ترتيب المصحف | 39 | ترتيب النزول | 59 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 8.90 |
عدد الآيات | 75 | عدد الأجزاء | 0.43 |
عدد الأحزاب | 0.85 | عدد الأرباع | 3.40 |
ترتيب الطول | 23 | تبدأ في الجزء | 23 |
تنتهي في الجزء | 24 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
الجمل الخبرية: 7/21 | _ |
= ثُمَّ ذكرَ اللهُ هنا مقالةً أُخرى مما تقولُهُ تلك النَّفسُ، ثُمَّ ذكرَ مقالةً ثالثةً لها، وردَّ اللهِ عليها، ثُمَّ بَيَّنَ اسودادَ وجوهِ المشركينَ الذينَ كذبُوا على اللهِ بنسبةِ الشريكِ والولدِ إليه، ونجاةَ المتقينَ.
قريبًا إن شاء الله
بعد الوعدِ والوعيدِ يُذَكِّرُ اللهُ ببعضِ أدلَّةِ الوحدانيةِ، ثُمَّ وبَّخَ المشركينَ لمَّا طلبُوا من النَّبي ﷺ أن يعبدَ أصنامَهم، فهم لم يعرفُوا اللهَ حَقَّ المعرفةِ، إذْ لو عرفُوهُ لَمَا عبدُوا معَه غيرَهُ.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
{ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} و"لو"في هذا الموضع للتمني،.أي:ليت أن اللّه هداني فأكون متقيا له، فأسلم من العقاب وأستحق الثواب، وليست "لو"هنا شرطية، لأنها لو كانت شرطية، لكانوا محتجين بالقضاء والقدر على ضلالهم، وهو حجة باطلة، ويوم القيامة تضمحل كل حجة باطلة.
ثم ذكر- سبحانه- مقالة أخرى مما تقوله تلك النفس فقال: أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي إلى طاعته واتباع دينه لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ للشرك والمعاصي، ومن الذين صانوا أنفسهم عما يغضبه- سبحانه- ولا يرضيه.
( أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) أي : تود أن لو أعيدت إلى الدار فتحسن العمل .
قال علي بن أبي طلحة : عن ابن عباس : أخبر الله سبحانه ، ما العباد قائلون قبل أن يقولوه ، وعملهم قبل أن يعملوه ، وقال : ( ولا ينبئك مثل خبير ) [ فاطر : 14 ] ، ، ( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) فأخبر الله تعالى : أن لو ردوا لما قدروا على الهدى ، وقال تعالى : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [ الأنعام : 28 ] .
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أسود ، حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول : لو أن الله هداني ؟ ! فتكون عليه حسرة " . قال : " وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول : لولا أن الله هداني ! " قال : " فيكون له الشكر " .
ورواه النسائي من حديث أبي بكر بن عياش ، به .
القول في تأويل قوله تعالى : أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57)
يقول تعالى ذكره: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ أيها الناس, وَأَسْلِمُوا لَهُ , أن لا تقول نفس يوم القيامة: يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ فى أمر الله, وأن لا يقول نفس أخرى: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي للحق, فوفقني للرشاد لكنت ممن اتقاه بطاعته واتباع رضاه, أو أن لا تقول أخرى حين ترى عذاب الله فتعاينه ( لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً ) تقول لو أن لي رجعة إلى الدنيا( فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) الذين أحسنوا في طاعة ربهم, والعمل بما أمرتهم به الرسل.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ... الآية, قال: هذا قول صنف منهم ( أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي ) ... الآية, قال. هذا قول صنف آخر: ( أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ ) الآية, يعني بقوله ( لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً ) رجعة إلى الدنيا, قال: هذا صنف آخر.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ} وتجزم بوروده{ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً} أي:رجعة إلى الدنيا لكنت{ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} قال تعالى:إن ذلك غير ممكن ولا مفيد، وإن هذه أماني باطلة لا حقيقة لها، إذ لا يتجدد للعبد لَوْ رُدَّ، بيان بعد البيان الأول.
ثم ذكر- سبحانه- مقالة ثالثة لها فقال: أَوْ تَقُولَ هذه النفس حِينَ تَرَى الْعَذابَ. في الآخرة لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً أى رجعة إلى الدنيا فَأَكُونَ فيها مِنَ الْمُحْسِنِينَ لأقوالهم وأفعالهم، وعقائدهم، بحيث أخلص العبادة لله- تعالى- وأطيعه في السر والعلن.
وهكذا يصور القرآن الكريم أحوال النفوس في الآخرة، تصويرا مؤثرا بليغا، يحمل كل عاقل على الإيمان الصالح الذي ينفعه في ذلك اليوم الهائل الشديد.
( أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) أي : تود أن لو أعيدت إلى الدار فتحسن العمل .
قال علي بن أبي طلحة : عن ابن عباس : أخبر الله سبحانه ، ما العباد قائلون قبل أن يقولوه ، وعملهم قبل أن يعملوه ، وقال : ( ولا ينبئك مثل خبير ) [ فاطر : 14 ] ، ، ( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) فأخبر الله تعالى : أن لو ردوا لما قدروا على الهدى ، وقال تعالى : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [ الأنعام : 28 ] .
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أسود ، حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول : لو أن الله هداني ؟ ! فتكون عليه حسرة " . قال : " وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول : لولا أن الله هداني ! " قال : " فيكون له الشكر " .
ورواه النسائي من حديث أبي بكر بن عياش ، به .
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ قال: أخبر الله ما العباد قائلوه قبل أن يقولوه, وعملهم قبل أن يعملوه, قال: وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ( أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي ) ... إلى قوله: ( فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) يقول: من المهتدين, فأخبر الله سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى, وقال وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وقال: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كما لم يؤمنوا به أول مرة, قال: ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى, كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا.
وفي نصب قوله ( فَأَكُونَ ) وجهان، أحدهما: أن يكون نصبه على أنه جواب لو والثاني: على الرد على موضع الكرة, وتوجيه الكرة في المعنى إلى: لو أن لي أن أكر, كما قال الشاعر:
فَمَـا لَـكَ مِنْهَـا غـيرُ ذِكْرَى وَحَسْرَةٍ
وَتَسْـألَ عَـنْ رُكْبانهـا أيْـنَ يَمَّمُـوا? (1)
فنصب تسأل عطفا بها على موضع الذكرى, لأن معنى الكلام: فما لك (2) بيرسل على موضع الوحي في قوله: إِلا وَحْيًا .
-------------------------
الهوامش :
(1) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 286 من مخطوطة الجامعة ) والشاهد في قوله" وتسأل" إذ يجوز فيه النصب بتقدير" أن" لعطف الفعل على اسم صريح ، مثل قول ميسون بنت بحدل الكلبية زوج معاوية :" لبس عباءة وتقر عيني" أي وأن تقر عيني . ويجوز فيه أن يرفع ، لأنه لم تظهر قبله" أن" . قال الفراء : قوله" لو أن لي كرة فأكون من المحسنين" : النصب في قوله" فأكون" : جواب للو . وإن شئت مردودا على تأويل" أن" تضمرها في الكثرة ، كما يقولون : لو أن أكر فأكون. ومثله مما نصب على إضمار أن قوله" وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ، أو يرسل" المعنى - والله أعلم - ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا . ولو رفع" فيوحي" إذ لم يظهر أن قبله ولا معه ، كان صوابا . وقد قرأ به بعض القراء . وأنشدني بعض القراء :" فما لك منها غير ذكرى وحسرة" البيت . وقال الكسائي : سمعت من العرب :" ما هي إلا ضربة من الأسد ، فيحطم ظهره ، أي برفع الفعل ونصبه" . ا هـ .
الخ .
(2) في الكلام سقط من الناسخ ، ولعل الأصل : فما لك غير أن تذكر وتسأل : ونظيره ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل ) فعطف بيرسل ...
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي} الدالة دلالة لا يمترى فيها. على الحق{ فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ} عن اتباعها{ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} فسؤال الرد إلى الدنيا، نوع عبث،{ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}
وقوله- سبحانه-: بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ رد منه- عز وجل- على هذا القائل: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ وتكذيب له في هذه الدعوى.
والمراد بالآيات: الحجج والبراهين الدالة على حقيقة دين الإسلام، وعلى رأسها آيات القرآن الكريم.
أى ليس الأمر كما ذكرت أيها النادم على ما فرط منه، من أن الله لم يهدك إلى الطريق القويم، بل الحق أن الله- تعالى- قد أرشدك إليه عن طريق إرسال رسوله، وإنزال كتابه، ولكنك كذبت رسوله، واستكبرت عن سماع آيات الله وعن اتباعها، وكنت في دنياك من الكافرين بها، الجاحدين لصدقها، فأصابك ما أصابك من عذاب في الآخرة بسبب أعمالك القبيحة في الدنيا.
قال الشوكانى: وجاء- سبحانه- بخطاب المذكر في قوله: «جاءتك، وكذبت واستكبرت، وكنت» لأن النفس تطلق على المذكر والمؤنث. قال المبرد: تقول العرب.
نفس واحد. أى، إنسان واحد.. .
ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن أحوال الكافرين والمؤمنين يوم القيامة، وعن مظاهر قدرة الله- تعالى- وعن تلقين الله- تعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلم الجواب الذي يرد به على المشركين. وعن أحوال الناس عند النفخ في الصور.. قال- تعالى-.
ولما تمنى أهل الجرائم العود إلى الدنيا ، وتحسروا على تصديق آيات الله واتباع رسله ، قال [ الله سبحانه وتعالى ] ( بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ) أي : قد جاءتك أيها العبد النادم على ما كان منه آياتي في الدار الدنيا ، وقامت حججي عليك ، فكذبت بها واستكبرت عن اتباعها ، وكنت من الكافرين بها ، الجاحدين لها .
القول في تأويل قوله تعالى : بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (59)
يقول تعالى ذكره مكذبا للقائل: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ , وللقائل: لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ : ما القول كما تقولون ( بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ ) أيها المتمني على الله الرد إلى الدنيا لتكون فيها من المحسنين ( آيَاتِي ) يقول: قد جاءتك حججي من بين رسول أرسلته إليك, وكتاب أنـزلته يتلى عليك ما فيه من الوعد والوعيد والتذكير ( فَكَذَبَتْ ) بآياتي ( وَاسْتَكْبَرْتَ ) عن قبولها واتباعها( وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) يقول: وكنت ممن يعمل عمل الكافرين, ويستن بسنتهم, ويتبع منهاجهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة: يقول الله ردًا لقولهم, وتكذيبا لهم, يعني لقول القائلين: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي , والصنف الآخر: ( بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي ) ... الآية.
وبفتح الكاف والتاء من قوله ( قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ ) على وجه المخاطبة للذكور, قرأه القرّاء في جميع أمصار الإسلام. وقد روي عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قرأ ذلك بكسر جميعه على وجه الخطاب للنفس, كأنه قال: أن تقول نفس: يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ بلى قد جاءتك أيتها النفس آياتي, فكذّبت بها, أجرى الكلام كله على النفس, إذ كان ابتداء الكلام بها جرى, والقراءة التي لا أستجيز خلافها, ما جاءت به قرّاء الأمصار مجمعة عليه, نقلا عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , وهو الفتح في جميع ذلك.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
جاءتك:
1- بفتح الكاف وفتح «تاء» ما بعدها، خطابا للكافر ذى النفس، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وكسر «تاء» ما بعدها، والخطاب للنفس، وهى قراءة ابن يعمر، والجحدري، وأبى حيوة، والزعفراني، وابن مقسم، ومسعود بن صالح، والشافعي، عن ابن كثير، ومحمد بن عيسى، فى اختياره، ونصير، والعبسي.
3- جئتك، بالهمزة من غير مد، بوزن «بعتك» وهى قراءة الحسن، والأعرج، والأعمش.
التفسير :
يخبر تعالى عن خزي الذين كذبوا عليه، وأن وجوههم يوم القيامة مسودة كأنها الليل البهيم، يعرفهم بذلك أهل الموقف، فالحق أبلج واضح كأنه الصبح،.فكما سوَّدوا وجه الحق بالكذب، سود اللّه وجوههم، جزاء من جنس عملهم.
فلهم سواد الوجوه، ولهم العذاب الشديد في جهنم، ولهذا قال:{ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} عن الحق، وعن عبادة ربهم، المفترين عليه؟ بلى واللّه، إن فيها لعقوبة وخزيا وسخطا، يبلغ من المتكبرين كل مبلغ، ويؤخذ الحق منهم بها.
والكذب على اللّه يشمل الكذب عليه باتخاذ الشريك والولد والصاحبة، والإخبار عنه بما لا يليق بجلاله، أو ادعاء النبوة، أو القول في شرعه بما لم يقله، والإخبار بأنه قاله وشرعه.
فقوله- تعالى-: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ.. بيان لحالة الكافرين يوم القيامة، ولما تكون عليه هيئتهم من خزي وهوان.
أى: وفي يوم القيامة إذا نظرت- أيها الرسول الكريم- أو- أيها العاقل- إلى وجوه الذين كذبوا على الله، بأن أشركوا معه في العبادة آلهة أخرى، أو جعلوا له صاحبة أو ولدا..
إذا نظرت إليها رأيتها مسودة مكفهرة بسبب ما أحاط بهم من عذاب، وما شاهدوه من أهوال.
وقوله: وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ جملة من مبتدأ وخبر، وهي في محل نصب على الحال من الذين كذبوا.. والاستفهام في قوله: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ للتقرير.
والمثوى: المكان والمقام.
يقال: ثوى فلان بالمكان وأثوى فيه، إذا أقام به، فهو ثاو ومنه قوله- تعالى-:
وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ.
أى: أليس في جهنم مكانا ومقرا لإهانة المتكبرين وإذلالهم، بسبب تطاولهم على غيرهم، وتكذيبهم لآيات الله؟ بلى إن بها ما يجعلهم يذوقون العذاب الأليم.
يخبر تعالى عن يوم القيامة أنه تسود فيه وجوه ، وتبيض فيه وجوه ، تسود وجوه أهل الفرقة والاختلاف ، وتبيض وجوه أهل السنة والجماعة ، قال تعالى هاهنا : ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله ) أي : في دعواهم له شريكا وولدا ( وجوههم مسودة ) أي : بكذبهم وافترائهم .
وقوله : ( أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) أي : أليست جهنم كافية لها سجنا وموئلا لهم فيها [ دار ] الخزي والهوان ، بسبب تكبرهم وتجبرهم وإبائهم عن الانقياد للحق .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، حدثنا عمي ، حدثنا عيسى بن أبي عيسى الخياط ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أشباه الذر في صور الناس ، يعلوهم كل شيء من الصغار ، حتى يدخلوا سجنا من النار في واد يقال له بولس ، من نار الأنيار ، ويسقون عصارة أهل النار ، ومن طينة الخبال " .
القول في تأويل قوله تعالى : وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60)
يقول تعالى ذكره: ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى ) يا محمد هؤلاء ( الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ ) من قومك فزعموا أن له ولدا, وأن له شريكا, وعبدوا آلهة من دونه ( وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ) ، والوجوه وإن كانت مرفوعة بمسودة, فإن فيها معنى نصب, لأنها مع خبرها تمام ترى, ولو تقدم قوله مسودة قبل الوجوه, كان نصبا, ولو نصب الوجوه المسودة ناصب في الكلام لا في القرآن, إذا كانت المسودة مؤخرة كان جائزا, كما قال الشاعر:
ذَرِينــي إنَّ أمْــرَكِ لَــنْ يُطاعَـا
وَمَــا ألْفَيْتِنِــي حِــلْمِي مُضَاعَـا (3)
فنصب الحلم والمضاع على تكرير ألفيتني, وكذلك تفعل العرب في كلّ ما احتاج إلى اسم وخبر, مثل ظنّ وأخواتها ، وفي" مسودّة " للعرب لغتان: مسودّة, ومسوادّة, وهي في أهل الحجاز يقولون فيما ذكر عنهم: قد اسوادّ وجهه, واحمارّ, واشهابّ. وذكر بعض نحويي البصرة عن بعضهم أنه قال: لا يكون افعالّ إلا في ذي اللون الواحد نحو الأشهب, قال: ولا يكون في نحو الأحمر, لأن الأشهب لون يحدث, والأحمر لا يحدث.
وقوله: ( أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ) يقول: أليس في جهنم مأوى ومسكن لمن تكبر على الله, فامتنع من توحيده, والانتهاء إلى طاعته فيما أمره ونهاه عنه.
-------------------------
الهوامش :
(3) البيت لعدي بن زيد ، كما قال الفراء في معاني القرآن ( الورقة 286 ) من مخطوطة الجامعة ) . وهو من أبيات الكتاب لسيبويه 1 : 87 . ومن شواهد ( خزانة الأدب الكبرى للبغدادي 2 : 368 ) . وموضع الشاهد فيه : أن قوله" حلمي" بدل اشتمال من الياء في" ألفيتني" . قال ابن جني في إعراب الحماسة :" إنما يجوز البدل من ضمير المتكلم وضمير المخاطب ، إذا كان بدل البعض أو بدل الاشتمال ، نحو قولك : عجبت منك عقلك ، وضربتك رأسك . ا هـ . وقال في الخزانة : والبيت نسبه سيبويه لرجل من خثعم أو بجيلة ، وتبعه ابن السراج في أصوله . وعزاه الفراء والزجاج ، إلى عدي بن زيد العبادي . وهو الصحيح ، وكذلك قال صاحب الحماسة البصرية وأورد من القصيدة بعده أبياتا . ا هـ .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الزمر: 60 | ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّـهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ |
---|
العنكبوت: 68 | ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ﴾ |
---|
الزمر: 32 | ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّـهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وجوههم:
وقرئ:
أجوههم، بدال الواو همزة، وهى قراءة أبى.
التفسير :
ولما ذكر حالة المتكبرين، ذكر حالة المتقين، فقال:{ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ} أي:بنجاتهم، وذلك لأن معهم آلة النجاة، وهي تقوى اللّه تعالى، التي هي العدة عند كل هول وشدة.{ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ} أي:العذاب الذي يسوؤهم{ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} فنفى عنهم مباشرة العذاب وخوفه، وهذا غاية الأمان.
فلهم الأمن التام، يصحبهم حتى يوصلهم إلى دار السلام، فحينئذ يأمنون من كل سوء ومكروه، وتجري عليهم نضرة النعيم، ويقولون{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}
ثم بين- سبحانه- حال المؤمنين يوم القيامة، بعد بيانه لحال الذين كذبوا على الله، فقال: وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.
ومفازتهم: اسم مصدر. أو مصدر ميمى. من فاز فلان بكذا، إذا ظفر به، ونال مراده منه.
أى: وينجى الله- تعالى- بفضله ورحمته، الَّذِينَ اتَّقَوْا الشرك والمعاصي من عذاب جهنم، بِمَفازَتِهِمْ أى: بسبب فوزهم برضا الله- تعالى- ورحمته، جزاء إيمانهم وتقواهم، وقرأ حمزة والكسائي بمفازاتهم بالجمع.
ويصح أن تكون الباء في قوله: بِمَفازَتِهِمْ للملابسة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف هو حال من الذين اتقوا. أى ينجيهما حالة كونهم متلبسين.
وقوله: لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يجوز أن يكون تفسيرا لذلك الفوز، كأنه قيل: وما مظاهر فوزهم فكان الجواب: لا يمسهم السوء الذي يصيب غيرهم من الكافرين والعصاة، ولا هم يحزنون على شيء تركوه خلفهم في الدنيا.
ويجوز أن يكون حالا من الذين اتقوا. أي: ينجيهم بسبب مفازتهم، حال كونهم لا يمسهم السوء، أى: لا يمسهم شيء مما يكره لا في الحال ولا في الاستقبال، ولا هم يحزنون على ما كان منهم في الماضي.
فأنت ترى أن الله- تعالى- قد كرم المتقين تكريما عظيما، حيث نجاهم من عذاب جهنم، وجعلهم آمنين من كل ما يغمهم في كل زمان أو مكان.
قال الإمام الرازي ما ملخصه: هذه آية جامعة، لأن الإنسان إذا علم أنه لا يمسه السوء، كان فارغ البال بحسب الحال، وإذا علم أنه لا يحزن كان هادئ النفس عما وقع في قلبه بسبب فوات الماضي، فحينئذ يظهر أنه سلم عن كل الآفات.
وقد دلت الآية على أن المؤمنين لا ينالهم الخوف والرعب في القيامة، وتأكد هذا بقوله:
لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ.. .
وقوله : ( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم ) أي : مما سبق لهم من السعادة والفوز عند الله ، ( لا يمسهم السوء ) أي : يوم القيامة ، ( ولا هم يحزنون ) أي : ولا يحزنهم الفزع الأكبر ، بل هم آمنون من كل فزع ، مزحزحون عن كل شر ، مؤملون كل خير .
القول في تأويل قوله تعالى : وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)
يقول تعالى ذكره: وينجي الله من جهنم وعذابها, الذين اتقوه بأداء فرائضه, واجتناب معاصيه في الدنيا, بمفازتهم: يعني بفوزهم, وهي مفعلة منه.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل, وإن خالفت ألفاظ بعضهم اللفظة التي قلناها في ذلك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ ) قال: بفضائلهم.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ( وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ ) قال: بأعمالهم, قال: والآخرون يحملون أوزارهم يوم القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ .
واختلفت القرّاء في ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة, وبعض قرّاء مكة والبصرة: ( بِمَفَازَتِهِمْ ) على التوحيد. وقرأته عامة قرّاء الكوفة: " بمفازاتهم " على الجماع.
والصواب عندي من القول في ذلك أنهما قراءتان مستفيضتان, قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب, لاتفاق معنييهما، والعرب توحد مثل ذلك أحيانا وتجمع بمعنى واحد, فيقول أحدهم: سمعت صوت القوم, وسمعت أصواتهم, كما قال جل ثناؤه: إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ , ولم يقل: أصوات الحمير, ولو جاء ذلك كذلك كان صوابا.
وقوله: ( لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) يقول تعالى ذكره: لا يمس المتقين من أذى جهنم شيء, وهو السوء الذي أخبر جل ثناؤه أنه لن يمسهم, ولا هم يحزنون، يقول: ولا هم يحزنون على ما فاتهم من آراب الدنيا, إذ صاروا إلى كرامة الله ونعيم الجنان.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
بمفازتهم:
1- على الإفراد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- على الجمع، وهى قراءة السلمى، والحسن، والأعرج، والأعمش، وحمزة، والكسائي، وأبى بكر.
التفسير :
يخبر تعالى عن عظمته وكماله، الموجب لخسران من كفر به فقال:{ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} هذه العبارة وما أشبهها، مما هو كثير في القرآن، تدل على أن جميع الأشياء - غير اللّه - مخلوقة، ففيها رد على كل من قال بقدم بعض المخلوقات، كالفلاسفة القائلين بقدم الأرض والسماوات، وكالقائلين بقدم الأرواح، ونحو ذلك من أقوال أهل الباطل، المتضمنة تعطيل الخالق عن خلقه.
وليس كلام اللّه من الأشياء المخلوقة، لأن الكلام صفة المتكلم، واللّه تعالى بأسمائه وصفاته أول ليس قبله شيء، فأخذ أهل الاعتزال من هذه الآية ونحوها أنه مخلوق، من أعظم الجهل، فإنه تعالى لم يزل بأسمائه وصفاته، ولم يحدث له صفة من صفاته، ولم يكن معطلا عنها بوقت من الأوقات، والشاهد من هذا، أن اللّه تعالى أخبر عن نفسه الكريمة أنه خالق لجميع العالم العلوي والسفلي، وأنه على كل شيء وكيل، والوكالة التامة لا بد فيها من علم الوكيل، بما كان وكيلا عليه، وإحاطته بتفاصيله، ومن قدرة تامة على ما هو وكيل عليه، ليتمكن من التصرف فيه، ومن حفظ لما هو وكيل عليه، ومن حكمة، ومعرفة بوجوه التصرفات، ليصرفها ويدبرها على ما هو الأليق، فلا تتم الوكالة إلا بذلك كله، فما نقص من ذلك، فهو نقص فيها.
ومن المعلوم المتقرر، أن اللّه تعالى منزه عن كل نقص في صفة من صفاته،.فإخباره بأنه على كل شيء وكيل، يدل على إحاطة علمه بجميع الأشياء، وكمال قدرته على تدبيرها، وكمال تدبيره، وكمال حكمته التي يضع بها الأشياء مواضعها.
ثم ساق- سبحانه- ما يدل على كمال قدرته فقال: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ.
أى: الله- تعالى- هو وحده الخالق لكل شيء في هذا الكون، وهو- سبحانه- المتصرف في كل شيء في هذا الوجود، بحيث لا يخرج مخلوق عن إذنه ومشيئته.
يخبر تعالى أنه خالق الأشياء كلها ، وربها ومليكها والمتصرف فيها ، وكل تحت تدبيره وقهره وكلاءته .
وقوله: ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) يقول تعالى ذكره: الله الذي له الألوهة من كل خلقه الذي لا تصلح العبادة إلا له, خالق كل شيء, لا ما لا يقدر على خلق شيء, وهو على كل شيء وكيل ، يقول: وهو على كل شيء قيم بالحفظ والكلاءة.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنعام: 102 | ﴿ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ﴾ |
---|
غافر: 62 | ﴿ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ﴾ |
---|
الرعد: 16 | ﴿قُلِ اللَّـهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ |
---|
الزمر: 62 | ﴿اللَّـهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي:مفاتيحها، علما وتدبيرا، فـ{ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فلما بين من عظمته ما يقتضي أن تمتلئ القلوب له إجلالا وإكراما، ذكر حال من عكس القضية فلم يقدره حق قدره، فقال:{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} الدالة على الحق اليقين والصراط المستقيم.{ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} خسروا ما به تصلح القلوب من التأله والإخلاص للّه،. وما به تصلح الألسن من إشغالها بذكر اللّه، وما تصلح به الجوارح من طاعة اللّه،.وتعوضوا عن ذلك كل مفسد للقلوب والأبدان، وخسروا جنات النعيم، وتعوضوا عنها بالعذاب الأليم.
لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى: له وحده مفاتيح خزائنهما، والمقاليد جمع مقلاد، أو اسم جمع لا واحد له من لفظه، مأخوذ من التقليد بمعنى الإلزام. أى: أنه لا يملك أمر السموات والأرض، ولا يتمكن من التصرف فيهما غيره- تعالى-.
قال صاحب الكشاف: قوله: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: أى: هو مالك أمرهما وحافظهما لأن حافظ الخزائن ومدبر أمرها، هو الذي يملك مقاليدها، ومنه قولهم: فلان ألقيت إليه مقاليد الملك، وهي المفاتيح، ولا واحد لها من لفظها وقيل: جمع مقليد.. والكلمة أصلها فارسية.
فإن قلت: ما للكتاب العربي المبين وللفارسية؟
قلت: التعريب أحالها عربية، كما أخرج الاستعمال المهمل عن كونه مهملا، .
ثم بين- سبحانه- مصير الكافرين فقال: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ أى: والذين كفروا بآيات الله التنزيلية والكونية الدالة على وحدانيته، أولئك هم البالغون أقصى الدرجات في الخسران.
وهذه الآية الكريمة معطوفة على قوله- تعالى- قبل ذلك: وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا وما بينهما اعتراض للدلالة على هيمنة الله- تعالى- على شئون خلقه.. أى: وينجى الله الذين اتقوا بمفازتهم.. والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الكاملون في الخسران.
وهذه المقابلة فيها ما فيها من تأكيد الثواب العظيم للمتقين، والعقاب الأليم للكافرين.
وقوله : ( له مقاليد السماوات والأرض ) ، قال مجاهد : المقاليد هي : المفاتيح بالفارسية . وكذا قال قتادة ، وابن زيد ، وسفيان ابن عيينة .
وقال السدي : ( له مقاليد السماوات والأرض ) أي : خزائن السماوات والأرض .
والمعنى على كلا القولين : أن أزمة الأمور بيده ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ; ولهذا قال : ( والذين كفروا بآيات الله ) أي : حججه وبراهينه ( أولئك هم الخاسرون )
وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا غريبا جدا - وفي صحته نظر - ولكن نذكره كما ذكره ، فإنه قال :
حدثنا يزيد بن سنان البصري بمصر ، حدثنا يحيى بن حماد ، حدثنا الأغلب بن تميم ، عن مخلد بن هذيل العبدي ، عن عبد الرحمن المدني ، عن عبد الله بن عمر ، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تفسير : ( له مقاليد السماوات والأرض ) فقال : " ما سألني عنها أحد قبلك يا عثمان " ، قال : " تفسيرها : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله وبحمده ، أستغفر الله ، ولا قوة إلا بالله ، الأول والآخر ، والظاهر والباطن ، بيده الخير ، يحيي ويميت ، وهو على كل شيء قدير ، من قالها يا عثمان إذا أصبح عشر مرار أعطي خصالا ستا : أما أولاهن : فيحرس من إبليس وجنوده ، وأما الثانية : فيعطى قنطارا من الأجر ، وأما الثالثة : فترفع له درجة في الجنة ، وأما الرابعة : فيتزوج من الحور العين ، وأما الخامسة : فيحضره اثنا عشر ملكا ، وأما السادسة : فيعطى من الأجر كمن قرأ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور . وله مع هذا يا عثمان من الأجر كمن حج وتقبلت حجته ، واعتمر فتقبلت عمرته ، فإن مات من يومه طبع بطابع الشهداء " .
ورواه أبو يعلى الموصلي من حديث يحيى بن حماد ، به مثله . وهو غريب ، وفيه نكارة شديدة ، والله أعلم .
القول في تأويل قوله تعالى : لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (63)
يقول تعالى ذكره: له مفاتيح خزائن السموات والأرض, يفتح منها على من يشاء, ويمسكها عمن أحب من خلقه، واحدها: مقليد. وأما الإقليد: فواحد الأقاليد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) مفاتيحها.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) أي مفاتيح السموات والأرض.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله: ( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) قال: خزائن السموات والأرض.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) قال: المقاليد: المفاتيح, قال: له مفاتيح خزائن السموات والأرض.
وقوله: ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) يقول تعالى ذكره: والذين كفروا بحجج الله فكذبوا بها وأنكروها, أولئك هم المغبونون حظوظهم من خير السموات التي بيده مفاتيحها, لأنهم حرموا ذلك كله في الآخرة بخلودهم في النار, وفي الدنيا بخذلانهم عن الإيمان بالله عزّ وجلّ.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الزمر: 63 | ﴿ لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ |
---|
الشورى: 12 | ﴿ لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ قُلْ} يا أيها الرسول لهؤلاء الجاهلين، الذين دعوك إلى عبادة غير اللّه:{ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} أي:هذا الأمر صدر من جهلكم، وإلا فلو كان لكم علم بأن اللّه تعالى الكامل من جميع الوجوه، مسدي جميع النعم، هو المستحق للعبادة، دون من كان ناقصا من كل وجه، لا ينفع ولا يضر، لم تأمروني بذلك.
ثم أمر الله- تعالى- رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يوبخ الكافرين على جهالاتهم. فقال:قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ.
وقد ذكروا في سبب نزولها أن المشركين قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلم استلم بعض آلهتنا ونؤمن بإلهك.
والاستفهام للإنكار والتوبيخ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام، و «غير» منصوب بقوله: أَعْبُدُ، وأعبد معمول لتأمرونى على تقدير أن المصدرية، فلما حذفت بطل عملها.
والمعنى: قل- يا أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المشركين على سبيل التوبيخ والتأنيب: أبعد أن شاهدتهم ما شاهدتم من الآيات الدالة على وحدانية الله- تعالى-، وعلى صدقى فيما أبلغه عنه، أبعد كل ذلك تأمرونى أن أعبد غير الله- تعالى- أيها الجاهلون بكل ما يجب لله- تعالى- من تنزيه وتقديس.
ووصفهم هنا بالجهل، لأن هذا الوصف هو الوصف المناسب للرد على ما طلبوه.
منه صلّى الله عليه وسلم من إشراك آلهتهم في العبادة.
وقوله : ( قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ) ذكروا في سبب نزولها ما رواه ابن أبي حاتم وغيره ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما أنه قال ] : إن المشركين بجهلهم دعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عبادة آلهتهم ، ويعبدوا معه إلهه ، فنزلت : ( قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون)
القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64)
يقول تعالى ذكره لنبيه: قل يا محمد لمشركي قومك, الداعين إلى عبادة الأوثان: ( أَفَغَيْرَ اللَّهِ ) أيها الجاهلون بالله ( تَأْمُرُونِّي ) أن ( أَعْبُدُ ) ولا تصلح العبادة لشيء سواه. واختلف أهل العربية في العامل, في قوله ( أَفَغَيْرَ ) النصب, فقال بعض نحويي البصرة: قل أفغير الله تأمروني, يقول: أفغير الله أعبد تأمروني, كأنه أراد الإلغاء, والله أعلم, كما تقول: ذهب فلان (4) يدري, حمله على معنى. فما يدري. وقال بعض نحويي الكوفة: " غير " منتصبة بأعبد, وأن تحذف وتدخل, لأنها علم للاستقبال, كما تقول: أريد أن أضرب, وأريد أضرب, وعسى أن أضرب, وعسى أضرب, فكانت في طلبها الاستقبال, كقولك: زيدا سوف أضرب, فلذلك حُذفت وعمل ما بعدها فيما قبلها, ولا حاجة بنا إلى اللغو.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنعام: 14 | ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّـهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ |
---|
الأنعام: 40 | ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّـهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّـهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ |
---|
الأنعام: 164 | ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّـهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾ |
---|
الأعراف: 140 | ﴿قَالَ أَغَيْرَ اللَّـهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـٰهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ |
---|
الأنعام: 114 | ﴿ أَفَغَيْرَ اللَّـهِ أَبۡتَغِي حَكَمٗا﴾ |
---|
النحل: 52 | ﴿وَلَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِبًاۚ أَفَغَيْرَ اللَّـهِ تَتَّقُونَ﴾ |
---|
الزمر: 64 | ﴿قُلۡ أَفَغَيْرَ اللَّـهِ تَأۡمُرُوٓنِّيٓ أَعۡبُدُ أَيُّهَا ٱلۡجَٰهِلُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
تأمرونى:
1- بإدغام النون فى نون الوقاية وسكون الياء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- على القراءة السابقة، مع فتح الياء، وهى قراءة ابن كثير.
3- بنونين على الأصل، وهى قراءة ابن عامر.
4- بنون واحدة مكسورة، وفتح الياء، وهى قراءة نافع.
أعبد:
وقرئ:
بالنصب على إضمار «أن» .
التفسير :
وذلك لأن الشرك باللّه محبط للأعمال، مفسد للأحوال، ولهذا قال:{ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} من جميع الأنبياء.{ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} هذا مفرد مضاف، يعم كل عمل،.ففي نبوة جميع الأنبياء، أن الشرك محبط لجميع الأعمال، كما قال تعالى في سورة الأنعام - لما عدد كثيرا من أنبيائه ورسله قال عنهم:{ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
{ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} دينك وآخرتك، فبالشرك تحبط الأعمال، ويستحق العقاب والنكال.
ثم حذر- سبحانه- من الشرك أبلغ تحذير فقال: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ، لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ، وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ. بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ.
قال الجمل: قوله: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ ... هذه اللام دالة على قسم مقدر وقوله لَئِنْ أَشْرَكْتَ. هذه اللام- أيضا- دالة على قسم مقدر، وقوله: لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ كل من هذين اللامين واقعة في جواب القسم الثاني. والثاني وجوابه جواب الأول. وأما جواب الشرط في قوله: لَئِنْ أَشْرَكْتَ فمحذوف، لدخول جواب القسم عليه، فهو من قبيل قول ابن مالك:
واحذف لدى اجتماع شرط وقسم ... جواب ما أخرت فهو ملتزم
وقوله أُوحِيَ مسلط على إِلَيْكَ وعلى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ فيكون المعنى:
ولقد أوحى إليك- أيها الرسول الكريم- وأوحى إلى الرسل الذين من قبلك أيضا لئن أشركت، بالله- تعالى- على سبيل الفرض لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ، أى ليفسدن عملك فسادا تاما وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ خسارة ليس بعدها خسارة في الدنيا والآخرة.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: الموحى إليهم، جماعة، فكيف قال: لَئِنْ أَشْرَكْتَ على التوحيد؟ قلت: معناه. أوحى إليك لئن أشركت ليحبطن عملك، وإلى الذين من قبلك مثله، أو أوحى إليك وإلى كل واحد منهم: لئن أشركت ليحبطن عملك. كما تقول: فلان كسانا حلة. أى: كل واحد منا.
فإن قلت: هو على سبيل الفرض. والمحالات يصح فرضها.. .
والآية الكريمة تحذر من الشرك بأسلوب فيه ما فيه من التنفير منه ومن التقبيح له، لأنه إذا كان الرسول صلّى الله عليه وسلم لو وقع في شيء منه- على سبيل الفرض- حبط عمله، وكان من الخاسرين. فكيف بغيره من أفراد أمته؟
( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين )
وهذه كقوله : ( ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ) [ الأنعام : 88 ] .
وقوله: ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ ) يقول تعالى ذكره: ولقد أوحى إليك يا محمد ربك, وإلى الذين من قبلك من الرسل ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) يقول: لئن أشركت بالله شيئا يا محمد, ليبطلنّ عملك, ولا تنال به ثوابا, ولا تدرك جزاء إلا جزاء من أشرك بالله, وهذا من المؤخر الذي معناه التقديم.. ومعنى الكلام: ولقد أوحي إليك لئن أشركت ليحبطنّ عملك, ولتكوننّ من الخاسرين, وإلى الذين من قبلك, بمعنى: وإلى الذين من قبلك من الرسل من ذلك, مثل الذي أوحي إليك منه, فاحذر أن تشرك بالله شيئا فتهلك.
ومعنى قوله: ( وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) ولتكونن من الهالكين بالإشراك بالله إن أشركت به شيئا.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ليحبطن:
1- مبنيا للفاعل، و «عملك» رفع به، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالياء من «أحبط» ، بالنصب، أي: ليحبطن الله عملك.
3- بالنون، من: «أحبط» ، أي: لنحبطن عملك، بالنصب.
التفسير :
ثم قال:{ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ} لما أخبر أن الجاهلين يأمرونه بالشرك، وأخبر عن شناعته، أمره بالإخلاص فقال:{ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ} أي:أخلص له العبادة وحده لا شريك له،{ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} للّه على توفيق اللّه تعالى،.فكما أنه تعالى يشكر على النعم الدنيوية، كصحة الجسم وعافيته، وحصول الرزق وغير ذلك،.كذلك يشكر ويثنى عليه بالنعم الدينية، كالتوفيق للإخلاص، والتقوى، بل نعم الدين، هي النعم على الحقيقة، وفي تدبر أنها من اللّه تعالى والشكر للّه عليها، سلامة من آفة العجب التي تعرض لكثير من العاملين، بسبب جهلهم، وإلا، فلو عرف العبد حقيقة الحال، لم يعجب بنعمة تستحق عليه زيادة الشكر.
وقوله- تعالى-: بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ أمر منه- تعالى- بالثبات على عبادة الله- تعالى- وحده، وبالمداومة على شكره، ونهى عن طاعة المشركين، ولفظ الجلالة منصوب بقوله فَاعْبُدْ والفاء جزائية في جواب شرط مقدر.
أى: لا تطع- أيها الرسول الكريم- المشركين فيما طلبوه منك، بل اجعل عبادتك لله- تعالى- وحده، وكن من الشاكرين له على نعمه التي لا تحصى.
وقوله : ( بل الله فاعبد وكن من الشاكرين ) أي : أخلص العبادة لله وحده ، لا شريك له ، أنت ومن معك ، أنت ومن اتبعك وصدقك .
القول في تأويل قوله تعالى : بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: لا تعبد ما أمرك به هؤلاء المشركون من قومك يا محمد بعبادته, بل الله فاعبد دون كلّ ما سواه من الآلهة والأوثان والأنداد ( وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) لله على نعمته عليك بما أنعم من الهداية لعبادته, والبراءة من عبادة الأصنام والأوثان. ونصب اسم الله بقوله ( فَاعْبُدِ ) وهو بعده, لأنه رد الكلام, ولو نصب بمضمر قبله, إذا كانت العرب تقول: زيد فليقم. وزيدا فليقم. رفعا ونصبا, الرفع على فلينظر زيد, فليقم, والنصب على انظروا زيدا فليقم. كان صحيحا جائزا.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 98 | ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ﴾ |
---|
الأعراف: 144 | ﴿فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ |
---|
الزمر: 66 | ﴿بَلِ اللَّـهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يقول تعالى:وما قدر هؤلاء المشركون ربهم حق قدره، ولا عظموه حق تعظيمه، بل فعلوا ما يناقض ذلك، من إشراكهم به من هو ناقص في أوصافه وأفعاله، فأوصافه ناقصة من كل وجه، وأفعاله ليس عنده نفع ولا ضر، ولا عطاء ولا منع، ولا يملك من الأمر شيئا.
فسووا هذا المخلوق الناقص بالخالق الرب العظيم، الذي من عظمته الباهرة، وقدرته القاهرة، أن جميع الأرض يوم القيامة قبضة للرحمن، وأن السماوات - على سعتها وعظمها - مطويات بيمينه، فلا عظمه حق عظمته من سوَّى به غيره، ولا أظلم منه.
{ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي:تنزه وتعاظم عن شركهم به.
ثم بين- سبحانه- أن هؤلاء المشركين بعبادتهم لغير الله- تعالى- قد تجاوزوا حدودهم معه- عز وجل-، ولم يعطوه ما يستحقه من تنزيه وتقديس فقال: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ.
أى: أن هؤلاء المشركين بعبادتهم لغيره- تعالى-، ما عظموه حق تعظيمه، وما أعطوه ما يستحقه- سبحانه- من تقديس وتكريم وتنزيه وطاعة.
ثم ساق- سبحانه- ما يدل على وحدانيته. وكمال قدرته. فقال: وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ.
والقبضة: المرة من القبض، وتطلق على المقدار المقبوض بالكف. ومطويات أى:
مجموعات تحت قدرته وملكه، كما يجمع الكتاب المطوى، والجملة الكريمة حال من لفظ الجلالة، فيكون المعنى: إن هؤلاء المشركين لم يعظموا الله حق تعظيمه، حيث أشركوا معه في العبادة آلهة أخرى هي من مخلوقاته، والحال أنه- سبحانه- هو المتولى لإبقاء السموات والأرض على حالهما في الدنيا، وهو المتولى لتبديلهما أو إزالتهما في الآخرة، فالأرض كلها مع عظمتها وكثافتها تكون يوم القيامة في قبضته وتحت قدرته، كالشىء الذي يقبض عليه القابض، والسموات كذلك مع ضخامتها واتساعها، تكون مطويات بيمينه وتحت قدرته وتصرفه، كما يطوى الواحد منا الشيء الهين القليل بيمينه، وما دام الأمر كذلك فكيف يشركون معه غيره في العبادة؟
فالمقصود من الآية الكريمة بيان وحدانيته وعظمته وقدرته- سبحانه- وبيان ما عليه المشركون من جهالة وانطماس بصيرة حين أشركوا معه في العبادة غيره.
قال صاحب الكشاف: والغرض من هذا الكلام إذا أخذته كما هو بجملته ومجموعته، تصوير عظمته، والتوقيف على كنه جلاله لا غير، من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين إلى جهة حقيقة أو جهة مجاز ... .
وقال الآلوسى: والكلام في هذه الآية عند كثير من الخلف، تمثيل لحال عظمته- تعالى- ونفاذ قدرته.. بحال من يكون له قبضة فيها الأرض جميعا، ويمين بها يطوى السموات، أو بحال من يكون له قبضة فيها الأرض والسموات، ويمين بها يطوى السموات.
والسلف يقولون: إن الكلام هنا تنبيه على مزيد جلالته- تعالى-. إلا أنهم لا يقولون إن القبضة مجاز عن الملك أو التصرف، ولا اليمين مجاز عن القدرة، بل ينزهون الله- تعالى- عن الأعضاء والجوارح، ويؤمنون بما نسبه- تعالى-: إلى ذاته بالمعنى اللائق به الذي أراده- سبحانه- وكذا يفعلون في الأخبار الواردة في هذا المقام.
فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال: جاء حبر من الأحبار الى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: يا محمد. إنا نجد الله يحمل السموات يوم القيامة على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع.
فيقول: أنا الملك. فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ هذه الآية.. .
وقدم- سبحانه- الأرض على السموات لمباشرتهم لها، ومعرفتهم بحقيقتها.
وخص يوم القيامة بالذكر، وإن كانت قدرته عامة وشاملة لدار الدنيا- أيضا- لأن الدعاوى تنقطع في ذلك اليوم. كما قال- تعالى- وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ.
روى الشيخان عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «يطوى الله السموات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول أنا الملك، أين الجبارون، أين المتكبرون، أين ملوك الأرض» .
وقوله- تعالى-: سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ تنزيه له- تعالى-: عما افتراه المفترون.
أى: تنزه وتقدس الله- تعالى- عن شرك المشركين، وعن ضلال الضالين.
يقول تعالى : وما قدر المشركون الله حق قدره ، حين عبدوا معه غيره ، وهو العظيم الذي لا أعظم منه ، القادر على كل شيء ، المالك لكل شيء ، وكل شيء تحت قهره وقدرته .
قال مجاهد : نزلت في قريش . وقال السدي : ما عظموه حق عظمته .
وقال محمد بن كعب : لو قدروه حق قدره ما كذبوه .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] : ( وما قدروا الله حق قدره ) هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله [ تعالى ] عليهم ، فمن آمن أن الله على كل شيء قدير ، فقد قدر الله حق قدره ، ومن لم يؤمن بذلك فلم يقدر الله حق قدره .
وقد وردت أحاديث كثيرة متعلقة بهذه الآية الكريمة ، والطريق فيها وفي أمثالها مذهب السلف ، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تحريف .
قال البخاري : قوله : ( وما قدروا الله حق قدره ) حدثنا آدم ، حدثنا شيبان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا محمد : إنا نجد أن الله - عز وجل - يجعل السماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء والثرى على إصبع ، وسائر الخلائق على إصبع . فيقول : أنا الملك . فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه ، تصديقا لقول الحبر ، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ) الآية .
و [ قد ] رواه البخاري أيضا في غير هذا الموضع من صحيحه ، والإمام أحمد ، ومسلم ، والترمذي والنسائي في التفسير من سننيهما ، كلهم من حديث سليمان بن مهران الأعمش ، عن إبراهيم عن عبيدة ، عن [ عبد الله ] ابن مسعود - رضي الله عنه - بنحوه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم عن علقمة ، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب ، فقال : يا أبا القاسم ، أبلغك أن الله [ تعالى ] يحمل الخلائق على إصبع ، والسماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والثرى على إصبع ؟ قال : فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه . قال : وأنزل الله - عز وجل - : ( وما قدروا الله حق قدره ) إلى آخر الآية .
وهكذا رواه البخاري ، ومسلم ، والنسائي - من طرق - عن الأعمش به .
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن حسن الأشقر ، حدثنا أبو كدينة ، عن عطاء عن أبي الضحى ، عن ابن عباس قال : مر يهودي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس فقال : كيف تقول يا أبا القاسم : يوم يجعل الله السماء على ذه - وأشار بالسبابة - والأرض على ذه ، والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه - كل ذلك يشير بإصبعه - قال : فأنزل الله - عز وجل - : ( وما قدروا الله حق قدره ) الآية .
وكذا رواه الترمذي في التفسير عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، عن محمد بن الصلت ، عن أبي جعفر ، عن أبي كدينة يحيى بن المهلب ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح ، به ، وقال : حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
ثم قال البخاري : حدثنا سعيد بن عفير ، حدثنا الليث ، حدثنا عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن : أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يقبض الله الأرض ، ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض " .
تفرد به من هذا الوجه ، ورواه مسلم من وجه آخر .
وقال البخاري - في موضع آخر - : حدثنا مقدم بن محمد ، حدثنا عمي القاسم بن يحيى ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين على إصبع ، وتكون السماوات بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك " .
تفرد به أيضا من هذا الوجه ، ورواه مسلم من وجه آخر . وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى بلفظ آخر أبسط من هذا السياق وأطول ، فقال :
حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر : ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هكذا بيده ، يحركها يقبل بها ويدبر : " يمجد الرب نفسه : أنا الجبار ، أنا المتكبر ، أنا الملك ، أنا العزيز ، أنا الكريم " . فرجف برسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر حتى قلنا : ليخرن به .
وقد رواه مسلم ، والنسائي ، وابن ماجه من حديث عبد العزيز بن أبي حازم - زاد مسلم : ويعقوب بن عبد الرحمن ، كلاهما عن أبي حازم ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن ابن عمر ، به ، نحوه .
ولفظ مسلم - عن عبيد الله بن مقسم في هذا الحديث - : أنه نظر إلى عبد الله بن عمر كيف يحكي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يأخذ الله سماواته وأرضيه بيده ويقول : أنا الملك ، ويقبض أصابعه ويبسطها : أنا الملك ، حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه ، حتى إني لأقول : أساقط هو برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ .
وقال البزار : حدثنا سليمان بن سيف ، حدثنا أبو علي الحنفي ، حدثنا عباد المنقري ، حدثني محمد بن المنكدر قال : حدثنا عبد الله بن عمر [ رضي الله عنهما ] ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية على المنبر : ( وما قدروا الله حق قدره ) حتى بلغ : ( سبحانه وتعالى عما يشركون ) ، فقال المنبر هكذا ، فجاء وذهب ثلاث مرات .
ورواه الإمام الحافظ أبو القاسم الطبراني من حديث عبيد بن عمير ، عن عبد الله بن عمرو ، وقال : صحيح .
وقال الطبراني في المعجم الكبير : حدثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبي ، حدثنا حيان بن نافع بن صخر بن جويرية ، حدثنا سعيد بن سالم القداح ، عن معمر بن الحسن ، عن بكر بن خنيس ، عن أبي شيبة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن جرير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفر من أصحابه : " إني قارئ عليكم آيات من آخر سورة الزمر ، فمن بكى منكم وجبت له الجنة " ؟ فقرأها من عند قوله : ( وما قدروا الله حق قدره ) ، إلى آخر السورة ، فمنا من بكى ، ومنا من لم يبك ، فقال الذين لم يبكوا : يا رسول الله لقد جهدنا أن نبكي فلم نبك ؟ فقال : " إني سأقرؤها عليكم فمن لم يبك فليتباك " . هذا حديث غريب جدا .
وأغرب منه ما رواه في المعجم الكبير أيضا : حدثنا هاشم بن مرثد ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي ، حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله تعالى يقول : ثلاث خلال غيبتهن عن عبادي ، لو رآهن رجل ما عمل سوءا أبدا : لو كشفت غطائي فرآني حتى يستيقن ويعلم كيف أفعل بخلقي إذا أتيتهم ، وقبضت السماوات بيدي ، ثم قبضت الأرض والأرضين ، ثم قلت : أنا الملك ، من ذا الذي له الملك دوني ؟ ثم أريتهم الجنة وما أعددت لهم فيها من كل خير ، فيستيقنوها . وأريهم النار وما أعددت لهم فيها من كل شر فيستيقنوها ، ولكن عمدا غيبت ذلك عنهم لأعلم كيف يعملون ، وقد بينته لهم " .
وهذا إسناد متقارب ، وهي نسخة تروى بها أحاديث جمة ، والله أعلم .
وقوله: ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) يقول تعالى ذكره: وما عظَّم الله حقّ عظمته, هؤلاء المشركون بالله, الذين يدعونك إلى عبادة الأوثان.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
عليّ, قال. ثنا أبو صالح, قال. ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) قال: هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله عليهم, فمن آمن أن الله على كل شيء قدير, فقد قدر الله حقّ قدره, ومن لم يؤمن بذلك, فلم يقدر الله حقّ قدره.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد. قال. ثنا أسباط, عن السديّ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) : ما عظموا الله حقّ عظمته.
وقوله: ( وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) يقول تعالى ذكره: والأرض كلها قبضته في يوم القيامة ( وَالسَّمَاوَاتُ ) كلها( مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِه ) فالخبر عن الأرض مُتَنَاهٍ عند قوله: يوم القيامة, والأرض مرفوعة بقوله ( قَبْضَتُهُ ) , ثم استأنف الخبر عن السموات, فقال: ( وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ) وهي مرفوعة بمطويات.
ورُوي عن ابن عباس وجماعة غيره أنهم كانوا يقولون: الأرض والسموات جميعا في يمينه يوم القيامة.
* ذكر الرواية بذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي , عن أبيه, عن ابن عباس. قوله: ( وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) يقول: قد قبض الأرضين والسموات جميعا بيمينه. ألم تسمع أنه قال: ( مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِه ) يعنى: الأرض والسموات بيمينه جميعا, قال ابن عباس: وإنما يستعين بشماله المشغولة يمينه.
حدثنا ابن بشار, قال. ثنا معاذ بن هشام. قال: ثني أبي عن عمرو بن مالك, عن أبي الجوزاء, عن ابن عباس, قال: ما السموات السبع, والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم. قال: ثنا معاذ بن هشام, قال: ثني أبي, عن قتادة, قال: ثنا النضر بن أنس, عن ربيعة الجُرْسي, قال: ( وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ) قال: ويده الأخرى خلو ليس فيها شيء.
حدثني عليّ بن الحسن الأزديّ, قال ثنا يحيى بن يمان, عن عمار بن عمرو, عن الحسن, في قوله: ( وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) قال: كأنها جوزة بقضها وقضيضها.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) يقول: السموات والأرض مطويات بيمينه جميعا.
وكان ابن عباس يقول: إنما يستعين بشماله المشغولة يمينه, وإنما الأرض والسموات كلها بيمينه, وليس في شماله شيء.
حدثنا الربيع, قال: ثنا ابن وهب, قال: أخبرني أُسامة بن زيد, عن أبي حازم, عن عبد الله بن عمر, أنه رأى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , على المنبر يخطب الناس, فمر بهذه الآية: ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " يَأْخُذُ السَّمَاوَاتِ وَالأرَضَينَ السَّبْعَ فَيَجْعَلُهَا في كَفِّهِ, ثُمَّ يَقُولُ بِهِما كمَا يَقُولُ الغُلامُ بالكُرَةِ: أنا اللهُ الوَاحِدُ, أنا اللهُ العَزِيزُ" حتى لقد رأينا المنبر وإنه ليكاد أن يسقط به.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى, عن سفيان, قال: ثني منصور وسليمان, عن إبراهيم, عن عبيدة السَّلْماني, عن عيد الله, قال: جاء يهوديّ إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا محمد إن الله يمسك السموات على أصبع, والأرضين على أصبع, والجبال على أصبع, والخلائق على أصبع, ثم يقول: أنا الملك ، قال: فضحك النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حتى بدت نواجذه وقال: ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ).
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى, قال: ثنا فضيل بن عياض, عن منصور, عن إبراهيم, عن عبيدة عن عبد الله, قال: فضحك النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تعجبا وتصديقا.
محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, عن منصور, عن خيثمة بن عبد الرحمن, عن علقمة, عن عبد الله بن مسعود, قال: كنا عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , حين جاءه حبر من أحبار اليهود, فجلس إليه, فقال له النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " حَدِّثْنا, قال: إن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة, جعل السموات على أصبع, والأرضين على أصبع, والجبال على أصبع, والماء والشجر على أصبع, وجميع الخلائق على أصبع ثم يهزهنّ ثم يقول: أنا الملك, قال: فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه تصديقا لما قال, ثم قرأ هذه الآية: ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) ... الآية ".
محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, نحو ذلك.
حدثني سليمان بن عبد الجبار, وعباس بن أبي طالب, قالا ثنا محمد بن الصلت, قال: ثنا أبو كدينة عن عطاء بن السائب, عن أبي الضحى, عن ابن عباس, قال: مر يهوديّ بالنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو جالس, فقال: " يا يَهُودِيُّ حَدّثْنا ", فقال: كيف تقول يا أبا ألقاسم يوم يجعل الله السماء على ذه, والأرض على ذه, والجبال على ذه, وسائر الخلق على ذه, فأنـزل الله ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) ... الآية ".
حدثني أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن علقمة, عن عبد الله, قال: " أتى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رجل من أهل الكتاب, فقال: يا أبا القاسم أبلغك أن الله يحمل الخلائق على أصبع, والسموات على أصبع, والأرضين على أصبع, والشجر على أصبع, والثرى على أصبع؟ قال فضحك النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حتى بدت نواجذه, فأنـزل الله ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ ) ... إلى آخر الآية.
وقال آخرون: بل السموات في يمينه, والأرضون في شماله.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ بن داود, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: أخبرنا ابن أبي حازم, قال: ثني أبو حازم, عن عبيد الله بن مقْسَمٍ, أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: رأيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو على المنبر يقول: " يَأْخُذُ الجَبَّارُ سَمَوَاتِه وأرْضَهُ بِيَدَيْه " وقبض رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يديه, وجعل يقبضهما ويبسطهما, قال: ثمَّ يَقُولُ: " أنا الرَّحْمَنُ أنا المَلِك, أيْنَ الجَبَّارُونَ, أيْنَ المُتَكَبِّرُونَ" وتمايل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن يمينه, وعن شماله, حتى نظرت إلى المنبر يتحرّك من أسفل شيء منه, حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم " ؟.
حدثني أبو علقمة الفروي عبد الله بن محمد, قال: ثني عبد الله بن نافع, عن عبد العزيز بن أبي حازم, عن أبيه, عن عبيد بن عمير, عن عبد الله بن عمر, أنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: " يَأْخُذُ الجَبَّارُ سَمَوَاتِهِ وَأرْضَهُ بِيَديْهِ", وقبض يده فجعل يقبضها ويبسطها, ثُمَّ يَقُولُ: " أنا الجَبَّارُ, أنا المَلِكُ, أيْنَ الجَبَّارُونَ, أيْنَ المُتَكَبِّرُونَ؟" قال: ويميل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن يمينه وعن شماله, حتى نظرت إلى المنبر يتحرّك من أسفل شيء منه, حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؟".
حدثني الحسن بن عليّ بن عياش الحمصي, قال: ثنا بشر بن شعيب, قال: أخبرني أبي, قال: ثنا محمد بن مسلم بن شهاب, قال: أخبرني سعيد بن المسيب, عن أبي هريرة أنه كان يقول: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " يَقْبِضُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ الأرْضَ يَوْمَ القِيامَةِ وَيَطْوِي السموات بيَمينهِ, ثُمَّ يَقُولُ: أنا المَلِكُ أيْنَ مُلُوكُ الأرْضِ؟".
حُدثت عن حرملة بن يحيى, قال: ثنا إدريس بن يحيى القائد, قال: أخبرنا حيوة, عن عقيل, عن ابن شهاب, قال: أخبرني نافع مولى ابن عمر, عن عبد الله بن عمر, أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " إنَّ اللهَ يَقْبِضُ الأرْضَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِيَدِهِ, وَيَطْوِي السَّماءَ بِيَمينهِ وَيَقُولُ: أنا المَلِكُ".
حدثني محمد بن عون, قال: ثنا أبو المغيرة, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: ثنا سعيد بن ثوبان الكلاعي عن أبي أيوب الأنصاري, قال: أتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حبر من اليهود, قال: أرأيت إذ يقول الله في كتابه: ( وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ) فأين الخلق عند ذلك؟ قال: " هُمْ فِيها كرَقْمِ الكِتابِ".
حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري, قال: ثنا أبو أسامة, قال: ثنا عمرو بن حمزة, قال: ثني سالم, عن أبيه, أنه أخبره أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " يَطْوِي اللهُ السَّمَاوَاتِ فَيَأخُذُهُنَّ بِيَمِينِهِ ويَطْوِي الأرْضَ فَيأْخُذُها بشِمالِهِ, ثُمَّ يَقُولُ: أنا المَلِك أيْنَ الجَبَّارُونَ؟ أينَ المُتَكَبِّرُونَ".
وقيل: إن هذه الآية نـزلت من أجل يهودي سأل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن صفة الرب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, قال: ثني ابن إسحاق, عن محمد, عن سعيد, قال: " أتى رهط من اليهود نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فقالوا: يا محمد, هذا الله خلق الخلق, فمن خلقه؟ فغضب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حتى انتقع لونه, ثم ساورهم غضبا لربه، فجاءه جبريل فسكنه, وقال: اخفض عليك جناحك يا محمد, وجاءه من الله جواب ما سألوه عنه, قال: يقول الله تبارك وتعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ فلما تلاها عليهم النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قالوا: صف لنا ربك، كيف خلقه, وكيف عضده, وكيف ذراعه؟ فغضب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أشد من غضبه الأول, ثم ساورهم, فأتاه جبريل فقال مثل مقالته, وأتاه بجواب ما سألوه عنه ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ).
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب, عن جعفر, عن سعيد, قال: تكلمت اليهود في صفة الرب, فقالوا ما لم يعلموا ولم يروا, فأنـزل الله على نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) ثم بين للناس عظمته فقال: ( وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون ) , فجعل صفتهم التي وصفوا الله بها شركا ".
وقال بعض أهل العربية من أهل البصرة ( وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ) يقول في قدرته نحو قوله: وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أي وما كانت لكم عليه قدرة وليس الملك لليمين دون سائر الجسد, قال: وقوله ( قَبْضَتُهُ ) نحو قولك للرجل: هذا في يدك وفي قبضتك. والأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعن أصحابه وغيرهم, تشهد على بطول هذا القول.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا هارون بن المغيرة, عن عنبسة, عن حبيب بن أبي عمرة, عن مجاهد, عن ابن عباس, عن عائشة قالت: سألت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , عن قوله ( وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) فأين الناس يومئذ؟ قال: " عَلى الصِّراطِ".
وقوله ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يقول تعالى ذكره تنـزيها وتبرئة لله, وعلوا وارتفاعا عما يشرك به هؤلاء المشركون من قومك يا محمد, القائلون لك: اعبد الأوثان من دون الله, واسجد لآلهتنا.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنعام: 91 | ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ﴾ |
---|
الزمر: 67 | ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ |
---|
الحج: 74 | ﴿ مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ |
---|
أسباب النزول :
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
قدروا:
وقرئ:
بتشديد الدال، وهى قراءة الحسن، وعيسى، وأبى نوفل، وأبى حيوة.
قدره:
وقرئ:
بفتح الدال، وهى قراءة الأعمش.
مطويات:
وقرئ:
بالنصب، على الحال، وهى قراءة عيسى، والجحدري.