاء الله أن يرسل رسولا ليأمرنا بعبادته وحده. لأرسل ملائكة ليفعلوا ذلك، فهم-لانطماس بصائرهم وسوء تفكيرهم- يتوهمون أن الرسول لا يكون من البشر، وإنما يكون من الملائكة.

ومفعول المشيئة محذوف. أى: ولو شاء الله عبادته وحده لأرسل ملائكة ليأمرونا بذلك، فلما لم يفعل علمنا أنه ما أرسل رسولا، فنوح- في زعمهم- كاذب في دعواه.

وقولهم: ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ أى ما سمعنا بهذا الكلام الذي جاءنا به نوح في آباءنا الأولين، الذين ندين باتباعهم، ونقتدي بهم في عبادتهم لهذه الأصنام.

فقال الملأ وهم السادة والأكابر منهم : ( ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ) يعنون : يترفع عليكم ويتعاظم بدعوى النبوة ، وهو بشر مثلكم . فكيف أوحي إليه دونكم؟ ( ولو شاء الله لأنزل ملائكة ) أي : لو أراد أن يبعث نبيا ، لبعث ملكا من عنده ولم يكن بشرا! ( ما سمعنا بهذا ) أي : ببعثة البشر في آبائنا الأولين . يعنون بهذا أسلافهم وأجدادهم والأمم الماضية .

يقول تعالى ذكره: فقالت جماعة أشراف قوم نوح، الذين جحدوا توحيد الله، وكذبوه لقومهم: ما نوح أيها القوم إلا بشر مثلكم، إنما هو إنسان مثلكم وكبعضكم ( يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ) يقول: يريد أن يصير له الفضل عليكم، فيكون متبوعا وأنتم له تبع ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأنـزلَ مَلائِكَةً ) يقول: ولو شاء الله أن لا نعبد شيئًا سواه؛ لأنـزل ملائكة، يقول: لأرسل بالدعاء إلى ما يدعوكم إليه نوح ملائكة تؤدّي إليكم رسالته. وقوله: ( مَا سَمِعْنَا بِهَذَا ) الذي يدعونا إليه نوح، من أنه لا إله لنا غير الله في القرون الماضية، وهي آباؤهم الأولون.

التدبر :

عمل
[24] ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ﴾ وجهاءُ المجتمعِ قادةٌ مؤثرون في الخيرِ أو في الشرِّ؛ فلنحرصْ على صلاحِهم.
عمل
[24] ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ في طريقك للدعوة ستقابل من يقلل من شأنك؛ فلتكن ذا ثقة بالله وبتوفيقه، وسر في طريقك بثبات.
عمل
[24] وجهاء المجتمع قادة مؤثرون في الخير أو في الشر؛ فلنحرص على صلاحهم ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾.
وقفة
[24] ﴿فَقالَ المَلَأُ الَّذينَ كَفَروا مِن قَومِهِ ما هذا إِلّا بَشَرٌ مِثلُكُم يُريدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيكُ﴾ تلك هى طبيعة الملأ على مر الأزمان وفى كل العصور: تشويه صور الصالحين المصلحين والإقلال من شأنهم.
وقفة
[24] ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ سادة القوم ظنوا أنه ما جاء بتلك الدعوة إلاّ حبًا في أن يَسُود على قومهم؛ فَخَشُوا أن تزول سيادتهم، وهم بجهلهم لا يتدبرون أحوال النفوس، ولا ينظرون مصالح الناس، ولكنهم يقيسون غيرهم على مقياس أنفسهم.
وقفة
[24] ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ مشكلة الملأ في كل زمان! الملأ هم عِلية القوم وأغنياؤهم، وهم دائمًا المنتفعون بالفساد في المجتمع، ومن مصلحتهم أن يستمر الوضع على ما هو عليه؛ لتظل لهم سلطتهم ومكانتهم؛ لذلك هم أول من يقابلون أصحاب الرسالة بالإيذاء والنكران.
وقفة
[24] ﴿ما هذا إلا بشر مثلكم﴾ كفار عقولهم فاسدة يعبدون الحجر والشجر، وينكرون النبوة للبشر!
وقفة
[24] ﴿مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ سادتهم يقيسون غيرهم على مقياس أنفسهم؛ لأنهم يخشون أن تزول سيادتهم، وهذا من جهلهم.
وقفة
[24] اعتقاد المشركين ألوهية الحجر، وتكذيبهم بنبوة البشر، دليل على سخف عقولهم ﴿مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾.
وقفة
[24] اتهام المصلح بحب الظهور والقيادة تهمة جاهلية للأنبياء؛ قال قوم نوحٍ له: ﴿ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم﴾ أي: غايته أن يفوقكم فضلًا.
وقفة
[24] ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً﴾ يؤمنون بالملائكة، ولا يؤمنون برب الملائكة.
وقفة
[24] ﴿مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ نفس الحجة التي يكررها أعداء الرسل، الحق إن أتاك أقبله، حتى لو لم يكن من شجرة العائلة الخاصة بك.
وقفة
[24] ﴿مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ ما أقبح كذبهم! وإلا فنبوة إدريس وآدم عليهما السلام لم تكن المدة بينها وبينهم طويلة بحيث تنسي، لكنها معاندة الحق.
عمل
[24] غريب ... لا يمكن ذلك ... أول مرة أسمع هذا الكلام ...؛ لا تجعل أول مسموعاتك معيارًا ومقياسًا، بل ابحث واطلع ﴿مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾.
وقفة
[24] من وسائل تشويه الحق اتهام أصحابه باختراعه واستحداثه، حتى ينفر الناس منه، وهكذا قال قوم نوح وموسى: ﴿ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين﴾.
وقفة
[24] لابد من إظهار الحق ولو لم يتبعه الناس، حتى يبقى حاضرًا في الأذهان، لأن أخطر الحجج أن يأتي جيل يقول: ﴿مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾.
وقفة
[24] ﴿مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ استبعدوا رسالة البشر، واعتقدوا ألوهية الحجر!
وقفة
[24، 25] هذه الشُّبَه التي أوردوها؛ هي في نفسها متناقضة، متعارضة؛ فقوله: ﴿مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ أثبتوا أن له عقلًا يكيدهم به ليعلوهم ويسودهم، ويحتاج مع هذا أن يحذر منه لئلا يغتر به، فكيف يلتئم مع قولهم: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾.
وقفة
[24، 25] أيها المُصْلح، هذه سيرة أعداء المُصلحين من كلِّ رسول: ينتقصونه: ﴿ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﴾، ويطعنون في نواياه: ﴿يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾! وفي عقله: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾، ويترصَّدون له: ﴿فَتَرَبَّصُوا بِهِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَقالَ الْمَلَأُ:
  • الفاء: استئنافية. قال: فعل ماض مبني على الفتح. الملأ: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع صفة-نعت- للملإ. كفروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «كفروا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ مِنْ قَوْمِهِ ما هذا:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الذين» والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. ما: نافية لا عمل لها. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة الاسمية ما هذا إِلاّ بَشَرٌ» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ:
  • إلاّ: أداة حصر لا عمل لها. بشر: خبر «هذا» مرفوع بالضمة. مثل: صفة-نعت-لبشر مرفوعة مثلها بالضمة ويجوز أن تكون بدلا من «بشر» الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-في محل جر مضاف اليه والميم علامة جمع الذكور. بمعنى ليس نوح الا بشرا مثلكم.
  • ﴿ يُرِيدُ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يريد» في محل نصب صفة ثانية لبشر.
  • ﴿ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ:
  • أن: حرف مصدرية ونصب. يتفضل: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عليكم: جار ومجرور متعلق بيتفضل والميم علامة جمع الذكور وجملة يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ» صلة الحرف المصدري لا محل لها من الاعراب. و«أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ليريد. التقدير يريد التفضل عليكم. بمعنى: يريد أن يكون سيدا عليكم بحجة رسالته أو يصير أفضل منكم.
  • ﴿ وَلَوْ شاءَ اللهُ:
  • الواو استئنافية. لو: حرف شرط‍ غير جازم. شاء: فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة ومفعوله محذوف دل عليه ما تقدمه. أي لو شاء ذلك أي ارسال رسول اليكم.
  • ﴿ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً:
  • الجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. اللام: واقعة في جواب «لو» أنزل: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. ملائكة: مفعول به منصوب بالفتحة. بمعنى: لأنزل أو لأرسل ملكا من عنده.
  • ﴿ ما سَمِعْنا بِهذا:
  • ما: نافية لا عمل لها. سمع: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. بهذا: الباء حرف جر. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بسمعنا. والاشارة الى نوح أو الى الدعوى أي ما كلمهم به من الحث على عبادة الله. بمعنى: ما سمعنا بمثل هذا الكلام أو بمثل هذا الذي يدعيه وهو بشر أنه رسول الله.
  • ﴿ فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «هذا» و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة. الأولين: صفة للآباء مجرورة مثلها وعلامة جرها الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

الأعراف: 66﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ
الأعراف: 90﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ
هود: 27﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا
المؤمنون: 24﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     ولَمَّا دعا نوحٌ عليه السلام قومَه لتوحيدِ اللهِ؛ ذكرَ اللهُ هنا رَدَّهم عليه، قال تعالى:
﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [25] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ ..

التفسير :

[25]وما نوح إلا رجل به مَسٌّ من الجنون، فانتظروا حتى يُفيق، فيترك دعوته، أو يموت، فتستريحوا منه.

{ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} أي:مجنون{ فَتَرَبَّصُوا بِهِ} أي:انتظروا به{ حَتَّى حِينٍ} إلى أن يأتيه الموت.

وهذه الشبه التي أوردوهامعارضة لنبوة نبيهم، دالة على شدة كفرهم وعنادهم، وعلى أنهم في غاية الجهل والضلال، فإنها لا تصلح للمعارضة بوجه من الوجوه، كما ذكرنا، بل هي في نفسها متناقضة متعارضة. فقوله:{ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} أثبتوا أن له عقلا يكيدهم به، ليعلوهم ويسودهم، ويحتاج -مع هذا- أن يحذر منه لئلا يغتر به، فكيف يلتئم مع قولهم:{ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} وهل هذا إلا من مشبه ضال، منقلب عليه الأمر، قصده الدفع بأي:طريق اتفق له، غير عالم بما يقول؟".

ويأبى الله إلا أن يظهر خزي من عاداه وعادى رسله.

ثم هم لا يكتفون بهذا الجمود والتحجر، بل يصفون نبيهم بما هو برىء منه فيقولون:

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ، فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ.

والجنّة: الجنون، يقال جنّ: فلان إذا أصيب بالجنون، أو إذا مسه الجن فصار في حالة خبل وجنون.

والتربص: الانتظار والترقب، أى: ما نوح- عليه السلام- الذي يدعى النبوة، إلا رجل به حالة من الجنون والخبل، فانتظروا عليه إلى وقت شفائه من هذا الجنون أو إلى وقت موته، وعندئذ تستريحون منه، ومن دعوته التي ما سمعنا بها في آبائنا الأولين.

فأنت ترى أن القوم قد واجهوا نبيهم نوحا- عليه السلام- بأقبح مواجهة حيث وصفوه بأنه يريد من وراء دعوته لهم السيادة عليهم، وأنه ليس نبيّا لأن الأنبياء لا يكونون من البشر- في زعمهم- وأنه قد خالف ما ألفوه عن آبائهم، ومن خالف ما كان عليه آباؤهم لا يجوز الاستماع إليه، وأنه مصاب بالجنون وأنه عما قريب سيأخذه الموت، أو يشفى مما هو فيه.

وهكذا الجهل والغرور والجحود ... عند ما يستولى على الناس، يحول في نظرهم الإصلاح إلى إفساد، والإخلاص إلى حب للرياسة، والشيء المعقول المقبول. إلى أى شيء غير معقول وغير مقبول، وكمال العقل ورجحانه، إلى جنونه ونقصانه.

وصدق الله إذ يقول: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ...

وقوله : ( إن هو إلا رجل به جنة ) أي : مجنون فيما يزعمه ، من أن الله أرسله إليكم ، واختصه من بينكم بالوحي ( فتربصوا به حتى حين ) أي : انتظروا به ريب المنون ، واصبروا عليه مدة حتى تستريحوا منه .

يعني تعالى ذكره مخبرا عن قيل الملأ الذين كفروا من قوم نوح: ( إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ) ما نوح إلا رجل به جنون. وقد يقال أيضا للجنّ: جنة، فيتفق الاسم والمصدر، وهو من قوله: ( إِنْ هُوَ ) كناية اسم نوح. وقوله: ( فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ ) يقول: فتلبثوا به، وتنظروا به حتى حين، يقول: إلى وقت مَّا، ولم يَعْنُوا بذلك وقتا معلوما، إنما هو كقول القائل: دعه إلى يوم مَّا، أو إلى وقت مَّا.

التدبر :

وقفة
[25] ﴿إن هو إلا رجلٌ به جنة﴾ أيها المصلحُ الأمين لا تقنط ولا تيأس وإن رُميت بالجنون فقد رُميّ من كان قبلك، وكانوا مرسلين!!!
وقفة
[25] ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ﴾ لو اتهم بالجنون رجل عادي لكان جديرًا به أن يشتاط غضبًا، فكيف وهذه التهمة الفظيعة موجهة إلى نبي من أولي العزم من الرسل؟!

الإعراب :

  • ﴿ إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ:
  • إن: نافية بمعنى «ما» هو ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ أي ما نوح. الاّ: أداة حصر لا محل لها. رجل: خبر «هو» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ بِهِ جِنَّةٌ:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع صفة-نعت-لرجل. به: جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. جنة: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة بمعنى: به جنون أو به جن يخبلونه.
  • ﴿ فَتَرَبَّصُوا بِهِ:
  • الفاء: استئنافية. تربصوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. به: جار ومجرور متعلق بتربصوا. أي فانتظروا به.
  • ﴿ حَتّى حِينٍ:
  • حتى: حرف غاية وجر. حين: اسم مجرور بحتى وعلامة جره الكسرة. والجار والمجرور متعلق بصفة لموصوف محذوف بتقدير: فتربصوا به تربصا حتى حين بمعنى: احتملوه واصبروا عليه الى زمان حتى ينكشف ادعاؤه ويظهر لكم على حقيقته.'

المتشابهات :

المؤمنون: 25﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ
المؤمنون: 38﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     ولَمَّا كذبوه ونفَوْا عنه النبوة، وحصَروا أمره في قصدِ السيادة، وكانت سيادتُه لهم بمِثْلِ هذا عندهم من المُحال؛ لذا وصفوه بالجنون، قال تعالى:
﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [26] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ

التفسير :

[26] قال نوح:رب انصرني على قومي؛ بسبب تكذيبهم إياي فيما بلَّغتهم من رسالتك.

فلما رأى نوح أنه لا يفيدهم دعاؤه إلا فرارا{ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} فاستنصر ربه عليهم، غضبا لله، حيث ضيعوا أمره، وكذبوا رسوله وقال:{ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} قال تعالى:{ وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ}

ثم يحكى القرآن بعد ذلك أن نوحا- عليه السلام- بعد أن استمع إلى ما قاله قومه في شأنه من ضلالات وسفاهات، لجأ إلى ربه- عز وجل- يشكو إليه ما أصابه منهم ويلتمس منه النصر عليهم. فقال: كما حكى القرآن عنه: رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ.

أى: قال نوح في مناجاته لربه: يا رب انصرني على هؤلاء القوم الكافرين بسبب تكذيبهم لي وتطاولهم على. وسخريتهم منى، وإصرارهم على عبادة غيرك.

يقول تعالى مخبرا عن نوح ، عليه السلام ، أنه دعا ربه يستنصره على قومه ، كما قال تعالى مخبرا [ عنه ] في الآية الأخرى : ( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ) [ القمر : 10 ] ، وقال هاهنا : ( [ قال ] رب انصرني بما كذبون )

وقوله: ( قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ) يقول: قال نوح داعيا ربه ، مستنصرا به على قومه؛ لما طال أمره وأمرهم ، وتمادوا في غيهم: ( رَبِّ انْصُرْنِي ) على قومي (بِمَا كَذَّبُونِ) يعني بتكذيبهم إياي، فيما بلَّغتُهم من رسالتك ، ودعوتهم إليه من توحيدك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[26] ﴿قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾ يحصل النصر لأهل الحق حين يكذب أهل الباطل نصوص الوحي ويردونها.
وقفة
[26] ﴿قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾ نصر الله لرسله ثابت عندما تكذبهم أممهم.
عمل
[26] ﴿قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾ اطمئن أيها المؤمن إن أطبق الناس على تكذيبك ومعاداتك؛ فإن لك ربًا لن يخذلك أبدًا سينصرك حتمًا.
وقفة
[26] ﴿قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾ الدعاء دائمًا طوق النجاة للأنبياء والأتقياء والأنقياء، بل ولكل من صوب وجهه نحو السماء.
وقفة
[26، 27] فعل السبب لا ينتفي مع الدعاء فنوح عليه السلام دعى الله بالنصر فأمره الله بالسبب -السفينة- ﴿رب انصرني بما كذبون * فأوحينا إليه أن اصنع﴾.
وقفة
[26، 27] ﴿يضيق صدرك بما يقولون * فـسبح بحمد ربك﴾ [الحجر: 97، 98]، ﴿رب انصرني بما كذبون * فأوحينا إليه أن اصنع الفلك﴾ علاج الهَم العمل، الشكوى لا تفيد كثيرًا.
وقفة
[26، 27] ﴿قال رب انصرني بما كذبون * فأوحينا إليه أن اصنع الفلك﴾ العمل والبناء حتى في الظروف الصعبة.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ رَبِّ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أي قال نوح. ربّ: منادى بأداة نداء محذوفة بتقدير: يا رب. وهو منادى مضاف منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على ياء المتكلم المحذوفة والياء المحذوفة خطا واختصارا اكتفاء بالكسرة ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ انْصُرْنِي:
  • فعل دعاء وتضرع بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون: للوقاية والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ بِما كَذَّبُونِ:
  • الباء حرف جر. ما: مصدرية. كذبون: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون للوقاية. والكسرة دالة على حذف ياء المتكلم. والياء المحذوفة خطا واختصارا اكتفاء بالكسرة ضمير متصل في محل نصب مفعول به وجملة «كذبون» صلة الحرف المصدري «ما» لا محل لها. و «ما» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بانصرني التقدير: بسبب تكذيبهم اياي ومعنى «انصرني» هنا أي أهلكهم بسبب تكذيبهم اياي أو انصرني بدل ما كذبوني.'

المتشابهات :

العنكبوت: 30﴿ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ
المؤمنون: 26﴿ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ
المؤمنون: 39﴿ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     وبعد أن استمعَ نوحًا عليه السلام إلى ما قالوه في شأنه من ضلالات وسفاهات؛ لجأ إلى ربه يشكو إليه ما أصابه منهم ويلتمس منه النصر عليهم ، قال تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

رب:
وقرئ:
بضم الياء، وهى قراءة أبى جعفر، وابن محيصن.

مدارسة الآية : [27] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ ..

التفسير :

[27] فأوحينا إليه أن اصنع السفينة بمرأى منا وبأمرنا لك ومعونتنا، وأنت في حفظنا وكِلاءتنا، فإذا جاء أمرنا بعذاب قومك بالغرق، وبدأ الطوفان، فنبع الماء بقوة من التنور -وهو المكان الذي يخبز فيه- علامة على مجيء العذاب، فأدخِلْ في السفينة من كل الأحياء ذكراً وأ

{ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ} عند استجابتنا له، سببا ووسيلة للنجاة، قبل وقوع أسبابه،{ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} أي:السفينة{ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} أي:بأمرنا لك ومعونتنا، وأنت في حفظنا وكلاءتنا بحيث نراك ونسمعك.

{ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا} بإرسال الطوفان الذي عذبوا به{ وَفَارَ التَّنُّورُ} أي:فارت الأرض، وتفجرت عيونا، حتى محل النار، الذي لم تجر العادة إلا ببعده عن الماء،{ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} أي:أدخل في الفلك من كل جنس من الحيوانات، ذكرا وأنثى، تبقى مادة النسل لسائر الحيوانات، التي اقتضت الحكمة الربانية إيجادها في الأرض،{ وَأَهْلَكَ} أي:أدخلهم{ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} كابنه،{ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي:لا تدعني أن أنجيهم، فإن القضاء والقدر، قد حتم أنهم مغرقون.

وقد أجاب الله- تعالى- دعاء عبده نوح فقال: فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أى: فأوحينا إليه في أعقاب دعائه وتضرعه.

أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا أى: أوحينا إليه أن ابتدئ يا نوح في صنع السفينة وأنت تحت رعايتنا وحفظنا، وسنرسل إليك وحينا ليرشدك إلى ما أنت في حاجة إليه من إتقان صنع السفينة، ومن غير ذلك من شئون.

وفي التعبير بقوله- سبحانه- أَنِ اصْنَعِ إشارة إلى أن نوحا- عليه السلام- قد باشر بنفسه صنع السفينة التي هي وسيلة النجاة له وللمؤمنين معه.

وفي قوله- تعالى-: بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا إشارة إلى أن نوحا بجانب مباشرته للصنع بنفسه، كان مزودا من الله- تعالى- بالعناية والرعاية وبحسن التوجيه والإرشاد عن طريق الوحى الأمين.

وذلك لأن سنة الله- تعالى- قد اقتضت أن لا يضيع عمل عباده المخلصين، الذين يبذلون أقصى جهدهم في الوصول إلى غاياتهم الشريفة.

والباء في قوله بِأَعْيُنِنا للملابسة، والجار والمجرور في موضع الحال من ضمير «اصنع» .

والفاء في قوله- سبحانه- فَإِذا جاءَ أَمْرُنا لترتيب مضمون ما بعدها على إتمام صنع السفينة.

والمراد بالأمر هنا: العذاب الذي أعده الله- تعالى- لهؤلاء الظالمين من قوم نوح- عليه السلام-. ويشهد لذلك قوله- سبحانه- في آية أخرى: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أى: من عذابه إِلَّا مَنْ رَحِمَ.

والمراد بمجيء هذا الأمر: اقتراب وقته، ودنو ساعته، وظهور علاماته وقوله- تعالى-:

وَفارَ التَّنُّورُ بيان وتفسير لمجيء هذا الأمر، وحلول وقت إهلاكهم.

وقوله: فارَ من الفوران. بمعنى شدة الغليان للماء وغيره. يقال للماء فار إذا اشتد غليانه. ويقال للنار فارت إذا عظم هيجانها. ومنه قوله- تعالى- إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ.

وللمفسرين في المراد بلفظ التَّنُّورُ أقوال منها: أن المراد به الشيء الذي يخبز فيه الخبز، وهو ما يسمى بالموقد أو الفرن.

ومنها أن المراد به وجه الأرض. أو موضع اجتماع الماء في السفينة، أو طلوع الفجر.. وقد رجح الإمام ابن جرير القول الأول فقال: وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: وهو التنور الذي يخبز فيه، لأن هذا هو المعروف من كلام العرب...

ويبدو أن فوران التنور كان علامة لنوح على أن موعد إهلاك الكافرين من قومه قد اقترب.

أى: فإذا اقترب موعد إهلاك قومك الظالمين يا نوح، ومن علامة ذلك أن ينبع الماء من التنور ويفور فورانا شديدا فَاسْلُكْ فِيها فأدخل في السفينة مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ولفظ زَوْجَيْنِ تثنية زوج. والمراد به هنا: الذكر والأنثى من كل نوع.

وقراءة الجمهور: مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ بدون تنوين للفظ كل، وبإضافته إلى زوجين....

وقرأ حفص مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ تنوين كل، وهو تنوين عوض عن مضاف إليه.

والتقدير: فأدخل في السفينة من كل نوع من أنواع المخلوقات التي أنت في حاجة إليها ذكرا وأنثى، ويكون لفظ زَوْجَيْنِ مفعولا لقوله فَاسْلُكْ ولفظ اثنين: صفة له.

والمراد بأهله في قوله- تعالى- وَأَهْلَكَ: أهل بيته كزوجته وأولاده المؤمنين، ويدخل فيهم كل من آمن به- عليه السلام- سواء أكان من ذوى قرابته أم من غيرهم، بدليل قوله- تعالى- في سورة هود: قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ، وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ.

وجملة: إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ استثناء من الأهل. والمراد بمن سبق عليه القول منهم: من بقي على كفره ولم يؤمن برسالة نوح- عليه السلام- كزوجته وابنه كنعان.

أى: أدخل في السفينة ذكرا وأنثى من أنواع المخلوقات، وأدخل فيها- أيضا- المؤمنين من أهلك ومن غيرهم، إلا الذين سبق منا القول بهلاكهم بسبب إصرارهم على الكفر.

فلا تدخلهم في السفينة، بل اتركهم خارجها ليغرقوا مع المغرقين.

قال الآلوسى: وجيء بعلى في قوله: إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ لكون السابق ضارا، كما جيء باللام في قوله: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى لكون السابق نافعا وقوله- تعالى-: وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ نهى منه- سبحانه- لنوح- عليه السلام- عن الشفاعة لهؤلاء الكافرين، أو عن طلب تأخير العذاب المهلك لهم.

أى: اترك يا نوح هؤلاء الظالمين، ولا تكلمني في شأنهم، كأن تطلب الشفاعة لهم أو تأخير العذاب عنهم، فإنهم مقضي عليهم بالإغراق لا محالة. ولا مبدل لحكمي أو إرادتى.

ويبدو- والله أعلم- أن هذه الجملة الكريمة، كانت نهيا من الله- تعالى- لنوح عن الشفاعة في ابنه الذي غرق مع المغرقين، والذي حكى القرآن في سورة هود أن نوحا قد قال في شأنه: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي، وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ، وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ.

فعند ذلك أمره الله تعالى بصنعة السفينة وإحكامها وإتقانها ، وأن يحمل فيها من كل زوجين اثنين ، أي : ذكرا وأنثى من كل صنف من الحيوانات والنباتات والثمار ، وغير ذلك ، وأن يحمل فيها أهله ( إلا من سبق عليه القول ) أي : سبق فيه القول من الله بالهلاك ، وهم الذين لم يؤمنوا به من أهله ، كابنه وزوجته ، والله أعلم .

وقوله : ( ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ) أي : عند معاينة إنزال المطر العظيم ، لا تأخذنك رأفة بقومك ، وشفقة عليهم ، وطمع في تأخيرهم لعلهم يؤمنون ، فإني قد قضيت أنهم مغرقون على ما هم عليه من الكفر والطغيان . وقد تقدمت القصة مبسوطة في سورة " هود " بما يغني عن إعادة ذلك هاهنا .

وقوله: ( فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنِا وَوَحْيِنَا) يقول: فقلنا له حين استنصرنَا على كَفَرة قومه: اصنع الفلك، وهي السفينة؛ بأعيننا ، يقول: بمرأى منا، ومنظر، ووحينا ، يقول: وبتعليمنا إياك صنعتها، ( فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا ) يقول: فإذا جاء قضاؤنا في قومك، بعذابهم وهلاكهم ( وَفَارَ التَّنُّورُ ) .

وقد ذكرنا فيما مضى اختلاف المختلفين في صفة فور التنور. والصواب عندنا من القول فيه بشواهده، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

( فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ) يقول: فادخل في الفلك واحمل. والهاء والألف في قوله: ( فِيهَا ) من ذكر الفلك ( مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ )يقال : سلكته في كذا، وأسلكته فيه، ومن سلكته قول الشاعر:

وكُـنْتُ لِـزَازَ خَـصْمِكَ لَـمْ أُعَـرّدْ

وَقَــدْ سَـلَكُوكَ فِـي يَـوْمٍ عَصِيـبِ (3)

وبعضهم يقول: أسلكت بالألف، ومنه قول الهُذَلي.

حــتى إذَا أَسْــلَكُوهُمْ فِـي قُتـائِدَةٍ

شَـلا كمَـا تَطْـرُدُ الجَمَّالَـةُ الشُّـردَا (4)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ) يقول لنوح: اجعل في السفينة من كل زوجين اثنين ( وَأَهْلَكَ ) وهم ولده ونساؤهم ( إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ) من الله بأنه هالك، فيمن يهلك من قومك ، فلا تحمله معك، وهو يام الذي غرق.

ويعني بقوله: ( مِنْهُمْ ) من أهلك، والهاء والميم في قوله ( منهم ) من ذكر الأهل.

وقوله: ( وَلا تُخَاطِبْنِي ) الآية، يقول: ولا تسألني في الذين كفروا بالله أن أنجيهم.

( إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ) يقول: فإني قد حتمت عليهم أن أغرق جميعهم.

------------------------

الهوامش :

(3) البيت لعدي بن زيد العبادي (انظر شرحنا له في ص 82 من الجزء الثاني عشر من هذا التفسير ، وقد استشهد به المؤلف هناك عند قوله تعالى { وقال هذا يوم عصيب) أي شديد واستشهد به هنا على أنه يقال : سلكته في كذا بمعنى أدخلته فيه وأسلكته فيه ، والبيت شاهد على الأول . قال في اللسان ( اللسان : سلك) والسلك ، بالفتح : مصدر سلكت الشيء في الشيء ، فانسلك أي أدخلته فيه فدخل . قال عدي بن زيد : " وكنت لزاز ....." كما استشهد به المؤلف مرة أخرى في ( 14 : 9) من هذه الطبعة عند قوله تعالى : {كذلك نسلكه في قلوب المجرمين} فراجعه ثمة.

(4) البيت لعبد مناف بن ربع الهذلي ( اللسان: سلك) . قال: وسلك المكان يسلكه سلكًا وسلوكًا ، وسلكه غيره ( بنصب غير ) وفيه ، وأسلكه إياه ، وفيه ، وعليه ( بمعنى أدخله فيه ) قال عبد مناف بن ربع الهذلي : " حتى إذا أسلكوهم ... البيت " . وقد سبق استشهاد المؤلف بالبيت في ص 9 من الجزء الرابع عشر من هذه الطبعة ) عند قوله تعالى : { كذلك نسلكه في قلوب المجرمين } فراجعه ثمة .

التدبر :

وقفة
[27] ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا﴾ ما أحوجك أن تحوطك عناية الله ورعايته في كل أعمالك؛ فتأخذ بيدك نحو ساحل التوفيق.
وقفة
[27] ﴿فَأَوحَينا إِلَيهِ أَنِ اصنَعِ الفُلكَ بِأَعيُنِنا وَوَحيِنا﴾ عندما تكون فى حال قوي من اليقين والثبات على الحق؛ فلا تخشى لومة لائم، ولا سخرية ساخر
وقفة
[27] ﴿فَأَوحَينا إِلَيهِ أَنِ اصنَعِ الفُلكَ بِأَعيُنِنا﴾ ما أروع أن تؤدى ما عليك وأنت تستشعر مباركة الله لما تفعل!
عمل
[27] لا تتكل على نسبك؛ فالأنساب لا تنجي من عذاب الله تعالى ﴿فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ۙ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ۖ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾.
وقفة
[27] ﴿وَفَارَ التَّنُّورُ﴾ طوفانٌ ينشأ من تنُّورٍ (فرن)! درسٌ من اللهِ لكَ: أستطيعُ الانتقامَ منك بالطريقةِ التي لا تتوقَّعُها.
وقفة
[27] ﴿وَفَارَ التَّنُّورُ﴾ خرج الماء من موضع النار (التنور)؛ لأن عالم الأسباب يتوقف إذا أراد رب الأسباب.
عمل
[27] ﴿فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ﴾ صحح مفهومك عن الأهل، من آمن فهو من أهلك، ومن كفر فليس من أهلك.
تفاعل
[27] ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَوْحَيْنا:
  • الفاء استئنافية للتسبيب. أوحى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ:
  • جار ومجرور متعلق بأوحينا. أن: حرف تفسير لا محل له وكسر آخره لالتقاء الساكنين. اصنع: فعل أمر مبني على السكون حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. الفلك: أي السفينة: مفعول به منصوب بالفتحة. وجملة اِصْنَعِ الْفُلْكَ» تفسيرية لا محل لها من الاعراب. ويجوز أن تكون «أن» مصدرية اذا قدر قبلها حرف جر أي أوحينا اليه بأن اصنع الفلك. فتكون جملة «اصنع الفلك» صلة «أن» المصدرية لا محل لها. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير: بصنع الفلك. والجار والمجرور متعلق بأوحى.
  • ﴿ بِأَعْيُنِنا:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بتقدير: محروسا بأعيننا بمعنى محروسا بحفظنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَوَحْيِنا:
  • معطوفة بالواو على «أعيننا» وتعرب إعرابها. بمعنى: ومحفوظا بوحينا.
  • ﴿ فَإِذا جاءَ أَمْرُنا:
  • الفاء: استئنافية. إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه متعلق بجوابه أداة شرط‍ غير جازمة. جاء: فعل ماض مبني على الفتح. أمر: فاعل مرفوع بالضمة. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة والجملة الفعلية جاءَ أَمْرُنا» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف «اذا».
  • ﴿ وَفارَ التَّنُّورُ:
  • معطوفة بالواو على «جاء الأمر» وتعرب إعرابها. وفي هذا القول الكريم كناية بمعنى: اشتد العذاب. والتنور: موقد النار. وفار: أي اشتد حره. وقيل: معنى «التنور» هنا: وجه الأرض. وقيل فارَ التَّنُّورُ» أي طلع الفجر.
  • ﴿ فَاسْلُكْ فِيها:
  • الجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. الفاء: واقعة في جواب الشرط‍.اسلك: فعل أمر يعرب اعراب «اصنع» فيها: جار ومجرور متعلق باسلك أي فادخل فيها.
  • ﴿ مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ:
  • جار ومجرور متعلق باسلك أو بحال من اثنين. زوجين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد. اثنين: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى وبمعنى: فادخل فيها من كل أمتي زوجين وهما أمة الذكر وأمة الأنثى اثنين. أي صفين مزدوجين. أو من كل شيء صنفين.
  • ﴿ وَأَهْلَكَ:
  • الواو عاطفة. أهلك: مفعول به بفعل مضمر يفسره السياق أي ما قبله بمعنى: واركب فيها أهلك وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِلاّ مَنْ سَبَقَ:
  • إلاّ: أداة استثناء. من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مستثنى بإلاّ. سبق: فعل ماض مبني على الفتح. والجملة الفعلية سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بسبق. القول: فاعل مرفوع بالضمة. أي قول الله لهم بالعذاب. من: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من «من».
  • ﴿ وَلا تُخاطِبْنِي:
  • الواو عاطفة. لا: ناهية جازمة. تخاطبني: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون للوقاية والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا:
  • جار ومجرور متعلق بتخاطب. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بفي. ظلموا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «ظلموا» «صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. بمعنى: ولا تشفع للذين ظلموا.
  • ﴿ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل بمعنى: التعليل: و«هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إنّ» مغرقون: خبرها مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: انهم مغرقون لا محالة. أي كتب عليهم الغرق.'

المتشابهات :

هود: 58﴿وَ لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا
هود: 66﴿فَـ لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ
هود: 82﴿فَـ لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ
هود: 94﴿وَ لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا
هود: 40﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ
المؤمنون: 27﴿فَأَوْحيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَـ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ۙ فَاسْلُكْ فِيهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     ولَمَّا دعا نوحٌ عليه السلام ربَّه أن ينصره عليهم؛ أجابَ اللهُ دعاءَه، وأمره بصنع السفينة، ثم بَيَّنَ له ما يصنع إذا بدأ الطوفان، قال تعالى:
﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف