ترتيب المصحف | 29 | ترتيب النزول | 85 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 8.00 |
عدد الآيات | 69 | عدد الأجزاء | 0.37 |
عدد الأحزاب | 0.75 | عدد الأرباع | 3.00 |
ترتيب الطول | 26 | تبدأ في الجزء | 20 |
تنتهي في الجزء | 21 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 15/29 | آلم: 3/6 |
جوابُ قومِ إبراهيمَ له: اقتلُوهُ، أو أحرقُوهُ بالنَّار، فنجاهُ اللهُ من النَّارِ، ثُمَّ آمنَ له لوطٌ، وهاجرَ إلى أرضِ الشَّامِ، ووهبَهُ اللهُ إسحاقَ ويعقوبَ.
قريبًا إن شاء الله
القصَّةُ الثالثةُ: قصَّةُ لوطٍ عليه السلام لمَّا نَهَى قومَه عن الفاحشةِ: إتيانِ الرجالِ دونَ النساءِ، فَأَبَوا وطلبُوا إنزالَ العذابِ استخفافًا به، فلمَّا يئسَ منهم استنصرَ بربِّه.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
أي:فما كان مجاوبة قوم إبراهيم إبراهيم حين دعاهم إلى ربه قبول دعوته، والاهتداء بنصحه، ورؤية نعمة اللّه عليهم بإرساله إليهم، وإنما كان مجاوبتهم له شر مجاوبة.
{ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ} أشنع القتلات، وهم أناس مقتدرون، لهم السلطان، فألقوه في النار{ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ} منها.
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} فيعلمون صحة ما جاءت به الرسل، وبِرَّهُمْ ونصحهم، وبطلان قول من خالفهم وناقضهم، وأن المعارضين للرسل كأنهم تواصوا وحث بعضهم بعضا على التكذيب.
فقوله- تعالى-: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ ... بيان لما رد به الظالمون على نبيهم إبراهيم- عليه السلام- بعد أن وعظهم ونصحهم وأقام لهم أوضح الأدلة على صدقه فيما يبلغه عن ربه.
ولفظ «جواب» بالنصب، خبر كان، واسمها قوله: إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه..
والمراد بقتله: إزهاق روحه بسيف ونحوه، لتظهر المقابلة بين الإحراق والقتل.
وجاء هنا الترديد بين الأمرين، للاشعار بأن من قومه من أشار بقتله، ومنهم من أشار بإحراقه، ثم اتفقوا جميعا على الإحراق، كما جاء في قوله- تعالى-: قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ.
والمعنى: فما كان جواب قوم إبراهيم له، بعد أن نصحهم وظهرت حجته عليهم، إلا أن قالوا فيما بينهم، اقتلوه بالسيف، أو أحرقوه بالنار، لتستريحوا منه، وتريحوا آلهتكم من عدوانه عليها، وتحطيمه لها ...
وقولهم هذا الذي حكاه القرآن عنهم، يدل على إسرافهم في الظلم والطغيان والجهالة ...
والفاء في قوله- تعالى- فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ فصيحة. أى: فاتفقوا على إحراقه بالنار، وألقوه فيها بعد اشتعالها، فأنجاه الله- تعالى- منها، بأن جعلها بردا وسلاما عليه ...
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.. أى: إن في ذلك الذي فعلناه بقدرتنا مع إبراهيم- عليه السلام- حيث أخرجناه سليما من النار لَآياتٍ بينات على وحدانيتنا وقدرتنا، لقوم يؤمنون، بأن الله- تعالى- هو رب العالمين، وأنه له الخلق والأمر.
وجمع- سبحانه- الآيات لأن في نجاة إبراهيم، دلالات متعددة على قدرة الله- تعالى- لا دلالة واحدة، فنجاته من النار وتحويلها عليه إلى برد وسلام آية، وعجز المشركين جميعا عن أن يلحقوا به ضررا آية ثانية، وإصرارهم على كفرهم مع ما شاهدوه، آية ثالثة على أن القلوب الجاحدة تبقى على جحودها حتى مع وجود المعجزات الدالة على صدق من جاء بها من عند الله- تعالى-.
ولذا خص- سبحانه- هذه الآيات، لأنهم هم وحدهم المنتفعون بها.
يقول تعالى مخبرا عن قوم إبراهيم في كفرهم وعنادهم ومكابرتهم ، ودفعهم الحق بالباطل : إنه ما كان لهم جواب بعد مقالة إبراهيم هذه المشتملة على الهدى والبيان ، ( إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه ) ، وذلك لأنهم قام عليهم البرهان ، وتوجهت عليهم الحجة ، فعدلوا إلى استعمال جاههم وقوة ملكهم ، ( قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم . فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين ) [ الصافات : 97 ، 98 ] ، وذلك أنهم حشدوا في جمع أحطاب عظيمة مدة طويلة ، وحوطوا حولها ، ثم أضرموا فيها النار ، فارتفع لها لهب إلى عنان السماء : ولم توقد نار قط أعظم منها ، ثم عمدوا إلى إبراهيم فكتفوه وألقوه في كفة المنجنيق ، ثم قذفوا به فيها ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، وخرج منها سالما بعد ما مكث فيها أياما . ولهذا وأمثاله جعله الله للناس إماما . فإنه بذل نفسه للرحمن ، وجسده للنيران ، وسخا بولده للقربان ، وجعل ماله للضيفان ، ولهذا اجتمع على محبته جميع أهل الأديان .
وقوله : ( فأنجاه الله من النار ) أي : سلمه [ الله ] منها ، بأن جعلها عليه بردا وسلاما ، ( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون )
القول في تأويل قوله تعالى : فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24)
يقول تعالى ذكره: فلم يكن جواب قوم إبراهيم له إذ قال لهم: اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ إلا أن قال بعضهم لبعض: ( اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ )بالنار ، ففعلوا، فأرادوا إحراقه بالنار، فأضرموا له النار، فألقَوه فيها، فأنجاه الله منها، ولم يسلطها عليه، بل جعلها عليه بَرْدا وسلاما.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( فَمَا كَانَ جَوَابَ ) قوم إبراهيم ( إِلا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ ) قال: قال كعب: ما حرقت منه إلا وثاقه ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) يقول تعالى ذكره: إن في إنجائنا لإبراهيم من النار، وقد ألقي فيها وهي تَسَعر، وتصييرها عليه بردا وسلاما، لأدلة وحججا لقوم يصدّقون بالأدلة والحجج إذا عاينوا ورأوا.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 82 | ﴿وَ مَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ |
---|
النمل: 56 | ﴿فَـ مَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ |
---|
العنكبوت: 24 | ﴿فَـ مَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَوۡ حَرِّقُوهُ فَأَنجَىٰهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِۚ﴾ |
---|
العنكبوت: 29 | ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ ۖ فَـ مَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّـهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
جواب:
1- بالنصب، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، اسما ل «كان» ، وهى قراءة الحسن، وسالم الأفطس.
التفسير :
{ وَقَالَ} لهم إبراهيم في جملة ما قاله من نصحه:{ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي:غاية ذلك، مودة في الدنيا ستنقطع وتضمحل،{ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} أي:يتبرأ كل من العابدين والمعبودين من الآخر{ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} فكيف تتعلقون بمن يعلم أنه سيتبرأ من عابديه ويلعنهم؟ "و "أن مأوى الجميع، العابدين والمعبودين "النَّار "وليس أحد ينصرهم من عذاب اللّه، ولا يدفع عنهم عقابه.
ثم حكى- سبحانه- ما قاله إبراهيم- عليه السلام- لقومه بعد أن نجاه الله من شرورهم فقال: وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً، مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ، وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً.
ولفظ «مودة» وردت فيه قراءات: فقد قرأه بعض القراء السبعة بالنصب، على أنه مفعول به لقوله: اتَّخَذْتُمْ أو على أنه مفعول لأجله، فيكون المعنى:
وقال إبراهيم لقومه: يا قوم إنكم لم تتخذوا هذه الأوثان معبودات لكم عن عقيدة واقتناع بأحقية عبادتها. وإنما اتخذتموها معبودات من أجل المودة فيما بينكم، ومن أجل أن يجامل بعضكم بعضا في عبادتها، على حساب الحق والهدى.
وهذا شأنكم في الدنيا، أما في يوم القيامة، فهذه المودة ستزول لأنها مودة باطلة، وسيكفر بعضكم ببعض، ويلعن بعضكم بعضا، حيث يتبرأ القادة من الأتباع، والأتباع من القادة.
وَمَأْواكُمُ النَّارُ أى: ومنزلكم الذي تأوون إليه أنتم وأصنامكم يوم القيامة النار وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ يخلصونكم من هذه النار، أو يخففون سعيرها عنكم.
وبعض القراء السبعة قرأ لفظ مَوَدَّةَ بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف: أى: أن ما اتخذتموه من عبادة الأوثان، هو مودة بينكم في الحياة الدنيا، أما في الآخرة فسيكفر بعضكم ببعض، ويلعن بعضكم بعضا.
والمقصود من الآية الكريمة، بيان أن هؤلاء المشركين لم يتخذوا الأصنام آلهة، وهم يعتقدون صحة ذلك اعتقادا جازما، وإنما اتخذوها في الدنيا آلهة تارة على سبيل التواد فيما بينهم، وتارة على سبيل التقليد والمسايرة لغيرهم.. أما في الآخرة فستتحول تلك المودات والمسايرات والتقاليد إلى عداوات ومقاطعات وملاعنات ...
يقول لقومه مقرعا لهم وموبخا على سوء صنيعهم ، في عبادتهم الأوثان : إنما اتخذتم هذه لتجتمعوا على عبادتها في الدنيا ، صداقة وألفة منكم ، بعضكم لبعض في الحياة الدنيا . وهذا على قراءة من نصب ( مودة بينكم ) ، على أنه مفعول له ، وأما على قراءة الرفع فمعناه : إنما اتخاذكم هذا يحصل لكم المودة في الدنيا فقط ( ثم يوم القيامة ) ينعكس هذا الحال ، فتبقى هذه الصداقة والمودة بغضة وشنآنا ، ف ( يكفر بعضكم ببعض ) أي : تتجاحدون ما كان بينكم ، ( ويلعن بعضكم بعضا ) أي : يلعن الأتباع المتبوعين ، والمتبوعون الأتباع ، ( كلما دخلت أمة لعنت أختها ) [ الأعراف : 38 ] ، وقال تعالى : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) [ الزخرف : 67 ] ، وقال هاهنا ( ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ) أي : ومصيركم ومرجعكم بعد عرصات القيامة إلى النار ، وما لكم من ناصر ينصركم ، ولا منقذ ينقذكم من عذاب الله . وهذا حال الكافرين ، فأما المؤمنون فبخلاف ذلك .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي حدثنا أبو عاصم الثقفي [ حدثنا ] الربيع بن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن جعدة بن هبيرة المخزومي ، عن أبيه ، عن جده عن أم هانئ - أخت علي بن أبي طالب - قالت : قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أخبرك أن الله تعالى يجمع الأولين والآخرين يوم القيامة في صعيد واحد ، فمن يدري أين الطرفان " ، فقالت : الله ورسوله أعلم . " ثم ينادي مناد من تحت العرش : يا أهل التوحيد ، فيشرئبون " قال أبو عاصم : يرفعون رءوسهم . " ثم ينادي : يا أهل التوحيد ، ثم ينادي الثالثة : يا أهل التوحيد ، إن الله قد عفا عنكم " قال : " فيقول الناس قد تعلق بعضهم ببعض في ظلامات الدنيا - يعني : المظالم - ثم ينادي : يا أهل التوحيد ، ليعف بعضكم عن بعض ، وعلى الله الثواب " .
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25)
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل إبراهيم لقومه: (وَقَالَ) إبراهيم لقومه: يا قوم ( إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا ) .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) فقرأته عامة قرّاء المدينة والشأم وبعض الكوفيين: (مَوَدَّةً) بنصب " مودة " بغير إضافة (بَيْنَكُمْ) بنصبها. وقرأ ذلك بعض الكوفيين: (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) بنصب " المودّة " وإضافتها إلى قوله: (بَيْنِكُمْ)، وخفض (بَيْنِكُمْ). وكأن هؤلاء الذين قرءوا قوله: (مَوَدَّةَ) نصبا، وجَّهوا معنى الكلام إلى: (إنَّمَا اتَّخَذْتُمْ) أيها القوم (أَوْثَانًا مَّوَدَّةً بَيْنَكُمْ)، فجعلوا إنما حرفا واحدا، وأوقعوا قوله: (اتخَذْتُمْ) على الأوثان، فنصبوها بمعنى: اتخذتموها مودّة بينكم في الحياة الدنيا، تتحابُّون على عبادتها، وتتوادّون على خدمتها، فتتواصلون عليها، وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل مكة والبصرة: (مَوَدَّةُ بَيْنِكُمْ) برفع المودة وإضافتها إلى البَيْنِ، وخفض البين، وكأن الذين قرءوا ذلك كذلك، جعلوا " إنَّ مَا " حرفين، بتأويل: إن الذين اتخذتم من دون الله أوثانا إنما هو مودّتكم للدنيا، فرفعوا " مَوَدَّةُ" على خبر إن. وقد يجوز أن يكونوا على قراءتهم ذلك رفعا بقوله: " إنما " أن تكون حرفا واحدا، ويكون &; 20-25 &; الخبر متناهيا عند قوله: ( إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا ) ثم يبتدئُ الخبر فيقال: ما مودتكم تلك الأوثان بنافعتكم، إنما مودّة بينكم في حياتكم الدنيا، ثم هي منقطعة، وإذا أريد هذا المعنى كانت المودّة مرفوعة بالصفة بقوله: ( فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) وقد يجوز أن يكونوا أرادوا برفع المودّة، رفعها على ضمير هي.
وهذه القراءات الثلاث متقاربات المعاني، لأن الذين اتخذوا الأوثان آلهة يعبدونها، اتخذوها مودة بينهم، وكانت لهم في الحياة الدنيا مودة، ثم هي عنهم منقطعة، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيب، لتقارب معاني ذلك، وشهرة القراءة بكلّ واحدة منهنّ في قرّاء الأمصار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ) قال: صارت كل خُلَّة في الدنيا عداوة على أهلها يوم القيامة إلا خُلَّة المتقين.
وقوله: ( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ) يقول تعالى ذكره: ثم يوم القيامة أيها المتوادّون على عبادة الأوثان والأصنام، والمتواصلون على خدماتها عند ورودكم على ربكم، ومعاينتكم ما أعدّ الله لكم على التواصل، والتوادّ في الدنيا من أليم العذاب، ( يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ) يقول: يتبرأ بعضكم من بعض، ويلعن بعضُكم بعضا.
وقوله: ( وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ ) يقول جلّ ثناؤه: ومصير جميعكم أيها العابدون الأوثان وما تعبدون، النار ( وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) يقول: وما لكم أيها القوم المتخذو الآلهة، من دون الله ( مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ ) من أنصار ينصرونكم من الله حين يصليكم نار جهنم، فينقذونكم من عذابه.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
العنكبوت: 25 | ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ﴾ |
---|
الجاثية: 34 | ﴿وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
مودة:
وقرئ:
1- بالرفع، والتنوين، و «بينكم» بالنصب، وهى قراءة الحسن، وأبى حيوة، وابن أبى عبلة، وأبى عمرو، فى رواية الأصمعى، والأعمش، عن أبى بكر.
2- بالرفع، من غير تنوين، و «بينكم» بفتح النون، بنى لإضافته إلى مبنى، وهو موضع خفض بالإضافة، ولذلك سقط التنوين من «مودة» ، وهى قراءة عاصم.
3- على القراءة السابقة، وخفض نون «بينكم» ، وهى قراءة أبى عمرو، والكسائي، وابن كثير.
4- بنصب «مودة» ، منونا، ونصب «بينكم» ، وهى قراءة ابن عامر، وعاصم.
التفسير :
أي:لم يزل إبراهيم عليه الصلاة والسلام يدعو قومه، وهم مستمرون على عنادهم، إلا أنه آمن له بدعوته لوط، الذي نبأه اللّه، وأرسله إلى قومه كما سيأتي ذكره.
{ وَقَالَ} إبراهيم حين رأى أن دعوة قومه لا تفيدهم شيئا:{ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} أي:هاجر أرض السوء، ومهاجر إلى الأرض المباركة، وهي الشام،{ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ} أي:الذي له القوة، وهو يقدر على هدايتكم، ولكنه حَكِيمٌ ما اقتضت حكمته ذلك، ولما اعتزلهم وفارقهم، وهم بحالهم، لم يذكر اللّه عنهم أنه أهلكهم بعذاب، بل ذكر اعتزاله إياهم، وهجرته من بين أظهرهم.
فأما ما يذكر في الإسرائيليات، أن اللّه تعالى فتح على قومه باب البعوض، فشرب دماءهم، وأكل لحومهم، وأتلفهم عن آخرهم، فهذا يتوقف الجزم به على الدليل الشرعي، ولم يوجد، فلو كان اللّه استأصلهم بالعذاب لذكره كما ذكر إهلاك الأمم المكذبة، ولكن لعل من أسرار ذلك، أن الخليل عليه السلام من أرحم الخلق وأفضلهم [وأحلمهم] وأجلهم، فلم يدع على قومه كما دعا غيره، ولم يكن اللّه ليجري بسببه عذابا عاما.
ومما يدل على ذلك، أنه راجع الملائكة في إهلاك قوم لوط، وجادلهم، ودافع عنهم، وهم ليسوا قومه، واللّه أعلم بالحال.
وقوله- تعالى-: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ... بيان للثمرة الطيبة التي ترتبت على دعوة إبراهيم لقومه، إلى عبادة الله- تعالى- وحده، بعد أن مكث فيهم مدة لا يعلمها إلا الله، وبعد أن أقام لهم ألوانا من الأدلة على أن ما جاءهم به هو الحق، وما هم عليه هو الباطل.
والتعبير بقوله- سبحانه-: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ يشعر بأن لوطا- عليه السلام- وحده، هو الذي لبى دعوة إبراهيم، وصدقه في كل ما أخبر به.
ولوط- عليه السلام- يرى كثير من العلماء أنه ابن أخى إبراهيم- عليه السلام- فهو لوط بن هاران بن آزر.
والضمير في قوله- سبحانه-: وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي ... يرى بعضهم أنه يعود إلى لوط، لأنه أقرب مذكور. أى: فآمن لوط لإبراهيم وصدقه في كل ما جاء به، وقال:
إنى مهاجر إلى الجهة التي أمرنى ربي بالهجرة إليها، لأبلغ دعوته، فهو لم يهاجر من أجل منفعة دنيوية، وإنما هاجر من أجل تبليغ أمر ربه، وإعلاء كلمته.
ويرى آخرون أن الضمير يعود إلى إبراهيم- عليه السلام-، لأن الحديث عنه.
قال الآلوسى ما ملخصه: وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي أى: وقال إبراهيم: إنى مهاجر، أى: من قومي، إلى ربي.. أى إلى الجهة التي أمرنى بأن أهاجر إليها إِنَّهُ- عز وجل- هُوَ الْعَزِيزُ الغالب على أمره ... الْحَكِيمُ الذي لا يفعل فعلا إلا وفيه حكمة ومصلحة..
وقيل: الضمير في وَقالَ للوط- عليه السلام-، وليس بشيء لما يلزم عليه من التفكيك» .
يقول تعالى مخبرا عن إبراهيم : أنه آمن له لوط ، يقال : إنه ابن أخي إبراهيم ، يقولون هو : لوط بن هاران بن آزر ، يعني : ولم يؤمن به من قومه سواه ، وسارة امرأة [ إبراهيم ] الخليل . لكن يقال : كيف الجمع بين هذه الآية ، وبين الحديث الوارد في الصحيح : أن إبراهيم حين مر على ذلك الجبار ، فسأل إبراهيم عن سارة : ما هي منه ؟ فقال : [ هي ] أختي ، ثم جاء إليها فقال لها : إني قد قلت له : " إنك : أختي " ، فلا تكذبيني ، فإنه ليس على وجه الأرض [ أحد ] مؤمن غيرك وغيري ، فأنت أختي في الدين . وكأن المراد من هذا - والله أعلم - أنه ليس على وجه الأرض زوجان على الإسلام غيري وغيرك ، فإن لوطا عليه السلام ، آمن به من قومه ، وهاجر معه إلى بلاد الشام ، ثم أرسل في حياة الخليل إلى أهل " سدوم " وإقليمها ، وكان من أمرهم ما تقدم وما سيأتي .
وقوله : ( وقال إني مهاجر إلى ربي ) يحتمل عود الضمير في قوله : ( وقال ) ، على لوط ، لأنه أقرب المذكورين ، ويحتمل عوده إلى إبراهيم - قال ابن عباس ، والضحاك : وهو المكنى عنه بقوله : ( فآمن له لوط ) أي : من قومه .
ثم أخبر عنه بأنه اختار المهاجرة من بين أظهرهم ، ابتغاء إظهار الدين والتمكن من ذلك ; ولهذا قال : ( إنه هو العزيز ) أي : له العزة ولرسوله وللمؤمنين به ، ( الحكيم ) في أقواله وأفعاله وأحكامه القدرية والشرعية .
وقال قتادة : هاجرا جميعا من " كوثى " ، وهي من سواد الكوفة إلى الشام . قال : وذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنها ستكون هجرة بعد هجرة ، ينحاز أهل الأرض إلى مهاجر إبراهيم ، ويبقى في الأرض شرار أهلها ، حتى تلفظهم أرضوهم وتقذرهم روح الله ، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير ، تبيت معهم إذا باتوا ، وتقيل معهم إذا قالوا ، وتأكل ما سقط منهم " .
وقد أسند الإمام أحمد هذا الحديث ، فرواه مطولا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب قال : لما جاءتنا بيعة يزيد بن معاوية ، قدمت الشام فأخبرت بمقام يقومه نوف البكالي ، فجئته ; إذ جاء رجل ، فانتبذ الناس وعليه خميصة ، وإذا هو عبد الله بن عمرو بن العاص . فلما رآه نوف أمسك عن الحديث ، فقال عبد الله : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إنها ستكون هجرة بعد هجرة ، فينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم ، لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها ، فتلفظهم أرضوهم ، تقذرهم نفس الرحمن ، تحشرهم النار مع القردة والخنازير فتبيت معهم إذا باتوا ، وتقيل معهم إذا قالوا ، وتأكل منهم من تخلف " . قال : وسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " سيخرج أناس من أمتي من قبل المشرق ، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، كلما خرج منهم قرن قطع ، كلما خرج منهم قرن قطع " حتى عدها زيادة على عشرين مرة " كلما خرج منهم قرن قطع ، حتى يخرج الدجال في بقيتهم " .
ورواه أحمد عن أبي داود ، وعبد الصمد ، كلاهما عن هشام الدستوائي ، عن قتادة ، به
وقد رواه أبو داود في سننه ، فقال في كتاب الجهاد ، باب ما جاء في سكنى الشام :
حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني [ أبي ] ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ستكون هجرة بعد هجرة ، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم ، ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضهم وتقذرهم نفس الرحمن ، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير " .
وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا يزيد ، أخبرنا أبو جناب يحيى بن أبي حية ، عن شهر بن حوشب قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول لقد رأيتنا وما صاحب الدينار والدرهم بأحق من أخيه المسلم ، ثم لقد رأيتنا بآخرة الآن ، والدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم ، ولقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لئن أنتم اتبعتم أذناب البقر ، وتبايعتم بالعينة ، وتركتم الجهاد في سبيل الله ، ليلزمنكم الله مذلة في أعناقكم ، ثم لا تنزع منكم حتى ترجعوا إلى ما كنتم عليه ، وتتوبوا إلى الله عز وجل " . وسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لتكونن هجرة بعد هجرة إلى مهاجر أبيكم إبراهيم حتى لا يبقى في الأرضين إلا شرار أهلها وتلفظهم أرضوهم ، وتقذرهم روح الرحمن ، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير ، تقيل حيث يقيلون ، وتبيت حيث يبيتون ، وما سقط منهم فلها " . ولقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " يخرج من أمتي قوم يسيئون الأعمال ، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم - قال يزيد : لا أعلمه إلا قال - يحقر أحدكم علمه مع علمهم ، يقتلون أهل الإسلام ، فإذا خرجوا فاقتلوهم ، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ، فطوبى لمن قتلهم ، وطوبى لمن قتلوه . كلما طلع منهم قرن قطعه الله " . فردد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرين مرة ، أو أكثر ، وأنا أسمع .
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا أبو النضر إسحاق بن يزيد وهشام بن عمار الدمشقيان قالا : حدثنا يحيى بن حمزة ، حدثنا الأوزاعي ، عن نافع - وقال أبو النضر ، عمن حدثه ، عن نافع - عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " سيهاجر أهل الأرض هجرة بعد هجرة ، إلى مهاجر إبراهيم ، حتى لا يبقى إلا شرار أهلها ، تلفظهم الأرضون وتقذرهم روح الرحمن ، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير ، تبيت معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا ، لها ما سقط منهم " .
غريب من حديث نافع . والظاهر أن الأوزاعي قد رواه عن شيخ له من الضعفاء ، والله أعلم . وروايته من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أقرب إلى الحفظ .
القول في تأويل قوله تعالى : فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26)
يقول تعالى ذكره: فصدّق إبراهيم خليل الله لوط ( وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ) &; 20-26 &; يقول: وقال إبراهيم: إني مهاجر دار قومي إلى ربي إلى الشام.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ) قال: صدق لوط ( وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ) قال: هو إبراهيم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ) أي فصدّقه لوط ( وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ) قال: هاجَرا جميعا من كوثى، وهي من سواد الكوفة إلى الشام. قال: وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " إنها سَتَكُون هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ يَنْحازُ أهْلُ الأرْضِ إلى مُهاجَر إبْراهِيمَ وَيَبْقَي فِي الأرْضِ شِرَارُ أهْلِها، حتى تَلْفِظَهُمْ وَتَقْذرَهم، وَتحْشُرَهُمُ النَّاُر مَعَ القِرَدَةِ والخَنازِيرِ".
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ) قال: صدّقه لوط، صدق إبراهيم، قال: أرأيت المؤمنين، أليس آمنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به؟ قال: فالإيمان: التصديق. وفي قوله: ( إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ) قال: كانت هِجْرته إلى الشأم.
وقال ابن زيد في حديث الذئب الذي كلم الرجل، فأخبر به النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فآمَنْتُ لَه أنا وأبُو بَكْرٍ وعُمَر "، وليس أبو بكر ولا عمر معه يعني: آمنت له: صدّقته.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، في قوله: ( فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ) قال: إلى حَرَّان، ثم أُمر بعد بالشأم الذي هاجر إبراهيم، وهو أوّل من هاجَر يقول: ( فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ ) إبْرَاهِيمُ(إنّي مُهاجِرٌ...) الآية.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ) إبراهيم القائل: ( إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ).
وقوله: ( إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) يقول: إن ربي هو العزيز الذي لا يذِلّ من نَصَره، ولكنه يمنعه ممن أراده بسوء، وإليه هجرته، الحكيم في تدبيره خلقه، وتصريفه إياهم فيما صرفهم فيه.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
العنكبوت: 26 | ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ۘ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ |
---|
الصافات: 99 | ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} أي:بعد ما هاجر إلى الشام{ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} فلم يأت بعده نبي إلا من ذريته، ولا نزل كتاب إلا على ذريته، حتى ختموا بالنبي محمد صلى اللّه عليه وسلم وعليهم أجمعين.
وهذا [من] أعظم المناقب والمفاخر، أن تكون مواد الهداية والرحمة والسعادة والفلاح في ذريَّته، وعلى أيديهم اهتدى المهتدون، وآمن المؤمنون، وصلح الصالحون.{ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا} من الزوجة الجميلة فائقة الجمال، والرزق الواسع، والأولاد، الذين بهم قرت عينه، ومعرفة اللّه ومحبته، والإنابة إليه.
{ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} بل هو ومحمد صلى اللّه عليهما وسلم أفضل الصالحين على الإطلاق، وأعلاهم منزلة، فجمع اللّه له بين سعادة الدنيا والآخرة.
ثم بين- سبحانه- بعض النعم التي أنعم بها على نبيه إبراهيم، بعد أن هاجر من العراق إلى بلاد الشام لتبليغ رسالة ربه إلى الناس فقال: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ، وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ....
أى: ووهبنا لإبراهيم- بعد أن هاجر ومعه زوجه «سارة» وابن أخيه «لوط» - وهبنا له ابنه إسحاق، ووهبنا لإسحاق يعقوب، وجعلنا بفضلنا ورحمتنا، في ذرية إبراهيم النبوة، إذ من نسله جميع الأنبياء من بعده، كما جعلنا في ذريته- أيضا- الكتب التي أنزلناها على الأنبياء من بعده، كالتوراة، والإنجيل، والزبور، والقرآن.
فالمراد بالكتاب هنا: الكتب السماوية التي أنزلها- سبحانه- على موسى وعيسى وداود ومحمد- صلوات الله عليه-، وهم جميعا من نسل إبراهيم.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما بال إسماعيل لم يذكر، وذكر إسحاق ويعقوب؟
قلت: قد دل عليه في قوله: وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وكفى الدليل لشهرة أمره، وعلو قدره.
فإن قلت: ما المراد بالكتاب؟ قلت: قصد به جنس الكتاب، حتى دخل تحته ما نزل على ذريته من الكتب الأربعة، التي هي: التوراة، والزبور، والإنجيل، والقرآن» .
وقوله- سبحانه-: وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا بيان لنعمة أخرى أنعم بها- سبحانه- على نبيه إبراهيم- عليه السلام-.
أى: وهبنا له الذرية الصالحة، وجعلنا في ذريته النبوة والكتب السماوية، وآتيناه أجره على أعماله الصالحة في الدنيا، بأن رزقناه الزوجة الصالحة، والذكر الحسن بعد وفاته.
وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ الذين نعطيهم فيها أجزل العطاء وأوفاه.
وهكذا جمع الله- تعالى- بفضله وإحسانه، لنبيه إبراهيم، خيرى الدنيا والآخرة، جزاء إيمانه العميق، وعمله الصالح، ووفائه في تبليغ رسالة ربه.
وبمناسبة الحديث عن قصة إبراهيم مع قومه، جاء بعد ذلك الحديث عن جانب من قصة لوط مع قومه. لوط- عليه السلام- الذي آمن بإبراهيم وهاجر معه إلى بلاد الشام..
قال- تعالى-:
وقوله : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب ) ، كقوله تعالى : ( فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ) [ مريم : 49 ] أي : إنه لما فارق قومه أقر الله عينه بوجود ولد صالح نبي [ وولد له ولد صالح ] في حياة جده . وكذلك قال الله : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ) [ الأنبياء : 72 ] أي : زيادة ، كما قال : ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) أي : ويولد لهذا الولد ولد في حياتكما ، تقر به أعينكما . وكون يعقوب ولد لإسحاق نص عليه القرآن ، وثبتت به السنة النبوية ، قال الله : ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ) [ البقرة : 133 ] ، وفي الصحيحين : " إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم " .
فأما ما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب [ نافلة ] ) ، قال : " هما ولدا إبراهيم " . فمعناه : أن ولد الولد بمنزلة الولد ; فإن هذا أمر لا يكاد يخفى على من هو دون ابن عباس .
وقوله : ( وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ) ، هذه خلعة سنية عظيمة ، مع اتخاذ الله إياه خليلا وجعله للناس إماما ، أن جعل في ذريته النبوة والكتاب ، فلم يوجد نبي بعد إبراهيم عليه السلام ، إلا وهو من سلالته ، فجميع أنبياء بني إسرائيل من سلالة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، حتى كان آخرهم عيسى ابن مريم ، فقام في ملئهم مبشرا بالنبي العربي القرشي الهاشمي ، خاتم الرسل على الإطلاق ، وسيد ولد آدم في الدنيا والآخرة ، الذي اصطفاه الله من صميم العرب العرباء ، من سلالة إسماعيل بن إبراهيم ، عليهم السلام : ولم يوجد نبي من سلالة إسماعيل سواه ، عليه أفضل الصلاة والسلام [ من الله تعالى ] .
وقوله : ( وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) أي : جمع الله له بين سعادة الدنيا الموصولة بسعادة الآخرة ، فكان له في الدنيا الرزق الواسع الهني والمنزل الرحب ، والمورد العذب ، والزوجة الحسنة الصالحة ، والثناء الجميل ، والذكر الحسن ، فكل أحد يحبه ويتولاه ، كما قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم ، مع القيام بطاعة الله من جميع الوجوه ، كما قال تعالى : ( وإبراهيم الذي وفى ) [ النجم : 37 ] ، أي : قام بجميع ما أمر به ، وكمل طاعة ربه ; ولهذا قال تعالى : ( وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) ، كما قال تعالى : ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين . شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم . وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) [ النحل : 120 - 121 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)
يقول تعالى ذكره: ورزقناه من لدنا إسحاق ولدا، ويعقوبَ من بعده وَلَدَ وَلَدٍ.
كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ) قال: هما ولدا إبراهيم.
وقوله: ( وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ) بمعنى الجمع، يراد به الكُتُب، ولكنه خُرِّج مَخْرج قولهم: كثر الدرهم والدينار عند فلان.
وقوله: ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ) يقول تعالى ذكره: وأعطيناه ثواب بلائه فينا في الدنيا(وَإنَّهُ) مع ذلك ( فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) فله هناك أيضا جزاء الصالحين، غير منتقص حَظُّه بما أعطى في الدنيا من الأجر على بلائه في الله عما له عنده في الآخرة.
وقيل: إن الأجر الذي ذكره الله عزّ وجلّ أنه آتاه إبراهيم في الدنيا هو الثناء الحسن، والولد الصالح.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ) قال: الثناء.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن ليث قال: أرسل مجاهد رجلا يقال له: قاسم، إلى عكرِمة يسأله عن قوله: ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) قال: قال: أجره في الدنيا، أن كل ملة تتولاه، وهو عند الله من الصالحين، قال: فرجع إلى مجاهد، فقال: أصاب.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن مندل، عمن ذكره، عن ابن عباس ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ) قال: الولد الصالح والثناء.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ) يقول: الذكر الحسن.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ) قال: عافية وعملا صالحا، وثناء حسنا، فلست بلاق أحدا من الملل إلا يرى إبراهيم ويتولاه ( وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ).
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 130 | ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ |
---|
النحل: 122 | ﴿وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ |
---|
العنكبوت: 27 | ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
تقدم أن لوطا عليه السلام آمن لإبراهيم، وصار من المهتدين به، وقد ذكروا أنه ليس من ذرية إبراهيم، وإنما هو ابن أخي إبراهيم.
فقوله تعالى:{ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} وإن كان عاما، فلا يناقض كون لوط نبيا رسولا وهو ليس من ذريته، لأن الآية جيء بها لسياق المدح والثناء على الخليل، وقد أخبر أن لوطا اهتدى على يديه، ومن اهتدى على يديه أكمل ممن اهتدى من ذريته بالنسبة إلى فضيلة الهادي، واللّه أعلم.
وقوله- سبحانه-: وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ.. منصوب بالعطف على إبراهيم في قوله- تعالى-: وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ.. أو بفعل مضمر.
أى: واذكر- أيها العاقل لتعتبر وتتعظ- نبينا لوطا- عليه السلام- وقت أن قال لقومه على سبيل الزجر والتوبيخ والإنكار لما هم عليه من فعل قبيح:
إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ أى: إنكم لتفعلون الفعلة البالغة أقصى دركات القبح والفحش، والتي ما فعلها أحد قبلكم، بل أنتم أول من ابتدعها، وهي إتيان الذكور دون الإناث.
قال عمر بن دينار: ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط.
وقال الوليد بن عبد الملك: لولا أن الله- تعالى- قد قص علينا خبر قوم لوط، ما ظننت أن ذكرا يعلو ذكرا.
وجاء قوله- عليه السلام- مؤكدا بجملة من المؤكدات، لتسجيل هذه الفاحشة عليهم بأقوى أسلوب، وبأنهم لم يسبقهم أحد إلى ارتكابها.
يقول تعالى مخبرا عن نبيه لوط عليه السلام ، إنه أنكر على قومه سوء صنيعهم ، وما كانوا يفعلونه من قبيح الأعمال ، في إتيانهم الذكران من العالمين ، ولم يسبقهم إلى هذه الفعلة أحد من بني آدم قبلهم .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28)
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر لوطا إذ قال لقومه: (إِنَّكُمْ لَتَأتُونَ) الذُّكْرَانَ(مَا سَبَقَكُمْ بِهَا) يعني بالفاحشة التي كانوا يأتونها، وهي إتيان الذكران (مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ).
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن خالد بن خداش ويعقوب بن إبراهيم، قالا ثنا إسماعيل بن علية، عن ابن أبي نجيح، عن عمرو بن دينار، في قوله: ( إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ ) قال: ما نـزا ذَكَرٌ على ذكَر حتى كان قوم لوط.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 80 | ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾ |
---|
النمل: 54 | ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ |
---|
العنكبوت: 28 | ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فأرسل اللّه لوطا إلى قومه، وكانوا مع شركهم، قد جمعوا بين فعل الفاحشة في الذكور، وتقطيع السبيل، وفشو المنكرات في مجالسهم، فنصحهم لوط عن هذه الأمور، وبيَّن لهم قبائحها في نفسها، وما تئول إليه من العقوبة البليغة، فلم يرعووا ولم يذكروا.{ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}
وقوله- سبحانه-: أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ، وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ، وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ... بيان لتلك الفاحشة التي كانوا يقترفونها، والاستفهام للتأنيب والتقريع.
والسبيل: الطريق. والنادي: اسم جنس للمكان الذي يجتمع فيه الناس لأمر من الأمور، أى: أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء، وتقطعون الطريق على المارة، بأن تنتهبوا أموالهم، أو بأن تكرهوهم إكراها على ارتكاب الفاحشة معهم، أو بأن تعتدوا عليهم بأى صورة من الصور، وفضلا عن كل ذلك فإنكم ترتكبون المنكرات في مجالسكم الخاصة، وفي نواديكم التي تتلاقون فيها.
فأنت ترى أن نبيهم- عليه السلام- قد وصفهم بأوصاف، كل صفة أقبح من سابقتها، والباعث لهم على ارتكاب تلك المنكرات، هو انتكاس فطرتهم، وفساد نفوسهم، وشذوذ شهواتهم.
فماذا كان جوابهم على نبيهم- عليه السلام-؟ لقد كان جوابهم في غاية التبجح والسفاهة، وقد حكاه القرآن في قوله: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.
أى: فما كان جواب قوم لوط عليه، إلا أن قالوا له على سبيل الاستخفاف بوعظه وزجره: ائتنا يا لوط بعذاب الله الذي تتوعدنا به، إن كنت صادقا في دعواك أنك رسول، وفي دعواك أن عذابا سينزل علينا، بسبب أفعالنا هذه التي ألفناها وأحببناها.
وهكذا نرى أن هؤلاء المجرمين، قد قابلوا نصح نبيهم تارة بالاستخفاف والاستهزاء كما هنا، وتارة بالتهديد والوعيد، كما في قوله- تعالى-: أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ .
وكانوا مع هذا يكفرون بالله ، ويكذبون رسوله ويخالفونه ويقطعون السبيل ، أي : يقفون في طريق الناس يقتلونهم ويأخذون أموالهم ، ( وتأتون في ناديكم المنكر ) أي : يفعلون ما لا يليق من الأقوال والأفعال في مجالسهم التي يجتمعون فيها ، لا ينكر بعضهم على بعض شيئا من ذلك ، فمن قائل : كانوا يأتون بعضهم بعضا في الملأ قاله مجاهد . ومن قائل : كانوا يتضارطون ويتضاحكون ; قالته عائشة ، رضي الله عنها ، والقاسم . ومن قائل : كانوا يناطحون بين الكباش ، ويناقرون بين الديوك ، وكل ذلك كان يصدر عنهم ، وكانوا شرا من ذلك .
وقال الإمام أحمد : حدثنا حماد بن أسامة ، أخبرني حاتم بن أبي صغيرة ، حدثنا سماك بن حرب ، عن أبي صالح - مولى أم هانئ - عن أم هانئ قالت : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله عز وجل : ( وتأتون في ناديكم المنكر ) ، قال : " يحذفون أهل الطريق ، ويسخرون منهم ، وذلك المنكر الذي كانوا يأتونه " .
ورواه الترمذي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة عن أبي يونس القشيري حاتم بن أبي صغيرة به . ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث حاتم بن أبي صغيرة عن سماك .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا محمد بن كثير ، عن عمرو بن قيس ، عن الحكم ، عن مجاهد : ( وتأتون في ناديكم المنكر ) قال : الصفير ، ولعب الحمام والجلاهق ، والسؤال في المجلس ، وحل أزرار القباء .
وقوله : ( فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين ) ، وهذا من كفرهم واستهزائهم وعنادهم
القول في تأويل قوله تعالى : أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29)
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل لوط لقومه (أَئِنَّكُمْ) أيها القوم، (لَتأْتُونَ الرّجالَ) في أدبارهم (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) يقول: وتقطعون المسافرين عليكم بفعلكم الخبيث، وذلك أنهم فيما ذُكر عَنْهم كانوا يفعلون ذلك بمن مرّ عليهم من المسافرين، من ورد بلادهم من الغرباء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) قال: السبيل: الطريق. المسافر إذا مرّ بهم، وهو ابن السبيل قَطَعوا به، وعملوا &; 20-29 &; به ذلك العمل الخبيث.
وقوله: ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) اختلف أهل التأويل في المنكر الذي عناه الله، الذي كان هؤلاء القوم يأتونه في ناديهم، فقال بعضهم: كان ذلك أنهم كانوا يتضارطُون في مجالسهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عبد الرحمن بن الأسود، قال: ثنا محمد بن ربيعة، قال: ثنا رَوْح بن عُطيفة الثقفيّ، عن عمرو بن مصعب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، في قوله: ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) قال: الضراط.
وقال آخرون: بل كان ذلك أنهم كانوا يحذفون من مر بهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب وابن وكيع قالا ثنا أبو أسامة، عن حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن أبي صالح، عن أمّ هانئ، قالت: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله: ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) قالَ: " كانوا يَحْذِفُونَ أهْل الطَّرِيقِ وَيَسْخَرونَ مِنْهُمْ" فهو المنكر الذي كانوا يأتون.
حدثنا الربيع، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أبو أُسامة، بإسناده عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، مثله.
حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: ثنا سليم بن أخضر، قال: ثنا أبو يونس القُشَيري، عن سِماك بن حرب، عن أبي صالح مولى أمّ هانئ، أن أمّ هانئ سُئلت عن هذه الآية ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) فقالت: سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " كانُوا يَحْذِفُون أهْلَ الطَّرِيقِ، وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ".
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عمر بن أبي زائدة، قال: سمعت عكرِمة يقول في قوله: ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) قال: كانوا يُؤذْون أهل الطريق يحذفون من مَرَّ بهم.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن عمر بن أبي زائدة، قال: سمعت عكرِمة قال: الحذف.
حدثنا موسى، قال: أخبرنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( وَتَأْتُونَ فِي &; 20-30 &; نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) قال: كان كلّ من مرّ بهم حذفوه، فهو المنكر.
حدثنا الربيع، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سعيد بن زيد، قال: ثنا حاتم بن أبي صغيرة، قال: ثنا سماك بن حرب، عن باذام، عن أبي صالح مولى أمّ هانئ، عن أمّ هانئ، قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) قال: " كانُوا يَجْلِسُونَ بالطَّرِيقِ، فَيَحْذِفُونَ أبْناءَ السَّبِيلِ، وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ".
وقال بعضهم: بل كان ذلك إتيانهم الفاحشة في مجالسهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، قال: كان يأتي بعضهم بعضا في مجالسهم، يعني قوله: ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ).
حدثنا سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا ثابت بن محمد الليثيّ، قال: ثنا فضيل بن عياض، عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد، في قوله: ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) قال: كان يجامع بعضهم بعضا في المجالس.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) قال: كان يأتي بعضهم بعضا في المجالس.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: كانوا يجامعون الرجال في مجالسهم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) قال: المجالس، و (المنكَرَ): إتيانهم الرجال.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) قال: كانوا يأتون الفاحشة في ناديهم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) قال: ناديهم: المجالس، و (المنكر): عملهم الخبيث الذي كانوا يعملونه، كانوا يعترضون بالراكب، فيأخذونه ويركبونه. وقرأ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ، وقرأ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ .
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) يقول: في مجالسكم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: وتحذفون في مجالسكم المارّة بكم، وتسخَرون منهم؛ لما ذكرنا من الرواية بذلك عن رسول صلى الله عليه وسلم .
وقوله: ( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) يقول تعالى ذكره: فلم يكن جواب قوم لُوط إذ نهاهم عما يكرهه الله من إتيان الفواحش التي حرمها الله إلا قيلهم: ( ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ ) الذي تعدنا، (إن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فيما تقول، والمنجزين لما تعد.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
النمل: 55 | ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ |
---|
العنكبوت: 29 | ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ﴾ |
---|
الأعراف: 81 | ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
أئنكم:
1- على الاستفهام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- إنكم، على الخبر.
التفسير :
فأيس منهم نبيهم، وعلم استحقاقهم العذاب، وجزع من شدة تكذيبهم له، فدعا عليهم و{ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} فاستجاب اللّه دعاءه.
ولذا لجأ لوط- عليه السلام- إلى ربه، يلتمس منه النصرة والعون فقال: رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ، أى: انصرني بأن تنزل عذابك على هؤلاء القوم المفسدين، الذين مردوا على ارتكاب فواحش، لم يسبقهم بها من أحد من العالمين.
ولهذا استنصر عليهم نبي الله فقال : ( رب انصرني على القوم المفسدين ) .
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30)
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
العنكبوت: 30 | ﴿ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ ﴾ |
---|
المؤمنون: 26 | ﴿ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ﴾ |
---|
المؤمنون: 39 | ﴿ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء