464484950515253545556

الإحصائيات

سورة الزمر
ترتيب المصحف39ترتيب النزول59
التصنيفمكيّةعدد الصفحات8.90
عدد الآيات75عدد الأجزاء0.43
عدد الأحزاب0.85عدد الأرباع3.40
ترتيب الطول23تبدأ في الجزء23
تنتهي في الجزء24عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 7/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (49) الى الآية رقم (52) عدد الآيات (4)

نوعٌ آخرُ من أعمالِ المشركينَ القبيحةِ: عندَ الضُرِّ كفقرٍ ومرضٍ يفزعُونَ إلى اللهِ، وعندَ النِّعمةِ ينسِبُ ذلك لنفسِه، ثُمَّ بيانُ أنَّ اللهَ وحدَهُ مصدرُ الرِّزقِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (53) الى الآية رقم (56) عدد الآيات (4)

بعدَ ذكرِ أعمالِ المشركينَ القبيحةِ تأتي هنا الدعوةُ لجميعِ العُصاةِ من الكَفَرةِ وغيرِهم إلى التوبةِ واتِّباعِ القرآنِ قبلَ أن يأتيَ العذابُ فتقولُ النَّفسُ المذنبةُ: يا حَسْرَتَى على ما ضيَّعتُ في الدُّنيا من العملِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الزمر

الإخلاص لله/ المقابلات بين أحوال المؤمنين الموحِّدين وأحوال المشركين المكذبين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هدفها واضح جدًا::   أهمية الإخلاص لله، وأن نبتغي بأعمالنا وجه الله تعالى، ونبتعد عن الرياء. فمن أراد أن يختبر نفسه ويعرف مدى إخلاصه في عمله، وهل يدخل الرياء (أو الشرك الخفي) في عمله أم لا؟ فعليه أن يقرأ سورة الزُّمَر، ويعرض قلبه على آياتها.
  • • ميزان الإخلاص::   إياك أن يكون في عملك نية لغير الله، إياك أن تقول: فلان يراني، والناس تشير إلي، وتقول: هذا يحفظ القرآن، هذا يداوم على الصلاة في المسجد. أخلص لله تعالى في عبادتك، أخلصي لله تعالى في إرضائك لزوجك وطاعتك له، أخلصوا أيها الآباء والأمهات في تربية أولادكم على طاعة الله تعالى ونصرة الإسلام، أخلصوا في حياتكم كلها لله، تضمنوا زمرة المؤمنين في الجنة، وتكونوا ممن فهم سورة الزُّمَر، وحقّق مراد ربنا من هذه السورة.
  • • أيهما أصلح لك؟:   وبعد ذلك يضرب الله لنا مثلاً جميلاً يناسب معنى الإخلاص: ﴿ضَرَبَ ٱلله مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَـٰكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ٱلْحَمْدُ لله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (29). فهل يستوي من يعمل عند سيد واحد ومن يعمل عند عدة أسياد؟ وهل يكون الموظف الذي عنده مدير واحد كالموظف الذي يتلقى أوامره من عدة مدراء، بآراء ووظائف مختلفة؟ لذلك تأتي بعد هذا المثل مباشرة: ﴿ٱلْحَمْدُ لله﴾؛ لأن التوحيد نعمة تريح القلب وتصون العبد من الزلل، الحمد لله على نعمة التوحيد، وأنه إله واحد؛ لأن إخلاص العمل لله أنفع لقلبك وأجمع لهمتك وأدعى لقبول العمل، تعود عليك بركته في الدنيا، وأجره مضاعفاً في الآخرة.
  • • لماذا (الزمر)؟:   وكالعادة، يبقى سؤال مهم: وهو الحكمة من تسمية سورة الإخلاص لله باسم سورة الزمر.والسبب -والله أعلم- هو أن أكثر ما يعينك على إخلاص العمل لله تعالى، أن تكون في زمرة صالحة، أي صحبة صالحة، فسميّت السورة بهذا الاسم حتى تتذكر الزمرتين، زمرة أهل الجنة وزمرة أهل النار، كلما قرأت السورة، وتختار بنفسك من يعينك على الإخلاص ويكون رفيقًا لك في الدنيا، ومرافقًا لك عند دخول الجنة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة الزُّمر».
  • • معنى الاسم ::   الزُّمر: جمع زُمْرَة، والزُّمْرَة: الجماعةُ من الناس والفوجُ، والزُّمر: الجماعات.
  • • سبب التسمية ::   : ‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏ذكر ‏في آخرها ‏زُمرة ‏السعداء ‏من ‏أهل ‏الجنة، وزُمرة ‏الأشقياء ‏من ‏أهل ‏النار، ولم يُذكر لفظ (الزمر) في غيرها قط.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة الغُرَف»؛ لورود هذا اللفظ في الآية (20).
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أهمية الإخلاص لله، وأن نبتغي بأعمالنا وجه الله تعالى.
  • • علمتني السورة ::   أن القرآن منزل من الله تعالى؛ فعلينا أن نتدبره ونعمل بما جاء فيه: ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الله غني عن عبادتنا، وأن كل إنسان يحمل أوزاره يوم القيامة: ﴿إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ... وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الخير والشر بيد الله تعالى، فلا أخشى أحدًا غيره: ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّـهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عن عَائِشَةَ قالت: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشِهِ حَتَّى يَقْرَأَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالزُّمَرَ».
    • عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ قال: «مَا في القُرآنِ آيةٌ أعظمُ فَرَجًا منْ آيةٍ في سورةِ الزُّمر: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (53)».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الزمر من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • اهتمت السورة بالتأكيد على توحيد العبادة لله وحده.
    • اهتمت السورة أيضًا بالتأكيد على إخلاص العبادة لله وحده، والابتعاد عن الرياء، وقد تكرر مشتقات لفظ (الإخلاص) أربع مرات، مرة بلفظ (الخالص)، وثلاث مرات بلفظ (مخلصًا)، وهي تعتبر أكثر سورة تكرر فيها هذا اللفظ بعد سورة الصافات؛ حيث تكرر فيها لفظ (المخلصين) خمس مرات.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نبتغي بأعمالنا وجه الله تعالى، ونبتعد عن الرياء.
    • أن نعبد الله وحده، ولا نشرك به شيئًا: ﴿أَلَا لِلَّـهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّـهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ (3).
    • أن نعرف الله في الرخاء كما نعرفه في الشدة: ﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ﴾ (8).
    • ألا نحرم أنفسنا من صلاة الليل: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ (9).
    • أن نهاجر في أرض الله الواسعة إذا ضيق علينا في بلد ولم نستطع إقامة شعائر الله: ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّـهِ وَاسِعَةٌ﴾ (10).
    • أن نلزم الصدق من الآن في كل أقوالنا: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ (33). • أن نبادر بالتوبة قبل فوات الأوان: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ (53).
    • أن نحذر من الكذب على الله تعالى، والقول بما لا نعلم: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّـهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ (60).
    • أن نخلص العبادة لله تعالى ولا تشرك به شيئًا، فالشرك محبط للأعمال الصالحة: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّـهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ﴾ (65، 66).
    • أن نراقب الله تعالى في السر والعلن: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ (69، 70).

تمرين حفظ الصفحة : 464

464

مدارسة الآية : [48] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا ..

التفسير :

[48] وظهر لهؤلاء المكذبين يوم الحساب جزاء سيئاتهم التي اقترفوها، حيث نسبوا إلى الله ما لا يليق به، وارتكبوا المعاصي في حياتهم، وأحاط بهم من كل جانب عذاب أليم؛ عقاباً لهم على استهزائهم بالإنذار بالعذاب الذي كان الرسول يَعِدُهم به، ولا يأبهون له.

{ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} أي:الأمور التي تسوؤهم، بسبب صنيعهم وكسبهم.{ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} من الوعيد والعذاب الذي نزل بهم، وما حل عليهم العقاب.

ثم هددهم- سبحانه- بتهديد آخر فقال: وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ.

أى: وظهر لهم يوم القيامة من ألوان العقوبات، ومن فنون الآلام، ما لم يكونوا في الدنيا يظنون أنه سيقع بهم، وما لم يكن واردا في حسبانهم.

قال صاحب الكشاف: وقوله- تعالى- وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ.. وعيد لهم بعذاب ما دروا كنهه لفظاعته وشدته، وهو نظير قوله- تعالى- في الوعد: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ...

والمعنى: وظهر من سخط الله وعذابه، ما لم يكن قط في حسابهم، وما لم يحدثوا به أنفسهم.

وقيل: عملوا أعمالا حسبوها حسنات، فإذا هي سيئات.

وعن سفيان الثوري أنه قرأها فقال: ويل لأهل الرياء. ويل لأهل الرياء.

وجزع بعض الصالحين عند موته، فسئل عن سبب ذلك فقال: أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أحتسبه، ثم قرأ هذه الآية» .

ثم تهديد ثالث يتمثل في قوله- تعالى-: وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ والمراد بسيئات ما كسبوا: الأعمال السيئة التي اكتسبوها في دنياهم، وهذا البدو والظهور يكون عند عرض صحائف أعمالهم عليهم. و «ما» موصولة أو مصدرية.

أى: وظهر لهم عند عرض صحائف أعمالهم عليهم يوم القيامة، الذي عملوه واكتسبوه في الدنيا من رذائل وَحاقَ بِهِمْ أى: وأحاط ونزل بهم العذاب الذي كانوا يستهزئون به في حياتهم ويتهكمون بمن كان يحذرهم منه في الدنيا.

وبعد هذا التصوير الرهيب لمصير هؤلاء المشركين يوم القيامة، عادت السورة إلى بيان تناقضهم مع أنفسهم، فهم إن سئلوا عمن خلق السموات والأرض، قالوا: إن خالقهما هو الله، ومع ذلك يعبدون غيره وتشمئز قلوبهم عند ذكره وحده.

وهم يتقربون إلى آلهتهم بالطاعات، ومع ذلك فهم عند نزول الشدائد بهم، ينسون تلك الآلهة ويتجهون إلى الله- تعالى- وحده بالدعاء.

( وبدا لهم سيئات ما كسبوا ) أي : وظهر لهم جزاء ما اكتسبوا في الدار الدنيا من المحارم والمآثم ، ( وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) أي : وأحاط بهم من العذاب والنكال ما كانوا يستهزئون به في الدار الدنيا .

القول في تأويل قوله تعالى : وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (48)

يقول تعالى ذكره: وظهر لهؤلاء المشركين يوم القيامة ( سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا ) من الأعمال في الدنيا, إذ أعطوا كتبهم بشمائلهم ( وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) ووجب عليهم حينئذ, فلزمهم عذاب الله الذي كان نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في الدنيا يعدهم على كفرهم بربهم , فكانوا به يسخرون, إنكارا أن يصيبهم ذلك, أو ينالهم تكذيبا منهم به, وأحاط ذلك بهم.

التدبر :

لمسة
[48] ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ وأوثر فعل (كسبوا) على فعل (عملوا) لِقطع تبرمهم من العذاب بتسجيل أنهم اكتسبوا أسبابه بأنفسهم؛ كما تقدم آنفًا في قوله: (وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون) دون: (تعملون).
لمسة
[48] ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ عاقبة الاستهزاء. استهزؤوا بالبعث فبعثهم الله، وبالعذاب فعذبهم الله، وأحاط بهم من كل جانب، فلا فرصة للهرب ولا النجاة، وعبر بالفعل الماضي (وَحَاقَ) للإيذان بتحقق وقوعه حتى كأنه وقع بالفعل.

الإعراب :

  • ﴿ وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ:
  • معطوفة بالواو على بَدا لَهُمْ» الواردة في الآية السابقة.سيئات: فاعل مرفوع بالضمة. بمعنى أنواع العذاب التي يجازون فيها على ما كسبوا وبدا لهم سيئات بمعنى وظهرت أو بانت سيئات. وقد ذكر الفعل لأن «سيئات» بمنزلة الذنب والإثم فلا اعتبار لتأنيثه.
  • ﴿ ما كَسَبُوا:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. كسبوا:فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «كسبوا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: ما كسبوه. أي سيئات أعمالهم التي جنوها أوتكون «ما» مصدرية. فتكون جملة «كسبوا» صلتها لا محل لها من الاعراب و«ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالاضافة. التقدير: سيئات كسبهم.
  • ﴿ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا:
  • معطوفة بالواو على بَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا» حاق: فعل ماض مبني على الفتح. بهم: جار ومجرور متعلق بحاق. ما:اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل و «كانوا» فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. وجملة «كانوا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب بمعنى: وأحاط‍ بهم أو ونزل بهم جزاء هزئهم فتكون «ما» قد حلت محل الفاعل المضاف «هزاء» أو تكون «ما» مصدرية فيكون التقدير: جزاء هزئهم.
  • ﴿ بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ:
  • جار ومجرور متعلق بيستهزءون. يستهزئون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل للغائبين في محل رفع فاعل.بمعنى: يسخرون به من الفرائض.'

المتشابهات :

النحل: 34﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
الزمر: 48﴿وَبَدَا لَهُمۡ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
الجاثية: 33﴿وَبَدَا لَهُمۡ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
الزمر: 51﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَـٰؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ
الزمر: 51﴿وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَـٰؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [48] لما قبلها :     ولَمَّا هَدَّدَ اللهُ المُشرِكينَ بأشدِّ العذاب؛ هَدَّدَهم هنا بتهديدٍ آخرَ، قال تعالى:
﴿ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [49] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ..

التفسير :

[49] فإذا أصاب الإنسان شدة وضُرٌّ، طلب من ربه أن يُفرِّج عنه، فإذا كشفنا عنه ما أصابه وأعطيناه نعمة منا عاد بربه كافراً، ولفضله منكراً، وقال:إن الذي أوتيتُه إنما هو على علم من الله أني له أهل ومستحق، بل ذلك فتنة يبتلي الله بها عباده؛ لينظر مَن يشكره ممن

يخبر تعالى عن حالة الإنسان وطبيعته، أنه حين يمسه ضر، من مرض أو شدة أو كرب.{ دَعَانَا} ملحا في تفريج ما نزل به{ ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا} فكشفنا ضره وأزلنا مشقته، عاد بربه كافرا، ولمعروفه منكرا. و{ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} أي:علم من اللّه، أني له أهل، وأني مستحق له، لأني كريم عليه، أو على علم مني بطرق تحصيله.

قال تعالى:{ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ} يبتلي اللّه به عباده، لينظر من يشكره ممن يكفره.{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} فلذلك يعدون الفتنة منحة، ويشتبه عليهم الخير المحض، بما قد يكون سببا للخير أو للشر.

لنستمع إلى السورة الكريمة وهي تحكى أحوالهم في السراء والضراء فتقول: فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا، ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ....

والمراد بالإنسان هنا هو جنس الكفار، بدليل سياق، الآيات وسباقها ويصح أن يراد به جنس الإنسان عموما، ويدخل فيه الكفار دخولا أوليا.

أى: فإذا أصاب الإنسان ضر، من مرض أو فقر أو نحوهما، دعانا قاعدا أو قائما. لكي نكشف عنه ما نزل به من بلاء.

ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا.. أى: ثم إذا أجبنا لهذا الإنسان دعوته وكشفنا عنه الضر وأعطيناه على سبيل التفضل والإحسان نعمة من عندنا، بأن حولنا مرضه إلى صحة، وفقره إلى غنى.

قالَ هذا الإنسان الظلوم الكفار إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ منى بوجوه المكاسب، أو على علم منى بأن سأعطى هذه النعمة، بسبب استعدادي واجتهادي وتفوقى في مباشرة الأسباب التي توصل إلى الغنى والجاه.

وقال- سبحانه-: خَوَّلْناهُ لأن التخويل معناه العطاء بدون مقابل، مع تكراره مرة بعد مرة.

وجاء الضمير في قوله أُوتِيتُهُ مذكرا مع أنه يعود إلى النعمة. لأنها بمعنى الإنعام.

أى: إذا خولناه شيئا من الإنعام الذي تفضلنا به عليه، قال إنما أوتيته على علم وتبوغ عندي.

وقوله- تعالى- بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ رد لقوله ذلك، وزجر لهذا الجاحد عما تفوه به.

أى: ليس الأمر كما زعم هذا الجاحد، فإننا ما أعطيناه هذه النعم بسبب علمه- كما زعم- وإنما أعطيناه ما أعطيناه على سبيل الإحسان منا عليه، وعلى سبيل الابتلاء والاختبار له، ليتبين قوى الإيمان من ضعيفه، وليتميز الشاكر من الجاحد.

وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أى: ولكن أكثر الناس لا يعلمون هذه الحقائق، ولا يفطن إليها إلا من استنارت بصيرته، وطهرت سريرته.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت ما السبب في عطف هذه الآية بالفاء، وعطف مثلها في أول السورة بالواو؟ قلت: السبب في ذلك أن هذه وقعت مسببة من قوله. إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ. على معنى أنهم يشمئزون من ذكر الله، ويستبشرون بذكر الآلهة. فإذا مس أحدهم ضر دعا من اشمأز من ذكره، دون من استبشر بذكره، وما بينهما من الآي اعتراض.. .

يقول تعالى مخبرا عن الإنسان أنه في حال الضراء يضرع إلى الله - عز وجل - وينيب إليه ويدعوه ، وإذا خوله منه نعمة بغى وطغى ، وقال : ( إنما أوتيته على علم ) أي : لما يعلم الله من استحقاقي له ، ولولا أني عند الله تعالى خصيص لما خولني هذا !

قال قتادة : ( على علم عندي ) على خير عندي .

قال الله - عز وجل - : ( بل هي فتنة ) أي : ليس الأمر كما زعموا ، بل [ إنما ] أنعمنا عليه بهذه النعمة لنختبره فيما أنعمنا عليه ، أيطيع أم يعصي ؟ مع علمنا المتقدم بذلك ، فهي فتنة أي : اختبار ، ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) فلهذا يقولون ما يقولون ، ويدعون ما يدعون .

القول في تأويل قوله تعالى : فَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (49)

يقول تعالى ذكره: فإذا أصاب الإنسان بؤس وشدّة دعانا مستغيثا بنا من جهة ما أصابه من الضرّ,( ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا ) يقول: ثم إذا أعطيناه فرجا مما كان فيه من الضرّ, بأن أبدلناه بالضرّ رخاء وسعة, وبالسقم صحة وعافية, فقال: إنما أعطيت الذي أعطيت من الرخاء والسعة في المعيشة, والصحة في البدن والعافية, على علم عندي (1) يعني على علم من الله بأني له أهل لشرفي ورضاه بعملي (عندي) يعني: فيما عندي, كما يقال: أنت محسن في هذا الأمر عندي: أي فيما أظنّ وأحسب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا ) حتى بلغ ( عَلَى عِلْمٍ ) عندي (2) أي على خير عندي.

حدّثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا ) قال: أعطيناه.

وقوله: ( أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ ) : أي على شرف أعطانيه.

وقوله: ( بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ ) يقول تعالى ذكره: بل عطيتنا إياهم تلك النعمة من بعد الضرّ الذي كانوا فيه فتنة لهم ، يعني بلاء ابتليناهم به, واختبارا اختبرناهم به ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ ) لجهلهم, وسوء رأيهم ( لا يَعْلَمُونَ ) لأي سبب أعطوا ذلك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ ) : أي بلاء.

-----------------

الهوامش :

(1) قوله ( عندي ) : أضافه المؤلف إلى معنى الآية ، لمجيئه في حديث قتادة بعده بقليل . وليس في الآية في هذا الموضع لفظة" عندي" ، وإنما هي في آية القصص ، إذ جاء على لسان قارون : ( قال إنما أوتيته على علم عندي ) .

(2) قوله ( عندي ) : أضافه المؤلف إلى معنى الآية ، لمجيئه في حديث قتادة بعده بقليل . وليس في الآية في هذا الموضع لفظة" عندي" ، وإنما هي في آية القصص ، إذ جاء على لسان قارون : ( قال إنما أوتيته على علم عندي ) .

التدبر :

وقفة
[49] ﴿فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا﴾ في هذه الآية بيان حقيقة، وهي: أن كفار قريش كانوا يؤمنون بالله ربًّا، فهم أفضل من كفار البلاشفة الشيوعيين الذين لا يؤمنون بالله تعالى، كما أن كفار قريش أحسن حالًا من بعض جهال المسلمين اليوم؛ إذ يخلصون الدعاء لله في الشدة، وجهال المسلمين يشركون في الرخاء والشدة معًا؛ وذلك بدعائهم الأولياء والأموات، والاستغاثة بهم في كل حال.
وقفة
[49] ﴿فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا﴾ الدعاء كالفطرة التي يفعلها حتى الكافر والمسرف، واليوم أصبح بعض المؤمنين بحاجة لأن يُذكَّر به، ويُدل عليه.
وقفة
[49] العافية بعد المصيبة فتنة، يختبر الله الشاكر من الكافر ﴿فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ﴾.
عمل
[49] ﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ كل نجاح تحصده هو عطية من الله لك؛ لا تتكبر فتخسر العطية والآخرة.
وقفة
[49] ﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ﴾ أي: على علم من الله أني له أهل، وقال مقاتل: «على خير علمه الله عندي»، ﴿بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ﴾ يعني: تلك النعمة فتنة استدراج من الله تعالى وامتحان وبلية.
وقفة
[49] النعمة على الكافر استدراج ﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ۚ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ﴾.
عمل
[49] تذكَّر ثلاثًا من أكبر نعم الله تعالى عليك، ثم اشكر الله تعالى عليها ﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ﴾.
عمل
[49] سَل الله تعالى أن يجعل ما رزقك من نعم الدنيا سببًا لتواضعك والقرب من ربك، واستعذ بالله من فتنتها ﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ۚ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
عمل
[49] احذر من ابتلاءِ اللهِ لك بالنِّعم؛ فكم من مُنعَمٍ عليه مفتونٌ مستدرَجٌ وهو لا يدري! ﴿خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً... بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ﴾.
وقفة
[49] ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما -وهو الأظهر- أن يريد على علم مني بالمكاسب والمنافع، والآخر: على علم الله باستحقاقي لذلك.
وقفة
[49] ﴿بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ﴾ أي لا يعلم هؤلاء الزاعمون أن ما هم فيه من الخير نتيجة علمهم وسعيهم لا يعلمون أن عطاء المال فتنة واختبار، ينجحون فيه بالشكر أو يفشلون بالعصيان، فالتبس عليهم تمييز الخير من الشر.
وقفة
[49] ﴿بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ فلذلك يعدون الفتنة منحة، ويشتبه عليهم الخير المحض بما قد يكون سببًا للخير أو للشر.
وقفة
[49] ﴿وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أكثر الناس لا يعلمون أن ما أوتوه من نعمة في الدنيا هو شر إن لم يقوموا بشكرها، فيرون المال خيرًا كله، وهذا خطأ.

الإعراب :

  • ﴿ فَإِذا:
  • الفاء عاطفة للتسبيب. إذا: ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط‍ مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه.
  • ﴿ مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ:
  • الجملة الفعلية: في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف. مس: فعل ماض مبني على الفتح. الإنسان: مفعول به مقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ضر: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ دَعانا:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «نا» ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ:
  • ثم: حرف عطف. إذا: أعربت: خول: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول بمعنى «أعطيناه» وجملة «خولناه» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ نِعْمَةً مِنّا:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. منا: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لنعمة.
  • ﴿ قالَ:
  • الجملة الفعلية جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره: هو. والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ إِنَّما أُوتِيتُهُ:
  • كافة ومكفوفة. أو تكون «إنّ» حرف نصب وتوكيد مشبها بالفعل و «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل نصب اسم «انّ» وخبرها شبه الجملة عَلى عِلْمٍ» في محل رفع. أوتي: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. وجملة «أوتيته» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ عَلى عِلْمٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال من ضمير المتكلم في «أوتيته» بتقدير:عالما بأني سأعطاه لما في من فضل واستحقاق هذا في حالة اعراب «انما» كافة ومكفوفة. أما اذا أعربت «ما» اسما موصولا فيكون شبه الجملة من الجار والمجرور عَلى عِلْمٍ» متعلقا بخبر «ان» بمعنى: ان الذي أعطيته أنا على علم أو كنت على علم بأني سأعطاه لما في من فضل واستحقاق. أو على علم من الله بي وباستحقاق. وذكر الضمير في «أوتيته» وهو للنعمة ذهابا به الى المعنى لأن قوله-نعمة منا-أي شيئا من النعم وقسما منها. أو هو عائد على اسم الموصول «ما» على معنى ان الذي أوتيته.
  • ﴿ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ:
  • بل: حرف اضراب للاستدراك بمعنى الانكار لقوله بمعنى: ما منحناك من النعمة لما تقول بل هي اختبار أو امتحان أو ابتلاء لك أن تشكر أو تكفر. هي: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. فتنة: خبر «هي» مرفوع بالضمة. وقد ذكر الضمير ثم أنث حملا على المعنى أولا وعلى اللفظ‍ آخرا ولما كان الخبر «فتنة» مؤنثا ساغ تأنيث المبتدأ لأجله لأنه في معناه.ويلاحظ‍ هنا أن هذه الآية عطفت بالفاء والآية الخامسة والأربعين عطفت بالواو لأن هذه الآية وقعت مسببة عن قوله-واذا ذكر الله وحده اشمأزت- على معنى أنهم يشمئزون عن ذكر الله ويستبشرون بذكر الآلهة فاذا مس أحدهم ضر دعا من اشمأز من ذكره دون من استبشر بذكرها. وما بين الآيتين من الآيات اعتراض. وأما الآية الخامسة والأربعون فلم تقع مسببة بل هي ناسبت ما قبلها فعطفت بالواو.
  • ﴿ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ:
  • الواو استدراكية. لكن: حرف مشبه بالفعل. اكثر:اسمها منصوب بالفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.والجملة الفعلية لا يَعْلَمُونَ» في محل رفع خبر «لكن».
  • ﴿ لا يَعْلَمُونَ:
  • نافية لا عمل لها. يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعولها اختصارا لأنه معلوم.أي لا يعلمون ذلك أي أن منحهم النعمة ابتلاء لهم.'

المتشابهات :

يونس: 12﴿وَ إِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا
الزمر: 8﴿وَ إِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ
الزمر: 49﴿فَـ إِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [49] لما قبلها :     وبعد تهديدِ المُشرِكينَ؛ ذكَرَ اللهُ هنا نوعًا آخرَ من أعمالِ المشركينَ القبيحةِ: عندَ الضُرِّ كفقرٍ ومرضٍ يفزعُونَ إلى اللهِ، وعندَ النِّعمةِ ينسِبُون ذلك لأنفسِهم، قال تعالى:
﴿ فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [50] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ..

التفسير :

[50] قد قال مقالتهم هذه مَن قبلهم مِن الأمم الخالية المكذبة، فما أغنى عنهم حين جاءهم العذاب ما كانوا يكسبونه من الأموال والأولاد.

قال تعالى:{ قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي:قولهم{ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} فما زالت متوارثة عند المكذبين، لا يقرون بنعمة ربهم، ولا يرون له حقا،.فلم يزل دأبهم حتى أهلكوا، ولم يغن{ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} حين جاءهم العذاب.

ثم بين- سبحانه- المصير السيئ للجاحدين السابقين ليعتبر بهم اللاحقون فقال: قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ.

والضمير في قوله قالَهَا يعود إلى ما حكاه- سبحانه- عن هذا الإنسان الجاحد من قوله: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ.

فهذه الكلمة قد قالها قارون عند ما نصحه الناصحون، فقد رد عليهم بقوله إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي فكانت نهايته أن خسف الله به وبداره الأرض.

أى: قد قال هذه الكلمة الدالة على الجحود والغرور، بعض الأقوام الذين سبقوا قومك.

والذين يشبهونهم في البطر والكنود، فكانت نتيجة ذلك أن أخذهم الله- تعالى- أخذ عزيز مقتدر، ولم ينفعهم شيئا ما جمعوه من حطام الدنيا، وما اكتسبوه من متاعها.

( قد قالها الذين من قبلهم ) أي : قد قال هذه المقالة وزعم هذا الزعم وادعى هذه الدعوى ، كثير ممن سلف من الأمم ( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ) أي : فما صح قولهم ولا منعهم جمعهم وما كانوا يكسبون .

القول في تأويل قوله تعالى : قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (50)

يقول تعالى ذكره: قد قال هذه المقالة يعني قولهم: لنعمة الله التي خولهم وهم مشركون: أوتيناه على علم عندنا( الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) يعني: الذي من قبل مشركي قريش من الأمم الخالية لرسلها, تكذيبا منهم لهم, واستهزاء بهم. وقوله.( فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) يقول: فلم يغن عنهم حين أتاهم بأس الله على تكذيبهم رسل الله واستهزائهم بهم ما كانوا يكسبون من الأعمال, وذلك عبادتهم الأوثان. يقول: لم تنفعهم خدمتهم إياها, ولم تشفع آلهتهم لهم عند الله حينئذ, ولكنها أسلمتهم وتبرأت منهم.

التدبر :

وقفة
[50] ﴿قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ قالها قارون وغيره: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ [القصص: 78]، فما دفعت عنهم أموالهم التي كسبوها عذاب الله، وهل سمعتم يومًا عن مال منع عن صاحبه عذاب ربه؟!
عمل
[50] ﴿قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ احذر! بعض الكلمات مشؤومة، تتسبب في إهلاك صاحبها!

الإعراب :

  • ﴿ قَدْ قالَهَا:
  • حرف تحقيق. قال: فعل ماض مبني على الفتح و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم يعود الى قوله إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ» لأنه جملة من القول أو كلمة
  • ﴿ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ:
  • اسم موصول مبني علي الفتح في محل رفع فاعل. من قبل: جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. أي الذين سبقوهم. وجملة «وجدوا من قبلهم» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ فَما أَغْنى عَنْهُمْ:
  • الفاء عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. اغنى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. عن: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بأغنى وهو في مقام المفعول به المقدم. أي فما نفعهم.
  • ﴿ ما كانُوا:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.
  • ﴿ يَكْسِبُونَ:
  • الجملة في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة كانُوا يَكْسِبُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: يكسبونه بمعنى: ما كانوا يربحونه أو ينتفعون به نفعا قليلا في الدنيا.'

المتشابهات :

الأعراف: 44﴿ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ
الأعراف: 48﴿ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ
الزمر: 50﴿ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [50] لما قبلها :     وبعد بيان حال هؤلاء المُشرِكينَ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا المصيرَ السيئ للمكذبين السابقين؛ ليعتبرَ بهم اللاحقون، قال تعالى:
﴿ قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [51] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ..

التفسير :

[51] فأصاب الذين قالوا هذه المقالة من الأمم الخالية وبال سيئات ما كسبوا من الأعمال، فعوجلوا بالخزي في الحياة الدنيا، والذين ظلموا أنفسهم من قومك -أيها الرسول-، وقالوا هذه المقالة، سيصيبهم أيضاً وبال سيئات ما كسبوا، كما أصاب الذين من قبلهم، وما هم بفائتين

{ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} والسيئات في هذا الموضع:العقوبات، لأنها تسوء الإنسان وتحزنه.{ وَالَّذِينَ ظَلَمُوا من هؤلاء سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} فليسوا خيرا من أولئك، ولم يكتب لهم براءة في الزبر.

فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا.. أى: فأصاب هؤلاء السابقين، العقاب الذي يستحقونه بسبب سيئاتهم التي اكتسبوها واقترفوها في دنياهم.

فالكلام على حذف مضاف. أى: فأصابهم جزاء سيئات كسبهم بأن أنزل الله- تعالى- بهم العقوبة التي يستحقونها بسبب إصرارهم على الكفر والمعاصي.

وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ أى: من هؤلاء المشركين المعاصرين لك- أيها الرسول الكريم-.

سَيُصِيبُهُمْ- أيضا- سيئات ما كسبوا، كما أصاب الذين من قبلهم.

وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أى: وما هم بفائتين أو هاربين من عذابنا.

( فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء ) أي : من المخاطبين ( سيصيبهم سيئات ما كسبوا ) أي : كما أصاب أولئك ، ( وما هم بمعجزين ) كما قال تعالى مخبرا عن قارون أنه قال له قومه : ( لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ) [ القصص : 76 - 78 ] ، وقال تعالى : ( وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ) [ سبأ : 35 ] .

وقوله: ( فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا ) يقول: فأصاب الذين قالوا هذه المقالة من الأمم الخالية وبال سيئات ما كسبوا من الأعمال, فعوجلوا بالخزي في دار الدنيا, وذلك كقارون الذي قال حين وعظ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي فخسف الله به وبداره الأرض فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ يقول الله عز وجل ثناؤه: ( وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ ) يقول لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: والذين كفروا بالله يا محمد من قومك, وظلموا أنفسهم وقالوا هذه المقالة سيصيبهم أيضا وبال ( سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا ) كما أصاب الذين من قبلهم بقيلهموها( وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ) يقول: وما يفوتون ربهم ولا يسبقونه هربا في الأرض من عذابه إذا نـزل بهم, ولكنه يصيبهم سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا ففعل ذلك بهم, فأحلّ بهم خزيه في عاجل الدنيا فقتلهم بالسيف يوم بدر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) الأمم الماضية ( وَالَّذِينَ ظَلَمُوا ) من هؤلاء, قال: من أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

التدبر :

تفاعل
[51] ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[51] الظلم لا محالة سيطال الظالم نفسه، وتلك حقيقة وأمر واقع لا فكاك منه بموجب هذه ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾.
وقفة
[51] ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ سنة الله في عقاب الظالمين ثابتة، لا تتغير على مدار الأزمان وباختلاف الأوطان.
وقفة
[51] ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ لا محاباة لقوم على حساب آخرين، فالظالمون أمة واحدة، ولم يكتب لأحد منهم براءة من العذاب في الزُّبر.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا:
  • تعرب اعراب وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا» الواردة في الآية الكريمة الثامنة والأربعين. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم.
  • ﴿ وَالَّذِينَ ظَلَمُوا:
  • الواو استئنافية. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. ظلموا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ مِنْ هؤُلاءِ:
  • من: حرف جر بياني. هؤلاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل جر بفي. والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من «الذين» الاسم الموصول بتقدير: حالة كونهم من هؤلاء المشركين أي مشركي قومك يا محمد.
  • ﴿ سَيُصِيبُهُمْ:
  • الجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر «الذين» السين حرف تسويف-استقبال-يصيب: فعل مضارع مرفوع بالضمة. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم.
  • ﴿ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا:
  • سبق اعرابها في بداية الآية الكريمة.
  • ﴿ وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية بمنزلة «ليس» في لغة الحجاز ولا عمل لها في لغة تميم. هم: ضمير منفصل في محل رفع اسم «ما» على اللغة الأولى ومبتدأ على اللغة الثانية. بمعجزين: الباء حرف جر زائد لتاكيد معنى النفي. معجزين: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» على اللغة الأولى ومرفوع محلا على أنه خبر «هم» على اللغة الثانية وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد بمعنى:فائتين. من أعجزه الشيء بمعنى: فاته. والكلمة اسم فاعل حذف مفعوله اختصارا ولأنه معلوم بمعنى: بفائتين الله لا يمكنهم الافلات منه سبحانه.'

المتشابهات :

النحل: 34﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
الجاثية: 33﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
الزمر: 48﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
الزمر: 51﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا ۚ وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَـٰؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ
الزمر: 51﴿ۚ وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَـٰؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [51] لما قبلها :     وبعد بيان أنه ما أغنى عن الأمم السابقة المكذبة حين جاءهم العذاب ما كانوا يكسبونه من الأموال والأولاد؛ بَيَّنَ هنا أنه أصاب هؤلاء السابقين العقاب الذي يستحقونه بسبب سيئاتهم التى اكتسبوها، وكذلك حال من كان مثلهم، قال تعالى:
﴿ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاء سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [52] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ ..

التفسير :

[52] أولم يعلم هؤلاء أن رزق الله للإنسان لا يدل على حسن حال صاحبه، فإن الله لبالغ حكمته يوسِّع الرزق لمن يشاء مِن عباده، صالحاً كان أو طالحاً، ويضيِّقه على مَن يشاء منهم؟ إن في ذلك التوسيع والتضييق في الرزق لَدلالات واضحات لقوم يُصدِّقون أمر الله ويعملون

ولما ذكر أنهم اغتروا بالمال، وزعموا - بجهلهم - أنه يدل على حسن حال صاحبه، أخبرهم تعالى، أن رزقه، لا يدل على ذلك، وأنه{ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} من عباده، سواء كان صالحا أو طالحا{ وَيَقْدِرُ} الرزق، أي:يضيقه على من يشاء، صالحا أو طالحا، فرزقه مشترك بين البرية،.والإيمان والعمل الصالح يخص به خير البرية.{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} أي:بسط الرزق وقبضه، لعلمهم أن مرجع ذلك، عائد إلى الحكمة والرحمة، وأنه أعلم بحال عبيده، فقد يضيق عليهم الرزق لطفا بهم، لأنه لو بسطه لبغوا في الأرض، فيكون تعالى مراعيا في ذلك صلاح دينهم الذي هو مادة سعادتهم وفلاحهم، واللّه أعلم.

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ أى: أعموا عن التفكر والإبصار، ولم يشاهدوا بأعينهم أن الله- تعالى- يوسع الرزق لمن يشاء من عباده، ويضيقه على من يشاء أن يضيقه عليه منهم، إذ أن ذلك مرجعه إلى مشيئته وحكمته- سبحانه- إذ سعة الرزق ليست دليلا على رضاه، كما أن ضيقه ليس دليلا على غضبه.

إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكرناه لَآياتٍ واضحات لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ بالحق ويستجيبون له، وينتفعون بالهدايات التي نسوقها لهم.

وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة، قد صورت حال المشركين أكمل تصوير، كما بينت ما أعدّ لهم من عذاب مقيم، بسبب إصرارهم على كفرهم، وإعراضهم عن دعوة الحق.

ثم فتح- سبحانه- لعباده باب رحمته، ونهاهم عن اليأس من مغفرته، وأمرهم أن يتوبوا إليه توبة صادقة نصوحا، قبل أن يفاجئهم الموت والحساب، فقال- تعالى:

وقوله : ( أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) أي : يوسعه على قوم ويضيقه على آخرين ، ( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) أي : لعبرا وحججا .

القول في تأويل قوله تعالى : أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52)

يقول تعالى ذكره: أولم يعلم يا محمد هؤلاء الذين كشفنا عنهم ضرهم, فقالوا: إنما أوتيناه على علم منا, أن الشدة والرخاء والسعة والضيق والبلاء بيد الله, دون كل من سواه , يبسط الرزق لمن يشاء, فيوسعه عليه, ويقدر ذلك على من يشاء من عباده, فيضيقه, وأن ذلك من حجج الله على عباده, ليعتبروا به ويتذكروا, ويعلموا أن الرغبة إليه والرهبة دون الآلهة والأنداد.( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ ) يقول: إن في بسط الله الرزق لمن يشاء, وتقتيره على من أراد لآيات, يعني: دلالات وعلامات ( لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) يعني: يصدقون بالحقّ, فيقرّون به إذا تبينوه وعلموا حقيقته أن الذي يفعل ذلك هو الله دون كل ما سواه.

التدبر :

عمل
[52] ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ﴾ لا تعلّق قلبك في رزقك -ولا في غيره- بغير الرزاق سبحانه، فهو الذي يعطي ويمنع.
تفاعل
[52] ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ﴾ سَل الله من فضله الآن.
وقفة
[52] ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أي: بسط الرزق وقبضه عائد إلى الحكمة والرحمة، وأنه أعلم بحال عبيده؛ فقد يضيق عليهم الرزق لطفًا بهم؛ لأنه لو بسطه لبغوا في الأرض، فيكون تعالى مراعيًا في ذلك صلاح دينهم الذي هو مادة سعادتهم وفلاحهم.
وقفة
[52] ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ يوسع على من يشاء من خلقه في رزقه؛ لأن منهم من لا يُصلحه إلا ذلك، ويقتر على من يشاء منهم في رزقه، لأنه لا يُصلحه إلا الإقتار، والله أعلم بعباده.
وقفة
[52] ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ يبسط الرزق للأغنياء ويطالبهم بالشكر، وهذا امتحانهم، ويضيق الرزق على الفقراء ويطالبهم بالصبر، وهذا امتحانهم.
تفاعل
[52] ﴿أَوَلَم يَعلَموا أَنَّ اللَّهَ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشاءُ وَيَقدِرُ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يُؤمِنونَ﴾ نعم، نعلم يا رب نعلم.
وقفة
[52] ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أرزاق الأرواح، إذا بسط رزق روحك لم تؤثر فيك فاقة، وإذا قبضه استنفد منك كل طاقة.
وقفة
[52] ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ يوسِّع ويضيِّق أرزاق الأبدان وأرزاق القلوب حسب مشيئته وعلمه وحكمته.
عمل
[52] ﴿يَبْسُطُ ... وَيَقْدِرُ﴾ كن راضيًا عن الله دائمًا.

الإعراب :

  • ﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
  • هذه الآية الكريمة تعرب اعراب الآية الكريمة السابعة والثلاثين من سورة الروم.'

المتشابهات :

التوبة: 63﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا
التوبة: 78﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّـهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
التوبة: 104﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ
الزمر: 52﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمُو أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [52] لما قبلها :     وبعد بيان أنه أصاب هؤلاء السابقين العقاب الذي يستحقونه بسبب سيئاتهم التى اكتسبوها، وكذلك حال من كان مثلهم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنه يرزق الصالح والطالح، وأن بسط الرزق أو قبضه ليس مؤشرًا على طاعة العبد أو معصيته، قال تعالى:
﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [53] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا ..

التفسير :

[53] قل -أيها الرسول- لعبادي الذين تمادَوا في المعاصي، وأسرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه نفوسهم من الذنوب:لا تَيْئسوا من رحمة الله؛ لكثرة ذنوبكم، إن الله يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها ورجع عنها مهما كانت، إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده، ا

يخبر تعالى عباده المسرفين بسعة كرمه، ويحثهم على الإنابة قبل أن لا يمكنهم ذلك فقال:{ قُلْ} يا أيها الرسول ومن قام مقامه من الدعاة لدين اللّه، مخبرا للعباد عن ربهم:{ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} باتباع ما تدعوهم إليه أنفسهم من الذنوب، والسعي في مساخط علام الغيوب.

{ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} أي:لا تيأسوا منها، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وتقولوا قد كثرت ذنوبنا وتراكمت عيوبنا، فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل يصرفها، فتبقون بسبب ذلك مصرين على العصيان، متزودين ما يغضب عليكم الرحمن، ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعا من الشرك، والقتل، والزنا، والربا، والظلم، وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار.{ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} أي:وصفه المغفرة والرحمة، وصفان لازمان ذاتيان، لا تنفك ذاته عنهما، ولم تزل آثارهما سارية في الوجود، مالئة للموجود،.تسح يداه من الخيرات آناء الليل والنهار، ويوالي النعم على العباد والفواضل في السر والجهار، والعطاء أحب إليه من المنع، والرحمة سبقت الغضب وغلبته، .ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما أسباب إن لم يأت بها العبد، فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة، أعظمها وأجلها، بل لا سبب لها غيره، الإنابة إلى اللّه تعالى بالتوبة النصوح، والدعاء والتضرع والتأله والتعبد،. فهلم إلى هذا السبب الأجل، والطريق الأعظم.

ذكر المفسرون في سبب نزول قوله- تعالى- قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ. روايات منها: ما رواه محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب قال: لما اجتمعنا على الهجرة. تواعدت أنا وهشام بن العاص بن وائل السّهمى وعيّاش بن أبى ربيعة بن عتبة، فقلنا: الموعد أضاة بنى غفار- أى: غدير بنى غفار- وقلنا: من تأخر منا فقد حبس فليمض صاحبه فأصبحت أنا وعياش بن عتبة، وحبس عنا هشام، وإذا به قد فتن فافتتن، فكنا نقول بالمدينة: هؤلاء قد عرفوا الله- عز وجل- وآمنوا برسوله صلّى الله عليه وسلم، ثم افتتنوا لبلاء لحقهم لا نرى لهم توبة، وكانوا هم- أيضا- يقولون هذا في أنفسهم.

فأنزل الله- عز وجل- في كتابه: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ.. إلى قوله- تعالى- أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ.

قال عمر: فكتبتها بيدي، ثم بعثتها إلى هشام. قال هشام: فلما قدمت على خرجت بها إلى ذي طوى فقلت: اللهم فهمنيها، فعرفت أنها نزلت فينا، فرجعت فجلست على بعيري فلحقت برسول الله صلّى الله عليه وسلم .

والأمر في قوله- تعالى-: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ موجه إلى الرسول صلّى الله عليه وسلم وإضافة العباد إلى الله- تعالى- للتشريف والتكريم.

والإسراف: تجاوز الحد في كل شيء، وأشهر ما يكون استعمالا في الإنفاق، كما في قوله- تعالى-: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا.

والمراد بالإسراف هنا: الإسراف في اقتراف المعاصي والسيئات، والخطاب للمؤمنين المذنبين. وعدى الفعل «أسرفوا» بعلى، لتضمنه معنى الجناية، أى جنوا على أنفسهم.

والقنوط: اليأس، وفعله من بابى ضرب وتعب. يقال: فلان قانط من الحصول على هذا الشيء، أى يائس من ذلك ولا أمل له في تحقيق ما يريده.

والمعنى: قل- أيها الرسول الكريم- لعبادي المؤمنين الذين جنوا على أنفسهم بارتكابهم للمعاصي، قل لهم: لا تيأسوا من رحمة الله- تعالى- ومن مغفرته لكم.

وجملة «إن الله يغفر الذنوب جميعا» تعليلية. أى: لا تيأسوا من رحمة الله- تعالى- لأنه هو الذي تفضل بمحو الذنوب جميعها. لمن يشاء من عباده المؤمنين العصاة.

إِنَّهُ- سبحانه- هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ أى: هو الواسع المغفرة والرحمة لمن يشاء من عباده المؤمنين، فهم إن تابوا من ذنوبهم قبل- سبحانه- توبتهم كما وعد تفضلا منه وكرما، وإن ماتوا دون أن يتوبوا، فهم تحت رحمته ومشيئته، إن شاء غفر لهم، وإن شاء عذبهم، ثم أدخلهم الجنة بفضله وكرمه.

أما غير المؤمنين، فإنهم إن تابوا من كفرهم ودخلوا في الإسلام، غفر- سبحانه- ما كان منهم قبل الإسلام لأن الإسلام يجبّ ما قبله.

وإن ماتوا على كفرهم فلن يغفر الله- تعالى- لهم، لقوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ.

قال الإمام الشوكانى: واعلم أن هذه الآية أرجى آية في كتاب الله، لاشتمالها على أعظم بشارة، فإنه أولا: أضاف العباد إلى نفسه لقصد تشريفهم، ومزيد تبشيرهم. ثم وصفهم بالإسراف في المعاصي.. ثم عقب على ذلك بالنهى عن القنوط من الرحمة.. ثم جاء بما لا يبقى بعده شك ولا يتخالج القلب عند سماعه ظن فقال: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ..

فالألف واللام قد صيرت الجمع الذي دخلت عليه للجنس الذي يستلزم استغراق أفراده، فهو في قوة إن الله يغفر كل ذنب كائنا ما كان، إلا ما أخرجه النص القرآنى وهو الشرك.

ثم لم يكتف بما أخبر به عباده من مغفرة كل ذنب، بل أكد ذلك بقوله جَمِيعاً فيا لها من بشارة ترتاح لها النفوس.. وما أحسن تعليل هذا الكلام بقوله: إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.. .

وقال الجمل في حاشيته ما ملخصه: وفي هذه الآية من أنواع المعاني والبيان أشياء حسنة،منها إقباله عليهم، ونداؤهم، ومنها: إضافتهم إليه إضافة تشريف، ومنها: الالتفات من التكلم إلى الغيبة، في قوله: مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، ومنها: إضافة الرحمة لأجل أسمائه الحسنى، ومنها: إعادة الظاهر بلفظه في قوله: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ ومنها: إبراز الجملة من قوله: إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ مؤكدة بإن، والفصل، وبإعادة الصفتين اللتين تضمنتهما الجملة السابقة.

وقال عبد الله بن مسعود وغيره: هذه أرجى آية في كتاب الله تعالى .

هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة ، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها ، وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر . ولا يصح حمل هذه [ الآية ] على غير توبة ; لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه .

وقال البخاري : حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام بن يوسف ; أن ابن جريج أخبرهم : قال يعلى : إن سعيد بن جبير أخبره عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] ; أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا ، وزنوا فأكثروا . فأتوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة . فنزل : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ) [ الفرقان : 68 ] ، ونزل [ قوله ] : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) .

وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي ، من حديث ابن جريج ، عن يعلى بن مسلم المكي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، به .

والمراد من الآية الأولى قوله : ( إلا من تاب وآمن وعمل صالحا ) الآية . [ الفرقان : 70 ] .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو قبيل قال : سمعت أبا عبد الرحمن المري يقول : سمعت ثوبان - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية : ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ) إلى آخر الآية ، فقال رجل : يا رسول الله ، فمن أشرك ؟ فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : " ألا ومن أشرك " ثلاث مرات . تفرد به الإمام أحمد .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا سريج بن النعمان ، حدثنا روح بن قيس ، عن أشعث بن جابر الحداني ، عن مكحول ، عن عمرو بن عبسة قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - شيخ كبير يدعم على عصا له ، فقال : يا رسول الله إن لي غدرات وفجرات ، فهل يغفر لي ؟ فقال : " ألست تشهد أن لا إله إلا الله ؟ " قال : بلى ، وأشهد أنك رسول الله . فقال : " قد غفر لك غدراتك وفجراتك " . تفرد به أحمد .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ : ( إنه عمل غير صالح ) [ هود : 46 ] وسمعته يقول : " ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) ولا يبالي ( إنه هو الغفور الرحيم )

ورواه أبو داود والترمذي ، من حديث ثابت ، به .

فهذه الأحاديث كلها دالة على أن المراد : أنه يغفر جميع ذلك مع التوبة ، ولا يقنطن عبد من رحمة الله ، وإن عظمت ذنوبه وكثرت ; فإن باب التوبة والرحمة واسع ، قال الله تعالى : ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ) [ التوبة : 104 ] ، وقال تعالى : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) [ النساء : 110 ] ، وقال تعالى في حق المنافقين : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا ) [ النساء : 146 ، 145 ] ، وقال ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ) [ المائدة : 73 ] ، ثم قال ( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) [ المائدة : 74 ] ، وقال ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا ) [ البروج : 10 ] .

قال الحسن البصري : انظر إلى هذا الكرم والجود ، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة ! .

والآيات في هذا كثيرة جدا .

وفي الصحيحين عن أبي سعيد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث الذي قتل تسعا وتسعين نفسا ، ثم ندم وسأل عابدا من عباد بني إسرائيل : هل له من توبة ؟ فقال : لا . فقتله وأكمل به مائة . ثم سأل عالما من علمائهم : هل له من توبة ؟ فقال : ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ثم أمره بالذهاب إلى قرية يعبد الله فيها ، فقصدها فأتاه الموت في أثناء الطريق ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فأمر الله أن يقيسوا ما بين الأرضين ، فإلى أيهما كان أقرب فهو منها . فوجدوه أقرب إلى الأرض التي هاجر إليها بشبر ، فقبضته ملائكة الرحمة . وذكر أنه نأى بصدره عند الموت ، وأن الله أمر البلدة الخيرة أن تقترب ، وأمر تلك البلدة أن تتباعد هذا معنى الحديث ، وقد كتبناه في موضع آخر بلفظه .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما [ في ] قوله : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) إلى آخر الآية ، قال : قد دعا الله إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله ، ومن زعم أن المسيح هو ابن الله ، ومن زعم أن عزيرا ابن الله ، ومن زعم أن الله فقير ، ومن زعم أن يد الله مغلولة ، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة ، يقول الله تعالى لهؤلاء : ( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) [ المائدة : 74 ] ثم دعا إلى توبته من هو أعظم قولا من هؤلاء ، من قال : ( أنا ربكم الأعلى ) [ النازعات : 24 ] ، وقال ( ما علمت لكم من إله غيري ) [ القصص : 38 ] . قال ابن عباس [ رضي الله عنهما ] من آيس عباد الله من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله ، ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه .

وروى الطبراني من طريق الشعبي ، عن شتير بن شكل أنه قال : سمعت ابن مسعود يقول إن أعظم آية في كتاب الله : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) [ البقرة : 255 ] ، وإن أجمع آية في القرآن بخير وشر : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) [ النحل : 90 ] ، وإن أكثر آية في القرآن فرجا في سورة الغرف : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) ، وإن أشد آية في كتاب الله تصريفا ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) [ الطلاق : 3 ، 2 ] . فقال له مسروق : صدقت .

وقال الأعمش ، عن أبي سعيد ، عن أبي الكنود قال : مر عبد الله - يعني ابن مسعود - على قاص ، وهو يذكر الناس ، فقال : يا مذكر لم تقنط الناس ؟ ثم قرأ : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) رواه ابن أبي حاتم .

ذكر أحاديث فيها نفي القنوط :

قال الإمام أحمد : حدثنا سريج بن النعمان ، حدثنا أبو عبيدة عبد المؤمن بن عبيد الله ، حدثني أخشن السدوسي قال : دخلت على أنس بن مالك فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " والذي نفسي بيده ، لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ، ثم استغفرتم الله لغفر لكم ، والذي نفس محمد بيده ، لو لم تخطئوا لجاء الله بقوم يخطئون ، ثم يستغفرون الله فيغفر لهم " تفرد به [ الإمام ] أحمد . وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى حدثني ليث حدثني محمد بن قيس - قاص عمر بن عبد العزيز - عن أبي صرمة ، عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أنه قال حين حضرته الوفاة : قد كنت كتمت منكم شيئا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لولا أنكم تذنبون ، لخلق الله قوما يذنبون فيغفر لهم " .

هكذا رواه الإمام أحمد ، وأخرجه مسلم في صحيحه ، والترمذي جميعا ، عن قتيبة ، عن الليث بن سعد به . ورواه مسلم من وجه آخر به ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن أبي صرمة - وهو الأنصاري صحابي - عن أبي أيوب به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أحمد بن عبد الملك الحراني ، حدثنا يحيى بن عمرو بن مالك النكري قال : سمعت أبي يحدث عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كفارة الذنب الندامة " ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون ، فيغفر لهم " تفرد به أحمد .

وقال عبد الله ابن الإمام أحمد : حدثني عبد الأعلى بن حماد النرسي ، حدثنا داود بن عبد الرحمن ، حدثنا أبو عبد الله مسلمة الرازي ، عن أبي عمرو البجلي ، عن عبد الملك بن سفيان الثقفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن محمد بن الحنفية ، عن أبيه ، علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يحب العبد المفتن التواب " . لم يخرجوه من هذا الوجه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، أخبرنا ثابت وحميد ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : إن إبليس - عليه لعائن الله - قال : يا رب ، إنك أخرجتني من الجنة من أجل آدم ، وإني لا أستطيعه إلا بسلطانك . قال : فأنت مسلط . قال : يا رب ، زدني . قال : لا يولد له ولد إلا ولد لك مثله . قال : يا رب ، زدني . قال : أجعل صدورهم مساكن لكم ، وتجرون منهم مجرى الدم . قال : يا رب ، زدني . قال : أجلب عليهم بخيلك ورجلك ، وشاركهم في الأموال والأولاد ، وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا . فقال آدم [ عليه السلام ] يا رب ، قد سلطته علي ، وإني لا أمتنع [ منه ] إلا بك . قال : لا يولد لك ولد إلا وكلت به من يحفظه من قرناء السوء . قال : يا رب ، زدني . قال : الحسنة عشر أو أزيد ، والسيئة واحدة أو أمحوها . قال : يا رب ، زدني . قال : باب التوبة مفتوح ما كان الروح في الجسد . قال : يا رب ، زدني . قال : ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) .

وقال محمد بن إسحاق : قال نافع : عن عبد الله بن عمير ، عن عمر - رضي الله عنه - في حديثه قال : وكنا نقول ما الله بقابل ممن افتتن صرفا ولا عدلا ولا توبة ، عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم . قال : وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم . قال : فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، أنزل الله فيهم وفي قولنا وقولهم لأنفسهم : ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون )

.

قال عمر ، رضي الله عنه : فكتبتها بيدي في صحيفة ، وبعثت بها إلى هشام بن العاص قال : فقال هشام : لما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى أصعد بها فيه وأصوت ولا أفهمها ، حتى قلت : اللهم أفهمنيها . قال : فألقى الله في قلبي أنها إنما أنزلت فينا ، وفيما كنا نقول في أنفسنا ، ويقال فينا . فرجعت إلى بعيري فجلست عليه ، فلحقت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)

اختلف أهل التأويل في الذين عُنُوا بهذه الآية, فقال بعضهم: عني بها قوم من أهل الشرك, قالوا لما دعوا إلى الإيمان بالله: كيف نؤمن وقد أشركنا وزنينا, وقتلنا النفس التي حرّم الله, والله يعد فاعل ذلك النار, فما ينفعنا مع ما قد سلف منا الإيمان, فنـزلت هذه الآية.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي , عن أبيه, عن ابن عباس: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) وذلك أن أهل مكة قالوا: يزعم محمد أنه من عبد الأوثان, ودعا مع الله إلها آخر, وقتل النفس التي حرّم الله لم يغفر له, فكيف نهاجر ونسلم, وقد عبدنا الآلهة, وقتلنا النفس التي حرم الله ونحن أهل الشرك؟ فأنـزل الله: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) يقول: لا تيأسوا من رحمتي, إن الله يغفر الذنوب جميعا وقال: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ وإنما يعاتب الله أولي الألباب وإنما الحلال والحرام لأهل الإيمان, فإياهم عاتب, وإياهم أمر إن أسرف أحدهم على نفسه, أن لا يقنط من رحمة الله, وأن ينيب ولا يبطئ بالتوبة من ذلك الإسراف, والذنب الذي عمل، وقد ذكر الله في سورة آل عمران المؤمنين حين سألوا الله المغفرة, فقالوا: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا فينبغي أن يعلم أنهم قد كانوا يصيبون الإسراف, فأمرهم بالتوبة من إسرافهم.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) قال: قتل النفس في الجاهلية.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, قال: ثني ابن إسحاق, عن بعض أصحابه, عن عطاء بن يسار, قال: نـزلت هذه الآيات الثلاث بالمدينة في وحشيّ (3) وأصحابه ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) إلى قوله: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ .

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني أبو صخر, قال: قال زيد بن أسلم, في قوله: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) قال: إنما هي للمشركين.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) حتى بلغ ( الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) قال: ذكر لنا أن أناسا أصابوا ذنوبا عظاما في الجاهلية, فلما جاء الإسلام أشفقوا أن لا يتاب عليهم, فدعاهم الله بهذه الآية: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ).

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ في قوله: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) قال: هؤلاء المشركون من أهل مكة, قالوا: كيف نجيبك وأنت تزعم أنه من زنى, أو قتل, أو أشرك بالرحمن كان هالكا من أهل النار؟ فكلّ هذه الأعمال قد عملناها، فأنـزلت فيهم هذه الآية: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ).

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) ... الآية قال: كان قوم مسخوطين في أهل الجاهلية, فلما بعث الله نبيه قالوا: لو أتينا محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فآمنا به واتبعناه، فقال بعضهم لبعض: كيف يقبلكم الله ورسوله فى دينه؟ فقالوا: ألا نبعث إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رجلا؟ فلما بعثوا, نـزل القرآن: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) فقرأ حتى بلغ: فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ .

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن الشعبي, قال: تجالس شتير بن شكل ومسروق فقال شتير: إما أن تحدث ما سمعت من ابن مسعود فأصدّقك, وإما أن أحدّث فتصدّقني فقال مسروق: لا بل حدث فأصدّقك, فقال: سمعت ابن مسعود يقول: إن أكبر آية فرجا في القرآن ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) فقال مسروق: صدقت.

وقال آخرون: بل عني بذلك أهل الإسلام, وقالوا: تأويل الكلام: إن الله يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء, قالوا: وهي كذلك في مصحف عبد الله, وقالوا: إنما نـزلت هذه الآية في قوم صدّهم المشركون عن الهجرة وفتنوهم, فأشفقوا أن لا يكون لهم توبة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري, قال: ثنا يحيى بن سعيد الأموي , عن ابن إسحاق, عن نافع, عن ابن عمر قال: قال يعني عمر: كنا نقول: ما لمن افتتن من توبة، وكانوا يقولون: ما الله بقابل منا شيئا, تركنا الإسلام ببلاء أصابنا بعد معرفته, فلما قدم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم المدينة أنـزل الله فيهم: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه ) ... الآية, قال عمر: فكتبتها بيدي, ثم بعثت بها إلى هشام بن العاص , قال هشام: فلما جاءتني جعلت أقرؤها ولا أفهمها, فوقع في نفسي أنها أنـزلت فينا لما كنا نقول, فجلست على بعيري, ثم لحقت بالمدينة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, قال: ثني محمد بن إسحاق, عن نافع, عن ابن عمر, قال: إنما أنـزلت هذه الآيات في عياش بن أبي ربيعة, والوليد بن الوليد, ونفر من المسلمين, كانوا أسلموا ثم فتنوا وعذّبوا, فافتنوا، كنا نقول: لا يقبل الله من هؤلاء صرفا ولا عدلا أبدا، قوم أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عُذّبوه, فنـزلت هؤلاء الآيات, وكان عمر بن الخطاب كاتبا، قال: فكتبها بيده ثم بعث بها إلى عَيَّاش بن أبي ربيعة, والوليد بن الوليد, إلى أولئك النفر, فأسلموا وهاجروا.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا يونس, عن ابن سيرين, قال: قال عليّ رضي الله عنه : أي آية في القرآن أوسع ؟ فجعلوا يذكرون آيات من القرآن: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا . ونحوها, فقال علي: ما في القرآن آية أوسع من: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) ... إلى آخر الآية.

حدثنا أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن أبي سعيد الأزدي, عن أبي الكنود, قال: دخل عبد الله المسجد, فإذا قاصّ يذكر النار والأغلال, قال: فجاء حتى قام على رأسه, فقال ما يذكر أتقنط الناس ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) ... الآية.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني أبو صخر, عن القرظي أنه قال في هذه الآية: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) قال: هي للناس أجمعين.

حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة, قال: ثنا حجاج, قال: ثنا ابن لهيعة, عن أبي قنبل, قال: سمعت أبا عبد الرحمن المزني يقول: ثني أبو عبد الرحمن الجلائي, أنه سمع ثوبان مولى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: " ما أُحِبُّ أنَّ لِي الدُّنْيَا وَمَا فِيها بهذه الآية: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ )"... الآية, فقال رجل: يا رسول الله, ومن أشرك ؟ فسكت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , ثم قال: " ألا وَمَنْ أشْرَكَ, ألا ومَنْ أشْرَكَ, ثلاث مرات ".

وقال آخرون: نـزل ذلك في قوم كانوا يرون أهل الكبائر من أهل النار, فأعلمهم الله بذلك أنه يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني ابن البرقي, قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة, قال: ثنا أبو معاذ الخراساني, عن مقاتل بن حيان, عن نافع, عن ابن عمر, قال: كنا معشر أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نرى أو نقول: إنه ليس شيء من حسناتنا إلا وهي مقبولة, حتى نـزلت هذه الآية أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ فلما نـزلت هذه الآية قلنا: ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا: الكبائر والفواحش, قال: فكنا إذا رأينا من أصاب شيئا منها قلنا: قد هلك, حتى نـزلت هذه الآية إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ فلما نـزلت هذه الآية كففنا عن القول في ذلك, فكنا إذا رأينا أحدا أصاب منها شيئا خفنا عليه, إن لم يصب منها شيئا رجونا له.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عنى تعالى ذكره بذلك جميع من أسرف على نفسه من أهل الإيمان والشرك, لأن الله عم بقوله ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) جميع المسرفين, فلم يخصص به مسرفا دون مسرف.

فإن قال قائل: فيغفر الله الشرك؟ قيل: نعم إذا تاب منه المشرك. وإنما عنى بقوله ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) لمن يشاء, كما قد ذكرنا قبل, أن ابن مسعود كان يقرؤه: وأن الله قد استثنى منه الشرك إذا لم يتب منه صاحبه, فقال: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ , فأخبر أنه لا يغفر الشرك إلا بعد توبة بقوله: إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا . فأما ما عداه فإن صاحبه في مشيئة ربه, إن شاء تفضل عليه, فعفا له عنه, وإن شاء عدل عليه فجازاه به.

وأما قوله: ( لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) فإنه يعني: لا تيأسوا من رحمة الله. كذلك حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس.

وقد ذكرنا ما في ذلك من الروايات قبل فيما مضى وبيَّنا معناه.

وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) يقول: إن الله يستر على الذنوب كلها بعفوه عن أهلها وتركه عقوبتهم عليها إذا تابوا منها( إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) بهم, أن يعاقبهم عليها بعد توبتهم منها.

-----------------

الهوامش :

(3) هو وحشي بن حرب الحبشي مولى جبير بن مطعم ، وهو قاتل حمزة بن عبد المطلب في غزوة أحد ، وكان فاتكا يشرب الخمر ثم أسلم بعد . ( انظر خلاصة الخزرجي ) .

التدبر :

وقفة
[53] ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ﴾ تظن أنت أنه سيصفهم بأعظم القربات والطاعات، وإذا به يذكر إسرافهم بلا حد، ويفتح لهم أبواب رحمته بلا حد.
وقفة
[53] ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم﴾ سبحان الله! أسرفوا ويناديهم ياعبادي! فكيف يكون قرب المقتصد والسابق بالخيرات!
وقفة
[53] ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم﴾ ما أرحم الله! رغم إسرافنا فيما لا يحب ينادينا بما نحب.
وقفة
[53] ﴿قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ﴾ كثيرون يتلون هذه الآية فتنصرف أفئدتهم إلى بعض من يعرفون ممن أسرف على نفسه، دون أن يشعروا أنهم معنيون بذلك ابتداءً! وهذا من أخطر أنواع الإسراف؛ لما في ذلك من التزكية للنفس، والغفلة عن محقرات الذنوب حتى يهلك.
وقفة
[53] ﴿قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ﴾ قال عبد الله بن مسعود وغيره: «هذه أرجى آية في كتاب الله تعالى».
عمل
[53] ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله﴾ لا تجعل ذنوبك خادشة لحسن ظنك بالرحمن.
عمل
[53] ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله﴾ حافظ علي حسن ظنك بربك، إياك أن يتسلل اليأس من رحمة الله إليك، ليس لعطاء الله حد.
وقفة
[53] ﴿قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ﴾ إسرافهم على أنفسهم لم يخرجهم من دائرة (عبادي).
وقفة
[53] ﴿قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ﴾ إذا كانت هذه رحمته بالمسرف على نفسه، فكيف رحمته بالتائب؟!
اسقاط
[53] ﴿قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ﴾ مغبون من قرأ هذا التطمين الإلهي ثم يسمح لشيطانه أن يقنِّطه!
عمل
[53] لا تتردد في العودة إلى الله مهما لوثتك الخطايا والذنوب ﴿قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله﴾.
وقفة
[53] ﴿قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ﴾ إنها الرحمة التي تسع كل معصية مهما كانت، إنها دعوة العصاة المبعدين في تيه الضلال إلى الأمل والثقة بعفو الله، فإذا ما تسلطت عليه لحظة يأس وقنوط، سمع هذا النداء الندي اللطيف، الذي يعلن أنه ليس بين المسرف على نفسه إلا الدخول في هذا الباب الذي ليس عليه بواب يمنع، ولا يحتاج من يلج فيه إلى استئذان.
وقفة
[53] ﴿قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ ...﴾ رسالة طمأنة.
وقفة
[53] ﴿قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ ...﴾ قال أحدهم: «كلما ضاقت بي الدنيا صليت وقرأت هذه الآية، فاتسع كل ضيف، وانفرج كل مضيق».
عمل
[53] مهما تعاظمت ذنوبك تذكر قول الله: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
عمل
[53] إذا كانت البشارة بالمغفرة والرحمة للمسرف في الذنوب فهي لغيره من باب أولى، فبادر بالتوبة.
وقفة
[53] قال ابن مسعود: ما في القرآن آية أعظم فرجًا من آية في سورة الغرف -أي: الزُّمر-: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
وقفة
[53] قيل أنها أرجى آية تفتح أبواب الرحمة للتائبين ﴿قل يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم﴾.
وقفة
[53] ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا﴾ لم يذنبوا فحسب، بل أسرفوا بها ﴿لا تقنطوا﴾ تطمينًا لهم ﴿يغفر الذنوب جميعا﴾ كلها، ما أرحمك ربي! ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
وقفة
[53] قال أحدهم: «أشهد أن آية غيرت حياتي، كنت مولعًا بسماع الأغاني الغربية، وذات مرة وأنا أسير بسيارتي، ثم أقفلت المسجل، فإذا بقارئ في إذاعة القرآن يقرأ: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾، فشعرت أن الله سبحانه يدعوني إلي التوبة، ومنذ ذلك الحين والأغاني من أبغض الأشياء إلي قلبي بفضل الله».
وقفة
[53] يراك تُذنب فيمهلك ويسترك، ثم يوفقك للتوبة ويلهمك الاستغفار، ثم يعفو عنك ويرضى عنك ويفرح بتوبتك، ثم يبدل سيئاتك حسنات، إنه الله جل في علاه.
وقفة
[53] الذنوب حواجز بين العبد وبين رحمة ربه، إذا كثرت ازداد بعده عن ربه الذي يمهله ولا يهمله، ويعطيه ولا يحرمه، ويستر عليه ولا يفضحه، والتوبة تزيل كل تلك الحواجز.
وقفة
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ﴾ يكفيك أن الله الكريم كرَّمك ونسبك إلى ذاته العليَّة.
وقفة
[53] تأمل النداء: ﴿يَا عِبَادِيَ﴾ مع أنهم عُصاه! وفي الحديث قال ﷺ: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ، مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِى الَّذِى كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ» [مسلم 2744].
وقفة
[53] من نادهم بـ ﴿يَا عِبَادِيَ﴾ وهم مذنبون، هل يُعرض عنهم وهم تائبون؟!
وقفة
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا﴾ أسرفوا في الذنب، ولا زال يناديهم بـ (يا عبادي).
لمسة
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ﴾ (أسرفوا) حتى الذنوب فيها إسراف، فمن اقتصد سهلت عليه الإنابة.
وقفة
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ﴾ ما أرحمه! رغم إسرافك فيما لا يحب يناديك بما تحب.
وقفة
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا﴾ هؤلاء من أسرفوا قبل أن يتوبوا يقال لهم لا تقنطوا، فكيف بمن تابوا!
وقفة
[53] قال ابن عباس لابن عمرو بن العاص: أي آية في القرآن أرجى عندك؟ فقال: قول الله: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا﴾ ، فقال ابن عباس: لكن أنا أقول: قول الله: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ﴾ [البقرة: 260]، فرضي من إبراهيم قوله: ﴿بَلَىٰ﴾، فهذا لما يعرض في الصدور، ويوسوس به الشيطان.
وقفة
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾ سبحان من يعلم إسرافنا، ويفتح بابه ليغفر لنا!
وقفة
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾ تاريخك المظلم (بالمعاصي) يمحوه حاضرك المشرق (بالطاعات).
وقفة
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾ مع عظم الذنب يناديهم بألطف نداء، ويزيل ما في قلوبهم من يأس، ويعدهم بأعظم عفو.
وقفة
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾ ما أرحم الله ﷻ وأحلمه بعباده! يضيفهم لنفسه مع أنهم أسرفوا في معصيته.
وقفة
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾ سعة رحمة الله بخلقه.
وقفة
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾ من رحمته ينادي المدبر عنه، وينهاه عن اليأس من رحمته!
وقفة
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾ سبحان من يرحم من عليهم نقسو!
عمل
[53] ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ﴾ مهما أسرفت على نفسِك بالذنوب والمعاصِي فأنتَ أمامَ رحيم بعباده، يقبَل منك التَّوبة فسارع بِها وسَيغفر الله لك.
وقفة
[53] مالم يغرغر المرء فقد ناداه ربه ومولاه ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾، فيا حسرة من غلبه الشيطان؛ ففرط في هذا النداء!
وقفة
[53] عجبًا لهذا القرآن حقًّا، كلما أخطأنا وأسرفنا على أنفسنا نادانا بنداء التوبة من جديد ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾.
وقفة
[53] ينادي المسرفين بـ﴿يا عبادي﴾ ويعطيهم الأمل بـ﴿لا تقنطوا﴾ ثم يبشرهم ﴿إن الله يغفر الذنوب جميعا﴾، فكيف بالمقبلين إليه؟
وقفة
[53] ﴿يا عبادي﴾ نداء الاستحباب والتشريف ﴿الذين أسرفوا﴾ توصيف لحالهم ﴿لا تقنطوا﴾ طمأنة لهم ﴿إن الله يغفر الذنوب جميعا﴾ بشرى.
وقفة
[53] من النداءات القرآنية: ﴿لَا تَقْنَطُوا﴾، ﴿وَلَا تَيْأَسُوا﴾ [يوسف: 87]، ﴿وَلَا تَهِنُوا﴾، ﴿وَلَا تَحْزَنُوا﴾ [آل عمران: 139] القرآن يدعوك للرضا والتفاؤل، ويبعث فيك الأمل دائمًا.
عمل
[53] في القرآن الكريم ما يبعث على التفاؤل: ﴿لَا تَقْنَطُوا﴾، ﴿وَلَا تَيْأَسُوا﴾ [يوسف: 87]، ﴿وَلَا تَهِنُوا﴾، ﴿وَلَا تَحْزَنُوا﴾ [آل عمران: 139] فتفاءلوا يا أهل القرآن.
وقفة
[53] ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾ ربما عندما نصل إلى أول نقطة بمرحلة اليأس يكون الفرج هناك أقرب ينتظرنا! فالله قادر على قلب الموازين في آخر اللحظات.
وقفة
[53] ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾ قنوطك من رحمة الله أعظم من الذنب الذي أنت عليه.
وقفة
[53] ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾ من رحمته الواسعة، أن القانط من رحمته يأثم! إذ أنها رحمة لا يُقنط منها.
عمل
[53] ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾ لا تقطع رجاءك بالله مهما اشتدت الخطوب أو توالت الكروب، فاليأس زيادة في الشقاء وبلاء فوق البلاء.
عمل
[53] ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾ مهما كنت محبطًا لا تيأس!
عمل
[53] ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ﴾ لا تقنط يا صديقي من أجل جرحٍ أصاب قلبك، فذلك الجرح الذي ولد في قلبك سيمحيه الله برحمته وفضله.
وقفة
[53] ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ﴾ لم يغلق بابه، لم يسدل حجابه، لم تنفذ خزائنه، لم ينته فضله، لم ينقطع حبله، سبحانه ما أكرمه وما أعظمه وما أحلمه!
عمل
[53] كم في القرآن من بشائر ومفاتح تفاؤل! ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ﴾ [الشورى: 28]، فها هي الأرض تسقى بعد جدبها؛ فلننتظر بشائر عزة الأمة ونصرها ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا﴾ [يوسف: ١١٠]، ولنتفاءل بعودة الغائب بعد طول عناء ﴿وَلَا تَاْيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٧]، فأملوا خيرًا ﴿لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ مهما طال الزمن واستحكم البلاء.
وقفة
[53] لا يموت الأمل ما دام الإيمانُ بصحّةٍ جيّدة ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾.
وقفة
[53] ما أحلم ربي يستر العاصي، ولا يعاجله بالعقوبة، ويفتح له باب رحمته ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾، فإذا تاب بدل سيئاته حسنات!
وقفة
[53] عصيته، فنهاك عن اليأس من رحمته، ثم دعاك للتوبة، ثم وعدك بقبولها إنه الله سبحانه ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ﴾.
وقفة
[53] باب التوبة يتسع لكل أحد، لا يشكو من ضيقه إلا محروم ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾.
وقفة
[53] سبحان من لا يتعاظمه شيء أن يعطيه، ولا ذنب أن يغفره: ﴿وآتاكم من كل ما سألتموه﴾ [إبراهيم: 34]، ﴿لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا﴾.
وقفة
[53] ﴿إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ الله يغفر وﻻ (يبالي).
وقفة
[53] ﴿إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ من رحمة الله أنه لم يُقيِّد المغفرة بذنب؛ بل أطلقها بلفظ جميعًا.
وقفة
[53] ﴿إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلاَنِيَتَهُ وَسِرَّهُ» [مسلم 483]، دِقَّهُ وَجِلَّهُ: أي صغيره وكبيره، وفسرهما النووي بالقليل والكثير.
تفاعل
[53] ﴿إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ ادعُ الله الآن أن يغفر لك.
وقفة
[53] ﴿إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ (جميعًا) تحتمل: كلما أذنب يتوب فيتوب الله عليه، وتحتمل: أنه أخر التوبة فتراكمت ذنوبه فغفرها الله دفعة واحدة.
عمل
[53] لا تحدثني عن تفاصيل الخطيئة، أي شيء ستقوله، أي جرم فاجع أو فادح، كل شيء داخل تحت العموم تب إلى الله فقط ﴿إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾.
عمل
[53] لو بلغت ذنوبك عنان السماء، لا تيأس من رحمة الله ﴿إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾.
اسقاط
[53] ﴿إن الله يغفر الذنوب جميعاً﴾ لو أتيته تائبًا قد بلغت ذنوبك عنان السماء؛ لأتاك بغفرانه ورحمته، فماذا تنتظر يا من عصيت؟!
وقفة
[53] ﴿إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ جمع الله بين المغفرة والرحمة في ختام الآية؛ لأنه كريم يتجاوز عن الزلل ويُكرم برحمته، فقد يغفر أحدنا عثرات غيره لكن ليس شرطًا أن يرحمه؛ لكن الله سبحانه من واسع كرمه أنه مع مغفرته لذنب عبده فهو يرحمه ويكرمه بعد عفوه.
وقفة
[53] ﴿إنه هو الغفور الرحيم﴾ ثلاث آيات ليس لهنَّ رابعة بهذا اللفظ، جاءت في سياق عظائم الذنوب: في يوسف عقوق لأبيهم، وفي القصص قتل للنفس، وفي الزمر إسراف للذنوب.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ يا عِبادِيَ:
  • أداة نداء. عبادي: منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الَّذِينَ أَسْرَفُوا:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة-نعت- للعباد. أسرفوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ عَلى أَنْفُسِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بأسرفوا و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة وجملة أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. بمعنى: بالغوا بارتكاب الذنوب.
  • ﴿ لا تَقْنَطُوا:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به-مقول القول-لا: ناهية جازمة. تقنطوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون.الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بتقنطوا. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة أي لا تيأسوا.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله: اسم «انّ» منصوب للتعظيم بالفتحة. يغفر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. وجملة «يغفر» وما بعدها في محل رفع خبر «ان» بمعنى يغفرها لمن تاب أي بشرط‍ التوبة.
  • ﴿ الذُّنُوبَ جَمِيعاً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. جميعا: توكيد للذنوب أي كلها ويجوز أن تكون حالا من الذنوب منصوبة على تقدير مجتمعة.
  • ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسمها. هو ضمير فصل أو عماد لا محل له من الاعراب. الغفور الرحيم: خبران لان على التتابع مرفوعان بالضمة.ويجوز أن يكون «الرحيم» صفة للغفور. ويجوز أن يكون «هو» ضميرا منفصلا في محل رفع مبتدأ الغفور الرحيم: خبرا «هو» أي خبر بعد خبر.والجملة الاسمية هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» في محل رفع خبر «ان».'

المتشابهات :

سبإ: 2﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۚ وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ
يونس: 107﴿يُصِيبُ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
يوسف: 98﴿إِنَّهُۥ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الحجر: 49﴿نَبِّئۡ عِبَادِيٓ أَنِّيٓ أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
القصص: 16﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي فَٱغۡفِرۡ لِي فَغَفَرَ لَهُۥٓۚ إِنَّهُۥ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الزمر: 53﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الشورى: 5﴿أَلَآ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الأحقاف: 8﴿كَفَىٰ بِهِۦ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۖ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنفُسِهِمْ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: نَزَلَتْ في أهْلِ مَكَّةَ، قالُوا: يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أنَّ مَن عَبَدَ الأوْثانَ وقَتَلَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، لَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَكَيْفَ نُهاجِرُ ونُسْلِمُ وقَدْ عَبَدْنا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ، وقَتَلْنا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.وقالَ ابْنُ عُمَرَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآياتُ في عَيّاشِ بْنِ أبِي رَبِيعَةَ، والوَلِيدِ بْنِ الوَلِيدِ، ونَفَرٍ مِنَ المُسْلِمِينَ كانُوا أسْلَمُوا ثُمَّ فُتِنُوا وعُذِّبُوا فافَتُتِنُوا، فَكُنّا نَقُولُ: لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِن هَؤُلاءِ صَرْفًا ولا عَدْلًا أبَدًا، قَوْمٌ أسْلَمُوا ثُمَّ تَرَكُوا دِينَهم بِعَذابٍ عُذِّبُوا بِهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآياتُ. وكانَ عُمَرُ كاتِبًا فَكَتَبَها إلى عَيّاشِ بْنِ أبِي رَبِيعَةَ والوَلِيدِ بْنِ الوَلِيدِ وإلى أُولَئِكَ النَّفَرِ، فَأسْلَمُوا وهاجَرُوا.أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرّاجُ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنِ الكارِزِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، قالَ: أخْبَرَنا القاسِمُ بْنُ سَلّامٍ قالَ: حَدَّثَنا حَجّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قالَ: حَدَّثَنِي يَعْلى بْنُ مُسْلِمٍ، أنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ ناسًا مِن أهْلِ الشِّرْكِ كانُوا قَدْ قَتَلُوا فَأكْثَرُوا، وزَنَوْا فَأكْثَرُوا، ثُمَّ أتَوْا مُحَمَّدًا ﷺ فَقالُوا: إنَّ الَّذِي تَدْعُو إلَيْهِ لَحَسَنٌ إنْ تُخْبِرْنا أنَّ لِما عَمِلْناهُ كَفّارَةً. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنفُسِهِمْ﴾ .رَواهُ البُخارِيُّ عَنْ إبْراهِيمَ بْنِ مُوسى، عَنْ هِشامِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.أخْبَرَنا أبُو إسْحاقَ المُقْرِئُ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو عَبْدِ اللَّهِ الحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمانَ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، قالَ: حَدَّثَنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ، قالَ: حَدَّثَنا نافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ أنَّهُ قالَ: لَمّا اجْتَمَعْنا إلى الهِجْرَةِ اتَّعَدْتُ أنا وعَيّاشُ بْنُ أبِي رَبِيعَةَ وهِشامُ بْنُ العاصِ بْنِ وائِلٍ، فَقُلْنا: المِيعادُ بَيْنَنا المَناصِفُ - مِيقاتُ بَنِي غِفارٍ - فَمَن حُبِسَ مِنكم لَمْ يَأْتِها فَقَدْ حُبِسَ، فَلْيَمْضِ صاحِبُهُ. فَأصْبَحْتُ عِنْدَها أنا وعَيّاشٌ وحُبِسَ عَنّا هِشامٌ، وفُتِنَ فافْتُتِنَ، فَقَدِمْنا المَدِينَةَ فَكُنّا نَقُولُ: ما اللَّهُ بِقابِلٍ مِن هَؤُلاءِ تَوْبَةً، قَوْمٌ عَرَفُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ لِبَلاءٍ أصابَهم مِنَ الدُّنْيا. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ﴾ . إلى قَوْلِهِ: ﴿ألَيْسَ في جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ [الزمر: ٦٠] . قالَ عُمَرُ: فَكَتَبْتُها بِيَدِي، ثُمَّ بَعَثْتُ بِها إلى هِشامٍ. قالَ هِشامٌ: فَلَمّا قَدِمَتْ عَلَيَّ خَرَجْتُ بِها إلى ذِي طُوًى، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ فَهِّمْنِيها، فَعَرَفْتُ أنَّها نَزَلَتْ فِينا، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ عَلى بَعِيرِي فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ .ويُرْوى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في وحْشِيٍّ قاتِلِ حَمْزَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ورِضْوانُهُ، وذَكَرْنا ذَلِكَ في آخِرِ سُورَةِ الفُرْقانِ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [53] لما قبلها :     وبعد أن توعدَ اللهُ الكافرين؛ تأتي هنا الدعوةُ لجميعِ العُصاةِ من الكَفَرةِ وغيرِهم إلى التوبةِ واتِّباعِ القرآنِ قال تعالى:
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [54] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ..

التفسير :

[54] وارجعوا إلى ربكم -أيها الناس- بالطاعة والتوبة، واخضعوا له من قبل أن يقع بكم عقابه، ثم لا ينصركم أحد من دون الله.

ولهذا أمر تعالى بالإنابة إليه، والمبادرة إليها فقال:{ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} بقلوبكم{ وَأَسْلِمُوا لَهُ} بجوارحكم، إذا أفردت الإنابة، دخلت فيها أعمال الجوارح، وإذا جمع بينهما، كما في هذا الموضع، كان المعنى ما ذكرنا.

وفي قوله{ إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} دليل على الإخلاص، وأنه من دون إخلاص، لا تفيد الأعمال الظاهرة والباطنة شيئا.{ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ} مجيئا لا يدفع{ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} فكأنه قيل:ما هي الإنابة والإسلام؟ وما جزئياتها وأعمالها؟

وبعد أن فتح- سبحانه- لعباده باب رحمته فتحا واسعا كريما.. أتبع ذلك بحضهم على التوبة والإنابة إليه، حتى يزيدهم من فضله وإحسانه فقال: وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ.

أى قل لهم- أيها الرسول الكريم- لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا، وارجعوا إليه بالتوبة والإنابة، وأخلصوا له العبادة، من قبل أن ينزل بكم العذاب الذي لا تستطيعون دفعه ثم لا تجدون من ينجيكم منه.

فأنت ترى أن الآية الأولى بعد أن فتحت للعصاة باب رحمة الله على مصراعيه، جاءت الآية الثانية فحثتهم على التوبة الصادقة النصوح، حتى تكون رحمة الله- تعالى- بهم أكمل وأتم وأوسع، فإن التوبة النصوح سبب في تحويل السيئات إلى حسنات.

كما قال- تعالى-: إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ، وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً .

ثم استحث [ سبحانه ] وتعالى عباده إلى المسارعة إلى التوبة ، فقال : ( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له ) أي : ارجعوا إلى الله واستسلموا له ، ( من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ) أي : بادروا بالتوبة والعمل الصالح قبل حلول النقمة ، .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54)

يقول تعالى ذكره: وأقبلوا أيها الناس إلى ربكم بالتوبة, وارجعوا إليه بالطاعة له, واستجيبوا له إلى ما دعاكم إليه من توحيده, وإفراد الألوهة له, وإخلاص العبادة له.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ ) : أي أقبلوا إلى ربكم.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَأَنِيبُوا ) قال: أجيبوا.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ ) قال: الإنابة: الرجوع إلى الطاعة, والنـزوع عما كانوا عليه, ألا تراه يقول: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ .

وقوله: ( وَأَسْلِمُوا لَهُ ) يقول: واخضعوا له بالطاعة والإقرار بالدين الحنيفي ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ) من عنده على كفركم به.

( ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ) يقول: ثم لا ينصركم ناصر, فينقذكم من عذابه النازل بكم.

التدبر :

وقفة
[54] ﴿وَأَنِيبُوا﴾ الإنابة: هي عكوف القلب على ربه كاعتكاف البدن في المسجد, فكلما ترك العبد ربه احتاج للرجوع إليه.
وقفة
[54] ﴿وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ قال السعدي: «وأنيبوا إلى ربكم بقلوبكم، وأسلمُوا له بجوارحكم، إذا أفردت الإنابة دخلت فيها أعمال الجوارح، وإذا جمع بينهما، كما في هذا الموضع؛ كان المعنى ما ذكرنا».
تفاعل
[54] ﴿أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ﴾ استعذ بالله الآن من عذابه.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنِيبُوا:
  • الواو عاطفة. انيبوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى: وارجعوا أو وتوبوا.
  • ﴿ إِلى رَبِّكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بأنيبوا. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-في محل جر بالاضافة والميم علامة الجمع.
  • ﴿ وَأَسْلِمُوا لَهُ:
  • معطوفة بالواو على «أنيبوا» وتعرب إعرابها. له: جار ومجرور متعلق بأسلموا. آي استسلموا له
  • ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ:
  • جار ومجرور متعلق بأسلموا. ان: حرف مصدري ناصب. يأتيكم: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور. العذاب: فاعل مرفوع بالضمة وجملة يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الاعراب.و«أن» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ:
  • ثم: حرف عطف. لا: نافية لا عمل لها. تنصرون:فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.'

المتشابهات :

الزمر: 54﴿وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ
الزمر: 55﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [54] لما قبلها :     ولَمَّا بَشَّرَهم اللهُ بأنَّه يغفرُ الذُّنوبَ جميعًا؛ أمَرَهم هنا بالرجوعِ إليه بفعلِ الطاعات، واجتنابِ المعاصي، قال تعالى:
﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [55] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم ..

التفسير :

[55] واتبعوا أحسن ما أُنزل إليكم من ربكم، وهو القرآن العظيم، وكله حسن، فامتثلوا أوامره، واجتنبوا نواهيه من قبل أن يأتيكم العذاب فجأة، وأنتم لا تعلمون به.

فأجاب تعالى بقوله:{ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} مما أمركم من الأعمال الباطنة، كمحبة اللّه، وخشيته، وخوفه، ورجائه، والنصح لعباده، ومحبة الخير لهم، وترك ما يضاد ذلك.

ومن الأعمال الظاهرة، كالصلاة، والزكاة والصيام، والحج، والصدقة، وأنواع الإحسان، ونحو ذلك، مما أمر اللّه به، وهو أحسن ما أنزل إلينا من ربنا، فالمتبع لأوامر ربه في هذه الأمور ونحوها هو المنيب المسلم،.{ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} وكل هذا حثٌّ على المبادرة وانتهاز الفرصة.

ثم أمرهم باتباع أوامر القرآن الكريم ونواهيه فقال: وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ.

أى: واتبعوا هذا القرآن الكريم، الذي هو أحسن ما أنزله- سبحانه- إليكم، بسبب ما اشتمل عليه من هدايات سامية، ومن تشريعات حكيمة. ومن آداب قويمة.

فإن اتباع ما اشتمل عليه هذا القرآن من توجيهات. يؤدى إلى السعادة في الدنيا والآخرة.

وقوله: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ متعلق بالأمر بالاتباع، وإرشاد إلى وجوب الامتثال بدون تأخير أو تسويف.

أى: سارعوا إلى اتباع إرشادات وتشريعات وآداب هذا القرآن، من قبل أن ينزل بكم العذاب فجأة وبدون مقدمات، بحيث لا تشعرون بإتيانه إلا عند نزوله.

فالآية الكريمة تقرير وتأكيد لما قبلها: من الدعوة إلى المسارعة بالتوبة وبالعمل الصالح.

( واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ) وهو القرآن العظيم ، ( من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ) أي : من حيث لا تعلمون ولا تشعرون .

وقوله: ( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنـزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ) يقول تعالى ذكره: واتبعوا أيها الناس ما أمركم به ربكم في تنـزيله, واجتنبوا ما نهاكم فيه عنه, وذلك هو أحسن ما أنـزل إلينا من ربنا.

فإن قال قائل: ومن القرآن شيء وهو أحسن من شيء؟ قيل له: القرآن كله حسن, وليس معنى ذلك ما توهمت, وإنما معناه: واتبعوا مما أنـزل إليكم ربكم من الأمر والنهي والخبر, والمثل, والقصص, والجدل, والوعد, والوعيد أحسنه أن تأتمروا لأمره, وتنتهوا عما نهى عنه, لأن النهي مما أنـزل في الكتاب, فلو عملوا بما نهوا عنه كانوا عاملين بأقبحه, فذلك وجهه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنـزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ) يقول: ما أمرتم به في الكتاب ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ) قوله: ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً ) يقول: من قبل أن يأتيكم عذاب الله فجأة ( وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) يقول: وأنتم لا تعلمون به حتى يغشاكم فجأة.

التدبر :

لمسة
[55] ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ وأحسن ما أُنزِل من الله هو القرآن، وأحسن: اسم تفضيل مستعمل في معنى: كامل الحُسْن، وليس في معنى: تفضيل بعضه على بعض؛ لأن جميع ما في القرآن حَسَن.
وقفة
[55] ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبكُمْ﴾ إن قلتَ: كيف قال ذلك، مع أن القرآن كلَّه حسنٌ؟ قلتُ: معناه أحسنَ وحيِ، أو كتاب أُنزل إليكم، وهو القرآن كلُّه، أو أحسنُ القرآنُ آَياتُه المحكماتُ، أو آياتُه التي تضمَّنت أمر طاعةٍ أو إحسان، وقد مرَّ نظير هذا السؤال في نظير هذه الآية في الأعراف، في قوله تعالى: ﴿وَأْمُرْ قومَكَ يأخذوا بأحسنِها﴾ [الأعراف: 145].
وقفة
[55] عدم الأخذ بالشرع من أسباب مباغتة العذاب للناس ﴿واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون﴾.
وقفة
[55] ﴿مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً﴾ شعوب كانت آمنة وفي أيام انقلبت أحوالهم، إنها دعوة لاستثمار أوقات الرخاء والشباب والفراغ والصحة.
تفاعل
[55] ﴿أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[53-55] قال حميد بن هشام: «قلت لأبي سليمان بن عطية: يا عم، لم تشدد علينا، وقد قال الله: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ﴾؟ فقال: اقرأ بقية الآيات، فقرأت: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ﴾ قال: اقرأ، فقرأت: ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ﴾ الآيات، فمسح رأسي، وقال: يا بني، اتق الله وخفه وارجه».

الإعراب :

  • ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ:
  • معطوفة بالواو على «أنيبوا» وتعرب إعرابها. أحسن:مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة.انزل: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اليكم: جار ومجرور متعلق بأنزل والميم علامة جمع الذكور. وجملة أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ مِنْ رَبِّكُمْ:
  • من: حرف جر بياني. ربكم: اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من «ما».
  • ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة.بغتة: حال من العذاب أو مصدر-مفعول مطلق-في موضع الحال. أي يباغتكم العذاب بغتة بمعنى فجأة.
  • ﴿ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ:
  • الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال.انتم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. لا: نافية لا عمل لها. تشعرون:فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.وجملة لا تَشْعُرُونَ» في محل رفع خبر «أنتم».'

المتشابهات :

الأعراف: 3﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ
الزمر: 55﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [55] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَ اللهُ بالرجوعِ إليه بفعلِ الطاعات، واجتنابِ المعاصي؛ أمَرَ هنا باتباع أوامر القرآن ونواهيه، قال تعالى:
﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [56] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى ..

التفسير :

[56] وأطيعوا ربكم وتوبوا إليه حتى لا تندم نفس وتقول:يا حسرتا على ما ضيَّعت في الدنيا من العمل بما أمر الله به، وقصَّرت في طاعته وحقه، وإن كنت في الدنيا لمن المستهزئين بأمر الله وكتابه ورسوله والمؤمنين به.

ثم حذرهم{ أَن} يستمروا على غفلتهم، حتى يأتيهم يوم يندمون فيه، ولا تنفع الندامة.و{ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} أي:في جانب حقه.{ وَإِنْ كُنْت} في الدنيا{ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} في إتيان الجزاء، حتى رأيته عيانا.

وقوله: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ في موضع المفعول لأجله بتقدير مضاف محذوف.

أى: اتبعوا ما أمرناكم به، واحذروا ما نهيناكم عنه، كراهة أن تقول نفس يوم القيامة يا حَسْرَتى أى: يا ندامتي عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ... أى: بسبب تفريطي وتقصيرى في طاعة الله، وفي حقه- تعالى-.

وأصل الجنب والجانب: الجهة المحسوسة للشيء، وأطلق على الطاعة على سبيل المجاز، حيث شبهت بالجهة. بجامع تعلق كل منهما- أى الجانب والطاعة- بصاحبه. إذ الطاعة لها تعلق بالله- تعالى-. كما أن الجهة لها تعلق بصاحبها.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: لم نكرت «نفس» .؟ قلت: لأن المراد بها بعض الأنفس وهي نفس الكافر. ويجوز أن يكون نفس متميزة من الأنفس: إما بلجاج في الكفر شديد، أو بعذاب عظيم، ويجوز أن يراد التكثير، كما قال الأعشى:

دعا قومه حولي فجاءوا لنصره ... وناديت قوما بالمسناة غيبا

ورب بقيع لو هتفت بجوه ... أتانى كريم ينفض الرأس مغضبا

وهو يريد: أفواجا من الكرام ينصرونه، لا كريما واحدا.. .

وجملة: وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ في محل نصب على الحال. أى: فرطت في جنب الله وطاعته، والحال أنى لم أكن إلا من الساخرين بدينه، المستهزئين بأتباع هذا الدين الحق.

قال قتادة: لم يكفه أنه ضيع طاعة الله حتى سخر من أهلها.

ثم قال : ( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله ) أي : يوم القيامة يتحسر المجرم المفرط في التوبة والإنابة ، ويود لو كان من المحسنين المخلصين المطيعين لله - عز وجل - .

وقوله : ( وإن كنت لمن الساخرين ) أي : إنما كان عملي في الدنيا عمل ساخر مستهزئ غير موقن مصدق .

القول في تأويل قوله تعالى : أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)

يقول تعالى ذكره: وأنيبوا إلى ربكم, وأسلموا له ( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ ) بمعنى لئلا تقول نفس ( يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ) , وهو نظير قوله: وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ بمعنى: أن لا تميد بكم, فأن, إذ كان ذلك معناه, في موضع نصب.

وقوله ( يَا حَسْرَتَا ) يعني أن تقول: يا ندما.

كما حدثني محمد بن الحسين, قال: ثني أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ في قوله: ( يَا حَسْرَتَا ) قال: الندامة, والألف في قوله ( يَا حَسْرَتَا ) هي كناية المتكلم, وإنما أريد: يا حسرتي ، ولكن العرب تحوّل الياء فى كناية اسم المتكلم في الاستغاثة ألفا, فتقول: يا ويلتا, ويا ندما, فيخرجون ذلك على لفظ الدعاء, وربما قيل: يا حسرة على العباد, كما قيل: يا لهف, ويا لهفا عليه, وذكر الفراء أن أبا ثَرْوان أنشده:

تَزُورُونَهَـــا وَلا أزُورُ نِسَـــاءَكُمْ

ألْهــفَ لأوْلادِ الإمــاء الحَـوَاطِبِ (4)

خفضا كما يخفض في النداء إذا أضافه المتكلم إلى نفسه, وربما أدخلوا الهاء بعد هذه الألف, فيخفضونها أحيانا, ويرفعونها أحيانا، وذكر الفراء أن بعض بني أسد أنشد:

يَــا رَبّ يــا رَبَّــاهُ إيَّـاكَ أسَـلْ

عَفْـرَاءَ يـا رَبَّـاهُ مِـنْ قَبْـلِ الأجَلْ (5)

خفضا, قال: والخفض أكثر في كلامهم, إلا في قولهم: يا هَناه, ويا هَنْتاه, فإن الرفع فيها أكثر من الخفض, لأنه كثير في الكلام, حتى صار كأنه حرف واحد.

وقوله: ( عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ) يقول على ما ضيعت من العمل بما أمرني الله به, وقصرت في الدنيا في طاعة الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال. ثنا حكام, عن عنبسة, عن محمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبي بزّة, عن مجاهد في قوله ( يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ) يقول: في أمر الله.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال. ثنا ورقاء جميعا، عن أبن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ) قال: في أمر الله.

حدثنا محمد, قال. ثنا أحمد قال ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ) قال: تركت من أمر الله.

وقوله: ( وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ) يقول: وإن كنت لمن المستهزئين بأمر الله وكتابه ورسوله والمؤمنين به.

وبنحو الذي قلنا فى ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتاده في قوله: ( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ) قال: فلم يكفه أن ضيع طاعة الله حتى جعل يسخر بأهل طاعة الله, قال: هذا قول صنف منهم.

حدثنا محمد, قال. ثنا أحمد, قال ثنا أسباط, عن السديّ( وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ) يقول: من المستهزئين بالنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبالكتاب, وبما جاء به.

------------------------

الهوامش:

(4) البيت لأبي ثروان العكلي . وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 285 ) قال : وقوله" يا حسرتا ، يا ويلتا" مضاف إلى المتكلم : يحول العرب الياء إلى الألف في كل كلام كان معناه الاستغاثة ، يخرج على لفظ الدعاء . وربما قالوا : يا حسرة ، كما قالوا : يا لهف على فلان ، ويا لهفا عليه . قال : أنشدني أبو ثروان العكلي : تزورونها ولا أزور .... البيت" ا هـ . فخفض كما يخفض المنادي إذا أضافه المتكلم إلى نفسه . والإماء : الجواري من الرقيق يتخذن للخدمة والعمل عند ساداتهم واحدها أمة . والحواطب : جمع حاطبة ، وهي التي ترسل في جمع الحطب للوقود . واللهف بسكون الهاء وفتحها : الأسف والحزن والغيظ .

(5) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 286 ) قال بعد كلامه الذي نقلناه في الشاهد السابق في إعراب المضاف إلى ياء المتكلم بعد حذف الياء ، أو قلبها ألفا : وربما أدخلت العرب الهاء ( التي للسكت ) بعد الألف التي في" حسرتا" فيخفضونها مرة ، ويرفعونها . قال : أنشدني أبو فقعس لبعض بن أسد :" يا رب يا رباه أسل ... البيتين" . فخفض . قال : وأنشدني أبو فقعس :

يــا مَرْحبــاهُ بِجِمــارِ ناهِيــةْ

ذَا أتــــى قَرَّبْتُـــهُ للسَّـــانِيَهْ

والخفض أكثر في كلام العرب إلا في قولهم : يا هناه ، ويا هنيتاه ، والرفع في هذا أكثر من الخفض ، لأنه كثير في الكلام ، فكأنه حرف واحد مدعو (أي كأن اللفظ كله صار كلمة واحدة في النداء) . وفي خزانة الأدب الكبرى للبغدادي ( 3 : 263 ) : وهذا من رجز أورده أبو محمد الأسود الأعرابي في ضالة الأديب ، ولم ينسبه إلى أحد . وفيها أيضا : وقال الزمخشري في المفصل : وحق هاء السكت أن تكون ساكنة ،وتحريكها لحن ، نحو ما في إصلاح المنطق لابن السكيت ، من قوله :

* يا مرحباه بجمار ناجيه ، مما لا معرج عليه للقياس ، واستعمال الفصحاء . ومعذرة من قال ذلك : أنه أجرى الوصل مجرى الوقف ، مع تشبيه هاء الوقف بهاء الضمير . ا هـ

التدبر :

وقفة
[56] ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ﴾ متى ما واتتك فرصة فاغتنمها، وإلا لاحقتك الحسرات، فقلما عادت فرصة بعد الفوات.
وقفة
[56] ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ﴾ أهل الانحراف درجات، أسوؤهم: الساخرون من أصحاب الاستقامة، قال قتادة: «لم يكفه أن ضيَّع طاعة الله حتى سخر من أهلها».
عمل
[56] ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ﴾ أيها العبد العاقل قد أوضح الله تعالى لك ماذا تتحسر عليه يوم القيامة لكي تسعى أن لا تكون من المتحسرين، حرِّك قلبك بهذه الآيات: لا تفرّط في جنب الله ولا تكن من الساخرين المستهزئين بأمر من أمور دينك. اطلب الهداية من الله تعالى واحرص على أن تكون من المتقين. جاهد نفسك أن تكون من المحسنين في الدنيا. مغبونٌ من عرف مواطن الحسرات من الآن ولم يُخرج نفسه منها.
وقفة
[56] ﴿أنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتَا على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ الله﴾ الدنيا دار عملٍ، والآخرة دار جزاء، فمَن لم يعمل هنا نَدِمَ هناك.
عمل
[56] تذكر دائمًا أنك لن تندم في اﻵخرة على أي شيء فاتك في حياتك الدنيا؛ إلا على تقصيرك في طاعة الله ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ﴾.
وقفة
[56] ﴿أَن تَقولَ نَفسٌ يا حَسرَتا عَلى ما فَرَّطتُ في جَنبِ اللَّهِ ﴾ لا يفرط الإنسان إلا فى الخير والحق والعدل وغير ذلك، فلم نسمع عن إنسان فرط فى الشر أو الظلم أو غير ذلك من الآثام.
وقفة
[56] ﴿أَن تَقولَ نَفسٌ يا حَسرَتا عَلى ما فَرَّطتُ في جَنبِ اللَّهِ ﴾ لا يفرط الإنسان إلا فى الخير والحق والعدل وغير ذلك، فلم نسمع عن إنسان فرط فى الشر أو الظلم أو غير ذلك من الآثام.
وقفة
[56] الندم النافع هو ما كان في الدنيا، وتبعته توبة نصوح ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ﴾.
وقفة
[56] قال ابن عباس: «يوم الحسرة هو من أسماء يوم القيامة»، وقرأ: ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ﴾.
وقفة
[56] ﴿أَن تَقولَ نَفسٌ يا حَسرَتا عَلى ما فَرَّطتُ في جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السّاخِرينَ﴾ الحسرة مرادفها التفريط [56-58] احذر أن تكون نفسك مثل هؤلاء واغتنم من دنياك لآخرتك.

الإعراب :

  • ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ:
  • أن: حرف مصدري ناصب. تقول: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. نفس: فاعل مرفوع بالضمة وجملة تَقُولَ نَفْسٌ» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الاعراب و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب متعلق بمفعول له-لأجله-أي كراهة أن تقول.ونكرت «نفس» لأن المراد بها الأنفس وهي نفس الكافر ويجوز أن يراد التكثير.
  • ﴿ يا حَسْرَتى:
  • أداة نداء. حسرتا: منادى منصوب مضاف والألف منقلبة عن ياء المتكلم في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ عَلى ما فَرَّطْتُ:
  • حرف جر. ما: مصدرية. فرطت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع فاعل. وجملة «فرطت» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بحسرة بمعنى: على ما أضعت التقدير:على تفريطي.
  • ﴿ فِي جَنْبِ اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بفرطت. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة جره الكسرة والمعنى: في حق الله. أي في ذاته وفي القول الكريم كناية حسنة وفي هذا القول الكريم يقدر مضاف محذوف سواء ذكر الجنب أو لم يذكر. والمعنى: فرطت في طاعة الله.
  • ﴿ وَإِنْ كُنْتُ:
  • الواو حالية. ان: وصلية بمعنى «لو» كنت: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان».
  • ﴿ لَمِنَ السّاخِرِينَ:
  • اللام للتوكيد: من الساخرين: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة التقدير: فرطت في طاعة الله في حال سخريتي. أي وأنا ساخر بمعنى مستهزئ. واعتبرت «ان» وصلية وهي في الأصل حرف شرط‍ جازم لأن الجواب لا يتوقف فيها على الشرط‍.ويجوز أن تكون «ان» مخففة من الثقيلة لا عمل لها وذلك لوجود اللام الفارقة في الجواب. وجملة المنادى في محل نصب مفعول به.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [56] لما قبلها :     ولَمَّا نَبَّه اللهُ عبادَه أن يسارعوا بالتوبة إليه؛ حذرهم هنا ألا يستمروا في غفلتهم، وأن يرجعوا إلى الله، قبل أن يتحسروا على ما فاتهم، قال تعالى:
﴿ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يا حسرتا:
1- بإبدال ياء المتكلم ألفا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بياء الإضافة، وهى قراءة أبى جعفر.
3- بالألف والياء، جمعا بين العوض والمعوض، والياء مفتوحة أو ساكنة، ورويت عن أبى جعفر أيضا.
4- يا حسرتاه، بهاء السكت، فى الوقف، وهى قراءة ابن كثير.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف