ترتيب المصحف | 7 | ترتيب النزول | 39 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 26.00 |
عدد الآيات | 206 | عدد الأجزاء | 1.25 |
عدد الأحزاب | 2.50 | عدد الأرباع | 10.00 |
ترتيب الطول | 4 | تبدأ في الجزء | 8 |
تنتهي في الجزء | 9 | عدد السجدات | 1 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 3/29 | آلمص: 1/1 |
= ذَكَرَ اللهُ هنا ما أنزلَه بفرعونَ وبقومِه من عذابِ الدّنيا: قحطٍ وجدبٍ وطوفانٍ وجرادٍ وغيرِ ذلك نتيجةَ كفرِهم، فتشاءمُوا بموسى عليه السلام ومَنْ مَعه.
لمَّا وقعَ عليهم العذابُ سألُوا موسى عليه السلام أن يدعُوا اللهَ فيكشفُ عنهم هذا العذابَ ليؤمنُوا، فلَمَّا كشفَه نقضُوا العهدَ، فانتقمَ اللهُ منهم وأَغْرَقَهم في البحرِ، =
= ثُمَّ أَوْرَثَ اللهُ بني إسرائيلَ الَّذينَ كانَ يستذلُّهم فرعونُ بلادَ الشامِ.
التفسير :
فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ أي:الخصب وإدرار الرزق قَالُوا لَنَا هَذِهِ أي:نحن مستحقون لها، فلم يشكروا اللّه عليها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ أي:قحط وجدب يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أي:يقولوا:إنما جاءنا بسبب مجيء موسى، واتباع بني إسرائيل له. قال اللّه تعالى:أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أي:بقضائه وقدرته، ليس كما قالوا، بل إن ذنوبهم وكفرهم هو السبب في ذلك، بل أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أي:فلذلك قالوا ما قالوا.
ثم بين- سبحانه- أن آل فرعون لم يعتبروا بهذا الأخذ والامتحان، وإنما ازدادوا تمردا وكفرا فقال: فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا: لَنا هذِهِ.
أى: فإذا جاءهم ما يستحسنونه من الخصب والسعة والرخاء، قالوا بغرور وصلف:
ما جاء هذا الخير إلا من أجلنا لأننا أهل له، ونحن مستحقوه وبكدنا واجتهادنا وامتيازنا على غيرنا ناسين فضل الله عليهم، ولطفه بهم، غافلين عن شكره على نعمائه.
وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أى: وإن اتفق أن أصابتهم سيئة أى: حالة تسؤهم كجدب أو قحط أو مصيبة في الأبدان أو الأرزاق، تشاءموا بموسى ومن معه من أتباعه، وقالوا: ما أصابنا ما أصابنا إلا بشؤمهم ونحسهم، ولو لم يكونوا معنا لما أصبنا.
وأصل يَطَّيَّرُوا يتطيروا فأدغمت التاء في الطاء لمقاربتها لها. والتطير التشاؤم والأصل في إطلاق التطير على التشاؤم: أن العرب كانت تزجر الطير فتتشاءم بالبارح وهو ما طار إلى الجهة اليسرى، وتتيامن بالسانح وهو ما طار إلى الجهة اليمنى. ومنه سموا الشؤم طيرا وطائرا، والتشاؤم تطيرا. وقد يطلق الطائر على الحظ والنصيب خيرا كان أو شرا، ولكنه غالب في الشر.
وإنما عرف الحسنة وذكرها مع أداة التحقيق- وهي إذا- لكثرة وقوعها وتعلق الإرادة بإحداثها بالذات، لأن العناية الإلهية اقتضت سبق الرحمة وعموم النعمة قبل حصول الأعمال.
ونكر السيئة وذكرها بأداة الشك- وهي إن- لندورها وعدم تعلق الإرادة بإحداثها إلا بالتبع، فإن النقمة بمقتضى تلك العناية إنما تستحق بسبب الأعمال السيئة.
وقوله- تعالى- أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ استئناف مسوق للرد على خرافاتهم وأباطيلهم. وصدر بلفظ «ألا» الذي يفيد التنبيه لإبراز كمال العناية بمضمون هذا الخبر.
أى: إنما سبب شؤمهم هو أعمالهم السيئة المكتوبة لهم عند الله، فهي التي ساقت إليهم ما يسوءهم وليس لموسى ولا لمن معه أى تدخل في ذلك. ولكن أكثرهم يجهلون هذه الحقيقة، فيقولون ما يقولون مما تمليه عليهم أهواؤهم وجهالاتهم.
وفي إسناد عدم العلم إلى أكثرهم، إشعار بأن قلة منهم تعلم ذلك، ولكنها لا تعمل بمقتضى علمها.
هذا، وقد أفادت الآية الكريمة أن القوم لم يتأثروا لا بالرخاء ولا بالشدائد. الرخاء العظيم، والخصب الواسع زادهم غرورا وبطرا، والشدائد والمحن جعلتهم ينسبون أسبابها إلى غيرهم دون أن يتوبوا إلى الله من ذنوبهم. مع أن الشدائد- كما يقول صاحب الكشاف- تجعل الناس «أضرع خدودا وألين أعطافا، وأرق أفئدة» .
"فإذا جاءتهم الحسنة" أي : من الخصب والرزق ( قالوا لنا هذه ) أي : هذا لنا بما نستحقه : ، ( وإن تصبهم سيئة ) أي : جدب وقحط ( يطيروا بموسى ومن معه ) أي : هذا بسببهم وما جاءوا به .
( ألا إنما طائرهم عند الله ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ألا إنما طائرهم عند الله ) يقول : مصائبهم عند الله ، قال الله : ( ولكن أكثرهم لا يعلمون )
وقال ابن جريج ، عن ابن عباس قال : ( ألا إنما طائرهم عند الله ) قال : إلا من قبل الله .
القول في تأويل قوله : فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ (131)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فإذا جاءت آل فرعون العافية والخصب والرخاء وكثرة الثمار, ورأوا ما يحبون في دنياهم (1) =(قالوا لنا هذه)، نحن أولى بها =(وإن تصبهم سيئة)، يعني جدوب وقحوط وبلاء (2) =(يطيروا بموسى ومن معه)، يقول: يتشاءموا ويقولوا: ذهبت حظوظنا وأنصباؤنا من الرخاء والخصب والعافية, مذ جاءنا موسى عليه السلام .
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14983 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: (فإذا جاءتهم الحسنة)، العافية والرخاء =(قالوا لنا هذه)، نحن أحق بها =(وإن تصبهم سيئة)، بلاء وعقوبة =(يطيروا)، يتشاءموا بموسى.
14984 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد بنحوه.
14985 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد, في قوله: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه)، قالوا: ما أصابنا هذا إلا بك يا موسى وبمن معك, ما رأينا شرًّا ولا أصابنا حتى رأيناك! وقوله: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه)، قال: الحسنة ما يحبُّون. وإذا كان ما يكرهون قالوا: ما أصابنا هذا إلا بشؤم هؤلاء الذين ظلموا! قال قوم صالح: اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ، فقال الله إنما: طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ، [سورة النمل: 47]. (3)
* * *
القول في تأويل قوله : أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (131)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ألا ما طائر آل فرعون وغيرهم = وذلك أنصباؤهم من الرخاء والخصب وغير ذلك من أنصباء الخير والشر = " إلا عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون "، أن ذلك كذلك, فلجهلهم بذلك كانوا يطَّيّرون بموسى ومن معه.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14986 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: (ألا إنما طائرهم عند الله)، يقول: مصائبهم عند الله. قال الله: (ولكن أكثرهم لا يعلمون).
14987 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (ألا إنما طائرهم عند الله)، قال: الأمر من قبل الله.
--------------------
الهوامش :
(1) انظر تفسير (( الحسنة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( حسن ) .
(2) انظر تفسير (( السيئة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( سوأ ) .
(3) في المخطوطة والمطبوعة : (( إنما طائركم )) ، بزيادة (( إنما )) ، وهو خطأ ، تلك آية أخرى .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
يطيروا:
وقرئ:
تطيروا، بالتاء وتخفيف الطاء، فعلا ماضيا، وهى قراءة عيسى بن عمر، وطلحة بن مصرف.
طائرهم:
وقرئ:
طيرهم، وهى قراءة الحسن.
التفسير :
وَقَالُوا مبينين لموسى أنهم لا يزالون، ولا يزولون عن باطلهم:مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ أي:قد تقرر عندنا أنك ساحر، فمهما جئت بآية، جزمنا أنها سحر، فلا نؤمن لك ولا نصدق، وهذا غاية ما يكون من العناد، أن يبلغ بالكافرين إلى أن تستوي عندهم الحالات، سواء نـزلت عليهم الآيات أم لم تنـزل.
ثم تحكى السورة الكريمة أن آل فرعون قد لجوا في طغيانهم يعمهون فقالت: وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ.
أى: قال الملأ من بنى إسرائيل لموسى بعد أن رأوا من حججه الدالة على صدقه: إنك يا موسى إن تجئنا بكل نوع من أنواع الآيات التي تستدل بها على حقية دعوتك لأجل أن تسحرنا بها، أى تصرفنا بها عما نحن فيه، فما نحن لك بمصدقين، ولا لرسالتك بمتبعين.
ومنطقهم هذا يدل على منتهى العناد والجحود، فهم قد صاروا في حالة نفسية لا يجدي معها دليل ولا ينفع فيها إقناع، لأنهم قد أعلنوا الإصرار على التكذيب حتى ولو أتاهم نبيهم بألف دليل ودليل، وهكذا شأن الجبارين الذين قست قلوبهم، ومسخت نفوسهم وأظلمت مشاعرهم، حين يدمغهم الحق، ويطاردهم الدليل الساطع بنوره الواضح، إنهم تأخذهم العزة بالإثم فيأبون أى لون من ألوان التفكير والتدبر.
قال الجمل: ومَهْما اسم شرط جازم- يدل على العموم-، ومِنْ آيَةٍ بيان له، والضميران في «به» و «بها» راجعان لمهما الأول مراعاة للفظها لإبهامه، والثاني مراعاة لمعناها».
وسموا ما جاء به موسى- عليه السلام- آية من باب المجاراة له والاستهزاء بها حيث زعموا أنها نوع من السحر كما ينبئ عنه قولهم لِتَسْحَرَنا بِها.
هذا إخبار من الله عز وجل عن تمرد قوم فرعون وعتوهم وعنادهم للحق وإصرارهم على الباطل في قولهم "مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين" يقولون أي آية جئتنا بها ودلالة وحجة أقمتها رددناها فلا نقبلها منك ولا نؤمن بك ولا بما جئت به.
القول في تأويل قوله : وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال آل فرعون لموسى: يا موسى، مهما تأتنا به من علامة ودلالة = " لتسحرنا ", يقول: لتلفتنا بها عما نحن عليه من دين فرعون =(فما نحن لك بمؤمنين)، يقول: فما نحن لك في ذلك بمصدقين على أنك محق فيما تدعونا إليه.
* * *
وقد دللنا فيما مضى على معنى " السحر " بما أغنى عن إعادته. (4)
* * *
وكان ابن زيد يقول في معنى: (مهما تأتنا به من آية)، ما: -
14988 - حدثني يونس قال، [أخبرنا ابن وهب]، قال ابن زيد في قوله: (مهما تأتنا به من آية)، قال: إن ما تأتنا به من آية = وهذه فيها زيادة " ما ". (5)
---------------------
الهوامش :
(4) انظر تفسير (( السحر )) فيما سلف ص : 27 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
(5) الأثر : 14988 - الزيادة بين القوسين ، لا بد منها ، وهو إسناد دائر في التفسير ، أقربه رقم 14985 ، وإنما هذا سهو من الناسخ .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 132 | ﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ |
---|
هود: 53 | ﴿قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ أي:الماء الكثير الذي أغرق أشجارهم وزروعهم، وأضر بهم ضررا كثيرا وَالْجَرَادَ فأكل ثمارهم وزروعهم، ونباتهم وَالْقُمَّلَ قيل:إنه الدباء، أي:صغار الجراد، والظاهر أنه القمل المعروف وَالضَّفَادِعَ فملأت أوعيتهم، وأقلقتهم، وآذتهم أذية شديدة وَالدَّمَ إما أن يكون الرعاف، أو كما قال كثير من المفسرين، أن ماءهم الذي يشربون انقلب دما، فكانوا لا يشربون إلا دما، ولا يطبخون إلا بدم. آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ أي:أدلة وبينات على أنهم كانوا كاذبين ظالمين، وعلى أن ما جاء به موسى، حق وصدق فَاسْتَكْبَرُوا لما رأوا الآيات وَكَانُوا في سابق أمرهم قَوْمًا مُجْرِمِينَ فلذلك عاقبهم اللّه تعالى، بأن أبقاهم على الغي والضلال.
ثم حكت السورة الكريمة ما حل بهؤلاء الفجرة من عقوبات جزاء عتوهم وعنادهم فقالت:
فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ، وَالْجَرادَ، وَالْقُمَّلَ، وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ، آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ.
أى: فأرسلنا على هؤلاء الجاحدين عقوبة لهم الطوفان.
قال الآلوسى: أى: ما طاف بهم، وغشى أماكنهم وحروثهم من مطر وسيل، فهو اسم جنس من الطواف. وقد اشتهر في طوفان الماء، وجاء تفسيره هنا بذلك في عدة روايات عن ابن عباس وجاء عن عطاء ومجاهد تفسيره بالموت، وفسره بعضهم بالطاعون وكانوا أول من عذبوا به» .
وأرسلنا عليهم الْجَرادَ فأكل زروعهم وثمارهم وأعشابهم، حتى ترك أرضهم سوداء قاحلة.
وأرسلنا عليهم الْقُمَّلَ وهو ضرب معروف من الحشرات المؤذية، وقيل: هو السوس الذي أكل حبوبهم وما اشتملت عليه بيوتهم.
وأرسلنا عليهم الضَّفادِعَ فصعدت من الأنهار والخلجان والمنابع فغطت الأرض وضايقتهم في معاشهم ومنامهم.
وأرسلنا عليهم الدَّمَ فصارت مياه الأنهار مختلطة به، فمات السمك فيها، وقيل المراد بالدم الرعاف الذي كان يسيل من أنوفهم.
تلك هي النقم التي أنزلها الله- تعالى- على هؤلاء المجرمين، بسبب فسوقهم عن أمر ربهم، وتكذيبهم لنبيهم- عليه السلام-.
وقوله: آياتٍ حال من العقوبات الخمس المتقدمة.
وقوله: مُفَصَّلاتٍ أى: مبينات واضحات لا يشك عاقل في كونها آيات إلهية لا مدخل فيها للسحر كما يزعمون.
وقيل مُفَصَّلاتٍ أى: مميزا بعضها عن بعض، منفصلة بالزمان لامتحان أحوالهم. وكان بين كل اثنين منها شهر، وكان امتداد كل واحدة منها شهرا، كما أخرج ذلك ابن المنذر عن ابن عباس :
ثم وضحت الآية في نهايتها موقفهم من هذا الابتلاء وتلك العقوبات فقالت:
فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ أى فاستكبروا عن الإيمان بموسى- عليه السلام- وعما جاء به من معجزات، وكانوا قوما طبيعتهم الاجرام ودينهم الكفر والفسوق.
قال الله تعالى : ( فأرسلنا عليهم الطوفان )
اختلفوا في معناه ، فعن ابن عباس في رواية : كثرة الأمطار المغرقة المتلفة للزروع والثمار . وبه قال الضحاك بن مزاحم .
وقال ابن عباس في رواية أخرى : هو كثرة الموت . وكذا قال عطاء .
وقال مجاهد : ( الطوفان ) الماء ، والطاعون على كل حال .
وقال ابن جرير : حدثنا أبو هشام الرفاعي ، حدثنا يحيى بن يمان ، حدثنا المنهال بن خليفة ، عن الحجاج ، عن الحكم بن ميناء ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الطوفان الموت " .
وكذا رواه ابن مردويه ، من حديث يحيى بن يمان ، به وهو حديث غريب .
وقال ابن عباس في رواية أخرى : هو أمر من الله طاف بهم ، ثم قرأ : ( فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون . [ فأصبحت كالصريم ] ) [ القلم : 19 ، 20 ]
وأما الجراد فمعروف مشهور ، وهو مأكول ; لما ثبت في الصحيحين عن أبي يعفور قال : سألت عبد الله بن أبي أوفى عن الجراد ، فقال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد
وروى الشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وابن ماجه من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أحلت لنا ميتتان ودمان : الحوت والجراد ، والكبد والطحال "
ورواه أبو القاسم البغوي ، عن داود بن رشيد ، عن سويد بن عبد العزيز ، عن أبي تمام الأيلي ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر مرفوعا مثله
وروى أبو داود ، عن محمد بن الفرج ، عن محمد بن الزبرقان الأهوازي ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجراد فقال : " أكثر جنود الله ، لا آكله ، ولا أحرمه "
وإنما تركه ، عليه السلام لأنه كان يعافه ، كما عافت نفسه الشريفة أكل الضب ، وأذن فيه .
وقد روى الحافظ ابن عساكر في جزء جمعه في الجراد ، من حديث أبي سعيد الحسن بن علي العدوي ، حدثنا نصر بن يحيى بن سعيد ، حدثنا يحيى بن خالد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل الجراد ، ولا الكلوتين ، ولا الضب ، من غير أن يحرمها . أما الجراد : فرجز وعذاب . وأما الكلوتان : فلقربهما من البول . وأما الضب فقال : " أتخوف أن يكون مسخا " ، ثم قال : غريب ، لم أكتبه إلا من هذا الوجه
وقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، يشتهيه ويحبه ، فروى عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر : أن عمر سئل عن الجراد فقال : ليت أن عندنا منه قفعة أو قفعتين نأكله
وروى ابن ماجه : حدثنا أحمد بن منيع ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي سعد سعيد بن المرزبان البقال ، سمع أنس بن مالك يقول : كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يتهادين الجراد على الأطباق
وقال أبو القاسم البغوي : حدثنا داود بن رشيد ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن نمير بن يزيد القيني حدثني أبي ، عن صدي بن عجلان ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن مريم بنت عمران ، عليها السلام ، سألت ربها عز وجل أن يطعمها لحما لا دم له ، فأطعمها الجراد ، فقالت : اللهم أعشه بغير رضاع ، وتابع بينه بغير شياع " وقال نمير : " الشياع " : الصوت .
وقال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا أبو تقي هشام بن عبد الملك اليزني حدثنا بقية بن الوليد ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي زهير النميري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقاتلوا الجراد ، فإنه جند الله الأعظم " . غريب جدا
وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله تعالى : ( فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد ) قال : كانت تأكل مسامير أبوابهم ، وتدع الخشب .
وروى ابن عساكر من حديث علي بن زيد الخرائطي ، عن محمد بن كثير ، سمعت الأوزاعي يقول : خرجت إلى الصحراء ، فإذا أنا برجل من جراد في السماء ، وإذا برجل راكب على جرادة منها ، وهو شاك في الحديد ، وكلما قال بيده هكذا ، مال الجراد مع يده ، وهو يقول : الدنيا باطل باطل ما فيها ، الدنيا باطل باطل ما فيها ، الدنيا باطل باطل ما فيها .
وروى الحافظ أبو الفرج المعافى بن زكريا الحريري ، حدثنا محمد بن الحسن بن زياد ، حدثنا أحمد بن عبد الرحيم ، أخبرنا وكيع ، عن الأعمش ، أنبأنا عامر قال : سئل شريح القاضي عن الجراد ، فقال : قبح الله الجرادة . فيها خلقة سبعة جبابرة : رأسها رأس فرس ، وعنقها عنق ثور ، وصدرها صدر أسد ، وجناحها جناح نسر ، ورجلاها رجلا جمل . وذنبها ذنب حية ، وبطنها بطن عقرب .
و [ قد ] قدمنا عند قوله تعالى : ( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة ) [ المائدة : 96 ] حديث حماد بن سلمة ، عن أبي المهزم ، عن أبي هريرة ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حج أو عمرة ، فاستقبلنا رجل جراد ، فجعلنا نضربه بالعصي ، ونحن محرمون ، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : " لا بأس بصيد البحر "
وروى ابن ماجه ، عن هارون الحمال عن هاشم بن القاسم ، عن زياد بن عبد الله بن علاثة ، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أنس وجابر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ; أنه كان إذا دعا على الجراد قال : " اللهم أهلك كباره ، واقتل صغاره ، وأفسد بيضه ، واقطع دابره ، وخذ بأفواهه عن معايشنا وأرزاقنا ، إنك سميع الدعاء " . فقال له جابر : يا رسول الله ، أتدعو على جند من أجناد الله بقطع دابره ؟ فقال : " إنما هو نثرة حوت في البحر " قال هاشم أخبرني زياد أنه أخبره من رآه ينثره الحوت قال : من حقق ذلك إن السمك إذا باض في ساحل البحر فنضب الماء عنه وبدا للشمس ، أنه يفقس كله جرادا طيارا .
وقدمنا عند قوله : ( إلا أمم أمثالكم ) [ الأنعام : 38 ] حديث عمر ، رضي الله عنه : " إن الله خلق ألف أمة ، ستمائة في البحر وأربعمائة في البر ، وإن أولها هلاكا الجراد "
وقال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا يزيد بن المبارك ، حدثنا عبد الرحمن بن قيس ، حدثنا سالم بن سالم ، حدثنا أبو المغيرة الجوزجاني محمد بن مالك ، عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا وباء مع السيف ، ولا نجاء مع الجراد " . حديث غريب
وأما ( القمل ) فعن ابن عباس : هو السوس الذي يخرج من الحنطة . وعنه أنه الدبى - وهو الجراد الصغار الذي لا أجنحة له . وبه قال مجاهد ، وعكرمة ، وقتادة .
وعن الحسن وسعيد بن جبير : ( القمل ) دواب سود صغار .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( القمل ) البراغيث .
وقال ابن جرير ) القمل ) جمع واحدتها " قملة " ، وهي دابة تشبه القمل ، تأكلها الإبل ، فيما بلغني ، وهي التي عناها الأعشى بقوله :
قوم تعالج قملا أبناؤهم وسلاسلا أجدا وبابا مؤصدا
قال : وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يزعم أن القمل عند العرب " الحمنان " ، واحدتها " حمنانة " ، وهي صغار القردان فوق القمقامة .
وقال الإمام أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن حميد الرازي ، حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير قال : لما أتى موسى ، عليه السلام ، فرعون قال له : أرسل معي بني إسرائيل ، فأرسل الله عليهم الطوفان - وهو المطر - فصب عليهم منه شيئا ، خافوا أن يكون عذابا ، فقالوا لموسى : ادع لنا ربك يكشف عنا المطر ، فنؤمن لك ، ونرسل معك بني إسرائيل . فدعا ربه ، فلم يؤمنوا ، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل . فأنبت لهم في تلك السنة شيئا لم ينبته قبل ذلك من الزرع والثمر والكلأ فقالوا : هذا ما كنا نتمنى . فأرسل الله عليهم الجراد ، فسلطه على الكلأ فلما رأوا أثره في الكلأ عرفوا أنه لا يبقي الزرع ، فقالوا : يا موسى ، ادع لنا ربك ليكشف عنا الجراد فنؤمن لك ، ونرسل معك بني إسرائيل . فدعا ربه ، فكشف عنهم الجراد ، فلم يؤمنوا ، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل ، فداسوا وأحرزوا في البيوت ، فقالوا : قد أحرزنا . فأرسل الله عليهم القمل - وهو السوس الذي يخرج منه - فكان الرجل يخرج عشرة أجربة إلى الرحى ، فلم يرد منها إلا ثلاثة أقفزة فقالوا لموسى : ادع لنا ربك يكشف عنا القمل ، فنؤمن لك ، ونرسل معك بني إسرائيل . فدعا ربه ، فكشف عنهم ، فأبوا أن يرسلوا معه بني إسرائيل . فبينما هو جالس عند فرعون ، إذ سمع نقيق ضفدع ، فقال لفرعون : ما تلقى أنت وقومك من هذا . قال وما عسى أن يكون كيد هذا ؟ فما أمسوا حتى كان الرجل يجلس إلى ذقنه في الضفادع ، ويهم أن يتكلم فتثب الضفدع في فيه . فقالوا لموسى : ادع لنا ربك يكشف عنا هذه الضفادع ، فنؤمن لك ، ونرسل معك بني إسرائيل ، فدعا ربه ، فكشف عنهم فلم يؤمنوا . وأرسل الله عليهم الدم ، فكانوا ما استقوا من الأنهار والآبار ، وما كان في أوعيتهم ، وجدوه دما عبيطا ، فشكوا إلى فرعون ، فقالوا : إنا قد ابتلينا بالدم ، وليس لنا شراب . فقال : إنه قد سحركم ! ! فقالوا : من أين سحرنا ، ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئا من الماء إلا وجدناه دما عبيطا ؟ فأتوه وقالوا : يا موسى ، ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم فنؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل . فدعا ربه ، فكشف عنهم ، فلم يؤمنوا ، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل
وقد روي نحو هذا عن ابن عباس ، والسدي ، وقتادة وغير واحد من علماء السلف
وقال محمد بن إسحاق بن يسار ، رحمه الله : فرجع عدو الله فرعون حين آمنت السحرة مغلوبا مغلولا ثم أبى إلا الإقامة على الكفر ، والتمادي في الشر ، فتابع الله عليه الآيات ، وأخذه بالسنين ، فأرسل عليه الطوفان ، ثم الجراد ، ثم القمل ، ثم الضفادع ، ثم الدم ، آيات مفصلات . فأرسل الطوفان - وهو الماء - ففاض على وجه الأرض ثم ركد ، لا يقدرون على أن يحرثوا ولا يعملوا شيئا ، حتى جهدوا جوعا ، فلما بلغهم ذلك ( قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل ) فدعا موسى ربه ، فكشف عنهم ، فلم يفوا له بشيء مما قالوا ، فأرسل الله عليهم الجراد ، فأكل الشجر ، فيما بلغني ، حتى إن كان ليأكل مسامير الأبواب من الحديد ، حتى تقع دورهم ومساكنهم ، فقالوا مثل ما قالوا ، فدعا ربهفكشف عنهم ، فلم يفوا له بشيء مما قالوا ، فأرسل الله عليهم القمل ، فذكر لي أن موسى ، عليه السلام ، أمر أن يمشي إلى كثيب حتى يضربه بعصاه ، فمشى إلى كثيب أهيل عظيم ، فضربه بها ، فانثال عليهم قملا حتى غلب على البيوت والأطعمة ومنعهم النوم والقرارة ، فلما جهدهم قالوا له مثل ما قالوا له ، فدعا ربه ، فكشف عنهم ، فلم يفوا له بشيء مما قالوا . فأرسل الله عليهم الضفادع ، فملأت البيوت والأطعمة والآنية ، فلا يكشف أحد ثوبا ولا طعاما إلا وجد فيه الضفادع ، قد غلبت عليه . فلما جهدهم ذلك ، قالوا له مثل ما قالوا ، فسأل ربه فكشف عنهم ، فلم يفوا له بشيء مما قالوا ، فأرسل الله عليهم الدم ، فصارت مياه آل فرعون دما ، لا يستقون من بئر ولا نهر ، ولا يغترفون من إناء ، إلا عاد دما عبيطا
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن منصور المروزي ، أنبأنا النضر ، أنبأنا إسرائيل ، أنبأنا جابر بن يزيد عن عكرمة ، قال عبد الله بن عمرو : لا تقتلوا الضفادع ، فإنها لما أرسلت على قوم فرعون انطلق ضفدع منها فوقع في تنور فيه نار ، يطلب بذلك مرضات الله ، فأبدلهن الله من هذا أبرد شيء يعلمه من الماء ، وجعل نقيقهن التسبيح . وروي من طريق عكرمة ، عن ابن عباس ، نحوه
وقال زيد بن أسلم : يعني بالدم الرعاف . رواه ابن أبي حاتم .
القول في تأويل قوله : فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى " الطوفان ". فقال بعضهم: هو الماء.
* ذكر من قال ذلك:
14989 - حدثني ابن وكيع قال، حدثنا حبوية أبو يزيد, عن يعقوب القمي, عن جعفر, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: لما جاء موسى بالآيات, كان أول الآيات الطوفان, فأرسل الله عليهم السماء. (6)
14990 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا ابن يمان قال، حدثنا سفيان, عن إسماعيل, عن أبي مالك قال: " الطوفان "، الماء.
14991 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي, عن جويبر, عن الضحاك قال: " الطوفان "، الماء.
14992 - . . . قال، حدثنا جابر بن نوح, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس قال: " الطوفان "، الغرق.
14993 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: " الطوفان "، الماء، " والطاعون "، على كل حال. (7)
14994 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: " الطوفان "، الموت على كل حال.
14995 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قال: " الطوفان "، الماء.
* * *
وقال آخرون: بل هو الموت.
* ذكر من قال ذلك:
14996 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا يحيى بن يمان قال، حدثنا المنهال بن خليفة, عن الحجاج, عن الحكم بن ميناء, عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطوفان الموتُ. (8)
14997 - حدثني عباس بن محمد قال، حدثنا حجاج, عن ابن جريج قال، سألت عطاء: ما الطوفان؟ قال: الموت. (9)
14998 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الله بن رجاء, عن ابن جريج, عن عطاء عمن حدثه, عن مجاهد قال: " الطوفان "، الموت.
14999 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن عبد الله بن كثير: (فأرسلنا عليهم الطوفان)، قال: الموت = قال ابن جريج: وسألت عطاء عن " الطوفان ", قال: الموت = قال ابن جريج: وقال مجاهد: الموتُ على كل حال.
15000 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان, عن المنهال بن خليفة, عن حجاج, عن رجل, عن عائشة, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الطوفان الموت . (10) وقال آخرون: بل ذلك كان أمرًا من الله طاف بهم.
* ذكر من قال ذلك:
15001 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا جرير, عن قابوس بن أبي ظبيان, عن أبيه, عن ابن عباس: (فأرسلنا عليهم الطوفان)، قال: أمرُ الله الطوفان, ثم قرأ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ، [القلم: 19].
* * *
وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة, (11) يزعم أن " الطوفان " من السيل: البُعَاق والدُّباش, وهو الشديد. (12) ومن الموت المبَالغ الذَّريع السريع. (13)
* * *
وقال بعضهم: هو كثرة المطر والريح.
* * *
وكان بعض نحويي الكوفيين يقول: " الطوفان " مصدر مثل " الرجحان " و " النقصان "، لا يجمع.
* * *
وكان بعض نحويي البصرة يقول: هو جمع, واحدها في القياس " الطوفانة ". (14)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي, ما قاله ابن عباس، على ما رواه عنه أبو ظبيان (15) أنه أمر من الله طاف بهم, وأنه مصدر من قول القائل: " طاف بهم أمر الله يطوف طُوفَانًا " , كما يقال: " نقص هذا الشيء ينقُص نُقْصَانًا " . وإذا كان ذلك كذلك, جاز أن يكون الذي طاف بهم المطر الشديد = وجاز أن يكون الموتَ الذريعَ. ومن الدلالة على أن المطر الشديد قد يسمى " طوفانًا " قول حُسَيل بن عُرْفطة (16)
غَـــيَّر الجِـــدَّةُ مِــنْ آيَاتِهَــا
خُــرُقُ الــرِّيحِ وَطُوفَـانُ المَطَـرْ (17)
ويروى:
خُرُقُ الرِّيحِ بِطُوفَان المَطَرْ
وقول الراعي:
تُضْحِــي إذَا العِيسُ أَدْرَكْنَـا نَكَائِثَهَـا
خَرْقَـاءَ يَعْتَادُهَـا الطُّوفَـانُ والـزُّؤُدُ (18)
وقول أبي النجم:
قَــدْ مَــدَّ طُوفَــانٌ فَبَـثَّ مَـدَدَا
شَــهْرًا شَــآبِيبَ وَشَــهْرًا بَـرَدَا (19)
* * *
وأما " القُمَّل ", فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه.
فقال بعضهم: هو السوس الذي يخرج من الحنطة.
* ذكر من قال ذلك:
15002 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن يعقوب القمي, عن جعفر, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: " القمّل "، هو السوس الذي يخرج من الحنطة.
15003 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب, عن جعفر, عن سعيد بنحوه.
* * *
وقال آخرون: بل هو الدَّبَى, وهو صغار الجراد الذي لا أجنحة له.
* ذكر من قال ذلك:
15004 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قال: " القمّل "، الدبى.
15005 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي, قال: الدبى، القمّل.
15006 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: " القمل "، هو الدَّبَى.
15007 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: " القمل "، الدبيَ.
15008 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر, عن قتادة قال: " القُمَّل "، هي الدَّبَى, وهي أولاد الجراد.
15009 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جابر بن نوح, عن أبي روق, عن الضحاك , عن ابن عباس قال: " القمل "، الدبى.
15010 - . . . . قال حدثنا يحيى بن آدم, عن قيس عمن ذكره, عن عكرمة قال: " القمل "، بناتُ الجراد.
15011 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي عن أبيه, عن ابن عباس قال: " القمل "، الدبَى.
* * *
وقال آخرون: بل " القمل "، البراغيثُ.
*ذكر من قال ذلك:
15012 - حدثني يونس قال، أخبرنا أبن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل)، قال: زعم بعض الناس في القمل أنها البراغيث.
* * *
وقال بعضهم: هي دوابُّ سُودٌ صغار.
* ذكر من قال ذلك:
15013 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن أبي بكر قال: سمعت سعيد بن جبير والحسن قالا القمّل: دوابّ سود صغار.
* * *
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يزعم (20) أن " القمل "، عند العرب: الحَمْنان = والحمنان ضرب من القِرْدان واحدتها: " حَمْنانة "، فوق القَمقامة. (21) و " القمَّل " جمع، واحدتها " قملة ", وهي دابة تشبه القَمْل تأكلها الإبل فيما بلغني, وهي التي عناها الأعشى في قوله: (22)
قَــوْمٌ تُعَــالِجُ قُمَّــلا أَبْنَــاؤُهُمْ
وَسَلاسِــلا أُجُــدًا وَبَابًـا مُؤْصَـدَا (23)
وكان الفراء يقول: لم أسمع فيه شيئًا, فإن لم يكن جمعًا، فواحده " قامل ", مثل " ساجد " و " راكع ", (24) وإن يكن اسمًا على معنى جمع, (25) فواحدته: " قملة ". * ذكر المعاني التي حدثت في قوم فرعون بحدوث هذه الآيات، والسبب الذي من أجله أحدَثها الله فيهم.
15014 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يعقوب القمي, عن جعفر بن المغيرة, عن سعيد بن جبير قال: لما أتى موسى فرعون قال له: أرسل معي بني إسرائيل! فأبى عليه, فأرسل الله عليهم الطوفان = وهو المطر = فصبّ عليهم منه شيئًا, فخافوا أن يكون عذابًا, فقالوا لموسى: ادع لنا ربّك أن يكشف عنا المطر، فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل (26) ، فدعا ربه, فلم يؤمنوا, ولم يرسلوا معه بني إسرائيل، فأنبت لهم في تلك السنة شيئًا لم ينبته قبل ذلك من الزرع والثمر والكلأ. فقالوا: هذا ما كنا نتمنَّى، فأرسل الله عليهم الجراد, فسلَّطه على الكلأ فلما رأوا أثَره في الكلأ عرفوا أنه لا يُبقى الزرع. فقالوا: يا موسى ادْع لنا ربك فيكشف عنا الجرادَ فنؤمن لك, ونرسل معك بني إسرائيل! فدعا ربه, فكشف عنهم الجرادَ, فلم يؤمنوا, ولم يرسلوا معه بني إسرائيل، فدَاسُوا وأحرزُوا في البيوت, (27) فقالوا: قد أحرزْنَا فأرسل الله عليهم القُمَّل = وهو السوس الذي يخرج منه = فكان الرجل يخرج عشرة أجرِبة ٍإلى الرحى, فلا يردّ منها ثلاثة أقفِزة. فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك يكشف عنا القمَّل, فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل! فدعا ربه, فكشف عنهم, فأبوا أن يرسلوا معه بني إسرائيل . فبينا هو جالس عند فرعون، إذ سمع نقيق ضِفْدَع, فقال لفرعون: ما تلقى أنت وقومك من هذا! فقال: وما عسى أن يكون كيدُ هذا! فما أمسوا حتى كان الرجل يجلس إلى ذَقْنه في الضفادع, ويهمُّ أن يتكلم فتثب الضفادع في فيه. فقالوا لموسى: ادع لنا ربك يكشف عنا هذه الضفادع, فنؤمن لك, ونرسل معك بني إسرائيل! [فكشف عنهم فلم يؤمنوا] (28) فأرسل الله عليهم الدم, فكان ما استقوا من الأنهار والآبار, أو ما كان في أوعيتهم وجدُوه دمًا عَبِطًا, (29) فشكوا إلى فرعون فقالوا: إنا قد ابتلينا بالدّم, وليس لنا شراب! فقال: إنه قد سحركم! فقالوا: من أين سحرنا، ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئًا من الماءِ إلا وجدناه دمًا عبيطًا؟ فأتوه فقالوا: يا موسى ادعُ لنا ربك يكشف عنا هذا الدم, فنؤمن لك, ونرسل معك بني إسرائيل! فدعا ربه فكشف عنهم, فلم يؤمنوا, ولم يرسلوا معه بني إسرائيل.
15015 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حبوية أبو يزيد, عن يعقوب القمي, عن جعفر, عن ابن عباس قال، لما خافوا الغرق، قال فرعون: يا موسى، ادع لنا ربك يكشف عنّا هذا المطر، فنؤمن لك = ثم ذكر نحو حديث ابن حميد, عن يعقوب. (30)
15016 - حدثنا موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: ثم إن الله أرسل عليهم = يعني على قوم فرعون = الطوفان، وهو المطر, فغرق كل شيء لهم, فقالوا: يا موسى ادع لنا ربَّك يكشف عنَّا , ونحن نؤمن لك, ونرسل معك بني إسرائيل ! فكشف الله عنهم، (31) ونبتت به زروعهم, فقالوا: ما يسرّنا أنا لم نمطر. فبعث الله عليهم الجراد , فأكل حروثهم, فسألوا موسى أن يدعو ربّه، فيكشفه، ويؤمنوا به. فدعا فكشفه, وقد بقي من زروعهم بقيّة فقالوا: لم تؤمنون، وقد بقي من زرعنا بقيه تكفينا؟ فبعث الله عليهم الدَّبى = وهو القمل = فلحس الأرض كلها, (32) وكان يدخل بين ثوب أحدهم وبين جلده فيعضُّه, وكان لأحدهم الطعام فيمتلئ دَبًى, حتى إن أحدهم ليبني الأسطوانة بالجصّ، فيزلّقُها حتى لا يرتقي فوقها شيء, (33) يرفع فوقها الطعام, فإذا صعد إليه ليأكله وجده ملآن دَبًى, فلم يصابوا ببلاء كان أشدَّ عليهم من الدبى = وهو " الرِّجْز " الذي ذكر الله في القرآن أنه وقع عليهم = فسألوا موسى أن يدعو ربه فيكشف عنهم ويؤمنوا به، فلما كُشف عنهم، أبوا أن يؤمنوا, فأرسل الله عليهم الدَّم, فكان الإسرائيلي يأتي هو والقِبْطي يستقيان من ماء واحد, فيخرج ماءُ هذا القبطي دمًا, ويخرج للإسرائيلي ماءً. فلما اشتدَّ ذلك عليهم، سألوا موسى أن يكشفه ويؤمنوا به, فكشف ذلك, فأبوا أن يؤمنوا, وذلك حين يقول الله: فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ، [الزخرف: 50] (34)
15017 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (فأرسلنا عليهم الطوفان)، قال: أرسل الله عليهم الماءَ حتى قاموا فيه قيامًا. ثم كشف عنهم فلم يؤمنوا, (35) وأخصبت بلادهم خصبًا لم تخصب مثله، فأرسل الله عليه الجرادَ فأكله إلا قليلا فلم يؤمنوا أيضًا. فأرسل الله القمّل = وهي الدَّبى, وهي أولاد الجراد = فأكلت ما بقي من زروعهم , فلم يؤمنوا. فأرسل عليهم الضفادع, فدخلت عليهم بيوتهم, ووقعت في آنيتهم وفُرشهم, فلم يؤمنوا. ثم أرسل الله عليهم الدمَ, فكان أحدهم إذا أراد أن يشرب تحوَّل ذلك الماء دمًا، قال الله: (آيات مفصلات).
15018 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (فأرسلنا عليهم الطوفان)، حتى بلغ: (مجرمين)، قال: أرسل الله عليهم الماء حتى قاموا فيه قيامًا , فدعوا موسى، فدعا ربّه فكشفه عنهم, ثم عادوا لسوء ما يحضر بهم. ثم أنبتت أرضهم، ثم أرسل الله عليهم الجراد, فأكل عامة حُروثهم وثمارهم. ثم دعوا موسى فدعا ربه فكشف عنهم، ثم عادوا بشرِّ ما يحضر بهم. فأرسل الله عليهم القمل, هذا الدبى الذي رأيتم, فأكل ما أبقى الجراد من حُروثهم, فلحسه. فدعوا موسى, فدعا ربه فكشفه عنهم, ثم عادوا بشرّ ما يحضر بهم. ثم أرسل الله عليهم الضفادع حتى ملأت بيوتهم وأفنيتهم. فدعوا موسى, فدعا ربه فكشف عنهم. ثم عادوا بشرّ ما يحضر بهم, فأرسل الله عليهم الدم, فكانوا لا يغترفون من مائهم إلا دمًا أحمر, حتى لقد ذُكر أنَّ عدو الله فرعون، كان يجمع بين الرجلين على الإناء الواحد, القبطي والإسرائيلي, فيكون مما يلي الإسرائيلي ماءً, ومما يلي القبطي دمًا. فدعوا موسى, فدعا ربه, فكشفه عنهم في تسع آياتٍ: السنين, ونقص من الثمرات, وأراهم يدَ موسى عليه السلام وعصاه.
15019 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: ( فأرسلنا عليهم الطوفان)، وهو المطر، حتى خافوا الهلاك, فأتوا موسى فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنّا المطر, [إنا نؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا ربّه فكشف عنهم المطر]، (36) فأنبت الله به حرثهم, وأخصب به بلادهم, فقالوا: ما نحبُّ أنا لم نُمطر بترك ديننا, فلن نؤمن لك، ولن نرسل معك بني إسرائيل! فأرسل الله عليهم الجراد, فأسرعَ في فسادِ ثمارهم وزروعهم, فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك [أن يكشف عنا الجراد, فإنا سنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل !]. (37) فدعا ربه, فكشف عنهم الجراد. وكان قد بقي من زروعهم ومعاشهم بقايا, فقالوا، قد بقي لنا ما هو كافينا, فلن نؤمن لك، ولن نرسل معك بني إسرائيل. فأرسل الله عليهم القُمَّل = وهو الدَّبى = فتتبع ما كان ترك الجراد, فجزعوا وأحسُّوا بالهلاك، قالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا الدَّبى, فإنا سنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل ! فدعا ربه, فكشف عنهم الدَّبى, فقالوا: ما نحن لك بمؤمنين، ولا مرسلين معك بني إسرائيل! فأرسل الله عليهم الضفادع, فملأ بيوتهم منها, ولقُوا منها أذًى شديدًا لم يلقوا مثله فيما كان قبله, أنها كانت تثبُ في قدورهم, فتفسد عليهم طعامهم, وتطفئ نيرانهم. قالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنا الضفادع, فقد لقينا منها بلاءً وأذًى, فإنا سنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل ! فدعا ربه, فكشف عنهم الضفادع, فقالوا: لا نؤمن لك, ولا نرسل معك بني إسرائيل! فأرسل الله عليهم الدّم, فجعلوا لا يأكلون إلا الدم, ولا يشربون إلا الدم, فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك أن يكشف عنّا الدم, فإنا سنؤمن لك, ونرسل معك بني إسرائيل ! فدعا ربه، فكشف عنهم الدم, فقالوا: يا موسى، لن نؤمن لك، ولن نرسل معك بني إسرائيل! فكانت آيات مفصَّلات بعضها على إثر بعض, ليكون لله عليهم الحجة, فأخذهم الله بذنوبهم, فأغرقهم في اليمّ.
15020 - حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: أرسل على قوم فرعون الآيات: الجراد, والقمّل, والضفادع, والدم، آياتٌ مفصّلات. قال: فكان الرجل من بني إسرائيل يركبُ مع الرجل من قوم فرعون في السّفينة, فيغترف الإسرائيلي ماءً, ويغترف الفرعوني دمًا. قال: وكان الرجل من قوم فرعون ينام في جانب, فيكثر عليه القمل والضفادع حتى لا يقدر أن ينقلب على الجانب الآخر. فلم يزالوا كذلك حتى أوحى الله إلى موسى: أنْ أسْرِ بعبادِي إنكم متَّبعون.
15021 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قال: لما أتى موسى فرعون بالرسالة، أبى أن يؤمن وأن يرسل معه بني إسرائيل, فاستكبر قال: لن أرسل معك بني إسرائيل ! (38) فأرسل الله عليهم الطوفان = وهو الماء = أمطر عليهم السماء، حتى كادوا يهلكون، وامتنع منهم كل شيء, فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك بما عهد عندك، لئن كشفت عنّا هذا لنؤمننّ لك ولنرسلن معك بني إسرائيل! فدعا الله فكشف عنهم المطر, فأنبت الله لهم حُروثهم, وأحيا بذلك المطر كل شيء من بلادهم, فقالوا: والله ما نحبَّ أنا لم نكن أمطرنا هذا المطر, ولقد كان خيرًا لنا, فلن نرسل معك بني إسرائيل, ولن نؤمن لك يا موسى! فبعث الله عليهم الجراد, فأكل عامة حروثهم, وأسرع الجراد في فسادِها, فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك يكشف عنا الجراد, فإنا مؤمنون لك, ومرسلون معك بني إسرائيل ! فكشف الله عنهم الجراد. وكان الجراد قد أبقى لهم من حروثهم بقيَّة, فقالوا: قد بَقي لنا من حروثنا ما كان كافِينَا, فما نحن بتاركي ديننا, ولن نؤمن لك, ولن نرسل معك بني إسرائيل ! فأرسل الله عليهم القمّل = و " القمّل "، الدبى، وهو الجراد الذي ليست له أجنحة = فتتبع ما بقي من حروثهم وشجرهم وكل نبات كان لهم, فكان القمّل أشدّ عليهم من الجراد، فلم يستطيعوا للقمل حيلةً, وجزعوا من ذلك. وأتوا موسى, فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك يكشف عنا القمل, فإنه لم يبق لنا شيئًا, قد أكل ما بقي من حروثنا, ولئن كشفت عنا القمل لنؤمنن لك, ولنرسلن معك بني إسرائيل ! فكشف الله عنهم القمل، فنكثوا, وقالوا: لن نؤمن لك, ولن نرسل معك بني إسرائيل! فأرسل الله عليهم الضفادع, فامتلأت منها البيوتُ, فلم يبق لهم طعام ولا شراب إلا وفيه الضفادع, فلقوا منها شيئًا لم يلقوه فيما مضى, فقالوا: يا موسى ادع لنا ربّك لئن كشفت عنا الرِّجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل ! قال: فكشف الله عنهم، فلم يفعلوا, فأنـزل الله: فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ، إلى: وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ .
15022 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا أبو تميلة قال، حدثنا الحسن بن واقد, عن زيد, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: كانت الضفادع برِّية, فلما أرسلها الله على آل فرعون، سمعت وأطاعت, فجعلت تغرق أنفسها في القُدُور وهي تغلي, وفي التنانير وهي تفور, فأثابها الله بحسن طاعتها بَرْدَ الماء.
15023 - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال: فرجع عدوّ الله = يعني فرعون, حين آمنت السحرة = مغلوبًا مغلولا ثم أبى إلا الإقامة على الكفر، والتماديَ في الشر, فتابع الله عليه بالآيات, وأخذه بالسنين, فأرسل عليه الطوفان, ثم الجراد, ثم القمل, ثم الضفادع , ثم الدم، آيات مفصلات، , فأرسل الطوفان = وهو الماء = ففاض على وجه الأرض, ثم ركد, لا يقدرون على أن يحرُثوا, ولا يعملوا شيئًا, حتى جُهِدوا جوعًا; فلما بلغهم ذلك، قالوا: يا موسى، ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك, ولنرسلن معك بني إسرائيل ! فدعا موسى ربه, فكشفه عنهم, فلم يفُوا له بشيء مما قالوا, فأرسل الله عليهم الجراد, فأكل الشجر، فيما بلغني, حتى إنْ كان ليأكل مساميرَ الأبواب من الحديد، حتى تقع دورهم ومساكنهم, فقالوا مثل ما قالوا, فدعا ربه فكشفه عنهم, فلم يفوا له بشيء مما قالوا. فأرسل الله عليهم القمّل, فذكر لي أنّ موسى أمر أن يمشي إلى كثيب حتى يضربه بعصاه. فمضى إلى كثيبٍ أهيل عظيم, (39) فضربه بها, فانثَالَ عليهم قمَّلا (40) حتى غلب على البيوت والأطعمة, ومنعهم النوم والقرار. فلما جهدهم قالوا له مثل ما قالوا, فدعا ربه فكشفه عنهم, فلم يفوا له بشيء مما قالوا, فأرسل الله عليهم الضفادع, فملأت البيوت والأطعمة والآنية , فلا يكشف أحدٌ ثوبًا ولا طعامًا ولا إناء إلا وجد فيه الضفادع قد غلبت عليه. فلما جهدهم ذلك قالوا له مثل ما قالوا, فدعا ربه فكشفه عنهم, فلم يفوا له بشيء مما قالوا. فأرسل الله عليهم الدم , فصارت مياه آل فرعون دمًا, لا يستقون من بئر ولا نهر, ولا يغترفون من إناء، إلا عاد دمًا عبيطًا. (41)
15024 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثنا محمد بن إسحاق, عن محمد بن كعب القرظي: أنه حُدِّث: أن المرأة من آل فرعون كانت تأتي المرأةَ من بني إسرائيل حين جَهدهم العطش, فتقول: اسقيني من مائك ! فتغرف لها من جرَّتها أو تصبّ لها من قربتها, فيعود في الإناء دمًا, حتى إن كانت لتقول لها: اجعليه في فيك ثم مُجيِّه في فيَّ ! فتأخذ في فيها ماءً, فإذا مجته في فيها صار دمًا, فمكثوا في ذلك سبعةَ أيام. (42)
15025 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: الجراد يأكل زروعهم ونباتهم, والضفادع تسقط على فرشهم وأطعمتهم, والدم يكون في بيوتهم وثيابهم ومائهم وطعامهم.
= قال، حدثنا شبل, عن عبد الله بن كثير, عن مجاهد قال: لما سال النِّيلُ دمًا, فكان الإسرائيلي يستقي ماء طيّبًا, ويستقي الفرعوني دمًا، ويشتركان في إناء واحد, فيكون ما يلي الإسرائيلي ماءً طيّبًا وما يلي الفرعوني دمًا.
15026- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن أبي بكر قال، حدثني سعيد بن حبير: أن موسى لمّا عالج فرعون بالآيات الأربع: العصا, واليد, ونقص من الثمرات, والسنين = قال: يا رب، إن عبدك هذا قد علا في الأرض وَعتَا في الأرض, وبغى علي, وعلا عليك, وعالى بقومه, ربِّ خذ عبدك بعُقوبة تجعلها له ولقومه نِقْمةً, وتجعلها لقومي عظةً، ولمن بعدي آية في الأمم الباقية ! فبعث الله عليهم الطوفان = وهو الماء = وبيوت بني إسرائيل وبيوت القبط مشتبكة مختلطة بعضها في بعض, فامتلأت بيوت القبط ماءً, حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم, من جَلس منهم غرق, (43) ولم يدخل في بيوت بني إسرائيل قطرة. فجعلت القبط تنادي موسى: ادع لنا ربك بما عهد عندك, لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك, ولنرسلن معك بني إسرائيل ! قال: فواثقوا موسى ميثاقًا أخذَ عليهم به عهودهم, وكان الماء أخذهم يوم السبت, فأقام عليهم سبعة أيام إلى السبت الآخر. فدعا موسى ربه, فرفع عنهم الماء, فأعشبت بلادهم من ذلك الماء, فأقاموا شهرًا في عافية, ثم جحدوا وقالوا: ما كان هذا الماء إلا نعمة علينا، وخصبًا لبلادنا, ما نحب أنه لم يكن . = قال: وقد قال قائل لابن عباس: إني سألت ابن عمر عن الطوفان, فقال: ما أدري، موتا كان أو ماء! فقال ابن عباس: أما يقرأ ابن عمر " سورة العنكبوت " حين ذكر الله قوم نوح فقال : فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ، [العنكبوت: 14]. أرأيت لو ماتوا، إلى مَنْ جاء موسى عليه السلام بالآيات الأربع بعد الطوفان؟
= قال: فقال موسى: يا رب إن عبادك قد نقضُوا عهدك, وأخلفوا وعدي, رب خذهم بعقوبة تجعلها لهم نقمة, ولقومي عظة, ولمن بعدهم آية في الأمم الباقية ! قال: فبعث الله عليهم الجراد، فلم يدع لهم ورقةً ولا شجرة ولا زهرة ولا ثمرة إلا أكله, (44) حتى لم يُبْقِ جَنًى، (45) حتى إذا أفنى الخضر كلها، أكل الخشب, حتى أكل الأبواب وسقوف البيوت. وابتلى الجراد بالجوع, فجعل لا يشبع, غير أنه لا يدخل بيوتَ بني إسرائيل. فعجُّوا وصاحُوا إلى موسى, (46) فقالوا: يا موسى، هذه المرّة ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل ! فأعطوه عهدَ الله وميثاقه, فدعا لهم ربّه, فكشف الله عنهم الجراد بعد ما أقام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت، ثم أقاموا شهرًا في عافية, ثم عادوا لتكذيبهم ولإنكارهم, ولأعمالهم أعمال السَّوْء قال: فقال موسى: يا رب، عبادُك، قد نقضوا عهدي، وأخلفوا موعدي, فخذهم بعقوبة تجعلُها لهم نقمة, ولقومي عظة, ولمن بعدي آية في الأمم الباقية ! فأرسل الله عليهم القمَّل = قال أبو بكر: سمعت سعيد بن جبير والحسن يقولان: كان إلى جنبهم كثيب أعفر بقرية من قرى مصر تدعى " عين شمس ", (47) فمشى موسى إلى ذلك الكثيب, فضربه بعصاه ضربةً صارَ قمّلا تدب إليهم = وهي دوابّ سود صغار. فدبَّ إليهم القمّل, فأخذ أشعارهم وأبشارهم وأشفارَ عيونهم وحواجبهم, ولزم جلودَهم, كأنه الجدريّ عليهم, فصرخوا وصاحوا إلى موسى: إنا نتوب ولا نعود, فادع لنا ربك! فدعا ربه فرفع عنهم القمل بعد ما أقام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت. فأقاموا شهرًا في عافية, ثم عادوا وقالوا: ما كنّا قط أحق أن نستيقن أنه ساحر مِنّا اليوم, جعل الرَّمل دوابّ! وعزَّة فرعون لا نصدِّقه أبدًا ولا نتبعه ! فعادوا لتكذيبهم وإنكارهم, فدعا موسى عليهم فقال: يا رب إن عبادك نقضوا عهدي, وأخلفوا وعدي, فخذهم بعقوبة تجعلها لهم نقمة, ولقومي عظة , ولمن بعدي آيه في الأمم الباقية ! فأرسل الله عليهم الضفادع, فكان أحدهم يضطجع, فتركبه الضفادع، فتكون عليه رُكَامًا, حتى ما يستطيع أن ينصرف إلى الشق الآخر, ويفتح فاه لأكْلته, فيسبق الضفدع أكلته إلى فيه, ولا يعجن عجينًا إلا تسدَّحَت فيه, (48) ولا يطبخ قِدْرًا إلا امتلأت ضفادع، فعذِّبوا بها أشد العذاب, فشكوا إلى موسى عليه السلام وقالوا: هذه المرة نتوب ولا نعود! فأخذَ عهدهم وميثاقهم. ثم دعا ربه, فكشف الله عنهم الضفادع بعد ما أقام عليهم سبعًا من السبت إلى السبت. فأقاموا شهرًا في عافية، ثم عادوا لتكذيبهم وإنكارهم وقالوا: قد تبيَّن لكم سحره, يجعل التراب دوابَّ, ويجيء بالضفادع في غير ماءٍ ! فآذوا موسى عليه السلام فقال موسى: يا رب إن عبادك نقضوا عهدي, وأخلفوا وعدي, فخذهم بعقوبة تجعلها لهم عقوبة, ولقومي عظة , ولمن بعدي آية في الأمم الباقية ! فابتلاهم الله بالدم, فأفسد عليهم معايشهم, فكان الإسرائيلي والقبطيّ يأتيان النيل فيستقيان, فيخرج للإسرائيليّ ماءً, ويخرج للقبطي دمًا, ويقومان إلى الحُبِّ فيه الماءُ, (49) فيخرج للإسرائيلي في إنائه ماءً, وللقبطي دمًا.
15027 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال: سمعت مجاهدًا, في قوله: (فأرسلنا عليهم الطوفان)، قال: الموت = " والجراد " قال: الجراد يأكل أمتعتهم وثيابهم ومسامير أبوابهم = " والقمل " هو الدّبى, سلطه الله عليهم بعد الجراد = قال: " والضفادع "، تسقط في أطعمتهم التي في بيوتهم وفي أشربتهم. (50)
* * *
وقال بعضهم: " الدم " الذي أرسله الله عليهم، كان رُعافًا.
* ذكر من قال ذلك:
15028 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا أحمد بن خالد قال، حدثنا يحيى بن أبي بكير قال، حدثنا زهير قال، قال زيد بن أسلم: أما " القمل " فالقمل = وأما " الدم "، فسلط الله عليهم الرُّعاف. (51)
* * *
وأما قوله: (آيات مفصلات)، فإن معناه: علامات ودلالات على صحّة نبوّة موسى, (52) وحقيقة ما دعاهم إليه (53) = " مفصلات ", قد فصل بينها, فجعل بعضها يتلو بعضًا, وبعضها في إثر بعض. (54)
* * *
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15029 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قال: فكانت آيات مفصلات بعضها في إثر بعض, ليكون لله الحجة عليهم, فأخذهم الله بذنُوبهم، فأغرقهم في اليمّ.
15030 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قوله: (آيات مفصلات)، قال: يتبع بعضها بعضًا، ليكون لله عليهم الحجة, فينتقم منهم بعد ذلك. وكانت الآية تمكث فيهم من السبت إلى السبت, وترفع عنهم شهرًا، قال الله عز وجل: فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ، [الأعراف: 136] ... الآية.
15031 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال ابن إسحاق: (آيات مفصلات)، : أي آية بعد آية، يتبع بعضُها بعضًا. (55)
* * *
وكان مجاهد يقول فيما ذكر عنه في معنى " المفصلات ", ما: -
15032 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدًا يقول في "آيات مفصلات "، قال: معلومات.
* * *
القول في تأويل قوله : فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فاستكبر هؤلاء الذين أرسل الله عليهم ما ذكر في هذه الآيات من الآيات والحجج، عن الإيمان بالله وتصديق رسوله موسى صلى الله عليه وسلم واتباعه على ما دعاهم إليه, وتعظموا على الله وعتَوا عليه (56) =(وكانوا قومًا مجرمين)، يقول: كانوا قومًا يعملون بما يكرهه الله من المعاصي والفسق عتوًّا وتمرّدًا. (57)
-----------------
الهوامش :
(6) الأثر : 14989 - (( حبوية )) ، (( أبو يزيد )) هو (( إسحق بن إسماعيل الرازي )) ، مضى برقم : 14365 ، 14550 ، 14956 ، وكان في المطبوعة : (( حبويه الرازي )) ، وهو صواب ، إلا أنه لم يحسن قراءة المخطوطة ، فغيرها ، وكان فيها : (( حبوية أبو مزيد )) ، الصواب ما أثبت .
(7) لعل صواب العبارة (( والطاعون ، الموت على كل حال )) .
(8) الأثر : 14996 - (( المنهال بن خليفة العجلي )) ، (( أبو قدامة )) ، متكلم فيه . ضعفه ابن معين ، والنسائي ، والحاكم . وقال البخاري : (( صالح ، فيه نظر )) ، وقال في موضع آخر /: (( حديثه منكر )).
وقال ابن حبان : (( كان ينفرد بالمناكير عن المشاهير )) . مترجم من التهذيب ، والكبير 4/2/12 ، وابن أبي حاتم 4/1/357 ، وميزان الاعتدال 3 : 204 .
و(( الحجاج )) هو (( الحجاج بن أرطاة )) ، مضى مرارًا . و (( الحكم بن ميناء الأنصاري )) ، تابعي ثقة . مترجم من التهذيب ، والكبير 1/2/340 ، وابن أبي حاتم 1/2/127 .
وهذا الخبر ، رواه ابن كثير في تفسيره 3 : 536 ، عن هذا الموضع ثم قال : (( وكذا ورواه ابن مردويه ، من حديث يحيى بن يمان به ، وهو حديث غريب )) . قلت : وزاد نسبته لابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ وانظر الأثر التالي رقم 15000
(9) الأثر : 14997 - (( عباس بن محمد )) ، هو (( عباس بن محمد بن حاتم الدورى )) شيخ الطبري ، مضى برقم : 7701 .
(10) الأثر : 15000 - هذا إسناد آخر للخبر رقم : 14996 ، إلا أنه أبهم الراوي عن عائشة ، وبينه هناك ، وهو (( الحكم بن ميناء )) . وقد مضى تخريج هذا الخبر ، وبيان ضعفه .
(11) هو أبو عبيدة ، في مجاز القرآن 1 : 226 .
(12) (( البعاق )) ( بضم الباء ) : هو المطر الكثير الغزير الذي يتبعق بالماء تبعقاً ، أي يسيل به سيلا كثيفاً . و(( سيل دباش )) ( ضم الدال ) عظيم ، يجرف كل شيء جرفاً .
(13) في المخطوطة : (( المتابع )) ، وفي مجاز القرآن : (( المبالغ )) ، والذي في المطبوعة (( المتتابع )) فآثرت نص أبي عبيدة .
(14) هو الأخفش ، قال ابن سيدهْ : (( الأخفش ثقة ، وإذا حكى الثقة شيئاً لزم قبوله )) .
(15) يعني الخبر رقم 15001 .
(16) في المطبوعة والمخطوطة : (( الحسن بن عرفطة)) ، وهو خطأ ، وقال أبو حاتم (( حسين بن عرفطة )) ، هو خطأ .انظر نوادر أبي زيد 75 ، 77 ، وهو (( حسيل بن عرفطة الأسدى )) شاعر جاهلي .
(17) نوادر أبي زيد : 77 ، الوساطة : 329 ، اللسان ( طوف ) ، وقبله: لَــمْ يَــكُ الحًـقُّ عَـلَى أَنْ هَاجَـهُ
رَسْــمُ دَارٍ قَــدْ تَعَفَّــى بِالسِّـرَرْ
قال أبو حاتم (( بالسرر )) بفتح السين والراء . و(( الخرق )) : القطع من الريح ، واحدتها (( خرقة )) . و (( طوفان المطر )) ، كثرته . وروى الأصمعى (( خرق )) ( يعني بضم الخاء والراء ) . هذا نص ما في نوادر أبي زيد . و (( خرق )) ( بضمتين ) جمع (( خريق )) ، وهي الريح الشديدة الهبوب التي تخترق المواضع.
(18) اللسان ( نكث ) ( زأد ) ، ولعلها من شعره الذي مدح به عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان ( انظر خزانة الادب 3 : 288 ) و (( النكائث )) جمع (( نكيثة )) ، وهي جهد قوة النفس . يقال : (( فلآن شديد النكيثة )) أي النفس . ويقال : (( بلغت نكيثته )) ( بالبناء للمجهول ) أي : جهد نفسه . و (( بلغ فلآن نكيثة بعيره )) أي : أقصي مجهوده في السير . و (( الزؤد )) ( بضم الهمزة وسكونها ) : الفزع والخوف . و (( خرقاء )) من صفة الناقة . وهي التي لا تتعهد مواضع قوائمها من نشاطها . يصفها بالحدة كأنها مجنونة ، إذا كلت العيس ، بقيت قوتها وفضل نشاطها .
(19) لم أجده في مكان آخر . و(( الشآيب )) . جمع (( شؤبوب )) ، وهي الدفعة من المطر . ويقال : (( لا يقال للمطر شآبيب ، إلا وفيه برد )) .
(20) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن 1 : 226 .
(21) (( القمقامة )) ، صغار القردان ( جمع قراد ) وهو أول ما يكون صغيراً ، لا يكاد يرى من صغره ، وهو أيضاً ضرب من القمل شديد التشبث بأصول الشعر .
(22) في المطبوعة : (( الأعمش )) وهو خطأ في الطباعة .
(23) ديوانه: 154، واللسان (قمل). من قصيدته التي قالها لكسرى حين أراد من بنى ضبيعة (رهط الأعشى) رهائن، لما أغار الحارث بن وعلة على بعض السواد، فأخذ كسرى قيس بن مسعود، ومن وجد من بكر، فجعل يحبسهم، فقال له الأعشى: مَـنْ مُبْلِـغٌ كِسْرَى، إذَا مَا جَاءَهُ رُهُنًا،
عَنِّــى مــآلِكَ مُخْمِشَــاتٍ شُـرَّدَا
آلَيْــتُ لا نُعْطِيــهِ مِــنْ أَبْنَائِنَـا
رُهْنًــا فَيُفْسِـدُهُمْ كَـمَنْ قَـدْ أَفْسَـدَا
حَــتَّى يُفِيـدُكَ مِـنْ بَنِيـهِ رَهِينَـةً
نَعْشُ، وَيَــرْهَنُكَ السِّــمَاكُ الفَرْقَـدَا
يقول: من يبلغ كسرى عني تغضبه، رسائل تأتيه من كل مكان: أننا آلينا أن لا نعطيه من أبنائنا رهائن، يتولى إفسادهم كما أفسد رجالا من قبل، ولن ينال منا ذلك حتى تعطيه نجوم السماء رهائن من صواحباتها. ثم قال له: لَسْــنَا كَـمَنْ جَـعَلَتْ إيَـادُ دَارَهَـا
تَكْــرِيت تَمْنَـع حَبَّهـا أَنْ يُحْـصَدا
قَوْمًــا يُعَـالَجُ .. .. .. .. .. .. ..
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جَــعَلَ الإِلَـهُ طَعَامَنَـا فِـي مَالِنَـا
رِزْقًــا تَضَمَّنَــهُ لَنَــا لَـنْ يَنْفَـدَا
يقول: لسنا كإياد التي آتتك الرهائن فأنها نـزلت تكريت تنظر ما يحصد من الزرع من سنة إلى سنة، فهم حراثون، قد قملوا، فقام أبناؤهم يعالجون القمل، ويجرون السلاسل ليشدوها على الأجران، ويجهدون في تغليق أبوابها. أما نحن، فالله قد جعل إبلنا رزقنا، ضمنت لنا من ألبانها طعاماً لا ينفد، ونـزعنا عن أعناقنا ربقة عبودية القرى والأمصار، إلى حرية البادية، نغدو فيها ونروح، ليس لك علينا سلطان. وهذا من شعر أحرار العرب. و((الأجد)) (بضمتين): القوى الموثق. يقال: ((ناقة أجد))، قوية وثيقة التركيب. و((ناقة مؤجدة القرى))، مثله. ويقال: ((الحمد لله الذي آجدنى بعد ضعف))، أي: قوانى. و((المؤصد)) من ((أوصد الباب)) أغلقه وأطبقه، فهو ((موصد)) و((مؤصد)) بالهمز، ومثله قوله تعالى ذكره: ((إنها عليهم مؤصدة)) بالهمز، أي مطبقة.
(24) في المطبوعة : (( فإن لم يكن جمعاً )) ، بزيادة (( لم )) وهي مفسدة للكلام ، والصواب من المخطوطة .
(25) لم أجد هذا في معاني القرآن للفراء ، في هذا الموضع من تفسير الآية . انظر معاني القرآن للفراء 1 : 393 ، بل قال الفراء هنا : (( القمل ، وهو الدبى الذي لا أجنحة له )) ، ولم يزد .
(26) (3) في المطبوعة : (( ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى إسرائيل )) ، غير ما في المخطوطة ، ولم يكتب نص آية (( سورة الأعراف )) : 134 . وكان في المخطوطة ما أثبته ، إلا أنه كتب : (( لئن كشف عنا المطر فتؤمن لك )) وصواب الجملة ما أثبت إن شاء الله .
(27) (( داس الناس الحب )) درسوه . و (( أحرز الشيء )) : ضمه وحفظه ، وصانه عن الأخذ .
(28) ما بين القوسين ، ليس في المخطوطة ، وفي المخطوطة عند هذا الوضع ، حرف ( ط ) بين (( إسرائيل )) و (( فأرسل )) و ( ط ) أخرى في الهامش ، دلالة على الخطأ . والذي في المطبوعة صواب إن شاء الله .
(29) (( الدم العبيط )) ، هو الطرى .
(30) الأثر : 15015 - (( حبويه )) ، (( أبو يزيد )) ، هو(( إسحاق بن إسماعيل الرازي )) ، مضى برقم 14365 ، 14550 ، 14956 ، 14989 ، وكان في المطبوعة هنا (( حبوبة الرازي )) ، والصواب من المخطوطة ، ومن تحقيق ذلك فيما سلف من الأرقام التي ذكرتها .
(31) ( 1) في المطبوعة : (( فكشف الله عنهم )) ، واثبت ما في المخطوطة والتاريخ .
(32) ( 2) (( لحس الجراد النبات )) إذا أكله ولم يبق منه شيء ، ومنه قيل لسنوات القحط الشداد " اللواحس" لأنها تلحس كل شيء .
(33) (( زلق البناء أو المكان تزليقًا )) ، إذا ملسه حتي لايثبت عليه شيء .
(34) الأثر: 15016- هو جزء من خبر طويل رواه أبو جعفر في تاريخه 1: 211 ، 212
(35) في المخطوطة : 0(( ثم كشف عنهم فلم ينتفعوا )) وتركت ما في المطبوعة علي حاله ، لقوله في الأخرى : (( فلم يؤمنوا أيضاً )) .
(36) في المخطوطة ، أسقط ما بين القوسين ، وإثباته حق الكلام .
(37) ما بين القوسين ، ليس في المخطوطة .
(38) في المطبوعة : (( لن نرسل )) ، وأثبت مافي المخطوطة .
(39) (( كثيب أهيل )) ( علي وزن أفعل ) : منهال لايثبت رمله حتي يسقط
(40) (( انثال التراب انثيالا )) : انصب انصبابآ من كل وجه .
(41) الأثر : 15023- هذا الخبر رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 215 .
(42) الأثر : 15024- هذا الخبر رواه أبو جعفر في تاريخه مطولا 1 : 215 ، 216 .
(43) في المطبوعة والمخطوطة : (( من حبس )) ، والصواب ما أثبت.
(44) في المطبوعة : (( إلا أكلها )) ، وأثبت مافي المخطوطة ، وهو صواب .
(45) (( الجني )) الثمر كله .
(46) (( عج يعج عجا )) رفع صوته وصاح بالدعاء والاستغاثة .
(47) (( الكثيب الأعفر )) : هو هنا الأحمر .
(48) في المطبوعة : (( تشدخت )) بالشين والخاء ، ولامعني لها هنا ، وهي من المخطوطة غير منقوطة وكأن هذا صواب قراءتها . يقال : (( سدح الشيء )) إذا بسطه علي الأرض أو أضجعه.و(( انسدح الرجل )) استلقي وفرج رجليه . وقوله (( تسدح )) ( بتشديد الدال ) ، قياس عربي صحيح .
(49) (( الحب )) ( بضم الحاء ) : الجرة الضخمة يكون فيها الماء .
(50) الأثر : 15027- (( أبو سعد المدني )) ، وكان في المخطوطة ، والمطبوعة : (( ابن سعد )) ، وهو خطأ ، وهو إسناد مر مرارآ ، أقربه رقم : 14916 .
(51) الأثر : 15028- (( أحمد بن خالد )) ، كأنه (( أحمد بن خالد بن موسي الوهبي )) ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 49 و (( يحيى بن أبي بكير الأسدي )) ، مضى مرارًا ، آخرها رقم : 7544 ، و (( زهير )) ، هو : (( زهير بن محمد التميمي )) ، مضى برقم : 5230 ، 6628 .
(52) انظر تفسير (( آية )) فيما من فهارس اللغة اللغة ( أيي )
(53) في المطبوعة : (( وحقية )) مكان (( وحقيقة )) ، فعل بها كما فعل بكل أخواتها من قبل . انظر ماسلف 12 : 244 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
(54) وانظر تفسير (( التفصيل )) في م سلف 12 : 477 ، تعليق : 1 والمراجع هناك .
(55) الأثر : 15031 - هو قطعة من الآثر السالف رقم : 15023 ، أسقطها أبو جعفر من صلب الكلام ، وأفردها ههنا . وأما في التاريخ 1 : 215 ، فقد ساق الخبر متصلا ، وفيه هذه الجملة من التفسير .
(56) انظر تفسير (( الاستكبار )) فيما سلف 12 : 561 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك :
(57) انظر تفسير (( الإجرام )) فيما سلف 12 : 207 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المؤمنون: 46 | ﴿إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ ﴾ |
---|
الأعراف: 133 | ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ﴾ |
---|
يونس: 75 | ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ وَهَارُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ أي:العذاب، يحتمل أن المراد به:الطاعون، كما قاله كثير من المفسرين، ويحتمل أن يراد به ما تقدم من الآيات:الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، فإنها رجز وعذاب، وأنهم كلما أصابهم واحد منها قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ أي:تشفعوا بموسى بما عهد اللّه عنده من الوحي والشرع، لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وهم في ذلك كذبة، لا قصد لهم إلا زوال ما حل بهم من العذاب، وظنوا إذا رفع لا يصيبهم غيره.
ثم بين- سبحانه- حالهم عند نزول العقاب بهم فقال: وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ، وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ.
أى وحين وقع على فرعون ومثله العذاب المذكور في الآية السابقة، والمتمثل في الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، حين وقع عليهم ذلك أخذوا يقولون لموسى بتذلل واستعطاف عقب كل عقوبة من تلك العقوبات: يا موسى ادع لنا ربك واسأله بحق ما عهد عندك من أمر إرسالك إلينا لإنقاذنا من الهلاك أن يكشف عنا هذا العذاب، ونحن نقسم لك بأنك إن كشفته عنا لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى إسرائيل.
قال صاحب الكشاف: بِما عَهِدَ عِنْدَكَ ما مصدرية، والمعنى بعهده عندك وهو النبوة.
والباء إما أن تتعلق بقوله: ادْعُ لَنا رَبَّكَ على وجهين:
أحدهما: أسفنا إلى ما نطلب إليك من الدعاء لنا بحق ما عندك من عهد الله وكرامته بالنبوة.
أو ادع الله لنا متوسلا إليه بعهده عندك.
وإما أن يكون قسما مجابا بلنؤمنن، أى أقسمنا بعهد الله عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك».
فأرسل الطوفان وهو الماء ففاض على وجه الأرض ثم ركد لا يقدرون على أن يحرثوا ولا أن يعملوا شيئا حتى جهدوا جوعا فلما بلغهم ذلك "قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل" فدعا موسى ربه.
القول في تأويل قوله : وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: " ولما وقع عليهم الرجز ", ولما نـزل بهم عذاب الله, وحَلّ بهم سخطه.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في ذلك " الرجز " الذي أحبر الله أنه وقع بهؤلاء القوم.
فقال بعضهم: كان ذلك طاعونًا.
* ذكر من قال ذلك:
15033 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب القمي, عن جعفر بن المغيرة, عن سعيد بن جبير قال: وأمر موسى قومه من بني إسرائيل = وذلك بعد ما جاء قوم فرعونَ بالآيات الخمس: الطوفان وما ذكر الله في هذه الآية, فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل = فقال: ليذبح كل رجل منكم كبشًا, ثم ليخضب كفّه في دمه, ثم ليضرب به على بابه! فقالت القبط لبني إسرائيل = لم تعالجُون هذا الدمَ على أبوابكم؟ (58) فقالوا: إن الله يرسل عليكم عذابًا، فنسلم وتهلكون. فقالت القبط: فما يعرفكم الله إلا بهذه العلامات؟ فقالوا: هكذا أمرنا به نبيّنا! فأصبحوا وقد طُعِنَ من قوم فرعون سبعون ألفًا, فأمسوا وهم لا يتدَافنون. فقال فرعون عند ذلك: (ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفتَ عنا الرجز)، وهو الطاعون,(لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل)، فدعا ربه، فكشفه عنهم, فكان أوفاهم كلّهم فرعون, فقال لموسى: اذهب ببني إسرائيل حيث شئت.
15034 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حبويه الرازي وأبو داود الحفري, عن يعقوب, عن جعفر, عن سعيد بن جبير = قال حبويه، عن ابن عباس =(لئن كشفت عنا الرجز) قال: الطاعون.
* * *
وقال آخرون: هو العذاب.
* ذكر من قال ذلك:
15035 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " الرجز " العذاب.
15036 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
15037 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ ، أي العذاب.
15038 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر, عن قتادة: (ولما وقع عليهم الرجز)، يقول: العذاب.
15039 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ولما وقع عليهم الرجز)، قال، " الرجز "، العذاب الذي سلط الله عليهم من الجراد والقمل وغير ذلك, وكلّ ذلك يعاهدونه ثم ينكثون.
* * *
وقد بينا معنى " الرجز " فيما مضى من كتابنا هذا بشواهده المغنية عن إعادتها. (59)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب في هذا الموضع أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن فرعون وقومه أنهم لما وقع عليهم الرجز = وهو العذاب والسخط من الله عليهم = فزعوا إلى موسى بمسألته ربَّه كشفَ ذلك عنهم. وجائز أن يكون ذلك " الرجز " كان الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم, لأن كل ذلك كان عذابًا عليهم = وجائز أن يكون ذلك " الرجز " كان طاعونًا، ولم يخبرنا الله أيّ ذلك كان, ولا صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيِّ ذلك كان خبرٌ، فنسلم له. فالصواب أن نقول فيه كما قال جل ثناؤه: (ولما وقع عليهم الرجز)، ولا نتعداه إلا بالبيان الذي لا تمانع فيه بين أهل التأويل, وهو لمّا حل بهم عذاب الله وسخطه.
* * *
=(قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك)، يقول: بما أوصاك وأمرك به. (60) وقد بينا معنى: " العهد "، فيما مضى.
* * *
=(لئن كشفت عنا الرجز)، يقول: لئن رفعت عنا العذاب الذي نحن فيه (61) (لنؤمننّ لك)، يقول: لنصدقن بما جئت به ودعوت إليه ولنقرَّنّ به لك =( ولنرسلن معك بني إسرائيل)، يقول: ولنخلِّين معك بني إسرائيل فلا نمنعهم أن يذهبوا حيث شاؤوا.
-----------------
الهوامش :
(58) في المطبوعة : (( لم تجعلون )) ، وفي المخطوطة كما أثبتها . سيئة الكتابة ، ومعناها قريب من الصواب إن شاء الله .
(59) انظر تفسير (( الرجز )) فيما سلف 2: 116 - 118/12 : 521 .
(60) انظر تفسير (( العهد )) فيما سلف ص : 10 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(61) انظر تفسير (( الكشف )) فيما سلف 11 : 354 .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المائدة: 22 | ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ﴾ |
---|
المائدة: 24 | ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَآ أَبَدٗا مَّا دَامُواْ﴾ |
---|
الأعراف: 115 | ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّآ أَن تُلۡقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحۡنُ ٱلۡمُلۡقِينَ﴾ |
---|
الأعراف: 134 | ﴿وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيۡهِمُ ٱلرِّجۡزُ قَالُوا يَا مُوسَى ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَۖ﴾ |
---|
الأعراف: 138 | ﴿فَأَتَوۡاْ عَلَىٰ قَوۡمٖ يَعۡكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصۡنَامٖ لَّهُمۡۚ قَالُوا يَا مُوسَى ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمٞ تَجۡهَلُونَ﴾ |
---|
طه: 65 | ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّآ أَن تُلۡقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَلۡقَىٰ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ أي:إلى مدة قدر اللّه بقاءهم إليها، وليس كشفا مؤبدا، وإنما هو مؤقت، إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ العهد الذي عاهدوا عليه موسى، ووعدوه بالإيمان به، وإرسال بني إسرائيل، فلا آمنوا به ولا أرسلوا معه بني إسرائيل، بل استمروا على كفرهم يعمهون، وعلى تعذيب بني إسرائيل دائبين.
ثم بين- سبحانه- موقفهم الجحودى فقال: فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ أى: فلما كشفنا عنهم العذاب مرة بعد مرة إلى الوقت الذي أجل لهم وهو وقت إغراقهم في اليم، إذا هم ينكثون أى: ينقضون عهدهم الذي التزموه، ويحنثون في قسمهم في كل مرة.
وينكثون: من النكث. وأصله فك طاقات الصوف المغزول ليغزل ثانيا، ثم استعير لنقض العهد بعد إبرامه.
قال الآلوسى: وجواب «لما» فعل مقدر يؤذن به إذا الفجائية لا الجملة المقترنة بها، أى: فلما كشفنا عنهم ذلك فاجأوا بالنكث من غير توقف» .
هذا، وقد ساق بعض المفسرين آثارا متعددة في كيفية نزول هذا العذاب بهم. ومن هذه الآثار ما رواه أبو جعفر بن جرير- بسنده- عن سعيد بن جبير قال:
لما أتى موسى- عليه السلام- فرعون قال له: أرسل معى بنى إسرائيل، فأرسل الله عليهم الطوفان وهو المطر فصب عليهم منه شيئا خافوا أن يكون عذابا. فقالوا لموسى: ادع لنا ربك أن يكشف عنا هذا المطر فنؤمن لك ونرسل معك بنى إسرائيل. فدعا ربه، فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بنى إسرائيل. فأنبت لهم في تلك السنة شيئا لم ينبته قبل ذلك من الزروع والثمار والكلأ، فقالوا: هذا ما كنا نتمنى، فأرسل الله عليهم الجراد فسلطه على الكلأ فلما رأوا أثره في الكلأ عرفوا أنه لا يبقى الزرع فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنا الجراد فنؤمن لك ونرسل معك بنى إسرائيل، فدعا ربه فكشف عنهم الجراد فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بنى إسرائيل، فداسوا وأحرزوا في البيوت فقالوا: قد أحرزنا. فأرسل الله عليهم القمل وهو السوس الذي يخرج منه، فكان الرجل يخرج عشرة أجربة إلى الرحى فلم يرد منها إلا ثلاثة أقفزة- والجريب والقفيز مكيالان للحبوب، والجريب أربعة أقفزة- فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنا القمل فنؤمن لك ونرسل معك بنى إسرائيل، فدعا ربه فكشف عنهم فأبوا أن يرسلوا معه بنى إسرائيل. فبينما هو جالس عند فرعون إذ سمع نقيق ضفدع فقال لفرعون: ما تلقى أنت وقومك من هذا. فقال: وما عسى أن يكون كيد هذا، فما أمسوا حتى كان الرجل يجلس إلى ذقنه في الضفادع، ويهم أن يتكلم فيثبت الضفدع في فيه فقالوا لموسى ادع لنا ربك أن يكشف عنا هذه الضفادع فنؤمن لك ونرسل معك بنى إسرائيل فدعا ربه فكشف عنهم فلم يؤمنوا، وأرسل الله عليهم الدم فكانوا ما استقوا من الأنهار والآبار، وما كان في أوعيتهم وجدوه دما عبيطا، فشكوا إلى فرعون، فقالوا إنا قد ابتلينا بالدم وليس لنا شراب، فقال: إنه قد سحركم، فقالوا: من أين سحرنا ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئا من الماء إلا وجدناه دما عبيطا؟
فأتوه وقالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم فنؤمن لك ونرسل معك بنى إسرائيل، فدعا ربه فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بنى إسرائيل» .
قال ابن كثير: قد روى نحو هذا عن ابن عباس والسدى وقتادة وغير واحد من علماء السلف أنه أخبر بهذا.
كشف عنهم فلم يفوا له بشيء مما قالوا فأرسل الله عليهم الجراد فأكل الشجر فيما بلغني حتى إن كان ليأكل مسامير الأبواب من الحديد حتى تقع دورهم ومساكنهم فقالوا مثل ما قالوا فدعا ربه فكشف عنهم فلم يفوا له بشيء مما قالوا فأرسل الله عليهم القمل فذكر لي أن موسى عليه السلام أمر أن يمشي إلى كثيب حتى يضربه بعصاه فمشى إلى كثيب أهيل عظيم فضربه بها فانثال عليهم قملا حتى غلب على البيوت والأطعمة ومنعهم النوم والقرار فلما جهدهم قالوا له مثل ما قالوا له فدعا ربه فكشف عنهم فلم يفوا له بشيء مما قالوا فأرسل الله عليهم الضفادع فملأت البيوت والأطعمة والآنية فلا يكشف أحد ثوبا ولا طعاما إلا وجد فيه الضفادع قد غلبت عليه فلما جهدهم ذلك قالوا له مثل ما قالوا فسأل ربه فكشف عنهم فلم يفوا له بشيء مما قالوا فأرسل الله عليهم الدم فصارت مياه آل فرعون دما لا يستقون من بئر ولا نهر ولا يغترفون من إناء إلا عاد دما عبيطا.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن منصور المروزي أنا النضر أنا إسرائيل أنا جابر بن يزيد عن عكرمة عن عبيد الله بن عمرو قال: لا تقتلوا الضفادع فإنها لما أرسلت على قوم فرعون انطلق ضفدع منها فوقع في تنور فيه نار يطلب بذلك مرضات الله فأبدلهن الله من هذا أبرد شيء يعلمه من الماء وجعل نقيقهن التسبيح وروي من طريق عكرمة عن ابن عباس نحوه: وقال زيد بن أسلم: يعني بالدم الرعاف.
رواه ابن أبي حاتم.
القول في تأويل قوله : فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فدعا موسى ربه فأجابه, فلما رفع الله عنهم العذاب الذي أنـزله بهم =(إلى أجل هم بالغوه)، ليستوفوا عذابَ أيامهم التي جعلَها الله لهم من الحياة أجلا إلى وقت هلاكهم (62) =(إذا هم ينكثون)، يقول: إذا هم ينقضون عهودَهم التي عاهدوا ربَّهم وموسى, ويقيمون على كفرهم وضلالهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15040 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله تعالى: (إلى أجل هم بالغوه)، قال: عدد مسمَّى لهم من أيامهم.
15041 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, نحوه.
15042 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون)، قال: ما أعطوا من العهود, وهو حين يقول الله: وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ ، وهو الجوع = وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ، [الأعراف: 130].
--------------
الهوامش :
(62) انظر تفسير (( الأجل )) فيما سلف 12 : 405 ، تعليق : 2 ، والمرجع هناك.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 135 | ﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ |
---|
الزخرف: 50 | ﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ أي:حين جاء الوقت المؤقت لهلاكهم، أمر اللّه موسى أن يسري ببني إسرائيل ليلا وأخبره أن فرعون سيتبعهم هو وجنوده فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يجمعون الناس ليتبعوا بني إسرائيل، وقالوا لهم:إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِين * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ . وقال هنا:فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ أي:بسبب تكذيبهم بآيات اللّه وإعراضهم عما دلت عليه من الحق.
ثم حكت السورة الكريمة نهايتهم الأليمة، بسبب نقضهم لعهودهم ومواثيقهم في كل مرة، وبسبب تكذيبهم لآيات الله. وعصيانهم لنبيهم موسى- عليه السلام- فقالت: فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ، بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ أى: فانتقمنا منهم عند بلوغ الأجل المضروب لإهلاكهم. بأن أغرقناهم في اليم- أى البحر-، وذلك بسبب تكذيبهم لآياتنا الواضحة، وحججنا الساطعة، وكانوا عنها غافلين بحيث لا يتدبرونها، ولا يتفكرون فيما تحمله من عظات وعبر.
والقرآن هنا يسوق حادث إغراق فرعون وملئه بصورة مجملة، فلا يفصل خطواته كما فصلها في مواطن أخرى، وذلك لأن المقام هنا هو مقام الأخذ الحاسم بعد الإمهال الطويل، فلا داعي إذن إلى طول العرض والتفصيل. إن الحسم السريع هنا أوقع في النفس، وأرهب للحس، وأزجر للقلب، وأدعى إلى العظة والاعتبار، ولأن سورة الأعراف- كما سبق أن بينا- يغلب عليها هذا الأسلوب الذي يزلزل قلوب الطغاة، ويغرس في النفوس الرهبة والخوف وهي تقص على الناس ما أصاب الظالمين من عذاب دنيوى مضى وصار تاريخا يعلمونه ويتحدثون عنه، وهو ما حل بالأمم السابقة التي كذبت رسلها وعتت عن أمر ربها.
ثم وهي تحكى لهم ما أعد للمستكبرين من عذاب أخروى بسبب عصيانهم وانتهاكهم لحرمات الله.
يخبر تعالى أنهم لما عتوا وتمردوا ، مع ابتلائه إياهم بالآيات المتواترة واحدة بعد واحدة ، [ أنه ] انتقم منهم بإغراقه إياهم في اليم ، وهو البحر الذي فرقه لموسى ، فجاوزه وبنو إسرائيل معه ، ثم ورده فرعون وجنوده على أثرهم ، فلما استكملوا فيه ارتطم عليهم ، فغرقوا عن آخرهم ، وذلك بسبب تكذيبهم بآيات الله وتغافلهم عنها .
القول في تأويل قوله : فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما نكثوا عهودهم = " انتقمنا منهم ", يقول: انتصرنا منهم بإحلال نقمتنا بهم، (63) وذلك عذابه = " فأغرقناهم في اليمّ", وهو البحر, كما قال ذو الرمة:
دَاوِيَّــةٌ وَدُجَــى لَيْــلٍ كَأَنَّهُمَــا
يَــمٌّ تَـرَاطَنُ فِـي حَافَاتِـهِ الـرُّومُ (64)
وكما قال الراجز: (65)
* كَبَاذِحِ الْيَمِّ سَقَاهُ الْيَمُّ * (66)
=(بأنهم كذبوا بآياتنا) يقول: فعلنا ذلك بهم بتكذيبهم بحججنا وأعلامنا التي أريناهموها (67) =(وكانوا عنها غافلين)، يقول: وكانوا عن النقمة التي أحللناها بهم، غافلين قبل حلولها بهم أنّها بهم حالَّةٌ.
* * *
و " الهاء والألف " في قوله: " عنها "، كناية من ذكر " النقمة ", فلو قال قائل: هي كناية من ذكر " الآيات ", ووجّه تأويل الكلام إلى: وكانوا عنها معرضين = فجعل إعراضهم عنها غفولا منهم إذ لم يقبلوها, كان مذهبًا. يقال من " الغفلة ", " غفل الرجل عن كذا يغفُل عنه غَفْلة وغُفُولا وغَفَلا ". (68)
------------------
الهوامش :
(63) انظر تفسير (( الانتقام )) فيما سلف 11 : 47 ، 56 ، 57 .
(64) ديوانه : 576 ، من قصيدة باذخة ، وهذا البيت منها في صفه فلاة مخوفة ، يقول قبله : بَيْـنَ الرَّجَـا والرَّجَا من جَنْبٍ وَاصِيَةٍ
يَهْمَــاءَ خَابِطُهَـا بِـالخَوْفِ مَكْعُـومُ
لِلجِـنِّ بِـاللَّيْلِ فِـي حَافَاتِهَـا زَجَـلٌ
كَمَـا تَجَـاوَبَ يَـوْمَ الـرِّيحِ عَيْشُـومُ
هَنَّـا، وَهَنَّـا وَمِـنْ هَنَّـا لَهُـنَّ، بِهَا
ذَاتَ الشَّــمَائِلِ وَالأَيْمَــانِ هَيْنُــومُ
دَوِّيَّــةٌ وَدُجَـي لَيْـل .............
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(( الرجا )) الناحية . و (( الواصية )) ، فلاة تتصل بفلاة مخوفة أخري ، كأن بعضها يوصي بعضاً بالأهوال .و ((خابطها )) الساري فيها لايكاد يهتدي . (( يهماء )) ، مبهمة لايكاد المرء يهتدي فيها . و ((مكعوم )) مشدود الفم ، لايطيق أن ينطق من الرعب . و (( زجل الجن )) ، صوتها وعزيفها . و (( ا لعيشوم )) نبت له خشخشة إذا هبت عليه الريح . و(( الهينوم )) ، الهينمة وهو صوت تسمعه ولا تفهمه . يقول تأتيه هذه الأصوات من يمين وشمال . و (( الدوية )) و ، الداوية ، الفلاة التي يسمع فيها دوي الصوت ، لبعد أطرافها.وهذا شعر فاخر .
(65) هو العجاج .
(66) ديوانه : 63 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 227 ، من أرجوزة ذكر فيها مسعود بن عمرو العتكي الأزدي ، وما أصابه وقومه من تميم رهط العجاج . فقال يذكر تميما وخزيمة ، وقيس عيلان حين اجتمعت كتائبهم وجيوشهم : وَأَصْحَــروا حــين اسْـتَجَمَّ الجَـمُّ
بِـــذِي عُبَــابٍ بَحــرُهُ غِطَــمُّ
كَبَــاذِخِ اليِـــمِّ سَــقَاهُ اليَــمُّ
لَـــهُ نَـــوَاحٌ وَلَـــه أُسْــطُمُّ
وكان في المطبوعة: (( كمادح اليم )) ، وهو خطأ ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وقوله : (( كباذخ اليم )) ، يعني موج البحر ، (( سقاه اليم )) ، أي : أمده اليم ، فهو لا يزال في علو وارتفاع . و (( الغطم )) ، البحر الكثير الماء الملتطم الموج . و (( أسطم البحر )) ، مجتمعه ووسطه ، حيث يضرب بعضه بعضاً من كثرته.
(67) انظر تفسير(( آية )) فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي )
(68) انظر تفسير (( الغفلة )) فيما سلف 2 : 244 ، 316 / 3 : 127 ، 184 /9 : 162 ولم يبين فيما سلف هذا البيان الذي جاء به هنا .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 136 | ﴿فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ |
---|
الأعراف: 146 | ﴿وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ في الأرض، أي:بني إسرائيل الذين كانوا خدمة لآل فرعون، يسومونهم سوء العذاب أورثهم اللّه مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَهَا والمراد بالأرض هاهنا، أرض مصر، التي كانوا فيها مستضعفين، أذلين، أي:ملكهم اللّه جميعا، ومكنهم فيها الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا حين قال لهم موسى:اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ . وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ من الأبنية الهائلة، والمساكن المزخرفة وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .
ثم بين- سبحانه- مظاهر فضله وكرمه على بنى إسرائيل بعد أن بين نهاية فرعون وآله فقال: وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها.
أى: وأعطينا القوم الذين كانوا يستضعفون في مصر من فرعون وملئه بالاستعباد وقتل الأبناء، وسوء العذاب، أعطيناهم من طريق الاستخلاف- قبل أن يزيغوا ويضلوا- مشارق أرض الشام ومغاربها التي باركنا فيها بالخصوبة وسعة الأرزاق، وبكونها مساكن الأنبياء والصالحين ليكون ذلك امتحانا لهم، واختبارا لنفوسهم.
وجمع- سبحانه- بين صيغتي الماضي والمستقبل للدلالة على استمرار الاستضعاف وتجدده، والمراد بهم بنو إسرائيل، وذكروا بعنوان القوم، إظهارا لكمال اللطف بهم، وعظيم الإحسان إليهم، حيث رفعوا من حضيض المذلة إلى أوج العزة.
وقوله: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا، أى: ونفذت كلمة الله الحسنى ومضت عليهم تامة كاملة، حيث رزقهم- سبحانه- النصر على أعدائهم. والتمكين في الأرض بسبب صبرهم على ظلم فرعون وملئه.
قال الزمخشري: وحسبك به حاثا على الصبر. ودالا على أن من قابل البلاء بالجزع وكله الله إليه. ومن قابله بالصبر، وانتظار النصر، ضمن الله له الفرج.
وعن الحسن: عجبت ممن خف كيف خف وقد سمع قوله- تعالى- ثم تلا هذه الآية وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا ... ومعنى «خف» طاش جزعا وقلة صبر، ولم يرزق رزانة أولى الصبر» .
ثم ختمت الآية بقوله- تعالى- وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ من بناء القصور الشاهقة والمنازل القوية، وما كانوا يرفعونه من البساتين، والصروح المشيدة، كصرح هامان وغيره.
ويَعْرِشُونَ بكسر الراء وضمها- أى يرفعون من العرش وهو الشيء المسقف المرفوع.
قال الجمل: وقوله وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ في إعرابه أوجه:
أحدها: أن يكون فرعون اسم كان ويصنع خبر مقدم، والجملة الكونية صلة والعائد محذوف. والتقدير: ودمرنا الذي كان فرعون يصنعه.
والثاني: أن اسم كان ضمير عائد على ما الموصولة، ويصنع مسند لفرعون. والجملة خبر عن كان، والعائد محذوف، والتقدير: ودمرنا الذي كان هو يصنعه فرعون.
الثالث: أن تكون كان زائدة وما مصدرية والتقدير ودمرنا ما يصنع فرعون أى:
صنعه» .
وهكذا تنهى السورة الكريمة هذا الدرس بذكر ما أصاب الظالمين والغادرين من دمار وخراب، وما أصاب المستضعفين الصابرين من خير واستخلاف في الأرض.
ثم بدأت السورة بعد ذلك مباشرة حديثا طويلا عن هؤلاء المستضعفين من بنى إسرائيل بينت فيه ألوانا من جحودهم لنعم الله، ونسيانهم لما كانوا فيه من ذل واستعباد، وتفضيلهم عبادة الأصنام على عبادة الخالق- عز وجل وغير ذلك من أنواع كفرهم ومعاصيهم، واستمع إلى القرآن وهو يحكى لونا من رذائلهم فيقول:
وأخبر تعالى أنه أورث القوم الذين كانوا يستضعفون - وهم بنو إسرائيل - مشارق الأرض ومغاربها ( 137 ) ) كما قال تعالى : ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) [ القصص : 5 ، 6 ] وقال تعالى : ( كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوما آخرين ) [ الدخان : 25 - 28 ]
وعن الحسن البصري وقتادة ، في قوله : ( مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ) يعني : الشام .
وقوله : ( وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ) قال مجاهد وابن جرير : وهي قوله تعالى : ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون )
وقوله : ( ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه ) أي : وخربنا ما كان فرعون وقومه يصنعونه من العمارات والمزارع ، ( وما كانوا يعرشون ) قال ابن عباس ومجاهد : ( يعرشون ) يبنون .
القول في تأويل قوله : وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأورثنا القوم الذين كان فرعون وقومه يستضعفونهم, فيذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم, ويستخدمونهم تسخيرًا واستعبادًا من بني إسرائيل (69) = مشارق الأرض الشأم, وذلك ما يلي الشرق منها = " ومغاربها التي باركنا فيها ", يقول: التي جعلنا فيها الخير ثابتًا دائمًا لأهلها. (70)
وإنما قال جل ثناؤه: (وأورثنا)، لأنه أورث ذلك بني إسرائيل بمهلك من كان فيها من العمالقة.
* * *
وبمثل الذي قلنا في قوله: (مشارق الأرض ومغاربها)، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15043 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان, عن إسرائيل , عن فرات القزاز, عن الحسن في قوله: (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها)، قال: الشأم.
15044 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا إسرائيل, عن فرات القزاز قال: سمعت الحسن يقول, فذكر نحوه.
15045 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا قبيصة, عن سفيان, عن فرات القزاز, عن الحسن، الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ، قال: الشأم.
15046 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها)، هي أرض الشأم.
15047 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة قوله: (مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها)، قال: التي بارك فيها، الشأم.
* * *
وكان بعض أهل العربية يزعم " أن مشارق الأرض ومغاربَها نصب على المحلّ, بمعني: وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون في مشارق في الأرض ومغاربها = وأن قوله: وأورثنا إنما وقع على قوله: (التي باركنا فيها). (71)
وذلك قول لا معنى له, لأن بني إسرائيل لم يكن يستضعفهم أيام فرعون غير فرعون وقومه, ولم يكن له سلطان إلا بمصر , فغير جائز والأمر كذلك أن يقال: الذين يستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها.
* * *
فإن قال قائل: فإن معناه: في مشارق أرض مصر ومغاربها = فإن ذلك بعيد من المفهوم في الخطاب، مع خروجه عن أقوال أهل التأويل والعلماء بالتفسير.
* * *
وأما قوله: (وتمت كلمة ربك الحسنى)، فإنه يقول: وَفَي وعدُ الله الذي وعد بني إسرائيل بتمامه, على ما وعدهم، من تمكينهم في الأرض, ونصره إياهم على عدوّهم فرعون = وأن كلمته الحسنى أن قوله جل ثناؤه: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ، [القصص: 5-6].
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15048 - حدثنا محمد بن عمرو قال " حدثنا أبو عاصم قال حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل)، قال: ظهرَ قوم موسى على فرعون، و تمكين الله لهم في الأرض وما ورَّثهم منها. (72)
15049 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد بنحوه.
* * *
وأما قوله: (ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه)، فإنه يقول: وأهلكنا ما كان فرعون وقومه يصنعونه من العِمارات والمزارع =(وما كانوا يعرشون)، يقول: وما كانوا يبنون من الأبنية والقصور, وأخرجناهم من ذلك كله , وخرَّبنا جميع ذلك.
* * *
وقد بينا معنى التعريش أن فيما مضى بشواهده. (73) وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15050 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قوله: (وما كانوا يعرشون)، يقول: يبنون.
15051 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( يعرشون)، يبنون البيوت والمساكن ما بلغت, وكان عنبهم غير معرَّش. (74)
15052 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الحجاز والعراق: (يَعْرِشُونَ)، بكسر الراء = سوى عاصم بن أبي النجود, فإنه قرأه بضمّها.
* * *
قال أبو جعفر: وهما لغتان مشهورتان في العرب, يقال: أن عرَش يعرِش ويعْرُش فإذا كان ذلك كذلك, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب لاتّفاق مَعْنَيي ذلك, (75) وأنهما معروفان من كلام العرب. وكذلك تفعل العرب في أن فعَل إذا ردّته إلى الاستقبال, تضمُّ العين منه أحيانًا , وتكسره أحيانًا. غير أن أحبَّ القراءتين إليّ كسر الراء "، لشهرتها في العامة، وكثرة القرأة بها، وأنها أصحُّ اللغتين.
* * *
-------------------------------------------------------- الهوامش:
(69) انظر تفسير (( الاستضعاف )) فيما سلف 12 : 542 .
(70) انظر تفسير (( البركة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( برك )
(71) يعني بالوقوع ، أنه تعدي إليه ، فهو له مفعول به .
(72) في المطبوعة : (( ظهور قوم موسي 000)) ثم : (( وما ورثهم منها )) بزيادة الواو ، وأثبت ما في المخطوطة ، فهو مستقيم غاية الاستقامة .
(73) انظر تفسير (( التعريش )) فيما سلف 12 : 156 .
(74) في المطبوعة : (( غير معروش )) ، وأثبت ما في المخطوطة .
(75) في المطبوعة : (( معني ذلك )) بالأفراد ، وأثبت ما في المخطوطة بالتثنية .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنعام: 115 | ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ |
---|
الأعراف: 137 | ﴿مَشَٰرِقَ ٱلۡأَرۡضِ وَمَغَٰرِبَهَا ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَاۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا﴾ |
---|
هود: 119 | ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
كلمة:
وقرئ:
كلمات، على الجمع، وهى قراءة الحسن.
يعرشون:
قرئ:
1- بضم الراء، وهى قراءة ابن عامر.
2- بكسر الراء، وهى لغة الحجاز، وهى قراءة باقى السبعة، والحسن ومجاهد، وأبى رجاء.
3- يعرشون، بضم الياء وفتح العين وتشديد الراء، وهى قراءة ابن أبى عبلة.