ترتيب المصحف | 12 | ترتيب النزول | 53 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 13.50 |
عدد الآيات | 111 | عدد الأجزاء | 0.60 |
عدد الأحزاب | 1.20 | عدد الأرباع | 4.90 |
ترتيب الطول | 11 | تبدأ في الجزء | 12 |
تنتهي في الجزء | 13 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 6/29 | آلر: 3/5 |
مجئُ البشيرِ إلى يعقوبَ عليه السلام فعادَ بصيرًا، وتوبةُ إخوةِ يوسفَ، ومجيءُ أسرةِ يعقوبَ كلِّها إلى مصرَ، وتحقَّقَتْ الرؤيا وسجَدَ إخوتُه الأحدَ عشرَ له معَ أبيِه وأمِّه.
قريبًا إن شاء الله
تحدُّثُ يوسفُ عليه السلام بنِعمِ اللهِ عليه، وطلبُه من ربّه حسنَ الخاتمةِ، وبيانُ أنَّ هذه القصَّةَ دليلُ صدقِ نُبوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ لأنَّها إخبارٌ بالغيبِ، والغيبُ لا يعلمُه إلا اللهُ.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
{ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} بقرب الاجتماع بيوسف وإخوته وأبيهم،{ أَلْقَاهُ} أي:القميص{ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} أي:رجع على حاله الأولى بصيرا، بعد أن ابيضت عيناه من الحزن، فقال لمن حضره من أولاده وأهله الذين كانوا يفندون رأيه، ويتعجبون منه منتصرا عليهم، متبجحا بنعمة الله عليه:{ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} حيث كنت مترجيا للقاء يوسف، مترقبا لزوال الهم والغم والحزن.
وتحقق ما وجده يعقوب من رائحة يوسف ... وحل أوان المفاجأة التي حكاها القرآن في قوله فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً، قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ.
أى: وحين اقترب أبناء يعقوب من دار أبيهم، تقدم البشير الذي يحمل قميص يوسف إلى يعقوب، فألقى القميص على وجهه فعاد إلى يعقوب بصره كأن لم يكن به ضعف أو مرض من قبل ذلك.
وهذه معجزة أكرم الله- تعالى- بها نبيه يعقوب- عليه السلام- حيث رد إليه بصره بسبب إلقاء قميص يوسف على وجهه.
وهنا قال يعقوب لأبنائه ولمن أنكر عليه قوله إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ أَلَمْ أَقُلْ قبل ذلك إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ أى: من رحمته وفضله وإحسانه ما لا تَعْلَمُونَ أنتم.
قال ابن عباس والضحاك : ( البشير ) البريد .
وقال مجاهد والسدي : كان يهوذا بن يعقوب .
قال السدي : إنما جاء به لأنه هو الذي جاء بالقميص وهو ملطخ بدم كذب ، فأراد أن يغسل ذلك بهذا ، فجاء بالقميص فألقاه على وجه أبيه ، فرجع بصيرا .
وقال لبنيه عند ذلك : ( ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون ) أي : أعلم أن الله سيرده إلي ، وقلت لكم : ( إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون )
القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (96)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما أن جاء يعقوبَ البشيرُ من عند ابنه يوسف ، وهو المبشّر برسالة يوسف ، وذلك بريدٌ، فيما ذكر، كان يوسف أبردَهُ إليه. (1)
* * *
وكان البريد فيما ذكر، والبشير: يهوذا بن يعقوب، أخا يوسف لأبيه .
*ذكر من قال ذلك:
19857- حدثني محمد بن سعد ، قال: حدثني أبي ، قال:حدثني عمي ، قال:حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: ( فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه ) ، يقول: " البشير ": البريدُ.
19858- حدثنا القاسم ، قال، حدثنا الحسين ، قال، حدثنا هشيم ، قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك: ( فلما أن جاء البشير ) قال: البريد .
19859- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال: البريد.
19860- ... قال، حدثنا شبابة ، قال، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال:يهوذا بن يعقوب.
19861- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( البشير ) قال:يهوذا بن يعقوب.
19862- حدثني المثنى ، قال، حدثنا أبو حذيفة ، قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال: يهوذا بن يعقوب.
19863- ... قال:حدثنا إسحاق ، قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال: هو يهوذا بن يعقوب.
19864- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين ، قال: حدثني حجاج ، عن ابن جريج: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال:يهوذا بن يعقوب، كان البشير.
19865- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال:هو يهوذا بن يعقوب.
، قال سفيان: وكان ابن مسعود يقرأ: " وَجَاءَ البَشِيرُ مِنْ بَيْنِ يَدَي العِيرِ" (2) .
19866- حدثنا ابن وكيع ، قال:حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال: البريد، هو يهوذا بن يعقوب.
19867- ... قال:حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال، قال يوسف: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ، قال يهوذا:أنا ذهبتُ بالقميص ، ملطخًا بالدم إلى يعقوب فأخبرته أن يوسف أكله الذئب ، وأنا أذهب اليوم بالقميص وأخبره أنه حيٌّ فأفرحه كما أحزنته . فهو كان البشير.
19868- حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال:حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال: البريد.
* * *
قال أبو جعفر: وكان بعضُ أهل العربيّة من أهل الكوفة يقول: " أنْ" في قوله: ( فلما أن جاء البشير ) وسقوطُها، بمعنى واحدٍ ، وكان يقول هذا في: " لما " و " حتى " خاصّة ، ويذكر أن العرب تدخلها فيهما أحيانًا وتسقطها أحيانًا ، كما قال جل ثناؤه: وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا [سورة العنكبوت:33] ، وقال في موضع آخر: وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا [سورة هود:77] ، وقال:هي صلة، (3) لا موضع لها في هذين الموضعين. يقال: " حتى كان كذا وكذا " ، أو " حتى أن كان كذا وكذا " .
* * *
وقوله: ( ألقاه على وجهه ) ، يقول: ألقى البشير قميص يوسف على وجه يعقوب، كما:-
19869- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: فلما أن جاء البشير ألقى القميص على وجهه.
* * *
وقوله: ( فارتد بصيرًا ) ، يقول:رجع وعادَ مبصرًا بعينيه، (4) بعد ما قد عمي ، ( قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون ) ، يقول جل وعز وجل: قال يعقوب لمن كان بحضرته حينئذ من ولده:ألم أقل لكم يا بني إني أعلم من الله أنه سيردّ عليَّ يوسف ، ويجمع بيني وبينه ، وكنتم لا تعلمون أنتم من ذلك ما كنت أعلمه ، لأن رؤيا يوسف كانت صادقة ، وكان الله قد قضى أن أخِرَّ أنا وأنتم له سجودًا ، فكنت مُوقنًا بقضائه .
----------------------
الهوامش:
(1) في المطبوعة:"برده إليه"، وأثبت ما في المخطوطة، وكلاهما صواب. يقال:"برد بريدًا، وأبرده" ، أي: أرسله.
(2) هذه قراءة لا يقرأ بها كما سلف مرارًا لمخالفتها ما في المصحف ، ولكن هذه فيها إشكال ، فلو صح أنها :" وجاء البشير" ، لوجب أن تكون القراءة بعدها :" فألقاه" بالفاء . وإلا وجب أن تكون القراءة :" فَلَمَّا أَنْ جَاءَ البشِيرُ مِنْ بَيْنِ يَدَي العِيرِ } .
(3) قوله :" صلة"، أي زيادة ، وانظر ما سلف : 1 : 190 ، 405 ، 406 ، 548 . 4 : 289 / 5 : 460 ، 462 / 7 : 340 ، 341 / 12 : 325 ، 326 / 13 : 508 / 14 : 30 / 15 : 497 .
(4) انظر تفسير" ارتد" فيما سلف 3 : 163 / 4 : 316 / 10 : 170 ، 409 ، 410 .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 62 | ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ |
---|
يوسف: 86 | ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ |
---|
يوسف: 96 | ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فأقروا بذنبهم ونجعوا بذلك و{ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} حيث فعلنا معك ما فعلنا.
وهنا قال الأبناء لأبيهم في تذلل واستعطاف: يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا.
أى: تضرع إلى الله- تعالى- أن يغفر لنا ما فرط منا من ذنوب في حقك وفي حق أخوينا يوسف وبنيامين.
إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ في حقك وفي حق أخوينا، ومن شأن الكريم أن يصفح ويعفو عمن اعترف له بالخطإ.
فعند ذلك قالوا لأبيهم مترفقين له : ( يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين)
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال ولد يعقوبَ الذين كانوا فرَّقوا بينه وبين يوسف: يا أبانا سل لنا ربك يعفُ عنَّا، ويستر علينا ذنوبنا التي أذنبناها فيك وفي يوسف، فلا يعاقبنا بها في القيامة ، (إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ) ، فيما فعلنا به , فقد اعترفنا بذنوبنا .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يوسف: 11 | ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا مَالَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ﴾ |
---|
يوسف: 17 | ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبۡنَا نَسۡتَبِقُ وَتَرَكۡنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَٰعِنَا﴾ |
---|
يوسف: 63 | ﴿فَلَمَّا رَجَعُوٓاْ إِلَىٰٓ أَبِيهِمۡ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلۡكَيۡلُ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَآ أَخَانَا نَكۡتَلۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾ |
---|
يوسف: 65 | ﴿بِضَٰعَتَهُمۡ رُدَّتۡ إِلَيۡهِمۡۖ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبۡغِيۖ هَٰذِهِۦ بِضَٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَيۡنَاۖ﴾ |
---|
يوسف: 97 | ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا ٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَٰطِِٔينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فـ{ قَالَ} مجيبا لطلبتهم، ومسرعا لإجابتهم:{ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} أي:ورجائي به أن يغفر لكم ويرحمكم، ويتغمدكم برحمته، وقد قيل:إنه أخر الاستغفار لهم إلى وقت السحر الفاضل، ليكون أتمَّ للاستغفار، وأقرب للإجابة.
فكان رد أبيهم عليهم أن قال لهم سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي أى: سوف أتضرع إلى ربي لكي يغفر لكم ذنوبكم.
إِنَّهُ- سبحانه- هُوَ الْغَفُورُ أى الكثير المغفرة الرَّحِيمُ أى: الكثير الرحمة لمن شاء أن يغفر له ويرحمه من عباده.
وهكذا صورت لنا السورة الكريمة ما دار بين يوسف وإخوته، وبين يعقوب وبنيه في هذا اللقاء المثير الحافل بالمفاجآت والبشارات.
ولكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، فقد كانت هناك مفاجآت وبشارات أخرى تحققت معها رؤيا يوسف وهو صغير، كما تحقق معها تأويل يعقوب لها فقد هاجر يعقوب ببنيه وأهله إلى مصر للقاء ابنه يوسف، وهناك اجتمع شملهم واستمع إلى القرآن الكريم وهو يحكى ذلك في نهاية القصة فيقول:
أي : من تاب إليه تاب عليه .
قال ابن مسعود ، وإبراهيم التيمي ، وعمرو بن قيس ، وابن جريج وغيرهم : أرجأهم إلى وقت السحر .
وقال ابن جرير : حدثني أبو السائب ، حدثنا ابن إدريس ، سمعت عبد الرحمن بن إسحاق يذكر عن محارب بن دثار قال : كان عمر ، رضي الله عنه ، يأتي المسجد فيسمع إنسانا يقول : " اللهم دعوتني فأجبت ، وأمرتني فأطعت ، وهذا السحر فاغفر لي " . قال : فاستمع الصوت فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود . فسأل عبد الله عن ذلك فقال : إن يعقوب أخر بنيه إلى السحر بقوله : ( سوف أستغفر لكم ربي )
وقد ورد في الحديث أن ذلك كان ليلة جمعة ، كما قال ابن جرير : أيضا : حدثني المثنى ، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب الدمشقي ، حدثنا الوليد ، أنبأنا ابن جريج ، عن عطاء وعكرمة ، عن ابن عباس ، عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( سوف أستغفر لكم ربي ) يقول : حتى تأتي ليلة الجمعة ، وهو قول أخي يعقوب لبنيه .
وهذا غريب من هذا الوجه ، وفي رفعه نظر ، والله أعلم .
( قال سوف أستغفر لكم ربي ) ، يقول جل ثناؤه: قال يعقوب: سوف أسأل ربي أن يعفو عنكم ذنوبكم التي أذنبتموها فيّ وفى يوسف.
* * *
ثم اختلف أهل العلم، (5) في الوقت الذي أخَّر الدعاء إليه يعقوبُ لولده بالاستغفار لهم من ذنبهم.
فقال بعضهم: أخَّر ذلك إلى السَّحَر .
* ذكر من قال ذلك:
19870 - حدثني أبو السائب , قال: حدثنا ابن إدريس , قال: سمعت عبد الرحمن بن إسحاق , يذكر , عن محارب بن دثار , قال: كان عمٌّ لي يأتي المسجدَ , فسمع إنسانًا يقول ": اللهم دعوتني فأجبت وأمرتني فأطعت , وهذا سَحَرٌ , فاغفر لي" قال: فاستمع الصوت فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود. فسأل عبد الله عن ذلك , فقال: إن يعقوب أخَّر بنيه إلى السحر بقوله: ( سوف أستغفر لكم ربي). (6)
19871 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا ابن فضيل , عن عبد الرحمن بن إسحاق , عن محارب بن دثار , عن عبد الله بن مسعود: ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، قال: أخَّرهم إلى السَّحر.
19872 - .... قال: حدثنا أبو سفيان الحميري , عن العوام , عن إبراهيم التيميّ في قول يعقوب لبنيه: ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، قال: أخّرهم إلى السحر. (7)
19873 - .... قال: حدثنا عمرو , عن خلاد الصفار , عن عمرو بن قيس: ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، قال: في صلاة الليل.
19874 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج: ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، قال: أخَّر ذلك إلى السَّحر.
* * *
وقال آخرون: أخَّر ذلك إلى ليلة الجمعة .
* ذكر من قال ذلك:
19875 - حدثني المثنى , قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب الدمشقي , قال: حدثنا الوليد , قال: أخبرنا ابن جريج , عن عطاء وعكرمة , عن ابن عباس , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة . وهو قول , أخي يعقوب لبنيه. (8)
19876 - حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي , قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي , قال: حدثنا الوليد بن مسلم , قال: أخبرنا ابن جريج , عن عطاء وعكرمة مولى ابن عباس , عن ابن عباس , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد قال أخي يعقوب: ( سوف أستغفر لكم ربي ) , يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة. (9)
* * *
وقوله: ( إنه هو الغفور الرحيم ) ، يقول: إن ربي هو الساتر على ذنوب التائبين إليه من ذنوبهم ، " الرحيم "، بهم أن يعذبهم بعد توبتهم منها .
* * *
----------------------
الهوامش:
(5) في المطبوعة :" أهل التأويل" ، وأثبت ما في المخطوطة .
(6) الأثر : 19870 -" عبد الرحمن بن إسحاق بن سعد الواسطي" ،" أبو شيبة" ، قال أحمد : ليس بشيء ، منكر الحديث ، وضعفه الباقون . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 213 .
و" محارب بن دثار السدوسي" ،" أبو مطرف" ، ثقة ، مضى برقم : 11331 .
(7) الأثر: 19872 -"أبو سفيان الحميري"، هو"سعيد بن يحيى بن مهدي" صدوق، مضى برقم: 12193 .
(8) الأثر: 19875 -"سليمان بن عبد الرحمن التميمي" ،"أبو أيوب الدمشقي" ، ثقة، ولكنه حدث بالمناكير، متكلم في روايته عن غير الثقات، مضى برقم: 14212 .
و"الوليد بن مسلم الدمشقي القرشي" ، ثقة ، روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها: 13461 .
وسائر رجال الخبر ثقات ، وقد ذكره ابن كثير في تفسيره 4 : 477 ، ثم قال:"وهذا غريب من هذا الوجه، وفي رفعه نظر، والله أعلم".
وهذا الحديث ، من حديث الوليد بن مسلم ، رواه الترمذي من طريق أحمد بن الحسن، عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، في باب (أحاديث شتى من أبواب الدعوات) ، وهو حديث طويل جدًا ، وقال الترمذي:"هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم".
ورواه الحاكم في المستدرك 1 : 316 . من هذه الطريق نفسها ثم قال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وقد علق الذهبي فقال:" هذا حديث منكر شاذ ، أخاف لا يكون موضوعًا ، وقد حيرني والله جودة سنده، فإن الحاكم قال فيه: حدثنا أبو النضر محمد بن محمد الفقيه، وأحمد بن محمد العنزي قالا حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي (ح) وحدثني أبو بكر بن محمد بن جعفر المزكي، حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي ، قالا حدثنا أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، فذكره مصرحًا بقوله:"حدثنا ابن جريج" ، فقد حدث به سليمان قطعًا وهو ثبت، فالله أعلم".
وهذا الإشكال الذي حير الذهبي، ربما فسره ما قال يعقوب بن سفيان، في سليمان بن عبد الرحمن:"كان صحيح الكتاب ، إلا أنه كان يحول، فإن وقع فيه شيء فمن النقل، وسليمان ثقة". فإن صح هذا فربما كان هذا الحديث مما وهم في تحويله ، لأن أسانيد هذا الخبر تدور كلها على"سليمان بن عبد الرحمن"، ولم نجد أحدًا رواه عن الوليد بن مسلم: غير سليمان . والله أعلم.
وسيأتي بإسناد آخر يليه.
(9) الأثر: 19876 - هذا مكرر الذي سلف.
و"أحمد بن الحسن الترمذي" ، شيخ الطبري، كان أحد أوعية الحديث، مضى برقم : 7489 ، 14212 .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:{ فَلَمَّا} تجهز يعقوب وأولاده وأهلهم أجمعون، وارتحلوا من بلادهم قاصدين الوصول إلى يوسف في مصر وسكناها، فلما وصلوا إليه، و{ دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ} أي:ضمهما إليه، واختصهما بقربه، وأبدى لهما من البر والإكراموالتبجيل والإعظام شيئا عظيما،{ وَقَالَ} لجميع أهله:{ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} من جميع المكاره والمخاوف، فدخلوا في هذه الحال السارة، وزال عنهم النصب ونكد المعيشة، وحصل السرور والبهجة.
وقوله- سبحانه- فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ ... معطوف على كلام محذوف والتقدير:
استجاب إخوة يوسف لقوله لهم: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ فأتوا بأهلهم أجمعين، حيث رحلوا جميعا من بلادهم إلى مصر ومعهم أبوهم، فلما وصلوا إليها ودخلوا على يوسف، ضم إليه أبويه وعانقهما عناقا حارا.
وقال للجميع ادْخُلُوا بلاد مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ من الجوع والخوف.
وقد ذكر المفسرون هنا كلاما يدل على أن يوسف- عليه السلام- وحاشيته ووجهاء مصر، عند ما بلغهم قدوم يعقوب بأسرته إلى مصر، خرجوا جميعا لاستقبالهم كما ذكروا أن المراد بأبويه: أبوه وخالته، لأن أمه ماتت وهو صغير.
إلا أن ابن كثير قال: «قال محمد بن إسحاق وابن جرير: كان أبوه وأمه يعيشان، وأنه لم يقم دليل على موت أمه، وظاهر القرآن يدل على حياتها» ...
ثم قال: «وهذا الذي ذكره ابن جرير، هو الذي يدل عليه السياق» .
والمراد بدخول مصر: الاستقرار بها، والسكن في ربوعها.
قالوا: وكان عدد أفراد أسرة يعقوب الذين حضروا معه ليقيموا في مصر ما بين الثمانين والتسعين.
يخبر تعالى عن ورود يعقوب ، عليه السلام ، على يوسف - عليه السلام - وقدومه بلاد مصر ، لما كان يوسف قد تقدم إلى إخوته أن يأتوه بأهلهم أجمعين ، فتحملوا عن آخرهم وترحلوا من بلاد كنعان قاصدين بلاد مصر ، فلما أخبر يوسف ، عليه السلام ، باقترابهم خرج لتلقيهم ، وأمر [ الملك ] أمراءه وأكابر الناس بالخروج [ مع يوسف ] لتلقي نبي الله يعقوب ، عليه السلام ، ويقال : إن الملك خرج أيضا لتلقيه ، وهو الأشبه .
وقد أشكل قوله : ( آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر ) على كثير من المفسرين ، فقال بعضهم : هذا من المقدم والمؤخر ، ومعنى الكلام : ( وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) وآوى إليه أبويه ، ورفعهما على العرش .
وقد رد ابن جرير هذا . وأجاد في ذلك . ثم اختار ما حكاه عن السدي : أن يوسف آوى إليه أبويه لما تلقاهما ، ثم لما وصلوا باب البلد قال : ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين )
وفي هذا نظر أيضا; لأن الإيواء إنما يكون في المنزل ، كقوله : ( آوى إليه أخاه ) وفي الحديث : " من آوى محدثا " وما المانع أن يكون قال لهم بعدما دخلوا عليه وآواهم إليه : ( ادخلوا مصر ) وضمنه : اسكنوا مصر ( إن شاء الله آمنين ) أي : مما كنتم فيه من الجهد والقحط ، ويقال ، والله أعلم : إن الله تعالى رفع عن أهل مصر بقية السنين المجدبة ببركة قدوم يعقوب عليهم ، كما رفع بقية السنين التي دعا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل مكة حين قال : " اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف " ، ثم لما تضرعوا إليه واستشفعوا لديه ، وأرسلوا أبا سفيان في ذلك ، فدعا لهم ، فرفع عنهم بقية ذلك ببركة دعائه ، عليه السلام .
وقوله : ( آوى إليه أبويه ) قال السدي ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إنما كان أباه وخالته ، وكانت أمه قد ماتت قديما .
وقال محمد بن إسحاق وابن جرير : كان أبوه وأمه يعيشان .
قال ابن جرير : ولم يقم دليل على موت أمه ، وظاهر القرآن يدل على حياتها . وهذا الذي نصره هو المنصور الذي يدل عليه السياق .
القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99)
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: فلما دخل يعقوب وولده وأهلوهم على يوسف ، (آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) ، يقول: ضم إليه أبويه (10) فقال لهم: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) .
* * *
فإن قال قائل: وكيف قال لهم يوسف: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) ، بعد ما دخلوها , وقد أخبر الله عز وجل عنهم أنهم لما دخلوها على يوسف وضَمّ إليه أبويه، قال لهم هذا القول؟
قيل: قد اختلف أهل التأويل في ذلك.
فقال بعضهم: إن يعقوب إنما دخل على يوسف هو وولده , وآوى يوسف أبويه إليه قبل دخول مصر. قالوا: وذلك أن يوسف تلقَّى أباه تكرمةً له قبل أن يدخل مصر , فآواه إليه , ثم قال له ولمن معه: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) ، بها قبل الدخول .
* ذكر من قال ذلك:
19877 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: فحملوا إليه أهلهم وعيالهم , فلما بلغوا مصر، كلَّم يوسف الملك الذي فوقه , فخرج هو والملوك يتلقَّونهم , فلما بلغوا مصر قال: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) ، (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ).
19878 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا جعفر بن سليمان , عن فرقد السبخي , قال: لما ألقي القميص على وجهه ارتد بصيرًا , وقال: ( أتوني بأهلكم أجمعين )، فحمل يعقوب وإخوة يوسف، فلما دنا أخبر يوسف أنه قد دنا منه , فخرج يتلقاه. قال: وركب معه أهلُ مصر , وكانوا يعظمونه. فلما دنا أحدهما من صاحبه , وكان يعقوب يمشي وهو يتوكأ على رجل من ولده يقال له يهوذا. قال: فنظر يعقوب إلى الخيل والناس , فقال: يا يهوذا، هذا فرعون مصر؟ قال: لا هذا ابنك! قال: فلما دنا كل واحد منهما من صاحبه , فذهب يوسف يبدؤه بالسلام , فمنع من ذلك , وكان يعقوب أحقّ بذلك منه وأفضل , فقال: السلام عليك يا ذاهب الأحزان عني ، هكذا قال: " يا ذاهب الأحزان عني". (11)
19879 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: قال حجاج: بلغني أن يوسف والملك خرجا في أربعة آلاف يستقبلون يعقوب وبنيه.
، قال: وحدثني من سمع جعفر بن سليمان يحكي , عن فرقد السبخي , قال: خرج يوسف يتلقى يعقوب، وركب أهل مصر مع يوسف ، ثم ذكر بقية الحديث , نحو حديث الحارث , عن عبد العزيز.
* * *
وقال آخرون: بل قوله: ( إن شاء الله ) ، استثناءٌ من قول يعقوب لبنيه: أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي . قال: وهو من المؤخر الذي معناه التقديم. قالوا: وإنما معنى الكلام: قال: أستغفر لكم ربي إن شاء الله إنه هو الغفور الرحيم . فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه، وقال ادخلوا مصر، ورفع أبويه .
* ذكر من قال ذلك:
19880 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج: قال سوف أستغفر لكم ربي إن شاء الله آمنين ، وبَيْن ذلك ما بينه من تقديم القرآن.
* * *
قال أبو جعفر: يعني ابن جريج: " وبين ذلك ما بينه من تقديم القرآن " ، أنه قد دخل بين قوله: ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، وبين قوله: ( إن شاء الله ) ، من الكلام ما قد دخل، وموضعه عنده أن يكون عَقِيب قوله: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي .
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله السدي, وهو أن يوسف قال ذلك لأبويه ومن معهما من أولادهما وأهاليهم قبل دخولهم مصر حين تلقَّاهم، لأن ذلك في ظاهر التنـزيل كذلك , فلا دلالة تدل على صحة ما قال ابن جريج , ولا وجه لتقديم شيء من كتاب الله عن موضعه أو تأخيره عن مكانه إلا بحجّة واضحةٍ .
* * *
وقيل: عُنِي بقوله: ( آوى إليه أبويه ) : ، أبوه وخالتُه. وقال الذين قالوا هذا القول: كانت أم يوسف قد ماتت قبلُ، وإنما كانت عند يعقوب يومئذ خالتُه أخت أمه , كان نكحها بعد أمِّه.
* ذكر من قال ذلك:
19881 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: ( فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه ) ، قال: أبوه وخالته.
* * *
وقال آخرون: بل كان أباه وأمه .
* ذكر من قال ذلك:
19882 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق: ( فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه ) ، قال: أباه وأمه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب ما قاله ابن إسحاق ; لأن ذلك هو الأغلب في استعمال الناس والمتعارف بينهم في" أبوين " , إلا أن يصح ما يقال من أنّ أم يوسف كانت قد ماتت قبل ذلك بحُجة يجب التسليم لها , فيسلّم حينئذ لها.
* * *
وقوله: ( وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) ، مما كنتم فيه في باديتكم من الجدب والقحط.
* * *
----------------------
الهوامش:
(10) انظر تفسير" الإيواء" فيما سلف ص : 169 ، تعليق : 1 ،" والمراجع هناك .
(11) يعني أنه قال ذلك معديًا" ذهب" من قولهم" ذهب به ، وأذهبه" ، أي : أزاله كأنه قال : يا مذهب الأحزان عني . وهذا غريب ، يقيد لغرابته ، وانظر إلى دقة الرواية عندنا ، حتى في مثل هذه الأخبار ، ولكن أهل الزيغ يريدون أن يعبثوا بهذه الدلائل الواضحة ، ليقع الناس في الشك في أخبار نبيهم ، وفي رواية رواتهم ، والله من ورائهم محيط .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يوسف: 69 | ﴿وَ لَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ﴾ |
---|
يوسف: 99 | ﴿فَـ لَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} أي:على سرير الملك، ومجلس العزيز،{ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} أي:أبوه، وأمه وإخوته، سجودا على وجه التعظيم والتبجيل والإكرام،{ وَقَالَ} لما رأى هذه الحال، ورأى سجودهم له:{ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} حين رأي أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فهذا وقوعها الذي آلت إليه ووصلت{ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} فلم يجعلها أضغاث أحلام.
{ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} إحسانا جسيما{ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} وهذا من لطفه وحسن خطابه عليه السلام، حيث ذكر حاله في السجن، ولم يذكر حاله في الجب، لتمام عفوه عن إخوته، وأنه لا يذكر ذلك الذنب، وأن إتيانكم من البادية من إحسان الله إلي.
فلم يقل:جاء بكم من الجوع والنصب، ولا قال:"أحسن بكم"بل قال{ أَحْسَنَ بِي} جعل الإحسان عائدا إليه، فتبارك من يختص برحمته من يشاء من عباده، ويهب لهم من لدنه رحمة إنه هو الوهاب.{ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} فلم يقل "نزغ الشيطان إخوتي"بل كأن الذنب والجهل، صدر من الطرفين، فالحمد لله الذي أخزى الشيطان ودحره، وجمعنا بعد تلك الفرقة الشاقة.
{ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها،{ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ} الذي يعلم ظواهر الأمور وبواطنها، وسرائر العباد وضمائرهم،{ الْحَكِيمُ} في وضعه الأشياء مواضعها، وسوقه الأمور إلى أوقاتها المقدرة لها.
والمراد بالعرش في قوله وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ السرير الذي يجلس عليه.
أى: وأجلس يوسف أبويه معه على السرير الذي يجلس عليه، تكريما لهما، وإعلاء من شأنهما.
وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً أى: وخر يعقوب وأسرته ساجدين من أجل يوسف، وكان ذلك جائزا في شريعتهم على أنه لون من التحية، وليس المقصود به السجود الشرعي لأنه لا يكون إلا لله- تعالى-.
«وقال» يوسف متحدثا بنعمة الله يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا....
أى: وقال يوسف لأبيه: هذا السجود الذي سجدتموه لي الآن، هو تفسير رؤياي التي رأيتها في صغرى. فقد جعل ربي هذه الرؤيا حقا، وأرانى تأويلها وتفسيرها بعد أن مضى عليها الزمن الطويل.
قالوا: وكان بين الرؤيا وبين ظهور تأويلها أربعون سنة.
والمراد بهذه الرؤيا ما أشار إليه القرآن في مطلع هذه السورة في قوله يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ.
ثم قال يوسف لأبيه أيضا: وَقَدْ أَحْسَنَ بِي ربي- عز وجل- إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ بعد أن مكثت بين جدرانه بضع سنين.
وعدى فعل الإحسان بالباء مع أن الأصل فيه أن يتعدى بإلى، لتضمنه معنى اللطف ولم يذكر نعمة إخراجه من الجب، حتى لا يجرح شعور إخوته الذين سبق أن قال لهم:
لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ.
وقوله وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ معطوف على ما قبله تعدادا لنعم الله- تعالى- أى: وقد أحسن بي ربي حيث أخرجنى من السجن، وأحسن بي أيضا حيث يسر لكم أموركم، وجمعنى بكم في مصر، بعد أن كنتم مقيمين في البادية في أرض كنعان بفلسطين.
وقوله مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي أى جمعنى بكم من بعد أن أفسد الشيطان بيني وبين إخوتى، حيث حملهم على أن يلقوا بي في الجب.
وأصل نَزَغَ من النزغ بمعنى النخس والدفع. يقال: نزغ الراكب دابته إذا نخسها ودفعها لتسرع في سيرها.
وأسند النزغ إلى الشيطان، لأنه هو الموسوس به، والدافع إليه، ولأن في ذلك سترا على إخوته وتأدبا معهم.
وقوله إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ تذييل قصد به الثناء على الله- تعالى- بما هو أهله.
أى: إن ربي وخالقي، لطيف التدبير لما يشاء تدبيره من أمور عباده، رفيق بهم في جميع شئونهم من حيث لا يعلمون.
إنه- سبحانه- هو العليم بأحوال خلقه علما تاما، الحكيم في جميع أقواله وأفعاله.
وقوله : ( ورفع أبويه على العرش ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : يعني السرير ، أي : أجلسهما معه على سريره .
( وخروا له سجدا ) أي : سجد له أبواه وإخوته الباقون ، وكانوا أحد عشر رجلا ( وقال ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل ) أي : التي كان قصها على أبيه ( إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ) [ يوسف : 4 ]
وقد كان هذا سائغا في شرائعهم إذا سلموا على الكبير يسجدون له ، ولم يزل هذا جائزا من لدن آدم إلى شريعة عيسى - عليه السلام - فحرم هذا في هذه الملة ، وجعل السجود مختصا بجناب الرب سبحانه وتعالى .
هذا مضمون قول قتادة وغيره .
وفي الحديث أن معاذا قدم الشام ، فوجدهم يسجدون لأساقفتهم ، فلما رجع سجد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ما هذا يا معاذ ؟ " فقال : إني رأيتهم يسجدون لأساقفتهم ، وأنت أحق أن يسجد لك يا رسول الله . فقال : " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد ، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها "
وفي حديث آخر : أن سلمان لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض طرق المدينة ، وكان سلمان حديث عهد بالإسلام ، فسجد للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " لا تسجد لي يا سلمان ، واسجد للحي الذي لا يموت " .
والغرض أن هذا كان جائزا في شريعتهم; ولهذا خروا له سجدا ، فعندها قال يوسف : ( ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ) أي : هذا ما آل إليه الأمر ، فإن التأويل يطلق على ما يصير إليه الأمر ، كما قال تعالى : ( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله ) [ الأعراف : 53 ] أي : يوم القيامة يأتيهم ما وعدوا من خير وشر .
وقوله : ( قد جعلها ربي حقا ) أي : صحيحة صدقا ، يذكر نعم الله عليه ( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ) أي : البادية .
قال ابن جريج وغيره : كانوا أهل بادية وماشية . وقال : كانوا يسكنون بالعربات من أرض فلسطين ، من غور الشام . قال : وبعض يقول : كانوا بالأولاج من ناحية شعب أسفل من حسمى ، وكانوا أصحاب بادية وشاء وإبل .
( من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ) [ ثم قال ] ( إن ربي لطيف لما يشاء ) أي : إذا أراد أمرا قيض له أسبابا ويسره وقدره ، ( إنه هو العليم ) بمصالح عباده ) الحكيم ) في أفعاله وأقواله ، وقضائه وقدره ، وما يختاره ويريده .
قال أبو عثمان النهدي ، عن سليمان كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة .
قال عبد الله بن شداد : وإليها ينتهي أقصى الرؤيا . رواه ابن جرير .
وقال أيضا : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا هشام ، عن الحسن قال : كان منذ فارق يوسف يعقوب إلى أن التقيا ، ثمانون سنة ، لم يفارق فيها الحزن قلبه ، ودموعه تجري على خديه ، وما على وجه الأرض عبد أحب إلى الله من يعقوب .
وقال هشيم ، عن يونس ، عن الحسن : ثلاث وثمانون سنة .
وقال مبارك بن فضالة ، عن الحسن : ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة ، فغاب عن أبيه ثمانين سنة ، وعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة ، فمات وله عشرون ومائة سنة .
وقال قتادة : كان بينهما خمس وثلاثون سنة .
وقال محمد بن إسحاق : ذكر - والله أعلم - أن غيبة يوسف عن يعقوب كانت ثماني عشرة سنة ، قال : وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها ، وأن يعقوب - عليه السلام - بقي مع يوسف بعد أن قدم عليه مصر سبع عشرة سنة ، ثم قبضه الله إليه .
وقال أبو إسحاق السبيعي ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : دخل بنو إسرائيل مصر ، وهم ثلاثة وستون إنسانا ، وخرجوا منها وهم ستمائة ألف وسبعون ألفا .
وقال أبو إسحاق ، عن مسروق : دخلوا وهم ثلاثمائة وتسعون من بين رجل وامرأة . والله أعلم .
وقال موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن عبد الله بن شداد : اجتمع آل يعقوب إلى يوسف بمصر . وهم ستة وثمانون إنسانا ، صغيرهم وكبيرهم ، وذكرهم وأنثاهم ، وخرجوا منها وهم ستمائة ألف ونيف .
وقوله: ( ورفع أبويه على العرش ) ، يعني: على السرير، كما: -
19883 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال: السرير.
19884 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي , عن جويبر , عن الضحاك , قال: " العرش "، السرير.
19885 - .... قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قوله: ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال: السرير.
19886 - حدثنا محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .
19887 - حدثني المثنى , قال: أخبرنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ،
19888 - وحدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد مثله .
19889 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , مثله .
19890 - حدثني المثنى , قال: أخبرنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد ،
19891 - وحدثني المثنى , قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله.
19892 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , مثله .
19893 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال: سريره.
19894 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: ( على العرش ) ، قال: على السرير.
19895 - حدثني محمد بن سعد , قال: حدثني أبي , قال: حدثني عمي , قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس: ( ورفع أبويه على العرش ) ، يقول: رفع أبويه على السرير.
19896 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال: حدثنا أبو أحمد , قال: قال سفيان: ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال: على السرير.
19897 - حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد , في قوله: ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال: مجلسه.
19898 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي , قال:حدثنا عمرو بن أبي سلمة , قال: سألت زيد بن أسلم , عن قول الله تعالى: ( ورفع أبويه على العرش ) ، فقلت: أبلغك أنها خالته؟ قال: قال ذلك بعض أهل العلم , يقولون: إن أمّه ماتت قبل ذلك، وإن هذه خالته.
* * *
وقوله: ( وخرّوا له سجدًا ) ، يقول: وخرّ يعقوب وولده وأمّه ليوسف سجّدًا.
* * *
19899 - حدثني محمد بن سعد , قال: حدثني أبي , قال: حدثني عمي , قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس: ( وخرُّوا له سجدًا ) ، يقول: رفع أبويه على السرير , وسجدا له , وسجد له إخوته.
19900 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: تحمّل ، يعني يعقوب ، بأهله حتى قدموا على يوسف، فلما اجتمع إلى يعقوب بنوه، دخلوا على يوسف، فلما رأوه وقعوا له سجودًا، وكانت تلك تحية الملوك في ذلك الزمان ، أبوه وأمه وإخوته.
19901 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة: ( وخروا له سجّدًا ) وكانت تحية من قبلكم , كان بها يحيِّي بعضهم بعضًا , فأعطى الله هذه الأمة السلام، تحية أهل الجنة، كرامةً من الله تبارك وتعالى عجّلها لهم، ونعمة منه.
19902 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: ( وخروا له سجدًا ) ، قال: وكانت تحية الناس يومئذ أن يسجد بعضهم لبعض.
19903 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال: حدثنا أبو إسحاق , قال: قال سفيان: ( وخرّوا له سجدًا ) ، قال: كانت تحيةً فيهم.
19904 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج: ( وخروا له سجدًا ) ، أبواه وإخوته، كانت تلك تحيّتهم، كما تصنع ناسٌ اليومَ.
19905 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا المحاربي , عن جويبر , عن الضحاك: ( وخروا له سجدًا ) قال: تحيةٌ بينهم.
19906 - حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد في قوله: ( وخرُّوا له سجدًا ) ، قال: قال: ذلك السجود لشرَفه , كما سجدت الملائكة لآدم لشرفه، ليس بسجود عبادةٍ.
* * *
وإنما عنى من ذكر بقوله: " إن السجود كان تحية بينهم "، أن ذلك كان منهم على الخُلُق، لا على وجه العبادة من بعضهم لبعض. ومما يدل على أن ذلك لم يزل من أخلاق الناس قديمًا قبل الإسلام على غير وجه العبادة من بعضهم لبعض، قول أعشى بني ثعلبة:
فَلَمَّـــا أَتَانَـــا بُعَيْــدَ الكَــرَى
سَــجَدْنَا لَــهُ وَرَفَعْنَــا عَمَــارَا (12)
* * *
وقوله: ( يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقًّا ) ، يقول جل ثناؤه: قال يوسف لأبيه: يا أبت، هذا السجود الذي سجدتَ أنت وأمّي وإخوتي لي ( ، تأويل رؤياي من قبل ) ، يقول: ما آلت إليه رؤياي التي كنت رأيتها، (13) وهي رؤياه التي كان رآها قبل صنيع إخوته به ما صنعوا: أنَّ أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر له ساجدون ، ( قد جعلها ربي حقًّا ) ، يقول: قد حقّقها ربي، لمجيء تأويلها على الصحَّة.
* * *
وقد اختلف أهل العلم في قدر المدة التي كانت بين رؤيا يوسف وبين تأويلها.
فقال بعضهم: كانت مدّةُ ذلك أربعين سنة .
* ذكر من قال ذلك:
19907 - حدثني محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا المعتمر , عن أبيه , قال: حدثنا أبو عثمان , عن سلمان الفارسي , قال: كان بين رؤيا يوسف إلى أن رأى تأويلها أربعون سنة.
19908 - حدثني يعقوب بن برهان ويعقوب بن إبراهيم , قالا حدثنا ابن علية قال: حدثنا سليمان التيمي , عن أبي عثمان النهدي , قال: قال عثمان: كانت بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويله. قال: فذكر أربعين سنة. (14)
19909 - حدثنا ابن وكيع , قال:حدثنا ابن علية , عن التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , قال: كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة.
19910 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو نعيم , قال: حدثنا سفيان , عن أبي سنان , عن عبد الله بن شداد , قال: رأى تأويل رؤياه بعد أربعين عامًا.
19911 - .... قال: حدثنا سفيان , عن سليمان التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , مثله .
19912 - حدثني أبو السائب , قال: حدثنا ابن فضيل , عن ضرار , عن عبد الله بن شداد أنه سمع قومًا يتنازعون في رؤيا رآها بعضهم وهو يصلي , فلما انصرف سألهم عنها , فكتموه، فقال: أما إنه جاء تأويل رؤيا يوسف بعد أربعين عامًا.
19913 - حدثنا أبو كريب , قال، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا أبي ، عن إسرائيل , عن ضرار بن مرة أبي سنان , عن عبد الله بن شداد , قال: كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة.
19914 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا ابن فضيل وجرير , عن أبي سنان , قال: سمع عبد الله بن شداد قومًا يتنازعون في رؤيا ، , فذكر نحو حديث أبي السائب , عن ابن فضيل .
19915 - حدثنا أحمد , قال: حدثنا أبو أحمد , قال: حدثنا سفيان , عن سليمان التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , قال: رأى تأويل رؤياه بعد أربعين عامًا.
19916 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: أخبرنا ابن عيينة , عن أبي سنان , عن عبد الله بن شداد , قال: وقعت رؤيا يوسف بعد أربعين سنة , وإليها ينتهي أقصى الرؤيا. (15)
19917 - .... قال: حدثنا معاذ بن معاذ , قال: حدثنا سليمان التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , قال: كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة.
19918 - .... قال، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء , عن سليمان التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , قال: كان بين رؤيا يوسف وبين عبارتها أربعون سنة.
19919 - .... قال، حدثنا سعيد بن سليمان , قال: حدثنا هشيم , عن سليمان التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , قال: كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة.
19920 - .... قال، حدثنا سعيد بن سليمان , قال: حدثنا هشيم , عن سليمان التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , قال: كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة.
19921 - .... قال، حدثنا عمرو بن محمد العنقزي , قال: حدثنا إسرائيل , عن أبي سنان , عن عبد الله بن شداد , قال: كان بين رؤيا يوسف وبين تعبيرها أربعون سنة.
* * *
وقال آخرون: كانت مدة ذلك ثمانين سنة .
* ذكر من قال ذلك:
19922 - حدثنا عمرو بن علي , قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي , قال: حدثنا هشام , عن الحسن , قال: كان منذ فارق يوسف يعقوب إلى أن التقيا، ثمانون سنة، لم يفارق الحزن قلبه , ودموعه تجري على خديه , وما على وجه الأرض يومئذ عبدٌ أحبَّ إلى الله من يعقوب.
19923 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن أبي جعفر جسر بن فرقد , قال: كان بين أن فقد يعقوب يوسف إلى يوم رد عليه ثمانون سنة. (16)
19924 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا حسن بن علي , عن فضيل بن عياض , قال: سمعت أنه كان بين فراق يوسف حجر يعقوب إلى أن التقيا، ثمانون سنة.
19925 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا داود بن مهران , قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد , عن يونس , عن الحسن , قال: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان بين ذلك وبين لقائه يعقوب ثمانون سنة , وعاش بعد ذلك ثلاثًا وعشرين سنة , ومات وهو ابن عشرين ومائة سنة.
19926 - .... قال: حدثنا سعيد بن سليمان , قال: حدثنا هشيم , عن يونس , عن الحسن , نحوه ، غير أنه قال: ثلاث وثمانون سنة .
19927 - قال: حدثنا داود بن مهران , قال: حدثنا ابن علية , عن يونس , عن الحسن , قال: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة , وكان في العبوديّة وفي السجن وفي الملك ثمانين سنة , ثم جمع الله عز وجل شمله، وعاش بعد ذلك ثلاثًا وعشرين سنة.
19928 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا مبارك بن فضالة , عن الحسن , قال: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة، فغاب عن أبيه ثمانين سنة , ثم عاش بعدما جمع الله له شمله ورأى تأويل رؤياه ثلاثًا وعشرين سنة، فمات وهو ابن عشرين ومائة سنة.
19929 - حدثنا مجاهد , قال: حدثنا يزيد , قال: أخبرنا هشيم , عن الحسن , قال: غاب يوسف عن أبيه في الجب وفي السجن حتى التقيا ثمانين عامًا , فما جفَّت عينا يعقوب , وما على الأرض أحد أكرمَ على الله من يعقوب. (17)
* * *
وقال آخرون: كانت مدة ذلك ثمان عشرة سنة .
* ذكر من قال ذلك:
19930 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: ذكر لي، والله أعلم، أن غيبة يوسف عن يعقوب كانت ثمان عشرة سنة. قال: وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها , وأنّ يعقوب بقي مع يوسف بعد أن قدم عليه مصر سبع عشرة سنة , ثم قبضه الله إليه.
* * *
وقوله: ( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ) ، يقول جل ثناؤه، مخبرًا عن قيل يوسف: وقد أحسن الله بي في إخراجه إياي من السجن الذي كنت فيه محبوسًا , وفي مجيئه بكم من البدو . وذلك أن مسكن يعقوب وولده، فيما ذكر، كان ببادية فلسطين، كذلك: -
* * *
19931 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: كان منـزل يعقوب وولده، فيما ذكر لي بعض أهل العلم، بالعَرَبات من أرض فلسطين، ثغور الشأم. وبعضٌ يقول بالأولاج من ناحية الشِّعْب , وكان صاحب بادية، له إبلٌ وشاء.
19932 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدنا عمرو , قال: أخبرنا شيخ لنا أن يعقوب كان ببادية فلسطين.
19933 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة: ( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ) ، وكان يعقوب وبنوه بأرض كنعان، أهل مواشٍ وبرّية.
19934 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج: ( وجاء بكم من البدو ) ، قال: كانوا أهل بادية وماشية.
* * *
و " الَبْدوُ" مصدر من قول القائل : " بدا فلان ": إذا صار بالبادية،" يَبْدُو بَدْوًا ".
* * *
وذكر أن يعقوب دخل مصر هو ومن معه من أولاده وأهاليهم وأبنائهم يوم دخلوها، وهم أقلّ من مائة. وخرجوا منها يوم خرجوا منها وهم زيادة على ست مائة ألف.
* ذكر الرواية بذلك:
19935 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا زيد بن الحباب وعمرو بن محمد , عن موسى بن عبيدة , عن محمد بن كعب القرظي , عن عبد الله بن شداد , قال: اجتمع آل يعقوب إلى يوسف بمصر وهم ستة وثمانون إنسانًا , صغيرهم وكبيرهم، وذكرهم وأنثاهم. وخرجوا من مصر يوم أخرجهم فرعون وهم ست مائة ألف ونَيّف.
19936 - .... قال: حدثنا عمرو , عن إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن أبي عبيدة , عن عبد الله , قال: خرج أهل يوسف من مصر وهم ست مائة ألف وسبعون ألفًا , فقال فرعون: إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ [سورة الشعراء: 54] .
19937 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن إسرائيل والمسعودي , عن أبي إسحاق , عن أبي عبيدة , عن ابن مسعود , قال: دخل بنو إسرائيل مصر وهم ثلاث وستون إنسانًا , وخرجوا منها وهم ست مائة ألف ، قال إسرائيل في حديثه: ست مائة ألف وسبعون ألفًا.
19938 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , عن إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن مسروق , قال: دخل أهل يوسف مصر وهم ثلاث مائة وتسعون من بين رجل وامرأة.
* * *
وقوله: ( من بعد أن نـزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ) ، يعني: من بعد أن أفسد ما بيني وبينهم، وجَهِل بعضنا على بعض.
* * *
يقال منه ": نـزغ الشيطان بين فلان وفلان , يَنـزغ نـزغًا و نـزوغًا. (18)
* * *
وقوله: ( إن ربي لطيف لما يشاء ) ، يقول: إن ربي ذو لطف وصنع لما يشاء، (19) ومن لطفه وصنعه أنه أخرجني من السجن، وجاء بأهلي من البَدْوِ بعد الذي كان بيني وبينهم من بُعد الدار، وبعد ما كنت فيه من العُبُودة والرِّق والإسار، كالذي: -
19939 -حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: ( إن ربي لطيف لما يشاء ) ، لطف بيوسف وصنع له حتى أخرجه من السجن , وجاء بأهله من البدو , ونـزع من قلبه نـزغ الشيطان، وتحريشه على إخوته.
* * *
وقوله:: ( إنه هو العليم ) ، بمصالح خلقه وغير ذلك، لا يخفى عليه مبادي الأمور وعواقبها ، ( الحكيم ) ، في تدبيره.
----------------------
الهوامش:
(12) ديوان : 39 ، وهذا البيت من قصيدته في تمجيد قيس بن معد يكرب ، وكان خرج معه في بعض غاراته ، فكاد الأعشى أن يؤسر ، فاستنقذه قيس ، فذكر ذلك فقال :
فَيَــا لَيْلَــةً لِــيَ فِــي لَعْلَــعٍ
كَطَــوْفِ الغَـرِيبِ يَخَـافُ الإسَـارَا
فلمَّـــــا أَتَانــــا ............
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
و" لعلع" مكان بين الكوفة والبصرة . يذكر في البيت الأول قلقه وشدة نزاعه وحيرته ، لما تأخر قيس ، وقد كاد هو يقع في أسر العدو ، فلما جاء قيس استنقذه ومن معه ، فسجدوا له وحيوه . و" العمار" مختلف في تفسير قيل : هو العمامة أو القلنسوة ، وقيل الريحان يرفع للملك يحيا به ، وقيل : رفعنا أصواتنا بقولنا :" عمرك الله" .
وفي المطبوعة :" ورفعنا العمارا" ، واثبت ما في المخطوطة ، وهو الموافق لرواية الديوان وغيره من المراجع .
(13) انظر تفسير" التأويل" فيما سلف ص : 119 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(14) الأثر : 19908 -" يعقوب بن برهان" ، شيخ الطبري ، لم أجد له ذكرًا في شيء من دواوين الرجال .
وأنا أخشى أن يكون هو :" يعقوب بن ماهان" ، شيخ الطبري أيضًا ، روى عنه فيما سلف رقم : 4901 ، وقال :" حدثني يعقوب بن إبراهيم ، يعقوب بن ماهان ، قالا ، حدثنا هشيم ..." ، وهو شبيه بهذا الإسناد كما ترى ، وكأن الناسخ أساء القراءة ، فنقل مكان" ماهان"" برهان" .
(15) في المطبوعة :" وإليها تنتهي أيضًا الرؤيا" ، وهو كلام فارغ ، ولم يحسن قراءة المخطوطة ، لأنها غير منقوطة ، ولأن رسم" أقصى" فيها :" أنصا" .
(16) الأثر : 19923 -" جسر بن فرقد" ،" أبو جعفر القصاب" ، ليس بذاك ، مضى برقم : 16940 ، 16941 ، وكان في المطبوعة هنا" حسن بن فرقد" ، لم يحسن قراءة المخطوطة .
(17) الأثر : 19929 -" مجاهد" هذا ، هو :" مجاهد بن موسى بن فروخ الخوارزمي" ، شيخ الطبري ، مضى برقم : 510 ، 3396 .
(18) انظر تفسير" نزغ" فيما سلف 13 : 333 ، وهذا المصدر الثاني" النزوخ" ، مما لم تذكره كتب اللغة ، فيجب إثباته في مكانه منها .
(19) انظر تفسير" اللطيف" فيما سلف 12 : 22 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
لما أتم الله ليوسف ما أتم من التمكين في الأرض والملك، وأقر عينه بأبويه وإخوته، وبعد العلم العظيم الذي أعطاه الله إياه، قال مقرا بنعمة الله شاكرا لها داعيا بالثبات على الإسلام:
{ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ} وذلك أنه كان على خزائن الأرض وتدبيرها ووزيرا كبيرا للملك{ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} أي:من تأويل أحاديث الكتب المنزلة وتأويل الرؤيا وغير ذلك من العلم{ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} أي:أدم عليّ الإسلام وثبتني عليه حتى توفاني عليه، ولم يكن هذا دعاء باستعجال الموت،{ وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} من الأنبياء الأبرار والأصفياء الأخيار.
ثم ختم يوسف- عليه السلام- ثناءه على الله- تعالى- بهذا الدعاء الذي حكاه القرآن عنه في قوله: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ أى: يا رب قد أعطيتنى شيئا عظيما من الملك والسلطان بفضلك وكرمك.
وَعَلَّمْتَنِي- أيضا- شيئا كثيرا مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ أى: من تفسيرها وتعبيرها تعبيرا صادقا بتوفيقك وإحسانك.
فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى: خالقهما على غير مثال سابق، وهو منصوب على النداء بحرف مقدر أى: يا فاطر السموات والأرض.
أَنْتَ وَلِيِّي وناصري ومعينى فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.
تَوَفَّنِي عند ما يدركني أجلى على الإسلام، وأبقنى مُسْلِماً مدة حياتي.
وَأَلْحِقْنِي في قبري ويوم الحساب بِالصَّالِحِينَ من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وبهذا الدعاء الجامع الذي توجه به يوسف إلى ربه- تعالى- يختتم القرآن الكريم قصة يوسف مع أبيه ومع إخوته ومع غيرهم ممن عاشرهم والتقى بهم وهو دعاء يدل على أن يوسف- عليه السلام- لم يشغله الجاه والسلطان ولم يشغله لقاؤه عن طاعة ربه، وعن تذكر الآخرة وما فيها من حساب..
وهذا هو شأن المصطفين الأخيار الذين نسأل الله- تعالى- أن يحشرنا معهم، ويلحقنا بهم، ويوفقنا للسير على نهجهم ثم يختتم الله- تعالى- هذه السورة الكريمة بما يدل على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى- وبما يدخل التسلية على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وبما يفتح له باب الأمل في النصر على أعدائه ... فيقول:
هذا دعاء من يوسف الصديق ، دعا به ربه عز وجل ، لما تمت النعمة عليه ، باجتماعه بأبويه وإخوته ، وما من الله به عليه من النبوة والملك ، سأل ربه عز وجل ، كما أتم نعمته عليه في الدنيا أن يستمر بها عليه في الآخرة ، وأن يتوفاه مسلما حين يتوفاه . قاله الضحاك ، وأن يلحقه بالصالحين ، وهم إخوانه من النبيين والمرسلين ، صلوات الله وسلامه [ عليه و ] عليهم أجمعين .
وهذا الدعاء يحتمل أن يوسف ، عليه السلام ، قاله عند احتضاره ، كما ثبت في الصحيحين عن عائشة ، رضي الله عنها; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل يرفع أصبعه عند الموت ، ويقول : " اللهم في الرفيق الأعلى ، اللهم في الرفيق الأعلى ، اللهم في الرفيق الأعلى " .
ويحتمل أنه سأل الوفاة على الإسلام واللحاق بالصالحين إذا حان أجله ، وانقضى عمره; لا أنه سأل ذلك منجزا ، كما يقول الداعي لغيره : " أماتك الله على الإسلام " . ويقول الداعي : " اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين " .
ويحتمل أنه سأل ذلك منجزا ، وكان ذلك سائغا في ملتهم ، كما قال قتادة : قوله : ( توفني مسلما وألحقني بالصالحين ) لما جمع الله شمله وأقر عينه ، وهو يومئذ مغمور في الدنيا وملكها وغضارتها ، فاشتاق إلى الصالحين قبله ، وكان ابن عباس يقول : ما تمنى نبي قط الموت قبل يوسف ، عليه السلام .
وكذا ذكر ابن جرير والسدي عن ابن عباس : أنه أول نبي دعا بذلك . وهذا يحتمل أنه أول من سأل الوفاة على الإسلام . كما أن نوحا أول من قال : ( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا ) [ نوح : 28 ] ويحتمل أنه أول من سأل نجاز ذلك ، وهو ظاهر سياق قتادة ، ولكن هذا لا يجوز في شريعتنا .
قال الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، فإن كان لا بد متمنيا الموت فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي " .
[ ورواه البخاري ومسلم ، وعندهما : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به إما محسنا فيزداد ، وإما مسيئا فلعله يستعتب ، ولكن ليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي " ] .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا معان بن رفاعة ، حدثني علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : جلسنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا ورققنا ، فبكى سعد بن أبي وقاص فأكثر البكاء ، فقال : يا ليتني مت! فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " يا سعد أعندي تتمنى الموت ؟ " فردد ذلك [ ثلاث ] مرات ثم قال : " يا سعد ، إن كنت خلقت للجنة ، فما طال عمرك ، أو حسن من عملك ، فهو خير لك "
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو يونس - هو سليم بن جبير - عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدعون به من قبل أن يأتيه ، إلا أن يكون قد وثق بعمله ، فإنه إذا مات أحدكم انقطع عنه عمله ، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا " تفرد به أحمد .
وهذا فيما إذا كان الضر خاصا به ، أما إذا كان فتنة في الدين فيجوز سؤال الموت ، كما قال الله تعالى إخبارا عن السحرة لما أرادهم فرعون عن دينهم وتهددهم بالقتل قالوا : ( ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ) [ الأعراف : 126 ] وقالت مريم لما أجاءها المخاض ، وهو الطلق ، إلى جذع النخلة ( ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ) [ مريم : 23 ] لما تعلم من أن الناس يقذفونها بالفاحشة; لأنها لم تكن ذات زوج وقد حملت وولدت ، فيقول القائل أنى لها هذا ؟ ولهذا واجهوها أولا بأن قالوا : ( يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ) [ مريم : 27 ، 28 ] فجعل الله لها من ذلك الحال فرجا ومخرجا ، وأنطق الصبي في المهد بأنه عبد الله ورسوله ، وكان آية عظيمة ومعجزة باهرة ، صلوات الله وسلامه عليه ، وفي حديث معاذ ، الذي رواه الإمام أحمد والترمذي ، في قصة المنام والدعاء الذي فيه : " وإذا أردت بقوم فتنة ، فتوفني إليك غير مفتون " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سلمة ، أنا عبد العزيز بن محمد ، عن عمرو ، عن عاصم ، عن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " اثنتان يكرههما ابن آدم الموت ، والموت خير للمؤمن [ من الفتنة ] . ويكره قلة المال ، وقلة المال أقل للحساب " .
فعند حلول الفتن في الدين يجوز سؤال الموت ; ولهذا قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في آخر إمارته لما رأى أن الأمور لا تجتمع له ، ولا يزداد الأمر إلا شدة قال : اللهم ، خذني إليك ، فقد سئمتهم وسئموني .
وقال البخاري ، رحمه الله ، لما وقعت له تلك المحن وجرى له ما جرى مع أمير خراسان : اللهم توفني إليك .
وفي الحديث : " إن الرجل ليمر بالقبر - أي في زمان الدجال - فيقول : يا ليتني مكانك " لما يرى من الفتن والزلازل والبلابل والأمور الهائلة التي هي فتنة لكل مفتون .
قال أبو جعفر بن جرير : وذكر أن بني يعقوب الذين فعلوا بيوسف ما فعلوا ، استغفر لهم أبوهم ، فتاب الله عليهم وعفا عنهم ، وغفر لهم ذنوبهم .
[ ذكر من قال ذلك ] :
حدثنا القاسم ، حدثنا الحسن ، حدثني حجاج ، عن صالح المري ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك قال : إن الله تعالى لما جمع ليعقوب شمله ، وأقر عينه خلا ولده نجيا ، فقال بعضهم لبعض : ألستم قد علمتم ما صنعتم ، وما لقي منكم الشيخ ، وما لقي منكم يوسف ؟ قالوا : بلى . قال : فيغركم عفوهما عنكم ، فكيف لكم بربكم ؟ فاستقام أمرهم على أن أتوا الشيخ فجلسوا بين يديه ، ويوسف إلى جنب أبيه قاعدا ، قالوا : يا أبانا ، إنا أتيناك في أمر ، لم نأتك في مثله قط ، ونزل بنا أمر لم ينزل بنا مثله . حتى حركوه ، والأنبياء ، عليهم السلام ، أرحم البرية ، فقال : ما لكم يا بني ؟ قالوا : ألست قد علمت ما كان منا إليك ، وما كان منا إلى أخينا يوسف ؟ قال : بلى . قالوا : أو لستما قد عفوتما ؟ قالا : بلى . قالوا : فإن عفوكما لا يغني عنا شيئا ، إن كان الله لم يعف عنا . قال : فما تريدون يا بني ؟ قالوا : نريد أن تدعو الله لنا ، فإذا جاءك الوحي من الله بأنه قد عفا عما صنعنا قرت أعيننا ، واطمأنت قلوبنا ، وإلا فلا قرة عين في الدنيا أبدا لنا . قال : فقام الشيخ فاستقبل القبلة ، وقام يوسف خلف أبيه ، وقاموا خلفهما أذلة خاشعين . قال : فدعا وأمن يوسف ، فلم يجب فيهم عشرين سنة - قال صالح المري يخيفهم - قال : حتى إذا كان رأس العشرين نزل جبريل ، عليه السلام ، على يعقوب فقال : إن الله بعثني إليك أبشرك بأنه قد أجاب دعوتك في ولدك ، وأنه قد عفا عما صنعوا ، وأنه قد اعتقد مواثيقهم من بعدك على النبوة .
هذا الأثر موقوف عن أنس ، ويزيد الرقاشي وصالح المري ضعيفان جدا .
وذكر السدي : أن يعقوب ، عليه السلام ، لما حضره الموت ، أوصى إلى يوسف بأن يدفن عند إبراهيم وإسحاق ، فلما مات صبره وأرسله إلى الشام ، فدفن عندهما ، عليهم السلام .
القول في تأويل قوله تعالى : رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال يوسف بعد ما جمع الله له أبويه وإخوته , وبسط عليه من الدنيا ما بسط من الكرامة , ومكنه في الأرض , متشوِّقًا إلى لقاء آبائه الصالحين: ( رب قد آتيتني من الملك ) ، يعني: من ملك مصر ، ( وعلمتني من تأويل الأحاديث ) ، يعني من عبارة الرؤيا، (20) تعديدًا لنعم الله عليه، وشكرًا له عليها ، ( فاطر السماوات والأرض )، يقول: يا فاطر السموات والأرض، يا خالقها وبارئها (21) ، ( أنت وليي في الدنيا والآخرة ) ، يقول: أنت وليي في دنياي على من عاداني وأرادني بسوء بنصرك , وتغذوني فيها بنعمتك , وتليني في الآخرة بفضلك ورحمتك .( (22) توفني مسلمًا ) ، يقول: اقبضني إليك مسلمًا (23) .( وألحقني بالصالحين ) ، يقول: وألحقني بصالح آبائي إبراهيم وإسحاق ومن قبلهم من أنبيائك ورسلك .
* * *
وقيل: إنه لم يتمن أحدٌ من الأنبياء الموتَ قبل يوسف .
* ذكر من قال ذلك:
19940 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , قال: حدثنا أسباط , عن السدي: ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث ) ، الآية , كان ابن عباس يقول: (24) أول نبي سأل الله الموت يوسف.
19941 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال: قال ابن عباس , قوله: ( رب قد آتيتني من الملك ) ... ، الآية , قال: اشتاق إلى لقاء ربه , وأحبَّ أن يلحق به وبآبائه , فدعا الله أن يتوفَّاه ويُلْحِقه بهم. ولم يسأل نبيّ قطّ الموتَ غير يوسف , فقال: ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث) ، الآية ، قال ابن جريج: في بعض القرآن من الأنبياء (25) : " توفني" (26)
19942 -حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: ( توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين ) ، لما جَمَع شمله , وأقرَّ عينه , وهو يومئذ مغموس في نَبْت الدنيا وملكها وغَضَارتها، (27) فاشتاق إلى الصالحين قبله . وكان ابن عباس يقول: ما تمنى نبي قطّ الموت قبل يوسف.
19943 - حدثني المثنى , قال: أخبرنا إسحاق , قال: أخبرنا عبد الله بن الزبير , عن سفيان , عن ابن أبي عروبة , عن قتادة , قال: لما جمع ليوسف شمله , وتكاملت عليه النعم سأل لقاء ربّه فقال: ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفّني مسلمًا وألحقني بالصالحين ) ، قال قتادة: ولم يتمنَّ الموت أحد قطُّ، نبي ولا غيره إلا يوسف.
19944 - حدثني المثنى , قال: حدثنا هشام , قال: حدثنا الوليد بن مسلم , قال: حدثني غير واحد , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: أن يوسف النبي صلى الله عليه وسلم، لما جمع بينه وبين أبيه وإخوته , وهو يومئذ ملك مصر , اشتاق إلى الله وإلى آبائه الصالحين إبراهيم وإسحاق، فقال: ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين )
19945 - حدثني المثنى , قال: أخبرنا إسحاق , قال: حدثنا هشام , عن مسلم بن خالد , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله: ( وعلمتني من تأويل الأحاديث ) ، قال: العِبَارة.
19946 - حدثت عن الحسين , قال: سمعت أبا معاذ , يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان , قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين ) ، يقول: توفني على طاعتك , واغفر لي إذا توفَّيتني.
19947 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: قال يوسف حين رأى ما رأى من كرامة الله وفضله عليه وعلى أهل بيته حين جمع الله له شمله , وردَّه على والده , وجمع بينه وبينه فيما هو فيه من الملك والبهجة: يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ، إلى قوله: إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ . ثم ارعوى يوسف، وذكر أنّ ما هو فيه من الدنيا بائد وذاهب , فقال: ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفّني مسلمًا وألحقني بالصالحين).
* * *
وذُكِر أن بَني يعقوب الذين فعلوا بيوسف ما فعلوا , استغفر لهم أبوهم , فتاب الله عليهم وعفا عنهم وغفر لهم ذنبهم
* ذكر من قال ذلك:
19948 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن صالح المريّ , عن يزيد الرقاشي , عن أنس بن مالك , قال: إن الله تبارك وتعالى لما جمع ليعقوب شمله , وأقر عينه , خَلا ولده نَجِيًّا , فقال بعضهم لبعض: ألستم قد علمتم ما صنعتم، وما لقي منكم الشيخ، وما لقي منكم يوسف؟ قالوا: بلى! قال: فيغرُّكم عفوهما عنكم , فكيف لكم بربكم؟ فاستقام أمرهم على أن أتوا الشيخ فجلسوا بين يديه , ويوسف إلى جنب أبيه قاعدٌ , قالوا: يا أبانا، أتيناك في أمر لم نأتك في أمرٍ مثله قط، ونـزل بنا أمر لم ينـزل بنا مثله! حتى حرّكوه , والأنبياء أرحم البرية , فقال: مالكم يا بَني؟ قالوا: ألستَ قد علمت ما كان منا إليك، وما كان منا إلى أخينا يوسف؟ قال: بلى! قالوا: أفلستما قد عفوتُما؟ قالا بلى! قالوا: فإن عفوكما لا يغني عنّا شيئًا إن كان الله لم يعفُ عنا! قال: فما تريدون يا بني؟ قالوا: نريد أن تدعو الله لنا , فإذا جاءك الوحي من عند الله بأنه قد عفا عمّا صنعنا، قرّت أعيننا، واطمأنت قلوبنا , وإلا فلا قرّةَ عَين في الدنيا لنا أبدًا . قال: فقام الشيخ واستقبل القبلة , وقام يوسف خلف أبيه , وقاموا خلفهما أذلةً خاشعين . قال: فدعا وأمَّن يوسف، , فلم يُجَبْ فيهم عشرين سنة ، قال صالح المرِّي: يخيفهم. قال: حتى إذا كان رأس العشرين، نـزل جبريل صلى الله عليه وسلم على يعقوب عليه السلام , فقال: إن الله تبارك وتعالى بعثني إليك أبشرك بأنه قد أجاب دعوتك في ولدك , وأنه قد عفا عما صنعوا , وأنه قد اعتَقَد مواثيقهم من بعدك على النبوّة. (28)
19949 - حدثني المثنى , قال: حدثنا الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا جعفر بن سليمان , عن أبي عمران الجوني , قال: والله لو كان قتلُ يوسف مضى لأدخلهم الله النارَ كُلَّهم , ولكن الله جل ثناؤه أمسك نفس يوسف ليبلغ فيه أمره، ورحمة لهم . ثم يقول: والله ما قصَّ الله نبأهم يُعيّرهم بذلك إنهم لأنبياء من أهل الجنة , ولكن الله قصَّ علينا نبأهم لئلا يقنط عبده.
* * *
وذكر أن يعقوب توفي قبل يوسف , وأوصى إلى يوسف وأمره أن يدفنه عند قبر أبيه إسحاق .
* ذكر من قال ذلك:
19950 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي , قال: لما حضر الموتُ يعقوبَ , أوصى إلى يوسف أن يدفنه عند إبراهيم وإسحاق , فلما مات، نُفِخ فيه المُرّ وحمل إلى الشأم. قال: فلما بلغوا إلى ذلك المكان أقبل عيصا أخو يعقوب (29) فقال: غلبني على الدعوة , فوالله لا يغلبني على القبر! فأبى أن يتركهم أن يدفنوه . فلما احتبسوا، قال هشام بن دان بن يعقوب (30) ، وكان هشامٌ أصمَّ لبعض إخوته: ما لجدّي لا يدفن! قالوا: هذا عمك يمنعه! قال: أرونيه أين هو؟ فلما رآه , رفع هشام يده فوجأ بها رأس العيص وَجْأَةً سقطت عيناه على فخذ يعقوب، فدفنا في قبر واحد.
----------------------
الهوامش:
(20) انظر تفسير" التأويل" فيما سلف ص : 271 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(21) انظر تفسير" فاطر" فيما سلف 15 : 357 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(22) انظر تفسير" الولي" فيما سلف من فهارس اللغة ( ولي ) .
(23) انظر تفسير" التوفي" فيما سلف 15 : 218 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(24) في المطبوعة والمخطوطة :" قال ابن عباس يقول" ، وبين صواب ما أثبت ، وانظر الخبر التالي رقم : 19942 .
(25) في المخطوطة :" في بعض القرآن قد قال الأنبياء توفني" ، وصوابها ما أثبت ، أما المطبوعة فقد كتبت :" في بعض القرآن من الأنبياء من قال توفني" ، غير مكان الكلام لغير حاجة .
(26) لم أجد للذي قاله ابن جريج دليلا في القرآن ! فلعله وهم ، فإن النهي عن تمني الموت صريح في السنة .
(27) في المطبوعة :" مغموس في نعيم الدنيا" ، وفي المخطوطة :" مغموس في نعيم الدنيا" غير منقوطة ، وهذا صواب قراءتها . وعنى بالنبت هنا : المال الكثير الوفير ، والنعمة النامية ، وقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقوم من العرب : أنتم أهل بيت أو نبت ؟ فقالوا نحن أهل بيت وأهل نبت . وقالوا في تفسيره : أي نحن في الشرف نهاية ، وفي النبت نهاية ، أي : ينبت المال على أيدينا
وهذا الذي قلته أصح في تأويل الحديث ، وفي تأويل هذا الخبر .
(28) الأثر : 19948 -" صالح المري" ، هو" صالح بن بشير بن وداع المري" ، منكر الحديث ، قاص متروك الحديث ، مضى برقم : 9234 .
و" يزيد الرقاشي" ، هو" يزيد بن أبان الرقاشي" ، قاص ، متروك الحديث ، مضى قبل مرارًا ، آخرها : 11408 .
وهذا خبر هالك ، من جراء هذين القاصين المتروكين ، صالح المري ، ويزيد الرقاشي .
(29) في المطبوعة :" عيص" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وسيأتي بعد :" العيص" ، بالتعريف ، وهو في كتاب القوم" عيسو" ، وهو ولد إسحاق الأكبر ، وهو أخو يعقوب .
(30) في المطبوعة :" هشام بن دار" ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وولد يعقوب في كتاب القوم هو" دان" كما أثبته .
و" هشام" هذا ، هو في كتاب القوم" حوشيم"
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يوسف: 6 | ﴿وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ﴾ |
---|
يوسف: 21 | ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ |
---|
يوسف: 101 | ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِيِّۦ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
آتيتني ... وعلمتنى:
قرئا:
آتيتن ... وعلمتن، بحذف الياء منهما، اكتفاء بالكسرة، وهى قراءة عبد الله، وعمرو بن ذر.
التفسير :
لما قص الله هذه القصة على محمد صلى الله عليه وسلم قال الله له:{ ذَلِكَ} الإنباء الذي أخبرناك به{ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ} الذي لولا إيحاؤنا إليك لما وصل إليك هذا الخبر الجليل، فإنك لم تكن حاضرا لديهم{ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ} أي:إخوة يوسف{ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} به حين تعاقدوا على التفريق بينه وبين أبيه، في حالة لا يطلع عليها إلا الله تعالى، ولا يمكن أحدا أن يصل إلى علمها، إلا بتعليم الله له إياها.
كما قال تعالى لما قص قصة موسى وما جرى له، ذكر الحال التي لا سبيل للخلق إلى علمها إلا بوحيه{ وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين} الآيات، فهذا أدل دليل على أن ما جاء به رسول الله حقا.
واسم الإشارة في قوله- سبحانه- ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ.... يعود على ما ذكره الله- تعالى- في هذه السورة من قصص يتعلق بيوسف وإخوته وأبيه وغيرهم، أى: ذلك الذي قصصناه عليك- أيها الرسول الكريم- في هذه السورة، وما قصصناه عليك في غيرها مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ أى: من الأخبار الغيبية التي لا يعلمها علما تاما شاملا إلا الله- تعالى- وحده.
ونحن نُوحِيهِ إِلَيْكَ ونعلمك به لما فيه من العبر والعظات.
وقوله: وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ مسوق للتدليل على أن هذا القصص من أنباء الغيب الموحاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
أى: ومما يشهد بأن هذا الذي قصصناه عليك في هذه السورة من أنباء الغيب، أنك- أيها الرسول الكريم- ما كنت حاضرا مع إخوة يوسف، وقت أن أجمعوا أمرهم للمكر به، ثم استقر رأيهم على إلقائه في الجب، وما كنت حاضرا أيضا وقت أن مكرت امرأة العزيز بيوسف، وما كنت مشاهدا لتلك الأحداث المتنوعة التي اشتملت عليها هذه السورة الكريمة، ولكنا أخبرناك بكل ذلك لتقرأه على الناس، ولينتفعوا بما فيه من حكم وأحكام، وعبر وعظات.
وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- في خلال قصة نوح- عليه السلام-: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ .
وقوله- تعالى- في خلال قصة موسى- عليه السلام- وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ .
وقوله- تعالى- في خلال حديثه عن مريم ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ .
إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن معاصرا لمن جاء القرآن بقصصهم، ولم يطلع على كتاب فيه خبرهم، فلم يبق لعلمه صلى الله عليه وسلم بذلك طريق إلا طريق الوحى.
قول تعالى لعبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه ، لما قص عليه نبأ إخوة يوسف ، وكيف رفعه الله عليهم ، وجعل له العاقبة والنصر والملك والحكم ، مع ما أرادوا به من السوء والهلاك والإعدام : هذا وأمثاله يا محمد من أخبار الغيوب السابقة ، ( نوحيه إليك ) ونعلمك به لما فيه من العبرة لك والاتعاظ لمن خالفك ، ( وما كنت لديهم ) حاضرا عندهم ولا مشاهدا لهم ( إذ أجمعوا أمرهم ) أي : على إلقائه في الجب ، ( وهم يمكرون ) به ، ولكنا أعلمناك به وحيا إليك ، وإنزالا عليك ، كما قال تعالى : ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ) [ آل عمران : 44 ] وقال تعالى : ( وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ) [ القصص : 44 ] إلى أن قال : ( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك ) [ القصص : 46 ] وقال ( وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين ) [ القصص : 45 ] وقال ( ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين ) [ ص : 69 ، 70 ]
القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: هذا الخبر الذي أخبرتك به من خبر يوسف ووالده يعقوب وإخوته وسائر ما في هذه السورة ، ( من أنباء الغيب ) ، يقول: من أخبار الغيب الذي لم تشاهده , ولم تعاينه، (31) ولكنا نوحيه إليك ونعرّفكه , لنثبِّت به فؤادك , ونشجع به قلبك , وتصبر على ما نالك من الأذى من قومك في ذات الله , وتعلم أن من قبلك من رسل الله ، إذ صبروا على ما نالهم فيه , وأخذوا بالعفو , وأمروا بالعُرف , وأعرضوا عن الجاهلين ، فازوا بالظفر , وأيِّدوا بالنصر , ومُكِّنوا في البلاد , وغلبوا من قَصَدوا من أعدائهم وأعداء دين الله . يقول الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فبهم، يا محمد، فتأسَّ , وآثارهم فقُصَّ ، ( وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون ) ، يقول: وما كنت حاضرًا عند إخوة يوسف , إذ أجمعوا واتفقت آراؤهم، (32) وصحت عزائمهم، على أن يلقوا يوسف في غيابة الجب. وذلك كان مكرهم الذي قال الله عز وجل: ( وهم يمكرون )، كما:-
19951 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: ( وما كنت لديهم ) ، يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم , يقول: ما كنت لديهم وهم يلقونه في غيابة الجب ، ( وهم يمكرون )، أي: بيوسف.
19952 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن عطاء الخراساني , عن ابن عباس: ( وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون ) ، الآية , قال: هم بنو يعقوب.
* * *
----------------------
الهوامش:
(31) انظر تفسير" النبأ" و" الغيب" فيما سلف من فهارس اللغة ( نبأ ) و ( غيب ) .
(32) انظر تفسير" الإجماع" فيما سلف 15 : 147 ، 148 ، 573 .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
آل عمران: 44 | ﴿ ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ﴾ |
---|
يوسف: 102 | ﴿ ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:{ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ} على إيمانهم{ بِمُؤْمِنِينَ} فإن مداركهم ومقاصدهم قد أصبحت فاسدة، فلا ينفعهم حرص الناصحين عليهم ولو عدمت الموانع، بأن كانوا يعلمونهم ويدعونهم إلى ما فيه الخير لهم، ودفع الشر عنهم، من غير أجر ولا عوض، ولو أقاموا لهم من الشواهد والآيات الدالات على صدقهم ما أقاموا.
ثم ساق- سبحانه- ما يبعث التسلية والتعزية في قلب النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ.
أى: لقد جئت- أيها الرسول- للناس بدين الفطرة، الذي ترتاح له النفوس وتتقبله القلوب بسرور وانشراح. ولكن أكثر الناس قد استحوذ عليهم الشيطان، فمسخ نفوسهم وقلوبهم، فصاروا مع حرصك على إيمانهم، ومع حرصك على دعوتهم إلى الحق على بصيرة، لا يؤمنون بك، ولا يستجيبون لدعوتك، لاستيلاء المطامع والشهوات والأحقاد على نفوسهم.
وفي التعبير بقوله- سبحانه- وَما أَكْثَرُ النَّاسِ ... إشعار بأن هناك قلة من الناس قد استجابت بدون تردد لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلت في الدين الحق، عن طواعية واختيار.
وقوله وَلَوْ حَرَصْتَ جملة معترضة لبيان أنه مهما بالغ النبي صلى الله عليه وسلم في كشف الحق، فإنهم سادرون في ضلالهم وكفرهم، إذ الحرص طلب الشيء باجتهاد.
قال الآلوسى ما ملخصه: «سألت قريش واليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف، فنزلت مشروحة شرحا وافيا، فأمل النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك سببا في إسلامهم، فلما لم يفعلوا حزن صلى الله عليه وسلم فعزاه الله- تعالى- بذلك» .
يقرر تعالى أنه رسوله ، وأنه قد أطلعه على أنباء ما قد سبق مما فيه عبرة للناس ونجاة لهم في دينهم ودنياهم; ومع هذا ما آمن أكثر الناس; ولهذا قال : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) وقال ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) [ الأنعام : 116 ] إلى غير ذلك من الآيات .
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وما أكثر مشركي قومك، يا محمد، ولو حرصت على أن يؤمنوا بك فيصدّقوك , ويتبعوا ما جئتهم به من عند ربك، بمصدِّقيك ولا مُتَّبِعيك .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء