ترتيب المصحف | 23 | ترتيب النزول | 74 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 8.00 |
عدد الآيات | 118 | عدد الأجزاء | 0.37 |
عدد الأحزاب | 0.75 | عدد الأرباع | 3.00 |
ترتيب الطول | 25 | تبدأ في الجزء | 18 |
تنتهي في الجزء | 18 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
الجمل الخبرية: 5/21 | _ |
القصَّةُ الثالثةُ: قصَّةُ صالحٍ ولوطٍ وشعيبٍ وغيرِهم عليهم السلام، ثُمَّ القصَّةُ الرابعةُ: قصَّةُ موسى وهارونَ عليهما السلام، ثُمَّ القصَّةُ الخامسةُ: قصَّةُ عيسى وأمِّه مريمَ عليهما السلام.
قريبًا إن شاء الله
بعدَ قصصِ الأنبياءِ أوصى هنا الرسلَ وأتباعَهم بالأكلِ من الحلالِ، والتزودِ من العملِ الصالحِ، وإدراكِ أن الدينَ الحقَّ واحدٌ، ولكن الأممَ فرَّقت دينَها شيعًا، ثُمَّ مَدَحَ المسارعينَ في الخيراتِ حقيقةً، وبَيَّنَ صفاتِهم، =
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
كل أمة في وقت مسمى، وأجل محدود، لا تتقدم عنه ولا تتأخر
وقوله عز وجل-: ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ بيان لمظهر من مظاهر قدرة الله- تعالى- وإحكامه لشئون خلقه..
أى: ما تسبق أمة من الأمم أجلها الذي قدرناه لها ساعة من الزمان، ولا تستأخر عنه ساعة، بل الكل نهلكه ونميته في الوقت الذي حددناه بقدرتنا وحكمتنا.
و «من» في قوله مِنْ أُمَّةٍ مزيدة للتأكيد: وفي هذا المعنى قوله- تعالى-:
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ .
( ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ) يعني : بل يؤخذون حسب ما قدر لهم تعالى في كتابه المحفوظ وعلمه قبل كونهم ، أمة بعد أمة ، وقرنا بعد قرن ، وجيلا بعد جيل ، وخلفا بعد سلف .
وقوله: ( مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا ) يقول: ما يتقدم هلاك أمة من تلك الأمم التي أنشأناها بعد ثمود قبل الأجل الذي أجلنا لهلاكها، ولا يستأخر هلاكها عن الأجل الذي أجلنا لهلاكها ، والوقت الذي وقتنا لفنائها، ولكنها تهلك لمجيئه. وهذا وعيد من الله لمشركي قوم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وإعلام منه لهم أن تأخيره في آجالهم ، مع كفرهم به وتكذيبهم رسوله، ليبلغوا الأجل الذي أجل لهم ، فيحلّ بهم نقمته، كسنته فيمن قبلهم من الأمم السالفة.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 5 | ﴿ مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ﴾ |
---|
المؤمنون: 43 | ﴿ مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
، وأرسلنا إليهم رسلا متتابعة، لعلهم يؤمنون وينيبون، فلم يزل الكفر والتكذيب دأب الأمم العصاة، والكفرة البغاة، كلما جاء أمة رسولها كذبوه، مع أن كل رسول يأتي من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، بل مجرد دعوة الرسل وشرعهم، يدل على حقيه ما جاءوا به،{ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا} بالهلاك، فلم يبق منهم باقية، وتعطلت مساكنهم من بعدهم{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} يتحدث بهم من بعدهم، ويكونون عبرة للمتقين، ونكالا للمكذبين، وخزيا عليهم مقرونا بعذابهم.{ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} ما أشقاهم"وتعسا لهم، ما أخسر صفقتهم".
ثم بين- سبحانه- على سبيل الإجمال، أن حكمته قد اقتضت أن يرسل رسلا آخرين، متتابعين في إرسالهم. كل واحد يأتى في أعقاب أخيه. ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، فقال- تعالى-: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا ...
ولفظ تَتْرا مصدر كدعوى، وألفه للتأنيث وأصله: وترى فقلبت الواو تاء، وهو منصوب على الحال من رسلنا.
أى: ثم أرسلنا بعد ذلك رسلنا متواترين متتابعين واحدا بعد الآخر، مع فترة ومهلة من الزمان بينهما.
قال القرطبي: ومعنى «تترى» : تتواتر، ويتبع بعضهم بعضا ترغيبا وترهيبا..
قال الأصمعى: واترت كتبي عليه، أتبعت بعضها بعضا إلا أن بين كل واحد منها وبين الآخر مهلة.. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو تَتْرا بالتنوين على أنه مصدر أدخل فيه التنوين على فتح الراء، كقولك: حمدا وشكرا.. .
ثم بين- سبحانه- موقف كل أمة من رسولها فقال: كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ....
أى: كلما جاء رسول كل أمة إليها ليبلغها رسالة الله- تعالى- وليدعوها إلى عبادته وحده- سبحانه- كذب أهل هذه الأمة هذا الرسول المرسل إليهم. وأعرضوا عنه وآذوه ...
قال ابن كثير: «وقوله: كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ يعنى جمهورهم وأكثرهم، كقوله- تعالى- يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ .
وأضاف- سبحانه- الرسول إلى الأمة، للإشارة إلى أن كل رسول قد جاء إلى الأمة المرسل إليها. وفي التعبير بقوله: كُلَّ ما جاءَ ... إشعار بأنهم قابلوه بالتكذيب. بمجرد مجيئه إليهم، أى: إنهم بادروه بذلك بدون تريث أو تفكر.
فماذا كانت عاقبتهم؟ كانت عاقبتهم كما بينها- سبحانه- في قوله: فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ.
أى: فأتبعنا بعضهم بعضا في الهلاك والتدمير، وجعلناهم بسبب تكذيبهم لرسلهم أحاديث يتحدث الناس بها على سبيل التعجب والتلهي، ولم يبق بين الناس إلا أخبارهم السيئة.
وذكرهم القبيح فَبُعْداً وهلاكا لقوم لا يؤمنون بالحق، ولا يستجيبون للهدى.
قال صاحب الكشاف: «وقوله وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ أى: أخبارا يسمر بها، ويتعجب منها. والأحاديث تكون اسم جمع للحديث، ومنه أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتكون جمعا للأحدوثة: التي هي مثل الأضحوكة والألعوبة والأعجوبة. وهي: مما يتحدث به الناس تلهيا وتعجبا، وهو المراد هنا» .
( ثم أرسلنا رسلنا تترى ) : قال ابن عباس : يعني يتبع بعضهم بعضا . وهذه كقوله تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ) [ النحل : 36 ] ، وقوله : ( كل ما جاء أمة رسولها كذبوه ) يعني : جمهورهم وأكثرهم ، كقوله تعالى : ( يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون ) [ يس : 30 ] .
وقوله : ( فأتبعنا بعضهم بعضا ) أي : أهلكناهم ، كقوله : ( وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح ) [ الإسراء : 17 ] .
( وجعلناهم أحاديث ) أي : أخبارا وأحاديث للناس ، كقوله : ( فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق ) [ الآية ] [ سبأ : 19 ] [ ( فبعدا لقوم لا يؤمنون ) ] .
يقول تعالى ذكره: ( ثُمَّ أَرْسَلْنَا ) إلى الأمم التي أنشأنا بعد ثمود ( رُسُلَنَا تَتْرَى ) يعني: يتبع بعضها بعضا، وبعضها في أثر بعض، وهي من المواترة، وهي اسم لجمع مثل شيء، لا يقال: جاءني فلان تترى، كما لا يقال: جاءني فلان مواترة، وهي تنوّن ولا تنوّن، وفيها الياء، فمن لم ينوّنها( فَعْلَى ) من وترت ومن قال: " تترا " يوهم أن الياء أصلية ، كما قيل: مِعْزًى بالياء، ومَعْزًا ، وبهمى بهما ، ونحو ذلك، فأجْرِيت أحيانًا وتُرِك إجراؤها أحيانا، فمن جعلها( فعلى ) وقف عليها أشار إلى الكسر، ومن جعلها ألف إعراب لم يشر؛ لأن ألف الإعراب لا تكسر، لا يقال: رأيت زيدًا، فيشار فيه إلى الكسر.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى ) يقول: يَتْبُع بعضها بعضا.
حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى ) يقول: بعضها على أثر بعض.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: ( تَتْرَى ) قال: اتباع بعضها بعضا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد: ( ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى ) قال: يتبع بعضها بعضا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى ) قال: بعضهم على أثر بعض، يتبع بعضهم بعضا.
واختلفت قرّاء الأمصار في قراءة ذلك، فقرأ ذلك بعض قرّاء أهل مكة ، وبعض أهل المدينة ، وبعض أهل البصرة ( تَتْرًا ) بالتنوين. وكان بعض أهل مكة، وبعض أهل المدينة، وعامة قرّاء الكوفة يقرءونه: ( تَتْرَى ) بإرسال الياء على مثال ( فَعْلَى )، والقول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان، ولغتان معروفتان في كلام العرب ، بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أني مع ذلك أختار القراءة بغير تنوين؛ لأنه أفصح &; 19-35 &; اللغتين وأشهرهما.
وقوله: ( كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ ) يقول: كلما جاء أمة من تلك الأمم ، التي أنشأناها بعد ثمود ، رسولُها الذي نرسله إليهم، كذّبوه فيما جاءهم به من الحق من عندنا. وقوله: ( فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا ) يقول: فأتبعنا بعض تلك الأمم بعضا بالهلاك ، فأهلكنا بعضهم في إثر بعض. وقوله: ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ) للناس ، ومثلا يتحدّث بهم في الناس، والأحاديث في هذا الموضع جمع أحدوثة، لأن المعنى ما وصفت من أنهم جعلوا للناس مثلا يتحدث بهم، وقد يجوز أن يكون جمع حديث، وإنما قيل: ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ) لأنهم جعلوا حديثا ، ومثلا يتمثَّل بهم في الشرِّ، ولا يقال في الخير: جعلته حديثا ، ولا أُحْدوثة. وقوله: ( فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ) يقول: فأبعد الله قوما لا يؤمنون بالله، ولا يصدّقون برسوله.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المؤمنون: 44 | ﴿فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا وَ جَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ۚ فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ﴾ |
---|
سبإ: 19 | ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَـ جَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
تترى:
وقرئ:
1- منونا، وهى قراءة ابن كثير، وأبى عمرو، وقتادة، وأبى جعفر، وشيبة، وابن محيصن، والشافعي.
2- بغير تنوين، وهى قراءة باقى السبعة.
التفسير :
تفسير الآيتين 45 و46:ـ
مر عليَّ منذ زمان طويل كلام لبعض العلماء لا يحضرني الآن اسمه، وهو أنه بعد بعث موسى ونزول التوراة، رفع الله العذاب عن الأمم، أي:عذاب الاستئصال، وشرع للمكذبين المعاندين الجهاد، ولم أدر من أين أخذه، فلما تدبرت هذه الآيات، مع الآيات التي في سورة القصص، تبين لي وجهه، أما هذه الآيات، فلأن الله ذكر الأمم المهلكة المتتابعة على الهلاك، ثم أخبر أنه أرسل موسى بعدهم، وأنزل عليه التوراة فيها الهداية للناس، ولا يرد على هذا، إهلاك فرعون، فإنه قبل نزول التوراة، وأما الآيات التي في سورة القصص، فهي صريحة جدا، فإنه لما ذكر هلاك فرعون قال:{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} فهذا صريح أنه آتاه الكتاب بعد هلاك الأمم الباغية، وأخبر أنه أنزله بصائر للناس وهدى ورحمة، ولعل من هذا، ما ذكر الله في سورة "يونس "من قولة:{ ثم بعثنا من بعده} أي:من بعد نوح{ رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين* ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون} الآيات والله أعلم.
فقوله:{ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى} بن عمران، كليم الرحمن{ وَأَخَاهُ هَارُونَ} حين سأل ربه أن يشركه في أمره فأجاب سؤله.
{ بِآيَاتِنَا} الدالة على صدقهما وصحة ما جاءا به{ وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} أي:حجة بينة، من قوتها، أن تقهر القلوب، وتتسلط عليها لقوتها فتنقاد لها قلوب المؤمنين، وتقوم الحجة البينة على المعاندين، وهذا كقوله{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} ولهذا رئيس المعاندين عرف الحق وعاند{ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ} أي:بتلك الآيات البينات{ فَقَالَ له فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} فـ{ قال} موسى{ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} وقال تعالى:{ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} وقال هنا:{ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ* إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} كـ "هامان "وغيره من رؤسائهم،{ فَاسْتَكْبَرُوا} أي:تكبروا عن الإيمان بالله، واستكبروا على أنبيائه،{ وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ} أي:وصفهم العلو، والقهر، والفساد في الأرض، فلهذا صدر منهم الاستكبار، ذلك غير مستكثر منهم.
ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك جانبا من قصة موسى وهارون- عليهما السلام- فقال:
ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ.
أى: ثم أرسلنا من بعد أولئك الأقوام المهلكين الذين جعلناهم أحاديث مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا الدالة على قدرتنا، وهي الآيات التسع وهي: العصا، واليد، والسنون، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم.
وزودناه مع هذه الآيات العظيمة بسلطان مبين، أى: بحجة قوية واضحة، تحمل كل عاقل على الإيمان به، وعلى الاستجابة له.
يخبر تعالى أنه بعث رسوله موسى وأخاه هارون إلى فرعون وملئه بالآيات والحجج الدامغات والبراهين القاطعات.
يقول تعالى ذكره: ثم أرسلنا بعد الرسل الذين وصف صفتهم قبل هذه الآية، موسى وأخاه هارون إلى فرعون وأشراف قومه من القبط ( بِآيَاتِنَا ) يقول: بحججنا.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المؤمنون: 45 | ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٍ﴾ |
---|
هود: 96 | ﴿وَلَقَدۡ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٍ﴾ |
---|
ابراهيم: 5 | ﴿وَلَقَدۡ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ﴾ |
---|
غافر: 23 | ﴿وَلَقَدۡ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٍ﴾ |
---|
الزخرف: 46 | ﴿وَلَقَدۡ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
تفسير الآيتين 45 و46:ـ
مر عليَّ منذ زمان طويل كلام لبعض العلماء لا يحضرني الآن اسمه، وهو أنه بعد بعث موسى ونزول التوراة، رفع الله العذاب عن الأمم، أي:عذاب الاستئصال، وشرع للمكذبين المعاندين الجهاد، ولم أدر من أين أخذه، فلما تدبرت هذه الآيات، مع الآيات التي في سورة القصص، تبين لي وجهه، أما هذه الآيات، فلأن الله ذكر الأمم المهلكة المتتابعة على الهلاك، ثم أخبر أنه أرسل موسى بعدهم، وأنزل عليه التوراة فيها الهداية للناس، ولا يرد على هذا، إهلاك فرعون، فإنه قبل نزول التوراة، وأما الآيات التي في سورة القصص، فهي صريحة جدا، فإنه لما ذكر هلاك فرعون قال:{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} فهذا صريح أنه آتاه الكتاب بعد هلاك الأمم الباغية، وأخبر أنه أنزله بصائر للناس وهدى ورحمة، ولعل من هذا، ما ذكر الله في سورة "يونس "من قولة:{ ثم بعثنا من بعده} أي:من بعد نوح{ رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين* ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون} الآيات والله أعلم.
فقوله:{ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى} بن عمران، كليم الرحمن{ وَأَخَاهُ هَارُونَ} حين سأل ربه أن يشركه في أمره فأجاب سؤله.
{ بِآيَاتِنَا} الدالة على صدقهما وصحة ما جاءا به{ وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} أي:حجة بينة، من قوتها، أن تقهر القلوب، وتتسلط عليها لقوتها فتنقاد لها قلوب المؤمنين، وتقوم الحجة البينة على المعاندين، وهذا كقوله{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} ولهذا رئيس المعاندين عرف الحق وعاند{ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ} أي:بتلك الآيات البينات{ فَقَالَ له فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} فـ{ قال} موسى{ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} وقال تعالى:{ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} وقال هنا:{ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ* إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} كـ "هامان "وغيره من رؤسائهم،{ فَاسْتَكْبَرُوا} أي:تكبروا عن الإيمان بالله، واستكبروا على أنبيائه،{ وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ} أي:وصفهم العلو، والقهر، والفساد في الأرض، فلهذا صدر منهم الاستكبار، ذلك غير مستكثر منهم.
وكان هذا الإرسال منا لموسى وهارون إلى فرعون وملئه، أى: وجهاء قومه وزعمائهم الذين يتبعهم غيرهم.
فَاسْتَكْبَرُوا جميعا عن الاستماع إلى دعوة موسى وهارون- عليهما السلام، وَكانُوا قَوْماً عالِينَ أى مغرورين متكبرين، مسرفين في البغي والعدوان.
وأن فرعون وقومه استكبروا عن اتباعهما والانقياد لأمرهما.
( فَاسْتَكْبَرُوا ) عن اتباعها، والإيمان بما جاءهم به من عند الله ( وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ ) يقول: وكانوا قوما عالين على أهل ناحيتهم ، ومن في بلادهم من بنى إسرائيل وغيرهم بالظلم، قاهرين لهم.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، وقوله: ( وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ ) قال: عَلَوا على رُسُلهم ، وعصَوا ربهم، ذلك علوّهم، وقرأ: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ الآية.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المؤمنون: 46 | ﴿إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ ﴾ |
---|
الأعراف: 133 | ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ﴾ |
---|
يونس: 75 | ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ وَهَارُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَقَالُوا} كبرا وتيها، وتحذيرا لضعفاء العقول، وتمويها:{ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} كما قاله من قبلهم سواء بسواء، تشابهت قلوبهم في الكفر، فتشابهت أقوالهم وأفعالهم، وجحدوا منة الله عليهما بالرسالة.
{ وَقَوْمُهُمَا} أي:بنو إسرائيل{ لَنَا عَابِدُونَ} أي:معبدون بالأعمال والأشغال الشاقة، كما قال تعالى:{ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}
فكيف نكون تابعين بعد أن كنا متبوعين؟"وكيف يكون هؤلاء رؤساء علينا؟"ونظير قولهم، قول قوم نوح:{ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ}{ وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} من المعلوم أن هذا لا يصلح لدفع الحق، وأنه تكذيب ومعاندة.
ثم بين- سبحانه- مظاهر هذا الغرور والتكبر من فرعون وملئه فقال: فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وهما موسى وهارون وَقَوْمُهُما أى: بنو إسرائيل الذين منهم موسى وهارون لَنا عابِدُونَ أى: مسخرون خاضعون منقادون لنا كما ينقاد الخادم لمخدومه.
فأنت ترى أن فرعون وملأه، قد أعرضوا عن دعوة موسى وهارون، لأنهما- أولا- بشر مثلهم، والبشرية- في زعمهم الفاسد- تتنافى مع الرسالة والنبوة، ولأنهما- ثانيا- من قوم بمنزلة الخدم لفرعون وحاشيته، ولا يليق- في طبعهم المغرور- أن يتبع فرعون وحاشيته من كان من هؤلاء القوم المستضعفين.
قال الآلوسى: «وقوله: فَقالُوا عطف على فَاسْتَكْبَرُوا وما بينهما اعتراض مقرر للاستكبار، والمراد: فقالوا فيما بينهم.. وثنى البشر لأنه يطلق على الواحد كقوله- تعالى- بَشَراً سَوِيًّا
وعلى الجمع، كما في قوله: - تعالى- فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً.. ولم يثن مثل نظرا إلى كونه في حكم المصدر، ولو أفرد البشر لصح، لأنه اسم جنس يطلق على الواحد وغيره، وكذا لو ثنى المثل، فإنه جاء مثنى في قوله: يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ومجموعا كما في قوله: ... ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ . وهذه القصص- كما ترى- تدل على أن مدار شبه المنكرين للنبوة، قياس حال الأنبياء على أحوالهم، بناء على جهلهم بتفاصيل شئون الحقيقة البشرية، وتباين طبقات أفرادها في مراقى الكمال.. ومن عجب أنهم لم يرضوا للنبوة ببشر، وقد رضى أكثرهم للإلهية بحجر..» .
لكونهما بشرين كما أنكرت الأمم الماضية بعثة الرسل من البشر تشابهت قلوبهم.
يقول تعالى ذكره: فقال فرعون وملؤه: ( أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا ) فنتبعهما ( وَقَوْمُهُمَا ) من بني إسرائيل ( لَنَا عَابِدُونَ ) يعنون : أنهم لهم مطيعون متذللون، يأتمرون &; 19-36 &; لأمرهم، ويدينون لهم، والعرب تسمي كل من دان لملك : عابدا له. ومن ذلك قيل لأهل الحيرة: العباد؛ لأنهم كانوا أهل طاعة لملوك العجم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: قال فرعون: ( أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا ) . .. الآية، نذهب نرفعهم فوقنا ونكون تحتهم، ونحن اليوم فوقهم وهم تحتنا، كيف نصنع ذلك، وذلك حين أتوهم بالرسالة، وقرأ: وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ قال: العلوّ في الأرض.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ولهذا قال:{ فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ} في الغرق في البحر، وبنو إسرائيل ينظرون.
ثم بين- سبحانه- سوء عاقبة فرعون وملئه فقال: فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ.
أى: فكذب فرعون وأتباعه موسى وهارون- عليهما السلام- فيما جاءا به من عند ربهما- عز وجل- فكانت نتيجة هذا التكذيب أن أغرقنا فرعون ومن معه جميعا.
فأهلك الله فرعون وملئه وأغرقهم في يوم واحد أجمعين.
وقوله: ( فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ ) يقول: فكذّب فرعون وملؤه موسى وهارون، فكانوا ممن أهلَكَهم الله كما أهلك من قبلهم من الأمم بتكذيبها رسلها.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى} بعدما أهلك الله فرعون، وخلص الشعب الإسرائيلي مع موسى، وتمكن حينئذ من إقامة أمر الله فيهم، وإظهار شعائره، وعده الله أن ينزل عليه التوراة أربعين ليلة، فذهب لميقات ربه، قال الله تعالى{ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ} ولهذا قال هنا:{ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} أي:بمعرفة تفاصيل الأمر والنهي، والثواب والعقاب، ويعرفون ربهم بأسمائه وصفاته.
ثم بين- سبحانه- ما أعطاه لموسى بعد هلاك فرعون وقومه فقال: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ.
والضمير في قوله- تعالى- لَعَلَّهُمْ يعود إلى قوم موسى من بنى إسرائيل. لأنه من المعروف أن التوراة أنزلت على موسى بعد هلاك فرعون وملئه..
أى: ولقد آتينا موسى- بفضلنا وكرمنا- الكتاب المشتمل على الهداية والإرشاد، وهو التوراة، لَعَلَّهُمْ أى: بنى إسرائيل يَهْتَدُونَ إلى الصراط المستقيم، بسبب اتباعهم لتعاليمه، وتمسكهم بأحكامه. فالترجى في قوله لَعَلَّهُمْ إنما هو بالنسبة لهم.
وقريب من هذه الآية قوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
وأنزل على موسى الكتاب وهو التوراة فيها أحكامه وأوامره ونواهيه ، وذلك بعد ما قصم الله فرعون والقبط ، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر; وبعد أن أنزل الله التوراة لم يهلك أمة بعامة ، بل أمر المؤمنين بقتال الكافرين ، كما قال تعالى : ( ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون ) [ القصص : 43 ] .
ثم قال تعالى :
يقول تعالى ذكره: ولقد آتينا موسى التوراة ليهتدي بها قومه من بني إسرائيل، ويعملوا بما فيها.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 53 | ﴿ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَٱلۡفُرۡقَانَ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ﴾ |
---|
الأنعام: 154 | ﴿ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ﴾ |
---|
الإسراء: 2 | ﴿ وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:وامتننا على عيسى ابن مريم، وجعلناه وأمه من آيات الله العجيبة، حيث حملته وولدته من غير أب، وتكلم في المهد صبيا، وأجرى الله على يديه من الآيات ما أجرى،{ وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} أي:مكان مرتفع، وهذا -والله أعلم- وقت وضعها،{ ذَاتِ قَرَارٍ} أي:مستقر وراحة{ وَمَعِينٍ} أي:ماء جار، بدليل قوله:{ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ} أي:تحت المكان الذي أنت فيه، لارتفاعه،{ سَرِيًّا} أي:نهرا وهو المعين{ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا* فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا}
ثم ساق- سبحانه- ما يدل على كمال قدرته، حيث أوجد عيسى من غير أب وجعل أمه مريم تلده من غير أن يمسها بشر. فقال- تعالى- وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً....
أى: وجعلنا نبينا عيسى- عليه السلام-، كما جعلنا أمه مريم، آية واضحة وحجة عظيمة، في الدلالة على قدرتنا النافذة التي لا يعجزها شيء.
قال أبو حيان: «قوله: وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً أى: جعلنا قصتهما، وهي آية عظمى بمجموعها، وهي آيات مع التفصيل، ويحتمل أن يكون حذف من الأول «آية» لدلالة الثاني، أى: وجعلنا ابن مريم آية، وأمه آية» .
وقوله- تعالى- وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ بيان لجانب مما أنعم به سبحانه- على عيسى وأمه.
والربوة: المكان المرتفع من الأرض. وأصلها من قولهم: ربا الشيء يربو، إذا ازداد وارتفع، ومنه الربا لأنه زيادة أخذت على أصل المال.
ومعين اسم مفعول من عانه إذا أدركه وأبصره بعينه، فالميم زائدة، وأصله معيون كمبيوع ثم دخله الإعلال. والكلام على حذف مضاف. أى: وماء معين.
أى: ومن مظاهر رعايتنا وإحساننا إلى عيسى وأمه أننا آويناهما وأسكناهما، وأنزلناهما في جهة مرتفعة من الأرض، وهذه الجهة ذات قرار، أى: ذات استقرار لاستوائها وصلاحيتها للسكن لما فيها من الزروع والثمار، وهي في الوقت ذاته ينساب الماء الظاهر للعيون في ربوعها.
قالوا: والمراد بهذه الربوة: بيت المقدس بفلسطين، أو دمشق، أو مصر.
والمقصود من الآية الكريمة: الإشارة إلى إيواء الله- تعالى- لهما، في مكان طيب، ينضر فيه الزرع، وتطيب فيه الثمار، ويسيل فيه الماء ويجدان خلال عيشهما به الأمان والراحة.
يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله عيسى ابن مريم ، عليهما السلام ، أنه جعلهما آية للناس : أي حجة قاطعة على قدرته على ما يشاء ، فإنه خلق آدم من غير أب ولا أم ، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى ، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر ، وخلق بقية الناس من ذكر وأنثى .
وقوله : ( وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) قال الضحاك ، عن ابن عباس : الربوة : المكان المرتفع من الأرض ، وهو أحسن ما يكون فيه النبات . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وقتادة .
قال ابن عباس : وقوله : ( ذات قرار ) يقول : ذات خصب ) ومعين ) يعني : ماء ظاهرا .
وقال مجاهد : ربوة مستوية .
وقال سعيد بن جبير : ( ذات قرار ومعين ) : استوى الماء فيها . وقال مجاهد ، وقتادة : ( ومعين ) : الماء الجاري .
ثم اختلف المفسرون في مكان هذه الربوة في أي أرض [ الله ] هي ؟ فقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ليس الربى إلا بمصر . والماء حين يرسل يكون الربى عليها القرى ، ولولا الربى غرقت القرى .
وروي عن وهب بن منبه نحو هذا ، وهو بعيد جدا .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى : ( وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) ، قال : هي دمشق .
قال : وروي عن عبد الله بن سلام ، والحسن ، وزيد بن أسلم ، وخالد بن معدان نحو ذلك .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( ذات قرار ومعين ) قال : أنهار دمشق . وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد : ( وآويناهما إلى ربوة [ ذات قرار ومعين ] ) ، قال : عيسى ابن مريم وأمه ، حين أويا إلى غوطة دمشق وما حولها .
وقال عبد الرزاق ، عن بشر بن رافع ، عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : في قوله : ( إلى ربوة ذات قرار ومعين ) قال : هي الرملة من فلسطين .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي ، حدثنا رواد بن الجراح ، حدثنا عباد بن عباد الخواص أبو عتبة ، حدثنا السيباني ، عن ابن وعلة ، عن كريب السحولي ، عن مرة البهزي قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لرجل : " إنك ميت بالربوة " فمات بالرملة . وهذا حديث غريب جدا .
وأقرب الأقوال في ذلك ما رواه العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) ، قال : المعين الماء الجاري ، وهو النهر الذي قال الله تعالى : ( قد جعل ربك تحتك سريا ) [ مريم : 24 ] .
وكذا قال الضحاك ، وقتادة : ( إلى ربوة ذات قرار ومعين ) : هو بيت المقدس . فهذا والله أعلم هو الأظهر; لأنه المذكور في الآية الأخرى . والقرآن يفسر بعضه بعضا . وهو أولى ما يفسر به ، ثم الأحاديث الصحيحة ، ثم الآثار .
( وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ) يقول: وجعلنا ابن مريم وأمه حجة لنا على من كان بينهم، وعلى قدرتنا على إنشاء الأجسام من غير أصل، كما أنشأنا خلق عيسى من غير أب.
كما حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرازق، قال: أخبرنا مَعْمر، عن قَتادة، في قوله: ( وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ) قال: ولدته من غير أب هو له، ولذلك وحدت الآية، وقد ذكر مريم وابنها.
وقوله ( وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ) يقول: وضممناهما وصيرناهما إلى ربوة، يقال: أوى فلان إلى موضع كذا، فهو يأوي إليه، إذا صار إليه; وعلى مثال أفعلته فهو يُؤْويه. وقوله ( إِلَى رَبْوَةٍ ) يعني: إلى مكان مرتفع من الأرض على ما حوله، ولذلك قيل للرجل ، يكون في رفعة من قومه ، وعزّ وشرف وعدد: هو في ربوة من قومه، وفيها لغتان: ضمّ الراء وكسرها إذا أريد بها الاسم، وإذا أريد بها الفعلة من المصدر قيل : رَبَا رَبْوة.
واختلف أهل التأويل في المكان الذي وصفه الله بهذه الصفة ، وآوَى إليه مريم وابنها، فقال بعضهم: هو الرَّمْلة من فلسطين.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا صفوان بن عيسى، قال: ثنا بشر بن رافع، قال: ثني ابن عمّ لأبي هريرة، يقال له : أبو عبد الله، قال: قال لنا أبو هريرة: الزموا هذه الرملة من فلسطين، فإنها الربوة التي قال الله: ( وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ).
حدثني عصام بن رَوّاد بن الجراح، قال: ثنا أبي، قال: ثنا عباد أبو عتبة الخوّاص، قال: ثنا يحيى بن أبي عمرو الشيباني، عن ابن وَعْلة، عن كريب قال: ما أدري ما حدثنا مُرَّة البَهزيّ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر أن الربوة : هي الرملة.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن بشر بن رافع، عن أبي عبد الله ابن عمّ أبي هريرة، قال: سمعت أبا هريرة يقول في قول الله: ( إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ) قال: هي الرملة من فلسطين.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا صفوان، قال: ثنا بشر بن رافع، قال: ثني أبو عبد الله ابن عمّ أبي هريرة، قال: قال لنا أبو هريرة: الزموا هذه الرملة التي بفلسطين، فإنها الربوة التي قال الله: ( وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ).
وقال آخرون: هي دمشق.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا أحمد بن الوليد القرشي، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أنه قال في هذه الآية: ( وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ) قال: زعموا أنها دمشق.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: بلغني، عن ابن المسيب أنه قال : دمشق.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، مثله.
حدثني يحيى بن عثمان بن صالح السهمي، قال: ثنا ابن بكير، قال: ثنا الليث بن سعد، قال: ثني عبد الله بن لهيعة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب في قوله: ( وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ) قال: إلى ربوة من رُبا مصر قال: وليس الرُّبَا إلا في مصر، والماء حين يُرسَل تكون الربا عليها القرى، لولا الربَا لغرقت تلك القرى.
وقال آخرون: هي بيت المقدس.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: هو بيت المقدس.
قال ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: كان كعب يقول: بيت المقدس أقرب إلى السماء بثمانية عشر ميلا.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن كعب، مثله.
وأولى هذه الأقوال بتأويل ذلك: أنها مكان مرتفع ذو استواء ، وماء ظاهر، وليس كذلك صفة الرملة؛ لأن الرملة لا ماء بها مَعِين، والله تعالى ذِكْره وصف هذه الربوة بأنها ذات قرار ومَعِين.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ) قال: الربوة: المستوية.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( إِلَى رَبْوَةٍ ) قال: مستوية.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
وقوله: ( ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ) يقول تعالى ذكره: من صفة الربوة التي آوينا إليها مريم وابنها عيسى، أنها أرض منبسطة وساحة ، وذات ماء ظاهر ، لغير الباطن، جار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن &; 19-39 &; أبيه، عن ابن عباس: ( وَمَعِينٍ ) قال: المعين: الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا .
حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، في قوله: ( ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ) قال: المعين: الماء.
حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: معين، قال: ماء.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا محمد بن الصَّلْت، قال: ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد، في قوله: ( ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ) قال: المكان المستوي، والمَعِين: الماء الظاهر.
حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَمَعِينٍ ) : هو الماء الظاهر.
وقال آخرون: عنى بالقرار الثمار.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة: ( ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ) هي ذات ثمار، وهي بيت المقدس.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.
قال أبو جعفر: وهذا القول الذي قاله قتادة في معنى: ( ذَاتِ قَرَارٍ ) وإن لم يكن أراد بقوله: إنها إنما وصفت بأنها ذات قرار لما فيها من الثمار، ومن أجل ذلك ، يستقرّ فيها ساكنوها، فلا وجه له نعرفه. وأما( مَعِينٍ ) فإنه مفعول من عِنْته فأنا أعينه، وهو مُعين، وقد يجوز أن يكون فعيلا من مَعَن يمعن فهو معين من الماعون، ومنه قول عَبيد بن الأبرص:
وَاهيَـــةٌ أوْ مَعِيـــنٌ مُمْعِـــنٌ
أوْ هَضْبَـــةٌ دُونَهـــا لُهُـــوبُ (1)
------------------------
الهوامش :
(1) البيت لعبيد بن الأبرص من قصيدته البائية المطولة ( اللسان : معن) واستشهد به المؤلف ، عند قوله تعالى: { وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين } . وقال في اللسان : قال الفراء : ذات قرار : أرض منبسطة . ومعين الماء : الظاهر الجاري . قال : ولك أن تجعل المعين مفعولا من العيون ، ( واختاره المؤلف ) ، ولك أن تجعله فعيلا من الماعون ، يكون أصله المعن . والمعين: الماء السائل ، وقيل الجاري على وجه الأرض ، وقيل العذب الغزير، وكل ذلك من السهولة. والمعن: الماء الظاهر . واللهوب : جمع لهب ( بكسر اللام) الفرجة والهواء بين الجبلين . وفي المحكم : مهراة ما بين كل جبلين . وقيل : هو الصدع في الجبل ، عن اللحياني . وقيل : هو الشعب الصغير في الجبل . وقيل : وجه من الجبل كالحائط لا يستطاع ارتقاؤه . ا هـ .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المائدة: 17 | ﴿قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ |
---|
المؤمنون: 50 | ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ربوة:
قرئ:
1- بضم الراء، وهى لغة قريش، وهى قراءة الجمهور.
2- بفتحها، وهى قراءة الحسن، وأبى عبد الرحمن، وعاصم، وابن عامر.
3- بكسرها، وهى قراءة أبى إسحاق السبيعي.
4- رباوة، بضم الراء وبالألف، وهى قراءة ابن أبى إسحاق.
5- رباوة، بفتح الراء وبالألف، وهى قراءة زيد بن على، والأشهب العقيلي، والسلمى.
6- بكسر الراء وبالألف.
التفسير :
هذا أمر منه تعالى لرسله بأكل الطيبات، التي هي الرزق الطيب الحلال، وشكر الله، بالعمل الصالح، الذي به يصلح القلب والبدن، والدنيا والآخرة. ويخبرهم أنه بما يعملون عليم، فكل عمل عملوه، وكل سعي اكتسبوه، فإن الله يعلمه، وسيجازيهم عليه أتم الجزاء وأفضله، فدل هذا على أن الرسل كلهم، متفقون على إباحة الطيبات من المآكل، وتحريم الخبائث منها، وأنهم متفقون على كل عمل صالح وإن تنوعت بعض أجناس المأمورات، واختلفت بها الشرائع، فإنها كلها عمل صالح، ولكن تتفاوت بتفاوت الأزمنة.
ولهذا، الأعمال الصالحة، التي هي صلاح في جميع الأزمنة، قد اتفقت عليها الأنبياء والشرائع، كالأمر بتوحيد الله، وإخلاص الدين له، ومحبته، وخوفه، ورجائه، والبر، والصدق، والوفاء بالعهد، وصلة الأرحام، وبر الوالدين، والإحسان إلى الضعفاء والمساكين واليتامى، والحنو والإحسان إلى الخلق، ونحو ذلك من الأعمال الصالحة، ولهذا كان أهل العلم، والكتب السابقة، والعقل، حين بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، يستدلون على نبوته بأجناس ما يأمر به، وينهى عنه، كما جرى لهرقل وغيره، فإنه إذا أمر بما أمر به الأنبياء، الذين من قبله، ونهى عما نهوا عنه، دل على أنه من جنسهم، بخلاف الكذاب، فلا بد أن يأمر بالشر، وينهى عن الخير.
ثم ختم- سبحانه- الحديث عن هؤلاء الأنبياء، بتوجيه خطاب إلى الرسل جميعا، أمرهم فيه بالأكل من الطيبات، وبالتزود من العمل الصالح، فقال- تعالى-: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً، إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ.
ووجه- سبحانه- الخطاب إلى الرسل جميعا، مع أن الموجود منهم عند نزول الآية واحد فقط، وهو الرسول صلّى الله عليه وسلّم للدلالة على أن كل رسول أمر في زمنه بالأكل من الطيبات التي أحلها- تعالى- وبالعمل الصالح.
وفي الآية إشارة إلى أن المداومة على الأكل من الطيبات التي أحلها الله، والتي لا شبهة فيها، له أثره في مواظبة الإنسان على العمل الصالح.
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: يأمر الله- تعالى- عباده المرسلين بالأكل من الحلال، والقيام بالصالح من الأعمال، فدل هذا على أن الحلال عون على العمل الصالح، فقام الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- بهذا أتم قيام، وجمعوا بين كل خير. قولا وعملا.
ودلالة ونصحا.
ثم ساق- رحمه الله- عددا من الأحاديث في هذا المعنى منها: أن أم عبد الله- بنت شداد بن أوس- بعثت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقدح لبن عند فطره وهو صائم، وذلك مع طول النهار وشدة الحر. فرد إليهما رسولها: أنّى كانت لك الشاة؟ - أى: على أية حال تملكينها- فقالت: اشتريتها من مالي، فشرب منه، فلما كان من الغد أتته أم عبد الله فقالت له: يا رسول الله. بعثت إليك بلبن مرثية لك من طول النهار وشدة الحر، فرددت إلىّ الرسول فيه؟ فقال لها: «بذلك أمرت الرسل. أن لا تأكل إلا طيبا ولا تعمل إلا صالحا» .
ومنها: ما ثبت في صحيح مسلم. عن أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً ... وقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه من حرام. ومشربه من حرام، وملبسه من حرام، وغذى بالحرام. يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب فأنى يستجاب لذلك» .
وقوله- سبحانه-: إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ تحذير من مخالفة ما أمر به- تعالى-.
أى: إنى: بما تعملون- أيها الرسل وأيها الناس- عليم فأجازيكم على هذا العمل بما تستحقون.
أمر تعالى عباده المرسلين ، عليهم الصلاة والسلام أجمعين ، بالأكل من الحلال ، والقيام بالصالح من الأعمال ، فدل هذا على أن الحلال عون على العمل الصالح ، فقام الأنبياء ، عليهم السلام ، بهذا أتم القيام . وجمعوا بين كل خير ، قولا وعملا ودلالة ونصحا ، فجزاهم الله عن العباد خيرا .
قال الحسن البصري في قوله : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات ) قال : أما والله ما أمروا بأصفركم ولا أحمركم ، ولا حلوكم ولا حامضكم ، ولكن قال : انتهوا إلى الحلال منه .
وقال سعيد بن جبير ، والضحاك : ( كلوا من الطيبات ) يعني : الحلال .
وقال أبو إسحاق السبيعي ، عن أبي ميسرة بن شرحبيل : كان عيسى ابن مريم يأكل من غزل أمه .
وفي الصحيح : " ما من نبي إلا رعى الغنم " . قالوا : وأنت يا رسول الله؟ قال : " نعم ، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة " .
وفي الصحيح : أن داود ، عليه السلام ، كان يأكل من كسب يده .
وفي الصحيحين : " إن أحب الصيام إلى الله صيام داود ، وأحب القيام إلى الله قيام داود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه وينام سدسه ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، ولا يفر إذا لاقى " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم ، عن ضمرة بن حبيب ، أن أم عبد الله ، أخت شداد بن أوس بعثت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقدح لبن عند فطره وهو صائم ، وذلك في أول النهار وشدة الحر ، فرد إليها رسولها : أنى كانت لك الشاة؟ فقالت : اشتريتها من مالي ، فشرب منه ، فلما كان الغد أتته أم عبد الله أخت شداد فقالت : يا رسول الله ، بعثت إليك بلبن مرثية لك من طول النهار وشدة الحر ، فرددت إلي الرسول فيه؟ . فقال لها : " بذلك أمرت الرسل ، ألا تأكل إلا طيبا ، ولا تعمل إلا صالحا " .
وقد ثبت في صحيح مسلم ، وجامع الترمذي ، ومسند الإمام أحمد واللفظ له من حديث فضيل بن مرزوق ، عن عدي بن ثابت ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس ، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) . وقال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) [ البقرة : 172 ] . ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، يمد يديه إلى السماء : يا رب ، يا رب ، فأنى يستجاب لذلك " .
وقال الترمذي : حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث فضيل بن مرزوق .
يقول تعالى ذكره: وقلنا لعيسى: يا أيها الرسل كلوا من الحلال الذي طيبه الله لكم دون الحرام، ( وَاعْمَلُوا صَالِحًا ) تقول في الكلام للرجل الواحد: أيها القوم كفوا عنَّا أذاكم، وكما قال: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ ، وهو رجل واحد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني ابن عبد الأعلى بن واصل، قال: ثني عبيد بن إسحاق الضبيّ العطار، عن حفص بن عمر الفزاريّ، عن أبي إسحاق السبيعيّ، عن عمرو بن شرحبيل: ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ) قال: كان عيسى ابن مريم يأكل من غزل أمه.
وقوله: ( إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) يقول: إني بأعمالكم ذو علم، لا يخفى عليّ منها شيء، وأنا مجازيكم بجميعها، وموفِّيكم أجوركم وثوابكم عليها، فخذوا في صالحات الأعمال واجتهدوا.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المؤمنون: 51 | ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ |
---|
سبإ: 11 | ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ولهذا قال تعالى للرسل:{ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أمَّةً} أي:جماعتكم -يا معشر الرسل- جماعة{ وَاحِدَةً} متفقة على دين واحد، وربكم واحد.{ فَاتَّقُونِ} بامتثال أوامري، واجتناب زواجري. وقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين، لأنهم بهم يقتدون، وخلفهم يسلكون، فقال:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} فالواجب من كل المنتسبين إلى الأنبياء وغيرهم، أن يمتثلوا هذا، ويعملوا به
وقوله- سبحانه- وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً.. جملة مستأنفة.
والمراد بالأمة هنا: الشريعة والدين الذي أنزله الله- تعالى- على أنبيائه ورسله، أى:
وإن شريعتكم- أيها الرسل- جميعا هي شريعة واحدة لا تختلف في أصولها التي تتعلق بالعقائد والعبادات والمعاملات، وإن اختلفت في الأحكام الفرعية.
وقرأ بعض القراء السبعة: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ.. بفتح الهمزة، على أن الآية من جملة ما خوطب به الرسل.
والتقدير: واعلموا- أيها الرسل- أن ملتكم وشريعتكم، ملة واحدة، وشريعة واحدة في عقائدها وأصول أحكامها.
وَأَنَا رَبُّكُمْ لا شريك لي في الربوبية فَاتَّقُونِ أى: فخافوا عقابي، واحذروا مخالفة أمرى، وصونوا أنفسكم من كل ما نهيتكم عنه.
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك حال المصرين على كفرهم وضلالهم من دعوة الرسل عليهم- الصلاة والسلام- فقال:
وقوله : ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة ) أي : دينكم يا معشر الأنبياء دين واحد ، وملة واحدة ، وهو الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له; ولهذا قال : ( وأنا ربكم فاتقون ) ، وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة " الأنبياء " ، وأن قوله : ( أمة واحدة ) منصوب على الحال .
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ) ، فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة ( وأنَّ ) بالفتح، بمعنى: إني بما تعملون عليم، وأن هذه أمتكم أمة واحدة، فعلى هذا التأويل (أن) في موضع خفض، عطف بها على (ما) من قوله: بِمَا تَعْمَلُونَ ، وقد يحتمل أن تكون في موضع نصب إذا قرئ ذلك كذلك. ويكون معنى الكلام حينئذ: واعلموا أن هذه، ويكون نصبها بفعل مضمر. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين بالكسر: ( وَإِنْ ) هذه على الاستئناف، والكسر في ذلك عندي على الابتداء هو الصواب؛ لأن الخبر من الله عن قيله لعيسى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ مبتدأ، فقوله: ( وَإِنَّ هَذِهِ ) مردود عليه عطفا به عليه، فكان معنى الكلام: وقلنا لعيسى: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات، وقلنا: وإن هذه أمتكم أمة واحدة. وقيل: إن الأمة الذي في هذا الموضع: الدِّين والملة.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، في قوله: ( وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ) قال: الملة والدين.
وقوله: ( وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ )يقول: وأنا مولاكم فاتقون بطاعتي تأمنوا عقابي ، ونصبت أمة واحدة على الحال. وذُكر عن بعضهم أنه قرأ ذلك رفعا. وكان بعض نحويِّي البصرة يقول: رَفْع ذلك إذا رفع على الخبر، ويجعل أمتكم نصبا على البدل من هذه. وأما نحويو الكوفة فيأبون ذلك إلا في ضرورة شعر، وقالوا: لا يقال: مررت بهذا غلامكم; لأن هذا لا تتبعه إلا الألف واللام والأجناس، لأن " هذا " إشارة إلى عدد، فالحاجة في ذلك إلى تبيين المراد من المشار إليه أيّ الأجناس هو، وقالوا: وإذا قيل: هذه أمتكم أمة واحدة، والأمة غائبة ، وهذه حاضرة، قالوا: فغير جائز أن يبين عن الحاضر بالغائب، قالوا: فلذلك لم يجز: إن هذا زيد قائم، من أجل أن هذا محتاج إلى الجنس لا إلى المعرفة.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنبياء: 92 | ﴿ إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ |
---|
المؤمنون: 52 | ﴿ إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وإن:
قرئ:
1- بكسر الهمز والتشديد، على الاستئناف، وهى قراءة الكوفيين.
2- بالفتح والتشديد، أي: ولأن، وهى قراءة الحرميين، وأبى عمرو.
3- بالفتح والتخفيف، وهى قراءة ابن عامر.
التفسير :
، ولكن أبى الظالمون المفترقون إلا عصيانا، ولهذا قال:{ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا} أي:تقطع المنتسبون إلى اتباع الأنبياء{ أَمْرُهُمْ} أي:دينهم{ بَيْنَهُمْ زُبُرًا} أي:قطعا{ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ} أي:بما عندهم من العلم والدين{ فَرِحُونَ} يزعمون أنهم المحقون، وغيرهم على غير الحق، مع أن المحق منهم، من كان على طريق الرسل، من أكل الطيبات، والعمل الصالح، وما عداهم فإنهم مبطلون.
والفاء في قوله- تعالى-: فَتَقَطَّعُوا لترتيب حالهم وما هم عليه من تفرق وتنازع واختلاف، على ما سبق من أمرهم بالتقوى، واتباع ما جاءهم به الرسل.
وضمير الجمع يعود إلى الأقوام السابقين الذين خالفوا رسلهم، وتفرقوا شيعا وأحزابا.
وقوله زُبُراً حال من هذا الضمير. ومفردة زبرة- كغرفة- بمعنى: قطعة. والمراد به هنا: طائفة من الناس. والمراد بأمرهم: أمر دينهم الذي هو واحد في الأصل.
أى: أن هؤلاء الأقوام الذين جاء الرسل لهدايتهم، لم يتبعوا دين رسلهم بل تفرقوا في شأنه شيعا وأحزابا، فمنهم أهل الكتاب الذين قال بعضهم: عزير ابن الله، وقال بعضهم:
المسيح ابن الله، ومنهم المشركون الذين عبدوا من دون الله- تعالى- أصناما لا تضر ولا تنفع، وصار كل حزب من هؤلاء المعرضين عن الحق، مسرورا بما هو عليه من باطل، وفرحا بما هو فيه من ضلال.
والآية القرآنية بأسلوبها البديع، تسوق هذا التنازع من هؤلاء الجاهلين في شأن الدين الواحد، في صورة حسية، يرى المتدبر من خلالها، أنهم تجاذبوه فيما بينهم، حتى قطعوه في أيديهم قطعا، ثم مضى كل فريق منهم بقطعته وهو فرح مسرور، مع أنه- لو كان يعقل- لما انحدر إلى هذا الفعل القبيح، ولما فرح بعمل شيء من شأنه أن يحزن له كل عاقل.
وقوله : ( فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا ) أي : الأمم الذين بعث إليهم الأنبياء ، ( كل حزب بما لديهم فرحون ) أي : يفرحون بما هم فيه من الضلال; لأنهم يحسبون أنهم مهتدون;
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( زُبُرًا ) فقرأته عامة قرّاء المدينة والعراق: ( زُبُرًا ) بمعنى جمع الزبور. فتأويل الكلام على قراءة هؤلاء: فتفرّق القوم الذين أمرهم الله من أمة الرسول عيسى بالاجتماع على الدين الواحد والملة الواحدة، دينهم الذي أمرهم الله بلزومه ( زُبُرًا ) كتبا، فدان كل فريق منهم بكتاب غير الكتاب الذين دان به الفريق الآخر، كاليهود الذين زعموا أنهم دانوا بحكم التوراة ، وكذّبوا بحكم الإنجيل والقرآن، وكالنصارى الذين دانوا بالإنجيل بزعمهم ، وكذبوا بحكم الفرقان.
* ذكر من تأول ذلك كذلك:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( زُبُرًا ) قال: كتبا.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( بَيْنَهُمْ زُبُرًا ) قال: كتب الله فرقوها قطعا.
* - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد: ( فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا ) قال مجاهد: كتبهم فرقوها قطعا.
وقال آخرون من أهل هذه القراءة: إنما معنى الكلام: فتفرقوا دينهم بينهم كتبا أحدثوها يحتجون فيها لمذهبهم.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) قال: هذا ما اختلفوا فيه من الأديان والكتب، كلّ معجبون برأيهم، ليس أهل هواء إلا وهم معجبون برأيهم وهواهم وصاحبهم الذي اخترق ذلك لهم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الشام ( فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبَرًا ) بضم الزاي وفتح الباء، بمعنى: فتفرّقوا أمرهم بينهم قِطَعا كزُبَر الحديد، وذلك القطع منها واحدتها زبرة، من قول الله: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ فصار بعضهم يهودا ، ويعضهم نصارى.
والقراءة التي نختار في ذلك قراءة من قرأه بضم الزاي والباء؛ لإجماع أهل التأويل في تأويل ذلك على أنه مراد به الكتب، فذلك يبين عن صحة ما اخترنا في ذلك؛ لأن الزبُر هي الكتب، يقال منه: زبرت الكتاب: إذ كتبته.
فتأويل الكلام: فتفرّق الذين أمرهم الله بلزوم دينه من الأمم دينهم بينهم كتبًا كما بيَّنا قبل.
وقوله: ( كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) يقول: كل فريق من تلك الأمم ، بما اختاروه لأنفسهم من الدين والكتب ، فرحون معجبون به، لا يرون أن الحقّ سواه.
كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني &; 19-43 &; الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) : قطعة وهؤلاء هم أهل الكتاب.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد: ( كُلُّ حِزْبٍ ) قطعة أهل الكتاب.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنبياء: 93 | ﴿وَ تَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ ۖ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ﴾ |
---|
المؤمنون: 53 | ﴿فَـ تَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ} أي:في وسط جهلهم بالحق، ودعواهم أنهم هم المحقون.{ حَتَّى حِينٍ} أي:إلى أن ينزل العذاب بهم، فإنهم لا ينفع فيهم وعظ، ولا يفيدهم زجر، وكيف يفيد من يزعم أنه على الحق، ويطمع في دعوة غيره إلى ما هو عليه؟.
والخطاب في قوله- تعالى-: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ للرسول صلّى الله عليه وسلّم والضمير المنصوب «هم» للمشركين.
والغمرة في الأصل: الماء الذي يغمر القامة ويسترها، إذ المادة تدل على التغطية والستر.
يقال: غمر الماء الأرض إذا غطاها وسترها. ويقال: هذا رجل غمر- بضم الغين وإسكان الميم- إذا غطاه الجهل وجعله لا تجربة له بالأمور. ويقال: هذا رجل غمر- بكسر الغين- إذا غطى الحقد قلبه والمراد بالغمرة هنا: الجهالة والضلالة، والمعنى: لقد أديت- أيها الرسول- الرسالة، ونصحت لقومك. وبلغتهم ما أمرك الله- تعالى- بتبليغه، وعليك الآن أن تترك هؤلاء الجاحدين المعاندين في جهالاتهم وغفلتهم وحيرتهم حَتَّى حِينٍ أى:
حتى يأتى الوقت الذي حددناه للفصل في أمرهم بما تقتضيه حكمتنا.
وجاء لفظ «حين» بالتنكير، لتهويل الأمر وتفظيعه.
ولهذا قال متهددا لهم ومتواعدا : ( فذرهم في غمرتهم ) أي : في غيهم وضلالهم ) حتى حين ) أي : إلى حين حينهم وهلاكهم ، كما قال تعالى : ( فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ) [ الطارق : 17 ] ، وقال تعالى : ( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ) [ الحجر : 3 ] .
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فدع يا محمد هؤلاء الذين تقطَّعوا أمرهم بينهم زبرا، ( فِي غَمْرَتِهِمْ ) في ضلالتهم وغيهم ( حَتَّى حِينٍ ) ، يعني : إلى أجل سيأتيهم عند مجيئه عذابي.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد: ( فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ ) قال: في ضلالهم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ ) قال: الغَمْرة: الغَمْر.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
فى غمرتهم:
1- بالإفراد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- فى غمراتهم، بالجمع، وهى قراءة على بن أبى طالب، وأبى حيوة، والسلمى.
التفسير :
تفسير الآيتين 55 و56:ـ
{ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ} أي:أيظنون أن زيادتنا إياهم بالأموال والأولاد، دليل على أنهم من أهل الخير والسعادة، وأن لهم خير الدنيا والآخرة؟ وهذا مقدم لهم، ليس الأمر كذلك.
{ بَل لَا يَشْعُرُونَ} أنما نملي لهم ونمهلهم ونمدهم بالنعم، ليزدادوا إثما، وليتوفر عقابهم في الآخرة، وليغتبطوا بما أوتوا{ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً}
ثم تأخذ السورة الكريمة بعد ذلك في السخرية منهم لغفلتهم عن هذا المصير المحتوم، الذي سيفاجئهم بما لا يتوقعون. فيقول: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ. نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ، بَلْ لا يَشْعُرُونَ.
والهمزة في قوله أَيَحْسَبُونَ للاستفهام الإنكارى. و «ما» موصولة، وهي اسم «أن» وخبرها جملة «نسارع لهم ... » والرابط مقدر أى: به.
أى: أيظن هؤلاء الجاهلون. أن ما نعطيهم إياه من مال وبنين، هو من باب المسارعة منا في إمدادهم بالخيرات لرضانا عنهم وإكرامنا لهم؟ كلا: ما فعلنا معهم ذلك لتكريمهم، وإنما فعلنا ذلك معهم لاستدراجهم وامتحانهم، ولكنهم لا يشعرون بذلك. ولا يحسون به لانطماس بصائرهم ولاستيلاء الجهل والغرور على نفوسهم.
فقوله- سبحانه- بَلْ لا يَشْعُرُونَ إضراب انتقالي عن الحسبان المذكور وهو معطوف على مقدر ينسحب إليه الكلام.
أى: ما فعلنا ذلك معهم لإكرامنا إياهم كما يظنون، بل فعلنا ما فعلنا استدراجا لهم، ولكنهم لا شعور لهم ولا إحساس، وما هم إلا كالأنعام بل هم أضل.
لذا قال بعض الصالحين: من يعص الله- تعالى- ولم ير نقصانا فيما أعطاه- سبحانه- من الدنيا. فليعلم أنه مستدرج قد مكر به.
وشبيه بهاتين الآيتين قوله- تعالى-: فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ، سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ .
وبعد أن صورت السورة الكريمة حالة أصحاب القلوب التي غمرها الجهل والعمى، أتبعت ذلك بإعطاء صورة وضيئة مشرقة لأصحاب القلوب الوجلة المؤمنة، المسارعة في الخيرات فقال- تعالى-:
وقوله : ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ) يعني : أيظن هؤلاء المغرورون أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد لكرامتهم علينا ومعزتهم عندنا؟! كلا ليس الأمر كما يزعمون في قولهم : ( نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ) [ سبأ : 35 ] ، لقد أخطئوا في ذلك وخاب رجاؤهم ، بل إنما نفعل بهم ذلك استدراجا وإنظارا وإملاء ; ولهذا قال : ( بل لا يشعرون ) ، كما قال تعالى : ( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ) [ التوبة : 55 ] ، وقال تعالى : ( إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ) [ آل عمران : 178 ] ، وقال تعالى : ( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين ) [ القلم : 44 ، 45 ] ، وقال : ( ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا ) [ المدثر : 11 16 ] وقال تعالى : ( وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون ) [ سبأ : 37 ] والآيات في هذا كثيرة .
قال قتادة في قوله : ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ) قال : مكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم ، يا ابن آدم ، فلا تعتبر الناس بأموالهم وأولادهم ، ولكن اعتبرهم بالإيمان والعمل الصالح .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد [ بن عبيد ، حدثنا أبان بن إسحاق ، عن الصباح بن محمد ، عن مرة الهمداني ، حدثنا عبد الله ] بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قسم بينكم أخلاقكم ، كما قسم بينكم أرزاقكم ، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب ، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ، والذي نفسي بيده ، لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه قالوا : وما بوائقه يا نبي الله؟ قال : غشمه وظلمه ولا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ، ولا يتصدق به فيقبل منه ، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار ، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ، ولكن يمحو السيئ بالحسن ، إن الخبيث لا يمحو الخبيث " .
وقوله: ( أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ) يقول تعالى ذكره: أيحسب هؤلاء الأحزاب الذين فرقوا دينهم زبرا، أن الذي نعطيهم في عاجل الدنيا من مال وبنين ( نُسَارِعُ لَهُمْ ) يقول: نسابق لهم في خيرات الآخرة، ونبادر لهم فيها. و " ما " من قوله: ( أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ ) نصب؛ لأنها بمعنى الذي ( بَل لا يَشْعُرُونَ ) يقول تعالى ذِكْره تكذيبا لهم: ما ذلك كذلك، بل لا يعلمون أن إمدادي إياهم بما أمدّهم به من ذلك إنما هو إملاء واستدراج لهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ ) قال: نعطيهم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
أنما:
وقرئ:
بكسر الهمزة، وهى قراءة ابن وثاب.
نمدهم:
وقرئ:
يمدهم، بالياء، وهى قراءة ابن كثير، فى رواية.
التفسير :
تفسير الآيتين 55 و56:ـ
{ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ} أي:أيظنون أن زيادتنا إياهم بالأموال والأولاد، دليل على أنهم من أهل الخير والسعادة، وأن لهم خير الدنيا والآخرة؟ وهذا مقدم لهم، ليس الأمر كذلك.
{ بَل لَا يَشْعُرُونَ} أنما نملي لهم ونمهلهم ونمدهم بالنعم، ليزدادوا إثما، وليتوفر عقابهم في الآخرة، وليغتبطوا بما أوتوا{ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً}
ثم تأخذ السورة الكريمة بعد ذلك في السخرية منهم لغفلتهم عن هذا المصير المحتوم، الذي سيفاجئهم بما لا يتوقعون. فيقول: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ. نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ، بَلْ لا يَشْعُرُونَ.
والهمزة في قوله أَيَحْسَبُونَ للاستفهام الإنكارى. و «ما» موصولة، وهي اسم «أن» وخبرها جملة «نسارع لهم ... » والرابط مقدر أى: به.
أى: أيظن هؤلاء الجاهلون. أن ما نعطيهم إياه من مال وبنين، هو من باب المسارعة منا في إمدادهم بالخيرات لرضانا عنهم وإكرامنا لهم؟ كلا: ما فعلنا معهم ذلك لتكريمهم، وإنما فعلنا ذلك معهم لاستدراجهم وامتحانهم، ولكنهم لا يشعرون بذلك. ولا يحسون به لانطماس بصائرهم ولاستيلاء الجهل والغرور على نفوسهم.
فقوله- سبحانه- بَلْ لا يَشْعُرُونَ إضراب انتقالي عن الحسبان المذكور وهو معطوف على مقدر ينسحب إليه الكلام.
أى: ما فعلنا ذلك معهم لإكرامنا إياهم كما يظنون، بل فعلنا ما فعلنا استدراجا لهم، ولكنهم لا شعور لهم ولا إحساس، وما هم إلا كالأنعام بل هم أضل.
لذا قال بعض الصالحين: من يعص الله- تعالى- ولم ير نقصانا فيما أعطاه- سبحانه- من الدنيا. فليعلم أنه مستدرج قد مكر به.
وشبيه بهاتين الآيتين قوله- تعالى-: فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ، سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ .
وبعد أن صورت السورة الكريمة حالة أصحاب القلوب التي غمرها الجهل والعمى، أتبعت ذلك بإعطاء صورة وضيئة مشرقة لأصحاب القلوب الوجلة المؤمنة، المسارعة في الخيرات فقال- تعالى-:
وقوله : ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ) يعني : أيظن هؤلاء المغرورون أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد لكرامتهم علينا ومعزتهم عندنا؟! كلا ليس الأمر كما يزعمون في قولهم : ( نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ) [ سبأ : 35 ] ، لقد أخطئوا في ذلك وخاب رجاؤهم ، بل إنما نفعل بهم ذلك استدراجا وإنظارا وإملاء ; ولهذا قال : ( بل لا يشعرون ) ، كما قال تعالى : ( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ) [ التوبة : 55 ] ، وقال تعالى : ( إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ) [ آل عمران : 178 ] ، وقال تعالى : ( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين ) [ القلم : 44 ، 45 ] ، وقال : ( ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا ) [ المدثر : 11 16 ] وقال تعالى : ( وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون ) [ سبأ : 37 ] والآيات في هذا كثيرة .
قال قتادة في قوله : ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ) قال : مكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم ، يا ابن آدم ، فلا تعتبر الناس بأموالهم وأولادهم ، ولكن اعتبرهم بالإيمان والعمل الصالح .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد [ بن عبيد ، حدثنا أبان بن إسحاق ، عن الصباح بن محمد ، عن مرة الهمداني ، حدثنا عبد الله ] بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قسم بينكم أخلاقكم ، كما قسم بينكم أرزاقكم ، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب ، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ، والذي نفسي بيده ، لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه قالوا : وما بوائقه يا نبي الله؟ قال : غشمه وظلمه ولا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ، ولا يتصدق به فيقبل منه ، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار ، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ، ولكن يمحو السيئ بالحسن ، إن الخبيث لا يمحو الخبيث " .
( نسارع لهم )، قال: نـزيدهم في الخير، نملي لهم، قال: هذا لقريش.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
حدثني محمد بن عمر بن عليّ، قال: ثني أشعث بن عبد الله، قال: ثنا شعبة، عن خالد الحذّاء، قال: قلت لعبد الرحمن بن أبي بكرة قول الله: ( نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ) قال: يسارع لهم في الخيرات، وكأن عبد الرحمن بن أبي بكرة وجه بقراءته ذلك، إلى أن تأويله: يسارع لهم إمدادنا إياهم بالمال والبنين في الخيرات.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
نسارع:
وقرئ:
يسارع، بالياء وكسر الراء، أي: يسارع هو، وهى قراءة السلمى، وعبد الرحمن بن أبى بكر.
التفسير :
لما ذكر تعالى الذين جمعوا بين الإساءة والأمن، الذين يزعمون أن عطاء الله إياهم في الدنيا دليل على خيرهم وفضلهم، ذكر الذين جمعوا بين الإحسان والخوف، فقال:{ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ} أي:وجلون، مشفقة قلوبهم كل ذلك من خشية ربهم، خوفا أن يضع عليهم عدله، فلا يبقى لهم حسنة، وسوء ظن بأنفسهم، أن لا يكونوا قد قاموا بحق الله تعالى، وخوفا على إيمانهم من الزوال، ومعرفة منهم بربهم، وما يستحقه من الإجلال والإكرام، وخوفهم وإشفاقهم يوجب لهم الكف عما يوجب الأمر المخوف من الذنوب، والتقصير في الواجبات.
وقوله- سبحانه- إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ بيان للصفة الأولى من صفات هؤلاء المؤمنين الصادقين.
والإشفاق: هو الخوف من الله- تعالى- والخشية منه- سبحانه- مع شدة الرقة في القلب وكثرة الخوف من عقابه.
أى: أنهم من خشية عقابه- عز وجل- حذرون خائفون، وهذا شأن المؤمنين الصادقين، كما قال الحسن البصري: إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة، وإن المنافق جمع إساءة وأمنا.
يقول تعالى : ( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ) أي : هم مع إحسانهم وإيمانهم وعملهم الصالح ، مشفقون من الله خائفون منه ، وجلون من مكره بهم ، كما قال الحسن البصري : إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة ، وإن المنافق جمع إساءة وأمنا .
يعني تعالى ذكره: ( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ) إن الذين هم من خشيتهم وخوفهم من عذاب الله مشفقون، فهم من خشيتهم من ذلك دائبون في طاعته جادّون في طلب مرضاته.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ} أي:إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، ويتفكرون أيضا في الآيات القرآنية ويتدبرونها، فيبين لهم من معاني القرآن وجلالته واتفاقه، وعدم اختلافه وتناقضه، وما يدعو إليه من معرفة الله وخوفه ورجائه، وأحوال الجزاء، فيحدث لهم بذلك من تفاصيل الإيمان، ما لا يعبر عنه اللسان.
ويتفكرون أيضا في الآيات الأفقية، كما في قوله:{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} إلى آخر الآيات.
وقوله- تعالى-: وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ بيان للصفة الثانية أى: أنهم يؤمنون إيمانا راسخا بجميع آيات الله- سبحانه- الدالة على وحدانيته وقدرته، سواء أكانت تلك الآيات تنزيلية أم كونية.
( والذين هم بآيات ربهم يؤمنون ) أي : يؤمنون بآياته الكونية والشرعية ، كقوله تعالى إخبارا عن مريم ، عليها السلام : ( وصدقت بكلمات ربها وكتبه ) [ التحريم : 12 ] ، أي : أيقنت أن ما كان فإنما هو عن قدر الله وقضائه ، وما شرعه الله فهو إن كان أمرا فمما يحبه ويرضاه ، وإن كان نهيا فهو مما يكرهه ويأباه ، وإن كان خيرا فهو حق ،
( وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ) يقول: والذين هم بآيات كتابه وحججه مصدقون.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ} أي:لا شركا جليا، كاتخاذ غير الله معبودا، يدعوه ويرجوه ولا شركا خفيا، كالرياء ونحوه، بل هم مخلصون لله، في أقوالهم وأعمالهم وسائر أحوالهم.
وقوله- عز وجل-: وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ صفة ثالثة لهم. أى: أنهم يخلصون العبادة لله- تعالى- وحده، ويقصدون بأقوالهم وأعمالهم وجهه الكريم، فهم بعيدون عن الرياء والمباهاة بطاعاتهم.
كما قال الله تعالى : ( والذين هم بربهم لا يشركون ) أي : لا يعبدون معه غيره ، بل يوحدونه ويعلمون أنه لا إله إلا الله أحدا صمدا ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأنه لا نظير له ولا كفء له .
( وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ ) يقول: والذين يخلصون لربهم عبادتهم، فلا يجعلون له فيها لغيره شركا لوثَن ، ولا لصنم، ولا يُراءون بها أحدا من خلقه، ولكنهم يجعلون أعمالهم لوجهه خالصا، وإياه يقصدون بالطاعة والعبادة دون كل شيء سواه.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء