ترتيب المصحف | 12 | ترتيب النزول | 53 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 13.50 |
عدد الآيات | 111 | عدد الأجزاء | 0.60 |
عدد الأحزاب | 1.20 | عدد الأرباع | 4.90 |
ترتيب الطول | 11 | تبدأ في الجزء | 12 |
تنتهي في الجزء | 13 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 6/29 | آلر: 3/5 |
إخوةُ يوسفَ يلقونَه في البئرِ، ثُمَّ رجعُوا يتباكُونَ، وقالُوا: أكلَه الذئبُ، ولطخُوا ثوبَهُ بدمٍ غيرِ دمِه، ونسُوا أن يمزِّقُوا الثوبَ ففطِنَ يعقوبُ عليه السلام لكيدِهم.
قريبًا إن شاء الله
ولمَّا مرّ بالبئرِ جماعةٌ مسافرونَ أخذُوا يوسفَ، وباعُوه بثَمَنٍ قليلٍ، وقالَ الذي اشتراه من مصرَ لامرأتِه: أحسني إليه، ولمَّا بلغَ أَشُدَّهُ آتاه اللهُ الحكمةَ والفقهَ في الدينِ.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
أي:لما ذهب إخوة يوسف بيوسف بعد ما أذن له أبوه، وعزموا على أن يجعلوه في غيابة الجب، كما قال قائلهم السابق ذكره، وكانوا قادرين على ما أجمعوا عليه، فنفذوا فيه قدرتهم، وألقوه في الجب، ثم إن الله لطف به بأن أوحى إليه وهو في تلك الحال الحرجة،{ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} أي:سيكون منك معاتبة لهم، وإخبار عن أمرهم هذا، وهم لا يشعرون بذلك الأمر، ففيه بشارة له، بأنه سينجو مما وقع فيه، وأن الله سيجمعه بأهله وإخوته على وجه العز والتمكين له في الأرض.
وقد حكى القرآن ذلك بأسلوبه البليغ فقال: فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ. وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ.
أى: فلما أقنعوا أباهم بإرسال يوسف معهم، وذهبوا به في الغد إلى حيث يريدون، وأجمعوا أمرهم على أن يلقوا به في قعر الجب، فعلوا به ما فعلوا من الأذى، ونفذوا ما يريدون تنفيذه بدون رحمة أو شفقة.
فالفاء في قوله فلما: للتفريع على كلام مقدر، وجواب «لما» محذوف، دل عليه السياق.
وفعل «أجمع» يتعدى إلى المفعول بنفسه، ومعناه العزم والتصميم على الشيء، تقول:
أجمعت المسير أى: عزمت عزما قويا عليه.
وقوله «أن يجعلوه» مفعول أجمعوا.
قال الآلوسى: «والروايات في كيفية إلقائه في الجب، وما قاله لإخوته عند إلقائه وما قالوه له كثيرة، وقد تضمنت ما يلين له الصخر، لكن ليس فيها ما له سند يعول عليه» .
والضمير في قوله، وأوحينا إليه يعود على يوسف- عليه السلام-.
أى: وأوحينا إليه عند إلقائه في الجب عن طريق الإلهام القلبي، أو عن طريق جبريل- عليه السلام- أو عن طريق الرؤيا الصالحة. لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا أى: لتخبرنهم في الوقت الذي يشاؤه الله- تعالى- في مستقبل الأيام، بما فعلوه معك في صغرك من إلقائك في الجب، ومن إنجاء الله- تعالى- لك، فالمراد بأمرهم هذا: إيذاؤهم له وإلقاؤهم إياه في قعر الجب، ولم يصرح- سبحانه- به، لشدة شناعته.
وجملة «وهم لا يشعرون» حالية، أى: والحال أنهم لا يحسون ولا يشعرون في ذلك الوقت الذي تخبرهم فيه بأمرهم هذا، بأنك أنت يوسف. لاعتقادهم أنك قد هلكت ولطول المدة التي حصل فيها الفراق بينك وبينهم، ولتباين حالك وحالهم في ذلك الوقت، فأنت ستكون الأمين على خزائن الأرض، وهم سيقدمون عليك فقراء يطلبون عونك ورفدك.
وقد تحقق كل ذلك- كما يأتى- عند تفسير قوله تعالى-: فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ ...
وكان هذا الإيحاء- على الراجح- قبل أن يبلغ سن الحلم، وقبل أن يكون نبيا.
وكان المقصود منه، إدخال الطمأنينة على قلبه، وتبشيره بما يصير إليه أمره من عز وغنى وسلطان.
قالوا: وكان هذا الجب الذي ألقى فيه يوسف على بعد ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب- عليه السلام- بفلسطين.
ثم حكى- سبحانه- أقوالهم لأبيهم بعد أن فعلوا فعلتهم وعادوا إليه ليلا يبكون فقال:
يقول تعالى : فلما ذهب به إخوته من عند أبيه بعد مراجعتهم له في ذلك ، ( وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب ) هذا فيه تعظيم لما فعلوه أنهم اتفقوا كلهم على إلقائه في أسفل ذلك الجب ، وقد أخذوه من عند أبيه فيما يظهرونه له إكراما له ، وبسطا وشرحا لصدره ، وإدخالا للسرور عليه ، فيقال : إن يعقوب عليه السلام ، لما بعثه معهم ضمه إليه ، وقبله ودعا له .
وقال السدي وغيره : إنه لم يكن بين إكرامهم له وبين إظهار الأذى له ، إلا أن غابوا عن عين أبيه وتواروا عنه ، ثم شرعوا يؤذونه بالقول من شتم ونحوه ، والفعل من ضرب ونحوه ، ثم جاءوا به إلى ذلك الجب الذي اتفقوا على رميه فيه فربطوه بحبل ودلوه فيه ، فجعل إذا لجأ إلى واحد منهم لطمه وشتمه ، وإذا تشبث بحافات البئر ضربوا على يديه ، ثم قطعوا به الحبل من نصف المسافة ، فسقط في الماء فغمره ، فصعد إلى صخرة تكون في وسطه ، يقال لها : " الراغوفة " فقام فوقها .
قال الله تعالى : ( وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ) يقول تعالى ذاكرا لطفه ورحمته وعائدته وإنزاله اليسر في حال العسر : إنه أوحى إلى يوسف في ذلك الحال الضيق ، تطييبا لقلبه ، وتثبيتا له : إنك لا تحزن مما أنت فيه ، فإن لك من ذلك فرجا ومخرجا حسنا ، وسينصرك الله عليهم ، ويعليك ويرفع درجتك ، وستخبرهم بما فعلوا معك من هذا الصنيع .
وقوله : ( وهم لا يشعرون ) - قال [ مجاهد و ] قتادة : ( وهم لا يشعرون ) بإيحاء الله إليه .
وقال ابن عباس : ستنبئهم بصنيعهم هذا في حقك ، وهم لا يعرفونك ، ولا يستشعرون بك ، كما قال ابن جرير :
حدثني الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا صدقة بن عبادة الأسدي ، عن أبيه ، سمعت ابن عباس يقول : لما دخل إخوة يوسف على يوسف فعرفهم وهم له منكرون ، قال : جيء بالصواع ، فوضعه على يده ، ثم نقره فطن ، فقال : إنه ليخبرني هذا الجام : أنه كان لكم أخ من أبيكم يقال له " يوسف " ، يدنيه دونكم ، وأنكم انطلقتم به فألقيتموه في غيابة الجب - قال : ثم نقره فطن - فأتيتم أباكم فقلتم : إن الذئب أكله ، وجئتم على قميصه بدم كذب - قال : فقال بعضهم لبعض : إن هذا الجام ليخبره بخبركم . قال ابن عباس ، رضي الله عنهما : لا نرى هذه الآية نزلت إلا فيهم : ( لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ) .
القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (15)
قال أبو جعفر : وفي الكلام متروكٌ حذف ذكره، اكتفاءً بما ظهر عما ترك ، وهو: أَرْسِلْهُ مَعَنَا ، ( فلما ذهبوا به وأجمعوا) ، يقول: وأجمع رأيهم، (1) وعزموا على (أن يجعلوه في" غيابة الجب " (2) ) . كما:-
18831- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي ، قوله: إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ ، الآية ، قال، قال: لن أرسله معكم ، إني أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ، قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ ، فأرسله معهم ، فأخرجوه وبه عليهم كرامة، فلما برزوا به إلى البرية أظهروا له العداوة، وجعل أخوه يضربه ، فيستغيث بالآخر فيضربه ، فجعل لا يرى منهم رحيمًا ، (3) فضربوه حتى كادوا يقتلونه ، فجعل يصيح ويقول: يا أبتاه! يا يعقوب! لو تعلم ما صنع بابنك بنو الإماء ! فلما كادوا يقتلونه، قال يهوذا (4) أليس قد أعطيتموني موثقًا أن لا تقتلوه؟ فانطلقوا به إلى الجبّ ليطرحوه ، فجعلوا يدلونه في البئر فيتعلّق بشَفير البئر.
فربطوا يديه، ونـزعوا قميصه ، فقال: يا إخوتاه! ردوا عليّ قميصي أتوارى به في الجبّ ! فقالوا: ادعُ الشمسَ والقمرَ والأحد عشر كوكبًا تؤنسك ! قال: إني لم أر شيئًا ، فدلوه في البئر، حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادةَ أن يموت. وكان في البئر ماءٌ فسقط فيه ، ثم أوَى إلى صخرة فيها فقام عليها . قال: فلما ألقوه في البئر، جعل يبكي ، فنادوه ، فظنّ أنها رحمة أدركتهم ، فلبَّاهم ، فأرادوا أن يرضخوه بصخرة فيقتلوه ، فقام يهوذا فمنعهم ، وقال: قد أعطيتموني موثقًا أن لا تقتلوه! وكان يهوذا يأتيه بالطعام.
* * *
وقوله: (فلما ذهبوا به وأجمعوا) فأدخلت " الواو " في الجواب ، كما قال امرؤ القيس:
فَلَمَّـا أجَزْنَـا سَـاحَةَ الحَـيِّ وانْتَحَـى
بِنـا بَطْـنُ خَـبْتٍ ذِي قِفـاف عَقَنْقَل (5)
فأدخل الواو في جواب " لما " ، وإنما الكلام: فلما أجزنا ساحة الحي، انتحى بنا ، وكذلك: (فلما ذهبوا وأجمعوا) ، لأن قوله: " أجمعوا " هو الجواب.
* * *
وقوله: (وأوحينا إليه لتنبِّئنهم بأمرهم) ، يقول: وأوحينا إلى يوسف لتخبرنَّ إخوتك ، ( بأمرهم هذا) يقول: بفعلهم هذا الذي فعلوه بك (وهم لا يشعرون) يقول: وهم لا . يعلمون ولا يدرُون (6) .
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي عناه الله عز وجل بقوله: (وهم لا يشعرون) .
فقال بعضهم: عنى بذلك: أن الله أوحى إلى يوسف أنّ يوسف سينبئ إخوته بفعلهم به ما فعلوه: من إلقائه في الجب ، وبيعهم إياه ، وسائر ما صنعوا به من صنيعهم ، وإخوته لا يشعرون بوحي الله إليه بذلك .
*ذكر من قال ذلك:
18832- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (وأوحينا إليه) إلى يوسف.
18833- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا) قال: أوحينا إلى يوسف: لتنبئن إخوتك.
18834- ...قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله: (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون) قال: أوحى إلى يوسف وهو في الجبّ أنْ سينبئهم بما صنعوا ، وهم لا يشعرون بذلك الوحي
18835- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال مجاهد: (وأوحينا إليه) ، قال: إلى يوسف.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: وأوحينا إلى يوسف بما إخوته صانعون به ، وإخوته لا يشعرون بإعلام الله إيّاه بذلك .
*ذكر من قال ذلك:
18836- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون) ، بما أطلع الله عليه يوسف من أمرهم، وهو في البئر.
18837- حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال: حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون)، قال: أوحى الله إلى يوسف وهو في الجب أن ينبئهم بما صنعوا به ، وهم لا يشعرون بذلك الوحي.
18838- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد ، قال: أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن قتادة، بنحوه ، إلا أنه قال: أن سينبئهم .
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن يوسف سينبئهم بصنيعهم به، وهم لا يشعرون أنه يوسف .
*ذكر من قال ذلك:
18839-حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله: (وهم لا يشعرون) يقول: وهم لا يشعرون أنه يوسف.
18840- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا صدقة بن عبادة الأسدي، عن أبيه، قال: سمعت ابن عباس يقول: لما دخل إخوة يوسف فعرفهم وهم له منكرون ، قال: جيء بالصُّوَاع، فوضعه على يده، ثم نقره فطنَّ، فقال: إنه ليخبرني هذا الجامُ أنه كان لكم أخٌ من أبيكم يقال له يوسف، يدنيه دونكم ، وإنكم انطلقتم به فألقيتموه في غيابة الجب! قال: ثم نقره فطنَّ ، فأتيتم أباكم فقلتم: إن الذئب أكله، وجئتم على قميصه بدَمٍ كذب! قال: فقال بعضهم لبعض: إن هذا الجام ليخبره بخبركم! قال ابن عباس: فلا نرى هذه الآية نـزلت إلا فيهم: (لتنبئهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون). (7)
* * *
----------------------
الهوامش:
(1) انظر تفسير" الإجماع" فيما سلف ص : 147 ، 148 .
(2) انظر تفسير" غيابة الجب" فيما سلف ص : 565 ، 566 .
(3) انظر ما قلته في" جعل" وأشباهها ، وأنها أفعال استعانة ، لها مكان في التعبير لا يغني مكانها شيء غيرها . انظر ج 11 تعليق : 1 .
(4) انظر ما سلف ص : 565 ، تعليق : 1 في اسم هذا القائل ، وأنه" روبيل" أو" شمعون" ، ولم يذكر هناك" يهوذا" .
(5) معلقته المشهورة ، وسيأتي في التفسير 17 : 73 ( بولاق ) ، وكان في المطبوعة :" ذي حقاف" ، وأثبت روايته هذه من المخطوطة .
(6) انظر تفسير" شعر" فيما سلف 12 : 576 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
(7) الأثر : 18840 -" صدقة بن عبادة بن نشيط الأسدي" ، روى عن أبيه عن ابن عباس . روى عنه أبو داود الطيالسي ، وموسى بن إسماعيل ، وغيرهما ، مترجم في الكبير 2 / 2 / 298 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 433 . /8 وأبوه" عبادة بن نشيط الأسدي" ، روى عن ابن عباس ، روى عنه ابنه صدقة ، مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 1 / 96 . ولم يذكروا فيه ولا في ابنه جرحًا . ومع ذلك فالخبر عندي غير مستقيم . وكفاه اختلالا أنه مخالف لصريح القرآن ، ولو وافقه لكان أولى به أن يكون قال لهم ذلك ، لما دخلوا عليه فقال لهم :" هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون" ، في آخر السورة .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لتنبئنهم:
1- بتاء الخطاب، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بياء الغيبة، وهى قراءة ابن عمر، وكذا هى فى بعض مصاحف البصرة.
3- بالنون، وهى قراءة سلام.
التفسير :
{ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ} ليكون إتيانهم متأخرا عن عادتهم، وبكاؤهم دليلا لهم، وقرينة على صدقهم.
فقوله: وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ.
والعشاء: وقت غيبوبة الشفق الباقي من بقايا شعاع الشمس، وبدء حلول الظلام والمراد بالبكاء هنا: البكاء المصطنع للتمويه والخداع لأبيهم، حتى يقنعوه- في زعمهم- أنهم لم يقصروا في حق أخيهم.
أى: وجاءوا أباهم بعد أن أقبل الليل بظلامه يتباكون، متظاهرين بالحزن والأسى لما حدث ليوسف، وفي الأمثال: «دموع الفاجر بيديه» .
يقول تعالى مخبرا عن الذي اعتمده إخوة يوسف بعد ما ألقوه في غيابة الجب : أنهم رجعوا إلى أبيهم في ظلمة الليل يبكون ، ويظهرون الأسف والجزع على يوسف ويتغممون لأبيهم وقالوا معتذرين عما وقع فيما زعموا.
القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16)
قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه: وجاء إخوة يوسف أباهم، بعد ما ألقوا يوسف في غيابة الجبّ عشاء يبكون.
* * *
وقيل: إن معنى قوله: (نستبق) ننتضل من " السباق " (8) كما:-
18841- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد قال، حدثنا أسباط ، عن السدي ، قال: أقبلوا على أبيهم عشاء يبكون ، فلما سمع أصواتهم فزع وقال: ما لكم يا بنيّ؟ هل أصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا: لا ! قال: فما فعل يوسف.
----------------------
الهوامش:
(8) انظر تفسير" الاستباق" فيما سلف 3 : 196 / 10 : 391 .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 116 | ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ |
---|
يوسف: 16 | ﴿ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ |
---|
يوسف: 18 | ﴿ وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فقالوا - متعذرينبعذر كاذب -{ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} إما على الأقدام، أو بالرمي والنضال،{ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا} توفيرا له وراحة.{ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ} في حال غيبتنا عنه في استباقنا{ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} أي:تعذرنا بهذا العذر، والظاهر أنك لا تصدقنا لما في قلبك من الحزن على يوسف، والرقة الشديدة عليه.
قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ أى: نتسابق عن طريق الرمي بالسهام، أو على الخيل، أو على الأقدام. يقال: فلان وفلان استبقا أى: تسابقا حتى ينظر أيهما يسبق الآخر.
وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا أى: عند الأشياء التي نتمتع بها وننتفع في رحلتنا، كالثياب والأطعمة وما يشبه ذلك.
فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ في تلك الفترة التي تركناه فيها عند متاعنا.
والمراد: قتله الذئب، ثم أكله دون أن يبقى منه شيئا ندفنه.
وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ أى: وما أنت بمصدق لنا فيما أخبرناك به من أن يوسف قد أكله الذئب، حتى ولو كنا صادقين في ذلك، لسوء ظنك بنا، وشدة محبتك له.
وهذه الجملة الكريمة توحى بكذبهم على أبيهم، وبمخادعتهم له، ويكاد المريب أن يقول خذوني- كما يقولون-.
وقالوا معتذرين عما وقع فيما زعموا : ( إنا ذهبنا نستبق ) أي : نترامى ، ( وتركنا يوسف عند متاعنا ) أي : ثيابنا وأمتعتنا ، ( فأكله الذئب ) وهو الذي كان [ قد ] جزع منه ، وحذر عليه .
وقولهم : ( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ) تلطف عظيم في تقرير ما يحاولونه ، يقولون : ونحن نعلم أنك لا تصدقنا - والحالة هذه - لو كنا عندك صادقين ، فكيف وأنت تتهمنا في ذلك ، لأنك خشيت أن يأكله الذئب ، فأكله الذئب ، فأنت معذور في تكذيبك لنا; لغرابة ما وقع وعجيب ما اتفق لنا في أمرنا هذا .
قالوا: ( يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب) ! فبكى الشيخ وصاح بأعلى صوته، وقال: أين القميص؟ فجاءوه بالقميص عليه دمٌ كذب ، فأخذ القميص فطرحه على وجهه ، ثم بكى حتى تخضَّب وجهه من دم القميص.
* * *
وقوله: (وما أنت بمؤمن لنا) ، يقولون: وما أنت بمصدّقنا على قِيلنا: إن يوسف أكله الذئب، ولو كنا صادقين! كما:-
18842 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي: (وما أنت بمؤمن لنا) قال: بمصدق لنا!
.......................................................................................
......................................................................................
......................................................................................
* * *
[ فإن قال قائل : ( ولو كنا صادقين ) وقوله ]: (9) (ولو كنا صادقين) ، إما خبرٌ عنهم أنهم غير صادقين ، فذلك تكذيب منهم أنفسَهم ، أو خبرٌ منهم عن أبيهم أنه لا يصدِّقهم لو صدَقوه، فقد علمت أنهم لو صَدَقوا أباهم الخبرَ صَدَّقهم؟
قيل: ليس معنى ذلك بواحد منهما ، وإنما معنى ذلك: وما أنت بمصدِّق لنا ولو كنا من أهل الصدق الذين لا يُتَّهمون، لسوء ظنك بنا، وتُهمَتك لنا.
----------------------
الهوامش:
(9) هذه الزيادة بين القوسين لا بد منها حتى يستقيم الكلام ، وظني أنه سقط من كلام الطبري شيء ، فلذلك وضعت قبله أسطرًا من النقط ، لأني أرى أنه لم يتم تفسير الآية على عادته في كل ما سلف .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ولكن عدم تصديقك إيانا، لا يمنعنا أن نعتذر بالعذر الحقيقي، وكل هذا، تأكيد لعذرهم.{ وَ} مما أكدوا به قولهم، أنهم{ جَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} زعموا أنه دم يوسف حين أكله الذئب، فلم يصدقهم أبوهم بذلك، و{ قَالَ}{ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} أي:زينت لكم أنفسكم أمرا قبيحا في التفريق بيني وبينه، لأنه رأى من القرائن والأحوال [ ومن رؤيا يوسف التي قصَّها عليه]ما دلّه على ما قال.
{ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} أي:أما أنا فوظيفتي سأحرص على القيام بها، وهي أني أصبر على هذه المحنة صبرا جميلا سالما من السخط والتَّشكِّي إلى الخلق، وأستعين الله على ذلك، لا على حولي وقوتي، فوعد من نفسه هذا الأمر وشكى إلى خالقه في قوله:{ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} لأن الشكوى إلى الخالق لا تنافي الصبر الجميل، لأن النبي إذا وعد وفى.
ولكنهم لم يكتفوا بهذا التباكي وبهذا القول، بل أضافوا إلى ذلك تمويها آخر حكاه القرآن في قوله: وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ... أى: بدم ذي كذب، فهو مصدر بتقدير مضافه، أو وصف الدم بالمصدر مبالغة، حتى لكأنه الكذب بعينه، والمصدر هنا بمعنى المفعول، كالخلق بمعنى المخلوق، أى: بدم مكذوب.
والمعنى: وبعد أن ألقوا بيوسف في الجب، واحتفظوا بقميصه معهم، ووضعوا على هذا القميص دما مصطنعا ليس من جسم يوسف، وإنما من جسم شيء آخر قد يكون ظبيا وقد يكون خلافه.
وقال- سبحانه- عَلى قَمِيصِهِ للإشعار بأنه دم موضوع على ظاهر القميص وضعا متكلفا مصطنعا، ولو كان من أثر افتراس الذئب لصاحبه، لظهر التمزق والتخريق في القميص، ولتغلغل الدم في قطعة منه.
ولقد أدرك يعقوب- عليه السلام- من قسمات وجوههم، ومن دلائل حالهم، ومن نداء قلبه المفجوع أن يوسف لم يأكله الذئب، وأن هؤلاء المتباكين هم الذين دبروا له مكيدة ما، وأنهم قد اصطنعوا هذه الحيلة المكشوفة مخادعة له، ولذا جابههم بقوله: قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً....
والتسويل: التسهيل والتزيين. يقال: سولت لفلان نفسه هذا الفعل أى زينته وحسنته له، وصورته له في صورة الشيء الحسن مع أنه قبيح.
أى: قال يعقوب لأبنائه بأسى ولوعة بعد أن فعلوا ما فعلوا وقالوا ما قالوا: قال لهم ليس الأمر كما زعمتم من أن يوسف قد أكله الذئب، وإنما الحق أن نفوسكم الحاقدة عليه هي التي زينت لكم أن تفعلوا معه فعلا سيئا قبيحا، ستكشف الأيام عنه بإذن ربي ومشيئته.
ونكر الأمر في قوله: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً لاحتماله عدة أشياء مما يمكن أن يؤذوا به يوسف، كالقتل، أو التغريب، أو البيع في الأسواق لأنه لم يكن يعلم على سبيل اليقين ما فعلوه به.
وفي هذا التنكير والإبهام- أيضا- ما فيه من التهويل والتشنيع لما اقترفوه في حق أخيهم.
وقوله فَصَبْرٌ جَمِيلٌ أى: فصبرى صبر جميل، وهو الذي لا شكوى فيه لأحد سوى الله- تعالى- ولا رجاء معه إلا منه- سبحانه-.
ثم أضاف إلى ذلك قوله: وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ أى: والله- تعالى- هو الذي أستعين به على احتمال ما تصفون من أن ابني يوسف قد أكله الذئب.
أو المعنى: والله- تعالى- وحده هو المطلوب عونه على إظهار حقيقة ما تصفون، وإثبات كونه كذبا، وأن يوسف ما زال حيا، وأنه- سبحانه- سيجمعنى به في الوقت الذي يشاؤه.
قال الآلوسى: «أخرج ابن ابى حاتم وأبو الشيخ عن قتادة: أن إخوة يوسف- بعد أن ألقوا به في الجب- أخذوا ظبيا فذبحوه، ولطخوا بدمه قميصه، ولما جاءوا به إلى أبيهم جعل يقلبه ويقول: تالله ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا الذئب!! أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه ... » .
وقال القرطبي: «استدل الفقهاء بهذه الآية في إعمال الأمارات في مسائل الفقه كالقسامة وغيرها، وأجمعوا على أن يعقوب- عليه السلام- قد استدل على كذب أبنائه بصحة القميص، وهكذا يجب على الحاكم أن يلحظ الأمارات والعلامات ... » .
وقال الشيخ القاسمى ما ملخصه: «وفي الآية من الفوائد: أن الحسد يدعو إلى المكر بالمحسود وبمن يراعيه ... وأن الحاسد إذا ادعى النصح والحفظ والمحبة، لم يصدق، وأن من طلب مراده بمعصية الله- تعالى- فضحه الله- عز وجل-، وأن القدر كائن، وأن الحذر لا ينجى منه ... » .
وإلى هنا نجد الآيات الكريمة قد حكت لنا بأسلوبها البليغ، وتصويرها المؤثر، ما تآمر به إخوة يوسف عليه، وما اقترحوه لتنفيذ مكرهم، وما قاله لهم أوسطهم عقلا ورأيا، وما تحايلوا به على أبيهم لكي يصلوا إلى مآربهم، وما رد به عليهم أبوهم، وما قالوه له بعد أن نفذوا جريمتهم في أخيهم. بأن ألقوا به في الجب ...
ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك، لتقص علينا مرحلة أخرى من مراحل حياة يوسف- عليه السلام- حيث حدثتنا عن انتشاله من الجب، وعن بيعه بثمن بخس وعن وصية الذي اشتراه لامرأته، وعن مظاهر رعاية الله- تعالى- له فقال- سبحانه-:
( وجاءوا على قميصه بدم كذب ) أي : مكذوب مفترى . وهذا من الأفعال التي يؤكدون بها ما تمالئوا عليه من المكيدة ، وهو أنهم عمدوا إلى سخلة - فيما ذكره مجاهد ، والسدي ، وغير واحد - فذبحوها ، ولطخوا ثوب يوسف بدمها ، موهمين أن هذا قميصه الذي أكله فيه الذئب ، وقد أصابه من دمه ، ولكنهم نسوا أن يخرقوه ، فلهذا لم يرج هذا الصنيع على نبي الله يعقوب ، بل قال لهم معرضا عن كلامهم إلى ما وقع في نفسه من تمالئهم عليه : ( بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل ) أي : فسأصبر صبرا جميلا على هذا الأمر الذي قد اتفقتم عليه ، حتى يفرجه الله بعونه ولطفه ، ( والله المستعان على ما تصفون ) أي : على ما تذكرون من الكذب والمحال .
وقال الثوري ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وجاءوا على قميصه بدم كذب ) قال : لو أكله السبع لخرق القميص . وكذا قال الشعبي ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد .
وقال مجاهد : الصبر الجميل : الذي لا جزع فيه .
وروى هشيم ، عن عبد الرحمن بن يحيى ، عن حبان بن أبي جبلة قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله : ( فصبر جميل ) فقال : " صبر لا شكوى فيه " وهذا مرسل .
وقال عبد الرزاق : قال الثوري عن بعض أصحابه أنه قال : ثلاث من الصبر : ألا تحدث بوجعك ، ولا بمصيبتك ، ولا تزكي نفسك .
وذكر البخاري هاهنا حديث عائشة ، رضي الله عنها ، في الإفك حتى ذكر قولها : والله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف ، ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ) .
القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) ، وسماه الله " كذبًا " لأن الذين جاؤوا بالقميص وهو فيه، كذَبوا ، فقالوا ليعقوب: " هو دم يوسف " ، ولم يكن دمه، وإنما كان دم سَخْلةٍ، (10) فيما قيل .
*ذكر من قال ذلك:
18843- حدثني أحمد بن عبد الصمد الأنصاري قال، حدثنا أبو أسامة، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، في قوله: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) قال: دم سخلة. (11)
18844- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) قال: دم سخلة، شاة.
18845- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (بدم كذب) قال: دم سخلة ، يعني: شاة .
18846- حدثني المثنى ، قال: حدثنا أبو حذيفة ، قال: حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله: (بدم كذب) قال: دم سخلةٍ، شاة.
18847- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: (بدم كذب) قال: كان ذلك الدم كذبًا ، لم يكن دمَ يوسف.
18848- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين ، قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد: (بدم كذب) قال: دم سخلة، شاة.
18849- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله: (بدم كذب) قال: بدم سخلة.
18850- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي ، قال: ذبحوا جديًا من الغنم ، ثم لطَّخوا القميص بدمه ، ثم أقبلوا إلى أبيهم ، فقال يعقوب: إن كان هذا الذئبُ لرحيما! كيف أكل لحمه ولم يخرق قميصه؟ يا بني، يا يوسف ما فعل بك بنو الإماء!
18851- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان الثوري، عن سماك بن حرب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) قال: لو أكله السبع لخرق القميص.
18852- حدثنا الحسن بن محمد ، قال، حدثنا أبو خالد ، قال، حدثنا سفيان بإسناده عن ابن عباس، مثله ، إلا أنه قال: لو أكله الذئب لخرَّق القميص.
18853- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) ، قال: لو كان الذئب أكله لخرَّقه.
18854- حدثني عبيد الله بن أبي زياد قال، حدثنا عثمان بن عمرو قال، حدثنا قرة ، عن الحسن ، قال: جيء بقميص يوسف إلى يعقوب ، فجعل ينظر إليه فيرى أثر الدم، ولا يرى فيه خَرْقًا ، قال: يا بني ما كنت أعهدُ الذئب حليمًا؟
18855- حدثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصاري ، قال، حدثنا أبو عامر العقدي ، عن قرة ، قال: سمعت الحسن يقول: لما جاؤوا بقميص يوسف ، فلم ير يعقوب شقًّا ، قال: يا بني ، والله ما عهدت الذئب حليمًا؟ (12)
18856- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا حماد بن مسعدة ، عن عمران بن مسلم ، عن الحسن ، قال: لما جاء إخوة يوسف بقميصه إلى أبيهم ، قال: جعل يقلبه فيقول: ما عهدت الذئب حليمًا؟ أكل ابني، وأبقى على قميصه !
18857- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) قال: لما أتوا نبيَّ الله يعقوب بقميصه ، قال: ما أرى أثرَ سبع ولا طعْنٍ، ولا خرْق.
18858- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: (بدم كذب) الدم الكذب ، لم يكن دم يوسف.
18859- حدثنا القاسم ، قال: حدثنا الحسين ، قال: حدثنا هشيم ، قال: أخبرنا مجالد ، عن الشعبي قال: ذبحوا جديًا ولطخوه من دمه. فلما نظر يعقوب إلى القميص صحيحًا ، عرف أن القوم كذبوه. فقال لهم: إن كان هذا الذئب لحليمًا ، حيث رَحم القميص ولم يرحم ابني ! فعرف أنهم قد كذبوه.
18860- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة ، عن سيفان ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) قال: لما أتي يعقوب بقميص يوسف ، فلم ير فيه خرقًا ، قال: كذبتم ، لو أكله السبع لخرق قميصه !
18861- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسحاق الأزرق ، ويعلى ، عن زكريا ، عن سماك ، عن عامر قال: كان في قميص يوسف ثلاث آيات :حين جاؤوا على قميصه بدم كذب . قال: وقال يعقوب: لو أكله الذئب لخرقَ قميصه.
18862- حدثنا الحسن بن محمد ، قال: حدثنا محمد قال، حدثنا زكريا ، عن سماك ، عن عامر قال: إنه كان يقول: في قميص يوسف ثلاث آيات: حين ألقي على وجه أبيه فارتد بصيرًا ، وحين قُدَّ منْ دُبُر ، وحين جاؤوا على قميصه بدم كذب.
18863- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عامر قال: كان في قميص يوسف ثلاث آيات: الشقُّ ، والدم ، وألقاه على وجه أبيه فارتدَّ بصيرًا.
18864- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا أبو عامر قال ، حدثنا قرة ، عن الحسن ، قال: لما جيء بقميص يوسف إلى يعقوب ، فرأى الدم ولم ير الشق قال: ما عهدت الذئب حليمًا؟
18865-..... قال، حدثنا حماد بن مسعدة قال، حدثنا قرة ، عن الحسن ، بمثله .
* * * *
فإن قال قائل: كيف قيل: (بدم كذب) وقد علمت أنه كان دمًا لا شك فيه ، وإن لم يكن كان دم يوسف؟
قيل: في ذلك من القول وجهان:
أحدهما: أن يكون قيل (بدم كذب) لأنه كُذِب فيه كما يقال ": الليلة الهلالُ" ، وكما قيل: فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ [ سورة البقرة 16 ]. وذلك قولٌ كان بعض نحويي البصرة يقوله.
والوجه الآخر: وهو أن يقال: هو مصدر بمعنى " مفعول ". وتأويله: وجاؤوا على قميصه بدم مكذوب ، كما يقال: " ما له عقل ولا معقول " ، و " لا له جَلَد ولا له مجْلود " . والعرب تفعل ذلك كثيرًا ، تضع " مفعولا " في موضع المصدر ، والمصدر في موضع مفعول ، كما قال الراعي:
حَــتَّى إذَا لــم يَــتْرُكُوا لِعِظَامِـهِ
لَحْمًـــا وَلا لِفـــؤادِهِ مَعْقــول (13)
وذلك كان يقوله بعض نحويي الكوفة . (14)
* * *
وقوله: (قال بل سولت لكم أنفسكم أمرًا) يقول تعالى ذكره: قال يعقوب لبنيه الذين أخبروه أن الذئب أكل يوسف مكذبا لهم في خبرهم ذلك: ما الأمر كما تقولون، ( بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا) يقول: بل زيَّنت لكم أنفسكم أمرًا في يوسف وحسنته، ففعلتموه كما:-
18866- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة: قال (بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا) ، قال: يقول: بل زينت لكم أنفسكم أمرًا.
* * *
وقوله: (فصبر جميل) يقول: فصبري على ما فعلتم بي في أمر يوسف صبرٌ جميل ، أو فهو صبر جميل.
* * *
وقوله (والله المستعان على ما تصفون) يقول: واللهَ أستعين على كفايتي شرّ ما تصفون من الكذب (15) .
* * *
وقيل " : إن الصبر الجميل "، هو الصبر الذي لا جزع فيه.
*ذكر من قال ذلك:
18867- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (فصبر جميل) قال: ليس فيه جزع.
18868- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
18869- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة ، قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
18870- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم ، قال: حدثنا سفيان ، عن مجاهد: (فصبر جميل) في غير جزع.
18871- .... قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
18872- ..... قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم ، عن عبد الرحمن بن يحيى ، عن حبان بن أبي جبلة ، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: (فصبر جميل) قال: صبر لا شكوى فيه. قال: من بثّ فلم يصبر. (16)
18873- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى ، عن حبان بن أبي جبلة: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله: (فصبر جميل) قال: صبر لا شكوى فيه. (17)
18874-... قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد: (فصبر جميل) : ليس فيه جزع.
18875- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
18876- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري ، عن رجل ، عن مجاهد في قوله: (فصبر جميل) : قال: في غير جزع.
18877- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
18878- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الثوري ، عن بعض أصحابه قال: يقال: ثلاث من الصبر: أن لا تحدِّث بوجعك ، ولا بمصيبتك ، ولا تزكّي نفسك ،
قال أخبرنا الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت: أن يعقوب النبيّ صلى الله عليه وسلم كان قد سقط حاجبَاه ، فكان يرفعهما بخرقةٍ ، فقيل له: ما هذا؟ قال: طول الزمان ، وكثرة الأحزان! فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: يا يعقوب، أتشكوني؟ قال: يا رب خطيئة أخطأتها ، فاغفرها لي.
* * *
وقوله: (والله المستعان على ما تصفون) . (18)
18879- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة: (والله المستعان على ما تصفون ) أي على ما تكذبون.
* * *
----------------------
الهوامش:
(10) " السخلة" . ولد الشاة من المعز والضأن ، ذكرًا كان أو أنثى .
(11) الأثر : 18843 -" أحمد بن عبد الصمد بن علي بن عيسى الأنصاري الزرقي" ،" أبو أيوب" ، شيخ الطبري ، مشهور لا بأس به . مترجم في تاريخ بغداد 4 : 270 ، ولسان الميزان 1 : 214 ، وروى عنه الطبري في تاريخه 5 : 22 ، في موضع واحد . وانظر ما سيأتي رقم : 18855 .
(12) الأثر 18855 -" أحمد بن عبد الصمد الأنصاري" ، انظر ما سلف رقم : 18843 .
(13) جمهرة أشعار العرب : 175 ، وغيرها ، من ملحمته المشهورة ، قالها لعبد الملك بن مروان ، وكان بعض عماله على الصدقات ، قد أوقع ببني نمير قوم الراعي ، لأن قيسًا كانت زبيرية الهوى ، فقال :
أَخَلِيفَــةَ الرَّحْــمَنِ إنَّــا مَعْشَــرٌ
حُنَفَــاءُ نَسْــجُدُ بُكْــرَةً وأصِيـلاَ
عَــرَبٌ , نَـرَى لِلـهِ فـي أمْوالِنـا
حَــقَّ الزَّكــاةِ مُــنَزَّلاً تــنزيلاَ
إنَّ السُّــعاةَ عَصَـوْكَ يَـوْمَ أمْـرَتَهُمْ
وأتَـوْا دَواهِـيَ , لـو عَلِمْتَ , وغُولا
ثم يقول له :
أخَـذُوا العَـرِيفَ فَقَطَّعُـوا حَيْزُومَـهُ
بِالأصْبَحِيَّـــةِ قائمًـــا مَغْلُــولاً
حَــتَّى إذَا لَـمْ يَـتْرُكُوا ...........
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جَـاءوا بِصَكِّـهِمُ , وَأَحْـدَبَ أَسْـأَرَتْ
مِنْــهُ السِّــياطُ يَرَاعَــةً إجْـفِيلا
وهي من جيد الشعر .
(14) هو الفراء في معاني القرآن ، في تفسير هذه الآية .
(15) انظر تفسير" الوصف" فيما سلف 12 : 10 ، 11 ، 152 .
(16) الأثر : 18872 -" حبان بن أبي جبلة المصري" ، أحد العشرة الذين بعثهم عمر ، ليفقهوا أهل مصر ، مضى برقم : 2195 ، 10180 . أما" عبد الرحمن بن يحيى" ، فلم أعرف من يكون ، وقد سلف في مثل هذا الإسناد برقم : 10180 ، وظن أخي هناك أنه قد يكون" عبد الرحمن بن زياد بن أنعم" ، ولكن قد اتفق أن يكون في الموضعين ، يكون في الموضعين ، على تباعدهما" عبد الرحمن بن يحيى" ، فهذا مبعد له عن التصحيف والتحريف ، إلا أن يكون هذا أحد الرواة عن حبان ، لم نعرفه . وعسى أن يأتي في التفسير بعد ما يوضحه . ثم انظر أيضًا الإسناد الذي يليه .
(17) الأثر : 18873 -" عبد الرحمن بن يحيى" ، انظر التعليق السابق .
(18) انظر تفسير" الوصف" فيما سلف ص : 584 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يوسف: 18 | ﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ |
---|
يوسف: 83 | ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
كذب:
1- بالجر، على أنه وصف ل «دم» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- كذبا، بالنصب، ويحتمل أن يكون مصدرا فى موضع الحال، ومفعولا من أجله، وهى قراءة زيد بن على.
3- كدب، بالدال غير معجمة أي: الكدر، أو الطري، وهى قراءة عائشة، والحسن.
فصبر جميل:
وقرئا:
فصبرا جميلا، بالنصب، وهى قراءة أبى، والأشهب، وعيسى بن عمر، وكذا هى فى مصحف أبى، ومصحف أنس بن مالك.
التفسير :
تفسير الآيتين 19 و20:ـ
أي:مكث يوسف في الجب ما مكث، حتى{ جَاءَتْ سَيَّارَةٌ} أي:قافلة تريد مصر،{ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ} أي:فرطهم ومقدمهم، الذي يعس لهم المياه، ويسبرها ويستعد لهم بتهيئة الحياض ونحو ذلك،{ فَأَدْلَى} ذلك الوارد{ دَلْوَهُ} فتعلق فيه يوسف عليه السلام وخرج.{ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ} أي:استبشر وقال:هذا غلام نفيس،{ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} وكان إخوته قريبا منه، فاشتراه السيارة منهم،{ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} أي:قليل جدا، فسره بقوله:{ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ}
لأنه لم يكن لهم قصد إلا تغييبه وإبعاده عن أبيه، ولم يكن لهم قصد في أخذ ثمنه، والمعنى في هذا:أن السيارة لما وجدوه، عزموا أن يُسِرُّوا أمره، ويجعلوه من جملة بضائعهم التي معهم، حتى جاءهم إخوته فزعموا أنه عبد أبق منهم، فاشتروه منهم بذلك الثمن، واستوثقوا منهم فيه لئلا يهرب، والله أعلم.
فقوله- سبحانه-: وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ، فَأَدْلى دَلْوَهُ ... شروع في الحديث عما جرى ليوسف من أحداث بعد أن ألقى به إخوته في الجب.
والسيارة: جماعة المسافرين، وكانوا- كما قيل- متجهين من بلاد الشام إلى مصر.
والوارد: هو الذي يرد الماء ليستقى للناس الذين معه. ويقع هذا اللفظ على الفرد والجماعة. فيقال لكل من يرد الماء وارد، كما يقال للماء مورود.
وقوله فَأَدْلى من الإدلاء بمعنى إرسال الدلو في البئر لأخذ الماء.
والدلو: إناء معروف يوضع فيه الماء.
وفي الآية الكريمة كلام محذوف دل عليه المقام، والتقدير:
وبعد أن ألقى إخوة يوسف به في الجب وتركوه وانصرفوا لشأنهم، جاءت إلى ذلك المكان قافلة من المسافرين، فأرسلوا واردهم ليبحث لهم عن ماء ليستقوا، فوجد جبا، فأدلى دلوه فيه، فتعلق به يوسف، فلما خرج ورآه فرح به وقال: يا بشرى هذا غلام.
وأوقع النداء على البشرى، للتعبير عن ابتهاجه وسروره، حتى لكأنها شخص عاقل يستحق النداء، أى: يا بشارتي أقبلى فهذا أوان إقبالك.
وقيل المنادى محذوف والتقدير: يا رفاقى في السفر أبشروا فهذا غلام، وقد خرج من الجب.
وقرأ أهل المدينة ومكة: يا بشر اى هذا غلام. بإضافة البشرى إلى ياء المتكلم. والضمير المنصوب وهو الهاء في قوله: وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً يعود إلى يوسف.
أما الضمير المرفوع فيعود إلى السيارة. وأسر من الإسرار الذي هو ضد الإعلان.
والبضاعة: عروض التجارة ومتاعها. وهذا اللفظ مأخوذ من البضع بمعنى القطع، وأصله جملة من اللحم تبضع أى: تقطع. وهو حال من الضمير المنصوب في وَأَسَرُّوهُ.
والمعنى: وأخفى جماعة المسافرين خبر التقاط يوسف من الجب مخافة أن يطلبه أحد من السكان المجاورين للجب، واعتبره بضاعة سرية لهم، وعزموا على بيعه على أنه من العبيد الأرقاء.
ولعل يوسف- عليه السلام- قد أخبرهم بقصته بعد إخراجه من الجب.
ولكنهم لم يلتفتوا إلى ما أخبرهم به طمعا في بيعه والانتفاع بثمنه.
ومن المفسرين من يرى أن الضمير المرفوع في قوله وَأَسَرُّوهُ يعود على الوارد ورفاقه، فيكون المعنى:
وأسر الوارد ومن معه أمر يوسف عن بقية أفراد القافلة، مخافة أن يشاركوهم في ثمنه إذا علموا خبره، وزعموا أن أهل هذا المكان الذي به الجب دفعوه إليهم ليبيعوه لهم في مصر على أنه بضاعة لهم.
ومنهم من يرى أن الضمير السابق يعود إلى إخوة يوسف.
قال الشوكانى ما ملخصه: وذلك أن يهوذا كان يأتى إلى يوسف كل يوم بالطعام. فأتاه يوم خروجه من الجب فلم يجده، فأخبر إخوته بذلك، فأتوا إلى السيارة وقالوا لهم: إن الغلام الذي معكم عبد لنا قد أبق، فاشتروه منهم بثمن بخس، وسكت يوسف مخافة أن يأخذه إخوته فيقتلوه» .
وعلى هذا الرأى يكون معنى وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً: أخفى إخوة يوسف كونه أخا لهم،واعتبروه عرضا من عروض التجارة القابلة للبيع والشراء.
ويكون المراد بقوله- تعالى- بعد ذلك وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ الشراء الحقيقي، بمعنى أن السيارة اشتروا يوسف من إخوته بثمن بخس.
والحق أن الرأى الأول هو الذي تطمئن إليه النفس، لأنه هو الظاهر من معنى الآية، ولأنه بعيد عن التكلف الذي يرى واضحا في القولين الثاني والثالث.
وقوله: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ أى: لا يخفى عليه شيء من أسرارهم. ومن عملهم السيئ في حق يوسف. حيث إنهم استرقوه وباعوه بثمن بخس، وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم. كما جاء في الحديث الشريف.
يقول تعالى مخبرا عما جرى ليوسف ، عليه السلام ، حين ألقاه إخوته ، وتركوه في ذلك الجب فريدا وحيدا ، فمكث في البئر ثلاثة أيام ، فيما قالهأبو بكر بن عياش
وقال محمد بن إسحاق : لما ألقاه إخوته جلسوا حول البئر يومهم ذلك ، ينظرون ما يصنع وما يصنع به ، فساق الله له سيارة ، فنزلوا قريبا من تلك البئر ، وأرسلوا واردهم - وهو الذي يتطلب لهم الماء - فلما جاء تلك البئر ، وأدلى دلوه فيها ، تشبث يوسف ، عليه السلام ، فيها ، فأخرجه واستبشر به ، وقال : ( يا بشراي هذا غلام )
وقرأ بعض القراء : " يا بشرى " ، زعم السدي أنه اسم رجل ناداه ذلك الرجل الذي أدلى دلوه ، معلما له أنه أصاب غلاما . وهذا القول من السدي غريب; لأنه لم يسبق إلى تفسير هذه القراءة بهذا إلا في رواية عن ابن عباس ، والله أعلم . وإنما معنى القراءة على هذا النحو يرجع إلى القراءة الأخرى ، ويكون قد أضاف البشرى إلى نفسه ، وحذف ياء الإضافة وهو يريدها ، كما تقول العرب : " يا نفس اصبري " ، و " يا غلام أقبل " ، بحذف حرف الإضافة ، ويجوز الكسر حينئذ والرفع ، وهذا منه ، وتفسرها القراءة الأخرى ) يا بشراي " ) والله أعلم .
وقوله : ( وأسروه بضاعة ) أي : وأسره الواردون من بقية السيارة وقالوا : اشتريناه وتبضعناه من أصحاب الماء مخافة أن يشاركوهم فيه إذا علموا خبره . قاله مجاهد ، والسدي ، وابن جرير . هذا قول .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : قوله : ( وأسروه بضاعة ) يعني : إخوة يوسف ، أسروا شأنه ، وكتموا أن يكون أخاهم وكتم يوسف شأنه مخافة أن يقتله إخوته ، واختار البيع . فذكره إخوته لوارد القوم ، فنادى أصحابه : ( يا بشرى هذا غلام ) يباع ، فباعه إخوته .
وقوله : ( والله عليم بما يعملون ) أي : يعلم ما يفعله إخوة يوسف ومشتروه ، وهو قادر على تغيير ذلك ودفعه ، ولكن له حكمة وقدر سابق ، فترك ذلك ليمضى ما قدره وقضاه ، ألا له الخلق والأمر ، تبارك الله رب العالمين .
وفي هذا تعريض لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وإعلامه له بأنني عالم بأذى قومك ، وأنا قادر على الإنكار عليهم ، ولكني سأملي لهم ، ثم أجعل لك العاقبة والحكم عليهم ، كما جعلت ليوسف الحكم والعاقبة على إخوته .
القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وجاءت مارَّةُ الطريق من المسافرين (19) ، (فأرسلوا واردهم) وهو الذي يرد المنهل والمنـزل , و " وروده إياه "، مصيره إليه ودخوله (20) .(فأدلى دلوه) يقول: أرسل دلوه في البئر.
* * *
يقال: " أدليت الدلو في البئر " إذا أرسلتها فيه , فإذا استقيت فيها قلت: " دلوْتُ أدْلُو دلوًا ".
* * *
وفي الكلام محذوف، استغنى بدلالة ما ذكر عليه، فترك , وذلك: (فأدلى دلوه) ، فتعلق به يُوسف، فخرج , فقال المدلي: (يا بشرى هذا غلام) .
* * *
وبالذي قلنا في ذلك , جاءت الأخبار عن أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:
18880 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , عن أسباط , عن السدي: (وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه) فتعلق يوسف بالحبل، فخرج , فلما رآه صاحب الحبل نادَى رجلا من أصحابه يقال له " بُشرى ": (يا بشرى هذا غلامٌ).
18881 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه) فتشبث الغلام بالدلو , فلما خرج قال: (يا بشرى هذا غلام) .
* * *
18882 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (فأرسلوا واردهم) يقول: أرسلوا رسولهم , فلما أدلى دلوه تشبث بها الغلام ( ، (قال يا بشرى هذا غلام).
* * *
واختلفوا في معنى قوله:: (يا بشرى هذا غلام).
فقال بعضهم: ذلك تبشير من المدلي دلوَه أصحابَه، في إصابته يوسف بأنه أصاب عبدًا (21) .
* ذكر من قال ذلك:
18883 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة: (قال يا بشرى هذا غلام) تباشروا به حين أخرجوه . وهي بئر بأرض بيت المقدس معلومٌ مكانها
18884 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (يا بشرى هذا غلام) قال: بشّرهم واردهم حين وجدَ يوسف.
* * *
وقال آخرون: بل ذلك اسم رجل من السيَّارة بعينه، ناداه المدلي لما خرج يوسف من البئر متعلِّقًا بالحبل .
* ذكر من قال ذلك:
18885 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , قال: حدثنا أسباط , عن السدي: (يا بشرى هذا غلام) قال: نادى رجلا من أصحابه يقال له " بشرى " , فقال: (يا بشرى هذا غلام).
18886 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا خلف بن هشام , قال: حدثنا يحيى بن آدم , عن قيس بن الربيع , عن السدي , في قوله: (يا بشرى هذا غلام) قال: كان اسم صاحبه " بشرى ".
18887 - حدثني المثنى , قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد , قال: حدثنا الحكم بن ظهير , عن السدي , في قوله: (يا بشرى هذا غلام) قال: اسم الغلام " بشرى " ; قال: " يا بشرى " , كما تقول ": يا زيد ".
* * *
واختلفت القراء في قراءة ذلك:
فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة: " يا بُشْرَيَّ" بإثبات ياء الإضافة , غير أنه أدغم الألف في الياء طلبا للكسرة التي تلزم ما قبل ياء الإضافة من المتكلم، في قولهم ": غلامي" و " جاريتي"، في كل حال , وذلك من لغة طيئ , (22) كما قال أبو ذؤيب:
سَــبَقوا هَــوَيَّ وأَعْنَقُـوا لِهَـوَاهُمُ
فَتُخِــرِّمُوا وَلِكُــلِّ جَـنْبٍ مَصْـرَعُ (23)
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين: (يا بُشْرَى) بإرسال الياء وترك الإضافة .
وإذا قرئ ذلك كذلك احتمل وجهين من التأويل:
أحدهما ما قاله السدي , وهو أن يكون اسم رجل دعاه المستقي باسمه , كما يقال: " يا زيد " , و " يا عمرو " , فيكون " بشرى " في موضع رفع بالنداء.
والآخر: أن يكون أرادَ إضافة البشرى إلى نفسه , فحذف الياء وهو يريدها , فيكون مفردًا وفيه نيَّة الإضافة , كما تفعل العرب في النداء فتقول: " يا نفس اصبري" , و " يا نفسي اصبري" , و " يا بُنَيُّ لا تفعل " , و " يا بُنَيِّ لا تفعل " , فتفرد وترفع، وفيه نية الإضافة. وتضيف أحيانًا فتكسر , كما تقول: " يا غلامِ أقبل " , و " يا غلامي أقبل " .
* * *
قال أبو جعفر: وأعجب القراءة في ذلك إليَّ قراءةُ من قرأه بإرسال الياء وتسكينها ; لأنه إن كان اسم رجل بعينِه كان معروفًا فيهم كما قال السدي , فتلك هي القراءة الصحيحة لا شك فيها (24) . وإن كان من التبشير فإنه يحتمل ذلك إذا قرئ كذلك على ما بيَّنت.
وأما التشديد والإضافة في الياء، فقراءة شاذة، لا أرى القراءة بها , وإن كانت لغة معروفة ; لإجماع الحجة من القرأة على خلافها .
* * *
وأما قوله: (وأسروه بضاعة) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.
فقال بعضهم: وأسرَّه الوارد المستقي وأصحابُه من التجار الذين كانوا معهم , وقالوا لهم ": هو بضاعة استبضعناها بعضَ أهل مصر " ; لأنهم خافوا إن علموا أنهم اشتروه بما اشتروه به أن يطلبوا منهم فيه الشركة .
* ذكر من قال ذلك:
18888 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (وأسرو بضاعة) قال: صاحب الدلو ومن معه , قالوا لأصحابهم: " إنما استبضعناه " , خيفةَ أن يشركوهم فيه إن علموا بثمنه. وتبعهم إخوته يقولون للمدلي وأصحابه: استوثق منه لا يأبَقْ ! حتى وَقَفوه بمصر , فقال: من يبتاعني ويُبَشَّر؟ فاشتراه الملك , والملك مُسلم.
18889 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحوه ، غير أنه قال: خيفة أن يستشركوهم إن علموا به , واتبعهم إخوته يقولون للمدلي وأصحابه: استوثقوا منه لا يأبق ! حتى واقفوه بمصر (25) ، وسائر الحديث مثل حديث محمد بن عمرو.
18890 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد ،
18891 - .... قال: وحدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , بنحوه ، غير أنه قال: خيفة أن يشاركوهم فيه، إن علموا بثمنه .
18892 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , بنحوه ، إلا أنه قال: خيفة أن يستشركوهم فيه إن علموا ثمنه . وقال أيضًا: حتى أوقفوه بمصر.
18893 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , قال: حدثنا أسباط , عن السدي: (وأسروه بضاعة) قال: لما اشتراه الرجلان فَرَقًا من الرفقة أن يقولوا: " اشتريناه " فيسألونهم الشركة , فقالا إن سألونا ما هذا؟ قلنا بضاعة استبضَعَناه أهل الماء . فذلك قوله: (وأسروه بضاعة) بينهم
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأسرّه التجار بعضهم من بعض .
* ذكر من قال ذلك:
18894 - حدثنا أبو كريب , قال: حدثنا وكيع , عن سفيان , عن رجل , عن مجاهد: (وأسروه بضاعة) قال: أسرّه التجار بعضهم من بعض.
18895 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو نعيم الفضل , قال: حدثنا سفيان , عن مجاهد: (وأسروه بضاعة) قال: أسرّه التجار بعضهم من بعض.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: أسرُّوا بيعَه .
* ذكر من قال ذلك:
18896 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال: أخبرنا عبد الرزاق , قال: أخبرنا معمر , عن قتادة: (وأسروه بضاعة) قال: أسروا بيعه.
18897 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا قيس , عن جابر , عن مجاهد: (وأسروه بضاعة) قال: قالوا لأهل الماء: إنما هو بضاعة .
* * *
وقال آخرون: إنما عني بقوله: (وأسروه بضاعة) إخوة يوسف، أنهم أسرُّوا شأن يوسف أن يكون أخَاهم , قالوا: هو عبدٌ لنا .
* ذكر من قال ذلك:
18898 - حدثني محمد بن سعد , قال: حدثني أبي , قال: حدثني عمي , قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله: (وأسروه بضاعة) يعني: إخوة يوسف أسرُّوا شأنه وكتموا أن يكون أخاهم , فكتم يوسف شأنه مخافةَ أن تقتله إخوته , واختار البيع . فذكره إخوته لوارد القوم , فنادى أصحابه قال: يا بشرى! هذا غلامٌ يباع . فباعه إخوته.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب: قولُ من قال: " وأسرَّ وارد القوم المدلي دلوَه ومن معه من أصحابه، من رفقته السيارة، أمرَ يوسف أنهم أشتروه، خيفةً منهم أن يستشركوهم , وقالوا لهم: هو بضاعة أبضَعَها معنا أهل الماء ، وذلك أنه عقيب الخبر عنه , فلأن يكون ما وليه من الخبر خبرًا عنه , أشبهُ من أن يكون خبرًا عمَّن هو بالخبر عنه غيرُ متَّصِل (26) .
* * *
وقوله: (والله عليم بما يعملون) يقول تعالى ذكره: والله ذو علم بما يعمله باعَةُ يوسف ومشتروه في أمره، لا يخفى عليه من ذلك شيء , ولكنه ترك تغيير ذلك ليمضي فيه وفيهم حكمه السابق في علمه , وليري إخوة يوسف ويوسف وأباه قدرتَه فيه. (27)
* * *
وهذا , وإن كان خبرًا من الله تعالى ذكره عن يوسف نبيّه صلى الله عليه وسلم , فإنه تذكير من الله نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، وتسلية منه له عما كان يلقى من أقربائه وأنسبائه المشركين من الأذى فيه , يقول : فاصبر، يا محمد، على ما نالك في الله , فإنّي قادرٌ على تغيير ما ينالك به هؤلاء المشركون , كما كنت قادرًا على تغيير ما لقي يوسف من إخوته في حال ما كانوا يفعلون به ما فعلوا , ولم يكن تركي ذلك لهوان يوسف عليّ، ولكن لماضي علمي فيه وفي إخوته , فكذلك تركي تغييرَ ما ينالك به هؤلاء المشركون لغير هوان بك عليّ , ولكن لسابق علمي فيك وفيهم , ثم يصير أمرُك وأمرهم إلى عُلوّك عليهم، وإذعانهم لك , كما صار أمر إخوة يوسف إلى الإذعان ليوسف بالسؤدد عليهم، وعلوِّ يوسف عليهم. (28)
* * *
----------------------
الهوامش:
(19) انظر تفسير" السيارة" فيما سلف 15 : 567 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(20) انظر تفسير" الورود" فيما سلف 15 : 466 .
(21) انظر تفسير" البشرى" فيما سلف من فهارس اللغة ( بشر ) .
(22) ولغة هذيل أيضًا ، كما قال الأصمعي .
(23) ديوانه ( في ديوان الهذليين ) 1 : 2 ، وشرح المفضليات : 854 ، وغيرهما ، وهي إحدى عجائب أبي ذؤيب ، يقولها في بنيه الذين ماتوا ، سبقه بهم الطاعون في عام واحد ، وكانوا خمسة :
أَوْدَى بَنِــيَّ , وأعْقَبُــونِي غُصَّـةً
بَعْــدَ الرُّقــادِ , وعَــبْرةً لا تُقْلِـعُ
سَـــبَقوا هـــوَيَّ ..............
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَغَــبَرْتُ بَعْــدَهُمُ بعَيْشٍ نــاصِبٍ
وَإخــالُ أنِّــي لاحِــقٌ مُسْــتَتْبِعُ
يقول: سبقوني بما اختاروه من الموت والذهاب ، وساروا سيرًا حثيثًا إلى الذي اختاروه ، فتخرمتهم المنية ، فأخذتهم واحدًا بعد واحد . ولكل جنب مصرع لا يخطئه ، فحيث قدر الله له الميتة أدركته .
(24) في المطبوعة والمخطوطة :" فذلك هي ....." ، والأجود ما أثبت .
(25) في المطبوعة :" حتى أوقفوه" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو الصواب ، وانظر هذه الرواية في رقم : 18892 .
(26) انظر تفسير" الإسرار" فيما سلف 15 : 103 ، 239 .
(27) انظر تفسير" عليم" فيما سلف من فهارس اللغة ( علم ) .
(28) عند هذا الموضع انتهى الجزء الثاني عشر من مخطوطتنا ، وفي آخرها ما نصه :" نجز الجزء الثاني عشر ، بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم يتلوه في أول الجزء الثالث عشر إن شاء الله تعالى : القول في تأويل قوله تعالى : { وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين } وكان الفراغ منه في شهر رمضان المعظم سنة خمس عشرة وسبعمئة" .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يوسف: 19 | ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ |
---|
النور: 41 | ﴿كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
يا بشرى:
وقرئ:
1- يا بشرى، بغير إضافة، وهى قراءة الكوفيين.
2- يا بشراى، بسكون ياء الإضافة، وهى قراءة ورش عن نافع.
3- يا بشرى، بقلب الألف ياء وإدغامها فى ياء الإضافة، وهى لغة لهذيل وهى قراءة أبى الطفيل والحسن، وابن أبى إسحاق، والجحدري.
التفسير :
تفسير الآيتين 19 و20:ـ
أي:مكث يوسف في الجب ما مكث، حتى{ جَاءَتْ سَيَّارَةٌ} أي:قافلة تريد مصر،{ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ} أي:فرطهم ومقدمهم، الذي يعس لهم المياه، ويسبرها ويستعد لهم بتهيئة الحياض ونحو ذلك،{ فَأَدْلَى} ذلك الوارد{ دَلْوَهُ} فتعلق فيه يوسف عليه السلام وخرج.{ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ} أي:استبشر وقال:هذا غلام نفيس،{ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} وكان إخوته قريبا منه، فاشتراه السيارة منهم،{ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} أي:قليل جدا، فسره بقوله:{ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ}
لأنه لم يكن لهم قصد إلا تغييبه وإبعاده عن أبيه، ولم يكن لهم قصد في أخذ ثمنه، والمعنى في هذا:أن السيارة لما وجدوه، عزموا أن يُسِرُّوا أمره، ويجعلوه من جملة بضائعهم التي معهم، حتى جاءهم إخوته فزعموا أنه عبد أبق منهم، فاشتروه منهم بذلك الثمن، واستوثقوا منهم فيه لئلا يهرب، والله أعلم.
وقوله: - سبحانه- وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ بيان لما فعله السيارة بيوسف بعد أن أسروه بضاعة.
وقوله شَرَوْهُ هنا بمعنى باعوه.
والبخس: النقص، يقال بخس فلان فلانا حقه، إذا نقصه وعابه. وهو هنا بمعنى المبخوس.
ودَراهِمَ جمع درهم، وهي بدل من بِثَمَنٍ.
ومَعْدُودَةٍ صفة لدراهم، وهي كناية عن كونها قليلة، لأن الشيء القليل يسهل عده، بخلاف الشيء الكثير، فإنه في الغالب يوزن وزنا.
والمعنى: أن هؤلاء المسافرين بعد أن أخذوا يوسف ليجعلوه عرضا من عروض تجارتهم، باعوه في الأسواق بثمن قليل تافه، وهو عبارة عن دراهم معدودة، ذكر بعضهم أنها لا تزيد على عشرين درهما.
وقوله: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ بيان لعدم حرصهم على بقائه معهم، إذ أصل الزهد قلة الرغبة في الشيء، تقول زهدت في هذا الشيء، إذا كنت كارها له غير مقبل عليه.
أى: وكان هؤلاء الذين باعوه من الزاهدين في بقائه معهم، الراغبين في التخلص منه بأقل ثمن قبل أن يظهر من يطالبهم به.
قال الآلوسى ما ملخصه: «وزهدهم فيه سببه أنهم التقطوه من الجب، والملتقط للشيء متهاون به لا يبالى أن يبيعه بأى ثمن خوفا من أن يعرض له مستحق ينزعه منه ... »
وقوله : ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) يقول تعالى : وباعه إخوته بثمن قليل ، قاله مجاهد وعكرمة .
والبخس : هو النقص ، كما قال تعالى : ( فلا يخاف بخسا ولا رهقا ) [ الجن : 13 ] أي : اعتاض عنه إخوته بثمن دون قليل ، وكانوا مع ذلك فيه من الزاهدين ، أي : ليس لهم رغبة فيه ، بل لو سئلوه بلا شيء لأجابوا .
قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك : إن الضمير في قوله : ( وشروه ) عائد على إخوة يوسف .
وقال قتادة : بل هو عائد على السيارة .
والأول أقوى; لأن قوله : ( وكانوا فيه من الزاهدين ) إنما أراد إخوته ، لا أولئك السيارة; لأن السيارة استبشروا به وأسروه بضاعة ، ولو كانوا فيه زاهدين لما اشتروه ، فيرجح من هذا أن الضمير في ) وشروه ) إنما هو لإخوته .
وقيل : المراد بقوله : ( بخس ) الحرام . وقيل : الظلم . وهذا وإن كان كذلك ، لكن ليس هو المراد هنا; لأن هذا معلوم يعرفه كل أحد أن ثمنه حرام على كل حال ، وعلى كل أحد ، لأنه نبي ، ابن نبي ، ابن نبي ، ابن خليل الرحمن ، فهو الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، وإنما المراد هنا بالبخس الناقص أو الزيوف أو كلاهما ، أي : إنهم إخوته ، وقد باعوه ومع هذا بأنقص الأثمان; ولهذا قال : ( دراهم معدودة ) فعن ابن مسعود باعوه بعشرين درهما ، وكذا قال ابن عباس ، ونوف البكالي ، والسدي ، وقتادة ، وعطية العوفي وزاد : اقتسموها درهمين درهمين .
وقال مجاهد : اثنان وعشرون درهما .
وقال محمد بن إسحاق وعكرمة : أربعون درهما .
وقال الضحاك في قوله : ( وكانوا فيه من الزاهدين ) وذلك أنهم لم يعلموا نبوته
ومنزلته عند الله عز وجل .
وقال مجاهد : لما باعوه جعلوا يتبعونهم ويقولون لهم : استوثقوا منه لا يأبق حتى وقفوه بمصر ، فقال : من يبتاعني وليبشر ؟ فاشتراه الملك ، وكان مسلما .
القول في تأويل قوله تعالى : وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: (وشروه) به: وباع إخوة يوسف يوسف.
* * *
، فأما إذا أراد الخبر عن أنه ابتاعه , قال: " اشتريته "، (29) ومنه قول ابن مفرّغ الحميري:
وَشَــــرَيْتُ بُـــرْدًا لَيْتَنِـــي
مِــنْ قَبْــلِ بُــرْدٍ كـنْتُ هَامَـهْ (30)
يقول: " بعت بردًا " , وهو عبدٌ كان له.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:
18899 - حدثني يعقوب , قال: حدثنا إبراهيم , قال: حدثنا هشيم , عن &; 16-9 &; مغيرة , عن أبي معشر , عن إبراهيم , أنه كره الشراء والبيع للبدويّ. قال: والعرب تقول: " اشر لي كذا وكذا "، أي: بع لي كذا وكذا ، وتلا هذه الآية (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) يقول: باعوه , وكان بيعه حرامًا.
18900 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: إخوة يوسف أحد عشر رجلا باعوه حين أخرجَه المدلي بدلوه.
18901 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بمثله .
18902 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن أبي نجيح , عن مجاهد
18903 - وحدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .
18904 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , مثله .
18905 - .... قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج (وشروه) قال: قال ابن عباس: فبيع بينهم.
18906 - حدثني المثنى , قال: حدثنا عمرو بن عون , قال: أخبرنا هشيم , عن جويبر , عن الضحاك , في قوله: (وشروه بثمن بخس) قال: باعوه.
18907 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثنا هشيم , عن جويبر , عن الضحاك , مثله .
18908 - حدثني محمد بن سعد , قال: ثني أبي , قال: حدثني عمي , قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس: فباعه إخوته بثمن بخس.
* * *
وقال آخرون: بل عني بقوله: (وشروه بثمن بخس) السيارةَ أنهم باعوا يوسف بثمن بخس .
* ذكر من قال ذلك:
18909 - حدثني محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (وشروه بثمن بخس) وهم السيارة الذين باعوه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال: تأويل ذلك: وشَرى إخوةُ يوسف يوسف بثمن بخس (31) وذلك أن الله عز وجل قد أخبر عن الذين اشتروه أنهم أسرُّوا شراء يوسف من أصحابهم، خيفة أن يستشركوهم، بادّعائهم أنَّه بضاعة. ولم يقولوا ذلك إلا رغبة فيه أن يخلُص لهم دونهم، واسترخاصًا لثمنه الذي ابتاعوه به , لأنهم ابتاعوه كما قال جل ثناؤه (بثمن بخس) . ولو كان مبتاعوه من إخوته فيه من الزاهدين، لم يكن لقيلهم لرفقائهم: " هو بضاعة "، معنى ، ولا كان لشرائهم إياه، وهم فيه من الزاهدين وجهٌ , إلا أن يكونوا كانوا مغلوبًا على عقولهم ; لأنه محال أن يشتري صحيح العقل ما هو فيه زاهدٌ من غير إكراهِ مكرِهٍ له عليه , ثم يكذب في أمرِه الناس بأن يقول: " هو بضاعة لم أشتره "، مع زهده فيه. بل هذا القولُ من قول من هو بسلعته ضنينٌ لنفاستها عنده , ولما يرجُو من نفيس الثَّمن لها وفضلِ الربح.
* * *
وأما قوله: (بخس) فإنه يعني: نَقْص.
* * *
وهو مصدر من قول القائل: " بخست فلانًا حقه ": إذا ظلمته , يعني: ظلمه فنقصه عما يجبُ له من الوفاء: " أبخَسُه بَخْسًا "، ومنه قوله: وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ [ سورة هود: 85 ]، وإنما أريد: بثمن مبخوس منقوصٍ , فوضع " البخس " وهو مصدر مكان " مفعول " , كما قيل:: بِدَمٍ كَذِبٍ وإنما هو " بدم مكذوب فيه " (32) .
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك.
فقال بعضهم: قيل (بثمن بخس) لأنه كان حرامًا عليهم .
* ذكر من قال ذلك:
18910 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا المحاربي , عن جويبر عن الضحاك : (وشروه بثمن بخس) قال: " البخس ": الحرام.
18911 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا علي بن عاصم , عن جويبر , عن الضحاك: : (وشروه بثمن بخس)، قال: حرام. (33) 18912 - حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول: كان ثمنه بخسًا، حرامًا، لم يحلّ لهم أن يأكلوه . 18913 - حدثني المثنى , قال: حدثنا عمرو بن عون , قال: حدثنا هشيم , عن جويبر , عن الضحاك , في قوله: (وشروه بثمن بخس) قال: باعوه بثمن بخس , قال: كان بيعه حرامًا وشراؤه حرامًا. 18914 - حدثني القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثنا هشيم , قال: أخبرنا جويبر , عن الضحاك: (بثمن بخس) قال: حرام . 18915 - حدثني محمد بن سعد , قال: حدثني أبي , قال: حدثني عمي , قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس: (بثمن بخس) يقول: لم يحلّ لهم أن يأكلوا ثمنَه. * * * وقال آخرون: معنى البخس هنا: الظلم . * ذكر من قال ذلك: 18916 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (وشروه بثمن بخس) قال ": البخس ": هو الظلم . وكان بيع يوسف وثمنه حرامًا عليهم 18917 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , قال: قال قتادة: (وشروه بثمن بخس) قال: ظلم. * * * وقال آخرون: عني بالبخس في هذا الموضع: القليل (34) . * ذكر من قال ذلك: 18918 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا يحيى بن آدم , عن قيس , عن جابر , عن عكرمة , قال: " البخس ": القليل. 18919 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا قيس , عن جابر , عن عكرمة , مثله. * * * قال أبو جعفر: وقد بينا الصحيح من القول في ذلك. * * * وأما قوله (دراهم معدودة)، (35) فإنه يعني عز وجل أنهم باعوه بدراهم غير موزونة، ناقصة غير وافية، لزهدهم كان فيه. * * * وقيل: إنما قيل " معدودة " ليعلم بذلك أنها كانت أقلّ من الأربعين , لأنهم كانوا في ذلك الزمان لا يزنون ما كان وزنه أقلّ من أربعين درهمًا , لأن أقل أوزانهم وأصغرها كان الأوقية , وكان وزن الأوقية أربعين درهمًا . قالوا: إنما دلَّ بقوله: (معدودة) على قلة الدراهم التي باعُوه بها. * * * فقال بعضهم: كان عشرين درهمًا . * ذكر من قال ذلك: 18920 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن , عن زهير , عن أبي إسحاق , عن أبي عبيدة , عن عبد الله , قال: إن ما اشتري به يوسف عشرون درهمًا. 18921 - حدثني المثنى , قال: حدثنا الحماني , قال: حدثنا شريك , عن أبي إسحاق , عن أبي عبيدة , عن عبد الله: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) قال: عشرون درهمًا. 18922 - حدثنا ابن بشار , قال: حدثنا عبد الرحمن , قال: حدثنا سفيان , عن أبي إسحاق , عن نوف البكالي , في قوله: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) قال: عشرون درهمًا. 18923 - حدثنا أبو كريب , قال: حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا أبي ، عن سفيان , عن أبي إسحاق , عن نوف الشاميّ: " بخس دراهم " قال: كانت عشرين درهمًا . (36) 18924 - حدثني المثنى , قال: حدثنا الحماني , قال: حدثنا شريك , عن أبي إسحاق , عن نوف , مثله . 18925 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال: قال ابن عباس , في قوله: (بثمن بخس دراهم معدودة) قال: عشرون درهمًا . 18926 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: (دراهم معدودة) قال: كانت عشرين درهمًا. 18927 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة: ذكر لنا أنه بيع بعشرين درهمًا ، (وكانوا فيه من الزاهدين). 18928 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة , مثله . 18929 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , عن أبي إدريس , عن عطية , قال: كانت الدراهم عشرين درهمًا، اقتسموها درهمين درهمين. * * * وقال آخرون: بل كان عددها اثنين وعشرين درهمًا , أخذ كل واحد من إخوة يوسف، وهم أحد عشر رجلا درهمين درهمين منها . * ذكر من قال ذلك: 18930 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا أسباط , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (دراهم معدودة) قال: اثنين وعشرين درهمًا. 18931 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , في قول الله: (دراهم معدودة) قال: &; 16-15 &; اثنان وعشرون درهمًا لإخوة يوسف، [وكان إخوة] أحد عشر رجلا . (37) 18932 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , في قول الله: (دراهم معدودة) ، 18933 - .... قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , بنحوه . 18934 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال:حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , بنحوه. * * * وقال آخرون: بل كانت أربعين درهمًا . * ذكر من قال ذلك: 18935 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا قيس , عن جابر , عن عكرمة: (دراهم معدودة) قال: أربعين درهمًا. 18936 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: باعوه ولم يبلغ ثمنه الذي باعوه به أوقية , وذلك أن الناس كانوا يتبايعون في ذلك الزمان بالأواقي , فما قصَّر عن الأوقية فهو عَدد ; يقول الله: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) أي لم يبلغ الأوقية. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنهم باعُوه بدراهم معدودة غير موزونة , ولم يحدَّ مبلغَ ذلك بوزن ولا عدد , ولا وضع عليه دلالة في كتاب ولا خبر من الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد يحتمل أن يكون كان عشرين ، ويحتمل أن يكون كان اثنين وعشرين ، وأن يكون كان أربعين , وأقل من ذلك وأكثر , وأيُّ ذلك كان، فإنها كانت معدودة &; 16-16 &; غير موزونة ; وليس في العلم بمبلغ وزن ذلك فائدة تقع في دين، ولا في الجهل به دخول ضرّ فيه . والإيمان بظاهر التنـزيل فرضٌ , وما عَداه فموضوعٌ عنا تكلُّفُ علمه. (38) * * * وقوله: (وكانوا فيه من الزاهدين) يقول تعالى ذكره: وكان إخوة يوسف في يوسف من الزاهدين , لا يعلمون كرامته على الله , ولا يعرفون منـزلته عنده , فهم مع ذلك يحبّون أن يحولوا بينه وبين والده، ليخلو لهم وجهه منه , ويقطعوه عن القرب منه، لتكون المنافع التي كانت مصروفة إلى يوسف دونهم، مصروفةً إليهم. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . * ذكر من قال ذلك: 18937 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , عن أبي مرزوق , عن جويبر , عن الضحاك: (وكانوا فيه من الزاهدين) قال: لم يعلموا بنبوّته ومنـزلته من الله. 18938 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال: سمعت أبا معاذ , يقول: حدثنا عبيد بن سليمان , قال: سمعت الضحاك , في قوله: وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فنـزلت على الجب , فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فاستقى من الماء فاستخرج يوسف , فاستبشروا بأنهم أصابوا غلامًا لا يعلمون علمه ولا منـزلته من ربه , فزهدوا فيه، فباعوه. وكان بيعه حرامًا , وباعوه بدراهم معدودة. 18939 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني هشيم , قال: &; 16-17 &; أخبرنا جويبر , عن الضحاك: (وكانوا فيه من الزاهدين) قال إخوته زهدوا , فلم يعلموا منـزلته من الله ونبوته ومكانه. 18940 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال: إخوته زهدوا فيه , لم يعلموا منـزلته من الله . * * * ---------------------- الهوامش: (29) انظر تفسير" الشراء" فيما سلف 14 : 150 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك . (30) مضى البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف 2 : 341 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك . (31) في المطبوعة :" وشروا أخوة يوسف . يوسف" ، وهو فاسد ، صوابه من المخطوطة . (32) انظر تفسير" البخس" فيما سلف 15 : 262 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك . (33) الأثر : 18911 - في المطبوعة ، أسقط سطرًا كاملًا من المخطوطة ، فساق الخبرين رقم : 18911 ، 18912، سياقًا واحدًا هكذا :" ..... على بن عاصم ، عن الحسين بن الفرج" ، ورددته إلى أصله من المخطوطة . (34) في المخطوطة أسقط" القليل" ، والصواب إثباتها كما فعل ناشر المطبوعة . (35) انظر تفسير" معدودة" فيما سلف من فهارس اللغة ( عدد ) . (36) الأثر : 18923 -" نوف الشامي" ، هو نفسه" نوف بن فضالة البكالي" ، وقد سلف مرارًا . وقد غيره في المطبوعة ، وكتب" نوف البكالي" . (37) هذه زيادة لا بد منها ، وسقطت من الناسخ ، لأنه كان أسقط صدر الخبر ، ثم كتبه في الهامش ، فلعله نسي بعضه . (38) هذا من موازين أبي جعفر ، التي فرق ذكرها في كتابه ، ولم يذكرها عند كل موضع . وهي الحكم بينه وبين من يزعمونه ذهب في تفسيره مذهب الاعتقاد لكثير مما أورده ، مما لم تأت به بينة صحيحة من خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو حجة عقل يجب التسليم لها .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:لما ذهب به السيارة إلى مصر وباعوه بها، فاشتراه عزيز مصر، فلما اشتراه، أعجب به، ووصى عليه امرأته وقال:{ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} أي:إما أن ينفعنا كنفع العبيد بأنواع الخدم، وإما أن نستمتع فيه استمتاعنا بأولادنا، ولعل ذلك أنه لم يكن لهما ولد،{ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ} أي:كما يسرنا له أن يشتريه عزيز مصر، ويكرمه هذا الإكرام، جعلنا هذا مقدمة لتمكينه في الأرض من هذا الطريق.
{ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} إذا بقي لا شغل له ولا همَّ له سوى العلم صار ذلك من أسباب تعلمه علما كثيرا، من علم الأحكام، وعلم التعبير، وغير ذلك.{ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} أي:أمره تعالى نافذ، لا يبطله مبطل، ولا يغلبه مغالب،{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} فلذلك يجري منهم ويصدر ما يصدر، في مغالبة أحكام الله القدرية، وهم أعجز وأضعف من ذلك.
وقوله- سبحانه-: وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ... بيان لبعض مظاهر رعاية الله- تعالى- ليوسف- عليه السلام-.
والذي اشتراه، قالوا إنه كان رئيس الشرطة لملك مصر في ذلك الوقت ولقبه القرآن بالعزيز كما سيأتى في قوله- تعالى-: قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ....
ومِنْ مِصْرَ صفة لقوله الَّذِي اشْتَراهُ.
وامرأته: المراد بها زوجته، واسمها كما قيل زليخا أو راعيل.
ومثواه من المثوى وهو مكان الإقامة والاستقرار. يقال: ثوى فلان بمكان كذا، إذا أطال الإقامة به. ومنه قوله- تعالى- وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ... أى مقيما معهم.
أى: وقال الرجل المصرى الذي اشترى يوسف لامرأته: اجعلي محل إقامته كريما، وأنزليه منزلا حسنا مرضيا.
وهذا كناية عن وصيته لها بإكرامه على أبلغ وجه، لأن من أكرم المحل بتنظيفه وتهيئته تهيئة حسنة فقد أكرم صاحبه.
قال صاحب الكشاف: قوله أَكْرِمِي مَثْواهُ أى: اجعلي منزله ومقامه عندنا كريما:
أى حسنا مرضيا بدليل قوله بعد ذلك إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ.
والمراد: تفقديه بالإحسان، وتعهديه بحسن الملكة، حتى تكون نفسه طيبة في صحبتنا، ساكنة في كنفنا. ويقال للرجل: كيف أبو مثواك وأم مثواك؟ لمن ينزل به من رجل أو امرأة، يراد هل تطيب نفسك بثوائك عنده وهل يراعى حق نزولك به؟ واللام في لِامْرَأَتِهِ متعلق بقال ... » .
وقوله: عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ... بيان لسبب أمره لها بإكرام مثواه.
أى: عسى هذا الغلام أن ينفعنا في قضاء مصالحنا، وفي مختلف شئوننا، أو نتبناه فيكون منا بمنزلة لولد، فإنى أرى فيه علامات الرشد والنجابة، وأمارات الأدب وحسن الخلق.
قالوا وهذه الجملة أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً توحى بأنهما لم يكن عندهما أولاد. والكاف في قوله- سبحانه- وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ في محل نصب، على أنه نعت لمصدر محذوف والإشارة الى ما تقدم من إنجائه من إخوته، وانتشاله من الجب، ومحبة العزيز له..
و «مكنا» من التمكين بمعنى التثبيت، والمراد بالأرض: أرض مصر التي نزل فيها.
أى: ومثل ذلك التمكين البديع الدال على رعايتنا له، مكنا ليوسف في أرض مصر، حتى صار أهلا للأمر والنهى فيها.
وقوله- سبحانه- وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ علة لمعلل محذوف، فكأنه قيل:
وفعلنا ذلك التمكين له، لنعلمه من تأويل الأحاديث، بأن نهبه من صدق اليقين، واستنارة العقل، ما يجعله يدرك معنى الكلام إدراكا سليما، ويفسر الرؤى تفسيرا صحيحا صادقا.
وقوله: وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ تذييل قصد به بيان قدرة الله- تعالى- ونفاذ مشيئته.
فأمر الله هنا: هو ما قدره وأراده.
أى: والله- تعالى- متمم ما قدره وأراده، لا يمنعه من ذلك مانع، ولا ينازعه منازع، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك حق العلم، فيما يأتون ويذرون من أقوال وأفعال.
والتعبير بقوله: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ احتراس لإنصاف ومدح القلة من الناس الذين يعطيهم الله- تعالى- من فضله ما يجعلهم لا يندرجون في الكثرة التي لا تعلم، بل هو- سبحانه- يعطيهم من فضله ما يجعلهم يعلمون ما لا يعلمه غيرهم.
يخبر تعالى بألطافه بيوسف ، عليه السلام ، أنه قيض له الذي اشتراه من مصر ، حتى اعتنى به وأكرمه ، وأوصى أهله به ، وتوسم فيه الخير والفلاح ، فقال لامرأته : ( أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) وكان الذي اشتراه من مصر عزيزها ، وهو الوزير بها . [ قال ] العوفي ، عن ابن عباس : وكان اسمه قطفير .
وقال محمد بن إسحاق : اسمه إطفير بن روحيب ، وهو العزيز ، وكان على خزائن مصر ، وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد ، رجل من العماليق قال : واسم امرأته راعيل بنت رعائيل .
وقال غيره : اسمها زليخا .
وقال محمد بن إسحاق أيضا ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : كان الذي باعه بمصر مالك بن دعر بن بويب بن عنقا بن مديان بن إبراهيم ، فالله أعلم .
وقال أبو إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال : أفرس الناس ثلاثة : عزيز مصر حين قال لامرأته : ( أكرمي مثواه ) والمرأة التي قالت لأبيها [ عن موسى ] : ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) [ القصص : 26 ] وأبو بكر الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب ، رضي الله عنهما .
يقول تعالى : وكما أنقذنا يوسف من إخوته ، ( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ) يعني : بلاد مصر ، ( ولنعلمه من تأويل الأحاديث ) قال مجاهد والسدي : هو تعبير الرؤيا ، ( والله غالب على أمره ) أي إذا أراد شيئا فلا يرد ولا يمانع ولا يخالف ، بل هو الغالب لما سواه .
قال سعيد بن جبير في قوله : ( والله غالب على أمره ) أي : فعال لما يشاء .
وقوله : ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) يقول : لا يدرون حكمته في خلقه ، وتلطفه لما يريد .
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (21) قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وقال الذي اشترى يوسف من بائعه بمصر . * * * وذكر أن اسمه: " قطفير " . 18941 - حدثني محمد بن سعد , قال:حدثني أبي , قال:حدثني عمي , قال:حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قال: كان اسم الذي اشتراه قطفير. (39) * * * وقيل: إن اسمه إطفير بن روحيب , وهو العزيز , وكان على خزائن مصر , وكان الملك يومئذ الريَّان بن الوليد , رجل من العماليق، كذلك: - 18942 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق (40) . * * * وقيل: إن الذي باعه بمصر كان مالك بن ذعر بن بُويب بن عفقان بن مديان بن إبراهيم، (41) كذلك: - 18943 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عن محمد بن السائب , عن أبي صالح , عن ابن عباس . * * * (وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته)، واسمها فيما ذكر ابن إسحاق: راعيل بنت رعائيل. 18944 - حدثنا بذلك ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق. * * * (أكرمي مثواه)، يقول: أكرمي موضع مقامه، وذلك حيث يَثوِي ويُقيم فيه. * * * يقال: " ثوى فلان بمكان كذا ": إذا أقام فيه. (42) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . * ذكر من قال ذلك: 18945 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (أكرمي مثواه) منـزلته , وهي امرأة العزيز . 18946 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال:حدثني حجاج , عن ابن جريج , قوله: (وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه)، قال: منـزلته. 18947 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد اشتراه الملك , والملك مسلم. * * * وقوله: (عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا) ذكر أن مشتري يوسف قال هذا القول لامرأته، حين دفعه إليها , لأنه لم يكن له ولد، ولم يأت النساء , فقال لها: أكرميه عسَى أن يكفينا بعض ما نعاني من أمورنا إذا فهم الأمور التي يُكلَّفها وعرفها ، (أو نتخذه ولدًا)، يقول: أو نتبنَّاه . 18948 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: كان إطفير فيما ذكر لي رجلا لا يأتي النساء، وكانت امرأته راعيل امرأةً حسناء ناعمةً طاعمة، في مُلك ودُنْيا. (43) 18949 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا أبي , عن سفيان , عن أبي إسحاق , عن أبي الأحوص , عن عبد الله , قال: أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين تفرّس في يوسف فقال لامرأته: (أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا) ، وأبو بكر حين تفرَّس في عمر ، والتي قالت: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [سورة القصص: 26] . 18950 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , قال: حدثنا أسباط , عن السدي , قال: انطُلِق بيوسف إلى مصر , فاشتراه العزيز ملك مصر , فانطلق به إلى بيته فقال لامرأته: (أكرمي مثْواه عسى أن ينفعنا أو نتخذهُ ولدًا). 18951 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال: حدثنا أبو أحمد , قال: حدثنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن أبي عبيدة , عن عبد الله , قال: أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين قال لامرأته: (أكرمي مثواه)، والقوم فيه زاهدون ، وأبو بكر حين تفرَّس في عمر فاستخلفه ، والمرأة التي قالت: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ . * * * وقوله: (وكذلك مكنَّا ليوسف في الأرض) يقول عز وجل : وكما أنقذنا يوسف من أيدي إخوته وقد هموا بقتله , وأخرجناه من الجبّ بعدَ أن ألقي فيه , فصيرناه إلى الكرامة والمنـزلة الرفيعة عند عزيز مصر , كذلك مكنّا له في الأرض، فجعلناه على خزائنها . (44) * * * وقوله: (ولنعلمه من تأويل الأحاديث) يقول تعالى ذكره: وكي نعلم يوسف من عبارة الرؤيا، (45) مكنا له في الأرض، كما: - 18952 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (من تأويل الأحاديث) قال: عبارة الرؤيا. 18953 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 18954- حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , قال: حدثنا أسباط , عن السدي: (ولنعلمه من تأويل الأحاديث) قال: تعبير الرؤيا. 18955 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا أبو أسامة , عن شبل , عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: (ولنعلمه من تأويل الأحاديث) قال: عبارة الرؤيا. * * * وقوله: (والله غالب على أمره) يقول تعالى ذكره: والله مستولٍ على أمر يوسف، يسوسه ويدبّره ويحوطه. * * * و " الهاء " في قوله: (على أمره) عائدة على يوسف. * * * وروي عن سعيد بن جبير في معنى " غالب " , ما: -
18956- حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا إسرائيل , عن أبي حصين , عن سعيد بن حبير: (والله غالب على أمره) قال: فعالٍ. (46) * * * وقوله (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) يقول: ولكن أكثر الناس الذين زهدوا في يوسف، فباعوه بثمن خسيس , والذين صَار بين أظهرهم من أهل مصر حين بيع فيهم , لا يعلمون ما الله بيوسف صانع، وإليه يوسف من أمره صائرٌ . ---------------------- الهوامش: (39) الأثر : 18941 - رواه الطبري في تاريخه 1 : 172 ، وكان في المخطوطة في الموضعين :" قطيفين" ، وفي التاريخ قبل الخبر" قطين" ، وفي الخبر" قطفير" . (40) الأثر : 18942 - رواه الطبري في تاريخه 1 : 172 . (41) في التاريخ 1 : 172 :" دعر" بالدال مهملة ، وكان في المطبوعة هنا" عنقاء" وفي المخطوطة :" عفقا" بغير نون في آخره . وكان في المطبوعة :" ثويب" ، وهي غير منقوطة في المخطوطة ، فتبعت ما في التاريخ . (42) انظر تفسير" المثوى" فيما سلف 7 : 279 12 : 117 . (43) الأثر : 18948 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 172 ، 173 . (44) انظر تفسير" التمكين" فيما سلف 11 : 63 12 : 315 . (45) انظر تفسير" التأويل" فيما سلف 15 : 560 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك . (46) ممكن أن تقرأ" فعال" مشددة العين من" الفعل" ، ولكني أستجيد أن تقرأها" فعال" الفاء حرف عطف بعده" عال" من" العلو" . أما الأولى ، فإني لا أكاد أرتضيها .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يوسف: 21 | ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلِنُعَلِّمَهُۥ مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ﴾ |
---|
القصص: 9 | ﴿وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:{ وَلَمَّا بَلَغَ} يوسف{ أَشُدَّهُ} أي:كمال قوته المعنوية والحسية، وصلح لأن يتحمل الأحمال الثقيلة، من النبوة والرسالة.{ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} أي:جعلناه نبيا رسولا، وعالما ربانيا،{ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} في عبادة الخالق ببذل الجهد والنصح فيها، وإلى عباد الله ببذل النفع والإحسان إليهم، نؤتيهم من جملة الجزاء على إحسانهم علما نافعا.
ودل هذا، على أن يوسف وفَّى مقام الإحسان، فأعطاه الله الحكم بين الناس والعلم الكثير والنبوة.
ثم بين- سبحانه- مظهرا آخر من مظاهر إنعامه على يوسف فقال: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.
والأشد: قوة الإنسان، وبلوغه النهاية في ذلك، مأخوذ من الشدة بمعنى القوة والارتفاع، يقال: شد النهار إذا ارتفع.
ويرى بعضهم أنه مفرد جاء بصيغة الجمع ويرى آخرون أنه جمع لا واحد له من لفظه وقيل هو جمع شدة كأنعم ونعمة.
والمعنى: وحين بلغ يوسف- عليه السلام- منتهى شدته وقوته، وهي السن التي كان فيها- على ما قيل- ما بين الثلاثين والأربعين.
آتَيْناهُ أى: أعطيناه بفضلنا وإحساننا.
حُكْماً أى: حكمة، وهي الإصابة في القول والعمل أو هي النبوة.
وعِلْماً أى فقها في الدين. وفهما سليما لتفسير الرؤى، وإدراكا واسعا لشئون الدين والدنيا.
وقوله: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ أى: ومثل هذا الجزاء الحسن والعطاء الكريم،نعطى ونجازي الذين يحسنون أداء ما كلفهم الله- تعالى- به، فكل من أحسن في أقواله وأعماله أحسن الله- تعالى- جزاءه.
ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك، لتحدثنا عن مرحلة من أدق المراحل وأخطرها، في حياة يوسف- عليه السلام- وهي مرحلة التعرض للفتن والمؤامرات بعد أن بلغ أشده، وآتاه الله- تعالى- حكما وعلما، وقد واجه يوسف- عليه السلام- هذه الفتن بقلب سليم، وخلق قويم، فنجاه الله- تعالى- منها.
استمع إلى السورة الكريمة وهي تحكى بأسلوبها البليغ ما فعلته معه امرأة العزيز من ترغيب وترهيب، وإغراء وتهديد ... فتقول:
وقوله : ( ولما بلغ ) أي : يوسف عليه السلام ) أشده ) أي : استكمل عقله وتم خلقه . ( آتيناه حكما وعلما ) يعني : النبوة ، إنه حباه بها بين أولئك الأقوام ، ( وكذلك نجزي المحسنين ) أي : إنه كان محسنا في عمله ، عاملا بطاعة ربه تعالى .
وقد اختلف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده ، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة : ثلاث وثلاثون . وعن ابن عباس : بضع وثلاثون . وقال الضحاك : عشرون . وقال الحسن : أربعون سنة . وقال عكرمة : خمس وعشرون سنة . وقال السدي : ثلاثون سنة . وقال سعيد بن جبير : ثمانية عشرة سنة . وقال الإمام مالك ، وربيعة ، وزيد بن أسلم ، والشعبي : الأشد الحلم . وقيل غير ذلك ، والله أعلم .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لما بلغ يوسف أشده , يقول: ولما بلغ منتهى شدته وقوته في شبابه وحَدِّه، وذلك فيما بين ثماني عشرة إلى ستين سنة , وقيل إلى أربعين سنة. (47) * * * يقال منه: " مضت أشُدُّ الرجل ": أي شدته , وهو جمع مثل " الأضُرّ" و " الأشُرّ"، (48) لم يسمع له بواحد من لفظه. ويجب في القياس أن يكون واحده " شدَّ" , كما واحد " الأضر "" ضر " , وواحد " الأشُر "" شر " , كما قال الشاعر: (49) هَـلْ غَـيْرُ أَنْ كَـثُرَ الأشُـرُّ وَأَهْلَكَتْ حَــرْبُ المُلُــوكِ أَكَـاثِرَ الأَمْـوَالِ (50) وقال حُميد: وَقَــدْ أَتَــى لَـوْ تُعْتِـبُ الْعَـوَاذِلُ بَعْـــدَ الأشُــدّ أَرْبَــعٌ كَــوَامِلُ (51) * * * وقد اختلف أهل التأويل في الذي عنى الله به في هذا الموضع من " مبلغ الأشد ". فقال بعضهم: عني به ثلاث وثلاثون سنة . * ذكر من قال ذلك: 18957 - حدثنا ابن وكيع والحسن بن محمد , قالا حدثنا عمرو بن محمد , قال: حدثنا سفيان , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (ولما بلغ أشده)، قال: ثلاثًا وثلاثين سنة. 18958 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 18959 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا جرير , عن ليث , عن مجاهد , مثله . 18960 - حدثت عن علي بن الهيثم , عن بشر بن المفضل , عن عبد الله بن عثمان بن خثيم , عن مجاهد , قال: سمعت ابن عباس يقول في قوله: (ولما بلغ أشده) قال: بضعًا وثلاثين سنة. * * * وقال آخرون: بل عني به عشرون سنة . * ذكر من قال ذلك: 18961 - حدثت عن علي بن المسيب , عن أبي روق , عن الضحاك , في قوله: (ولما بلغ أشده) قال: عشرين سنة. * * * وروي عن ابن عباس من وجه غير مرضيّ أنه قال: ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين . وقد بينت معنى " الأشُدّ". * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أنه آتى يوسف لما بلغ أشدهُ حكمًا وعلمًا ، و " الأشُدّ": هو انتهاء قوته وشبابه ، وجائز أن يكون آتاه ذلك وهو ابن ثماني عشرة سنة ، وجائز أن يكون آتاه وهو ابن عشرين سنة ، وجائز أن يكون آتاه وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، ولا دلالة له في كتاب الله، ولا أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا في إجماع الأمة، على أيّ ذلك كان . وإذا لم يكن ذلك موجودًا من الوجه الذي ذكرت , فالصوابُ أن يقال فيه كما قال عز وجل , حتى تثبت حجة بصحة ما قيل في ذلك من الوجه الذي يجب التسليم له، فيسلم لها حينئذ . * * * وقوله: (آتيناه حكمًا وعلمًا) يقول تعالى ذكره: أعطيناه حينئذ الفهم والعلم، (52) كما: - 18962 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (حكمًا وعلمًا) قال: العقل والعلم قبل النبوة. * * * وقوله: (وكذلك نجزي المحسنين) يقول تعالى ذكره: وكما جزيت يوسف فآتيته بطاعته إيّاي الحكمَ والعلمَ , ومكنته في الأرض , واستنقذته من أيدي إخوته &; 16-24 &; الذين أرادوا قتله , كذلك نجزي من أحسن في عمله , فأطاعني في أمري، وانتهى عما نهيته عنه من معاصيّ . (53) * * * وهذا، وإن كان مخرج ظاهره على كل محسن , فإن المرادَ به محمدٌ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم . يقول له عز وجل : كما فعلت هذا بيوسف من بعد ما لقي من إخوته ما لقي، وقاسى من البلاء ما قاسى , فمكنته في الأرض، ووطَّأتُ له في البلاد , فكذلك أفعل بك فأنجيك من مشركي قومك الذين يقصدونك بالعداوة , وأمكن لك في الأرض، وأوتيك الحكم والعلم , لأنّ ذلك جزائي أهلَ الإحسان في أمري ونهيي. * * * 18963 - حدثني المثنى , قال: حدثنا عبد الله بن صالح , قال: ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس: (وكذلك نجزي المحسنين) يقول: المهتدين. ---------------------- الهوامش: (47) انظر تفسير" الأشد" فيما سلف 12 : 222 .
(48) هكذا جاءني المخطوطة والمطبوعة ، إلا أنه كان في المخطوطة" الأسر" ، و" سر" ، وقد مضى هذان اللفظان أيضا فيما سلف 12 : 222 ، وظننت هناك أنهما محرفتان ، ولكن عجيب أن يظل التحريف هو . هو على بعد المكانين وأخشى أن يكون صواب" الأضر" هو" الأضب" جمع" ضب" ومهما يكن من شيء ، فهذا مما لم أتبينه ولا عرفته ، وفوق كل ذي علم عليم .
(49) لم أعرف قائله .
(50) في المطبوعة :" كثر الأشد" ، وفي المخطوطة بالراء ، ولم أجد البيت في غير هذا المكان .
(51) لم أجده في غير هذا المكان . ولا أدري أهي في الرجز" الأشد" أو" الأشر" .
(52) انظر تفسير" الحكم" فيما سلف 6 : 538 ، وما سلف من فهارس اللغة ( حكم ) .
(53) انظر تفسير" الجزاء" و" الإحسان" فيما سلف من فهارس اللغة ( جزى ) ، ( حسن ) .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يوسف: 22 | ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ |
---|
القصص: 14 | ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء