2768081828384858687

الإحصائيات

سورة النحل
ترتيب المصحف16ترتيب النزول70
التصنيفمكيّةعدد الصفحات14.50
عدد الآيات128عدد الأجزاء0.75
عدد الأحزاب1.50عدد الأرباع6.00
ترتيب الطول9تبدأ في الجزء14
تنتهي في الجزء14عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 3/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (80) الى الآية رقم (83) عدد الآيات (4)

ومن نعمِه أيضًا: نِعْمةُ السَّكَنِ والطمأنينةِ في البيوتِ ونحوَها، والأثاثُ واللباسُ، ونحوَ ذلك، وبيانُ أنَّ الكفَّارَ يعْرفُونَ نِعمَةَ اللهِ ثُمَّ ينكرُونَها.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (84) الى الآية رقم (87) عدد الآيات (4)

لمَّا ذكرَ اللهُ حالَ الكفَّارِ الذينَ عَرَفُوا نِعْمةَ اللهِ ثُمَّ أنْكَرُوها، ذكرَ هنا حالَهم يومَ القيامةِ معَ رسلِهم، وعدمَ تخفيفِ العذابِ عنهم، وتخاصُمَ الَّذينَ أشْركُوا معَ شركائِهم من دونِ اللهِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة النحل

التعرف على نعم الله وشكره عليها

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هي سورة النعم تخاطب قارئها قائلة::   فسورة النحل هي أَكْثَرُ سُورَةٍ نُوِّهَ فِيهَا بِالنِّعَمِ، وَهِيَ أَكْثَرُ سُورَةٍ تَكَرَّرَتْ فِيهَا مُفْرَدَةُ (نِعْمَة) وَمُشْتَقَّاتُهَا.
  • • سورة إبراهيم وسورة النحل::   انظر لنعم الله تعالى في الكون، من النعم الأساسيّة (ضروريّات الحياة) إلى النعم الخفيّة التي يغفل عنها الكثير وينساها، وحتى التي يجهلها، كل أنواع النعم. ثم تعرض السورة النعم وتناديك وتذكرك وتنبهك: المنعم هو الله، احذر من سوء استخدام النعم، اشكر الله عليها ووظفها فيما خلقت له.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «النحل».
  • • معنى الاسم ::   النحل: حشرة صغيرة تربى للحصول على العسل.
  • • سبب التسمية ::   قال البعض: لذكر لفظ النحل فيها في الآية (68)، ولم يذكر في سورة أخرى غيرها
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة النِّعَم»؛ لكثرة ذكر النعم فيها.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   التفكر في نعم الله الكثيرة علينا.
  • • علمتني السورة ::   أنّ الوحي قرآنًا وسنة هو الرُّوح الذي تحيا به النفوس: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أنّ نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى، ما نعرف منها وما لا نعرف: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ (18)، فلو أننا قضينا حياتنا في عدّها ما أحصيناها، فكيف بشكرها؟
  • • علمتني السورة ::   أن العاقل من يعتبر ويتعظ بما حل بالضالين المكذبين، كيف آل أمرهم إلى الدمار والخراب والعذاب والهلاك: ﴿فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة النحل من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
    • عن عَبْدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال:‏ «مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَجْمَعَ لِحَلاَلٍ وَحَرَامٍ وَأَمْرٍ وَنَهْيٍ، مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏﴿‏إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى‏ ...‏‏﴾».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة النحل احتوت على السجدة الثالثة -بحسب ترتيب المصحف- من سجدات التلاوة في القرآن الكريم، في الآية (49).
    • سورة النحل وسورة هود تعتبر من أطول سور المئين، فهما من أطول سور القرآن الكريم بعد سور السبع الطِّوَال.
    • سورة النحل تشبه سورة إبراهيم في التركيز على موضوع تعدد نعم الله على عباده، ولكن سورة النحل أكثر تفصيلًا للموضوع لطولها.
    • السور الكريمة المسماة بأسماء الحيوانات 7 سور، وهي: البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والعاديات، والفيل.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نقرأ سورة النحل، ثم نتبّع النعم المذكورة فيها، ونكتبها بالقلم في ورقة.
    • أن نتفكّر في نعم الله، وفي كيفية توظيف كل هذه النعم في طاعة الله.
    • أن نتذكر من فقد أحد هذه النعم، ونحن نردد: (الحمد لله الذي أنعم علينا بهذه النعمة).
    • أن نقتدي بإبراهيم عليه السلام الشاكر لأنعم الله عليه.
    • ألا ننسى قول: "الحمد لله" عندما نرتدي ملابسنا الشتوية: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ (5).
    • أن نتأمل وسائل النقل الحديثة كالسيارات والطائرات، وندرك سعة معاني كلام الله تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (8).
    • أن نحذر السخـرية، أو الاستـهزاء بالدعاة إلى الله، والعلماء المصلحين: ﴿وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ (34).
    • أن نبلِّغ الناس مسألة نافعة اقتداء بالأنبياء، وسيرًا على نهجهم: ﴿فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ (35).
    • ألا نحمل أنفسنا ما لا تطيق, علينا النصح فقط, والله أعلم بقلوب عباده ومن يستحق القرب منه: ﴿إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي مَن يُضِلُّ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ﴾ (37).
    • ألا تيأس؛ ليس بين الضيق والفرج إلا كلمة (كن) فيكون الفرج ويزول الضيق: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ (40).
    • أن نتذكر نعمة أنعم الله بها علينا، ثم ننسب الفضل فيها لله وحده: " الحمد لله، الله أنعم علينا بكذا": ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّـهِ﴾ (53).
    • أن نحسن معاملة بناتنا وأخواتنا، ونظهر البشر لمقدمهن: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ (58).
    • أن نتفكر -ونحن نشرب اللبن- كيف تدرج اللبن من برسيم في المزرعة إلى مصنع في بطن الحيوان، حتى صار مشروبًا لذيذًا على المائدة، ثم نحمد الله على نعمه: ﴿لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ﴾ (66).
    • أن نحذر الحسد؛ فإن الله تعالى هو الذي فاضل بين الناس في أرزاقهم وعقولهم: ﴿وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ﴾ (71).
    • أن نستخدم ضرب المثل في نصحنا ودعوتنا؛ لتقريب الأمور: ﴿وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا ...﴾ (76).
    • أن نتخَيل لو تعطَّلَت إحدَى النِّعَمِ، ثُمَّ نشْكُر اللهَ عليها: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (78).
    • أن نشكر نعمة الله علينا بالسكن، ونتصدق بصدقة نساعد بها فقيرًا في دفع إيجار مسكنه: ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ (80). • أن نستعذ بالله من الشيطان الرجيم، لنقرأ القرآن بقلب حاضر وبتدبر وتفكر: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ (98).
    • أن نهتم كثيرًا بتعـلم اللـغة العـربية؛ لأنـها تـوصل إلى فــهم القرآن: ﴿وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ﴾ (103).
    • أن نحرص على اتباع المنهج لا اتباع الأشخاص: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ (123).

تمرين حفظ الصفحة : 276

276

مدارسة الآية : [80] :النحل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ ..

التفسير :

[80] والله سبحانه جعل لكم من بيوتكم راحة واستقراراً مع أهلكم، وأنتم مقيمون في الحضر، وجعل لكم في سفركم خياماً وقباباً من جلود الأنعام، يَخِفُّ عليكم حمْلها وقت تَرْحالكم، ويخف عليكم نَصْبها وقت إقامتكم بعد التَّرْحال، وجعل لكم من أصواف الغنم، وأوبار الإبل

يذكر تعالى عباده نعمه، ويستدعي منهم شكرها والاعتراف بها فقال:{ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} في الدور والقصور ونحوها تكنُّكم من الحر والبرد وتستركم أنتم وأولادكم وأمتعتكم، وتتخذون فيها الغرفوالبيوت التي هي لأنواع منافعكم ومصالحكم وفيها حفظ لأموالكم وحرمكم وغير ذلك من الفوائد المشاهدة،{ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ} إما من الجلد نفسه أو مما نبت عليه، من صوف وشعر ووبر.

{ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا} أي:خفيفة الحمل تكون لكم في السفر والمنازل التي لا قصد لكم في استيطانها، فتقيكم من الحر والبرد والمطر، وتقي متاعكم من المطر،{ و} جعل لكم{ وَمِنْ أَصْوَافِهَا} أي:الأنعام{ وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا} وهذا شامل لكل ما يتخذ منها من الآنية والأوعية والفرش والألبسة والأجلة، وغير ذلك.

{ وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} أي:تتمتعون بذلك في هذه الدنيا وتنتفعون بها، فهذا مما سخر الله العباد لصنعته وعمله.

ثم ساقت السورة الكريمة ألوانا من النعم، منها ما يتعلق بنعمة المسكن فقال- تعالى-:

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً....

قال القرطبي: قوله- تعالى-: جَعَلَ لَكُمْ معناه صير، وكل ما علاك فأظلك فهو سقف وسماء، وكل ما أقلك فهو أرض، وكل ما سترك من جهاتك الأربع فهو جدار، فإذا انتظمت واتصلت فهو بيت، وهذه الآية فيها تعديد نعم الله تعالى على الناس في البيوت وقوله: «سكنا» أى: تسكنون فيها وتهدأ جوارحكم من الحركة ... .

والحق أن نعمة السكن في البيوت والاستقرار فيها، والشعور بداخلها بالأمان والاطمئنان، هذه النعمة لا يقدرها حق قدرها، إلا أولئك الذين فقدوها، وصاروا يعيشون بلا مأوى يأويهم، أو منزل يجمع شتاتهم.

والتعبير بقوله عز وجل سَكَناً فيه ما فيه من السمو بمكانة البيوت التي يسكنها الناس. فالبيت مكان السكينة النفسية، والراحة الجسدية، هكذا يريده الإسلام، ولا يريده مكانا للشقاق والخصام، لأن الشقاق والخصام ينافي كونه «سكنا» .

والبيت له حرمته التي جعل الإسلام من مظاهرها، عدم اقتحامه بدون استئذان، وعدم التطلع إلى ما بداخله، وعدم التجسس على من بداخله.

وصيانة حرمة البيت- كما أمر الإسلام- تجعله «سكنا» آمنا، يجد فيه أصحابه كل ما يريدون من الراحة النفسية والشعورية.

وقوله- تعالى-: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ بيان لنعمة أخرى تتمثل في البيوت الخفيفة المتنقلة، بعد الحديث عن البيوت الثابتة المستقرة.

والأنعام: جمع نعم. وتشمل الإبل والبقر والغنم، ويدخل في الغنم المعز.

والظعن بسكون العين وفتحها: التحول والانتقال والرحيل من مكان إلى آخر طلبا للكلأ، أو لمساقط الغيث، أو لغير ذلك من الأغراض.

أى: ومن نعمه أيضا أنه أوجد لكم من جلود الأنعام بيوتا «تستخفونها» أى: تجدونها خفيفة «يوم ظعنكم» أى: يوم سفركم ورحيلكم من موضع إلى آخر «ويوم إقامتكم» في مكان معين بحيث يمكنكم أن تنصبوها لترتاحوا بداخلها، بأيسر السبل، وذلك كالقباب والخيام والأخبية، وغير ذلك من البيوت التي يخف حملها.

ثم ختم- سبحانه- الآية بإبراز نعمة ثالثة، تتمثل فيما يأخذونه من الأنعام فقال- تعالى-: وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها، وَأَشْعارِها، أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ.

والأثاث: متاع البيت الكثير، وأصله من أث الشيء- بفتح الهمزة وتشديد الثاء مع الفتح- إذا كثر وتكاتف، ومنه قول الشاعر.

وفرع يزين المتن أسود فاحم ... أثيت كقنو النخلة المتعثكل

ويشمل جميع أصناف المال كالفرش وغيرها.

والمتاع: ما يتمتع به من حوائج البيت الخاصة كأدوات الطعام والشراب، فيكون عطف المتاع على الأثاث من عطف الخاص على العام.

وقيل: هما بمعنى واحد. والعطف لتنزيل تغاير اللفظ بمنزله تغاير المعنى.

أى: ومن أصواف الغنم، وأوبار الإبل، وأشعار المعز، تتخذون لأنفسكم «أثاثا» كثيرا تستعملونه في مصالحكم المتنوعة، كما تتخذون من ذلك ما تتمتعون به في بيوتكم وفي معاشكم «إلى حين» أى: إلى وقت معين قدره الله- تعالى- لكم في تمتعكم بهذه الأصواف والأوبار والأشعار.

يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده ، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم ، يأوون إليها ، ويستترون بها ، وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع ، وجعل لهم أيضا ( من جلود الأنعام بيوتا ) أي : من الأدم ، يستخفون حملها في أسفارهم ، ليضربوها لهم في إقامتهم في السفر والحضر ولهذا قال : ( تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها ) أي : الغنم ، ( وأوبارها ) أي : الإبل ، ( وأشعارها ) أي : المعز - والضمير عائد على الأنعام - ( أثاثا ) أي : تتخذون منه أثاثا وهو المال . وقيل : المتاع . وقيل : الثياب والصحيح أعم من هذا كله ، فإنه يتخذ من الأثاث البسط والثياب وغير ذلك ، ويتخذ مالا وتجارة .

وقال ابن عباس : الأثاث : المتاع . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وعطية العوفي ، وعطاء الخراساني ، والضحاك ، وقتادة .

وقوله : ( إلى حين ) أي : إلى أجل مسمى ووقت معلوم .

يقول تعالى ذكره ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ ) أيها الناس، ( مِنْ بُيُوتِكُمْ ) التي هي من الحجر والمدر، ( سَكَنًا ) تسكنون أيام مقامكم في دوركم وبلادكم ( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأنْعَامِ بُيُوتًا ) وهي البيوت من الأنطاع والفساطيط من الشعر والصوف والوبر.( تَسْتَخِفُّونَهَا ) يقول: تستخفون حملها ونقلها، ( يَوْمَ ظَعْنِكُمْ ) من بلادكم وأمصاركم لأسفاركم، ( وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ) في بلادكم وأمصاركم.( وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا ).

وبنحو الذي قلنا في معنى السكن قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى ( مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ) قال: تسكنون فيه.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

وأما الأشعار فجمع شَعْر تثقل عينه وتخفف، وواحد الشَّعْر شَعْرة. وأما الأثاث فإنه متاع البيت لم يسمع له بواحد، وهو في أنه لا واحد له مثل المتاع. وقد حكي عن بعض النحويين أنه كان يقول: واحد الأثاث أثاثة ولم أر أهل العلم بكلام العرب يعرفون ذلك.

ومن الدليل على أن الأثاث هو المتاع، قول الشاعر:

أهــاجَتْكَ الظَّعــائِنُ يَــوْمَ بـانُوا

بِـذِي الـرّئْيِ الجَـمِيلِ مِـنَ الأثـاث (1)

ويروى: بذي الزيّ ، وأنا أرى أصل الأثاث اجتماع بعض المتاع إلى بعض حتى يكثر كالشعر الأثيث وهو الكثير الملتف، يقال منه، أثّ شعر فلان يئِثّ أثًّا: إذا كثر والتفّ واجتمع.

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (أثاثا) يعني بالأثاث: المال.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى (أثاثا) قال: متاعا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (أثاثا) قال: هو المال.

حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن حرب الرازي، قال: أخبرنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن حميد بن عبد الرحمن، في قوله (أثاثا) قال: الثياب.

وقوله ( وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ) فإنه يعني: أنه جعل ذلك لهم بلاغا، يتبلَّغون ويكتفون به إلى حين آجالهم للموت. كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ) فإنه يعني: زينة، يقول: ينتفعون به إلى حين.

حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ) قال: إلى الموت.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن مَعْمر، عن قتادة ( وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ) إلى أجل وبلغة.

التدبر :

وقفة
[80] ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ هذا من تعداد النعم التي ألهم الله إليها الإنسان؛ وهي نعمة الفكر بصنع المنازل الواقية والمرفهة، وما يشبهها من الثياب والأثاث عطفا على جملة: ﴿وَاللَّـهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [78]، وكلها من الألطاف التي أعد الله لها عقل الإنسان وهيأ له وسائلها.
عمل
[80] ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ اشكر نعمة الله عليك بالسكن.
وقفة
[80] ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ دلت الآيات على جواز الانتفاع بالأصواف والأوبار والأشعار على كل حال، ومنها استخدامها في البيوت والأثاث.
عمل
[80] ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ تصدق بصدقة تساعد بها فقيرًا في دفع إيجار مسكنه.
وقفة
[80] ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ قال القرطبي: «قوله تعالى: (جَعَلَ لَكُم) معناه صير، وكل ما علاك فأظلك فهو سقف وسماء، وكل ما أقلك فهو أرض، وكل ما سترك من جهات الأربع فهو جدار، فإذا انتظمت واتصلت فهو بيت، وهذه الآية فيها تعديد نعم الله تعالى على الناس في البيوت، وقوله: (سَكَنًا) أي: تسكنون فيها وتهدأ جوارحكم من الحركة».
وقفة
[80] ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ إذا أردت أن تعرف قدر نعمة السكن فاعلم أن عدد المشردين الذين لا مسکن لهم حول العالم حوالي 100 مليون نسمة بتقديرات عام 2005.
وقفة
[80] تدبر: ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ لذا تجدنا نبذل الغالي والنفيس لتتحقق الراحة والهدوء في بيوتنا، ونبادر لإصلاح ما فسد، دون ضجر أو ملل؛ لتحقيق هذه السكينة، فهل نبذل مثل ذلك مع الزوجة، التي جعلها الله (سكنًا)؛ لنحقق هذه الغاية العظمى؟! أو أننا نُحمِّلها مسئولية تحقيق ذلك وحدها؛ فينقلب البيت والزوجة إلى عذاب وشقاء، بدل المودة والرحمة والسكن.
وقفة
[80] أفضل السكن بيت تهدأ فيه: ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾، وزوجة تمنحك مودة: ﴿لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة﴾ [الروم: 21]، وليل لتغمض عينيك: ﴿وجعل الليل سكنًا﴾ [الأنعام: 96].
وقفة
[80] ﴿وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا﴾ القصور لا تصنع السعادة، ربما تسعد في بيت من جلد شاة؛ فاقنع بما وهبك الله من خير ولا تتذمر.
وقفة
[80، 81] قال تعالى: ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾، وقال في الآية بعدها: ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ﴾، جمع الله في آيات النحل بين المساكن والملابس؛ لأن المساكن من جنس الملابس، كلاهما جعل في الأصل للوقاية، ودفع الضرر، كما جعل الأكل والشرب لجلب المنفعة، فاللباس يتقي الإنسان به الحر والبرد، ويتقي به سلاح العدو، وكذلك المساكن يتقي بها الحر والبرد، ويتقي بها العدو.

الإعراب :

  • ﴿ وَاللهُ جَعَلَ:
  • الواو عاطفة. الله: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. جعل:فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.والجملة في محل رفع خبر المبتدأ «الله».
  • ﴿ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً:
  • جار ومجرور متعلق بحال من «سكنا» لأنه متعلق بصفة محذوفة منه وقدمت عليه والميم علامة جمع الذكور.من بيوتكم: جار ومجرور متعلق بجعل أو بمفعوله الثاني والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. سكنا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً:
  • معطوفة بالواو على ما قبلها وتعرب إعرابها. الأنعام: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ تَسْتَخِفُّونَها:
  • الجملة: في محل نصب صفة-نعت-لبيوتا. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ يَوْمَ ظَعْنِكُمْ:
  • ظرف زمان بمعنى «وقت» متعلق بتستخفون منصوب على الظرفية بالفتحة وهو مضاف. ظعنكم: مضاف إليه مجرور بالكسرة. الكاف: ضمير متصل في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْاافِها:
  • معطوفة بالواو على يَوْمَ ظَعْنِكُمْ» وتعرب اعرابها. الواو عاطفة. من أصواف: جار ومجرور متعلق بفعل مضمر تقديره وتتخذون من أصوافها .. و «ها» ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً:
  • الكلمتان: معطوفتان بواوي العطف على «أصوافها» وتعربان مثلها. أثاثا: مفعول به منصوب بالفتحة بمضمر تقديره وتتخذون أثاثا ومتاعا يلبسان ويفرشان.
  • ﴿ وَمَتاعاً إِلى حِينٍ:
  • معطوفة بالواو على «أثاثا» وتعرب إعرابها. إلى حين:جار ومجرور متعلق بمتاعا أو بفعله على معنى تمتعا. '

المتشابهات :

النحل: 80﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ
يس: 44﴿إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [80] لما قبلها :     24- النعمة الرابعة والعشرون: نعمة المسكن والأثاث، قال تعالى:
﴿ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ظعنكم:
وقرئ:
1- بفتح العين، وهى قراءة الحرميين، وأبى عمرو.
2- بسكونها، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [81] :النحل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ..

التفسير :

[81] والله جعل لكم ما تستظلُّون به من الأشجار وغيرها، وجعل لكم في الجبال من المغارات والكهوف أماكن تلجؤون إليها عند الحاجة، وجعل لكم ثياباً من القطن والصوف وغيرهما، تحفظكم من الحر والبرد، وجعل لكم من الحديد ما يردُّ عنكم الطعن والأذى في حروبكم، كما أنعم ا

{ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ} أي:من مخلوقاته التي لا صنعة لكم فيها،{ ظِلَالًا} وذلك كأظلة الأشجار والجبال والآكام ونحوها،{ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} أي:مغارات تكنكم من الحر والبرد والأمطار والأعداء.

{ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ} أي:ألبسة وثيابا{ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} ولم يذكر الله البرد لأنه قد تقدم أن هذه السورة أولها في أصول النعم وآخرها في مكملاتها ومتمماتها، ووقاية البرد من أصول النعم فإنه من الضرورة، وقد ذكره في أولها في قوله{ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ}

{ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} أي:وثيابا تقيكم وقت البأس والحرب من السلاح، وذلك كالدروع والزرد ونحوها، كذلك يتم نعمته عليكم حيث أسبغ عليكم من نعمه ما لا يدخل تحت الحصر{ لَعَلَّكُمْ} إذا ذكرتم نعمة الله ورأيتموها غامرة لكم من كل وجه{ تُسْلِمُونَ} لعظمته وتنقادون لأمره، وتصرفونها في طاعة موليها ومسديها، فكثرة النعم من الأسباب الجالبة من العباد مزيد الشكر ، والثناء بها على الله تعالى، ولكن أبى الظالمون إلا تمردا وعنادا.

وبعد الحديث عن نعمة البيوت والأنعام جاء الحديث عن نعمة الظلال والجبال واللباس،فقال- تعالى-: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا....

والظلال: جمع ظل، وهو ما يستظل به الإنسان.

أى: والله- تعالى- بفضله وكرمه جعل لكم ما تستظلون به من شدة الحر والبرد، كالأبنية والأشجار، وغير ذلك من الأشياء التي تستظلون بها.

وقوله- تعالى- وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً ... نعمة ثانية.

والأكنان جمع كن- بكسر الكاف- وأصله السّترة، والجمع: أكنان وأكنّة، ومنه قوله- تعالى-: وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ ... أى في أستار وأغطية فلا يصل إليها قولك ...

والمراد بالأكنان هنا: المغارات والأسراب والكهوف المنحوتة في بطون الجبال.

أى: وجعل لكم- سبحانه- من الجبال مواضع تستترون فيها من الحر أو البرد أو المطر، أو غير ذلك من وجوه انتفاعكم بتلك الأكنان.

وقوله- سبحانه- وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ نعمة ثالثة. والسرابيل: جمع سربال وهي كل ما يتسربل به: أى يلبسه الناس للتستر والوقاية كالقمصان والثياب والدروع وغيرها. أى: وجعل لكم من فضله وكرمه ملابس تتقون بها ضرر الحر وضرر البرد، وملابس أخرى هي الدروع وما يشبهها- تتقون بها الضربات والطعنات التي تسدد إليكم في حالة الحرب.

وقال- سبحانه-: تَقِيكُمُ الْحَرَّ مع أنها تقى من الحر والبرد، اكتفاء بذكر أحد الضدين عن الآخر، أو اكتفى بذكر الحر لأنه الأهم عندهم، إذ من المعروف أن بلاد العرب يغلب عليها الحر لا البرد.

قال صاحب الكشاف: لم يذكر البرد، لأن الوقاية من الحر أهم عندهم، وقلما يهمهم البرد لكونه يسيرا محتملا، وقيل: ما يقي من الحر يقي من البرد، فدل ذكر الحر على البرد.

وقال القرطبي: قال العلماء: في قوله- تعالى-: وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ دليل على اتخاذ الناس عدة الجهاد ليستعينوا بها على قتال الأعداء. وقد لبسها النبي صلى الله عليه وسلم في حروبه.. .

ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله: كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ أى: كذلك الإتمام السابغ للنعم التي أنعم بها- سبحانه- على عباده يتم نعمته عليكم المتمثلة في نعم الدين والدنيا، لعلكم بذلك تسلمون وجوهكم لله- عز وجل-، وتدخلون في دين الإسلام عن اختيار واقتناع، فإن من شاهد كل هذه النعم، لم يسعه إلا الدخول في الدين الحق.

وقوله : ( والله جعل لكم مما خلق ظلالا ) قال قتادة : يعني : الشجر .

( وجعل لكم من الجبال أكنانا ) أي : حصونا ومعاقل ، كما ( جعل لكم سرابيل تقيكم الحر ) وهي الثياب من القطن والكتان والصوف ، ( وسرابيل تقيكم بأسكم ) كالدروع من الحديد المصفح والزرد وغير ذلك ، ( كذلك يتم نعمته عليكم ) أي : هكذا يجعل لكم ما تستعينون به على أمركم ، وما تحتاجون إليه ؛ ليكون عونا لكم على طاعته وعبادته ، (لعلكم تسلمون )

هكذا فسره الجمهور ، وقرءوه بكسر اللام من " تسلمون " أي : من الإسلام .

وقال قتادة في قوله : ( كذلك يتم نعمته عليكم [ لعلكم تسلمون ] ) هذه السورة تسمى : سورة النعم .

وقال عبد الله بن المبارك وعباد بن العوام ، عن حنظلة السدوسي ، عن شهر بن حوشب ، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها " تسلمون " بفتح اللام ، يعني من الجراح . رواه أبو عبيد القاسم بن سلام ، عن عباد ، وأخرجه ابن جرير من الوجهين ، ورد هذه القراءة .

وقال عطاء الخراساني : إنما نزل القرآن على قدر معرفة العرب ، ألا ترى إلى قوله تعالى : ( والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا ) وما جعل [ لكم ] من السهل أعظم وأكثر ، ولكنهم كانوا أصحاب جبال ؟ ألا ترى إلى قوله : ( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ) وما جعل لكم من غير ذلك أعظم منه وأكثر ولكنهم كانوا أصحاب وبر وشعر ، ألا ترى إلى قوله : ( وينزل من السماء من جبال فيها من برد ) [ النور : 43 ] لعجبهم من ذلك ، وما أنزل من الثلج أعظم وأكثر ، ولكنهم كانوا لا يعرفونه ؟ ألا ترى إلى قوله تعالى : ( سرابيل تقيكم الحر ) وما بقي من البرد أعظم وأكثر ولكنهم كانوا أصحاب حر .

يقول تعالى ذكره: ومن نعمة الله عليكم أيها الناس أن جعل لكم مما خلق من الأشجار وغيرها ظلالا تستظلون بها من شدة الحرّ، وهي جمع ظلّ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو، عن قتادة، في قوله ( مِمَّا خَلَقَ ظِلالا ) قال: الشجر.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا ) إي والله، من الشجر ومن غيرها.

وقوله ( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ) يقول: وجعل لكم من الجبال مواضع تسكنون فيها، وهي جمع كنّ.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ) يقول: غيرانا من الجبال يسكن فيها.

( وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ) يعني ثياب القطن والكتان والصوف وقمصها. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ) من القطن والكتان والصوف.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن مَعْمر، عن قتادة ( سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ) قال: القطن والكتان.

وقوله ( وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ) يقول: ودروعا تقيكم بأسكم، والبأس: هو الحرب، والمعنى: تقيكم في بأسكم السلاح أن يصل إليكم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ) من هذا الحديد.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن مَعْمر، عن قتادة ( وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ) قال: هي سرابيل من حديد.

وقوله ( كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ) يقول تعالى ذكره: كما أعطاكم ربكم هذه الأشياء التي وصفها في هذه الآيات نعمة منه بذلك عليكم، فكذا يُتِمّ نعمته عليكم لعلكم تسلمون. يقول: لتخضعوا لله بالطاعة، وتذِلّ منكم بتوحيده النفوس، وتخلصوا له العبادة. وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ (لَعَلَّكُمْ تَسْلَمُونَ) بفتح التاء.

حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، قال: ثنا ابن المبارك، عن حنظلة، عن شهر بن حَوْشب، قال: كان ابن عباس يقول: (لَعَلَّكُمْ تَسْلَمُونَ) قال: يعني من الجراح.

حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم بن سلام، قال: ثنا عباد بن العوّام، عن حنظلة السَّدوسيّ، عن شهر بن حَوْشب، عن ابن عباس، أنه قرأها: (لَعَلَّكُمْ تَسْلَمُونَ) من الجراحات، قال أحمد بن يوسف: قال أبو عبيد: يعني بفتح التاء واللام.

فتأويل الكلام على قراءة ابن عباس هذه: كذلك يتمّ نعمته عليكم بما جعل لكم من السرابيل التي تقيكم بأسكم، لتسلموا من السلاح في حروبكم، والقراءة التي لا أستجيز القراءة بخلافها بضم التاء من قوله ( لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ) وكسر اللام من أسلمت تُسْلِم يا هذا، لإجماع الحجة من قرّاء الأمصار عليها.

فإن قال لنا قائل: وكيف جعل لكم سرابيل تقيكم الحر، فخص بالذكر الحر دون البرد، وهي تقي الحر والبرد ، أم كيف قيل ( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ) وترك ذكر ما جعل لهم من السهل ؟ قيل له: قد اختُلِف في السبب الذي من أجله جاء التنـزيل كذلك، وسنذكر ما قيل في ذلك ثم ندلّ على أولى الأقوال في ذلك بالصواب.

فرُوِي عن عطاء الخراساني في ذلك ما حدثني الحارث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا محمد بن كثير، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه ، قال: إنما نـزل القرآن على قدر معرفتهم، ألا ترى إلى قول الله تعالى ذكره: ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ) وما جعل لهم من السهول أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب جبال، ألا ترى إلى قوله وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ؟ و ما جعل لهم من غير ذلك أعظم منه وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب وَبَر وَشَعر ألا ترى إلى قوله وَيُنَـزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ يعجِّبهم من ذلك؟ وما أنـزل من الثلج أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا لا يعرفون به، ألا ترى إلى قوله ( سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ) وما تقي من البرد، أكثر وأعظم؟ ولكنهم كانوا أصحاب حرّ ، فالسبب الذي من أجله خصّ الله تعالى ذِكرُه السرابيل بأنها تقي الحرّ دون البرد على هذا القول، هو أن المخاطبين بذلك كانوا أصحاب حرّ، فذكر الله تعالى ذكره نعمته عليهم بما يقيهم مكروه ما به عرفوا مكروهه دون ما لم يعرفوا مبلغ مكروهه، وكذلك ذلك في سائر الأحرف الأخَر.

وقال آخرون: ذكر ذلك خاصة اكتفاء بذكر أحدهما من ذكر الآخر، إذ كان معلومًا عند المخاطبين به معناه ، وأن السرابيل التي تقي الحرّ تقي أيضًا البرد وقالوا: ذلك موجود في كلام العرب مستعمل، واستشهدوا لقولهم بقول الشاعر:

وَمـــا أدْرِي إذا يَمَّمْــتُ وَجْهًــا

أُرِيـــدُ الخَــيْرَ أيُّهُمــا يَلِينِــي (2)

فقال: أيهما يليني: يريد الخير أو الشرّ، وإنما ذكر الخير لأنه إذا أراد الخير فهو يتقي الشرّ.

وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال: إن القوم خوطبوا على قدر معرفتهم، وإن كان في ذكر بعض ذلك دلالة على ما ترك ذكره لمن عرف المذكور والمتروك وذلك أن الله تعالى ذكره إنما عدّد نعمه التي أنعمها على الذين قُصدوا بالذكر في هذه السورة دون غيرهم، فذكر أياديه عندهم.

التدبر :

وقفة
[81] ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا﴾ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ»، قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: « الَّذِى يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» [مسلم 269]، أي يتغوط في المواضع التي يمر بها الناس أو يستريحون، قال ابو سليمان الخطابي: المراد باللعانين، الأمرين الجالبين للعن، الحاملين الناس عليه، والداعين إليه ذلك أن من فعلها شتم ولعن، يعني عادة الناس لعنه، فلما صارا سببًا لذلك أضيف اللعن إليهما.
وقفة
[81] ﴿وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا﴾ بعد الظلال ذكر الأكنان؛ لأن عدد الذين يحتمون بالأكنان أقل من الذين يحتمون بالظلال، ثم ذكر الاحتماء بالملابس بعد ذلك؛ لأنها ملحقة إلحاقًا بالبيوت والظلال والأكنان، لوجود معنی المسكن فيها؛ فكأن الإنسان يأوي إلى ملابسه ليحتمي من البرد والحر وشدة الحرب.
وقفة
[81] ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا﴾ الظل نعمة، قليل من يشعر بها، لكن قطعًا يشعر بها العامل تحت حر الشمس.
وقفة
[81] ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ قال ابن تيمية: «ولم يذكر هنا ما يقي من البرد؛ لأنه قد ذكره في أول السورة، وذلك في أصول النعم؛ لأن البرد يقتل، فلا يقدر أحد أن يعيش في البلاد الباردة بلا دفء، بخلاف الحر فإنه أذى لكنه لا يقتل كما يقتل البرد، فإن يتقى بالظلال واللباس وغيرهما».
وقفة
[81] ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ أي والبرد، وإنما حَذَفه لدلالة ضدِّه عليه، كما في قوله تعالى: ﴿بِيَدِكَ الخَيْرُ﴾ [آل عمران: 26] أي والشرُّ، وخصَّ الحرَّ، والخيرَ بالذِّكر؛ لأن الخطابَ بالقرآن أول ما وقع بالحجاز، والوقايةُ من الحَرِّ أهمُّ عند أهله، لأن الحرَّ عندهم أشدُّ من البرد، والخيرُ مطلوبُ العبادِ من ربهم دون الشَرِّ.
وقفة
[81] البرد يقتل العشرات في شرق أوروبا، والحرارة (٣٥ تحت الصفر)، المؤمن إذا عاش البرد أو سمع أخباره؛ تذكر قوله تعالى -في أول (النحل)-: ﴿وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ [5]، فهذه نعمته بالدفء، وأما نعمته بالوقاية من الحر فذكرها في أواخر «النحل»: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ إذ لما كانت الوقاية من البرد من أصول النعم ذكرت في أول السورة، ولما كانت الوقاية من الحر من مكملات النعم ذكرت بعد ذلك.
وقفة
[81] ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ﴾ يستشهدُ أهلُ اللغةِ بهذه الآية علي حذف العاطفِ والمعطوفِ, ويجعلونَ التقدير: (وجعل لكم سرابيل تقيكم الحرّ والبرد), فإذا سألوا عن سر حذف (البرد) قالوا: إن الخطابَ للعربِ, وبلادُ العربِ حارّةٌ, والوقايةُ عندهم من الحرّ أولي وأهمُّ؛ لأنه في حرارته أشدُّ من البرد في برودته، والصحيحُ أنَّ الوقايةَ من البرد ذكرها اللهُ تعالي في الآية التي قبلَ هذه الآية حيث قال: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ﴾؛ فالصوفُ والوَبَرُ والشّعَرُ لا تلبسُ في الصيف, فأغنى ذكرها سابقًا عن إعادتها، وذكر ابن هشام أنّ عدم ذكره كان اكتفاءً بقوله في أوّل السورة عن الأنعام: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [5].
وقفة
[81] ﴿وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ﴾ دليل على اتخاذ العباد عدَّة الجهاد؛ ليستعينوا بها على قتال الأعداء.
وقفة
[81] ﴿كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ﴾ هذه السورة تسمى سورة النِّعَم.
وقفة
[81] ﴿كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾ (لَعلَّكُم) إذا ذكرتم نعمة الله ورأيتموها غامرة لكم من كل وجه (تُسْلِمُونَ) لعظمته وتنقادون لأمره، وتصرفونها في طاعة موليها ومسديها؛ فكثرة النعم من الأسباب الجالبة من العباد مزيد الشكر، والثناء بها على الله تعالى، ولكن أبى الظالمون إلا تمردًا وعنادًا.
عمل
[81] ﴿كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾ كن من الذاكرين لنعم الله عليك، المثنين بها عليه.
عمل
[81] ﴿كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾ إن اعترى القلب فتور؛ تذكر نعمًا رُزقتها لا يد لك في وجودها، فذلك أدعى لتجديد الإيمان.

الإعراب :

  • ﴿ وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ:
  • اعربت في الآية الكريمة السابقة. مما: أصلها:«من» حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بجعل. خلق: صلة الموصول لا محل لها. تعرب اعراب «جعل».
  • ﴿ سَرابِيلَ:
  • أي ثيابا وهي جمع سربال: مفعول به منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن مفاعيل.
  • ﴿ تَقِيكُمُ الْحَرَّ:
  • الجملة: في محل نصب صفة-نعت-لسرابيل. تقي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. الكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. الحر: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ:
  • معطوفة بالواو على سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ» وتعرب إعرابها. الكاف في «بأسكم» في محل جر بالاضافة والميم علامة للجمع.
  • ﴿ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ:
  • الكاف: اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب نائب مفعول مطلق أو صفة له بتقدير مثل ذلك الإتمام يتم.أو يتم إتماما مثل ذلك. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جربالاضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب. يتم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. نعمته: مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. عليكم: جار ومجرور متعلق بيتم والميم علامة الجمع.
  • ﴿ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ:
  • لعل: حرف مشبه بالفعل. الكاف: ضمير متصل في محل نصب اسم «لعل» الميم علامة جمع الذكور. تسلمون: الجملة في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. '

المتشابهات :

المائدة: 6﴿وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِـ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ
النحل: 81﴿وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [81] لما قبلها :     25- النعمة الخامسة والعشرون: نعمة الظلال والجبال واللباس، قال تعالى:
﴿ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يتم:
وقرئ:
تتم، بتاء مفتوحة، و «نعمة» بالرفع، وهى قراءة ابن عباس.
تسلمون:
وقرئ:
تسلمون، بفتح التاء واللام، من السلامة، وهى قراءة ابن عباس.

مدارسة الآية : [82] :النحل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ ..

التفسير :

[82] فإن أعرضوا عنك -أيها الرسول- بعدما رأوا من الآيات فلا تحزن، فما عليك إلا البلاغ الواضح لما أُرْسِلْتَ به، وأما الهداية فإلينا.

تفسير الآيتين 82 و83:ـ

{ فَإِنْ تَوَلَّوْا} عن الله وعن طاعته بعد ما ذُكِّروا بنعمه وآياته،{ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} أي:ليس عليك من هدايتهم وتوفيقهم شيء بل أنت مطالب بالوعظ والتذكير والإنذار والتحذير، فإذا أديت ما عليك، فحسابهم على الله فإنهم يرون الإحسان، ويعرفون نعمة الله، ولكنهم ينكرونها ويجحدونها،{ وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} لا خير فيهم، وما ينفعهم توالي الآيات، لفساد مشاعرهم وسوء قصودهم وسيرون جزاء الله لكل جبار عنيد كفور للنعم متمرد على الله وعلى رسله.

ثم سلى الله- تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم عما أصابه من أعدائه فقال: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ.

وجواب الشرط محذوف، والتقدير: فإن استمر هؤلاء المشركون في إعراضهم عن دعوتك بعد هذا البيان والامتنان، فلا لوم عليك، فأنت عليك البلاغ الواضح ونحن علينا محاسبتهم، ومعاقبتهم بما يستحقون من عقاب.

وقوله "فإن تولوا" أي بعد هذا البيان وهذا الامتنان فلا عليك منهم "فإنما عليك البلاغ المبين" وقد أديته إليهم.

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فإن أدبر هؤلاء المشركون يا محمد عما أرسلتك به إليهم من الحقّ، فلم يستجيبوا لك وأعرضوا عنه، فما عليك من لوم ولا عذل لأنك قد أديت ما عليك في ذلك، إنه ليس عليك إلا بلاغهم ما أرسلت به. ويعني بقوله ( الْمُبِينُ ) الذي يبين لمن سمعه حتى يفهمه.

وأما قوله ( يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا ) فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنى بالنعمة التي أخبر الله تعالى ذكره عن هؤلاء المشركين أنهم ينكرونها مع معرفتهم بها، فقال بعضهم: هو النبيّ صلى الله عليه وسلم عرفوا نبوته ثم جحدوها وكذبوه.

* ذكر من قال ذلك:

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[82] ﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ مهمة الرسول ﷺ ليست هداية القلوب، وإنما هي بيان الطريق بالبلاغ المبين.
وقفة
[82] ﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ رسالة إلى كل داعية بألا يصاب باليأس من قلة المستجيبين أو قلة السامعين؛ لأن وظيفته دعوة الناس لا إجابتهم، وتوفية الله لأجور الدعاة بحسب جهدهم لا بحسب الاستجابة لهم.
وقفة
[82] ﴿الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ البلاغ المبين هو الذي تقام به الحجة، وهذا يفرض على كل داعية أن يتفنن في وسائل الوصول إلى عقول الناس وقلوبهم.

الإعراب :

  • ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا:
  • الفاء: استئنافية. إنّ: حرف شرط‍ جازم. تولوا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة في محل جزم لأنه فعل الشرط‍.الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بمعنى: أعرضوا.
  • ﴿ فَإِنَّما عَلَيْكَ:
  • الفاء واقعة في جواب الشرط‍.إنما: كافة ومكفوفة وما بعدها جملة اسمية مسبوقة بإنّ مقترنة بالفاء في محل جزم لأنها جواب شرط‍ جازم. عليك: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم.
  • ﴿ الْبَلاغُ الْمُبِينُ:
  • مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. المبين: صفة-نعت-للبلاغ مرفوعة مثلها بالضمة. '

المتشابهات :

البقرة: 137﴿فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ۖ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّـهُ
آل عمران: 20﴿فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ
الأنفال: 40﴿ وَّإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ مَوْلَاكُمْ
هود: 3﴿وَيُؤۡتِ كُلَّ ذِي فَضۡلٖ فَضۡلَهُۥۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [82] لما قبلها :     وبعد ذكر هذه النعم والآيات الموجبة لتوحيد الله وعبادته؛ سلى اللهُ عز وجل نبيَّه صلى الله عليه وسلم عما أصابه من المشركين: إن استمروا في إعراضهم عن دعوتك بعد هذا البيان والامتنان، فلا لوم عليك، فأنت عليك البلاغ، ونحن علينا الحساب، قال تعالى:
﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [83] :النحل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا ..

التفسير :

[83] يعرف هؤلاء المشركون نعمة الله عليهم بإرسال محمد -صلى الله عليه وسلم- إليهم، ثم يجحدون نبوته، وأكثر قومه الجاحدون لنبوته، لا المقرون بها.

تفسير الآيتين 82 و83:ـ

{ فَإِنْ تَوَلَّوْا} عن الله وعن طاعته بعد ما ذُكِّروا بنعمه وآياته،{ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} أي:ليس عليك من هدايتهم وتوفيقهم شيء بل أنت مطالب بالوعظ والتذكير والإنذار والتحذير، فإذا أديت ما عليك، فحسابهم على الله فإنهم يرون الإحسان، ويعرفون نعمة الله، ولكنهم ينكرونها ويجحدونها،{ وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} لا خير فيهم، وما ينفعهم توالي الآيات، لفساد مشاعرهم وسوء قصودهم وسيرون جزاء الله لكل جبار عنيد كفور للنعم متمرد على الله وعلى رسله.

وقوله- سبحانه-: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ استئاف مسوق لبيان الموقف الجحودى الذي وقفه المشركون من نعم الله- تعالى-.

والمراد بالكفر في قوله- تعالى-: وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ الستر لنعم الله عن معرفة لها، وغمطها عن تعمد وإصرار.

أى: إن هؤلاء المشركين، يعرفون نعم الله التي عددها في هذه السورة، كما أنهم يعترفون بأن خالقهم وخالق السموات والأرض هو الله، ولكنهم ينكرون هذه النعم بأفعالهم القبيحة، وأقوالهم الباطلة، كقولهم هذه النعم من الله ولكنها بشفاعة آلهتنا الأصنام، أو كقولهم: هذه النعم ورثناها عن آبائنا.

وجاء التعبير بثم لاستبعاد الإنكار بعد المعرفة بالنعم، فإن من شأن العالم بالنعمة أن يؤدى الشكر لمسديها، وأن يستعملها فيما خلقت له.

وقوله وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ أى: وأكثر هؤلاء الضالين. جاحدون لنعم الله عن علم بها لا عن جهل، وعن تذكر لا عن نسيان.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا...

قال صاحب فتح البيان: وعبر هنا بالأكثر في قوله- تعالى-: وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ والمراد الكل، لأنه قد يذكر الأكثر ويراد به الجميع، أو أراد بالأكثر العقلاء دون الأطفال ونحوهم، أو أراد كفر الجحود، ولم يكن كفر كلهم كذلك، بل كان كفر أقلهم عن جهل، وكفر أكثرهم بسبب تكذيبهم للرسول صلى الله عليه وسلم عنادا أو حسدا.. .

وبذلك ترى الآيات الكريمة قد ساقت لنا ألوانا من نعم الله- تعالى- على عباده، وأدلة متعددة على وحدانيته وقدرته، وجانبا من موقف الكافرين من هذه النعم.

ثم تحدثت السورة الكريمة بعد ذلك عن حال الظالمين يوم القيامة وعن الأقوال التي يقولونها عند ما يرون أصنامهم في هذا اليوم العصيب..

قال تعالى:

( يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ) أي : يعرفون أن الله تعالى هو المسدي إليهم ذلك ، وهو المتفضل به عليهم ، ومع هذا ينكرون ذلك ، ويعبدون معه غيره ، ويسندون النصر والرزق إلى غيره ، ( وأكثرهم الكافرون ) - كما قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن مجاهد أن أعرابيا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله ، فقرأ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( والله جعل لكم من بيوتكم سكنا ) قال الأعرابي : نعم . قال : ( وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ) قال الأعرابي : نعم . ثم قرأ عليه كل ذلك يقول الأعرابي : نعم ، حتى بلغ : ( كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون ) فولى الأعرابي ، فأنزل الله : ( يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون ) .

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن السديّ( يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا ) قال: محمد صلى الله عليه وسلم.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن السديّ، مثله.

وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهم يعرفون أن ما عدد الله تعالى ذكره في هذه السورة من النعم من عند الله، وأن الله هو المنعم بذلك عليهم، ولكنهم يُنْكرون ذلك، فيزعمون أنهم ورثوه عن آبائهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنا المثنى، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل وحدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا ) قال: هي المساكن والأنعام وما يرزقون منها، والسرابيل من الحديد والثياب، تعرف هذا كفار قريش، ثم تنكره بأن تقول: هذا كان لآبائنا، فروّحونا (3) إياه.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه، إلا أنه قال: فورّثونا إياها. وزاد في الحديث عن ابن جريج، قال ابن جريج: قال عبد الله بن كثير: يعلمون أن الله خلقهم وأعطاهم ما أعطاهم، فهو معرفتهم نعمته ثم إنكارهم إياها كفرهم بعد.

وقال آخرون في ذلك، ما حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا معاوية، عن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، عن ليث، عن عون بن عبد الله بن عتبة ( يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا ) قال: إنكارهم إياها، أن يقول الرجل: لولا فلان ما كان كذا وكذا، ولولا فلان ما أصبت كذا وكذا.

وقال آخرون: معنى ذلك أن الكفار إذا قيل لهم: من رزقكم؟ أقرّوا بأن الله هو الذي رزقهم، ثم يُنْكرون ذلك بقولهم: رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب وأشبهها بتأويل الآية، قول من قال: عني بالنعمة التي ذكرها الله في قوله ( يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ) النعمة عليهم بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم داعيًا إلى ما بعثه بدعائهم إليه ، وذلك أن هذه الآية بين آيتين كلتاهما خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعما بعث به، فأولى ما بينهما أن يكون في معنى ما قبله وما بعده، إذ لم يكن معنى يدلّ على انصرافه عما قبله وعما بعده فالذي قبل هذه الآية قوله ( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ * يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا ) وما بعده وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا وهو رسولها. فإذا كان ذلك كذلك، فمعنى الآية: يعرف هؤلاء المشركون بالله نعمة الله عليهم يا محمد بك، ثم ينكرونك ويجحدون نبوّتك ( وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ) يقول: وأكثر قومك الجاحدون نبوّتك، لا المقرّون بها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[83] ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّـهِ﴾: إشارة إلى ما ذكر من النعم من أول السورة إلى هنا، والضمير في (يَعْرِفُونَ) للكفار، وإنكارهم لنعم الله: إشراكهم به وعبادة غيره.
وقفة
[83] ليس كل الناس شاكرين لنعمة ربهم عليهم، فسورة النحل سورة النِّعم، وذكر الله بعد ذكر نِعمه فيها: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّـهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا﴾.
وقفة
[83] ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّـهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ يعرفون أن الله هو المسدي إليهم ذلك، ومع هذا ينكرون ذلك، ويعبدون معه غيره، ويسندون النصر والرزق إلى غيره.
وقفة
[83] ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّـهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ كثرة النعم من الأسباب الجالبة من العباد مزيد الشكر، والثناء بها على الله تعالى.
وقفة
[83] ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّـهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ ليست المعرفة وحدها سببًا كافيًا للهداية، فكم من أناس يعرفون الحق ولا يتبعونه!
وقفة
[83] ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّـهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ إن قلتَ: بل كلُّهم كافرون؟! قلتُ: المرادُ بالأكثرِ هنا الجمعُ.

الإعراب :

  • ﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. نعمة: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها:
  • لفظ‍ الجلالة: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة. ثم:حرف عطف. ينكرونها: معطوفة على «يعرفون النعمة» وتعرب إعرابها.و«ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به. أي يعرفون نعمته سبحانه ثم ينكرونها باشراكهم معه في النعمة غيره.
  • ﴿ وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ:
  • الواو: استئنافية. أكثر: مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة وحركت الميم بالضم للاشباع. الكافرون: خبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [83] لما قبلها :     وبعد ذكر النعم وتولي الكفار عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا أن سببَ هذا التولي والإعراض لم يكن الجهل بهذه النعم، فهم يعرفون نعم الله، ولكن أنكروها بعدم شكرها، وبالتكذيب برسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:
﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [84] :النحل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ ..

التفسير :

[84] واذكر لهم -أيها الرسول- ما يكون يوم القيامة، حين نبعث من كل أمة رسولها شاهداً على إيمان مَن آمن منها، وكُفْر مَن كَفَر، ثم لا يُؤذن للذين كفروا بالاعتذار عما وقع منهم، ولا يُطْلب منهم إرضاءُ ربهم بالتوبة والعمل الصالح، فقد مضى أوان ذلك.

تفسير الآيتين 84 و85:ـ

يخبر تعالى عن حال الذين كفروا في يوم القيامة وأنه لا يقبل لهم عذر ولا يرفع عنهم العقاب وأن شركاءهم تتبرأ منهم ويقرون على أنفسهم بالكفر والافتراء على الله فقال:{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} يشهد عليهم بأعمالهم وماذا أجابوا به الداعي إلى الهدى وذلك الشهيد الذي يبعثه الله أزكى الشهداء وأعدلهم وهم الرسل الذين إذا شهدوا تم عليهم الحكم.

فـ{ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} في الاعتذار لأن اعتذارهم بعد ما علم يقينا بطلان ما هم عليه، اعتذار كاذب لا يفيدهم شيئا، وإن طلبوا أيضا الرجوع إلى الدنيا ليستدركوا لم يجابوا ولم يعتبوا، بل يبادرهم العذاب الشديد الذي لا يخفف عنهم من غير إنظار ولا إمهال من حين يرونه لأنهم لا حساب عليهم لأنهم لا حسنات لهم وإنما تعد أعمالهم وتحصى ويوقفون عليها ويقرون بها ويفتضحون.

قال الإمام الرازي: اعلم أنه- تعالى- لما بين حال القوم، أنهم عرفوا نعمة الله ثم أنكروها، وذكر أيضا من حالهم أن أكثرهم الكافرون أتبعه بالوعيد، فذكر حال يوم القيامة فقال:. وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ... وذلك يدل على أن أولئك الشهداء يشهدون عليهم بذلك الإنكار، وبذلك الكفر، والمراد بهؤلاء الشهداء: الأنبياء، كما قال- تعالى-:

فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً.

والمعنى: واذكر- أيها العاقل لتعتبر وتتعظ- يَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ أى: جماعة من الناس، «شهيدا» يشهد للمؤمن بالإيمان ويشهد على الكافر بالكفر.

قال ابن عباس: شهيد كل أمة نبيها يشهد لهم بالإيمان والتصديق، وعليهم بالكفر والتكذيب.

وقوله: ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا بيان للمصير السيئ الذي ينتظر هؤلاء الكافرين يوم القيامة.

أى: ثم لا يؤذن للذين كفروا يوم القيامة في الاعتذار، عما كانوا عليه في الدنيا من عقائد زائفة، وأقوال باطلة، وأفعال قبيحة، كما قال- تعالى- في سورة أخرى: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ. وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ.

أو المعنى: ثم لا يؤذن لهم في الرجوع إلى الدنيا ليتداركوا ما فاتهم من عقائد سليمة وأعمال صالحة، لأنهم قد تركوها ولا عودة لهم إليها. أى: ثم لا يؤذن لهم في الكلام، بعد أن ثبت بطلانه، وقامت عليهم الحجة والتعبير بثم للاشعار بأن مصيبتهم بسبب عدم قبول أعذارهم، أشد من مصيبتهم بسبب شهادة الأنبياء عليهم.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت ما معنى «ثم» هذه؟.

قلت: معناها أنهم يبتلون بعد شهادة الأنبياء بما هو أطم منها، وهو أنهم يمنعون الكلام، فلا يؤذن لهم في إلقاء معذرة ولا إدلاء بحجة .

وقوله- سبحانه-: وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ تيئيس آخر لهم في الحصول على شيء من رحمة الله- تعالى-. أى: لا يؤذن لهم في الاعتذار، ولا يقبل منهم أن يزيلوا عتب ربهم، أى: غضبه وسخطه عليهم، لأن العتاب إنما يطلب لأجل معاودة الرضا من العاتب، وهؤلاء قد انسد عليهم هذا الطريق، لأن الله- تعالى- قد سخط عليهم سخطا لا مجال لإزالته، بعد أن أصروا على كفرهم في الدنيا وماتوا على ذلك.

قال القرطبي: قوله وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ أى لا يكلفون أن يرضوا ربهم لأن الآخرة ليست بدار تكليف، ولا يتركون إلى رجوع الدنيا فيتوبون.

وأصل الكلمة من العتب- بفتح العين وسكون التاء- وهي الموجدة. يقال: عتب عليه يعتب، إذا وجد عليه، فإذا فاوضه فيما عتب عليه فيه، قيل: عاتبه، فإذا رجع الى مسرتك فقد أعتب، والاسم العتبى، وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضى العاتب.

قال النابغة:

فإن كنت مظلوما فعبدا ظلمته ... وإن كنت ذا عتبى فمثلك يعتب

وبذلك ترى الآية الكريمة قد نفت عن الذين كفروا قبول أعذارهم، وقبول محاولتهم إرضاء ربهم عما كانوا عليه من كفر وزيغ في الدنيا.

يخبر تعالى عن شأن المشركين يوم معادهم في الدار الآخرة وأنه يبعث من كل أمة شهيدا وهو نبيها يشهد عليها بما أجابته فيما بلغها عن الله تعالى "ثم لا يؤذن للذين كفروا" أي في الاعتذار لأنهم يعلمون بطلانه وكذبه كقوله " هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون" فلهذا قال "ولا هم يستعتبون.

القول في تأويل قوله تعالى : وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84)

يقول تعالى ذكره: يعرفون نعمة الله ثم يُنْكرونها اليوم ويستنكرون ( يَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ) وهو الشاهد عليها بما أجابت داعي الله، وهو رسولهم الذي أرسل إليهم ( ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) يقول: ثم لا يؤذن للذين كفروا في الاعتذار، فيعتذروا مما كانوا بالله وبرسوله يكفرون ( وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ) فيتركوا الرجوع إلى الدنيا فينيبوا ويتوبوا وذلك كما قال تعالى هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ) وشاهدها نبيها، على أنه قد بلغ رسالات ربه، قال الله تعالى وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ .

التدبر :

وقفة
[84] ما الفرق بين ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا﴾، ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ﴾ [89]؟ (نَبْعَثُ مِنْ) يتكلم عن الأمم السابقة، ما قبل الإسلام، الذين سوف يبعث الله عليهم نبيهم منهم شاهدًا، (نَبْعَثُ فِي) هذا من غيرهم، من خارجهم، وهؤلاء المسلمون فقط، حيث سيشهدون على كل الأمم؛ لأن المسلمين الأمة الوحيدة التي تؤمن بجميع الرسل والرسالات.
وقفة
[84] ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ الشهيد الذي يشهد على كل أمة هو أزكى الشهداء وأعدلهم، وهم الرسل الذين إذا شهدوا تم عليهم الحكم.
وقفة
[84] ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ قال ابن عباس: «شهيد كل أمة نبيها، يشهد لهم بالإيمان والتصديق، وعليهم بالكفر والتكذيب».
وقفة
[84] ﴿ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ فلا يؤذن للذين كفروا في الاعتذار؛ لأن اعتذارهم بعد ما علم يقينًا بطلان ما هم عليه اعتذارٌ كاذب لا يفيدهم شيئًا.
وقفة
[84] ﴿ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ لا يؤذن لهم بالعذر في يوم القيامة؛ وقت العذر الآن في الدنيا.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَوْمَ:
  • الواو استئنافية. يوم: مفعول به لفعل محذوف تقديره. اذكر. أو اسم منصوب على الظرفية الزمانية بالفتحة-مفعول فيه-بمعنى يوم نبعث وقعوا فيما وقعوا فيه. وهو مضاف والجملة الفعلية بعده: في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. من كل: جار ومجرور متعلق بنبعث و «أمة» مضاف إليه مجرور بالكسرة. شهيدا: مفعول به منصوب بالفتحة. أي شهيدا عليهم.
  • ﴿ ثُمَّ لا يُؤْذَنُ:
  • ثم: عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. يؤذن: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة.
  • ﴿ لِلَّذِينَ كَفَرُوا:
  • اللام: حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام. والجار والمجرور في محل رفع نائب فاعل للفعل يؤذن. والجملة بعده: صلة الموصول لا محل لها. كفروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أي لا يؤذن للكافرين في الاعتذار.
  • ﴿ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ:
  • الواو عاطفة أو استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. هم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يستعتبون أي يسترضون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والجملة في محل رفع خبر «هم». '

المتشابهات :

النحل: 84﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ
النحل: 89﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [84] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ عز وجل أن هؤلاء المشركين عَرَفوا نِعمةَ اللهِ ثمَّ أنكَروها؛ ذكرَ هنا حالَهم يومَ القيامةِ حيث يجزون جزاء كفرهم، قال تعالى:
﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [85] :النحل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ ..

التفسير :

[85] وإذا شاهد الذين كفروا عذاب الله في الآخرة فلا يخفف عنهم منه شيء، ولا يُمْهلون، ولا يؤخر عذابهم.

تفسير الآيتين 84 و85:ـ

يخبر تعالى عن حال الذين كفروا في يوم القيامة وأنه لا يقبل لهم عذر ولا يرفع عنهم العقاب وأن شركاءهم تتبرأ منهم ويقرون على أنفسهم بالكفر والافتراء على الله فقال:{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} يشهد عليهم بأعمالهم وماذا أجابوا به الداعي إلى الهدى وذلك الشهيد الذي يبعثه الله أزكى الشهداء وأعدلهم وهم الرسل الذين إذا شهدوا تم عليهم الحكم.

فـ{ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} في الاعتذار لأن اعتذارهم بعد ما علم يقينا بطلان ما هم عليه، اعتذار كاذب لا يفيدهم شيئا، وإن طلبوا أيضا الرجوع إلى الدنيا ليستدركوا لم يجابوا ولم يعتبوا، بل يبادرهم العذاب الشديد الذي لا يخفف عنهم من غير إنظار ولا إمهال من حين يرونه لأنهم لا حساب عليهم لأنهم لا حسنات لهم وإنما تعد أعمالهم وتحصى ويوقفون عليها ويقرون بها ويفتضحون.

ثم نفى- سبحانه- عنهم- أيضا- تخفيف العذاب أو تأخيره فقال: وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ.

أى: وإذا أبصر الذين ظلموا العذاب الذي أعد لهم في الآخرة بسبب ظلمهم وكفرهم في الدنيا، فزعوا وخافوا، ولكن خوفهم وفزعهم لن يغير من الأمر شيئا، إذ لا يخفف عنهم العذاب بسبب خوفهم أو فزعهم: ولا هم يمهلون أو يؤخرون عنه.

وعلق- سبحانه- الرؤية بالعذاب، للإشعار بأن فجيعتهم الكبرى كانت عند إبصاره ومشاهدته.

( وإذا رأى الذين ظلموا ) أي : أشركوا ( العذاب فلا يخفف عنهم ) أي : لا يفتر عنهم ساعة واحدة ، ( ولا هم ينظرون ) أي : [ و ] لا يؤخر عنهم ، بل يأخذهم سريعا من الموقف بلا حساب ، فإنه إذا جيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك ، فيشرف عنق منها على الخلائق ، وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا جثا لركبتيه ، فتقول : إني وكلت بكل جبار عنيد ، الذي جعل مع الله إلها آخر ، وبكذا وكذا وتذكر أصنافا من الناس ، كما جاء في الحديث . ثم تنطوي عليهم وتتلقطهم من الموقف كما يتلقط الطائر الحب قال الله تعالى : ( إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ) [ الفرقان : 12 - 14 ] وقال تعالى : ( ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا ) [ الكهف : 53 ] . وقال تعالى : ( لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون ) [ الأنبياء : 39 ، 40 ] .

يقول تعالى ذكره: وإذا عاين الذين كذّبوك يا محمد ، وجَحَدُوا نُبوّتك والأمم الذين كانوا على منهاج مشركي قومك عذاب الله، فلا ينجيهم من عذاب الله شيء ، لأنهم لا يؤذن لهم ، فيعتذرون ، فيخفَّف عنهم العذاب بالعذر الذي يدعونه، ( وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ ) يقول: ولا يُرْجَئُون بالعقاب، لأن وقت التوبة والإنابة قد فات، فليس ذلك وقتا لهما، وإنما هو وقت للجزاء على الأعمال، فلا ينظر بالعتاب ليعتب بالتوبة.

التدبر :

وقفة
[85] ﴿وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ خوفهم لن يخفِّف عذابهم، ورعبهم لن يقلِّل آلامهم، ومن هول عذاب النار أنه لا يُخفَّف أبدًا مهما طال.
تفاعل
[85] ﴿وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذا رَأَى الَّذِينَ:
  • الواو: استئنافية. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه وهو أداة شرط‍ غير جازمة. رأى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. وجملة رَأَى الَّذِينَ» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد «إذا».
  • ﴿ ظَلَمُوا الْعَذابَ:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والمعمول محذوف أي ظلموا أنفسهم. وجملة «ظلموا» صلة الموصول لا محل لها. العذاب: أي عذاب جهنم: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ:
  • الفاء واقعة في جواب الشرط‍ وما بعدها: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها. لا: نافية لا عمل لها. يخفف: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي العذاب. عنهم: جار ومجرور متعلق بيخفف. وهم ضمير الغائبين في محل جر بعن.
  • ﴿ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. أي ولا هم يمهلون. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [85] لما قبلها :     ولَمَّا هَدَّدَهم اللهُ عز وجل بعذاب يوم القيامة، وكانت حال العذاب في الدنيا مخالف لحال الآخرة، إذ من رأى العذاب في الدنيا رجا أن يؤخر عنه، وإن وقع فيه أن يخفف عنه؛ لذا أخبرَ اللهُ هنا أن عذاب الآخرة لا يكون فيه تخفيف ولا نظرة، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [86] :النحل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ ..

التفسير :

[86] وإذا أبصر المشركون يوم القيامة آلهتهم التي عبدوها مع الله، قالوا:ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا نعبدهم مِن دونك، فنطقَتِ الآلهة بتكذيب مَن عبدوها، وقالت:إنكم -أيها المشركون- لَكاذبون، حين جعلتمونا شركاء لله وعبدتمونا معه، فلم نأمركم بذلك، ولا زعمنا أ

{ وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ} يوم القيامة وعلموا بطلانها ولم يمكنهم الإنكار.

{ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ} ليس عندها نفع ولا شفع، فنوَّهوا بأنفسهم ببطلانها، وكفروا بها، وبدت البغضاء والعداوة بينهم وبينها،{ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ} أي:ردت عليهم شركاؤهم قولهم، فقالت لهم:{ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ} حيث جعلتمونا شركاء لله، وعبدتمونا معه فلم نأمركم بذلك، ولا زعمنا أن فينا استحقاقا للألوهية فاللوم عليكم.

ثم حكى سبحانه بعض ما يدور بينهم وبين معبوداتهم الباطلة يوم القيامة، فقال- تعالى-: وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ، قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ ...

قال القرطبي: قوله- تعالى-: وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ أى: أصنامهم وأوثانهم التي عبدوها، وذلك أن الله يبعث معبوديهم فيتبعونهم حتى يوردوهم النار. وفي صحيح مسلم: «من كان يعبد شيئا فليتبعه» فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت ... ».

وقال الآلوسى: والمراد بشركائهم: كل من اتخذوه شريكا له- عز وجل- من صنم، ووثن، وشيطان، وآدمي، وملك.. وإضافتهم إلى ضمير المشركين لهذا الاتخاذ- أى لاتخاذهم إياهم شركاء لله في العبادة- أو لأنهم جعلوا لهم نصيبا من أموالهم وأنعامهم» .

أى: وإذا أبصر المشركون يوم القيامة شركاءهم الذين أشركوهم مع الله- تعالى- في العبادة، «قالوا» أى المشركون على سبيل التحسر والتفجع يا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا في الدنيا نعبدهم من دونك، ونتقرب بهم إليك، فلا تجعل يا ربنا العذاب علينا وحدنا بل خففه أو ارفعه عنا فهؤلاء الشركاء هم الذين أضلونا.

قال أبو مسلم: ومقصود المشركين بهذا القول إحالة الذنب على تلك الأصنام تعللا بذلك واسترواحا، مع كونهم يعلمون أن العذاب واقع بهم لا محالة، ولكن الغريق يتعلق بكل ما تقع يده عليه .

وقوله- تعالى-: فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ حكاية لما رد به الشركاء على المشركين. أى: فرد أولئك الشركاء من الأصنام وغيرها على المشركين بقولهم: إنكم لكاذبون- أيها المشركون- في إحالتكم الذنب علينا، فإننا ما دعوناكم لعبادتنا، ولا أجبرناكم على الإشراك بالله- تعالى-، ولكنكم أنتم الذين اخترتم هذا الطريق المعوج، تقليدا لآبائكم واستجابة لأهوائكم وشهواتكم، وإيثارا للباطل على الحق وما رد به الشركاء على المشركين هنا، قد جاء ما يشبهه في آيات كثيرة، منها قوله- تعالى-: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا. كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا .

وقوله- تعالى-: وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ، وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ.. .

قال القرطبي: وقوله- تعالى-: فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ ... أى: ألقت إليهم الآلهة القول، أى: نطقت بتكذيب من عبدها. بأنها لم تكن آلهة، ولا أمرتهم بعبادتها، فينطق الله الأصنام حتى تظهر عند ذلك فضيحة الكفار .

وقال الجمل: فإن قلت: كيف أثبت للأصنام نطقا هنا، ونفاه عنها في قوله- تعالى- في سورة الكهف: وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ...

فالجواب: أن المثبت لهم هنا النطق بتكذيب المشركين في دعوى عبادتهم لها، والمنفي عنهم في الكهف النطق بالإجابة إلى الشفاعة لهم ودفع العذاب عنهم فلا تنافى.

والتعبير بقوله- تعالى-: فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ ... يشعر بأن الشركاء قد ردوا على المشركين قولهم بسرعة وبدون إبطاء حيث أتى- سبحانه- بالفاء في قوله فَأَلْقَوْا واشتملت جملة «إنكم لكاذبون» على جملة من المؤكدات، لإفحام المشركين، وتكذيبهم في قولهم تكذيبا قاطعا لا يحتمل التأويل.

ثم أخبر تعالى عن تبرئ آلهتهم منهم أحوج ما يكونون إليها ، فقال : ( وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم ) أي : الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا ، ( قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون ) أي : قالت لهم الآلهة : كذبتم ، ما نحن أمرناكم بعبادتنا . كما قال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) [ الأحقاف : 5 ، 6 ] وقال تعالى : ( واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ) [ مريم : 81 ، 82 ] . وقال الخليل عليه الصلاة والسلام : ( ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ) [ العنكبوت : 25 ] وقال تعالى : ( ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا ) [ الكهف : 52 ] والآيات في هذا كثيرة .

يقول تعالى ذكره: وإذا رأى المشركون بالله يوم القيامة ما كانوا يعبدون من دون الله من الآلهة والأوثان وغير ذلك، قالوا: ربنا هؤلاء شركاؤنا في الكفر بك، والشركاء الذين كنا ندعوهم آلهة من دونك ، قال الله تعالى ذكره ( فألْقَوْا ) يعني: شركاءهم الذين كانوا يعبدونهم من دون الله ، القول ، يقول: قالوا لهم: إنكم لكاذبون أيها المشركين، ما كنا ندعوكم إلى عبادتنا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ؛ وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ ) قال: حدّثوهم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[86] ﴿وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِن دُونِكَ﴾ إن قلتَ: ما فائدةُ قولهم ذلك، مع أنه تعالى عالمٌ بهم؟! قلتُ: لما أنكروا الشِّركَ بقولهم: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَاكنَّا مًشْرِكينَ﴾ [الأنعام: 23]؛ عاقبهم اللَّه بإصماتِ ألسنتهم، وأنطقَ جوارِحهم، فقالوا عند معاينة آلهتهم: (رَبَّنا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا)، فأقرُّوا بعد إنكارهم طلبًا للرحمة، وفرارًا من الغضب، فكان هذا القولُ على وجه الاعتراف منهم بالذنب، لا على وجه إعلام من لا يعلم، أو أنهم لما عاينوا عظيم غضب الله، قالوا ذلك رجاء أن يُلزِم اللَّهُ الأصنامَ ذنوبهم فيخفَّ عنهم العذاب.
وقفة
[86] ﴿وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِن دُونِكَ ۖ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ أي: نطقت بتكذيب من عبدها بأنها لم تكن آلهة، ولا أمرتهم بعبادتها، فينطق الله الأصنام حتى تظهر عند ذلك فضيحة الكفار.
تفاعل
[86] ﴿وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِن دُونِكَ ۖ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ قل: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ».

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. و «هم» في «شركاءهم» أي أوثانهم: ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قالُوا:
  • الجملة وما بعدها: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها. قالوا:تعرب إعراب «أشركوا» والجملة بعد «قالوا» في محل نصب مفعول به لقالوا.
  • ﴿ رَبَّنا:
  • منادى بأداء محذوفة تقديرها: يا ربنا: منصوب للتعظيم بالفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا:
  • الهاء: للتنبيه. أولاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. شركاء: خبر مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع صفة-نعت-لشركاؤنا- والجملة بعده: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ كُنّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ:
  • فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا.و«نا» ضمير متصل في محل رفع اسم «كان».ندعو: الجملة في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن والعائد ضمير في محل نصب مفعول به التقدير: ندعوهم. أي نعبدهم. من دونك: جار ومجرور والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة والجار والمجرور متعلق بندعو.
  • ﴿ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ:
  • الفاء: سببية. القوا: فعل ماض مبني على الفتح أو الضم المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة.الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة. إليهم: جار ومجرور متعلق بألقوا و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بإلى وحركت الميم بالضم للاشباع. القول: مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى: فأجابوهم قائلين.
  • ﴿ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ:
  • أي فرد عليهم أولئك الشركاء بأنهم كاذبون فما كانوا يعبدونهم بل كانوا يعبدون أهواءهم. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف: ضمير متصل في محل نصب اسم «إنّ» والميم علامة جمع الذكور. اللام لام الابتداء-المزحلقة-للتوكيد. كاذبون: خبر «إنّ» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. '

المتشابهات :

النحل: 85﴿ وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ
النحل: 86﴿ وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [86] لما قبلها :     وبعد بيان شدة عذاب يوم القيامة؛ حكى اللهُ عز وجل هنا بعضَ ما يدور بينهم وبين معبوداتهم الباطلة يوم القيامة، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـؤُلاء شُرَكَآؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْ مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [87] :النحل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَلْقَوْاْ إِلَى اللّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ..

التفسير :

[87] وأظهر المشركون الاستسلام والخضوع لله يوم القيامة، وغاب عنهم ما كانوا يختلقونه من الأكاذيب، وأن آلهتهم تشفع لهم.

فحينئذ استسلموا لله، وخضعوا لحكمه وعلموا إنهم مستحقون للعذاب.{ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} فدخلوا النار وقد امتلأت قلوبهم من مقت أنفسهم ومن حمد ربهم وأنه لم يعاقبهم إلا بما كسبوا.

ولذا وجدنا المشركين يعجزون عن الرد على شركائهم، بدليل قوله- تعالى- بعد ذلك:

وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ، وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ.

أى: وألقى المشركون يوم القيامة «السلم» أى: الاستسلام والخضوع والانقياد، لقضاء الله- تعالى- العادل فيهم، وغاب وذهب عنهم ما كانوا يفترونه ويزعمونه في الدنيا من أن آلهتهم ستشفع لهم، أو ستنفعهم يوم القيامة.

وقيل: إن الضمير في قوله- تعالى- وَأَلْقَوْا يعود على المشركين وشركائهم. أى.

استسلم العابدون والمعبودون وانقادوا لحكم الله الواحد القهار فيهم.

وقوله : ( وألقوا إلى الله يومئذ السلم ) - قال قتادة ، وعكرمة : ذلوا واستسلموا يومئذ ، أي : استسلموا لله جميعهم ، فلا أحد إلا سامع مطيع ، كما قال : ( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ) [ مريم : 38 ] أي : ما أسمعهم وما أبصرهم يومئذ ! وقال تعالى : ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ) [ السجدة : 12 ] وقال : ( وعنت الوجوه للحي القيوم ) [ طه : 111 ] أي : خضعت وذلت واستكانت وأنابت واستسلمت .

( وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون ) أي : ذهب واضمحل ما كانوا يعبدونه افتراء على الله فلا ناصر لهم ولا معين ولا مجيز .

يقول تعالى ذكره: وألقى المشركون إلى الله يومئذ السلم يقول: استسلموا يومئذ وذَلُّوا لحكمه فيهم، ولم تغن عنهم آلهتهم التي كانوا يدعون في الدنيا من دون الله، وتبرأت منهم، ولا قومهم، ولا عشائرهُم الذين كانوا في الدنيا يدافعون عنهم ، والعرب تقول: ألقيت إليه كذا تعني بذلك قلت له . وقوله ( وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) يقول: وأخطأهم من آلهتهم ما كانوا يأملون من الشفاعة عند الله بالنجاة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ) يقول: ذلوا واستسلموا يومئذ ( وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) .

--------------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

(1) البيت لمحمد بن نمير الثقفي، وكان يشبب بزينب أخت الحجاج بن يوسف الثقفي فتوعده، فهرب منه (خبره في الكامل للمبرد 289) والبيت من كلمة له (الكامل 376)، وفي (اللسان: رأي) قال. قال: الفراء الرئي: المنظر وأهل المدينة يقرءون الآية (وريا) بغير همز. قال: وهو وجه جيد من رأيت، لأنه من آيات لسن مهموزات الأواخر. وقال الجوهري: من همزه جعله من المنظر من رأيت، وهو: ما رأته العين من حال حسنة، وكسوة ظاهرة. وأنشد أبو عبيد لمحمد بن نمير الثقفي:

أشــاقتك الظعــائن يــوم بـانوا

بـذي الـرئى الجـميل مـن الأثـاث

ومن لم يهمزه: إما أن يكون على تخفيف الهمزة، أو يكون من رويت ألوانهم وجلودهم، أي امتلأت وحسنت. وأثاثا: أي متاعا. قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن (1: 365).

(2) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (ص 176) قال: وقوله (سرابيل تقيكم الحر) ولم يقل "والبرد" فترك، لأن معناه معلوم، والله أعلم، كقول الشاعر: "وما أدري ... الخ البيت". يريد أن الخير والشر يليني، لأنه إذا أراد الخير، فهو يتقي الشر أ ه. وقد أفصح الشاعر في البيت الذي بعده عن مراده، وهو موافق لما قالوا:

أَأَلْخَـــيْرُ الَّــذِي أنــا أبْتَغِيــهِ

أمِ الشَّــرُّ الَّــذِي هُــوَ يَبْتَغِينـي?

والبيتان: لسحيم بن وثيل الرياحي، من قصيدة مطلعها:

أفــاطِمَ قَبْــلَ بَيْنِــكِ مَتَّعِينــي

ومَنْعُــكِ مـا سـألْتِ كـأنْ تَبِينـي

(3) قال في اللسان: في حديث أم زرع: وأراح على نعما ثريا: أي أعطاني. قال: والترويح: كالإراحة.

التدبر :

وقفة
[87] ﴿وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّـهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ بعض المخلوقين لا يكتشف ضعف عقله إلا يوم القيامة، بعد فوات الأوان.
وقفة
[87] ﴿وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّـهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ هذا إعلان الاستسلام يوم القيامة مقترنًا بانكشاف كذب المفترين، والتعبير بصيغة الماضي للتحقيق وأنه أمر أكيد.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَلْقَوْا إِلَى اللهِ:
  • الواو: استئنافية. القوا: فعل ماض مبني على الفتح أو الضم المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة.أي وألقى الكافرون أو الظالمون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الى الله: جار ومجرور للتعظيم. أي ألقوا مقاليدهم والجار والمجرور متعلق بألقوا.
  • ﴿ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ:
  • أي يوم القيامة الاستسلام. أو القوا مقاليدهم يوم القيامة مستسلمين. يوم: ظرف زمان منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بألقوا.وهو مضاف. و «إذ» اسم مبني على السكون حرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين، سكونه وسكون التنوين وهو في محل جر مضاف إليه. السلم:مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ:
  • الواو: استئنافية. ضلّ: فعل ماض مبني على الفتح أي:وضاع. عنهم: جار ومجرور متعلق بضل و «هم» في محل جر بعن.
  • ﴿ ما كانُوا:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. كانوا:فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. والجملة «كانوا مع خبرها» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ يَفْتَرُونَ:
  • الجملة: في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد ضمير منصوب لأنه مفعول به. التقدير: ما كانوا يفترونه: أي: يختلقونه. '

المتشابهات :

الأنعام: 24﴿ٱنظُرۡ كَيۡفَ كَذَبُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ
الأعراف: 53﴿قَدۡ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ
يونس: 30﴿وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ
هود: 21﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ
القصص: 75﴿فَعَلِمُوٓاْ أَنَّ ٱلۡحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ
النحل: 87﴿وَأَلۡقَوۡاْ إِلَى ٱللَّهِ يَوۡمَئِذٍ ٱلسَّلَمَۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [87] لما قبلها :     وبعد أن كُذِّبَ المشركون ممن كانوا يتخذونهم آلهة من دون الله؛ استسلموا لأمر الله، وخضعوا لحكمه، وعلموا أنهم مستحقون للعذاب، قال تعالى:
﴿ وَأَلْقَوْاْ إِلَى اللّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف