441131415161718192021222324252627

الإحصائيات

سورة يس
ترتيب المصحف36ترتيب النزول41
التصنيفمكيّةعدد الصفحات5.80
عدد الآيات83عدد الأجزاء0.30
عدد الأحزاب0.60عدد الأرباع2.30
ترتيب الطول38تبدأ في الجزء22
تنتهي في الجزء23عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 19/29يس: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (13) الى الآية رقم (19) عدد الآيات (7)

بعدَ بيانِ إصرارِ مشركي العربِ على الكفرِ، ضربَ اللهُ لهم هنا مثلاً يُشبهُ حالَهم في الغلوِ في الكفرِ وتكذيبِ الرسلِ: قصَّةَ أصحابِ القريةِ التى أرسلَ اللهُ لهم رسولَينِ، ثُمَّ عزَّزَ بثالثٍ فكذَّبُوهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (20) الى الآية رقم (27) عدد الآيات (8)

وجاءَ من أبعدِ أطرافِ المدينةِ رجلٌ مؤمنٌ ينصحُ قومَه باتِّباعِ الرُّسلِ، وأعلنَ إيمانَه فقتلُوه، فلمَّا قِيل له ادخُلْ الجَنَّةَ قالَ: يا ليتَ قومِى يعلمُونَ هذا ليؤمِنُوا.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة يس

الاستمرار في الدعوة رغم كل الصعوبات/ قدرة الله على البعث

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • لماذا الاستمرار في الدعوة إلى الله؟:   لماذا يبقى المرء مصرًا على الدعوة إلى الله سواء اهتدى الناس أم لم يهتدوا: ﴿يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ... لِتُنْذِرَ قَوْمًا ...﴾ (1-6)؟ لأن الدعوة إلى الله عبادة لله، وأنت تتقرب إلى الله بهذه العبادة سواء أرأيت النتائج أمامك أم لم ترها. عليك أن تستمر في الدعوة إلى الله؛ لأن الناس مهما كانوا بعيدين عن الحق فقد تكون قلوبهم حيّة، وقد يستجيبون للدعوة في وقت ما، فعلينا ألّا نفقد الأمل من دعوتهم.وتخبر السورة أن المهمة ليست يسيرة، بل صعبة: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ (6).
  • • نموذج رائع للاستمرار في الدعوة رغم الصعوبات::   نرى في هذه السورة القصة الشهيرة، قصة القرية التي أرسل الله لها ثلاثة من المرسلين: ﴿وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلًا أَصْحَـٰبَ ٱلقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا ٱلْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُواْ إِنَّا إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ﴾ (13–14)، رغم أنه قد أرسل إليها ثلاثة أنبياء، لكن هناك رجلًا أحس بمسؤوليته عن هذا الدين وكان موقفه رائعًا: ﴿وَجَاء مِنْ أَقْصَى ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ * ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْـئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ * وَمَا لِىَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِى فَطَرَنِى وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (20–22)، إنها قصة رجل لم يقف مكتوف اليدين دون أن يدعو إلى الله، بحجة وجود الأنبياء في هذه القرية، لكنه أصر على الاستمرار في دعوة قومه رغم أنهم لم يستجيبوا للأنبياء الذين هم أفضل منه بكثير، وهكذا نرى أن هذه القصة تصب في محور السورة مباشرة: إياك واليأس من دعوة الناس إلى الله.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «يس».
  • • معنى الاسم ::   حرفان من حروف هجائية أو مقطعة، ابتدأت بها 29 سورة من سور القرآن، وتنطق (يا سين).
  • • سبب التسمية ::   لأن ‏الله ‏افتتح ‏السورة ‏الكريمة ‏بهما، وقد انفردت السورة بافتتاحها بهذين الحرفين‏‏.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   1. «قَلْبُ القُرآن» وجاء هذا الوصف للسورة في حديث، ولكنه ضعيف. 2. «سورة حبيب النجار»؛ لأنها اشتملت على قصته، وإن كان لم يثبت في حديث صحيح أن الرجل المقصود في الآية: ﴿وَجَاء مِنْ أَقْصَى ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ ...﴾ (20) أن اسمه حبيب النجار، وإنما اشتهر ذلك عند بعض المفسرين.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   الاستمرار في الدعوة رغم كل الصعوبات.
  • • علمتني السورة ::   أن التذكير والإنذار ينفع الذين اتبعوا القرآن وخافوا من الله تعالى في الغيب: ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن أذهب إلى مجموعة من الغافلين عن الصلاة، وأنصحهم بأدائها: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾
  • • علمتني السورة ::   لا تَدَعْ الحقَّ من أجل الاستهزاء به؛ لأنَّ أهلَ الباطلِ لا يزالون يستهزئون بالحقِّ وقائلِه: ﴿إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصبح بـ: (يس)».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة يس من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • اشتهر في كتب السيرة أن الكفار لما أحاطوا بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة ليقتلوه، خرج عليهم صلى الله عليه وسلم وفي يده حفنة من التراب، وأخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤسهم وهو يتلو صدر سورة يس إلى قوله: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ (9).
    • يذكر العوام أن «يس» و«طه» من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا غير صحيح
    • قال الشيخ ابن باز رحمه الله: وليس «طه» و«يس» من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في أصح قولي العلماء، بل هما من الحروف المقطعة في أوائل السور؛ مثل «ص» و«ق» و«ن» ونحوها.
    • ذهب جمهور العلماء (منهم: الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى استحباب قراءة سورة يس عند المحتضر, واستدلوا على ذلك ببعض الأدلة: منها: عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ».
    • وسئل ابن عثيمين: هل قراءة سورة (يس) عند المحتضر ثابتة في السنة أم لا؟ فأجاب: قراءة (يس) عند المحتضر سنة عند كثير من العلماء, لقوله صلى الله عليه وسلم: «اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ»، لكن هذا الحديث تكلم فيه بعضهم وضعفه، فعند من صححه تكون قراءة هذه السورة سنة، وعند من ضعفه لا تكون سنة، والله أعلم.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نستمر في الدعوة الله؛ حتى لو كان ظاهر الناس لا يبشّر بالخير.
    • أن نتق الله تعالى في السر والعلن؛ فجميع أعمالنا محصاة علينا: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ (12).
    • أن نفكر في مخلوقات الله تعالى، في الأرض وثمارها، وفي السماء وكواكبها: ﴿وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ﴾ (33).
    • أن نكثر من شكر الله تعالى على نعمه وفضله: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ ...﴾ (34، 35).
    • أن نتأمَّل لو لم توجدْ وسائلُ النَّقلِ الحديثةِ! ثم نشكر اللهَ على تسخيرِها لنا: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ﴾ (41، 42).
    • أن ننفق في سبيل الله تعالى ولا نبخل: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّـهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّـهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ (47).
    • أن ننتبه، فجميع أعمالنا محصاة علينا من خير وشر: ﴿فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (54).
    • أن نحذر من اتباع خطوات الشيطان، ونستعذ بالله منه: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ (60).
    • أن نتبع صراط الله المستقيم؛ وهو: عبادة الله وحده لا شريك له: ﴿وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ (61).
    • أن نحذر من أقرب الشهود علينا: اليدان والرجلان: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (65).

تمرين حفظ الصفحة : 441

441

مدارسة الآية : [13] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ ..

التفسير :

[13] واضرب -أيها الرسول- لمشركي قومك الرادِّين لدعوتك مثلاً يعتبرون به، وهو قصة أهل القرية، حين ذهب إليهم المرسلون،

أي:واضرب لهؤلاء المكذبين برسالتك، الرادين لدعوتك، مثلا يعتبرون به، ويكون لهم موعظة إن وفقوا للخير، وذلك المثل:أصحاب القرية، وما جرى منهم من التكذيب لرسل اللّه، وما جرى عليهم من عقوبته ونكاله.

وتعيين تلك القرية، لو كان فيه فائدة، لعينها اللّه، فالتعرض لذلك وما أشبهه من باب التكلف والتكلم بلا علم، ولهذا إذا تكلم أحد في مثل هذا تجد عنده من الخبط والخلط والاختلاف الذي لا يستقر له قرار، ما تعرف به أن طريق العلم الصحيح، الوقوف مع الحقائق، وترك التعرض لما لا فائدة فيه، وبذلك تزكو النفس، ويزيد العلم، من حيث يظن الجاهل أن زيادته بذكر الأقوال التي لا دليل عليها، ولا حجة عليها ولا يحصل منها من الفائدة إلا تشويش الذهن واعتياد الأمور المشكوك فيها.

والشاهد أن هذه القرية جعلها اللّه مثلا للمخاطبين.{ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ} من اللّه تعالى يأمرونهم بعبادة اللّه وحده، وإخلاص الدين له، وينهونهم عن الشرك والمعاصي.

قال القرطبي ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ وهذه القرية هي «أنطاكية» في قول جميع المفسرين ... والمرسلون: قيل: هم رسل من الله على الابتداء. وقيل: إن عيسى بعثهم إلى أنطاكية للدعاء إلى الله- تعالى- .

ولم يرتض ابن كثير ما ذهب إليه القرطبي والمفسرون من أن المراد بالقرية «أنطاكية» كما أنه لم يرتض الرأى القائل بأن الرسل الثلاثة كانوا من عند عيسى- عليه السلام- فقد قال- رحمه الله- ما ملخصه: وقد تقدم عن كثير من السلف، أن هذه القرية هي أنطاكية، وأن هؤلاء الثلاثة كانوا رسلا من عيسى- عليه السلام- وفي ذلك نظر من وجوه:

أحدها: أن ظاهر القصة يدل على أن هؤلاء كانوا رسل الله- عز وجل- لا من جهة عيسى، كما قال- تعالى-: إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ...

الثاني: أن أهل أنطاكية آمنوا برسل عيسى إليهم، وكانوا أول مدينة آمنت بالمسيح عليه السلام، ولهذا كانت عند النصارى، إحدى المدن الأربعة التي فيها بتاركة- أى، علماء بالدين المسيحي..

الثالث: أن قصة أنطاكية مع الحواريين أصحاب عيسى، كانت بعد نزول التوراة، وقد ذكر أبو سعيد الخدري وغيره، أن الله تعالى بعد إنزاله التوراة لم يهلك أمة من الأمم عن آخرهم بعذاب يبعثه عليهم، بل أمر المؤمنين بعد ذلك بقتال المشركين ...

فعلى هذا يتعين أن هذه القرية المذكورة. قرية أخرى غير أنطاكية.. فإن هذه القرية المشهورة بهذا الاسم لم يعرف أنها أهلكت، لا في الملة النصرانية ولا قبل ذلك .

والذي يبدو لنا أن ما ذهب إليه الإمام ابن كثير هو الأقرب إلى الصواب وأن القرآن الكريم لم يذكر من هم أصحاب القرية، لأن اهتمامه في هذه القصة وأمثالها، بالعبر والعظات التي تؤخذ منها.

وضرب المثل في القرآن الكريم كثيرا ما يستعمل في تطبيق حالة غريبة، بأخرى تشبهها، كما في قوله- تعالى- ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ، كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما، فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً. وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ.

فيكون المعنى: واجعل- أيها الرسول الكريم- حال أصحاب القرية، مثلا لمشركي مكة في الإصرار على الكفر والعناد، وحذرهم من أن مصيرهم سيكون كمصير هؤلاء السابقين، الذين كانت عاقبتهم أن أخذتهم الصيحة فإذا هم خامدون، لأنهم كذبوا المرسلين.

وقوله- سبحانه-: إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ بدل اشتمال من أَصْحابَ الْقَرْيَةِ.

والمراد بالمرسلين: الذين أرسلهم الله إلى أهل تلك القرية، لهدايتهم إلى الحق.

قول تعالى : واضرب - يا محمد - لقومك الذين كذبوك ( مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون ) .

قال ابن إسحاق - فيما بلغه عن ابن عباس ، وكعب الأحبار ، ووهب بن منبه - : إنها مدينة أنطاكية ، وكان بها ملك يقال له : أنطيخس بن أنطيخس بن أنطيخس ، وكان يعبد الأصنام ، فبعث الله إليه ثلاثة من الرسل ، وهم : صادق وصدوق وشلوم ، فكذبهم .

وهكذا روي عن بريدة بن الحصيب ، وعكرمة ، وقتادة ، والزهري : أنها أنطاكية .

وقد استشكل بعض الأئمة كونها أنطاكية ، بما سنذكره بعد تمام القصة ، إن شاء الله تعالى .

القول في تأويل قوله تعالى : وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13)

يقول تعالى ذكره: ومثل يا محمد لمشركي قومك مثلا أصحاب القرية ، &; 20-500 &; ذُكر أنها أنطاكية ( إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ) اختلف أهل العلم في هؤلاء الرسل، وفيمن كان أرسلهم إلى أصحاب القرية ؛ فقال بعضهم: كانوا رسل عيسى ابن مريم، وعيسى الذي أرسلهم إليهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) قال: ذُكر لنا أن عيسى ابن مريم بعث رجلين من الحواريين إلى أنطاكية -مدينة بالروم- فكذبوهما فأعزهما بثالث ( فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ).

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا ثنا سفيان، قال: ثني السدي، عن عكرمة ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ ) قال: أنطاكية .

وقال آخرون: بل كانوا رسلا أرسلهم الله إليهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سَلَمَة قال: ثنا ابن إسحاق، فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب الأحبار، وعن وهب بن منبه، قال: كان بمدينة أنطاكية، فرعون من الفراعنة يقال له أبطيحس بن أبطيحس يعبد الأصنام، صاحب شرك، فبعث الله المرسلين، وهم ثلاثة: صادق، ومصدوق، وسلوم، فقدم إليه وإلى أهل مدينته منهم اثنان فكذبوهما، ثم عزز الله بثالث ، فلما دعته الرسل ونادته بأمر الله، وصدعت بالذي أمرت به، وعابت دينه، وما هم عليه، قال لهم إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ

التدبر :

وقفة
[13] ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا﴾ أهمية ضرب الأمثلة.
وقفة
[13] ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ﴾ أهمية القصص في الدعوة إلى الله.
وقفة
[13] ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ﴾ تعيين تلك القرية لو كان فيه فائدة لَعَيَّنَهَا الله، ما تعرف به أن طريق العلم الصحيح الوقوف مع الحقائق، وترك التعرض لما لا فائدة فيه، وبذلك تزكو النفس، ويزيد العلم من حيث يظن الجاهل أن زيادته بذكر الأقوال التي لا دليل عليها، ولا حجة عليها، ولا يحصل منها من الفائدة إلا تشويش الذهن واعتياد الأمور المشكوك فيها.

الإعراب :

  • ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً:
  • الواو: استئنافية. اضرب: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق باضرب. مثلا: مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى: ومثل لهم مثلا أو واذكر لهم مثلا.
  • ﴿ أَصْحابَ الْقَرْيَةِ:
  • بدل من «مثلا» منصوبة مثلها بالفتحة. أي واضرب لهم مثلا مثل أصحاب القرية. أو تكون مفعولا به منصوبا بفعل مضمر تقديره اجعل أصحاب القرية مثلا. أو منصوبة باضرب بمعنى واضرب أصحاب القرية مثلا. أي اجعلهم مثلا بمعنى: اذكر لهم قصة عجيبة قصة أصحاب القرية. والمثل الثاني بيان للأول. القرية: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. و-مثلا-في آخر عبارة-اجعل أصحاب القرية: مفعول «اجعل» الثاني حذف اختصارا لأن ما قبله دال عليه.
  • ﴿ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ:
  • اذ: اسم مبني على السكون في محل نصب بدل من أصحاب القرية. والجملة الفعلية بعدها في محل جر بالاضافة. جاء: فعل ماض مبني على الفتح و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. أي اذ جاء أهل القرية. المرسلون: فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

الكهف: 32﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ
يس: 13﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ
الكهف: 45﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     وبعد بيانِ إصرارِ مشركي العربِ على الكفرِ؛ ضربَ اللهُ لهم هنا مثلًا يُشبهُ حالَهم في الغلوِّ في الكفرِ وتكذيبِ الرسلِ: قصَّةَ أصحابِ القريةِ، وما جرى بينهم وبين الرسل الذين جاءوا لهدايتهم، قال تعالى:
﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا ..

التفسير :

[14]إذ أرسلنا إليهم رسولين لدعوتهم إلى الإيمان بالله وترك عبادة غيره، فكذَّب أهل القرية الرسولين، فقوَّيناهما برسول ثالث، فقال الثلاثة لأهل القرية:إنا إليكم -أيها القوم- مرسلون.

{ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} أي:قويناهما بثالث، فصاروا ثلاثة رسل، اعتناء من اللّه بهم، وإقامة للحجة بتوالي الرسل إليهم،{ فَقَالُوا} لهم:{ إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ}

وقوله: إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما ... بيان لكيفية الإرسال ولموقف أهل القرية ممن جاءوا لإرشادهم إلى الدين الحق.

أى: إن موقف المشركين منك- أيها الرسول الكريم-، يشبه موقف أصحاب القرية من الرسل الذين أرسلناهم لهدايتهم، إذ أرسلنا إلى أصحاب هذه القرية اثنين من رسلنا، فكذبوهما. وأعرضوا عن دعوتهما.

والفاء في قوله فَكَذَّبُوهُما للإفصاح، أى: أرسلنا إليهم اثنين لدعوتهم إلى إخلاص العبادة لنا فذهبا إليهم فكذبوهما.

وقوله: فعززنا بثالث أى: فقو بنا الرسالة برسول ثالث، من التعزيز بمعنى التقوية، ومنه قولهم: تعزز لحم الناقة، إذا اشتد وقوى. وعزز المطر الأرض، إذا قواها وشدها. وأرض عزاز، إذا كانت صلبة قوية.

ومفعول فَعَزَّزْنا محذوف لدلالة ما قبله عليه أى: فعززناهما برسول ثالث فَقالُوا أى الرسل الثلاثة لأصحاب القرية: إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ لا إلى غيركم، فأطيعونا فيما ندعوكم إليه من إخلاص العبادة لله- تعالى-، ونبذ عبادة الأصنام.

وقوله : ( إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما ) أي : بادروهما بالتكذيب ، ( فعززنا بثالث ) أي : قويناهما وشددنا أزرهما برسول ثالث .

قال ابن جريج ، عن وهب بن سليمان ، عن شعيب الجبائي قال : كان اسم الرسولين الأولين شمعون ويوحنا ، واسم الثالث بولص ، والقرية أنطاكية .

وقوله ( إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) يقول تعالى ذكره: حين أرسلنا إليهم اثنين يدعوانهم إلى الله فكذبوهما فشددناهما بثالث، وقويناهما به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل &; 20-501 &; .

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) قال: شددنا .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بَزَّة، عن مجاهد في قوله ( فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) قال: زدنا .

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) قال: جعلناهم ثلاثة، قال: ذلك التعزز، قال: والتعزز: القوة .

وقوله ( فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ) يقول: فقال المرسلون الثلاثة لأصحاب القرية: إنَّا إليكم أيها القوم مرسلون، بأن تُخْلِصوا العبادة لله وحده، لا شريك له، وتتبرءوا مما تعبدون من الآلهة والأصنام.

وبالتشديد في قوله ( فَعَزَّزْنَا ) قرأت القراء سوى عاصم، فإنه قرأه بالتخفيف، والقراءة عندنا بالتشديد، لإجماع الحجة من القراء عليه، وأن معناه، إذا شُدد: فقوينا، وإذا خُفف: فغلبنا، وليس لغلبنا في هذا الموضع كثير معنى.

التدبر :

عمل
[14] من فرط أهمية الأمر استدعى ذلك إرسال الرسل الواحد تلو الآخر ﴿إِذ أَرسَلنا إِلَيهِمُ اثنَينِ فَكَذَّبوهُما فَعَزَّزنا بِثالِثٍ﴾؛ فليكن هذا تصرفك حال المهام الجسام.
وقفة
[14] ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ أعجب ما في قصة مؤمن آل يس قيامه بالدعوة مع وجود ثلاثة أنبياء, ومن الفوائد التربوية لذلك: تربية المؤمن على أن وجود الأعلم والأفضل لا يمنع من الدعوة, وهذا يرسخ أن المؤمن لا ينفك عن الدعوه إلي الله.
وقفة
[14] ﴿إِذ أَرسَلنا إِلَيهِمُ اثنَينِ فَكَذَّبوهُما فَعَزَّزنا بِثالِثٍ﴾ عند اهتمامك بشخص ما وتراه على غير الحق؛ تسوق إليه من ينصحه الواحد تلو الاخر، وكذا يفعل رب العزة مع عباده رحمة بهم ورأفة، ولله المثل الأعلى.
وقفة
[14] ﴿فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ من واجب الدعاة تعزيز بعضهم البعض, فمن لم يكن معززًا لإخوانه فليس على هدي المرسلين.
عمل
[14] ﴿فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ لماذا التعزيز بثالث؟ لأن اثنين لا يكفيان في تبليغ الرسالة، فكان لا بد من إرسال داعية ثالث، واليوم أرضنا في حاجة إلى الدعاة حاجة الأرض العطشى إلى الماء، فكن أنت الثالث.
اسقاط
[14] ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ أنبياء احتاجوا أن يقويهم ربهم بثالث، وأنت مهما بلغ علمك وصبرك لن تسد الفراغ وحدك.
لمسة
[14] ﴿فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ﴾ قاله هنا بغير تأكيد باللَّام؛ لأنه ابتداءُ إخبارٍ، وقاله بعد بالتأكيد بها: ﴿إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ﴾ [16]؛ لأنه جوابٌ بعد إنكارٍ وتكذيبٍ، فاحتيج إلى التأكيد.
وقفة
[14] ﴿فَقالوا إِنّا إِلَيكُم مُرسَلونَ﴾ تشريفًا بالإرسال، ويتبعه تكليفًا بتبعات الرسالة.

الإعراب :

  • ﴿ إِذْ أَرْسَلْنا:
  • اذ: بدل من «إذ» الأولى. أرسل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. وجملة «أرسلنا» مع مفعولها في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ:
  • حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأرسلنا. اثنين: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون علامة التثنية والمعنى: رسولين أو بتقدير: رسولين اثنين. فيكون المفعول المؤكد قد حذف وأقيم التوكيد مقامه.
  • ﴿ فَكَذَّبُوهُما:
  • الفاء استئنافية.-عاطفة. كذبوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به و «ما» للتثنية.
  • ﴿ فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ:
  • الفاء سببية عاطفة. عززنا: تعرب اعراب «أرسلنا بثالث» جار ومجرور متعلق بعززنا بمعنى فقوينا وقد ترك ذكر مفعول «عززنا» لأن المراد ذكر المعزز به وهو «ثالث».
  • ﴿ فَقالُوا:
  • الفاء استئنافية ويجوز أن تكون عاطفة على مضمر بتقدير: فجاءهم فقالوا. قالوا: تعرب اعراب «كذبوا».
  • ﴿ إِنّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ:
  • الجملة المؤولة من «انّ» وما في حيزها من اسمها وخبرها: في محل نصب مفعول به.-مقول القول-إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب اسم «انّ» اليكم: جار ومجرور متعلق بخبرها والميم علامة جمع الذكور. مرسلون: خبر «ان» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

يس: 14﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ
يس: 16﴿قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ مجيء الرسل إلى هذه القرية؛ فَصَّلَ هنا مجيء الرسل، فبَيَّنَ أنه أرسلَ لهم رسولَينِ، ثُمَّ عزَّزَ بثالثٍ، قال تعالى:
﴿ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فعززننا:
1- بالتشديد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتخفيف، وهى قراءة الحسن، وأبى حيوة، وأبى بكر، والمفضل، وأبان.
بثالث:
وقرئ:
بالثالث، بألف ولام، وهى قراءة عبد الله.

مدارسة الآية : [15] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ ..

التفسير :

[15] قال أهل القرية للمرسلين:ما أنتم إلا أناس مثلنا، وما أنزل الرحمن شيئاً من الوحي، وما أنتم -أيها الرسل- إلا تكذبون.

فأجابوهم بالجواب الذي ما زال مشهورا عند من رد دعوة الرسل:فـ{ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} أي:فما الذي فضلكم علينا وخصكم من دوننا؟ قالت الرسل لأممهم:{ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}

{ وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ} أي:أنكروا عموم الرسالة، ثم أنكروا أيضا المخاطبين لهم، فقالوا:{ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ}

ثم حكى- سبحانه- ما دار بين الرسل وأصحاب القرية من محاورات فقال: قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا، وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ، إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ.

أى: قال أصحاب القرية للرسل على سبيل الاستنكار والتطاول: أنتم لستم إلا بشرا مثلنا في البشرية، ولا مزية لكم علينا، وكأن البشرية في زعمهم تتنافى مع الرسالة، ثم أضافوا إلى ذلك قولهم: وما أنزل الرحمن من شيء مما تدعوننا إليه.

ثم وصفوهم بالكذب فقالوا لهم: ما أنتم إلا كاذبون، فيما تدعونه من أنكم رسل إلينا.

وهكذا قابل أهل القرية رسل الله، بالإعراض عن دعوتهم وبالتطاول عليهم، وبالإنكار لما جاءوا به، وبوصفهم بالكذب فيم يقولونه.

( فقالوا ) أي : لأهل تلك القرية : ( إنا إليكم مرسلون ) أي : من ربكم الذي خلقكم ، نأمركم بعبادته وحده لا شريك له . قاله أبو العالية .

وزعم قتادة بن دعامة : أنهم كانوا رسل المسيح ، عليه السلام ، إلى أهل أنطاكية . ( قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا ) أي : فكيف أوحي إليكم وأنتم بشر ونحن بشر ، فلم لا أوحي إلينا مثلكم ؟ ولو كنتم رسلا لكنتم ملائكة . وهذه شبه كثير من الأمم المكذبة ، كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله : ( ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا ) [ التغابن : 6 ] ، فاستعجبوا من ذلك وأنكروه . وقوله : ( قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ) [ إبراهيم : 10 ] . وقوله حكاية عنهم في قوله : ( ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون ) [ المؤمنون : 34 ] ، ( وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا ) ؟ [ الإسراء : 94 ] . ولهذا قال هؤلاء : ( ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون)

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ (15)

يقول تعالى ذكره: قال أصحاب القرية للثلاثة الذين أرسلوا إليهم حين أخبروهم أنهم أرسلوا إليهم بما أرسلوا به: ما أنتم أيها القوم إلا أُناس مثلنا، ولو كنتم رسلا كما تقولون، لكنتم ملائكة ( وَمَا أَنـزلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ ) يقول: قالوا: &; 20-502 &; وما أنـزل الرحمن إليكم من رسالة ولا كتاب ولا أمركم فينا بشيء ( إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ ) في قيلكم إنكم إلينا مرسلون

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[15] ﴿قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ اعتراض سخيف! الرسالة منهج إلهي تعيشه البشرية، وحياة الرسول ﷺ هي النموذج الواقعي للحياة وفق ذلك المنهج الإلهي، النموذج الذي يدعو قومه إلى الاقتداء به، وهم بشر، فلا بد أن يكون رسولهم من البشر ليحقق نموذجًا من الحياة يملكون هم أن يقلدوه.
عمل
[15] ﴿قالوا ما أَنتُم إِلّا بَشَرٌ مِثلُنا وَما أَنزَلَ الرَّحمنُ مِن شَيءٍ إِن أَنتُم إِلّا تَكذِبونَ﴾ لا تلق بالًا لما يقول من حولك، ولا يثنيك كلامهم عن رسالتك.
وقفة
[15] ﴿وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ﴾ ما أسفه هؤلاء وأحلم العقلاء! أكثرَ رجلٌ مِن سب الأحنف بن قيس وهو لا يجيبه، فقال الرجل: «والله ما منعه من جوابي إلا هواني عليه».

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ ما أَنْتُمْ إِلاّ بَشَرٌ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول- ما: نافية لا عمل لها. انتم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. الا أداة حصر لا عمل لها. بشر: خبر «أنتم» مرفوع بالضمة أي لستم ملائكة.
  • ﴿ مِثْلُنا:
  • صفة-نعت-لبشر مرفوعة مثلها بالضمة. و «نا» ضمير متصل- ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. انزل: فعل ماض مبني على الفتح. الرحمن: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ مِنْ شَيْءٍ:
  • حرف جر زائد لتاكيد النفي. شيء: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به للفعل أنزل بمعنى وما أنزل الرحمن أي الله شيئا من الوحي.
  • ﴿ إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ:
  • تعرب اعراب ما أَنْتُمْ». لأن «ان» مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. الا: حرف تحقيق بعد النفي.
  • ﴿ تَكْذِبُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أنتم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

يس: 15﴿قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَ مَا أَنزَلَ الرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُون
الملك: 9﴿قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّـهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ أنه أرسلَ الرسلَ الثلاثة إلى هذه القرية؛ ذكرَ هنا كيف قابلَ أهل القرية رسلَ الله، حيث ردُّوا دعوتهم لأسباب ثلاثة زعموها، قال تعالى:
﴿ قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ ..

التفسير :

[16] قال المرسلون مؤكدين:ربُّنا الذي أرسلنا يعلم إنا إليكم لمرسلون،

فقالت هؤلاء الرسل الثلاثة:{ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} فلو كنا كاذبين، لأظهر اللّهخزينا، ولبادرنا بالعقوبة.

ولكن الرسل قابلوا كل ذلك بالأناة والصبر، شأن الواثق من صدقه، فقالوا لأهل القرية: بُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ. وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ.

أى: قالوا لهم بثقة وأدب: ربنا- وحده- يعلم إنا إليكم لمرسلون، وكفى بعلمه علما، وبحكمه حكما، وما علينا بعد ذلك بالنسبة لكم إلا أن نبلغكم ما كلفنا بتبليغه إليكم تبليغا واضحا، لا غموض فيه ولا التباس.

فأنت ترى أن الرسل لم يقابلوا سفاهة أهل القرية بمثلها، وإنما قابلوا تكذيبهم لهم.

بالمنطق الرصين، وبتأكيد أنهم رسل الله، وأنهم صادقون في رسالتهم، لأن قولهم رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ جار مجرى القسم في التوكيد.

( قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ) أي : أجابتهم رسلهم الثلاثة قائلين : الله يعلم أنا رسله إليكم ، ولو كنا كذبة عليه لانتقم منا أشد الانتقام ، ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم ، وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار ، كقوله تعالى : ( قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون ) [ العنكبوت : 52 ] .

( قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ) يقول: قال الرسل: ربنا يعلم إنَّا إليكم لمرسلون فيما دعوناكم إليه، وإنَّا لصادقون

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[16] ﴿قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ﴾ لشدة ما واجهوا من إنكار، أكَّدوا تلقي الرسالة بثلاثة مؤكِّدات: الأول: ﴿رَبُّنَا يَعْلَمُ﴾ لأن هذا يجري مجرى القسم، والثاني: ﴿إِنَّا﴾، الثالث: واللام في ﴿لَمُرْسَلُونَ﴾.
عمل
[16] ﴿قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون﴾ لا تقلق إن دخلوا في نواياك؛ الله يعلم نيَّتك.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ
  • هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الرابعة عشرة. الفرق بين الآيتين أن الأولى ابتدائية فيها إخبار والثانية جاءت جوابا عن انكارهم. ولهذا وقعت اللام في «لمرسلون» وكأنها واقعة في جواب القسم الذي جاء في الجملة الاسمية رَبُّنا يَعْلَمُ» لأن هذا القول جار مجرى القسم في التوكيد. مثل قولهم: شهد الله. وعلم الله.
  • ﴿ رَبُّنا يَعْلَمُ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-رب: مبتدأ مرفوع بالضمة. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة. يعلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يعلم» في محل رفع خبر المبتدأ و «إنّ» وما بعدها بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «يعلم».'

المتشابهات :

يس: 14﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ
يس: 16﴿قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ كيف قابلَ أهل القرية رسلَ الله بالإعراض عن دعوتهم، وبالتطاول عليهم، وبالإنكار لما جاءوا به، وبوصفهم بالكذب فيم يقولونه؛ ذكرَ هنا أن الرسلَ قابلوا كل ذلك بالأناة والصبر، شأن الواثق من صدقه، قال تعالى:
﴿ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ

التفسير :

[17] وما علينا إلا تبليغ الرسالة بوضوح، ولا نملك هدايتكم، فالهداية بيد الله وحده.

{ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} أي:البلاغ المبين الذي يحصل به توضيح الأمور المطلوب بيانها، وما عدا هذا من آيات الاقتراح، ومن سرعة العذاب، فليس إلينا، وإنما وظيفتنا -التي هي البلاغ المبين- قمنا بها، وبيناها لكم، فإن اهتديتم، فهو حظكم وتوفيقكم، وإن ضللتم، فليس لنا من الأمر شيء.

وقولهم: وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ تحديد للوظيفة التي أرسلهم الله- تعالى- من أجلها.

( وما علينا إلا البلاغ المبين ) يقولون إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم ، فإذا أطعتم كانت لكم السعادة في الدنيا والآخرة ، وإن لم تجيبوا فستعلمون غب ذلك ، والله أعلم .

( وَمَا عَلَيْنَا إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) يقول: وما علينا إلا أن نبلغكم رسالة الله التي أرسلنا بها إليكم بلاغًا يبين لكم أنَّا أبلغناكموها، فإن قبلتموها فحظ أنفسكم تصيبون، وإن لم تقبلوها فقد أدينا ما علينا، والله ولي الحكم فيه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[17] ﴿وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ بلاغ المرسلين واضح مبين، فلا إبهام في الرسالة أو غموض، قال ابن تيمية: «ومن غَلَط في فهم القرآن، فمِنْ قصوره أو تقصيره».
وقفة
[17] ﴿وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ الإنسان لا يملك هداية العالمين، لكن يملك البلاغ بالحق المبين.

الإعراب :

  • ﴿ وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. علينا: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. البلاغ: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. المبين: صفة-نعت-للبلاغ مرفوعة بالضمة. أي ابلاغ رسالته و «الا» أداة حصر لا عمل لها.'

المتشابهات :

المائدة: 92﴿فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ
النحل: 35﴿فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ
النحل: 82﴿فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ
النور: 54﴿وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ
العنكبوت: 18﴿فَقَدۡ كَذَّبَ أُمَمٞ مِّن قَبۡلِكُمۡۖ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ
يس: 17﴿وَمَا عَلَيۡنَآ إِلَّا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ
التغابن: 12﴿فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا أكدوا أنهم رسل الله؛ حددوا هنا الوظيفة التى أرسلهم اللهُ من أجلِها، قال تعالى:
﴿ وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن ..

التفسير :

[18] قال أهل القرية:إنا تَشَاءَمْنا بكم، لئن لم تكُفُّوا عن دعوتكم لنا لنقتلنكم رمياً بالحجارة، وليصيبنكم منَّا عذاب أليم موجع.

فقال أصحاب القرية لرسلهم:{ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} أي:لم نر على قدومكم علينا واتصالكم بنا إلا الشر، وهذا من أعجب العجائب، أن يجعل من قدم عليهم بأجل نعمة ينعم اللّه بها على العباد، وأجل كرامة يكرمهم بها، وضرورتهم إليها فوق كل ضرورة، قد قدم بحالة شر، زادت على الشر الذي هم عليه، واستشأموا بها، ولكن الخذلان وعدم التوفيق، يصنع بصاحبه أعظم ممايصنع به عدوه.

ثم توعدوهم فقالوا:{ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ} أي:نقتلنكم رجما بالحجارة أشنع القتلات{ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ}

ولكن أهل القرية لم يقتنعوا بهذا المنطق السليم، بل ردوا على الرسل ردا قبيحا، فقالوا لهم: إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ، لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ، وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ والتطير:التشاؤم. أى قالوا في الرد عليهم: إنا تشاءمنا من وجودكم بيننا، وكرهنا النظر إلى وجوهكم، وإذا لم ترحلوا عنا، وتكفوا عن دعوتكم لنا إلى ما لا نريده، لنرجمنكم بالحجارة، وليمسنكم منا عذاب شديد الألم قد ينتهى بقتلكم وهلاككم.

قال صاحب الكشاف: قوله تَطَيَّرْنا بِكُمْ أى: تشاءمنا بكم، وذلك أنهم كرهوا دينهم، ونفرت منه نفوسهم، وعادة الجهال أن يتيمنوا بكل شيء مالوا إليه، واشتهوه وآثروه وقبلته طباعهم، ويتشاءموا مما نفروا عنه وكرهوه، فإن أصابهم خير أو بلاء، قالوا:

ببركة هذا وبشؤم هذا.. .

فعند ذلك قال لهم أهل القرية : ( إنا تطيرنا بكم ) أي : لم نر على وجوهكم خيرا في عيشنا .

وقال قتادة : يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم .

وقال مجاهد : يقولون : لم يدخل مثلكم إلى قرية إلا عذب أهلها .

( لئن لم تنتهوا لنرجمنكم ) : قال قتادة : بالحجارة . وقال مجاهد : بالشتم .

( وليمسنكم منا عذاب أليم ) أي : عقوبة شديدة .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18)

يقول تعالى ذكره: قال أصحاب القرية للرسل ( إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ) يعنون: إنَّا تشاءمنا بكم، فإن أصابنا بلاء فمن أجلكم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ) قالوا: إن أصابنا شر، فإنما هو من أجلكم .

وقوله ( لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ ) يقول: لئن لم تنتهوا عمَّا ذكرتم من أنكم أرسلتم إلينا بالبراءة من آلهتنا، والنهي عن عبادتنا لنرجمنكم، قيل: عني بذلك لنرجمنكم بالحجارة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قتادة ( لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ ) بالحجارة ( وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يقول: ولينالنكم منَّا عذاب موجع .

التدبر :

وقفة
[18] ﴿إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ﴾ يتشاءمون ممن ينبغي التبرك والتفاؤل بهم، وهذا والله دليل انطماس البصيرة ونقصان العقل.
وقفة
[18] ﴿إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ﴾ كفى بالتطير شرًّا أن الله لم يحك التطير إلا عن أعداء الرسل.
وقفة
[18] ليس بدعًا من مبغضي الإصلاح في المجتمعات تشاؤمهم بالمصلحين بزعم أنهم سبب تأخرهم،كقول المعاندين لرسلهم: ﴿إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ﴾.
وقفة
[18] ﴿إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ إذ يعجز المُعرض عن دعوة الأنبياء يبدأ بتشويههم، وأنَّهم سبب المصائب، والآية تشهد بذلك.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة.
  • ﴿ إِنّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-بمعنى: تشاء منا بكم، انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل -ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» تطير: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين- مبني على السكون في محل رفع فاعل. بكم: جار ومجرور متعلق بتطيرنا والميم علامة جمع الذكور. وجملة تَطَيَّرْنا بِكُمْ» في محل رفع خبر «انّ».
  • ﴿ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا:
  • اللام موطئة للقسم-اللام المؤذنة-ان: حرف شرط‍ جازم. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تنتهوا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «ان لم تنتهوا» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه فلا محل لها من الاعراب. بمعنى: لئن لم تقلعوا عن دعواتكم.
  • ﴿ لَنَرْجُمَنَّكُمْ:
  • الجملة: جواب القسم المقدر لا محل لها من الاعراب. وجواب الشرط‍ محذوف دل عليه جواب القسم. أو جواب القسم سدّ مسدّ الجوابين. اللام واقعة في جواب القسم المقدر. نرجمنكم: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. ونون التوكيد لا محل لها من الاعراب. الكاف ضمير متصل -ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. أي لنقتلنكم رميا بالأحجار.
  • ﴿ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنّا عَذابٌ أَلِيمٌ:
  • معطوفة بالواو على «لنرجمنكم» وتعرب اعرابها. منا: جار ومجرور متعلق بيمسنكم بمعنى: ليصيبنكم. عذاب: فاعل مرفوع بالضمة. أليم: صفة-نعت-لعذاب مرفوعة بالضمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     ولَمَّا ضاقت بهؤلاء المكذبين الحيل، وغلَبتْهم الحجة؛ لجؤوا هنا إلى التهديد والوعيد، قال تعالى:
﴿ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم ..

التفسير :

[19] قال المرسلون:شؤمكم وأعمالكم من الشرك والشر معكم ومردودة عليكم، أإن وُعظتم بما فيه خيركم تشاءمتم وتوعدتمونا بالرجم والتعذيب؟ بل أنتم قوم عادتكم الإسراف في العصيان والتكذيب.

فقالت لهم رسلهم:{ طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} وهو ما معهم من الشرك والشر، المقتضي لوقوع المكروه والنقمة، وارتفاع المحبوب والنعمة.{ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ} أي:بسبب أنا ذكرناكم ما فيه صلاحكم وحظكم، قلتم لنا ما قلتم.

{ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} متجاوزون للحد، متجرهمون في قولكم، فلم يزدهم [دعاؤهم] إلا نفورا واستكبارا.

ولكن الرسل قابلوا هذا التهديد- أيضا- بالثبات، والمنطق الحكيم فقالوا لهم:

طائِرُكُمْ مَعَكُمْ، أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ.

أى: قال الرسل لأهل القرية: ليس الأمر كما ذكرتم من أننا سبب شؤمكم، بل الحق أن شؤمكم معكم، ومن عند أنفسكم، بسبب إصراركم على كفركم، وإعراضكم عن الحق الذي جئناكم به من عند خالقكم.

وجواب الشرط لقوله: أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ محذوف، والتقدير: أئن وعظتم وذكرتم بالحق، وخوفتم من عقاب الله.. تطيرتم وتشاءمتم.

وقوله: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ إضراب عما يقتضيه الاستفهام والشرط من كون التذكير سببا للشؤم.

أى: ليس الأمر كما ذكرتم من أن وجودنا بينكم هو سبب شؤمكم، بل الحق أنكم قوم عادتكم الإسراف في المعاصي، وفي إيثار الباطل على الحق، والغي على الرشد، والتشاؤم على التيامن.

ثم بين- سبحانه- بعد تلك المحاورة التي دارت بين أهل القرية وبين الرسل، والتي تدل على أن أهل القرية كانوا مثلا في السفاهة والكراهة للخير والحق.

بين- سبحانه- بعد ذلك ما دار بين أهل القرية، وبين رجل صالح منهم ساءه أن يرى من قومه تنكرهم لرسل الله- تعالى- وتطاولهم عليهم، وتهديدهم لهم بالرجم: فقال- تعالى-:

فقالت لهم رسلهم : ( طائركم معكم ) أي : مردود عليكم ، كقوله تعالى في قوم فرعون : ( فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ) [ الأعراف : 131 ] ، وقال قوم صالح : ( اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله ) [ النمل : 47 ] . وقال قتادة ، ووهب بن منبه : أي أعمالكم معكم . وقال تعالى : ( وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ) [ النساء : 78 ] .

وقوله : ( أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون ) أي : من أجل أنا ذكرناكم وأمرناكم بتوحيد الله وإخلاص العبادة له ، قابلتمونا بهذا الكلام ، وتوعدتمونا وتهددتمونا ؟ بل أنتم قوم مسرفون .

وقال قتادة : أي إن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا ، بل أنتم قوم مسرفون .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19)

يقول تعالى ذكره: قالت الرسل لأصحاب القرية ( طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) يقولون: أعمالكم وأرزاقكم وحظكم من الخير والشر معكم، ذلك كله في أعناقكم، وما ذلك من شؤمنا إن أصابكم سوء فيما كتب عليكم، وسبق لكم من الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنايزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، ( قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ) أي: أعمالكم معكم .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس، وعن كعب وعن وهب بن منبه، قالت لهم الرسل ( طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ) أي: أعمالكم معكم .

وقوله ( أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) اختلفت القراءة في قراءة ذلك ؛ فقرأته عامة قراء الأمصار ( أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) بكسر الألف من " إن " وفتح &; 20-504 &; ألف الاستفهام: بمعنى إن ذكرناكم فمعكم طائركم، ثم أدخل على " إن " التي هي حرف جزاء ألف استفهام في قول بعض نحويي البصرة، وفي قول بعض الكوفيين منوي به التكرير، كأنه قيل: طائركم معكم إن ذكرتم فمعكم طائركم، فحذف الجواب اكتفاء بدلالة الكلام عليه. وإنما أنكر قائل هذا القول القول الأول، لأن ألف الاستفهام قد حالت بين الجزاء وبين الشرط، فلا تكون شرطا لما قبل حرف الاستفهام. وذُكر عن أَبي رزين أنه قرأ ذلك ( أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) بمعنى: ألأن ذكرتم طائركم معكم؟. وذُكر . نعم بعض قارئيه أنه قرأه (قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكَمْ أَيْنَ ذُكِرْتُمْ) بمعنى: حيث ذُكِرْتُمْ بتخفيف الكاف من ذكرتم.

والقراءة التي لا نجيز القراءة بغيرها القراءة التي عليها قراء الأمصار، وهي دخول ألف الاستفهام على حرف الجزاء، وتشديد الكاف على المعنى الذي ذكرناه عن قارئيه كذلك، لإجماع الحجة من القراء عليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) أي: إن ذكرناكم الله تطيرتم بنا؟( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ).

وقوله ( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ) يقول: قالوا لهم: ما بكم التطير بنا، ولكنكم قوم أهل معاصٍ لله وآثامٍ، قد غلبت عليكم الذنوب والآثام.

التدبر :

وقفة
[19] ﴿قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ الطيرة والتشاؤم من أعمال الكفر.
وقفة
[19] ﴿طَائِرُكُم مَّعَكُمْ﴾ معناه: حظكم وما صار إليه من خير وشر معكم؛ أي: من أفعالكم ومن تكسباتكم، ليس هو من أجلنا ولا بسببنا، بل ببغيكم وكفركم، وبهذا فسر الناس، وسمي الحظ والنصيب طائرا استعارة؛ أي: هو مما تحصل عن النظر في الطائر.
وقفة
[19] ﴿أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ من علامات الإسراف على النفس: مقابلة الإحسان بالإساءة، قال قتادة: «أي إن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا؟! بل أنتم قوم مسرفون».

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ طائِرُكُمْ مَعَكُمْ:
  • الجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به-مقول القول- طائركم: مبتدأ مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. مع: اسم بمعنى الظرف يدل على الاجتماع والمصاحبة. أو ظرف مكان متعلق بخبر المبتدأ وهو مضاف و «كم» أعربت في «طائركم» المعنى: سبب شؤمكم معكم وهو كفرهم أي ملازم لكم.
  • ﴿ أَءنْ ذُكِّرْتُمْ:
  • الهمزة همزة استفهام. ان: حرف شرط‍ جازم وفي القول حذف بعد الهمزة أي بمعنى أتطيرون ان ذكرتم بمعنى وعظمتم. ذكرتم: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والميم علامة جمع الذكور والفعل «ذكر» فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. وجواب الشرط‍ محذوف لتقدم معناه. التقدير: أئن ذكرتم اطيرتم بمعنى: أئن وعظتم تشاءمتم؟ .
  • ﴿ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ:
  • حرف اضراب لا عمل له للاستئناف. أنتم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. قوم: خبر «أنتم» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ مُسْرِفُونَ:
  • صفة-نعت-لقوم مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الواو لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: بل أنتم قوم مفرطون أي متجاوزون الحد في العصيان أو الظلم والضلال.'

المتشابهات :

الأعراف: 81﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ
يس: 19﴿قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ
الشعراء: 166﴿وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ
النمل: 47﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ ۖ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ
النمل: 55﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     ولَمَّا لجأ المكذبون للتهديد والوعيد؛ قابلَ الرسلُ هذا التهديد بالثبات والمنطق الحكيم، قال تعالى:
﴿ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

طائركم:
1- على وزن «فاعل» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- طيركم، بياء ساكنة بعد الطاء، وهى قراءة الحسن، وابن هرمز، وعمرو بن عبيد، وزر بن حبيش.
أئن:
1- بهمزتين، الأولى همزة استفهام والثانية همزة «إن» الشرطية، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتخفيفها، وهى قراءة الكوفيين.
3- بتسهيلها، وهى قراءة باقى السبعة.
4- بهمزتين مفتوحتين، وهى قراءة زر بن حبيش.
5- بهمزتين مفتوحتين، وبناء الثانية بين بين، وهى قراءة أبى جعفر، وطلحة.
ذكرتم:
1- بتشديد الكاف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتخفيفها، وهى قراءة أبى جعفر، وخالد بن إلياس، وطلحة، والحسن، وقتادة، وأبى حيوة، والأعمش، من طريق زائدة، والأصمعى، عن نافع

مدارسة الآية : [20] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ ..

التفسير :

[20] وجاء من مكان بعيد في المدينة رجل مسرع (وذلك حين علم أن أهل القرية هَمُّوا بقتل الرسل أو تعذيبهم)، قال:يا قوم اتبعوا المرسلين إليكم من الله،

{ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} حرصا على نصح قومه حين سمع ما دعت إليه الرسل وآمن به، وعلم ما رد به قومه عليهم فقال [لهم]:{ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} فأمرهم باتباعهم ونصحهم على ذلك، وشهد لهم بالرسالة.

وقوله- سبحانه-: وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى ... معطوف على كلام محذوف يفهم من سياق القصة، والتقدير:

وانتشر خبر الرسل بين أصحاب القرية، وعلم الناس بتهديد بعضهم لهم وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ أى من أبعد مواضعها رَجُلٌ يَسْعى أى: رجل ذو فطرة سليمة، يسرع الخطا لينصح قومه، وينهاهم عن إيذاء الرسل ويأمرهم باتباعهم.

قالوا: وهذا الرجل كان اسمه حبيب النجار، لأنه كان يشتغل بالنجارة.

وقد أكثر بعض المفسرين هنا من ذكر صناعته وحاله قبل مجيئه، ونحن نرى أنه لا حاجة إلى ذلك، لأنه لم يرد نص صحيح يعتمد عليه فيما ذكروه عنه.

ويكفيه فخرا هذا الثناء من الله- تعالى- عليه بصرف النظر عن اسمه أو صنعته أو حاله، لأن المقصود من هذه القصة وأمثالها في القرآن الكريم هو الاعتبار والافتداء بأهل الخير.

وعبر هنا بالمدينة بعد التعبير عنها في أول القصة بالقرية للإشارة إلى سعتها، وإلى أن خبر هؤلاء الرسل قد انتشر فيها من أولها إلى آخرها.

والتعبير بقوله: يَسْعى: يدل على صفاء نفسه، وسلامة قلبه، وعلو همته، ومضاء عزيمته، حيث أسرع بالحضور إلى الرسل وإلى قومه، ليعلن أمام الجميع كلمة الحق، ولم يرتض أن يقبع في بيته- كما يفعل الكثيرون- بل هرول نحو قومه، ليقوم بواجبه في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

وقوله- تعالى-: قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ بيان لما بدأ ينصح قومه به بعد وصوله إليهم.

أى: قالَ لقومه على سبيل الإرشاد والنصح يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ الذين جاءوا لهدايتكم إلى الصراط المستقيم، ولإنقاذكم من الضلال المبين الذي انغمستم فيه.

قال ابن إسحاق - فيما بلغه عن ابن عباس وكعب الأحبار ووهب بن منبه - : إن أهل القرية هموا بقتل رسلهم فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى ، أي : لينصرهم من قومه - قالوا : وهوحبيب ، وكان يعمل الجرير - وهو الحبال - وكان رجلا سقيما قد أسرع فيه الجذام ، وكان كثير الصدقة ، يتصدق بنصف كسبه ، مستقيم النظرة .

وقال ابن إسحاق عن رجل سماه ، عن الحكم ، عن مقسم - أو : عن مجاهد - عن ابن عباس قال : [ كان ] اسم صاحب يس حبيبا ، وكان الجذام قد أسرع فيه .

وقال الثوري ، عن عاصم الأحول ، عن أبي مجلز : كان اسمه حبيب بن مرى .

وقال شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس [ أيضا ] قال : اسم صاحب يس حبيب النجار ، فقتله قومه .

وقال السدي : كان قصارا . وقال عمر بن الحكم : كان إسكافا . وقال قتادة : كان يتعبد في غار هناك .

( قال ياقوم اتبعوا المرسلين ) : يحض قومه على اتباع الرسل الذين أتوهم

وقوله ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ) يقول: وجاء من أقصى مدينة هؤلاء القوم الذين أرسلت إليهم هذه الرسل رجل يسعى إليهم؛ وذلك أن أهل المدينة هذه عزموا، واجتمعت آراؤهم على قتل هؤلاء الرسل الثلاثة فيما ذكر، فبلغ ذلك هذا الرجل، وكان منـزله أقصى المدينة، وكان مؤمنًا، وكان اسمه فيما ذكر " حبيب بن مري".

وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الأخبار.

ذكر الأخبار الواردة بذلك:

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان، عن عاصم الأحول، عن أبي مُجِلِّز، قال: كان صاحب يس " حبيب بن مري" .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: كان من حديث صاحب يس فيما حدثنا محمد بن إسحاق فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب الأحبار وعن وهب بن منبه اليماني أنه كان رجلا من أهل أنطاكية، وكان اسمه " حبيبًا " وكان يعمل الجَرير، وكان رجلا سقيمًا، قد أسرع فيه الجذام، وكان منـزله عند باب من أبواب المدينة قاصيًا، وكان مؤمنًا ذا صدقة، يجمع كسبه إذا أمسى فيما يذكرون، فيقسمه نصفين، فيطعم نصفًا عياله، ويتصدق بنصف، فلم يهمَّه &; 20-505 &; سقمه ولا عمله ولا ضعفه، عن عمل ربه، قال: فلما أجمع قومه على قتل الرسل، بلغ ذلك : " حبيبًا " وهو على باب المدينة الأقصى، فجاء يسعى إليهم يذكرهم بالله، ويدعوهم إلى اتباع المرسلين، فقال ( يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن عمرو بن حزم أنه حُدث عن كعب الأحبار قال: ذكر له حبيب بن زيد بن عاصم أخو بني مازن بن النجار الذي كان مسيلمة الكذاب قطعه باليمامة حين جعل يسأله عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فجعل يقول: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ فيقول: نعم، ثم يقول: أتشهد أني رسول الله؟ فيقول له: لا أسمع، فيقول مسيلمة: أتسمع هذا، ولا تسمع هذا؟ فيقول: نعم، فجعل يقطعه عضوًا عضوًا، كلما سأله لم يزده على ذلك حتى مات في يديه ، قال كعب حين قيل له اسمه " حبيب ": وكان والله صاحب يس اسمه " حبيب " .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن مِقْسم أبي القاسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن مجاهد، عن عبد الله بن عباس أنه كان يقول: كان اسم صاحب يس " حبيبًا " وكان الجذام قد أسرع فيه .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ) قال: ذُكر لنا أن اسمه " حبيب "، وكان في غار يعبد ربه، فلما سمع بهم أقبل إليهم . وقوله ( قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) يقول تعالى ذكره: قال الرجل الذي جاء من أقصى المدينة لقومه: يا قوم اتبعوا المرسلين الذين أرسلهم الله إليكم، واقبلوا منهم ما أتوكم به.

وذُكر أنه لما أتى الرسل سألهم: هل يطلبون على ما جاءوا به أجرًا؟ فقالت الرسل: لا فقال لقومه حينئذٍ: اتبعوا من لا يسألكم على نصيحتهم لكم أجرًا &; 20-506 &; .

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: لما انتهى إليهم -يعني إلى الرسل- قال: هل تسألون على هذا من أجر؟ قالوا: لا فقال عند ذلك ( يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ) .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب الأحبار، وعن وهب بن منبه .

التدبر :

لمسة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ لم يذكر القرآن اسمه؛ ليكون أسوةً للرجال الذين يعملون بعيدًا عن الشُّهرة والظهور.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ بلاغة باهرة، يدل على أن إنذار الرسل قد بلغ أقصى المدينة بالرغم من محاولة أهل القرية صد الدعوة.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ رجل ذكره القرآن ولم نعرف اسمه، حسبه أن ربه يعلمه؛ فقد استشعر المسؤولية الدعوية، ولم يجعلها مقتصرة على الأنبياء.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ ليس للأسماء والألقاب مكان حينما تكون الأفعال خالصة لوجه الله!
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ... يَسْعَىٰ﴾ الدَّاعيةُ لا يمنعه بُعدُ المسافاتِ عن دعوتِه فمؤمن آل يس قال الله عنه: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِٰ﴾ وهو لفظ مقصود لتنبيه الدعاة على المضي دون استصعاب المسافات, ومقصود لإقامة الحجة على المتثاقلين عن الدعوه مع قرب المسافات.
عمل
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ لا يمنعك بُعدُ المسافات عن دعوتِك.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ قصة نموذجية في الدعوة تقضي على كل أعذار المتقاعسين؛ فليس من عليه القوم, ولا ذا مال, ولا قدم سبق له, وبانفراده, وكل ما حوله ممنوع, ومع هذا قام بواجب الدعوة وخلد الله ذكره.
لمسة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ تنكير مؤمن آل يس مقصود حيث قال: (رَجُلٌ) وهي لفظة نكرة: لأنه لم يكن معروفًا في زمنه, فالدعوة إذن: لا ترتبط بالأسماء، وإنما بالأفعال.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ قال المفسرون في منصبه: إنه كان: إسكافيًّا حذاء, وقيل: قصابًا صباغًا, وقيل: نجارًا، ومع هذا ذكره الله في أفضل الكتب, فالدعوة لا ترتبط بالمناصب وإنما بالنيات والأعمال.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ لو تأخر قليلًا لقتل الأنبياء وفاته الفضل, ومن فوائد ذلك: أن بيننا وبين الخير أحيانًا مقدار ركضة, فلا تتباطأ عن الخير.
وقفة
[20] ﴿وَجاءَ مِن أَقصَى المَدينَةِ رَجُلٌ يَسعى﴾ ليس المهم من أنت وما اسمك؛ ولكن المهم العمل الذى تقوم به وأثره على من حولك.
عمل
[20] ﴿وَجاءَ مِن أَقصَى المَدينَةِ رَجُلٌ يَسعى﴾ اعمل عملًا ينفعك فى آخرتك، لا ليكتب اسمك تحته فى الدنيا.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ مشهد رائع يُخبرك بقوة إيمان هذا الرجل بقضيَّته؛ أتى ساعيًا ولم يأتِ كسلان متماوتًا.
وقفة
[20] ﴿وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى﴾ [القصص: 20]، ﴿وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى﴾، ﴿وقال رجل مؤمن من آل فرعون﴾ [غافر: 28]؛ لا أهمية لذكر اسمك، الأهم أن يكون العمل خالصًا لوجه الله.
وقفة
[20] ﴿وَجاءَ مِن أَقصَى المَدينَةِ رَجُلٌ يَسعى قالَ يا قَومِ اتَّبِعُوا المُرسَلينَ﴾ لم يرد اسمه، ولكن تأملوا الهمة، لم يثنيه بُعد المسافة بل جاء يمشى بهمة ونشاط، ولا يهمه إلا التبليغ والنصح.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ كما هو مؤمن آل يس, ومؤمن آل فرعون, حتي من الحيوانات خلَّد الله ذكر النملة التي نصحت.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ رجل لم نعرف اسمه ولا لقبه، إنما عرفه الله، وشرفه بذكر خبره في القرآن، وكفاه فخرًا وشرفًا أن تتحدث عنه الأجيال على مر الأزمان.
اسقاط
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ لم يلق بمسؤولية الدعوة على الأنبياء والمرسلين، بل شاركهم لما علم عدم حصول الكفاية في تبليغ أمر الدين، ولا يزال الأمر قائمًا إلى اليوم.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ ووصفُ الرجل بالسعي يفيد أنه جاء مسرعًا، وأنه بلغه همُّ أهل المدينة برجم الرسل أو تعذيبهم، فأراد أن ينصحهم خشيةً عليهم وعلى الرسل، وهذا ثناء على هذا الرجل يفيد أنه ممن يُقتدَى به في الإِسراع إلى تغيير المنكر.
لمسة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ وبهذا يظهر وجه تقديم ﴿مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ﴾ على ﴿رَجُلٌ﴾ للاهتمام بالثناء على أهل أقصى المدينة، وأنه قد يوجد الخير في الأطراف ما لا يوجد في الوسط، وأن الإِيمان يسبق إليه الضعفاء؛ لأنهم لا يصدهم عن الحق ما فيه أهل السيادة من ترف وعظمة؛ إذ المعتاد أنهم يسكنون وسط المدينة.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ (رَجُلٌ) حقًا إنه رجل الذي يعيش لربه.
عمل
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ فاز هذا الرجل بموقف دعوي ولا نعرف اسمه وخلَّد الله قصته؛ فلا تترك الدعوة إلى الله، ففيها الفوز.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ ما أجمل السعي لاتباع الحق، وهداية الخلق! وفيه تبصير لأهل النصح ليبذلوا جهدهم.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ كل خطوة تخطوها لحياة هذه الأمة؛ سيسطرها لك التاريخ.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ الذي يحمل بين أضلاعه همَّ الدعوة لا تهمُّه بُعد المسافات في تبليغها.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ الداعية الصادق لا يعرف الدعوة لنفسه ولا لحزبه ولا لأحد ﴿اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾.
وقفة
[20] كثير من أبناء الإسلام يرى أنه لا يصلح لخدمة الدين إلا العلماء والدعاة الذين لهم باع طويل في العلم والدعوة، فإذا قارن حاله بحالهم وجد مسافة بعيدة، فلا يلبث أن يضعف عزمه، وتفتر همته، فيعيش سلبيًّا لا يقدم لدينه! لا، بل كل فرد مهما كانت حاله يصلح لنصرة دينه إذا سلك الطريق الصحيح في ذلك، قال تعالى: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ فاعتبر.
وقفة
[20] ثلاثة أنبياء في قرية واحدة لكن الرجل الطموح وجد له مكانًا في الدعوة بينهم، فحياه القرآن بعشر آيات، وذكر الأنبياء الثلاثة عليهم السلام في سبع آيات: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾.
عمل
[20] اذهب إلى مجموعة من الغافلين عن الصلاة، وانصحهم بأدائها ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾.
وقفة
[20] ﴿مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ﴾ (أقصى) لفظ مقصود لتنبيه الدعاة على المضي في الخير، واستصغار أي جهة في مبذول فيه، فمن عرف شرف الأجر هان عليه جهد التكلف.
وقفة
[20] ﴿يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ فيه معنى لطيف، الإشارة إلى شدة إشفاقه عليهم وإضافته إليه دليل على أنه لا يريد بهم إلا خيرًا، كذلك كن يا صاحب الدعوة.
وقفة
[20] ﴿يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ لا تتبعوني، ولا تقلدوني، بل اتبعوا المرسلين، تجرد للحقيقة ونصح للخليقة.
عمل
[20] اتبع الرسل، واقتف أثرهم ﴿قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾.
وقفة
[20] النصح لأهل الحق واجب ﴿قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾.
عمل
[20] أعذر إلى الله بإبلاغ حق، أو بإنكار منكر ﴿قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾.
وقفة
[20] أقاصي المدن وأطرافها أكثر تدينًا غالبًا، تأمل: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ أين أهل المدينة من نصرة رسلهم؟!
وقفة
[20] حاز شرف مراتب الشرف العالية بإيصاله الكلمة الطيبة رغم الصعاب ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ من اﻷعمال الجليلة أن تدل الناس على دعاة الخيروتحثهم على متابعتهم.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ الناصح مبادر ومسرع لا يتباطأ عن تقديم الخير، وأول الخير المبادرة إليه.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ رجل غير معروف، لكنه جاء يسعى ليقول كلمته، فلا عذر لأصحاب المنابر عندما يصمتون عن كلمة الحق.
وقفة
[20] أحيانًا يكون أثر الأشياء العابرة والأشخاص العابرون على حياتك كبيرًا، كبيرًا جدًّا ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾، أنت لا تعرف أين يضع الله سرَّه؟!
عمل
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ رجل لم يذكر من عمله إلا دعوته لقومه إلى الله، فكان جزاؤه: ﴿ادخل الجنة﴾ [26]؛ كن داعيًا الى الله.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ ليس المهم اسمك، إنما المهم ما هي دعوتك؟
وقفة
[20] ﴿رَجُلٌ﴾ خُلِّد عمله ولم يُذكر اسمُه!
وقفة
[20] ﴿رَجُلٌ يَسْعَىٰ﴾ نحن بحاجة إلى الإسراع إلى تغيير المنكر برفق وحكمة.

الإعراب :

  • ﴿ وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ:
  • الواو استئنافية. جاء: فعل ماض مبني على الفتح. من أقصى: جار ومجرور متعلق بجاء وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. المدينة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ رَجُلٌ يَسْعى:
  • فاعل مرفوع بالضمة. يسعى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يسعى» في محل رفع صفة-نعت-لرجل.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «قال» في محل رفع صفة ثانية لرجل.
  • ﴿ يا قَوْمِ:
  • أداة نداء. قوم: منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء. والياء المحذوفة خطا واختصارا ولفظا ضمير متصل-ضمير المتكلم- في محل جر بالاضافة. وبقيت الكسرة دالة عليها.
  • ﴿ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب مفعول به-مقول القول- اتبعوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. المرسلين: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

القصص: 20﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ
يس: 20﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     وبعد تهديد الرسل بالرجمِ والتعذيبِ، وشاعَ الخبرُ في المدينة؛ جاءَ من أبعدِ أطرافِ المدينةِ رجلٌ مؤمنٌ ينصحُ قومَه باتِّباعِ الرُّسلِ، قال تعالى:
﴿ وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [21] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا ..

التفسير :

[21] اتبعوا الذين لا يطلبون منكم أموالاً على إبلاغ الرسالة، وهم مهتدون فيما يدعونكم إليه من عبادة الله وحده. وفي هذا بيان فضل مَن سعى إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ثم ذكر تأييدا لما شهد به ودعا إليه، فقال:{ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا} أي:اتبعوا من نصحكم نصحا يعود إليكم بالخير، وليس [يريد منكم أموالكم ولا أجرا على نصحه لكم وإرشاده إياكم، فهذا موجب لاتباع من هذا وصفه.

بقي] أن يقال:فلعله يدعو ولا يأخذ أجرة، ولكنه ليس على الحق، فدفع هذا الاحتراز بقوله:{ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} لأنهم لا يدعون إلا لما يشهد العقل الصحيح بحسنه، ولا ينهون إلا بما يشهد العقل الصحيح بقبحه.

ثم أكد هذه الدعوة بقوله: اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ اتبعوا هؤلاء الرسل الذين جاءوا بأمر ربكم إليكم، ليرشدوكم الى الطريق الحق، والحال أنهم في أنفسهم ثابتون على الهدى، راسخون في التمسك بالعقيدة السليمة.

( اتبعوا من لا يسألكم أجرا ) أي : على إبلاغ الرسالة ، ( وهم مهتدون ) فيما يدعونكم إليه ، من عبادة الله وحده لا شريك له .

( اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) أي: لا يسألونكم أموالكم على ما جاءوكم به من الهدى، وهم لكم ناصحون، فاتبعوهم تهتدوا بهداهم . وقوله ( وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) يقول: وهم على استقامة من طريق الحق، فاهتدوا أيها القوم بهداهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[21] ﴿اتَّبِعوا مَن لا يَسأَلُكُم أَجرًا﴾ فى مجال العمل الدعوى لا تنتظر أجرًا ولا حتى ثناءً وشكرًا، وليكن سمتك كذلك فى أى مجال فى مجالات الحياة، فلتجعلها لله خالصة.
اسقاط
[21] الداعية متطوع في دعوته، فمؤمن آل يس مدح الرسل بقوله: ﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾، وهو أيضًا لم يطلب غير الأجر، فالاحتساب ضروره لنا, وهذه الأمة أمة الاحتساب؛ فنبيها محتسب وعلماؤها محتسبون.
وقفة
[21] ﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا﴾ أي: اتبعوا من نصحكم نصحًا يعود إليكم بالخير، وليس يريد منكم أموالكم، ولا أجرًا على نصحه لكم وإرشاده إياكم، فهذا موجب لاتباع من هذا وصفه. بقي أن يقال: فلعله يدعو ولا يأخذ أجرة، ولكنه ليس على الحق، فدفع هذا الاحتراز بقوله: ﴿وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾؛ لأنهم لا يدعون إلا لما يشهد العقل الصحيح بحسنه، ولا ينهون إلا بما يشهد العقل الصحيح بقبحه.
وقفة
[21] ﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ أي: هؤلاء المرسلون لا يسألونكم أجرة على الإيمان، فلا تخسرون معهم شيئًا من دنياكم، وتربحون معهم الاهتداء في دينكم.
وقفة
[21] ﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ فيها دلالة إلى أن تشوُّف الداعي إلى ما في أيدي القوم، وتطلعه إلى أن ينال من وراءه إرشاده شيئًا من متاع هذه الحياة، قادح في صدقه، وداخل في الريبة في إخلاصه.
وقفة
[21] ﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ كلما أخلص الداعية لربه، وتعفَّف عما في أيدي الناس، كان أكثر تأثيرًا وقبولًا.
وقفة
[21] ﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ طلبك للمقابل على فعل الخير كفيل بأن يثير الشكوك فيك.
عمل
[21] انصر أحد الصالحين أو الدعاة وبين فضله وسيرته، وانشرها برسالة أو بأي وسيلة أخرى ﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾.
عمل
[21] لا تسأل أجرًا على دعوتك؛ فهذا من أسباب القبول ﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾.
وقفة
[21] الناس تُقدم قول المتجرِّد من أي مصلحة لقوله ﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾، ما من نبي سأل على رسالته مالًا أو جاهًا.
وقفة
[21] ﴿اتبعوا من لا يسألكم أجرًا﴾ من علامات صدق الداعي: انعدام مطامعه الدنيوية.
وقفة
[21] ﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ طُبع الناس على حب المتجردين عن الأطماع والحظوظ الدنيوية.
وقفة
[21] ﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ تجرُّد الداعية والعالِم من أسباب قبول الناس لهما.

الإعراب :

  • ﴿ اِتَّبِعُوا مَنْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب لأنها بدل من جملة اِتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ» في الآية السابقة و «من» اسم موصول في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. لا: نافية لا عمل لها. يسألكم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. أجرا: مفعول به منصوب بالفتحة. وهو مفعول به ثان.
  • ﴿ وَهُمْ مُهْتَدُونَ:
  • الواو: حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ يعود على «من» وجاء جمعا على معنى «من» وجاء الضمير في لا يَسْئَلُكُمْ» مفردا على لفظ‍ «من». مهتدون: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

الأنعام: 82﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
يس: 21﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولَمَّا نصحَ الرجلُ المؤمنُ قومَه باتِّباعِ الرُّسلِ؛ نَبَّهَهم هنا عَلى الدَّاعِي إلى اتِّباعِهِمْ؛ والمانِعِ مِنَ الإعْراضِ عَنْهُمْ، قال تعالى:
﴿ اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي ..

التفسير :

[22] وأيُّ شيء يمنعني مِن أن أعبد الله الذي خلقني، وإليه تصيرون جميعاً؟

فكأن قومه لم يقبلوا نصحه، بل عادوا لائمين له على اتباع الرسل، وإخلاص الدين للّه وحده، فقال:{ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي:وما المانع لي من عبادة من هو المستحق للعبادة، لأنه الذي فطرني، وخلقني، ورزقني، وإليه مآل جميع الخلق، فيجازيهم بأعمالهم، فالذي بيده الخلق والرزق، والحكم بين العباد، في الدنيا والآخرة، هو الذي يستحق أن يعبد، ويثنى عليه ويمجد، دون من لا يملك نفعا ولا ضرا، ولا عطاء ولا منعا، ولا حياة ولا موتا ولا نشورا،

ثم أخذ بعد ذلك في حض قومه على اتباع الحق، عن طريق بيان الأسباب التي حملته على الإيمان، حتى يستثير قلوبهم نحو الهدى، فقال- كما حكى القرآن عنه-: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً؟ إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ. إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ.

أى: قال الرجل الصالح لقومه: وأى مانع يمنعني من أن أعبد الله- تعالى- وحده، لأنه هو الذي خلقني ولم أكن قبل ذلك شيئا مذكورا، وهو الذي إليه يكون مرجعكم بعد مماتكم، فيحاسبكم على أعمالكم في الدنيا، ويجازيكم عليها بما تستحقون من ثواب أو عقاب.

( وما لي لا أعبد الذي فطرني ) أي : وما يمنعني من إخلاص العبادة للذي خلقني وحده لا شريك له ، ( وإليه ترجعون ) أي : يوم المعاد ، فيجازيكم على أعمالكم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22)

يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هذا الرجل المؤمن ( وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ) أي: وأي شيء لي لا أعبد الرب الذي خلقني ( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) يقول: وإليه تصيرون أنتم أيها القوم وتردون جميعًا، وهذا حين أبدى لقومه إيمانه بالله وتوحيده.

كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب الأحبار، وعن وهب بن منبه قال: ناداهم -يعني نادى قومه- بخلاف ما هم عليه من عبادة الأصنام، وأظهر لهم دينه وعبادة ربه، وأخبرهم أنه لا يملك نفعه ولا ضره غيره، فقال ( وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ &; 20-507 &; تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) ثم عابها، فقال ( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ ) وشدة ( لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ ).

التدبر :

لمسة
[22] ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ تحدث عن نفسه، ثم التفت إليهم ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ليبين الفرق بين الرجوعين، فرجوع العبد المطيع ليس كالعبد المعاند.
وقفة
[22] ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ من أنفع وسائل الدعوة انقياد الداعية إلى ما يدعو إليه، ومما قيل: من خالفت أقواله أفعاله تحولت أفعاله أفعى له.
وقفة
[22] ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ أوجدني من العدم، ورباني بالنعم؛ فكيف لي أن ألتفت لغيره؟! وكيف لي أن لا أدعوكم إليه؟!
وقفة
[22] ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ تلطف في النصح بإيراده في معرض نصح نفسه، حيث أراهم أنه اختار لهم ما يختار لنفسه.
وقفة
[22] ﴿وَمَاليَ لَا أَعْبًدُ الَّذِي فَطَرَني وَإِلَيْهِ تًرْجَعُونَ﴾ إن قلتَ: كيف أضاف الفطرة إلى نفسه، والرجوع -الذي هو البعثُ- إليهم، مع علمه بأن الله فطرهم وإياهُ، وإليه يرجع هو وهم، فلم يقل: الذي فطرنا وإليه نرجع، أو فطركم وإليه ترجعون؟! قلتُ: لأن الخلْقَ والإِيجاد نعمةٌ من الله تعالى تًوجب الشكر، والبعثَ بعد الموت للجزاءِ وعيدٌ من الله يوجب الزجر، فأضاف ما يقتضي الشكر لنفسه، لأنه أليقُ بإيمانه، وما يقتضي الزجر إليهم لأنه أليقُ بكفرهم.
وقفة
[22] من قضايا الوعظ: التذكير بالبعث والنشور ولقاء الله والوقوف بين يديه والقيام من القبور، فمؤمن آل يس قال: ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، فكم تهز هذه العبارة من قلوب الجبابرة ولو حاولوا إخفاء أثرها.

الإعراب :

  • ﴿ وَما لِيَ لا أَعْبُدُ:
  • الواو: استئنافية. والجملة الاسمية بعدها: استئنافية لا محل لها من الاعراب. ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يفيد الانكار والاستبعاد لعدم العبادة. لا: نافية لا عمل لها. اعبد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. والجملة الفعلية لا أَعْبُدُ» في محل نصب حال: بتقدير: وما لي غير عابد. و «لي» جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ «ما».
  • ﴿ الَّذِي فَطَرَنِي:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.فطرني: فعل ماض مبني على الفتح. النون نون الوقاية. والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به. وجملة «فطرني» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب بمعنى: الذي خلقني.
  • ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ:
  • الواو حالية. والجملة بعدها في محل نصب. اليه: جار ومجرور متعلق بخبر مبتدأ محذوف تقديره: وأنتم اليه ترجعون. ترجعون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والجملة الفعلية «ترجعون» في محل رفع خبر المبتدأ المحذوف.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا دعا قومَه لاتِّباعِ الرُّسلِ؛ تابع هنا دعوتهم لاتباع الحق عن طريق بيان الأسباب التى حملته على الإِيمان، حتى يستثير قلوبهم نحو الهدى، في صورةِ نُصْحِه لنفسِه، وهو يريد نُصْحَهم؛ تَلطفًا بهم، قال تعالى:
﴿ وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن ..

التفسير :

[23] أأعبد من دون الله آلهة أخرى لا تملك من الأمر شيئاً، إن يردني الرحمن بسوء فهذه الآلهة لا تملك دفع ذلك ولا منعه، ولا تستطيع إنقاذي مما أنا فيه؟

{ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ} لأنه لا أحد يشفع عند الله إلا بإذنه، فلا تغني شفاعتهم عني شيئا، وَلَا هُمْ يُنْقذون من الضر الذي أراده اللّه بي.

والاستفهام في قوله: أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً.. للإنكار والنفي.

أى: لا يصح ولا يجوز أن اتخذ معه في العبادة آلهة أخرى، كائنة ما كانت هذه الآلهة، لأنه إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً من النفع، حتى ولو كان هذا النفع في نهاية القلة والحقارة.

وَلا يُنْقِذُونِ: ولا تستطيع هذه الآلهة إنقاذى وتخليصي مما يصيبني من ضر أراد الرحمن أن ينزله بي.

أأتخذ من دونه آلهة ) ؟ استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع ، ( إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون ) أي : هذه الآلهة التي تعبدونها من دونه لا يملكون من الأمر شيئا . فإن الله لو أرادني بسوء ، ( فلا كاشف له إلا هو ) [ يونس : 107 ] وهذه الأصنام لا تملك دفع ذلك ولا منعه ، ولا ينقذونني مما أنا فيه ،

وقوله ( أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ) يقول: أأعبد من دون الله آلهة، يعني معبودًا سواه ( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ ) يقول: إذ مسني الرحمن بضر وشدة ( لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا ) يقول: لا تغني عني شيئًا بكونها إليَّ شفعاء، ولا تقدر على رفع ذلك الضر عني ( وَلا يُنْقِذُونِ ) يقول: ولا يخلصوني من ذلك الضر إذا مسني.

التدبر :

وقفة
[23] التلميح أسلوب دَعَوي راقٍ، فـمؤمن آلِ يس قال مُعرِّضًا بقومِه ناسبًا الأمرَ لنفسِه: ﴿أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً﴾، ومن هديه ﷺ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ ...» [البخاري 750]، وهذا من رقي منطق الداعية.
وقفة
[23] ﴿إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ﴾ حتى ما يمسك من مصيبة هو رحمة؛ لأنه من الرحمن سبحانه.

الإعراب :

  • ﴿ ءأَتَّخِذُ:
  • الهمزة همزة إنكار وتعجيب بلفظ‍ استفهام. أتخذ: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
  • ﴿ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً:
  • جار ومجرور في مقام المفعول الثاني والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. آلهة: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ:
  • حرف شرط‍ جازم. يردن: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره الدال. وحذفت الياء لأن أصله يريدن تخلصا من التقاء الساكنين والنون نون الوقاية والياء المحذوفة خطا واختصارا ولفظا واكتفاء بالكسرة ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به مقدم. وبقيت الكسرة دالة عليها. الرحمن: فاعل مرفوع بالضمة. بضر: جار ومجرور متعلق بيريد.
  • ﴿ لا تُغْنِ عَنِّي:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب. لا: نافية لا عمل لها. عني: جار ومجرور متعلق بلا تغن. و«تغن» فعل مضارع جواب الشرط‍ -جزاؤه-مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف آخره حرف العلة والجار والمجرور «عني» في مقام المفعول به المقدم بمعنى لا تنفعني.
  • ﴿ شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً:
  • فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. شيئا: مفعول مطلق أو مفعول به منصوب بالفتحة في موضع المصدر. أي لا تغن غنى شفاعتهم اغناء أو غني شيئا.
  • ﴿ وَلا يُنْقِذُونِ:
  • الواو عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. ينقذون: فعل مضارع مجزوم لأنه معطوف على مجزوم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والنون نون الوقاية والياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها ولأنها رأس آي في محل نصب مفعول به.'

المتشابهات :

يس: 23﴿إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ
يس: 43﴿وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ لهم الأسباب التى حملته على الإِيمان بالله؛ أنكرَ هنا على قومِه كيف يعبدون من دون الله ما لا ينفع ولا يضر؟!، قال تعالى:
﴿ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [24] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ

التفسير :

[24] إني إن فعلت ذلك لفي خطأ واضح ظاهر.

{ إِنِّي إِذًا} أي:إن عبدت آلهة هذا وصفها{ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} فجمع في هذا الكلام، بين نصحهم، والشهادة للرسل بالرسالة، والاهتداء والإخبار بِتعيُّنعبادة اللّه وحده، وذكر الأدلة عليها، وأن عبادة غيره باطلة، وذكر البراهين عليها، والإخبار بضلال من عبدها، والإعلان بإيمانه جهرا، مع خوفه الشديد من قتلهم،

إِنِّي إِذاً لو اتخذت هذه الآلهة شريكا مع الله في العبادة لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أى:

لأكونن في ضلال واضح لا يخفى على أحد من العقلاء.

"إنى إذا لفي ضلال مبين" أى إن اتخذتها آلهة من دون الله.

وقوله ( إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) يقول إني إن اتخذت من دون الله آلهة هذه صفتها( إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) لمن تأمله، جوره عن سبيل الحق.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[24] ﴿إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ نسب الضلال إلى نفسه إن عبَد غير الله، وأرادهم بقوله، لكنه تلطف في دعوتهم.

الإعراب :

  • ﴿ إِنِّي إِذاً:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسم «ان» اذا: حرف جواب لا عمل له. والجملة جواب لقسم مقدر.
  • ﴿ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-واقعة في جواب القسم المحذوف. في ضلال: جار ومجرور متعلق بخبر «ان» مبين: صفة-نعت -لضلال مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     ولَمَّا أنكرَ على من يعبد من دون الله ما لا ينفع ولا يضر؛ نَزَّه نفسَه هنا عن مثل هذا الضلال، قال تعالى:
﴿ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [25] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ

التفسير :

[25]إني آمنت بربكم فاستمعوا إلى ما قُلْته لكم، وأطيعوني بالإيمان. فلما قال ذلك وثب إليه قومه وقتلوه، فأدخله الله الجنة.

{ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} فقتله قومه، لما سمعوا منه وراجعهم بما راجعهم به.

ثم ختم حديثه معهم بإعلان إيمانه بكل صراحة وقوة فقال: إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ، الذي خلقكم ورزقكم فَاسْمَعُونِ أى: فاسمعوا ما نطقت به، واشهدوا لي بأنى آمنت بربكم الذي خلقكم وخلقني، وكفرت بهؤلاء الشركاء، ولن أشرك معه- سبحانه- في العبادة أحدا. مهما كانت النتائج.

وهكذا نرى الرجل الصالح الذي استقر الإيمان في قلبه ومشاعره ووجدانه يدافع عن الحق الذي آمن به دفاعا قويا دون أن يخشى أحدا إلا الله، ويدعو قومه بشتى الأساليب إلى اتباعه ويقيم لهم ألوانا من الأدلة على صحة ما يدعو إليه.

ثم يصارحهم في النهاية، ويشهدهم على هذه المصارحة، بأنه قد آمن بما جاء به الرسل إيمانا لا يقبل الشك أو التردد، ولا يثنيه عنه وعد أو وعيد أو إيذاء أو قتل.

ورحم الله صاحب الكشاف، فقد أجاد في تصوير هذه المعاني فقال ما ملخصه: قوله:

اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ كلمة جامعة في الاستجابة لدعوة الرسل، أى: لا تخسرون معهم شيئا من دنياكم، وتربحون صحة دينكم، فينتظم لكم خير الدنيا وخير الآخرة.

ثم أبرز الكلام في معرض المناصحة لنفسه، وهو يريد مناصحتهم، وليتلطف بهم ويداريهم.. فقال: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

ثم قال: إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ يريد فاسمعوا قولي وأطيعونى، فقد نهيتكم على الصحيح الذي لا معدل عنه، أن العبادة لا تصح إلا لمن منه مبتدؤكم وإليه مرجعكم.. .

وقوله : ( إني آمنت بربكم فاسمعون ) : قال ابن إسحاق - فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب - يقول لقومه : ( إني آمنت بربكم ) الذي كفرتم به ، ( فاسمعون ) أي : فاسمعوا قولي .

ويحتمل أن يكون خطابه للرسل بقوله : ( إني آمنت بربكم ) أي : الذي أرسلكم ، ( فاسمعون ) أي : فاشهدوا لي بذلك عنده . وقد حكاه ابن جرير فقال : وقال آخرون : بل خاطب بذلك الرسل ، وقال لهم : اسمعوا قولي ، لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي ، إني [ قد ] آمنت بربكم واتبعتكم .

وهذا [ القول ] الذي حكاه هؤلاء أظهر في المعنى ، والله أعلم .

قال ابن إسحاق - فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب - : فلما قال ذلك وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه ، ولم يكن له أحد يمنع عنه .

وقال قتادة : جعلوا يرجمونه بالحجارة ، وهو يقول : " اللهم اهد قومي ، فإنهم لا يعلمون " . فلم يزالوا به حتى أقعصوه وهو يقول كذلك ، فقتلوه ، رحمه الله .

وقوله ( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ) فاختلف في معنى ذلك، فقال بعضهم: قال هذا القول هذا المؤمن لقومه يعلمهم إيمانه بالله.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب، وعن وهب بن منبه ( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ) إني آمنت بربكم الذي كفرتم به، فاسمعوا قولي .

وقال آخرون: بل خاطب بذلك الرسل، وقال لهم: اسمعوا قولي لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي، وأني قد آمنت بكم واتبعتكم؛ فذكر أنه لما قال هذا القول، ونصح لقومه النصيحة التي ذكرها الله في كتابه وثبوا به فقتلوه.

ثم اختلف أهل التأويل في صفة قتلهم إياه، فقال بعضهم: رجموه بالحجارة .

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) هذا رجل دعا قومه إلى الله، وأبدى لهم &; 20-508 &; النصيحة فقتلوه على ذلك. وذُكر لنا أنهم كانوا يرجمونه بالحجارة، وهو يقول: اللهم اهد قومي، اللهم اهد قومي، اللهم اهد قومي، حتى أقْعَصوه وهو كذلك .

وقال آخرون: بل وثبوا عليه، فوطئوه بأقدامهم حتى مات.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب، وعن وهب بن منبه قال لهم ( وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ) .. إلى قوله ( فَاسْمَعُونِ ) وثبوا وثبة رجل واحد فقتلوه واستضعفوه لضعفه وسقمه، ولم يكن أحد يدفع عنه

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أصحابه &; 20-509 &; أن عبد الله بن مسعود كان يقول: وطئوه بأرجلهم حتى خرج قُصْبه من دُبُره .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[25] قوله: ﴿آمنتت بربكم﴾ أولى من قوله: (آمنت بربي)؛ لأن كل شخص إنما هو مؤمن بربه، فيقول له المقابل: وأنا آمنت بربي أيضًا.
عمل
[25] ﴿إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ﴾ حفظ الله لهذا الرجل صدحه بالحق وأثنى عليه؛ اصدح بعقيدتك ومبادئك، إياك أن تخاف من نقد أحدهم أو تخجل.
اسقاط
[25] ﴿إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ﴾ وأنت بماذا جاهرت؟!
وقفة
[25، 26] ﴿إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ آذوه واحتقروه وقتلوه، ومع هذا يتمنى لو علموا بمقعده في الجنة، إنها رحمة الداعية بقومه مهما آذوْه!

الإعراب :

  • ﴿ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ:
  • اني: أعربت. آمنت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع فاعل. بربكم: جار ومجرور متعلق بآمنت الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور وجملة آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ» في محل رفع خبر «انّ».
  • ﴿ فَاسْمَعُونِ:
  • الفاء استئنافية. اسمعون: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. و«النون» مع الكسرة أعربتا في «ينقذون» في الآية الثالثة والعشرين وحذف جواب الطلب لأن في قوله اشهادا على ايمانه. التقدير: اسمعوا ايماني تشهدوا لي به.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     وبعد أن دعا قومَه لاتباع الرسل، وأنكرَ عليهم عبادة ما لا يضر ولا ينفع، ونَزَّه نفسَه عن هذا الضلال؛ ختمَ حديثَه معهم بإعلان إيمانه بالله بكل صراحة وقوة، قال تعالى:
﴿ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [26] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا ..

التفسير :

[26] قيل له بعد قتله:ادخل الجنة، إكراماً له.

فـ{ قِيلَ} له في الحال:{ ادْخُلِ الْجَنَّةَ} فقال مخبرا بما وصل إليه من الكرامة على توحيده وإخلاصه، وناصحا لقومه بعد وفاته، كما نصح لهم في حياته:{ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي}

ولكن هذه النصائح الغالية الحكيمة من الرجل الصالح لقومه، لم تصادف أذنا واعية بل إن سياق القصة بعد ذلك ليوحى بأن قومه قتلوه، فقد قال- تعالى- بعد أن حكى نصائح هذا الرجل لقومه، قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ....

أى: قالت الملائكة لهذا الرجل الصالح عند موته على سبيل البشارة: ادخل الجنة بسبب إيمانك وعملك الطيب.

قال الآلوسى: قوله: قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ.. استئناف لبيان ما وقع له بعد قوله ذلك.

والظاهر أن الأمر المقصود به الإذن له بدخول الجنة حقيقة، وفي ذلك إشارة إلى أن الرجل قد فارق الحياة، فعن ابن مسعود أنه بعد أن قال ما قال قتلوه..

وقيل: الأمر للتبشير لا للإذن بالدخول حقيقة، أى: قالت ملائكة الموت وذلك على سبيل البشارة له بأنه من أهل الجنة- يدخلها إذا دخلها المؤمنون بعد البعث .

قال محمد بن إسحاق ، عن بعض أصحابه ، عن ابن مسعود : إنهم وطئوه بأرجلهم حتى خرج قصبه من دبره وقال الله له : ( ادخل الجنة ) ، فدخلها فهو يرزق منها ، قد أذهب الله عنه سقم الدنيا وحزنها ونصبها .

وقال مجاهد : قيل لحبيب النجار : ادخل الجنة . وذلك أنه قتل فوجبت له ، فلما رأى الثواب ( قال يا ليت قومي يعلمون ) .

قال قتادة : لا تلقى المؤمن إلا ناصحا ، لا تلقاه غاشا ; لما عاين [ ما عاين ] من كرامة الله ( قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) . تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله [ له ] ، وما هجم عليه .

وقال ابن عباس : نصح قومه في حياته بقوله : ( ياقوم اتبعوا المرسلين ) [ يس : 20 ] ، وبعد مماته في قوله : ( يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) رواه ابن أبي حاتم .

وقال سفيان الثوري ، عن عاصم الأحول ، عن أبي مجلز :

القول في تأويل قوله تعالى : قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26)

يقول تعالى ذكره: قال الله له إذ قتلوه كذلك فلقيه ( ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) فلما دخلها وعاين ما أكرمه الله به لإيمانه وصبره فيه ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي) يقول: يا ليتهم يعلمون أن السبب الذي من أجله غفر لي ربي ذنوبي، وجعلني من الذين أكرمهم الله بإدخاله إياه جنته، كان إيماني بالله وصبري فيه، حتى قتلت، فيؤمنوا بالله ويستوجبوا الجنة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عن بعض أصحابه أن عبد الله بن مسعود كان يقول: قال الله له: ادخل الجنة، فدخلها حيًّا يرزق فيها، قد أذهب الله عنه سقم الدنيا وحزنها ونصبها، فلما أفضى إلى رحمة الله وجنته وكرامته ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) فلما دخلها( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) قال: فلا تلقى المؤمن إلا ناصحًا، ولا تلقاه غاشًّا، فلما عاين من كرامة الله ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله، وما هجم عليه.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) قال: قيل: قد وجبت له الجنة؛ قال ذاك حين رأى الثواب .

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) قال: وجبت لك الجنة .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) قال: وجبت له الجنة .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

تفاعل
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ﴾ سَل الله الجنة الآن.
وقفة
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ حب الخير للناس صفة من صفات أهل الإيمان.
وقفة
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ في قلب الداعية حب الخير للغير، حتى بعد دخوله الجنة.
وقفة
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ ياألله، ياله من داعية! فرحة الجنة لم تدهشه عن محبة الخير لقومه.
وقفة
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ أمنية الداعية لا يغيرها الموت حب الهداية للناس.
وقفة
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ الدعوة تقتضي: النصح والشفقة والاحتساب والشجاعة والمبادرة واختيار اللفظ وتحديد الوقت وفقه الأولى, وكلها من صفات مؤمن آل يس، فرحمه الله رحمة واسعة.
وقفة
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ في أحد أوجه تفسير الآية أن مؤمن آل يس قال هذه الجملة بعد استشهاده, وهذا يؤكد أن المؤمن ناصح حتي بعد موته, وفي حياته أشد نصحًا.
وقفة
[26] قوم مؤمن آل يس كفار معاندون آذوه وأهانوه واحتقروه فقتلوه، ومع هذا قال: ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾، إنها رحمة الداعية بقومه وعلى قومه, وأحوج ما تحتاجه الأمة اليوم رحمة دعاتها بأفرادها.
وقفة
[26] ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ قالها مؤمن آلِ يس بعد وفاته وحين أكرمه ربه بالجنة، قال عنه ابن عباس: «رحم الله مؤمن آلِ يس نصح قومه حيًّا وميتًا».
وقفة
[26] قوم (مؤمن آل يس) كفار معاندون آذوه وأهانوه واحتقروه فقتلوه، ومع هذا قال: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾، إنها رحمة الداعية بقومه وعلى قومه.
وقفة
[26] قيل: ادخل الجنة، قال: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ مرحى يا داعية الخلود، تحمل أشواق الحب للناس حتى هناك.
وقفة
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ عظيم أنت أيها الداعية إلى الله، وأنت تدخل الجنّة تُفكّر في هداية قومك وأهلك!
وقفة
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ قتلوه فلما رأى الجنة تمنى لو يعلم القتلة بذلك فيهتدوا، أي داعية تسامى عن الحقد هذا!
وقفة
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ يا له من داعية! اصطحب شفقته ورحمته بقومه الذين اغتالوه إلى باب الجنة.
وقفة
[26] الداعية حقًّا يحمل هم الدعوة في الشدة واللين، فيوسف يدعو الناس في السجن، وصاحب القرية مات ودخل الجنة فقال: ﴿يا ليت قومي يعلمون﴾.
وقفة
[26] ﴿يا لَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ﴾ الداعية الذي يحمل هم مصير قومه حتى بعد موته؛ بالتأكيد كان يحمل همهم طوال حياته.
وقفة
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ هَمُّ الدعوة حتى آخر لحظة!
وقفة
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ النفوس الطاهرة والقلوب المشفقة لها عند الله شأن، حتى أمانيها ينزل فيها قرآنًا يتلى.
وقفة
[26] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ إنه قلب المؤمن لا يحمل سوى الحب، ولا يرجو للآخرين إلا الخير، يطمع في هداية الناس أجمعين، ويفتقدهم في جَنَّات عليِّين حتى ولو آذووه، اللَّهُمَّ اجمعنا في جنات النعيم.
وقفة
[26، 27] ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ هنا تنبيه عظيم، ودلالة على وجوب كظم الغيظ، والحلم عن أهل الجهل، والترؤف على من أدخل نفسه في غمار الأشرار وأهل البغي، والتشمر في تخليصه، والتلطف في افتدائه، والاشتغال بذلك عن الشماتة به والدعاء عليه، ألا ترى كيف تمنى الخير لقتلته والباغين له الغوائل، وهم كفرة عبدة أصنام؟!
وقفة
[26، 27] منهج للدعاة: ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ الله أكبر، كم في هذه الآية من معان سامية! كظم للغيظ، وحلم عن الجهال، ورأفة بمن آذوه، والاشتغال عن الشماتة بهم والدعاء عليهم! ألا ترى كيف تمنى الخير لقتلته، والباغين له الغوائل وهم كفرة عبدة أصنام؟
وقفة
[26، 27] أعظم أمنيات الداعية الصادق تحقيق السعادة للمدعوين ﴿قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ قال قتادة: لا تلقى المؤمن إلا ناصحًا، لا تلقاه غاشًّا؛ لما عاين ما عاين من كرامة الله تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله له.
وقفة
[26، 27] فليعلم المؤمن أن هذه الوحشة لا تدوم بل هي من عوارض الطريق، فسوف تبدو له الخيام، وسوف يخرج إليه المتلقون يهنئونه بالسلامة والوصول إليهم، فيا قرة عينه إذ ذاك ويا فرحته إذ يقول: ﴿قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾.
وقفة
[26، 27] ﴿قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي﴾ وفي هذه الآية تنبيه عظيم على وجوب كظم الغيظ، والحلم عن أهل الجهل.
وقفة
[26، 27] ﴿قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي﴾ صفاء النية دخل معه الجنة.
عمل
[26، 27] كن محبًّا لهداية الناس لا لعذابهم، فذلك من أعظم ما يتخلق به الداعية الرباني ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قِيلَ:
  • فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. ونائب الفاعل الجملة الفعلية اُدْخُلِ الْجَنَّةَ» في محل رفع. التقدير: لما قتل قيل له: ادخل الجنة. والجملة استئنافية لأنها بتقدير: جواب عن سؤال هو كيف كان لقاء ربه بعد ذلك التصلب في نصرة دينه. وفي القول حذف من باب الاختصار.
  • ﴿ ادْخُلِ الْجَنَّةَ:
  • فعل أمر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. الجنة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة استئنافية أيضا لا محل لها من الاعراب لأن فيها حذفا أي جاءت جوابا عن سؤال بتقدير: عما وجد من قوله عند ذلك الفوز العظيم فتمنى علم قومه بحاله بالنعيم الذي وجده في الجنة.
  • ﴿ يا لَيْتَ قَوْمِي:
  • يا: حرف تنبيه لأنها سبقت بليت. ويجوز أن تكون حرف نداء والمنادى هنا محذوفا. ليت: حرف مشبه بالفعل تفيد التمني. قومي: اسم «ليت» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المأتي بها من أجلها والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة. وانما حذف المنادى به على تقدير: يا هؤلاء مثلا.
  • ﴿ يَعْلَمُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «ليت» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف مفعولها لأنه معلوم بمعنى: ليتهم يعلمون حالي وما أنا فيه من النعيم فيثوبوا الى رشدهم فيتوبوا عن الكفر ليكتسبوا مثل ما أصابه في دار النعيم. أو يكون «يعلمون» بمعنى: حصلت لهم حقيقة العلم بحاله. وفي هذا المعنى يكون الفعل لازما غير متعدي الى مفعول.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     وبعد كل ما قاله الرجل المؤمن؛ لم يستجيبوا لنُصحه، بل نفذوا تهديدهم وقتلوه، فلمَّا قِيل له ادخُلْ الجَنَّةَ قالَ: يا ليتَ قومِى يعلمُونَ هذا ليؤمِنُوا، قال تعالى:
﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [27] :يس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي ..

التفسير :

[27] قال وهو في النعيم والكرامة:يا ليت قومي يعلمون بغفران ربي لي وإكرامه إياي؛ بسبب إيماني بالله وصبري على طاعته، واتباع رسله حتى قُتِلت، فيؤمنوا بالله فيدخلوا الجنة مثلي.

أي:بأي:شيء غفر لي، فأزال عني أنواع العقوبات،{ وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} بأنواع المثوبات والمسرات، أي:لو وصل علم ذلك إلى قلوبهم، لم يقيموا على شركهم.

وقوله- تعالى-: قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ استئناف بيانى لبيان ما قاله عند البشارة.

أى: قيل له ادخل الجنة بسبب إيمانك وعملك الصالح، فرد وقال: يا ليت قومي الذين قتلوني ولم يسمعوا نصحى، يعلمون بما نلته من ثواب من ربي، فقد غفر لي- سبحانه-، وجعلني من المكرمين عنده، بفضله وإحسانه..

قال ابن كثير: ومقصوده- من هذا القول- أنهم لو اطلعوا على ما حصل عليه من ثواب ونعيم مقيم، لقادهم ذلك إلى اتباع الرسل، فرحمه الله ورضى عنه، فلقد كان حريصا على هداية قومه.

روى ابن أبى حاتم أن عروة بن مسعود الثقفي، قال للنبي صلّى الله عليه وسلم: ابعثني إلى قومي أدعوهم إلى الإسلام، فقال له صلّى الله عليه وسلم «إنى أخاف أن يقتلوك» ، فقال: يا رسول الله، لو وجدوني نائما ما أيقظونى. فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم «انطلق إليهم» فانطلق إليهم، فمر على اللات والعزى فقال: لأصبحنك غدا بما يسوؤك، فغضبت ثقيف فقال لهم: يا معشر ثقيف: أسلموا تسلموا- ثلاث مرات-. فرماه رجل منهم فأصاب أكحله فقتله- والأكحل: عرق في وسط الذراع- فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «هذا مثله كمثل صاحب يس قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ وقال صاحب الكشاف ما ملخصه: وقوله: يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ.. إنما تمنى علم قومه بحاله، ليكون علمهم بها سببا لاكتساب مثلها لأنفسهم، بالتوبة عن الكفر، والدخول في الإيمان.. وفي حديث مرفوع: «نصح قومه حيا وميتا» .

وفيه تنبيه عظيم على وجوب كظم الغيظ والحلم عن أهل الجهل والترؤف على من أدخل نفسه في غمار الأشرار وأهل البغي، والتشمر في تخليصه، والتلطف في افتدائه، والاشتغال بذلك عن الشماتة به، والدعاء عليه، ألا ترى كيف تمنى الخير لقتلته، وللباغين له الغوائل وهم كفرة وعبدة أصنام.. .

( بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) بإيماني بربي وتصديقي المرسلين .

ومقصوده أنهم لو اطلعوا على ما حصل من هذا الثواب والجزاء والنعيم المقيم ، لقادهم ذلك إلى اتباع الرسل ، فرحمه الله ورضي عنه ، فلقد كان حريصا على هداية قومه .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عبيد الله ، حدثنا ابن جابر - وهو محمد - عن عبد الملك - يعني : ابن عمير - قال : قال عروة بن مسعود الثقفي للنبي صلى الله عليه وسلم : ابعثني إلى قومي أدعهم إلى الإسلام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أخاف أن يقتلوك " . فقال : لو وجدوني نائما ما أيقظوني . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انطلق " . فانطلق فمر على اللات والعزى ، فقال : لأصبحنك غدا بما يسوءك . فغضبت ثقيف ، فقال : يا معشر ثقيف ، إن اللات لا لات ، وإن العزى لا عزى ، أسلموا تسلموا . يا معشر الأحلاف ، إن العزى لا عزى ، وإن اللات لا لات ، أسلموا تسلموا . قال ذلك ثلاث مرات ، فرماه رجل فأصاب أكحله فقتله ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " هذا مثله كمثل صاحب يس ، ( قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين )

وقال محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم : أنه حدث عن كعب الأحبار : أنه ذكر له حبيب بن زيد بن عاصم - أخو بني مازن بن النجار - الذي كان مسيلمة الكذاب قطعه باليمامة ، حين جعل يسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يقول : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ فيقول : نعم . ثم يقول : أتشهد أني رسول الله ؟ فيقول : لا أسمع . فيقول له مسيلمة : أتسمع هذا ولا تسمع ذاك ؟ فيقول : نعم . فجعل يقطعه عضوا عضوا ، كلما سأله لم يزده على ذلك حتى مات في يديه . فقال كعب حين قيل له : اسمه حبيب ، وكان والله صاحب يس اسمه حبيب .

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، عن سفيان، عن عاصم الأحول، عن أبي مجلز، في قوله ( بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي ) قال إيماني بربي، وتصديقي رسله، والله أعلم . &; 20-510 &;

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

تفاعل
[27] ﴿بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي﴾ ادعُ الله الآن أن يغفر لك.
تفاعل
[27] ﴿وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي:
  • الباء حرف جر و «ما» مصدرية. غفر: فعل ماض مبني على الفتح. لي: جار ومجرور متعلق بغفر. ربي: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المأتي بها من أجل الياء. والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة. وجملة غَفَرَ لِي رَبِّي» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و«ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بيعلمون. أو تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل جر بالباء. وجملة غَفَرَ لِي رَبِّي» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد -الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: بالذي غفره لي ربي من الذنوب. ويحتمل أن تكون «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل جر بالباء على معنى: بأي شيء غفر لي ربي. الا أن القول «بم» باسقاط‍ الألف أجود لأنها مسبوقة بحرف جر وان كان اثباتها جائزا رغم ضعفه.
  • ﴿ وَجَعَلَنِي:
  • معطوفة بالواو على «غفر» والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. النون للوقاية والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به. و «جعل» تعرب اعراب «غفر».
  • ﴿ مِنَ الْمُكْرَمِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بمفعول «جعلني» الثاني. بتقدير: جعلني عنده مكرما من المكرمين. وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     ولَمَّا تمنى أن يعلم قومُه بحالِه؛ ذكرَ هنا ما فعل اللهُ به، قال تعالى:
﴿ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

المكرمين:
1- بإسكان الكاف وتخفيف الراء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مشدد الراء مفتوح الكاف.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف