497192021222324252627282930313233343536373839

الإحصائيات

سورة الدخان
ترتيب المصحف44ترتيب النزول64
التصنيفمكيّةعدد الصفحات3.00
عدد الآيات59عدد الأجزاء0.12
عدد الأحزاب0.25عدد الأرباع1.00
ترتيب الطول57تبدأ في الجزء25
تنتهي في الجزء25عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 25/29الحواميم: 5/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (19) الى الآية رقم (29) عدد الآيات (11)

موسى عليه السلام يدعو فرعونَ وقومَه ألَّا يتكبَّرُوا على اللهِ فكَذَّبُوه، فأمَرَه اللَّهُ أن يخرجَ ببني إسرائيلَ من مصرَ، وبَشَّرَه بغرقِ فرعونَ وجندِه، ثُمَّ حَوَّلَ اللَّهُ ما كانوا فيه من نِعمٍ إلى بني إسرائيلَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (30) الى الآية رقم (39) عدد الآيات (10)

بعدَ ذكرِ غرقِ فرعونَ ذكرَ نجاةَ بني إسرائيلَ، ثُمَّ عادَ لبيانِ إنكارِ المشركينَ للبعثِ وتهديدِ اللهِ بإهلاكِهم كمَا أهلكَ مَن قبلَهم كقومِ تُبَّعِ الحِمْيَريِّ ملكِ اليمنِ، وذكرَ أدلَّةً على وحدانيةِ اللهِ وقدرتِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الدخان

التحذير من الانبهار بالسلطة والجاه/ قدرة الله على إهلاك المكذبين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • فناء الظالمين في الدنيا::   فنرى آيات شديدة، تعقب على فناء الظالمين وكل من سار سيرهم: ﴿كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَـٰكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَـٰهَا قَوْماً ءاخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ﴾ (25-29). فتأمل ما حلَّ بفرعون وقومه من العذاب بسبب الطغيان والإجرام، وكيف تركوا كل آثارهم وقصورهم وحدائقهم بسبب ما حلَّ بهم من ضياع وتشرد بسبب طغيانهم في الأرض وعصيانهم لأوامر الله، بعد أن مكّنهم الله في الأرض، فلم يحافظوا على الأمانة، واستكبروا بما أعطاهم الله تعالى، فكان عاقبتهم الهلاك والضياع، وورث بني إسرائيل. لاحظ: في سورة الزخرف سبب تكذيب فرعون كان المظاهر المادية: ﴿أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَـٰرُ تَجْرِى مِن تَحْتِى أَفَلاَ تُبْصِرُونَ﴾ (الزخرف 51)، بينما هنا حددت سورة الدخان سببًا آخر لتكذيبه، وهو: اعتماده على الجاه والسلطة: ﴿مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾
  • • عذاب الظالمين في الآخرة::   وتصوّر لنا السورة مشهدًا رهيبًا من مشاهد القيامة: عذاب كل من ألهته القوة والسلطة فأنسته طاعة الله: ﴿إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ * طَعَامُ ٱلأَثِيمِ * كَٱلْمُهْلِ يَغْلِى فِى ٱلْبُطُونِ * كَغَلْىِ ٱلْحَمِيمِ ...﴾ (46). إلى أن نصل إلى قوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ﴾ (49)، آية رهيبة تحدد بوضوح أن هذا العذاب هو لمن اعتز بقوته وجبروته في الدنيا وحاد عن طريق الله.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الدخان».
  • • معنى الاسم ::   الدخان: هو المتصاعد من الوقود عند اشتعال النار.
  • • سبب التسمية ::   لورود لفظ الدخان في الآية (10)، ‏ولأن ‏الله ‏جعله ‏آية ‏لتخويف ‏الكفار، ‏حيث ‏أصيبوا ‏بالقحط ‏والمجاعة ‏بسبب ‏تكذيبهم ‏للرسول ﷺ، ‏وبعث ‏الله ‏عليهم ‏الدخان ‏حتى ‏كادوا ‏يهلكون، ‏ثم ‏نجاهم.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة حم الدخان»؛ لتمييزها عن بقية سور الحواميم.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   عدم الانبهار بالسلطة والجاه.
  • • علمتني السورة ::   مشروعية الدعاء على الكفار عندما لا يستجيبون للدعوة ويحاربون أهلها: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلَاءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   قدرة الله على إهلاك الظالمين: ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن انتظار النصر عبادة وحدها: ﴿فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ عَدُوَّكُمْ غَدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حَم لاَ يُنْصَرُونَ». قال القاضي عياض: «أي علامتُكُمُ التي تَعْرِفُونَ بها أصحابَكم هذا الكلامُ، والشِّعارُ في الأصلِ العلامةُ التي تُنْصَبُ لِيَعْرِفَ بها الرَّجُلُ رُفْقَتَهُ، و(حم لا ينصرون) معناهُ بفضلِ السُّورِ المفتتحةِ بِحم ومنزلَتِها من اللهِ لا يُنْصَرون»، و(سورة الدخان) من السور المفتتحة بـ (حم).
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الدخان من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
    • عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: «الْحَوَامِيمَ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ». وديباج القرآن: أي زينته، و(سورة الدخان) من الحواميم.
    • سورة الدخان من سور القرائن أو النظائر، وهي 20 سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينهما، كل سورتين في ركعة، والنظائر: السور المتشابهات والمتماثلات في الطول. كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن سورة الدخان مع سورة التكوير، ويقرأهما في ركعة واحدة.
    • عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ قَالَا: «أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّى أَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِى رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَلِ؟! لَكِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ: السُّورَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ فِى رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِى رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتْ وَنُونَ فِى رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِى رَكْعَةٍ، وَالْمُدَّثِّرَ وَالْمُزَّمِّلَ فِى رَكْعَةٍ، وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فِى رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلاَتِ فِى رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِى رَكْعَةٍ».
    وأصل الحديث في الصحيحين -ولكن دون سرد السور- وهو:
    عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنِّى لأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، عِشْرِينَ سُورَةً فِى عَشْرِ رَكَعَاتٍ».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة الدخان هي السورة الخامسة من الحواميم أو آل (حم)، وهي سبع سور متتالية، وهي: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وأطلق عليها بعض العلماء: عرائس القرآن، وكلها مكية.
    • يوجد في القرآن الكريم 12 سورة سميت بأسماء يوم القيامة وأهوالها، هي: الدخان، الواقعة، التغابن، الحاقة، القيامة، النبأ، التكوير، الانفطار، الانشقاق، الغاشية، الزلزلة، القارعة.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • ألا نسعي للسلطة، ونتجنب الانبهار بالسلطة والجاه.
    • أن نتحرى ليلة القدر، ونجتهد في اغتنامها وإحيائها بالقيام والذكر والدعاء وتلاوة القرآن: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾ (3).
    • أن ندعو الله تعالى أن يرفع البلاء عن المبتلين: ﴿رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾ (12).
    • أن نبادر بالتوبة؛ فاللهُ عزَّ وجلَّ يُمهِل ولا يُهمِل: ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ﴾ (16).
    • أن نحذر من أسباب هلاك الأمم: ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ (37).
    • أن ندعو الله أن يرحمنا يوم الفصل: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (40).
    • أن نُحْسِن العمل في الدنيا؛ فالكل سيتبرأ منا يوم القيامة إلا إذا رحمنا الله تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ * إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّـهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ (41، 42).
    • أن نستعيذ بالله من النار وما قرب إليها من قول وعمل: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ﴾ (43، 44).
    • أن نسأل الله تعالى أن نكون من أهل المقام الأمين في الجنات والعيون: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ﴾ (51).
    • أن نتدبر القرآن؛ فإنه ميسر لمن تدبره: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (58).

تمرين حفظ الصفحة : 497

497

مدارسة الآية : [19] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَنْ لَّا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ ..

التفسير :

[19] وألا تتكبروا على الله بتكذيب رسله، إني آتيكم ببرهان واضح على صدق رسالتي،

{ وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ} بالاستكبار عن عبادته والعلو على عباد الله،{ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} أي:بحجة بينة ظاهرة وهو ما أتى به من المعجزات الباهرات والأدلة القاهرات، فكذبوه وهموا بقتله فلجأ بالله من شرهم فقال:{ وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ}

وقوله- سبحانه-: وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ.. معطوف على قوله: أَنْ أَدُّوا..

وداخل في حيز القول.

أى: قال لهم: أرسلوا معى بنى إسرائيل، واستجيبوا لدعوتى، واحذروا أن تتجبروا أو تتكبروا على الله- تعالى-، بأن تستخفوا بوحيه أو تعرضوا عن رسوله ...

إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أى: إنى آتيكم من عنده- تعالى- بحجة واضحة لا سبيل إلى إنكارها، وببرهان ساطع يشهد بصدقى وأمانتى..

وقوله : ( وأن لا تعلوا على الله ) أي : لا تستكبروا عن اتباع آياته ، والانقياد لحججه والإيمان ببراهينه ، كقوله : ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) [ غافر : 60 ] .

( إني آتيكم بسلطان [ مبين ] ) أي : بحجة ظاهرة واضحة ، وهي ما أرسله الله به من الآيات البينات والأدلة القاطعة .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19)

يقول تعالى ذكره: وجاءهم رسول كريم, أن أدّوا إلي عباد الله, وبأن لا تعلوا على الله.

وعنى بقوله ( وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ ) أن لا تطغوا وتبغوا على ربكم, فتكفروا به وتعصوه, فتخالفوا أمره ( إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) يقول: إني آتيكم بحجة على حقيقة ما أدعوكم إليه, وبرهان على صحته, مبين لمن تأملها وتدبرها أنها حجة لي على صحة ما أقول لكم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ ) : أي لا تبغوا على الله ( إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) : أي بعذر مبين.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, بنحوه.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ ) يقول: لا تفتروا على الله.

التدبر :

وقفة
[19] الترفع على الأمر أو الاستخفاف بالنهي عظيم الخطر، فالآمر الناهي ليس هو المصلح الواعظ بل مكلفه، لذا قال: ﴿ألا تعلو على الله﴾.
وقفة
[19] قبل أن تردَّ أحكام الشريعة لترضي هواك تذكَّر: ﴿وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ﴾.
وقفة
[19] ﴿وَأَن لا تَعلوا عَلَى اللَّهِ﴾ احذر الكبر والتكبر؛ فهما ليسا من صفات المؤمنين.
وقفة
[19] ﴿وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ أقبح العلو ما كان على الله، وأشد الكِبر ما كان عن عبادة الله، وأفظع الكِبر ما كان مع وجود الآية البيِّنة والحجة الساطعة.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنْ لا تَعْلُوا:
  • معطوفة بالواو على أَنْ أَدُّوا» وتعرب إعرابها في الوجهين. لا: ناهية جازمة. تعلوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون
  • ﴿ عَلَى اللهِ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق بلا تعلوا بمعنى: لا تستكبروا على الله بالاستهانة برسوله ووحيه أو لا تتكبروا على نبي الله.
  • ﴿ إِنِّي آتِيكُمْ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسمها. آتي: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. وجملة «آتيكم وما بعدها» في محل رفع خبر «ان» ويجوز أن تكون «آتيكم» اسم فاعل خبر «ان» مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل بمعنى: اني أرسلت اليكم أو آت اليكم.
  • ﴿ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ:
  • جار ومجرور متعلق بآتيكم. مبين: صفة-نعت- لسلطان مجرورة مثلها أي بحجة بينة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     ولَمَّا أخبرَهم موسى عليه السَّلامُ بأنه رسول الله إليهم، وأنه مؤتمن على الوحي؛ نهى فرعونَ وقومَه عن الاستكبار والعلو على أمر الله، قال تعالى:
﴿ وَأَنْ لَّا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن ..

التفسير :

[20]وإني استجرت بالله ربي وربكم أن تقتلوني رجماً بالحجارة،

أي:تقتلوني أشر القتلات بالرجم بالحجارة.

وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ أى: وإنى اعتصمت واستجرت بربي وربكم من أن ترجمونى بالحجارة، أو من أن تلحقوا بي ما يؤذيني، وهذا الاعتصام بالله- تعالى- يجعلني لا أبالى بكم، ولا أتراجع عن تبليغ دعوته- سبحانه- بحال من الأحوال.

( وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون ) قال ابن عباس ، وأبو صالح : هو الرجم باللسان وهو الشتم .

وقال قتادة : [ هو ] الرجم بالحجارة .

أي أعوذ بالله الذي خلقني وخلقكم [ من ] أن تصلوا إلي بسوء من قول أو فعل .

وقوله ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) يقول: وإني اعتصمت بربي وربكم, واستجرت به منكم أن ترجمون.

واختلف أهل التأويل في معنى الرجم الذي استعاذ موسى نبيّ الله عليه السلام بربه منه, فقال بعضهم: هو الشتم باللسان.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) قال: يعني رجم القول.

حدثني ابن المثنى, قال: ثنا عثمان بن عمر بن فارس, قال: ثنا شعبة, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي صالح, في قوله ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) قال: الرجم: بالقول.

حدثنا أبو هشام الرفاعي, قال: ثنا يحيى بن يمان, قال: ثنا سفيان, عن إسماعيل, عن أبي صالح ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) قال: أن تقولوا هو ساحر.

وقال آخرون: بل هو الرجم بالحجارة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) : أي أن ترجمون بالحجارة.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( أَنْ تَرْجُمُونِ ) قال: أن ترجمون بالحجارة.

وقال آخرون: بل عنى بقوله ( أَنْ تَرْجُمُونِ ) : أن تقتلوني.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما دلّ عليه ظاهر الكلام, وهو أن موسى عليه السلام استعاذ بالله من أن يرجُمه فرعون وقومه, والرجم قد يكون قولا باللسان, وفعلا باليد. والصواب أن يقال: استعاذ موسى بربه من كل معاني رجمهم الذي يصل منه إلى المرجوم أذًى ومكروه, شتما كان ذلك باللسان, أو رجما بالحجارة باليد.

التدبر :

وقفة
[20] ﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾ ليذكروا أن موسى لجأ إلى الله ربهم؛ ولذا فهم لا يخرجون عن قدرته، وخاضعون لمشيئته.
وقفة
[20] ﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾ هناك طائفة من الناس لا يطيقون كلمة الحق، ويودون لو رجموا أصحابها بالحجارة رجمًا؛ إسكاتًا لأصواتهم.
وقفة
[20] ﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾ الاعتصام بالله يمنحك قوة هائلة تعينك على السير في طريق الحق، ويمنعك من التراجع عن تبليغ دعوة الله بحال من الأحوال.
وقفة
[20] وجوب لجوء المؤمن إلى ربه أن يحفظه من كيد عدوِّه ﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ﴾.
عمل
[20] تَعَوَّذ بالله ممن تخافه من عدوٍّ، أو أذى، أو نحو ذلك ﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنِّي عُذْتُ:
  • معطوفة بالواو على «اني» في الآية السابقة. عذت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع فاعل. وجملة «عذت» وما بعدها في محل رفع خبر «إنّ» وإني عائذ.
  • ﴿ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بعذت والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة والواو عاطفة. ربكم: معطوف على «ربي» مجرور وعلامة جره الكسرة. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ أَنْ تَرْجُمُونِ:
  • حرف مصدري ناصب. ترجمون: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.النون نون الوقاية لا محل لها من الاعراب والكسرة دالة على ياء المتكلم المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة وللتناسب مع رءوس الآي وجملة «ترجمون» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر أي من أن ترجمون والجار والمجرور متعلق بعذت بمعنى: استجرت من ايذائي. أو واني التجأت واستجرت بربي وربكم من أن ترجمون أي تقتلون.'

المتشابهات :

غافر: 27﴿وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ
الدخان: 20﴿وَ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم أَن تَرْجُمُونِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ولَمَّا طلبَ موسى عليه السَّلامُ من فرعون إطلاق سراح بني إسرائيل، وتخليصهم من أسْرِه وسلطانِه؛ توعَّده فرعونُ بالقتل؛ فالتجأ موسى عليه السَّلامُ إلى الله تعالى، وتعوذ به من أن يؤذوه، قال تعالى:
﴿ وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

عذت:
وقرئ:
بالإدغام.

مدارسة الآية : [21] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ

التفسير :

[21]وإن لم تصدقوني على ما جئتكم به فخلُّوا سبيلي، وكفُّوا عن أذاي.

{ وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} أي:لكم ثلاث مراتب:الإيمان بي وهو مقصودي منكم فإن لم تحصل منكم هذه المرتبة فاعتزلوني لا علي ولا لي، فاكفوني شركم. فلم تحصل منهم المرتبة الأولى ولا الثانية بل لم يزالو متمردين عاتين على الله محاربين لنبيه موسى عليه السلام غير ممكنين له من قومه بني إسرائيل.

وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ أى: وقال لهم- أيضا- في ختام نصحه لهم: إنى لن أتراجع عن دعوتكم إلى الحق مهما وضعتم في طريقي من عقبات وعليكم أن تؤمنوا بي، فإن لم تؤمنوا بي. فكونوا بمعزل عنى بحيث تتركونى وشأنى حتى أبلغ رسالة ربي، فإنه لا موالاة ولا صلة بيني وبينكم، مادمتم مصرين على كفركم.

فأنت ترى أن موسى- عليه السلام- قد طلب من فرعون وقومه الاستجابة لدعوته، ونهاهم عن التكبر والغرور، وبين لهم أنه رسول أمين على وحى الله- تعالى-، وأنه معتصم بربه من كيدهم، وأن عليهم إذا لم يؤمنوا به أن يتركوه وشأنه، لكي يبلغ رسالة ربه، ومن شاء بعد ذلك فليؤمن ومن شاء فليكفر.

ولكن الإرشادات الحكيمة من موسى لفرعون وقومه، لم تجد أذنا صاغية، فإن الطغيان في كل زمان ومكان، لا يعجبه منطق الحق والعدل والمسالمة، ولكن الذي يعجبه هو التكبر في الأرض بغير الحق، وإيثار الغي على الرشد..

( وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ) أي : فلا تتعرضوا إلي ، ودعوا الأمر بيني وبينكم مسالمة إلى أن يقضي الله بيننا . فلما طال مقامه بين أظهرهم ، وأقام حجج الله عليهم ، كل ذلك وما زادهم ذلك إلا كفرا وعنادا ، دعا ربه عليهم دعوة نفذت فيهم ، كما قال تعالى : ( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ) [ يونس : 88 ، 89 ] .

وقوله ( وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نبيه موسى عليه السلام لفرعون وقومه: وإن أنتم أيها القوم لم تصدّقوني على ما جئتكم به من عند ربي, فاعتزلون: يقول: فخلوا سبيلي غير مرجوم باللسان ولا باليد.

كما حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ) : أي فخلُّوا سبيلي.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[21] ﴿وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾ لن أتراجع عن دعوتي، ولن أتأخر عن تبليغ رسالتي، مهما وضعتم في طريقي من عقبات.
وقفة
[21] ﴿وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾ إن لم تؤمنوا بي، فذروني أبلغ رسالة ربي.
وقفة
[21] ﴿وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾ اعتزل كل ما يؤذيك في طريق النجاح، ومن يسبب لك الإحـباط وعدم الكفاح.
وقفة
[21] ﴿وَإِن لَم تُؤمِنوا لي فَاعتَزِلونِ﴾ إن لم تكن موافقا للحق مؤيدًا له، فعلى الأقل كف آذاك عمن حولك.
وقفة
[21] ليس عيبًا أن تطلب من أعدائك عدم إيذائك، قال الله تعالى على لسان موسى عليه السلام: ﴿وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾.
وقفة
[21، 22] ﴿وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾ أي: فلا تتعرضوا لي، ودعوا الأمر بيني وبينكم مسالمة إلى أن يقضي الله بيننا، فلما طال مقامه بين أظهرهم، وأقام حجج الله تعالى عليهم، كل ذلك وما زادهم ذلك إلا كفرًا وعنادًا، دعا ربه عليهم دعوة نفذت فيهم ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلَاءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنْ لَمْ:
  • الواو استئنافية. ان: حرف شرط‍ جازم. لم: حرف نفي وجزم وقلب.
  • ﴿ تُؤْمِنُوا لِي:
  • فعل مضارع مجزوم بلم فعل الشرط‍ في محل جزم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لي: جار ومجرور متعلق بتؤمنوا.
  • ﴿ فَاعْتَزِلُونِ:
  • اعتزلون: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو والنون أعربتا في «ترجمون». الجملة: جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بإن.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولَمَّا تعوَّذَ موسى عليه السَّلامُ بربَّه؛ طلبَ منهم أن يكُفوا عنه شرهم إن لم يؤمنوا به، قال تعالى:
﴿ وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ ..

التفسير :

[22] فدعا موسى ربه -حين كذبه فرعون وقومه ولم يؤمنوا به- قائلاً:إن هؤلاء قوم مشركون بالله كافرون.

{ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ} أي:قد أجرموا جرما يوجب تعجيل العقوبة.

فأخبر عليه السلام بحالهم وهذا دعاء بالحال التي هي أبلغ من المقال، كما قال عن نفسه عليه السلام{ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}

ولذا نجد موسى- عليه السلام- يلجأ إلى ربه يطلب منه العون والنصرة فيقول- كما حكى القرآن عنه-: فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ.

والآية الكريمة معطوفة على كلام محذوف، يفهم من السياق، والتقدير: وبعد أن أمر موسى فرعون وقومه بإخلاص العبادة لله- تعالى- ونهاهم عن الإشراك به.. بعد كل ذلك أصروا على تكذيبه، وأعرضوا عن دعوته، وآذوه بشتى ألوان الأذى فدعا ربه دعاء حارا قال فيه:

يا رب إن هؤلاء القوم- وهم فرعون وشيعته- قوم راسخون في الكفر والإجرام، فأنزل بهم عقابك الذي يستحقونه.

وهكذا قال هاهنا : ( فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون ) فعند ذلك أمره الله تعالى أن يخرج ببني إسرائيل من بين أظهرهم من غير أمر فرعون ومشاورته واستئذانه ; ولهذا قال :

القول في تأويل قوله تعالى : فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)

يقول تعالى ذكره: فدعا موسى ربه إذ كذّبوه ولم يؤمنوا به, ولم يؤدّ إليه عباد الله, وهموا بقتله بأن هؤلاء, يعني فرعون وقومه ( قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ) يعني: أنهم مشركون بالله كافرون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[22] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلَاءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ﴾ قال ابن عاشور: «الإخبار عن كونهم قومًا مجرمين مستعمل في طلب المجازاة على الإجرام أو في الشكاية من اعتدائهم، أو في التخوف من شرهم إذا استمرُّوا على عدم تسريح بني إسرائيل، وكل ذلك يقتضي الدعاء لكف شرهم».
وقفة
[22] مشروعية الدعاء على الكفار عندما لا يستجيبون للدعوة، وعندما يحاربون أهلها ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلَاءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ﴾.
عمل
[22] تذكر كافرًا بالَغَ في إجرامه وأذيته للمؤمنين وادع الله عليه ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلَاءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَدَعا رَبَّهُ:
  • الفاء عاطفة على مضمر للتسبيب بتقدير: فلم يؤمنوا به أي فكفروا به فدعا ربه. دعا: فعل ماض بمعنى «نادى» مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو ربه: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَنَّ هؤُلاءِ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هؤلاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل نصب اسم «أن» أي بأن. وعلى هذا تكون «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر والجار والمجرور متعلقا بدعا. أي فنادى ربه بذلك.
  • ﴿ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ:
  • خبر «إن» مرفوع بالضمة. مجرمون: صفة-نعت-لقوم مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الواو لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.'

المتشابهات :

الزخرف: 88﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَـٰؤُلَاءِ قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ
الدخان: 22﴿فَدَعَا رَبَّهُ إِنَّ هَـٰؤُلَاءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا كذَّبوا موسى عليه السَّلامُ، ولم يستجيبوا لدعوته، وأصرُّوا على أذاه، وعدم التخلية بينه وبين الدعوة إلى الله، ولم يطلقوا سراح بني إسرائيل؛ دعا عليهم، قال تعالى:
﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أن هؤلاء:
1- بفتح الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة ابن أبى إسحاق، وعيسى، والحسن.

مدارسة الآية : [23] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ

التفسير :

[23] فأَسْر -يا موسى- بعبادي -الذين صَدَّقوك، وآمنوا بك، واتبعوك، دون الذين كذبوك منهم- ليلاً، إنكم متبعون من فرعون وجنوده فتنجون، ويغرق فرعون وجنوده.

فأمره الله أن يسري بعباده ليلا وأخبره أن فرعون وقومه سيتبعونه.

ثم حكت السورة الكريمة بعد ذلك ما يدل على أن الله- تعالى- قد أجاب دعاء موسى- عليه السلام-، وأنه- سبحانه- قد أرشده إلى ما يفعله فقال: فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ.

قال الجمل: «قوله: فَأَسْرِ قرأ الجمهور بقطع الهمزة وقرأ نافع وابن كثير بوصلها، وهما لغتان جيدتان: الأولى من أسريت والثانية من سريت. قال- تعالى- سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ وقال: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ والإسراء السير ليلا، فذكر الليل- هنا- تأكيد له بغير اللفظ- إذ الإسراء والسرى: السير ليلا» .

والكلام على تقدير القول، أى: فقال الله- تعالى- على سبيل التعليم والإرشاد: سر يا موسى ببني إسرائيل وبمن آمن معك من القبط من مصر، بقطع من الليل إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ من جهة فرعون وملئه، متى علموا بخروجكم.

( فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون ) كما قال : ( ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى ) [ طه : 77 ] .

وقوله ( فَأَسْرِ بِعِبَادِي ) وَفِي الكلام محذوف استغني بدلالة ما ذُكر عليه منه, وهو: فأجابه ربه بأن قال له: فأسر إذ كان الأمر كذلك بعبادي, وهم بنو إسرائيل, وإنما معنى الكلام: فأسر بعبادي الذين صدّقوك وآمنوا بك, واتبعوك دون الذين كذّبوك منهم, وأبَوْا قبول ما جئتهم به من النصيحة منك, وكان الذين كانوا بهذه الصِّفَة يومئذ بني إسرائيل. وقال: ( فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلا ) لأن معنى ذلك: سر بهم بليل قبل الصباح.

وقوله ( إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ) يقول: إن فرعون وقومه من القبط متبعوكم إذا شخصتم عن بلدهم وأرضهم في آثاركم.

التدبر :

وقفة
[23] ﴿فأسر بعبادي ليلا﴾ يؤمر وهو نبي مؤيد بالمعجزات أن يأخذ بما استطاع من أسباب السلامة والنجاة.
وقفة
[23] ﴿فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ﴾ في مثل هذه الليلة خرج موسى بقوم خائفين ضعفاء وفي الصباح تغير العالم.
وقفة
[23] ﴿فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ﴾ لماذا السير ليلًا؟! سير الليل في الغالب إنما يكون عن خوف، والخوف يكون بوجهين: إما من العدو فيتخذ الليل سترًا، وإما من خوف المشقة على الدواب والأبدان بحر الشمس.
وقفة
[23] ﴿فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ﴾ لا راحة لأصحاب الأهداف السماوية، الأجساد منهكة، والأرواح متعبة، ورب من فوقهم لا يضيع صدق نواياهم.
وقفة
[23] ﴿فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ﴾ خرج قوم موسى مذعورين من بطش أقوى قوة في ذاك الزمان، وما إن أشرقت الأرض حتى غربت تلك القوة في قاع البحر، وأصبحت أثرًا بعد عين؛ اللهم انصر عبادك المستضعفين.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَسْرِ:
  • الفاء سببية. أسر: فعل أمر مبني على حذف آخره حرف العلة- الياء والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وجملة «أسر» وما بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-لفعل مضمر تقديره: فقال أسر. أو تكون الفاء واقعة في جواب شرط‍ محذوف بتقدير: ان كان الأمر كما تقول فأسر. والجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم والكسرة دالة على الياء المحذوفة بمعنى: فسر بهم ليلا.
  • ﴿ بِعِبادِي لَيْلاً:
  • جار ومجرور متعلق بأسر والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. ليلا: مفعول فيه ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بأسر وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ:
  • تعرب اعراب إِنَّكُمْ عائِدُونَ» الواردة في الآية الكريمة الخامسة عشرة و «ان» هنا بمعنى التعليل.'

المتشابهات :

طه: 77﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا
الشعراء: 52﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ
الدخان: 23﴿فَـ أَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     ولَمَّا دعا موسى عليه السَّلامُ عليهم؛ أجاب اللهُ دعاءه، وأمره أن يخرج من بينهم ليلًا، قال تعالى:
﴿ فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [24] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ ..

التفسير :

[24] واترك البحر كما هو على حالته التي كان عليها حين سلكته، ساكناً غير مضطرب، إن فرعون وجنوده مغرقون في البحر.

{ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا} أي:بحاله وذلك أنه لما سرى موسى ببني إسرائيل كما أمره الله ثم تبعهم فرعون فأمر الله موسى أن يضرب البحر فضربه فصار اثنى عشر طريقا وصار الماء من بين تلك الطرق كالجبال العظيمة فسلكه موسى وقومه.

فلما خرجوا منه أمره الله أن يتركه رهوا أي:بحاله ليسلكه فرعون وجنوده{ إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ} فلما تكامل قوم موسى خارجين منه وقوم فرعون داخلين فيه أمره الله تعالى أن يلتطم عليهم فغرقوا عن آخرهم.

وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً ... أى: ومتى وصلت إلى البحر- أى: البحر الأحمر- فاضربه بعصاك، ينفلق- بإذن الله- فسر فيه أنت ومن معك، واتركه ساكنا مفتوحا على حاله، فإذا ما سار خلفك فرعون وجنوده أغرقناهم فيه.

يقال: رها البحر يرهو، إذا سكن. وجاءت الخيل رهوا، أى: ساكنة، ويقال- أيضا-:

رها الرجل رهوا، إذا فتح بين رجليه وفرق بينهما، وهو حال من البحر.

قال الإمام الرازي: «وفي لفظ رَهْواً قولان:

أحدهما: أنه الساكن، يقال: عيش راه، إذا كان خافضا وادعا ساكنا ...

والثاني: أن الرهو هو الفرجة الواسعة، أى: ذا رهو، أى: ذا فرجة حتى يدخل فيها فرعون وقومه فيغرقوا.. وإنما أخبره- سبحانه- بذلك حتى يبقى فارغ القلب من شرهم وإيذائهم» .

وقوله: إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ تعليل للأمر بتركه رهوا، أى: اترك البحر على حاله، فإن أعداءك سيغرقون فيه إغراقا يدمرهم ويهلكهم.

وقوله هاهنا : ( واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون ) وذلك أن موسى ، عليه السلام ، لما جاوز هو وبنو إسرائيل البحر ، أراد موسى أن يضربه بعصاه حتى يعود كما كان ، ليصير حائلا بينهم وبين فرعون ، فلا يصل إليهم . فأمره الله أن يتركه على حاله ساكنا ، وبشره بأنهم جند مغرقون فيه ، وأنه لا يخاف دركا ولا يخشى .

قال ابن عباس : ( واترك البحر رهوا ) كهيئته وامضه . وقال مجاهد ) رهوا ) طريقا يبسا كهيئته ، يقول : لا تأمره يرجع ، اتركه حتى يرجع آخرهم . وكذا قال عكرمة ، والربيع بن أنس ، والضحاك ، وقتادة ، وابن زيد وكعب الأحبار وسماك بن حرب ، وغير واحد .

وقوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) يقول: وإذا قطعت البحر أنت وأصحابُك, فاتركه ساكنا على حاله التي كان عليها حين دخلته. وقيل: إن الله تعالى ذكره قال لموسى هذا القول بعد ما قطع البحر ببني إسرائيل فإذ كان ذلك كذلك, ففي الكلام محذوف, وهو: فسرَى موسى بعبادي ليلا وقطع بهم البحر, فقلنا له بعد ما قطعه, وأراد ردّ البحر إلى هيئته التي كان عليها قبل انفلاقه: اتركْه رَهْوًا.

* ذكر من قال ما ذكرنا من أن الله عزّ وجلّ قال لموسى صلى الله عليه وسلم هذا القول بعد ما قطع البحر بقومه:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ) حتى بلغ ( إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ) قال: لما خرج آخر بني إسرائيل أراد نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يضرب البحر بعصاه, حتى يعود كما كان مخافة آل فرعون أن يدركوهم, فقيل له ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ).

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: لما قطع البحر, عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم, وخاف أن يتبعه فرعون وجنوده, فقيل له: ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) كما هو ( إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ).

واختلف أهل التأويل في معنى الرهْو, فقال بعضهم: معناه: اتركه على هيئته وحاله التي كان عليها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) يقول: سَمْتا.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ) قال: الرهو: أن يترك كما كان, فإنهم لن يخلُصوا من ورائه.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا حميد, عن إسحاق, عن عبد الله بن الحارث, عن أبيه, أن ابن عباس سأل كعبا عن قول الله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: طريقا.

وقال آخرون: بل معناه: اتركه سَهْلا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن أبي جعفر, عن الربيع, قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: سهلا.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: يقال: الرهو: السهل.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا حرميّ بن عُمارة قال: ثنا شعبة, قال: أخبرني عمارة, عن الضحاك بن مُزاحم, فى قول الله عزّ وجلّ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: دَمثا.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: سهلا دمثا.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: هو السهل.

وقال آخرون: بل معناه: واتركه يبسا جددا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثني عبيد الله بن معاذ, قال: ثني أبي, عن شعبة, عن سماك, عن عكرمة, في قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: جددا.

حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثني عبيد الله بن معاذ, قال: ثنا أبي, عن شعبة, عن سماك, عن عكرمة في قوله ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) قال: يابسا كهيئته بعد أن ضربه, يقول: لا تأمره يرجع, اتركه حتى يدخل آخرهم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله (رَهوًا) قال: طريقا يَبَسا.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ) كما هو طريقا يابسا.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال معناه: اتركه على هيئته كما هو على الحال التي كان عليها حين سلَكْته, وذلك أن الرهو في كلام العرب: السكون, كما قال الشاعر:

كأنَّمـا أهْـلُ حُجْـرٍ يَنْظُـرُونَ مَتَـى

يَــرَوْنَنِي خارِجــا طَــيْرٌ يَنَـادِيد

طَـيرٌ رأَتْ بازِيـا نَضْـحُ الدّمـاءِ بِهِ

وأُمُّــهُ خَرَجَـتْ رَهْـوًا إلـى عِيـد (1)

يعني على سكون, وإذا كان ذلك معناه كان لا شكّ أنه متروك سهلا دَمِثا, وطريقا يَبَسا لأن بني إسرائيل قطعوه حين قطعوه, وهو كذلك, فإذا ترك البحر رهوا كما كان حين قطعه موسى ساكنا لم يُهج كان لا شكّ أنه بالصفة التي وصفت.

وقوله ( إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ) يقول: إن فرعون وقومه جند, الله مغرقهم في البحر.

------------------------

الهوامش:

(1) هذا بيت من قصيدة للراعي ، مدح بها سعد بن عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، عدتها سبعة وخمسون بيتا . وقوله " ذات آثارة " أي رب ناقة ذات سمن . والأثارة ، بفتح الهمزة : شحم متصل بشحم آخر ، ويقال هي بقية من الشحم العتيق ، يقال : سمنت الناقة على أثارة ، أي على بقية شحم . وأكمته : غلفه ، جمع كمام ، وهو جمع كم بكسر الكاف ، وهو غطاء النور وغلافه . وقفارًا وقفارة : وصف للنبات : أي رعته خاليًا لها من مزاحمة غيرها في رعيه . وأصله من قولهم طعام قفار : أي أكل بلا إدام . ( انظر خزانة الأدب الكبرى للبغدادي 4 : 251 ) واستشهد بالبيت أبو عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 222 ) . عند قوله تعالى : " أو أثارة من علم " أي بقية من شحم أكلت عليه . ومن قال : " أثرة " فهو مصدر أثره يأثره : يذكره . وفي ( اللسان : أثر ) : وأثرة العلم وأثرته وأثارته ، بقية منه تؤثر فتذكر . وقال الزجاج أثاره : في معنى علامة . ويجوز أن يكون على معنى بقية من علم ونسب البيت للشماخ.

التدبر :

وقفة
[24] ﴿وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا﴾ رأى فرعون وجنده البحر رهوا فاقتحموا، وهكذا الآيات لا يعتبر بها أهل الإلحاد، ويرونها مجرد ظواهر الطبيعة.
وقفة
[24] لما نجّا موسى u عن طريقِ البَحرِ أرادَ إغلاقَه حتَّى لا يتبعَه فرعونُ، فقال اللهُ: ﴿وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا﴾ أي: بحالِه، لِيَسْلُكَه فرعونُ وجنودُه فيهلَكُوا.
وقفة
[24] ﴿وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا﴾ أي يا موسى عندما تعبر البحر بعدما ينفلق لك ولمن معك فلا تخشَ أن يلحقكم فرعون لأنه سينطبق عليهم ﴿إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ﴾.
تفاعل
[24] ﴿إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.

الإعراب :

  • ﴿ وَاتْرُكِ:
  • الواو عاطفة. اترك: فعل أمر مبني على سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ الْبَحْرَ رَهْواً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. رهوا: حال منصوب بالفتحة. أي اتركه ساكنا كما هو.
  • ﴿ إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ:
  • تعرب اعراب أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ» الواردة في الآية الكريمة الثانية والعشرين و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «ان» أي محكوم عليهم بالغرق.'

المتشابهات :

الحجر: 45﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
الشعراء: 57﴿فَأَخۡرَجۡنَٰهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
الشعراء: 134﴿وَ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
الشعراء: 147﴿فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
الدخان: 25﴿كَمۡ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
الدخان: 52﴿فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
الذاريات: 15﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَهُ بِالإسْراءِ وعَلَّلَهُ؛ أمَرَهُ بِما يَفْعَلُ فِيهِ وعَلَّلَهُ، قال تعالى:
﴿ وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [25] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

التفسير :

[25] كم ترك فرعون وقومه بعد مهلكهم وإغراق الله إياهم من بساتين وجنات ناضرة، وعيون من الماء جارية،

وتركوا ما متعوا به من الحياة الدنيا وأورثه الله بني إسرائيل الذين كانوا مستعبدين لهم ولهذا قال:{ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ}

ثم بين- سبحانه- سوء مآلهم فقال: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وكَمْ هنا خبرية للتكثير والتهويل، أى: ما أكثر ما ترك هؤلاء المغرقون خلفهم من بساتين ناضرة، وعيون يخرج منها الماء النمير..

وهي البساتين "وعيون وزروع" والمراد بها الأنهار والآبار.

القول في تأويل قوله تعالى : كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25)

يقول تعالى ذكره: كم ترك فرعون وقومه من القبط بعد مهلكهم وتغريق الله إياهم من بساتين وأشجار, وهي الجنات, وعيون, يعني: ومنابع ما كان ينفجر في جنانهم وزروع قائمة في مزارعهم .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[25] ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ كم للتكثير، أي لقد تركوا كثيرًا من البساتين، والحدائق الغناء، والأنهار والعيون الجارية.
وقفة
[25، 26] اجتهاد المبطل في تتبع المحق للإضرار به قد يكون سببًا في هلاكه وهو لايشعر ﴿كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم﴾.

الإعراب :

  • ﴿ كَمْ تَرَكُوا:
  • كم: خبرية مبنية على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «تركوا» تركوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ مِنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «كم» التقدير: عددا كثيرا من الجنات والعيون حال كونهم تركوا. وعيون: معطوفة بالواو على «جنات» وتعرب اعرابها. وكريم: صفة لمقام مجرورة وعلامة جرّها: الكسرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     ولَمَّا أخبَرَ اللهُ عن غَرَقِ آلِ فِرعَونَ؛ أخبَرَ عمَّا خَلَّفوه وراءَهم، قال تعالى:
﴿ كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [26] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ

التفسير :

[26]وزروع ومنازل جميلة،

وتركوا ما متعوا به من الحياة الدنيا وأورثه الله بني إسرائيل الذين كانوا مستعبدين لهم ولهذا قال:{ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ}

وَزُرُوعٍ كثيرة متنوعة وَمَقامٍ كَرِيمٍ أى: ومحافل ومنازل كانت مزينة بألوان من الزينة والزخرفة..

( وزروع ) والمراد بها الأنهار والآبار ، ( ومقام كريم ) وهي المساكن الكريمة الأنيقة والأماكن الحسنة .

وقال مجاهد ، وسعيد بن جبير : ( ومقام كريم ) : المنابر .

وقال ابن لهيعة ، عن وهب بن عبد الله المعافري ، عن عبد الله بن عمرو قال : نيل مصر سيد الأنهار ، سخر الله له كل نهر بين المشرق والمغرب ، وذلله له ، فإذا أراد الله أن يجري نيل مصر أمر كل نهر أن يمده ، فأمدته الأنهار بمائها ، وفجر الله له الأرض عيونا ، فإذا انتهى جريه إلى ما أراد الله ، أوحى الله إلى كل ماء أن يرجع إلى عنصره .

وقال في قوله تعالى : ( كم تركوا من جنات وعيون . وزروع ومقام كريم . ونعمة كانوا فيها فاكهين ) قال : كانت الجنان بحافتي هذا النيل من أوله إلى آخره في الشقين جميعا ، ما بين أسوان إلى رشيد ، وكان له تسعة خلج : خليج الإسكندرية ، وخليج دمياط ، وخليج سردوس ، وخليج منف ، وخليج الفيوم ، وخليج المنهى ، متصلة لا ينقطع منها شيء عن شيء ، وزروع ما بين الجبلين ، كله من أول مصر إلى آخر ما يبلغه الماء ، وكانت جميع أرض مصر تروى من ستة عشر ذراعا ، لما قدروا ودبروا من قناطرها وجسورها وخلجها .

( وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ) يقول: وموضع كانوا يقومونه شريف كريم.

ثم اختلف أهل التأويل في معنى وصف الله ذلك المقام بالكرم, فقال بعضهم: وصفه بذلك لشرفه, وذلك أنه مَقام الملوك والأمراء, قالوا: وإنما أريد به المنابر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني جعفر بن ابنة إسحاق الأزرق, قال: ثنا سعيد بن محمد الثقفي, قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مُهاجر, عن أبيه, عن مجاهد, في قوله ( وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ) قال: المنابر.

حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة, قال: ثنا عبد الله بن داود الواسطي, قال: ثنا شريك، عن سالم الأفطس, عن سعيد بن جُبير, في قوله ( وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ) قال: المنابر.

وقال آخرون: وصف ذلك المقام بالكرم لحسنه وبهجته.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ) : أي حسن.

التدبر :

وقفة
[26] ﴿وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾ أي: ومزارع عديدة فيها أنواع المزروعات ومجالس ومنازل حسنة، قال قتادة: «ومقام كريم هي المواضع الحسان من المجالس والمساكن وغيرها».

الإعراب :

  • ﴿ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ
  • هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها.'

المتشابهات :

الشعراء: 58﴿ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ
الدخان: 26﴿ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ العيون؛ ذكرَ ما ينتج عن العيون، قال تعالى:
﴿ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ومقام:
1- بفتح الميم، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، وهى قراءة ابن هرمز، وقتادة، وابن السميفع، ونافع، فى رواية خارجة.

مدارسة الآية : [27] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ

التفسير :

[27]وعيشة كانوا فيها متنعمين مترفين.

وتركوا ما متعوا به من الحياة الدنيا وأورثه الله بني إسرائيل الذين كانوا مستعبدين لهم ولهذا قال:{ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ}

وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ أى: وتنعم وترفه كانوا فيه يتلذذون، بما بين أيديهم من رغد العيش. وكثرة الفاكهة..

والنعمة- بفتح النون- بمعنى التنعم والتلذذ، والنعمة- بالكسر- المنة والإنعام بالشيء وتطلق على الجنس الصادق بالقليل والكثير.

( ونعمة كانوا فيها فاكهين ) أي عيشة كانوا يتفكهون فيها فيأكلون ما شاءوا ويلبسون ما أحبوا مع الأموال والجاهات والحكم في البلاد ، فسلبوا ذلك جميعه في صبيحة واحدة ، وفارقوا الدنيا وصاروا إلى جهنم وبئس المصير ، واستولى على البلاد المصرية وتلك الحواصل الفرعونية والممالك القبطية بنو إسرائيل ، كما قال تعالى : ( كذلك وأورثناها بني إسرائيل ) [ الشعراء : 59 ] وقال في موضع آخر : ( وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون ) [ الأعراف : 137 ] .

وقوله ( وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ) يقول تعالى ذكره: وأخرجوا من نعمة كانوا فيها فاكهين متفكهين ناعمين.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( فَاكِهِينَ ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار خلا أبي جعفر القارئ( فَاكِهِينَ ) على المعنى الذي وصفت. وقرأه أبو رجاء العُطاردي والحسن وأبو جعفر المدنيّ( فَكِهينَ ) بمعنى: أشِرِين بَطِرين.

والصواب من القراءة عندي في ذلك, القراءة التي عليها قرّاء الأمصار, وهي ( فَاكِهِينَ ) بالألف بمعنى ناعمين.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ) : ناعمين, قال: إي والله, أخرجه الله من جناته وعيونه وزروعه حتى ورّطه في البحر.

التدبر :

وقفة
[27] ﴿وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ﴾ أي: وتنعم بالعيش مع الحسن والنضارة، كانوا فيها ناعمين بالرفاهية وكمال السرور، قال الإمام الفخر: بين تعالى أنهم بعد غرقهم تركوا هذه الأشياء الخمسة، وهي: الجنات، والعيون، والزروع، والمقام الكريم -وهو المجالس والمنازل الحسنة-، ونعمة العيش بفتح النون، وهي حسنه ونضارته.
وقفة
[27] ﴿وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ﴾ قال الزمخشري: «النَّعمة بالفتح من التَّنعُّم، والنِّعمة بالكسر الإنعام».
وقفة
[27] ﴿وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ﴾ ما الفرق بين كلمتي (نَعمة) بفتح النون، و(نِعمة) بكسر النون في القرآن؟ الجواب: النَّعْمَة بالفتح هي الترفه والراحة، وردت بالفتح مرتين في القرآن الكريم، هنا، وفي سورة المزمل: ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا﴾ [المزمل: 11]، وأما النِّعمة بكسر النون فاسم للحالة الملائمة لرغبة الإنسان من عافية، وأمن ورزق، ونحو ذلك، وردت أربعًا وثلاثين مرة.

الإعراب :

  • ﴿ وَنَعْمَةٍ كانُوا:
  • معطوفة بالواو على «جنات» وتعرب اعرابها. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة
  • ﴿ فِيها فاكِهِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «كانوا» فاكهين: خبر «كان» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد وجملة كانُوا فِيها فاكِهِينَ» في محل جر صفة لنعمة على اللفظ‍ وفي محل نصب على المحل. والمعنى كانوا فيها متنعمين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بِتَعَبِ صاحِبِهِ فِيهِ؛ دَلَّ عَلى أنَّهُ كانَ بِكَدِّ غَيْرِهِمْ، وهم في غايَةِ التَّرَفِ، قال تعالى:
﴿ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ونعمة:
وقرئ:
بالنصب، وهى قراءة أبى رجاء.
فاكهين:
1- بألف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بغير ألف، وهى قراءة أبى رجاء، والحسن.

مدارسة الآية : [28] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ

التفسير :

[28] مثل ذلك العقاب يعاقب الله مَن كذَّب وبدَّل نعمة الله كفراً، وأورثنا تلك النعم مِن بعد فرعون وقومه قوماً آخرين خلفوهم من بني إسرائيل.

[كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا} أي:هذة النعمة المذكورة{ قَوْمًا آخَرِينَ}فى الآية الأخرى{ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ}

وقوله: كَذلِكَ في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، أى: الأمر كذلك.

قال الجمل ما ملخصه: «قوله: كَذلِكَ.. خبر مبتدأ محذوف. أى: الأمر كذلك.

فالوقف يكون على هذا اللفظ، وتكون الجملة اعتراضية لتقرير وتوكيد ما قبلها ... ويبتدأ بقوله: وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ وهو معطوف على كَمْ تَرَكُوا.. أى: تركوا أمورا كثيرة وأورثناها قوما آخرين، وهم بنو إسرائيل» .

وقال الزمخشري: الكاف في محل نصب، على معنى: مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ ليسوا منهم.

فعلى هذا يكون قوله وَأَوْرَثْناها معطوفا على تلك الجملة الناصبة للكاف، فلا يجوز الوقف على كَذلِكَ حينئذ .

وقال الآلوسى: والمراد بالقوم الآخرين: بنو إسرائيل، وهم مغايرون للقبط جنسا ودينا. ويفسر ذلك قوله- تعالى- في سورة الشعراء: كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ وهو ظاهر في أن بنى إسرائيل رجعوا إلى مصر، بعد هلاك فرعون وملكوها.

وقيل: المراد بالقوم الآخرين غير بنى إسرائيل ممن ملك مصر بعد هلاك فرعون، لأنه لم يرد في مشهور التواريخ أن بنى إسرائيل رجعوا إلى مصر، ولا أنهم ملكوها قط.

وما في سورة الشعراء من باب قوله- تعالى-: وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ أو من باب: عندي درهم ونصفه. فليس المراد خصوص ما تركوه، بل نوعه وما يشبهه.

وقيل: المراد من إيراثها إياهم: تمكينهم من التصرف فيها، ولا يتوقف ذلك على رجوعهم إلى مصر، كما كانوا فيها أولا ..

والذي نراه- كما سبق أن قلنا عند تفسير سورة الشعراء - أن الآية صريحة في توريث بنى إسرائيل للجنات والعيون.. التي خلفها فرعون وقومه بعد غرقهم، بمعنى أنهم عادوا إلى مصر بعد غرق فرعون ومن معه، ولكن عودتهم كانت لفترة معينة، خرجوا بعدها إلى الأرض المقدسة التي دعاهم موسى- عليه السلام- لدخولها كما جاء في قوله- تعالى-: يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ. وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ ..

وقال هاهنا : ( كذلك وأورثناها قوما آخرين ) وهم بنو إسرائيل ، كما تقدم .

وقوله ( كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) يقول تعالى ذكره: هكذا كما وصفت لكم أيها الناس فعلنا بهؤلاء الذي ذكرتُ لكم أمرهم, الذين كذّبوا رسولنا موسى صلى الله عليه وسلم.

وقوله ( وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) يقول تعالى ذكره وأورثنا جناتهم وعيونهم وزروعهم ومقَاماتهم وما كانوا فيه من النعمة عنهم قوما آخرين بعد مهلكهم, وقيل: عُنِي بالقوم الآخرين بنو إسرائيل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة قوله ( كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) يعني بني إسرائيل.

التدبر :

وقفة
[28] ﴿كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ أي: كذلك فعلنا بهم حيث أهلكناهم، وأورثنا ملكهم وديارهم لقوم آخرين، كانوا مستعبدين في يد القبط، وهم بنو إسرائيل، قال ابن كثير: «والمراد بهم بنو إسرائيل فقد استولوا -بعد غرق فرعون وقومه- على الممالك القبطية، والبلاد المصرية، كما قال تعالى: ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾ [الأعراف: 137]، وقال تعالى في مكان آخر: ﴿وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: 59]».
لمسة
[25-28] ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ استئناف ابتدائي مسوق للعبرة بعواقب الظالمين المغرورين بما هم فيه من النعمة والقوة، غرورًا أنساهم مراقبة الله فيما يرضيه.
وقفة
[25-28] ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ ذكر ابن خلدون في مقدمته فصلًا بعنوان: (الظلم مؤذن بخراب العمران)، وبيَّن فيه أن الظلم إذا انتشر، خربت البلاد، وفسد حال العباد.

الإعراب :

  • ﴿ كَذلِكَ:
  • الكاف: اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب صفة لمصدر أو نائبة عنه والعامل مضمر بتقدير: مثل ذلك الاخراج أخرجناهم منها. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب أو تكون الكاف في محل رفع خبر مبتدأ محذوف. التقدير: الأمر كذلك.
  • ﴿ وَأَوْرَثْناها:
  • الواو عاطفة. أورث: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل-ضمير الغائبة-يعود على ديارهم مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول.
  • ﴿ قَوْماً آخَرِينَ:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. آخرين: صفة-نعت-لقوما منصوبة مثلها وعلامة نصبها الياء لأنها ملحقة بجمع المذكر السالم والنون عوض من الحركة في المفرد.'

المتشابهات :

الشعراء: 59﴿ كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
الدخان: 28﴿ كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ ما فعلَ ببني إسرائيل؛ أكَّدَ هذا هنا، أي هكذا فعلنا بهؤلاء الذين كذبوا رسلنا، وهكذا نفعل بكل من عصانا وخالف أمرنا، قال تعالى:
﴿ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [29] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ ..

التفسير :

[29] فما بكت السماء والأرض حزناً على فرعون وقومه، وما كانوا مؤخَّرين عن العقوبة التي حلَّت بهم.

{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} أي:لما أتلفهم الله وأهلكهم لم تبك عليهم السماء والأرض أي:لم يحزن عليهم ولم يؤس على فراقهم، بل كل استبشر بهلاكهم وتلفهم حتى السماء والأرض لأنهم ما خلفوا من آثارهم إلا ما يسود وجوههم ويوجب عليهم اللعنة والمقت من العالمين.

{ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} أي:ممهلين عن العقوبة بل اصطلمتهم في الحال.

ثم بين- سبحانه- أن فرعون وقومه بعد أن غرقوا، لم يحزن لهلاكهم أحد، فقال:

فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ.

أى: أن هؤلاء المغرقين، الذين كانوا ملء السمع والبصر، وكانوا يذلون غيرهم، وكانوا يملكون الجنات والعيون ... هؤلاء الطغاة، لم يحزن لهلاكهم أحد من أهل السموات أو أهل الأرض، ولم يؤخر عذابهم لوقت آخر في الدنيا أو في الآخرة، بل نزل بهم الغرق والدمار بدون تأخير أو تسويف..

فالمقصود من الآية الكريمة بيان هوان منزلة هؤلاء المغرقين، وتفاهة شأنهم، وعدم أسف أحد على غرقهم، لأنهم كانوا ممقوتين من كل عاقل..

قال صاحب الكشاف ما ملخصه: كان العرب إذا مات فيهم رجل خطير قالوا في تعظيم مهلكه: بكت عليه السماء والأرض وبكته الريح، وأظلمت له الشمس..

قال جرير في رثاء عمر بن العزيز:

نعى النعاة أمير المؤمنين لنا ... يا خير من حج بيت الله واعتمرا

حملت أمرا عظيما فاصطبرت له ... وقمت فيه بأمر الله يا عمرا

الشمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكى عليك نجوم الليل والقمرا

وقالت ليلى بنت طريف الخارجية، ترثى أخاها الوليد:

أيا شجر الخابور مالك مورقا ... كأنك لم تجزع على ابن طريف

وذلك على سبيل التمثيل والتخييل، مبالغة في وجوب الجزع والبكاء عليه..

وفي الآية تهكم بهم وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده، فيقال فيه: بكت عليه السماء والأرض. يعنى فما بكى عليهم أهل السماء والأرض، بل كانوا بهلاكهم مسرورين.. .

وقال الإمام أبن كثير: قوله: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ.. أى: لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكى على فقدهم، ولا لهم بقاع في أرض عبدوا الله فيها ففقدتهم فلهذا استحقوا أن لا ينظروا ولا يؤخروا..

ثم ساق- رحمه الله- جملة من الأحاديث منها ما أخرجه ابن جرير عن شريح بن عبيد الحضرمي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا، ألا لا غربة على مؤمن. ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه. إلا بكت عليه السماء والأرض. ثم قرأ صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية. ثم قال: إنهما لا يبكيان على كافر

وقوله : ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) أي : لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم ، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا الله فيها فقدتهم ; فلهذا استحقوا ألا ينظروا ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم ، وعتوهم وعنادهم .

قال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده : حدثنا أحمد بن إسحاق البصري ، حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا موسى بن عبيدة ، حدثني يزيد الرقاشي ، حدثني أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من عبد إلا وله في السماء بابان : باب يخرج منه رزقه ، وباب يدخل منه عمله وكلامه ، فإذا مات فقداه وبكيا عليه " وتلا هذه الآية : ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) وذكر أنهم لم يكونوا عملوا على الأرض عملا صالحا يبكي عليهم . ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ، ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم .

ورواه ابن أبي حاتم من حديث موسى بن عبيدة وهو الربذي .

وقال ابن جرير : حدثني يحيى بن طلحة ، حدثني عيسى بن يونس ، عن صفوان بن عمرو ، عن شريح بن عبيد الحضرمي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا . ألا لا غربة على مؤمن ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض " . ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) ثم قال : " إنهما لا يبكيان على الكافر " .

وقال ابن أبى حاتم : حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو أحمد - يعني الزبيري - حدثنا العلاء بن صالح ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله قال : سأل رجل عليا رضي الله عنه : هل تبكي السماء والأرض على أحد ؟ فقال له : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ، إنه ليس [ من ] عبد إلا له مصلى في الأرض ، ومصعد عمله من السماء . وإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض ، ولا عمل يصعد في السماء ، ثم قرأ علي ، رضي الله عنه ( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين )

وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا طلق بن غنام ، عن زائدة ، عن منصور ، عن منهال ، عن سعيد بن جبير قال : أتى ابن عباس رجل فقال : يا أبا عباس أرأيت قول الله : ( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ) فهل تبكي السماء والأرض على أحد ؟ قال : نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه ، وفيه يصعد عمله ، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله وينزل منه رزقه بكى عليه ، وإذا فقد مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله فيها بكت عليه ، وإن قوم فرعون لم تكن لهم في الأرض آثار صالحة ، ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير ، فلم تبك عليهم السماء والأرض .

وروى العوفي ، عن ابن عباس ، نحو هذا .

وقال سفيان الثوري ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] قال : كان يقال : تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحا . وكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وغير واحد .

وقال مجاهد أيضا : ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا ، قال : فقلت له : أتبكي الأرض ؟ فقال : أتعجب ؟ وما للأرض لا تبكي على عبد ، كان يعمرها بالركوع والسجود ؟ وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها دوي كدوي النحل ؟

وقال قتادة : كانوا أهون على الله من أن تبكي عليهم السماء والأرض .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا عبد السلام بن عاصم ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا المستورد بن سابق ، عن عبيد المكتب ، عن إبراهيم قال : ما بكت السماء منذ كانت الدنيا إلا على اثنين قلت لعبيد : أليس السماء والأرض تبكي على المؤمن ؟ قال : ذاك مقامه حيث يصعد عمله . قال : وتدري ما بكاء السماء ؟ قلت لا قال : تحمر وتصير وردة كالدهان ، إن يحيى بن زكريا لما قتل احمرت السماء وقطرت دما . وإن حسين بن علي لما قتل احمرت السماء .

وحدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو - زنيج - حدثنا جرير ، عن يزيد بن أبي زياد قال : لما قتل حسين بن علي ، رضي الله عنهما ، احمرت آفاق السماء أربعة أشهر . قال يزيد : واحمرارها بكاؤها . وهكذا قال السدي الكبير .

وقال عطاء الخراساني : بكاؤها : أن تحمر أطرافها .

وذكروا أيضا في مقتل الحسين أنه ما قلب حجر يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط ، وأنه كسفت الشمس ، واحمر الأفق ، وسقطت حجارة . وفي كل من ذلك نظر ، والظاهر أنه من سخف الشيعة وكذبهم ، ليعظموا الأمر - ولا شك أنه عظيم - ولكن لم يقع هذا الذي اختلقوه وكذبوه ، وقد وقع ما هو أعظم من [ ذلك ] ، قتل الحسين رضي الله عنه ولم يقع شيء مما ذكروه ، فإنه قد قتل أبوه علي بن أبي طالب ، وهو أفضل منه بالإجماع ولم يقع [ شيء من ] ذلك ، وعثمان بن عفان قتل محصورا مظلوما ، ولم يكن شيء من ذلك . وعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قتل في المحراب في صلاة الصبح ، وكأن المسلمين لم تطرقهم مصيبة قبل ذلك ، ولم يكن شيء من ذلك . وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد البشر في الدنيا والآخرة يوم مات لم يكن شيء مما ذكروه . ويوم مات إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - خسفت الشمس فقال الناس : [ الشمس ] خسفت لموت إبراهيم ، فصلى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الكسوف ، وخطبهم وبين لهم أن الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته .

القول في تأويل قوله تعالى : فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)

يقول تعالى ذكره: فما بكت على هؤلاء الذين غرّقهم الله في البحر, وهم فرعون وقومه, السماء والأرض, وقيل: إن بكاء السماء حمرة أطرافها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسيّ, قال: ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد, عن الحكم بن ظهير, عن السديّ قال: لما قتل الحسين بن عليّ رضوان الله عليهما بكت السماء عليه, وبكاؤها حمرتها.

حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء في قوله ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) قال: بكاؤها حمرة أطرافها.

وقيل: إنما قيل ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) لأن المؤمن إذا مات, بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا, ولم تبكيا على فرعون وقومه, لأنه لم يكن لهم عمل يَصعْد إلى الله صالح, فتبكي عليهم السماء, ولا مسجد في الأرض, فتبكي عليهم الأرض.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا طلق بن غنام, عن زائدة, عن منصور, عن المنهال, عن سعيد بن جُبير, قال: أتى ابن عباس رجل, فقال: يا أبا عباس أرأيت قول الله تبارك وتعالى ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) فهل تبكي السماء والأرض على أحد؟ قال: نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا له باب في السماء منه ينـزل رزقه, وفيه يصعد عمله, فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله, وينـزل منه رزقه, بكى عليه; وإذا فقده مُصَلاه من الأرض التي كان يصلي فيها, ويذكر الله فيها بكت عليه, وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض آثار صالحة, ولم يكن يصعد إلى السماء منهم خير, قال: فلم تبك عليهم السماء والأرض.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن ويحيى قالا ثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد, قال: كان يقال: تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحًا.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن أبي يحيى القَتَّات, عن مجاهد, عن ابن عباس بمثله.

حدثني يحيى بن طلحة, قال: ثنا فضيل بن عياض, عن منصور, عن مجاهد, قال: حُدثت أن المؤمن إذا مات بكت عليه الأرض أربعين صباحا.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي, قال: ثنا بكير بن أبي السميط, قال: ثنا قتادة, عن سعيد بن جُبير أنه كان يقول: إن بقاع الأرض التي كان يصعد عمله منها إلى السماء تبكي عليه بعد موته, يعني المؤمن.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عمرو, عن منصور, عن المنهال, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) قال: إنه ليس أحد إلا له باب في السماء ينـزل فيه رزقه ويصعد فيه عمله, فإذا فُقِد بكت عليه مواضعه التي كان يسجد عليها, وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض عمل صالح يقبل منهم, فيصعد إلى الله عزّ وجلّ, فقال مجاهد: تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحا.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد قال: كان يقال: إن المؤمن إذا مات بكت عليه الأرض أربعين صباحا.

حدثنا يحيى بن طلحة, قال: ثنا عيسى بن يونس, عن صفوان بن عمرو, عن شريح بن عبيد الحضرمي, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الإسْلامَ بَدَأ غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا, ألا لا غُرْبَةَ عَلى المُؤْمِن, ما ماتَ مُؤْمِنٌ فِي غُرْبَةٍ غَابَتْ عَنْهُ فِيهَا بَوَاكِيهِ إلا بَكَتْ عَلَيْهِ السَّماءُ والأرْضُ", ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ), ثم قال: " إنَّهُما لا يَبْكِيانِ على الكافر ".

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ )... الآية, قال: ذلك أنه ليس على الأرض مؤمن يموت إلا بكى عليه ما كان يصلي فيه من المساجد حين يفقده, وإلا بكى عليه من السماء الموضعُ الذي كان يرفع منه كلامه, فذلك لأهل معصيته: ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) لأنهما يبكيان على أولياء الله.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) (2)

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) يقول: لا تبكي السماء والأرض على الكافر, وتبكي على المؤمن الصالح معالمُه من الأرض ومقرُّ عمله من السماء.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ ) قال: بقاع المؤمن التي كان يصلي عليها من الأرض تبكي عليه إذا مات, وبقاعه من السماء التي كان يرفع فيها عمله.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن المنهال, عن سعيد بن جُبَير, قال: سُئل ابن عباس: هل تبكي السماء والأرض على أحد؟ فقال: نعم إنه ليس أحد, من الخلق إلا له باب في السماء يصعد فيه عمله, وينـزل منه رزقه, فإذا مات بكى عليه مكانه من الأرض الذي كان يذكر الله فيه ويصلي فيه, وبكى عليه بابه الذي كان يصعد فيه عمله, وينـزل منه رزقه. وأما قوم فرعون, فلم يكن لهم آثار صالحة, ولم يصعد إلى السماء منهم خير, فلم تبك عليهم السماء والأرض.

وقوله ( وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) يقول: وما كانوا مؤخرين بالعقوبة التي حلَّت بهم, ولكنهم عوجلوا بها إذ أسخطوا ربهم عزّ وجلّ عليهم .

------------------------

الهوامش:

(2) في الأصل: " لم يذكر لهذا السند تفسير عن قتادة والذي في الدر المنثور عنه قال: هم كانوا أهون على الله من ذلك. وقال: وكنا نحدث أن المؤمن تبكي عليه بقاعه التي يصلي فيها من الأرض ومصعد عمله من السماء ".

التدبر :

وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ هل تأملت هذه الآية فعملت لله مخلصًا غير محدث ولا مبدل؛ لتنال كرامة بكاء السماء والأرض عليك يوم الرحيل؟!
وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ أي: لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا الله فيها ففقدتهم؛ فلهذا استحقوا أن لا يُنظَروا ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم.
وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ لم تبك عليهم السماء؛ لأنهم لم يكونوا يرفع لهم فيها عمل صالح، ولم تبك عليهم الأرض؛ لأنهم لم يكونوا يعملون فيها بعمل صالح.
وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ السماء تعرف المؤمن وتحبه.
وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ عند رحيلك قد يبكي عليك (بابك في السماء) أكثر من أهلك، إن أحسنت عملك!
وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ لو كانوا طائعين لَبُكِيَ عليهم! (الطائع يحبه أعلى الوجود وأسفله).
وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ مما قيل في معنى هذه الآية: أن كل موضع عَبد فيه المؤمن ربَّه يبكي عليه بعد موته وموضع عمله المرفوع في السماء.
عمل
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ المؤمنُ تبكي عليه السَّماءُ والأرضُ بعد موتِه لعملِه الصَّالح، فاعمل صالحًا لتكون كذلك.
وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ الكون لا يحزن لموت الكافر لهوانه على الله.
وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ ليكن لوجودك في الدنيا أثر نافع تُعرف به في الملأ الأعلى، وتُفتقَد لأجله في الأرض بعد رحيلك.
وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ الذي يستحق البكاء عليه هم أصحاب الأعمال الصالحة والأيادي البيضاء في بذل الخير.
وقفة
[29] احرص على تكثير أماكن سجودك، في بيتك، ومسجدك، فإن الأرض تشهد لصاحبها، وتفقده بعد موته ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾.
وقفة
[29] إن السماء والأرض لا تبكيان على موت عبد سوء لا يعمل الصالحات ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾.
وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ﴾ هذا بيان لعدم الاكتراث بهلاكهم؛ قال المفسرون: أى إنهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملًا صالحًا تبكي عليهم به، ولم يصعد لهم إلى السماء عمل طيب يُبكى عليهم به؛ والمعنى أنه لم يصب بفقدهم وهلاكهم أحد من أهل السماء ولا من أهل الأرض.
وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ﴾ قال مجاهد: «إن السماء والأرض يبكيان على المؤمن أربعين صباحًا». قال أبو يحيى: فعجبت من قوله، فقال: «أتعجب! وما للأرض لا تبكي على عبد يعمرها بالركوع والسجود! وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتسبيحه وتكبيره فيها دوي كدوي النحل».
وقفة
[29] ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ﴾ قوال السلف تدل على أن الأرض والسماء تبكي على موت الصالحين، وهذا يدل على أن الصالح تحبه السماء ومن فيها, والأرض ومن بها، نسأل الله الكريم من فضله.
وقفة
[29] ﴿فَما بَكَت عَلَيهِمُ السَّماءُ وَالأَرضُ وَما كانوا مُنظَرينَ﴾ لا أحد يحزن لوفاة الطغاة والظالمين!
عمل
[29] صل ركعتين في مكان لم تصل فيه من قبل حتى يشهد لك ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَما بَكَتْ:
  • الفاء: استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. بكت: فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بتاء التأنيث الساكنة وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة. والتاء لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ عَلَيْهِمُ السَّماءُ:
  • حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق ببكت. السماء: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ وَالْأَرْضُ:
  • معطوفة بالواو على «السماء» مرفوعة مثلها بالضمة وقيل هذا القول فيه تهكم بهم وبحالهم المنافية من يعظم فقده أو بمعنى فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون يعني فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض بحذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه.
  • ﴿ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ:
  • الواو عاطفة. ما: معطوفة على «ما» الأولى.كانوا منظرين: تعرب اعراب «كانوا فاكهين» الواردة في الآية الكريمة السابعة والعشرين. أي مهملين بمعنى لما جاء وقت هلاكهم لم ينظروا الى وقت آخر ولم يمهلوا الى الآخرة بل عجل لهم في الدنيا.'

المتشابهات :

الحجر: 8﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُّنظَرِينَ
الدخان: 29﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [29] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ الإهْلاكُ يُوجِبُ أسَفًا عَلى المُهْلَكِينَ ولَوْ مِن بَعْضِ النّاسِ ولا سِيَّما إذا كانُوا جَمْعًا؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن فرعون وقومه بعد أن غرقوا، لم يحزن لهلاكهم أحد، قال تعالى:
﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [30] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ ..

التفسير :

[30] ولقد نجَّينا بني إسرائيل من العذاب المُذلِّ لهم بقتل أبنائهم واستخدام نسائهم.

ثم امتن تعالى على بني إسرائيل فقال:{ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ} الذي كانوا فيه .

ثم بين- سبحانه- جانبا من نعمه على بنى إسرائيل فقال: وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ.

أى: والله لقد نجينا- بفضلنا ورحمتنا- بنى إسرائيل من العذاب المهين، الذي كان ينزله بهم أعداؤهم، كقتلهم للذكور، واستبقائهم للإناث..

وقوله : ( ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين ) يمتن عليهم تعالى بذلك ، حيث أنقذهم مما كانوا فيه من إهانة فرعون وإذلاله لهم ، وتسخيره إياهم في الأعمال المهينة الشاقة .

( وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) : يقول تعالى ذكره: ولقد نجَّينا بني إسرائيل من العذاب الذي كان فرعون وقومه يعذّبونَهُم به, المهين يعني المذلّ لهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) بقتل أبنائهم, واستحياء نسائهم.

التدبر :

وقفة
[30] ﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ هو قتل الأبناء واستخدام البنات.
عمل
[30] أتبع اللَّه تعالى ما يقابل النقمة بالنعمة للعبرة: ﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾.
وقفة
[30، 31] ﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مِن فِرْعَوْنَ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ قال ابن عاشور: «والمقصود من ذكر هذا الإشارة إلى أن الله تعالى ينجي الذين آمنوا بمحمد من عذاب أهل الشرك بمكة، كما نجي الذين اتبعوا موسي من عذاب فرعون، وجعل طغيان فرعون وإسرافه في الشر مثلًا لطغيان أبي جهل وملئه».

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ:
  • تعرب اعراب «ولقد فتنا قوم فرعون» الواردة في الآية الكريمة السابعة عشرة وعلامة نصب «بني» الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت النون للاضافة.
  • ﴿ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ:
  • جار ومجرور متعلق بنجينا. المهين: صفة-نعت- للعذاب مجرورة مثلها وعلامة الجر الكسرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [30] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ كَيفيَّةَ إهلاكِ فِرعَونَ وقَومِه؛ بَيَّنَ هنا كَيْفِيَّةَ إحْسانِهِ إلى مُوسى وقَوْمِهِ، ولأنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ مُقَدَّمٌ عَلى إيصالِ النَّفْعِ؛ بَدَأ تَعالى بِبَيانِ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهم، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [31] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا ..

التفسير :

[31] من فرعون، إنه كان جباراً من المشركين، مسرفاً في العلو والتكبر على عباد الله.

{ مِنْ فِرْعَوْنَ} إذ يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم.{ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا} أي:مستكبرا في الأرض بغير الحق{ مِنَ الْمُسْرِفِينَ} المتجاوزين لحدود الله المتجرئين على محارمه.

وقوله: مِنْ فِرْعَوْنَ بدل من العذاب على حذف المضاف، والتقدير: من عذاب فرعون.. أو على المبالغة كأن فرعون نفس العذاب، لإفراطه في تعذيبهم وإهانتهم.

ثم بين- سبحانه- حال فرعون فقال: إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ أى: نجيناهم من فرعون الذي كان متكبرا متجبرا، ومن المسرفين في فعل الشرور، وفي ارتكاب القبائح..

وقوله : ( من فرعون إنه كان عاليا [ من المسرفين ] ) أي : مستكبرا جبارا عنيدا ، كقوله : ( إن فرعون علا في الأرض [ وجعل أهلها شيعا ] ) [ القصص : 4 ] .

وقوله ( مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ ) يقول تعالى ذكره: ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب من فرعون, فقوله ( مِنْ فِرْعَوْنَ ) مكرّرة على قوله ( مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) مبدلة من الأولى. ويعني بقوله ( إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ ) إنه كان جبارا مستعليًا مستكبرًا على ربه,( مِنَ الْمُسْرِفِينَ ) يعني: من المتجاوزين ما ليس لهم تجاوزه. وإنما يعني جل ثناؤه أنه كان ذا اعتداء في كفره, واستكبار على ربه جلّ ثناؤه.

التدبر :

وقفة
[31] قال الله عن فرعون: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا﴾، فكان سقوطه على قدر علوه.
وقفة
[31] قال الله عن فرعون: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا﴾، وكان متعاليًا متغطرسًا فأسقطه الله وأذله وجعله للناس آية.
وقفة
[31] ﴿إِنَّهُ كانَ عالِيًا مِنَ المُسرِفينَ﴾ ترتبط الصفتان بعضهما ببعض ارتباطا وثيقًا، فالتكبر والتجبر فى الأرض مدعاة للإسراف فى كل الشرور والآثام.

الإعراب :

  • ﴿ مِنْ فِرْعَوْنَ:
  • جار ومجرور بدل من الْعَذابِ الْمُهِينِ» كأنه في نفسه كان عذابا مهينا لافراطه في تعذيبهم واهانتهم. ويجوز أن يكون الجار والمجرور متعلقا بحال محذوفة من العذاب المهين بتقدير: واقعا من جهة فرعون. وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة.
  • ﴿ إِنَّهُ كانَ عالِياً:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل للتعليل والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. عاليا خبر «كان» منصوب بالفتحة والجملة الفعلية كانَ عالِياً» في محل رفع خبر «ان» أي كان متكبرا.
  • ﴿ مِنَ الْمُسْرِفِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر ثان لإن بتقدير: مسرفا منهم في التكبر أي أنه كان عاليا أي متكبرا مسرفا وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [31] لما قبلها :     ولَمَّا تَشَوَّفَ السَّامِعُ إلى صاحِبِ ذَلِكَ العَذابِ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنَّ فِرْعَوْنَ نَفْسَهُ كانَ عَذابًا لِإفْراطِهِ في أذاهُمْ، قال تعالى:
﴿ مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [32] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى ..

التفسير :

[32] ولقد اصطفينا بني إسرائيل على عِلْم منا بهم على عالَمي زمانهم.

{ وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ} أي:اصطفيناهم وانتقيناهم{ عَلَى عِلْمٍ} منا بهم وباستحقاقهم لذلك الفضل{ عَلَى الْعَالَمِينَ} أي:عالمي زمانهم ومن قبلهم وبعدهم حتى أتى الله بأمة محمد صلى الله عليه وسلم ففضلوا العالمين كلهم وجعلهم الله خير أمة أخرجت للناس وامتن عليهم بما لم يمتن به على غيرهم.

ثم بين- سبحانه- جانبا آخر من إكرامه لبنى إسرائيل فقال: وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ.

والاختيار: الاصطفاء على سبيل التشريف والتكريم، أى: ولقد اصطفينا بنى إسرائيل على عالمي زمانهم، ونحن عالمون بذلك علما اقتضته حكمتنا ورحمتنا.

فقوله عَلى عِلْمٍ في موضع الحال من الفاعل، والمراد بالعالمين: أهل زمانهم المعاصرين لهم، بدليل قوله- تعالى- في الأمة الإسلامية: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ...

وهذا الاصطفاء والاختيار، إنما مرده إلى من يعمل منهم عملا صالحا، أما الذين لم يعملوا ذلك فلا مزية لهم ولا فضل، ولذا نجد كثيرا من الآيات تذم من يستحق الذم منهم.

ومن ذلك قوله- تعالى-: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ. كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ، لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ .

وقوله : ( ولقد اخترناهم على علم على العالمين ) قال مجاهد : ( اخترناهم على علم على العالمين ) على من هم بين ظهريه . وقال قتادة : اختيروا على أهل زمانهم ذلك . وكان يقال : إن لكل زمان عالما . وهذه كقوله تعالى : ( قال ياموسى إني اصطفيتك على الناس ) [ الأعراف : 144 ] أي : أهل زمانه ، وكقوله لمريم : ( واصطفاك على نساء العالمين ) [ آل عمران : 42 ] أي : في زمانها ; فإن خديجة أفضل منها ، وكذا آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، أو مساوية لها في الفضل ، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32)

يقول تعالى ذكره: ولقد اخترنا بني إسرائيل على علم منا بهم على عالمي أهل زمانهم يومئذ, وذلك زمان موسى صلوات الله وسلامه عليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) : أي اختيروا على أهل زمانهم ذلك, ولكلّ زمان عالم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) قال: عالم ذلك الزمان.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) قال: على من هم بين ظَهْرَانِيهِ.

التدبر :

وقفة
[32] ﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ اختار الله مؤمني بني إسرائيل مع علمه بكونهم أحقاء بأن يختاروا من بين أهل زمانهم، فالهداية توفيق واصطفاء واختيار.
وقفة
[32، 33] ﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُّبِينٌ﴾ ولما كانت قريش تفتخر بظواهر الأمور من الزينة والغرور، ويعدونه تعظيمًا من الله، ويعدون ضعف الحال في الدنيا شقاء وبعدًا من الله، ردَّ عليهم قولهم بما آتى بني إسرائيل، على ما كانوا فيه من الضعف وسوء الحال، بعد إهلاك آل فرعون بعذاب الاستئصال.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ:
  • معطوفة بالواو على وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ» وتعرب مثلها و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. أي ولقد اخترنا بني اسرائيل.
  • ﴿ عَلى عِلْمٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال من الضمير «نا» في اخترناهم أي عالمين أو ونحن عالمون.
  • ﴿ عَلَى الْعالَمِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الضمير «هم» ضمير «اخترناهم» وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. أي مع علم منا بأنهم يزيفون.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ كيف دَفَع الضَّرَرَ عن بني إسرائيلَ؛ بَيَّنَ هنا كيف أوصَلَ إليهم الخَيراتِ، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [33] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ ..

التفسير :

[33] وآتيناهم من المعجزات على يد موسى ما فيه ابتلاؤهم واختبارهم؛ رخاء وشدة.

{ وَآتَيْنَاهُمْ} أي:بني إسرائيل{ مِنَ الْآيَاتِ} الباهرة والمعجزات الظاهرة.{ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ} أي:إحسان كثير ظاهر منا عليهم وحجة عليهم على صحة ما جاءهم به نبيهم موسى عليه السلام.

ثم بين- سبحانه- بعض المعجزات التي جاءتهم على أيدى رسلهم فقال: وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ.

أى: وأعطيناهم من المعجزات الدالة على صدق رسلهم كموسى وعيسى وغيرهما، ما فيه بلاء مبين.

أى: ما فيه اختبار وامتحان ظاهر، ليتميز الخبيث من الطيب، والكافر من المؤمن.

ومن هذه الآيات: فلق البحر بالنسبة لموسى، وإبراء الأكمه والأبرص، بالنسبة لعيسى.

ومن هذه الآيات الكريمة نرى جانبا من قصة موسى- عليه السلام-، وكيف أنه بلغ رسالة ربه على أكمل وجه، وسلك مع فرعون وقومه أحكم السبل في الدعوة إلى الحق..

كما نرى فيها فضل الله- تعالى- على نبيه، وعلى بنى إسرائيل، حيث نجاهم من ظلم فرعون وطغيانه، وأهلكه ومن معه أمام أعينهم، وأورثهم كنوز أعدائهم..

وبعد هذا الحديث عن موسى- عليه السلام- وعن قومه، وعن فرعون وشيعته.. بعد كل ذلك انتقلت السورة، للحديث عن موقف المشركين من قضية البعث والنشور، وردت عليهم بما يدل على إمكانية البعث وصحته. وأنه واقع لا محالة، وبينت سوء عاقبة من ينكر ذلك، ومن يصر على كفره وجحوده فقال الله- تعالى-:

وقوله : ( وآتيناهم من الآيات ) أي : [ من ] الحجج والبراهين وخوارق العادات ( ما فيه بلاء مبين ) أي : اختبار ظاهر جلي لمن اهتدى به .

قوله ( وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ ) يقول تعالى ذكره: وأعطيناهم من العِبر والعِظات ما فيه اختبار يبين لمن تأمله أنه اختبار اختبرهم الله به.

واختلف أهل التأويل في ذلك البلاء, فقال بعضهم: ابتلاهم بنعمه عندهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ ) أنجاهم الله من عدوّهم, ثم أقطعهم البحر, وظلَّل عليهم الغمام, وأنـزل عليهم المنّ والسلوى.

وقال آخرون: بل ابتلاهم بالرخاء والشدّة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله ( وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ ), وقرأ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ وقال: بلاء مبين لمن آمن بها وكفر بها, بلوى نبتليهم بها, نمحصهم بلوى اختبار, نختبرهم بالخير والشرّ, نختبرهم لننظر فيما أتاهم من الآيات من يؤمن بها, وينتفع بها ويضيعها.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أنه آتى بني إسرائيل من الآيات ما فيه ابتلاؤهم واختبارهم, وقد يكون الابتلاء والاختبار بالرخاء, ويكون بالشدّة, ولم يضع لنا دليلا من خبر ولا عقل, أنه عنى بعض ذلك دون بعض, وقد كان الله اختبرهم بالمعنيين كليهما جميعا. وجائز أن يكون عنى اختباره إياهم بهما, فإذا كان الأمر على ما وصفنا, فالصواب من القول فيه أن نقول كما قال جل ثناؤه إنه اختبرهم.

التدبر :

وقفة
[33] ﴿وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُّبِينٌ﴾ اختبار الله لعباده بالسراء والضراء، فاختبار السراء اختبار لمقدار الشكر، واختبار الضراء اختبار لمقدار الصبر.

الإعراب :

  • ﴿ وَآتَيْناهُمْ:
  • معطوفة بالواو على «اخترناهم» الواردة في الآية السابقة وتعرب إعرابها.
  • ﴿ مِنَ الْآياتِ:
  • من: حرف جر للتبعيض. الآيات: اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بآتيناهم. أي من المعجزات أو متعلق بحال من «ما» متقدمة عليه.
  • ﴿ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان لآتينا. فيه: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. بلاء: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. مبين: صفة-نعت-لبلاء مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة. والجملة الاسمية فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. ويجوز أن يكون مفعول «آتينا» الثاني محذوفا دلت عليه «من» التبعيضية وتكون «ما» اسما موصولا في محل نصب صفة للمفعول الثاني الذي نابت عنه «من» أي بعض الايات الذي فيه بلاء مبين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     ولَمَّا أعْلَمَ بِاخْتِيارِهِمْ؛ بَيَّنَ آثارَ الِاخْتِيارِ، قال تعالى:
﴿ وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاء مُّبِينٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [34] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ هَؤُلَاء لَيَقُولُونَ

التفسير :

[34] إن هؤلاء المشركين مِن قومك -أيها الرسول- ليقولون:

يخبر تعالى{ إِنَّ هَؤُلَاءِ} المكذبين يقولون مستبعدين للبعث والنشور:{ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ} أي:ما هي إلا الحياة الدنيا فلا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار.

واسم الإشارة في قوله- تعالى-: إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ يعود إلى مشركي مكة، الذين سبق الحديث عنهم في قوله- تعالى-: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ إلخ.

وذكر- سبحانه- قصة فرعون وقومه في الوسط، للإشارة إلى التشابه بين الفريقين في التكذيب للحق، وفي الإصرار على الضلال.

وكانت الإشارة للقريب، لتحقيرهم والتهوين من شأنهم.

يقول تعالى منكرا على المشركين في إنكارهم البعث والمعاد ، وأنه ما ثم إلا هذه الحياة الدنيا ، ولا حياة بعد الممات ، ولا بعث ولا نشور .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (34)

يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل مشركي قريش لنبي الله صلى الله عليه وسلم: إن هؤلاء المشركين من قومك يا محمد ( لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأولَى ) التي نموتها, وهي الموتة الأولى ( وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ) بعد مماتنا, ولا بمبعوثين تكذيبا منهم بالبعث والثواب والعقاب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[34، 35] ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ * إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ﴾ قالوها بالأمس بألسنتهم، وكثيرون يقولونها اليوم بلسان أحوالهم وفساد أعمالهم.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ هؤُلاءِ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هؤلاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل نصب اسم إن.
  • ﴿ لَيَقُولُونَ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-يقولون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية: في محل رفع خبر «ان» والاشارة الى كفار قريش.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا هَدَّدَهم بعذابِ الدُّخان، ثم بالبطشةِ الكبرى، وضربَ لهم المَثَلَ بقومِ فرعونَ؛ أعقَبَ ذلك بالإشارةِ إلى أنَّ إنكارَ البعثِ هو الذي صرَفَهم عن توقُّعِ جزاءِ السُّوءِ على إعراضِهم، قال تعالى:
﴿ إِنَّ هَؤُلَاء لَيَقُولُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [35] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى ..

التفسير :

[35]ما هي إلا موتتنا التي نموتها، وهي الموتة الأولى والأخيرة، وما نحن بعد مماتنا بمبعوثين للحساب والثواب والعقاب.

يخبر تعالى{ إِنَّ هَؤُلَاءِ} المكذبين يقولون مستبعدين للبعث والنشور:{ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ} أي:ما هي إلا الحياة الدنيا فلا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار

وإِنْ في قوله- تعالى-: إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى ... نافية. أى: إن هؤلاء الكافرين ليقولون على سبيل الجزم والتكذيب للبعث: ما الموتة التي نموتها في نهاية حياتنا الدنيوية، إلا الموتة النهائية لا حياة بعدها ولا بعث ولا نشور.

ومرادهم من الأولى: السابقة المتقدمة على الموعد الذي يوعدونه للبعث والنشور.

قال بعض العلماء: وذلك أنهم لما وعدوا بعد الحياة الدنيا حالتين أخريين.

الأولى منهما الموت، والأخرى حياة البعث، أثبتوا الحالة الأولى وهي الموت، ونفوا ما بعدها.

وسموها أولى مع أنهم اعتقدوا أنه لا شيء بعدها، لأنهم نزلوا جحدهم على الإثبات فجعلوها أولى على ما ذكرت لهم.. .

وقوله: وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ تأكيد لما سبقه. أى: قالوا ليس هنا من موت سوى الموت المزيل لحياتنا، ثم لا بعث ولا حساب ولا نشور بعد ذلك.

يقال: أنشر الله- تعالى- الموتى نشورا، إذا أحياهم بعد موتهم، فهم منشرون.

يقول تعالى منكرا على المشركين فى إنكارهم البعث والمعاد وأنه ما ثم إلا هذه الحياة الدنيا ولا حياة بعد الممات ولا بعث ولا نشور ويحتجون بأبائهم الماضين الذين ذهبوا فلم يرجعوا فإن كان البعث حقا "فأتوا بأبائنا إن كنتم صادقين".

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ) قال: قد قال مشركو العرب ( وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ) أي: بمبعوثين.

التدبر :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الإعراب :

  • ﴿ إِنْ هِيَ:
  • مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية لا عمل لها. هي: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ إِلاّ مَوْتَتُنَا الْأُولى:
  • أداة حصر لا عمل لها. موتة: خبر «هي» مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل للمتكلمين مبني على السكون في محل جر بالاضافة. الأولى: صفة لموتتنا مرفوعة مثلها بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. أي سوى الموتة الواحدة والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ:
  • تعرب اعراب وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ» الواردة في الآية الكريمة التاسعة والخمسين من سورة «الصافات» بمعنى: وما نحن بمبعوثين.'

المتشابهات :

الصافات: 59﴿ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
الدخان: 35﴿إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     ولَمَّا أشار إليهم؛ حكى هنا قولهم، قال تعالى:
﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [36] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

التفسير :

[36] ويقولون أيضاً:فَأْتِ -يا محمد أنت ومَن معك- بآبائنا الذين قد ماتوا، إن كنتم صادقين في أن الله يبعث مَن في القبور أحياء.

ثم قالوا -متجرئين على ربهم معجزين له-:{ فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وهذا من اقتراح الجهلة المعاندين في مكان سحيق، فأي ملازمة بين صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه متوقف على الإتيان بآبائهم؟ فإن الآيات قد قامت على صدق ما جاءهم به وتواترت تواترا عظيما من كل وجه.

ثم بين- سبحانه- مطالبهم المتعنتة، وأدلتهم الباطلة فقال: فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

والفاء للإفصاح، والخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم وللمؤمنين الذين كانوا يؤمنون بالبعث.

أى: إن هؤلاء الكافرين قالوا- أيضا- للرسول صلّى الله عليه وسلّم وللمؤمنين: إن كان الأمر كما تقولون من أن هناك بعثا وحسابا.. فأعيدوا الحياة إلى آبائنا الأولين، واجعلوهم يخرجون إلينا مرة لنراهم.

وهذه حجة باطلة وشبهة فاسدة فإن المعاد إنما هو يوم القيامة لا في الدار الدنيا بل بعد انقضائها "وذهابها" وفراغها يعيد الله العالمين خلقا جديدا ويجعل الظالمين لنار جهنم وقودا يوم تكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا.

وقوله ( فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) يقول تعالى ذكره: قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم: فأتوا بآبائنا الذين قد ماتوا إن كنتم صادقين, أن الله باعثنا من بعد بلانا في قبورنا, ومحيينا من بعد مماتنا, وخوطب صلى الله عليه وسلم هو وحده خطاب الجميع, كما قيل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ وكما قال رَبِّ ارْجِعُونِ وقد بيَّنت ذلك في غير موضع من كتابنا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[36] ﴿فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ قال القرطبي: «قيل: إن قائل هذا من كفار قريش أبو جهل، قال: يا محمد، إن كنت صادقًا في قولك، فابعث لنا رجلين من آبائنا، أحدهما قُصَيُّ بن كلاب، فإنه كان رجلًا صادقًا، لنسأله عما يكون بعد الموت».

الإعراب :

  • ﴿ فَأْتُوا:
  • الفاء واقعة في جواب شرط‍ مقدر على معنى: ان كنا ننشر أي نبعث بعد الموت فأتوا بآبائنا. أو تكون واقعة في جواب شرط‍ مقدم بمعنى: ان صدقتم فيما تقولون فأتوا بآبائنا أي فعجلوا لنا احياء من مات من آبائنا بسؤالكم ربكم ذلك. أأتوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الافعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ بِآبائِنا:
  • جار ومجرور متعلق بائتوا. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين- مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنْ كُنْتُمْ:
  • حرف شرط‍ جازم. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بإن التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم كان. والميم علامة جمع الذكور وجواب الشرط‍ محذوف لتقدم معناه.
  • ﴿ صادِقِينَ:
  • خبر «كان» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين في المفرد.'

المتشابهات :

الدخان: 36﴿فَـ ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
الجاثية: 25﴿مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ أنهم أنكروا البعثَ؛ بَيَّنَ سبحانه مطالبَهم المُتعنتة، وأدلتَهم الباطلة، حيث خاطبوا من وعدوهم بالنشور، وهم النبي وأصحابه، فقالوا لهم:
﴿ فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [37] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ..

التفسير :

[37] أهؤلاء المشركون خير أم قوم تُبَّع الحِمْيَري والذين مِن قبلهم من الأمم الكافرة بربها؟ أهلكناهم لإجرامهم وكفرهم، ليس هؤلاء المشركون بخير مِن أولئكم فنصفح عنهم ولا نهلكهم، وهم بالله كافرون.

قال تعالى:{ أَهُمْ خَيْرٌ} أي:هؤلاء المخاطبون{ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} فإنهم ليسوا خيرا منهم وقد اشتركوا في الإجرام فليتوقعوا من الهلاك ما أصاب إخوانهم المجرمين.

وقوله- سبحانه-: أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ... تهديد لهم على جهالاتهم وإصرارهم على كفرهم.

والمراد بتبع: أبو كريب أسعد بن مليك، ويسمى بتبع الحميرى. وهو أحد ملوك حمير.

وكان مؤمنا، وقومه كانوا كافرين فأهلكهم الله. وإليه ينسب الأنصار، ولفظ تُبَّعٍ يعد لقبا لكل ملك من ملوك اليمن، كما أن لقب فرعون يعد لقبا لمن ملك مصر كافرا.. .

أى: إن هؤلاء الكافرين المعاصرين لك- أيها الرسول الكريم- ليسوا خيرا من قوم تبع، الذين كانوا أشد منهم قوة وأكثر جمعا، فلما لجوا في طغيانهم أهلكهم الله- تعالى- وإن مصير هؤلاء المشركين- إذا ما استمروا في عنادهم- سيكون كمصير قوم تبع..

فالمقصود من الآية الكريمة تحذير الكافرين من التمادي في الضلال، لأن هذا التمادي سيؤدي بهم الى الخسران، كما هو حال قوم تبع الذين لا يخفى أمرهم عليهم.

والمراد بمن قبلهم في قوله- تعالى-: وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ: الأقوام السابقون على قوم تبع، كقوم عاد وثمود وغيرهم. أو على هؤلاء الكافرين المعاصرين للنبي صلّى الله عليه وسلّم.

أى: والذين من قبل قوم تبع أو من قبل قومك من الظالمين، أهلكناهم لأنهم كانوا قوما مجرمين.

ثم قال تعالى متهددا لهم ، ومتوعدا ومنذرا لهم بأسه الذي لا يرد ، كما حل بأشباههم ونظرائهم من المشركين والمنكرين للبعث وكقوم تبع - وهم سبأ - حيث أهلكهم الله وخرب بلادهم ، وشردهم في البلاد ، وفرقهم شذر مذر ، كما تقدم ذلك في سورة سبأ ، وهي مصدرة بإنكار المشركين للمعاد . وكذلك هاهنا شبههم بأولئك ، وقد كانوا عربا من قحطان كما أن هؤلاء عرب من عدنان ، وقد كانت حمير - وهم سبأ - كلما ملك فيهم رجل سموه تبعا ، كما يقال : كسرى لمن ملك الفرس ، وقيصر لمن ملك الروم ، وفرعون لمن ملك مصر كافرا ، والنجاشي لمن ملك الحبشة ، وغير ذلك من أعلام الأجناس . ولكن اتفق أن بعض تبابعتهم خرج من اليمن وسار في البلاد حتى وصل إلى سمرقند ، واشتد ملكه وعظم سلطانه وجيشه ، واتسعت مملكته وبلاده ، وكثرت رعاياه وهو الذي مصر الحيرة فاتفق أنه مر بالمدينة النبوية وذلك في أيام الجاهلية ، فأراد قتال أهلها فمانعوه وقاتلوه بالنهار ، وجعلوا يقرونه بالليل ، فاستحيا منهم وكف عنهم ، واستصحب معه حبرين من أحبار يهود كانا قد نصحاه وأخبراه أنه لا سبيل له على هذه البلدة ; فإنها مهاجر نبي يكون في آخر الزمان ، فرجع عنها وأخذهما معه إلى بلاد اليمن ، فلما اجتاز بمكة أراد هدم الكعبة فنهياه [ عن ذلك ] أيضا ، وأخبراه بعظمة هذا البيت ، وأنه من بناية إبراهيم الخليل وأنه سيكون له شأن عظيم على يدي ذلك النبي المبعوث في آخر الزمان ، فعظمها وطاف بها ، وكساها الملاء والوصائل والحبير . ثم كر راجعا إلى اليمن ودعا أهلها إلى التهود معه ، وكان إذ ذاك دين موسى ، عليه السلام ، فيه من يكون على الهداية قبل بعثة المسيح ، عليه السلام ، فتهود معه عامة أهل اليمن . وقد ذكر القصة بطولها الإمام محمد بن إسحاق في كتابه " السيرة " وقد ترجمه الحافظ ابن عساكر في تاريخه ترجمة حافلة ، أورد فيها أشياء كثيرة مما ذكرنا وما لم نذكر . وذكر أنه ملك دمشق ، وأنه كان إذا استعرض الخيل صفت له من دمشق إلى اليمن ، ثم ساق من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما أدري : الحدود طهارة لأهلها أم لا ؟ ولا أدري تبع لعينا كان أم لا ؟ ولا أدري ذو القرنين نبيا كان أم ملكا ؟ " وقال غيره : " أعزيرا كان نبيا أم لا ؟ " . وكذا رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن حماد الظهراني ، عن عبد الرزاق .

قال الدارقطني : تفرد به عبد الرزاق . ثم روى ابن عساكر من طريق محمد بن كريب ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، مرفوعا : " عزير لا أدري أنبيا كان أم لا ؟ ولا أدري ألعين تبع أم لا ؟ " .

ثم أورد ما جاء في النهي عن سبه ولعنته ، كما سيأتي . وكأنه - والله أعلم - كان كافرا ثم أسلم وتابع دين الكليم على يدي من كان من أحبار اليهود في ذلك الزمان على الحق قبل بعثة المسيح ، عليه السلام ، وحج البيت في زمن الجرهميين ، وكساه الملاء والوصائل من الحرير والحبر ونحر عنده ستة آلاف بدنة وعظمه وأكرمه . ثم عاد إلى اليمن . وقد ساق قصته بطولها الحافظ ابن عساكر ، من طرق متعددة مطولة مبسوطة ، عن أبي بن كعب وعبد الله بن سلام ، وعبد الله بن عباس وكعب الأحبار . وإليه المرجع في ذلك كله ، وإلى عبد الله بن سلام أيضا ، وهو أثبت وأكبر وأعلم . وكذا روى قصته وهب بن منبه ، ومحمد بن إسحاق في السيرة كما هو مشهور فيها . وقد اختلط على الحافظ ابن عساكر في بعض السياقات ترجمة تبع هذا بترجمة آخر متأخر عنه بدهر طويل ، فإن تبعا هذا المشار إليه في القرآن أسلم قومه على يديه ، ثم لما مات عادوا بعده إلى عبادة الأصنام والنيران ، فعاقبهم الله تعالى كما ذكره في سورة سبأ ، وقد بسطنا قصتهم هنالك ، ولله الحمد والمنة .

وقال سعيد بن جبير : كسا تبع الكعبة ، وكان سعيد ينهى عن سبه .

وتبع هذا هو تبع الأوسط ، واسمه أسعد أبو كريب بن ملكيكرب اليماني ذكروا أنه ملك على قومه ثلاثمائة سنة وستا وعشرين سنة ، ولم يكن في حمير أطول مدة منه ، وتوفي قبل مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحو من سبعمائة عام . وذكروا أنه لما ذكر له الحبران من يهود المدينة أن هذه البلدة مهاجر نبي آخر في الزمان ، اسمه أحمد ، قال في ذلك شعرا واستودعه عند أهل المدينة . وكانوا يتوارثونه ويروونه خلفا عن سلف . وكان ممن يحفظه أبو أيوب خالد بن زيد الذي نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في داره ، وهو :

شهدت على أحمد أنه رسول من الله باري النسم فلو مد عمري إلى عمره

لكنت وزيرا له وابن عم وجاهدت بالسيف أعداءه

وفرجت عن صدره كل غم

وذكر ابن أبي الدنيا أنه حفر قبر بصنعاء في الإسلام ، فوجدوا فيه امرأتين صحيحتين ، وعند رءوسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب : " هذا قبر حبى ولميس - وروي : حبى وتماضر - ابنتي تبع ماتتا ، وهما تشهدان أن لا إله إلا الله ولا تشركان به شيئا ، وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما .

وقد ذكرنا في " سورة سبأ " شعر سبأ في ذلك أيضا .

قال قتادة : ذكر لنا أن كعبا كان يقول في تبع : نعت نعت الرجل الصالح ، ذم الله تعالى قومه ولم يذمه ، قال : وكانت عائشة تقول : لا تسبوا تبعا ; فإنه قد كان رجلا صالحا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا عبد الله ابن لهيعة عن أبي زرعة - يعني عمرو بن جابر الحضرمي - قال : سمعت سهل بن سعد الساعدي يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تسبوا تبعا ; فإنه قد كان أسلم " .

ورواه الإمام أحمد في مسنده عن حسن بن موسى ، عن ابن لهيعة ، به .

وقال الطبراني : حدثنا أحمد بن علي الأبار ، حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تسبوا تبعا ; فإنه قد أسلم " .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما أدري ، تبع نبيا كان أم غير نبي " .

وتقدم بهذا السند من رواية ابن أبي حاتم كما أورده ابن عساكر : " لا أدري تبع كان لعينا أم لا ؟ " . فالله أعلم .

ورواه ابن عساكر من طريق زكريا بن يحيى البدي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس موقوفا .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا عمران أبو الهذيل ، أخبرني تميم بن عبد الرحمن قال : قال عطاء بن أبي رباح : لا تسبوا تبعا ; فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن سبه .

القول في تأويل قوله تعالى : أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أهؤلاء المشركون يا محمد من قومك خير, أم قوم تُبَّع, يعني تُبَّعا الحِمْيريّ.

كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن نجيح, عن مجاهد, في قول الله عزّ وجلّ( أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ) قال: الحميريّ.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ) ذُكر لنا أن تبعا كان رجلا من حمير, سار بالجيوش حتى حير الحيرة, ثم أتى سمرقند فهدمها. وذُكر لنا أنه كان إذا كَتَب كَتَب باسم الذي تسمَّى وملك برّا وبحرا وصحا وريحا. وذُكر لنا أن كعبا كان يقول: نُعِتَ نَعْتَ الرَّجُلِ الصَّالح ذمّ الله قومَه ولم يذمه. وكانت عائشة تقول: لا تسبوا تُبَّعا, فإنه كان رجلا صالحا.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: قالت عائشة: كان تبَّع رجلا صالحا. وقال كعب: ذمّ الله قومه ولم يذمه.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن تميم بن عبد الرحمن, عن سعيد بن جبير, أن تُبَّعا كسا البيت, ونهى سعيد عن سبه.

وقوله ( وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) يقول تعالى ذكره: أهؤلاء المشركون من قريش خير أم قوم تبع والذين من قبلهم من الأمم الكافرة بربها, يقول: فليس هؤلاء بخير من أولئك, فنصفح عنهم, ولا نهلكهم, وهم بالله كافرون, كما كان الذين أهلكناهم من الأمم من قبلهم كفارا.

وقوله ( إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) يقول: إن قوم تبَّع والذين من قبلهم من الأمم الذين أهلكناهم إنما أهلكناهم لإجرامهم, وكفرهم بربهم. وقيل: إنهم كانوا مجرمين, فكُسرت ألف " إن " على وجه الابتداء, وفيها معنى الشرط استغناء بدلالة الكلام على معناها.

التدبر :

وقفة
[37] ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ فبعد أن ضرب لهم المثل بمهلك قوم فرعون زادهم مثلًا آخر هو أقرب إلى اعتبارهم به؛ وهو مَهلِكُ قوم أقرب إلى بلادهم من قوم فرعون، وأولئك قوم تبَّع؛ فإن العرب يتسامعون بعظمة مُلك تُبَّع وقومه أهل اليمن، وكثير من العرب شاهدوا آثار قوتهم وعظمتهم في مراحل أسفارهم، وتحادثوا بما أصابهم من الهلك بسيل العرم.
وقفة
[37] ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ معنى الآية: أقريش أشدُّ وأقوى، أم قوم تبع والذين من قبلهم من الكفار؟! وقد أهكلنا قوم تبع وغيرهم لما كفروا، فكذلك نهلك هؤلاء، فمقصود الكلام تهديد.
وقفة
[37] ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ تُبَّع هو أبو كريب أسعد بن مليك، وهو أحد ملوك حمير، وكان مؤمنًا، وقومه كانوا كافرين فأهلكهم الله، ولفظ (تُبَّع) لقب لكل ملك من ملوك اليمن، كما أن لقب فرعون لقب لكل ملك من ملوك مصر كان كافرًا.
وقفة
[37] ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ ما يستحق المدح والذم في العبد على الحقيقة هو الإيمان؛ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: «لاَ تَسُبُّوا تُبَّعًا فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ أَسْلَمَ». [أحمد 5/340، وصححه الألباني].
وقفة
[37] قدرة الله على إهلاك الظالمين ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾.
وقفة
[37] الحذر من أسباب هلاك الأمم ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾.
وقفة
[37] ﴿أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ إذا اشتركتم مع الهالكين في أعمالهم، فقد تساويتم معهم في عاقبتهم! فلتخافوا ولتحذروا.
وقفة
[37] ﴿أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ بَيَّنَ اللهُ سبب إهلاك القوم، وهو الإجرام والتمادي في العدوان؛ حتى يوقن الناس بعدل الله وحكمته في كل ما قضاه.
تفاعل
[37] ﴿أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ أَهُمْ خَيْرٌ:
  • الهمزة: همزة استفهام لا محل لها. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. خير: خبر «هم» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ:
  • حرف عطف وهي «أم» المتصلة. قوم: معطوفة على «هم» مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة وقد حذف خبرها اختصارا لأن ما قبله يدل عليه. أي أهم أفضل مالا وجاها أو قوم تبع أفضل؟ تبع: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ وَالَّذِينَ:
  • الواو: حرف عطف. الذين: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَهْلَكْناهُمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «الذين» أهلك: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ إِنَّهُمْ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل للتعليل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «ان» بمعنى لأنهم.
  • ﴿ كانُوا مُجْرِمِينَ:
  • تعرب اعراب كانُوا مُنْظَرِينَ» الواردة في الآية التاسعة والعشرين والجملة في محل رفع خبر إن.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     وبعْدَ أنْ ضَرَبَ اللهُ لهمُ المَثَلَ بمَهلِكِ قَومِ فِرعَونَ؛ زادهم هنا مَثَلًا آخَرَ هو أقرَبُ إلى اعتِبارِهم به، وهو مَهلِكُ قَومٍ أقرَبَ إلى بِلادِهم مِن قَومِ فِرعَونَ، وأُولَئِكَ قَومُ تُبَّعِ الحِمْيَريِّ ملكِ اليمنِ؛ فإنَّ العَرَب يَتَسامَعونَ بعَظَمةِ مُلْكِ تُبَّعٍ وقَومِه، وكَثيرٌ مِن العَرَبِ شَاهَدوا آثارَ قُوَّتِهم في مَراحِلِ أسفارِهِم، قال تعالى:
﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [38] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا ..

التفسير :

[38] وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لعباً،

يخبر تعالى عن كمال قدرته وتمام حكمته وأنه ما خلق السماوات والأرض لعبا ولا لهوا أو سدى من غير فائدة

ثم لفت- سبحانه- أنظار الناس إلى التفكر في خلق السموات والأرض فقال: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما.. من مخلوقات لا يعلمها إلا الله- تعالى- ما خلقنا ذلك لاعِبِينَ أى: عابثين أو لغير غرض صحيح.

يقول تعالى مخبرا عن عدله وتنزيهه نفسه عن اللعب والعبث والباطل ، كقوله : ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ) ، وقال ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) [ المؤمنون : 115 ، 116 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ (38)

يقول تعالى ذكره: ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ ) السبع والأرضين وما بينهما من الخلق لعبا. .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[38] خلق السماوات والأرض لحكمة بالغة يجهلها الملحدون ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾.
وقفة
[38، 39] ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ فهم لأجل ذلك يجترئون على المعاصي ويفسدون في الأرض؛ لا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا.

الإعراب :

  • ﴿ وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ
  • هذه الآية الكريمة أعربت في سورة «الأنبياء» الآية السادسة عشرة.'

المتشابهات :

الدخان: 38﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ
الأنبياء: 16﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ
ص: 27﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     ولَمَّا أنكَرَ اللهُ على كُفَّارِ مكَّةَ قَولَهم، ووصَفَهم بأنَّهم أضعَفُ مِمَّن كان قَبْلَهم؛ ذكَرَ هنا الدَّليلَ القاطِعَ على صِحَّةِ القَولِ بالبَعثِ والقيامةِ، فقال تعالى:
﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وما بينهما:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- وما بينهن، وهى قراءة عبيد بن عميس.

مدارسة الآية : [39] :الدخان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ ..

التفسير :

[39]ما خلقناهما إلا بالحق الذي هو سنة الله في خَلْقه وتدبيرُه، ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون ذلك، فلهذا لم يتفكروا فيهما؛ لأنهم لا يرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً.

وأنه ما خلقهما إلا بالحق أي:نفس خلقهما بالحق وخلقهما مشتمل على الحق، وأنه أوجدهما ليعبدوه وحده لا شريك له وليأمر العباد وينهاهم ويثيبهم ويعاقبهم.{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} فلذلك لم يتفكروا في خلق السماوات والأرض.

وقوله- تعالى-: ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ استثناء مفرغ من أعم الأحوال.

أى: ما خلقناهما إلا خلقا ملتبسا بالحق مؤيدا بالحكمة..

وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ذلك، لانطماس بصائرهم، واستحواذ الشيطان عليهم.

يقول تعالى مخبرا عن عدله وتنزيهه نفسه عن اللعب والعبث والباطل ، كقوله : ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ) ، وقال ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) [ المؤمنون : 115 ، 116 ] .

وقوله ( مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالْحَقِّ ) يقول: ما خلقنا السموات والأرض إلا بالحقّ الذي لا يصلح التدبير إلا به.

وإنما يعني بذلك تعالى ذكره التنبيه على صحة البعث والمجازاة, يقول تعالى ذكره: لم نخلق الخلق عبثا بأن نحدثهم فنحييهم ما أردنا, ثم نفنيهم من غير الامتحان بالطاعة والأمر والنهي, وغير مجازاة المطيع على طاعته, والعاصي على المعصية, ولكن خلقنا ذلك لنبتلي من أردنا امتحانه من خلقنا بما شئنا من امتحانه من الأمر والنهي لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى .

( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) يقول تعالى ذكره: ولكن أكثر هؤلاء المشركين بالله لا يعلمون أن الله خلق ذلك لهم, فهم لا يخافون على ما يأتون من سخط الله عقوبة, ولا يرجون على خير إن فعلوه ثوابا لتكذيبهم بالمعاد.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[39] ﴿مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ما خلق الله السماوات والأرض إلا لتكون مرايا يظهر فيها الحق، لكن أكثر الناس عميان البصيرة، لا يرون فيها دلائل القدرة وآثار الإعجاز.

الإعراب :

  • ﴿ ما خَلَقْناهُما:
  • معطوفة بالواو على وَما خَلَقْنَا» في الآية السابقة وتعرب اعرابها. الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به و «ما» علامة التثنية.
  • ﴿ إِلاّ بِالْحَقِّ:
  • أداة حصر لا عمل لها. بالحق: جار ومجرور متعلق بصفة نائبة عن مصدر محذوف بتقدير إلا خلقا ملتبسا بالحق أو متعلق بحال من الضمير «هما» ملتبسين بالحق أو من الفاعل أي ومعنا الحق.
  • ﴿ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ:
  • الواو استئنافية. لكن: حرف مشبه بالفعل. اكثر: اسم «لكن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لا يَعْلَمُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «لكن» لا: نافية لا عمل لها. يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعولها اختصارا أي لا يعلمون ذلك أي خلقنا الكون بالحق.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     ولَمَّا نفى اللهُ أن يكونَ خَلَق ذلك لِلَّعِبِ الَّذي هو باطِلٌ؛ أثبَتَ ما خلَقَه له، فقال تعالى:
﴿ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف