ترتيب المصحف | 67 | ترتيب النزول | 77 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 2.40 |
عدد الآيات | 30 | عدد الأجزاء | 0.00 |
عدد الأحزاب | 0.00 | عدد الأرباع | 1.00 |
ترتيب الطول | 59 | تبدأ في الجزء | 29 |
تنتهي في الجزء | 29 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
الثناء على الله: 13/14 | تبارك: 2/2 |
تمجيدُ اللهِ سبحانَهُ، والاستدلالُ على وحدانيتِه وقدرتِه بـتفرُّدِه بالملكِ والإحياءِ والإماتةِ، وخلقِه السَّمواتِ السَّبع، وما زيَّنَها به من النُّجومِ المُضيئةِ.
قريبًا إن شاء الله
بعدَ بيانِ أدلَّةِ وحدانيتِه وقدرتِه ومصيرِ الشَّياطينِ، بَيَّنَ اللهُ هنا مصيرَ الكُفَّارِ في النَّارِ، وما قالُوه تحسُّرًا ونَدَمًا، واعترافَهم بذنوبِهم، ثُمَّ بَشَّرَ المؤمنينَ بالمغفرةِ والأجرِ الكبيرِ.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} أي:تعاظم وتعالى، وكثر خيره، وعم إحسانه، من عظمته أن بيده ملك العالم العلوي والسفلي، فهو الذي خلقه، ويتصرف فيه بما شاء، من الأحكام القدرية، والأحكام الدينية، التابعة لحكمته، ومن عظمته، كمال قدرته التي يقدر بها على كل شيء، وبها أوجد ما أوجد من المخلوقات العظيمة، كالسماوات والأرض.
مقدمة وتمهيد
1- سورة «الملك» من السور المكية الخالصة، ومن السور ذات الأسماء المتعددة، قال الآلوسى: وتسمى «تبارك» و «المانعة» و «المنجية» و «المجادلة» .
فقد أخرج الطبراني عن ابن مسعود قال: كنا نسميها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم «المانعة» .
وأخرج الترمذي وغيره عن ابن عباس قال: ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر، وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال صلى الله عليه وسلم: هي المانعة، هي المنجية، تنجيه من عذاب القبر.
وفي رواية عن ابن عباس أنه قال لرجل: ألا أتحفك بحديث تفرح به؟ قال: بلى. قال:
اقرأ سورة «تبارك الذي بيده الملك» وعلمها أهلك، وجميع ولدك ... فإنها المنجية والمجادلة يوم القيامة عند ربها لقارئها..
وقد جاء في فضلها أخبار كثيرة، منها- سوى ما تقدم- ما أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن سورة من كتاب الله، ما هي إلا ثلاثون آية، شفعت لرجل حتى غفر له، تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ... .
وكان نزولها بعد سورة «المؤمنون» وقبل سورة «الحاقة» .. وعدد آياتها إحدى وثلاثون آية في المصحف المكي.. وثلاثون آية في غيره.
2- والسورة الكريمة زاخرة بالحديث عن أدلة وحدانية الله- تعالى- وقدرته وعن مظاهر فضله ورحمته بعباده، وعن بديع خلقه في هذا الكون، وعن أحوال الكافرين، وأحوال المؤمنين يوم القيامة، وعن وجوب التأمل والتدبر في ملكوت السموات والأرض.. وعن الحجج الباهرة التي لقنها- سبحانه- لنبيه صلى الله عليه وسلم لكي يقذف بها في وجوه المبطلين، والتي تبدأ في بضع آيات بقوله- تعالى- قُلْ.
ومن ذلك قوله- سبحانه-: قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ، وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا، فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
لفظ ( تَبَارَكَ ) فعل ماض لا ينصرف . وهو مأخوذ من البركة ، بمعنى الكثرة من كل خير . وأصلها النماء والزيادة أى : كثر خيره وإحسانه ، وتزايدت بركاته .
أو مأخوذ من البركة بمعنى الثبوت . يقال : برك البعير ، إذا أناخ فى موضعه فلزمه وثبت فيه . وكل شئ ثبت ودام فقد برك . أى : ثبت ودام خيره على خلقه .
والملك - بضم الميم وسكون اللام - : السلطان والقدرة ونفاذ الأمر .
أى : جل شأن الله - تعالى - وكثر خيره وإحسانه ، وثبت فضله على جميع خلقه ، فهو - سبحانه - الذى بيده وقدرته التمكن والتصرف فى كل شئ على حسب ما يريد ويرضى ، وهو - عز وجل - الذى لا يعجزه أمر فى الأرض أو فى السماء .
واختار - سبحانه - الفعل " تبارك " للدلالة على المبالغة فى وفرة العظمة والعطاء ، فإن هذه الصيغة ترد للكناية عن قوة الفعل وشدته . . كما فى قولهم : تواصل الخير ، إذا تتابع بكثرة مع دوامه . .
والتعريف فى لفظ " الملك " للجنس . وتقديم المسند وهو " بيده " على المسند إليه ، لإِفادة الاختصاص . أى : بيده وحده لا بيد أحد سواه جميع أنواع السلطان والقدرة ، والأمر والنهى . .
قال الإِمام الرازى : وهذه الكلمة تستعمل لتأكيد كونه - تعالى - ملكا ومالكا ، تقول بيد فلان الأمر والنهى ، والحل والعقد . وذكر اليد إنما هو تصوير للإحاطة ولتمام قدرته ، لأنها محلها مع التنزه عن الجارحة . .
وجملة ( وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) معطوفة على قوله ( بِيَدِهِ الملك ) الذى هو صلة الموصول ، وذلك لإِفادة التعميم بعد التخصيص ، لأن الجملة الأولى وهى ( الذي بِيَدِهِ الملك ) أفادت عموم تصرفه فى سائر الموجودات ، وهذه أفادت عموم تصرفه - سبحانه - فى سائر الموجودات والمعدومات ، إذ بيده - سبحانه - إعدام الموجود ، وإيجاد المعدوم .
تفسير سورة الملك وهي مكية .
قال أحمد : حدثنا حجاج بن محمد ، وابن جعفر قالا : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن عباس الجشمي ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لصاحبها حتى غفر له : " تبارك الذي بيده الملك " .
ورواه أهل السنن الأربعة ، من حديث شعبة به ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن .
وقد روى الطبراني ، والحافظ الضياء المقدسي ، من طريق سلام بن مسكين ، عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة : " تبارك الذي بيده الملك " .
وقال الترمذي : حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا يحيى بن مالك النكري ، عن أبيه ، عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال : ضرب بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خباءه على قبر ، وهو لا يحسب أنه قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر ، فإذا إنسان يقرأ سورة الملك " تبارك " حتى ختمها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هي المانعة ، هي المنجية ، تنجيه من عذاب القبر " ثم قال : " هذا حديث غريب من هذا الوجه . وفي الباب عن أبي هريرة . ثم روى الترمذي أيضا من طريق ليث بن أبي سليم ، عن أبي الزبير ، عن جابر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينام حتى يقرأ " الم تنزيل " سورة السجدة ، و " تبارك الذي بيده الملك " . وقال ليث ، عن طاوس : يفضلان كل سورة في القرآن بسبعين حسنة .
وقال الطبراني : حدثنا محمد بن الحسين بن عجلان الأصبهاني ، حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ، عن أبيه ، عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي " يعني : " تبارك الذي بيده الملك " .
هذا حديث غريب ، وإبراهيم ضعيف ، وقد تقدم مثله في سورة " يس " وقد روى هذا الحديث عبد بن حميد في مسنده بأبسط من هذا ، فقال :
حدثنا إبراهيم بن الحكم ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال لرجل : ألا أتحفك بحديث تفرح به ؟ قال : بلى . قال اقرأ : " تبارك الذي بيده الملك " ، وعلمها أهلك ، وجميع ولدك ، وصبيان بيتك ، وجيرانك ، ، فإنها المنجية والمجادلة ، تجادل - أو تخاصم - يوم القيامة عند ربها لقارئها ، وتطلب له أن ينجيه من عذاب النار ، وينجي بها صاحبها من عذاب القبر ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي " .
وقد روى الحافظ ابن عساكر في تاريخه ، في ترجمة أحمد بن نصر بن زياد أبي عبد الله القرشي النيسابوري المقرئ الزاهد الفقيه ، أحد الثقات الذين روى عنهم البخاري ، ومسلم ولكن في غير الصحيحين ، وروى عنه الترمذي ، وابن ماجه ، وابن خزيمة . وعليه تفقه في مذهب أبي عبيد بن حربويه وخلق سواهم ، ساق بسنده من حديثه عن فرات بن السائب ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن رجلا ممن كان قبلكم مات ، وليس معه شيء من كتاب الله إلا " تبارك " ، فلما وضع في حفرته أتاه الملك فثارت السورة في وجهه ، فقال لها : إنك من كتاب الله ، وأنا أكره مساءتك ، وإني لا أملك لك ولا له ولا لنفسي ضرا ولا نفعا ، فإن أردت هذا به فانطلقي إلى الرب تبارك وتعالى فاشفعي له . فتنطلق إلى الرب فتقول : يا رب ، إن فلانا عمد إلي من بين كتابك فتعلمني ، وتلاني أفتحرقه أنت بالنار ، وتعذبه ، وأنا في جوفه ؟ فإن كنت فاعلا ذاك به فامحني من كتابك . فيقول : ألا أراك غضبت ؟ فتقول : وحق لي أن أغضب . فيقول : اذهبي فقد وهبته لك ، وشفعتك فيه . قال : فتجيء فيخرج الملك ، فيخرج كاسف البال لم يحل منه بشيء . قال : فتجيء فتضع فاها على فيه ، فتقول مرحبا بهذا الفم ، فربما تلاني ، ومرحبا بهذا الصدر ، فربما وعاني ، ومرحبا بهاتين القدمين ، فربما قامتا بي . وتؤنسه في قبره مخافة الوحشة عليه " . قال : فلما حدث بهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يبق صغير ، ولا كبير ، ولا حر ، ولا عبد ، إلا تعلمها ، وسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنجية .
قلت : وهذا حديث منكر جدا وفرات بن السائب هذا ضعفه الإمام أحمد ، ويحيى بن معين ، والبخاري ، وأبو حاتم ، والدارقطني ، وغير واحد . وقد ذكره ابن عساكر من وجه آخر ، عن الزهري من قوله مختصرا . وروى البيهقي في كتاب " إثبات عذاب القبر " عن ابن مسعود موقوفا ، ومرفوعا ما يشهد لهذا ، وقد كتبناه في كتاب الجنائز من الأحكام الكبرى ، ولله الحمد .
يمجد تعالى نفسه الكريمة ، ويخبر أنه بيده الملك ، أي : هو المتصرف في جميع المخلوقات بما يشاء لا معقب لحكمه ، ولا يسأل عما يفعل لقهره وحكمته وعدله . ولهذا قال : ( وهو على كل شيء قدير )
القول في تأويل قوله تعالى : تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)
يعني بقوله تعالى ذكره: ( تَبَارَكَ ) : تعاظم وتعالى (الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) بيده ملك الدنيا والآخرة وسُلطانهما نافذ فيهما أمره وقضاؤه (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) يقول: وهو على ما يشاء فعله ذو قدرة لا يمنعه من فعله مانع، ولا يحول بينه وبينه عجز.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وخلق الموت والحياة أي:قدر لعباده أن يحييهم ثم يميتهم؛{ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} أي:أخلصه وأصوبه، فإنالله خلق عباده، وأخرجهم لهذه الدار، وأخبرهم أنهم سينقلون منها، وأمرهم ونهاهم، وابتلاهم بالشهوات المعارضة لأمره، فمن انقاد لأمر الله وأحسن العمل، أحسن الله له الجزاء في الدارين، ومن مال مع شهوات النفس، ونبذ أمر الله، فله شر الجزاء.
{ وَهُوَ الْعَزِيزُ} الذي له العزة كلها، التي قهر بها جميع الأشياء، وانقادت له المخلوقات.
{ الْغَفُورُ} عن المسيئين والمقصرين والمذنبين، خصوصًا إذا تابوا وأنابوا، فإنه يغفر ذنوبهم، ولو بلغت عنان السماء، ويستر عيوبهم، ولو كانت ملء الدنيا.
ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك، ما يدل على شمول قدرته، وسمو حكمته، فقال:
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ...
والموت: صفة وجودية تضاد الحياة. والمراد بخلقه: إيجاده. أو هو عدم الحياة عما هي من شأنه. والمراد بخلقه على هذا المعنى: تقديره أزلا.
واللام في قوله: لِيَبْلُوَكُمْ ... متعلقة بقوله: خَلَقَ. وقوله: لِيَبْلُوَكُمْ بمعنى يختبركم ويمتحنكم ...
وقوله أَيُّكُمْ مبتدأ، وأَحْسَنُ خبره، وعَمَلًا تمييز، والجملة في محل نصب مفعول ثان لقوله لِيَبْلُوَكُمْ.
والمعنى: ومن مظاهر قدرته- سبحانه- التي لا يعجزها شيء، أنه خلق الموت لمن يشاء إماتته، وخلق الحياة لمن يشاء إحياءه، ليعاملكم معاملة من يختبركم ويمتحنكم، أيكم أحسن عملا في الحياة، لكي يجازيكم بما تستحقونه من ثواب..
أو المعنى: خلق الموت والحياة، ليختبركم أيكم أكثر استعدادا للموت، وأسرع إلى طاعة ربه- عز وجل-.
قال القرطبي ما ملخصه: قوله: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ.. قيل: الذي خلقكم للموت والحياة، يعنى: للموت في الدنيا والحياة في الآخرة.
وقدم الموت على الحياة، لأن الموت إلى القهر أقرب.. وقيل: لأنه أقدم، لأن الأشياء في الابتداء كانت في حكم الموت.. وقيل: لأن أقوى الناس داعيا إلى العمل، من نصب موته بين عينيه، فقدم لأنه فيما يرجع على الغرض الذي سيقت له الآية أهم.
قال قتادة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله- تعالى- أذل ابن آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة، ثم دار موت، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء..»
وعن أبى الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لولا ثلاث ما طأطأ ابن آدم رأسه: الفقر والمرض والموت، وإنه مع ذلك لوثّاب..»
وقال العلماء: الموت ليس بعدم محض، ولا فناء صرف، وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته، وحيلولة بينهما، وتبدل حال، وانتقال من دار إلى دار، والحياة عكس ذلك.. .
وأوثر بالذكر من المخلوقات الموت والحياة، لأنهما أعظم العوارض لجنس الحيوان، الذي هو أعجب موجود على ظهر الأرض، والذي الإنسان نوع منه، وهو المقصود بالمخاطبة، إذ هو الذي رضى بحمل الأمانة التي عجزت عن حملها السموات والأرض..
والتعريف في الموت والحياة للجنس. و «أحسن» أفعل تفضيل، لأن الأعمال التي يقوم بها الناس في هذه الحياة متفاوتة في الحسن من الأدنى إلى الأعلى.
وجملة «وهو العزيز الغفور» تذييل قصد به أن جميع الأعمال تحت قدرته وتصرفه.
أى: وهو- سبحانه- الغالب الذي لا يعجزه شيء الواسع المغفرة لمن شاء أن يغفر له ويرحمه من عباده، كما قال- تعالى-: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى.
ثم قال : ( الذي خلق الموت والحياة ) واستدل بهذه الآية من قال : إن الموت أمر وجودي لأنه مخلوق . ومعنى الآية : أنه أوجد الخلائق من العدم ، ليبلوهم ، ويختبرهم أيهم أحسن عملا ؟ كما قال : ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ) [ البقرة : 28 ] فسمى الحال الأول - وهو العدم - موتا ، وسمى هذه النشأة حياة . ولهذا قال : ( ثم يميتكم ثم يحييكم ) [ البقرة : 28 ] .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا خليد ، عن قتادة في قوله : ( الذي خلق الموت والحياة ) قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله أذل بني آدم بالموت ، وجعل الدنيا دار حياة ، ثم دار موت ، وجعل الآخرة دار جزاء ، ثم دار بقاء " .
ورواه معمر ، عن قتادة .
وقوله : ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) أي : خير عملا كما قال محمد بن عجلان : ولم يقل أكثر عملا .
ثم قال : ( وهو العزيز الغفور ) أي : هو العزيز العظيم المنيع الجناب ، وهو مع ذلك غفور لمن تاب إليه وأناب ، بعدما عصاه وخالف أمره ، وإن كان تعالى عزيزا ، هو مع ذلك يغفر ، ويرحم ، ويصفح ، ويتجاوز .
وقوله: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ) فأمات من شاء وما شاء، وأحيا من أراد وما أراد إلى أجل معلوم (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ) يقول: ليختبركم فينظر أيكم له أيها الناس أطوع، وإلى طلب رضاه أسرع.
وقد حدثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ) قال: أذل الله ابن آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة ودار فناء، وجعل الآخرة دار جزاء وبقاء.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ ) ذكر أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقول: " إنَّ الله أذَلَّ ابْنَ آدَمَ بالمَوْتِ".
وقوله: (وَهُوَ الْعَزِيزُ ) يقول: وهو القويّ الشديد انتقامه ممن عصاه، وخالف أمره (الْغَفُورُ ) ذنوب من أناب إليه وتاب من ذنوبه.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
هود: 7 | ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِن قُلۡتَ إِنَّكُم مَّبۡعُوثُونَ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡمَوۡتِ﴾ |
---|
الملك: 2 | ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفُور﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} أي:كل واحدة فوق الأخرى، ولسن طبقة واحدة، وخلقها في غاية الحسن والإتقان{ مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} أي:خلل ونقص.
وإذا انتفى النقص من كل وجه، صارت حسنة كاملة، متناسبة من كل وجه، في لونها وهيئتها وارتفاعها، وما فيها من الشمس والقمر والكواكب النيرات، الثوابت منهن والسيارات.
ولما كان كمالها معلومًا، أمر [الله] تعالى بتكرار النظر إليها والتأمل في أرجائها، قال:
{ فَارْجِعِ الْبَصَرَ} أي:أعده إليها، ناظرًا معتبرًا{ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} أي:نقص واختلال.
ثم بين- سبحانه- مظهرا آخر من مظاهر قدرته التي لا يعجزها شيء فقال: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً....
والجملة الكريمة صفة للعزيز الغفور، أو عطف بيان أو بدل، أو خبر لمبتدأ محذوف.
وطباقا صفة لسبع سموات. وهي مصدر طابق مطابقة وطباقا، من قولك: طابق فلان النعل، إذا جعله طبقة فوق أخرى، وهو جمع طبق، كجبل وجبال، أو جمع طبقة كرحبة ورحاب.. أى: هو- سبحانه- لا غيره الذي أوجد وخلق على غير مثال سابق سبع سموات متطابقة، أى: بعضها فوق بعض، بطريقة متقنة محكمة.. لا يقدر على خلقها بتلك الطريقة إلا هو، ولا يعلم كنه تكوينها وهيئاتها.. أحد سواه- عز وجل-.
وقوله- سبحانه- ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ مؤكد لما قبله، والتفاوت مأخوذ من الفوت، وأصله الفرجة بين الإصبعين. تقول: تفاوت الشيئان تفاوتا، إذا حدث تباعد بينهما، والجملة صفة ثانية لسبع سماوات، أو مستأنفة لتقرير وتأكيد ما قبلها.. والخطاب لكل من يصلح له.
أى: هو- سبحانه- الذي خلق سبع سماوات بعضها فوق بعض، مع تناسقها، وإتقان تكوينها، وإحكام صنعها.. بحيث لا ترى- أيها العاقل- في خلق السموات السبع شيئا من الاختلاف، أو الاضطراب، أو عدم التناسب.. بل كلها محكمة، جارية على مقتضى نهاية النظام والإبداع.
وقال- سبحانه-: ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ ... ولم يقل: ما ترى في السموات السبع من تفاوت، للإشعار بأن هذا الخلق البديع، هو ما اقتضته رحمته- تعالى- بعباده، لكي تجرى أمورهم على حالة تلائم نظام معيشتهم.. وللتنبيه- أيضا- على أن جميع مخلوقاته تسير على هذا النمط البديع في صنعها وإيجادها، كما قال- تعالى-: صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ . وكما قال- سبحانه-: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ... .
قال صاحب الكشاف: قوله: ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ أى: من اختلاف واضطراب في الخلقة ولا تناقض، إنما هي مستوية ومستقيمة، وحقيقة التفاوت: عدم التناسب، كأن بعض الشيء يفوت بعضا ولا يلائمه، ومنه قولهم: خلق متفاوت، وفي نقيضه متناصف.
فإن قلت: ما موقع هذه الجملة مما قبلها؟ قلت: هي صفة مشايعة لقوله طِباقاً وأصلها: ما ترى فيهن من تفاوت، فوضع مكان الضمير قوله: خَلْقِ الرَّحْمنِ تعظيما لخلقهن، وتنبيها على سبب سلامتهن من التفاوت، وهو أنه خلق الرحمن، وأنه بباهر قدرته هو الذي يخلق مثل ذلك الخلق المتناسب.. .
ثم ساق- سبحانه- بأسلوب فيه ما فيه من التحدي، ما يدل على أن خلقه خال من التفاوت والخلل فقال: فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ، ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ، يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ.
والفطور جمع فطر، وهو الشق والصدع، يقال: فطر فلان الشيء فانفطر، إذا شقه، وبابه نصر.
وقوله كَرَّتَيْنِ مثنى كرّة، وهي المرة من الكرّ، وهو الرجوع إلى الشيء مرة أخرى، يقال كر المقاتل على عدوه، إذا عاد إلى مهاجمته بعد أن تركه.
والمراد بالكرتين هنا: معاودة النظر وتكريره كثيرا، بدون الاقتصار على المرتين، فالتثنية هنا: كناية عن مطلق التكرير، كما في قولهم: لبيك وسعديك.
وقوله: خاسِئاً أى صاغرا خائبا لأنه لم يجد ما كان يطلبه ويتمناه.
وقوله: حَسِيرٌ بمعنى كليل ومتعب، من حسر بصر فلان يحسر حسورا إذا كلّ وتعب من طول النظر والتأمل والفحص، وفعله من باب قعد.
والمعنى: ما ترى- أيها الناظر- في خلق الرحمن من تفاوت أو خلل.. فإن كنت لا تصدق ما أخبرناك به، أو في أدنى شك من ذلك، فكرر النظر فيما خلقنا حتى يتضح لك الأمر، ولا يبقى عندك أدنى شك أو شبهه..
والاستفهام في قوله: هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ للتقرير. أى: إنك مهما نظرت في خلق الرحمن. وشددت في التفحص والتأمل.. فلن ترى فيه من شقوق أو خلل أو تفاوت..
ثم قال : ( الذي خلق سبع سماوات طباقا ) أي : طبقة بعد طبقة ، وهل هن متواصلات بمعنى أنهن علويات بعضهم على بعض ، أو متفاصلات بينهن خلاء ؟ فيه قولان ، أصحهما الثاني ، كما دل على ذلك حديث الإسراء وغيره .
وقوله : ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) أي : بل هو مصطحب مستو ، ليس فيه اختلاف ، ولا تنافر ، ولا مخالفة ، ولا نقص ، ولا عيب ، ولا خلل ; ولهذا قال : ( فارجع البصر هل ترى من فطور ) أي : انظر إلى السماء فتأملها ، هل ترى فيها عيبا ، أو نقصا ، أو خللا ; أو فطورا ؟ .
قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، والثوري ، وغيرهم في قوله : ( فارجع البصر هل ترى من فطور ) أي : شقوق .
وقال السدي : ( هل ترى من فطور ) أي : من خروق . وقال ابن عباس في رواية : ( من فطور ) أي : من وهي ، وقال قتادة : ( هل ترى من فطور ) أي : هل ترى خللا يا ابن آدم ؟ .
القول في تأويل قوله تعالى : الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)
يقول تعالى ذكره: مخبرا عن صفته: ( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ) طبقا فوق طبق، بعضها فوق بعض.
وقوله: ( مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ) يقول جل ثناؤه: ما ترى في خلق الرحمن الذي خلق لا في سماء ولا في أرض، ولا في غير ذلك من تفاوت، يعني من اختلاف.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ) : ما ترى فيهم من اختلاف.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( مِنْ تَفَاوُتٍ ) قال: من اختلاف.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: ( مِنْ تَفَاوُتٍ ) بألف. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: ( مِنْ تَفَوُّتٍ ) بتشديد الواو بغير ألف.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد، كما قيل: ولا تُصَاعِرْ، ولا تُصَعِّر ؛ وتعهَّدت فلانا، وتعاهدته ؛ وتظهَّرت، وتظاهرت ؛ وكذلك التفاوت والتفوّت.
وقوله: ( فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ )
يقول: فرد البصر، هل ترى فيه من صُدوع؟ وهي من قول الله: تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ بمعنى يتشققن ويتصدّعن، الفُطُور مصدر فُطِر فطُورا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، &; 23-507 &; عن أبيه، عن ابن عباس ( هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) قال: الفطور: الوهي.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) يقول: هل ترى من خلل يا ابن آدم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( مِنْ فُطُورٍ ) قال: من خلل
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) قال: من شقوق.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} المراد بذلك:كثرة التكرار{ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} أي:عاجزًا عن أن يرى خللًا أو فطورًا، ولو حرص غاية الحرص.
ثم صرح بذكر حسنها فقال:
وقوله: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ تعجيز إثر تعجيز، وتحد في أعقاب تحد.. أى: ثم لا تكتف بإعادة النظر مرة واحدة، فربما يكون قد فاتك شيء في النظرة الأولى والثانية.. بل أعد النظر مرات ومرات.. فتكون النتيجة التي لا مفر لك منها، أن بصرك- بعد طول النظر والتأمل- ينقلب إليك خائبا وهو كليل متعب.. لأنه- بعد هذا النظر الكثير- لم يجد في خلقنا شيئا من الخلل أو الوهن أو التفاوت.
قال صاحب الكشاف ما ملخصه: قوله: يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ أى: إن رجعت البصر، وكررت النظر، لم يرجع إليك بصرك بما التمسته من رؤية الخلل، وإدراك العيب، بل يرجع إليك بالخسوء والحسور.. أى: بالبعد عن إصابة الملتمس.
فإن قلت: كيف ينقلب البصر خاسئا حسيرا برجعه كرتين اثنتين؟
قلت: معنى التثنية هنا التكرير بكثرة كقولك لبيك وسعديك..
فإن قلت: فما معنى «ثم ارجع البصر» ؟ قلت: أمره برجع البصر، ثم أمره بأن لا يقتنع بالرجعة الأولى، وبالنظرة الحمقاء وأن يتوقف بعدها، ويجم بصره ثم يعاود ويعاود، إلى أن يحسر بصره من طول المعاودة، فإنه لا يعثر على شيء من فطور.. .
هذا، والمتأمل في هذه الآيات الكريمة، يراها قد ساقت ما يدل على وحدانية الله- تعالى- وقدرته بأبلغ أسلوب، ودعت الغافلين الذين فسقوا عن أمر ربهم، إلى التدبر في هذا الكون الذي أوجده- سبحانه- في أبدع صورة وأتقنها، فإن هذا التدبر من شأنه أن يهدى إلى الحق، ويرشد إلى الصواب..
ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك أدلة أخرى على وحدانيته وقدرته، وبين ما أعده للكافرين من عذاب، بسبب إصرارهم على كفرهم.. فقال- تعالى-:
وقوله : ( ثم ارجع البصر كرتين ) قال : مرتين . ( ينقلب إليك البصر خاسئا ) قال ابن عباس : ذليلا ؟ وقال مجاهد ، وقتادة : صاغرا .
( وهو حسير ) قال ابن عباس : يعني : وهو كليل . وقال مجاهد ، وقتادة ، والسدي : الحسير : المنقطع من الإعياء .
ومعنى الآية : إنك لو كررت البصر ، مهما كررت ، لانقلب إليك ، أي : لرجع إليك البصر ، ( خاسئا ) عن أن يرى عيبا أو خللا ( وهو حسير ) أي : كليل قد انقطع من الإعياء من كثرة التكرر ، ولا يرى نقصا .
وقوله: ( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) يقول جل ثناؤه: ثم ردّ البصر يا ابن آدم كرّتين، مرة بعد أخرى، فانظر ( هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) أو تفاوت ( يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا ) يقول: يرجع إليك بصرك صاغرًا مُبْعَدا من قولهم للكلب: اخسأ، إذا طردوه أي أبعد صاغرا( وَهُوَ حَسِيرٌ ) يقول: وهو مُعْيٍ كالّ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) يقول: هل ترى في السماء من خَلل؟( يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ) بسواد الليل.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ) يقول: ذليلا وقوله: ( وَهُوَ حَسِيرٌ ) يقول: مرجف.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا ) أي حاسرا( وَهُوَ حَسِيرٌ ) أي مُعْيٍ
حدثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( خَاسِئًا ) قال: صاغرا، ( وَهُوَ حَسِيرٌ ) يقول: مُعْيٍ لم ير خَلَلا ولا تفاوتا.
وقال بعضهم: الخاسئ والحسير واحد.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( فَارْجِعِ &; 23-508 &; الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ )... الآية، قال: الخاسئ، والخاسر واحد؛ حَسَر طرفه أن يَرى فيها فَطْرًا فرجع وهو حسير قبل أن يرى فيها فَطْرا؛ قال: فإذا جاء يوم القيامة انفطرت ثم انشقت، ثم جاء أمر أكبر من ذلك انكشطت.
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5)
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ينقلب:
1- جزما على جواب الأمر، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، على حذف الفاء، أي: فينقلب، حكاها الخوارزمي عن الكسائي.
التفسير :
أي:ولقد جملنا{ السَّمَاءَ الدُّنْيَا} التي ترونها وتليكم،{ بِمَصَابِيحَ} وهي:النجوم، على اختلافها في النور والضياء، فإنه لولا ما فيها من النجوم، لكانت سقفًا مظلمًا، لا حسن فيه ولا جمال.
ولكن جعل الله هذه النجوم زينة للسماء، [وجمالا]، ونورًا وهداية يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ولا ينافي إخباره أنه زين السماء الدنيا بمصابيح، أن يكون كثير من النجوم فوق السماوات السبع، فإن السماوات شفافة، وبذلك تحصل الزينة للسماء الدنيا، وإن لم تكن الكواكب فيها،{ وَجَعَلْنَاهَا} أي:المصابيح{ رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} الذين يريدون استراق خبر السماء، فجعل الله هذه النجوم، حراسة للسماء عن تلقف الشياطين أخبار الأرض، فهذه الشهب التي ترمى من النجوم، أعدها الله في الدنيا للشياطين،{ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ} في الآخرة{ عَذَابِ السَّعِيرِ} لأنهم تمردوا على الله، وأضلوا عباده، ولهذا كان أتباعهم من الكفار مثلهم، قد أعد الله لهم عذاب السعير
قال الإمام الرازي: اعلم أن هذا هو الدليل الثاني على كونه- تعالى- قادرا عالما، وذلك لأن هذه الكواكب نظرا إلى أنها محدثة ومختصة بمقدار معين، وموضع خاص، وسير معين، تدل على أن صانعها قادر.
ونظرا إلى كونها محكمة متقنة موافقة لمصالح العباد، ومن كونها زينة لأهل الدنيا، وسببا لانتفاعهم بها، تدل على أن صانعها عالم.
ونظير هذه الآية قوله- تعالى- في سورة الصافات: إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ. وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ .
وقوله: زَيَّنَّا من التزيين بمعنى التحسين والتجميل. والدُّنْيا صيغة تفضيل من الدنو بمعنى القرب.
والمصابيح: جمع مصباح وهو السراج المضيء. والمراد بها النجوم. وسميت بالمصابيح على التشبيه بها في حسن المنظر، وفي الإضاءة ليلا..
والرجوم: جمع رجم، وهو في الأصل مصدر رجمه رجما- من باب نصر- إذا رماه بالرّجام أى: بالحجارة، فهو اسم لما يرجم به، أى: ما يرمى به الرامي غيره من حجر ونحوه، تسمية للمفعول بالمصدر، مثل الخلق بمعنى المخلوق.
وصدرت الآية الكريمة بالقسم، لإبراز كمال العناية بمضمونها.
والمعنى: وبالله لقد زينا وجملنا السماء القريبة منكم بكواكب مضيئة كإضاءة السّرج، وجعلنا- بقدرتنا- من هذه الكواكب، ما يرجم الشياطين ويحرقها، إذا ما حاولوا أن يسترقوا السمع، كما قال- تعالى-: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ، فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً .
قال الإمام ابن كثير: قوله: وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ عاد الضمير في قوله وَجَعَلْناها على جنس المصابيح لا على عينها، لأنه لا يرمى بالكواكب التي في السماء، بل بشهب من دونها، وقد تكون مستمدة منها- والله أعلم-.
قال قتادة: إنما خلقت هذه النجوم لثلاث خصال: خلقها زينة للسماء، ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها غير ذلك فقد قال برأيه، وأخطأ حظه، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به.. .
فالضمير في قوله: وَجَعَلْناها يعود إلى المصابيح، ومنهم من أعاده إلى السماء الدنيا، على تقدير: وجعلنا منها رجوما للشياطين الذين يسترقون السمع.
وقوله- تعالى-: وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ بيان لسوء مصيرهم في الآخرة، بعد بيان سوء مصيرهم في الدنيا عن طريق إحراقهم بالشهب.
أى: وهيأنا لهؤلاء الشياطين في الآخرة- بعد إحراقهم في الدنيا بالشهب- عذاب النار المشتعلة المستعرة.
فالسعير- بزنة فعيل- اسم لأشد النار اشتعالا. يقال: سعر فلان النار- كمنع- إذا أوقدها بشدة.
وكان السعير عذابا للشياطين- مع أنهم مخلوقون من النار، لأن نار جهنم أشد من النار التي خلقوا منها، فإذا ألقوا فيها صارت عذابا لهم، إذ السعير أشد أنواع النار التهابا واشتعالا وإحراقا..
ولما نفى عنها في خلقها النقص بين كمالها وزينتها فقال : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ) وهي الكواكب التي وضعت فيها من السيارات والثوابت .
وقوله : ( وجعلناها رجوما للشياطين ) عاد الضمير في قوله : ( وجعلناها ) على جنس المصابيح لا على عينها ; لأنه لا يرمي بالكواكب التي في السماء ، بل بشهب من دونها ، وقد تكون مستمدة منها ، والله أعلم .
وقوله : ( وأعتدنا لهم عذاب السعير ) أي : جعلنا للشياطين هذا الخزي في الدنيا ، وأعتدنا لهم عذاب السعير في الأخرى ، كما قال : في أول الصافات : ( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ) [ الصافات : 6 - 10 ] .
قال قتادة : إنما خلقت هذه النجوم لثلاث خصال : خلقها الله زينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، وعلامات يهتدى بها ، فمن تأول فيها غير ذلك فقد قال برأيه ، وأخطأ حظه ، وأضاع نصيبه ، وتكلف ما لا علم له به . رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .
يقول تعالى ذكره: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) وهي النجوم، وجعلها مصابيح لإضاءتها، وكذلك الصبح إنما قيل له صبح للضوء الذي يضئ للناس من النهار (وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ) يقول: وجعلنا المصابيح التي زيَّنا بها السماء الدنيا رجوما للشياطين تُرْجم بها.
وقد حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ) إن الله جلّ ثناؤه إنما خلق هذه النجوم لثلاث خصال: خلقها زينة للسماء الدنيا، ورجومًا للشياطين، وعلامات يهتدي بها ؛ فمن يتأوّل منها غير ذلك، فقد قال برأيه، وأخطأ حظه، وأضاع نصيبه، وتكلَّف ما لا علم له به.
وقوله: (وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ) يقول جلّ ثناؤه: وأعتدنا للشياطين في الآخرة عذاب السعير، تُسْعَر عليهم فتُسْجَر.
القول في تأويل قوله تعالى : وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الصافات: 6 | ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ﴾ |
---|
فصلت: 12 | ﴿وَأَوۡحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمۡرَهَاۚ وَ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا﴾ |
---|
الملك: 5 | ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} الذي يهان أهلهغاية الهوان.
وقوله: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ معطوف على ما قبله.
أى: هيأنا للشياطين عذاب السعير، وهيأنا- أيضا- للذين كفروا بربهم من الإنس عذاب جهنم، وبئس المصير عذاب جهنم.
يقول تعالى : ( و ) أعتدنا ( للذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير ) أي : بئس المآل والمنقلب .
يقول تعالى ذكره: (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ) الذي خلقهم في الدنيا( عَذَابُ جَهَنَّمَ ) في الآخرة (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) يقول: وبئس المصير عذاب جهنم.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
عذاب جهنم:
1- برفع «عذاب» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالنصب، عطفا على «عذاب السعير» الآية: 5، وهى قراءة الضحاك، والأعرج، وأسيد بن أسد المزني، والحسن، فى رواية هارون عنه.
التفسير :
{ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا} على وجه الإهانة والذل{ سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا} أي:صوتًا عاليًا فظيعًا،{ وَهِيَ تَفُورُ} .
ثم بين- سبحانه- أحوالهم الأليمة حينما يلقون جميعا في النار فقال: إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ ...
والظرف «إذا» متعلق بقوله سَمِعُوا والشهيق: تردد النفس في الصدر بصعوبة وعناء..
أى: أن هؤلاء الكافرين بربهم، عند ما يلقون في النار، يسمعون لها صوتا فظيعا منكرا، وَهِيَ تَفُورُ أى: وحالها أنها تغلى بهم غليان المرجل بما فيه، إذ الفور: شدة الغليان، ويقال ذلك في النار إذا هاجت، وفي القدر إذا غلت...
( إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا ) قال ابن جرير : يعني الصياح .
( وهي تفور ) قال الثوري : تغلي بهم كما يغلي الحب القليل في الماء الكثير .
وقوله: (إِذَا أُلْقُوا فِيهَا ) يعني إذا ألقى الكافرون في جهنم (سَمِعُوا لَهَا ) يعني لجهنم (شَهِيقًا ) يعني بالشهيق: الصوت الذي يخرج من الجوف بشدّة كصوت الحمار، كما قال رؤبة في صفة حمار:
حَشْـرج فـي الجَوْفِ سَحيلا أوْ شهَقْ
حَــتَّى يُقَــال نـاهِق ومَـا نَهَـقْ (1)
وقوله: (وَهِيَ تَفُورُ ) يقول: تَغْلِي.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد (سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ ) يقول: تغلي كما يغلي القدر.
القول في تأويل قوله تعالى : تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (9)
------------------------
الهوامش:
(1) البيتان في (ديوان رؤبة الراجز طبع ليبسج 106) وحشرج الحمار: قطع صوته وردده في حلقه، والسحيل: صوت إلى البحة يدور في صدر الحمار، وكذلك السحال بالضم والشهيق: نهيق الحمار. والشهيق: رد النفس، والزفير: إخراج النفس، قال الله عز وجل في صفة أهل النار: ( لهم فيها زفير وشهيق ) قال الزجاج: الزفير والشهيق: من أصوات المكروبين. قال: والزفير من شديد الأنين وقبيحة. والشهيق: الأنين الشديد المرتفع جدا. قال: وزعم بعض أهل اللغة من البصريين والكوفيين: أن الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمار من النهيق، والشهيق: بمنزلة آخر صوته في الشهيق. وروى عن الربيع في قوله: ( لهم فيها زفير وشهيق )قال: الزفير في الحلق، والشهيق في الصدر (اللسان: شهق).
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} أي:تكاد على اجتماعها أن يفارق بعضها بعضًا، وتتقطع من شدة غيظها على الكفار، فما ظنك ما تفعل بهم، إذا حصلوا فيها؟"
ثم ذكر توبيخ الخزنة لأهلها فقال:{ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} ؟ أي:حالكم هذا واستحقاقكم النار، كأنكم لم تخبروا عنها، ولم تحذركم النذر منها.
تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ أى تكاد النار تتقطع وينفصل بعضها عن بعض، لشدة غضبها عليهم، والتهامها لهم، وتميز أصله تتميز فحذفت إحدى التاءين تخفيفا.
والغيظ أشد الغضب، والجملة في محل نصب على الحال، أو في محل رفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف. أى: هي تكاد تتقطع من شدة غضبها عليهم..
وقوله: كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها ... كلام مستأنف لبيان حال أهلها.
والفوج: الجماعة من الناس ولفظ كُلَّما مركب من كل الدال على الشمول، ومن ما المصدرية الظرفية.
أى: في كل وقت وآن، يلقى بجماعة من الكافرين في النار، يسألهم خزنتها من الملائكة، سؤال تبكيت وتقريع، بقولهم:
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ أى: ألم يأتكم يا معشر الكافرين نذير في الدنيا، ينذركم ويخوفكم من أهوال هذا اليوم، ويدعوكم إلى إخلاص العبادة لله- تعالى- وحده.
وقوله : ( تكاد تميز من الغيظ ) أي : يكاد ينفصل بعضها من بعض ، من شدة غيظها عليهم وحنقها بهم ، ( كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير
يقول تعالى ذكره: (تَكَادُ ) جهنم (تَمَيَّزُ ) يقول: تتفرّق وتتقطع (مِنَ الْغَيْظِ ) على أهلها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ) يقول: تتفرّق.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ) تكاد يفارق بعضها بعضا وتنفطر.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ) يقول: تفرّق.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ) قال: التميز: التفرّق من الغيظ على أهل معاصي الله غضبا لله، وانتقاما له.
وقوله: (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ ) يقول جلّ ثناؤه: كلما ألقي في جهنم جماعة (سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ) يقول: سأل الفوجَ خزنة جهنم، فقالوا لهم: ألم يأتكم في الدنيا نذير ينذركم هذا العذاب الذي أنتم فيه؟
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
تميز:
1- بتاء واحدة، خفيفة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتاءين، وهى قراءة طلحة.
3- بإدغام التاء فى التاء، وهى قراءة أبى عمرو.
4- تمايز، وأصله: تتمايز، وهى قراءة الضحاك.
5- تميز من «ماز» ، وهى قراءة زيد بن على، وابن أبى عبلة.
التفسير :
{ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} فجمعوا بين تكذيبهم الخاص، والتكذيب العام بكل ما أنزل الله ولم يكفهم ذلك، حتى أعلنوا بضلال الرسل المنذرين وهم الهداة المهتدون، ولم يكتفوا بمجرد الضلال، بل جعلوا ضلالهم، ضلالًا كبيرًا، فأي عناد وتكبر وظلم، يشبه هذا؟
ثم حكى- سبحانه- ما رد به الكافرون على خزنة جهنم فقال: قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ...
أى: قال الكافرون- على سبيل التحسر والتفجع- في ردهم على خزنة جهنم: بلى لقد جاءنا المنذر الذي أنذرنا وحذرنا من سوء عاقبة الكفر.. ولكننا كذبناه، وأعرضنا عن دعوته، بل وتجاوزنا ذلك بأن قلنا له على سبيل العناد والجحود والغرور: ما نزل الله على أحد من شيء من الأشياء التي تتلوها علينا، وتأمرنا بها، أو تنهانا عن مخالفتها.
وقوله: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ يحتمل أنه من كلام الكافرين لرسلهم الذين أنذروهم وحذروهم من الإصرار على الكفر.
أى: جاءنا الرسل الذين أنذرونا.. فكذبناهم، وقلنا لهم: ما نزل الله من شيء من الأشياء على ألسنتكم.. وقلنا لهم- أيضا- ما أنتم إلا في ضلال كبير، أى: في ذهاب واضح عن الحق، وبعد شديد عن الصواب.
ويحتمل أن يكون من كلام الملائكة، أى: قال لهم الملائكة على سبيل التجهيل والتوبيخ:
ما أنتم- أيها الكافرون- إلا في ضلال كبير، بسبب تكذيبكم لرسلكم، وإعراضكم عمن حذركم وأنذركم.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ من المخاطبون به؟
قلت: هو من جملة قول الكفار وخطابهم للمنذرين، على أن النذير بمعنى الإنذار. والمعنى:
ألم يأتكم أهل نذير: أو وصف به منذروهم لغلوهم في الإنذار، كأنهم ليسوا إلا إنذارا..
ويجوز أن يكون من كلام الخزنة للكفار على إرادة القول: أرادوا حكاية ما كانوا عليه من ضلالهم في الدنيا، أو أرادوا بالضلال: الهلاك.. .
وجمع- سبحانه- الضمير في قوله إِنْ أَنْتُمْ.. مع أن الملائكة قد سألوهم أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ بالإفراد، للإشعار بأن هؤلاء الكافرين لم يكتفوا بتكذيب النذير الذي أنذرهم، بل كذبوه وأتباعه الذين آمنوا به.
فكأن كل فوج منهم كان يقول للرسول الذي جاء لهدايته: أنت وأتباعك في ضلال كبير
يذكر تعالى عدله في خلقه ، وأنه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه وإرسال الرسول إليه ، كما قال : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) [ الإسراء : 15 ] وقال تعالى : ( حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين ) [ الزمر : 71 ] . وهكذا عادوا على أنفسهم بالملامة ، وندموا حيث لا تنفعهم الندامة ،
فأجابهم المساكين (قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ ) ينذرنا هذا، فَكَذَّبْناهُ وَقُلْنَا له (مَا نـزلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ ) يقول: في ذهاب عن الحقّ بعيد.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يس: 15 | ﴿قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَ مَا أَنزَلَ الرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ﴾ |
---|
الملك: 9 | ﴿قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّـهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَقَالُوا} معترفين بعدم أهليتهم للهدى والرشاد:{ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} فنفوا عن أنفسهم طرق الهدى، وهي السمع لما أنزل الله، وجاءت به الرسل، والعقل الذي ينفع صاحبه، ويوقفه على حقائق الأشياء، وإيثار الخير، والانزجار عن كل ما عاقبته ذميمة، فلا سمع [لهم] ولا عقل، وهذا بخلاف أهل اليقين والعرفان، وأرباب الصدق والإيمان، فإنهم أيدوا إيمانهم بالأدلة السمعية، فسمعوا ما جاء من عند الله، وجاء به رسول الله، علمًا ومعرفة وعملًا.
والأدلة العقلية:المعرفة للهدى من الضلال، والحسن من القبيح، والخير من الشر، وهم -في الإيمان- بحسب ما من الله عليهم به من الاقتداء بالمعقول والمنقول، فسبحان من يختص بفضله من يشاء، ويمن على من يشاء من عباده، ويخذل من لا يصلح للخير.
ثم بين- سبحانه- جانبا آخر من حسراتهم في هذا اليوم فقال: وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ، ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ ...
أى: وقال الكافرون بربهم- على سبيل الحسرة والندامة- لو كنا في الدنيا نسمع ما يقال لنا على لسان رسولنا، سماع طاعة وتفكر واستجابة، أو نعقل ما يوجه إلينا من هدايات وإرشادات..
لو كنا كذلك، ما صرنا في هذا اليوم من جملة أصحاب النار المسعرة، الذين هم خالدون فيها أبدا.
وقدم- سبحانه- السماع على التعقل، مراعاة للترتيب الطبيعي، لأن السماع يكون أولا، ثم يعقبه التعقل والتدبر لما يسمع.
فقالوا : ( لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) أي : لو كانت لنا عقول ننتفع بها أو نسمع ما أنزله الله من الحق ، لما كنا على ما كنا عليه من الكفر بالله والاغترار به ، ولكن لم يكن لنا فهم نعي به ما جاءت به الرسل ، ولا كان لنا عقل يرشدنا إلى اتباعهم ،
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)
يقول تعالى ذكره: وقال الفوج الذي ألقي في النار للخزنة: (لَوْ كُنَّا ) في الدنيا(نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ) من النذر ما جاءونا به من النصيحة، أو نعقل عنهم ما كانوا يدعوننا إليه (مَا كُنَّا ) اليوم (فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) يعني: أهل النار.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
قال تعالى عن هؤلاء الداخلين للنار، المعترفين بظلمهم وعنادهم:{ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} أي:بعدًا لهم وخسارة وشقاء.
فما أشقاهم وأرداهم، حيث فاتهم ثواب الله، وكانوا ملازمين للسعير، التي تستعر في أبدانهم، وتطلع على أفئدتهم!
والفاء الأولى في قوله- تعالى-: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ للإفصاح، والثانية للسببية، والسّحق: البعد، يقال: سحق- ككرم وعلم- سحقا، أى:
بعد بعدا، وفلان أسحقه الله، أى: أبعده عن رحمته، وهو مصدر ناب عن فعله في الدعاء، ونصبه على أنه مفعول به لفعل مقدر، أى: ألزمهم الله سحقا، أو منصوب على المصدرية، أى: فسحقهم الله سحقا.
أى: إذا كان الأمر كما أخبروا عن أنفسهم، فقد أقروا واعترفوا بذنوبهم، وأن الله- تعالى- ما ظلمهم، وأن ندمهم لن ينفعهم في هذا اليوم.. بل هم جديرون بالدعاء عليهم بالطرد من رحمة الله- تعالى- وبخلودهم في نار السعير.
واللام في قوله لِأَصْحابِ للتبيين، كما في قولهم: سقيا لك.
فالآية الكريمة توضح أن ما أصابهم من عذاب كان بسبب إقرارهم بكفرهم، وإصرارهم عليه حتى الممات، وفي الحديث الشريف: «لن يدخل أحد النار، إلا وهو يعلم أن النار أولى به من الجنة» . وفي حديث آخر: «لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم» .
وكعادة القرآن الكريم في قرنه الترغيب بالترهيب أو العكس، أخذت السورة في بيان حسن عاقبة المؤمنين، بعد بيان سوء عاقبة الكافرين، وفي لفت أنظار الناس إلى نعم الله- تعالى- عليهم، لكي يشكروه ويخلصوا له العبادة.. قال- تعالى:
قال الله تعالى : ( فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير )
قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا ، شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري الطائي قال : أخبرني من سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم " وفي حديث آخر : " لا يدخل أحد النار ، إلا وهو يعلم أن النار أولى به من الجنة " .
وقوله: (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ ) يقول: فأقرّوا بذنبهم ووحَّد الذنب، وقد أضيف إلى الجمع لأن فيه معنى فعل، فأدى الواحد عن الجمع، كما يقال: خرج عطاء الناس، وأعطية الناس (فَسُحْقًا لأصْحَابِ السَّعِيرِ ) يقول: فبُعدا لأهل النار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (فَسُحْقًا لأصْحَابِ السَّعِيرِ ) يقول: بُعدا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير (فَسُحْقًا لأصْحَابِ السَّعِيرِ ) قال: قال سُحقا واد في جهنم، والقرّاء على تخفيف الحاء من السُّحْق، وهو الصواب عندنا لأن الفصيح من كلام العرب ذلك، ومن العرب من يحرّكها بالضمّ.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
لما ذكر حالة الأشقياء الفجار، ذكر حالة السعداء الأبرارفقال:{ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} أي:في جميع أحوالهم، حتى في الحالة التي لا يطلع عليهم فيها إلا الله، فلا يقدمون على معاصيه، ولا يقصرون فيما أمر به{ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لذنوبهم، وإذا غفر الله ذنوبهم؛ وقاهم شرها، ووقاهم عذاب الجحيم، ولهم أجر كبير وهو ما أعده لهم في الجنة، من النعيم المقيم، والملك الكبير، واللذات [المتواصلات]، والمشتهيات، والقصور [والمنازل] العاليات، والحور الحسان، والخدم والولدان.
وأعظم من ذلك وأكبر، رضا الرحمن، الذي يحله الله على أهل الجنان.
وقوله: يَخْشَوْنَ من الخشية، وهي أشد الخوف وأعظمه، والغيب: مصدر غاب يغيب، وكثيرا ما يستعمل بمعنى الغائب، وهو ما لا تدركه الحواس ولا يعلم ببداهة العقل.
أى: إن الذين يخشون ربهم فيخافون عذابه، ويعبدونه كأنهم يرونه، مع أنهم لا يرونه بأعينهم.. هؤلاء الذين تلك صفاتهم، لهم من خالقهم- عز وجل- مغفرة عظيمة، وأجر بالغ الغاية في الكبر والضخامة.
وقوله بِالْغَيْبِ حال من الفاعل، أى: غائبا عنهم، أو من المفعول. أى: غائبين عنه. أى. يخشون عذابه دون أن يروه- سبحانه-.
ويجوز أن يكون المعنى: يخشون عذابه حال كونهم غائبين عن أعين الناس، فهم يراقبونه- سبحانه- في السر، كما يراقبونه في العلانية كما قال الشاعر:
يتجنب الهفوات في خلواته ... عف السريرة، غيبه كالمشهد
والحق أن هذه الصفة، وهي خوف الله- تعالى- بالغيب، على رأس الصفات التي تدل على قوة الإيمان، وعلى طهارة القلب، وصفاء النفس..
يقول تعالى مخبرا عمن يخاف مقام ربه فيما بينه وبينه إذا كان غائبا عن الناس ، فينكف عن المعاصي ويقوم بالطاعات ، حيث لا يراه أحد إلا الله ، بأنه له مغفرة وأجر كبير ، أي : يكفر عنه ذنوبه ، ويجازى بالثواب الجزيل ، كما ثبت في الصحيحين : " سبعة يظلهم الله تعالى في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله " ، فذكر منهم : " رجلا دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ، ورجلا تصدق بصدقة فأخفاها ، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " .
وقال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا طالوت بن عباد ، حدثنا الحارث بن عبيد ، عن ثابت ، عن أنس قال : قالوا : يا رسول الله ، إنا نكون عندك على حال ، فإذا فارقناك كنا على غيره ؟ قال : " كيف أنتم وربكم ؟ " قالوا : الله ربنا في السر والعلانية . قال : " ليس ذلكم النفاق " .
لم يروه عن ثابت إلا الحارث بن عبيد فيما نعلمه .
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)
يقول تعالى ذكره: إن الذين يخافون ربهم بالغيب، يقول: وهم لم يرَوُه ( لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ) يقول: لهم عفو من الله عن ذنوبهم (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) يقول: وثواب من الله لهم على خشيتهم إياه بالغيب جزيل.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنبياء: 49 | ﴿ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ﴾ |
---|
فاطر: 18 | ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ |
---|
الملك: 12 | ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء