3231112131415161718192021222324

الإحصائيات

سورة الأنبياء
ترتيب المصحف21ترتيب النزول73
التصنيفمكيّةعدد الصفحات10.00
عدد الآيات112عدد الأجزاء0.50
عدد الأحزاب1.00عدد الأرباع4.00
ترتيب الطول22تبدأ في الجزء17
تنتهي في الجزء17عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 4/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (12) الى الآية رقم (13) عدد الآيات (2)

بعدَ الرَّدِّ عليهِم، خوَّفَهم اللهُ هنا بالقرى الظالمةِ الكافرةِ التي دمَّرَها تدميرًا، ثُمَّ بَيَّنَ أنَّهُ خلقَ السماواتِ والأرضَ للتَّنبيهِ على أنَّ لها خالقًا قادرًا يجبُ امتثالُ أمرِه، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (19) الى الآية رقم (24) عدد الآيات (6)

= ثُمَّ بَيَّنَ هنا غناه عن طاعتِهم لأنَّه مالكُ السماواتِ والأرضِ، وذَكَرَ نماذجَ من عبادِه الطائعينَ له، ثُمَّ أنكرَ على المشركينَ اتِّخاذَهم آلهةً من دونِه، وأقامَ الأدلَّةَ على وحدانيتِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الأنبياء

دور الأنبياء في الدعوة إلى الله (الأنبياء قدوتك)/ سورة الإستجابة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سؤال: بمن تقتدي في حياتك؟ من هو قدوتك؟:   لو سألنا أكثر شباب اليوم عن قدوتهم، يا ترى كم واحدًا سيجيب أن إبراهيم عليه السلام هو قدوته؟ كم واحدًا سيجيب أن يوسف عليه السلام هو مثله الأعلى؟ وكم واحدًا سيقول أن النبي ﷺ هو قدوته؟ وكم واحدًا سيقول أن المغني الفلاني أو الممثل الفلاني هو قدوته؟ ويا ترى كم واحدًا سيجيب بأنه ليس عنده قدوة أصلاً؟
  • • السورة تجيب عن هذا السؤال: بمن تقتدي في حياتك؟:   وتركز على ناحيتين مضيئتين من حياة كل نبي: طاعته وعبادته وخشيته لله، ثم دعوته وإصلاحه في قومه. وكأنها تقول لك: هؤلاء هم مثلك الأعلى في حسن التعامل مع الله وفي حسن التعامل مع الناس، أي في العبادة والدعوة إلى الله.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الأنبياء».
  • • معنى الاسم ::   الأنبياء: جمع نبي، وهو رجل اختاره الله وأوحي إليه برسالة، وأمره بتبليغها للناس.
  • • سبب التسمية ::   لتضمنها الحديث عن جهاد الأنبياء والمرسلين مع أقوامهم الوثنيين، حيث ذكر فيها ستة عشر نبيًا ومريم، ‏في ‏استعراض ‏سريع ‏يطول ‏أحيانًا ‏ويَقْصُر ‏أحيانًا.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة اقترب»؛ لأنها أول كلمة بها.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   جهود الأنبياء في الدعوة إلى الله.
  • • علمتني السورة ::   دعاء الله تعالى بخضوع الأنبياء وخشوعهم.
  • • علمتني السورة ::   أن الله مع رسله والمؤمنين بالتأييد والعون على الأعداء: ﴿ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن القرآن شرف وعز لمن آمن به وعمل به: ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ سَعْدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ﴾ (87)، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ».
    • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطه، وَالْأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي»، قال ابن حجر: «وَمُرَاد اِبْن مَسْعُود أَنَّهُنَّ مِنْ أَوَّل مَا تُعُلِّمَ مِنْ الْقُرْآن، وَأَنَّ لَهُنَّ فَضْلًا لِمَا فِيهِنَّ مِنْ الْقَصَص وَأَخْبَار الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الأنبياء من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • استخدمت السورة أسلوبين لإثبات أصول العقيدة: أسلوب التقرير والمجادلة كما في سورة الأنعام، وأسلوب القصص كما في سورة الأعراف.
    • ذُكِرَ فيها أسماء 16 نبي، ولم يسبقها في ذلك إلا الأنعام (حيث ذُكِرَ في الأنعام أسماء 18 نبي).
    • يوجد في القرآن 3 سور لم يرد اسمها المشهور في آياتها؛ وهي: الفاتحة والأنبياء والإخلاص.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نقتدي بأنبياء الله، وبإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم في عبادتهم، وفي غيرتهم على دين الله، وعملهم الدؤوب على نشره وتبليغه.
    • أن نخاف؛ فهذه الآيات نزلت قبل قرابة 1440 سنة! والله يقول: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ﴾ (1).
    • أن نرجع إلى العلماء إذا أشكل علينا أمر من أمور الدين: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (7).
    • أن نتبع منهج الأنبياء عليهم السلام ببدء الدعوة بتعريف الناس بالله تعالى وتحبيبهم له سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ (25).
    • أن نسأل اللهَ أن يرزقنا خشيتَه في الغيبِ والشهادةِ: ﴿وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ (28).
    • ألا نتعجل، فالأناة خلق فاضل، وطبع الإنسان الاستعجال: ﴿خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ (37).
    • أن نتذكر من ظلمناه في مال، أو عرض، أو حق، ونتحلل منه قبل ألا نستطيع: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ﴾ (47).
    • ألا نقدس أقوال وأعمال السابقين دون دليل من الكتاب والسنة: ﴿قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ﴾ (53).
    • ألا نكترث بالمحقرين؛ فنبي الله إبراهيم في نظرهم فتي نكره، وفي ميزان الله كان أمة: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ (60).
    • أن نسأل الله تعالى أن يرزقنا ذرية صالحة: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ﴾ (72).
    • أن نلجأ عند الكربِ إلى اللهِ، فلا فرجَ إلا من عندِه: ﴿نَادَى ... فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ﴾ (76).
    • أن نقص قصة من قصص القرآن عن سير الأنبياء على إخواننا أو أبنائنا، ونبين لهم أهم الفوائد والعبر منها: ﴿رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ﴾ (84).
    • أن نتذكر ذنبًا فعلناه وقعت بعده مصيبة، ثم نقول: ﴿لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِين﴾ (87).
    • أن ندعو الله تعالى أن نكون ممن سبقت لهم من الله تعالى الحسنى, وأن نكون من المبعدين عن جهنم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ (101).
    • أن نستعين بالله على كل عمل نعمله: ﴿وَرَبُّنَا الرَّحْمَـٰنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ (112).

تمرين حفظ الصفحة : 323

323

مدارسة الآية : [11] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ..

التفسير :

[11] وكثير من القرى كان أهلها ظالمين بكفرهم بما جاءتهم به رسلهم، فأهلكناهم بعذاب أبادهم جميعاً، وأوجدنا بعدهم قوماً آخرين سواهم.

يقول تعالى - محذرا لهؤلاء الظالمين، المكذبين للرسول، بما فعل بالأمم المكذبة لغيره من الرسل -{ وَكَمْ قَصَمْنَا ْ} أي:أهلكنا بعذاب مستأصل{ مِنْ قَرْيَةٍ ْ} تلفت عن آخرها{ وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ْ}

ثم بين- سبحانه- ما أنزله بالقوم الظالمين فقال: وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ.

و «كم» هنا خبرية مفيدة للتكثير، وهي في محل نصب على أنها مفعول مقدم «لقصمنا» .

وأصل القصم: كسر الشيء حتى ينقطع وينفصل عن غيره، يقال: قصم فلان ظهر فلان، إذا كسره حتى النهاية، بخلاف الفصم فهو صدع الشيء من غير قطع وانفصال.

قال القرطبي: «والقصم: الكسر، يقال: قصمت ظهر فلان، وانقصمت سنه، إذا انكسرت.

والمعنى ها هنا به الإهلاك. وأما الفصم- بالفاء- فهو الصدع في الشيء من غير بينونة» .

أى: وكثيرا من القرى الظالمة التي تجاوز أهلها حدود الحق، ومردوا على الكفر والضلال، أبدناها مع أهلها، وعذبناها عذابا نكرا، بسبب ظلمهم وبغيهم، وأنشأنا من بعدهم قوما آخرين ليسوا مثلهم.

وأوقع- سبحانه- فعل القصم على القرى، للإشعار بأن الهلاك قد أصابها وأصاب أهلها معها. فالكل قد دمره- سبحانه- تدميرا.

أما عند الإنشاء فقد أوقع الفعل على القوم فقال: وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ للإيماء إلى أن هؤلاء القوم الآخرين، الذين لم يكونوا أمثال السابقين، هم الذين ينشئون القرى ويعمرونها.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً .

وقوله : ( وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة ) هذه صيغة تكثير ، كما قال ( وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح ) [ الإسراء : 17 ] .

وقال تعالى : ( فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد ) [ الحج : 45 ] . وقوله : ( وأنشأنا بعدها قوما آخرين ) أي : أمة أخرى بعدهم .

يقول تعالى ذكره: وكثيرا قصمنا من قرية، والقصم: أصله الكسر، يقال منه: قصمت ظهر فلان إذا كسرته، وانقصمت سنه: إذا انكسرت ، وهو هاهنا معني به أهلكنا، وكذلك تأوّله أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَكَمْ قَصَمْنَا ) قال: أهلكنا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله ( وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ ) قال: أهلكناها ، قال ابن جُرَيج: قصمنا من قرية، قال: باليمن قصمنا، بالسيف أهلكوا.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله ( قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ ) قال: قصمها أهلكها.

وقوله ( مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً ) أجرى الكلام على القرية، والمراد بها أهلها لمعرفة السامعين بمعناه، وكأن ظلمها كفرها بالله وتكذيبها رسله، وقوله ( وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) يقول تعالى ذكره: وأحدثنا بعد ما أهلكنا هؤلاء الظلمة من أهل هذه القرية التي قصمناها بظلمها قوما آخرين سواهم.

التدبر :

وقفة
[11] ﴿وكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً﴾ لا شيء كالظلم يُزيل ويُسقط الأمم.
عمل
[11] ﴿وكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً﴾ ما من ظالم إلا أُهلك؛ فاحذروا الظلم.
تفاعل
[11] ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[11] ﴿وكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ وكثير من القرى كان أهلها ظالمين بكفرهم بما جاءتهم به رسلهم, فأهلكناهم بعذاب أبادهم جميعًا, وأوجدنا بعدهم قومًا آخرين سواهم.
لمسة
[11] ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ القصم هو أفظع الكسر، فالمعنى أن كثيرًا من أهل القرى أهلكناهم أشد الإهلاك بسبب ظلمهم، فاحذروا الظلم لسوء عاقبته.
وقفة
[11] ﴿وَكَم قَصَمنا مِن قَريَةٍ كانَت ظالِمَةً وَأَنشَأنا بَعدَها قَومًا آخَرينَ﴾ (وكم) دليل على كثرة الظالمين الكافرين على مر الأزمنة.
وقفة
[11] التنديد بالظلم؛ وأعلى درجاته الشرك بالله ﴿وكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾.
وقفة
[11] تذكر إهلاك الله تعالى للأمم والدول السابقة والحاضرة ﴿وكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَكَمْ قَصَمْنا:
  • الواو استئنافية. كم: خبرية مبنية على السكون في محل نصب مفعول به بقصمنا اي اهلكنا. و «قصمنا» فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ مِنْ قَرْيَةٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «كم» التقدير: عددا كثيرا حال كونه من اهل القرى. اهلكنا. لانه اراد بالقرية اهلها لذلك وصفها بالظلم وقال قَوْماً آخَرِينَ» لان المعنى اهلكنا قوما وانشأنا قوما آخرين.
  • ﴿ كانَتْ ظالِمَةً:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة-نعت-لاهل القرية على الموضع لا اللفظ‍ اي قوما. وفي محل جر على اللفظ‍.كانت: فعل ماض ناقص مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث لا محل لها. واسم «كان» ضمير مستتر جوازا تقديره هي. ظالمة: خبر «كان» منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَأَنْشَأْنا:
  • الواو عاطفة. انشأنا: تعرب اعراب «قصمنا».
  • ﴿ بَعْدَها قَوْماً:
  • بعد: ظرف زمان متعلق بأنشأنا منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. و «ما» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. قوما: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ آخَرِينَ:
  • صفة-نعت-لقوما منصوبة مثلها وعلامة نصبها الياء لانها جمع مذكر سالم والنون عوض من حركة المفرد.'

المتشابهات :

الأنبياء: 11﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَ أَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ
المؤمنون: 42﴿ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ
الأنعام: 6﴿فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ
المؤمنون: 31﴿ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     وبعدَ الرَّدِّ على ما قاله المشركون؛ خوَّفَهم اللهُ هنا بالقرى الظالمةِ التي دمَّرَها لما كفرت بالله، قال تعالى:
﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [12] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم ..

التفسير :

[12] فلما رأى هؤلاء الظالمون عذابنا الشديد نازلاً بهم، وشاهدوا بوادره، إذا هم من قريتهم يسرعون هاربين.

وأن هؤلاء المهلكين، لما أحسوا بعذاب الله وعقابه، وباشرهم نزوله، لم يمكن لهم الرجوع ولا طريق لهم إلى النزوع وإنما ضربوا الأرض بأرجلهم، ندما وقلقا، وتحسرا على ما فعلوا وهروبا من وقوعه

ثم صور- سبحانه- حال هؤلاء الظالمين عند ما أحسوا بالعذاب وهو نازل بهم فقال:

فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ.

وقوله: أَحَسُّوا من الإحساس. وهو إدراك الشيء بالحاسة. يقال: أحس فلان الشيء، إذا علمه بالحس، وأحس بالشيء، إذا شعر به بحاسته.

وقوله: يَرْكُضُونَ من الركض وهو السير السريع، وأصله: أن يضرب الرجل دابته برجله ليحثها على الجري والسرعة في المشي. والمقصود به هنا: الهرب بسرعة.

أى: فلما أحس هؤلاء الظالمون عذابنا المدمر، وأيقنوا نزوله بهم، وعلموا ذلك علما مؤكدا، إذا هم يخرجون من قريتهم يَرْكُضُونَ أى: يهربون بسرعة وذعر، حتى لكأنهم من اضطرابهم وخوفهم يظنون أن ذلك سينجيهم.

وإذا هنا فجائية، والجملة بعدها جواب «لما» .

( فلما أحسوا بأسنا ) أي : تيقنوا أن العذاب واقع بهم ، كما وعدهم نبيهم ، ( إذا هم منها يركضون ) أي : يفرون هاربين .

وقوله ( فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا ) يقول: فلما عاينوا عذابنا قد حلّ بهم ورأوه قد وجدوا مسه، يقال منه: قد أحسست من فلان ضعفا، وأحسته منه ( إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ ) يقول: إذا هم مما أحسوا بأسنا النازل بهم يهربون سراعا عَجْلَى، يَعْدُون منهزمين، يقال منه: ركض فلان فرسه: إذا كَدَّه سياقته.

التدبر :

وقفة
[12] ﴿فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ﴾، ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا﴾ [46]، يتهاوى العناد عند أول فصل من فصول العذاب.
وقفة
[12] ﴿فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ﴾ الهروب من الموت هل نجح فيه أحد ؟!
وقفة
[12] كلمة (يركضون) لم تأت إلا مرة واحدة فى سورة الأنبياء ﴿فَلَمّا أَحَسّوا بَأسَنا إِذا هُم مِنها يَركُضونَ﴾

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا:
  • الفاء استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية.
  • ﴿ أَحَسُّوا بَأْسَنا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. بأس: مفعول به منصوب بالفتحة. و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: فلما شعروا بشدة عذابنا. والجملة الفعلية أَحَسُّوا بَأْسَنا» في محل جر مضاف اليه.
  • ﴿ إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ:
  • اذا: حرف فجاءة لا محل لها من الاعراب.هم: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. يركضون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى: يهربون مسرعين. والجملة الاسمية هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. منها: جار ومجرور متعلق بيركضون.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ عز و جل القرى الظالمةِ التي دمَّرَها لما كفرت به؛ صور هنا حال هؤلاء الظالمين عندما أحسوا بالعذاب وشاهدوا مقدماته، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [13] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا ..

التفسير :

[13] فنودوا في هذه الحال:لا تهربوا وارجعوا إلى لذاتكم وتنعُّمكم في دنياكم الملهية ومساكنكم المشيَّدة، لعلكم تُسألون من دنياكم شيئاً، وذلك على وجه السخرية والاستهزاء بهم.

فقيل لهم على وجه التهكم بهم:{ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ْ} أي:لا يفيدكم الركوض والندم، ولكن إن كان لكم اقتدار، فارجعوا إلى ما أترفتم فيه، من اللذات، والمشتهيات، ومساكنكم المزخرفات، ودنياكم التي غرتكم وألهتكم، حتى جاءكم أمر الله. فكونوا فيها متمكنين، وللذاتها جانين، وفي منازلكم مطمئنين معظمين، لعلكم أن تكونوا مقصودين في أموركم، كما كنتم سابقا، مسئولين من مطالب الدنيا، كحالتكم الأولى، وهيهات، أين الوصول إلى هذا؟ وقد فات الوقت، وحل بهم العقاب والمقت، وذهب عنهم عزهم، وشرفهم ودنياهم، وحضرهم ندمهم وتحسرهم؟.

وقوله- سبحانه-: لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ حكاية لما تقوله لهم الملائكة وهم يركضون هربا- على سبيل التهكم والاستهزاء.

أى: يقال لهم من جهة الملائكة أو من جهة المؤمنين لا تركضوا هاربين وَارْجِعُوا إِلى قريتكم وإلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ أى: وإلى ما نعمتم فيه من العيش الهنيء. والخير الوفير، الذي أبطركم وجعلكم تجحدون النعم، ولم تستعملوها فيما خلقت له.

فقوله: أُتْرِفْتُمْ من الترفه- بالتاء المشددة مع الضم- وهي النعمة والطعام الطيب. يقال: ترف فلان- كفرح- إذا تنعم. وفلان أترفته النعمة، إذا أطغته أو نعمته.

وقوله: وَمَساكِنِكُمْ معطوف على ما.

أى: لا تهربوا وارجعوا إلى ما نعمتم فيه من العيش الهنيء، وإلى مساكنكم التي كنتم تسكنونها، وتتفاخرون بها.

لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ أى يقصدكم غيركم لسؤالكم عما نزل بكم، فتجيبوا عن علم ومشاهدة.

قال صاحب الكشاف: «قوله لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ تهكم بهم وتوبيخ، أى: ارجعوا إلى نعيمكم ومساكنكم لعلكم تسألون غدا عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم. فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة.

أو ارجعوا واجلسوا كما كنتم في مجالسكم، وترتبوا في مراتبكم حتى يسألكم حشمكم وعبيدكم، ومن تملكون أمره. وينفذ فيه أمركم ونهيكم، ويقول لكم: بم تأمرون؟ وبماذا ترسمون؟

وكيف نأتى ونذر كعادة المنعمين المخدّمين.

أو يسألكم الناس في أنديتكم.. ويستشيرونكم في المهمات. ويستضيئون بآرائكم.

أو يسألكم الوافدون عليكم، ويستمطرون سحائب أكفكم.. قيل لهم ذلك تهكما إلى تهكم، وتوبيخا إلى توبيخ» .

( لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم ) هذا تهكم بهم قدرا أي : قيل لهم قدرا : لا تركضوا هاربين من نزول العذاب ، وارجعوا إلى ما كنتم فيه من النعمة والسرور ، والمعيشة والمساكن الطيبة .

قال قتادة : استهزاء بهم .

( لعلكم تسألون ) أي : عما كنتم فيه من أداء شكر النعمة .

يقول تعالى ذكره: لا تهربوا وارجعوا إلى ما أُترفتم فيه: يقول: إلى ما أُنعمتم فيه من عيشتكم ومساكنكم.

كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله ( لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) يعني من نـزل به العذاب في الدنيا ممن كان يعصي الله من الأمم.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( لا تَرْكُضُوا ) لا تفرّوا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ ) يقول: ارجعوا إلى دنياكم التي أترفتم فيها.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور عن معمر، عن قتادة ( وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ ) قال: إلى ما أترفتم فيه من دنياكم.

واختلف أهل التأويل في معنى قوله ( لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) فقال بعضهم: معناه: لعلكم تفقهون وتفهمون بالمسألة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله ( لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) قال: تفقهون.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد ( لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) قال: تفقهون.

وقال آخرون: بل معناه لعلكم تسألون من دنياكم شيئا على وجه السخرية والاستهزاء.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) استهزاء بهم.

حدثني محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) من دنياكم شيئا، استهزاء بهم.

التدبر :

عمل
[13] سـل الله أن يجـعل مسكنـك وجميع ما رزقك عونـًا لك على طـاعته ﴿لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾.
وقفة
[13] ﴿لا تَركُضوا وَارجِعوا إِلى ما أُترِفتُم فيهِ وَمَساكِنِكُم لَعَلَّكُم تُسأَلونَ﴾ فى بعض الأحيان تصبح الرفاهية المفرطة طريقاً للبطر وكفران النعم والابتعاد عن جادة الطريق المستقيم.
لمسة
[13] قال صاحب الكشاف: «قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾ تهكم بهم وتوبيخ، أي: ارجعوا إلى نعيمكم ومسكنكم، لعلكم تسألون غدًا عما جرى عليكم، ونزل بأموالكم ومساكنكم، فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة، أو ارجعوا واجلسوا كما كنتم في مجالسكم، حتى يسألكم حشمكم وعبيدكم: بم تأمرون؟ أو يسألكم الناس في أنديتكم ويستشيرونكم، أو يسألكم الوافدون عليكم، ويستمطرون سحائب أكفكم، قيل لهم ذلك تهكمًا إلى تهكم، وتوبيخًا إلى توبيخ».

الإعراب :

  • ﴿ لا تَرْكُضُوا:
  • اي لا تهربوا. والجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف. اي فقيل لهم لا تركضوا. لا: ناهية جازمة. تركضوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ وَارْجِعُوا إِلى ما:
  • الواو استئنافية. ارجعوا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. الى ما: جار ومجرور متعلق بارجعوا. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بإلى.
  • ﴿ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ:
  • فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والميم علامة جمع الذكور. فيه: جار ومجرور متعلق بفعل «أترف».وجملة أُتْرِفْتُمْ فِيهِ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. ويجوز ان تكون «ما» صدرية. وجملة أُتْرِفْتُمْ فِيهِ» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب. بتقدير: الى اترافكم وهو إبطار النعمة بمعنى: الى النعم التي ابطرتكم. او الى ترفكم وهو بمعنى: الى تنعمكم او نعيمكم. لان الاتراف يعني: ابطار النعمة. والترف: التنعم والنعيم.
  • ﴿ وَمَساكِنِكُمْ:
  • معطوفة بالواو على المصدر المؤول مجرورة مثله وعلامة جرها الكسرة. الكاف ضمير المخاطبين في محل جر بالاضافة. والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ:
  • بمعنى: تسألون عن اعمالكم او تعذبون غدا. وفي الجملة معنى التهكم والتوبيخ. لعل: حرف مشبه بالفعل والكاف ضمير المخاطبين في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تسألون:فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والجملة الفعلية «تسألون» في محل رفع خبر «لعل» بمعنى: لعلكم تسألون غدا عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     ولَمَّا سارعوا بالهرب والفرار؛ ذكرَ اللهُ هنا ما قالته لهم الملائكة على سبيل التهكم والاستهزاء، قال تعالى:
﴿ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ..

التفسير :

[14] فلم يكن لهم من جواب إلا اعترافهم بجرمهم وقولهم:يا هلاكنا، فقد ظلمنا أنفسنا بكفرنا.

تفسير الآيتين 14 و 15:ـ

{ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ* فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ ْ}

أي:الدعاء بالويل والثبور، والندم، والإقرار على أنفسهم بالظلم وأن الله عادل فيما أحل بهم.{ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ْ} أي:بمنزلة النبات الذي قد حصد وأنيم، قد خمدت منهم الحركات، وسكنت منهم الأصوات، فاحذروا - أيها المخاطبون - أن تستمروا على تكذيب أشرف الرسل فيحل بكم كما حل بأولئك.

وهنا أدرك هؤلاء الظالمون، أن الأمر جد لا هزل، وأن العذاب نازل بهم لا محالة، وأن القائلين لهم لا تركضوا، إنما يتهكمون بهم. فأخذ أولئك الظالمون يتفجعون ويتحسرون قائلين: يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ.

والويل: الفضيحة والبلية والمصيبة التي يعقبها الهلاك. وهي كلمة جزع وتحسر.

وتستعمل عند ما تحيط بالإنسان داهية عظيمة، وكأن المتحسر لنزول مصيبة به، ينادى ويلته ويطلب حضورها بعد تنزيلها منزلة من ينادى.

أى: قالوا عند ما تيقنوا أن الهلاك نازل بهم: يا هلاكنا إنا كنا ظالمين لأنفسنا، مستوجبين للعذاب. بسبب إعراضنا عن الحق، وتكذيبنا لمن جاء به.

( قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين ) اعترفوا بذنوبهم حين لا ينفعهم ذلك ،

يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء الذين أحلّ الله بهم بأسه بظلمهم لما نـزل بهم بأس الله: يا ويلنا إنا كنا ظالمين بكفرنا بربنا ، فما زالت تلك دعواهم يقول فلم تزل دعواهم، حين أتاهم بأس الله، بظلمهم أنفسهم : ( يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) حتى قتلهم الله ، فحصدهم بالسيف كما يُحْصَد الزرع ويستأصل قطعا بالمناجل ، وقوله ( خَامِدِينَ ) يقول : هالكين قد انطفأت شرارتهم ، وسكنت حركتهم ، فصاروا همودا كما تخمد النار فتطفأ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة.

التدبر :

وقفة
[14] ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ الظلم سبب في الهلاك على مستوى الأفراد والجماعات.
وقفة
[14] ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ لا يندم ظالم إلا في الوقت الضائع، ولا يعرف الحق إلا عند نزول الموت.
وقفة
[14] ما الفرق بين (يا ويلنا) و(يا ويلتنا)؟ الجواب: الويل معناه الهلاك والعذاب, قال تعالي: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ [المطففين: 1]، وقال: ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾، وقال: ﴿يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا﴾ [يس: 52]، أما الويلة فهي الفضيحة والخزي, قال تعالي: ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا﴾ [هود: 72] أي: يا للفضيحة، وقال: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ [الكهف: 49]، وذلك أنه لما رأوا فيه أعمالًا مخزية, وفضائح لا يحبون أن يطلع عليها أحد, وقد رأوها مدونة في الكتاب؛ قالوا: (يا ويلتنا) أي: يا للفضيحة والخزي!
وقفة
[14] ﴿قالوا يا وَيلَنا إِنّا كُنّا ظالِمينَ﴾ ما دام نفسك يتردد فى صدرك؛ فسارع بالتوبة قبل موقف يومٍ عظيم.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ يا وَيْلَنا:
  • يا: اداة نداء. ويل: منادى مضاف منصوب بالفتحة. و «نا» ضمير المتكلمين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنّا كُنّا ظالِمِينَ:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد التعليل. و«نا» المدغمة ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».كنا: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل رفع اسم «كان».ظالمين: خبر «كان» منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. والجملة الفعلية كُنّا ظالِمِينَ» في محل رفع خبر ان'

المتشابهات :

الأعراف: 5﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
الأنبياء: 14﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
الأنبياء: 46﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
القلم: 29﴿قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     وبعد ما قالته الملائكة؛ أدرك هؤلاء الظالمون أن الأمر جد لا هزل، وأن العذاب نازل بهم لا محالة؛ ندموا واعترفوا بظلمهم، قال تعالى:
﴿ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى ..

التفسير :

[15] فما زالت تلك المقالة -وهي الدعاء على أنفسهم بالهلاك، والاعتراف بالظلم- دَعْوَتَهم يرددونها حتى جعلناهم كالزرع المحصود، خامدين لا حياة فيهم. فاحذروا -أيها المخاطبون- أن تستمروا على تكذيب محمد -صلى الله عليه وسلم-، فيحلُّ بكم ما حَلَّ بالأمم قبلكم.

تفسير الآيتين 14 و 15:ـ

{ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ* فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ ْ}

أي:الدعاء بالويل والثبور، والندم، والإقرار على أنفسهم بالظلم وأن الله عادل فيما أحل بهم.{ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ْ} أي:بمنزلة النبات الذي قد حصد وأنيم، قد خمدت منهم الحركات، وسكنت منهم الأصوات، فاحذروا - أيها المخاطبون - أن تستمروا على تكذيب أشرف الرسل فيحل بكم كما حل بأولئك.

واسم الإشارة في قوله- تعالى-: فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ يعود إلى الكلمات التي قالوها على سبيل التحسر عند ما يئسوا من الخلاص والهرب، وتأكدوا من الهلاك، وهي قولهم: يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ.

أى: فما زالوا يرددون تلك الكلمات بتفجع وتحسر واستعطاف.

وسميت هذه الكلمات دعوى، لأن المولول كأنه يدعو الويل قائلا: أيها الويل هذا أوانك فأقبل نحوي.

وقوله: حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ بيان لما آل إليه حالهم.

وخامدين: من الخمود بمعنى الهمود والانطفاء والانتهاء. يقال: خمدت النار تخمد خمدا وخمودا، إذا سكن لهيبها، وانطفأ شررها.

أى: فما زالت تلك كلماتهم حتى جعلناهم في الهمود والهلاك كالنبات المحصود بالمناجل، وكالنار الخامدة بعد اشتعالها.

وهكذا تكون عاقبة الظالمين. وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك ما يدل على قدرته ووحدانيته، وعلى أن من في السموات والأرض لا يستكبرون عن عبادته- تعالى-، فقال- عز وجل-:

( فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ) أي : ما زالت تلك المقالة ، وهي الاعتراف بالظلم ، هجيراهم حتى حصدناهم حصدا وخمدت حركاتهم وأصواتهم خمودا .

قوله ( فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ )... الآية: فلما رأوا العذاب وعاينوه لم يكن لهم هِجِّيرَى إلا قولهم ( يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) حتى دمَّر الله عليهم وأهلكهم.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ) يقول: حتى هلكوا.

كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال ابن عباس (حَصِيدًا) الحصاد (خامدين) خمود النار إذا طفئت.

حدثنا سعيد بن الربيع، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: إنهم كانوا أهل حصون، وإن الله بعث عليهم بختنصر، فبعث إليهم جيشا فقتلهم بالسيف، وقتلوا نبيا لهم فحُصِدوا بالسيف، وذلك قوله ( فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ) بالسيف.

التدبر :

وقفة
[14، 15] ﴿فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ﴾ هول المفاجأة وشدة العذاب جعلتهم يستمرون في صيحة: ﴿يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ فلم تختص فقط بوقت الدهشة، بل رددوها بهستيرية تنم على فزع شديد، ما أمكنهم النطق بها حتى تمام هلاكهم.
وقفة
[15] ﴿فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ﴾ أخي: هل تتأخر توبتك حتى تعاين الموت؟! أتطول غيبتك حتى تكتمل خسارتك؟! ألا إن أشد بلاء أهل العصيان هو في حصول الإيمان بعد فوات الأوان.
وقفة
[15] ﴿فَما زالَت تِلكَ دَعواهُم حَتّى جَعَلناهُم حَصيدًا خامِدينَ﴾ مهما طالت الولولة على ما فات واستمرت، فلا فائدة ترجى منها، فقد فات الأوان.
تفاعل
[15] ﴿حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.

الإعراب :

  • ﴿ فَما زالَتْ:
  • الفاء استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. زالت: فعل ماض ناقص مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث لا محل لها.
  • ﴿ تِلْكَ دَعواهُمْ:
  • اسم اشارة مبني على الفتح في محل رفع اسم «ما زالت» او ان اسم الاشارة هو «تي» واللام للبعد والكاف حرف خطاب. والاشارة الى يا وَيْلَنا» لانها بمعنى «الدعوى» اي بتقدير: فما زالت تلك الدعوى دعواهم. والدعوى: بمعنى: «الدعوة» دعوى خبر «ما زالت» منصوب بالفتحة المقدرة على الالف للتعذر. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.ويجوز في هذا القول التقديم والتأخير بالنسبة لاسم «ما زالت» وخبرها. اي يجوز ان تكون «تلك» في محل نصب خبر «ما زالت» مقدما. و «دعواهم» اسمها مؤخرا مرفوعا.
  • ﴿ حَتّى جَعَلْناهُمْ:
  • حتى: حرف غاية وابتداء. جعل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به اول.
  • ﴿ حَصِيداً خامِدِينَ:
  • مفعول به ثان منصوب بالفتحة بمعنى مثل النبات المحصود. خامدين: مفعول به ثالث منصوب بجعل وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. ونصب الفعل «جعل» ثلاثة مفاعيل اصلها مبتدأ وخبران له والمفعولان الثاني والثالث حكمهما حكم المفعول الواحد بمعنى جعلناهم جامعين للمماثلة الحصيد والخمود. وهذا هو سبب تعدية الفعل «جعل» الى ثلاثة مفاعيل. لأن عمله أصلا التعدية الى مفعولين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     ولَمَّا ندمَ المشركون واعترفوا بظلمهم؛ ظلوا يرددون ما قالوه، فلم ينفعهم هذا الاعتراف؛ لفوات محله، قال تعالى:
﴿ فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا ..

التفسير :

[16] وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما عبثاً وباطلاً، بل لإقامة الحجة عليكم -أيها الناس- ولتعتبروا بذلك كله، فتعلموا أن الذي خلق ذلك لا يشبهه شيء، ولا تصلح العبادة إلا له.

يخبر تعالى أنه ما خلق السماوات والأرض عبثا، ولا لعبا من غير فائدة، بل خلقها بالحق وللحق، ليستدل بها العباد على أنه الخالق العظيم، المدبر الحكيم، الرحمن الرحيم، الذي له الكمال كله، والحمد كله، والعزة كلها، الصادق في قيله، الصادقة رسله، فيما تخبر عنه، وأن القادر على خلقهما مع سعتهما وعظمهما، قادر على إعادة الأجساد بعد موتها، ليجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.

والمعنى: إننا لم نخلق السموات والأرض وما بينهما من مخلوقات لا يعلمها إلا الله، لم نخلق ذلك عبثا، وإنما خلقنا هذه المخلوقات بحكمتنا السامية، وقدرتنا النافذة، ومشيئتنا التي لا يقف في وجهها شيء.

يخبر تعالى أنه خلق السماوات والأرض بالحق ، أي : بالعدل والقسط ، ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) [ النجم : 31 ] ، وأنه لم يخلق ذلك عبثا ولا لعبا ، كما قال : ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار )

يقول تعالى ذكره: ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا ) إلا حجة عليكم أيها الناس، ولتعتبروا بذلك كله، فتعلموا أن الذي دبره وخلقه لا يشبهه شيء، وأنه لا تكون الألوهية إلا له، ولا تصلح العبادة لشيء غيره، ولم يَخْلق ذلك عبثا ولعبا.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ) يقول: ما خلقناهما عَبَثا ولا باطلا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[16] ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾ ما خلق الله شيئًا عبثًا؛ لأنه سبحانه مُنَزَّه عن العبث.
وقفة
[16] ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾ قال الآلوسي: «وإنما سويناها للفوائد الدينية والحكم الربانية؛ كأن تكون سببًا للاعتبار ودليلًا للمعرفة مع منافع لا تحصى، وحكم لا تستقصى، وحاصله: ما خلقت ذلك خاليًا عن الحكم والمصالح، إلا أنه عبر عن ذلك باللعب».
وقفة
[16] ﴿وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق﴾ [الحجر: 85]، ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾ [الدخان: 38]، ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾، ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا﴾ [ص: 27]، (الحق) نقيض (الباطل) و (اللعب)؛ فإذا أقيم الأمر على أساس الحق فلا مجال للباطل واللعب حينئذ.
وقفة
[16] بيَّنت السورة حكمة خلق الله للسموات والأرض؛ تذكيرًا للإنسان بحكمة خلقه ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَما خَلَقْنَا:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. خلق: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ السَّماءَ وَالْأَرْضَ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. والارض: معطوفة بالواو على «السماء» منصوبة مثلها.
  • ﴿ وَما بَيْنَهُما:
  • الواو: عاطفة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب لانه معطوف على منصوب. بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق بفعل مضمر تقديره: استقر. والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. الميم: عماد. والالف علامة التثنية لا محل لها. وجملة «استقر بينهما» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ لاعِبِينَ:
  • حال من «نا» منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد بمعنى: لاهين.'

المتشابهات :

الدخان: 38﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ
الأنبياء: 16﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ
ص: 27﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ إهلاكَ القرى الظالمة لأجْلِ تَكذيبِهم؛ أتبَعَه بما يدُلُّ على أنَّه فَعَل ذلك عَدلًا منه، ومجازاةً على ما فَعَلوا، وهو خلق السماوات والأرض بالعدل والقسط، فلن يستوي المحسن والمسيء، قال تعالى:
﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا ..

التفسير :

[17] لو أردنا أن نتخذ لهواً من الولد أو الصاحبة لاتخذناه مِن عندنا لا من عندكم، ما كنا فاعلين ذلك؛ لاستحالة أن يكون لنا ولد أو صاحبة.

{ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا ْ} على الفرض والتقدير المحال{ لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا ْ} أي:من عندنا{ إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ْ} ولم نطلعكم على ما فيه عبث ولهو، لأن ذلك نقص ومثل سوء، لا نحب أن نريه إياكم، فالسماوات والأرض اللذان بمرأى منكم على الدوام، لا يمكن أن يكون القصد منهما العبث واللهو، كل هذا تنزل مع العقول الصغيرة وإقناعها بجميع الوجوه المقنعة، فسبحان الحليم الرحيم، الحكيم في تنزيله الأشياء منازلها.

وقوله- تعالى-: لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ استئناف مقرر لمضمون ما قبله، من أن خلق السموات والأرض وما بينهما لم يكن عبثا، وإنما لحكم بالغة، مستتبعة لغايات جليلة، ومنافع عظيمة.

و «لو» هنا حرف امتناع لامتناع. أى: امتناع وقوع فعل الجواب لامتناع وقوع فعل الشرط.

واللهو: الترويح عن النفس بما لا تقتضيه الحكمة، ولا يتناسب مع الجد، وهو قريب من العبث الباطل تقول: لهوت بهذا الشيء ألهو لهوا، إذا تشاغلت به عن الجد، ويطلقه بعضهم على الولد والزوجة والمرأة.

أى: لو أردنا- على سبيل الفرض والتقدير- أن نتخذ ما نتلهى به، لاتخذناه من عندنا ومن جهتنا دون أن يمنعنا أحد مما نريده ولكنا لم نرد ذلك لأنه مستحيل علينا استحالة ذاتية، فيستحيل علينا أن نريده.

فالآية الكريمة من باب تعليق المحال على المحال، لأن كلا الأمرين يتنافى مع حكمة الله- تعالى- ومع ذاته الجليلة.

وقوله: إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ تأكيد لامتناع إرادة اللهو، وأَنْ نافية، أى: ما كنا فاعلين ذلك، لأن اتخاذ اللهو يستحيل علينا.

وقوله تعالى : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين ) قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ) يعني : من عندنا ، يقول : وما خلقنا جنة ولا نارا ، ولا موتا ، ولا بعثا ، ولا حسابا .

وقال الحسن ، وقتادة ، وغيرهما : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا ) اللهو : المرأة بلسان أهل اليمن .

وقال إبراهيم النخعي : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه ) من الحور العين .

وقال عكرمة والسدي : المراد باللهو هاهنا : الولد .

وهذا والذي قبله متلازمان ، وهو كقوله تعالى : ( لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه ) [ الزمر : 4 ] ، فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقا ، لا سيما عما يقولون من الإفك والباطل ، من اتخاذ عيسى ، أو العزير أو الملائكة ، ( سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ) [ الإسراء : 43 ] .

وقوله : ( إن كنا فاعلين ) قال قتادة ، والسدي ، وإبراهيم النخعي ، ومغيرة بن مقسم ، أي : ما كنا فاعلين .

وقال مجاهد : كل شيء في القرآن " إن " فهو إنكار .

يقول تعالى ذكره: لو أردنا أن نتخذ زوجة وولدا لاتخذنا ذلك من عندنا، ولكنا لا نفعل ذلك، ولا يصلح لنا فعله ولا ينبغي، لأنه لا ينبغي أن يكون لله ولد ولا صاحبة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سليمان بن عبيد الله الغيداني، قال: ثنا أبو قُتيبة، قال: ثنا سلام بن مسكين، قال: ثنا عقبة بن أبي حمزة، قال: شهدت الحسن بمكة، قال: وجاءه طاووس وعطاء ومجاهد، فسألوه عن قول الله تبارك وتعالى ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذنا ) قال الحسن: اللهو: المرأة.

حدثني سعيد بن عمرو السكوني، قال: ثنا بقية بن الوليد، عن عليّ بن هارون، عن محمد، عن ليث، عن مجاهد في قوله ( لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا ) قال: زوجة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله ( لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا )... الآية، أي أن ذلك لا يكون ولا ينبغي. واللهو بلغة أهل اليمن: المرأة.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قَتادة ( لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا ) قال: اللهو في بعض لغة أهل اليمن: المرأة ( لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا ).

وقوله ( إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ) حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة، قوله ( إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ) يقول: ما كنا فاعلين.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قالوا مريم صاحبته، وعيسى ولده، فقال تبارك وتعالى ( لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا ) نساء وولدا( لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ) قال: من عندنا، ولا خلقنا جنة ولا نارا، ولا موتا ولا بعثا ولا حسابا.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا ) من عندنا، وما خلقنا جنة ولا نارا ولا موتا ولا بعثا.

التدبر :

وقفة
[17] ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ سبحان الحليم! يخاطبهم بقدر فهمهم، ويتلطف في الردِّ على هذه العقول الصغيرة لإقناعهم، وذلك بكافة أساليب الإقناع مع سفاهتهم، وكما قال القشيري: «فالذي لا يعتريه سهو لا يستفزُّه لهو».
وقفة
[17] ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ احتج ابن تيمية بهذه الآية في الرد على النصاری، مبطلًا لدعوى ألوهية المسيح، فأخبر أن هذا الذي أضافه من نسبة الولد إلى الله من مشركي العرب والنصارى غير سائغ في العقول، ولو أراد الله أن يفعل هذا لكان يصطفي لنفسه ويجعل هذا الولد المتخذ من الجوهر الأعلى السماوي الموصوف بالخلوص والنقاء، لا من جوهر هذا العالم الفاني الكثير الأوساخ والأدناس والأقذار.

الإعراب :

  • ﴿ لَوْ أَرَدْنا:
  • لو: حرف شرط‍ غير جازم. اردنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «أردنا» ابتدائية لا محل لها.
  • ﴿ أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً:
  • ان: حرف مصدرية ونصب. نتخذ: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. اي الله سبحانه على التعظيم والتفخيم. وجملة «نتخذ» صلة «أن» المصدرية لا محل لها. و «أن» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به لاردنا. لهوا: مفعول به لنتخذ منصوب بالفتحة. و «لهوا» بمعنى الولد بلغة اهل اليمن. وقيل المرأة. وفي القول الكريم تعنيف للكفرة.
  • ﴿ لاتَّخَذْناهُ:
  • جار ومجرور متعلق باتخذ. ولدنا: أي عندنا: بمعنى «عند» مبني على السكون في محل جر بمن. و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة. ومعناها هنا: من جهة قدرتنا. وقيل مِنْ لَدُنّا» اي من الملائكة لا من الإنس. والجار والمجرور مِنْ لَدُنّا» حل محل مفعول «اتخذ» الثاني
  • ﴿ إِنْ كُنّا فاعِلِينَ:
  • إن: حرف شرط‍ جازم. كنا: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان» والفعل «كان» فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. فاعلين: خبر «كان» منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وجواب الشرط‍ محذوف لتقدم معناه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا نفى اللعب؛ أكدَ اللهُ عز و جل هنا تنزهه عن اللعب والعبث، قال تعالى :
﴿ لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ ..

التفسير :

[18] بل نقذف بالحق ونبيِّنه، فيدحض الباطل، فإذا هو ذاهب مضمحل. ولكم العذاب في الآخرة -أيها المشركون- مِن وَصْفكم ربكم بغير صفته اللائقة به.

يخبر تعالى، أنه تكفل بإحقاق الحق وإبطال الباطل، وإن كل باطل قيل وجودل به، فإن الله ينزل من الحق والعلم والبيان، ما يدمغه، فيضمحل، ويتبين لكل أحد بطلانه{ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ْ} أي:مضمحل، فانٍ، وهذا عام في جميع المسائل الدينية، لا يورد مبطل، شبهة، عقلية ولا نقلية، في إحقاق باطل، أو رد حق، إلا وفي أدلة الله، من القواطع العقلية والنقلية، ما يذهب ذلك القول الباطل ويقمعه فإذا هو متبين بطلانه لكل أحد.

وهذا يتبين باستقراء المسائل، مسألة مسألة، فإنك تجدها كذلك، ثم قال:{ وَلَكُمْ ْ} أيها الواصفون الله، بما لا يليق به، من اتخاذ الولد والصاحبة، ومن الأنداد والشركاء، حظكم من ذلك، ونصيبكم الذي تدركون به{ الْوَيْلُ ْ} والندامة والخسران.ليس لكم مما قلتم فائدة، ولا يرجع عليكم بعائدة تؤملونها، وتعملون لأجلها، وتسعون في الوصول إليها، إلا عكس مقصودكم، وهو الخيبة والحرمان

وقوله- سبحانه-: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ إضراب عن إرادة اتخاذ اللهو، وإثبات لما تقتضيه ذاته- تعالى- مما يخالف ذلك.

والقذف: الرمي بسرعة. والاسم القذاف- ككتاب-، وهو سرعة السير، ومنه قولهم: ناقة قذاف- بكسر القاف- إذا كانت متقدمة على غيرها في السير.

ويدمغه: أى. يمحقه ويزيله. قال القرطبي: وأصل الدمغ شج الرأس حتى يبلغ الدماغ.

أى: ليس من شأننا أن نتخذ لهوا، وإنما الذي من شأننا وحكمتنا، أن نلقى بالحق الذي أرسلنا به رسلنا، على الباطل الذي تشبث به الفاسقون فَيَدْمَغُهُ أى: فيقهره ويهلكه ويزيله إزالة تامة.

والتعبير القرآنى البليغ، يرسم هذه السنة الإلهية في صورة حسية متحركة حتى لكأنما الحق قذيفة تنطلق بسرعة فتهوي على الباطل فتشق أم رأسه، فإذا هو زاهق زائل.

قال الآلوسى: وفي إذا الفجائية، والجملة الاسمية، من الدلالة على كمال المسارعة في الذهاب والبطلان مالا يخفى، فكأنه زاهق من الأصل .

وقوله- تعالى-: وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ وعيد شديد لأولئك الكافرين الذين نسبوا إلى الله- تعالى- مالا يليق به، ووصفوه بأن له صاحبة وولدا سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً.

أى: ولكم- أيها الضالون المكذبون- الويل والهلاك، من أجل وصفكم له- تعالى- بما لا يليق بشأنه الجليل.

وقوله : ( بل نقذف بالحق على الباطل ) أي : نبين الحق فيدحض الباطل; ولهذا قال : ( فيدمغه فإذا هو زاهق ) أي : ذاهب مضمحل ، ( ولكم الويل ) أي : أيها القائلون : لله ولد ، ( مما تصفون ) أي : تقولون وتفترون .

ثم أخبر تعالى عن عبودية الملائكة له ، ودأبهم في طاعته ليلا ونهارا

يقول تعالى ذكره: ولكن ننـزل الحق من عندنا، وهو كتاب الله وتنـزيله على الكفر به وأهله، فيدمغه، يقول: فيهلكه كما يدمغ الرجل الرجل بأن يشجه على رأسه شجة تبلغ الدماغ، وإذا بلغت الشجة ذلك من المشجوج لم يكن له بعدها حياة.

وقوله ( فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) يقول: فإذا هو هالك مضمحلٌ.

كما حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة ( فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) قال: هالك.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) قال: ذاهب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) والحقّ كتاب الله القرآن، والباطل: إبليس، فيدمغه فإذا هو زاهق: أي ذاهب.

وقوله ( وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) يقول: ولكم الويل من وصفكم ربكم بغير صفته، وقِيلكم إنه اتخذ زوجة وولدا، وفِريتكم عليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، إلا أن بعضهم قال: معنى تصفون تكذبون.

وقال آخرون: معنى ذلك: تشركون، وذلك وإن اختلفت به الألفاظ فمتفقة معانيه؛ لأن من وصف الله بأن له صاحبة فقد كذب في وصفه إياه بذلك، وأشرك به، ووصفه بغير صفته، غير أن أولى العبارات أن يُعَبر بها عن معاني القرآن أقربها إلى فهم سامعيه.

* ذكر من قال ما قلنا في ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) أي تكذبون.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ( وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) قال: تشركون وقوله عَمَّا يَصِفُونَ قال: يشركون قال: وقال مجاهد سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ قال: قولهَم الكذب في ذلك.

التدبر :

عمل
[18] لا توجدُ شبهةٌ دينيةٌ إلا ولها ما يردُّها ويبطلُها في القرآنِ أو السُّنَّةِ؛ فعليك بالعلمِ الشَّرعي ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ﴾.
وقفة
[18] ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ قد تتأخر ضربة الحق، لكنها لا تقع -إذا وقعت- إلا على دماغ الباطل فيخر صريعًا.
وقفة
[18] ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ لا تقاوم الباطل إلا بالحق، الحق فقط يدمغ الباطل.
وقفة
[18] ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ كلمة الحق قذيفة تمزق الباطل وتزهق أنفاسه، فلا يغرنك انتفاش باطلهم.
وقفة
[18] ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ إذا أردت أن تهزم الباطل وتمحوه فالزم الحق والعدل.
وقفة
[18] ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ مهما كان خصمك وضيعًا أو مبطلًا أو ظلومًا.
وقفة
[18] ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ وهذا عام في جميع المسائل الدينية؛ لا يورد مبطل شبهة عقلية ولا نقلية في إحقاق باطل، أو رد حق، إلا في أدلة الله من القواطع العقلية والنقلية ما يُذهِبُ ذلك القول الباطل، ويقمعه، فإذا هو متبين بطلانه لكل أحد.
وقفة
[18] ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ غلبة الحق ودحر الباطل سُنَّة إلهية.
وقفة
[18] ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ المؤمنون بالله لا يخالجهم الشك في صدق وعده في نصرة الحق، فإن ابتلاهم الله بغلبة الباطل حينًا من الدهر عرفوا أنها فتنة وابتلاء وأن ربهم يربيهم, لضعفهم ونقصهم.
وقفة
[18] ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ سوء الظن بالله واليأس والتشاؤم من ذلك الباطل الذي يدمغه نور الحق، ومن قال انتصر الباطل وهلك الناس فهو أهلكهم، وأبعدهم عن اليقين بوعد الله ونصره.
وقفة
[18] ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ مآل الباطل الزوال، ومآل الحق البقاء.
وقفة
[18] لا تشغل نفسك بمظهر اجتماع أهل الأهواء، ثق أنهم سيختلفون كما يختلف اللصوص، ركز على فضح مبادئهم ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾.
وقفة
[18] إن كانت معركتك مع أهل الباطل ﻷجلك أنت فلك أن تخاف، وإن كانت معركتك معهم ﻷجل الحق فإن حسبك الله ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾.
وقفة
[18] ما من شبهة باطلة إلا وفي كتاب الله من الأدلة القاطعة ما يدمغها ويزهقها ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾.
وقفة
[18] عُرف عن شيخ الإسلام ابن تيمية نظرته الإيمانية التفاؤلية في أشد الأحوال والنوازل، سواء في تعامله مع قضايا عصره أو في تقريراته، ومن ذلك قوله في الفتاوى [٥٧/٢٨]: «ومن سنة الله: أنه إذا أراد إظهار دينه أقام من يعارضه؛ فيحق الحق بكلماته، ويقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق» ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾.
وقفة
[18] هذا منهج إلهي مطرد، وسنة ربانية جارية تجاه كل جبار ومفسد في الأرض، تدبر هذه الآيات وأمثالها تدرك حقيقة: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس: 81]، ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾ [الأعراف: 152]، ﴿بلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾، فلِم الانهزام أمام الباطل؟ ﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء: 81].
وقفة
[18] ﴿بَل نَقذِفُ بِالحَقِّ عَلَى الباطِلِ فَيَدمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ﴾ لن يكون هذا سهلًا ويسيرًا، فالكلمات (نقذف، يدمغه، زاهق) توحى بأن دفع الحق للباطل لن يكون بالأمر الهين؛ ولكنه آتٍ آتٍ.
وقفة
[18] ﴿وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ﴾ يا معشر الكفار ﴿مِمَّا تَصِفُونَ﴾ الله بما لا يليق به من الصاحبة والولد.
تفاعل
[18] ﴿وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ:
  • بل: حرف استئناف للاضراب عن اتخاذ اللهو واللعب وتنزيه منه لذاته سبحانه وتعالى. نقذف: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. بمعنى: نرمي. بالحق: جار ومجرور متعلق بنقذف.
  • ﴿ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ:
  • جار ومجرور متعلق بنقذف. فيدمغه: الفاء عاطفة. يدمغه: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء ضمير الغائب مبني على الضم في محل نصب مفعول به. ويجوز ان يكون الجار والمجرور «على الباطل» متعلقا بحال محذوفة من «الحق» بمعنى فيمحقه او يشجه حتى تبلغ الشجة الدماغ بمعنى: فيكسر دماغه. وفي هذا التعبير الكريم مبالغة بديعة في اهلاك الباطل.
  • ﴿ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ:
  • الفاء استئنافية. اذا: حرف فجاءة لا محل له من الاعراب. هو: ضمير الغائب في محل رفع مبتدأ. زاهق: خبر «هو» مرفوع بالضمة. بمعنى هالك. والجملة الاسمية هُوَ زاهِقٌ» استئنافية لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَلَكُمُ الْوَيْلُ:
  • الواو استئنافية. لكم: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم.والميم علامة جمع الذكور. الويل: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. بمعنى ولكم العذاب. وقيل: الويل: اسم واد في جهنم. وقيل الهلاك.
  • ﴿ مِمّا تَصِفُونَ:
  • اصلها «من» حرف جر. و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بما في «الويل» من معنى. تصفون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «تصفون» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد الى الموصول ضمير منصوب المحل لانه مفعول به.التقدير: مما تصفونه به مما لا يجوز عليه سبحانه وعلى حكمته ويجوز ان تكون «ما» مصدرية. فتكون «ما» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بمن. التقدير: من وصفكم اياه به. وجملة «تصفون» صلة «ما» المصدرية لا محل لها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد تنزيه الله عز و جل عن اللعب والعبث؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن ما يليق به هو دحض الباطل بالحق، ثم هَدَّدَ المشركين، قال تعالى:
﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فيدمغه:
وقرئ:
بنصب الغين، وهى قراءة عيسى بن عمر.

مدارسة الآية : [19] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ..

التفسير :

[19] ولله سبحانه كل مَن في السموات والأرض، والذين عنده من الملائكة لا يأنَفُون عن عبادته ولا يملُّونها. فكيف يجوز أن يشرك به ما هو عبده وخلقه؟

أخبر أنه له ملك السماوات والأرض وما بينهما، فالكل عبيده ومماليكه، فليس لأحد منهم ملك ولا قسط من الملك، ولا معاونة عليه، ولا يشفع إلا بإذن الله، فكيف يتخذ من هؤلاء آلهة وكيف يجعل لله منها ولد؟! فتعالى وتقدس، المالك العظيم، الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الصعاب، وخشعت له الملائكة المقربون، وأذعنوا له بالعبادة الدائمة المستمرة أجمعون، ولهذا قال:{ وَمَنْ عِنْدَهُ ْ} أي من الملائكة{ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ْ} أي:لا يملون ولا يسأمونها، لشدة رغبتهم، وكمال محبتهم، وقوة أبدانهم.

وقوله- تعالى-: وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ استئناف مؤكد لما قبله من أن جميع المخلوقات خاضعة لقدرته- تعالى-.

أى: وله وحده- سبحانه- جميع من في السموات والأرض، خلقا، وملكا، وتدبيرا، وتصرفا وإحياء، وإماتة، لا يخرج منهم أحد عن علمه وقدرته- عز وجل-.

ثم بين- سبحانه- نماذج من عباده الطائعين له، بعد أن حكى أقوال أولئك الضالين، فقال: وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ.

والاستحسار: الكلل والتعب. يقال: حسر البصر يحسر حسورا- من باب قعد- إذا تعب من طول النظر، ومنه قوله- تعالى-: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ أى: كليل متعب.

أى: ومن عنده من مخلوقاته وعلى رأسهم الملائكة المقربون، لا يستكبرون عن عبادته- سبحانه- بل يخضعون له خضوعا تاما وَلا يَسْتَحْسِرُونَ أى: ولا يكلون ولا يتعبون.

فقال : ( وله من في السماوات والأرض ومن عنده ) يعني : الملائكة ، ( لا يستكبرون عن عبادته ) أي : لا يستنكفون عنها ، كما قال : ( لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا ) [ النساء : 172 ] .

وقوله : ( ولا يستحسرون ) أي : لا يتعبون ولا يملون .

يقول تعالى ذكره: وكيف يجوز أن يتخذ الله لهوا، وله ملك جميع من في السماوات والأرض، والذين عنده من خلقه لا يستنكفون عن عبادتهم إياه ولا يَعْيَون من طول خدمتهم له، وقد علمتم أنه لا يستعبد والد ولده ولا صاحبته، وكل من في السماوات والأرض عبيده، فأنى يكون له صاحبة وولد: يقول: أولا تتفكرون فيما تفترون من الكذب على ربكم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ) لا يرجعون.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ) لا يحسرون.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله ( وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ) قال: لا يُعيون.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، قوله: ( وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ) قال: لا يعيون.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ) قال: لا يستحسرون، لا يملُّون ذلك الاستحسار، قال: ولا يفترون، ولا يسأمون ، هذا كله معناه واحد والكلام مختلف، وهو من قولهم: بعير حَسِير: إذا أعيا وقام؛ ومنه قول علقمة بن عبدة:

بِهـا جِـيفُ الحَسْـرَى فأمَّـا عِظامُها

فَبِيــضٌ, وأمَّــا جِلْدُهـا فَصَلِيـبُ (1)

------------------------

الهوامش :

(1) البيت لعلقمة بن عبدة التميمي ، من قصيدة له يمدح بها الحارث بن أبي الحارث بن أبي شمر الغساني ( مختار الشعر الجاهلي ، بشرح مصطفى السقا ، طبعة مصطفى البابي الحلبي ، ص 421 ، وهو البيت العشرون في القصيدة ) والحسرى : جمع حسير من الدواب ، وهو الذي كل من من المسير ، فمات إعياء . وصليب : يابس لم يدبغ . والضمير في ( بها ) راجع إلى المغارة التي سلكها ، فوجد فيها بقايا الدواب التي سارت فيها من قبل ، من عظام وجلود .

التدبر :

عمل
[19] حدد اليوم أحد العباد الصالحين وحاول أن تقتدي به في بعض عبادته ﴿وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ﴾.
وقفة
[19] ﴿وَمَنْ عِندَهُۥ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِۦ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ﴾ والمراد: لا يمنعهم عن العبادة استكبار ولا ملل, ومن لطائف الآية أنها جمعت موانع العبادة, إذ إن موانع العبادة عند الكافرين والمؤمنين ترجع لأمرين: استكبار عند الكافرين, وملل عند المؤمنين.
وقفة
[19] ﴿وَمَنْ عِندَهُ﴾ أي: من الملائكة، ﴿لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ﴾ أي: لا يملون، ولا يسأمونها؛ لشدة رغبتهم، وكمال محبتهم، وقوة أبدانهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ:
  • الواو استئنافية. له: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر مقدم. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. في السموات: جار ومجرور متعلق بفعل مضمر تقديره «استقر» والجملة الفعلية «استقر في السموات والارض» صلة الموصول لا محل لها بمعنى وله كل من فيهما خلقا وملكا.
  • ﴿ وَالْأَرْضِ وَمَنْ:
  • معطوفة بالواو على «السموات» مجرورة مثلها. ومن: معطوفة بالواو على «من» الاولى وهي في محل رفع مثلها.
  • ﴿ عِنْدَهُ:
  • ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بفعل مضمر ايضا تقديره استقر. والجملة الفعلية «استقر عنده» صلة الموصول لا محل لها. اي ومن عنده من الملائكة.
  • ﴿ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال او في محل رفع خبر ثان للمبتدإ الاول «من» ويجوز ان تكون خبرا للمبتدإ «من» الثاني. وتكون واو «من» استئنافية. عن عبادته: جار ومجرور متعلق بيستكبرون والهاء ضمير متصل في محل جر للتعظيم مضاف اليه.
  • ﴿ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ:
  • معطوفة بالواو على لا يَسْتَكْبِرُونَ» وتعرب اعرابها. بمعنى: ولا يكلون عن العبادة. والاستحسار ابلغ من الحسور وهو الاعياء والتعب واعرابها: لا: نافية لا عمل لها. يستكبرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

الأعراف: 206﴿إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ
الأنبياء: 19﴿وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     وبعد أن هَدَّدَ اللهُ عز و جل المشركين؛ بَيَّنَ هنا غناه عن طاعتِهم لأنَّه مالكُ السماواتِ والأرضِ، ثم ذَكَرَ نماذج من عباده الطائعين له، قال تعالى :
﴿ وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ

التفسير :

[20] يذكرون الله وينزِّهونه دائماً، لا يَضْعُفون ولا يسأمون.

{ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ْ} أي:مستغرقين في العبادة والتسبيح في جميع أوقاتهم فليس في أوقاتهم وقت فارغ ولا خال منها وهم على كثرتهم بهذه الصفة، وفي هذا من بيان عظمته وجلالة سلطانه وكمال علمه وحكمته، ما يوجب أن لا يعبد إلا هو، ولا تصرف العبادة لغيره.

بل هم يُسَبِّحُونَ الله- تعالى- ويحمدونه ويكبرونه. طوال الليل والنهار بدون فتور أو تراخ أو تقصير. يقال: فتر فلان عن الشيء يفتر فتورا، إذا سكن بعد حدة، ولان بعد شدة، ويقال: فتر الماء- من باب قعد- إذا سكن حره فهو فاتر.

قالوا: وذلك لأن تسبيح الملائكة لله- تعالى- يجرى منهم مجرى التنفس منا، فهو سجية وطبيعة فيهم وكما أن اشتغالنا لا يمنعنا من الكلام، فكذلك اشتغالهم بالتسبيح لا يمنعهم من سائر الأعمال .

وبعد أن بين- سبحانه- أن من مخلوقاته من يقوم بتسبيحه وعبادته بدون انقطاع أو فتور، أتبع ذلك بتوبيخ المشركين وبإقامة الأدلة على وحدانيته، واستحالة أن يكون هناك من يشاركه في ألوهيته فقال- تعالى-:

( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) فهم دائبون في العمل ليلا ونهارا ، مطيعون قصدا وعملا قادرون عليه ، كما قال تعالى : ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) [ التحريم : 6 ] .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن أبي دلامة البغدادي ، أنبأنا عبد الوهاب بن عطاء ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن صفوان بن محرز ، عن حكيم بن حزام قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ، إذ قال لهم : " هل تسمعون ما أسمع؟ " قالوا : ما نسمع من شيء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأسمع أطيط السماء ، وما تلام أن تئط ، وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم " . غريب ولم يخرجوه .

ثم رواه ابن أبي حاتم من طريق يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة مرسلا .

وقال أبو إسحاق ، عن حسان بن مخارق ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : جلست إلى كعب الأحبار وأنا غلام ، فقلت له : أرأيت قول الله [ للملائكة ] ( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) أما يشغلهم عن التسبيح الكلام والرسالة والعمل؟ . فقال : فمن هذا الغلام؟ فقالوا : من بني عبد المطلب ، قال : فقبل رأسي ، ثم قال لي : يا بني ، إنه جعل لهم التسبيح ، كما جعل لكم النفس ، أليس تتكلم وأنت تتنفس وتمشي وأنت تتنفس؟ .

يقول تعالى ذكره: يسبح هؤلاء الذين عنده من ملائكة ربهم الليل والنهار لا يفترون من تسبيحهم إياه.

كما حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا حميد، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن أبيه أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله: ( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ ) و ( يسبحون الليل والنهار لا يسأمون) (2) فقال: هل يئودك طرفك؟ هل يَئُودك نَفَسُك؟ قال: لا قال: فإنهم ألهموا التسبيح كما ألهمتم الطَّرْف والنَّفَس.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني أبو معاوية، عن أبي إسحاق الشيباني، عن حسان بن مخارق، عن عبد الله بن الحارث، قال: قلت: لكعب الأحبار ( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ ) أما يشغلهم رسالة أو عمل؟ قال: يا بن أخي إنهم جُعل لهم التسبيح، كما جُعل لكم النفس، ألست تأكل وتشرب وتقوم وتقعد وتجيء وتذهب وأنت تنفَّس؟ قلت: بلى قال: فكذلك جُعل لهم التسبيح.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن وأبو داود، قالا ثنا عمران القطان، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن عمرو البكالي، عن عبد الله بن عمر، قال: إن الله خلق عشرة أجزاء، فجعل تسعة أجزاء الملائكة ، وجزءا سائر الخلق، وجزأ الملائكة عشرة أجزاء، فجعل تسعة أجزاء يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وجزءا لرسالته، وجزأ الخلق عشرة أجزاء، فجعل تسعة أجزاء الجنّ، وجزءا سائر بني آدم، وجزأ بني آدم عشرة أجزاء، فحمل يأجوج ومأجوج تسعة أجزاء وجزءا سائر بني آدم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله ( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ ) يقول: الملائكة الذين هم عند الرحمن لا يستكبرون عن عبادته، ولا يسأمون فيها.

وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس مع أصحابه، إذ قال: " تَسْمَعُونَ ما أسْمَعُ؟ قالوا: ما نسمع من شيء يا نبيّ الله، قال: إنّي لأسْمَعُ أطِيطَ السَّماءِ، وما تُلامُ أنْ تَئِطَّ ولَيْسَ فِيها مَوْضِعُ رَاحَةٍ إلا وفِيهِ مَلَكٌ ساجِدٌ أوْ قائمٌ".

------------------------

الهوامش :

(2) التلاوة " يسبحون له بالليل والنهار وهم " . . إلخ .

التدبر :

وقفة
[20] ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ مُستغرِقِين في العِبادةِ والتَّسبيحِ في جميعِ أوقاتِهِم، فليس في أوقاتِهِم وقتٌ فارغٌ.
تفاعل
[20] ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ سَبِّح الله الآن.
عمل
[20] ﴿يُسَبِّحُونَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ قل عشر مرات في الصباح ومثلها في المساء: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير».
عمل
[20] ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ السماء مكتظة بالتسابيح، رافق بصوتك تراتيل الكون، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
وقفة
[20] ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ قال عبد الله بن الحرث: «سألت كعبًا، فقلت: أما لهم شغل عن التسبيح؟ أما يشغلهم عنه شيء؟ فقال: يا ابن أخي هل يشغلك شيء عن النفس؟ إن التسبيح لهم بمنزلة النفس».
وقفة
[20] ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ في جميع القرآن يتقدم الليل على النهار، لأن اليوم الأصل فيه يبدأ بالليل ، وذلك من آذان المغرب تحديدًا ، فالليلة تلحق بما بعدها من النهار ، فيقال مثلا هذه ليلة الأربعاء .
لمسة
[20] ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ قال: (اللَّيْلَ) وليس (ليلًا)؛ ففي اللغة إذا عرّفت بـ (ال) استغرقته، يعني لما تقول: (حدثته الليل)؛ يعني كل الليل، لكن: (حدثته ليلًا)؛ يعني جزء من الليل، (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) أي طول الليل والنهار، وأكدها بقوله: (لَا يَفْتُرُونَ).
عمل
[20] ﴿يُسَبِّحُونَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ حافظ على أذكار الصباح والمساء.
وقفة
[20] الملائكة: ﴿يُسَبِّحُونَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾، أكثر ذكر الملائكة تسبيح (التسبيح ذكر ملائكي).
لمسة
[20] تأمل كيف قال تعالى: ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾، ولم يقل: (يسبحون في الليل)؛ لأن تسبيحهم مستمر في كل آن ولحظة، ولو كان التسبيح في بعض الآنات لقال: (في الليل والنهار) لأنهم يلهمون التسبيح كما نلهم نحن النَفَس.
وقفة
[20] قال الله عن الملائكة ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ أعطوا التسبيح وأعطينا القرآن.

الإعراب :

  • ﴿ يُسَبِّحُونَ:
  • خبر ثان للمبتدإ «من» الواردة في الآية الكريمة السابقة. والجملة في محل رفع وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعولها لوجود ما يدل عليه اي بتقدير: يسبحونه. بمعنى: ينزهونه سبحانه.
  • ﴿ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ:
  • ظرف زمان متعلق بيسبحون منصوب على الظرفية بالفتحة. والنهار: معطوفة بالواو على «الليل» منصوبة مثلها وتعرب اعرابها
  • ﴿ لا يَفْتُرُونَ:
  • لا: نافية لا عمل لها. يفترون: تعرب اعراب «يسبحون» بمعنى: لا يضعفون ولا يقصرون في عبادته سبحانه.'

المتشابهات :

الأنبياء: 20﴿ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ
فصلت: 38﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ عز و جل نماذج من عباده الطائعين له؛ بَيَّنَ هنا كيف يعبدون ربهم؟ قال تعالى:
﴿ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [21] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ ..

التفسير :

[21] كيف يصح للمشركين أن يتخذوا آلهة عاجزة من الأرض لا تقدر على إحياء الموتى؟

لما بيَّن تعالى كمال اقتداره وعظمته، وخضوع كل شيء له، أنكر على المشركين الذين اتخذوا من دون الله آلهة من الأرض، في غاية العجز وعدم القدرة{ هُمْ يُنْشِرُونَ ْ} استفهام بمعنى النفي، أي:لا يقدرون على نشرهم وحشرهم، يفسرها قوله تعالى:{ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ْ}{ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ* لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ ْ} فالمشرك يعبد المخلوق، الذي لا ينفع ولا يضر، ويدع الإخلاص لله، الذي له الكمال كله وبيده الأمر والنفع والضر، وهذا من عدم توفيقه، وسوء حظه، وتوفر جهله، وشدة ظلمه، فإنه لا يصلح الوجود، إلا على إله واحد، كما أنه لم يوجد، إلا برب واحد.

قال الإمام الرازي: اعلم أن الكلام من أول السورة إلى هنا كان في النبوات وما يتصل بها من الكلام سؤالا وجوابا، وأما هذه الآيات فإنها في بيان التوحيد ونفى الأضداد والأنداد..» .

والاستفهام في قوله أَمِ اتَّخَذُوا.. للإنكار والتوبيخ. وقوله: يُنْشِرُونَ من النشر بمعنى الإحياء والبعث. يقال: أنشر الله- تعالى- الموتى: إذا بعثهم بعد موتهم.

والمعنى: إن هؤلاء الضالين قد أشركوا مع الله- تعالى- آلهة أخرى في العبادة، فهل هذه الآلهة التي اتخذوها تستطيع أن تعيد الحياة إلى الأموات؟

كلا إنها لا تستطيع ذلك بإقرارهم ومشاهدتهم، ومادام الأمر كذلك فكيف أباحوا لأنفسهم أن يتخذوا آلهة لا تستطيع أن تفعل شيئا من ذلك أو من غيره؟

إن اتخاذهم هذا لمن أكبر الأدلة وأوضحها على جهالاتهم وسفاهاتهم وسوء تفكيرهم.

قال صاحب الكشاف ما ملخصه: فإن قلت: كيف أنكر عليهم اتخاذ آلهة تنشر. وما كانوا يدّعون ذلك لآلهتهم، لأنهم كانوا ينكرون البعث أصلا ويقولون: من يحيى العظام وهي رميم؟ قلت: الأمر كما ذكرت ولكنهم بادعائهم لها الإلهية، يلزمهم أن يدعوا لها الإنشار، لأنه لا يستحق هذا الاسم إلا القادر على كل مقدور، والإنشار من جملة المقدورات. وفيه باب من التهكم بهم، والتوبيخ والتجهيل، وإشعار بأن ما استبعدوه من الله- تعالى- لا يصح استبعاده، لأن الإلهية لما صحت صح معها الاقتدار على الإبداء والإعادة .

وقوله- سبحانه- مِنَ الْأَرْضِ متعلق باتخذوا، و «من» ابتدائية، أى: اتخذوها من أجزاء الأرض كالحجارة وما يشبهها، ويجوز أن يكون الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة للآلهة، أى: اتخذوا آلهة كائنة من الأرض.. وعلى كلا التقديرين فالمراد بهذا التعبير التحقير والتجهيل.

ينكر تعالى على من اتخذ من دونه آلهة ، فقال : بل ( اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون ) أي : أهم يحيون الموتى وينشرونهم من الأرض؟ أي : لا يقدرون على شيء من ذلك . فكيف جعلوها لله ندا وعبدوها معه .

ثم أخبر تعالى أنه لو كان في الوجود آلهة غيره لفسدت السماوات الأرض

وقوله ( أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ ) يقول تعالى ذكره: أتخذ هؤلاء المشركون آلهة من الأرض هم ينشرون: يعني بقوله هم : الآلهة، يقول: هذه الآلهة التي اتخذوها تنشر الأموات، يقول: يحيون الأموات، وينشرون الخلق، فإن الله هو الذي يحيي ويميت.

كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثني عيسى " ح " وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (يُنْشِرُونَ) يقول: يُحيون.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ ) يقول: أفي آلهتهم أحد يحيي ذلك ينشرون، وقرأ قول الله قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ... إلى قوله ( مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ).

التدبر :

وقفة
[21] ﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ﴾ ووصف الآلهة بأنها من الأرض تهكم بالمشركين، وإظهار لأفن رأيهم، أي: جعلوا لأنفسهم آلهة من عالَم الأرض، أو مأخوذة من أجزاء الأرض من حجارة، أو خشب؛ تعريضًا بأن ما كان مثلَ ذلك لا يستحق أن يكون معبودًا.
وقفة
[21] ﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ﴾ تفرد الله بالخلق والإيجاد، وتقدس عن الأمثال والأنداد، فمقصود الاستفهام هنا الإنكار والاستهزاء، فهل آلهتهم التي يعبدونها تحيي الأموات، حتى يلتبس عليهم الأمر؟ تعلموا الحوار المنطقي والجدال بالحسنى.

الإعراب :

  • ﴿ أَمِ:
  • حرف عطف بمعنى «بل» وهي منقطعة لانها مسبوقة بهمزة تسوية او استفهام. والهمزة بعدها قد آذنت بالاضراب عما قبلها والانكار لما بعدها. وكسرت الميم لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ اتَّخَذُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. اي اتخذوا لهم.
  • ﴿ آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. من الارض: جار ومجرور متعلق باتخذوا او بصفة محذوفة من آلهة.
  • ﴿ هُمْ يُنْشِرُونَ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب صفة-نعت-لآلهة. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. ينشرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل ومفعوله محذوف بتقدير: ينشرون الموتى. والجملة الفعلية «ينشرون» في محل رفع خبر المبتدأ «هم» بمعنى: أم اتخذوا لهم آلهة من الارض محتقرين. لهم قدرة على احياء الموتى كما يحييها الله سبحانه بل هم لا يعقلون فكيف ينشرون الموتى؟ أي يبعثونهم بعد الموت؟'

المتشابهات :

الأنبياء: 21﴿ أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ
الأنبياء: 24﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ عز و جل كمالَ اقتدارِه وعَظَمتِه، وخضوعَ كُلِّ شَيءٍ له؛ أنكَرَ هنا على المُشرِكينَ الَّذينَ اتَّخَذوا مِن دونِ اللهِ آلِهةً مِن الأرضِ في غايةِ العَجزِ وعَدَمِ القُدرةِ، قال تعالى:
﴿ أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ينشرون:
1- مضارع «أنشر» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مضارع، «نشر» ، وهى قراءة الحسن، ومجاهد.

مدارسة الآية : [22] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا ..

التفسير :

[22] لو كان في السموات والأرض آلهة غير الله سبحانه وتعالى تدبِّر شؤونهما، لاختلَّ نظامهما، فتنزَّه الله رب العرش، وتقدَّس عَمَّا يصفه الجاحدون الكافرون، من الكذب والافتراء وكل نقص.

ولهذا قال:{ لَوْ كَانَ فِيهِمَا ْ} أي:في السماوات والأرض{ آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ْ} في ذاتهما، وفسد من فيهما من المخلوقات.

وبيان ذلك:أن العالم العلوي والسفلي، على ما يرى، في أكمل ما يكون من الصلاح والانتظام، الذي ما فيه خلل ولا عيب، ولا ممانعة، ولا معارضة، فدل ذلك، على أن مدبره واحد، وربه واحد، وإلهه واحد، فلو كان له مدبران وربان أو أكثر من ذلك، لاختل نظامه، وتقوضت أركانه فإنهما يتمانعان ويتعارضان، وإذا أراد أحدهما تدبير شيء، وأراد الآخر عدمه، فإنه محال وجود مرادهما معا، ووجود مراد أحدهما دون الآخر، يدل على عجز الآخر، وعدم اقتداره واتفاقهما على مراد واحد في جميع الأمور، غير ممكن، فإذًا يتعين أن القاهر الذي يوجد مراده وحده، من غير ممانع ولا مدافع، هو الله الواحد القهار، ولهذا ذكر الله دليل التمانع في قوله:{ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ْ}

ومنه - على أحد التأويلين - قوله تعالى:{ قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا* سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ْ} ولهذا قال هنا:{ فَسُبْحَانَ اللَّهِ ْ} أي:تنزه وتقدس عن كل نقص لكماله وحده،{ رَبُّ الْعَرْشِ ْ} الذي هو سقف المخلوقات وأوسعها، وأعظمها، فربوبيةما دونه من باب أولى،{ عَمَّا يَصِفُونَ ْ} أي:الجاحدون الكافرون، من اتخاذ الولد والصاحبة، وأن يكون له شريك بوجه من الوجوه.

ثم ساق- سبحانه- دليلا عقليا مستمدا من واقع هذا الكون فقال: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا.

أى: لو كان في السموات والأرض آلهة أخرى سوى الله- تعالى-، تدبر أمرهما، لفسدتا ولخرجتا عن نظامهما البديع، الذي لا خلل فيه ولا اضطراب.

وذلك لأن تعدد الآلهة يلزمه التنازع والتغالب بينهم.. فيختل النظام لهذا الكون، ويضطرب الأمر، ويعم الفساد في هذا العالم.

ولما كان المشاهد غير ذلك إذ كل شيء في هذا الكون يسير بنظام محكم دقيق دل الأمر على أن لهذا الكون كله، إلها واحدا قادرا حكيما لا شريك له.

قال صاحب الكشاف: «والمعنى لو كان يتولاهما ويدبر أمرهما آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما لفسدتا.

وفيه دلالة على أمرين: أحدهما: وجوب أن لا يكون مدبرهما إلا واحدا.

الثاني: أن لا يكون ذلك الواحد إلا إياه وحده، لقوله إِلَّا اللَّهُ.

فإن قلت: لم وجب الأمران؟ قلت: لعلمنا أن الرعية تفسد بتدبير الملكين لما يحدث بينهما من التغالب والتناكر والاختلاف.

قال عبد الملك بن مروان حين قتل عمرو بن سعيد الأشدق: كان والله أعز على من دم ناظري. ولكن لا يجتمع فحلان في شول- أى: في عدد مع النياق- .

وقوله- تعالى-: فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ تنزيه لله- تعالى- عما قاله الجاهلون في شأنه- عز وجل-.

أى: فتنزيها لله وتقديسا وتبرئة لذاته عن أن يكون له شريك في ألوهيته، وجل عما وصفه به الجاهلون.

فقال ( لو كان فيهما آلهة ) أي : في السماء والأرض ، ( لفسدتا ) ، كقوله تعالى : ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون ) [ المؤمنون : 91 ] ، وقال هاهنا : ( فسبحان الله رب العرش عما يصفون ) أي : عما يقولون إن له ولدا أو شريكا ، سبحانه وتعالى وتقدس وتنزه عن الذي يفترون ويأفكون علوا كبيرا .

يقول تعالى ذكره: لو كان في السماوات والأرض آلهة تصلح لهم العبادة سوى الله الذي هو خالق الأشياء، وله العبادة والألوهية التي لا تصلح إلا له (لَفَسَدَتا) يقول: لفسد أهل السماوات والأرض ( فسبحان الله رب العرش عما يصفون ) يقول جل ثناؤه: فتنـزيه لله وتبرئة له مما يفتري به عليه هؤلاء المشركون به من الكذب.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) يسبح نفسه إذ قيل عليه البهتان.

التدبر :

وقفة
[22] ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا﴾ ولم يقل: (لعدمتا)، إذ هو قادر على أن يبقيها على وجه الفساد لكن لن تكون صالحة إلا أن يعبد الله وحده.
وقفة
[22] ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا﴾ إبطال عقيدة الشرك بدليل التَّمَانُع.
وقفة
[22] ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا﴾ هذا هو الدليل العقلي القاطع على الوحدانية.
وقفة
[22] ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا﴾ تفسد السماوات والأرض ان كان فيهما آلهة غير الله! فكيف بِقَلْب صغير اذا كان فيه آلهة غير الله ؟
وقفة
[22] ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا﴾ (إِلَّا اللَّـهُ) إلا هنا ليست أداة استثناء، بل هي اسم بمعنى غير، لأنه لو قلنا أنه استثناء فقد أثبتنا وجود آلهة أخرى غير الله عز وجل، وهذا لا يصح ، فيكون المعنى: (لو كان فيهما آلهة موصوفة بأنها غير الله لفسدتا، فامتنع اثبات الشريك).
وقفة
[22] كما أن السماوات والأرض لو كان فيهما آلهة غيره سبحانه لفسدتا، كما قال تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا﴾، فكذلك القلب إذا كان فيه معبود غير الله تعالى فسد فسادًا لا يرجى صلاحه؛ إلا بأن يخرج ذلك المعبود منه، ويكون الله تعالى وحده إلهه ومعبوده الذي يحبه ويرجوه ويخافه، ويتوكَّل عليه وينيب إليه.
وقفة
[22] ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّـهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ فاقتضى الكلام أمرين: أحدهما نفي كثرة الآلهة، ووجوب أن يكون الإله واحدًا، والأمر الثاني: أن يكون ذلك الواحد هو الله دون غيره.
تفاعل
[22] ﴿فَسُبْحَانَ اللَّـهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ سَبِّح الله الآن.

الإعراب :

  • ﴿ لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ:
  • لو: حرف شرط‍ غير جازم. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. فيهما: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» المقدم. الميم: عماد. والالف علامة التثنية لا محل له. آلهة: اسم «كان» المؤخر مرفوع بالضمة. ويجوز ان تكون «كان» فعلا تاما بمعنى «وجد» اي حصل من العدم فيكون الجار والمجرور «فيهما» متعلقا بكان. و «آلهة» فاعل «كان» مرفوعا بالضمة.
  • ﴿ إِلاَّ اللهُ:
  • الكلمتان بمثابة كلمة واحدة بمعنى «غير الله»، «سوى الله» لان «إلا» هنا حرف وصفي لا استثناء ويعتبر هو والاسم الذي بعده كلمة واحدة. و إِلاَّ اللهُ» في محل رفع صفة-نعت-لآلهة.
  • ﴿ لَفَسَدَتا:
  • ا لجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. اللام واقعة في جواب «لو».فسدتا: فعل ماض مبني على الفتح. التاء تاء التأنيث لا محل لها. والالف ضمير الاثنين في محل رفع فاعل.
  • ﴿ فَسُبْحانَ اللهِ:
  • الفاء استئنافية للتعليل. سبحان: مفعول مطلق-مصدر- منصوب بفعل محذوف تقديره «أسبح» وهو مضاف. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ رَبِّ الْعَرْشِ:
  • تعرب اعراب «مما تصفون» الواردة في الآية الكريمة الثامنة عشرة. والجار والمجرور متعلق بسبحانه. التقدير: فسبحان الله رب العرش عن وصفهم أي أنزهه سبحانه عن وصفهم.'

المتشابهات :

الصافات: 180﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ
الأنبياء: 22﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّـهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ
الزخرف: 82﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     وبعد الإنكار على المشركين؛ أقام اللهُ عز و جل هنا الدليل العقلي على بطلان تعدد الآلهة، قال تعالى:
﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ ..

التفسير :

[23] إن من دلائل تفرُّده سبحانه بالخلق والعبادة أنه لا يُسأل عن قضائه في خلقه، وجميع خلقه يُسألون عن أفعالهم.

{ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ْ} لعظمته وعزته، وكمال قدرته، لا يقدر أحد أن يمانعه أو يعارضه، لا بقول، ولا بفعل، ولكمال حكمته ووضعه الأشياء مواضعها، وإتقانها، أحسن كل شيء يقدره العقل، فلا يتوجه إليه سؤال، لأن خلقه ليس فيه خلل ولا إخلال.

{ وَهُمْ ْ} أي:المخلوقين كلهم{ يُسْأَلُونَ ْ} عن أفعالهم وأقوالهم، لعجزهم وفقرهم، ولكونهم عبيدا، قد استحقت أفعالهم وحركاتهم فليس لهم من التصرف والتدبير في أنفسهم، ولا في غيرهم، مثقال ذرة.

وقوله- تعالى-: لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ تأكيد لوحدانيته وقدرته- سبحانه- أى: لا يسأله سائل- سبحانه- عما يفعله بعباده من إعزاز وإذلال. وهداية وإضلال، وغنى وفقر، وصحة ومرض، وإسعاد وإشقاء.. لأنه هو الرب المالك المتصرف في شئون خلقه، وهم يسألون يوم القيامة عن أعمالهم وأقوالهم لأنهم عبيده، وقد أرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين، فمنهم من اتبع الرسل فسعد وفاز، ومنهم من استحب العمى على الهدى فشقي وهلك.

وقوله : ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) أي : هو الحاكم الذي لا معقب لحكمه ، ولا يعترض عليه أحد ، لعظمته وجلاله وكبريائه ، وعلوه وحكمته وعدله ولطفه ، ( وهم يسألون ) أي : وهو سائل خلقه عما يعملون ، كقوله : ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) [ الحجر : 92 ، 93 ] وهذا كقوله تعالى : ( وهو يجير ولا يجار عليه ) [ المؤمنون : 88 ] .

يقول تعالى ذكره: لا سائل يسأل رب العرش عن الذي يفعل بخلقه من تصريفهم فيما شاء من حياة وموت وإعزاز وإذلال، وغير ذلك من حكمه فيهم؛ لأنهم خلقه وعبيده، وجميعهم في ملكه وسلطانه، والحكم حكمه، والقضاء قضاؤه، لا شيء فوقه يسأله عما يفعل فيقول له: لم فعلت؟ ولمَ لم تفعل؟( وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: وجميع من في السماوات والأرض من عباده مسئولون عن أفعالهم، ومحاسبون على أعمالهم، وهو الذي يسألهم عن ذلك ويحاسبهم عليه، لأنه فوقهم ومالكهم، وهم في سلطانه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) يقول: لا يسأل عما يفعل بعباده، وهم يسألون عن أعمالهم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قوله ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) قال: لا يسأل الخالق عن قضائه في خلقه، وهو يسأل الخلق عن عملهم.

حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) قال: لا يسأل الخالق عما يقضي في خلقه، والخلق مسئولون عن أعمالهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[23] ﴿لَا يُسْـَٔلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـَٔلُونَ﴾ استدل به أهل السنة على أن أفعال الله تعالي وأحكامه لا تعلل.
وقفة
[23] ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ لا يسأله الخلق عن قضائه في خلقه، وهو يسأل الخلق عن عملهم؛ لأنهم عبيد.
وقفة
[23] ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ لا يسأل لكمال علمه، فله العلم المطلق الذي لا يغيب عنه شی، ولكمال حكمته، فلا يتوجه إليه بسؤال فيه شك أو اعتراض، ولكمال قدرته، فلا يقدر على معارضته أحد.
وقفة
[23] ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ يسأل الطفل والديه: كيف جئت إلى الدنيا؟ ومهما حاول والده الشرح، ومهما كانت صراحتهما، فلا يستطيع الطفل فهم وإدراك الحقيقة إدراكًا كاملًا لوجود فارق بين علم الطفل وإدراكه وعلم الوالدين وإدراكهما، فإذا كان هذا حال طفل صغير، مع أن الفارق بين العلمين ليس كبيرًا، فما بالك بالفارق بين علم الله اللا محدود وحكمته المطلقة، وعلم الإنسان المحدود وحكمته القاصرة؟
وقفة
[23] ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ لا لمجرد قدرتِه وقهْره، بَل لِكمَال عِلمه وَقدرتِه ورحمته وَحِكمَته، فَإِنه سبْحانَه وَتعَالَى أَحْكَم الْحاكِمين وأَرحم الراحمين.
عمل
[23] ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ الزم مقامك وارضَ بقضاء الله فيك، إن أعطي فخير لك، وإن منع فخير لك.
وقفة
[23] ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ يا له من وصف تتجلى فيه عظمة الله الملك العظيم المتعـال وتـتـلاشـى معـه مكانـة كـل عظيـم دونـه!

الإعراب :

  • ﴿ لا يُسْئَلُ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من رب العرش بمعنى: لا يسأل عما يفعله سبحانه لانه المتصرف المطلق لان ما يفعله جل وعز لا يحق لمعبود ان يسأل عنه. لا: نافية لا عمل لها. يسأل: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود الى الله تعالى.
  • ﴿ عَمّا يَفْعَلُ:
  • أصله «عن» حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بيسأل. يفعل: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.والجملة الفعلية «يفعل» صلة الموصول لا محل لها. والعائد ضمير منصوب محلا لانه مفعول به.التقدير: عما يفعله. او تكون «ما» مصدرية. فتكون «ما» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بعن. وجملة «يفعل» صلة «ما» لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَهُمْ يُسْئَلُونَ:
  • الواو: استئنافية. هم: ضمير الغائبين المنفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يسألون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والجملة الفعلية «يسألون» في محل رفع خبر «هم» بمعنى: وهم يسألون لانهم مملوكون مستعبدون خطاءون.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     وبعد أن نزه اللهُ عز و جل نفسَه عن الشريك؛ أكد هنا هذا التنزيه، قال تعالى:
﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لا يسأل ... يسألون:
وقرئا:
لا يسل ... يسلون، بفتح السين، نقلت حركة الهمزة إلى السين وحذفت الهمزة، وهى قراءة الحسن.

مدارسة الآية : [24] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ..

التفسير :

[24] هل اتخذ هؤلاء المشركون مِن غير الله آلهة تنفع وتضر وتحيي وتميت؟ قل -أيها الرسول- لهم:هاتوا ما لديكم من البرهان على ما اتخذتموه آلهة، فليس في القرآن الذي جئتُ به ولا في الكتب السابقة دليل على ما ذهبتم إليه، وما أشركوا إلا جهلاً وتقليداً، فهم معرضون ع

رجع إلى تهجين حال المشركين، وأنهم اتخذوا من دونه آلهة فقل لهم موبخا ومقرعا:{ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ْ} أي:حجتكم ودليلكم على صحة ما ذهبتم إليه، ولن يجدوا لذلك سبيلا، بل قد قامت الأدلة القطعية على بطلانه، ولهذا قال:{ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ْ} أي:قد اتفقت الكتب والشرائع على صحة ما قلت لكم، من إبطال الشرك، فهذا كتاب الله الذي فيه ذكر كل شيء، بأدلته العقلية والنقلية، وهذه الكتب السابقة كلها، براهين وأدلة لما قلت.

ولما علم أنهم قامت عليهم الحجة والبرهان على بطلان ما ذهبوا إليه، علم أنه لا برهان لهم، لأن البرهان القاطع، يجزم أنه لا معارض له، وإلا لم يكن قطعيا، وإن وجد في معارضات، فإنها شبه لا تغني من الحق شيئا.

وقوله:{ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ْ} أي:وإنما أقاموا على ما هم عليه، تقليدا لأسلافهم يجادلون بغير علم ولا هدى، وليس عدم علمهم بالحق لخفائه وغموضه، وإنما ذلك، لإعراضهم عنه، وإلا فلو التفتوا إليه أدنى التفات، لتبين لهم الحق من الباطل تبينا واضحا جليا ولهذا قال:{ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ْ}

وبعد أن ساق- سبحانه- دليلا عقليا على وحدانيته، أتبعه بدليل آخر نقلي، فقال- تعالى-: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ، هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ...

قال الآلوسى ما ملخصه: هذا إضراب وانتقال من إظهار بطلان كون ما اتخذوه آلهة، لخلوها من خصائصها التي من جملتها الإنشار، إلى تبكيتهم ومطالبتهم بالبرهان على دعواهم الباطلة، وتحقيق أن جميع الكتب السماوية ناطقة بحقية التوحيد، وبطلان الإشراك.. .

أى: إن هؤلاء الكافرين قد أشركوا مع الله- تعالى- آلهة أخرى في العبادة، بسبب جهلهم وعنادهم وجحودهم للحق.. قل لهم- أيها الرسول الكريم- على سبيل التبكيت والتوبيخ هاتُوا بُرْهانَكُمْ على أن مع الله- تعالى- آلهة أخرى تستحق مشاركته في العبادة والطاعة؟ ولا شك أنهم لا برهان لهم على ذلك.

وقوله- تعالى-: هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي زيادة في تبكيتهم وفي إظهار عجزهم، أى: هذا الوحى الإلهى الناطق بتوحيد الله- تعالى- موجود في القرآن الكريم المشتمل على ذكر المعاصرين لي من أتباعى، وموجود في كتب الأنبياء السابقين، كالتوراة التي أنزلها الله على موسى، والإنجيل الذي أنزله على عيسى، فمن أين أتيتم أنتم بهؤلاء الشركاء، وكيف اتخذتموهم آلهة مع أنهم لا برهان عليهم لا من جهة العقل ولا من جهة النقل؟

فاسم الإشارة هذا في قوله: هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ مبتدأ، مشار به إلى الوحى الإلهى، وقد أخبر عنه- سبحانه- بخبرين- كما يقول الشيخ الجمل-: «فبالنظر للخبر الأول يراد به القرآن، وبالنظر للخبر الثاني يراد به ما عداه من الكتب السماوية» .

وقوله- تعالى-: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ إضراب من جهته- تعالى- عن مناقشتهم ومطالبتهم بالبرهان، وانتقال من الأمر بتبكيتهم إلى الأمر بإهمالهم استصغارا لشأنهم.

أى: دعهم- أيها الرسول الكريم- في باطلهم يعمهون فإنهم قوم أكثرهم يجهلون الحق، ولا يستطيعون التمييز بينه وبين الباطل. فهم لأجل ذلك منصرفون عن الهدى، ومتجهون إلى الضلال، ومن جهل شيئا عاداه.

يقول تعالى : بل ( اتخذوا من دونه آلهة قل ) يا محمد : ( هاتوا برهانكم ) أي : دليلكم على ما تقولون ، ( هذا ذكر من معي ) يعني : القرآن ، ( وذكر من قبلي ) يعني : الكتب المتقدمة على خلاف ما تقولون وتزعمون ، فكل كتاب أنزل على كل نبي أرسل ، ناطق بأنه لا إله إلا الله ، ولكن أنتم أيها المشركون لا تعلمون الحق ، فأنتم معرضون عنه

يقول تعالى ذكره: أتخذ هؤلاء المشركون من دون الله آلهة تنفع وتضرّ، وتخلق وتحيي وتميت ، قل يا محمد لهم: هاتوا برهانكم، يعني حجتكم يقول: هاتوا إن كنتم تزعمون أنكم محقون في قيلكم ذلك حجة ودليلا على صدقكم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله ( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ) يقول: هاتوا بينتكم على ما تقولون.

وقوله ( هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ ) يقول: هذا الذي جئتكم به من عند الله من القرآن والتنـزيل، ( ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ ) يقول: خبر من معي مما لهم من ثواب الله على إيمانهم به، وطاعتهم إياه، وما عليهم من عقاب الله على معصيتهم إياه وكفرهم به ( وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ) يقول: وخبر من قبلي من الأمم التي سلفت قبلي، وما فعل الله بهم في الدنيا وهو فاعل بهم في الآخرة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني بِشْر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ ) يقول: هذا القرآن فيه ذكر الجلال والحرام ( وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ) يقول: ذكر أعمال الأمم السالفة وما صنع الله بهم إلى ما صاروا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج ( هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ ) قال: حديث من معي، وحديث من قبلي.

وقوله ( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ) يقول: بل أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون الصواب فيما يقولون ولا فيما يأتون ويذرون، فهم معرضون عن الحق جهلا منهم به، وقلَّة فهم.

وكان قَتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ) عن كتاب الله.

التدبر :

وقفة
[24] ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ بشاعة جريمتهم هي سبب تكرار الكلام، كرر نفس الاستفهام استعظامًا لكفرهم، واستفظاعًا لأمرهم، وتبكيًا لهم، وإظهارًا لجهلهم.
لمسة
[24] ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ لم کرر هذا الاستفهام؟! ليس هناك تكرار، أنكر عليهم أولًا ما قد يتخذونه دليلًا عقليًا، بأن آلهتهم ينشرون الموتی من قبورهم، وهذا غير حاصل، وأنكر عليهم ثانيًا ما قد يتخذونه دليلًا نقليًّا، بأن يكونوا وجدوا في الكتب السابقة أمرًا بإشراكهم، فاتخذوهم آلهة تنفيذًا للأمر، فرد الله عليهم في الآية الأولى بما يدل على فساد عقلهم، وفي الآية الثانية بما يدل على فساد نقلهم.
وقفة
[24] ﴿قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين﴾ منحهم حق التعبير عن أدلتهم والاحتجاج بها رغم سقوط قضيتهم وتهاويها.
وقفة
[24] ﴿هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي﴾ كل الكتب والشرائع السابقة جاءت لإبطال الشرك وتوحيد الله، قال ابن عاشور: «فأفاد تعميمه في شرائع سائر الرسل، سواء من أنزل عليه كتاب ومن لم ينزل عليه كتاب، وسواء من كان كتابه باقيًا مثل موسی وعيسی وداود، ومن لم يبق كتابه مثل إبراهيم».
وقفة
[24] ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ ۖ فَهُم مُّعْرِضُونَ﴾ وليس عدم علمهم الحق لخفائه وغموضه، وإنما ذلك لإعراضهم عنه، وإلا فلو التفتوا إليه أدنى التفات تبين لهم الحق من الباطل تبينًا واضحًا جليًا.
وقفة
[24] ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ ۖ فَهُم مُّعْرِضُونَ﴾ الجهل بالحق سبب إعراض أكثر الناس، فلو عرفوه لاتبعوه، مما يعظِّم مسئولية الدعاة لبيان الحق وتقريبه للناس.
وقفة
[24] ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ ۖ فَهُم مُّعْرِضُونَ﴾ ليس عدم علمهم بالحق بسبب خفائه وغموضه، وإنما لإعراضهم عنه بعد معرفته ووضوحه، وهكذا دائمًا قلوب المجرمين، ومتبعي الأهواء من المستکبرين.
وقفة
[24] ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ ۖ فَهُم مُّعْرِضُونَ﴾ قال القشيري: «عدموا العلم لإعراضهم عن النظر، ولو وضعوا النظر موضعه أوجب لهم العلم لا محالة، والأمر يدل على وجوب النظر، وأن العلوم الدينية كلها کسبية».

الإعراب :

  • ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً:
  • اعربت في الآية الكريمة الحادية والعشرين. ومِنْ دُونِهِ» متعلق بحال محذوفة من آلهة لانه متعلق بصفة محذوفة منها وقدمت عليها. والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. اي فقل لهم.
  • ﴿ هاتُوا بُرْهانَكُمْ:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-.هاتوا: فعل امر مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. برهانكم: مفعول به منصوب بالفتحة والكاف ضمير المخاطبين في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور بمعنى: هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين في زعمكم انهم آلهة او هاتوا برهانكم على وصفكم ان لله شريكا. وقيل عن هاتوا: اسم فعل بمعنى «أعطوا» وقيل هو فعل جامد يتصل بالضمائر.
  • ﴿ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ:
  • هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أي هذا الوحي الوارد في معنى توحيد الله ونفي الشركاء عنه. ذكر: خبر «هذا» مرفوع بالضمة. من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. معي: ظرف مكان متعلق بجملة الصلة المحذوفة وهو مضاف والياء ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة. المعنى: هذا ذكر الذين هم معي. يعني أمته. أي هذا القرآن فيه عظة للذين معي او ذكر المعاصرين لي.
  • ﴿ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي:
  • معطوفة بالواو على ما قبلها وتعرب اعرابها. أي: وذكر السابقين لي من الامم اي امم الانبياء.
  • ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ:
  • بل: حرف اضراب لا عمل له للاستئناف. أكثر: مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «اكثرهم».لا: نافية لا عمل لها. يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الحق: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فَهُمْ مُعْرِضُونَ:
  • الفاء استئنافية للتسبب. هم: ضمير الغائبين في محل رفع مبتدأ. معرضون: خبر «هم» مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

البقرة: 111﴿تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
الأنبياء: 24﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي
النمل: 64﴿أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
القصص: 75﴿وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوٓاْ أَنَّ ٱلۡحَقَّ لِلَّهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     وبعد الإنكار على المشركين؛ كَرَّرَ اللهُ عز و جل عليهم الإنكار والتوبيخ، وطالبهم بالدليل على دعواهم الباطلة، قال تعالى:
﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ذكر من معى:
1- بالإضافة إلى «من» ، على إضافة المصدر إلى المفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتنوين، و «من» مفعول.
3- بالتنوين، وكسر ميم «من» ، ومعنى «معى» : عندى، وهى قراءة يحيى بن عمير، وطلحة.
وذكر من قبلى:
انظر ما سبق.
الحق:
1- بالنصب، على المفعولية، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، وهى قراءة الحسن، وحميد، وابن محيصن.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف