2371516171819202122

الإحصائيات

سورة يوسف
ترتيب المصحف12ترتيب النزول53
التصنيفمكيّةعدد الصفحات13.50
عدد الآيات111عدد الأجزاء0.60
عدد الأحزاب1.20عدد الأرباع4.90
ترتيب الطول11تبدأ في الجزء12
تنتهي في الجزء13عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 6/29آلر: 3/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (15) الى الآية رقم (18) عدد الآيات (4)

إخوةُ يوسفَ يلقونَه في البئرِ، ثُمَّ رجعُوا يتباكُونَ، وقالُوا: أكلَه الذئبُ، ولطخُوا ثوبَهُ بدمٍ غيرِ دمِه، ونسُوا أن يمزِّقُوا الثوبَ ففطِنَ يعقوبُ عليه السلام لكيدِهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (19) الى الآية رقم (22) عدد الآيات (4)

ولمَّا مرّ بالبئرِ جماعةٌ مسافرونَ أخذُوا يوسفَ، وباعُوه بثَمَنٍ قليلٍ، وقالَ الذي اشتراه من مصرَ لامرأتِه: أحسني إليه، ولمَّا بلغَ أَشُدَّهُ آتاه اللهُ الحكمةَ والفقهَ في الدينِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة يوسف

الثقة في تدبير الله (اصبر ولا تيأس)/ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ/ الصبر الجميل/ يوسف الإنسان قصة نجاح

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • إلى هؤلاء وإلى كل مسلم نزلت سورة يوسف.:   نزلت تهمس في أذن كل مسلم في فترات الضيق أو البلاء؛ لتقول له: تعلَّم من يوسف عليه السلام الصبر، والأمل، وعدم اليأس رغم كل الظروف. وبالمقابل: تعلَّم منه كيف تواجه فترات الراحة والاطمئنان، وذلك بالتواضع والإخلاص لله عز وجل. فالسورة ترشدنا أن حياة الإنسان هي عبارة عن فترات رخاء وفترات شدة، فلا يوجد إنسان قط كانت حياته كلها فترات رخاء أو كلها فترات شدة، وهو في الحالتين: الرخاء والشدة، يُختبر.
  • • سورة يوسف أحسن القصص::   لأنها اشتملت على حاسد ومحسود، ومالك ومملوك، وشاهد ومشهود، وعاشق ومعشوق، وحبس وإطلاق، وخصب وإجداب، وذنب وعفو، وفراق ووصال، وسقم وصحة، وحل وترحال، وذل وعز. وعالجت مشاكل تربوية واجتماعية ونفسية وأخلاقية واقتصادية وسياسية.
  • • سورة يوسف أحسن القصص::   لأن في نهايتها حسن المآل وطيب العافية، فيعقوب عليه السلام رد إليه بصره وظفر بفلذة كبده، ويوسف عليه السلام آتاه الله الملك والحكمة، والأخوة تاب الله عليهم، ومنهم أو من ذريتهم اصطفى الله أسباط بني إسرائيل، وامرأة العزيز أقرت بذنبها وحسنت توبتها، وأهل مصر اجتازوا السبع الشداد حتى صار الناس يأتونهم من جميع الأقطار للمؤنة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «‏يوسف».
  • • معنى الاسم ::   هو نبي الله يوسف بن نبي الله يعقوب بن نبي الله إسحاق بن نبي الله إبراهيم عليهم السلام.
  • • سبب التسمية ::   لأنها ذكرت قصة ‏يوسف عليه السلام كاملة، ولم تذكر قصته في غيرها، بل لم يذكر اسمه إلا في سورة الأنعام آية (84) ، وغافر آية (34).
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   الثقة بتدبير الله، والأمل، والصبر، وعدم اليأس رغم كل الظروف.
  • • علمتني السورة ::   رعاية الله عز وجل لأوليائه ولطفه بهم في أوقات المحن.
  • • علمتني السورة ::   أن القصص فيها الحسن والسيِّئ، وأن قصص القرآن أحسن القصص: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾
  • • علمتني السورة ::   العفو والصفح ثم الإحسان بالدعاء من أخلاق الأنبياء: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: «مَا حَفِظْتُ سُورَةَ يُوسُفَ وَسُورَةَ الْحَجِّ إِلَّا مِنْ عُمَرَ بنِ الخطابِ، مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يَقْرَؤُهُمَا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وكَانَ يَقْرَؤُهُمَا قِرَاءَةً بَطِيئَةً».
    • عَنِ الْفَرَافِصَةِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَخَذْتُ سُورَةَ يُوسُفَ إِلاَّ مِنْ قِرَاءَةِ عُثْمَانَ إِيَّاهَا فِى الصُّبْحِ، مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يُرَدِّدُهَا».
    • عَن عَلْقَمَة بن وَقاص قَالَ: «كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ فِى الْعَتَمَةِ بِسُورَةِ يُوسُفَ، وَأَنَا فِى مُؤَخِّرِ الصُّفُوفِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ يُوسُفَ سَمِعْتُ نَشِيجَهُ فِى مُؤَخَّرِ الصَّفِّ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة يوسف من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • انفردت السورة بذكر قصة يوسف عليه السلام كاملة من بدايتها إلى نهايتها، حيث لم تذكر في غيرها من السور، كما هي العادة في تكرار قصص الأنبياء في القرآن الكريم.
    • قصة يوسف عليه السلام هي أطول قصة في القرآن، استغرقت معظم السورة (97 آية)، ولم تذكر قصة نبي في القرآن بمثل ما ذكرت قصة يوسف عليه السلام في هذه السورة.
    • رغم أن سورة يوسف تزيد عن مئة آية فإنه ليس فيها ذكر جنة ولا نار.
    • أكثر ما اجتمع في القرآن من الحروف المتحركة المتوالية ثمانية حروف، جاءت في سورة يوسف في قوله تعالى: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا﴾، وذلك فيما بين ياء (رَأَيْتُ) وواو (كَوْكَبًا).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نقتدي بيوسف عليه السلام في الصبر، والأمل، وعدم اليأس رغم كل الظروف.
    • أن ننزع اليأس من قلوبنا؛ مهما بلغ بنا الحال.
    • أن نهتم بدراسة اللغة العربية لنتمكن من تدبر وتعقل القرآن: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (2).
    • أن نطلب المشورة من أهل العقل والعلم، ونعرض عليهم ما يشكل علينا: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ ...﴾ (4).
    • أن نتعاهد أولادنا، فالسورة بدأت برؤيا يوسف: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ (4)، فقال له أباه: ﴿يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ (5)، فمن هذا يؤخذ تعاهد الأب لأولاده بالتربية والرعاية والتدبير.
    • أن نعدل بين أولادنا قدر الإمكان؛ حتى لا ينزغ الشيطان بينهم: ﴿إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا﴾ (8).
    • أن نتيقظ لأسلوب الشيطان مع الصالحين: اعمل المعصية ثم تب: ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ ... وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ﴾ (9).
    • ألا نَغْتر؛ فليس كل ما يلمع ذهبًا، ولا كل من يدمع صادقًا: ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ (16).
    • ألا نحزن إذا جهل الناس قدرنا؛ فيوسف عليه السلام ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ (20).
    • أن نستحضر عند الهم بالمعصية خوفنا من الله ونردد: ﴿معاذ الله﴾ (23).
    • ألا نسكت إذا سمعنا اتهامًا لأحد لم نعلم عنه سوءً: ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ﴾ (51).
    • أن ندقق فيما نقول، فيوسف عليه السلام لم يقل: (إلا من سرق)، بل قال: ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ﴾ (79)؛ لأنه يعلم أن أخاه لم يسرق.
    • أن نتفاءل ونحسن الظن بالله: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ (83).
    • ألا نبث شكوانا إلا للقادر على كشف بلوانا: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ (86).
    • أن نعترف بالتقصير والخطأ، ولا نتكبر: ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّـهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ﴾ (91).
    • أن نعفو عند المقدرة، ونطلب الأجر من الله تعالى: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ (92).
    • أن نتواضع لله، فيوسف عليه السلام مع مكانته وهيبة قدره لم يقل: (ادخلوا مصر في حمايتي آمنين)، بل قال: ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ﴾ (99).
    • أن نلتمس العذر للآخرين، فيوسف عليه السلام التمس العذر لإخوته رغم ما فعلوا به، ونحن لا نعذر أحدًا ولو لأتفه الأسباب: ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ (100).
    • أن نرد الفضل لله دائمًا، مهما ارتفعت منزلتنا وعظم قدرنا: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ (101).
    • أن ندعو إلى الله تعالى على بصيرة: ﴿قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ﴾ (108).

تمرين حفظ الصفحة : 237

237

مدارسة الآية : [15] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن ..

التفسير :

[15] فأرْسَلَهُ معهم. فلما ذهبوا به وأجمعوا على إلقائه في جوف البئر، وأوحينا إلى يوسف لتخبرنَّ إخوتك مستقبلاً بفعلهم هذا الذي فعلوه بك، وهم لا يُحِسُّون بذلك الأمر ولا يشعرون به.

أي:لما ذهب إخوة يوسف بيوسف بعد ما أذن له أبوه، وعزموا على أن يجعلوه في غيابة الجب، كما قال قائلهم السابق ذكره، وكانوا قادرين على ما أجمعوا عليه، فنفذوا فيه قدرتهم، وألقوه في الجب، ثم إن الله لطف به بأن أوحى إليه وهو في تلك الحال الحرجة،{ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} أي:سيكون منك معاتبة لهم، وإخبار عن أمرهم هذا، وهم لا يشعرون بذلك الأمر، ففيه بشارة له، بأنه سينجو مما وقع فيه، وأن الله سيجمعه بأهله وإخوته على وجه العز والتمكين له في الأرض.

وقد حكى القرآن ذلك بأسلوبه البليغ فقال: فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ. وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ.

أى: فلما أقنعوا أباهم بإرسال يوسف معهم، وذهبوا به في الغد إلى حيث يريدون، وأجمعوا أمرهم على أن يلقوا به في قعر الجب، فعلوا به ما فعلوا من الأذى، ونفذوا ما يريدون تنفيذه بدون رحمة أو شفقة.

فالفاء في قوله فلما: للتفريع على كلام مقدر، وجواب «لما» محذوف، دل عليه السياق.

وفعل «أجمع» يتعدى إلى المفعول بنفسه، ومعناه العزم والتصميم على الشيء، تقول:

أجمعت المسير أى: عزمت عزما قويا عليه.

وقوله «أن يجعلوه» مفعول أجمعوا.

قال الآلوسى: «والروايات في كيفية إلقائه في الجب، وما قاله لإخوته عند إلقائه وما قالوه له كثيرة، وقد تضمنت ما يلين له الصخر، لكن ليس فيها ما له سند يعول عليه» .

والضمير في قوله، وأوحينا إليه يعود على يوسف- عليه السلام-.

أى: وأوحينا إليه عند إلقائه في الجب عن طريق الإلهام القلبي، أو عن طريق جبريل- عليه السلام- أو عن طريق الرؤيا الصالحة. لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا أى: لتخبرنهم في الوقت الذي يشاؤه الله- تعالى- في مستقبل الأيام، بما فعلوه معك في صغرك من إلقائك في الجب، ومن إنجاء الله- تعالى- لك، فالمراد بأمرهم هذا: إيذاؤهم له وإلقاؤهم إياه في قعر الجب، ولم يصرح- سبحانه- به، لشدة شناعته.

وجملة «وهم لا يشعرون» حالية، أى: والحال أنهم لا يحسون ولا يشعرون في ذلك الوقت الذي تخبرهم فيه بأمرهم هذا، بأنك أنت يوسف. لاعتقادهم أنك قد هلكت ولطول المدة التي حصل فيها الفراق بينك وبينهم، ولتباين حالك وحالهم في ذلك الوقت، فأنت ستكون الأمين على خزائن الأرض، وهم سيقدمون عليك فقراء يطلبون عونك ورفدك.

وقد تحقق كل ذلك- كما يأتى- عند تفسير قوله تعالى-: فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ ...

وكان هذا الإيحاء- على الراجح- قبل أن يبلغ سن الحلم، وقبل أن يكون نبيا.

وكان المقصود منه، إدخال الطمأنينة على قلبه، وتبشيره بما يصير إليه أمره من عز وغنى وسلطان.

قالوا: وكان هذا الجب الذي ألقى فيه يوسف على بعد ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب- عليه السلام- بفلسطين.

ثم حكى- سبحانه- أقوالهم لأبيهم بعد أن فعلوا فعلتهم وعادوا إليه ليلا يبكون فقال:

يقول تعالى : فلما ذهب به إخوته من عند أبيه بعد مراجعتهم له في ذلك ، ( وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب ) هذا فيه تعظيم لما فعلوه أنهم اتفقوا كلهم على إلقائه في أسفل ذلك الجب ، وقد أخذوه من عند أبيه فيما يظهرونه له إكراما له ، وبسطا وشرحا لصدره ، وإدخالا للسرور عليه ، فيقال : إن يعقوب عليه السلام ، لما بعثه معهم ضمه إليه ، وقبله ودعا له .

وقال السدي وغيره : إنه لم يكن بين إكرامهم له وبين إظهار الأذى له ، إلا أن غابوا عن عين أبيه وتواروا عنه ، ثم شرعوا يؤذونه بالقول من شتم ونحوه ، والفعل من ضرب ونحوه ، ثم جاءوا به إلى ذلك الجب الذي اتفقوا على رميه فيه فربطوه بحبل ودلوه فيه ، فجعل إذا لجأ إلى واحد منهم لطمه وشتمه ، وإذا تشبث بحافات البئر ضربوا على يديه ، ثم قطعوا به الحبل من نصف المسافة ، فسقط في الماء فغمره ، فصعد إلى صخرة تكون في وسطه ، يقال لها : " الراغوفة " فقام فوقها .

قال الله تعالى : ( وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ) يقول تعالى ذاكرا لطفه ورحمته وعائدته وإنزاله اليسر في حال العسر : إنه أوحى إلى يوسف في ذلك الحال الضيق ، تطييبا لقلبه ، وتثبيتا له : إنك لا تحزن مما أنت فيه ، فإن لك من ذلك فرجا ومخرجا حسنا ، وسينصرك الله عليهم ، ويعليك ويرفع درجتك ، وستخبرهم بما فعلوا معك من هذا الصنيع .

وقوله : ( وهم لا يشعرون ) - قال [ مجاهد و ] قتادة : ( وهم لا يشعرون ) بإيحاء الله إليه .

وقال ابن عباس : ستنبئهم بصنيعهم هذا في حقك ، وهم لا يعرفونك ، ولا يستشعرون بك ، كما قال ابن جرير :

حدثني الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا صدقة بن عبادة الأسدي ، عن أبيه ، سمعت ابن عباس يقول : لما دخل إخوة يوسف على يوسف فعرفهم وهم له منكرون ، قال : جيء بالصواع ، فوضعه على يده ، ثم نقره فطن ، فقال : إنه ليخبرني هذا الجام : أنه كان لكم أخ من أبيكم يقال له " يوسف " ، يدنيه دونكم ، وأنكم انطلقتم به فألقيتموه في غيابة الجب - قال : ثم نقره فطن - فأتيتم أباكم فقلتم : إن الذئب أكله ، وجئتم على قميصه بدم كذب - قال : فقال بعضهم لبعض : إن هذا الجام ليخبره بخبركم . قال ابن عباس ، رضي الله عنهما : لا نرى هذه الآية نزلت إلا فيهم : ( لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ) .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (15)

قال أبو جعفر : وفي الكلام متروكٌ حذف ذكره، اكتفاءً بما ظهر عما ترك ، وهو: أَرْسِلْهُ مَعَنَا ، ( فلما ذهبوا به وأجمعوا) ، يقول: وأجمع رأيهم، (1) وعزموا على (أن يجعلوه في" غيابة الجب " (2) ) . كما:-

18831- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي ، قوله: إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ ، الآية ، قال، قال: لن أرسله معكم ، إني أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ، قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ ، فأرسله معهم ، فأخرجوه وبه عليهم كرامة، فلما برزوا به إلى البرية أظهروا له العداوة، وجعل أخوه يضربه ، فيستغيث بالآخر فيضربه ، فجعل لا يرى منهم رحيمًا ، (3) فضربوه حتى كادوا يقتلونه ، فجعل يصيح ويقول: يا أبتاه! يا يعقوب! لو تعلم ما صنع بابنك بنو الإماء ! فلما كادوا يقتلونه، قال يهوذا (4) أليس قد أعطيتموني موثقًا أن لا تقتلوه؟ فانطلقوا به إلى الجبّ ليطرحوه ، فجعلوا يدلونه في البئر فيتعلّق بشَفير البئر.

فربطوا يديه، ونـزعوا قميصه ، فقال: يا إخوتاه! ردوا عليّ قميصي أتوارى به في الجبّ ! فقالوا: ادعُ الشمسَ والقمرَ والأحد عشر كوكبًا تؤنسك ! قال: إني لم أر شيئًا ، فدلوه في البئر، حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادةَ أن يموت. وكان في البئر ماءٌ فسقط فيه ، ثم أوَى إلى صخرة فيها فقام عليها . قال: فلما ألقوه في البئر، جعل يبكي ، فنادوه ، فظنّ أنها رحمة أدركتهم ، فلبَّاهم ، فأرادوا أن يرضخوه بصخرة فيقتلوه ، فقام يهوذا فمنعهم ، وقال: قد أعطيتموني موثقًا أن لا تقتلوه! وكان يهوذا يأتيه بالطعام.

* * *

وقوله: (فلما ذهبوا به وأجمعوا) فأدخلت " الواو " في الجواب ، كما قال امرؤ القيس:

فَلَمَّـا أجَزْنَـا سَـاحَةَ الحَـيِّ وانْتَحَـى

بِنـا بَطْـنُ خَـبْتٍ ذِي قِفـاف عَقَنْقَل (5)

فأدخل الواو في جواب " لما " ، وإنما الكلام: فلما أجزنا ساحة الحي، انتحى بنا ، وكذلك: (فلما ذهبوا وأجمعوا) ، لأن قوله: " أجمعوا " هو الجواب.

* * *

وقوله: (وأوحينا إليه لتنبِّئنهم بأمرهم) ، يقول: وأوحينا إلى يوسف لتخبرنَّ إخوتك ، ( بأمرهم هذا) يقول: بفعلهم هذا الذي فعلوه بك (وهم لا يشعرون) يقول: وهم لا . يعلمون ولا يدرُون (6) .

* * *

ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي عناه الله عز وجل بقوله: (وهم لا يشعرون) .

فقال بعضهم: عنى بذلك: أن الله أوحى إلى يوسف أنّ يوسف سينبئ إخوته بفعلهم به ما فعلوه: من إلقائه في الجب ، وبيعهم إياه ، وسائر ما صنعوا به من صنيعهم ، وإخوته لا يشعرون بوحي الله إليه بذلك .

*ذكر من قال ذلك:

18832- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (وأوحينا إليه) إلى يوسف.

18833- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا) قال: أوحينا إلى يوسف: لتنبئن إخوتك.

18834- ...قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله: (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون) قال: أوحى إلى يوسف وهو في الجبّ أنْ سينبئهم بما صنعوا ، وهم لا يشعرون بذلك الوحي

18835- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال مجاهد: (وأوحينا إليه) ، قال: إلى يوسف.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: وأوحينا إلى يوسف بما إخوته صانعون به ، وإخوته لا يشعرون بإعلام الله إيّاه بذلك .

*ذكر من قال ذلك:

18836- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون) ، بما أطلع الله عليه يوسف من أمرهم، وهو في البئر.

18837- حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال: حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون)، قال: أوحى الله إلى يوسف وهو في الجب أن ينبئهم بما صنعوا به ، وهم لا يشعرون بذلك الوحي.

18838- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد ، قال: أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن قتادة، بنحوه ، إلا أنه قال: أن سينبئهم .

* * *

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن يوسف سينبئهم بصنيعهم به، وهم لا يشعرون أنه يوسف .

*ذكر من قال ذلك:

18839-حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله: (وهم لا يشعرون) يقول: وهم لا يشعرون أنه يوسف.

18840- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا صدقة بن عبادة الأسدي، عن أبيه، قال: سمعت ابن عباس يقول: لما دخل إخوة يوسف فعرفهم وهم له منكرون ، قال: جيء بالصُّوَاع، فوضعه على يده، ثم نقره فطنَّ، فقال: إنه ليخبرني هذا الجامُ أنه كان لكم أخٌ من أبيكم يقال له يوسف، يدنيه دونكم ، وإنكم انطلقتم به فألقيتموه في غيابة الجب! قال: ثم نقره فطنَّ ، فأتيتم أباكم فقلتم: إن الذئب أكله، وجئتم على قميصه بدَمٍ كذب! قال: فقال بعضهم لبعض: إن هذا الجام ليخبره بخبركم! قال ابن عباس: فلا نرى هذه الآية نـزلت إلا فيهم: (لتنبئهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون). (7)

* * *

----------------------

الهوامش:

(1) انظر تفسير" الإجماع" فيما سلف ص : 147 ، 148 .

(2) انظر تفسير" غيابة الجب" فيما سلف ص : 565 ، 566 .

(3) انظر ما قلته في" جعل" وأشباهها ، وأنها أفعال استعانة ، لها مكان في التعبير لا يغني مكانها شيء غيرها . انظر ج 11 تعليق : 1 .

(4) انظر ما سلف ص : 565 ، تعليق : 1 في اسم هذا القائل ، وأنه" روبيل" أو" شمعون" ، ولم يذكر هناك" يهوذا" .

(5) معلقته المشهورة ، وسيأتي في التفسير 17 : 73 ( بولاق ) ، وكان في المطبوعة :" ذي حقاف" ، وأثبت روايته هذه من المخطوطة .

(6) انظر تفسير" شعر" فيما سلف 12 : 576 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

(7) الأثر : 18840 -" صدقة بن عبادة بن نشيط الأسدي" ، روى عن أبيه عن ابن عباس . روى عنه أبو داود الطيالسي ، وموسى بن إسماعيل ، وغيرهما ، مترجم في الكبير 2 / 2 / 298 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 433 . /8 وأبوه" عبادة بن نشيط الأسدي" ، روى عن ابن عباس ، روى عنه ابنه صدقة ، مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 1 / 96 . ولم يذكروا فيه ولا في ابنه جرحًا . ومع ذلك فالخبر عندي غير مستقيم . وكفاه اختلالا أنه مخالف لصريح القرآن ، ولو وافقه لكان أولى به أن يكون قال لهم ذلك ، لما دخلوا عليه فقال لهم :" هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون" ، في آخر السورة .

التدبر :

وقفة
[15] ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ لو اجتمع العالم كله وعقدوا العزم على مضرتك بأمر لم يكتبه الله لك؛ فلن يضروك.
وقفة
[15] ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ أجمعوا على خطأ، ولا يزال أهل الحق مختلفين!
وقفة
[15] ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾ اعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.
وقفة
[15] ﴿وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا﴾ أجمعوا أمرهم عليه، فأوحى الله إليه إذا أجمع الناس عليك، فالله وليّك.
وقفة
[15] ﴿وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ هذا إجماع على ضلالة ولا شك.
وقفة
[15] ﴿وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ لم يدر في خلد حافري ذاك البئر أنه سيكون سجنًا لنبي! كم من مكان عادي تحتفظ ذاكرته بمشهد أليم!
وقفة
[15] ﴿وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ أسقطوه في البئر فرفعه الله على عرش الملك، لو أجمع من حولك على الكيد بك فلا يكون إلا ما أراد الله.
وقفة
[15] ﴿وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ لو أجمع من في الأرض على الكيد بك أو في مكانتك أو في من حولك أو غيره، فلن يكون إلا ما أراد الله، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، سبحان الله أسقطوه في البئر فرفعه الله على عرش الملك.
عمل
[15] ﴿وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ ليسَ كلُّ إجماعٍ موافقًا للشرع، الإجماع المقصود والمحمود مبسوط في كتب الأصول، فلا تغترَّ بإجماعِك وخُلَّانِك على استحسان فعل معصيةٍ، أو أمرٍ يُنافي المراتبَ العالية، فهذا إجماع على ضلالة بلا شك، وكثيرًا ما يتكرر هذا المشهد في المجتمعات الإنسانية التي تفتقد التقوى.
وقفة
[15] ﴿وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ ولو أجمع من حولك على الكيد بك؛ فلا يكون إلا ما أراد الله، أسقطوه في البئر؛ فرفعه الله على عرش الملك.
وقفة
[15] ﴿وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ ليسَ كلُّ إجماعٍ موافقًا للشرع، الإجماع المقصود والمحمود مبسوط في كتب الأصول، فلا تغترَّ بإجماعِك وخُلَّانِك على استحسان فعل معصيةٍ، فهذا إجماع على ضلالة بلا شك، وكثيرا ما يتكرر هذا المشهد في المجتمعات الإنسانية التي تفتقد التقوى.
وقفة
[15] ﴿وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ عجيب لطف الله أُلقي يوسف ﷺ في البئر؛ وهو مظنة الهلاك، وبِيع عبدًا؛ وهو مظنة البقاء في العبودية والرق، وسُجن؛ وهو مظنة البقاء في السجن إلى الموت لمكانة امرأة العزيز عند زوجها، ولو نجا من بعضها لم ينجُ من جميعها، ولكنه لطف اللطيف، فكل ما سبق كان سُلَّمًا للمجد والتمكين.
عمل
[15] لا تحفَل بإجماع أهلك وبني قومك على الباطل، فليس في كل إجماع معتبرٌ؛ فإخوة يوسف: ﴿وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾.
وقفة
[15] ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ ما من شخص يُظلم، ويجار عليه، إلا ويرى ما الله صانع بمن ظلمه، ولو بعد حين.
وقفة
[15] ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ يقذف الله في قلب وليه الشعور بكيد أعدائه وحساده من حيث لا يشعرون.
وقفة
[15] ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ ليس هذا وحي النبوة، فيوسف لم يبلغ بعد، بل كان غلامًا، لكنه وحي إلهام، وقد يقع مثله للصالحين؛ تثبیتًا من الله، وبشارة للمظلوم بأن الفرج قريب.
وقفة
[15] ﴿لَتُنَبِّئَنَّهُم﴾ يحتاج المظلوم أن يقول للظالم: أنت ظلمتني في يوم من الأيام، أنت عبثت بتاريخي، أنت لوثت سمعتي، أنت لعبت بدموعي.
وقفة
[15] ﴿لَتُنَبِّئَنَّهُم﴾ من بين طوفان اليأس تأتي مراكب الفَرَج، وفي وسط لهيب الأحزان تنمو زهور الفَرَح.
وقفة
[15] ﴿لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ يا ألله! لطف مذهل، البلاء يذهب ويأتي ولا يزال اللطف بيوسف لم يفارقه. إن ربي لطيف، من بين طوفان اليأس تأتي مراكب الفَرَج، وفي وسط لهيب الأحزان تنمو زهور الفَرَح.
وقفة
[15] ﴿لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أشد ما تكون المصائب والفضائح والبلايا وقعًا على القلوب إن كانت مفاجِئة صادمة لا يُتنبَّأ بوقوعها.

الإعراب :

  • ﴿ فلمّا:
  • الفاء: استئنافية. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى \"حين\" مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب. وجواب \"لما\" محذوف تقديره أو معناه: ضربوه أو آذوه أو فعلوا به ما فعلوا من الأذى والجملة الفعلية بعد \"لما\" في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ ذهبوا به:
  • فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. به: جار ومجرور متعلق بذهبوا.
  • ﴿ وأجمعوا أنْ يجعلوه:
  • معطوفة بالواو على \"ذهبوا\" وتعرب مثلها أنْ حرف مصدري ناصب. يجعلوه: فعل مضارع منصوب بأنْ وعلامة نصبه حذف النون. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. و \"أن وما تلاها\" بتأويل مصدر في محل نصب مفعول \"أجمعوا\" أي أجمعوا جعله مثل قولنا: أجمع الأمر وأزمعه. وجملة \"يجعلوه\" صلة \"أن\" المصدرية لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ في غيابة الجب وأوحينا إليه:
  • جار ومجرور متعلق بيجعلوه. الجبّ: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. الواو: عاطفة. أوحى: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنا و \"نا\" ضمير متصل في محل رفع فاعل. إليه: جار ومجرور متعلق بأوحى أي أوحينا له وهو في تلك الحالة.
  • ﴿ لتنبّئنّهم:
  • اللام: لام الابتداء. تنبئنّ: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى \"انك لتنبئهم\".
  • ﴿ بأمرهم هذا:
  • جار ومجرور متعلق بتنبئ. و\"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة. هذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر صفة -نعت- للأمر.
  • ﴿ وهم لا يشعرون:
  • الواو حالية والجملة بعدها: في محل نصب حال. هم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لا: نافية لا عمل لها. يشعرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة \"لا يشعرون\" في محل رفع خبر \"هم\". '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     ولَمَّا أقنعوا أباهم بإرسال يوسف معهم؛ ذهبوا به في الغد إلى حيث يريدون، ثم ألقوا به في قعر البئر دون رحمة أو شفقة، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لتنبئنهم:
1- بتاء الخطاب، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بياء الغيبة، وهى قراءة ابن عمر، وكذا هى فى بعض مصاحف البصرة.
3- بالنون، وهى قراءة سلام.

مدارسة الآية : [16] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ

التفسير :

[16] وجاء إخوة يوسف إلى أبيهم في وقت العِشاء من أول الليل، يبكون ويظهرون الأسف والجزع.

{ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ} ليكون إتيانهم متأخرا عن عادتهم، وبكاؤهم دليلا لهم، وقرينة على صدقهم.

فقوله: وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ.

والعشاء: وقت غيبوبة الشفق الباقي من بقايا شعاع الشمس، وبدء حلول الظلام والمراد بالبكاء هنا: البكاء المصطنع للتمويه والخداع لأبيهم، حتى يقنعوه- في زعمهم- أنهم لم يقصروا في حق أخيهم.

أى: وجاءوا أباهم بعد أن أقبل الليل بظلامه يتباكون، متظاهرين بالحزن والأسى لما حدث ليوسف، وفي الأمثال: «دموع الفاجر بيديه» .

يقول تعالى مخبرا عن الذي اعتمده إخوة يوسف بعد ما ألقوه في غيابة الجب : أنهم رجعوا إلى أبيهم في ظلمة الليل يبكون ، ويظهرون الأسف والجزع على يوسف ويتغممون لأبيهم وقالوا معتذرين عما وقع فيما زعموا.

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16)

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه: وجاء إخوة يوسف أباهم، بعد ما ألقوا يوسف في غيابة الجبّ عشاء يبكون.

* * *

وقيل: إن معنى قوله: (نستبق) ننتضل من " السباق " (8) كما:-

18841- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد قال، حدثنا أسباط ، عن السدي ، قال: أقبلوا على أبيهم عشاء يبكون ، فلما سمع أصواتهم فزع وقال: ما لكم يا بنيّ؟ هل أصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا: لا ! قال: فما فعل يوسف.

----------------------

الهوامش:

(8) انظر تفسير" الاستباق" فيما سلف 3 : 196 / 10 : 391 .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً﴾ الأنباء السيئة تتشح عادة بالسواد.
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ عندما تكون بموقع يتطلب منك حكمًا عادلًا؛ فدع عاطفتك جانبًا، ولا تلتفت لمن يذرف الدموع، فأغلبها مخادعة.
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ القلوب القاسية لديها قدرة عجيبة في أن تنتج دموعًا شبيهة بدموع الحزانى، اهتم بتاريخ الباكي ودعك من ملامحه.
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ أصحاب النظرات الزائغة والدموع الكاذبة والمشاعر الزائفة يحضرون في المساء لتسترهم الأضواء الخافتة.
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ إذا احتفت بالشخص بعض قرائن التهمة؛ اهتم بتاريخه ودعك من ملامحه.
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ قال القشيري: «تمكين الكذاب من البكاء سمة خذلان الله تعالى إياه، وفي الخبر: إذا كمل نفاق المرء ملك عينه حتی يبکی ما شاء».
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ جاؤوا عشاء ليكونوا أقدر على الاعتذار في الظُلمة، ولذا قيل: «لا تطلب الحاجة بالليل فإن الحياء في العينين».
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ إنهم يبكون حقًا لا يتظاهرون، الدموع القاتلة.
عمل
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ لا تَغْتر، فليس كل ما يلمع ذهبًا، ولا كل من يدمع صادقًا.
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ وفطنة الحاكم لا تنخدع لمثل هذه الحيل، ولا تنوط بها حكمًا، وإنما يناط الحكم بالبينة.
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ أي: زينت لكم أنفسكم أمرًا قبيحًا من التفريق بيني وبينه؛ لأنه رأى من القرائن والأحوال، ومن رؤيا يوسف التي قصها عليه ما دَلَّه على ما قال.
عمل
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ لا تنخدع بحيل المحتالين، قال الشعبي: «كنت جالسًا عند شريح القاضی، إذ دخلت عليه امرأة تشتكي زوجها وهو غائب، وتبكي بكاء شديدًا، فقال: أصلحك الله، ما أراها إلا مظلومة، قال: وما علمك؟ قلت: لبكائها، قال: لا تفعل؛ فإن إخوة يوسف جاءوا أباهم عشاء يبكون، وهم له ظالمون».
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ هذا يدل على أن بكاء المرء لا يدل على صدقه؛ لاحتمال أن يكون تصنعًا.
عمل
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ انتبه، ثم انتبه، ثم انتبه، هناك دمعات كاذبة، وعواطف فاسدة، ونظرات خائنة، يختفي خلفها جريمة قاتلة.
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ الغادر يتستر بظلام الليل، وما علم أن الليل يعقبه فجر يضيء بنور الحق.
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ ليس كل حبيب دمعه صادق، منزلته في قلبك لا تعني إخلاصه.
وقفة
[16] ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ قدموا إلى أبيهم في الليل ليتستروا بالظلام؛ فلا يرى بريق الكذب في أعينهم.
لمسة
[16] القرآن الكريم يستعمل (جاء) لما فيه صعوبة وشدة، ويستعمل (أتى) لما فيه سهولة ويسر، ﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر: 1] هذا أمر عظيم، هذا نصر لا يأتي بسهولة وإنما حروب ومعارك، ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ هذه فيها قتل، ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ﴾ [النمل: 17] ليس هنا حرب.
عمل
[16] لا تخدعك المظاهر؛ ستلحظ دموعًا بلا وجع، ووجعًا بلا دموع ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وجاءوا:
  • الواو استئنافية. جاءوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ أباهم عشاء:
  • فعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. عشاء: ظرف زمان منصوب بالفتحة.
  • ﴿ يبكون:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة في محل نصب حال. أي جاءوا أباهم عشية باكين. و \"عشاء\" متعلق بجاءوا. '

المتشابهات :

الأعراف: 116﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ
يوسف: 16﴿ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ
يوسف: 18﴿ وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     وبعد أن ألقوا يوسف في قعر البئر؛ عادوا إلى أبيهم وقت العِشاء من أول الليل يبكون، قال تعالى:
﴿ وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا ..

التفسير :

[17] قالوا:يا أبانا إنا ذهبنا نتسابق في الجَرْي والرمي بالسهام، وتركنا يوسف عند زادنا وثيابنا، فلم نقصِّر في حفظه، بل تركناه في مأمننا، وما فارقناه إلا وقتاً يسيراً، فأكله الذئب، وما أنت بمصدِّق لنا ولو كنا موصوفين بالصدق؛ لشدة حبك ليوسف.

فقالوا - متعذرينبعذر كاذب -{ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} إما على الأقدام، أو بالرمي والنضال،{ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا} توفيرا له وراحة.{ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ} في حال غيبتنا عنه في استباقنا{ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} أي:تعذرنا بهذا العذر، والظاهر أنك لا تصدقنا لما في قلبك من الحزن على يوسف، والرقة الشديدة عليه.

قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ أى: نتسابق عن طريق الرمي بالسهام، أو على الخيل، أو على الأقدام. يقال: فلان وفلان استبقا أى: تسابقا حتى ينظر أيهما يسبق الآخر.

وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا أى: عند الأشياء التي نتمتع بها وننتفع في رحلتنا، كالثياب والأطعمة وما يشبه ذلك.

فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ في تلك الفترة التي تركناه فيها عند متاعنا.

والمراد: قتله الذئب، ثم أكله دون أن يبقى منه شيئا ندفنه.

وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ أى: وما أنت بمصدق لنا فيما أخبرناك به من أن يوسف قد أكله الذئب، حتى ولو كنا صادقين في ذلك، لسوء ظنك بنا، وشدة محبتك له.

وهذه الجملة الكريمة توحى بكذبهم على أبيهم، وبمخادعتهم له، ويكاد المريب أن يقول خذوني- كما يقولون-.

وقالوا معتذرين عما وقع فيما زعموا : ( إنا ذهبنا نستبق ) أي : نترامى ، ( وتركنا يوسف عند متاعنا ) أي : ثيابنا وأمتعتنا ، ( فأكله الذئب ) وهو الذي كان [ قد ] جزع منه ، وحذر عليه .

وقولهم : ( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ) تلطف عظيم في تقرير ما يحاولونه ، يقولون : ونحن نعلم أنك لا تصدقنا - والحالة هذه - لو كنا عندك صادقين ، فكيف وأنت تتهمنا في ذلك ، لأنك خشيت أن يأكله الذئب ، فأكله الذئب ، فأنت معذور في تكذيبك لنا; لغرابة ما وقع وعجيب ما اتفق لنا في أمرنا هذا .

قالوا: ( يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب) ! فبكى الشيخ وصاح بأعلى صوته، وقال: أين القميص؟ فجاءوه بالقميص عليه دمٌ كذب ، فأخذ القميص فطرحه على وجهه ، ثم بكى حتى تخضَّب وجهه من دم القميص.

* * *

وقوله: (وما أنت بمؤمن لنا) ، يقولون: وما أنت بمصدّقنا على قِيلنا: إن يوسف أكله الذئب، ولو كنا صادقين! كما:-

18842 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي: (وما أنت بمؤمن لنا) قال: بمصدق لنا!

.......................................................................................

......................................................................................

......................................................................................

* * *

[ فإن قال قائل : ( ولو كنا صادقين ) وقوله ]: (9) (ولو كنا صادقين) ، إما خبرٌ عنهم أنهم غير صادقين ، فذلك تكذيب منهم أنفسَهم ، أو خبرٌ منهم عن أبيهم أنه لا يصدِّقهم لو صدَقوه، فقد علمت أنهم لو صَدَقوا أباهم الخبرَ صَدَّقهم؟

قيل: ليس معنى ذلك بواحد منهما ، وإنما معنى ذلك: وما أنت بمصدِّق لنا ولو كنا من أهل الصدق الذين لا يُتَّهمون، لسوء ظنك بنا، وتُهمَتك لنا.

----------------------

الهوامش:

(9) هذه الزيادة بين القوسين لا بد منها حتى يستقيم الكلام ، وظني أنه سقط من كلام الطبري شيء ، فلذلك وضعت قبله أسطرًا من النقط ، لأني أرى أنه لم يتم تفسير الآية على عادته في كل ما سلف .

التدبر :

وقفة
[17] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ﴾ فيه مشروعية المسابقة.
وقفة
[17] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ﴾ وردت (يا أبانا) في ستة مواضع في سياق الأبناء الذين أخطأوا في حق والدهم، ووردت (يا أبت) في ثمانية مواضع في سياق الأبناء البررة، بين يديك العِبر.
وقفة
[17] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ مهما كان الشخص بارعًا بالكذب؛ فلابد من أن يترك ثغرة يكشف بها كذبه.
وقفة
[17] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ كذَبوا، ﴿إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ﴾ [81] صدَقوا -ظنًا-، والرد فيهما: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ [18، 83]، الكذوب لا يُصدق وإن صدق.
وقفة
[17] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ المتظاهر بالأمر ينكشف أمره لأهل البصيرة ولو استخدم التمثيل، فإنهم جاؤوا أباهم عشاء يبكون، فهذا تمثيل ولكنه لم يدم لهم.
تفاعل
[17] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ استعذ بالله من الكذب.
وقفة
[17] ﴿إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا﴾ عجيب! البارحة تريدونه أن يرتع ويلعب، واليوم جعلتموه حارسًا للمتاع، وصرتم أنتم الراتعين اللاعبين؟!
وقفة
[17] ﴿إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا﴾ من الحيل الماكرة: أن يعترف المخطئ بخطأ وتقصير يسير ليغطي على جرمه الأعظم.
وقفة
[17] ﴿إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا﴾ ألم يكن يوسف عليه السلام هو المقصود باللعب في: ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَب﴾ [12]؟ فكان عند متاعهم! وهذه -والعلم عند الله- هي القرينة الأولى عند يعقوب عليه السلام، مع وجود قرينة أُخرى أقوى من هذه، تثبت خلاف ما قالوا.
وقفة
[17] ﴿فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ الذئب! ذكره أبوهم بالأمس فبات متَّهمهم اليوم! الكذب ممارسة هشة تتناول أقرب قناع.
وقفة
[17] ﴿وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ﴾ [13]، ﴿فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ قد يستفيد أهل الباطل من أخطاء المصلحين.
لمسة
[17] قال تعالى: ﴿فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ مع أنه يقال في اللغة (افترسه الذئب)، في اللغة الفرس والافتراس معناه الكسر ودق العنق وليس الأكل، وهو مقدمة للأكل، فإذا افترسه ليس شرطًا أنه أكله، ومحتمل أن يُنقذ منه،لكن في الآية ذكر الأمر النهائي أنه أكله، وعادة الذئب الافتراس ويُفترض أن يمزّق ثيابه كلها، وهم جاءوا على قميصه بدم كذب، فدلّ ذلك على أن الذئب لم يفترسه لذا جاء فعل (فَأَكَلَهُ).
وقفة
[17] ﴿وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا﴾ ما معنى (مؤمن لنا)؟ هذا سؤال نحوي: آمن له أي استجاب له وآمن له تستعمل للأشخاص، و(آمنوا به) ليس للشخص، وإنما لله تعالى، آمن له أي استجاب له، والقرآن يستعملها في الأشخاص: ﴿وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾، وفي الله والعقيدة يستعمل الباء (آمن به).
وقفة
[17] ﴿وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾ الكذاب هو من يكرر جملة: (أنا صادق)! فالصدق شاهد على نفسه.
وقفة
[17] ﴿وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾ الكاذب متهم من الكل، حتى من نفسه التي بين جنبيه!
وقفة
[17] ﴿وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾ لماذا عدل عن قوله: (بمصدِّق لنا) مع كونها أكثر رعايةً للجناس؟ لأنَّ لفظ (الإيمان) يقتضي التصديق مع زيادة إعطاء الأمن، قال الزركشي: «فتأمل هذه اللطائف الغريبة، والأسرار العجيبة، فإنه نوعٌ من الإعجاز».

الإعراب :

  • ﴿ قالوا يا أبانا:
  • فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. يا: أداة نداء. أبا: اسم منادى منصوب وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الخمسة و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ إنّا ذهبنا:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل أدغم بضمير المتكلمين و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم \"إنّ\". ذهب: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنا. \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل وجملة \"ذهبنا\" في محل رفع خبر إنّ.
  • ﴿ نستبق:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن والجملة: في محل نصب حال بمعنى نتسابق.
  • ﴿ وتركنا يوسف:
  • معطوفة بالواو على \"ذهبنا\" وتعرب إعرابها. يوسف: مفعول به منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والعلمية.
  • ﴿ عند متاعنا:
  • عند: ظرف مكان متعلق بتركنا وهو مضاف، متاع: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. و\"نا\" ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ فأكله الذئب:
  • الفاء عاطفة أو سببية. أكله: فعل ماضٍ مبي على الفتح والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. الذئب: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ وما أنت بمؤمن لنا:
  • الواو استئنافية. ما: نافية بمنزلة \"ليس\". أنت: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع اسم \"ما\". الباء حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. مؤمن: اسم مجرور لفظًا منصوب محلًا لأنه خبر \"ما\". لنا: جار ومجرور متعلق بمؤمن. وما تعمل عمل \"ليس\" عند الحجازيين. وهي مهملة عند بني تميم. فعلى لغة بني تميم تكون \"أنت\" في محل رفع مبتدأ و \"مؤمن\" مرفوعًا محلًا لأنه خبر \"أنت\" وفي هذه الآية عدّي فعل الإيمان باللام.
  • ﴿ ولو كنّا صادقين:
  • الواو حالية والجملة بعدها: في محل نصب حال. لو: بمعنى \"إنْ\" أداة شرط غير جازمة. كنّا: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا. و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم \"كان\". صادقين: خبر \"كان\" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا سألهم يعقوبُ عليه السلام عن سب البكاء؛ زعموا أن الذئب أكل يوسف، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ..

التفسير :

[18] وجاؤوا بقميصه ملطخاً بدم غير دم يوسف؛ ليشهد على صدقهم، فكان دليلاً على كذبهم؛ لأن القميص لم يُمَزَّق. فقال لهم أبوهم يعقوب عليه السلام:ما الأمر كما تقولون، بل زيَّنت لكم أنفسكم الأمَّارة بالسوء أمراً قبيحاً في يوسف، فرأيتموه حسناً وفعلتموه، فصبري صب

ولكن عدم تصديقك إيانا، لا يمنعنا أن نعتذر بالعذر الحقيقي، وكل هذا، تأكيد لعذرهم.{ وَ} مما أكدوا به قولهم، أنهم{ جَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} زعموا أنه دم يوسف حين أكله الذئب، فلم يصدقهم أبوهم بذلك، و{ قَالَ}{ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} أي:زينت لكم أنفسكم أمرا قبيحا في التفريق بيني وبينه، لأنه رأى من القرائن والأحوال [ ومن رؤيا يوسف التي قصَّها عليه]ما دلّه على ما قال.

{ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} أي:أما أنا فوظيفتي سأحرص على القيام بها، وهي أني أصبر على هذه المحنة صبرا جميلا سالما من السخط والتَّشكِّي إلى الخلق، وأستعين الله على ذلك، لا على حولي وقوتي، فوعد من نفسه هذا الأمر وشكى إلى خالقه في قوله:{ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} لأن الشكوى إلى الخالق لا تنافي الصبر الجميل، لأن النبي إذا وعد وفى.

ولكنهم لم يكتفوا بهذا التباكي وبهذا القول، بل أضافوا إلى ذلك تمويها آخر حكاه القرآن في قوله: وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ... أى: بدم ذي كذب، فهو مصدر بتقدير مضافه، أو وصف الدم بالمصدر مبالغة، حتى لكأنه الكذب بعينه، والمصدر هنا بمعنى المفعول، كالخلق بمعنى المخلوق، أى: بدم مكذوب.

والمعنى: وبعد أن ألقوا بيوسف في الجب، واحتفظوا بقميصه معهم، ووضعوا على هذا القميص دما مصطنعا ليس من جسم يوسف، وإنما من جسم شيء آخر قد يكون ظبيا وقد يكون خلافه.

وقال- سبحانه- عَلى قَمِيصِهِ للإشعار بأنه دم موضوع على ظاهر القميص وضعا متكلفا مصطنعا، ولو كان من أثر افتراس الذئب لصاحبه، لظهر التمزق والتخريق في القميص، ولتغلغل الدم في قطعة منه.

ولقد أدرك يعقوب- عليه السلام- من قسمات وجوههم، ومن دلائل حالهم، ومن نداء قلبه المفجوع أن يوسف لم يأكله الذئب، وأن هؤلاء المتباكين هم الذين دبروا له مكيدة ما، وأنهم قد اصطنعوا هذه الحيلة المكشوفة مخادعة له، ولذا جابههم بقوله: قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً....

والتسويل: التسهيل والتزيين. يقال: سولت لفلان نفسه هذا الفعل أى زينته وحسنته له، وصورته له في صورة الشيء الحسن مع أنه قبيح.

أى: قال يعقوب لأبنائه بأسى ولوعة بعد أن فعلوا ما فعلوا وقالوا ما قالوا: قال لهم ليس الأمر كما زعمتم من أن يوسف قد أكله الذئب، وإنما الحق أن نفوسكم الحاقدة عليه هي التي زينت لكم أن تفعلوا معه فعلا سيئا قبيحا، ستكشف الأيام عنه بإذن ربي ومشيئته.

ونكر الأمر في قوله: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً لاحتماله عدة أشياء مما يمكن أن يؤذوا به يوسف، كالقتل، أو التغريب، أو البيع في الأسواق لأنه لم يكن يعلم على سبيل اليقين ما فعلوه به.

وفي هذا التنكير والإبهام- أيضا- ما فيه من التهويل والتشنيع لما اقترفوه في حق أخيهم.

وقوله فَصَبْرٌ جَمِيلٌ أى: فصبرى صبر جميل، وهو الذي لا شكوى فيه لأحد سوى الله- تعالى- ولا رجاء معه إلا منه- سبحانه-.

ثم أضاف إلى ذلك قوله: وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ أى: والله- تعالى- هو الذي أستعين به على احتمال ما تصفون من أن ابني يوسف قد أكله الذئب.

أو المعنى: والله- تعالى- وحده هو المطلوب عونه على إظهار حقيقة ما تصفون، وإثبات كونه كذبا، وأن يوسف ما زال حيا، وأنه- سبحانه- سيجمعنى به في الوقت الذي يشاؤه.

قال الآلوسى: «أخرج ابن ابى حاتم وأبو الشيخ عن قتادة: أن إخوة يوسف- بعد أن ألقوا به في الجب- أخذوا ظبيا فذبحوه، ولطخوا بدمه قميصه، ولما جاءوا به إلى أبيهم جعل يقلبه ويقول: تالله ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا الذئب!! أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه ... » .

وقال القرطبي: «استدل الفقهاء بهذه الآية في إعمال الأمارات في مسائل الفقه كالقسامة وغيرها، وأجمعوا على أن يعقوب- عليه السلام- قد استدل على كذب أبنائه بصحة القميص، وهكذا يجب على الحاكم أن يلحظ الأمارات والعلامات ... » .

وقال الشيخ القاسمى ما ملخصه: «وفي الآية من الفوائد: أن الحسد يدعو إلى المكر بالمحسود وبمن يراعيه ... وأن الحاسد إذا ادعى النصح والحفظ والمحبة، لم يصدق، وأن من طلب مراده بمعصية الله- تعالى- فضحه الله- عز وجل-، وأن القدر كائن، وأن الحذر لا ينجى منه ... » .

وإلى هنا نجد الآيات الكريمة قد حكت لنا بأسلوبها البليغ، وتصويرها المؤثر، ما تآمر به إخوة يوسف عليه، وما اقترحوه لتنفيذ مكرهم، وما قاله لهم أوسطهم عقلا ورأيا، وما تحايلوا به على أبيهم لكي يصلوا إلى مآربهم، وما رد به عليهم أبوهم، وما قالوه له بعد أن نفذوا جريمتهم في أخيهم. بأن ألقوا به في الجب ...

ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك، لتقص علينا مرحلة أخرى من مراحل حياة يوسف- عليه السلام- حيث حدثتنا عن انتشاله من الجب، وعن بيعه بثمن بخس وعن وصية الذي اشتراه لامرأته، وعن مظاهر رعاية الله- تعالى- له فقال- سبحانه-:

( وجاءوا على قميصه بدم كذب ) أي : مكذوب مفترى . وهذا من الأفعال التي يؤكدون بها ما تمالئوا عليه من المكيدة ، وهو أنهم عمدوا إلى سخلة - فيما ذكره مجاهد ، والسدي ، وغير واحد - فذبحوها ، ولطخوا ثوب يوسف بدمها ، موهمين أن هذا قميصه الذي أكله فيه الذئب ، وقد أصابه من دمه ، ولكنهم نسوا أن يخرقوه ، فلهذا لم يرج هذا الصنيع على نبي الله يعقوب ، بل قال لهم معرضا عن كلامهم إلى ما وقع في نفسه من تمالئهم عليه : ( بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل ) أي : فسأصبر صبرا جميلا على هذا الأمر الذي قد اتفقتم عليه ، حتى يفرجه الله بعونه ولطفه ، ( والله المستعان على ما تصفون ) أي : على ما تذكرون من الكذب والمحال .

وقال الثوري ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وجاءوا على قميصه بدم كذب ) قال : لو أكله السبع لخرق القميص . وكذا قال الشعبي ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد .

وقال مجاهد : الصبر الجميل : الذي لا جزع فيه .

وروى هشيم ، عن عبد الرحمن بن يحيى ، عن حبان بن أبي جبلة قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله : ( فصبر جميل ) فقال : " صبر لا شكوى فيه " وهذا مرسل .

وقال عبد الرزاق : قال الثوري عن بعض أصحابه أنه قال : ثلاث من الصبر : ألا تحدث بوجعك ، ولا بمصيبتك ، ولا تزكي نفسك .

وذكر البخاري هاهنا حديث عائشة ، رضي الله عنها ، في الإفك حتى ذكر قولها : والله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف ، ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ) .

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) ، وسماه الله " كذبًا " لأن الذين جاؤوا بالقميص وهو فيه، كذَبوا ، فقالوا ليعقوب: " هو دم يوسف " ، ولم يكن دمه، وإنما كان دم سَخْلةٍ، (10) فيما قيل .

*ذكر من قال ذلك:

18843- حدثني أحمد بن عبد الصمد الأنصاري قال، حدثنا أبو أسامة، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، في قوله: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) قال: دم سخلة. (11)

18844- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) قال: دم سخلة، شاة.

18845- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (بدم كذب) قال: دم سخلة ، يعني: شاة .

18846- حدثني المثنى ، قال: حدثنا أبو حذيفة ، قال: حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله: (بدم كذب) قال: دم سخلةٍ، شاة.

18847- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: (بدم كذب) قال: كان ذلك الدم كذبًا ، لم يكن دمَ يوسف.

18848- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين ، قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد: (بدم كذب) قال: دم سخلة، شاة.

18849- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله: (بدم كذب) قال: بدم سخلة.

18850- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي ، قال: ذبحوا جديًا من الغنم ، ثم لطَّخوا القميص بدمه ، ثم أقبلوا إلى أبيهم ، فقال يعقوب: إن كان هذا الذئبُ لرحيما! كيف أكل لحمه ولم يخرق قميصه؟ يا بني، يا يوسف ما فعل بك بنو الإماء!

18851- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان الثوري، عن سماك بن حرب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) قال: لو أكله السبع لخرق القميص.

18852- حدثنا الحسن بن محمد ، قال، حدثنا أبو خالد ، قال، حدثنا سفيان بإسناده عن ابن عباس، مثله ، إلا أنه قال: لو أكله الذئب لخرَّق القميص.

18853- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) ، قال: لو كان الذئب أكله لخرَّقه.

18854- حدثني عبيد الله بن أبي زياد قال، حدثنا عثمان بن عمرو قال، حدثنا قرة ، عن الحسن ، قال: جيء بقميص يوسف إلى يعقوب ، فجعل ينظر إليه فيرى أثر الدم، ولا يرى فيه خَرْقًا ، قال: يا بني ما كنت أعهدُ الذئب حليمًا؟

18855- حدثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصاري ، قال، حدثنا أبو عامر العقدي ، عن قرة ، قال: سمعت الحسن يقول: لما جاؤوا بقميص يوسف ، فلم ير يعقوب شقًّا ، قال: يا بني ، والله ما عهدت الذئب حليمًا؟ (12)

18856- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا حماد بن مسعدة ، عن عمران بن مسلم ، عن الحسن ، قال: لما جاء إخوة يوسف بقميصه إلى أبيهم ، قال: جعل يقلبه فيقول: ما عهدت الذئب حليمًا؟ أكل ابني، وأبقى على قميصه !

18857- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) قال: لما أتوا نبيَّ الله يعقوب بقميصه ، قال: ما أرى أثرَ سبع ولا طعْنٍ، ولا خرْق.

18858- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: (بدم كذب) الدم الكذب ، لم يكن دم يوسف.

18859- حدثنا القاسم ، قال: حدثنا الحسين ، قال: حدثنا هشيم ، قال: أخبرنا مجالد ، عن الشعبي قال: ذبحوا جديًا ولطخوه من دمه. فلما نظر يعقوب إلى القميص صحيحًا ، عرف أن القوم كذبوه. فقال لهم: إن كان هذا الذئب لحليمًا ، حيث رَحم القميص ولم يرحم ابني ! فعرف أنهم قد كذبوه.

18860- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة ، عن سيفان ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) قال: لما أتي يعقوب بقميص يوسف ، فلم ير فيه خرقًا ، قال: كذبتم ، لو أكله السبع لخرق قميصه !

18861- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسحاق الأزرق ، ويعلى ، عن زكريا ، عن سماك ، عن عامر قال: كان في قميص يوسف ثلاث آيات :حين جاؤوا على قميصه بدم كذب . قال: وقال يعقوب: لو أكله الذئب لخرقَ قميصه.

18862- حدثنا الحسن بن محمد ، قال: حدثنا محمد قال، حدثنا زكريا ، عن سماك ، عن عامر قال: إنه كان يقول: في قميص يوسف ثلاث آيات: حين ألقي على وجه أبيه فارتد بصيرًا ، وحين قُدَّ منْ دُبُر ، وحين جاؤوا على قميصه بدم كذب.

18863- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عامر قال: كان في قميص يوسف ثلاث آيات: الشقُّ ، والدم ، وألقاه على وجه أبيه فارتدَّ بصيرًا.

18864- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا أبو عامر قال ، حدثنا قرة ، عن الحسن ، قال: لما جيء بقميص يوسف إلى يعقوب ، فرأى الدم ولم ير الشق قال: ما عهدت الذئب حليمًا؟

18865-..... قال، حدثنا حماد بن مسعدة قال، حدثنا قرة ، عن الحسن ، بمثله .

* * * *

فإن قال قائل: كيف قيل: (بدم كذب) وقد علمت أنه كان دمًا لا شك فيه ، وإن لم يكن كان دم يوسف؟

قيل: في ذلك من القول وجهان:

أحدهما: أن يكون قيل (بدم كذب) لأنه كُذِب فيه كما يقال ": الليلة الهلالُ" ، وكما قيل: فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ [ سورة البقرة 16 ]. وذلك قولٌ كان بعض نحويي البصرة يقوله.

والوجه الآخر: وهو أن يقال: هو مصدر بمعنى " مفعول ". وتأويله: وجاؤوا على قميصه بدم مكذوب ، كما يقال: " ما له عقل ولا معقول " ، و " لا له جَلَد ولا له مجْلود " . والعرب تفعل ذلك كثيرًا ، تضع " مفعولا " في موضع المصدر ، والمصدر في موضع مفعول ، كما قال الراعي:

حَــتَّى إذَا لــم يَــتْرُكُوا لِعِظَامِـهِ

لَحْمًـــا وَلا لِفـــؤادِهِ مَعْقــول (13)

وذلك كان يقوله بعض نحويي الكوفة . (14)

* * *

وقوله: (قال بل سولت لكم أنفسكم أمرًا) يقول تعالى ذكره: قال يعقوب لبنيه الذين أخبروه أن الذئب أكل يوسف مكذبا لهم في خبرهم ذلك: ما الأمر كما تقولون، ( بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا) يقول: بل زيَّنت لكم أنفسكم أمرًا في يوسف وحسنته، ففعلتموه كما:-

18866- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة: قال (بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا) ، قال: يقول: بل زينت لكم أنفسكم أمرًا.

* * *

وقوله: (فصبر جميل) يقول: فصبري على ما فعلتم بي في أمر يوسف صبرٌ جميل ، أو فهو صبر جميل.

* * *

وقوله (والله المستعان على ما تصفون) يقول: واللهَ أستعين على كفايتي شرّ ما تصفون من الكذب (15) .

* * *

وقيل " : إن الصبر الجميل "، هو الصبر الذي لا جزع فيه.

*ذكر من قال ذلك:

18867- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (فصبر جميل) قال: ليس فيه جزع.

18868- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

18869- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة ، قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

18870- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم ، قال: حدثنا سفيان ، عن مجاهد: (فصبر جميل) في غير جزع.

18871- .... قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

18872- ..... قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم ، عن عبد الرحمن بن يحيى ، عن حبان بن أبي جبلة ، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: (فصبر جميل) قال: صبر لا شكوى فيه. قال: من بثّ فلم يصبر. (16)

18873- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى ، عن حبان بن أبي جبلة: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله: (فصبر جميل) قال: صبر لا شكوى فيه. (17)

18874-... قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد: (فصبر جميل) : ليس فيه جزع.

18875- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

18876- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري ، عن رجل ، عن مجاهد في قوله: (فصبر جميل) : قال: في غير جزع.

18877- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

18878- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الثوري ، عن بعض أصحابه قال: يقال: ثلاث من الصبر: أن لا تحدِّث بوجعك ، ولا بمصيبتك ، ولا تزكّي نفسك ،

قال أخبرنا الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت: أن يعقوب النبيّ صلى الله عليه وسلم كان قد سقط حاجبَاه ، فكان يرفعهما بخرقةٍ ، فقيل له: ما هذا؟ قال: طول الزمان ، وكثرة الأحزان! فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: يا يعقوب، أتشكوني؟ قال: يا رب خطيئة أخطأتها ، فاغفرها لي.

* * *

وقوله: (والله المستعان على ما تصفون) . (18)

18879- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة: (والله المستعان على ما تصفون ) أي على ما تكذبون.

* * *

----------------------

الهوامش:

(10) " السخلة" . ولد الشاة من المعز والضأن ، ذكرًا كان أو أنثى .

(11) الأثر : 18843 -" أحمد بن عبد الصمد بن علي بن عيسى الأنصاري الزرقي" ،" أبو أيوب" ، شيخ الطبري ، مشهور لا بأس به . مترجم في تاريخ بغداد 4 : 270 ، ولسان الميزان 1 : 214 ، وروى عنه الطبري في تاريخه 5 : 22 ، في موضع واحد . وانظر ما سيأتي رقم : 18855 .

(12) الأثر 18855 -" أحمد بن عبد الصمد الأنصاري" ، انظر ما سلف رقم : 18843 .

(13) جمهرة أشعار العرب : 175 ، وغيرها ، من ملحمته المشهورة ، قالها لعبد الملك بن مروان ، وكان بعض عماله على الصدقات ، قد أوقع ببني نمير قوم الراعي ، لأن قيسًا كانت زبيرية الهوى ، فقال :

أَخَلِيفَــةَ الرَّحْــمَنِ إنَّــا مَعْشَــرٌ

حُنَفَــاءُ نَسْــجُدُ بُكْــرَةً وأصِيـلاَ

عَــرَبٌ , نَـرَى لِلـهِ فـي أمْوالِنـا

حَــقَّ الزَّكــاةِ مُــنَزَّلاً تــنزيلاَ

إنَّ السُّــعاةَ عَصَـوْكَ يَـوْمَ أمْـرَتَهُمْ

وأتَـوْا دَواهِـيَ , لـو عَلِمْتَ , وغُولا

ثم يقول له :

أخَـذُوا العَـرِيفَ فَقَطَّعُـوا حَيْزُومَـهُ

بِالأصْبَحِيَّـــةِ قائمًـــا مَغْلُــولاً

حَــتَّى إذَا لَـمْ يَـتْرُكُوا ...........

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

جَـاءوا بِصَكِّـهِمُ , وَأَحْـدَبَ أَسْـأَرَتْ

مِنْــهُ السِّــياطُ يَرَاعَــةً إجْـفِيلا

وهي من جيد الشعر .

(14) هو الفراء في معاني القرآن ، في تفسير هذه الآية .

(15) انظر تفسير" الوصف" فيما سلف 12 : 10 ، 11 ، 152 .

(16) الأثر : 18872 -" حبان بن أبي جبلة المصري" ، أحد العشرة الذين بعثهم عمر ، ليفقهوا أهل مصر ، مضى برقم : 2195 ، 10180 . أما" عبد الرحمن بن يحيى" ، فلم أعرف من يكون ، وقد سلف في مثل هذا الإسناد برقم : 10180 ، وظن أخي هناك أنه قد يكون" عبد الرحمن بن زياد بن أنعم" ، ولكن قد اتفق أن يكون في الموضعين ، يكون في الموضعين ، على تباعدهما" عبد الرحمن بن يحيى" ، فهذا مبعد له عن التصحيف والتحريف ، إلا أن يكون هذا أحد الرواة عن حبان ، لم نعرفه . وعسى أن يأتي في التفسير بعد ما يوضحه . ثم انظر أيضًا الإسناد الذي يليه .

(17) الأثر : 18873 -" عبد الرحمن بن يحيى" ، انظر التعليق السابق .

(18) انظر تفسير" الوصف" فيما سلف ص : 584 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك .

التدبر :

وقفة
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ قميص يوسف طاهر، لم يدنسه الذئب، لكن من دنسه هم إخوته، ما أشد ألم ظلم ذوي القربى!
وقفة
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ يا للوعة قلب الأب وهو يرى قميص ابنه! كان بالأمس يرى فيه ابنه، واليوم يرى عليه دم ابنه المزعوم.
وقفة
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ يبدو أن تزوير الحقائق عادة اكتسبها الإنسان منذ القدم.
وقفة
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ لا أدري كيف ملك يعقوب لسانه وعينه وهو يرى قميصًا ملطخًا بالدم يؤذِن بفراق ولده؟! إنه الإيمان والنبوة.
وقفة
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ كم من دليل خادع !وكم من قريب كاذب !
وقفة
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ قصة القمصان الثلاثة! قال الإمام الشعبي: «قصة يوسف كلها في قميصه، وذلك أنهم لما ألقوه في الجب، نزعوا قميصه، ولطخوه بالدم، وعرضوه على أبيه ولما شهد الشاهد قال: ﴿وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ﴾ [27]، وقال: ﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَـٰذَا﴾ [93]، ولما أتى البشير إلى يعقوب بقميصه، وألقى على وجهه، فارتد بصيرًا».
وقفة
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ علامة أخرى على قسوة قلوبهم تجاه يوسف، أنهم نزعوا قميص أخيهم الصغير ليستعملوه في ترويج كذبهم، وتركوه في العراء بلا قميص.
وقفة
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ ليست هناك جريمة كاملة! هذا الدم المراق فأين القميص الممزق؟!
وقفة
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾، ﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ﴾ [28]، لوثوا قميصه في الشام بالدم، ومزقوا قميصه في مصر، وظل يوسف طاهرًا عفيف الإنسان ليس قميصًا.
وقفة
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ اعلم أنك إن كذبت كذبة؛ فلابد أن تتبعها بآلاف الكذبات حتى تحافظ على الأولى، كما حصل لأخوة يوسف عليه السلام.
وقفة
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ استخدام عجيب لوسائل التأثير! قميص الابن فيه دمه المزعوم، يا لوعة قلب الأب! فما أحوجنا لوسائل التأثير فيما ينفع!
عمل
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ كن على حذرٍ ممّن يقدّم براهينَه قبل أن تطلبَه إيّاها.
وقفة
[18] كانت الفاجعة بقميص: ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾، والبراءة بقميص: ﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ﴾ [28].
عمل
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ كن واثقًا أن لبس الحق بالباطل ﻻ يدوم، فإخوة يوسف بكوا، وقالوا أكله الذئب، وأكدوه بدم في قميصه، فلم يفلحوا؛ ﻷنهم غالبوا أمر الله ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ [21].
وقفة
[18] ﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ حين تشعر بالكيد اصبر، واطلب من الله أن يعينك على الكائدين.
لمسة
[18] الوصف بالمصدر: ﴿بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ أبلغ من كاذب، يفيد المبالغة، فعندما تصف بالمصدر كأنما تحول الشيء إلى مصدر، تقول: هذا رجل صِدقٌ، ورجلٌ عدلٌ.
وقفة
[18] ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ لم تمحُ ﴿فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ [17] حقيقة ﴿إِنِّي رَأَيْتُ﴾ [4]؛ ثق بالله وتجاهل كل الأيمان المغلظة التي تنثرها الحياة من حولك.
وقفة
[18] ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ ما أعظم حلم الأنبياء وأحسن أخلاقهم! رغم احتراق قلب يعقوب على یوسف، لم يصدر منه إلا ألين الكلام مع هؤلاء اللئام.
وقفة
[18] الأب المحنك والمربي العاقل الذي يعرف كيف يربط الأحداث مع بعضها، فالرؤيا لم تتحقق بعد ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا﴾.
عمل
[18] ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ لا تثق دائمًا بميولات نفسك، فقد تميل نفسك لأفعال غاية في الشناعة.
لمسة
[18] ما الفرق بين طوعت: ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ﴾ [المائدة: 30]، وسولت: ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا﴾؟ لا يجوز في القرآن أن تأتي (طوعت) مكان (سولت) أو العكس، هما بمعنى واحد لكن طوّعت فيها شدّة تحتاج إلى جهد، مثل المعادن وكذلك الوحوش والطيور تطويعها يحتاج إلى جهد وبذل، ابن آدم كان يفكر هل يمكن أن يقدم على قتل أخيه، فاحتاج وقتًا لترويض نفسه ليفعل هذا الفعل، وهو ليس كأي تسويل أو تزيين بسهولة تفعل الشيء وأنت مرتاح، أما (سولت له نفسه) أي زينت له الأمر، ليس فيها جهد، كقصة السامري:﴿وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ [طه: 96]، أسهل من أن يقتل الواحد أخاه.
وقفة
[18] ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ كيف يأكله الذئب ولم تسجد له الكواكب بعد؟! همسة :كن بمبشرات الخالق أوثق منك مما تراه عيناك، هذه القرينة الثانية -والعلم عند الله- التي ذكرناها بالأمس.
وقفة
[18] ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ جوز بعض أهل العلم إساءة الظن بالشخص إذا احتفت به بعض القرائن، فقد جاء عن عمر الفاروق رضي الله عنه وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز: «لستُ بالخِبِّ -يعني المخادع-، ولا الخِبُّ يخدعُني».
وقفة
[18] ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ في هذه السورة في موضعين، ليس بتكرار؛ لأنه ذكر الأول حين نعى إليه يوسف، والثاني لما رفع إليه ما جرى على بنيامين.
لمسة
[18] التنكير في ﴿أَمْرًا﴾ إما للتعظيم والتفخيم، كأنه يقول: أمرًا عظيمًا ارتكبتموه، أو للإبهام، أي أمرًا من الأمور المستورة تحت طي الكتمان.
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ قال الثوري عن بعض أصحابه أنه قال: «ثلاث من الصبر: أن لا تحدث بوجعك، ولا بمصيبتك، ولا تزكي نفسك».
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ قالها يعقوب عليه السلام في موضعين، والصبر الجميل هو الذي ليس معه شكوى إلا لله، قال الله على لسانه: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ [86].
لمسة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ ما الفرق بين (صبرٌ جميل) و(صبرًا جميلًا)؟ كل واحدة لها دلالة في المعنى غير الأخرى؛ (فَصَبْرٌ) هذا أمر بالصبر الثابت الدائم، أما (صبرًا) فهو أمر بالصبر في هذه المسألة فقط، ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ [المعارج: 5].
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ ما حيلة المكروب إﻻ الصبر؟ هل يوجد حل آخر؟ وإن نفذ صبرك فاطلب من الله أن يمدك بصبر آخر! هكذا حتى ينتهي هذا الطريق الشاق.
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ الصبر الجميل نهايته الخير كما فعل يعقوب مع المصيبة التي فعلها أبناؤه مع يوسف حينما رموه في البئر؛ (فصبرٌ جميل)، عاد يوسف عزيزًا.
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ حتى الصبر (المر) قابل للجمال!
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ دائمًا إذا أغلقت النوافذ؛ يخلق الله لك بابًا.
عمل
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ قلها لنفسك، واجه بها أحزانك، أعلنها في روحك، نطقك بها يشعرك بلذة الصبر ومعنى الرضا.
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ لا جزع فيه ولا صخب، لا سخط فيه ولا يأس، لا شكوى ولا شك بوعد الله، بل تسليم ورضا وحمد وثناء يقود صاحبه لمنازل الأولياء.
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ لا يسمى الصبر صبرًا إلا إذا كان بعيدًا عن التشكي والتسخط على الله، ولا يكون جميلًا إلا مع الإحتساب وحسن الظن بالله.
وقفة
[18] وحين يأتيك ما تكره من أحبتك؛ فصبر نفسك بسرعة زوال الدنيا وهوانها وكثرة تقلبها ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾.
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ﴾ قال الرازي: «لأن الدواعي النفسانية تدعوه إلى إظهار الجزع، وهي قوية، والدواعي الروحانية تدعوه إلى الصبر والرضا، فكأنهما في تحارب وتجالد، فما لم تحصل إعانته تعالى، لم تحصل الغلبة، فقوله: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ يجري مجرى قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾، وقوله: ﴿وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ﴾ يجري مجرى قوله: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾!».
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ﴾ حلاوة الأجر ولذة اللجوء إلى الله تبدد مرارة الصبر.
وقفة
[18] لكل مبتلىٰ: ﴿فصبرٌ جميل والله المستعان﴾.
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾: في أول مصيبة يعقوب عليه السلام؛ لذا طلب العون من الله تعالى على فقده لولده، ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ [83]: في نهاية المصيبة، ويعقوب عليه السلام يعلم من الله ما لا يعلمه أبناؤه، لذا قال: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ [83].
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ بعض الظلم ﻻ يجدي معه الكلام أو العتاب، فهو أكبر من أي كلام.
عمل
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ اصبر على هذه المحنة صبرًا سالمًا من السخط والتشكي إلى الخلق، واستعن الله على ذلك، ويحسن للمكلوم أن يعود نفسه ألا يشكو لغير الله، وإذا شكوت إلى العباد فإنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم.
اسقاط
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ الصالحون يزدادون بالبلاء جمالًا، حتى صبرهم جميل.
وقفة
[18] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ لماذا لم يسع يعقوب في البحث عن يوسف رغم علمه بأنه حي؟! قال الإمام الرازي في إجابته: «علم أن الله تعالى يصون يوسف عن البلاء والمحنة، وأن أمره سيعظم بالآخرة، ثم لم يرد هتك أستار سرائر أولاده، وما رضي بإلقائهم في السنة الناس؛ وذلك لأن أحد الولدين إذا ظلم الآخر، وقع الأب في العذاب الشديد؛ لأنه إن لم ينتقم يحترق قلبه على الولد المظلوم، وإن انتقم فإنه يحترق قلبه على الولد الذي ينتقم منه».
عمل
[18] حدد أمرًا أهمك، واصبر عليه صبرًا جميلًا، ولا تتبعه بشكوى، ولا عتاب، ولا أذية، لعل الله ييسره لك، ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾.
وقفة
[18] و«الصبر الجميل» صبر بلا شكوى؛ قال يعقوب عليه الصلاة والسلام: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ [86]، مع قوله: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾، فالشكوى إلى الله لا تنافي الصبر الجميل.
وقفة
[18] ﴿وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ﴾ مهما ارتقيت في المناصب، وتزودت من الألقاب، تبقى ضعيف بنفسك، لن تبلغ ما تسعى إليه؛ إلا بإعانة الله.
وقفة
[18] ﴿وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ أجمل ما في المصائب أن قلبك يكون فيها أكثر تهيؤًا لمعاني الربوبيّة.
وقفة
[18] ﴿وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ حتى (ما يصفونك) من أوصاف؛ أنت بحاجة للاستعانة بالله عليها. [18] ﴿وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ هذه من فراسة يعقوب الذي كان واثقًا أنهم كاذبون في هذا الوصف، وأنهم هم الذين ألحقوا الضرر بيوسف لا الذئب، فقصتهم لم تقع، وقد وصفوا له أمورًا لم تقع.
عمل
[18] ﴿وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ حين يؤلمك الآخرون فاستعن بربك ستتخطى بعونه آلامهم.
وقفة
[18] الاختناق: هو أن تكون مضطرًا أن تختار أدنى المفسدتين ﴿وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وجاءوا على قميصه:
  • الواو عاطفة. جاءوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. على قميصه: جار ومجرور متعلق بجاءوا. بمعنى وجاءوا بقميص والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ بدم كذب:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من \"قميصه\". كذب: نعت لدم وهو وصف مجازى بمعنى مكذوب فيه أي ذي كذب أو وصف بالمصدر للمبالغة. التقدير ملوثًا بدم وشبه الجملة \"على قميصه\" محلها النصب على الظرفية بتقدير: فوق قميصه.
  • ﴿ قال بل:
  • فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود على أبيهم يعقوب. بل: حرت اضراب للاستئناف.
  • ﴿ سوّلت لكم:
  • فعل ماضٍ مبني على الفتح. والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. لكم: جار ومجرور متعلق بسولت والميم علامة جمع الذكور بمعنى وسهلت. والجملة الفعلية في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ أنفسكم أمرًا:
  • أنفس: فاعل مرفوع بالضمة. الكاف: ضمير متصل في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. أمرًا: مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى \"ارتكاب أمر عظيم\" فحذف المضاف وحلّ المضاف إليه مقامه فانتصب بالفتحة.
  • ﴿ فصبر جميل:
  • الفاء: استئنافية. صبر: خبر لمبتدأ محذوف. التقدير. فأمري صبر أو شأني صبر أو الذي عندي صبر. جميل: صفة -نعت- لصبر مرفوعة مثلها بالضمة. ويجوز أن تكون \"صبر\" مبتدأ لأنه موصوف وخبره محذوفًا التقدير: فصبر جميل أمثل.
  • ﴿ والله المستعان:
  • الواو: عاطفة. الله لفظ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. المستعان: خبر المبتدأ مرفوع مثله بالضمة.
  • ﴿ على ما تصفون:
  • جار ومجرور متعلق بالمستعان. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعلى. والمعنى: على احتمال ما تقولون. وقد حذف المضاف وحلّ المضاف إليه محله. تصفون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة \"تصفون\" صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: ما تصفونه ويجوز أن تكون \"ما\" مصدرية فتكون \"ما\" وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى. التقدير: على وصفكم .. أي على قولكم. '

المتشابهات :

يوسف: 18﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ
يوسف: 83﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد التباكى وادعاء أن الذئب أكله لم يكتفوا بذلك؛ بل أضافوا تمويهًا آخر: جاؤوا بقميصه ملطخًا بدم غير دم يوسف; ليشهد على صدقهم، فكان دليلًا على كذبهم; لأن القميص لم يُمَزَّقْ، فعرف يعقوب أنهم كاذبون، قال تعالى:
﴿ وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

كذب:
1- بالجر، على أنه وصف ل «دم» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- كذبا، بالنصب، ويحتمل أن يكون مصدرا فى موضع الحال، ومفعولا من أجله، وهى قراءة زيد بن على.
3- كدب، بالدال غير معجمة أي: الكدر، أو الطري، وهى قراءة عائشة، والحسن.
فصبر جميل:
وقرئا:
فصبرا جميلا، بالنصب، وهى قراءة أبى، والأشهب، وعيسى بن عمر، وكذا هى فى مصحف أبى، ومصحف أنس بن مالك.

مدارسة الآية : [19] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى ..

التفسير :

[19] وجاءت جماعة من المسافرين، فأرسلوا مَن يطلب لهم الماء، فلما أرسل دلوه في البئر تعلَّق بها يوسف، ففرح واردُ الماء وابتهج بالعثور على غلام، وقال:يا بُشْرى هذا غلام نفيس، وأخفى الواردُ وأصحابه يوسفَ عن بقية المسافرين فلم يُظْهروه لهم، وقالوا:إن هذه بضا

تفسير الآيتين 19 و20:ـ

أي:مكث يوسف في الجب ما مكث، حتى{ جَاءَتْ سَيَّارَةٌ} أي:قافلة تريد مصر،{ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ} أي:فرطهم ومقدمهم، الذي يعس لهم المياه، ويسبرها ويستعد لهم بتهيئة الحياض ونحو ذلك،{ فَأَدْلَى} ذلك الوارد{ دَلْوَهُ} فتعلق فيه يوسف عليه السلام وخرج.{ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ} أي:استبشر وقال:هذا غلام نفيس،{ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} وكان إخوته قريبا منه، فاشتراه السيارة منهم،{ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} أي:قليل جدا، فسره بقوله:{ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ}

لأنه لم يكن لهم قصد إلا تغييبه وإبعاده عن أبيه، ولم يكن لهم قصد في أخذ ثمنه، والمعنى في هذا:أن السيارة لما وجدوه، عزموا أن يُسِرُّوا أمره، ويجعلوه من جملة بضائعهم التي معهم، حتى جاءهم إخوته فزعموا أنه عبد أبق منهم، فاشتروه منهم بذلك الثمن، واستوثقوا منهم فيه لئلا يهرب، والله أعلم.

فقوله- سبحانه-: وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ، فَأَدْلى دَلْوَهُ ... شروع في الحديث عما جرى ليوسف من أحداث بعد أن ألقى به إخوته في الجب.

والسيارة: جماعة المسافرين، وكانوا- كما قيل- متجهين من بلاد الشام إلى مصر.

والوارد: هو الذي يرد الماء ليستقى للناس الذين معه. ويقع هذا اللفظ على الفرد والجماعة. فيقال لكل من يرد الماء وارد، كما يقال للماء مورود.

وقوله فَأَدْلى من الإدلاء بمعنى إرسال الدلو في البئر لأخذ الماء.

والدلو: إناء معروف يوضع فيه الماء.

وفي الآية الكريمة كلام محذوف دل عليه المقام، والتقدير:

وبعد أن ألقى إخوة يوسف به في الجب وتركوه وانصرفوا لشأنهم، جاءت إلى ذلك المكان قافلة من المسافرين، فأرسلوا واردهم ليبحث لهم عن ماء ليستقوا، فوجد جبا، فأدلى دلوه فيه، فتعلق به يوسف، فلما خرج ورآه فرح به وقال: يا بشرى هذا غلام.

وأوقع النداء على البشرى، للتعبير عن ابتهاجه وسروره، حتى لكأنها شخص عاقل يستحق النداء، أى: يا بشارتي أقبلى فهذا أوان إقبالك.

وقيل المنادى محذوف والتقدير: يا رفاقى في السفر أبشروا فهذا غلام، وقد خرج من الجب.

وقرأ أهل المدينة ومكة: يا بشر اى هذا غلام. بإضافة البشرى إلى ياء المتكلم. والضمير المنصوب وهو الهاء في قوله: وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً يعود إلى يوسف.

أما الضمير المرفوع فيعود إلى السيارة. وأسر من الإسرار الذي هو ضد الإعلان.

والبضاعة: عروض التجارة ومتاعها. وهذا اللفظ مأخوذ من البضع بمعنى القطع، وأصله جملة من اللحم تبضع أى: تقطع. وهو حال من الضمير المنصوب في وَأَسَرُّوهُ.

والمعنى: وأخفى جماعة المسافرين خبر التقاط يوسف من الجب مخافة أن يطلبه أحد من السكان المجاورين للجب، واعتبره بضاعة سرية لهم، وعزموا على بيعه على أنه من العبيد الأرقاء.

ولعل يوسف- عليه السلام- قد أخبرهم بقصته بعد إخراجه من الجب.

ولكنهم لم يلتفتوا إلى ما أخبرهم به طمعا في بيعه والانتفاع بثمنه.

ومن المفسرين من يرى أن الضمير المرفوع في قوله وَأَسَرُّوهُ يعود على الوارد ورفاقه، فيكون المعنى:

وأسر الوارد ومن معه أمر يوسف عن بقية أفراد القافلة، مخافة أن يشاركوهم في ثمنه إذا علموا خبره، وزعموا أن أهل هذا المكان الذي به الجب دفعوه إليهم ليبيعوه لهم في مصر على أنه بضاعة لهم.

ومنهم من يرى أن الضمير السابق يعود إلى إخوة يوسف.

قال الشوكانى ما ملخصه: وذلك أن يهوذا كان يأتى إلى يوسف كل يوم بالطعام. فأتاه يوم خروجه من الجب فلم يجده، فأخبر إخوته بذلك، فأتوا إلى السيارة وقالوا لهم: إن الغلام الذي معكم عبد لنا قد أبق، فاشتروه منهم بثمن بخس، وسكت يوسف مخافة أن يأخذه إخوته فيقتلوه» .

وعلى هذا الرأى يكون معنى وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً: أخفى إخوة يوسف كونه أخا لهم،واعتبروه عرضا من عروض التجارة القابلة للبيع والشراء.

ويكون المراد بقوله- تعالى- بعد ذلك وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ الشراء الحقيقي، بمعنى أن السيارة اشتروا يوسف من إخوته بثمن بخس.

والحق أن الرأى الأول هو الذي تطمئن إليه النفس، لأنه هو الظاهر من معنى الآية، ولأنه بعيد عن التكلف الذي يرى واضحا في القولين الثاني والثالث.

وقوله: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ أى: لا يخفى عليه شيء من أسرارهم. ومن عملهم السيئ في حق يوسف. حيث إنهم استرقوه وباعوه بثمن بخس، وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم. كما جاء في الحديث الشريف.

يقول تعالى مخبرا عما جرى ليوسف ، عليه السلام ، حين ألقاه إخوته ، وتركوه في ذلك الجب فريدا وحيدا ، فمكث في البئر ثلاثة أيام ، فيما قالهأبو بكر بن عياش

وقال محمد بن إسحاق : لما ألقاه إخوته جلسوا حول البئر يومهم ذلك ، ينظرون ما يصنع وما يصنع به ، فساق الله له سيارة ، فنزلوا قريبا من تلك البئر ، وأرسلوا واردهم - وهو الذي يتطلب لهم الماء - فلما جاء تلك البئر ، وأدلى دلوه فيها ، تشبث يوسف ، عليه السلام ، فيها ، فأخرجه واستبشر به ، وقال : ( يا بشراي هذا غلام )

وقرأ بعض القراء : " يا بشرى " ، زعم السدي أنه اسم رجل ناداه ذلك الرجل الذي أدلى دلوه ، معلما له أنه أصاب غلاما . وهذا القول من السدي غريب; لأنه لم يسبق إلى تفسير هذه القراءة بهذا إلا في رواية عن ابن عباس ، والله أعلم . وإنما معنى القراءة على هذا النحو يرجع إلى القراءة الأخرى ، ويكون قد أضاف البشرى إلى نفسه ، وحذف ياء الإضافة وهو يريدها ، كما تقول العرب : " يا نفس اصبري " ، و " يا غلام أقبل " ، بحذف حرف الإضافة ، ويجوز الكسر حينئذ والرفع ، وهذا منه ، وتفسرها القراءة الأخرى ) يا بشراي " ) والله أعلم .

وقوله : ( وأسروه بضاعة ) أي : وأسره الواردون من بقية السيارة وقالوا : اشتريناه وتبضعناه من أصحاب الماء مخافة أن يشاركوهم فيه إذا علموا خبره . قاله مجاهد ، والسدي ، وابن جرير . هذا قول .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : قوله : ( وأسروه بضاعة ) يعني : إخوة يوسف ، أسروا شأنه ، وكتموا أن يكون أخاهم وكتم يوسف شأنه مخافة أن يقتله إخوته ، واختار البيع . فذكره إخوته لوارد القوم ، فنادى أصحابه : ( يا بشرى هذا غلام ) يباع ، فباعه إخوته .

وقوله : ( والله عليم بما يعملون ) أي : يعلم ما يفعله إخوة يوسف ومشتروه ، وهو قادر على تغيير ذلك ودفعه ، ولكن له حكمة وقدر سابق ، فترك ذلك ليمضى ما قدره وقضاه ، ألا له الخلق والأمر ، تبارك الله رب العالمين .

وفي هذا تعريض لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وإعلامه له بأنني عالم بأذى قومك ، وأنا قادر على الإنكار عليهم ، ولكني سأملي لهم ، ثم أجعل لك العاقبة والحكم عليهم ، كما جعلت ليوسف الحكم والعاقبة على إخوته .

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وجاءت مارَّةُ الطريق من المسافرين (19) ، (فأرسلوا واردهم) وهو الذي يرد المنهل والمنـزل , و " وروده إياه "، مصيره إليه ودخوله (20) .(فأدلى دلوه) يقول: أرسل دلوه في البئر.

* * *

يقال: " أدليت الدلو في البئر " إذا أرسلتها فيه , فإذا استقيت فيها قلت: " دلوْتُ أدْلُو دلوًا ".

* * *

وفي الكلام محذوف، استغنى بدلالة ما ذكر عليه، فترك , وذلك: (فأدلى دلوه) ، فتعلق به يُوسف، فخرج , فقال المدلي: (يا بشرى هذا غلام) .

* * *

وبالذي قلنا في ذلك , جاءت الأخبار عن أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك:

18880 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , عن أسباط , عن السدي: (وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه) فتعلق يوسف بالحبل، فخرج , فلما رآه صاحب الحبل نادَى رجلا من أصحابه يقال له " بُشرى ": (يا بشرى هذا غلامٌ).

18881 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه) فتشبث الغلام بالدلو , فلما خرج قال: (يا بشرى هذا غلام) .

* * *

18882 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (فأرسلوا واردهم) يقول: أرسلوا رسولهم , فلما أدلى دلوه تشبث بها الغلام ( ، (قال يا بشرى هذا غلام).

* * *

واختلفوا في معنى قوله:: (يا بشرى هذا غلام).

فقال بعضهم: ذلك تبشير من المدلي دلوَه أصحابَه، في إصابته يوسف بأنه أصاب عبدًا (21) .

* ذكر من قال ذلك:

18883 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة: (قال يا بشرى هذا غلام) تباشروا به حين أخرجوه . وهي بئر بأرض بيت المقدس معلومٌ مكانها

18884 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (يا بشرى هذا غلام) قال: بشّرهم واردهم حين وجدَ يوسف.

* * *

وقال آخرون: بل ذلك اسم رجل من السيَّارة بعينه، ناداه المدلي لما خرج يوسف من البئر متعلِّقًا بالحبل .

* ذكر من قال ذلك:

18885 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , قال: حدثنا أسباط , عن السدي: (يا بشرى هذا غلام) قال: نادى رجلا من أصحابه يقال له " بشرى " , فقال: (يا بشرى هذا غلام).

18886 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا خلف بن هشام , قال: حدثنا يحيى بن آدم , عن قيس بن الربيع , عن السدي , في قوله: (يا بشرى هذا غلام) قال: كان اسم صاحبه " بشرى ".

18887 - حدثني المثنى , قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد , قال: حدثنا الحكم بن ظهير , عن السدي , في قوله: (يا بشرى هذا غلام) قال: اسم الغلام " بشرى " ; قال: " يا بشرى " , كما تقول ": يا زيد ".

* * *

واختلفت القراء في قراءة ذلك:

فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة: " يا بُشْرَيَّ" بإثبات ياء الإضافة , غير أنه أدغم الألف في الياء طلبا للكسرة التي تلزم ما قبل ياء الإضافة من المتكلم، في قولهم ": غلامي" و " جاريتي"، في كل حال , وذلك من لغة طيئ , (22) كما قال أبو ذؤيب:

سَــبَقوا هَــوَيَّ وأَعْنَقُـوا لِهَـوَاهُمُ

فَتُخِــرِّمُوا وَلِكُــلِّ جَـنْبٍ مَصْـرَعُ (23)

* * *

وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين: (يا بُشْرَى) بإرسال الياء وترك الإضافة .

وإذا قرئ ذلك كذلك احتمل وجهين من التأويل:

أحدهما ما قاله السدي , وهو أن يكون اسم رجل دعاه المستقي باسمه , كما يقال: " يا زيد " , و " يا عمرو " , فيكون " بشرى " في موضع رفع بالنداء.

والآخر: أن يكون أرادَ إضافة البشرى إلى نفسه , فحذف الياء وهو يريدها , فيكون مفردًا وفيه نيَّة الإضافة , كما تفعل العرب في النداء فتقول: " يا نفس اصبري" , و " يا نفسي اصبري" , و " يا بُنَيُّ لا تفعل " , و " يا بُنَيِّ لا تفعل " , فتفرد وترفع، وفيه نية الإضافة. وتضيف أحيانًا فتكسر , كما تقول: " يا غلامِ أقبل " , و " يا غلامي أقبل " .

* * *

قال أبو جعفر: وأعجب القراءة في ذلك إليَّ قراءةُ من قرأه بإرسال الياء وتسكينها ; لأنه إن كان اسم رجل بعينِه كان معروفًا فيهم كما قال السدي , فتلك هي القراءة الصحيحة لا شك فيها (24) . وإن كان من التبشير فإنه يحتمل ذلك إذا قرئ كذلك على ما بيَّنت.

وأما التشديد والإضافة في الياء، فقراءة شاذة، لا أرى القراءة بها , وإن كانت لغة معروفة ; لإجماع الحجة من القرأة على خلافها .

* * *

وأما قوله: (وأسروه بضاعة) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.

فقال بعضهم: وأسرَّه الوارد المستقي وأصحابُه من التجار الذين كانوا معهم , وقالوا لهم ": هو بضاعة استبضعناها بعضَ أهل مصر " ; لأنهم خافوا إن علموا أنهم اشتروه بما اشتروه به أن يطلبوا منهم فيه الشركة .

* ذكر من قال ذلك:

18888 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (وأسرو بضاعة) قال: صاحب الدلو ومن معه , قالوا لأصحابهم: " إنما استبضعناه " , خيفةَ أن يشركوهم فيه إن علموا بثمنه. وتبعهم إخوته يقولون للمدلي وأصحابه: استوثق منه لا يأبَقْ ! حتى وَقَفوه بمصر , فقال: من يبتاعني ويُبَشَّر؟ فاشتراه الملك , والملك مُسلم.

18889 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحوه ، غير أنه قال: خيفة أن يستشركوهم إن علموا به , واتبعهم إخوته يقولون للمدلي وأصحابه: استوثقوا منه لا يأبق ! حتى واقفوه بمصر (25) ، وسائر الحديث مثل حديث محمد بن عمرو.

18890 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد ،

18891 - .... قال: وحدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , بنحوه ، غير أنه قال: خيفة أن يشاركوهم فيه، إن علموا بثمنه .

18892 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , بنحوه ، إلا أنه قال: خيفة أن يستشركوهم فيه إن علموا ثمنه . وقال أيضًا: حتى أوقفوه بمصر.

18893 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , قال: حدثنا أسباط , عن السدي: (وأسروه بضاعة) قال: لما اشتراه الرجلان فَرَقًا من الرفقة أن يقولوا: " اشتريناه " فيسألونهم الشركة , فقالا إن سألونا ما هذا؟ قلنا بضاعة استبضَعَناه أهل الماء . فذلك قوله: (وأسروه بضاعة) بينهم

* * *

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأسرّه التجار بعضهم من بعض .

* ذكر من قال ذلك:

18894 - حدثنا أبو كريب , قال: حدثنا وكيع , عن سفيان , عن رجل , عن مجاهد: (وأسروه بضاعة) قال: أسرّه التجار بعضهم من بعض.

18895 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو نعيم الفضل , قال: حدثنا سفيان , عن مجاهد: (وأسروه بضاعة) قال: أسرّه التجار بعضهم من بعض.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: أسرُّوا بيعَه .

* ذكر من قال ذلك:

18896 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال: أخبرنا عبد الرزاق , قال: أخبرنا معمر , عن قتادة: (وأسروه بضاعة) قال: أسروا بيعه.

18897 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا قيس , عن جابر , عن مجاهد: (وأسروه بضاعة) قال: قالوا لأهل الماء: إنما هو بضاعة .

* * *

وقال آخرون: إنما عني بقوله: (وأسروه بضاعة) إخوة يوسف، أنهم أسرُّوا شأن يوسف أن يكون أخَاهم , قالوا: هو عبدٌ لنا .

* ذكر من قال ذلك:

18898 - حدثني محمد بن سعد , قال: حدثني أبي , قال: حدثني عمي , قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله: (وأسروه بضاعة) يعني: إخوة يوسف أسرُّوا شأنه وكتموا أن يكون أخاهم , فكتم يوسف شأنه مخافةَ أن تقتله إخوته , واختار البيع . فذكره إخوته لوارد القوم , فنادى أصحابه قال: يا بشرى‍! هذا غلامٌ يباع . فباعه إخوته.

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب: قولُ من قال: " وأسرَّ وارد القوم المدلي دلوَه ومن معه من أصحابه، من رفقته السيارة، أمرَ يوسف أنهم أشتروه، خيفةً منهم أن يستشركوهم , وقالوا لهم: هو بضاعة أبضَعَها معنا أهل الماء ، وذلك أنه عقيب الخبر عنه , فلأن يكون ما وليه من الخبر خبرًا عنه , أشبهُ من أن يكون خبرًا عمَّن هو بالخبر عنه غيرُ متَّصِل (26) .

* * *

وقوله: (والله عليم بما يعملون) يقول تعالى ذكره: والله ذو علم بما يعمله باعَةُ يوسف ومشتروه في أمره، لا يخفى عليه من ذلك شيء , ولكنه ترك تغيير ذلك ليمضي فيه وفيهم حكمه السابق في علمه , وليري إخوة يوسف ويوسف وأباه قدرتَه فيه. (27)

* * *

وهذا , وإن كان خبرًا من الله تعالى ذكره عن يوسف نبيّه صلى الله عليه وسلم , فإنه تذكير من الله نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، وتسلية منه له عما كان يلقى من أقربائه وأنسبائه المشركين من الأذى فيه , يقول : فاصبر، يا محمد، على ما نالك في الله , فإنّي قادرٌ على تغيير ما ينالك به هؤلاء المشركون , كما كنت قادرًا على تغيير ما لقي يوسف من إخوته في حال ما كانوا يفعلون به ما فعلوا , ولم يكن تركي ذلك لهوان يوسف عليّ، ولكن لماضي علمي فيه وفي إخوته , فكذلك تركي تغييرَ ما ينالك به هؤلاء المشركون لغير هوان بك عليّ , ولكن لسابق علمي فيك وفيهم , ثم يصير أمرُك وأمرهم إلى عُلوّك عليهم، وإذعانهم لك , كما صار أمر إخوة يوسف إلى الإذعان ليوسف بالسؤدد عليهم، وعلوِّ يوسف عليهم. (28)

* * *

----------------------

الهوامش:

(19) انظر تفسير" السيارة" فيما سلف 15 : 567 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(20) انظر تفسير" الورود" فيما سلف 15 : 466 .

(21) انظر تفسير" البشرى" فيما سلف من فهارس اللغة ( بشر ) .

(22) ولغة هذيل أيضًا ، كما قال الأصمعي .

(23) ديوانه ( في ديوان الهذليين ) 1 : 2 ، وشرح المفضليات : 854 ، وغيرهما ، وهي إحدى عجائب أبي ذؤيب ، يقولها في بنيه الذين ماتوا ، سبقه بهم الطاعون في عام واحد ، وكانوا خمسة :

أَوْدَى بَنِــيَّ , وأعْقَبُــونِي غُصَّـةً

بَعْــدَ الرُّقــادِ , وعَــبْرةً لا تُقْلِـعُ

سَـــبَقوا هـــوَيَّ ..............

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَغَــبَرْتُ بَعْــدَهُمُ بعَيْشٍ نــاصِبٍ

وَإخــالُ أنِّــي لاحِــقٌ مُسْــتَتْبِعُ

يقول: سبقوني بما اختاروه من الموت والذهاب ، وساروا سيرًا حثيثًا إلى الذي اختاروه ، فتخرمتهم المنية ، فأخذتهم واحدًا بعد واحد . ولكل جنب مصرع لا يخطئه ، فحيث قدر الله له الميتة أدركته .

(24) في المطبوعة والمخطوطة :" فذلك هي ....." ، والأجود ما أثبت .

(25) في المطبوعة :" حتى أوقفوه" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو الصواب ، وانظر هذه الرواية في رقم : 18892 .

(26) انظر تفسير" الإسرار" فيما سلف 15 : 103 ، 239 .

(27) انظر تفسير" عليم" فيما سلف من فهارس اللغة ( علم ) .

(28) عند هذا الموضع انتهى الجزء الثاني عشر من مخطوطتنا ، وفي آخرها ما نصه :" نجز الجزء الثاني عشر ، بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم يتلوه في أول الجزء الثالث عشر إن شاء الله تعالى : القول في تأويل قوله تعالى : { وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين } وكان الفراغ منه في شهر رمضان المعظم سنة خمس عشرة وسبعمئة" .

التدبر :

وقفة
[19] ﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ﴾ سيارة هم نفرٌ من المارة المسافرين، أي القافلة التي تسير، وسيارة جمع سيار، اسم فاعل من المسير.
وقفة
[19] ﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ﴾ قيل: ضاعوا فبلغ بهم المسير إلى الجُب؛ إذا أراد اللطيف إنقاذك يُضيِّع آخرين لأجلك، يريهم البئر لتنجو، يعطشهم لتحيا.
عمل
[19] ﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ﴾ لا تيأس في جب أحزانك، ستمر قريبًا سيارة الفرج.
وقفة
[19] ﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ﴾ إذا أراد الله إنقاذك خلق حاجة ما في نفوس بعض خلقه، يدفعهم بها لينتشلوك من جبّك الموحش.
وقفة
[19] ﴿فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ﴾ قد تكون نهاية مواجعك دلوًا عتيقًا يقدّر الله أن ينتشلك به من جُبّك المظلم، لا تستغرب! كثير ممن انحشرت أجسادهم في دلاء الابتلاء تربّعوا على عروش التمكين.
عمل
[19] ﴿فَأَدْلَىٰ دَلْوَه﴾ لا تستهن بالأشياء والأشخاص الذين تجدهم مصادفة في دلوك أو طريقك أو بجوارك، فقد يكونون أثمن مما تظن.
وقفة
[19] أيًّا كان مكرهم بك فإنك وإياهم تحت مكر الله، فإخوة يوسف ألقوه ببئر لا نجاة منه عادة فإذا هو بشرى لقافلة ﴿فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ ۖ قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلَامٌ﴾.
عمل
[19] ﴿قَالَ يَا بُشْرَىٰ﴾ تفاءل بالكلمات الأولى، المضمّنة بعطر الفرح.
عمل
[19] ﴿قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلَامٌ﴾ قد يستبشر بك البعيد ويتنكر لك القريب، فلا تقلق لأن من يراك من بعيد يرى صورتك بشكل أكمل وأشمل وينزلك منزلتك.
وقفة
[19] ﴿قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلَامٌ﴾ الرجل جعل ينادي البشارة كأنها أمامه! الفرح يخيل إليك أنك تلمسه محسوسًا.
وقفة
[19] ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ حقيقتك لن تغيّرها نظرة الناس إليك، يوسف ظنوه بضاعة، وحقيقته نبيّ كريم، وملك عظيم.
وقفة
[19] ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ لم يخطر في خيالاتهم أن هذا السر سيفضحه الله في كتاب ينزل من السماء.
وقفة
[19] ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ هنا نوازع النفس الدنيئة، هنا مكر الغريب وحيله المريبة، هنا إخفاء الجمال المهيب، هنا استعباد الحرية لتكون بضاعة!
وقفة
[19] ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ مع الله سلعة تباع وتشترى، يقدّر الله أن تتربّع على عرش العزة في مصر، وتنقذ البلد من طوفان القحط.
وقفة
[19] ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ الجرح الأعمق في حياة شخص: أن يحوله إخواته إلى بضاعة تباع وتشترى.
وقفة
[19] الذين أخرجوا يوسف ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ فأعطوا على قدر نيتهم السرية فباعوه بثمن بخس، ولو أسروا الخير لكانوا أعظم المستفيدين, فعلى قدر النية يكون العوض.
وقفة
[19] ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً ۚ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ إن حاصرك الناس بزاوية معتمة من زوايا الحياة وضيقوا عليك فتذكر أن حتى يوسف بيع بضاعة!
وقفة
[19] ﴿وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ أي: عليم بما يفعله إخوة يوسف، ومشتروه، وهو قادر على تغيير ذلك ودفعه، ولكن له حكمة وقدر سابق، فترك ذلك ليمضي ما قدره وقضاه، وفي هذا تعريض لرسوله محمد ﷺ وإعلام له بأني عالم بأذى قومك لك، وأنا قادر على الإنكار عليهم، ولكني سأملي لهم، ثم أجعل لك العاقبة والحكم عليهم؛ كما جعلت ليوسف الحكم والعاقبة على إخوته.

الإعراب :

  • ﴿ وجاءت سيارة:
  • الواو: استئنافية. جاءت: فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء للتأنيث على اللفظ. سيارة: أي جماعة مفردها سيّار: فاعل مرفوع بالضمة. فأرسلوا واردهم: الفاء عاطفة. أرسلوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل يعود على \"سيارة\" وقد ذكّر الفعل على المعنى والألف فارقة. وارد: مفعول به منصوب بالفتحة و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة وهو الذي يرد الماء.
  • ﴿ فأدلى دلوه:
  • الفاء: عاطفة. أدلى: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف المقصورة للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. دلوه: مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ قال يا بشرى:
  • قال: يعرب إعراب \"أدلى\" وهو مبني على الفتح الظاهر. يا: أداة نداء. بشرى: منادى مبني على الضم المقدر على الألف للتعذر في محل نصب بمعنى: يا أيتها البشرى. ويجوز أن يكون بمعنى يا بشرى أي بشرى المتكلم على إضافتها إلى نفسه.
  • ﴿ هذا غلام:
  • ها: للتنبيه. ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. غلام: خبر \"هذا\" مرفوع بالضمة والجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ وأسروه بضاعة:
  • وأسروه: بمعنى: أخفوه: تعرب إعراب \"أرسلوا\" والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به يعود على يوسف. بضاعة: حال منصوب بالفتحة بمعنى: متاعًا للتجارة. وقيل بمعنى مبضوعًا.
  • ﴿ والله عليم بما يعملون:
  • هذه الآية تعرب إعراب \"والله المستعان على ما تصفون\" الواردة في الآية الكريمة السابقة. '

المتشابهات :

يوسف: 19﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ
النور: 41﴿كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     ولَمَّا أراد اللهُ عز وجل نجاة يوسُفَ عليه السلام من البئر، بَيَّنَ هنا كيف خرج من البئر، قال تعالى:
﴿ وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَـذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يا بشرى:
وقرئ:
1- يا بشرى، بغير إضافة، وهى قراءة الكوفيين.
2- يا بشراى، بسكون ياء الإضافة، وهى قراءة ورش عن نافع.
3- يا بشرى، بقلب الألف ياء وإدغامها فى ياء الإضافة، وهى لغة لهذيل وهى قراءة أبى الطفيل والحسن، وابن أبى إسحاق، والجحدري.

مدارسة الآية : [20] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ ..

التفسير :

[20] وباعه إخوته للواردين من المسافرين بثمن قليل من الدراهم، وكانوا زاهدين فيه راغبين في التخلص منه؛ وذلك أنهم لا يعلمون منزلته عند الله.

تفسير الآيتين 19 و20:ـ

أي:مكث يوسف في الجب ما مكث، حتى{ جَاءَتْ سَيَّارَةٌ} أي:قافلة تريد مصر،{ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ} أي:فرطهم ومقدمهم، الذي يعس لهم المياه، ويسبرها ويستعد لهم بتهيئة الحياض ونحو ذلك،{ فَأَدْلَى} ذلك الوارد{ دَلْوَهُ} فتعلق فيه يوسف عليه السلام وخرج.{ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ} أي:استبشر وقال:هذا غلام نفيس،{ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} وكان إخوته قريبا منه، فاشتراه السيارة منهم،{ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} أي:قليل جدا، فسره بقوله:{ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ}

لأنه لم يكن لهم قصد إلا تغييبه وإبعاده عن أبيه، ولم يكن لهم قصد في أخذ ثمنه، والمعنى في هذا:أن السيارة لما وجدوه، عزموا أن يُسِرُّوا أمره، ويجعلوه من جملة بضائعهم التي معهم، حتى جاءهم إخوته فزعموا أنه عبد أبق منهم، فاشتروه منهم بذلك الثمن، واستوثقوا منهم فيه لئلا يهرب، والله أعلم.

وقوله: - سبحانه- وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ بيان لما فعله السيارة بيوسف بعد أن أسروه بضاعة.

وقوله شَرَوْهُ هنا بمعنى باعوه.

والبخس: النقص، يقال بخس فلان فلانا حقه، إذا نقصه وعابه. وهو هنا بمعنى المبخوس.

ودَراهِمَ جمع درهم، وهي بدل من بِثَمَنٍ.

ومَعْدُودَةٍ صفة لدراهم، وهي كناية عن كونها قليلة، لأن الشيء القليل يسهل عده، بخلاف الشيء الكثير، فإنه في الغالب يوزن وزنا.

والمعنى: أن هؤلاء المسافرين بعد أن أخذوا يوسف ليجعلوه عرضا من عروض تجارتهم، باعوه في الأسواق بثمن قليل تافه، وهو عبارة عن دراهم معدودة، ذكر بعضهم أنها لا تزيد على عشرين درهما.

وقوله: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ بيان لعدم حرصهم على بقائه معهم، إذ أصل الزهد قلة الرغبة في الشيء، تقول زهدت في هذا الشيء، إذا كنت كارها له غير مقبل عليه.

أى: وكان هؤلاء الذين باعوه من الزاهدين في بقائه معهم، الراغبين في التخلص منه بأقل ثمن قبل أن يظهر من يطالبهم به.

قال الآلوسى ما ملخصه: «وزهدهم فيه سببه أنهم التقطوه من الجب، والملتقط للشيء متهاون به لا يبالى أن يبيعه بأى ثمن خوفا من أن يعرض له مستحق ينزعه منه ... »

وقوله : ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) يقول تعالى : وباعه إخوته بثمن قليل ، قاله مجاهد وعكرمة .

والبخس : هو النقص ، كما قال تعالى : ( فلا يخاف بخسا ولا رهقا ) [ الجن : 13 ] أي : اعتاض عنه إخوته بثمن دون قليل ، وكانوا مع ذلك فيه من الزاهدين ، أي : ليس لهم رغبة فيه ، بل لو سئلوه بلا شيء لأجابوا .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك : إن الضمير في قوله : ( وشروه ) عائد على إخوة يوسف .

وقال قتادة : بل هو عائد على السيارة .

والأول أقوى; لأن قوله : ( وكانوا فيه من الزاهدين ) إنما أراد إخوته ، لا أولئك السيارة; لأن السيارة استبشروا به وأسروه بضاعة ، ولو كانوا فيه زاهدين لما اشتروه ، فيرجح من هذا أن الضمير في ) وشروه ) إنما هو لإخوته .

وقيل : المراد بقوله : ( بخس ) الحرام . وقيل : الظلم . وهذا وإن كان كذلك ، لكن ليس هو المراد هنا; لأن هذا معلوم يعرفه كل أحد أن ثمنه حرام على كل حال ، وعلى كل أحد ، لأنه نبي ، ابن نبي ، ابن نبي ، ابن خليل الرحمن ، فهو الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، وإنما المراد هنا بالبخس الناقص أو الزيوف أو كلاهما ، أي : إنهم إخوته ، وقد باعوه ومع هذا بأنقص الأثمان; ولهذا قال : ( دراهم معدودة ) فعن ابن مسعود باعوه بعشرين درهما ، وكذا قال ابن عباس ، ونوف البكالي ، والسدي ، وقتادة ، وعطية العوفي وزاد : اقتسموها درهمين درهمين .

وقال مجاهد : اثنان وعشرون درهما .

وقال محمد بن إسحاق وعكرمة : أربعون درهما .

وقال الضحاك في قوله : ( وكانوا فيه من الزاهدين ) وذلك أنهم لم يعلموا نبوته

ومنزلته عند الله عز وجل .

وقال مجاهد : لما باعوه جعلوا يتبعونهم ويقولون لهم : استوثقوا منه لا يأبق حتى وقفوه بمصر ، فقال : من يبتاعني وليبشر ؟ فاشتراه الملك ، وكان مسلما .

القول في تأويل قوله تعالى : وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20)

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: (وشروه) به: وباع إخوة يوسف يوسف.

* * *

، فأما إذا أراد الخبر عن أنه ابتاعه , قال: " اشتريته "، (29) ومنه قول ابن مفرّغ الحميري:

وَشَــــرَيْتُ بُـــرْدًا لَيْتَنِـــي

مِــنْ قَبْــلِ بُــرْدٍ كـنْتُ هَامَـهْ (30)

يقول: " بعت بردًا " , وهو عبدٌ كان له.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك:

18899 - حدثني يعقوب , قال: حدثنا إبراهيم , قال: حدثنا هشيم , عن &; 16-9 &; مغيرة , عن أبي معشر , عن إبراهيم , أنه كره الشراء والبيع للبدويّ. قال: والعرب تقول: " اشر لي كذا وكذا "، أي: بع لي كذا وكذا ، وتلا هذه الآية (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) يقول: باعوه , وكان بيعه حرامًا.

18900 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: إخوة يوسف أحد عشر رجلا باعوه حين أخرجَه المدلي بدلوه.

18901 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بمثله .

18902 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن أبي نجيح , عن مجاهد

18903 - وحدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .

18904 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , مثله .

18905 - .... قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج (وشروه) قال: قال ابن عباس: فبيع بينهم.

18906 - حدثني المثنى , قال: حدثنا عمرو بن عون , قال: أخبرنا هشيم , عن جويبر , عن الضحاك , في قوله: (وشروه بثمن بخس) قال: باعوه.

18907 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثنا هشيم , عن جويبر , عن الضحاك , مثله .

18908 - حدثني محمد بن سعد , قال: ثني أبي , قال: حدثني عمي , قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس: فباعه إخوته بثمن بخس.

* * *

وقال آخرون: بل عني بقوله: (وشروه بثمن بخس) السيارةَ أنهم باعوا يوسف بثمن بخس .

* ذكر من قال ذلك:

18909 - حدثني محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (وشروه بثمن بخس) وهم السيارة الذين باعوه.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال: تأويل ذلك: وشَرى إخوةُ يوسف يوسف بثمن بخس (31) وذلك أن الله عز وجل قد أخبر عن الذين اشتروه أنهم أسرُّوا شراء يوسف من أصحابهم، خيفة أن يستشركوهم، بادّعائهم أنَّه بضاعة. ولم يقولوا ذلك إلا رغبة فيه أن يخلُص لهم دونهم، واسترخاصًا لثمنه الذي ابتاعوه به , لأنهم ابتاعوه كما قال جل ثناؤه (بثمن بخس) . ولو كان مبتاعوه من إخوته فيه من الزاهدين، لم يكن لقيلهم لرفقائهم: " هو بضاعة "، معنى ، ولا كان لشرائهم إياه، وهم فيه من الزاهدين وجهٌ , إلا أن يكونوا كانوا مغلوبًا على عقولهم ; لأنه محال أن يشتري صحيح العقل ما هو فيه زاهدٌ من غير إكراهِ مكرِهٍ له عليه , ثم يكذب في أمرِه الناس بأن يقول: " هو بضاعة لم أشتره "، مع زهده فيه. بل هذا القولُ من قول من هو بسلعته ضنينٌ لنفاستها عنده , ولما يرجُو من نفيس الثَّمن لها وفضلِ الربح.

* * *

وأما قوله: (بخس) فإنه يعني: نَقْص.

* * *

وهو مصدر من قول القائل: " بخست فلانًا حقه ": إذا ظلمته , يعني: ظلمه فنقصه عما يجبُ له من الوفاء: " أبخَسُه بَخْسًا "، ومنه قوله: وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ [ سورة هود: 85 ]، وإنما أريد: بثمن مبخوس منقوصٍ , فوضع " البخس " وهو مصدر مكان " مفعول " , كما قيل:: بِدَمٍ كَذِبٍ وإنما هو " بدم مكذوب فيه " (32) .

* * *

واختلف أهل التأويل في معنى ذلك.

فقال بعضهم: قيل (بثمن بخس) لأنه كان حرامًا عليهم .

* ذكر من قال ذلك:

18910 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا المحاربي , عن جويبر عن الضحاك : (وشروه بثمن بخس) قال: " البخس ": الحرام.

18911 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا علي بن عاصم , عن جويبر , عن الضحاك: : (وشروه بثمن بخس)، قال: حرام. (33) 18912 - حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول: كان ثمنه بخسًا، حرامًا، لم يحلّ لهم أن يأكلوه . 18913 - حدثني المثنى , قال: حدثنا عمرو بن عون , قال: حدثنا هشيم , عن جويبر , عن الضحاك , في قوله: (وشروه بثمن بخس) قال: باعوه بثمن بخس , قال: كان بيعه حرامًا وشراؤه حرامًا. 18914 - حدثني القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثنا هشيم , قال: أخبرنا جويبر , عن الضحاك: (بثمن بخس) قال: حرام . 18915 - حدثني محمد بن سعد , قال: حدثني أبي , قال: حدثني عمي , قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس: (بثمن بخس) يقول: لم يحلّ لهم أن يأكلوا ثمنَه. * * * وقال آخرون: معنى البخس هنا: الظلم . * ذكر من قال ذلك: 18916 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (وشروه بثمن بخس) قال ": البخس ": هو الظلم . وكان بيع يوسف وثمنه حرامًا عليهم 18917 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , قال: قال قتادة: (وشروه بثمن بخس) قال: ظلم. * * * وقال آخرون: عني بالبخس في هذا الموضع: القليل (34) . * ذكر من قال ذلك: 18918 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا يحيى بن آدم , عن قيس , عن جابر , عن عكرمة , قال: " البخس ": القليل. 18919 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا قيس , عن جابر , عن عكرمة , مثله. * * * قال أبو جعفر: وقد بينا الصحيح من القول في ذلك. * * * وأما قوله (دراهم معدودة)، (35) فإنه يعني عز وجل أنهم باعوه بدراهم غير موزونة، ناقصة غير وافية، لزهدهم كان فيه. * * * وقيل: إنما قيل " معدودة " ليعلم بذلك أنها كانت أقلّ من الأربعين , لأنهم كانوا في ذلك الزمان لا يزنون ما كان وزنه أقلّ من أربعين درهمًا , لأن أقل أوزانهم وأصغرها كان الأوقية , وكان وزن الأوقية أربعين درهمًا . قالوا: إنما دلَّ بقوله: (معدودة) على قلة الدراهم التي باعُوه بها. * * * فقال بعضهم: كان عشرين درهمًا . * ذكر من قال ذلك: 18920 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن , عن زهير , عن أبي إسحاق , عن أبي عبيدة , عن عبد الله , قال: إن ما اشتري به يوسف عشرون درهمًا. 18921 - حدثني المثنى , قال: حدثنا الحماني , قال: حدثنا شريك , عن أبي إسحاق , عن أبي عبيدة , عن عبد الله: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) قال: عشرون درهمًا. 18922 - حدثنا ابن بشار , قال: حدثنا عبد الرحمن , قال: حدثنا سفيان , عن أبي إسحاق , عن نوف البكالي , في قوله: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) قال: عشرون درهمًا. 18923 - حدثنا أبو كريب , قال: حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا أبي ، عن سفيان , عن أبي إسحاق , عن نوف الشاميّ: " بخس دراهم " قال: كانت عشرين درهمًا . (36) 18924 - حدثني المثنى , قال: حدثنا الحماني , قال: حدثنا شريك , عن أبي إسحاق , عن نوف , مثله . 18925 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال: قال ابن عباس , في قوله: (بثمن بخس دراهم معدودة) قال: عشرون درهمًا . 18926 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: (دراهم معدودة) قال: كانت عشرين درهمًا. 18927 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة: ذكر لنا أنه بيع بعشرين درهمًا ، (وكانوا فيه من الزاهدين). 18928 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة , مثله . 18929 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , عن أبي إدريس , عن عطية , قال: كانت الدراهم عشرين درهمًا، اقتسموها درهمين درهمين. * * * وقال آخرون: بل كان عددها اثنين وعشرين درهمًا , أخذ كل واحد من إخوة يوسف، وهم أحد عشر رجلا درهمين درهمين منها . * ذكر من قال ذلك: 18930 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا أسباط , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (دراهم معدودة) قال: اثنين وعشرين درهمًا. 18931 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , في قول الله: (دراهم معدودة) قال: &; 16-15 &; اثنان وعشرون درهمًا لإخوة يوسف، [وكان إخوة] أحد عشر رجلا . (37) 18932 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , في قول الله: (دراهم معدودة) ، 18933 - .... قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , بنحوه . 18934 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال:حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , بنحوه. * * * وقال آخرون: بل كانت أربعين درهمًا . * ذكر من قال ذلك: 18935 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا قيس , عن جابر , عن عكرمة: (دراهم معدودة) قال: أربعين درهمًا. 18936 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: باعوه ولم يبلغ ثمنه الذي باعوه به أوقية , وذلك أن الناس كانوا يتبايعون في ذلك الزمان بالأواقي , فما قصَّر عن الأوقية فهو عَدد ; يقول الله: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) أي لم يبلغ الأوقية. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنهم باعُوه بدراهم معدودة غير موزونة , ولم يحدَّ مبلغَ ذلك بوزن ولا عدد , ولا وضع عليه دلالة في كتاب ولا خبر من الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد يحتمل أن يكون كان عشرين ، ويحتمل أن يكون كان اثنين وعشرين ، وأن يكون كان أربعين , وأقل من ذلك وأكثر , وأيُّ ذلك كان، فإنها كانت معدودة &; 16-16 &; غير موزونة ; وليس في العلم بمبلغ وزن ذلك فائدة تقع في دين، ولا في الجهل به دخول ضرّ فيه . والإيمان بظاهر التنـزيل فرضٌ , وما عَداه فموضوعٌ عنا تكلُّفُ علمه. (38) * * * وقوله: (وكانوا فيه من الزاهدين) يقول تعالى ذكره: وكان إخوة يوسف في يوسف من الزاهدين , لا يعلمون كرامته على الله , ولا يعرفون منـزلته عنده , فهم مع ذلك يحبّون أن يحولوا بينه وبين والده، ليخلو لهم وجهه منه , ويقطعوه عن القرب منه، لتكون المنافع التي كانت مصروفة إلى يوسف دونهم، مصروفةً إليهم. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . * ذكر من قال ذلك: 18937 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , عن أبي مرزوق , عن جويبر , عن الضحاك: (وكانوا فيه من الزاهدين) قال: لم يعلموا بنبوّته ومنـزلته من الله. 18938 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال: سمعت أبا معاذ , يقول: حدثنا عبيد بن سليمان , قال: سمعت الضحاك , في قوله: وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فنـزلت على الجب , فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فاستقى من الماء فاستخرج يوسف , فاستبشروا بأنهم أصابوا غلامًا لا يعلمون علمه ولا منـزلته من ربه , فزهدوا فيه، فباعوه. وكان بيعه حرامًا , وباعوه بدراهم معدودة. 18939 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني هشيم , قال: &; 16-17 &; أخبرنا جويبر , عن الضحاك: (وكانوا فيه من الزاهدين) قال إخوته زهدوا , فلم يعلموا منـزلته من الله ونبوته ومكانه. 18940 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال: إخوته زهدوا فيه , لم يعلموا منـزلته من الله . * * * ---------------------- الهوامش: (29) انظر تفسير" الشراء" فيما سلف 14 : 150 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك . (30) مضى البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف 2 : 341 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك . (31) في المطبوعة :" وشروا أخوة يوسف . يوسف" ، وهو فاسد ، صوابه من المخطوطة . (32) انظر تفسير" البخس" فيما سلف 15 : 262 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك . (33) الأثر : 18911 - في المطبوعة ، أسقط سطرًا كاملًا من المخطوطة ، فساق الخبرين رقم : 18911 ، 18912، سياقًا واحدًا هكذا :" ..... على بن عاصم ، عن الحسين بن الفرج" ، ورددته إلى أصله من المخطوطة . (34) في المخطوطة أسقط" القليل" ، والصواب إثباتها كما فعل ناشر المطبوعة . (35) انظر تفسير" معدودة" فيما سلف من فهارس اللغة ( عدد ) . (36) الأثر : 18923 -" نوف الشامي" ، هو نفسه" نوف بن فضالة البكالي" ، وقد سلف مرارًا . وقد غيره في المطبوعة ، وكتب" نوف البكالي" . (37) هذه زيادة لا بد منها ، وسقطت من الناسخ ، لأنه كان أسقط صدر الخبر ، ثم كتبه في الهامش ، فلعله نسي بعضه . (38) هذا من موازين أبي جعفر ، التي فرق ذكرها في كتابه ، ولم يذكرها عند كل موضع . وهي الحكم بينه وبين من يزعمونه ذهب في تفسيره مذهب الاعتقاد لكثير مما أورده ، مما لم تأت به بينة صحيحة من خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو حجة عقل يجب التسليم لها .

التدبر :

عمل
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ لا تبك إن اعتبرك البعض بضاعة رخيصة الثمن، واصنع من أحلامك سفينة أشرعتها من ذهب.
لمسة
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ (بَخْسٍ) أي دون قدره، البخس فيه نوع من الظلم، أنت قد تشتري شيئًا يبيعه لك أحدهم بقيمة معينة ثم يقال هذا ثمن بخس؛ لأنه يستحق أكثر، فما دفعته ليس قليلًا ولكن دون قدره، يوسف عليه السلام له قيمة لكن هم باعوه بأقل من قيمته الحقيقية أياً كانت، هم يقولون طفل صغير يأكل ويشرب ولا ينفعنا، ولو قال بثمن قليل قد يكون هو قدره هكذا.
لمسة
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ أي باعوه، ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ﴾ [البقرة: 207] أي يبيعها، (شرى) في القرآن بمعنى: باع، أما (اشترى) فهي بمعناها المعروف.
وقفة
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ رسالة لكل من تعجب من جريمة إخوة يوسف! قال ابن الجوزي: «كان بعض الصالحين يقول: والله! ما يوسف -وإن باعه أعداؤه- بأعجب منك في بيعك نفسك، بشهوة ساعة من معاصيك».
وقفة
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ ليس كل ما غلا ثمنه كان نافعًا؛ فاحرص على النافع حتى لو كان في نظرك زهيدًا، قيل ليوسف: ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [36، 78] مرتين: 1- في السجن. 2- وهو عزيز مصر، المحسن يبقى محسنًا لا تغيره الدنيا.
عمل
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ ليس كل ما غلا ثمنه كان نافعًا، فاحرص على النافع حتى لو كان في نظرك زهيدًا.
وقفة
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ أراد إخوة يوسف به باطن الأرض وأراد الله به أعلاها، وباعوه بثمن بخس ليكونوا بين يديه يسألون طعامًا، ثق أن الله إن كان معك قلب صنيع عدوك لضده.
وقفة
[20] عاقبة البغي: لما امتدت أيدي الظلم من إخوة يوسف: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾، امتدَّت أكفَّهم بين يديه بالطلب يقولون: ﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾ [88].
عمل
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ نبي كريم يشتري بثمن بخس, وفرعون يملك مصر والأنهار تجري من تحته؛ فلا تغتر بعد هذا بالمظاهر, إنما العبرة بمن أعطي فشكر وابتلي فصبر.
وقفة
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ الدنيا كلها ثمن بخس في مقابل نبي كريم ابن نبي كريم، فكيف بدراهم ومعدودة أيضًا، ومن إخوته تمت البيعة، فلعل هذا الخبر يهوِّن عليك ما يصيبك من ابتلاءات.
وقفة
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ سياقٌ توبيخي ترادفت كلماته اللاهبة حسرةً وأسىً على بيعة تناهى البيّعان في إهدارها!
وقفة
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ أكرم الخلق نسبًا وشرفًا وسليل الكرماء ونسل الأنبياء يباع كالعبيد! هذا والله من هوان الدنيا على الله، فلو كانت ذات قدر لديه، لما حرم منها أكرم الخلق عليه.
وقفة
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ عَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ، قال رسول الله ﷺ قَالَ: «لو كَانت الدُّنيا تَعْدِلُ عند الله جَناحَ بَعُوضَةٍ ما سقَى كافرا منها شَرْبَة». [الترمذي2320، وصححه الألباني]، الدنيا لا تساوي عند الله ريشة ناموسة! والدليل: أن الكافر عدو الله، ولا يُعطى العدو إلا الشيء الخسيس الذي لا قدر له.
وقفة
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ وكم نفيس بيع بأرخص الأثمان، عند من لا يعرف قدره!
عمل
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ لا تجعل للدنيا في قلبك قدرًا، ولا تكن عند نعيمها عبدًا، فإنك إن فعلت كان قدرك عند الله أهون منها، وصدق القائل: إِذا كَانَ شَيْء لَا يُسَاوِي جَمِيعه ... جنَاح بعوضة عِنْد من صرت عَبده وَيملك جُزْء مِنْهُ كلك مَا الَّذِي ... يكون على ذَا الْحَال قدرك عِنْده
وقفة
[20] ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ كم من مزهودٍ به يزن الأرض ومن عليها عند الله؟!
عمل
[20] لا تحزن إذا جهل الناس قدرك، فيوسف: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾، إنما الشأن هو قدرك عند الله.
لمسة
[20] ﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ ما الفرق بين دلالة الجمع في (معدودة) و(معدودات)؟القاعدة: جمع غير العاقل إن كان بالإفراد يكون أكثر من حيث العدد من الجمع السالم كأنهار جارية وأنهار جاريات، فالجارية أكثر من حيث العدد من الجاريات، معدودات جمع يفيد القلّة (وهي أقل من ١١)، أما معدودة فهي تدل على أكثر من ١١، (دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ) أي أكثر من ١١ درهمًا، ولو قال معدودات لكانت أقل.
وقفة
[20] ﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ مع قلة الدراهم التي باعوا بثمنها يوسف أنها تعد عدًا ولا توزن وزنًا، لا تحزن للمقابل الذي يدفع عن أتعابك، لا تأس لتواضع مرتبك، فليست قيمتك ما تقبضه آخر الشهر، بل ما تبذله كل العمر.
وقفة
[20] ﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ هل في زمن يوسف عليه السلام كانت هناك عملة الدراهم؟ وما المقصود بفرعون المذكور في القرآن الكريم هل هو شخص واحد أم شخصيات متعددة؟ الجواب: كما أخبر القرآن كانت هناك دراهم، ويقال لملوك مصر: الفراعنة، جمع فرعون، كما يقال لملوك فارس: الأكاسرة، والمذكور في القرآن فرعون موسى، والعلم عند الله.
لمسة
[20] ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ تقديم (فِيهِ) لأنه لو قال: (وكانوا من الزاهدين فيه) لكان وصفهم بالزهد أي عدم الطمع، ولكن هم فيه فقط زاهدون.
وقفة
[20] ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ والله لو لم يك يوسف عليه السلام غاليًا عند ربه لما أُتيَ بها.
وقفة
[20] من يكرهك أو يحسدك لن يرى جمالك ولا مواهبك، وسيبيعك بثمن بخس كما فعل إخوة يوسف ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾!
وقفة
[20] ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام: 91]، ويوسف: ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾، ومحمد: ﴿وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوًا﴾ [الفرقان: 41]، وتحزن أنت إذا جهل الناس قدرك؟!
لمسة
[20] صياغة الإخبار عن زهادتهم بيوسف بصيغة: ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ أشد مبالغةً مما لو أخبر بـ (كانوا فيه زاهدين)؛ لأن جعلهم من فريق زاهدين يُنبئ بأنهم جَروا في زهدهم في أمثاله على سَنَن أمثالهم البسطاء الذين لا يقدرون قدر نفائس الأمور.
عمل
[20] تأمل الفرق بين تربية الروح وبين تربية الجسد، في قصة نبي الله يوسف مع امرأة العزيز!

الإعراب :

  • ﴿ وشروه:
  • أي وباعوه: شرى وباع يؤدي كل منهما معنى الآخر ويجوز أن يكون معناه: واشتروه: وهو فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ بثمن بخس:
  • جار ومجرور متعلق بشروه: بمعنى وباعوه. بخس: صفة لثمن مجرورة مثلها وعلامة الجر الكسرة أي ذي بخس بمعنى قليل.
  • ﴿ دراهم معدودة:
  • دراهم: بدل من \"ثمن\" مجرور مثله وعلامة جره الفتحة بدلًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف -التنوين على وزن \"مفاعل\" معدودة: صفة -نعت- لدراهم مجرورة مثلها على المحل لا اللفظ.
  • ﴿ وكانوا فيه:
  • الواو حالية والجملة بعدها: في محل نصب حال. كانوا. فعل ماضٍ ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع اسم \"كان\". فيه: جار ومجرور متعلق بالزاهدين. والحرف \"في\" لتليين زهدهم في يوسف. والألف بعد الواو \"فارقة\".
  • ﴿ من الزاهدين:
  • جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر \"كان\" وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين في المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ولمَّا وجده جماعة من المسافرين في البئر، وأخذوه؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا ما فعلوا به: باعوه في مصر بثمن قليل، قال تعالى:
﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [21] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ ..

التفسير :

[21] ولما ذهب المسافرون بيوسف إلى «مصر» اشتراه منهم عزيزها، وهو الوزير، وقال لامرأته:أحسني معاملته، واجعلي مقامه عندنا كريماً، لعلنا نستفيد من خدمته، أو نقيمه عندنا مقام الولد، وكما أنجينا يوسف وجعلنا عزيز «مصر» يَعْطِف عليه، فكذلك مكنَّا له في أرض «مصر»

أي:لما ذهب به السيارة إلى مصر وباعوه بها، فاشتراه عزيز مصر، فلما اشتراه، أعجب به، ووصى عليه امرأته وقال:{ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} أي:إما أن ينفعنا كنفع العبيد بأنواع الخدم، وإما أن نستمتع فيه استمتاعنا بأولادنا، ولعل ذلك أنه لم يكن لهما ولد،{ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ} أي:كما يسرنا له أن يشتريه عزيز مصر، ويكرمه هذا الإكرام، جعلنا هذا مقدمة لتمكينه في الأرض من هذا الطريق.

{ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} إذا بقي لا شغل له ولا همَّ له سوى العلم صار ذلك من أسباب تعلمه علما كثيرا، من علم الأحكام، وعلم التعبير، وغير ذلك.{ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} أي:أمره تعالى نافذ، لا يبطله مبطل، ولا يغلبه مغالب،{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} فلذلك يجري منهم ويصدر ما يصدر، في مغالبة أحكام الله القدرية، وهم أعجز وأضعف من ذلك.

وقوله- سبحانه-: وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ... بيان لبعض مظاهر رعاية الله- تعالى- ليوسف- عليه السلام-.

والذي اشتراه، قالوا إنه كان رئيس الشرطة لملك مصر في ذلك الوقت ولقبه القرآن بالعزيز كما سيأتى في قوله- تعالى-: قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ....

ومِنْ مِصْرَ صفة لقوله الَّذِي اشْتَراهُ.

وامرأته: المراد بها زوجته، واسمها كما قيل زليخا أو راعيل.

ومثواه من المثوى وهو مكان الإقامة والاستقرار. يقال: ثوى فلان بمكان كذا، إذا أطال الإقامة به. ومنه قوله- تعالى- وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ... أى مقيما معهم.

أى: وقال الرجل المصرى الذي اشترى يوسف لامرأته: اجعلي محل إقامته كريما، وأنزليه منزلا حسنا مرضيا.

وهذا كناية عن وصيته لها بإكرامه على أبلغ وجه، لأن من أكرم المحل بتنظيفه وتهيئته تهيئة حسنة فقد أكرم صاحبه.

قال صاحب الكشاف: قوله أَكْرِمِي مَثْواهُ أى: اجعلي منزله ومقامه عندنا كريما:

أى حسنا مرضيا بدليل قوله بعد ذلك إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ.

والمراد: تفقديه بالإحسان، وتعهديه بحسن الملكة، حتى تكون نفسه طيبة في صحبتنا، ساكنة في كنفنا. ويقال للرجل: كيف أبو مثواك وأم مثواك؟ لمن ينزل به من رجل أو امرأة، يراد هل تطيب نفسك بثوائك عنده وهل يراعى حق نزولك به؟ واللام في لِامْرَأَتِهِ متعلق بقال ... » .

وقوله: عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ... بيان لسبب أمره لها بإكرام مثواه.

أى: عسى هذا الغلام أن ينفعنا في قضاء مصالحنا، وفي مختلف شئوننا، أو نتبناه فيكون منا بمنزلة لولد، فإنى أرى فيه علامات الرشد والنجابة، وأمارات الأدب وحسن الخلق.

قالوا وهذه الجملة أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً توحى بأنهما لم يكن عندهما أولاد. والكاف في قوله- سبحانه- وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ في محل نصب، على أنه نعت لمصدر محذوف والإشارة الى ما تقدم من إنجائه من إخوته، وانتشاله من الجب، ومحبة العزيز له..

و «مكنا» من التمكين بمعنى التثبيت، والمراد بالأرض: أرض مصر التي نزل فيها.

أى: ومثل ذلك التمكين البديع الدال على رعايتنا له، مكنا ليوسف في أرض مصر، حتى صار أهلا للأمر والنهى فيها.

وقوله- سبحانه- وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ علة لمعلل محذوف، فكأنه قيل:

وفعلنا ذلك التمكين له، لنعلمه من تأويل الأحاديث، بأن نهبه من صدق اليقين، واستنارة العقل، ما يجعله يدرك معنى الكلام إدراكا سليما، ويفسر الرؤى تفسيرا صحيحا صادقا.

وقوله: وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ تذييل قصد به بيان قدرة الله- تعالى- ونفاذ مشيئته.

فأمر الله هنا: هو ما قدره وأراده.

أى: والله- تعالى- متمم ما قدره وأراده، لا يمنعه من ذلك مانع، ولا ينازعه منازع، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك حق العلم، فيما يأتون ويذرون من أقوال وأفعال.

والتعبير بقوله: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ احتراس لإنصاف ومدح القلة من الناس الذين يعطيهم الله- تعالى- من فضله ما يجعلهم لا يندرجون في الكثرة التي لا تعلم، بل هو- سبحانه- يعطيهم من فضله ما يجعلهم يعلمون ما لا يعلمه غيرهم.

يخبر تعالى بألطافه بيوسف ، عليه السلام ، أنه قيض له الذي اشتراه من مصر ، حتى اعتنى به وأكرمه ، وأوصى أهله به ، وتوسم فيه الخير والفلاح ، فقال لامرأته : ( أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) وكان الذي اشتراه من مصر عزيزها ، وهو الوزير بها . [ قال ] العوفي ، عن ابن عباس : وكان اسمه قطفير .

وقال محمد بن إسحاق : اسمه إطفير بن روحيب ، وهو العزيز ، وكان على خزائن مصر ، وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد ، رجل من العماليق قال : واسم امرأته راعيل بنت رعائيل .

وقال غيره : اسمها زليخا .

وقال محمد بن إسحاق أيضا ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : كان الذي باعه بمصر مالك بن دعر بن بويب بن عنقا بن مديان بن إبراهيم ، فالله أعلم .

وقال أبو إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال : أفرس الناس ثلاثة : عزيز مصر حين قال لامرأته : ( أكرمي مثواه ) والمرأة التي قالت لأبيها [ عن موسى ] : ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) [ القصص : 26 ] وأبو بكر الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب ، رضي الله عنهما .

يقول تعالى : وكما أنقذنا يوسف من إخوته ، ( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ) يعني : بلاد مصر ، ( ولنعلمه من تأويل الأحاديث ) قال مجاهد والسدي : هو تعبير الرؤيا ، ( والله غالب على أمره ) أي إذا أراد شيئا فلا يرد ولا يمانع ولا يخالف ، بل هو الغالب لما سواه .

قال سعيد بن جبير في قوله : ( والله غالب على أمره ) أي : فعال لما يشاء .

وقوله : ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) يقول : لا يدرون حكمته في خلقه ، وتلطفه لما يريد .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (21) قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وقال الذي اشترى يوسف من بائعه بمصر . * * * وذكر أن اسمه: " قطفير " . 18941 - حدثني محمد بن سعد , قال:حدثني أبي , قال:حدثني عمي , قال:حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قال: كان اسم الذي اشتراه قطفير. (39) * * * وقيل: إن اسمه إطفير بن روحيب , وهو العزيز , وكان على خزائن مصر , وكان الملك يومئذ الريَّان بن الوليد , رجل من العماليق، كذلك: - 18942 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق (40) . * * * وقيل: إن الذي باعه بمصر كان مالك بن ذعر بن بُويب بن عفقان بن مديان بن إبراهيم، (41) كذلك: - 18943 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عن محمد بن السائب , عن أبي صالح , عن ابن عباس . * * * (وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته)، واسمها فيما ذكر ابن إسحاق: راعيل بنت رعائيل. 18944 - حدثنا بذلك ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق. * * * (أكرمي مثواه)، يقول: أكرمي موضع مقامه، وذلك حيث يَثوِي ويُقيم فيه. * * * يقال: " ثوى فلان بمكان كذا ": إذا أقام فيه. (42) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . * ذكر من قال ذلك: 18945 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (أكرمي مثواه) منـزلته , وهي امرأة العزيز . 18946 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال:حدثني حجاج , عن ابن جريج , قوله: (وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه)، قال: منـزلته. 18947 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد اشتراه الملك , والملك مسلم. * * * وقوله: (عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا) ذكر أن مشتري يوسف قال هذا القول لامرأته، حين دفعه إليها , لأنه لم يكن له ولد، ولم يأت النساء , فقال لها: أكرميه عسَى أن يكفينا بعض ما نعاني من أمورنا إذا فهم الأمور التي يُكلَّفها وعرفها ، (أو نتخذه ولدًا)، يقول: أو نتبنَّاه . 18948 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: كان إطفير فيما ذكر لي رجلا لا يأتي النساء، وكانت امرأته راعيل امرأةً حسناء ناعمةً طاعمة، في مُلك ودُنْيا. (43) 18949 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا أبي , عن سفيان , عن أبي إسحاق , عن أبي الأحوص , عن عبد الله , قال: أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين تفرّس في يوسف فقال لامرأته: (أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا) ، وأبو بكر حين تفرَّس في عمر ، والتي قالت: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [سورة القصص: 26] . 18950 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , قال: حدثنا أسباط , عن السدي , قال: انطُلِق بيوسف إلى مصر , فاشتراه العزيز ملك مصر , فانطلق به إلى بيته فقال لامرأته: (أكرمي مثْواه عسى أن ينفعنا أو نتخذهُ ولدًا). 18951 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال: حدثنا أبو أحمد , قال: حدثنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن أبي عبيدة , عن عبد الله , قال: أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين قال لامرأته: (أكرمي مثواه)، والقوم فيه زاهدون ، وأبو بكر حين تفرَّس في عمر فاستخلفه ، والمرأة التي قالت: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ . * * * وقوله: (وكذلك مكنَّا ليوسف في الأرض) يقول عز وجل : وكما أنقذنا يوسف من أيدي إخوته وقد هموا بقتله , وأخرجناه من الجبّ بعدَ أن ألقي فيه , فصيرناه إلى الكرامة والمنـزلة الرفيعة عند عزيز مصر , كذلك مكنّا له في الأرض، فجعلناه على خزائنها . (44) * * * وقوله: (ولنعلمه من تأويل الأحاديث) يقول تعالى ذكره: وكي نعلم يوسف من عبارة الرؤيا، (45) مكنا له في الأرض، كما: - 18952 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (من تأويل الأحاديث) قال: عبارة الرؤيا. 18953 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 18954- حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , قال: حدثنا أسباط , عن السدي: (ولنعلمه من تأويل الأحاديث) قال: تعبير الرؤيا. 18955 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا أبو أسامة , عن شبل , عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: (ولنعلمه من تأويل الأحاديث) قال: عبارة الرؤيا. * * * وقوله: (والله غالب على أمره) يقول تعالى ذكره: والله مستولٍ على أمر يوسف، يسوسه ويدبّره ويحوطه. * * * و " الهاء " في قوله: (على أمره) عائدة على يوسف. * * * وروي عن سعيد بن جبير في معنى " غالب " , ما: -

18956- حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا إسرائيل , عن أبي حصين , عن سعيد بن حبير: (والله غالب على أمره) قال: فعالٍ. (46) * * * وقوله (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) يقول: ولكن أكثر الناس الذين زهدوا في يوسف، فباعوه بثمن خسيس , والذين صَار بين أظهرهم من أهل مصر حين بيع فيهم , لا يعلمون ما الله بيوسف صانع، وإليه يوسف من أمره صائرٌ . ---------------------- الهوامش: (39) الأثر : 18941 - رواه الطبري في تاريخه 1 : 172 ، وكان في المخطوطة في الموضعين :" قطيفين" ، وفي التاريخ قبل الخبر" قطين" ، وفي الخبر" قطفير" . (40) الأثر : 18942 - رواه الطبري في تاريخه 1 : 172 . (41) في التاريخ 1 : 172 :" دعر" بالدال مهملة ، وكان في المطبوعة هنا" عنقاء" وفي المخطوطة :" عفقا" بغير نون في آخره . وكان في المطبوعة :" ثويب" ، وهي غير منقوطة في المخطوطة ، فتبعت ما في التاريخ . (42) انظر تفسير" المثوى" فيما سلف 7 : 279 12 : 117 . (43) الأثر : 18948 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 172 ، 173 . (44) انظر تفسير" التمكين" فيما سلف 11 : 63 12 : 315 . (45) انظر تفسير" التأويل" فيما سلف 15 : 560 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك . (46) ممكن أن تقرأ" فعال" مشددة العين من" الفعل" ، ولكني أستجيد أن تقرأها" فعال" الفاء حرف عطف بعده" عال" من" العلو" . أما الأولى ، فإني لا أكاد أرتضيها .

التدبر :

عمل
[21] ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾ وما يدريك أنَّ هذا الخادمَ الذي سُخِّر لك وليٌّ من أولياء الله، أو سيّد من سادات قومه؟! فلنكرم كلَّ مسلم.
لمسة
[21] ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾ المثوى هو المكان الذي يأوي إليه، ولاحظ لم يقل: أكرميه، بل أكرمي المكان الذي ينزل فيه، فما أعظم هذا الإكرام! وهذا من لطف الله بيوسف، لطفًا ما بعده لطف.
وقفة
[21] ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا﴾ من الناس من تعرف معدنه بلمحة، فبريق جوهره النفيس لا يخفى على أحد.
وقفة
[21] المرأة مربية الأولاد راعية الدار في كل الأمم السابقة، شرعة وفطرة ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا﴾.
وقفة
[21] بداية (التمكين) ضعف، فأول تمكين يوسف بيعه ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾، فأنت من يصعد الدرج الشاق حتى تصل إلى رأس السلم، لتبلغ مرحلة الاصطفاء، فلا تقلق لضعفك أمام بعض المعطيات حولك ابتداءًا، فرب ضارة نافعة.
وقفة
[21] ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ سبحان من جعل من الرق بوابة للتمكين!
وقفة
[21] سبقت قصة المراودة بما يحدد مكانها وأشخاصها، بل وخصائصهم: ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ اشتمل هذا على تحديد المكان (مِن مِّصْرَ)، وأن المشتري مِن ذوي المكانة: ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾، وأن يوسف كان إذ ذاك صبيًّا: (نَتَّخِذَهُ وَلَدً).
عمل
[21] امض مع أقدار الله المؤلمة بيقين؛ فستقذفك إلى قمة التمكين ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾.
وقفة
[21] ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾ إذا أراد الله إكرام عبده جعل عينًا ما تراه بكيفيّة أخرى، أو أذنًا ما تسمعه بهمسة أخرى، أو قلبًا ما يحبه بنبضة أخرى.
وقفة
[21] كلٌّ يجازيه الله بأعماله، من أخرج يوسف من الجب: ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ [19] ففاته الخير، وعزيز مصر قال: ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾ فأكرم الله بلاده.
وقفة
[21] لما قال العزيز: ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾ كان الجزاء من يوسف صيانة عرضه ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾ [23].
وقفة
[21] ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ﴾ تعلّم أن مهما حدث لك من مصائب الدنيا؛ فعناية الله معك، إن أخلصت النية وأحسنت العمل.
وقفة
[21] ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا﴾ بفطرته علم أن الإكرام مجلبة لنفع المستقبل، والبعض يظن أن ابنه لن يبره إلا إذا أهانه وقسا عليه في صغره.
وقفة
[21] ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ إذا أراد الله بعبد خيرًا ألقى في قلوب من حوله مشجعات ومحفزات يبذلون بسببها الخير له.
وقفة
[21] ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ ربي لطيف، قذف الله في قلب العزيز معاني الأبوة بعد أن حجب الشيطان عن إخوته معاني الأخوة.
وقفة
[21] ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ قالها الغريب بعد أن خذله الأقربون! مهما أرهقتك نفوس؛ ستلقى فى طريقك نفوسًا خيرًا منهم.
وقفة
[21] ﴿عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ قيلت في النبيين الكريمين يوسف وموسى عليهما السلام، كلاهما عاشا في مصر، وكلاهما تربيا في القصر، وكلاهما عاشا في عائلة لا تنجب، وكلاهما رميا، فيوسف رمي في الجب وموسى رمي في اليم.
وقفة
[21] ﴿أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ قد يبتلي الله عبدًا ببلاء؛ صُنعًا منه وكيدًا لإنسان آخر لم يولد بعد، عُقمها سببُ رحمتها به ورغبتها في تبنِّيه.
وقفة
[21] ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ﴾ أيكون الاستضعاف تمكينًا؟ أيكون إلقاؤه في الجب تمكينًا؟ أيكون بيعه بدراهمَ معدودةٍ تمكينًا؟ نعم، إنه اللطف.
وقفة
[21] ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ صبر على حبسه في بقعة ضيقة من الأرض؛ فمكنه الله في الأرض.
وقفة
[21] ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ أي تمكين هذا الذي ترتب على وجود يوسف في أغلال العبودية؟! والجواب: رب منحة ساقها الله من محنة، فلولا هذه العبودية لما كان السجن، ولولا السجن لما عرف يوسف الساقي، ولولا الساقي لما عرفه ملك مصر، ولولا ملك مصر ما صار يوسف على خزائن الأرض، فهذه حلقات متصلة من الأحداث، ووقوع أول حدث منها إعلان عن بدء مسلسل أحداث التمكين.
وقفة
[21] ألقي في الجب وأسروه بضاعة وبيع بثمن بخس وأصبح عبدًا! ثم يقول ﷻ: ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾! دع عنك تفكيرك المنطقي وذكاءك العالي، فالتدبير الإلهي والتقدير السماوي لا تدركه العقول ولا تبلغه الفهوم. سلم تسلم.
وقفة
[21] رحمة الله تُدرك بالإحسان ولو طالَ بالعَبد العَناء ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾.
وقفة
[21] الابتلاء أول درجة في سلم التمكين، قال الله بعد ذكر إلقاء يوسف في غيابة الجب، وبيعه بثمن بخس ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾
وقفة
[21] ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ ما الفرق بين التمكين الأول والثاني؟ الجوال: التمكين الأول: عند نشأته في بيت العزيز، من التعلم والتربية والنشأة الصالحة، والثاني التمكين: من القرار في دولة عزيز مصر، والتمكين الثاني امتداد للأول.
وقفة
[21] ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾، ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ﴾ [56]، الآية الأولى تمكين جزئي، والآية الثانية تمكين كلي .
عمل
[21] أكثر اليوم من دعاء: «رب زدني علمًا»، ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾.
وقفة
[21] نقطة تميزك التي وهبك الله، هي بإذن الله سبب تمكينك ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾.
وقفة
[21] ﴿وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾ قدرة الخلق لا شيء مع قدرة الخالق، فأخوة يوسف أرادوا به أمرًا، والله نفذ أمره.
وقفة
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾ أنت تريد، وأنا أريد، والله يفعل ما يريد .
وقفة
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾ مهما كاد لك الكائدون؛ فإن أمر ربك غالب، فاحفظ الله يحفظك.
لمسة
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾ جاءت الجملة بالسياق الاسمي، ولم ترد بالسياق الفعلي، فلم يقل الله: (ويغلب الله)؛ وذلك لأن هذا الحكم قانون لا يتبدل مع يوسف عليه السلام أو مع غيره.
لمسة
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾ عجيب أن تأتي هذه الآية عقب ذكر بيع يوسف كعبد يخدم في قصور الملوك، ففي أشد اللحظات قسوة يأتي ذكر أعظم البشارات، وكأن الله يختصر القصة المطولة للابتلاء والتمكين في آية واحدة، لتغرس اليقين بموعود الله وسط الأعاصير ووقت الزلزلة.
وقفة
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾ الناس لا يرفعون ولا يضعون، ولا يقدمون ولا يؤخرون، ولا يقربون ولا يبعدون؛ لأن الأمر كله بيد الله.
وقفة
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾ في كل زمان، وفي كل مكان.
وقفة
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾ كُلُّ مكرهم ذَهب، وغلبَ أمرُ الله.
وقفة
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾ وردت في يوسف قصة التحولات العجب، فمن بئر إلى أعظم قصر، ومن سجن إلى أعلى منصب، ومن فقر لغنى، ومن ذل لعز.
وقفة
[21] في يوسف نتائج تخالف مقدماتها، إخوته هموا بخفضه فارتفع، وأرادت امرأة العزيز إذلاله فعزّ، وسرّ ذلك في: ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾.
عمل
[21] كن واثقًا أن لبس الحق بالباطل ﻻ يدوم، فإخوة يوسف بكوا، وقالوا أكله الذئب، وأكدوه بدم في قميصه، فلم يفلحوا؛ ﻷنهم غالبوا أمر الله ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾.
وقفة
[21] في قصة يوسف دائمًا تخالف النهايات البدايات، فلما أحبه أبوه أُلقي في البئر، ولما أراد إخوته خفضه ارتفع، ولما أرادت امرأة العزيز إذلاله أعزه الله والسبب: ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾.
وقفة
[21] قال الله عن يوسف: ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾، يوسف يأمل ويخطط ويسعى؛ والله غالب على أمر يوسف لما فيه صلاحه، لا زال الغالب غالبًا سبحانه.
وقفة
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾ الله غالب على أمره، لا يهزمه الناس، بل ما شاءه كان ونفذ، وإن لم يرض الناس، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: 82]، وقال: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ﴾ [الأنعام: 112]، وقال: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [التكوير: 29]، فمشيئته نافذة سبحانه وتعالى.
وقفة
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾ كفى بهذه الآية يقينًا بالله، كفى بها ثقة بموعود الله، ﴿وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
وقفة
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ إذا أراد شيئًا فلا يُرَد ولا يُمَانَع ولا يُخَالَف بل هو الغالب لما سواه.
عمل
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ كن واثقًا أن لبس الحق بالباطل ﻻ يدوم، فإخوة يوسف بكوا، وقالوا أكله الذئب، وأكدوه بدم كذب في قميصه، فلم يفلحوا؛ لأنهم أرادوا أن يغالبوا أمر الله.
وقفة
[21] ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ إذا أراد الله أمرًا هيأ له أسبابه، فإذا تولى الله أمرك هيأ لك كل أسباب السعادة وأنت لاتشعر؛ فتوكل عليه، وإليه وحده فوض أمرك، واقبل قضاءه.
وقفة
[21] وعد الله لأوليائه بالتمكين واقع لا محالة، مهما سدت الأبواب، وضاقت السبل ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
وقفة
[21] مدار سورة يوسف كلها على آية: ﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾، فهل يعي ذلك من ظُلم، ومُكر به، وسُجن، وتعرض للفتن؟!
وقفة
[21] ﴿وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال أبو السعود: «لا يعلمون أن الأمر كذلك، فيأتون ويذرون زعمًا منهم أن لهم من الأمر شيئًا، وأنَّی لهم ذلك! وإن الأمر كله لله عز وجل، أو لا يعلمون لطائف صنعه وخفايا لطفه».
وقفة
[21] ﴿وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ إذا نصحت أحدًا بترك معصية كان رده: «أكثر الناس تفعل ذلك، ولست وحدي»، ﻟﻮ ﺑﺤﺜﺖ ﻋﻦ كلمة ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ باﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻮﺟﺪﺕ ﺑﻌﺪﻫﺎ: (ﻻ‌ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ، ﻻ ‌ﻳﺸﻜﺮﻭﻥ، ﻻ ‌ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ).
لمسة
[21] تكرر في سورة يوسف قول ربي: ﴿وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ في ثلاث آيات رقم: ۲۱ ،4۰، 6۸، ولم يتكرر نفس هذا التكرار في أي سورة أخرى، تذكيرًا لنا بخفي لطف الله وعجيب أقداره.

الإعراب :

  • ﴿ وقال الذي اشتراه:
  • الواو: عاطفة. قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. اشتراه: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به وجملة \"اشتراه\" صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ من مصر لامرأته:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من الموصول \"الذي\" وعلامة جر الاسم الفتحة بدلًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث أي العلمية والتأنيث. لامرأته: جار ومجرور متعلق بقال وهو عزيز مصر المتولي خزائنها والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ أكرمي مثواه:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول-. أكرمي: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الياء ضمير متصل في محل رفع فاعل. مثواه: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. أي اجعلي مقامه عندنا كريمًا
  • ﴿ عسى أن ينفعنا:
  • من أجل الاختصار يراجع إعراب الآية الكريمة الثانية بعد المائة من سورة التوبة. واسم \"عسى\" ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو بمعنى لعلّه.
  • ﴿ أو نتخذه ولدًا:
  • أو عاطفة -للتخيير-. نتخذه: فعل مضارع معطوف على \"ينفع\" منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. ولدًا: مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وكذلك مكّنا:
  • الواو: استئنافية. الكاف: اسم بمعنى \"مثل\" مبني على الفتح في محل نصب مفعول به بفعل مضمر يفسره ما بعده بتقدير: ومثل ذلك الإنجاء والعطف مكنا له ويجوز أن يكون منصوبًا على المصدر وهو مضاف. ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب والإشارة إلى ما تقدم من إنجائه وعطف قلب العزيز عليه. مكّن: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بناو \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. بمعنى: كما أنجيناه وعطفنا عليه العزيز كذلك مكنا له في أرض مصر.
  • ﴿ ليوسف في الأرض:
  • جاران ومجروران متعلقان بمكنّا وعلامة جر الاسم \"يوسف\" الفتحة بدلًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف -التنوين- على المعجمة والعلمية.
  • ﴿ ولنعلمه من تأويل الأحاديث:
  • الواو عاطفة. اللام حرف جر للتعليل بمعنى \"لكي نعلّمه\". نعلمه: فعل مضارع منصوب بأنْ مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن و \"أن\" المضمرة وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بمكنّا وجملة \"لنعلمه\" معطوفة على تعليل محذوف بمعنى مكنّاه لنوحي إليه ونعلمه تفسير الرؤى أو لنبين به قدرتنا ولنعلمه والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. وجملة \"نعلِّمه\" صلة \"أن\" المضمرة لا محل لها. من تأويل: جار ومجرور متعلق بنعلمه الأحاديث: مضاف إليه مجرور بالكسرة. أو تكون \"من\" للتبعيض ومفعول \"نعلم\" الثاني محذوفًا دلت عليه \"من\".
  • ﴿ والله غالب على أمره:
  • الواو: استئنافية. الله لفظ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. غالب: خبر المبتدأ مرفوع مثله بالضمة. على أمره: جار ومجرور متعلق بغالب والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أي على أمر نفسه أو على أمر يوسف.
  • ﴿ ولكنّ أكثر الناس:
  • الواو: للاستدراك. لكنّ: حرف مشبه بالفعل. أكثر: اسم \"لكن\" منصوب بالفتحة. الناس: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ لا يعلمون:
  • أي لا يعلمون أن الأمر كله بيد الله. الجملة: في محل رفع خبر \"لكنّ\". لا: نافية لا عمل لها. يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل ومفعول \"يعلمون\" محذوف اختصارًا. '

المتشابهات :

يوسف: 21﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلِنُعَلِّمَهُۥ مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ
القصص: 9﴿وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولمَّا كانت العادة جارية بأن العبد يمتهن؛ أخبر اللهُ عز وجل هنا عن لطفه بيوسف عليه السلام ، إذ يسَّر له من اشتراه في مِصْرَ ، فاعتنى به وأكرمه، وأوصى امرأته به، وتوسَّم فيه الخير والفلاح، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا ..

التفسير :

[22] ولما بلغ يوسف منتهى قوته في شبابه أعطيناه فهماً وعلماً، ومثل هذا الجزاء الذي جزينا به يوسف على إحسانه نجزي المحسنين على إحسانهم. وفي هذا تسلية للرسول -صلى الله عليه وسلم-.

أي:{ وَلَمَّا بَلَغَ} يوسف{ أَشُدَّهُ} أي:كمال قوته المعنوية والحسية، وصلح لأن يتحمل الأحمال الثقيلة، من النبوة والرسالة.{ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} أي:جعلناه نبيا رسولا، وعالما ربانيا،{ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} في عبادة الخالق ببذل الجهد والنصح فيها، وإلى عباد الله ببذل النفع والإحسان إليهم، نؤتيهم من جملة الجزاء على إحسانهم علما نافعا.

ودل هذا، على أن يوسف وفَّى مقام الإحسان، فأعطاه الله الحكم بين الناس والعلم الكثير والنبوة.

ثم بين- سبحانه- مظهرا آخر من مظاهر إنعامه على يوسف فقال: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.

والأشد: قوة الإنسان، وبلوغه النهاية في ذلك، مأخوذ من الشدة بمعنى القوة والارتفاع، يقال: شد النهار إذا ارتفع.

ويرى بعضهم أنه مفرد جاء بصيغة الجمع ويرى آخرون أنه جمع لا واحد له من لفظه وقيل هو جمع شدة كأنعم ونعمة.

والمعنى: وحين بلغ يوسف- عليه السلام- منتهى شدته وقوته، وهي السن التي كان فيها- على ما قيل- ما بين الثلاثين والأربعين.

آتَيْناهُ أى: أعطيناه بفضلنا وإحساننا.

حُكْماً أى: حكمة، وهي الإصابة في القول والعمل أو هي النبوة.

وعِلْماً أى فقها في الدين. وفهما سليما لتفسير الرؤى، وإدراكا واسعا لشئون الدين والدنيا.

وقوله: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ أى: ومثل هذا الجزاء الحسن والعطاء الكريم،نعطى ونجازي الذين يحسنون أداء ما كلفهم الله- تعالى- به، فكل من أحسن في أقواله وأعماله أحسن الله- تعالى- جزاءه.

ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك، لتحدثنا عن مرحلة من أدق المراحل وأخطرها، في حياة يوسف- عليه السلام- وهي مرحلة التعرض للفتن والمؤامرات بعد أن بلغ أشده، وآتاه الله- تعالى- حكما وعلما، وقد واجه يوسف- عليه السلام- هذه الفتن بقلب سليم، وخلق قويم، فنجاه الله- تعالى- منها.

استمع إلى السورة الكريمة وهي تحكى بأسلوبها البليغ ما فعلته معه امرأة العزيز من ترغيب وترهيب، وإغراء وتهديد ... فتقول:

وقوله : ( ولما بلغ ) أي : يوسف عليه السلام ) أشده ) أي : استكمل عقله وتم خلقه . ( آتيناه حكما وعلما ) يعني : النبوة ، إنه حباه بها بين أولئك الأقوام ، ( وكذلك نجزي المحسنين ) أي : إنه كان محسنا في عمله ، عاملا بطاعة ربه تعالى .

وقد اختلف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده ، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة : ثلاث وثلاثون . وعن ابن عباس : بضع وثلاثون . وقال الضحاك : عشرون . وقال الحسن : أربعون سنة . وقال عكرمة : خمس وعشرون سنة . وقال السدي : ثلاثون سنة . وقال سعيد بن جبير : ثمانية عشرة سنة . وقال الإمام مالك ، وربيعة ، وزيد بن أسلم ، والشعبي : الأشد الحلم . وقيل غير ذلك ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لما بلغ يوسف أشده , يقول: ولما بلغ منتهى شدته وقوته في شبابه وحَدِّه، وذلك فيما بين ثماني عشرة إلى ستين سنة , وقيل إلى أربعين سنة. (47) * * * يقال منه: " مضت أشُدُّ الرجل ": أي شدته , وهو جمع مثل " الأضُرّ" و " الأشُرّ"، (48) لم يسمع له بواحد من لفظه. ويجب في القياس أن يكون واحده " شدَّ" , كما واحد " الأضر "" ضر " , وواحد " الأشُر "" شر " , كما قال الشاعر: (49) هَـلْ غَـيْرُ أَنْ كَـثُرَ الأشُـرُّ وَأَهْلَكَتْ حَــرْبُ المُلُــوكِ أَكَـاثِرَ الأَمْـوَالِ (50) وقال حُميد: وَقَــدْ أَتَــى لَـوْ تُعْتِـبُ الْعَـوَاذِلُ بَعْـــدَ الأشُــدّ أَرْبَــعٌ كَــوَامِلُ (51) * * * وقد اختلف أهل التأويل في الذي عنى الله به في هذا الموضع من " مبلغ الأشد ". فقال بعضهم: عني به ثلاث وثلاثون سنة . * ذكر من قال ذلك: 18957 - حدثنا ابن وكيع والحسن بن محمد , قالا حدثنا عمرو بن محمد , قال: حدثنا سفيان , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (ولما بلغ أشده)، قال: ثلاثًا وثلاثين سنة. 18958 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 18959 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا جرير , عن ليث , عن مجاهد , مثله . 18960 - حدثت عن علي بن الهيثم , عن بشر بن المفضل , عن عبد الله بن عثمان بن خثيم , عن مجاهد , قال: سمعت ابن عباس يقول في قوله: (ولما بلغ أشده) قال: بضعًا وثلاثين سنة. * * * وقال آخرون: بل عني به عشرون سنة . * ذكر من قال ذلك: 18961 - حدثت عن علي بن المسيب , عن أبي روق , عن الضحاك , في قوله: (ولما بلغ أشده) قال: عشرين سنة. * * * وروي عن ابن عباس من وجه غير مرضيّ أنه قال: ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين . وقد بينت معنى " الأشُدّ". * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أنه آتى يوسف لما بلغ أشدهُ حكمًا وعلمًا ، و " الأشُدّ": هو انتهاء قوته وشبابه ، وجائز أن يكون آتاه ذلك وهو ابن ثماني عشرة سنة ، وجائز أن يكون آتاه وهو ابن عشرين سنة ، وجائز أن يكون آتاه وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، ولا دلالة له في كتاب الله، ولا أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا في إجماع الأمة، على أيّ ذلك كان . وإذا لم يكن ذلك موجودًا من الوجه الذي ذكرت , فالصوابُ أن يقال فيه كما قال عز وجل , حتى تثبت حجة بصحة ما قيل في ذلك من الوجه الذي يجب التسليم له، فيسلم لها حينئذ . * * * وقوله: (آتيناه حكمًا وعلمًا) يقول تعالى ذكره: أعطيناه حينئذ الفهم والعلم، (52) كما: - 18962 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (حكمًا وعلمًا) قال: العقل والعلم قبل النبوة. * * * وقوله: (وكذلك نجزي المحسنين) يقول تعالى ذكره: وكما جزيت يوسف فآتيته بطاعته إيّاي الحكمَ والعلمَ , ومكنته في الأرض , واستنقذته من أيدي إخوته &; 16-24 &; الذين أرادوا قتله , كذلك نجزي من أحسن في عمله , فأطاعني في أمري، وانتهى عما نهيته عنه من معاصيّ . (53) * * * وهذا، وإن كان مخرج ظاهره على كل محسن , فإن المرادَ به محمدٌ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم . يقول له عز وجل : كما فعلت هذا بيوسف من بعد ما لقي من إخوته ما لقي، وقاسى من البلاء ما قاسى , فمكنته في الأرض، ووطَّأتُ له في البلاد , فكذلك أفعل بك فأنجيك من مشركي قومك الذين يقصدونك بالعداوة , وأمكن لك في الأرض، وأوتيك الحكم والعلم , لأنّ ذلك جزائي أهلَ الإحسان في أمري ونهيي. * * * 18963 - حدثني المثنى , قال: حدثنا عبد الله بن صالح , قال: ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس: (وكذلك نجزي المحسنين) يقول: المهتدين. ---------------------- الهوامش: (47) انظر تفسير" الأشد" فيما سلف 12 : 222 .

(48) هكذا جاءني المخطوطة والمطبوعة ، إلا أنه كان في المخطوطة" الأسر" ، و" سر" ، وقد مضى هذان اللفظان أيضا فيما سلف 12 : 222 ، وظننت هناك أنهما محرفتان ، ولكن عجيب أن يظل التحريف هو . هو على بعد المكانين وأخشى أن يكون صواب" الأضر" هو" الأضب" جمع" ضب" ومهما يكن من شيء ، فهذا مما لم أتبينه ولا عرفته ، وفوق كل ذي علم عليم .

(49) لم أعرف قائله .

(50) في المطبوعة :" كثر الأشد" ، وفي المخطوطة بالراء ، ولم أجد البيت في غير هذا المكان .

(51) لم أجده في غير هذا المكان . ولا أدري أهي في الرجز" الأشد" أو" الأشر" .

(52) انظر تفسير" الحكم" فيما سلف 6 : 538 ، وما سلف من فهارس اللغة ( حكم ) .

(53) انظر تفسير" الجزاء" و" الإحسان" فيما سلف من فهارس اللغة ( جزى ) ، ( حسن ) .

التدبر :

عمل
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ﴾ العطايا والهبات الربانيّة لا تأتيك في الوقت الذي تختاره أنت، بل في الوقت الذي يكون نفعها لك أعظم، فاصبر، وثق بالله.
لمسة
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ (آتَيْنَاهُ) وليس (وهبناه)؛ فالإيتاء لغةً يشمل الهبة وزيادة فهو أعم، وقد يكون في الأموال وغيرها ﴿وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ [الأنبياء: 74]، ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ [الإسراء: 59].
عمل
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ الأنبياء لا يتم علمهم وفهمهم ونبوّتهم إلا في سنّ الأربعين، فكيف بغيرهم؟! فاحرص على الأكابر.
لمسة
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ المراد بالحكم هنا الحكمة، والحكمة هي الإصابة في القول والعمل، والمراد بالعلم: علم زائد على النبوة، ومنه علم تأويل الرؤى، والإحاطة الواسعة بشؤون الدين والدنيا، وتنكير (وَعِلْمًا) إشارة لتعظيم هذا العلم.
وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ من لا حكم له على نفسه لا حكم له على غيره، قال القشيري: «من جملة الحُكم الذي آتاه الله نفوذ حكمه على نفسه حتى غلب شهوته، وامتنع عما راودته تلك المرأة عن نفسه، ومن لا حكم له على نفسه فلا حکم له على غيره».
عمل
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ لا تستعجل الثمرة في نفسك؛ قد تبلغُ مناك بعد سنين؛ المهم أن تبني نفسك.
وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ ما دلالة كلمة (حُكمًا)؟ الحكم يأتي بمعنى الحكمة، وبمعنى القضاء، وليس بالضرورة لمن أُوتي العلم أن يكون حكيمًا أو قاضيًا، وقد يكون العكس، لكن الله تعالى جمع ليوسف الحكمة والعلم والقضاء.
وقفة
[22] العلم لا ينضج إلا مع كمال العقل، والعقل لا يكمل إلا فوق الثلاثين، قال الله عن يوسف: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾، والأشد بضع وثلاثون.
وقفة
[22] وأما النور والعلم والحكمة؛ فقد دل عليه قوله تعالى في قصة يوسف: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾؛ فهي لكل محسن.
وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ وفي ذكر المحسنين إيماء إلى أنّ إحسانه هو سبب جزائه بتلك النعمة.
وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ العلم والحكمة يؤتيها الله لمن اشتد عوده وحسنت أخلاقه العلم دون نفس كريمة هباء.
وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ بعض العلم منّة وفضل لا يؤتاه إلا ¬¬¬من كان محسنًا !ومن الطرائق الموصلة للعلم (إحسان) العبادة لله، و(الإحسان) لمن حولك من الخلق.
وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ هناك نوع من العلوم، ليس لها ألفيّة غير إلف الطاعة، وليس لها متن غير تمتين العلاقة بالله، لا تُطلب بحفظ المتون، بل بحفظ الجوارح، ولا تُنال بمداومة المطالعة، بل بمداومة المراقبة.
وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ أربعون خريفًا قد توقد شمعة الحكمة في روعك وقد لا تفي، لكن عندما تشعر بالاستواء أعط ما لديك؛ لأن فترة الاستواء قليلة.
عمل
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ لا تقتل الأفكار في مهدها، ولا تعمل بها قبل نضجها، ولا تستشر من لم يستو عقله، وتستقم طريقته.
وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ الحكمة لا توهب إلا لإنسان تعود الإحسان وتمكن من ضبط نفسه وسار على الصراط المستقيم.
عمل
[22] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ كن كما يريد الله تحيط بك الرعاية، وتبلغ أعلى الرتب كن فقط مع الله.
وقفة
[22] إن الله لا يهب الحكمة إلا إنسانًا تعود الإحسان في شئونه، وتمكن من ضبط نفسه، وإحكام أمره، وتسديد خطاه، ومشى على الصراط المستقيم، لا تهزمه وساوس الشر، ولا ترده عن غايته همزات الشياطين، يقول الله في عبده الصالح يوسف: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
وقفة
[22] كلما كنت أكثر إحسانًا وعبودية لله؛ أوتيت من العلم والفهم فوق ما تتمنى، وأفضل مما تريد ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
وقفة
[22] الحفاظ على شبابك سبب لإيتاء العلم لك حين تبلغ أَشُدَّك ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ وعد جاء مرتين.
وقفة
[22] ﴿آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ قال الشيخ عبد الله العلمي: «قاعدة كلية مطردة، وهي أن كل محسن يؤتيه الله حکمًا وعلمًا على قدر إحسانه، ممن كان وممن هو كائن، وممن سيكون وسوف يكون، فليعتبر بذلك القارئون والسامعون».
وقفة
[22] ﴿وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ الغرف المغلقة التي لا يعلم عن إحسانك وإتقانك فيها أحد، هي محكُّ الإحسان.
وقفة
[22] ﴿وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ وعد من الله لا يتخلف عن أي محسن، فكل من أحسن في أقواله وأعماله أحسن الله جزاءه، ومن ذلك قول الحسن: من أحسن عبادة ربه في شبيبته آتاه الله الحكمة في اكتهاله.
وقفة
[22] ﴿وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾، ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [٧٨]، الإحسان وسيلة كبرى، وقاعدة صلبة يُنطلق من خلالها لتحقيق أعظم الأهداف، وأنبل الغايات، فهو أول الطريق وليس نهايته.
تفاعل
[22] ﴿وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[22] ذهب يوسف عليه السلام بشطر الحسن، ولكن الله لم يمدحه في القرآن أبدًا بجماله! إنما مدحه بأنه من المحسنين ﴿وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
وقفة
[22، 23] ﴿وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾، ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا﴾ قدَّم الله ذكر إحسان يوسف، وتعليمه له، وإيتائه الحكم والنبوَّة على قصة المراودة، يؤخذ من هذا: إذا أردتَ الإخبارَ عن شيءٍ قد يُستقبح منه ولكنه وقع لشخص فاضل أو حتى لجماعة طيبة؛ فقدِّم حميد صفاتِهم على الواقعة، كما هو واضح في السورة.

الإعراب :

  • ﴿ ولمّا بلغ أشدّه:
  • الواو: استئنافية. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى \"حين\" مبني على\"السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. بلغ: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. أشده: مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة وجملة \"بلغ أشدّه\" في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف \"لما\".
  • ﴿ آتيناه حكمًا وعلمًا:
  • الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. أتى: فعل ماضى مبني على السكون لاتصاله بنا و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول. حكمًا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. وعلمًا. معطوف بالواو على \"حكمًا\" منصوب مثله بالفتحة.
  • ﴿ وكذلك نجزي المحسنين:
  • الواو: استئنافية. الكاف اسم بمعنى \"مثل\" مبني على الفتح في محل نصب على المصدر نائب عن المفعول المطلق أي ومثل ذلك الجزاء نجزي. ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. نجزي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن. المحسنين: مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد. '

المتشابهات :

يوسف: 22﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
القصص: 14﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ عز وجل أن إخوة يوسف أساءوا إليه وصبر على تلك الشدائد حتى مكن الله له في أرض مصر؛ بَيَّنَ هنا أنه آتاه الحكم والعلم حين استكمل سن الشباب وبلوغ الأشد، وأن ذلك جزاء منه سبحانه على إحسانه في سيرته، قال تعالى:
﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف