49348495051525354555657585960

الإحصائيات

سورة الزخرف
ترتيب المصحف43ترتيب النزول63
التصنيفمكيّةعدد الصفحات6.70
عدد الآيات89عدد الأجزاء0.33
عدد الأحزاب0.65عدد الأرباع2.60
ترتيب الطول30تبدأ في الجزء25
تنتهي في الجزء25عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 24/29الحواميم: 4/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (48) الى الآية رقم (50) عدد الآيات (3)

أرسلَ اللهُ موسى عليه السلام بالمُعجِزاتِ، فلمَّا نزلَ بهم العذابُ طلبُوا منه أن يدعوَ ربَّه ليكشفَ عنهُم العذابَ فيؤمنُوا، فكشفَهُ وما آمنُوا.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (51) الى الآية رقم (56) عدد الآيات (6)

ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ جانبًا من طُغيانِ فرعونَ واستخفافِه بعقولِ قومِه، فانتقمَ اللَّهُ منهُم وأغرقَهُم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (57) الى الآية رقم (60) عدد الآيات (4)

بعدَ ذكرِ قصَّةِ موسى عليه السلام ذكرَ اللهُ هنا قصَّةَ عيسى عليه السلام ، وبَيَّنَ أنَّهُ عبدٌ أنعمَ اللهُ عليه بالنُّبوةِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الزخرف

التحذير من الانبهار بالمظاهر المادية/ الدعوة إلى الإيمان والتوحيد

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هدف السورة::   التحذير من الانبهار بالمظاهر المادية. وهذا واضح من اسم السورة (الزخرف)، فالسورة تحذر من خطورة الانبهار بالمظاهر المادية وزخارف الدنيا، وفي المقابل تؤكد على أن الزخرف الحقيقي والنعيم الحقيقي ليس في الدنيا، بل في الجنة التي وعد بها المتقون.ولذلك تكرّر في السورة ذكر الذهب والفضة أكثر من أي سورة أخرى.
  • • متاع الحياة الدنيا::   هذه الدنيا لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة لحرم منها أهل الكفر، لكن لهوانها على الله أعطاها لهم، بل كان من الممكن أن يمنحهم منها أكثر وأكثر، لكن الله لم يفعل ذلك؛ لكي لا يفتن المؤمن بهم ويسلك سبيلهم، قال تعالى: ﴿وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وٰحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوٰبًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَـٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةُ عِندَ رَبّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾
  • • الزخرف الحقيقي::   وفي مقابل حديث السورة عن زخارف الدنيا والمظاهر المادّية، تأتي السورة بالزخرف الحقيقي: الجنة وما أعد الله فيها للمتقين: ﴿ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوٰجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَـٰفٍ مّن ذَهَبٍ وَأَكْوٰبٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ﴾ وكأن المعنى: لا تنبهروا يا مؤمنين بزينة الدنيا ولا تنخدعوا بمتاعها؛ لأن متاع الآخرة الذي أعده الله للمتقين أهم وأعظم.
  • • حذار من الزخرف::   إنَّ سورة الزخرف تحذِّر المسلمين من أنّهم لو تعلّقوا بالمظاهر المادّية فلن يفلحوا، وهل تخلّفت أمّتنا في هذا العصر إلاّ بسبب تعلّقها بالمظاهر المادّية وانبهار أفرادها بحضارة الغرب الماديّة؟!كما تحذر السورة أيضًا كل من يختار أصدقاءه وفقًا للمظاهر الماديّة: ﴿ٱلأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ﴾
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   ‏«الزخرف».
  • • معنى الاسم ::   الزخرف: الزينة، وكمال حُسن الشيء، والمزخرف: المزين.
  • • سبب التسمية ::   لورود كلمة (وزخرفًا) في الآية (35)، وهذه الكلمة وردت في سور أخرى لكن هذه السورة اشتملت على وصف لبعض نعيم الدنيا الفاني وهو (الزخرف) ومقارنته بنعيم الآخرة الخالد، فكانت أولى بهذه التسمية.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   : «حم الزخرف»؛ لتمييزها عن بقية سور الحواميم.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   عدم الانبهار بالمظاهر المادية.
  • • علمتني السورة ::   أن الزخرف الحقيقي والنعيم الحقيقي ليس في الدنيا، بل في الجنة.
  • • علمتني السورة ::   أن الله خلق الإنسان ورزقه نعمة العقل وترك له حرية اختيار طريق الخير والشر: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُم ۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الله كَرَّمَ الإنسانَ ورزقه نعمة العقل فلا تتبع من كان قبلك وتقلدهم دون علم: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ عَدُوَّكُمْ غَدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حَم لاَ يُنْصَرُونَ». قال القاضي عياض: «أي علامتُكُمُ التي تَعْرِفُونَ بها أصحابَكم هذا الكلامُ، والشِّعارُ في الأصلِ العلامةُ التي تُنْصَبُ لِيَعْرِفَ بها الرَّجُلُ رُفْقَتَهُ، و(حم لا ينصرون) معناهُ بفضلِ السُّورِ المفتتحةِ بِحم ومنزلَتِها من اللهِ لا يُنْصَرون»، و(سورة الزخرف) من السور المفتتحة بـ (حم).
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الزخرف من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
    • عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: «الْحَوَامِيمَ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ». وديباج القرآن: أي زينته، و(سورة الزخرف) من الحواميم.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة الزخرف هي السورة الرابعة من الحواميم أو آل (حم)، وهي سبع سور متتالية، وهي: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وأطلق عليها بعض العلماء: عرائس القرآن، وكلها مكية.
    • سورة الزخرف السورة على دعاء الركوب، في الآيتين (13-14).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتجنب الانبهار بالمظاهر المادية وزخارف الدنيا.
    • أن نشكر الله تعالى على نعمه علينا، ومنها قول: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) عند ركوب وسائل النقل: ﴿وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ﴾ (13، 14).
    • أن نضع خطةً للقضاء على أنواع الترف الذي يجعلنا نرتكب محرمًا أو نترك واجبًا: ﴿وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ﴾ (23).
    • أن نرضى بقِسْمَتِنا، ولا نَحْسُدُ أحدًا؛ فاللهُ هو من يَقْسِمُ الأرزاقَ: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ (32).
    • أن ندون ما مرَّ بنا اليوم من أنواع تسخير الله تعالى الناس بعضهم لبعض: ﴿لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ (32).
    • أن نتذكر مصيبة أصابتنا، ثم نتذكر ذنبًا فعلناه قبلها ونستغفر الله منه؛ فربما أُصبنا بالمصيبة لكي نرجع إلى ربنا: ﴿وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (48).
    • أن نتبع صراط الله في أمورنا كلها ولا نَحِد عنه: ﴿إِنَّ اللَّـهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ (64). • أن نحذر من الاختلاف في الدين: ﴿فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ (65).
    • أن ننزه الله عما افتراه عليه الكفار من نسبة الولد إليه: ﴿قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ (81).
    • أن نسبح الله تعالى عند سماع: ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ (82).

تمرين حفظ الصفحة : 493

493

مدارسة الآية : [48] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا ..

التفسير :

[48] وما نُري فرعونَ وملأه من حجة إلَّا هي أعظم من التي قبلها، وأدل على صحة ما يدعوهم موسى إليه، وأخذناهم بصنوف العذاب كالجراد والقُمَّل والضفادع والطوفان، وغير ذلك؛ لعلهم يرجعون عن كفرهم بالله إلى توحيده وطاعته.

{ وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} أي:الآية المتأخرة أعظم من السابقة،{ وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ} كالجراد، والقمل، والضفادع، والدم، آيات مفصلات.{ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} إلى الإسلام، ويذعنون له، ليزول شركهم وشرهم.

وقوله- سبحانه-: وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها ... بيان لقسوة قلوبهم، وعدم تأثرها بالآيات والمعجزات.

أى: وما نريهم من آية دالة على صدق نبينا موسى، إلا وتكون هذه الآية أكبر من أختها السابقة عليها، في الدلالة على ذلك، مع كون الآية السابقة عظيمة وكبيرة في ذاتها.

والمقصود بالجملة الكريمة، بيان أن هؤلاء القوم لم يأتهم موسى- عليه السلام- بآية واحدة تشهد بصدقه فيما جاءهم به من عند ربه، وإنما أتاهم بمعجزات متعددة، وكل معجزة أدل على صدقه مما قبلها.

ويصح أن يكون المراد وصف الجميع بالكبر، على معنى أن كل واحدة لكمالها في ذاتها، إذا نظر إليها الناظر، ظنها أكبر من البواقي لاستقلالها بإفادة الغرض الذي جاءت من أجله.

وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله: والغرض بهذا الكلام، أنهن موصوفات بالكبر، لا يكدن يتفاوتن فيه، وكذلك العادة في الأشياء التي تتلاقى في الفضل. وتتفاوت منازلها فيه التفاوت اليسير، أن تختلف آراء الناس في تفضيلها، فيفضل بعضهم هذا، وبعضهم ذاك، فعلى ذلك بنى الناس كلامهم فقالوا: رأيت رجالا بعضهم أفضل من بعض، وربما اختلفت آراء الرجل الواحد فيها، فتارة يفضل هذا وتارة يفضل ذاك، ومنه بيت الحماسة:

من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسرى بها السارى وقوله- تعالى-: وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ بيان للمصير السيئ الذي آلوا إليه.

أى: وأخذناهم بسبب إصرارهم على الكفر والمعاصي، بالعذاب الدنيوي الشديد لكي يرجعوا عما هم عليه من كفر وفسوق، ولكنهم لم يرجعوا.

فالمراد بالعذاب هنا العذاب الدنيوي، الذي أشار إليه- سبحانه- بقوله:فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ، آياتٍ مُفَصَّلاتٍ، فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ.. .

أي ومع هذا ما رجعوا عن غيهم وضلالهم وجهلهم وخبالهم.

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48)

يقول تعالى ذكره: وما نري فرعون وملأه آية, يعني: حجته لنا عليه بحقيقة ما يدعوه إليه رسولنا موسى ( إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ) يقول: إلا التي نريه من ذلك أعظم في الحجة عليهم وأوكد من التي مضت قبلها من الآيات, وأدل على صحة ما يأمره به موسى من توحيد الله.

وقوله: ( وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ ) يقول: وأنـزلنا بهم العذاب, وذلك كأخذه تعالى ذكره إياهم بالسنين, ونقص من الثمرات, وبالجراد, والقمل, والضفادع, والدم.

وقوله: ( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) يقول: ليرجعوا عن كفرهم بالله إلى توحيده وطاعته, والتوبة مما هم عليه مقيمون من معاصيهم.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) أي يتوبون, أو يذكرون.

التدبر :

وقفة
[48] ﴿وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ۖ وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ بيَّن سبحانه أن العلة في أخذه لهم بالعذاب هو رجاء رجوعهم.
وقفة
[48] ﴿وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ۖ وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ قال الرازي: «فإن قيل ظاهر اللفظ يقتضي كون كل واحد منها أفضل من التالي، وذلك محال، قلنا: إذن أريد المبالغة في كون كل واحد من تلك الأشياء بالغًا إلى أقصى الدرجات في الفضيلة».
وقفة
[48] تأمل تسلسل المصائب على الأمة من الصغرى إلى الكبرى ثم قل: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك» ﴿وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ۖ وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.
وقفة
[48] ﴿وَما نُريهِم مِن آيَةٍ إِلّا هِيَ أَكبَرُ مِن أُختِها وَأَخَذناهُم بِالعَذابِ لَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ نستخلص من الآية أسلوبًا تعليميًّا يوصى بالتدرج فى إبلاغ المعلومة، فنبدأ بالبسيط منها، ثم نتتدرج بالزيادة والتوسع فى طرح الفكرة.
وقفة
[48] ﴿وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ وأخذناهم بالعذاب: أي بالأشياء التي سلطها عليهم كالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم.
وقفة
[48] ﴿وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ المَصائبُ التي تحلُّ بالعبادِ تكونُ إنذارًا من اللهِ لهم ليتُوبوا ويرجعوا.
وقفة
[48] ﴿وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ قد تكون البلايا والمصائب رسالة من الله للعاصي لعله يتوب ويرجع.
وقفة
[48] ﴿وَأَخَذناهُم بِالعَذابِ لَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ الغالبية لا تلتفت لإبتلاءات الله كما يجب.
وقفة
[48] ﴿وَأَخَذناهُم بِالعَذابِ لَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ البعض ينظر للأعاصير والزلازل والبراكين على أنها مجرد ظواهر طبيعية لا علاقة لها بمعاقبة البعض، انتبه؛ فالله لا يعبث حاشاه.
عمل
[48] تذكر مصيبة أصابتك، ثم تذكر ذنبًا فعلته قبلها واستغفر الله منه؛ فربما أصبت بالمصيبة لكي ترجع إلى ربك ﴿وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.
تفاعل
[48] ﴿وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ﴾ استعذ بالله الآن من عذابه.

الإعراب :

  • ﴿ وَما نُرِيهِمْ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. نري: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ مِنْ آيَةٍ:
  • حرف جر زائدة لتوكيد معنى النفي. آية: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به ثان.
  • ﴿ إِلاّ هِيَ أَكْبَرُ:
  • أداة حصر لا عمل لها. هي: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أكبر: خبر «هي» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» صيغة تفضيل وبوزن الفعل. والجملة الاسمية هِيَ أَكْبَرُ» في محل نصب صفة-نعت-لآية على المحل
  • ﴿ مِنْ أُخْتِها:
  • جار ومجرور متعلق باكبر. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ:
  • الواو استئنافية. أخذ: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. بالعذاب: جار ومجرور متعلق بأخذناهم.
  • ﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ:
  • حرف مشبه بالفعل من أخوات «انّ» و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «لعل» يرجعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يرجعون» في محل رفع خبر «لعل» أي لعلهم يرجعون الى ربهم بالتوبة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [48] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ أنهم قابلوا الآيات بالضحك والسخرية والاستهزاء؛ بَيَّنَ هنا أن هذا لم يكن لقُصورٍ بالآيات، أو لعدم وضوحها، فقد كانت كل آية أكبر دلالة على صدق موسى من الآية التي سبقتها، ثم بَيَّنَ سبحانه ما جازاهم به على تكذيبهم، قال تعالى:
﴿ وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [49] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ ..

التفسير :

[49] وقال فرعون وملؤه لموسى:يا أيها العالم -وكان الساحر فيهم عظيماً يُوَقِّرونه، ولم يكن السحر صفة ذم- ادع لنا ربك بعهده الذي عهد إليك وما خصَّك به من الفضائل أن يكشف عنا العذاب، فإن كشف عنا العذاب فإننا لمهتدون مؤمنون بما جئتنا به.

{ وَقَالُوا} عندما نزل عليهم العذاب:{ يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ} يعنون موسى عليه السلام، وهذا، إما من باب التهكم به، وإما أن يكون هذا الخطاب عندهم مدحا، فتضرعوا إليه بأن خاطبوه بما يخاطبون به من يزعمون أنهم علماؤهم، وهم السحرة، فقالوا:{ يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ} أي:بما خصك اللّه به، وفضلك به، من الفضائل والمناقب، أن يكشف عنا العذاب{ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ} إن كشف اللّه عنا ذلك.

ثم حكى- سبحانه- ما قالوه بعد أن نزل بهم العذاب، فقال: وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ.

وجمهور المفسرين على أن قولهم هذا، كان على سبيل التعظيم لموسى- عليه السلام- لأنهم كانوا يوقرون السحرة، ويعتبرونهم العلماء.

قال ابن كثير: قوله يا أَيُّهَا السَّاحِرُ أى: العالم ... وكان علماء زمانهم هم السحرة، ولم يكن السحر عندهم في زمانهم مذموما، فليس هذا منهم على سبيل الانتقاص، لأن الحال حال ضرورة منهم إليه، فهي تقتضي تعظيمهم لموسى- عليه السلام- .. .

وما في قوله: بِما عَهِدَ عِنْدَكَ مصدرية: أى: بعهده عندك، والمراد بهذا العهد: النبوة. وسميت عهدا، لأن الله- تعالى- عاهد نبيه أن يكرمه بها، أو لأن لها حقوقا تحفظ كما يحفظ العهد.

وقوله: إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ مرتب على كلام محذوف.

أى: وحين أخذنا فرعون وقومه بالعذاب، قالوا لموسى- على سبيل التذلل والتعظيم من شأنه- يا أيها الساحر الذي غلبنا بسحره وعلمه، ادع لنا ربك بحق عهده إليك بالنبوة، لئن كشف عنا ربك هذا العذاب الذي نزل بنا إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ أى إننا لمؤمنون ثابتون على ذلك، متبعون لك في كل ما تأمرنا به أو تنهانا عنه.

وكلما جاءتهم آية من هذه الآيات يضرعون إلى موسى ، عليه السلام ، ويتلطفون له في العبارة بقولهم : ( يا أيها الساحر ) أي : العالم ، قاله ابن جرير . وكان علماء زمانهم هم السحرة . ولم يكن السحر عندهم في زمانهم مذموما ، فليس هذا منهم على سبيل الانتقاص منهم ; لأن الحال حال ضرورة منهم إليه لا تناسب ذلك ، وإنما هو تعظيم في زعمهم ، ففي كل مرة يعدونموسى [ عليه السلام ] إن كشف عنهم هذا أن يؤمنوا ويرسلوا معه بني إسرائيل .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49)

يقول تعالى ذكره: وقال فرعون وملؤه لموسى: ( يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ ) وعنوا بقولهم " بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ": بعهده الذي عهد إليك أنا إن آمنا بك واتبعناك, كُشف عنا الرِّجْز.

كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله عزّ وجلّ( بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ ) قال لئن آمنا ليكشفن عنا العذاب.

إن قال لنا قائل: وما وجه قيلهم يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك, وكيف سموه ساحرا وهم يسألونه أن يدعو لهم ربه ليكشف عنهم العذاب؟ قيل: إن الساحر كان عندهم معناه: العالم, ولم يكن السحر عندهم ذما, وإنما دعوه بهذا الاسم, لأن معناه عندهم كان: يا أيها العالم.

وقوله: ( إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ) يقول: قالوا: إنا لمتبعوك فمصدّقوك فيما جئتنا به, وموحدو الله فمبصرو سبيل الرشاد.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ) قال: قالوا يا موسى: ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمننّ لك.

التدبر :

وقفة
[49] ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ﴾ يعنون: موسى عليه السلام، وهذا إما من باب التهكم به، وإما أن يكون الخطاب عندهم مدحًا، فتضرعوا إليه بأن خاطبوه بما يخاطبون به من يزعمون أنهم علماؤهم وهم السحرة.
وقفة
[49] السخرية والهزء بالداعي إلى الحق طبع جبل عليه أهل الباطل، حتى وهم في أمس الحاجة إليه ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ﴾.
وقفة
[49] ﴿وَقالوا يا أَيُّهَ السّاحِرُ ادعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنا لَمُهتَدونَ﴾ تأملوا تلك المفردات: (الساحر- ربك- عندك)؛ يتلفظ الشخص أمامك بكلمات تكشف لك اتجاه تفكيره وخبايا نفسه، فمكنون الصدور تفضحه زلات اللسان.
وقفة
[49] من سوء أدب اليهود أنهم قالوا: ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ﴾، فكأن الله تعالى رب موسى وحده، وليس ربًا لهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • الواو استئنافية. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ يا أَيُّهَا السّاحِرُ:
  • أداة نداء. أي: منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه وحذفت الألف لالتقاء الساكنين. الساحر: صفة لأي على اللفظ‍ لا المحل مرفوعة بالضمة.
  • ﴿ ادْعُ لَنا رَبَّكَ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب مفعول به-مقول القول- ادع: فعل أمر مبني على حذف آخره-حرف العلة-الواو. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «لنا» جار ومجرور متعلق بادع. ربك:مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ:
  • باء حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. عهد: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عندك: مفعول فيه-ظرف زمان-منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بعهد وهو مضاف. والكاف أعربت في «ربك» وجملة عَهِدَ عِنْدَكَ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع- الى الموصول ضمير منصوب المحل محذوف وسبب نصبه كونه مفعولا به.التقدير: بما عهده عندك أي دليل من النبوة ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون جملة عَهِدَ عِنْدَكَ» صلتها لا محل لها. و «ما» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بادع أي بعهده عندك
  • ﴿ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل -ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب اسم «انّ» اللام لام التوكيد-المزحلقة-مهتدون: خبر «ان» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين في المفرد. وجملة إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ» جواب قسم لا محل لها اذا جاز اعتبار الباء في بِما عَهِدَ» باء القسم'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [49] لما قبلها :     ولَمَّا نزلَ بهم العذابُ؛ ظنُّوا أن ذلك من قَبِيلِ السِّحرِ، فطلبُوا من موسى عليه السلام أن يدعوَ ربَّه ليكشفَ عنهُم العذابَ فيؤمنُوا، قال تعالى:
﴿ وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [50] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا ..

التفسير :

[50]فلما دعا موسى برفع العذاب عنهم، ورفعناه عنهم إذا هم يغدرون، ويصرُّون على ضلالهم.

{ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} أي:لم يفوا بما قالوا، بل غدروا، واستمروا على كفرهم. وهذا كقوله تعالى:{ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ}

فدعا موسى- عليه السلام- ربه أن يكشف عنهم العذاب، فأجاب الله دعوته بأن كشف عنهم، فماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أنهم نقضوا عهودهم، واستمروا على كفرهم، كما قال- تعالى-: فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ أى: فحين كشفنا عنهم العذاب الذي حل بهم إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ أى: إذا هم ينقضون عهدهم بالإيمان فلا يؤمنون. يقال: نكث فلان عهده ونقضه، إذا لم يف به.

ومن سوء أدبهم أنهم قالوا: ادع لنا ربك، فكأن الله- تعالى- رب موسى وحده، وليس ربا لهم.

وشبيه بهاتين الآيتين قوله- تعالى-: وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ، لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ، وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ. فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ

وفي كل مرة ينكثون ما عاهدوا عليه ، وهذا كقوله [ تعالى ] ( فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين . ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل . فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون ) [ الأعراف : 133 - 135 ] .

وقوله: ( فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ) يقول تعالى ذكره: فلما رفعنا عنهم العذاب الذي أنـزلنا بهم, الذي وعدوا أنهم إن كشف عنهم اهتدوا لسبيل الحق, إذا هم بعد كشفنا ذلك عنهم ينكثون العهد الذي عاهدونا: يقول: يغدرون ويصرّون على ضلالهم, ويتمادون في غيهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ) : أي يغدرون.

التدبر :

وقفة
[50] ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ أصحاب إيمان مصلحي، لا يؤمنون إلا بمقابل مادي، لا لثواب أخروي ولا عطاء غيبي.
وقفة
[50] ﴿إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ نَكْث العهود من صفات الكفار.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا كَشَفْنا:
  • فلما أعربت في الآية الكريمة السابعة والأربعين. كشف:فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ عَنْهُمُ الْعَذابَ:
  • حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن. والجار والمجرور متعلق بكشفنا. العذاب مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.وجملة كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ :
  • أعربت في الآية الكريمة السابعة والأربعين. وحذف مفعول «ينكثون» اختصارا لأنه معلوم. بمعنى فاذا هم ينقضون عهدهم.'

المتشابهات :

الأعراف: 135﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ
الزخرف: 50﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [50] لما قبلها :     ولَمَّا طلبُوا من موسى عليه السلام أن يدعوَ ربَّه ليكشفَ عنهُم العذابَ فيؤمنُوا؛ كشفَهُ وما آمنُوا، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ينكثون:
وقرئ:
بكسر الكاف، وهى قراءة أبى حيوة.

مدارسة الآية : [51] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ ..

التفسير :

[51] ونادى فرعون في عظماء قومه متبجحاً مفتخراً بمُلْك «مصر»:أليس لي مُلْك «مصر»، وهذه فروع نهر النِّيل تجري من تحت قَصْري ومن بين يديَّ في بساتيني، أفلا تبصرون عظمتي وقوتي، وضعف موسى وفقره؟

{ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ} مستعليا بباطله، قد غره ملكه، وأطغاه ماله وجنوده:{ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} أي:ألست المالك لذلك، المتصرف فيه،{ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} أي:الأنهار المنسحبة من النيل، في وسط القصور والبساتين.{ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} هذا الملك الطويل العريض، وهذا من جهله البليغ، حيث افتخر بأمر خارج عن ذاته، ولم يفخر بأوصاف حميدة، ولا أفعال سديدة.

ثم حكى- سبحانه- جانبا من طغيان فرعون وفجوره، واستخفافه بعقول قومه فقال:

وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ ... أى: أن فرعون جمع زعماء قومه، وأخبرهم بما يريد أن يقول لهم.

أو أنه أمر مناديا ينادى في قومه جميعا، ليعلمهم بما يريد إعلامهم به، وأسند- سبحانه- النداء إلى فرعون، لأنه هو الآمر به.

والتعبير بقوله: فِي قَوْمِهِ يشعر بأن النداء قد وصل إليهم جميعا ودخل في قلوبهم.

وقوله- تعالى-: قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ... حكاية لما قاله فرعون لقومه.

أى: أن فرعون جمع عظماء قومه، وقال لهم- بعد أن خشي إيمانهم بموسى: يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ بحيث لا ينازعني في ذلك منازع، ولا يخالفني في ذلك مخالف، فالاستفهام للتقرير.

وفضلا عن ذلك فإن هذه الأنهار التي ترونها متفرعة من النيل تجرى تحت قدمي، أو من تحت قصرى.

أَفَلا تُبْصِرُونَ ذلك، وتستدلون به على قوة أمرى، وسعة ملكي، وعظم شأنى فمفعول تُبْصِرُونَ محذوف، أى: أفلا تبصرون عظمتي.

يقول تعالى مخبرا عن فرعون وتمرده وعتوه وكفره وعناده : أنه جمع قومه ، فنادى فيهم متبجحا مفتخرا بملك مصر وتصرفه فيها : ( أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي ) ، قال قتادة قد كانت لهم جنان وأنهار ماء ، ( أفلا تبصرون ) ؟ أي : أفلا ترون ما أنا فيه من العظمة والملك ، يعني : وموسى وأتباعه فقراء ضعفاء . وهذا كقوله تعالى : ( فحشر فنادى . فقال أنا ربكم الأعلى . فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ) [ النازعات : 23 - 25 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51)

يقول تعالى ذكره: ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ ) من القبط, فـ( قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ) يعنى بقوله: ( مِنْ تَحْتِي ) : من بين يدي في الجنان.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ) قال: كانت لهم جنات وأنهار ماء.

وقوله: ( أَفَلا تُبْصِرُونَ ) يقول: أفلا تبصرون أيها القوم ما أنا فيه من النعيم والخير, وما فيه موسى من الفقر وعيّ اللسان, افتخر بملكه مصر عدوّ الله, وما قد مكَّن له من الدنيا استدراجا من الله له, وحسب أن الذي هو فيه من ذلك ناله بيده وحوله, وأن موسى إنما لم يصل إلى الذي يصفه, فنسبه من أجل ذلك إلى المهانة محتجًا على جهلة قومه بأن موسى عليه السلام لو كان محقًا فيما يأتي به من الآيات والعبر, ولم يكن ذلك سحرا, لأكسب نفسه من الملك والنعمة, مثل الذي هو فيه من ذلك جهلا بالله واغترارًا منه بإملائه إياه.

التدبر :

عمل
[51] ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي﴾ لا تتكبَّر وتتفاخَر بشيء سخره الله لك، فهذا هو فِرعون عُذِّبَ وغرق فيما تفاخَر به.
وقفة
[51] ﴿وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ وهذا من جهله البليغ؛ حيث افتخر بأمر خارج عن ذاته، ولم يفخر بأوصاف حميدة، ولا أفعال سديدة.
وقفة
[51] ﴿وَنادى فِرعَونُ في قَومِهِ قالَ يا قَومِ أَلَيسَ لي مُلكُ مِصرَ وَهذِهِ الأَنهارُ تَجري مِن تَحتي أَفَلا تُبصِرونَ﴾ جملة: (فى قومه) توحى أن اتباع فرعون توغلوا بين ظهرانيهم ينشرون ويروجون ويغسلون أدمغتهم بما يريدون.
وقفة
[51] ﴿وَنادى فِرعَونُ في قَومِهِ قالَ يا قَومِ أَلَيسَ لي مُلكُ مِصرَ وَهذِهِ الأَنهارُ تَجري مِن تَحتي أَفَلا تُبصِرونَ﴾ دائمًا الإبهار البصرى له شأن عظيم فى التأثير على من حولك.
وقفة
[51] لما افتخر فرعون بقوله: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي﴾ عذب بما افتخر به فأغرق فى البحر.
وقفة
[51] موسى يُسوِّق للعقيدة الحقة، وفرعون يعارضه بتسويق المادة ليصرف القلوب عن موسى ﴿يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون﴾.
وقفة
[51] ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾ تتابع الآيات عليه، نقص السنين والثمرات وغيرها، خففت من دعوى الألوهية لديه، فصار يرجع إلى قومه يسألهم عن ملكه بعد أن كان إلهًا!
وقفة
[51] خمسُ آياتٍ تختصر أمراض القلوب: الحسد: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾ [الأعراف: 12]. الاستبداد: ﴿ما أريكم إلا ما أرى﴾ [غافر: 29]. الجحود: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي﴾ [القصص: 78]. الاستكبار: ﴿أليس لي ملك مصر﴾. الغرور: ﴿ما أظن أن تبيد هذه أبدًا﴾ [الكهف: 35].
وقفة
[51] أربع كلمات مهلكات: أنا، لي، عندي، نحن: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾ [الأعراف: 12]، ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾، ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي﴾ [القصص: 78]، ﴿نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ﴾ [النمل: 33].
وقفة
[51] ﴿أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي﴾ ذهب ملكه ونهره فصفا له نظره ﴿حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل﴾ [يونس: 90].
وقفة
[51] ﴿وَهَـٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي﴾ كانت قصوره على الأنهار، والأنهار تجري من تحتها، وهذا يدل على السيطرة والتمكن.
وقفة
[51] ﴿هذِهِ الأَنهارُ تَجري مِن تَحتي﴾ رغم أن جريان الأنهار لا علاقة له بدار فلان أو غيره، إلا أن فرعون استغل هذا الأمر لصالحه، تأملوا هكذا يصدق الجهلاء.
وقفة
[51] من تكبر على الله بشيء عاقبه به، تكبر فرعون بجريان الأنهار من تحته: ﴿وهذه الأنهار تجري من تحتي﴾، فأجراها الله من فوقه: ﴿فغشيهم من اليم ما غشيهم﴾ [طه: 78].
وقفة
[51] قال فرعون: ﴿وهذه الأنهار تجري من تحتي﴾، وفي لمحة بصر صار هو تحت الماء: ﴿حتى إذا أدركه الغرق﴾ [يونس: 90]!
وقفة
[51] اغتر فرعون بالماء من تحته ﴿وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي﴾؛ فأهلكه الله بالماء من فوقه.
وقفة
[51] لما افتخر فرعون واغترَّ بما عنده وقال: ﴿وَهَـٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾، عاقبه الله بالذي أغتر به، وأغرقهُ في البحر! وعاد عذبت بألطف الأشياء -وهي الريح- لما تعالت بقوتها، وقالت: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ [فصلت: 15].

الإعراب :

  • ﴿ وَنادى فِرْعَوْنُ:
  • الواو: استئنافية. نادى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. فرعون فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والتعريف.
  • ﴿ فِي قَوْمِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بنادى بمعنى صاح فيهم واذا كان على معنى دعاهم فيكون بمثابة مفعول نادى تعدى اليه بفي والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.وجملة «قال» في محل نصب حال من فرعون بمعنى: قائلا. والجملة الفعلية بعد يا قَوْمِ» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ يا قَوْمِ:
  • أداة نداء. قوم: منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة ياء المتكلم والكسرة دالة على ياء المتكلم المحذوفة خطا واختصارا اكتفاء بالكسرة والياء المحذوفة ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ:
  • الهمزة همزة انكار دخلت على النفي فرجع الى معنى التقرير أو هو استفهام إنكار للنفي مبالغة في الاثبات. ليس: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لي: جار ومجرور متعلق بخبر «ليس» المقدم. ملك: اسمها مرفوع بالضمة وهو مضاف. مصر: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف على التعريف والتأنيث.
  • ﴿ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي:
  • الواو حرف عطف. هذه: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع لأنه معطوف على «ملك» الأنهار: بدل من اسم الاشارة مرفوع وعلامة رفعه الضمة. تجري: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هي وجملة «تجري» في محل نصب حال من الأنهار. أو تكون الواو حالية والجملة الاسمية بعدها: في محل نصب حالا واسم الاشارة «هذه» في محل رفع مبتدأ وجملة «تجري» في محل رفع خبر «هذه» ويجوز أن تكون «الأنهار» على وجهي الاعراب. صفة-نعتا-للأنهار.
  • ﴿ مِنْ تَحْتِي:
  • جار ومجرور متعلق بتجري والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم- في محل جر بالاضافة بمعنى. بين يديّ
  • ﴿ أَفَلا تُبْصِرُونَ:
  • الهمزة همزة توبيخ بلفظ‍ استفهام أو همزة تقرير. الفاء:زائدة «تزيينية» لا: نافية لا عمل لها. تبصرون: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف مفعولها اختصارا لأنه معلوم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [51] لما قبلها :     ولَمَّا كُشِفَ عنهم العَذابُ بدَعوةِ موسى؛ خَشِيَ فِرعَونُ أنْ يَتَّبِعَ قَومُه دَعوةَ مُوسَى ويُؤمِنوا برِسالَتِه، فأعلَن في قَومِه تَذكيرَهم بعَظَمةِ نَفْسِه؛ لِيُثَبِّتَهم على طاعتِه، قال تعالى:
﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تبصرون:
وقرئ:
يبصرون، بياء الغيبة، وهى قراءة مهدى.

مدارسة الآية : [52] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا ..

التفسير :

[52]بل أنا خير من هذا الذي لا عزَّ معه، فهو يمتهن نفسه في حاجاته لضعفه وحقارته، ولا يكاد يُبِين الكلام لعِيِّ لسانه، وقد حمل فرعونَ على هذا القول الكفرُ والعنادُ والصدُّ عن سبيل الله.

{ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} يعني -قبحه اللّه- بالمهين، موسى بن عمران، كليم الرحمن، الوجيه عند اللّه، أي:أنا العزيز، وهو الذليل المهان المحتقر، فأينا خير؟{ و} مع هذا فـ{ لا يَكَادُ يُبِينُ} عما في ضميره بالكلام، لأنه ليس بفصيح اللسان، وهذا ليس من العيوب في شيء، إذا كان يبين ما في قلبه، ولو كان ثقيلا عليه الكلام.

وأَمْ في قوله: أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ هي المنقطعة المقدرة بمعنى بل التي هي للاضراب، والإشارة بهذا تعود لموسى- عليه السلام-.

أى: بل أنا خير من هذا الذي هو فقير وليس صاحب ملك أو سطوة أو مال.. وفي الوقت نفسه لا يَكادُ يُبِينُ أى: لا يكاد يظهر كلامه لعقدة في لسانه.

وقوله : ( أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ) قال السدي : يقول : بل أنا خير من هذا الذي هو مهين . وهكذا قال بعض نحاة البصرة : إن " أم " هاهنا بمعنى " بل " . ويؤيد هذا ما حكاه الفراء عن بعض القراء أنه قرأها : " أما أنا خير من هذا الذي هو مهين " . قال ابن جرير : ولو صحت هذه القراءة لكان معناها صحيحا واضحا ، ولكنها خلاف قراءة الأمصار ، فإنهم قرءوا : ( أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ) ؟ على الاستفهام .

قلت : وعلى كل تقدير فإنما يعني فرعون - عليه اللعنة - أنه خير من موسى ، عليه السلام ، وقد كذب في قوله هذا كذبا بينا واضحا ، فعليه لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة .

ويعني بقوله : ( مهين ) كما قال سفيان : حقير . وقال قتادة والسدي : يعني : ضعيفا . وقال ابن جرير : يعني : لا ملك له ولا سلطان ولا مال .

( ولا يكاد يبين ) يعني : لا يكاد يفصح عن كلامه ، فهو عيي حصر .

قال السدي : ( ولا يكاد يبين ) أي : لا يكاد يفهم . وقال قتادة ، والسدي ، وابن جرير : يعني عيي اللسان . وقال سفيان : يعني في لسانه شيء من الجمرة حين وضعها في فيه وهو صغير .

وهذا الذي قاله فرعون - لعنه الله - كذب واختلاق ، وإنما حمله على هذا الكفر والعناد ، وهو ينظر إلى موسى ، عليه السلام ، بعين كافرة شقية ، وقد كان موسى ، عليه السلام ، من الجلالة والعظمة والبهاء في صورة يبهر أبصار ذوي [ الأبصار و ] الألباب . وقوله : ( مهين ) كذب ، بل هو المهين الحقير خلقة وخلقا ودينا . وموسى [ عليه السلام ] هو الشريف الرئيس الصادق البار الراشد . وقوله : ( ولا يكاد يبين ) افتراء أيضا ، فإنه وإن كان قد أصاب لسانه في حال صغره شيء من جهة تلك الجمرة ، فقد سأل الله ، عز وجل ، أن يحل عقدة من لسانه ؛ ليفقهوا قوله ، وقد استجاب الله له في [ ذلك في ] قوله : ( قال قد أوتيت سؤلك ياموسى ) [ طه : 26 ] ، وبتقدير أن يكون قد بقي شيء لم يسأل إزالته ، كما قاله الحسن البصري ، وإنما سأل زوال ما يحصل معه الإبلاغ والإفهام ، فالأشياء الخلقية التي ليست من فعل العبد لا يعاب بها ولا يذم عليها ، وفرعون وإن كان يفهم وله عقل فهو يدري هذا ، وإنما أراد الترويج على رعيته ، فإنهم كانوا جهلة أغبياء ،

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52)

يقوله تعالى ذكره مخبرًا عن قيل فرعون لقومه بعد احتجاجه عليهم بملكه وسلطانه, وبيان لسانه وتمام خلقه, وفضل ما بينه وبين موسى بالصفات التي وصف بها نفسه وموسى: أنا خير أيها القوم, وصفتي هذه الصفة التي وصفت لكم ( أم هذا الذي هو مهين ) لا شيء له من الملك والأموال مع العلة التي في جسده, والآفة التي بلسانه, فلا يكاد من أجلها يبين كلامه؟.

وقد اختُلف في معنى قوله: ( أمْ ) في هذا الموضع, فقال بعضهم: معناها: بل أنا خير, وقالوا. ذلك خير, لا استفهام.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد: قال: ثنا أحمد قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله: ( أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ) قال: بل أنا خير من هذا. وبنحو ذلك كان يقول بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة.

وقال بعض نحويي الكوفة, هو من الاستفهام الذي جعل بأم لاتصاله بكلام قبله. قال: وإن شئت رددته على قوله: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ؟ وإذا وجه الكلام إلى أنه استفهام, وجب أن يكون في الكلام محذوف استغني بذكر ما ذكر مما ترك ذكره, ويكون معنى الكلام حينئذ: أنا خير أيها القوم من هذا الذي هو مهين, أم هو؟.

وذُكر عن بعض القرّاء أنه كان يقرأ ذلك " أما أنا خَيْرٌ".

حدثنا بذلك عن الفرّاء قال: أخبرني بعض المشيخة أنه بلغه أن بعض القرّاء قرأ كذلك, ولو كانت هذه القراءة قراءة مستفيضة في قَرَأة الأمصار لكانت صحيحة, وكان معناها حسنا, غير أنها خلاف ما عليه قرّاء الأمصار, فلا أستجيز القراءة بها, وعلى هذه القراءة لو صحت لا كلفة له في معناها ولا مؤنة.

والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار. وأولى التأويلات بالكلام إذ كان ذلك كذلك, تأويل من جعل: أم أنا( خَيْرٌ )؟ من الاستفهام الذي جعل بأم, لاتصاله بما قبله من الكلام, ووجهه إلى أنه بمعنى: أأنا خير من هذا الذي هو مهين؟ أم هو؟ ثم ترك ذكر أم هو, لما في الكلام من الدليل عليه.

وعني بقوله: ( مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ) : من هذا الذي هو ضعيف لقلة ماله, وأنه ليس له من الملك والسلطان ماله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ) قال: ضعيف.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ) قال: المهين: الضعيف.

وقوله: ( وَلا يَكَادُ يُبِينُ ) يقول: ولا يكاد يبين الكلام من عِيّ لسانه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلا يَكَادُ يُبِينُ ) : أي عَييّ اللسان.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَلا يَكَادُ يُبِينُ ) الكلام.

التدبر :

وقفة
[52] ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ﴾ قد تنظرُ لأحدِهِم نظرةَ تكبُّر وهو عند ربِّكَ خيرٌ منكَ ومن كلِّ ما تملكُ.
وقفة
[52] ﴿أَم أَنا خَيرٌ مِن هذَا الَّذي هُوَ مَهينٌ وَلا يَكادُ يُبينُ﴾ ما أبشع السخرية وبالأخص إن يسخر البعض ممن اُبتلى بما لا حيلة له فيه!
وقفة
[52] ﴿أَم أَنا خَيرٌ مِن هذَا الَّذي هُوَ مَهينٌ وَلا يَكادُ يُبينُ﴾ عندما يُسرف الإنسان في ذمِّ خصمه بدون وجه حق؛ فإنما يعبِّر عن خوفه واضطرابه ﴿وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ﴾ [الشعراء: 56].
وقفة
[52] ﴿أَم أَنا خَيرٌ مِن هذَا الَّذي هُوَ مَهينٌ وَلا يَكادُ يُبينُ﴾ قال ابن جرير: «يعني لا ملك له ولا سلطان ولا مال، ولا يكاد يبين: يعني لا يكاد يفصح عن كلامه، فهو عييّ حصر».
وقفة
[52] ﴿أَم أَنا خَيرٌ مِن هذَا الَّذي هُوَ مَهينٌ وَلا يَكادُ يُبينُ﴾ (مُهين) أي لا مال له ولا جاه، وما علم أن سبب الإهانة هو الكفر والجحود، فهو المهين الحقير خِلقة وخُلقا ودينًا، وموسى هو الشريف.
وقفة
[52] ﴿أَم أَنا خَيرٌ مِن هذَا الَّذي هُوَ مَهينٌ وَلا يَكادُ يُبينُ﴾ قال ابن كثير: «وقوله: (وَلا يَكادُ يُبينُ) افتراء أيضًا، فإنه وإن كان قد أصاب لسانه في حال صغره شيء من جهة تلك الجمرة، فقد سأل الله عز وجل أن يحل عقدة من لسانه؛ ليفقهوا قوله، وقد استجاب الله له ذلك في قوله: ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ﴾ [طه: 36]».
وقفة
[52] ﴿أَم أَنا خَيرٌ مِن هذَا الَّذي هُوَ مَهينٌ وَلا يَكادُ يُبينُ﴾ منطق الجهلاء، قال ابن كثير: «فالأشياء الخلقية التي ليست من فعل العبد، لا يُعاب بها ولا يذم عليها».
وقفة
[52] ما يقوله الآخرون فيك ليس مهما؛ فموسى عند فرعون: ﴿هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾، لكنه عند ربه: ﴿وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾ [الأحزاب: 69]؛ المهم من أنت عند ربك؟

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ:
  • أم: حرف عطف وهي المتصلة لأنها مسبوقة بهمزة استفهام على معنى أفلا تبصرون أم تبصرون. إلا أنه وضع قوله أَنَا خَيْرٌ» موضع تبصرون لأنهم اذا قالوا له: أنت خير فهم عنده بصراء فهذا من انزال السبب منزلة المسبب. ويجوز أن تكون «أم» المنقطعة وهي تساوي في المعنى حرف الاضراب «بل» بمعنى: بل أنا خير والهمزة للتقرير بمعنى ثبت عندكم واستقر أني خير وهذه حالي. أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خير: خبره مرفوع بالضمة
  • ﴿ مِنْ هذَا الَّذِي:
  • حرف جر. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بخير. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة أو بدل من «هذا».
  • ﴿ هُوَ مَهِينٌ:
  • الجملة الاسمية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب، هو:ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. مهين: خبر «هو» مرفوع بالضمة بمعنى من هذا الضعيف.
  • ﴿ وَلا يَكادُ:
  • الواو عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. يكاد: فعل مضارع ناقص مرفوع وعلامة رفعه الضمة واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو
  • ﴿ يُبِينُ:
  • فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يبين» في محل نصب خبر «يكاد» وحذف مفعولها اختصارا بمعنى لا يكاد يبين الكلام.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [52] لما قبلها :     وبعد أن قامَ فِرعَونُ بتَعظيمِ شأنِ نَفْسِه؛ انتقل إلى التقليل من شأن موسى عليه السلام في نفوسِ القومِ؛ لإظهارِ الفرق في نظره بيْنَه وبيْنَ موسى الَّذي جاء يحَقِّرُ دينَه وعِبادةَ قَومِه إيَّاه، فقال فِرعَونُ:
﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يبين:
وقرئ:
بفتح الياء، من «بان» ، إذا ظهر، وهى قراءة الباقر.

مدارسة الآية : [53] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ..

التفسير :

[53] فهلَّا أُلقِي على موسى -إن كان صادقاً أنه رسول رب العالمين- أسْوِرَة من ذهب، أو جاء معه الملائكة قد اقترن بعضهم ببعض، فتتابعوا يشهدون له بأنه رسول الله إلينا.

ثم قال فرعون:{ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ} أي:فهلا كان موسى بهذه الحالة، أن يكون مزينا مجملا بالحلي والأساور؟{ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ} يعاونونه على دعوته، ويؤيدونه على قوله.

ثم أضاف إلى ذلك قوله- كما حكى القرآن عنه: فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ.

والأسورة: جمع سوار، وهو كناية عن تمليكه، وكانوا إذا ملكوا رجلا عليهم، جعلوا في يديه سوارين، وطوقوه بطوق من ذهب، علامة على أنه ملكهم.

أى: فهلا لو كان موسى ملكا أو رسولا، أن يحلى نفسه بأساور من ذهب، أو جاء إلينا ومعه الملائكة محيطين به، ومتقارنين معه، لكي يعينوه ويشهدوا له بالنبوة.

ولا شك أن هذه الأقوال التي تفوه بها فرعون، تدل على شدة طغيانه، وعلى عظم غروره، وعلى استغلاله الضخم لغفلة قومه وسفاهتهم وضعفهم.

ورحم الله الإمام ابن كثير فقد قال ما ملخصه: وهذا الذي قاله فرعون- لعنه الله- كذب واختلاق، وإنما حملة على هذا الكفر والعناد، وهو ينظر إلى موسى- عليه السلام- بعين كافرة شقية، وقد كان موسى من الجلالة والعظمة والبهاء في صورة يبهر أبصار ذوى الألباب.

وقوله: وَلا يَكادُ يُبِينُ افتراء- أيضا- فإنه وإن كان قد أصاب لسانه في حال صغره شيء من جهة تلك الجمرة، فقد سأل ربه أن يحل عقدة من لسانه، فاستجاب الله- تعالى- له وفرعون إنما أراد بهذا الكلام، أن يروج على رعيته، لأنهم كانوا جهلة أغبياء.. .

وهكذا كقوله : ( فلولا ألقي عليه أساورة من ذهب ) أي : وهي ما يجعل في الأيدي من الحلي ، قاله ابن عباس وقتادة وغير واحد ، ( أو جاء معه الملائكة مقترنين ) أي : يكتنفونه خدمة له ويشهدون بتصديقه ، نظر إلى الشكل الظاهر ، ولم يفهم السر المعنوي الذي هو أظهر مما نظر إليه ، لو كان يعلم ; ولهذا قال تعالى :

وقوله: ( فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ) يقول: فهلا ألقي على موسى إن كان صادقا أنه رسول رب العالمين أسورة من ذهب, وهو جمع سوار, وهو القُلْب الذي يجعل في اليد.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ) يقول: أقلبة من ذهب.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ) : أي أقلبة من ذهب.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة والكوفة " فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ". وذُكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤه ( أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ).

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي ما عليه قَرَأة الأمصار, وإن كانت الأخرى صحيحة المعنى.

واختلف أهل العربية في واحد الأساورة, والأسورة, فقال بعض نحوييّ البصرة: الأسورة جمع إسوار قال: والأساورة جمع الأسورة; وقال: ومن قرأ ذلك أساورة, فإنه أراد أساوير والله أعلم, فجعل الهاء عوضا من الياء, مثل الزنادقة صارت الهاء فيها عوضا من الياء التي في زناديق. وقال بعض نحوييّ الكوفة: من قرأ أساورة جعل واحدها إسوار; ومن قرأ أسورة جعل واحدها سوار; وقال: قد تكون الأساورة جمع أسورة كما يقال في جمع الأسقية الأساقي, وفي جمع الأكرع الأكارع. وقال آخر منهم قد قيل في سوار اليد: يجوز فيه أسوار وإسوار; قال: فيجوز على هذه اللغة أن يكون أساورة جمعه. وحُكي عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان يقول: واحد الأساورة إسوار; قال: وتصديقه في قراءة أبيّ بن كعب " فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ" فإن كان ما حكي من الرواية من أنه يجوز أن يقال في سوار اليد إسوار, فلا مؤنة في جمعه أساورة, ولست أعلم ذلك صحيحا عن العرب برواية عنها, وذلك أن المعروف في كلامهم من معنى الإسوار: الرجل الرامي, الحاذق بالرمي من رجال العجم. وأما الذي يُلبس في اليد, فإن المعروف من أسمائه عندهم سوارا. فإذا كان ذلك كذلك, فالذي هو أولى بالأساورة أن يكون جمع أسورة على ما قاله الذي ذكرنا قوله في ذلك.

وقوله: ( أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ) يقول: أو هلا إن كان صادقا جاء معه الملائكة مقترنين قد اقترن بعضهم ببعض, فتتابَعُوا يشهدون له بأنه لله رسول إليهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل على اختلاف منهم في العبارة على تأويله, فقال بعضهم: يمشون معا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال أبو عاصم, قال ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ) قال: يمشون معا.

وقال آخرون: متتابعين.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا زيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ) : أي متتابعين.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, مثله.

وقال آخرون: يقارن بعضهم بعضا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد, قال ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ) قال: يقارن بعضهم بعضا.

التدبر :

وقفة
[53] ﴿فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾ نظر إلى الشكل الظاهر، ولم يفهم السر المعنوي الذي هو أظهر مما نظر إليه لو كان يفهم.
وقفة
[53] ﴿فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾ قال مجاهد: «كانوا إذا سوَّدوا رجلًا سوَّروه بسوارين، وطوَّقوه بطوق ذهب علامة لسؤدده».
وقفة
[53] ﴿فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾ قال فرعون: «هلا ألقى رب موسى عليه أساور من ذهب إن كان صادقًا»، وهذا لزعمه الفاسد أن الرئاسة من لوازم النبوة والرسالة؛ كما قال كفار قريش في عظيم القريتين: ﴿لَوْلَا نُزِّلَ هَـٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [31].
وقفة
[53] ﴿أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾ طلب محالًا، وهو أن يأتي الملائكة مقرّنين معه، قال الزجاج: «معناه يمشون معه، فيدلون على صحة نبوته».

الإعراب :

  • ﴿ فَلَوْلا أُلْقِيَ:
  • الفاء: استئنافية. لولا: حرف تحضيض بمعنى «هلا» لا عمل له. ألقي: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح.
  • ﴿ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ:
  • جار ومجرور متعلق بألقي. أسورة: نائب فاعل مرفوع بالضمة وذكر فعله لأن تأنيثه غير حقيقي ولأنه فصل عن فعله بفاصل
  • ﴿ مِنْ ذَهَبٍ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة-نعت-لأسورة. و «من» حرف جر بياني
  • ﴿ أَوْ جاءَ مَعَهُ:
  • حرف عطف للتخيير. جاء: فعل ماض مبني على الفتح.مع: ظرف مكان منصوب متعلق بجاء وهو مضاف يدل على الاجتماع والمصاحبة اي اسم بمعنى الظرف والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة. ويجوز أن تعرب «مع» حرف جر مبنيا على الفتح والهاء في محل جر بمع والجار والمجرور متعلق بجاء.
  • ﴿ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ:
  • فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. مقترنين: حال منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى مقرونين به لتصديقه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [53] لما قبلها :     ولَمَّا تضَمَّن وصْفُ فِرعَونَ لِموسى أنَّه مُكَذِّبٌ له دَعواه الرِّسالةَ عن الله؛ ذكرَ هنا شبهتين مانعتين له من الرياسة: ١- أنه لا يلبس لبس الملوك، فلا يكون رئيسًا ولا رسولًا لتلازمهما في زعمه. ٢- عدم تصديق الملائكة له، قال تعالى:
﴿ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ألقى:
مبنيا للفاعل، وهى قراءة الضحاك.
أسورة:
1- جمع «سوار» ، نحو: خمار وأخمرة، وهى قراءة الحسن، وقتادة، وأبى رجاء، والأعرج، ومجاهد، وأبى حيوة، وحفص.
وقرئ:
2- أساورة، وهى قراءة الجمهور.
3- أساوير، والمفرد: أسوار، وهى قراءة أبى، وعبد الله.
4- أساور، وهى قراءة الأعمش.

مدارسة الآية : [54] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا ..

التفسير :

[54] فاسْتَخَفَّ فرعون عقول قومه فدعاهم إلى الضلالة، فأطاعوه وكذبوا موسى، إنهم كانوا قوماً خارجين عن طاعة الله وصراطه المستقيم.

{ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} أي:استخف عقولهم بما أبدى لهم من هذه الشبه، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا حقيقة تحتها، وليست دليلا على حق ولا على باطل، ولا تروج إلا على ضعفاء العقول.

فأي دليل يدل على أن فرعون محق، لكون ملك مصر له، وأنهاره تجري من تحته؟

وأي دليل يدل على بطلان ما جاء به موسى لقلة أتباعه، وثقل لسانه، وعدم تحلية الله له، ولكنه لقي ملأ لا معقول عندهم، فمهما قال اتبعوه، من حق وباطل.{ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} فبسبب فسقهم، قيض لهم فرعون، يزين لهم الشرك والشر.

وقوله- تعالى-: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ، إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ بيان لما كان عليه فرعون من لؤم وخداع، ولما كان عليه قومه من جبن وخروج على طاعة الله- تعالى-.

أى: وبعد أن قال فرعون لقومه ما قال من تطاول على موسى- عليه السلام- طلب منهم الخفة والسرعة والمبادرة إلى الاستجابة لما قاله لهم، فأجابوه إلى طلبه منهم، لأنهم كانوا قوما خارجين على طاعتنا، مؤثرين الغي على الرشد، والضلالة على الهداية..

( فاستخف قومه فأطاعوه ) أي : استخف عقولهم ، فدعاهم إلى الضلالة فاستجابوا له ، ( إنهم كانوا قوما فاسقين ) .

القول في تأويل قوله تعالى : فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54)

يقول تعالى ذكره: فاستخفّ فرعون خلقا من قومه من القبط, بقوله الذي أخبر الله تبارك وتعالى عنه أنه قال لهم, فقبلوا ذلك منه فأطاعوه, وكذّبوا موسى, قال الله: وإنما أطاعوا فاستجابوا لما دعاهم إليه عدوّ الله من تصديقه, وتكذيب موسى, لأنهم كانوا قوما عن طاعة الله خارجين بخذلانه إياهم, وطبعه على قلوبهم.

التدبر :

وقفة
[54] ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾ الظالم وحده لا يستطيع صنع شيء!
وقفة
[54] ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾ أنت كـ (فرد) تستطيع التأثير في بيئتك ومن هم حولك.
عمل
[54] ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾: نجاح الشَّخص على فعل الشَّر ومعه جماعة يتَّبعونَه يرجع إلى خِفَّة عقولهم فلَا تكُن مثل هؤلاء التُّبَّع، واعْرِف من تتَّبِع.
وقفة
[54] ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾ الفاسق خفيف العقل يستخفَّه من أراد استخفافه.
وقفة
[54] ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾ نجاح الدعوات الباطلة على قدر خفة عقول الأتباع.
وقفة
[54] ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾، ﴿وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ﴾ [الروم: 60] تأثير الزيف الدعائي في قلب الحقائق؛ خطير على المجتمع.
وقفة
[54] تشربوا الظلم وعاشوا فيه حتى اعتقدوا أنه حق أصيل للإمام يبطش بكل من خالفه: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾.
وقفة
[54] ونحن إذا تتبعنا الآيات؛ نجد -في غير ما موضع- أن فرعون لم يكن يعتمد على قوته فقط، وإنما كان يقوم بعملية تزييف للوعي: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾.
وقفة
[54] المجتمع الذي يغلب عليه الفسق؛ يسهل على كل مبطل أن يستخفَّه ويقوده إلى هلاكه وخسرانه وزواله ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾.
وقفة
[54] ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ الطاغية لا يَستخف إلا بأهل الفسق.
وقفة
[54] ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ أي استخف فرعون قومه القبط؛ أي: وجدهم جهالًا، وقيل: حملهم على الخفة والجهل.
وقفة
[54] ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ لمَ أطاعوه؟! قال القشيري: «أطاعوه طاعة الرهبة، وطاعة الرهبة لا تكون مخلصة، وإنما تكون الطاعة صادقة إذا صدرت عن الرغبة».
وقفة
[54] ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ لولا أنهم فاسقون ما استطاع الطاغية أن يستخفَهم، فإن المؤمن لا يُستخف.
وقفة
[54] ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ عابهم وحدهم دون فرعون في قصة الاستخفاف، حين يستخف بنا الآخرون فنحن الذين نسمح لهم بذلك.
وقفة
[54] ﴿فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطاعوهُ إِنَّهُم كانوا قَومًا فاسِقينَ﴾ هكذا يحب المرء جلاده أحيانًا بل ويطيعه.

الإعراب :

  • ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ:
  • الفاء عاطفة أو استئنافية. استخف: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. قومه: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَأَطاعُوهُ:
  • الفاء سببية. اطاعوه: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ إِنَّهُمْ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «ان».
  • ﴿ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «ان» كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة و «قوما» خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. فاسقين: صفة-نعت-لقوما منصوبة مثلها وعلامة نصبها الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

النمل: 12﴿فِي تِسۡعِ ءَايَٰتٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَقَوۡمِهِۦٓۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ
القصص: 32﴿فَذَٰنِكَ بُرۡهَٰنَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦٓۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ
الزخرف: 54﴿فَٱسۡتَخَفَّ قَوۡمَهُۥ فَأَطَاعُوهُۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ
الذاريات: 46﴿وَقَوۡمَ نُوحٖ مِّن قَبۡلُۖ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [54] لما قبلها :     ولَمَّا أثَّرَ فيهم كلام فرعون؛ أطاعوه فيما أمرهم به، فقبلوا قوله، وكذبوا موسى عليه السلام، قال تعالى:
﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [55] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ ..

التفسير :

[55] فلما أغضبونا -بعصياننا، وتكذيب موسى وما جاء به من الآيات- انتقمنا منهم بعاجل العذاب الذي عَجَّلناه لهم، فأغرقناهم أجمعين في البحر.

{ فَلَمَّا آسَفُونَا} أي:أغضبونا بأفعالهم{ انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ}

ثم بين- سبحانه- سوء عاقبتهم فقال: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ. فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ.

وقوله: آسَفُونا أى: أغضبونا أشد الغضب، من أسف فلان أسفا، إذا اشتد غضبه وسَلَفاً أى: قدوة لمن بعدهم من الكفار في استحقاق مثل عقوبتهم. وهو مصدر وصف به على سبيل المبالغة، ولذا يطلق على القليل والكثير. يقال: سلفه الشيء سلفا، إذا تقدم ومضى. وفلان سلف له عمل صالح، أى: تقدم له عمل صالح ومنه: الأسلاف، أى:

المتقدمون على غيرهم.

أى: فلما أغضبنا فرعون وقومه أشد الغضب، بسبب إصرارهم على الكفر والفسوق والعصيان، انتقمنا منهم انتقاما شديدا، حيث أغرقناهم أجمعين في اليم.

قال الله تعالى : ( فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين ) ، قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( آسفونا ) أسخطونا .

وقال الضحاك ، عنه : أغضبونا . وهكذا قال ابن عباس أيضا ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومحمد بن كعب القرظي ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم من المفسرين .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، حدثنا عمي ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عقبة بن مسلم التجيبي عن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد ما شاء ، وهو مقيم على معاصيه ، فإنما ذلك استدراج منه له " ثم تلا ( فلما آسفونا انتقمنا منهم ) .

وحدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، حدثنا قيس بن الربيع ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال : كنت عند عبد الله فذكر عنده موت الفجأة ، فقال : تخفيف على المؤمن ، وحسرة على الكافر . ثم قرأ : ( فلما آسفونا انتقمنا منهم ) .

وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : وجدت النقمة مع الغفلة ، يعني قوله : ( فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين ) .

يقول الله تبارك وتعالى: ( فَلَمَّا آسَفُونَا ) يعني بقوله: آسفونا: أغضبونا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( فَلَمَّا آسَفُونَا ) يقول: أسخطونا.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس,( فَلَمَّا آسَفُونَا ) يقول: لما أغضبونا.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَلَمَّا آسَفُونَا ) : أغضبونا.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( فَلَمَّا آسَفُونَا ) قال: أغضبوا ربهم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَلَمَّا آسَفُونَا ) قال: أغضبونا.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( فَلَمَّا آسَفُونَا ) قال: أغضبونا, وهو على قول يعقوب: يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ قال: يا حَزني على يوسف.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ) قال: أغضبونا, وقوله: ( انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ) يقول: انتقمنا منهم بعاجل العذاب الذي عجلناه لهم, فأغرقناهم جميعا في البحر.

التدبر :

وقفة
[55] كل ما في القرآن العظيم من (الأسف) فمعناه: الحزن, إلا ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا﴾ فمعناها: أغضبونا.
عمل
[55] قال عمر بن ذر: «يا أهل معاصي الله، لا تغتروا بطول حلم الله عنكم، واحذروا أسفه؛ فإنه قال: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾».
عمل
[55] ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ موسى الرضيع عليه السلام لم يغرقوه وفي قمة ضعفه، وغرق فرعون وهو في قمة جبروته؛ سلم أمرك للخالق، واطمئن، فلن يصيبك إلا ما كتبه الله لك.
عمل
[55] ابتعد عن معاصي الله ومخالفة أمر نبيه محمد عليه الصلاة والسلام تسلم من غضب الله وعقابه ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾.
وقفة
[55] غضب الله يوجب الخسران ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾.
عمل
[55] تصدق؛ فإن الصدقة تطفئ غضب الرب ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾.
تفاعل
[55] ﴿انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا آسَفُونا:
  • الفاء: استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية خافض لشرطه متعلق بجوابه. آسفوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى: فحين أغضبونا. وجملة «آسفونا» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ انْتَقَمْنا مِنْهُمْ:
  • الجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.انتقم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. من: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بانتقمنا.
  • ﴿ فَأَغْرَقْناهُمْ:
  • معطوفة بالفاء على «انتقمنا» وتعرب اعرابها. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به
  • ﴿ أَجْمَعِينَ:
  • توكيد للضمير «هم» في اغرقناهم منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من الحركة في المفرد.وهي جمع «أجمع» واحد في معنى جمع لا مفرد له من لفظه ومؤنثه جمعاء'

المتشابهات :

الأعراف: 136﴿فَـ انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ
الزخرف: 55﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [55] لما قبلها :     ولَمَّا أطاعوا فرعون، وكذبوا موسى عليه السلام مع وضوح الدليل؛ بَيَّنَ سبحانه هنا سوءَ عاقبتِهم، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [56] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ

التفسير :

[56]فجعلنا هؤلاء الذين أغرقناهم في البحر سلفاً لمن يعمل مثل عملهم ممن يأتي بعدهم في استحقاق العذاب، وعبرة وعظة للآخِرين.

{ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ} ليعتبر بهم المعتبرون، ويتعظ بأحوالهم المتعظون.

فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً أى قدوة لمن بعدهم في الكفر في استحقاق مثل عقوبتهم كما جعلناهم مَثَلًا أى: عبرة وموعظة لِلْآخِرِينَ الذين يعملون مثل أعمالهم..

وبذلك نرى في هذه الآيات الكريمة، جانبا من قصة موسى- عليه السلام- مع فرعون وملئه.

ويتجلى في هذا الجانب من القصة طغيان فرعون، واستخفافه بعقول قومه، ومجاهرته بالكذب والفجور.. فكانت عاقبتهم جميعا الدمار والبوار.

ثم انتقلت السورة الكريمة من الحديث عن جانب من قصة موسى، إلى الحديث عن جانب من قصة عيسى- عليه السلام- فقال- تعالى-:

وقوله : ( فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ) : قال أبو مجلز : ( سلفا ) لمثل من عمل بعملهم .

وقال هو ومجاهد : ( ومثلا ) أي عبرة لمن بعدهم .

القول في تأويل قوله تعالى : فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا لِلآخِرِينَ (56)

اختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الكوفة غير عاصم " فَجَعَلْنَاهُمْ سُلُفًا " بضم السين واللام, توجيها ذلك منهم إلى جمع سليف من الناس, وهو المتقدّم أمام القوم. وحكى الفرّاء أنه سمع القاسم بن معن يذكر أنه سمع العرب تقول: مضى سليف من الناس. وقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وعاصم: ( فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا ) بفتح السين واللام.

وإذا قرئ كذلك احتمل أن يكون مرادا به الجماعة والواحد والذكر والأنثى, لأنه يقال للقوم: أنتم لنا سلف, وقد يجمع فيقال: هم أسلاف; ومنه الخبر الذي روي عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: " يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ أسْلافًا ".

وكان حُميد الأعرج يقرأ ذلك: " فَجَعَلْنَاهُمْ سُلَفًا " بضم السين وفتح اللام, توجيها منه ذلك إلى جمع سلفة من الناس, مثل أمة منهم وقطعة.

وأولى القراءات في ذلك بالصواب قراءة من قرأه بفتح السين واللام, لأنها اللغة الجوداء, والكلام المعروف عند العرب, وأحقّ اللغات أن يقرأ بها كتاب الله من لغات العرب أفصحها وأشهرها فيهم. فتأويل الكلام إذن: فجعلنا هؤلاء الذين أغرقناهم من قوم فرعون في البحر مقدّمة يتقدمون إلى النار, كفار قومك يا محمد من قريش, وكفار قومك لهم بالأثر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا لِلآخِرِينَ ) قال: قوم فرعون كفارهم سلفا لكفار أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا ) في النار.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر: ( فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا ) قال: سلفا إلى النار.

وقوله: ( وَمَثَلا لِلآخِرِينَ ) يقول: وعبرة وعظة يتعظ بهم مَنْ بعدهم من الأمم, فينتهوا عن الكفر بالله. وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, مجاهد ( وَمَثَلا لِلآخِرِينَ ) قال: عبرة لمن بعدهم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا أبو ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَمَثَلا لِلآخِرِينَ ) : أي عظة للآخرين.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَمَثَلا لِلآخِرِينَ ) : أي عظة لمن بعدهم.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا ) قال: عبرة.

التدبر :

وقفة
[56] ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِّلْآخِرِينَ﴾ فيكون حالهم عظة لناس وإضلالًا لآخرين؛ فمن قضى أن يكون على مثل حالهم عمل مثل أعمالهم، ومن أراد النجاة مما نالهم تجنب أفعالهم.
وقفة
[56] ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِّلْآخِرِينَ﴾ القرآن كتاب اعتبار؛ قال ابن تيمية: «أي مثلًا يعتبر به ويقاس عليه غيره، فمن عمل بمثل عمله جوزي بجزائه؛ ليتعظ الناس به، فلا يعمل بمثل عمله».
وقفة
[56] ﴿فَجَعَلناهُم سَلَفًا وَمَثَلًا لِلآخِرينَ﴾ فهل من متعظ؟
عمل
[56] احذر من الطغيان بالقول والفعل؛ فإن مآل ذلك الذلة في الدنيا والآخرة؛ فها هم قوم فرعون لما طغوا أنزل الله فيهم عقوبته ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِّلْآخِرِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً:
  • معطوفة بالفاء على «فأغرقناهم» الواردة في الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. سلفا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى قدوة.
  • ﴿ وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ:
  • معطوفة بالواو على «سلفا» وتعرب اعرابها أي وعظة.للآخرين: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من مثلا وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [56] لما قبلها :     ولَمَّا كان إهلاكُهم بسَبَبِ إغضابِهم لله تعالى، وبالكِبْرِ على رُسُلِه؛ كانوا سَبَبًا لِأنْ يَتَّعِظَ بحالِهم مَن يأتي بَعْدَهم، قال تعالى:
﴿ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

سلفا:
1- بفتحتين، مصدر، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضم السين واللام، «جمع سلف» ، وهو الفريق، وهى قراءة أبى عبد الله، وأصحابه، وسعيد بن عياض، والأعمش، وطلحة، والأعرج، وحمزة، والكسائي.
3- بضم السين واللام، جمع «سلفة» ، وهى القطيعة، وهى قراءة على، ومجاهد، والأعرج أيضا.

مدارسة الآية : [57] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا ..

التفسير :

[57] ولما ضرب المشركون عيسى بن مريم مثلاً حين خاصموا محمداً -صلى الله عليه وسلم-، وحاجُّوه بعبادة النصارى إياه، إذا قومك من ذلك ولأجله يرتفع لهم جَلَبة وضجيج فرحاً وسروراً، وذلك عندما نزل قوله تعالى: ﴿ إِنَّكُمۡ

يقول تعالى:{ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا} أي:نهي عن عبادته، وجعلت عبادته بمنزلة عبادة الأصنام والأنداد.{ إِذَا قَوْمُكَ} المكذبون لك{ مِنْهُ} أي:من أجل هذا المثل المضروب،{ يَصِدُّونَ} أي:يستلجون في خصومتهم لك، ويصيحون، ويزعمون أنهم قد غلبوا في حجتهم، وأفلجوا.

ذكر المفسرون في سبب نزول قوله- تعالى-: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا ...

روايات منها: أنه لما نزل قوله- تعالى-: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ...

تعلق المشركون بأمر عيسى وقالوا: ما يريد محمد صلّى الله عليه وسلّم إلا أن نتخذه إلها، كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم فأنزل الله- تعالى- وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا....

وقال الواحدي: أكثر المفسرين على أن هذه الآية، نزلت في مجادلة ابن الزبعرى- قبل أن يسلم- مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فإنه لما نزل قوله- تعالى-: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ....

قال ابن الزبعرى خصمتك- يا محمد- ورب الكعبة. أليست النصارى يعبدون المسيح، واليهود يعبدون عزيرا، وبنو مليح يعبدون الملائكة؟ فإن كان هؤلاء في النار، فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا في النار؟.

فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما أجهلك بلغة قومك؟ أما فهمت أن ما لما لا يعقل» ؟. وفي رواية أنه صلّى الله عليه وسلّم قال له: «إنهم يعبدون الشيطان» وأنزل الله- تعالى-: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ.. .

وكلمة يَصِدُّونَ قرأها الجمهور بكسر الصاد. وقرأها ابن عامر والكسائي بضم الصاد. وهما بمعنى واحد. ومعناهما: يضجون ويصيحون فرحا. يقال: صد يصد- بكسر الصاد وضمها- بمعنى ضج- كعكف- بضم الكاف وكسرها.

ويرى بعضهم أن يَصِدُّونَ- بكسر الصاد- بمعنى: يضجون ويصيحون ويضحكون ... وأن يَصِدُّونَ- بضم الصاد- بمعنى يعرضون. من الصد بمعنى الإعراض عن الحق.

والمعنى: وحين ضرب ابن الزبعرى، عيسى ابن مريم مثلا، وحاجك بعبادة النصارى له، فاجأك قومك- كفار قريش- بسبب هذه المحاجة، بالصياح والضجيج والضحك، فرحا منهم بما قاله ابن الزبعرى، وظنا منهم أنه قد انتصر عليك في الخصومة والمجادلة.

فمن في قوله مِنْهُ الظاهر أنها للسببية، كما في قوله- تعالى-: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً....

والمراد بالمثل هنا: الحجة والبرهان.

قال الآلوسى: والحجة لما كانت تسير مسير الأمثال شهرة، قيل لها مثل. أو المثل بمعنى المثال. أى: جعله مقياسا وشاهدا على إبطال قوله صلّى الله عليه وسلّم: إن آلهتهم من حصب جهنم، وجعل عيسى- عليه السلام- نفسه مثلا من باب: الحج عرفة .

يقول تعالى مخبرا عن تعنت قريش في كفرهم وتعمدهم العناد والجدل : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) قال غير واحد ، عن ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، والسدي : يضحكون ، أي : أعجبوا بذلك .

وقال قتادة : يجزعون ويضحكون . وقال إبراهيم النخعي : يعرضون .

وكان السبب في ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق في السيرة حيث قال : وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - فيما بلغني - يوما مع الوليد بن المغيرة في المسجد ، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم ، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش ، فتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرض له النضر بن الحارث ، فكلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أفحمه ، ثم تلا عليه وعليهم : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) الآيات [ الأنبياء : 98 ] . ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقبل عبد الله بن الزبعرى التميمي حتى جلس ، فقال الوليد بن المغيرة له : والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد ، وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم ، فقال عبد الله بن الزبعرى : أما والله لو وجدته لخصمته ، سلوا محمدا : أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده ، فنحن نعبد الملائكة ، واليهود تعبد عزيرا ، والنصارى تعبد المسيح [ عيسى ] ابن مريم ؟ فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى ، ورأوا أنه قد احتج وخاصم ، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " كل من أحب أن يعبد من دون الله ، فهو مع من عبده ، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته " فأنزل الله عز وجل : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ) [ الأنبياء : 101 ] أي : عيسى وعزير ومن عبد معهما من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله ، عز وجل ، فاتخذهم من يعبدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله . ونزل فيما يذكرون أنهم يعبدون الملائكة وأنهم بنات الله : ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون ) الآيات [ الأنبياء : 26 ] ، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى وأنه يعبد من دون الله . وعجب الوليد ومن حضره من حجته وخصومته : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) أي : يصدون عن أمرك بذلك من قوله . ثم ذكر عيسى فقال : ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون وإنه لعلم للساعة ) أي : ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى وإبراء الأسقام ، فكفى به دليلا على علم الساعة ، يقول : ( فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم ) .

وذكر ابن جرير من رواية العوفي ، عن ابن عباس قوله : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) قال : يعني قريشا ، لما قيل لهم : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) [ الأنبياء : 98 ] إلى آخر الآيات ، فقالت له قريش : فما ابن مريم ؟ قال : " ذاك عبد الله ورسوله " . فقالوا : والله ما يريد هذا إلا أن نتخذه ربا ، كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم ربا ، فقال الله تعالى ( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ) .

وقال الإمام أحمد : حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا شيبان ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي رزين ، عن أبي يحيى - مولى ابن عقيل الأنصاري - قال : قال ابن عباس : لقد علمت آية من القرآن ما سألني عنها رجل قط ، فما أدري أعلمها الناس فلم يسألوا عنها ، أم لم يفطنوا لها فيسألوا عنها . قال : ثم طفق يحدثنا ، فلما قام تلاومنا ألا نكون سألناه عنها . فقلت : أنا لها إذا راح غدا . فلما راح الغد قلت : يا ابن عباس ، ذكرت أمس أن آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قط ، فلا تدري أعلمها الناس أم لم يفطنوا لها ؟ فقلت : أخبرني عنها وعن اللاتي قرأت قبلها . قال : نعم ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لقريش : " يا معشر قريش ، إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير " ، وقد علمت قريش أن النصارى تعبد عيسى ابن مريم ، وما تقول في محمد ، فقالوا : يا محمد ، ألست تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا ، فإن كنت صادقا ، كان آلهتهم كما تقولون ؟ ! قال : فأنزل الله : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) . قلت : ما يصدون ؟ قال : يضحكون ، ( وإنه لعلم للساعة ) قال : هو خروج عيسى ابن مريم قبل القيامة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن يعقوب الدمشقي ، حدثنا آدم ، حدثنا شيبان ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي أحمد مولى الأنصار ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا معشر قريش ، إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير " . فقالوا له : ألست تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا ، فقد كان يعبد من دون الله ؟ فأنزل الله عز وجل : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) .

وقال مجاهد في قوله : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) : قالت قريش : إنما يريد محمد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى . ونحو هذا قال قتادة .

وقوله: ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا ) يقول تعالى ذكره: ولما شبه الله عيسى في إحداثه وإنشائه إياه من غير فحل بآدم, فمثله به بأنه خلقه من تراب من غير فحل, إذا قومك يا محمد من ذلك يضجون ويقولون: ما يريد محمد منا إلا أن نتخذه إلها نعبده, كما عبدت النصارى المسيح.

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم بنحو الذي قلنا فيه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال ثنا أبو عاصم, قال ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله عزّ وجلّ: ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون; قال: قالت قريش: إنما يريد محمد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: لما ذُكر عيسى ابن مريم جزعت قريش من ذلك, وقالوا: يا محمد ما ذكرت عيسى ابن مريم (1) وقالوا: ما يريد محمد إلا أن نصنع به كما صنعت النصارى بعيسى ابن مريم, فقال الله عزّ وجلّ: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا .

حدثنا بشر, قال ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: لما ذكر عيسى في القرآن قال مشركو قريش: يا محمد ما أردت إلى ذكر عيسى؟ قال: وقالوا: إنما يريد أن نحبه كما أحبَّت النصارى عيسى.

وقال آخرون: بل عنى بذلك قول الله عزّ وجلّ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ قيل المشركين عند نـزولها: قد رضينا بأن تكون آلهتنا مع عيسى وعُزَير والملائكة, لأن كل هؤلاء مما يعبد من دون الله, قال الله عزّ وجلّ: ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) وقالوا: أآلهتنا خير أم هو؟.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, ثنا أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يعني قريشا لما قيل لهم إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ فقالت له قريش: فما ابن مريم؟ قال: ذاك عبد الله ورسوله, فقالوا: والله ما يريد هذا إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم ربا, فقال الله عزّ وجلّ: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( يَصُدُّونَ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة, وجماعة من قرّاء الكوفة: " يصُدُّونَ" بضم الصاد. وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفة والبصرة ( يَصُدُّونَ ) بكسر الصاد.

واختلف أهل العلم بكلام العرب في فرق ما بين ذلك إذا قُرئ بضم الصاد, وإذا قُرئ بكسرها, فقال بعض نحوييّ البصرة, ووافقه عليه بعض الكوفيين: هما لغتان بمعنى واحد, مثل يشُدّ ويشِدّ, ويَنُمُّ ويَنِمّ من النميمة. وقال آخر: منهم من كسر الصاد فمجازها يضجون, ومن ضمها فمجازها يعدلون. وقال بعض من كسرها: فإنه أراد يضجون, ومن ضمها فإنه أراد الصدود عن الحقّ.

وحُدثت عن الفرّاء قال: ثني أبو بكر بن عياش, أن عاصما ترك يصدّون من قراءة أبي عبد الرحمن, وقرأ يصدّون, قال: قال أبو بكر. حدثني عاصم, عن أبي رزين, عن أبي يحيى, أن ابن عباس لقي ابن أخي عبيد بن عمير, فقال: إن عمك لعربيّ, فما له يُلحن في قوله: " إذَا قُومُكَ مِنْهُ يَصُدُّونَ", وإنما هي ( يَصُدُّونَ ).

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان, ولغتان مشهورتان بمعنى واحد, ولم نجد أهل التأويل فرقوا بين معنى ذلك إذا قرئ بالضم والكسر, ولو كان مختلفا معناه, لقد كان الاختلاف في تأويله بين أهله موجودا وجود اختلاف القراءة فيه باختلاف اللغتين, ولكن لما لم يكن مختلف المعنى لم يختلفوا في أن تأويله: يضجون ويجزعون, فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب.

* ذكر ما قلنا في تأويل ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) يقول: يضجون.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا أبو حمزة, عن المُغيرة الضبيّ, عن الصعب بن عثمان قال: كان ابن عباس يقرأ ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ), وكان يفسرها يقول: يضجون.

ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عاصم, عن أبي رزين, عن ابن عباس ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا ابن أبي عدي, عن شعبة عن عاصم عن أبي رزين, عن ابن عباس بمثله.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح عن مجاهد, في قول الله عزّ وجلّ: ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) : أي يجزعون ويضجون.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن عاصم بن أبي النجود, عن أبي صالح, عن ابن عباس أنه قرأها( يَصُدُّونَ ) : أي يضجون, وقرأ عليّ رضي الله عنه ( يَصُدُّونَ ).

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.

------------------------

الهوامش:

(1) كذا في الأصل ، ولم يتم الكلام ؛ ولعله اكتفى بدلالة ما بعده عليه .

التدبر :

وقفة
[57] ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ﴾ أهل الضلال يسعون إلى تحريف دلالات النص القرآني حسب أهوائهم.
وقفة
[57] ﴿يَصِدُّونَ﴾ ليست بالضم من الصدود؛ بل بكسر الصاد أي يضحكون ويضجون، وهي الوحيدة في القرآن.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَمّا ضُرِبَ اِبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ
  • تعرب اعراب الآية الكريمة السابعة والأربعين. ضرب: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. ابن: نائب فاعل مرفوع بالضمة. مريم:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للتعريف والتأنيث. مثلا: حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة قام مقام مفعول «ضرب» الثاني أي ضمير مثلا. و «منه» أي من هذا المثل.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • أخْبَرَنا إسْماعِيلُ بْنُ إبْراهِيمَ النَّصْراباذِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا إسْماعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ الخَلِيلِ، قالَ: حَدَّثَنا هِشامُ بْنُ عَمّارٍ، قالَ: حَدَّثَنا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قالَ: حَدَّثَنا شَيْبانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عاصِمِ بْنِ أبِي النَّجُودِ، عَنْ أبِي رَزِينٍ، عَنْ أبِي يَحْيى مَوْلى ابْنِ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ لِقُرَيْشٍ: ”يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لا خَيْرَ في أحَدٍ يُعْبَدُ مِن دُونِ اللَّهِ“ . قالُوا: ألَيْسَ تَزْعُمُ أنَّ عِيسى كانَ عَبْدًا نَبِيًّا، وكانَ عَبْدًا صالِحًا ؟ فَإنْ كانَ كَما تَزْعُمُ فَهو كَآلِهَتِهِمْ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ولَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا﴾ .وذَكَرْنا هَذِهِ القِصَّةَ ومُناظَرَةَ ابْنِ الزِّبَعْرى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في آخِرِ سُورَةِ الأنْبِياءِ عِنْدَ قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إنَّكم وما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ [الأنبياء: ٩٨] . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [57] لما قبلها :     وبعد أن ذَكَرَ اللهُ طَرَفًا مِن قِصَّةِ موسى عليه السَّلامُ، ذَكَرَ هنا طَرَفًا مِن قِصَّةِ عيسى عليه السَّلامُ، قال تعالى:
﴿ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يصدون:
قرئ:
1- بضم الصاد، أي: يعرضون عن الحق، وهى قراءة أبى جعفر، والأعرج، والنخعي، وأبى رجاء، وابن وثاب، وعامر، ونافع، والكسائي.
2- بكسرها، أي: يصيحون وترتفع لهم حمية، وهى قراءة ابن عباس، وابن جبير، والحسن، وعكرمة، وباقى السبعة.

مدارسة الآية : [58] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ..

التفسير :

[58] وقال مشركو قومك -أيها الرسول-:أ آلهتنا التي نعبدها خير أم عيسى الذي يعبده قومه؟ فإذا كان عيسى في النار، فلنكن نحن وآلهتنا معه، ما ضربوا لك هذا المثل إلا جدلاً، بل هم قوم مخاصمون بالباطل.

{ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} يعني:عيسى، حيث نهي عن عبادة الجميع، وشورك بينهم بالوعيد على من عبدهم، ونزل أيضا قوله تعالى:{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}

ووجه حجتهم الظالمة، أنهم قالوا:قد تقرر عندنا وعندك يا محمد، أن عيسى من عباد الله المقربين، الذين لهم العاقبة الحسنة، فلم سويت بينه وبينها في النهي عن عبادة الجميع؟ فلولا أن حجتك باطلة لم تتناقض.

ولم قلت:{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} وهذا اللفظ بزعمهم، يعم الأصنام، وعيسى، فهل هذا إلا تناقض؟ وتناقض الحجة دليل على بطلانها، هذا أنهى ما يقررون به هذه الشبهة [الذي] فرحوا بها واستبشروا، وجعلوا يصدون ويتباشرون.

وهي -وللّه الحمد- من أضعف الشبه وأبطلها، فإن تسوية الله بين النهي عن عبادة المسيح، وبين النهي عن عبادة الأصنام، لأن العبادة حق للّه تعالى، لا يستحقها أحد من الخلق، لا الملائكة المقربون، ولا الأنبياء المرسلون، ولا من سواهم من الخلق، فأي شبهة في تسوية النهي عن عبادة عيسى وغيره؟

ثم بين- سبحانه- أقوالهم التي بنوا عليها باطلهم فقال: وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ... ؟ والضمير هُوَ يعود إلى عيسى- عليه السلام-.

ومرادهم بالاستفهام تفضيل عيسى- عليه السلام- على آلهتهم، مجاراة للنبي صلّى الله عليه وسلّم.

فكأنهم يقولون: لقد أخبرتنا بأن عيسى ابن مريم رسول من رسل الله- تعالى- وأنه خير من آلهتنا.. فإن كان في النار يوم القيامة لأن الله- تعالى- يقول: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا في النار.

وقد أبطل الله زعمهم هذا بقوله: ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا.

أى: لا تهتم- أيها الرسول الكريم- بما قالوه، فإنهم ما ضربوا لك هذا المثل بعيسى إلا من أجل مجادلتك بالباطل، وليس من أجل الوصول إلى الحق.

وقوله: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ مؤكد لما قبله من كونهم قالوا ذلك لأجل الجدل بالباطل، لا لطلب الحق، وإضراب عن مزاعمهم وعن مجاراتهم في خصومتهم.

أى: ذرهم- أيها الرسول الكريم- في باطلهم يعمهون، فإنهم قوم مجبولون على الخصومة، وعلى اللجاج في الباطل.

فقوله: خَصِمُونَ جمع خصم- بفتح فكسر- وهو الإنسان المبالغ في الجدل والخصومة، دون أن يكون هدفه الوصول إلى الحق.

وجاء التعبير في قوله: ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بصيغة الجمع، مع أن ضارب المثل واحد، وهو ابن الزبعرى، لأن إسناد فعل الواحد إلى الجماعة، من الأساليب المعروفة في اللغة العربية، ومنه قول الشاعر:

فسيف بنى عبس وقد ضربوا به ... نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد

فإنه قد نسب الضرب إلى جميع بنى عبس، مع تصريحه بأن الضارب واحد، وهو ورقاء..

ولأنهم لما أيدوا ابن الزبعرى في قوله، فكأنهم جميعا قد قالوه..

وقوله : ( وقالوا أآلهتنا خير أم هو ) : قال قتادة : يقولون : آلهتنا خير منه . وقال قتادة : قرأ ابن مسعود : " وقالوا أآلهتنا خير أم هذا " ، يعنون محمدا - صلى الله عليه وسلم - .

وقوله : ( ما ضربوه لك إلا جدلا ) أي : مراء ، وهم يعلمون أنه ليس بوارد على الآية ; لأنها لما لا يعقل ، وهي قوله : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) [ الأنبياء : 98 ] . ثم هي خطاب لقريش ، وهم إنما كانوا يعبدون الأصنام والأنداد ، ولم يكونوا يعبدون المسيح حتى يوردوه ، فتعين أن مقالتهم إنما كانت جدلا منهم ، ليسوا يعتقدون صحتها .

وقد قال الإمام أحمد ، رحمه الله تعالى : حدثنا ابن نمير ، حدثنا حجاج بن دينار ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه ، إلا أورثوا الجدل " ، ثم تلا هذه الآية : ( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ) .

وقد رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وابن جرير ، من حديث حجاج بن دينار ، به . ثم قال الترمذي : حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديثه كذا قال .

وقد روي من وجه آخر عن أبي أمامة بزيادة فقال ابن أبي حاتم : حدثنا حميد بن عياش الرملي ، حدثنا مؤمل ، حدثنا حماد ، أخبرنا ابن مخزوم ، عن القاسم أبي عبد الرحمن الشامي ، عن أبي أمامة - قال حماد : لا أدري رفعه أم لا ؟ - قال : ما ضلت أمة بعد نبيها إلا كان أول ضلالها التكذيب بالقدر ، وما ضلت أمة بعد نبيها إلا أعطوا الجدل ، ثم قرأ : ( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون )

وقال ابن جرير أيضا : حدثنا أبو كريب ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، عن عباد بن عباد ، عن جعفر ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على الناس وهم يتنازعون في القرآن ، فغضب غضبا شديدا حتى كأنما صب على وجهه الخل ، ثم قال : " لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض ، فإنه ما ضل قوم قط إلا أوتوا الجدل " ، ثم تلا ( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون )

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)

يقول تعالى ذكره: وقال مشركو قومك يا محمد: آلهتنا التي نعبدها خير؟ أم محمد فنعبد محمدا؟ ونترك آلهتنا؟.

وذُكر أن ذلك في قراءة أبيّ بن كعب: " أآلهتنا خير أم هذا " .

* ذكر الرواية بذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور عن معمر, عن قتادة أن في حرف أبي بن كعب " وقالوا أآلهتنا خير أم هذا " يعنون محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

وقال آخرون: بل عنى بذلك: آلهتنا خير أم عيسى؟.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) قال: خاصموه, فقالوا: يزعم أن كلّ من عبد من دون الله في النار, فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى وعُزير والملائكة هؤلاء قد عُبدوا من دون الله, قال: فأنـزل الله براءة عيسى.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فى قوله: ( أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ ) قال: عبد هؤلاء عيسى, ونحن نعبد الملائكة.

وقوله: ( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ).... إلى ( فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ). وقوله تعالى ذكره: ( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا ) يقول تعالى ذكره: ما مثلوا لك هذا المثل يا محمد ولا قالوا لك هذا القول إلا جدلا وخصومة يخاصمونك به ( بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: ما بقومك يا محمد هؤلاء المشركين في محاجتهم إياك بما يحاجونك به طلب الحق ( بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) يلتمسون الخصومة بالباطل.

وذُكر عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: " ما ضل قوم عن الحق إلا أوتوا الجدل ".

* ذكر الرواية ذلك: حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا يعلى, قال: ثنا الحجاج بن دينار, عن أبي غالب عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل, وقرأ: ( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا )... الآية.

حدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي وأبو كُرَيب قالا ثنا محمد بن بشر, قال: ثنا حجاج بن دينار, عن أبي أُمامة " أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, خرج على الناس وهم يتنازعون في القرآن, فغضب غضبا شديدًا, حتى كأنما صبّ على وجهه الخلّ, ثم قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " لا تَضْرِبُوا كِتَابَ الله بَعْضَهُ بِبَعْضٍ, فإنَّهُ ما ضَلَّ قَوْمٌ قَطُّ إلا أُوتُوا الجَدَلَ", ثم تلا( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ).

التدبر :

وقفة
[58] ﴿وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ قال السدي: «خاصموه وقالوا: إن كل من عُبد من دون الله في النار، فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى والملائكة وعزير، فأنزل الله تعالى: ﴿إنّ الذين سَبَقَت لَهُم مَنَا الحُسنى أولَئكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ۱۰۱].
وقفة
[58] ما أقبح الجدل وأخطر آثاره! عَنْ أَبِى أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلاَّ أُوتُوا الْجَدَلَ»، ثُمَّ تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾. [أحمد 5/252، وحسنه الألباني].
وقفة
[58] ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ إنهم بارعو الجدل أقوياء الخصومة، لكنهم ليسوا على حق.
وقفة
[58] ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ الولع بالخصومة والركض للصراع والبحث عن الألغام.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • الواو عاطفة. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ أَآلِهَتُنا خَيْرٌ:
  • الهمزة همزة استفهام لا عمل لها. آلهة: مبتدأ مرفوع بالضمة. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة. خير: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.
  • ﴿ أَمْ هُوَ:
  • حرف عطف وهي أم المتصلة لأنها مسبوقة بهمزة استفهام. هو:ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع معطوف على «آلهتنا» والضمير يعود على عيسى بن مريم. وغرضهم بالموازنة بينه وبين آلهتهم السخرية والاستهزاء بمعنى: أألهتنا خير عندك أو هو.
  • ﴿ ما ضَرَبُوهُ لَكَ:
  • نافية لا عمل لها. ضربوا: تعرب اعراب «قالوا» والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. لك: جار ومجرور متعلق بضربوه. أي ما ضربوا هذا المثل لك.
  • ﴿ إِلاّ جَدَلاً:
  • أداة حصر لا عمل لها. جدلا: مفعول لأجله-من أجله- منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: الا لأجل الجدل والغلبة في القول ويجوز أن يكون حالا بمعنى جدلين.
  • ﴿ بَلْ هُمْ قَوْمٌ:
  • حرف اضراب للاستئناف. هم: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. قوم: خبره مرفوع بالضمة.
  • ﴿ خَصِمُونَ:
  • صفة-نعت-لقوم مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الواو لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وهي من صيغ المبالغة أي كثير الجدل أو الخصام والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [58] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ عيسى عليه السَّلامُ؛ ذكرَ هنا مُجادلة أثارَتْها قريش حول هذا النبي الكريم، قال تعالى:
﴿ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أآلهتنا:
قرئ:
1- بتخفيف الهمزتين، وهى قراءة الكوفيين.
2- بتسهيل الثانية بين بين، وهى قراءة باقى السبعة.
3- بهمزة واحدة، على مثال الخبر، وهى قراءة ورش، فى رواية أبى الأزهر.
جدلا:
وقرئ:
جدالا، بكسر الجيم وألف، وهى قراءة ابن مقسم.

مدارسة الآية : [59] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا ..

التفسير :

[59] ما عيسى بن مريم إلا عبد أنعمنا عليه بالنبوة، وجعلناه آية وعبرة لبني إسرائيل يُستدل بها على قدرتنا.

وليس تفضيل عيسى عليه السلام، وكونه مقربا عند ربه ما يدل على الفرق بينه وبينها في هذا الموضع، وإنما هو كما قال تعالى:{ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ}

بالنبوة والحكمة والعلم والعمل،{ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} يعرفون به قدرة الله تعالى على إيجاده من دون أب.

وأما قوله تعالى:{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} فالجواب عنها من ثلاثة أوجه:

أحدها:أن قوله:{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أن{ ما} اسم لما لا يعقل، لا يدخل فيه المسيح ونحوه.

الثاني:أن الخطاب للمشركين، الذين بمكة وما حولها، وهم إنما يعبدون أصناما وأوثانا ولا يعبدون المسيح.

الثالث:أن الله قال بعد هذه الآية:{ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} فلا شك أن عيسى وغيره من الأنبياء والأولياء، داخلون في هذه الآية.

ثم بين- سبحانه- حقيقة عيسى- عليه السلام- فقال: إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ، وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ.

أى: ليس هو أى: عيسى- عليه السلام- إلا عبد من عبادنا الذين أنعمنا عليهم بنعمة النبوة وَجَعَلْناهُ مَثَلًا أى: أمرا عجيبا، جديرا بأن يسير ذكره كالأمثال لِبَنِي إِسْرائِيلَ الذين أرسلناه إليهم، حيث خلقناه من غير أب، وأعطيناه المعجزات الباهرات التي منها: إبراء الأكمة والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله ... وهذا كله دليل على وحدانيتنا، وكمال قدرتنا ونفاذ إرادتنا.

فالآية الكريمة ترفع من شأن عيسى- عليه السلام-، وتحدد منزلته، وتنفى عنه غلو المغالين في شأنه، وإنقاص المنقصين من قدره.

وقوله : ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه ) يعني : عيسى ، عليه السلام ، ما هو إلا عبد [ من عباد الله ] أنعم الله عليه بالنبوة والرسالة ، ( وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ) أي : دلالة وحجة وبرهانا على قدرتنا على ما نشاء .

وقوله: ( إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ ) يقول تعالى ذكره: فما عيسى إلا عبد من عبادنا, أنعمنا عليه بالتوفيق والإيمان, وجعلناه مثلا لبني إسرائيل, يقول: وجعلناه آية لبني إسرائيل, وحجة لنا عليهم بإرسالناه إليهم بالدعاء إلينا, وليس هو كما تقول النصارى من أنه ابن الله تعالى, تعالى الله عن ذلك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة: ( إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ ) يعني بذلك عيسى ابن مريم, ما عدا ذلك عيسى ابن مريم, إن كان إلا عبدا أنعم الله عليه.

وبنحو الذي قلنا أيضا في قوله: ( وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ) قالوا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن قتادة ( مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ) أحسبه قال: آية لبني إسرائيل.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ) أي آية.

التدبر :

وقفة
[59] ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ جعل الله غاية عيسى هي العبودية، لا الألوهية كما زعم النصارى، كما وصف الله أكرم الخلق عليه، وأعلاهم منزلة لديه بالعبودية، خاصة عند أشرف مقاماته، وهو مقام استقبال الوحي، فقال: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ [الفرقان: 1].
وقفة
[59] ﴿إِن هُوَ إِلّا عَبدٌ أَنعَمنا عَلَيهِ وَجَعَلناهُ مَثَلًا لِبَني إِسرائيلَ﴾ كونه عبدًا فهذا من تمام النعم.

الإعراب :

  • ﴿ إِنْ هُوَ:
  • إن مهملة بمعنى «ما» النافية. هو: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ
  • ﴿ إِلاّ عَبْدٌ:
  • أداة حصر لا عمل لها. عبد: خبر «هو» مرفوع بالضمة.بمعنى: وما عيسى الا عبد كسائر عباد الله.
  • ﴿ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ:
  • الجملة: الفعلية في محل رفع صفة-نعت-لعبد. أنعم:فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. عليه: جار ومجرور متعلق بأنعمنا. وحذفت الصلة أي الجار اختصارا بمعنى: أنعمنا عليه بالنبوة.
  • ﴿ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً:
  • معطوفة بالواو على «أنعمنا» وتعرب اعرابها والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. مثلا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى وصيرناه مثلا.
  • ﴿ لِبَنِي إِسْرائِيلَ:
  • اللام: حرف جر. بني: اسم مجرور باللام وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت النون للاضافة. اسرائيل:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [59] لما قبلها :     وبعد ذِكرِ المُجادلة التي أثارَتْها قريش حول عيسى عليه السَّلامُ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا حقيقةَ هذا النبي الكريم، قال تعالى:
﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [60] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً ..

التفسير :

[60] ولو نشاء لجعلنا بدلاً منكم ملائكة يَخْلُف بعضهم بعضاً بدلاً من بني آدم.

ثم قال تعالى:{ وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} أي:لجعلنا بدلكم ملائكة يخلفونكم في الأرض، ويكونون في الأرض حتى نرسل إليهم ملائكة من جنسهم، وأما أنتم يا معشر البشر، فلا تطيقون أن ترسل إليكم الملائكة، فمن رحمة الله بكم، أن أرسل إليكم رسلا من جنسكم، تتمكنون من الأخذ عنهم.

ثم أكد- سبحانه- كمال قدرته فقال: وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ.

و «من» في قوله- تعالى- مِنْكُمْ يصح أن تكون للبدلية، فيكون المعنى: ولو نشاء إهلاككم أيها الكافرون لفعلنا ولجعلنا بدلا منكم ملائكة يخلفونكم بعد موتكم، ولكنا لم نشأ ذلك لحكم نحن نعلمها.

ويصح أن تكون للتبعيض فيكون المعنى: ولو نشاء لجعلنا منكم يا رجال قريش ملائكة، بطريق التوليد منكم، من غير واسطة نساء، فهذا أمر سهل علينا، مع أنه أعجب من حال عيسى الذي تستغربونه، لأنه جاء من غير أب، مع أن الأم من طبيعتها الولادة.

فالمقصود بالآية الكريمة بيان أن قدرة الله- تعالى- لا يعجزها شيء، وأن ما تعجبوا منه، الله- تعالى- قادر على أن يأتى بما هو أعجب منه.

قال صاحب الكشاف: قوله وَلَوْ نَشاءُ لقدرتنا على خلق عجائب الأمور، وبدائع الفطر، لَجَعَلْنا مِنْكُمْ أى: لولدنا منكم يا رجال مَلائِكَةً يخلفونكم في الأرض، كما يخلفكم أولادكم، كما ولدنا عيسى من أنثى من غير فحل، لتعرفوا تميزنا بالقدرة الباهرة، ولتعلموا أن الملائكة أجسام.. وذات الله- تعالى- متعالية عن ذلك .

وقوله : ( ولو نشاء لجعلنا منكم ) أي : بدلكم ( ملائكة في الأرض يخلفون ) ، قال السدي : يخلفونك فيها . وقال ابن عباس ، وقتادة : يخلف بعضهم بعضا ، كما يخلف بعضكم بعضا . وهذا القول يستلزم الأول . وقال مجاهد : يعمرون الأرض بدلكم .

قوله: ( وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ) يقول تعالى ذكره: ولو نشاء معشر بني آدم أهلكناكم, فأفنينا جميعكم, وجعلنا بدلا منكم في الأرض ملائكة يخلفونكم فيها يعبدونني وذلك نحو قوله تعالى ذكره: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا وكما قال: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, غير أن منهم من قال: معناه: يخلف بعضهم بعضا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ) يقول: يخلف بعضهم بعضا.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ) قال: يعمرون الأرض بدلا منكم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ( مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ) قال: يخلف بعضهم بعضا, مكان بني آدم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ) لو شاء الله لجعل في الأرض ملائكة يخلف بعضهم بعضا.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ) قال: خلفا منكم.

التدبر :

لمسة
[60] ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ﴾ (مِنكُم) يصح أن تكون: 1. بدلية، أي لو نشاء إهلاككم لفعلنا، وجعلنا بدلًا منكم ملائكة يعبدوننا. 2. أو للتبعيض، أي لو نشاء لجعلنا منكم ملائكة، بطريق التوليد من غير واسطة نساء، فمقصود الآية أن قدرة الله لا يعجزها شيء، وأن ما تعجبوا منه، فالله قادر على الإتيان بما هو أعجب منه.
وقفة
[60] ﴿وَلَو نَشاءُ لَجَعَلنا مِنكُم مَلائِكَةً فِي الأَرضِ يَخلُفونَ﴾ هى فقط: كُن فيكون.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَوْ نَشاءُ:
  • الواو: استئنافية. لو: حرف شرط‍ غير جازم-حرف امتناع لامتناع-نشاء: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.
  • ﴿ لَجَعَلْنا:
  • الجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. اللام واقعة في جواب «لو» جعل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا.و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل
  • ﴿ مِنْكُمْ:
  • جار ومجرور مقامه مقام المفعول الثاني لجعلنا والميم علامة جمع الذكور بمعنى «بدلكم».
  • ﴿ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. في الأرض: جار ومجرور متعلق بيخلفون.
  • ﴿ يَخْلُفُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب صفة-نعت-لملائكة. ويجوز أن يكون الجار والمجرور فِي الْأَرْضِ» متعلقا بصفة محذوفة من ملائكة وجملة «يخلفون» صفة ثانية أو تكون في محل نصب حالا من «ملائكة» بعد اكتسابها المعرفة عند وصفها. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف مفعولها اختصارا لأنه معلوم من سياق القول. أي يخلفونكم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [60] لما قبلها :     ولَمَّا أبطلَ اللهُ زعمَ النصارى في عيسى عليه السَّلامُ؛ أبطلَ زعمَ المشركين في أن الرسل يكونون من الملائكة، فبَيَّنَ أنهم عباد الله، جعلهم اللهُ في العالم العلوي، كما جعل بني آدم في العالم السفلي، ولو شاء سبحانه لعكس الأمر، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف