19762636465666768

الإحصائيات

سورة التوبة
ترتيب المصحف9ترتيب النزول113
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات21.00
عدد الآيات129عدد الأجزاء1.05
عدد الأحزاب2.10عدد الأرباع8.50
ترتيب الطول7تبدأ في الجزء10
تنتهي في الجزء11عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 2/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (62) الى الآية رقم (66) عدد الآيات (5)

وأيضًا مِن قبائِحِ المُنافِقينَ المتخلفينَ عن تَبُوكَ: إقدامُهم على اليَمينِ الكاذبةِ، وتخوُّفُهم من نزولِ القرآنِ فاضحًا لهم، واستهزاؤُهم بآياتِ اللهِ.

فيديو المقطع


المقطع الثاني

من الآية رقم (67) الى الآية رقم (68) عدد الآيات (2)

ومن قبائحِهم أيضًا: يأمرُونَ بالمُنكَرِ، وينهَوْنَ عن المعروفِ، ويبخلُونَ بأموالِهم عن النفقةِ في سبيلِ اللهِ، وبيانُ أنَّ إناثَهم كذُكورِهم في تلك الأعمالِ، ثُمَّ بيانُ جزائهم في الآخرةِ.

فيديو المقطع


مدارسة السورة

سورة التوبة

باب التوبة مفتوح للجميع (دعوة الجميع للتوبة)/ البلاغ الأخير في سورة التوبة/ سياسة الإسلام في التعامل مع الكافرين والمنافقين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • لماذا غابت «بسم الله الرحمن الرحيم»؟:   1- قالوا: لأن السورة نزلت في فضح المنافقين والكفّار وأعمالهم، قال علي بن أبي طالب عندما سئل عن عدم كتابة البسملة في سورة التوبة: إن «بسم الله الرحمن الرحيم» أمان، وبراءة -أي سورة التوبة- نزلت بالسيف، ليس فيها أمان. 2- وقالوا: لأن براءة سخط، والبسملة «بسم الله الرحمن الرحيم» رحمة، فكيف الجمع بين السخط والرحمة!
  • • ما علاقة هذه الموضوعات بالتوبة؟:   إنه بالرغم من أن السورة قد تضمنت التهديد الشديد للكفار والمنافقين، لكنها حرصت على إبقاء باب التوبة مفتوحًا لجميع الناس، وتدعو الجميع إلى التوبة في مرات عديدة.بعض الناس حين يقرأ هذه السورة يشعر بشدتها على الكفار والمنافقين، والبعض الآخر يقرأها فيشعر برحمة الله الواسعة والتي تتجلى في قبوله التوبة من جميع البشر، وهؤلاء أقرب إلى فهم معاني السورة
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «التوبة»، و«براءة».
  • • معنى الاسم ::   التوبة: ترك الذنب مع الندم، وبراءة: مصدرُ الفعل (برأ) بمعنى خَلِص، وبراءة: أي إعذار وإنذار.
  • • سبب التسمية ::   هي أكثر سورة وردت فيها كلمة التوبة ومشتقاتها، وسميت «براءة»؛ لأنها مفتتحة بها، أي تسمية لها بأول كلمة منها.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «الفاضحة»؛ لأنها فضحت المنافقين وكشفت أسرارهم، و«المُقَشقِشة» أي: المبرِّئة من النِّفاق.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن باب التوبة مفتوح للجميع.
  • • علمتني السورة ::   أن التوبة إعلان للبداية الجديدة، إعلان للحياة الجديدة، إعلان للهجرة من الظلمات إلى النور، من الضيق الى السعة، من الحزن إلى السعادة
  • • علمتني السورة ::   التوبة أنَّ الجهاد سبيل الأمة إلى العزّة، وطريقها إلى الريادة، متى أقامته قويَت وعزّت، وإذا تخلّت عنه ضعفت وهانت.
  • • علمتني السورة ::   حرمة دخول الكافر حدود الحرم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الأُوَل مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَبْرٌ». السبعُ الأُوَل هي: «البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة»، وأَخَذَ السَّبْعَ: أي من حفظها وعلمها وعمل بها، والحَبْر: العالم المتبحر في العلم؛ وذلك لكثرة ما فيها من أحكام شرعية.
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».وسورة التوبة من السبع الطِّوَال التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان التوراة.
    • عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «أَنْ تَعَلَّمُوا سُورَةَ التَّوْبَةِ، وَعَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ».
    • وذلك أن سورة التوبة ذُكِرَ فيها أحكام الجهاد فناسبت الرجال، وسورة النور ذُكِرَ فيها أحكام الحجاب فناسبت النساء.
    • عن إبراهيم قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ مَرَّةً وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُجَاعِلَ -أي يدفع جُعالة لمن يخرج بدلًا عنه-، فِي بَعْثٍ خَرَجَ عَلَيْهِ، فَأَصْبَحَ وَهُوَ يَتَجَهَّزُ فَقُلْتُ لَهُ: «مَا لَكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُجَاعِلَ؟»، قَالَ: «بَلَى، وَلَكِنِّي قَرَأْتُ الْبَارِحَةَ سُورَةَ بَرَاءَةَ؛ فَسَمِعْتُهَا تَحُثُّ عَلَى الْجِهَادِ».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • هي السورة الوحيدة التي لم تبدأ بـ «بسم الله الرحمن الرحيم».
    • تمتاز بكثرة أسمائها، فهي تأتي بعد سورة الفاتحة في كثرة الأسماء، ومعظم هذه الأسماء أطلق عليها بسبب ما فيها من دلالات وصفات تفضح المنافقين.
    • هي آخر سور السبع الطِّوَال، وهي: «البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة».
    • أفاضت في الحديث عن المنافقين وصفاتهم إفاضة لا توجد في غيرها من سور القرآن الكريم.
    • ذكرت فيها أحداث غزوة تبوك، وهي آخر غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم في رجب 9 هـ.
    • أكثر سورة وردت فيها كلمة التوبة ومشتقاتها، ولذا لم تذكر فئة إلا وحثتها على التوبة: كالكفار، والمشركين والمنافقين والعصاة والمؤمنين.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نبادر إلى التوبة والرجوع إلى الله قبل أن يفاجئنا الموت، وندعو كل الناس إلى ذلك.
    • أن نتعلم سياسة الإسلام في التعامل مع الكافرين والمنافقين.
    • أن نلزم الوفاء بالعهود مع المشركين إلى مدتها إلا إذا خانوا؛ فإن خانوا فيجب إخبارهم بنقض العهد: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ ...﴾ (4).
    • أن نقرأ كلام الله على من حولنا من غير المسلمين؛ رجاء هدايتهم: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّـهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ﴾ (6).
    • ألا نَأْمَن غير المسلمين، ولا نُسَلِّم لهم أنفسنا مهما كانت وعودهم؛ فإنهم لا يؤمَنون: ﴿كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ﴾ (8).
    • أن نحذر اتخاذ بطانة من أعداء الدين: ﴿وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً﴾ (16).
    • أن نتعلم أحكام التعامل مع الكفار من أهل الذمة وغيرهم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا﴾ (28).
    • ألا نوالي الكفار؛ حتى ولو كانوا من الأقربين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (23).
    • أن تكون محبة الله ورسوله أغلى عندنا من كلّ شيء سواها: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ (24).
    • ألا نقدم على محبة الله أحدًا: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ ...﴾ (24).
    • أن نستبشِر؛ سيُصبحُ الإسلام هو الدينُ الذي يُعبَدُ اللهُ به في الأرضِ لا غيره: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ (33). • أن نظهر الأشهر الهجرية في تعاملاتنا قدر الاستطاعة؛ فهي المقدمة عند الله، وهي من مظاهر الدين الإسلامي: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾ (36).
    • أن نلقي المحاضرات، أو نرسل رسائل عن خطر التحايل على الشريعة وأهمية مراقبة الله: ﴿يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّـهُ﴾ (37).
    • ألا نشعر بالضعف إلا لله، ولا نطأطئ رؤوسنا لسواه: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّـهَ مَعَنَا﴾ (40).
    • أن نتبرع بشيء من أموالنا للجهات الخيرية؛ فهذا من الجهاد بالمال: ﴿انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ﴾ (41).
    • أن نستفتِح العِتابَ بأجملِ الكلماتِ؛ لنستميلَ قلبَ مَن نُعاتِبُ: ﴿عَفَا اللَّـهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ﴾ (43)، تأمَّلْ: بدأَ بالعَفوِ عن الخَطأِ قبلَ أن يعاتِبَه على ارتكابِه.
    • ألا نتأثر لخذلان بعض الناس لنا؛ فقد يكون الله ثبطهم لفسادٍ عَلِمه أنه سيكون لو كانوا معكم: ﴿وَلَـٰكِن كَرِهَ اللَّـهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ﴾ (46).
    • ألا نخاف ولا نحزن من أقدار الدنيا؛ فلن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (51).
    • ألا نضع زكاة أموالنا إلا في المصارف التي حددها الله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (60).
    • ألا نتناول شعائر الدين وأحكامه بسخرية واستهزاء، ولو على سبيل المزاح والضحك، فالخائض فيها على خطر عظيم: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ (65، 66).
    • أن نحرص على الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنْكرِ مخالفة لحالِ المنافقين: ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾ (67).
    • أن ندرس قصص الأنبياءِ حتى نكونَ من الذين يعتبرون ويتعظون إذا تُليتْ عليهم أنباءُ الرسلِ وأممهِم: ﴿أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ (70).
    • أن نتقي الله تعالى في سرنا وجهرنا؛ فإن الله علام الغيوب: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّـهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ (78).
    • ألا نسخر من صدقة مسلم؛ ولو قلت: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّـهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (79).
    • أن ندعو الله أن يرزقنا الحلم: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ (114).

تمرين حفظ الصفحة : 197

197

مدارسة الآية : [62] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ ..

التفسير :

[62] يحلف المنافقون الأيمان الكاذبة، ويقدمون الأعذار الملفقة؛ ليُرضُوا المؤمنين، والله ورسوله أحق وأولى أن يُرضُوهما بالإيمان بهما وطاعتهما، إن كانوا مؤمنين حقّاً.

‏{‏يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ‏}‏ فيتبرأوا مما صدر منهم من الأذية وغيرها، فغايتهم أن ترضوا عليهم‏.‏ ‏{‏وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ‏}‏ لأن المؤمن لا يقدم شيئا على رضا ربه ورضا رسوله، فدل هذا على انتفاء إيمانهم حيث قدموا رضا غير اللّه ورسوله‏.‏

قال القرطبي: روى أن قوما من المنافقين اجتمعوا، وفيهم غلام من الأنصار يدعى عامر بن قيس، فحقروه وتكلموا فقالوا: إن كان ما يقوله محمد حقا لنحن شر من الحمير. فغضب الغلام وقال: والله إن ما يقوله محمد صلى الله عليه وسلم لحق، ولأنتم شر من الحمير. ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقولهم فحلفوا إن عامرا كاذب.

فقال عامر: هم الكذبة، وحلف على ذلك وقال: اللهم لا تفرق بيننا حتى يتبين صدق الصادق وكذب الكاذب. فأنزل الله هذه الآية .

فقوله- سبحانه-: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ خطاب للمؤمنين الذين كان المنافقون يذكرونهم بالسوء، ثم يأتون إليهم بعد ذلك معتذرين.

أى: إن هؤلاء المنافقين يحلفون بالله لكم- أيها المؤمنون- ليرضوكم، فتطمئنوا إليهم، وتقبلوا معاذيرهم.

قال أبو السعود: وإفراد إرضائهم بالتعليل مع أن عمدة أغراضهم إرضاء الرسول صلى الله عليه وسلم للإيذان بأن ذلك بمعزل عن أن يكون وسيلة لإرضائه، وأنه- عليه الصلاة والسلام- إنما لم يكذبهم رفقا بهم، وسترا لعيوبهم، لا عن رضا بما فعلوا، وقبول قلبي لما قالوا. .

وقوله: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ جملة حالية في محل نصب من ضمير «يحلفون» جيء بها لتوبيخهم على إيثارهم رضا الناس على رضا الله ورسوله.

أى: هم يحلفون لكم. والحال أن الله ورسوله أحق بالإرضاء منكم لأن الله- تعالى- هو خالقهم ورازقهم ومالك أمرهم، وهو العليم بما ظهر وبطن من أحوالهم. ولأن رسوله صلى الله عليه وسلم هو المبلغ لوحيه- عز وجل- قال صاحب المنار ما ملخصه: وكان الظاهر أن يقال: «يرضوهما» ونكتة العدول عنه إلى «يرضوه» : الإعلام بأن إرضاء رسوله عين إرضائه سبحانه ... وهذا من بلاغة القرآن في نفس الإيجاز. ولو قال «يرضوهما» لما أفاد هذا المعنى إذ يجوز في نفس العبارة أن يكون إرضاء كل منهما في غير ما يكون به إرضاء الآخر، وهو خلاف المراد هنا، وكذلك لو قيل:

«والله أحق أن يرضوه، ورسوله أحق أن يرضوه» لا يفيد هذا المعنى أيضا وفيه ما فيه من الركاكة والتطويل ...

وقد خرجه علماء النحو على قواعدهم ... وأقرب الأقوال إلى قواعدهم قول سيبويه: إن الكلام جملتان حذف خبر إحداهما لدلالة خبر الأخرى عليه، كقول الشاعر:

نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأى مختلف.

فهذا لا تكلف فيه من ناحية التركيب العربي، ولكن تفوت به النكتة التي ذكرناها ... .

وقوله: إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ تذييل قصد به بيان أن الإيمان الحق لا يتم إلا بإرضاء الله ورسوله عن طريق طاعتهما والانقياد لأوامرهما.

أى: إن كانوا مؤمنين حقا، فليعملوا على إرضاء الله ورسوله، بأن يطيعوا أوامرهما، ويجتنبوا نواهيهما، وإلا كانوا كاذبين في دعواهم الإيمان ثم توعدهم- سبحانه- بسوء المصير بسبب مخالفتهم لله ورسوله فقال:

قال قتادة في قوله تعالى : ( يحلفون بالله لكم ليرضوكم ) الآية ، قال : ذكر لنا أن رجلا من المنافقين قال : والله إن هؤلاء لخيارنا وأشرافنا ، وإن كان ما يقول محمد حقا ، لهم شر من الحمير . قال : فسمعها رجل من المسلمين فقال : والله إن ما يقول محمد لحق ، ولأنت أشر من الحمار . قال : فسعى بها الرجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فأرسل إلى الرجل فدعاه فقال : ما حملك على الذي قلت ؟ فجعل يلتعن ، ويحلف بالله ما قال ذلك . وجعل الرجل المسلم يقول : اللهم صدق الصادق وكذب الكاذب . فأنزل الله - عز وجل - : ( يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين )

القول في تأويل قوله : يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله صلى الله عليه وسلم: يحلف لكم، أيها المؤمنون، هؤلاء المنافقون بالله، ليرضوكم فيما بلغكم عنهم من أذاهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم, وذكرِهم إياه بالطعن عليه والعيب له, ومطابقتهم سرًّا أهلَ الكفر عليكم = بالله والأيمان الفاجرة: أنهم ما فعلوا ذلك، وإنهم لعلى دينكم، ومعكم على من خالفكم, يبتغون بذلك رضاكم. يقول الله جل ثناؤه: (والله ورسوله أحق أن يرضوه)، بالتوبة والإنابة مما قالوا ونطقوا =(إن كانوا مؤمنين)، يقول: إن كانوا مصدِّقين بتوحيد الله, مقرِّين بوعده ووعيده.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

16906- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (يحلفون بالله لكم ليرضوكم)، الآية, ذكر لنا أن رجلا من المنافقين قال: والله إن هؤلاء لخيارنا وأشرافنا, وإن كان ما يقول محمد حقًّا, لهم شَرٌّ من الحمير! قال: فسمعها رجل من المسلمين فقال: والله إن ما يقول محمد حق, ولأنت شر من الحمار ! فسعى بها الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم, فأرسل إلى الرجل فدعاه فقال له: ما حملك على الذي قلت؟ فجعل يلتَعنُ، ويحلف بالله ما قال ذلك. (1) قال: وجعل الرجل المسلم يقول: اللهم صدِّق الصادق، وكذِّب الكاذب ! فأنـزل الله في ذلك: (يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين).

--------------------

الهوامش :

(1) "التعن الرجل" ، إذا أنصف في الدعاء على نفسه، أو لعن نفسه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[62] ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ﴾ الله عندهم ليس ليؤمِنوا به، أو ليُصَلّوا له، أو ليخَافوا منه، اللهُ عندهم فقط ليحْلِفوا به.
وقفة
[62] ﴿يَحلِفونَ بِاللَّهِ لَكُم لِيُرضوكُم﴾ أهم شيء عندهم مسايرة الرأي العام، ولو خانوا الحقيقة.
وقفة
[62] ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾ عبارات منمقة وجميلة، بل يقسمون كاذبين ليرضوا الخلق، لكن أين هم مِن رضا خالقهم؟!
وقفة
[62] المؤمن الصادق لا يلتمس إلا رضا ربه، والمنافق يبذل اﻷيمان الكاذبة ملتمسًا رضا غير الله ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾.
وقفة
[62] ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ من تزين للخلق طلبًا لرضاهم واتباعًا لهواهم؛ أسقط الله جاهه عند الخلق وشأنه في ما توهم أنه قد زانه.
وقفة
[62] ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ سبب نزولها: روي أن قومًا من المنافقين اجتمعوا، فيهم الجلاس بن سوید ووديعة بن ثابت، وفيهم غلام من الأنصار اسمه عامر بن قیس، فقروه فتكلموا وقالوا: إن كان ما يقول محمد حقًا لنحن شر من الحمير، فغضب الغلام وقال: والله إن ما يقول حق، وأنتم شر من الحمير، فأخبر النبي ﷺ بقولهم، فحلفوا أن عامرًا کاذب، فقال عامر: هم الكذبة، وحلف على ذلك وقال: اللهم لا تفرق بيننا حتى يتبين صدق الصادق وكذب الكاذب، فأنزل الله هذه الآية.
وقفة
[62] المؤمن يراقب الله، والمنافق يراقب الناس، وكل يسعى لإرضاء من يراقبه ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾.
وقفة
[62] من خصال المنافقين: مسايرة الناس وإرضاء الجمهور ولو على حساب الحق ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾.
وقفة
[62] يتمضمض بالزندقة، فإذا احتدم تمعر الناس لدينهم؛ أراق الأيمان يتأول لقصده ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾.
وقفة
[62] المنافق غايته: إرضاء الخلق، والمؤمن الصادق غايته: إرضاء الحق ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾.
لمسة
[62] ﴿وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾ قال بعض أهل التفسير: كان الظاهر أن يقال: «يرضوهما»، وسبب العدول عنه إلى «يرضوه»: الإعلام بأن إرضاء رسوله هو عين إرضاء الله، وهذا من بلاغة القرآن وقمة الإيجاز، ولو قال: «يرضوهما» لما أفاد هذا المعنى، إذ يجوز أن يكون إرضاء كل منهما في غير ما يكون به إرضاء الآخر، وهو خلاف المراد هنا، وكذلك لو قال: «والله أحق أن يرضوه، ورسوله أحق أن يرضوه» لا يفيد هذا المعنى أيضًا، وفيه ما فيه من الركاكة والتطويل.
لمسة
[62] ﴿وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾ جاءت كلمة (يرضوه) بضمير الغائب المفرد، وليس يرضوهما؛ لأن إرضاء الله تعالى ورسوله أمر واحد، لا اختلاف بينهما؛ لأن من أرضى الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أرضى الله سبحانه وتعالى، ومن أرضى الله تعالى فقد أرضى الرسول صلى الله عليه وسلم، والأظهر أن الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم فبدل أن يحلفوا للمؤمنين ويرضوهم اذهبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وارضوه، فإذا رضي الرسول صلى الله عليه وسلم فقد رضي الله سبحانه وتعالى، ولو قال: (يرضوهما) تدل على أن كل واحد له مطلب وكل واحد يجب إرضاؤه وقد تتعارض الإرادتان.
وقفة
[62] ﴿وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾ إذا تأملت أكثر الناس وجدتهم ينظرون في حقهم على اﷲ، ولا ينظرون في حق اﷲ عليهم، ومن هنا انقطعوا عن اﷲ!
وقفة
[62] ﴿وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾ رضا الناس غاية لا تُدرك، ورضا الله غاية لا تُترك.
وقفة
[62] ﴿وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ لأن المؤمن لا يقدم شيئًا على رضا ربه ورضا رسوله، فدل هذا على انتفاء إيمانهم، حيث قدموا رضا غير الله ورسوله، وهذا مُحادَّة لله، ومُشاقَّة له.
وقفة
[62] ﴿وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ المؤمن الحق لا يقدّم على رضا ربه أحدًا.

الإعراب :

  • ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. بالله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بيحلفون.
  • ﴿ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بيحلفون والميم علامة جمع الذكور.ليرضوكم: اللام للتعليل وهي حرف جر يرضوا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور و «أن» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بيحلفون. وجملة «يرضوكم» صلة «أن» المصدرية لا محل لها.
  • ﴿ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ:
  • الواو: استئنافية. الله: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة.ورسوله: الواو عاطفة. رسول: مرفوع بالضمة والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة أي والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه.
  • ﴿ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ:
  • أحقّ: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن أفعل. أن: حرف مصدري ناصب. يرضوه: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به و «أَنْ» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر. التقدير:أحقّ بإرضائه وجملة «يُرْضُوهُ» صلة «أَنْ» المصدرية لا محل لها من الإعراب بمعنى: والله أحق بارضائه ورسوله أحق بإرضائه.
  • ﴿ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ:
  • إن: حرف شرط جازم. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة وهو فعل الشرط في محل جزم بإن.الواو: ضمير متصل في محل رفع اسم «كان». والألف فارقة. مؤمنين: خبر «كان» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. التقدير: إن كانوا مؤمنين فالله ورسوله أحقّ أن يرضوه. '

المتشابهات :

النساء: 62﴿فَكَيۡفَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّآ إِحۡسَٰنٗا وَتَوۡفِيقًا
التوبة: 56﴿وَ يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ إِنَّهُمۡ لَمِنكُمۡ وَمَا هُم مِّنكُمۡ وَلَٰكِنَّهُمۡ قَوۡمٞ يَفۡرَقُونَ
التوبة: 62﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ لَكُمۡ لِيُرۡضُوكُمۡ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَحَقُّ أَن يُرۡضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤۡمِنِينَ
التوبة: 74﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ
التوبة: 42﴿وَلَٰكِنۢ بَعُدَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلشُّقَّةُۚ وَ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ
التوبة: 95﴿ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ لَكُمۡ إِذَا ٱنقَلَبۡتُمۡ إِلَيۡهِمۡ لِتُعۡرِضُواْ عَنۡهُمۡۖ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ومِنهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ويَقُولُونَ هو أُذُنٌ﴾ نَزَلَتْ في جَماعَةٍ مِنَ المُنافِقِينَ، كانُوا يُؤْذُونَ الرَّسُولَ ﷺ ويَقُولُونَ فِيهِ ما لا يَنْبَغِي، فَقالَ بَعْضُهم: لا تَفْعَلُوا فَإنّا نَخافُ أنْ يَبْلُغَهُ ما تَقُولُونَ فَيَقَعَ بِنا. فَقالَ الجُلاسُ بْنُ سُوَيْدٍ: نَقُولُ ما شِئْنا ثُمَّ نَأْتِيهِ فَيُصَدِّقُنا بِما نَقُولُ، فَإنَّما مُحَمَّدٌ أُذُنٌ سامِعَةٌ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ بْنِ يَسارٍ وغَيْرُهُ: نَزَلَتْ في رَجُلٍ مِنَ المُنافِقِينَ يُقالُ لَهُ: نَبْتَلُ بْنُ الحارِثِ، وكانَ رَجُلًا آدَمَ أحْمَرَ العَيْنَيْنِ، أسْفَعَ الخَدَّيْنِ، مُشَوَّهَ الخِلْقَةِ. وهو الَّذِي قالَ فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ: ”مَن أرادَ أنْ يَنْظُرَ إلى الشَّيْطانِ فَلْيَنْظُرْ إلى نَبْتَلِ بْنِ الحارِثِ“ . وكانَ يَنُمُّ حَدِيثَ النَّبِيِّ ﷺ إلى المُنافِقِينَ، فَقِيلَ لَهُ: لا تَفْعَلْ. فَقالَ: إنَّما مُحَمَّدٌ أُذُنٌ سامِعَةٌ، مَن حَدَّثَهُ شَيْئًا صَدَّقَهُ، نَقُولُ ما شِئْنا ثُمَّ نَأْتِيهِ فَنَحْلِفُ لَهُ فَيُصَدِّقُنا. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.وقالَ السُّدِّيُّ: اجْتَمَعَ ناسٌ مِنَ المُنافِقِينَ فِيهِمْ جُلاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصّامِتِ، ووَدِيعَةُ بْنُ ثابِتٍ، فَأرادُوا أنْ يَقَعُوا في النَّبِيِّ ﷺ، وعِنْدَهم غُلامٌ مِنَ الأنْصارِ يُدْعى عامِرَ بْنَ قَيْسٍ، فَحَقَّرُوهُ وتَكَلَّمُوا، وقالُوا: واللَّهِ لَئِنْ كانَ ما يَقُولُهُ مُحَمَّدٌ حَقًّا لَنَحْنُ شَرٌّ مِنَ الحَمِيرِ. فَغَضِبَ الغُلامُ وقالَ: واللَّهِ إنَّ ما يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقٌّ، وإنَّكم لَشَرٌّ مِنَ الحَمِيرِ. ثُمَّ أتى النَّبِيَّ ﷺ فَأخْبَرَهُ، فَدَعاهم فَسَألَهم، فَحَلَفُوا أنَّ عامِرًا كاذِبٌ، وحَلَفَ عامِرٌ أنَّهم كَذَبَةٌ، وقالَ: اللَّهُمَّ لا تُفَرِّقْ بَيْنَنا حَتّى تُبَيِّنَ صِدْقَ الصّادِقِ مِن كَذِبِ الكاذِبِ. فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: ﴿ومِنهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ويَقُولُونَ هو أُذُنٌ﴾ . ونَزَلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكم لِيُرْضُوكُمْ﴾ .'
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [62] لما قبلها :     7- الإقدام على اليَمينِ الكاذبةِ، فهم يؤذونَ النبيَّ، ويُسيئونَ القَولَ فيه، ثمَّ يَحلِفونَ، قال تعالى:
﴿ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [63] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ..

التفسير :

[63] ألم يعلم هؤلاء المنافقون أن مصير الذين يحاربون الله ورسوله نارُ جهنم، لهم العذاب الدائم فيها؟ ذلك المصير هو الهوان والذل العظيم، ومن المحاربة أذِيَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسَبِّه والقدح فيه، عياذاً بالله من ذلك.

وهذا محادة للّه ومشاقة له، وقد توعد من حاده بقوله‏:‏ ‏{‏أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ‏}‏ أي ‏:‏ يكون في حد وشق مبعد عن اللّه ورسوله بأن تهاون بأوامر اللّه، وتجرأ على محارمه‏.‏

‏{‏فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ‏}‏ الذي لا خزي أشنع ولا أفظع منه، حيث فاتهم النعيم المقيم، وحصلوا على عذاب الجحيم عياذا باللّه من أحوالهم‏.‏

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ...

وقوله: يُحادِدِ من المحادة بمعنى المخالفة والمجانبة والمعاداة، مأخوذة من الحد بمعنى الجانب، كأن كل واحد من المتخاصمين في جانب غير جانب صاحبه. ويقال: حاد فلان فلانا، إذا صار في غير حده وجهته بأن خالفه وعاداه.

والاستفهام في الآية الكريمة للتوبيخ والتأنيب وإقامة الحجة.

والمعنى: ألم يعلم هؤلاء المنافقون الذين مردوا على الفسوق والعصيان أنه من يخالف تعاليم الله ورسوله، فجزاؤه نار جهنم يصلاها يوم القيامة خالدا فيها؟! إن كانوا لا يعلمون ذلك- على سبيل الفرض- فأعلمهم يا محمد بسوء مصيرهم إذا ما استمروا على نفاقهم ومعاداتهم لله ولرسوله.

قال الجمل ما ملخصه: «من» شرطية مبتدأ. وقوله: فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ في موضع المبتدأ المحذوف الخبر، والتقدير. فحق أن له نار جهنم، أى: فكون نار جهنم له أمر حق ثابت. وهذه الجملة جواب من الشرطية، والجملة الشرطية، أى مجموع اسم الشرط وفعله والجزاء خبر أن الأولى، وهي أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وجملة أن الثانية واسمها وخبرها سدت مسد مفعولي يعلم إن لم يكن بمعنى العرفان، ومسد مفعوله أى الواحد إن كان بمعنى العرفان .

واسم الإشارة في قوله: ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ يعود على ما ذكر من العذاب أى: ذلك الذي ذكرناه من خلودهم في النار يوم القيامة هو الذل العظيم، الذي يتضاءل أمامه كل خزي وذل في الدنيا.

فأنت ترى أن هاتين الآيتين قد ذكرتا جانبا من رذائل المنافقين وأكاذيبهم، وتوعدتا كل مخالف لأوامر الله ورسوله بسوء المصير.

ثم واصلت السورة حملتها على المنافقين، فكشفت عن خباياهم، وهتكت أستارهم، وأبطلت معاذيرهم، وتوعدتهم بسوء المصير فقال- تعالى-:

وقوله تعالى : ( ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ) أي : ألم يتحققوا ويعلموا أنه من حاد الله ، أي : شاقه وحاربه وخالفه ، وكان في حد والله ورسوله في حد ( فأن له نار جهنم خالدا فيها ) أي : مهانا معذبا ، ( ذلك الخزي العظيم ) أي : وهذا هو الذل العظيم ، والشقاء الكبير .

القول في تأويل قوله : أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ألم يعلم هؤلاء المنافقون الذين يحلفون بالله كذبًا للمؤمنين ليرضوهم، وهم مقيمون على النفاق, أنه من يحارب الله ورسوله، ويخالفهما فيناوئهما بالخلاف عليهما =(فأن له نار جهنم)، في الآخرة =(خالدًا فيها)، يقول: لابثًا فيها, مقيمًا إلى غير نهاية؟ (2) =(ذلك الخزي العظيم)، يقول: فلُبْثُه في نار جهنم وخلوده فيها، هو الهوان والذلُّ العظيم. (3)

* * *

وقرأت القرأة: (فَأَنَّ)، بفتح الألف من " أن " بمعنى: ألم يعلموا أنَّ لمن حادَّ الله ورسوله نارُ جهنم = وإعمال " يعلموا " فيها, كأنهم جعلوا " أن " الثانية مكررة على الأولى, واعتمدوا عليها, إذ كان الخبر معها دون الأولى.

* * *

وقد كان بعض نحويي البصرة يختار الكسر في ذلك، على الابتداء، بسبب دخول " الفاء " فيها, وأن دخولها فيها عنده دليلٌ على أنها جواب الجزاء, وأنها إذا كانت للجزاء جوابًا، (4) كان الاختيار فيها الابتداء.

* * *

قال أبو جعفر: والقراءة التي لا أستجيز غيرها فتح الألف في كلا الحرفين, أعني " أن " الأولى والثانية, لأن ذلك قراءة الأمصار, وللعلة التي ذكرت من جهة العربية.

---------------------------------

الهوامش :

(2) انظر تفسير " الخلود " فيما سلف من فهارس اللغة (خلد).

(3) انظر تفسير "الخزي" فيما سلف ص : 160، تعليق : 1 ، والمراجع هناك.

(4) في المطبوعة: "إذا كانت جواب الجزاء"، وفي المخطوطة: "إذا كانت الجواب جزاء"، والصواب ما أثبت، إنما أخطأ الناسخ.

التدبر :

وقفة
[63] ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ﴾ من خالف أمر الله ورسوله توعده الله بعذابين: جسدي بالنيران، ونفسي بالخزي والهوان.
لمسة
[63] ﴿فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ﴾ جاء استخدام (خَالِدًا)؛ لأن الله تعالى أراد أن يُعذّب أهل النار بالنار وبالوحدة؛ لأن الوحدة هي بحد ذاتها عذاب أيضًا، بينما في الجنّة هناك اجتماع (خالدين، متكئين، ينظرون، يُسقون).
وقفة
[63] ﴿فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ﴾ أعظم فضيحة تنال العبد: أن يخلد في جهنم.
تفاعل
[63] ﴿فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ﴾ استعذ بالله من جهنم.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا:
  • الهمزة: همزة تقرير وتوبيخ بمعنى الاستفهام. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يعلموا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ:
  • أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء: ضمير الشأن متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «أن» والجملة من الشرط والجواب- الجزاء- في محل رفع خبر «أن» و «أن» وما تلاها أي مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «يَعْلَمُوا». من:اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يحادد: فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل: ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. الله لفظ الجلالة:مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. ورسوله الواو: عاطفة رسول مفعول به منصوب بالفتحة. والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة والجملة من فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ «مَنْ».
  • ﴿ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ:
  • الفاء: رابطة لجواب الشرط وما بعدها جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.له: جار ومجرور متعلق بخبر «أن» المقدم. نار: اسم «أن» مؤخر منصوب بالفتحة. جهنم: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث وأن وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره «فحق» وتكرير «أن» توكيد للقول الكريم. ويجوز أن تكون «فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ» معطوفة بالفاء على «أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ» وفي هذا التقدير يكون جواب «مَنْ» محذوفا تقديره: يهلك.
  • ﴿ خالِداً فِيها:
  • خالدا: حال من الضمير الهاء منصوب بالفتحة المنونة. فيها:جار ومجرور متعلق بخالدا.
  • ﴿ ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ:
  • ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام: للبعد والكاف حرف خطاب. الخزي: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو مرفوع بالضمة. العظيم: صفة- نعت- للخزي مرفوعة مثله بالضمة. والجملة الاسمية «هو الخزي العظيم» في محل رفع خبر المبتدأ «ذلِكَ». '

المتشابهات :

التوبة: 63﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا
التوبة: 78﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّـهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
التوبة: 104﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ
الزمر: 52﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [63] لما قبلها :     ولَمَّا بيَّنَ اللهُ عز وجل أنَّ حَلِفَ المُنافِقينَ إنَّما هو لِكَراهةِ الخِزيِ عند المُؤمِنينَ، وبَّيَن مَن هو الأحَقُّ بأن يُرضُوه؛ بَيَّنَ هنا أنَّهم فَرُّوا من خزيٍ مُنقَضٍ، فسَقَطوا في خِزيٍ دائِمٍ، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ألم يعلموا:
وقرئ:
ألم تعلموا، بالتاء، على الخطاب، وهى قراءة الحسن، والأعرج.
فأن له:
1- بالفتح، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالكسر، وهى قراءة ابن أبى عبلة.

مدارسة الآية : [64] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ ..

التفسير :

[64] يخاف المنافقون أن تنزل في شأنهم سورة تخبرهم بما يضمرونه في قلوبهم من الكفر، قل لهم -أيها النبي-:استمروا على ما أنتم عليه من الاستهزاء والسخرية، إن الله مخرج حقيقة ما تحذرون.

كانت هذه السورة الكريمة تسمى ‏{‏الفاضحة‏}‏ لأنها بينت أسرار المنافقين، وهتكت أستارهم، فما زال اللّه يقول‏:‏ ومنهم ومنهم، ويذكر أوصافهم، إلا أنه لم يعين أشخاصهم لفائدتين‏:‏ إحداهما‏:‏ أن اللّه سِتِّيرٌ يحب الستر على عباده‏.‏

والثانية‏:‏ أن الذم على من اتصف بذلك الوصف من المنافقين، الذين توجه إليهم الخطاب وغيرهم إلي يوم القيامة، فكان ذكر الوصف أعم وأنسب، حتى خافوا غاية الخوف‏.‏

قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا‏}‏

وقال هنا ‏{‏يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ تخبرهم وتفضحهم، وتبين أسرارهم، حتى تكون علانية لعباده، ويكونوا عبرة للمعتبرين‏.‏

‏{‏قُلِ اسْتَهْزِئُوا‏}‏ أي‏:‏ استمروا على ما أنتم عليه من الاستهزاء والسخرية‏.‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ‏}‏ وقد وفَّى تعالى بوعده، فأنزل هذه السورة التي بينتهم وفضحتهم، وهتكت أستارهم‏.‏

قال صاحب المنار: هذه الآيات في بيان شأن آخر من شئون المنافقين التي كشفت سوأتهم فيها غزوة تبوك. أخرج ابن أبى شيبة وابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله- تعالى-: يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ ...

قال: كانوا يقولون القول فيما بينهم ثم يقولون: عسى أن لا يفشى علينا هذا.

وعن قتادة قال: كانت هذه السورة تسمى الفاضحة. فاضحة المنافقين، وكان يقال لها المنبئة. أنبأت بمثالبهم وعوراتهم .

والضمير في قوله: عَلَيْهِمْ وفي قوله: تُنَبِّئُهُمْ يعود على المنافقين. فيكون المعنى: يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ ويخافون من أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ أى: في شأنهم وحالهم «سورة من سور القرآن الكريم» ، تنبئهم بما في قلوبهم. أى: تخبرهم بما انطوت عليه قلوبهم من أسرار خفية، ومن أقوال كانوا يتناقلونها فيما بينهم، ويحرصون على إخفائها عن المؤمنين.

وفي التعبير بقوله: تُنَبِّئُهُمْ مبالغة في كون السورة مشتملة على أسرارهم، حتى أنها تعلم من أحوالهم الباطنة مالا يعلمونه هم عن أنفسهم، فتنبئهم بهذا الذي لا يعلمونه، وتنعى عليهم قبائحهم ورذائلهم. وتذيع على الناس ما كانوا يخشون ظهوره من أقوال ذميمة، وأفعال أثيمة.

ومنهم من يرى أن الضمير في قوله عَلَيْهِمْ وقوله: تُنَبِّئُهُمْ يعود على المؤمنين، فيكون المعنى: يحذر المنافقون ويخشون من أن تنزل على المؤمنين سورة تخبرهم بما في قلوب المنافقين من أضغان وأحقاد وفسوق عن أمر الله.

وقد ذكر هذين الوجهين صاحب الكشاف فقال: والضمير في «عليهم» و «تنبئهم» للمؤمنين، و «في قلوبهم» للمنافقين. وصح ذلك لأن المعنى يقود إليه.

ويجوز أن تكون الضمائر للمنافقين: لأن السورة إذا نزلت في معناهم- أى في شأنهم وأحوالهم- فهي نازلة عليهم. ومعنى «تنبئهم بما في قلوبهم» كأنها تقول لهم: في قلوبكم كيت وكيت: يعنى أنها تذيع أسرارهم عليهم حتى يسمعوها مذاعة منتشرة فكأنها تخبرهم بها» .

وقال الإمام الرازي. فإن قيل: المنافق كافر فكيف يحذر نزول الوحى على الرسول صلى الله عليه وسلم؟ قلنا فيه وجوه؟

قال أبو مسلم: هذا حذر أظهره المنافقون على وجه الاستهزاء حين رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر كل شيء، ويدعى أنه عن الوحى، وكان المنافقون يكذبون بذلك فيما بينهم، فأخبر الله رسوله بذلك، وأمره أن يعلمهم أنه يظهر سرهم الذي حذروا ظهوره، وفي قوله: قُلِ اسْتَهْزِؤُا دلالة على ما قلناه.

2- أن القوم وإن كانوا كافرين بدين الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنهم شاهدوا أنه صلى الله عليه وسلم كان يخبرهم بما يضمرونه ويكتمونه، فلهذه التجربة وقع الحذر والخوف في قلوبهم.

3- قال الأصم. إنهم كانوا يعرفون كون الرسول صلى الله عليه وسلم صادقا، إلا أنهم كفروا به حسدا وعنادا ...

4- معنى الحذر: الأمر بالحذر. أى: ليحذر المنافقون ذلك.

5- أنهم كانوا شاكين في صحة نبوته، وما كانوا قاطعين بفسادها، والشاك خائف، فلهذا السبب خافوا أن ينزل عليه في أمرهم ما يفضحهم . والذي نراه أن الرأى الخامس أقرب الآراء إلى الصواب، لأن المنافقين كانوا مترددين بين الإيمان والكفر: فهم كما وصفهم الله- تعالى- مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ....

ومن شأن هذا التذبذب أن يغرس الخوف والحذر في القلوب.

أى أن هذا الحذر والإشفاق. كما يقول بعض العلماء. أثر طبيعي للشك والارتياب، لأنهم لو كانوا موقنين بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم لما خطر لهم هذا الخوف على بال، ولو كانوا موقنين بتصديقه، لما كان هناك محل لهذا الحذر «لأن قلوبهم مطمئنة بالإيمان» .

وقوله: قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ تهديد ووعيد لهم على نفاقهم وسوء أدبهم.

أى: قل يا محمد لهؤلاء المنافقين المذبذبين بين الحق والباطل، قل لهم، على سبيل التهديد والتبكيت: افعلوا ما شئتم من الاستخفاف بتعاليم الإسلام إن الله- تعالى- مظهر ما تحذرونه من إنزال الآيات القرآنية التي تفضحكم على رءوس الأشهاد، والتي تكشف عن أسراركم، وتهتك أستاركم، وتظهر للمؤمنين ما أردتم إخفاءه عنهم.

وأسند الإخراج إلى الله- تعالى- للإشارة إلى أنه- سبحانه- يخرج ما يحذرونه إخراجا لا مزيد عليه من الكشف والوضوح، حتى يحترس منهم المؤمنون ولا يغتروا بأقوالهم المعسولة.

قال مجاهد : يقولون القول بينهم ، ثم يقولون : عسى الله ألا يفشي علينا سرنا هذا .

وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى : ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ) [ المجادلة : 8 ] وقال في هذه الآية : ( قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون ) أي : إن الله سينزل على رسوله ما يفضحكم به ، ويبين له أمركم كما قال : ( أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ) إلى قوله : ( ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم ) [ محمد : 29 ، 30 ] ؛ ولهذا قال قتادة : كانت تسمى هذه السورة " الفاضحة " ، فاضحة المنافقين .

القول في تأويل قوله : يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَـزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يخشى المنافقون أن تنـزل فيهم (5) =(سورة تنبئهم بما في قلوبهم), يقول: تظهر المؤمنين على ما في قلوبهم. (6)

* * *

وقيل: إن الله أنـزل هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم, لأن المنافقين كانوا إذا عابوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكروا شيئًا من أمره وأمر المسلمين, قالوا: " لعل الله لا يفشي سِرَّنا!"، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم: (استهزءوا), متهددًا لهم متوعدًا: (إن الله مخرج ما تحذرون).

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

16907- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (يحذر المنافقون أن تنـزل عليهم سورة)، قال: يقولون القول بينهم, ثم يقولون: " عسى الله أن لا يفشي سرنا علينا!".

16908- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد مثله = إلا أنه قال: سِرَّنا هذا.

* * *

وأما قوله: (إن الله مخرجٌ ما تحذرون)، فإنه يعني به: إن الله مظهر عليكم، أيها المنافقون ما كنتم تحذرون أن تظهروه, فأظهر الله ذلك عليهم وفضحهم, (7) فكانت هذه السورة تدعَى: (الفَاضِحَةَ).

16909- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: كانت تسمَّى هذه السورة: (الفَاضِحَةَ)، فاضحة المنافقين.

--------------------

الهوامش :

(5) انظر تفسير "الحذر" فيما سلف 10 : 575.

(6) انظر تفسير " النبأ " فيما سلف 13 : 252 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك.

(7) انظر تفسير "الإخراج" فيما سلف 2 : 228 12 : 211.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[64] ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ كانوا يكرهون نزوله، واليوم يكرهون تعليمه، حتى لو اختلف الزمن تبقى القلوب متشابهة!
وقفة
[64] ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ قبائح المنافقين كثيرة، ومنها الإقدام على الأيمان الكاذبة، ومعاداة الله ورسوله، والاستهزاء بالقرآن والنبي والمؤمنين، والتخوف من نزول سورة في القرآن تفضح شأنهم، واعتذارهم بأنهم هازلون لاعبون، وهو إقرار بالذنب، بل هو عذر أقبح من الذنب.
وقفة
[64] القرآن لا يذكر أسماء المنافقين ومع ذلك يحذرون منه لإنه يخرجهم بأوصافهم ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾.
وقفة
[64] جمع القرآن أوصاف المنافقين وربطها بنواياهم، فكانوا يكرهون نزوله واليوم يكرهون قراءته ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾.
وقفة
[64] المنافق كثير القلق لتردده بين صدق يخفيه وكذب يبديه، فيخرج كرهه بالاستهزاء ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلِ اسْتَهْزِئُوا﴾.
وقفة
[64] ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّـهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ﴾ تسمى هذه السورة «الفاضحة»؛ فاضحة المنافقين.
وقفة
[64] ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّـهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ﴾ وفي هذه الآيات دليلٌ على أن من أَسَرَّ سريرة- خصوصًا السريرة التي يمكر فيها بدينه، ويستهزئ به وبآياته ورسوله- أن الله تعالى يظهرها، ويفضح صاحبها، ويعاقبه أشد العقوبة.
وقفة
[64] ﴿تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ من أسرار عظمة القرآن، إخباره عما يدور في القلوب!
وقفة
[64] ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا﴾ إذا أمرت المسيء بفعل إساءته أظهرته أمام نفسه عاريًا عن القيم.
وقفة
[64] ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّـهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ﴾ وقد وفى تعالى بوعده؛ فأنزل هذه السورة -التوبة- التي بينتهم وفضحتهم وهتكت أستارهم.
وقفة
[64] ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّـهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ﴾ الاستهزاءُ لا يليقُ بالصادقين، ولكنّه نعمةٌ يُخرج الله به عقائدَ المنافقين.
وقفة
[64] ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّـهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ﴾ فقط باستهزائهم يخرج الله ما في قلوبهم من كفر، جعلها علامة باقية عليهم إلى يوم القيامة.
وقفة
[64] ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّـهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ﴾ أعظم ما يكون المنافق كافرًا أكثر ما يكون ساخرًا.
وقفة
[64] كثير من المستهزءين بالدين في (تويتر) إنما هم قوم قد بلعوا اﻹلحاد والزندقة؛ فهم يتقيأون بعض ما في بطونهم! ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّـهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ﴾.
وقفة
[64] يسعى أهل النفاق لترويج فسادهم بهدم قيم الفضيلة والإصلاح بالسخرية منها؛ ولا يروج ذلك إلا على اتباعهم من السفهاء، ولما كان هذا ديدنهم أمر الله نبيه: ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّـهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ﴾ كاشفًا أستارهم بأفعالهم التي تكشف أسرارهم.

الإعراب :

  • ﴿ يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة. المنافقون: فاعل مرفوع بالواو: لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ:
  • أن: حرف مصدري ناصب. تنزل: فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. عليهم: جار ومجرور متعلق بتنزل و «هم»: ضمير الغائبين يعود على المؤمنين مبني على السكون في محل جر بعلى. سورة: نائب فاعل مرفوع بالضمة. و «أَنْ» وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل يحذر أو في محل جر بحرف مقدر محذوف أي يخشون تنزيل أو من تنزيل سورة. وجملة «تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ» صلة «أَنْ» لا محل لها.
  • ﴿ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ:
  • الجملة في محل رفع صفة لسورة. تنبيء: فعل مضارع مرفوع بالضمة. والفاعل: ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بما: جار ومجرور متعلق بتنبئهم و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. في قلوب: جار ومجرور و «هم»: ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة. وجملة «فِي قُلُوبِهِمْ» متعلقة بصلة موصول محذوفة تقديرها: استقرّ أو هو مستقر في قلوبهم. وجملة «استقر في قلوبهم» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ قُلِ:
  • فعل أمر مبني على السكون حرّك بالكسر لالتقاء الساكنين وحذفت واوه لالتقاء الساكنين أيضا. والفاعل: ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ اسْتَهْزِؤُا:
  • الجملة في محل نصب مفعول به- مقول القول- بمعنى:استهزئوا ما شئتم. وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأنّ مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله: اسم «أَنْ» منصوب للتعظيم بالفتحة. مخرج: خبرها مرفوع بالضمة المنونة
  • ﴿ ما تَحْذَرُونَ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به لاسم الفاعل «مُخْرِجٌ» تحذرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. الواو:ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف مفعولها أي تحذرون افشاءه. والجملة: صلة الموصول. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يَحْذَرُ المُنافِقُونَ أن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِما في قُلُوبِهِمْ﴾ قالَ السُّدِّيُّ: قالَ بَعْضُ المُنافِقِينَ: واللَّهِ لَوَدِدْتُ أنِّي قُدِّمْتُ فَجُلِدْتُ مِائَةَ جَلْدَةٍ ولا يَنْزِلُ فِينا شَيْءٌ يَفْضَحُنا. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ. وقالَ مُجاهِدٌ: كانُوا يَقُولُونَ القَوْلَ بَيْنَهم، ثُمَّ يَقُولُونَ: عَسى اللَّهُ ألّا يُفْشِيَ عَلَيْنا سِرَّنا.'
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [64] لما قبلها :     8- الاستهزاء بتعاليم الإسلام، قال تعالى:
﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [65] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا ..

التفسير :

[65] ولئن سألتهم -أيها النبي- عما قالوا من القَدْح في حقك وحق أصحابك لَيَقولُنَّ:إنما كنا نتحدث بكلام لا قصد لنا به، قل لهم -أيها النبي-:أبالله عز وجل وآياته ورسوله كنتم تستهزئون؟

{‏وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ‏}‏ عما قالوه من الطعن في المسلمين وفي دينهم، يقول طائفة منهم في غزوة تبوك ‏{‏ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ـ يعنون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه ـ أرغب بطونا، ‏[‏وأكذب ألسنا‏]‏ وأجبن عند اللقاء‏}‏ ونحو ذلك‏.‏

ولما بلغهم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قد علم بكلامهم، جاءوا يعتذرون إليه ويقولون‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ‏}‏ أي‏:‏ نتكلم بكلام لا قصد لنا به، ولا قصدنا الطعن والعيب‏.‏

قال اللّه تعالى ـ مبينا عدم عذرهم وكذبهم في ذلك ـ ‏:‏ ‏{‏قُلْ‏}‏ لهم ‏{‏أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ‏}‏ فإن الاستهزاء باللّه وآياته ورسوله كفر مخرج عن الدين لأن أصل الدين مبني على تعظيم اللّه، وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل، ومناقض له أشد المناقضة‏.‏

وقوله: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ.. بيان للون آخر من معاذيرهم الكاذبة، وجبنهم عن مواجهة الحقائق.

وأصل الخوض- كما يقول الآلوسى- الدخول في مائع مثل الماء والطين، ثم كثر حتى صار اسما لكل دخول فيه تلويث وأذى .

أى: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المنافقين عن سبب استهزائهم بتعاليم الإسلام ليقولن لك على سبيل الاعتذار، إنما كنا نفعل ذلك على سبيل الممازحة والمداعبة لا على سبيل الجد.

وقوله: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ إبطال لحجتهم، وقطع لمعاذيرهم، وتبكيت لهم على جهلهم وسوء أخلاقهم.

أى: قل لهم يا محمد- على سبيل التوبيخ والتجهيل- ألم تجدوا ما تستهزءون به في مزاحكم ولعبكم- كما تزعمون- سوى فرائض الله وأحكامه وآياته ورسوله الذي جاء لهدايتكم وإخراجكم من الظلمات إلى النور؟

فالاستفهام للإنكار والتوبيخ، ودفع ما تذرعوا به من معاذير واهية.

قال أبو معشر المديني عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا : قال رجل من المنافقين : ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا ، وأكذبنا ألسنة ، وأجبننا عند اللقاء . فرفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء إلى رسول الله وقد ارتحل وركب ناقته ، فقال : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب . فقال : ( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ) إلى قوله : ( مجرمين ) وإن رجليه لتنسفان الحجارة وما يلتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متعلق بنسعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وقال عبد الله بن وهب : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلسك ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء ، أرغب بطونا ، ولا أكذب ألسنا ، ولا أجبن عند اللقاء . فقال رجل في المسجد : كذبت ، ولكنك منافق . لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزل القرآن . قال عبد الله بن عمر : وأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنكبه الحجارة وهو يقول : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب . ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) .

وقد رواه الليث ، عن هشام بن سعد ، بنحو من هذا .

وقال ابن إسحاق : وقد كان جماعة من المنافقين منهم وديعة بن ثابت ، أخو بني أمية بن زيد ، من بني عمرو بن عوف ، ورجل من أشجع حليف لبني سلمة يقال له : مخشن بن حمير يشيرون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو منطلق إلى تبوك ، فقال بعضهم لبعض : أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا ؟ والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال ، إرجافا وترهيبا للمؤمنين ، فقال مخشن بن حمير : والله لوددت أني أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة ، وأنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - لعمار بن ياسر : أدرك القوم ، فإنهم قد احترقوا ، فسلهم عما قالوا ، فإن أنكروا فقل : بلى ، قلتم كذا وكذا . فانطلق إليهمعمار ، فقال ذلك لهم ، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون إليه ، فقال وديعة بن ثابت ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف على راحلته ، فجعل يقول وهو آخذ بحقبها : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب ، [ فأنزل الله - عز وجل - : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ) ] فقال مخشن بن حمير : يا رسول الله ، قعد بي اسمي واسم أبي . فكان الذي عفي عنه في هذه الآية مخشن بن حمير ، فتسمى عبد الرحمن ، وسأل الله أن يقتل شهيدا لا يعلم بمكانه ، فقتل يوم اليمامة ، فلم يوجد له أثر .

وقال قتادة : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ) قال : فبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ، وركب من المنافقين يسيرون بين يديه ، فقالوا : يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونها . هيهات هيهات . فأطلع الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ما قالوا ، فقال : علي بهؤلاء النفر . فدعاهم ، فقال : قلتم كذا وكذا . فحلفوا ما كنا إلا نخوض ونلعب .

وقال عكرمة في تفسير هذه الآية : كان رجل ممن إن شاء الله عفا عنه يقول : اللهم إني أسمع آية أنا أعنى بها ، تقشعر منها الجلود ، وتجب منها القلوب ، اللهم فاجعل وفاتي قتلا في سبيلك ، لا يقول أحد : أنا غسلت ، أنا كفنت ، أنا دفنت ، قال : فأصيب يوم اليمامة ، فما أحد من المسلمين إلا وقد وجد غيره .

القول في تأويل قوله : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65)

قال أبو جعفر: يقول تعالى جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولئن سألت، يا محمد، هؤلاء المنافقين عما قالوا من الباطل والكذب, ليقولن لك: إنما قلنا ذلك لعبًا, وكنا نخوض في حديثٍ لعبًا وهزؤًا! (8) يقول الله لمحمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، أبالله وآيات كتابه ورسوله كنتم تستهزءون؟

وكان ابن إسحاق يقول: الذي قال هذه المقالة: كما:-

16910- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال: كان الذي قال هذه المقالة فيما بلغني، وديعة بن ثابت, أخو بني أمية بن زيد، من بني عمرو بن عوف. (9)

* * *

16911- حدثنا علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا الليث قال، حدثني هشام بن سعد, عن زيد بن أسلم: أن رجلا من المنافقين قال لعوف بن مالك في غزوة تبوك: ما لقُرَّائنا هؤلاء أرغبُنا بطونًا وأكذبُنا ألسنةً، وأجبُننا عند اللقاء ! فقال له عوف: كذبت, ولكنك منافق! لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فذهب عوف إلى رسول الله ليخبره, فوجد القرآن قد سبقه = قال زيد (10) قال عبد الله بن عمر: فنظرت إليه متعلقًا بحَقَب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبُهُ الحجارة, (11) يقول: (إنما كنا نخوض ونلعب) ! فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: (أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن)؟ ما يزيده. (12)

16912- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني هشام بن سعد, عن زيد بن أسلم, عن عبد الله بن عمر قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغبَ بطونًا، ولا أكذبَ ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء! فقال رجل في المجلس: كذبتَ, ولكنك منافق ! لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونـزل القرآن. قال عبد الله بن عمر: فأنا رأيته متعلقًا بحَقَب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تَنْكُبه الحجارة, وهو يقول: " يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب!", ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ . (13)

16913- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا أيوب, عن عكرمة في قوله: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب)، إلى قوله: (بأنهم كانوا مجرمين)، قال: فكان رجل ممن إن شاء الله عفا عنه يقول: " اللهم إني أسمع آية أنا أعْنَى بها, تقشعرُّ منها الجلود, وتَجِبُ منها القلوب, (14) اللهم فاجعل وفاتي قتلا في سبيلك, لا يقول أحدٌ: أنا غسَّلت, أنا كفَّنت, أنا دفنت " ، قال: فأصيب يوم اليمامة, فما من أحدٍ من المسلمين إلا وُجد غيره.

16914- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب)، الآية, قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في غزوته إلى تبوك, وبين يديه ناس من المنافقين فقالوا: " يرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشأم وحصونها! هيهات هيهات " ! فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك, فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " احبسوا عليَّ الرَّكْب ! (15) فأتاهم فقال: قلتم كذا، قلتم كذا. قالوا: " يا نبي الله، إنما كنا نخوض ونلعب "، فأنـزل الله تبارك وتعالى فيهم ما تسمعون.

16915- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب)، قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، ورَكْب من المنافقين يسيرون بين يديه, فقالوا: يظن هذا أن يفتح قصورَ الروم وحصونها ! فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ما قالوا, فقال: عليّ بهؤلاء النفر ! فدعاهم فقال: قلتم كذا وكذا! فحلفوا: ما كنا إلا نخوض ونلعب!

16916- حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر, عن محمد بن كعب وغيره قالوا: قال رجل من المنافقين: ما أرى قُرَّاءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونًا, وأكذبنا ألسنة, وأجبننا عند اللقاء ! فرُفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته, فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم, إنما كنا نخوض ونلعب ! فقال: (أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون )، إلى قوله: (مجرمين)، وإن رجليه لتنسفان الحجارة, (16) وما يلتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو متعلق بنِسْعَةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. (17)

16917- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (إنما كنا نخوض ونلعب)، قال: قال رجل من المنافقين: " يحدثنا محمد أن ناقة فلان بوادي كذا وكذا، في يوم كذا وكذا! وما يدريه ما الغيب؟" .

16918- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, بنحوه.

-----------------------

الهوامش :

(8) انظر تفسير "الخوض" فيما سلف 11 : 529، تعليق : 3 ، والمراجع هناك.

= وتفسير "اللعب" فيما سلف 11 : 529 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك.

= وتفسير "الاستهزاء" فيما سلف 11 : 262 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك.

(9) الأثر : 16910 - سيرة ابن هشام 4 : 195، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16899.

(10) في المطبوعة والمخطوطة: "فقال زيد"، بالفاء، والسياق يقتضي إسقاطها.

(11) "الحقب" (بفتحتين): حبل يشد به الرحل في بطن البعير مما يلي ثيله، لئلا يؤذيه التصدير، أو يجتذبه التصدير فيقدمه. و "نكبته الحجارة"، لثمت الحجارة رجله وظفره، أي نالته وآذته وأصابته.

(12) الأثر : 16911 - "هشام بن سعد المدني"، ثقة، متكلم في ، مضى برقم : 5490 ، 11704 ، 12821.

" زيد بن أسلم العدوي" الفقيه ، روى عن عبد الله بن عمر ، روى له جماعة ، مضى مرارًا كثيرة وسيأتي الخبر الذي يليه، من طريق ابن وهب، عنه. وهذا إسناد صحيح.

(13) الأثر : 16912 - مكرر الأثر السالف، وهو صحيح الإسناد.

(14) "وجب قلبه يجب وجيبًا"، خفق واضطرب. وكان في المطبوعة: "وتجل" باللام، كأنه يعني من "الوجل"، ولكنه لم يحسن قراءة المخطوطة، لأنها غير منقوطة.

(15) في المطبوعة: "على هؤلاء الركب" ، زاد "هؤلاء" لغير طائل.

(16) في المطبوعة: "ليسفعان بالحجارة" ، غير ما كان في المخطوطة مسيئًا في فعله، والصواب ما في المخطوطة. "نسفت الناقة الحجارة والتراب في عدوها تنسفه نسفًا"، إذا أطارته، وكذلك يقال في الإنسان إذا اشتد عدوه.

(17) "النسعة" (بكسر فسكون) : سير مضفور يجعل زمامًا للبعير، وقد تنسج عريضة تجعل على صدر البعير. ويقال للبطان والحقب: "النسعان".

التدبر :

وقفة
[65] ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾ فيه دلالة على أن اللاعب والجاد سواء في إظهار كلمة الكفر، وأن الاستهزاء بآيات الله كفر.
وقفة
[65] ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾ المُسمَّيات لا تُغيّر في الحقيقة شيئًا.
وقفة
[65] ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾ يسخر بدينك ومبادئك فإذا حمرت له عينيك ورأى منك الجد قال: «لا تغضب يا فلان؛ إنا نمزح».
وقفة
[65] من علامة النفاق مقابلة الحجة الجادة والعمل الحق باللعب والاستهزاء ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾.
وقفة
[65] ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ السخرية بالآيات واستعمالها في المزاح دائرة محظورة، وقد تزل بصاحبها دون أن يشعر نحو النفاق.
لمسة
[65] ما الفرق بين الاستهزاء والسخرية؟ الاستهزاء أعم من السخرية، فالاستهزاء عام بالأشخاص وبغير الأشخاص، ويقال هو المزح في خفية ﴿قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ﴾، والسخرية لم ترد في القرآن إلا في الأشخاص تحديدًا ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ﴾ [التوبة: 79].
وقفة
[65] سبب النزول: عن زيد بن أسلم أن رجلًا من المنافقين قال لعوف بن مالك في غزوة تبوك: «ما لقرائنا هؤلاء، أرغبنا بطونًا وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عند اللقاء؟»، فقال له عوف: «كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله ﷺ»، فذهب عوف إلى رسول الله ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه، قال زيد: قال عبد الله بن عمر: فنظرت إليه متعلقًا بحقب ناقة رسول الله ﷺ تنكبة الحجارة، يقول: إنا كنا نخوض ونلعب، فيقول له النبي ﷺ: ﴿قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ﴾؟!
وقفة
[65] ‏الاستهزاء بالدين والضحك عليه والأُنس به حكمهما واحد، لما استهزأ اثنان بالدين وضحك واحد أنزل الله فيهم ﴿قُلْ أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾.
وقفة
[65] ﴿أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ مهما تنوعت وتشعبت سبل سخرية المنافق، فمردها إلى هذه الثلاث.
وقفة
[65] ﴿أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ لا يُقبل الهزل في الدين وأحكامه، ويعد الخوض بالباطل في كتاب الله ورسله وصفاته كفرًا.
وقفة
[65، 66] ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر مخرج عن الدين؛ لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله، وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك منافٍ لهذا الأصل، ومناقض له أشد المناقضة.
وقفة
[65، 66] ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ دلت هذه الآية على أن كل من تنقص رسول الله صلى الله عليه و سلم جادًا أو هازلًا؛ فقد كفر.
وقفة
[65، 66] ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ قال ابن تيمية: «وهذا نص في أن الاستهزاء بالله وآياته وبرسوله كفر، فالسب المقصود بطريق الأولى».
وقفة
[65، 66] نقل عن الشافعي أنه سئل عمن هزل بشيء من آيات الله تعالى فقال: هو كافر، واستدل بقول الله تعالى: ﴿قُلْ أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾.
وقفة
[65، 66] الاستهزاء بشعائر الإسلام وبالمنتسبين إليه قد يُورد صاحبه نار جهنم، حتى ولو كان من باب الضحك والتسلية ﴿قُلْ أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾.
وقفة
[65،66] الاستهزاء ينافي التعظيم: ﴿قُلْ أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾الاستهزاء بالله كفر مخرج من الدين؛ لأنَّ أصلَ الدين مبنيٌّ على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء مناقضٌ لهذا الأصل أشدَّ المناقضة.
وقفة
[65، 66] ﴿قُلْ أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾لم يتقصدوا ذلك؛ فكيف بمن تقصد ذلك؟!
وقفة
[65، 66] ﴿قُلْ أَبِاللَّـهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ كلمات ساخرة أخرجتهم من الدين؛ لأن الوقوع في الكفر يكون بالنية أو بالكلام أو بالعمل، ذلك لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله؛ فلنعظم الحذر من أسباب الكفر والشرك؛ لحماية جناب التوحيد في التربية والتعليم والتوجيه.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ:
  • الواو: عاطفة. لئن: اللام: موطئة للقسم- اللام المؤذنة- إن: حرف شرط جازم. سألت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. فعل الشرط في محل جزم بإن.التاء: ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «هم»: ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به. ليقولنّ: اللام:واقعة في جواب القسم المقدر. يقولنّ: فعل مضارع مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة وسبب بنائه على حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل والنون لا محل لها من الإعراب. وجملة «إن سألتهم» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها. وجملة «لَيَقُولُنَّ» جواب القسم لا محل لها من الإعراب. أما جواب الشرط فمحذوف لأنّ جواب القسم دلّ عليه.
  • ﴿ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به- مقول القول- إنما: كافة ومكفوفة. كنا: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا»: ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان». نخوض: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل: ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. أي نخوض في الكلام. والجملة الفعلية «نخوض في الكلام» في محل نصب خبر «كان». ونلعب: معطوفة بالواو على «نَخُوضُ» وتعرب إعرابها.
  • ﴿ قُلْ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل:ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والجملة بعده في محل نصب مفعول به لقل.
  • ﴿ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ:
  • الألف ألف توبيخ بلفظ استفهام. بالله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بتستهزئون وآياته: معطوفة الواو على لفظ الجلالة مجرورة بالباء وعلامة جرها الكسرة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة ورسوله: تعرب إعراب وآياته.
  • ﴿ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ:
  • كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله:ضمير الرفع المتحرك. التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تستهزئون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «تَسْتَهْزِؤُنَ» في محل نصب خبر «كان».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ولَئِن سَألْتَهم لَيَقُولُنَّ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ﴾ قالَ قَتادَةُ: بَيْنَما رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في غَزْوَةِ تَبُوكَ وبَيْنَ يَدَيْهِ ناسٌ مِنَ المُنافِقِينَ إذْ قالُوا: أيَرْجُو هَذا الرَّجُلُ أنْ يَفْتَحَ قُصُورَ الشّامِ وحُصُونَها ؟ هَيْهاتَ هَيْهاتَ لَهُ ذَلِكَ. فَأطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلى ذَلِكَ، فَقالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: ”احْبِسُوا عَلَيَّ الرَّكْبَ“ . فَأتاهم فَقالَ: ”قُلْتُمْ كَذا وكَذا“ . فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ. وقالَ زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ ومُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: قالَ رَجُلٌ مِنَ المُنافِقِينَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ: ما رَأيْتُ مِثْلَ قُرّائِنا هَؤُلاءِ أرْغَبَ بُطُونًا ولا أكْذَبَ ألْسُنًا، ولا أجْبَنَ عِنْدَ اللِّقاءِ - يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وأصْحابَهُ - فَقالَ لَهُ عَوْفُ بْنُ مالِكٍ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ مُنافِقٌ، لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ . فَذَهَبَ عَوْفٌ لِيُخْبِرَهُ، فَوَجَدَ القُرْآنَ قَدْ سَبَقَهُ، فَجاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وقَدِ ارْتَحَلَ ورَكِبَ ناقَتَهُ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ، ونَتَحَدَّثُ بِحَدِيثِ الرَّكْبِ نَقْطَعُ بِهِ عَنّا الطَّرِيقَ.أخْبَرَنا أبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الجَوْزَقِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا بِشْرُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ بِشْرٍ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسى الحُلْوانِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الخَيّاطُ، قالَ: حَدَّثَنا إسْماعِيلُ بْنُ داوُدَ المِهْرِجانِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا مالِكُ بْنُ أنَسٍ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: رَأيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ يَسِيرُ قُدّامَ النَّبِيِّ ﷺ والحِجارَةُ تَنْكُبُهُ وهو يَقُولُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنّا كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ. والنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: ”﴿أبِاللَّهِ وآياتِهِ ورَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ ؟“ .'
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [65] لما قبلها :     9- الجبن عن مواجهة الحقائق، قال تعالى:
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [66] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ ..

التفسير :

[66] لا تعتذروا -معشر المنافقين- فلا جدوى مِن اعتذاركم، قد كفرتم بهذا المقال الذي استهزأتم به، إن نعف عن جماعة منكم طلبت العفو وأخلصت في توبتها، نعذب جماعة أخرى بسبب إجرامهم بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة.

ولهذا لما جاءوا إلى الرسول يعتذرون بهذه المقالة، والرسول لا يزيدهم على قوله ‏{‏أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ‏}‏ وقوله ‏{‏إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ‏}‏ لتوبتهم واستغفارهم وندمهم، ‏{‏نُعَذِّبْ طَائِفَةً‏}‏ منكم ‏{‏بِأَنَّهُمْ‏}‏ بسبب أنهم ‏{‏كَانُوا مُجْرِمِينَ‏}‏ مقيمين على كفرهم ونفاقهم‏.‏

وفي هذه الآيات دليل على أن من أسر سريرة، خصوصا السريرة التي يمكر فيها بدينه، ويستهزئ به وبآياته ورسوله، فإن اللّه تعالى يظهرها ويفضح صاحبها، ويعاقبه أشد العقوبة‏.‏

وأن من استهزأ بشيء من كتاب اللّه أو سنة رسوله الثابتة عنه، أو سخر بذلك، أو تنقصه، أو استهزأ بالرسول أو تنقصه، فإنه كافر باللّه العظيم، وأن التوبة مقبولة من كل ذنب، وإن كان عظيمًا‏.

وقوله- سبحانه-: لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ ... تأكيد لإبطال ما أظهروه من معاذير.

والاعتذار معناه محاولة محو أثر الذنب، مأخوذ من قولهم: اعتذرت المنازل إذا اندثرت وزالت، لأن المعتذر يحاول إزالة أثر ذنبه.

والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء المنافقين المستهزئين بما يجب إجلاله واحترامه وتوقيره: قل لهم على سبيل التوبيخ والتجهيل أيضا- لا تشتغلوا بتلك المعاذير الكاذبة فإنها غير مقبولة، لأنكم بهذا الاستهزاء بالله وآياته ورسوله قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ أى: قد ظهر كفركم وثبت، بعد إظهاركم الإيمان على سبيل المخادعة، فإذا كنا قبل ذلك نعاملكم معاملة المسلمين بمقتضى نطقكم بالشهادتين فنحن الآن نعاملكم معاملة الكافرين بسبب استهزائكم بالله وآياته ورسوله صلى الله عليه وسلم لأن الاستهزاء بالدين. كما يقول الإمام الرازي. يعد من باب الكفر، إذ أنه يدل على الاستخفاف، والأساس الأول في الإيمان تعظيم الله- تعالى- بأقصى الإمكان، والجمع بينهما محال .

وقوله- تعالى-: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ بيان لمظهر من مظاهر عدله- سبحانه- ورحمته.

أى: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ- أيها المنافقون- بسبب توبتهم وإقلاعهم عن النفاق، نُعَذِّبْ طائِفَةً أخرى منكم بسبب إصرارهم على النفاق، واستمرارهم في طريق الفسوق والعصيان.

هذا، وقد ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات روايات منها:

ما جاء عن زيد بن أسلم: أن رجلا من المنافقين قال لعوف بن مالك في غزوة تبوك:

ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا، وأكذبنا ألسنة وأجبننا عند اللقاء!! فقال له عوف:

كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه.

قال زيد: قال عبد الله بن عمر: فنظرت إليه- أى إلى المنافق- متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، فيقول له الرسول صلى الله عليه وسلم «أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون» .

وعن قتادة قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في غزوته إلى تبوك، وبين يديه ناس من المنافقين فقالوا: يرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها!! هيهات هيهات!.

فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «احبسوا على الركب» فأتاهم فقال لهم. قلتم كذا، قلتم كذا. فقالوا: «يا نبي الله إنما كنا نخوض ونلعب» فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم ما تسمعون .

وقال ابن إسحاق: كان جماعة من المنافقين منهم وديعة بن ثابت.. ومنهم رجل من أشجع حليف لبنى سلمة يقال له «مخشى بن حمير» يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك- فقال بعضهم- أتحسبون جلاد بنى الأصفر- أى الروم- كقتال العرب بعضهم؟

والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال، إرجافا وترهيبا للمؤمنين.

فقال مخشى بن حمير: والله لوددت أن أقاضى على أن يضرب كل منا مائة جلدة، وأننا ننجو أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني- لعمار بن ياسر- أدرك القوم فإنهم قد احترقوا، فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى، قلتم كذا وكذا. فانطلق إليهم عمار فقال ذلك لهم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه.

فقال وديعة بن ثابت- ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على راحلته- يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب.

فقال مخشى بن حمير: يا رسول الله، قعد بن اسمى واسم أبى، فكان الذي عفى عنه في هذه الآية مخشى بن حمير، فتسمى عبد الرحمن، وسأل الله أن يقتل شهيدا، لا يعلم مكانه.

فقتل يوم اليمامة ولم يوجد له أثر .

هذه بعض الآثار التي وردت في سبب نزول هذه الآيات، وهي توضح ما كان عليه المنافقون من كذب في المقال، وجبن عن مواجهة الحقائق.

ثم مضت السورة الكريمة بعد ذلك في تقرير حقيقة المنافقين، وفي بيان جانب من صفاتهم، والمصير السيئ الذي ينتظرهم فقال سبحانه وتعالى:

وقوله : ( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) أي : بهذا المقال الذي استهزأتم به ( إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة ) أي : لا يعفى عن جميعكم ، ولا بد من عذاب بعضكم ، ( بأنهم كانوا مجرمين ) أي : مجرمين بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة .

القول في تأويل قوله : لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء الذين وصفت لك صفتهم: (لا تعتذروا)، بالباطل, فتقولوا: (كنا نخوض ونلعب) =(قد كفرتم)، يقول: قد جحدتم الحق بقولكم ما قلتم في رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به (18) =(بعد إيمانكم)، يقول: بعد تصديقكم به وإقراركم به =(إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة). (19)

* * *

وذكر أنه عُنِي: بـ " الطائفة "، في هذا الموضع، رجلٌ واحد. (20)

وكان ابن إسحاق يقول فيما:-

16919- حدثنا به ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال: كان الذي عُفِي عنه، فيما بلغني مَخْشِيّ بن حُمَيِّر الأشجعي، (21) حليف بني سلمة, وذلك أنه أنكر منهم بعض ما سمع. (22)

16920- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا زيد بن حبان, عن موسى بن عبيدة, عن محمد بن كعب: (إن نعف عن طائفة منكم)، قال: " طائفة "، رجل.

* * *

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.

فقال بعضهم: معناه: (إن نعف عن طائفة منكم)، بإنكاره ما أنكر عليكم من قبل الكفر =(نعذب طائفة)، بكفره واستهزائه بآيات الله ورسوله.

* ذكر من قال ذلك:

16922- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر قال، قال بعضهم: كان رجل منهم لم يمالئهم في الحديث, يسير مجانبًا لهم, (23) فنـزلت: (إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة)، فسُمِّي " طائفةً" وهو واحدٌ.

* * *

وقال آخرون: بل معنى ذلك. إن تتب طائفة منكم فيعفو الله عنه, يعذب الله طائفة منكم بترك التوبة.

* * *

وأما قوله: (إنهم كانوا مجرمين)، فإن معناه: نعذب طائفة منهم باكتسابهم الجرم, وهو الكفر بالله, وطعنهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم. (24)

---------------------

الهوامش :

(18) في المخطوطة : " يقول : لحم الحق " ، وهي لا تقرأ ، والذي في المطبوعة مقارب للصواب ، فتركته على حاله .

(19) انظر تفسير "العفو" فيما سلف من فهارس اللغة (عفا).

(20) انظر تفسير "الطائفة" فيما سلف 13 : 398، تعليق : 1 ، والمراجع هناك.

(21) في سيرة ابن هشام في هذا الموضع "مخشن بن حمير" ، وقد أشار ابن هشام إلى هذا الاختلاف فيما سلف من سيرته، ابن هشام 4 : 168 . ولكني أثبت ما في المخطوطة.

(22) الأثر : 16919 - سيرة ابن هشام 4 : 195 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16910.

(23) في المطبوعة : "فيسير"، بالفاء، أثبت ما في المخطوطة.

(24) انظر تفسير " الإجرام " فيما سلف 13 : 408 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[66] ﴿لَا تَعْتَذِرُوا﴾ جاءت في خطابهم مرتين، ولا زال من يقول: اعتذر، لا بأس عليك لا بأس.
وقفة
[66] ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ قيلت لمن كان متعلقًا بخطام ناقة رسول الله ﷺ!
وقفة
[66] ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ قال ألكيا: «فيه دلالة على أن اللاعب والجاد في إظهار كلمة الكفر سواء، وأن الاستهزاء بآيات الله كفر».
وقفة
[66] ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ قال الرازي: «لأن الاستهزاء يدل على الاستخفاف، والعمدة الكبرى في الإيمان تعظيم الله تعالى بأقصى الإمكان، والجمع بينهما محال».
وقفة
[66] ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ هؤلاء لم يخطر في بالهم أن الموضوع قد يصل إلي الكفر؛ لأن القضية عندهم كانت مزاحًا وطرافةً، ولكن مقاييس القرآن تختلف كثيرًا عن أوهامنا.
وقفة
[66] ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ حب الله ورسوله موجود في قلب كل مؤمن، لا يمكنه دفع ذلك من قلبه إذا كان مؤمنًا، وتظهر علامات حبه لله ولرسوله إذا أخذ أحد يسب الرسول ويطعن عليه، أو يسب الله ويذكره بما لا يليق به؛ فالمؤمن يغضب لذلك أعظم مما يغضب لو سب أبوه وأمه.
وقفة
[66] ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ قال ابن تيمية: «وهذا نص في أنَّ الاستهزاء بالله وآياته وبرسوله كفر، فالسب المقصود بطريق الأولى».
وقفة
[66] ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ لا يُستمع لأعذار المستهزئين فلا يُبَرَّر السخرية بالدين وأهله مبرر على وجه الأرض.
وقفة
[66] من أساليب المنافقين للتعدي على مقام الألوهية المكر والمخادعة، فإذا كُشفوا وفُضحوا، راوغوا واعتذروا ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾.
تفاعل
[66] ﴿إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ﴾ ادعُ الله الآن أن يعفوَ عنك.
تفاعل
[66] ﴿نُعَذِّبْ طَائِفَةً﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ لا تَعْتَذِرُوا:
  • لا: ناهية جازمة. تعتذروا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه: حذف النون. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أي لا تعتذروا اليوم. أي لا تعتذروا بهذا القول.
  • ﴿ قَدْ كَفَرْتُمْ:
  • قد: حرف تحقيق. كفرتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء: ضمير متصل في محل رفع فاعل مبني على الضم والميم علامة جمع الذكور. أي قد كفرتم بايذاء الرسول.
  • ﴿ بَعْدَ إِيمانِكُمْ:
  • بعد ظرف زمان منصوب بالفتحة. متعلق بكفرتم وهو مضاف. إيمان: مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف أيضا. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ:
  • إن: حرف شرط جازم. نعف: فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه: حذف آخره حرف العلة والفاعل:ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. عن طائفة: جار ومجرور متعلق بالفعل «نَعْفُ» أي لتوبتهم.
  • ﴿ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «طائِفَةٍ» والميم علامة جمع الذكور. نعذب: جواب شرط جازم- جزاؤه- مجزوم بإن وعلامة جزمه: سكون آخره والفاعل: ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. طائفة: مفعول به منصوب بالفتحة ..
  • ﴿ بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ:
  • الباء: حرف جر. أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم»: ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «أن» والمصدر المؤول من أنّ وما بعدها في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر لمبتدأ محذوف. التقدير: ذلك بسبب كونهم مجرمين. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع اسم «كان». والألف فارقة. مجرمين: خبرها منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد. '

المتشابهات :

التوبة: 66﴿ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
التوبة: 94﴿يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ ۚ قُل لَا تَعْتَذِرُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ
التحريم: 7﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [66] لما قبلها :     ولَمَّا كشَفَ اللهُ عز وجل أمْرَ استهزائِهم؛ بَيَّنَ هنا قِلَّةِ جدوى اعتذارِهم؛ إذ قد تلبَّسوا بما هو أشنَعُ وأكبَرُ ممَّا اعتَذَروا عنه (عذر أقبح من الذنب)، قال تعالى:
﴿ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إن نعف ... نعذب:
1- بالنون فيهما، وهى قراءة زيد بن ثابت، وأبى عبد الرحمن، وزيد بن على، وعاصم، من السبعة.
وقرئا:
2- تعف ... تعذب، مبنيا للمفعول، وهى قراءة باقى السبعة.
3- يعف ... يعذب، مبنيا للفاعل فيهما، وهى قراءة الجحدري.
4- تعف، بالتاء مبنيا للمفعول، يعذب، بالياء مبنيا للمفعول، وهى قراءة مجاهد.

مدارسة الآية : [67] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ..

التفسير :

[67] المنافقون والمنافقات صنف واحد في إعلانهم الإيمان واستبطانهم الكفر، يأمرون بالكفر بالله ومعصية رسوله وينهون عن الإيمان والطاعة، ويمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله، نسوا الله فلا يذكرونه، فنسيهم مِن رحمته، فلم يوفقهم إلى خير. إن المنافقين هم الخارجو

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ‏}‏ لأنهم اشتركوا في النفاق، فاشتركوا في تولي بعضهم بعضا، وفي هذا قطع للمؤمنين من ولايتهم‏.‏

ثم ذكر وصف المنافقين العام، الذي لا يخرج منه صغير منهم ولا كبير، فقال‏:‏ ‏{‏يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ‏}‏ وهو الكفر والفسوق والعصيان‏.‏

‏{‏وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ‏}‏ وهو الإيمان، والأخلاق الفاضلة، والأعمال الصالحة، والآداب الحسنة‏.‏ ‏{‏وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ‏}‏ عن الصدقة وطرق الإحسان، فوصفهم البخل‏.‏

‏{‏نَسُوا اللَّهَ‏}‏ فلا يذكرونه إلا قليلا، ‏{‏فَنَسِيَهُمْ‏}‏ من رحمته، فلا يوفقهم لخير، ولا يدخلهم الجنة، بل يتركهم في الدرك الأسفل من النار، خالدين فيها مخلدين‏.‏

‏{‏إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏ حصر الفسق فيهم، لأن فسقهم أعظم من فسق غيرهم، بدليل أن عذابهم أشد من عذاب غيرهم، وأن المؤمنين قد ابتلوا بهم، إذ كانوا بين أظهرهم، والاحتراز منهم شديد‏.‏

قال الإمام الرازي: اعلم أن هذا شرح لنوع آخر من أنواع فضائحهم وقبائحهم، والمقصود بيان أن إناثهم كذكورهم في تلك الأعمال المنكرة، والأفعال الخبيثة فقال:

الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ أى: في صفة النفاق، وذلك كما يقول إنسان لآخر: أنت منى وأنا منك. أى: أمرنا واحد لا مباينة فيه ولا مخالفة ....

وقوله: يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ تفصيل لجانب من رذائلهم، ومن مسالكهم الخبيثة.

أى: يأمرون غيرهم بكل ما تستنكره الشرائع، وتستقبحه العقول، وينهونه عن كل أمر دعت إليه الأديان، وأحبته القلوب السليمة.

وقوله: وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ كناية عن بخلهم وشحهم، لأن الإنسان السخي يبسط يده بالعطاء، بخلاف الممسك القتور فإنه يقبض يده عن ذلك.

أى: أن من صفات هؤلاء المنافقين أنهم بخلاء أشحاء عن بذل المال في وجوهه المشروعة.

وقوله: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ كناية عن رسوخهم في الكفر، وانغماسهم في كل ما يبعدهم عن الله- تعالى-.

والمقصود بالنسيان هنا لازمه، وهو الترك والإهمال لأن حقيقة النسيان محالة على الله- تعالى-، كما أن النسيان الحقيقي لا يذم صاحبه عليه لعدم التكليف به.

أى: تركوا طاعة الله وخشيته ومراقبته، فتركهم- سبحانه- وحرمهم من هدايته ورحمته وفضله.

وقوله: إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ تذييل قصد به المبالغة في ذمهم.

أى: إن المنافقين هم الكاملون في الخروج عن طاعة الله، وفي الانسلاخ عن فضائل الإيمان، ومكارم الأخلاق.

قول تعالى منكرا على المنافقين الذين هم على خلاف صفات المؤمنين ، ولما كان المؤمنون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، كان هؤلاء ( يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم ) أي : عن الإنفاق في سبيل الله ، ( نسوا الله ) أي : نسوا ذكر الله ، ( فنسيهم ) أي : عاملهم معاملة من نسيهم ، كقوله تعالى : ( وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ) [ الجاثية : 34 ] ( إن المنافقين هم الفاسقون ) أي : الخارجون عن طريق الحق ، الداخلون في طريق الضلالة .

القول في تأويل قوله : الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (المنافقون والمنافقات)، وهم الذين يظهرون للمؤمنين الإيمانَ بألسنتهم، ويُسِرُّون الكفرَ بالله ورسوله (25) =(بعضهم من بعض)، يقول: هم صنف واحد, وأمرهم واحد، في إعلانهم الإيمان، واستبطانهم الكفر =(يأمرون) مَنْ قبل منهم =(بالمنكر), وهو الكفر بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم, وبما جاء به وتكذيبه (26) =(وينهون عن المعروف)، يقول: وينهونهم عن الإيمان بالله ورسوله، وبما جاءهم به من عند الله (27)

* * *

وقوله: (ويقبضون أيديهم)، يقول: ويمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله، ويكفُّونها عن الصدقة, فيمنعون الذين فرضَ الله لهم في أموالهم ما فرَض من الزكاة حقوقَهم، كما:-

16923- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: (ويقبضون أيديهم)، قال: لا يبسطونها بنفقة في حق.

16924- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.

16925- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد، مثله.

16926- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, نحوه.

16927- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (ويقبضون أيديهم)، لا يبسطونها بخير.

16928- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (ويقبضون أيديهم)، قال: يقبضون أيديهم عن كل خير.

* * *

وأما قوله: (نسوا الله فنسيهم)، فإن معناه: تركوا الله أن يطيعوه ويتبعوا أمره, فتركهم الله من توفيقه وهدايته ورحمته.

* * *

وقد دللنا فيما مضى على أن معنى " النسيان "، الترك، بشواهده, فأغنى ذلك عن إعادته ههنا. (28)

* * *

وكان قتادة يقول في ذلك ما:-

16929- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, قتادة قوله: (نسوا الله فنسيهم)، نُسُوا من الخير, ولم ينسوا من الشرّ.

* * *

قوله: (إن المنافقين هم الفاسقون)، يقول: إن الذين يخادعون المؤمنين بإظهارهم لهم بألسنتهم الإيمانَ بالله, وهم للكفر مستبطنون, (29) هم المفارقون طاعةَ الله، الخارجون عن الإيمان به وبرسوله. (30)

-------------------

الهوامش :

(25) انظر تفسير "النفاق" فيما سلف 1 : 234 ، 270 ، 273 ، 324 - 327 ، 346 - 363 ، 408 ، 409 ، 414 4 : 232 ، 233 8 : 513 9 : 7 .

(26) انظر تفسير "المنكر" فيما سلف 13 : 165 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك.

(27) انظر تفسير "المعروف" فيما سلف 13 : 165 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك.

(28) انظر تفسير "النسيان" فيما سلف 12 : 475، تعليق : 2، والمراجع هناك.

(29) انظر تفسير "النفاق" فيما سلف قريبا ص : 337 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك.

(30) انظر تفسير " الفسق " فيما سلف ص : 293 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك.

التدبر :

وقفة
[67] ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ﴾ لم يذكر الكافرون والكافرات؛ وذلك لأن النفاق أشدّ ضررًا على المجتمع في وباء الإفساد والمسارعة بالأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، وبأخسِّ الطرق وأحط الخطط، فالكافر معلوم العداوة بعكس المنافق لسانه يقطر العسل وقلبه يقطر السم.
وقفة
[67] لماذا قال تعالى: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ﴾ وقال في المؤمنين: ﴿بعضهم أولياء بعض﴾ [71]؟ جوابه: أن المنافقين ليسوا بمتناصرين على دين معين وشريعة ظاهرة، فكان بعضهم يهود، وبعضهم مشركين، فقال: (من بعض) أي في الكفر والنفاق، والمؤمنون متناصرون على دين الإسلام وشريعته الظاهرة، فقال: ﴿أولياء بعض﴾ في النصرة وفى اجتماع القلوب على دينهم، فلذلك قال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10]، وقال في المنافقين: ﴿وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾ [الحشر: 14].
وقفة
[67] تأمُّل القرآن، جرعة مركّزة ضد الاندهاش، فمن قرأ: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ﴾ لن يندهش لدفاع بعض المنافقين عن بعض المنافقات!
وقفة
[67] ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾ من أمر بالمنكر ونهی عن المعروف بقلمه أو لسانه فقد التحق بزمرة المنافقين.
وقفة
[67] صراع قديم: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾، ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [71].
وقفة
[67] يختلف المنافقون على دنياهم لكن يجتمعون على كره الحسبة؛ لأن شهواتهم واحدة ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾.
وقفة
[67] قد تختلف صور أهل النفاق ووسائلهم، لكنهم يتفقون على حب الفساد وكره الصلاح ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾.
وقفة
[67] لا يدعو إلى الفساد ويحارب الصلاح وأهله إلا أهل نفاق؛ لأن الله فضحهم بقوله: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾.
وقفة
[67] المنافقون محتسبون، ولكن عكس أهل الإيمان ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾.
وقفة
[67] ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ﴾ النّفاق: مرض عُضَال متأصّل في البشر، وأصحاب ذلك المرض متشابهون في كل عصر وزمان في الأمر بالمنكر والنّهي عن المعروف، وقَبْض أيديهم وإمساكهم عن الإنفاق في سبيل الله للجهاد، وفيما يجب عليهم من حق.
وقفة
[67] ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ ... وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ﴾ حتى عن (الكتابة) و(التغريدة).
عمل
[67] تَصدَّق بصدقة حسب استطاعتك، ثم داوم على ذلك، وتذكر أن أهل النفاق يقبضون أيديهم ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ﴾.
وقفة
[67] للمنافقين صفات ظاهرة تميزهم عن المؤمنين ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ﴾.
وقفة
[67] ﴿وَالْمُنَافِقَاتُ﴾ لم يذكر الله الكافرات بعكس المنافقات، يبدو أن هناك أزمنة كزمننا ينشط فيها إفساد المنافقات مما جعل القرآن يذكرهن.
وقفة
[67] ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ﴾ يتصلون ليلًا ليغروا بعضهم بالكتابة ضد العالم الفلاني، ورسم كاريكاتير ضد الفتوى الفلانية، وشن هجوم ضد الموقع الفلاني.
وقفة
[67] ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾ هي هيئة الليبرالية.
وقفة
[67] الكذب حقيقة المنافقين يجسدونها بكل الصور: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ﴾ [البقرة: 204]، ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾، ﴿وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: 1].
عمل
[67] احرص على الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنْكرِ، خالف حال المنافقين ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾.
وقفة
[67] لا يُعظّم شعائر الله من نسي الله ﴿يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون﴾.
وقفة
[67] ﴿وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ﴾ كيف يبذلون الدينار، وهم يعبدون الدرهم?!
وقفة
[67] ﴿نَسُوا اللَّـهَ﴾ أشد مرض تصاب به الذاكرة البشرية: أن تنسى الله.
وقفة
[67] ﴿نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ تركوا طاعة الله، فتركهم الله من توفيقه وهدايته في الدنيا، ومن رحمته في الآخرة، وتركهم في عذابه.
وقفة
[67] ﴿نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ الجزاء من جنس العمل، فالذي يترك أوامر الله ويأتي نواهيه يتركه من رحمته.
وقفة
[67] ﴿نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ﴾، ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ [الطارق: 15، 16]، ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا﴾ [النمل: 50]، يعاملك الله بمثل ما تعامله به.
وقفة
[67] ﴿نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ كلما ابتعد العبد عن ربه بفعل المعاصي؛ حرمه الله الرحمة ولذة الأنس به، فالجزاء من جنس العمل.
وقفة
[67] ﴿نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ كل إخفاقتنا في الحياة تبدأ من هنا.
وقفة
[67] الله سبحانه وتعالى لا ينسى، وأما قوله: ﴿نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ﴾، فمعناها: أنساهم أنفسهم، فقد فسرتها آية الحشر: ﴿نَسُوا اللَّـهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ﴾ [الحشر: 19].
وقفة
[67] ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّـهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف: 5]، ﴿نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ﴾، ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ [محمد: 17] البادرة التي تصنع مستقبلك دومًا بيدك.
وقفة
[67] هناك قدرٌ مشتركٌ بينَ العلمِ والمعرفةِ، وكلاهما نقيضُ الجهلِ، فالعلمُ لا يَسْتلْزِمُ سبقَ الجهلِ، بينما المعرفةُ تستلْزِمُه، ولذا يوصفُ اللهُ بالعلمِ ولا يوصفُ بالمعرفةِ، وأما ما ورد في الحديثِ: «تعَرَّفْ إلى اللهِ في الرخاءِ يَعْرِفْك في الشدةِ» [أحمد 2803، وصححه الألباني لغيره]، فالجوابُ عنه من وجهين: الأول: أنه مشاكلةٌ ومجانسةٌ في التعبيرِ، كما في قوله تعالى: ﴿نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ﴾. الثاني: أن هذا من باب الإخبارِ لا الوصفِ، والإخبارُ أمرُه أوسَعُ من الوصفِ؛ ولذا يقولُ أهلُ العلمِ: نواكَ اللهُ بخيرٍ، أي: قصَدَك، لكن لا يقالُ له: الناوي، أو يوصَفُ بأنه يَنوِي.
اسقاط
[67] أكثر اليوم من ذكر الله تعالى لتتبرأ من النفاق؛ فإن المنافق ينسى الله تعالى ولا يذكره إلا قليلًا ﴿نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
وقفة
[67] ما دلالة الفسق في تعبير القرآن الكريم؟ الفسق: هو الخروج عن الطاعة ومعصية الأمر، وقد يكون خروجًا عن الدين: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، وقد يكون خروجًا عن الفطرة كحال قوم لوط: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ﴾ [الأنبياء: 74]، وقد يكون خروجًا عن الأمر: ﴿فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف: 50]، وقد يكون معصية: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ﴾ [البقرة: 197].

الإعراب :

  • ﴿ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ:
  • المنافقون: مبتدأ مرفوع بالواو: لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم. والمنافقات معطوفة بالواو: على «الْمُنافِقُونَ» مرفوعة بالضمة.
  • ﴿ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع خبر المبتدأ «الْمُنافِقُونَ» أي متشابهون. بعض: مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم»: ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة. من بعض: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ «بَعْضٍ».
  • ﴿ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ:
  • الجملة: في محل نصب حال أو في محل رفع خبر ثان للمبتدأ «الْمُنافِقُونَ». يأمرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو:ضمير متصل في محل رفع فاعل. بالمنكر: جار ومجرور متعلق بيأمرون.
  • ﴿ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ:
  • الجملتان: معطوفتان بواوي العطف على «يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ» وتعربان اعرابها.
  • ﴿ أَيْدِيَهُمْ:
  • أيدي: مفعول به منصوب بالفتحة. و «هم»: ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة والجملة كناية عن الشح.
  • ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ:
  • نسوا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. فنسي: الفاء: سببية. نسي: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «هم»: ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ إِنَّ الْمُنافِقِينَ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المنافقين اسم «إِنَّ» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد.
  • ﴿ هُمُ الْفاسِقُونَ:
  • الجملة: في محل رفع خبر «إِنَّ» هم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون حرّك بالضم لاشباع الميم في محل رفع مبتدأ. الفاسقون:خبر «هُمُ» مرفوع بالواو: لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد. '

المتشابهات :

النساء: 142﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ
النساء: 145﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا
التوبة: 67﴿نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
المنافقون: 1﴿وَاللَّـهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [67] لما قبلها :     10- الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف. 11- البخل وعدم الإنفاق في سبيلِ اللهِ، قال تعالى:
﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [68] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ ..

التفسير :

[68] وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار بأن مصيرهم إلى نار جهنم خالدين فيها أبداً، هي كافيتهم؛ عقاباً على كفرهم بالله، وطرَدَهم الله مِن رحمته، ولهم عذاب دائم.

‏{‏وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ‏}‏ جمع المنافقين والكفار في النار، واللعنة والخلود في ذلك، لاجتماعهم في الدنيا على الكفر، والمعاداة للّه ورسوله، والكفر بآياته‏.‏

وقوله- سبحانه-: وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ ... بيان لسوء مصيرهم، بعد بيان جانب من صفاتهم الذميمة.

أى: وعد الله- تعالى- المنافقين والمنافقات والكفار المجاهرين بكفرهم «نار جهنم خالدين فيها» خلودا أبديا.

وقوله: هِيَ حَسْبُهُمْ أى: إن تلك العقوبة الشديدة كافية لإهانتهم وإذلالهم بسبب فسوقهم عن أمر ربهم.

وقوله: وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ أى: طردهم وأبعدهم من رحمته ولطفه.

وقوله: وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ أى: ولهم عذاب دائم لا ينقطع فهم في الدنيا يعيشون في عذاب القلق والحذر من أن يطلع المسلمون على نفاقهم، وفي الآخرة يذوقون العذاب الذي هو أشد وأبقى، بسبب إصرارهم على الكفر والفسوق والعصيان.

وبذلك نرى الآيتين الكريمتين قد بينتا جانبا من قبائح المنافقين، ومن سوء مصيرهم في عاجلتهم وآجلتهم.

ثم ساقت السورة الكريمة- لهؤلاء المنافقين- نماذج لمن حبطت أعمالهم بسبب غرورهم، وضربت لهم الأمثال بمن هلك من الطغاة السابقين بسبب تكذيبهم لأنبيائهم، فقال- تعالى-:

وقوله : ( وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم ) أي : على هذا الصنيع الذي ذكر عنهم ، ( خالدين فيها ) أي : ماكثين فيها مخلدين ، هم والكفار ، ( هي حسبهم ) أي : كفايتهم في العذاب ، ( ولعنهم الله ) أي : طردهم وأبعدهم ، ( ولهم عذاب مقيم ) .

القول في تأويل قوله : وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار) بالله =(نار جهنم)، أن يصليهموها جميعًا =(خالدين فيها)، يقول: ماكثين فيها أبدًا, لا يحيون فيها ولا يموتون (31) =(هي حسبهم)، يقول: هي كافيتهم عقابًا وثوابًا على كفرهم بالله (32) =(ولعنهم الله)، يقول: وأبعدهم الله وأسحقهم من رحمته =(ولهم عذاب مقيم)، يقول: وللفريقين جميعًا: يعني من أهل النفاق والكفر، عند الله =(عذابٌ مقيم)، دائم, لا يزول ولا يبيد. (33)

-------------------

الهوامش:

(31) انظر تفسير " الخلود " فيما سلف من فهارس اللغة (خلد).

(32) انظر تفسير "حسب" فيما سلف ص : 403 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك.

(33) انظر تفسير "مقيم" فيما سلف 10 : 293 ، 294 14 : 172.

التدبر :

لمسة
[68] ﴿وَعَدَ اللَّـهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ﴾ ما دلالة استخدام الكفار للجمع وليس الكافرين؟ كفار جمع تكسير، وكافرين جمع مذكر سالم، كافر صفة، جمع الصفات جمع المذكر السالم يقرب الصفة من الفعلية (الحدث) ويبعدها عن الاسم، بينما جمع التكسير يقربها إلى الاسم، ويأتي السياق بما يود التركيز عليه؛ فإذا أراد التركيز على الحدث يقول (الكافرين)، وإذا أراد التركيز على الأشخاص يقول (الكفار)، مثلما لو قلنا: (وجدنا الكُتّاب غير كاتبين)، كتاب يراد بها الأشخاص، وكاتبين يراد بها الحدث.
وقفة
[68] ﴿وَعَدَ اللَّـهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ خصّ المنافقات مع المنافقين وما خصّ الكافرات في الكفر؛ لخطورة نفاق المرأة على وسط الأمة.
وقفة
[68] ﴿وَعَدَ اللَّـهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ هِيَ حَسْبُهُمْ ۚ وَلَعَنَهُمُ اللَّـهُ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ قال السعدي: «جمع المنافقين والكفار في النار، واللعنة والخلود في ذلك، لاجتماعهم في الدنيا على الكفر، والمعاداة لله ورسوله، والكفر بآياته».
وقفة
[68] ﴿هِيَ حَسْبُهُمْ﴾ القلوب التي تغلغل فيها النفاق لن تؤمن أن الله حق إلا إذا سمعت أبواب جهنم توصد خلفها.
تفاعل
[68] ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ:
  • وعد: فعل ماض مبني على الفتح. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. المنافقين: مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد.
  • ﴿ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ:
  • معطوفتان بواوي العطف على «الْمُنافِقِينَ» منصوبتان مثلها. الأولى بالكسرة بدلا من الفتحة لأنها جمع مؤنث سالم.والثانية بالفتحة. نار: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. وهو مضاف.
  • ﴿ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها:
  • مضاف اليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث. خالدين: حال منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. فيها: جار ومجرور متعلق بخالدين.
  • ﴿ هِيَ حَسْبُهُمْ:
  • هي: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.حسب: خبر «هِيَ» مرفوع بالضمة. و «هم»: ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ:
  • معطوفة بالواو على «وَعَدَ اللَّهُ» وتعرب إعرابها و «هم»: ضمير الغائبين مبني على السكون حرك بالضم للاشباع في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ:
  • الواو: استئنافية. لهم: اللام حرف جر و «هم»:ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. عذاب: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. مقيم: صفة- نعت- لعذاب مرفوعة مثله بالضمة. '

المتشابهات :

المائدة: 37﴿يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ
التوبة: 68﴿وَعَدَ اللَّـهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ هِيَ حَسْبُهُمْ ۚ وَلَعَنَهُمُ اللَّـهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [68] لما قبلها :     وبعد ذكر ما سبق من فضائح المنافقين وقبائحهم؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا سوء مصيرهم، قال تعالى:
﴿ وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف