3633334353637383940414243

الإحصائيات

سورة الفرقان
ترتيب المصحف25ترتيب النزول42
التصنيفمكيّةعدد الصفحات7.30
عدد الآيات77عدد الأجزاء0.37
عدد الأحزاب0.75عدد الأرباع3.00
ترتيب الطول29تبدأ في الجزء18
تنتهي في الجزء19عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 5/14تبارك: 1/2

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (33) الى الآية رقم (39) عدد الآيات (7)

بعدَ عرضِ الشبهاتِ والردِّ عليها يُطمئنُ اللهُ رسولَه هنا على عونِه له كلَّما تحدَّوه في جَدَلٍ، ثُمَّ يَعرضُ أمثلةً لأقوامٍ أهلَكَهم لتكذيبِهم الرسلَ: قومِ موسى، وقومِ نوحٍ، وعادٍ، وثمودَ، وأصحابِ البئرِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (40) الى الآية رقم (43) عدد الآيات (4)

= وقومِ لوطٍ، وكان مشركُو مكةَ يمرُّونَ في أسفارِهم للشامِ بقريتِهم (سَدُوم) ومعَ ذلك لم يعتبرُوا، بل استهزءُوا بالنَّبي ﷺ، وسَمَّوا دعوتَه ضلالاً، واتَّبَعُوا الهوى، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الفرقان

صدق القرآن وسوء عاقبة المكذبين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • لحظات صعبة::   كل واحد منا مرت عليه لحظات صعبة، قد تجد نفسك فجأة فريسة لاتهامات الناس، وكذبهم، وافتراءاتهم، وسوء ظنونهم، وتكون الحقيقة مختلفة تمامًا عما يقولون وعما يفترون.والشعور بالظلم شعور مرير. هنا تأتي سورة الفرقان لتقول لك : لقد تعرض من هو أفضل منك بكثير إلى ما هو أسوأ من هذا بكثير، فَلِمَ تعتقد أنك استثناء؟! تأخذنا السورة إلى داخل نفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم ، إلى مواضع تلك الطعنات التي حاول كفار مكة أن يجرحوه من خلالها. فتهمس السورة: تماسك وتجلد إذن، هذا هو الرجل الذي بلغ الكمال الإنساني، ورغم ذلك فقد تعرض لأسوأ مما تعرضت له.كف عن التذمر والبكاء، حاول أن لا تكترث لما يقولون. سورة الفرقان فيها شيء من الحزن النبيل الراقي الذي كان يشعر به صلى الله عليه وسلم في المرحلة التي نزلت فيها السورة، نحن في منتصف المرحلة المكية تقريبًا، بعد هجرة الحبشة وقبل الإسراء. وكفار مكة لا يزالون على عنادهم، لا يزالون يتهمونه بشتى الاتهامات ويتعرضون له بالسخرية والانتقاص.يسخرون ويتسائلون عن أهمية ما جاء به محمد، كل شيء مما يقوله موجود في أخبار الأولين، لم يأت بجديد، محمد يجمع ما كتب من قبل، ويساعده في ذلك من له علم بما في أخبار الآخرين.كانوا يعيبون عليه بشريته، يعيبون عليه أنه يتصرف كما الناس، ويأكل كما يأكلون، ويمشي في أسواقهم. أي ظلم أن تشعر أن من يرفضك يتحجج بكونك إنسان ليرفضك، ماذا أفعل مثلًا؟ ماذا تقترحون؟ يقترحون أن يكون معه مَلَكَ، أو يدله ربُه على كنز يغنيه عن العمل تمامًا، أو أن يجعل له جنة بحيث يأكل منها متى ما أراد، بدلًا من السعي للرزق. ولا يعني هذا أن كل انتقاد يوجه لنا يدل على أننا على صواب، فبعض ما يوجه لنا من انتقادات تكون صحيحة تمامًا، ويكون ما نفعله هو الخطأ، ليس الانتقاد دليلًا للخطأ ولا للصواب، ولا التصفيق دليلًا على أي منهما أيضًا.
  • • محاور سورة الفرقان::   سورة الفرقان تتحدث عن صدق القرآن وسوء عاقبة من يكذب بالله ورسوله وكتابه، عبر 3 محاور: 1- أنواع التكذيب التي لقيها النبي صلى الله عليه وسلم. 2- التحذير من سوء عاقبة التكذيب. 3- تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فتسير السورة على نفس المنوال: بيان أنواع تكذيب المشركين، ثم ذكر عاقبته، ثم طمأنة النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيته.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة الفرقان».
  • • معنى الاسم ::   الفرقان: اسم من أسماء القرآن الكريم، سمى بذلك؛ لأنه يفرق أي يفصل بين الحق والباطل، يفصل بين الحلال والحرام.
  • • سبب التسمية ::   لوقوع لفظ الفرقان في أولها (وقد وقع في غيرها).
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   صدق القرآن وسوء عاقبة المكذبين.
  • • علمتني السورة ::   القرآن فرقان بين الحق والباطل.
  • • علمتني السورة ::   أن الله أنزل القرآن الكريم نذيرًا لنا، فلنعمل بما جاء به: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الغنى فتنة للفقير، والفقير فتنة للغني، وهكذا سائر أصناف الخلق في هذه الدار، دار الفتن والابتلاء والاختبار: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الفرقان من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • أكثر سورة تكرر فيها لفظ (تبارك)؛ حيث تكرر 3 مرات، في الآيات (1، 10، 61)، وقد تكرر هذا اللفظ في القرآن كله 9 مرات، ومعنى (تبارك) أي: تعاظم وكملت أوصافه وكثرت خيراته.
    • احتوت سورة الفرقان على السجدة الثامنة من سجدات التلاوة -بحسب ترتيب المصحف-، وجاءت في الآية (60).
    • احتوت سورة الفرقان على 14 آية تعتبر من الآيات الجوامع؛ حيث جمعت أوصاف عباد الرحمن (63-76).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نفرق بين الحق والباطل، وبين أهل الحق وأهل الباطل.
    • أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئًا: ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾ (2).
    • أن نصبر على الأذى في الدعوةِ إلى اللهِ، فإنَّه صلى الله عليه وسلم سَمِعَ من أذى القومِ الشيءَ الكثيرَ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا﴾ (4).
    • أن نحذر أن نكونَ سببًا في ضلالِ أحَدٍ: ﴿أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي ...﴾ (17).
    • أن نبتعد عن محبطات العمل من شرك ورياء، أو منٍّ وأذى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا﴾ (23).
    • أن نحذر اتباع طرق الشيطان ونستعيذ بالله منه؛ فإنه سيخذل أتباعه يوم القيامة: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ... وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا﴾ (27-29).
    • أن يكون لنا وردًا من القرآن في اليوم، وأن نتبع أوامره، ونجتنب نواهيه: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ (30).
    • أن نحذر اتباع الهوى؛ فإنه يضل عن سبيل الله: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾ (43).
    • أن نقتدي بالنبي ﷺ، وندعو العصاة إلى الله، ونبدأ بالبشارة قبل النذارة: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ (56).
    • أن نقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغ الرسالة بدون أجر: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ (57).
    • أن نحرص على أن نكون من عباد الرحمن الذين من صفاتهم: لا يتكبرون، ويقابلون السيئة بالحسنة: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ (63).
    • أن نحافظ على قيام الليل: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ (64).
    • أن نحرص أن يكون إنفاقنا على أنفسنا أو أهلنا بدون إسراف ولا تقصير: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾ (67).
    • أن نتأمل في عظيم رحمة الله تعالى وفضله؛ حيث يبدل سيئات عبده التائب إلى حسنات: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ (70).
    • ألا ننسى الدعاء ﻷولادنا بالصلاح والهداية؛ فهم ثمرة الفؤاد وأحق الناس بالبر والإحسان: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ (74).

تمرين حفظ الصفحة : 363

363

مدارسة الآية : [33] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ ..

التفسير :

[33] ولا يأتيك -أيها الرسول- المشركون بحجة أو شبهة إلا جئناك بالجواب الحق وبأحسن بيان له.

ولهذا قال:{ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ} يعارضون به الحق ويدفعون به رسالتك،{ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} أي:أنزلنا عليك قرآنا جامعا للحق في معانيه والوضوح والبيان التام في ألفاظه، فمعانيه كلها حق وصدق لا يشوبها باطل ولا شبهة بوجه من الوجوه، وألفاظه وحدوده للأشياء أوضح ألفاظا وأحسن تفسيرا مبين للمعاني بيانا كاملا.

وفي هذه الآية دليل على أنه ينبغي للمتكلم في العلم من محدث ومعلم، وواعظ أن يقتدي بربه في تدبيره حال رسوله، كذلك العالم يدبر أمر الخلق فكلما حدث موجب أو حصل موسم، أتى بما يناسب ذلك من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والمواعظ الموافقة لذلك.

وفيه رد على المتكلفين من الجهمية ونحوهم ممن يرى أن كثيرا من نصوص القرآن محمولة على غير ظاهرها ولها معان غير ما يفهم منها، فإذا -على قولهم- لا يكون القرآن أحسن تفسيرا من غيره، وإنما التفسير الأحسن -على زعمهم- تفسيرهم الذي حرفوا له المعاني تحريفا.

وقوله- سبحانه-: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً أى: سر أيها الرسول الكريم في طريقك، وبلغ ما أنزلناه إليك، ولا تلتفت إلى مقترحات المشركين وأباطيلهم، فإنهم لا يأتونك بمثل، أى: بكلام عجيب هو مثل في التهافت والفساد للطعن في نبوتك «إلا جئناك» في مقابلته بالجواب «الحق» الثابت الصادق الذي يزهق باطلهم، وبما هو أحسن تفسيرا وبيانا من مثلهم وشبهاتهم.

والاستثناء مفرغ من عموم الأحوال. أى: ولا يأتونك في حال من الأحوال بمثل للطعن في نبوتك، إلا جئناك وسلحناك بما يزهق أمثالهم وشبههم، فسر في طريقك- أيها الرسول الكريم- فإنك على الحق المبين.

فأنت ترى أن هذه الآيات الكريمة من أعظم الآيات لتشجيع النبي صلّى الله عليه وسلّم على تبليغ دعوته، بدون اكتراث بما يثيره المشركون حوله من شبهات.

( ولا يأتونك بمثل ) أي : بحجة وشبهة ( إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ) أي : ولا يقولون قولا يعارضون به الحق ، إلا أجبناهم بما هو الحق في نفس الأمر ، وأبين وأوضح وأفصح من مقالتهم .

قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( ولا يأتونك بمثل ) أي : بما يلتمسون به عيب القرآن والرسول ( إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ) أي : إلا نزل جبريل من الله بجوابهم .

ثم في هذا اعتناء كبير; لشرف الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، حيث كان يأتيه الوحي من الله بالقرآن صباحا ومساء ، ليلا ونهارا ، سفرا وحضرا ، فكل مرة كان يأتيه الملك بالقرآن كإنزال كتاب مما قبله من الكتب المتقدمة ، فهذا المقام أعلى وأجل ، وأعظم مكانة من سائر إخوانه من الأنبياء ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . فالقرآن أشرف كتاب أنزله الله ، ومحمد ، صلوات الله وسلامه عليه ، أعظم نبي أرسله الله وقد جمع الله تعالى للقرآن الصفتين معا ، ففي الملأ الأعلى أنزل جملة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا ثم نزل بعد ذلك إلى الأرض منجما بحسب الوقائع والحوادث .

قال أبو عبد الرحمن النسائي : أخبرنا أحمد بن سليمان ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : أنزل القرآن جملة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة ، قال : ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ) ، وقوله ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ) [ الإسراء : 106 ] .

يقول تعالى ذكره: ولا يأتيك يا محمد هؤلاء المشركون بمثل يضربونه إلا جئناك من الحق, بما نبطل به ما جاءوا به, وأحسن منه تفسيرًا.

كما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج: ( وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ ) قال: الكتاب بما تردّ به ما جاءوا به من الأمثال التي جاءوا بها وأحسن تفسيرا.

وعنى بقوله ( وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ) وأحسن مما جاءوا به من المثل بيانا وتفصيلا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن ابن عباس قوله: وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ) يقول: أحسن تفصيلا.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا قال: بيانا.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا يقول: تفصيلا.

التدبر :

وقفة
[33] ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ في هذه الآية دليل على أنه ينبغي للمتكلم في العلم من مُحَدِّث ومعلم وواعظ أن يقتدي بربه في تدبيره حال رسوله؛ كذلك العالم يدبر أمر الخلق، فكلما حدث موجب، أو حصل موسم، أتى بما يناسب ذلك من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والمواعظ الموافقة لذلك.
عمل
[33] ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ على الداعية أن يراعي ظروف البيئة التي يخاطبها وأحوالها؛ فيأتيهم بما يناسب أحوالهم ومقاماتهم.
وقفة
[33] ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ لا يأتي أهل الباطل بطعن أو شبهة في الدين إلا كان في القرآن (الحق) الذي يزهق باطلهم، وبما هو أحسن تفسيرًا وبيانًا من أمثالهم وشبهاتهم.
وقفة
[33] ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ قال ابن تيمية: «عامة ما يأتي به حذاق النظار من الأدلة العقلية يأتي القرآن بخلاصتها، وبما هو أحسن منها».
وقفة
[33] ﴿إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ أنزلنا عليك قرآنًا جامعًا للحق في معانيه والوضوح والبيان التام في ألفاظه، فمعانيه كلها حق وصدق لا يشوبها باطل.

الإعراب :

  • ﴿ وَلا يَأْتُونَكَ:
  • الواو استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. يأتونك: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ بِمَثَلٍ:
  • جار ومجرور متعلق بلا يأتونك. اي فلا يجيئك هؤلاء الكفار بسؤال عجيب من سؤالاتهم الباطلة.
  • ﴿ إِلاّ جِئْناكَ:
  • إلا: حرف تحقيق بعد النفي لا عمل له. جئناك: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. اي إلا رددنا عليهم او الا أتيناك نحن.
  • ﴿ بِالْحَقِّ:
  • جار ومجرور متعلق بجئناك. اي بالجواب الحق الذي يدمغ بطلانهم.
  • ﴿ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً:
  • معطوفة بالواو على «الحق» مجرورة مثلها وعلامة جرها الفتحة بدلا من الكسرة لانها على وزن-أفعل-صيغة تفضيل وبوزن الفعل لذلك منعت من الصرف-التنوين-وجرت بالفتحة بدلا من الكسرة.تفسيرا: تمييز منصوب بالفتحة. أي وبما هو أحسن معنى وبيانا ومؤدى من سؤالهم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     وبعدَ عرضِ الشبهاتِ والردِّ عليها؛ يُطمئنُ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم هنا على عونِه له كلَّما تحدَّوه في جَدَلٍ؛ تشجيعًا له صلى الله عليه وسلم على تبليغ دعوته، بدون اكتراث بما يثيره المشركون حوله من شبهات، قال تعالى:
﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [34] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى ..

التفسير :

[34] أولئك الكفار هم الذين يُسحبون على وجوههم إلى جهنم، وأولئك هم شر الناس منزلة، وأبعدهم طريقاً عن الحق.

يخبر تعالى عن حال المشركين الذين كذبوا رسوله وسوء مآلهم، وأنهم{ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ} أشنع مرأى، وأفظع منظر تسحبهم ملائكة العذاب ويجرونهم{ إِلَى جَهَنَّمَ} الجامعة لكل عذاب وعقوبة.{ أُولَئِكَ} الذين بهذه الحالة{ شَرٌّ مَكَانًا} ممن آمن بالله وصدق رسله،{ وَأَضَلُّ سَبِيلًا} وهذا من باب استعمال أفضل التفضيل فيما ليس في الطرف الآخر منه شيء فإن المؤمنين حسن مكانهم ومستقرهم، واهتدوا في الدنيا إلى الصراط المستقيم وفي الآخرة إلى الوصول إلى جنات النعيم.

ثم بين- سبحانه- سوء مصيرهم بسبب أقوالهم الباطلة، وأفعالهم القبيحة، فقال - تعالى-: الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أى: يحشرون ماشين على وجوههم أو يسحبون عليها إلى جهنم، بسبب كفرهم وعنادهم.

أُوْلئِكَ الذين نفعل بهم ذلك شَرٌّ مَكاناً اى: منزلا ومكانا ومصيرا لهم هو جهنم وأولئك- أيضا- هم أضل الناس طريقا عن طريق الحق والرشاد، ولذا كانت طريقهم لا توصلهم إلا إلى النار وبئس القرار.

قال الإمام ابن كثير: وفي الصحيح عن أنس: أن رجلا سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال:

يا رسول الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال: إن الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة .

ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن أحوال الأقوام السابقين الذين كذبوا أنبياءهم، فكانت عاقبتهم الإهلاك والتدمير فقال- تعالى-:

ثم قال تعالى مخبرا عن سوء حال الكفار في معادهم يوم القيامة وحشرهم إلى جهنم ، في أسوأ الحالات وأقبح الصفات : ( الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا ) ، وفي الصحيح ، عن أنس : أن رجلا قال : يا رسول الله ، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال : " إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة " وهكذا قال مجاهد ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد من المفسرين ، [ والله أعلم ] .

وقوله: ( الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شرٌّ مَكَانًا يقول تعالى ذكره لنبيه: هؤلاء المشركون يا محمد, القائلون لك لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ومن كان على مثل الذي هم عليه من الكفر بالله, الذين يحشرون يوم القيامة على وجوههم إلى جهنم, فيساقون إلى جهنم شرّ مستقرّا في الدنيا والآخرة من أهل الجنة في الجنة, وأضل منهم في الدنيا طريقا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ ) قال: الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم ( أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا ) من أهل الجنة (وَأَضَلُّ سَبِيلا) قال: طريقا.

حدثني محمد بن يحيى الأزدي, قال: ثنا الحسين بن محمد, قال: ثنا شيبان, عن قتادة, قوله: ( الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ ) قال: حدثنا أنس بن مالك أن رجلا قال: يا رسول الله، كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال: " الَّذِي أَمْشَاهُ عَلى رِجْلَيْهِ قادرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ".

حدثنا أبو سفيان الغنوي يزيد بن عمرو, قال: ثنا خلاد بن يحيى الكوفي, قال: ثنا سفيان الثوري, عن إسماعيل بن أبي خالد, قال: أخبرني من سمع أنس بن مالك يقول: جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: كيف يحشرهم على وجوههم؟ قال: " الَّذِي يَحْشُرُهُمْ عَلى أرْجُلِهِمْ قادِرٌ بأنْ يَحْشُرُهُمْ عَلى وُجُوههمْ".

حدثنا عبيد بن محمد الورّاق, قال: ثنا يزيد بن هارون, قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي داود, عن أنس بن مالك, قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يُحشر أهل النار على وجوههم؟ فقال: إنَّ الَّذِي أمْشاهُمْ عَلى أقْدامِهِمْ قَادِرٌ عَلى أنْ يُمْشِيَهُمْ عَلى وُجُوهِهِمْ".

حدثني أحمد بن المقدام قال: ثنا حزم, قال: سمعت الحسن يقول: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ( الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ ) فقالوا: يا نبي الله، كيف يمشون على وجوههم؟ " قال : أرأيْتَ الَّذِي أمْشاهُمْ عَلى أقْدَامِهِمْ ألَيْس قَادِرًا أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلى وُجُوهِهم ".

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا منصور بن زاذان, عن علي بن زيد بن جدعان, عن أبي خالد, عن أبي هريرة, قال: " يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف: صنف على الدوابّ, وصنف على أقدامهم, وصنف على وجوههم, فقيل: كيف يمشون على وجوههم؟ قال: إن الذي أمشاهم على أقدامهم, قادر أن يمشيهم على وجوههم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[34] ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ﴾ عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ t: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: «يَا نَبِيَّ اللَّهِ، يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» قَالَ: «أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟!» قَالَ قَتَادَةُ: «بَلَى، وَعِزَّةِ رَبِّنَا». [البخاري 4760].
وقفة
[34] ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ﴾ يُسحَبُون على وجوهِهم إلى جهنَّم إذلالًا وهوانًا، تخيل هذا المنظر.
وقفة
[34] ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ﴾ أي يجمعون قهرًا ماشين مقلوبين ﴿عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ﴾ أو مسحوبين ﴿إِلَىٰ جَهَنَّمَ﴾، كما أنهم في الدنيا كانوا يعملون ما كأنهم معه لا يبصرون، ولا تصرف لهم في أنفسهم، تؤزهم الشياطين أزًّا؛ فإن الآخرة مرآة الدنيا، مهما عمل هنا رئي هناك، كما أن الدنيا مزرعة الآخرة، مهما عمل فيها جنيت ثمرته هناك.
تفاعل
[34] ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
تفاعل
[34] قل: «اللهم أحسن عاقبتي في الأمور كلها، وأجرني من خزي الدنيا وعذاب الآخرة», ﴿ٱلَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾.
وقفة
[34] وردت جملة ﴿شَرٌّ مَكانًا﴾ أربعة مرات فى كتاب الله، والمتأمل لتلك المواضع وجب عليه الاستعاذة من تلك الأفعال الموجبة لدخول شر الأماكن.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.يحشرون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. وجملة يُحْشَرُونَ» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ عَلى وُجُوهِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بمعنى: الذين يجمعون يوم الحساب منكفئين على وجوههم. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِلى جَهَنَّمَ:
  • الى: حرف جر. جهنم: اسم مجرور بالى وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لانه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. والجار والمجرور تعلق بيحشرون.
  • ﴿ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً:
  • الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الَّذِينَ».اولئك: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. شر: خبر أُوْلئِكَ» مرفوع بالضمة واصلها «اشر» صيغة-أفعل- حذفت الفها لانها أفصح من دون الف مثلها مثل «خير» واصلها «أخير» ونونت بعد حذف الفها. مكانا: تمييز منصوب بالفتحة بمعنى: اولئك المحشورون اسوأ مقاما ومستقرا.
  • ﴿ وَأَضَلُّ سَبِيلاً:
  • معطوفة بالواو على شَرٌّ مَكاناً» وتعرب اعرابها. اي واضل طريقا ولم تنون أَضَلُّ» لأنها ممنوعة من الصرف-التنوين-على وزن -أفعل-وبوزن الفعل.'

المتشابهات :

المائدة: 60﴿وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ
يوسف: 77﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ
مريم: 75﴿حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا
الفرقان: 34﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُولَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     وبعد ذكرِ شبهاتِ المشركين، والردِّ عليها؛ بَيَّنَ اللهُ هنا سوءَ مصيرهم بسبب أقوالهم الباطلة، وأفعالهم القبيحة، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [35] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا ..

التفسير :

[35] ولقد آتينا موسى التوراة، وجعلنا معه أخاه هارون معيناً له،

تفسير الايات من 35 الى 40

أشار تعالى إلى هذه القصص وقد بسطها في آيات أخر ليحذر المخاطبين من استمرارهم على تكذيب رسولهم فيصيبهم ما أصاب هؤلاء الأمم الذين قريبا منهم ويعرفون قصصهم بما استفاض واشتهر عنهم.

ومنهم من يرون آثارهم عيانا كقوم صالح في الحجر وكالقرية التي أمطرت مطر السوء بحجارة من سجيل يمرون عليهم مصبحين وبالليل في أسفارهم، فإن أولئك الأمم ليسوا شرا منهم ورسلهم ليسوا خيرا من رسول هؤلاء{ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} ولكن الذي منع هؤلاء من الإيمان -مع ما شاهدوا من الآيات- أنهم كانوا لا يرجون بعثا ولا نشورا، فلا يرجون لقاء ربهم ولا يخشون نكاله فلذلك استمروا على عنادهم، وإلا فقد جاءهم من الآيات ما لا يبقي معه شك ولا شبهة ولا إشكال ولا ارتياب.

وقوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ ... كلام مستأنف لزيادة تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولترهيب المشركين وحضهم على الاتعاظ والاعتبار واتباع الرسول صلى الله عليه وسلّم حتى لا يعرضوا أنفسهم للهلاك والدمار الذي نزل بأمثالهم من السابقين.

أى: وبالله لقد آتينا موسى- عليه السلام- «الكتاب» أى: التوراة لتكون هداية لقومه وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً. أى: وجعلنا معه- بفضلنا وحكمتنا- أخاه هارون لكي يكون عونا له وعضدا في تبليغ ما أمرناه بتبليغه.

يقول تعالى متوعدا من كذب رسوله محمدا ، صلوات الله وسلامه عليه ، من مشركي قومه ومن خالفه ، ومحذرهم من عقابه وأليم عذابه ، مما أحله بالأمم الماضية المكذبين لرسله ، فبدأ بذكر موسى ، عليه السلام ، وأنه ابتعثه وجعل معه أخاه هارون وزيرا ، أي : نبيا موازرا ومؤيدا وناصرا ، فكذبهما فرعون وجنوده ،

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم يتوعد مشركي قومه على كفرهم بالله, وتكذيبهم رسوله ويخوّفهم من حلول نقمته بهم, نظير الذي يحلّ بمن كان قبلهم من الأمم المكذّبة رسلها ( وَلَقَدْ آتَيْنَا ) يا محمد ( مُوسَى الْكِتَابَ ) يعني التوراة, كالذي آتيناك من الفرقان وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا يعني معينا وظهيرا.

التدبر :

وقفة
[35] ﴿وَلَقَد آتَينا موسَى الكِتابَ وَجَعَلنا مَعَهُ أَخاهُ هارونَ وَزيرًا﴾ الرزق الطيب كله من الله سواء الإتيان بالكتاب لموسى عليه السلام، أو الأخ الصالح معه وزيرًا.
وقفة
[35] ﴿وَلَقَد آتَينا موسَى الكِتابَ وَجَعَلنا مَعَهُ أَخاهُ هارونَ وَزيرًا﴾ من عظيم نعم الله على الإنسان أن يكون مستشاره أخًا صالحًا.
وقفة
[35] ﴿آتينا موسى الكتاب﴾ إذا أراد الله بعبد كرامة: آتاه الكتاب إنزالًا، أو حفظًا، أو فهمًا، أو تدبرًا، أو عملًا، أو تلاوةً.
عمل
[35] ﴿وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا﴾ ساعد أحد الدُّعاة في دعوتِه.
وقفة
[35] ﴿وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا﴾ لابد مع هداية الكتاب من إعانة الأصحاب.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنا:
  • الواو استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. آتي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. اي اعطينا.
  • ﴿ مُوسَى الْكِتابَ:
  • مفعولا آتَيْنا» منصوبان بالفتحة. وقدرت على الالف المقصورة من اسم مُوسَى» للتعذر ولم ينون الاسم لانه ممنوع من الصرف للعجمة والعلمية. والكتاب: اي التوراة.
  • ﴿ وَجَعَلْنا مَعَهُ:
  • معطوفة بالواو على آتَيْنا» وتعرب اعرابها. مع: ظرف مكان منصوب متعلق بجعلنا وهو اسم بدليل حركة آخره مع تحرك ما قبله يستعمل مضافا فيكون ظرفا يدل على الاجتماع والمصاحبة. والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً:
  • مفعول به اول منصوب وعلامة نصبه الالف لانه من الاسماء الخمسة وهو مضاف والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل جر بالاضافة. هارون: بدل من-اخاه-منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لانه ممنوع من الصرف-التنوين-للعجمة والعلمية. وزيرا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. اي معينا او مؤازرا.'

المتشابهات :

الفرقان: 22﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا
الفرقان: 53﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَ حِجْرًا مَّحْجُورًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     وبعد الحديث عن المشركين المكذبين للنبي صلى الله عليه وسلم؛ ذكرَ اللهُ هنا قصصَ بعض الأنبياء مع أممهم الذين كذَّبوهم؛ لزيادة تسلية النبي صلى الله عليه وسلم، ولترهيب المشركين وحضهم على الاتعاظ والاعتبار: القصة الأولى: قصة موسى عليه السلام مع فرعون وقومه، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [36] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ ..

التفسير :

[36]فقلنا لهما:اذهبا إلى فرعون وقومه الذين كذَّبوا بدلائل ربوبيتنا وألوهيتنا، فذهبا إليهم، فدَعَواهم إلى الإيمان بالله وطاعته وعدم الإشراك به، فكذَّبوهما، فأهلكناهم إهلاكاً عظيماً.

تفسير الايات من 35 الى 40

أشار تعالى إلى هذه القصص وقد بسطها في آيات أخر ليحذر المخاطبين من استمرارهم على تكذيب رسولهم فيصيبهم ما أصاب هؤلاء الأمم الذين قريبا منهم ويعرفون قصصهم بما استفاض واشتهر عنهم.

ومنهم من يرون آثارهم عيانا كقوم صالح في الحجر وكالقرية التي أمطرت مطر السوء بحجارة من سجيل يمرون عليهم مصبحين وبالليل في أسفارهم، فإن أولئك الأمم ليسوا شرا منهم ورسلهم ليسوا خيرا من رسول هؤلاء{ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} ولكن الذي منع هؤلاء من الإيمان -مع ما شاهدوا من الآيات- أنهم كانوا لا يرجون بعثا ولا نشورا، فلا يرجون لقاء ربهم ولا يخشون نكاله فلذلك استمروا على عنادهم، وإلا فقد جاءهم من الآيات ما لا يبقي معه شك ولا شبهة ولا إشكال ولا ارتياب.

فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً والتدمير: أشد الإهلاك.

وأصله كسر الشيء على وجه لا يمكن إصلاحه، وفي الكلام حذف يعرف من السياق.

والمعنى: فقلنا لهما اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا، وهم فرعون وقومه، فذهبا إليهم ودعواهم إلى الإيمان، فأعرضوا عنهما وكذبوهما، وتمادوا في طغيانهم، فكانت عاقبة ذلك أن دمرناهم تدميرا عجيبا، بأن أغرقهم الله جميعا، أمام موسى ومن معه.

فقوله- تعالى- فَدَمَّرْناهُمْ ... معطوف على مقدر، أى: فذهبا إليهم فكذبوهما فدمرناهم تدميرا.

ف ( دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها ) [ محمد : 10 ] . ، وكذلك فعل بقوم نوح حين كذبوا رسوله نوحا ، عليه السلام ، ومن كذب برسول فقد كذب بجميع الرسل ; إذ لا فرق بين رسول ورسول ، ولو فرض أن الله بعث إليهم كل رسول فإنهم كانوا يكذبونه;

( فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ) يقول: فقلنا لهما: اذهبا إلى فرعون وقومه الذين كذبوا بإعلامنا وأدلتنا, فدمرناهم تدميرا. وفي الكلام متروك استغني بدلالة ما ذكر من ذكره وهو: فذهبا فكذبوهما فدمرناهم حينئذ.

التدبر :

وقفة
[36] ﴿فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا﴾ الكفر بالله والتكذيب بآياته سبب إهلاك الأمم.
تفاعل
[36] ﴿فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.

الإعراب :

  • ﴿ فَقُلْنَا:
  • الفاء عاطفة. قل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ اذْهَبا:
  • فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة.والالف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على السكون في محل رفع فاعل. بمعنى: فأمرناهما بالذهاب.
  • ﴿ إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ:
  • جار ومجرور متعلق باذهبا. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة-نعت-للقوم.
  • ﴿ كَذَّبُوا بِآياتِنا:
  • الجملة صلة الموصول لا محل لها. كذبوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. بآيات: جار ومجرور متعلق بكذبوا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. بمعنى: امرناهما بدعوة فرعون وقومه الى الايمان لكنهم بدلا من ذلك كذبوهما. وفي القول الكريم حذف من باب اختصار القصة. اي فلما ذهبا اليهم كذبوهما.
  • ﴿ فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً:
  • الفاء سببية. اي كذبوهما فدمرناهم. اي فأهلكناهم.دمر: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. تدميرا: مفعول مطلق-مصدر-منصوب بالفتحة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ أنه جعلَ هارون عليه السلام معينًا لموسى عليه السلام على أداء الرسالة؛ أمرهما هنا أن يذهبا إلى فرعون وقومه، ولَمَّا ذهبا إليهم كذبوهما، فأهلكهم اللهُ، قال تعالى:
﴿ فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فدمرناهم:
وقرئ:
فدمراهم، على الأمر لموسى وهارون، وهى قراءة على، والحسن، ومسلمة بن محارب.

مدارسة الآية : [37] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ ..

التفسير :

[37] وأغرقنا قوم نوح بالطوفان حين كذَّبوه. ومَن كذَّب رسولاً فقد كذَّب الرسل جميعاً. وجعلنا إغراقهم للناس عبرة، وجعلنا لهم ولمن سلك سبيلهم في التكذيب يوم القيامة عذاباً موجعاً.

تفسير الايات من 35 الى 40

أشار تعالى إلى هذه القصص وقد بسطها في آيات أخر ليحذر المخاطبين من استمرارهم على تكذيب رسولهم فيصيبهم ما أصاب هؤلاء الأمم الذين قريبا منهم ويعرفون قصصهم بما استفاض واشتهر عنهم.

ومنهم من يرون آثارهم عيانا كقوم صالح في الحجر وكالقرية التي أمطرت مطر السوء بحجارة من سجيل يمرون عليهم مصبحين وبالليل في أسفارهم، فإن أولئك الأمم ليسوا شرا منهم ورسلهم ليسوا خيرا من رسول هؤلاء{ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} ولكن الذي منع هؤلاء من الإيمان -مع ما شاهدوا من الآيات- أنهم كانوا لا يرجون بعثا ولا نشورا، فلا يرجون لقاء ربهم ولا يخشون نكاله فلذلك استمروا على عنادهم، وإلا فقد جاءهم من الآيات ما لا يبقي معه شك ولا شبهة ولا إشكال ولا ارتياب.

ثم حكى- سبحانه- ما جرى لقوم نوح فقال: وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ....

والمراد بالرسل: نوح ومن قبله، أو نوح وحده، وعبر عنه بالرسل، لأن تكذيبهم له يعتبر تكذيبا لجميع الرسل، لأن رسالتهم واحدة في أصولها.

وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً أى: بعد أن أغرقناهم بسبب كفرهم، جعلنا إغراقهم أو قصتهم عبرة وعظة للناس الذين يعتبرون ويتعظون.

والتعبير ب «آية» بصيغة التنكير، يشير إلى عظم هذه الآية وشهرتها، ولا شك أن الطوفان الذي أغرق الله- تعالى- به قوم نوح من الآيات التي لا تنسى.

وقوله- سبحانه-: وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً بيان لسوء مصير كل ظالم يضع الأمور في غير مواضعها.

أى: وهيأنا وأعددنا للظالمين عذابا أليما موجعا، بسبب ظلمهم وكفرهم، وعلى رأس هؤلاء الظالمين قوم نوح، الذين كفروا به وسخروا منه..

ولهذا قال : ( وقوم نوح لما كذبوا الرسل ) ، ولم يبعث إليهم إلا نوح فقط ، وقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ، يدعوهم إلى الله ، ويحذرهم نقمه ، فما آمن معه إلا قليل . ولهذا أغرقهم الله جميعا ، ولم يبق منهم أحد ، ولم يبق على وجه الأرض من بني آدم سوى أصحاب السفينة فقط .

( وجعلناهم للناس آية ) أي : عبرة يعتبرون بها ، كما قال تعالى : ( إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية ) [ الحاقة : 11 : 12 ] . أي : وأبقينا لكم من السفن ما تركبون في لجج البحار ، لتذكروا نعمة الله عليكم في إنجائكم من الغرق ، وجعلكم من ذرية من آمن به وصدق أمره .

يقول تعالى ذكره: وقوم نوح لما كذبوا رسلنا, وردّوا عليهم ما جاءوهم به من الحقّ, أغرقناهم بالطوفان ( وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً ) يقول: وجعلنا تغريقنا إياهم وإهلاكنا عظة وعبرة للناس يعتبرون بها( وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ) يقول: وأعددنا لهم من الكافرين بالله في الآخرة عذابا أليما, سوى الذي حلّ بهم من عاجل العذاب في الدنيا.

التدبر :

وقفة
[37] ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً﴾ وقوله: (الرسل) وهم إنما كذبوا نوحًا فقط معناه: أن الأمة التي تكذب نبيًّا واحدًا، ففي ضمن ذلك تكذيب جميع الأنبياء، فجاءت العبارة بما يتضمنه فعلهم؛ تغليظًا في القول عليهم.
وقفة
[37] إن قوم نوح لم يرسل لهم إلا نوح عليه السلام، حيث لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، فلِمَ نسب إليهم تكذيب الرسل بصيغة الجمع، حيث قال تعالى: ﴿لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ﴾؟ جعل الله قوم نوح مكذبين للرسل، مع أنهم كذبوا رسولًا واحدًا، لأنهم أول من كذب رسولًا، فكانوا قدوة للمكذبين من بعدهم، فنزلوا منزلة المكذبين للرسل جميعًا، وأمر آخر أنهم استندوا في تكذيبهم رسولهم إلى إحالة أن يرسل الله بشرًا فقالوا: ﴿مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ [المؤمنين: 24]، فكان تكذيبهم مستلزمًا تكذيب الرسل عمومًا.
تفاعل
[37] ﴿أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
لمسة
[37] ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً﴾ التعبير بـ (آيَةً) بصيغة التنكير، يشير الى عظم هذه الآية وشهرتها، ولا شك أن الطوفان الذي أغرق الله به قوم نوح من الآيات المشهورة المتواترة التي تعرفها كل الأمم.

الإعراب :

  • ﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ:
  • الواو عاطفة. قوم: معطوفة على ضمير الغائبين المنصوب في فَدَمَّرْناهُمْ» او منصوب بفعل مضمر يفسره ما بعده. بمعنى: فدمرناهم ودمرنا قوم نوح او وأغرقنا قوم نوح. ويجوز ان يكون منصوبا بمضمر تقديره «واذكر» قوم نوح مثل. و «إذ» او «ويوم».نوح: مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة رغم عجمته ولم يمنع من الصرف لانه ثلاثي اوسطه ساكن ولخفة اللفظ‍.
  • ﴿ لَمّا كَذَّبُوا:
  • لما: اسم شرط‍ غير جازم مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب بمعنى «حين».كذبوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة كَذَّبُوا» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. اغرق: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة أَغْرَقْناهُمْ» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَجَعَلْناهُمْ لِلنّاسِ آيَةً:
  • معطوفة بالواو على أَغْرَقْناهُمْ» وتعرب اعرابها.للناس: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من آيَةً».آية: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. اي وجعلنا اغراقهم او قصتهم.
  • ﴿ وَأَعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ:
  • معطوفة بالواو على جَعَلْناهُمْ» وتعرب اعراب «اغرقنا».للظالمين: جار ومجرور متعلق باعتدنا وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد اي واعددنا لهم اي قوم نوح او للظالمين عموما.
  • ﴿ عَذاباً أَلِيماً:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. اليما: صفة-نعت-لعذابا منصوبة مثلها بالفتحة'

المتشابهات :

الفرقان: 37﴿وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً ۖ وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا
النساء: 37﴿ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا
النساء: 151﴿أُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا
النساء: 161﴿وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     القصة الثانية: قصة نوح عليه السلام وقومه، قال تعالى:
﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [38] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا ..

التفسير :

[38] وأهلكنا عاداً قوم هود، وثمود قوم صالح، وأصحاب البئر وأمماً كثيرة بين قوم نوح وعاد وثمود وأصحاب الرسِّ، لا يعلمهم إلا الله.

تفسير الايات من 35 الى 40

أشار تعالى إلى هذه القصص وقد بسطها في آيات أخر ليحذر المخاطبين من استمرارهم على تكذيب رسولهم فيصيبهم ما أصاب هؤلاء الأمم الذين قريبا منهم ويعرفون قصصهم بما استفاض واشتهر عنهم.

ومنهم من يرون آثارهم عيانا كقوم صالح في الحجر وكالقرية التي أمطرت مطر السوء بحجارة من سجيل يمرون عليهم مصبحين وبالليل في أسفارهم، فإن أولئك الأمم ليسوا شرا منهم ورسلهم ليسوا خيرا من رسول هؤلاء{ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} ولكن الذي منع هؤلاء من الإيمان -مع ما شاهدوا من الآيات- أنهم كانوا لا يرجون بعثا ولا نشورا، فلا يرجون لقاء ربهم ولا يخشون نكاله فلذلك استمروا على عنادهم، وإلا فقد جاءهم من الآيات ما لا يبقي معه شك ولا شبهة ولا إشكال ولا ارتياب.

ثم ذكر- سبحانه- بعض من جاء بعد قوم نوح فقال: وَعاداً وَثَمُودَ أى: ودمرنا وأهلكنا قوم عاد بسبب تكذيبهم لنبيهم هود- عليه السلام-، كما أهلكنا قوم ثمود بسبب تكذيبهم لنبيهم صالح- عليه السلام-.

وقوله- تعالى-: وَأَصْحابَ الرَّسِّ معطوف على ما قبله. أى: وأهلكنا أصحاب الرس. كما أهلكنا من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود.

والرس في لغة العرب: البئر التي لم تبن بالحجارة، وقيل: البئر مطلقا، ومنه قول الشاعر:

وهم سائرون إلى أرضهم ... فيا ليتهم يحفرون الرساسا

أى: فيا ليتهم يحفرون الآبار.

وللمفسرين في حقيقة أصحاب الرس أقوال: فمنهم من قال إنهم من بقايا قبيلة ثمود، بعث الله إليهم نبيا فكذبوه ورسّوه في تلك البئر أى: ألقوا به فيها، فأهلكهم الله- تعالى-.

وقيل: هم قومه كانوا يعبدون الأصنام، فأرسل الله إليهم شعيبا- عليه السلام- فكذبوه فبينما هم حول الرس- أى البئر- فانهارت بهم، وخسف الله- تعالى- بهم الأرض.

وقيل: الرس بئر بأنطاكية، قتل أهلها حبيبا النجار وألقوه فيها..

واختار ابن جرير- رحمه الله- أن أصحاب الرس هم أصحاب الأخدود، الذين ذكروا في سورة البروج.

وقد ذكر بعض المفسرين في شأنهم روايات، رأينا أن نضرب عنها صفحا لضعفها ونكارتها.

واسم الإشارة في قوله- تعالى-: وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً يعود إلى عاد وثمود وأصحاب الرس، والقرون: جمع قرن.

والمراد به هنا: الجيل من الناس الذين اقترنوا في الوجود في زمان واحد من الأزمنة.

أى: وأهلكنا قرونا كثيرة بين قوم عاد وثمود وأصحاب الرس. لأن تلك القرون سارت على شاكلة أمثالهم من الكافرين والفاسقين.

وقوله : ( وعادا وثمود ) قد تقدم الكلام على قصتيهما في غير ما سورة ، منها في سورة " الأعراف " بما أغنى عن الإعادة .

وأما أصحاب الرس فقال ابن جريج ، عن ابن عباس : هم أهل قرية من قرى ثمود .

وقال ابن جريج : قال عكرمة : أصحاب الرس بفلج وهم أصحاب يس . وقال قتادة : فلج من قرى اليمامة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم [ النبيل ] ، حدثنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم ، حدثنا شبيب بن بشر ، حدثنا عكرمة عن ابن عباس في قوله : ( وأصحاب الرس ) قال : بئر بأذربيجان .

وقال سفيان الثوري عن أبي بكير ، عن عكرمة : الرس بئر رسوا فيها نبيهم . أي : دفنوه بها .

وقال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن كعب [ القرظي ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول الناس يدخل الجنة يوم القيامة العبد الأسود ، وذلك أن الله - تعالى وتبارك - بعث نبيا إلى أهل قرية ، فلم يؤمن به من أهلها إلا ذلك العبد الأسود ، ثم إن أهل القرية عدوا على النبي ، فحفروا له بئرا فألقوه فيها ، ثم أطبقوا عليه بحجر ضخم قال : " فكان ذلك العبد يذهب فيحتطب على ظهره ، ثم يأتي بحطبه فيبيعه ، ويشتري به طعاما وشرابا ، ثم يأتي به إلى تلك البئر ، فيرفع تلك الصخرة ، ويعينه الله عليها ، فيدلي إليه طعامه وشرابه ، ثم يردها كما كانت " . قال : " فكان ذلك ما شاء الله أن يكون ، ثم إنه ذهب يوما يحتطب كما كان يصنع ، فجمع حطبه وحزم وفرغ منها فلما أراد أن يحتملها وجد سنة ، فاضطجع فنام ، فضرب الله على أذنه سبع سنين نائما ، ثم إنه هب فتمطى ، فتحول لشقه الآخر فاضطجع ، فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى ، ثم إنه هب واحتمل حزمته ولا يحسب إلا أنه نام ساعة من نهار فجاء إلى القرية فباع حزمته ، ثم اشترى طعاما وشرابا كما كان يصنع . ثم ذهب إلى الحفيرة في موضعها الذي كانت فيه ، فالتمسه فلم يجده . وكان قد بدا لقومه فيه بداء ، فاستخرجوه وآمنوا به وصدقوه " . قال : فكان نبيهم يسألهم عن ذلك الأسود : ما فعل؟ فيقولون له : لا ندري . حتى قبض الله النبي ، وأهب الأسود من نومته بعد ذلك " . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ذلك الأسود لأول من يدخل الجنة " .

وهكذا رواه ابن جرير عن ابن حميد ، عن سلمة عن ابن إسحاق ، عن محمد بن كعب مرسلا . وفيه غرابة ونكارة ، ولعل فيه إدراجا ، والله أعلم . وأما ابن جرير فقال : لا يجوز أن يحمل هؤلاء على أنهم أصحاب الرس الذين ذكروا في القرآن; لأن الله أخبر عنهم أنه أهلكهم ، وهؤلاء قد بدا لهم فآمنوا بنبيهم ، اللهم إلا أن يكون حدث لهم أحداث ، آمنوا بالنبي بعد هلاك آبائهم ، والله أعلم .

واختار ابن جرير أن المراد بأصحاب الرس هم أصحاب الأخدود ، الذين ذكروا في سورة البروج ، فالله أعلم .

وقوله : ( وقرونا بين ذلك كثيرا ) أي : وأمما بين أضعاف من ذكر أهلكناهم كثيرة; ولهذا قال :

يقول تعالى ذكره: ودمرنا أيضا عادا وثمود وأصحاب الرسّ.

واختلف أهل التأويل في أصحاب الرسّ, فقال بعضهم: أصحاب الرسّ من ثمود.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عباس: ( وَأَصْحَابَ الرَّسِّ ) قال: قرية من ثمود.

وقال آخرون: بل هي قرية من اليمامة يقال لها الفلْج (1) .

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن وهب, قال: ثنا جرير بن حازم, قال: قال قتادة: الرسّ: قرية من اليمامة يقال لها الفلج.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, قال: قال ابن جُرَيج, قال عكرمة: أصحاب الرسّ بفلج هم أصحاب يس.

وقال آخرون: هم قوم رسوا نبيهم في بئر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن أبي بكر, عن عكرمة, قال: كان الرسّ بئرا رسُّوا فيها نبيهم.

وقال آخرون: هي بئر كانت تسمى الرسّ.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( وَأَصْحَابَ الرَّسِّ ) قال: هي بئر كانت تسمى الرّسّ.

حدثني محمد بن عمارة, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسرائيل, عن أبي يحيى عن مجاهد في قوله: ( وَأَصْحَابَ الرَّسِّ ) قال: الرّسّ بئر كان عليها قوم.

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك, قول من قال: هم قوم كانوا على بئر, وذلك أن الرّسّ في كلام العرب: كلّ محفور مثل البئر والقبر ونحو ذلك; ومنه قول الشاعر:

سَـــبَقْتَ إلــى فَــرطٍ بــاهِلٍ

تنابِلَـــةٍ يَحْـــفِرُونَ الرِّساســا (2)

يريد أنهم يحفِرون المعادن, ولا أعلم قوما كانت لهم قصة بسبب حفرة, ذكرهم الله في كتابه إلا أصحاب الأخدود, فإن يكونوا هم المعنيين بقوله: وَأَصْحَابَ الرَّسِّ فإنا سنذكر خبرهم إن شاء الله إذا انتهينا إلى سورة البروج, وإن يكونوا غيرهم فلا نعرف لهم خبرا, إلا ما جاء من جملة الخبر عنهم أنهم قوم رَسوا نبيهم في حفرة.

إلا ما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن محمد بن كعب القرظي, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يَدخُلُ الجَنَّةَ يَوْمَ القِيَامَةِ الْعَبْدُ الأسْوَدُ". وذلك أن الله تبارك وتعالى بعث نبيا إلى أهل قرية فلم يؤمن مِنْ أهلها أحد إلا ذلك الأسود, ثم إن أهل القرية عدوا على النبيّ عليه السلام, فحفروا له بئرا فألقوه فيها, ثم أطبقوا عليه بحجر ضخم, قال: وكان ذلك العبد يذهب فيحتطب على ظهره, ثم يأتي بحطبه فيبيعه, فيشتري به طعاما وشرابا, ثم يأتي به إلى ذلك البئر, فيرفع تلك الصخرة, فيعينه الله عليها, فيدلي إليه طعامه وشرابه, ثم يعيدها كما كانت, قال: فكان كذلك ما شاء الله أن يكون. ثم إنه ذهب يوما يحتطب, كما كان يصنع, فجمع حطبه, وحزم حزمته وفرغ منها; فلما أراد أن يحتملها وجد سِنة, فاضطجع فنام, فضرب الله على أذنه سبع سنين نائما. ثم إنه هبّ فتمطى, فتحوّل لشقة الآخر, فاضطجع, فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى. ثم إنه هبّ فاحتمل حزمته, ولا يحسب إلا أنه نام ساعة من نهار, فجاء إلى القرية فباع حزمته, ثم اشترى طعاما وشرابا كما كان يصنع ثم ذهب إلى الحفرة في موضعها التي كانت فيه فالتمسه فلم يجده, وقد كان بدا لقومه فيه بداء, فاستخرجوه وآمنوا به وصدّقوه, قال: فكان النبي عليه السلام يسألهم عن ذلك الأسود ما فعل؟ فيقولون: ما ندري, حتى قبض الله النبيّ, فأهبّ الله الأسود من نومته بعد ذلك, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ ذَلكَ الأسْودَ لأوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ" غير أن هؤلاء في هذا الخبر يذكر محمد بن كعب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنهم آمنوا بنبيهم واستخرجوه من حفرته, فلا ينبغي أن يكونوا المعنيين بقوله: ( وَأَصْحَابَ الرَّسِّ ) لأن الله أخبر عن أصحاب الرّسّ أنه دمرهم تدميرا, إلا أن يكونوا دمروا بأحداث أحدثوها بعد نبيهم الذي استخرجوه من الحفرة وآمنوا به, فيكون ذلك وجها ( وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا ) يقول: ودمرنا بين أضعاف هذه الأمم التي سمَّيناها لكم أمما كثيرة.

كما حدثنا الحسن بن شبيب, قال: ثنا خلف بن خليفة, عن جعفر بن عليّ بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلفت بالمدينة عمي ممن يفتي على أن القرن سبعون سنة, وكان عمه عبيد الله بن أبي رافع كاتب عليّ رضي الله عنه.

حدثنا عمرو بن عبد الحميد, قال: ثنا حفص بن غياث, عن الحجاج, عن الحكم, عن إبراهيم قال: القرن أربعون سنة.

------------------------

الهوامش:

(1) في تاج العروس : وقيل (فلج) : بلد . ومنه قيل لطريق مأخذه من البصرة إلى اليمامة : طريق بطن فلج . ا هـ .

(2) البيت للنابغة الجعدي ( اللسان : رسس) . والفرط بالتحريك : القوم يتقدمون إلى الماء قبل الورود ، فيهيئون لهم الأرسال والدلاء ، ويملئون الحياض ، ويستقون لهم ( عن اللسان ) . والباهل : المتردد بلا عمل . والتنابلة جمع تنبل ، بوزن جَعْفَر ، وهو الرجل القصير . ولعله كناية عن البطء والعجز عن العمل . والرساس جمع رس ، وهي البئر القديمة أو المعدن ( المنجم تستخرج منه المعادن كالحديد ونحوه ) . استشهد به المؤلف على أن كل محفور مثل البئر والقبر والمعدن فهو رس عند العرب . القول في تأويل

التدبر :

وقفة
[38] ﴿وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾ ما أكثر الهالكين، وأقل المعتبرين!
وقفة
[38] ﴿وَأَصْحَابَ الرَّسِّ﴾ من هم أصحاب الرس؟ الجواب: عن ابن عباس: «هم أهل قرية من قرى ثمود»، وقال قتادة: «فلج من قرى اليمامة»، وعن عكرمة: «الرس بئر رسوا فيها نبيهم، أي: دفنوه بها».

الإعراب :

  • ﴿ وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً
  • الأسماء في هذه الآية الكريمة معطوفات بواوات العطف على ضمير الغائبين في «جعلناهم» الواردة في الآية الكريمة السابقة. وهي منصوبة بالفتحة. ولم تنون ثَمُودَ» لانها ممنوعة من الصرف-التنوين-لانها على تأويل القبيلة لا اسم الحي او اسم الاب الاكبر. او تكون معطوفات على «الظالمين» بمعنى ووعدنا الظالمين. او بتقدير و «اذكر» التي نصبت قَوْمَ نُوحٍ» ولكن الوجه الاول من العطف وهو ضمير الغائبين في جَعَلْناهُمْ» هو الاقرب الى التقدير.الرس: مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى:واصحاب البئر وهم قوم شعيب. او كما جاء في كتب التفاسير انهم قوم كانوا يعبدون الاصنام. والرس: هي البئر غير المطوية. وقيل: هي قرية عظيمة بجهة اليمامة كان فيها بقايا ثمود. وقيل: هي الاخدود. وقيل:
  • ﴿ بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً:
  • بين: ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بصفة محذوفة من قُرُوناً» وهو مضاف. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. والاشارة الى ذلك المذكور على معنى «بين ذلك المحسوب او المعدود».كثيرا: منصوب بالفتحة لانه مفعول به بفعل مضمر يفسره السياق بمعنى: وجعلنا كثيرا بين ذلك. او هي صفة-نعت-لقرونا. بمعنى: اهل زمان كثيرا. او وقتا كثيرا بين ذلك.'

المتشابهات :

الفرقان: 38﴿ وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَٰلِكَ كَثِيرًا
العنكبوت: 38﴿ وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     القصة الثالثة: قصة هود عليه السلام مع قومه عاد. القصة الرابعة: قصة صالح عليه السلام مع قومه ثمود. القصة الخامسة: قصة أصحاب الرس، قال تعالى:
﴿ وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وثمودا:
وقرئ:
وثمود، غير مصروف، وهى قراءة عبد الله، وعمرو بن ميمون، والحسن، وعيسى.

مدارسة الآية : [39] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا ..

التفسير :

[39] وكل الأمم بيَّنَّا لهم الحجج، ووضَّحنا لهم الأدلة، وأزحنا الأعذار عنهم، ومع ذلك لم يؤمنوا، فأهلكناهم بالعذاب إهلاكاً.

تفسير الايات من 35 الى 40

أشار تعالى إلى هذه القصص وقد بسطها في آيات أخر ليحذر المخاطبين من استمرارهم على تكذيب رسولهم فيصيبهم ما أصاب هؤلاء الأمم الذين قريبا منهم ويعرفون قصصهم بما استفاض واشتهر عنهم.

ومنهم من يرون آثارهم عيانا كقوم صالح في الحجر وكالقرية التي أمطرت مطر السوء بحجارة من سجيل يمرون عليهم مصبحين وبالليل في أسفارهم، فإن أولئك الأمم ليسوا شرا منهم ورسلهم ليسوا خيرا من رسول هؤلاء{ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} ولكن الذي منع هؤلاء من الإيمان -مع ما شاهدوا من الآيات- أنهم كانوا لا يرجون بعثا ولا نشورا، فلا يرجون لقاء ربهم ولا يخشون نكاله فلذلك استمروا على عنادهم، وإلا فقد جاءهم من الآيات ما لا يبقي معه شك ولا شبهة ولا إشكال ولا ارتياب.

وقوله- تعالى-: وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ ... بيان لمظهر من مظاهر رحمة الله- تعالى-: حيث إنه- سبحانه- لا يهلك الأمم إلا بعد أن يسوق لها ما يرشدها، فتأبى إلا السير في طريق الغي والعصيان. و «كلا» منصوب بفعل مضمر يدل عليه ما بعده. فإن ضرب المثل في معنى التذكير والتحذير، والتنوين عوض عن المضاف إليه.

أى: وأنذرنا كل فريق من القرون الماضية المكذبة، وضربنا له الأمثال الحكيمة الكفيلة بإرشاده إلى طريق الحق، ولكنه استحب العمى على الهدى، والضلالة على الهداية، فكانت عاقبته كما قال- تعالى- بعد ذلك وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً.

أى: وكل قرن من هؤلاء المكذبين أهلكناه إهلاكا لا قيام له منه، وأصل التتبير:

التفتيت. وكل شيء فتته وكسرته فقد تبرته. ومنه التبر لفتات الذهب والفضة.

والمراد به هنا التمزيق والإهلاك الشديد الذي يستأصل من نزل به.

( وكلا ضربنا له الأمثال ) أي : بينا لهم الحجج ، ووضحنا لهم الأدلة كما قال قتادة : أزحنا عنهم الأعذار - ( وكلا تبرنا تتبيرا ) أي : أهلكنا إهلاكا ، كقوله : ( وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح ) [ الإسراء : 17 ] .

والقرن : هو الأمة من الناس ، كقوله : ( ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين ) [ المؤمنون : 31 ] وحده بعضهم بمائة وعشرين سنة . وقيل : بمائة سنة . وقيل : بثمانين سنة . وقيل : أربعين . وقيل غير ذلك . والأظهر : أن القرن هم الأمة المتعاصرون في الزمن الواحد; فإذا ذهبوا وخلفهم جيل آخر فهم قرن ثان ، كما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " الحديث .

(أَمْ تَحْسَبُ) يا محمد أن أكثر هؤلاء المشركين (يَسْمَعُونَ) ما يتلى عليهم, فيعون ( أَوْ يَعْقِلُونَ ) ما يعاينون من حجج الله, فيفهمون ( إِنْ هُمْ إِلا كَالأنْعَامِ ) يقول: ما هم إلا كالبهائم التي لا تعقل ما يقال لها, ولا تفقه, بل هم من البهائم أضلّ سبيلا لأن البهائم تهتدي لمراعيها, وتنقاد لأربابها, وهؤلاء الكفرة لا يطيعون ربهم, ولا يشكرون نعمة من أنعم عليهم, بل يكفرونها, ويعصون من خلقهم وبرأهم.

التدبر :

وقفة
[39] ﴿وكلا ضربنا له الأمثال﴾ أسلوب قرآني تربوي، وهو عدم إنزال العقوبة إلا بعد البيان وإقامة الحجة.

الإعراب :

  • ﴿ وَكُلاًّ ضَرَبْنا:
  • الواو عاطفة. كلا: مفعول به منصوب بما دل عليه الفعل وهو انذرنا وحذرنا. وعلامة نصبه الفتحة. ضرب: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ لَهُ الْأَمْثالَ:
  • جار ومجرور متعلق بضربنا. الأمثال: مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى: بينا له القصص العجيبة من قصص الاولين.
  • ﴿ وَكُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً:
  • الواو عاطفة. كلا: مفعول به بتبرنا لانه غير مستوف مفعوله. تبرنا: تعرب إعراب ضَرَبْنا».تتبيرا: مفعول مطلق -مصدر-منصوب بالفتحة بمعنى: وكلا اهلكنا او دمرنا تدميرا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ ما فعل بالأمم السابقة؛ بَيَّنَ هنا أنه أنذرهم وحذرهم قبل أن يوقع بهم العذاب، قال تعالى:
﴿ وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [40] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي ..

التفسير :

[40] ولقد كان مشركو «مكة» يمرون في أسفارهم على قرية قوم لوط، وهي قرية «سَدُوم» التي أُهلِكت بالحجارة من السماء، فلم يعتبروا بها، بل كانوا لا يرجون معاداً يوم القيامة يجازون فيه.

تفسير الايات من 35 الى 40

أشار تعالى إلى هذه القصص وقد بسطها في آيات أخر ليحذر المخاطبين من استمرارهم على تكذيب رسولهم فيصيبهم ما أصاب هؤلاء الأمم الذين قريبا منهم ويعرفون قصصهم بما استفاض واشتهر عنهم.

ومنهم من يرون آثارهم عيانا كقوم صالح في الحجر وكالقرية التي أمطرت مطر السوء بحجارة من سجيل يمرون عليهم مصبحين وبالليل في أسفارهم، فإن أولئك الأمم ليسوا شرا منهم ورسلهم ليسوا خيرا من رسول هؤلاء{ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} ولكن الذي منع هؤلاء من الإيمان -مع ما شاهدوا من الآيات- أنهم كانوا لا يرجون بعثا ولا نشورا، فلا يرجون لقاء ربهم ولا يخشون نكاله فلذلك استمروا على عنادهم، وإلا فقد جاءهم من الآيات ما لا يبقي معه شك ولا شبهة ولا إشكال ولا ارتياب.

ثم وبخ- سبحانه- مشركي مكة على عدم اعتبارهم واتعاظهم بما يرون من آثار فقال- تعالى-: وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ، أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها، بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً.

والمراد بالقرية هنا: قرية سدوم التي هي أكبر قرى قوم لوط، والتي جعل الله- تعالى- عاليها سافلها. والمراد بما أمطرت به: الحجارة التي أنزلها الله- تعالى- عليها، كما قال- تعالى-: فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ .

والسوء- بفتح السين وتشديدها- مصدر ساءه. أى: فعل به ما يكره. والسوء- بالضم والتشديد- اسم منه.

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها للتقريع والتوبيخ على عدم الاعتبار بما يرونه من أمور تدعو كل عاقل إلى التدبر والتفكر والاتعاظ.

أى: أقسم لك- أيها الرسول الكريم- أن هؤلاء المشركين الذين اتخذوا القرآن مهجورا، كانوا وما زالوا يمرون مصبحين وبالليل على قرية قوم لوط، التي دمرناها تدميرا، بسبب فسوق أهلها وفجورهم، وكانوا يرون ما حل بها من خراب..

ولكنهم لكفرهم بك والبعث والحساب، لم يتأثروا بما رأوا، ولم يعتبروا بما شاهدوا، وسيندمون يوم القيامة على كفرهم ولكن لن ينفعهم الندم.

وصدر- سبحانه- الآية الكريمة بلام القسم وقد، لتأكيد رؤيتهم لتلك القرية التي أمطرت مطر السوء.

والمراد برؤيتها، رؤية ما حل بها من خراب ودمار كما قال- تعالى-: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ.

وقوله- سبحانه-: بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً بيان للسبب الذي جعلهم لا يعتبرون ولا يتعظون.

أى: أنهم كانوا يرون عاقبة أهل تلك القرية التي جعلنا عاليها سافلها، ولكن تكذيبهم بالبعث والنشور، والثواب والعقاب يوم القيامة، حال بينهم وبين الاعتبار والاتعاظ والإيمان بالحق، وجعلهم يمرون بما يدعو إلى التدبر والتفكر، ولكنهم لعدم توقعهم للقاء الله، ولعدم إيمانهم بالجزاء يوم القيامة قست قلوبهم وانطمست بصائرهم، وصاروا كما قال- تعالى-:

وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ .

وبعد هذا العرض لأحوال بعض الأمم الماضية، عادت السورة الكريمة إلى بيان ما كان المشركون يقولونه عند رؤيتهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم وإلى بيان سوء عاقبتهم، وفرط جهالاتهم، قال- تعالى-:

وقوله : ( ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء ) يعني : قوم لوط ، وهي سدوم ومعاملتها التي أهلكها الله بالقلب ، وبالمطر الحجارة من سجيل ، كما قال تعالى : ( وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين ) [ الشعراء : 173 ] وقال ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون ) [ الصافات : 137 - 138 ] وقال تعالى : ( وإنها لبسبيل مقيم ) [ الحجر : 76 ] وقال ( وإنهما لبإمام مبين ) [ الحجر : 79 ] ; ولهذا قال : ( أفلم يكونوا يرونها ) أي : فيعتبروا بما حل بأهلها من العذاب والنكال بسبب تكذيبهم بالرسول ومخالفتهم أوامر الله .

وقوله : ( بل كانوا لا يرجون نشورا ) يعني : المارين بها من الكفار لا يعتبرون لأنهم لا يرجون نشورا ، أي : معادا يوم القيامة .

وقوله: ( وَكُلا ضَرَبْنَا لَهُ الأمْثَالَ ) يقول تعالى ذكره: وكل هذه الأمم التي أهلكناها التي سميناها لكم أو لم نسمها ضربنا له الأمثال يقول: مثلنا له الأمثال ونبهناها على حججنا عليها, وأعذرنا إليها بالعبر والمواعظ, فلم نهلك أمة إلا بعد الإبلاغ إليهم في المعذرة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ( وَكُلا ضَرَبْنَا لَهُ الأمْثَالَ ) قال: كلّ قد أعذر الله إليه, ثم انتقم منه.

وقوله: ( وَكُلا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا ) يقول تعالى ذكره: وكل هؤلاء الذين ذكرنا لكم أمرهم استأصلناهم, فدمرناهم بالعذاب إبادة, وأهلكناهم جميعا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن الحسن, في قوله: ( وَكُلا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا ) قال: تبر الله كلا بعذاب تتبيرا.

حدثنا أبو كريب قال: ثنا ابن يمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد بن جُبير ( وَكُلا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا ) قال: تتبير بالنبطية.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, قال: قال ابن جُرَيج, قوله: ( وَكُلا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا ) قال: بالعذاب.

التدبر :

وقفة
[40] ﴿وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ﴾ المراد بالقرية هنا قرية (سَدوم)، وهي أكبر قرى قوم لوط، والتي جعل الله عاليها سافلها، والمراد بما أمطرت به: الحجارة التي أنزلها الله عليه.
وقفة
[40] نسب سبحانه مطر السوء للمبنى للمجهول: ﴿وَلَقَد أَتَوا عَلَى القَريَةِ الَّتي أُمطِرَت مَطَرَ السَّوءِ﴾، ونسب لنفسه عز وجل إنزال الماء الطهور من السماء: ﴿وَأَنزَلنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهورًا﴾ [48]، وهذا لنتعمل التأدب مع الله جل شأنه.
تفاعل
[40]﴿وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.
وقفة
[40] ﴿وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا﴾ عدم الإيمان بالبعث والحساب سبب لانطماس البصيرة.
وقفة
[40] إذا رأيت مَصارع الظالمين أو مواضع هلاكهم فاعتبر، ولا تمر غافلًا لاهيًا ﴿وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ ۚ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا ۚ بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا﴾.
وقفة
[40] ﴿وَلَقَد أَتَوا عَلَى القَريَةِ الَّتي أُمطِرَت مَطَرَ السَّوءِ أَفَلَم يَكونوا يَرَونَها بَل كانوا لا يَرجونَ نُشورًا﴾ البعض يمر على الآيات ولا تترك فيه أثرًا، العيب ليس فى الآيات.
وقفة
[40] غياب الإيمان بالبعث سبب عدم الاتعاظ ﴿بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ أَتَوْا:
  • الواو: استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. أتوا: فعل ماض مبني على الفتح أو الضم المقدر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة. والفتحة دالة على الألف المحذوفة. أي لقد مر قومك.
  • ﴿ عَلَى الْقَرْيَةِ:
  • جار ومجرور متعلق بأتوا: والقرية هي سدوم احدى القرى العظمى لقوم لوط‍.
  • ﴿ الَّتِي أُمْطِرَتْ:
  • التي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة -نعت-للقرية. امطرت: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو.
  • ﴿ مَطَرَ السَّوْءِ:
  • مفعول مطلق-مصدر-منصوب بالفتحة وهو مضاف.السوء: مضاف إليه مجرور بالكسرة اي امطرت حجارة فأهلكوا نتيجة بغيهم وكفرهم.
  • ﴿ أَفَلَمْ يَكُونُوا:
  • الألف: ألف انكار وتعجيب بلفظ‍ استفهام. الفاء زائدة -تزيينية-.لم: حرف نفي وجزم وقلب. يكونوا: فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «يكون» والالف فارقة.
  • ﴿ يَرَوْنَها:
  • الجملة الفعلية في محل نصب خبر «يكون» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «ها» ضمير متصل-ضمير الغائبة-مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بمعنى:أفلم يروا آثار دمارهم فيها عند مرور قومك عليها في تجاراتهم.
  • ﴿ بَلْ كانُوا:
  • بل حرف اضراب للاستئناف. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والالف فارقة. والجملة الفعلية بعده في محل نصب خبره.
  • ﴿ لا يَرْجُونَ نُشُوراً:
  • لا: نافية لا عمل لها. يرجون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. نشورا:مفعول به منصوب بالفتحة. اي لا يرجون عاقبة. فوضع الرجاء موضع التوقع اولا يأملون نشورا كما يأمله المؤمنون اي بعثا بعد هذه الحياة اي بعد الموت. او تكون بمعنى: لا يخافون نشورا على لغة تهامة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ أنه أنذرَ الأممَ السابقةَ وحَذَّرهم قبل أن يوقع بهم العذاب، فلم يتعظوا؛ وَبَّخَ هنا مشركي مكة على عدم اتعاظهم بما يرون من آثار قومِ لوطٍ، فقد كان مشركُو مكةَ يمرُّونَ في أسفارِهم للشامِ بقريتِهم (سَدُوم)، ومعَ ذلك لم يعتبرُوا، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أمطرت:
وقرئ:
مطرت، ثلاثيا مبنيا للمفعول، وهى قراءة زيد بن على.
السوء:
وقرئ:
بضم السين، وهى قراءة أبى السمال.

مدارسة الآية : [41] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا ..

التفسير :

[41] وإذا رآك هؤلاء المكذبون -أيها الرسول- استهزؤوا بك قائلين:أهذا الذي يزعم أن الله بعثه رسولاً إلينا؟

أي:وإذا رآك يا محمد هؤلاء المكذبون لك المعاندون لآيات [الله] المستكبرون في الأرض استهزءوا بك واحتقروك وقالوا -على وجه الاحتقار والاستصغار-{ أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} أي:غير مناسب ولا لائق أن يبعث الله هذا الرجل، وهذا من شدة ظلمهم وعنادهم وقلبهم الحقائق فإن كلامهم هذا يفهم أن الرسول -حاشاه- في غاية الخسة والحقارة وأنه لو كانت الرسالة لغيره لكان أنسب.

{ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} فهذا الكلام لا يصدر إلا من أجهل الناس وأضلهم، أو من أعظمهم عنادا وهو متجاهل، قصده ترويج ما معه من الباطل بالقدح بالحق وبمن جاء به، وإلا فمن تدبر أحوال محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وجده رجل العالم وهمامهم ومقدمهم في العقل والعلم واللب والرزانة، ومكارم الأخلاق ومحاسن الشيم والعفة والشجاعة والكرم وكل خلق فاضل، وأن المحتقر له والشانئ له قد جمع من السفه والجهل والضلال والتناقض والظلم والعدوان ما لا يجمعه غيره، وحسبه جهلا وضلالا أن يقدح بهذا الرسول العظيم والهمام الكريم.

قال الإمام ابن كثير- رحمه الله-: يخبر- تعالى- عن استهزاء المشركين بالرسول صلى الله عليه وسلّم إذا رأوه، كما قال- تعالى-: وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً، أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ ... يعنونه بالعيب والنقص.. .

ومن عجب أن هؤلاء المشركين الذين كانوا يستهزئون بالرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد بعثته إليهم، هم أنفسهم الذين كانوا يلقبونه قبل بعثته بالصادق الأمين، وما حملهم على هذا الكذب والجحود إلا الحسد والعناد.

وقوله- تعالى-: أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا مقول لقول محذوف وعائد الموصول محذوف- أيضا-. أى: كلما وقعت أبصار أعدائك عليك- أيها الرسول الكريم- سخروا منك، واستنكروا نبوتك، وقالوا على سبيل الاستبعاد والتهكم: أهذا هو الإنسان الذي بعثه الله- تعالى- ليكون رسولا إلينا. وقولهم هذا الذي حكاه القرآن عنهم، يدل على أنهم بلغوا أقصى درجات الجهالة وسوء الأدب.

يخبر تعالى عن استهزاء المشركين بالرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، إذا رأوه ، كما قال : ( وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم ) [ الأنبياء : 36 ] يعنونه بالعيب والنقص ، وقال هاهنا : ( وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا ) ؟ أي : على سبيل التنقص والازدراء - قبحهم الله - كما قال : ( ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب ) [ الرعد : 32 ] .

يقول تعالى ذكره: ولقد أتى هؤلاء الذين اتخذوا القرآن مهجورا على القرية التي أمطرها الله مطر السوء وهي سدوم, قرية قوم لوط. ومطر السوء: هو الحجارة التي أمطرها الله عليهم فأهلكهم بها. كما:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج ( وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ ) قال: حجارة, وهي قرية قوم لوط, واسمها سدوم. قال ابن عباس: خمس قرَّيات, فأهلك الله أربعة, وبقيت الخامسة, واسمها صعوة. لم تهلك صعوة، كان أهلها لا يعملون ذلك العمل, وكانت سدوم أعظمها, وهي التي نـزل بها لوط, ومنها بعث، وكان إبراهيم صلى الله عليه وسلم ينادي نصيحة لهم: يا سدوم, يوم لكم من الله, أنهاكم أن تعرضوا لعقوبة الله, زعموا أن لوطا ابن أخي إبراهيم صلوات الله عليهما.

وقوله: ( أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا ) يقول جلّ ثناؤه: أو لم يكن هؤلاء المشركون الذين قد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء يرون تلك القرية, وما نـزل بها من عذاب الله بتكذيب أهلها رسلهم, فيعتبروا ويتذكروا, فيراجعوا التوبة من كفرهم وتكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم ( بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا ) يقول تعالى ذكره: ما كذّبوا محمدا فيما جاءهم به من عند الله, لأنهم لم يكونوا رأوا ما حلّ بالقرية التي وصفت, ولكنهم كذّبوه من أجل أنهم قوم لا يخافون نشورًا بعد الممات, يعني أنهم لا يوقنون بالعقاب والثواب, ولا يؤمنون بقيام الساعة, فيردعهم ذلك عما يأتون من معاصي الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج ( أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا ) بعثا.

التدبر :

وقفة
[41] ﴿وإذا رآك الذين كفروا﴾ [الأنبياء: 36]، ﴿وإذا رأوك﴾، رآك ... رأوك؛ الداعية في الميدان يخالط الناس وليس متكئًا على أريكته.
وقفة
[41] ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا﴾ السخرية بأهل الحق شأن الكافرين.
عمل
[41] ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا﴾ لا تتعجب من تغير الناس نحوك إذا سرت في موكب الحق، فقد شنع المشركون على خير الخلق واتخذوه هزوًا، بعد أن كانوا يلقبونه بالصادق الأمين!
وقفة
[41] ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا﴾ لمجرد أن رأوه؛ أهل الأحقاد (تحرقهم) رؤية اﻷطهار، فلا يتبردون إﻻ باﻻستهزاء.
اسقاط
[41] ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾ [الأنعام: 91]، يوسف ﷺ: ﴿وكانوا فيه من الزاهدين﴾ [يوسف: 20]، محمد ﷺ: ﴿وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوًا﴾، وتحزن أنت إذا جهل الناس قدرك؟!
وقفة
[41] ﴿وإذا رأوك إن يتخذوك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا﴾ المفاليس لا يناقشون الأفكار والمبادئ، بل يهاجمون الأشخاص والذوات!
وقفة
[41] العقل يتأمل الحجة، والنفس تُشغله بالقائل وشكله ووصفه حتى ينفر ولا يتأمل ﴿وإذا رأوك إن يتخذوك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا﴾.
وقفة
[41] ﴿وَإِذا رَأَوكَ إِن يَتَّخِذونَكَ إِلّا هُزُوًا أَهذَا الَّذي بَعَثَ اللَّهُ رَسولًا﴾ ستجد من حولك نفرًا من المستهزئين دائمًا، لا يفترون ولا يكلون ولا يملون.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذا رَأَوْكَ:
  • الواو استئنافية. إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه متعلق بجوابه وهو اداة شرط‍ غير جازمة. رأوك: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية رَأَوْكَ» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف إِذا» اي اذا رآك الكفرة.
  • ﴿ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها. ان: مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. يتخذونك: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون.الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به اول.
  • ﴿ إِلاّ هُزُواً:
  • إلا: أداة حصر لا عمل لها. هزوا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى استهزأوا بك. والأصل: يتخذونك موضع هزؤ أو مهزوءا بك.
  • ﴿ أَهذَا الَّذِي:
  • الجملة في محل نصب مفعول به بفعل مضمر بتقدير قالوا: أهذا الذي. الالف الف استنكار بلفظ‍ استفهام. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وفي الاشارة استصغار من الكفرة به. الذي:اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هو.الذي: والجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر المبتدأ هذَا».
  • ﴿ بَعَثَ اللهُ رَسُولاً:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد ضمير منصوب محلا لانه مفعول به. التقدير: بعثه الله رسولا. بعث: فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. رسولا: حال من الضمير العائد منصوب بالفتحة اي رسولا إلينا.'

المتشابهات :

الأنبياء: 36﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَـٰذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ
الفرقان: 41﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَـٰذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّـهُ رَسُولًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     وبعد توبيخ مشركي مكة على عدم الاعتبار والاتعاظ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنهم بدلًا من ذلك استهزءُوا بالنَّبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [42] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا ..

التفسير :

[42] إنه قارب أن يصرفنا عن عبادة أصنامنا بقوة حجته وبيانه، لولا أن ثَبَتْنا على عبادتها، وسوف يعلمون حين يرون ما يستحقون من العذاب:مَن أضل ديناً أهم أم محمد؟

والقصد من قدحهم فيه واستهزائهم به تصلبهم على باطلهم وغرورا لضعفاء العقول ولهذا قالوا:{ إِنْ كَادَ} هذا الرجل{ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا} بأن يجعل الآلهة إلها واحدا{ لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا} لأضلنا زعموا -قبحهم الله- أن الضلال هو التوحيد وأن الهدى ما هم عليه من الشرك فلهذا تواصوا بالصبر عليه.{ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ}

وهنا قالوا:{ لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا} والصبر يحمد في المواضع كلها، إلا في هذا الموضع فإنه صبر على أسباب الغضب وعلى الاستكثار من حطب جهنم. وأما المؤمنون فهم كما قال الله عنهم:{ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} ولما كان هذا حكما منهم بأنهم المهتدون والرسول ضال وقد تقرر أنهم لا حيلة فيهم توعدهم بالعذاب وأخبر أنهم في ذلك الوقت{ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} يعلمون علما حقيقيا{ مَنْ} هو{ أَضَلُّ سَبِيلًا}{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} الآيات.

ثم يشير القرآن إلى كذبهم فيما قالوه، لأنهم مع إظهارهم للسخرية منه صلّى الله عليه وسلّم كانوا في واقع أمرهم، وحقيقة حالهم يعترفون له بقوة الحجة، وهذا ما حكاه القرآن عنهم في قوله:

إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها.

أى: أنهم كانوا يقولون فيما بينهم: إن هذا الرسول كاد أن يصرفنا بقوة حجته عن عبادة آلهتنا. لولا أننا قاومنا هذا الشعور وثبتنا على عبادة أصنامنا.

قال الآلوسى: قوله: إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا أى: يصرفنا عن عبادتها صرفا كليا بحيث يبعدنا عنها لا عن عبادتها فقط. لولا أن صبرنا عليها واستمسكنا بعبادتها ... وهذا اعتراف منهم بأنه صلّى الله عليه وسلّم قد بلغ من الاجتهاد في الدعوة إلى التوحيد.. ما شارفوا معه أن يتركوا دينهم لولا فرط جهالاتهم ولجاجهم وغاية عنادهم .

وقوله- تعالى-: وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا تهديد لهم على سوء أدبهم، وعلى جحودهم للحق بعد أن تبين لهم.

أى: وسوف يعلم هؤلاء الكافرون حين يرون العذاب ماثلا أمام أعينهم، من أبعد طريقا عن الحق، أهم أم المؤمنون.

فالجملة الكريمة وعيد شديد لهم على استهزائهم بالرسول الكريم الذي جاءهم ليخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.

وقولهم : ( إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها ) يعنون : أنه كاد يثنيهم عن عبادة أصنامهم ، لولا أن صبروا وتجلدوا واستمروا على عبادتها . قال الله تعالى متوعدا لهم ومتهددا : ( وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا ) .

ثم قال تعالى لنبيه ، منبها له أن من كتب الله عليه الشقاوة والضلال ، فإنه لا يهديه أحد إلا الله .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإذا رآك هؤلاء المشركون الذين قصصت عليك قصصهم ( إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلا هُزُوًا ) يقول: ما يتخذونك إلا سخرية يسخرون منك, يقولون: ( أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ ) إلينا( رَسُولا ) من بين خلقه.

التدبر :

اسقاط
[42] ﴿إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾، ﴿ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ﴾ [ص: 6]، انظر كيف يتصبر أهل الباطل على باطلهم! فما بال بعض أهل الحق لا يصبرون؟!
وقفة
[42] ﴿إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾ يسمون الهداية إضلالًا؛ لسوء تقديرهم للحقائق وتقويمهم للقيم.
وقفة
[42] ﴿إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾ عجيبٌ تواصي الكفار بالصبر على الباطل، وجلدهم في الذود عنه، مع ما نرى من جزع بعض أهل الحق وتخاذلهم عن نصرة الحق.
عمل
[42] ﴿إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾ أهل الشرك يصبرون على باطلهم؛ فاصبر أنت على الحق الذي معك أكثر من صبرهم على باطلهم.
وقفة
[42] ﴿إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾ صبروا على أصنام من حجارة! فكيف بمن آلهته سلطان أو مال أو جاه! والمعصوم من عصمه الله.
وقفة
[42] ﴿إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾ تكرر الحديث عن الضلال في سورة الفرقان: (أضللتم، ضلوا السبيل، أضلني عن الذكر، أضل سبيلًا، ليضلنا)؛ وعلاجه: التمسك بالقرآن الحق وعدم هجره.
وقفة
[42] نجاح مشاريع الباطل لا لقوته في ذاته، وإنما لضعف أهل الحق واختلافهم، واجتماع أهل الباطل وصبرهم: ﴿إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾.
وقفة
[42] قال أعداء الحق كِبْرًا بضمير الجمع: ﴿إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾، وقال صاحب الرسالة معتمدًا على ربه: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: 62].
وقفة
[42] صبر الكفار على معبوداتهم غريب! ﴿إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها﴾، ﴿وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم﴾ [ص: 6].
وقفة
[42] كل صبر في القرآن الكريم محمود, إلا: ﴿لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾, ﴿وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ﴾ [ص: 6] فمعناها: العكوف على عبادة الأصنام.
وقفة
[42] ﴿وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ بعض الناس لن يكتشف حقيقة ضلاله وفساد سعيه إلا على عتبة جهنم.
تفاعل
[42] ﴿وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ استعذ بالله من عذاب النار.

الإعراب :

  • ﴿ إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا:
  • ان: مخففة من إِنْ» الثقلية لا عمل لها لدخولها على جملة فعلية. كاد: فعل ماض ناقص من اخوات «كان» بمعنى «قارب» واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. اللام فارقة أي هي نفسها اللام المزحلقة للتوكيد وسميت فارقة لأنها تفرق وتميز إِنْ» المخففة من «انّ» الثقيلة الحرف المشبه بالفعل وما بين إِنْ» النافية التي بمعنى ما. يضل: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب مفعول به.وجملة لَيُضِلُّنا» في محل نصب خبر كادَ».
  • ﴿ عَنْ آلِهَتِنا:
  • جار ومجرور متعلق بيضلنا. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لَوْلا أَنْ صَبَرْنا:
  • لولا: حرف امتناع لوجود. أن: حرف مصدرية ونصب. صبر: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل رفع فاعل. وجملة صَبَرْنا» صلة إِنْ» المصدرية لا محل لها. و إِنْ» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ وخبر محذوف وجوبا.
  • ﴿ عَلَيْها:
  • جار ومجرور متعلق بصبرنا.
  • ﴿ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ:
  • الواو استئنافية. سوف: حرف تسويف-استقبال- للمستقبل البعيد. يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وفي الجملة وعيد ودلالة على انهم لا يفوتونه وان طالت مدة الامهال.
  • ﴿ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ:
  • حين: ظرف زمان متعلق بيعلمون وهو منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف أي وقت. يرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. العذاب: مفعول به منصوب بالفتحة. وجملة يَرَوْنَ الْعَذابَ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً:
  • من: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أضل: خبر مَنْ» مرفوع بالضمة ولم ينون لانه ممنوع من الصرف- التنوين-لانه على وزن-افعل-صيغة تفضيل وبوزن الفعل. سبيلا: اي طريقا: تمييز منصوب بالفتحة. ويجوز ان تكون مَنْ» اسما موصولا في محل نصب مفعول يَعْلَمُونَ» و أَضَلُّ» خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو اضل.والجملة الاسمية «هو اضل» صلة الموصول لا محل لها'

المتشابهات :

الفرقان: 42﴿لَوۡلَآ أَن صَبَرۡنَا عَلَيۡهَاۚ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ مَنۡ أَضَلُّ سَبِيلًا
الحجر: 3﴿ذَرۡهُمۡ يَأۡكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلۡهِهِمُ ٱلۡأَمَلُۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
الحجر: 96﴿ٱلَّذِينَ يَجۡعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
العنكبوت: 66﴿لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ وَلِيَتَمَتَّعُواْۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
الصافات: 170﴿فَكَفَرُواْ بِهِۦۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
غافر: 70﴿ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلۡكِتَٰبِ وَبِمَآ أَرۡسَلۡنَا بِهِۦ رُسُلَنَاۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
الزخرف: 89﴿فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     وبعد بيان استهزاء مشركي مكة بالنَّبي صلى الله عليه وسلم؛ سَمَّوا دعوتَه هنا ضلالاً، بعد أن كانوا يلقبونه بالصادق الأمين، قال تعالى:
﴿ إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ..

التفسير :

[43] انظر -أيها الرسول- متعجباً إلى مَن أطاع هواه كطاعة الله، أفأنت تكون عليه حفيظاً حتى تردَّه إلى الإيمان؟

وهل فوق ضلال من جعل إلهه معبوده [هواه] فما هويه فعله فلهذا قال:{ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} ألا تعجب من حاله وتنظر ما هو فيه من الضلال؟ وهو يحكم لنفسه بالمنازل الرفيعة؟

{ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} أي:لست عليه بمسيطر مسلط بل إنما أنت منذر، وقد قمت بوظيفتك وحسابه على الله.

ثم يهملهم القرآن ويتركهم في طغيانهم يعمهون، ويلتفت بالخطاب إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم ليسرى عن نفسه، وليسليه عما لحقه منهم، وليبين له حقيقة حالهم فيقول: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ، أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ...

والاستفهام في قوله- سبحانه- أَرَأَيْتَ للتعجب من شناعة أحوالهم، ومن قبح تفكيرهم.

والمراد ب هَواهُ ما يستحسنه من تصرفات حتى ولو كانت في نهاية القبح والسخف.

قال ابن عباس: كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول.

والمعنى: انظر وتأمل- أيها الرسول الكريم- في أحوال هؤلاء الكافرين فإنك لن ترى جهالة كجهالاتهم، لأنهم إذا حسن لهم هواهم شيئا اتخذوه إلها لهم. مهما كان قبح تصرفهم.

وانحطاط تفكيرهم..

فهل مثل هؤلاء يصلحون لأن تهتم بأمرهم، أو تحزن لاستهزائهم؟ كلا إنهم لا يصلحون لذلك، وعليك أن تمضى في طريقك فأنت لا تقدر على حفظهم أو كفالتهم أو هدايتهم، وإنما نحن الذين نقدر على ذلك، وسنتصرف معهم بما تقضتيه حكمتنا ومشيئتنا.

فقوله- تعالى-: أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا استئناف مسوق لاستبعاد كونه صلى الله عليه وسلّم وكيلا أو حفيظا لهذا الذي اتخذ إلهه هواه، والاستفهام للنفي والإنكار. أى: إنك- أيها الرسول الكريم- لا قدرة لك على حفظه من الوقوع في الكفر والضلال.

( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) أي : مهما استحسن من شيء ورآه حسنا في هوى نفسه ، كان دينه ومذهبه ، كما قال تعالى : ( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) [ فاطر : 8 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( أفأنت تكون عليه وكيلا ) . قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا ، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء المشركين الذين كانوا يهزءون برسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم يقولون إذا رأوه: قد كاد هذا يضلنا عن آلهتنا التي نعبدها, فيصدّنا عن عبادتها لولا صبرنا عليها, وثبوتنا على عبادتها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ ) يقول جلّ ثناؤه: سيبين لهم حين يعاينون عذاب الله قد حلّ بهم على عبادتهم الآلهة ( مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا ) يقول: من الراكب غير طريق الهدى, والسالك سبيل الردى أنت أوهم.

وبنحو ما قلنا في تأويل قوله: ( لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا حجاج, عن ابن جُرَيج ( إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا ) قال: ثبتنا عليها.

التدبر :

وقفة
[43] ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ﴾ خطر اتباع الهوى.
وقفة
[43] ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ﴾ أي: مهما استحسن من شيء ورآه حسنًا في هوى نفسه، كان دينه ومذهبه؛ كما قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ [فاطر: 8].
وقفة
[43] ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ﴾ ما الهوى إلا إله يُعبد، وإنْ لم تركع له وتسجد.
وقفة
[43] كيف يتخذ الإنسان إلهًا غير الله وهو لا يشعر؟ تأمل: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ﴾، نعوذ بالله من الهوى المخالف لأمر الله.
وقفة
[43] يحمل الإنسان في جوفه صنمًا قد يسجد له قلبه ويركع، وهو الهوى ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ﴾، يسجد لرأيه وهواه كما سجد الجاهلي لعُزَّاه.
وقفة
[43] ﴿أَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ﴾ هناك من اتخذ أبناؤه هواه، ومن اتخذ ماله هواه، ومن اتخذ مركزه وسلطانه هواه، وغير ذلك الكثير والكثير؛ فتش فى أعماقك وتأكد أن إلهك وفقط هو الحى الذى لا يموت.
وقفة
[43] ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾ معناه: جعل هواه مطاعًا، فصار كالإله، والهوى قائد إلى كل فساد؛ لأن النفس أمارة بالسوء.
وقفة
[43] ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾ إِن قلتَ: لمَ أخَّر (هَوَاهُ) مع أنه المفعولُ الأول؟ قلتُ: للعناية بتقديم الأول، كقوله: علمتُ فاضلًا زيدًا.
تفاعل
[43] ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾ استعذ بالله من اتباع الهوى.
وقفة
[43] العلم إذا اختلط بهوى صار أشد ضلالًا من الجهل ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَرَأَيْتَ:
  • الالف الف تقرير وتنبيه بلفظ‍ استفهام. رأيت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
  • ﴿ مَنِ:
  • اسم موصول مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ اتَّخَذَ:
  • الجملة الفعلية مع مفعوليها صلة الموصول لا محل لها. وهي فعل ماض مبني على الفتح والفتح والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو.
  • ﴿ إِلهَهُ هَواهُ:
  • بمعنى: من جعل هواه إلهه أو إلها له. وهما مفعولا اِتَّخَذَ» منصوبان بالفتحة وقدرت الفتحة على آخر «هوى» للتعذر. والهاء في الاسمين ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة. وقدم المفعول الثاني على الاول لفضل العناية بالإله. وفي الجملة معنى الحصر بتقدير: أرأيت من لم يتخذ معبوده إلا هواه.
  • ﴿ أَفَأَنْتَ تَكُونُ:
  • الالف الف توبيخ بلفظ‍ استفهام. الفاء زائدة-تزيينية-.أنت: ضمير منفصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. تكون: فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والجملة الفعلية «تكون مع خبرها» في محل رفع خبر «انت».
  • ﴿ عَلَيْهِ وَكِيلاً:
  • عليه: جار ومجرور متعلق بخبر تَكُونُ».وكيلا: خبر تَكُونُ» منصوب بالفتحة بمعنى: مدافعا عنه.'

المتشابهات :

الفرقان: 43﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا
الجاثية: 23﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     وبعد ذكر قبيح أقوال المشركين وأفعالهم؛ يأتي هنا التعجب من حالهم، وبيان سبب التكذيب، وهو: اتباع الهوى، فإن من يتبع هواه لا يقر بخطئه، لكنه يرمي الآخر بالخطأ، قال تعالى:
﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إلهه:
وقرئ:
آلهة، منونة على الجمع، وهى قراءة بعض أهل المدينة.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف