2983536373839404142434445

الإحصائيات

سورة الكهف
ترتيب المصحف18ترتيب النزول69
التصنيفمكيّةعدد الصفحات11.50
عدد الآيات110عدد الأجزاء0.60
عدد الأحزاب1.20عدد الأرباع4.90
ترتيب الطول13تبدأ في الجزء15
تنتهي في الجزء16عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 4/14الحمد لله: 3/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (35) الى الآية رقم (41) عدد الآيات (7)

لمَّا افتخرَ الكافرُ على صاحبِه دخلَ بستانَه يظنُّ أنَّه لن يفنى، ولن تقومَ القيامةُ، فوعظَه صاحبُه المؤمنُ وذَكَّرَهُ بأصلِ خلقِه، وأنَّ عليه أن ينسبَ الفضلَ للهِ، وإلا أهلكَ اللهُ جنَّتَيهِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (42) الى الآية رقم (45) عدد الآيات (4)

وقوعُ الدَّمارِ بالحديقةِ، والكافرُ يُقَلِّبُ كفَّيهِ حسرةً وندامةً، ثُمَّ مثلاً آخرَ لحقارةِ الدُّنيا وسرعةِ زوالِها: ماءُ المطرِ نزلَ فَنَبَتَ به نباتٌ أخضرٌ، وبعدَ مدةٍ يسيرةٍ صارَ يابسًا تنسفُه الرياحُ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الكهف

العصمة من الفتن/ الزينة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • والآن مع تفصيل أوسع قليلًا::   • قصة أصحاب الكهف (فتنة الدين). • قصة صاحب الجنتين (فتنة المال). • قصة موسى مع الخضر (فتنة العلم). • قصة ذي القرنين (فتنة السلطة).
  • • ما علاقة سورة الكهف بالعصمة من الفتن؟:   • القصة الأولى (أصحاب الكهف): هي قصة شباب آمنوا بالله، لكن القرية التي عاشوا فيها كانت محكومة من ملك ظالم غير مؤمن، فعرضوا إسلامهم على الناس ورفض الناس دعوتهم، وبدأوا بالدعوة إلى الله فكُذِّبوا واضطهدوا، فأوحى الله إليهم أن يأووا إلى الكهف، وأيدهم الله بمعجزات عظيمة فهم قد ناموا في الكهف، ثم استيقظوا بعد 309 سنين، ووجدوا أن الناس جميعًا قد آمنوا وأنهم أصبحوا في مجتمع جديد كله إيمان. • القصة الثانية (صاحب الجنتين): قصة رجل أنعم الله عليه، فنسي واهب النعمة فطغى وتجرأ على ثوابت الإيمان بالطعن والشك. • القصة الثالثة (موسى مع الخضر): عندما سأل بنو إسرائيل موسى عليه السلام: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه، إذ لم يكل العلم إليه تعالى، فأوحى الله إليه بأن هناك من هو أعلم منه، فارتحل حتى التقي بالخضر، وهناك حدثت 3 مواقف:  السفينة التي خرقها الخضر عليه السلام، وكان سبب ذلك وجود ملك ظالم يسلب كل سفينة صالحة يراها.  الغلام الذي قتله الخضر، وكان سبب ذلك أنه كان سيرهق أبويه المؤمنين لعصيانه وعقوقه.  الجدار الذي أقامه الخضر لغلامين يتيمين، وكان تحته كنز مدفون لهما ولو لم يقم الجدار لما حفظ لهما كنزهما.  والرسالة في هذه المواقف: أن يتعلم المؤمن أن الله تعالى يقدر أمورًا قد لا نعلم الحكمة منها والخير المقدر فيها. • القصة الرابعة (ذي القرنين): الملك العادل الذي ينشر الحق والعدل والخير في الأرض، ويملك كل الأسباب المادية التي تسهل له التمكين والنجاح في الحياة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الكهف»، و«سورة أصحاب ‏الكهف».
  • • معنى الاسم ::   الكهف: كالمغارة في الجبل، إلا أنه أوسع منها، فإذا صغر فهو غار.
  • • سبب التسمية ::   لورود ‏قصة ‏أصحاب ‏الكهف فيها، ولم يرد هذا اللفظ إلا في هذه السورة.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   كيفية التعامل مع الفتن.
  • • علمتني السورة ::   خطورة الكلمة، فالبعض يطلق الكلام على عواهنه دون النظر في عواقب كلامه: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   شدة شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على الناس ليؤمنوا؛ حتى يكاد أن يهلك نفسه لذلك: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الجليس الصالح خير من الوحدة، لكن الوحدة خير من الجليس السوء: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ».
    • عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ».
    • عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ فَقَالَ: «إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ؛ فَإِنَّهَا جِوَارُكُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ».
    • عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَن نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَن قَرَأَ سُورَةَ اَلْكَهْفِ كَمَا أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لَهُ نُورًا مِنْ مُقَامِهِ إَلَى مَكَّة، وَمَنْ قَرَأَ بِعَشْر آياتٍ منْ آخِرِهَا فَخَرَجَ الدَّجُّالُ لَم يُسَلُّطْ عَلَيْهِ».
    • عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ».
    • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطه، وَالْأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي»، قال ابن حجر: «وَمُرَاد اِبْن مَسْعُود أَنَّهُنَّ مِنْ أَوَّل مَا تُعُلِّمَ مِنْ الْقُرْآن، وَأَنَّ لَهُنَّ فَضْلًا لِمَا فِيهِنَّ مِنْ الْقَصَص وَأَخْبَار الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الكهف من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • يستحب قراءتها يوم الجمعة لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
    • الآيات العشر الأولى من السورة عاصمة لمن حفظها من فتنة المسيح الدجال لحديث أَبِى الدَّرْدَاءِ.
    • انتصفت عدد كلمات القرآن في هذه السورة، فالكلمة التي تقع في وسط القرآن على مذهب الجمهور هي كلمة ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ﴾ في قوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا﴾ ( 19).
    • هي إحدى سور خمس بُدِئت بـ «الحمد لله» وهذه السور هي: الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ، وفاطر.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نحذر الفتن، ونحصن أنفسنا منها.
    • أن ننتبه لأقوالنا، فرب كلمة تخرج من الفم ترجح كفة السيئات: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ (5).
    • ألا نصرف مشاعرنا وحزننا لمن لا يستحق: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ (6).
    • أن نحسن العمل، فالله قال: ﴿لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (7)، ولم يقل سُبحانه أكثر وأدوم! بل أحسن، أي: إخلاص النية واتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
    • أن نلجأ إلى الله ونسأله الرحمة والرشاد دائمًا: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ (10).
    • ألا نغتر كثيرًا بصلاح حالنا، وشدة استقامتنا! فالقلوب تتقلب، والقلوب تتفلت، والقلوب تزيغ، والمثبت هو الله: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ﴾ (14).
    • ألا نخوض فيما لا طائل وراءه، فوقت المسلم ثمين، فماذا يزيدنا لو عرفنا عدد الفتية؟ أو أسماءهم؟ أو أعمارهم؟: ﴿فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ﴾ (22)، إنما الفائدة المرجوة في أفعالهم وثباتهم على المبدأ، وفرارهم بدينهم يحافظون عليه، وحذرهم في تصرفاتهم.
    • أن نرشد من نسي الشيء في كلامه إلى ذكر الله؛ لأن النسيان منشأه من الشيطان، وذكر الله تعالى يطرد الشيطان، فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان؛ فذكر الله سبب للذكر: ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَدًا﴾ (24).
    • ألا نستعجل؛ فقد يحتاج التغيير بالكامل إلى ٣٠٩ سنة!: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ (25).
    • أن نلزم كل تقي نقي: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ (28).
    • أن نستعيذ بالله من أن نتكبر بسبب ما وهبنا الله من النعم, ونسأل الله أن يجعلها عونًا لنا على عبادته: ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾ (34).
    • أن نحذر الكبر والخيلاء، وكلما تعالينا واستكبرنا على خلق الله نتذكر: ﴿أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾ (37).
    • ألا نجعل المال والبنين مشغلة لنا عن عمل الصالحات: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ (46).
    • أن ننتبه لكلماتنا، ونراقب حركاتنا؛ فهناك كتاب: ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ (49).
    • أن نستخدم الترغيب والترهيب في دعوتنا إلى الله: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾ (56).
    • أن نحمل الزاد والطعام في السفر كما فعل موسى وتلميذه يوشع بن نون عليهما الصلاة والسلام: ﴿قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ (62).
    • أن نربط بين خطئنا وعذرنا؛ لأنه أرفق بصحبتنا: ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ﴾ (63). • ألا نغتر بعلمنا: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ﴾ (66).
    • أن ننكر المنكر كما أنكر موسى أفعال الخضر عليهما السلام، وظن أنها منكر: ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ (71)، ﴿قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾ (74).
    • ألا نعاندْ، إذا أخطَأنا اعتذرنا: ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ (73)، فثقافةُ الاعتذارِ لا يعرفُ قيمتَهَا إلَّا الكبارُ.
    • أن نعمل أعمالًا صالحة يصل نفعها إلى الآخرين: ﴿يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ﴾ (77).
    • أن نجتهد في دفع الظلــم عن المظلومين أو الضعفاء: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ (79).
    • ألا نحزن على فوات شيء من الدنيا، فقد أعطاها الله ذا القرنين، وحرمها كثيرًا من الأنبياء وهم أفضل منه: ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ﴾ (84).

تمرين حفظ الصفحة : 298

298

مدارسة الآية : [35] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ..

التفسير :

[35] ودخل حديقته، وهو ظالم لنفسه بالكفر بالبعث، وشكه في قيام الساعة، فأعجبته ثمارها وقال:ما أعتقد أن تَهْلِك هذه الحديقة مدى الحياة، .

تفسير الآيات من 34 حتى 36:ـ

أي:فقال صاحب الجنتين لصاحبه المؤمن، وهما يتحاوران، أي:يتراجعان بينهما في بعض الماجريات المعتادة، مفتخرا عليه:{ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} فخر بكثرة ماله، وعزة أنصاره من عبيد، وخدم، وأقارب، وهذا جهل منه، وإلا فأي:افتخار بأمر خارجي ليس فيه فضيلة نفسية، ولا صفة معنوية، وإنما هو بمنزله فخر الصبي بالأماني، التي لا حقائق تحتها، ثم لم يكفه هذا الافتخار على صاحبه، حتى حكم، بجهله وظلمه، وظن لما دخل جنته، فـ{ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ} أي:تنقطع وتضمحل{ هَذِهِ أَبَدًا} فاطمأن إلى هذه الدنيا، ورضى بها، وأنكر البعث، فقال:{ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي} على ضرب المثل{ لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} أي ليعطيني خيرا من هاتين الجنتين، وهذا لا يخلو من أمرين:إما أن يكون عالما بحقيقة الحال، فيكون كلامه هذا على وجه التهكم والاستهزاء فيكون زيادة كفر إلى كفره، وإما أن يكون هذا ظنه في الحقيقة، فيكون من أجهل الناس، وأبخسهم حظا من العقل، فأي:تلازم بين عطاء الدنيا وعطاء الآخرة، حتى يظن بجهله أن من أعطي في الدنيا أعطي في الآخرة، بل الغالب، أن الله تعالى يزوي الدنيا عن أوليائه وأصفيائه، ويوسعها على أعدائه الذين ليس لهم في الآخرة نصيب، والظاهر أنه يعلم حقيقة الحال، ولكنه قال هذا الكلام، على وجه التهكم والاستهزاء، بدليل قوله:{ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} فإثبات أن وصفه الظلم، في حال دخوله، الذي جرى منه، من القول ما جرى، يدل على تمرده وعناده.

ثم انتقل صاحب الجنتين من غروره هذا إلى غرور أشد. حكاه القرآن في قوله: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ: ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً. وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً، وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً.

أى: أن هذا الكافر لم يكتف بتطاوله على صاحبه المؤمن، بل سار به نحو جنته حتى دخلها وهو ظالم لنفسه بسبب كفره وجحوده وغروره.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: فلم أفرد الجنة بعد التثنية؟ قلت: معناه ودخل ما هو جنته، ماله جنة غيرها: يعنى أنه لا نصيب له في الجنة التي وعدها الله للمؤمنين، فما ملكه في الدنيا هو جنته لا غير، ولم يقصد الجنتين ولا واحدة منهما.

وقوله وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ أى: وهو معجب بما أوتى مفتخر به، كافر لنعمة ربه، معرض بذلك نفسه لسخط الله، وهو أفحش الظلم...

وقوله: قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً أى: قال هذا الكافر لصاحبه: ما أظن أن هذه الجنة تفنى أو تهلك أبدا.

يقال: باد الشيء يبيد بيدا وبيودا: إذا هلك وفنى.

وقوله : ( ودخل جنته وهو ظالم لنفسه ) أي : بكفره وتمرده وتكبره وتجبره وإنكاره المعاد ( قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا ) وذلك اغترار منه ، لما رأى فيها من الزروع والثمار والأشجار والأنهار المطردة في جوانبها وأرجائها ، ظن أنها لا تفنى ولا تفرغ ولا تهلك ولا تتلف وذلك لقلة عقله ، وضعف يقينه بالله ، وإعجابه بالحياة الدنيا وزينتها ، وكفره بالآخرة ؛

القول في تأويل قوله تعالى : وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35)

يقول تعالى ذكره: هذا الذي جعلنا له جنتين من أعناب ( دَخَلَ جَنَّتَهُ ) وهي بستانه (وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) وظلمه نفسه: كفره بالبعث، وشكه في قيام الساعة، ونسيانه المعاد إلى الله تعالى، فأوجب لها بذلك سخط الله وأليم عقابه ، وقوله : (قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا) يقول جلّ ثناؤه: قال لما عاين جنته، ورآها وما فيها من الأشجار والثمار والزروع والأنهار المطردة شكا في المعاد إلى الله: ما أظنّ أن تبيد هذه الجنة أبدا، ولا تفنى ولا تَخْرب ، وما أظنّ الساعة التي وعد الله خلقه الحشر فيها تقوم فتحدث، ثم تمنى أمنية أخرى على شكّ منه، فقال: ( وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي ) فرجعت إليه، وهو غير موقن أنه راجع إليه ( لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ) يقول: لأجدنّ خيرا من جنتي هذه عند الله إن رددت إليه مرجعا ومردًا، يقول: لم يعطني هذه الجنة في الدنيا إلا ولي عنده أفضل منها في المعاد إن رددت إليه.

التدبر :

وقفة
[35] جميع أصحاب قصص سورة الكهف خرجوا وغيَّروا مكانهم فنجحوا إلا صاحب الجنتين، أسره ماله وانكفأ على نفسه: ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ﴾، فكان الخاسر الوحيد.
وقفة
[35] ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ أي دخل جنته حال كونه ظالمًا لنفسه, ومثل هذا الرجل من دخل بيته وهو ظالم لنفسه, ودخل غرفته وهو ظالم لنفسه, ودخل سيارته وهو ظالم لنفسه, وكتب وقال وهو ظالم لنفسه, وانفق وهو ظالم لنفسه, فالآية تطهر المؤمن من ظلمه لنفسه.
وقفة
[35] ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ أنعم الله عليه فلم يشكر؛ بارك له ففتن وتكبر، ما تملك ليس بنعمة إن لم يكن به صلاحك.
وقفة
[35] ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ تكبر علي صاحبه وأشرك وجحد نعمة ربه كما ظلم نفسه! فكان لذلك أسوا أثر من زوال النعم في الدنيا، ومن سوء عاقبة ينتظره.
وقفة
[35] ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ أفردها بعد تثنيتها ليدلَّ على الحصر، أي لا جنة له غيرها، ولا نصيب له في جنة غيره، ولم يقصد جنَّةً معيَّنةً من الجنَتين، بل جنس ما كان له في الدنيا.
وقفة
[35] ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ من الحماقة أن تجمِّل ظاهرك وباطنك يشتكي الخراب.
وقفة
[35] ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَدًا﴾ إنه الغرور يخيل لذوي الجاه والسلطان والمتاع والثراء.
وقفة
[35] ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَدًا﴾ أكثر ما يدفع إلى الظلم استبعاد الموت مع ظن دوام النعمة وعدم زوالها.
عمل
[35] احذر الغرور والأمن من مكر الله تعالى ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَدًا﴾، إن لم يكن قلبك عُش السعادة؛ لن ينفعك الترف الذي حولك!
وقفة
[35، 36] ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَن تَبيدَ هذِهِ أَبَدًا * وَما أَظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِن رُدِدتُ إِلى رَبّي لَأَجِدَنَّ خَيرًا مِنها مُنقَلَبًا﴾ الغرور صفة يظنها الشخص فى نفسه مزية، ولكنه لا يدرى أنه بهذا يظلم نفسه ظلمًا كبيرًا.
وقفة
[35، 36] ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَن تَبيدَ هذِهِ أَبَدًا * وَما أَظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِن رُدِدتُ إِلى رَبّي لَأَجِدَنَّ خَيرًا مِنها مُنقَلَبًا﴾ الركون إلى الدنيا عاقبته وخيمة.
وقفة
[35] من مظاهر الطغيان المادي: الظلم: ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾، واعتقاد الخلود: ﴿مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَدًا﴾.
عمل
[35] ﴿وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ لا تطلب العدل من غيرك؛ وأنت لم تعدل مع نفسك؛ فأعماق النفس انعكاس للظاهر.
وقفة
[35] ﴿وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾: إما بكفره، وإما بمقابلته لأخيه؛ فإنها تتضمن الفخر، والكبر، والاحتقار لأخيه.
وقفة
[35] ﴿قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَدًا﴾، ﴿فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء﴾ [98]، كلاهما يرى شيئا عظيمًا من كدِّه، ولكن شأن قلبَيْهِما مختلف، هذه أحد المشاهدات التي أطيل عندها الوقوف.
وقفة
[35] خمسُ آياتٍ تختصر أمراض القلوب: الحسد: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ﴾ [الأعراف: 12]، الاستبداد: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى﴾ [غافر: 29]، الجحود: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي﴾ [القصص: 78]، الاستكبار: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾ [الزخرف: 51]، الغرور: ﴿ما أظن أن تبيد هذه أبدًا﴾.
وقفة
[35، 36] ﴿قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾، ﴿الذي جمع مالاً وعدده * يحسب أن ماله أخلده﴾ [الهمزة: 2، 3]، بقدر تعلِّقك بالمال تكون نظرتك للآخرة.
عمل
[35، 36] ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾ جعلَ اللهُ الغرور ظُلم الإنسان لنِفسهِ، فلَا تَغْترَّ مهما كانتْ قدرتك في الشَّيء الَّذي تَتفاخرُ بِه، فقد يزُول منك يومًا.
وقفة
[32-35] في سورة الكهف ذكر الله تعالى قصة صاحب الجنتين: ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ﴾، ثم قال بعدها: ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَدًا﴾، فلماذا قال: ﴿جَنَّتَهُ﴾ فأفرد الجنة مع أنهما جنتان؟ قوله تعالى عن صاحب الجنتين: ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ أفراد الجنة مع أنهما جنتان؛ لأن قوله هذا لم يقله إلا حين دخل إحداهما؛ إذ لا يمكن دخوله فيهما معًا في وقت واحد.
وقفة
[35، 36] هنا اجتمع: مخالفة للعقل كما قال: ﴿مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَدًا﴾، ومخالفة للدين: ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾، والتكبر والتأني: ﴿وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا﴾، ولا عجب فالكفر مقر كل النقائض.
وقفة
[35، 36] المفتون بالدنيا تجده: مخالف للعقل: ﴿مَاأَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا﴾، ومخالف للدين: ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾، ومتكبر.

الإعراب :

  • ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ:
  • واو عاطفة. دخل: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. جنته: مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: ودخل في بستانه وحذف الجار.
  • ﴿ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها: في محل نصب حال. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. ظالم:خبر «هو» مرفوع بالضمة. لنفسه: جار ومجرور متعلق بظالم والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قالَ:
  • تعرب اعراب «دخل» والجملة «قال» في محل نصب حال بتقدير: قائلا.والجملة بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ ما أَظُنُّ:
  • ما: نافية لا عمل لها. اظن: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا.
  • ﴿ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً:
  • ان: حرف مصدرية ونصب. تبيد: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. هذه: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع فاعل. اي: ان تفنى هذه الجنة. ابدا: ظرف زمان لتأكيد المستقبل نفيا واثباتا يدل على الاستمرار منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بتبيد ونون لانقطاعه عن الاضافة. و «ان» وما بعدها:بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «اظن».وجملة تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الاعراب. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     ولَمَّا تفاخرَ الكافرُ على صاحبِه المؤمن؛ لم يكتف بذلك، بل سار به حتى أدخله حديقته؛ ليظهر له كثرة ماله، ويريه ما يملك من أشجار وثمار وأنهار، ثم أنكر أن تفنى حديقته يومًا ما، قال تعالى:
﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [36] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن ..

التفسير :

[36]وما أعتقد أن القيامة واقعة، وإنْ فُرِضَ وقوعها -كما تزعم أيها المؤمن- ورُجعتُ إلى ربي لأجدنَّ عنده أفضل من هذه الحديقة مرجعاً ومردّاً؛ لكرامتي ومنزلتي عنده.

تفسير الآيات من 34 حتى 36:ـ

أي:فقال صاحب الجنتين لصاحبه المؤمن، وهما يتحاوران، أي:يتراجعان بينهما في بعض الماجريات المعتادة، مفتخرا عليه:{ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} فخر بكثرة ماله، وعزة أنصاره من عبيد، وخدم، وأقارب، وهذا جهل منه، وإلا فأي:افتخار بأمر خارجي ليس فيه فضيلة نفسية، ولا صفة معنوية، وإنما هو بمنزله فخر الصبي بالأماني، التي لا حقائق تحتها، ثم لم يكفه هذا الافتخار على صاحبه، حتى حكم، بجهله وظلمه، وظن لما دخل جنته، فـ{ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ} أي:تنقطع وتضمحل{ هَذِهِ أَبَدًا} فاطمأن إلى هذه الدنيا، ورضى بها، وأنكر البعث، فقال:{ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي} على ضرب المثل{ لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} أي ليعطيني خيرا من هاتين الجنتين، وهذا لا يخلو من أمرين:إما أن يكون عالما بحقيقة الحال، فيكون كلامه هذا على وجه التهكم والاستهزاء فيكون زيادة كفر إلى كفره، وإما أن يكون هذا ظنه في الحقيقة، فيكون من أجهل الناس، وأبخسهم حظا من العقل، فأي:تلازم بين عطاء الدنيا وعطاء الآخرة، حتى يظن بجهله أن من أعطي في الدنيا أعطي في الآخرة، بل الغالب، أن الله تعالى يزوي الدنيا عن أوليائه وأصفيائه، ويوسعها على أعدائه الذين ليس لهم في الآخرة نصيب، والظاهر أنه يعلم حقيقة الحال، ولكنه قال هذا الكلام، على وجه التهكم والاستهزاء، بدليل قوله:{ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} فإثبات أن وصفه الظلم، في حال دخوله، الذي جرى منه، من القول ما جرى، يدل على تمرده وعناده.

ثم ختم هذا الكافر محاورته لصاحبه بقوله: وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً أى: كائنة ومتحققة. فهو قد أنكر البعث وما يترتب عليه من حساب بعد إنكاره لفناء جنته، ثم أكد كلامه بجملة قسمية فقال: وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي أى: والله لئن رددت إلى ربي على سبيل الفرض والتقدير كما أخبرتنى يا صاحبي بأن هناك بعثا وحسابا لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها أى:

من هذه الجنة مُنْقَلَباً أى: مرجعا وعاقبة. اسم مكان من الانقلاب بمعنى الرجوع والانصراف عن الشيء إلى غيره.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً.

وقوله- سبحانه-: وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ.

والمتدبر لحال صاحب الجنتين يراه، - أولا- قد زعم أن مدار التفاضل هو الثروة والعشيرة، ويراه- ثانيا- قد بنى حياته على الغرور والبطر، واعتقاد الخلود لزينة الحياة الدنيا، ويراه- ثالثا- قد أنكر البعث والحساب، والثواب والعقاب.

ويراه- رابعا- قد توهم أن غناه في الدنيا سيكون معه مثله في الآخرة:

قال صاحب الكشاف: وأخبر عن نفسه بالشك في بيدودة جنته، لطول أمله، واستيلاء الحرص عليه، وتمادى غفلته، واغتراره بالمهلة، واطراحه النظر في عواقب أمثاله، وترى أكثر الأغنياء من المسلمين، وإن لم يطلقوا بمثل هذا ألسنتهم، فإن ألسنة أحوالهم ناطقة به، منادية عليه.

وأقسم على أنه إن رد إلى ربه- على سبيل الفرض والتقدير- ليجدن في الآخرة خيرا من جنته في الدنيا، تطمعا وتمنيا على الله..».

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك ما قاله الرجل المؤمن لصاحب الجنتين، الذي نطق بأفحش، وأفجر الفجور، فقال- تعالى-:

ولهذا قال : ( وما أظن الساعة قائمة ) أي : كائنة ( ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ) أي : ولئن كان معاد ورجعة ومرد إلى الله ، ليكونن لي هناك أحسن من هذا لأني محظى عند ربي ، ولولا كرامتي عليه ما أعطاني هذا ، كما قال في الآية الأخرى : ( ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ) [ فصلت : 50 ] ، وقال ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ) [ مريم : 77 ] أي : في الدار الآخرة ، تألى على الله عز وجل ، وكان سبب نزولها في العاص بن وائل ، كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة .

القول في تأويل قوله : ( وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ) كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ابن زيد : شكّ، ثم قال: (وَلَئِنْ ) كان ذلك ثم ( رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ) ما أعطاني هذه إلا ولي عنده خير من ذلك.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ) كفور لنعم ربه، مكذّب بلقائه : متمنّ على الله.

التدبر :

وقفة
[36] ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا﴾ الاغترار المادي نواة الإلحاد.
وقفة
[36] إنكار الآخرة: ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾، اعتقاد أن له الحظوة عند ربه بما أعطاه من الدنيا ﴿وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا﴾.
وقفة
[36] ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا﴾ العطاء من الله في الدنيا لا يعني بالضرورة الرضا منه سبحانه، فالله قد يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب.
وقفة
[36] ﴿وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا﴾ فأيُّ تلازم بين عطاء الدنيا وعطاء الآخرة حتى يظن بجهله أن من أُعطِيَ في الدنيا أُعْطِيَ في الآخرة، بل الغالب أن الله تعالى يَزوِي الدنيا عن أوليائه وأصفيائه، ويوسعها على أعدائه الذين ليس لهم في الآخرة نصيب.
وقفة
[36] ﴿وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا﴾ من أعجب العجَب؛ أن يعتقدَ إنسانٌ أنَّ له عند الله مكانة وحسن عاقبة، وهو مقيمٌ على معصيته، نافرٌ عن طاعته!
وقفة
[36] ﴿وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا﴾ إن قلتَ: كيف قال الكافر ذلك وهو يُنكر البعث؟ قلتُ: معناه: ولئن رُددتُ إلى ربي على زعمك، ليعطينِّي هناكَ خيرًا منها، ونظيره قولُه تعالى في فصِّلت: ﴿وَلَئِنْ رُجِعْت إلَى رَبِّي إنَّ لِي عِنْدَهُ للحسْنَى﴾ [فصلت: 50].

الإعراب :

  • ﴿ وَما أَظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. اظن:فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: انا.الساعة قائمة: اي بمعنى: كائنة: مفعولا «اظن» منصوبان بالفتحة.
  • ﴿ وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي:
  • الواو استئنافية. اللام: موطئة للقسم. وهي اللام المؤذنة. ان: حرف شرط‍ جازم. رددت: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلم في محل جزم بإن.والتاء ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. الى ربي: جار ومجرور متعلق برددت والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً:
  • اللام: واقعة في جواب القسم المقدر.والجملة: جواب القسم لا محل لها من الاعراب. وجواب الشرط‍ محذوف دل عليه القسم. اجدن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا. خيرا: مفعول به منصوب بالفتحة. بمعنى «مرجعا خيرا» فحذف الموصوف وحلت الصفة محله. منها: جار ومجرور متعلق بخيرا اي من جنته. منقلبا: تمييز منصوب بالفتحة بمعنى «لاجدن في الآخرة خيرا من جنته في الدنيا اي مرجعا وعاقبة».وجملة «ان رددت» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه.فلا محل لها من الاعراب بمعنى: ان ارجعت الى ربي كما يزعمون. '

المتشابهات :

الكهف: 36﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا
فصلت: 50﴿لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     وبعد أن أنكر أن تفنى حديقته يومًا ما؛ أنكر هنا البعث، وقيام الساعة، والحساب، والجزاء، قال تعالى:
﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

منها:
1- على التوحيد، وعود الضمير على «الجنة» ، وهى قراءة الكوفيين، وأبى عمرو، وكذا فى مصاحف الكوفة والبصرة.
وقرئ:
2- منهما، على التثنية وعود الضمير على «الجنتين» ، وهى قراءة ابن الزبير، وزيد بن على، وأبى بحرية، وأبى جعفر، وسيبه، وابن محيصن، وحميد، وابن مناذر، ونافع، وابن كثير، وابن عامر، وكذا فى مصاحف مكة والمدينة والشام.

مدارسة الآية : [37] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ..

التفسير :

[37] قال له صاحبه المؤمن، وهو يحاوره واعظاً له:كيف تكفر بالله الذي خلقك مِن تراب، ثم مِن نطفة الأبوين، ثم سَوَّاك بشراً معتدل القامة والخَلْق؟ وفي هذه المحاورة دليل على أن القادر على ابتداء الخلق، قادر على إعادتهم.

تفسير الآيتين 37 و 38:ـ

أي:قال له صاحبه المؤمن، ناصحا له، ومذكرا له حاله الأولى، التي أوجده الله فيها في الدنيا{ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} فهو الذي أنعم عليك بنعمة الإيجاد والإمداد، وواصل عليك النعم، ونقلك من طور إلى طور، حتى سواك رجلا، كامل الأعضاء والجوارح المحسوسة، والمعقولة، وبذلك يسر لك الأسباب، وهيأ لك ما هيأ من نعم الدنيا، فلم تحصل لك الدنيا بحولك وقوتك، بل بفضل الله تعالى عليك، فكيف يليق بك أن تكفر بالله الذي خلقك من تراب، ثم من نطفة ثم سواك رجلا، وتجحدنعمته، وتزعم أنه لا يبعثك، وإن بعثك أنه يعطيك خيرا من جنتك؟! هذا مما لا ينبغي ولا يليق. ولهذا لما رأى صاحبه المؤمن حاله واستمراره على كفره وطغيانه، قال مخبرا عن نفسه، على وجه الشكر لربه، والإعلان بدينه، عند ورود المجادلات والشبه:{ لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا} فأقر بربوبية لربه، وانفراده فيها، والتزمطاعته وعبادته، وأنه لا يشرك به أحدا من المخلوقين، ثم أخبره أن نعمة الله عليه بالإيمان والإسلام، ولو مع قلة ماله وولد، أنها هي النعمة الحقيقية، وأن ما عداها معرض للزوال والعقوبة عليه والنكال، فقال:

أى: قال الرجل الفقير المؤمن، في رده على صاحبه الجاحد المغرور، منكرا عليه كفره قال له على سبيل المحاورة والمجاوبة: يا هذا أَكَفَرْتَ بالله الذي «خلقك» بقدرته «من تراب» . أى: خلق أباك الأول من تراب، كما قال: سبحانه إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ، خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .

ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ أى: خلق أباك آدم من تراب، ثم أوجدك أنت من نطفة عن طريق التناسل والمباشرة بين الذكر والأنثى.

ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا أى: ثم صيرك إنسانا كاملا، ذا صورة جميلة، وهيئة حسنة. كما قال- سبحانه-: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ.

والاستفهام في قوله: أَكَفَرْتَ.. للإنكار والاستبعاد، لأن خلق الله- تعالى- له من تراب ثم نطفة، ثم تسويته إياه رجلا، يقتضى منه الإيمان بهذا الخالق العظيم، وإخلاص العبادة له، وشكره على نعمائه.

قالوا: ولا يستلزم قول صاحب الجنتين قبل ذلك: وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً. أنه كان مؤمنا، لأنه قال ذلك على سبيل الفرض والتقدير، لا على سبيل الاعتقاد واليقين، بدليل تردده في إمكان قيام الساعة، ولأن اعترافه بوجود الله- تعالى- لا يستلزم الإيمان الحق، فالكفار كانوا يعترفون بأن الله- تعالى- هو الخالق للسموات والأرض، ومع هذا يشركون معه في العبادة آلهة أخرى.

وجاء التعبير بحرف «ثم» في الآية، للاشارة إلى أطوار خلق الإنسان التي فصلها- سبحانه- في آيات أخرى، منها قوله- تعالى-: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً، فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً، فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً، فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً، ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ، فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ .

يقول تعالى مخبرا عما أجابه صاحبه المؤمن ، واعظا له وزاجرا عما هو فيه من الكفر بالله والاغترار : ( أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ) ؟ وهذا إنكار وتعظيم لما وقع فيه من جحود ربه ، الذي خلقه وابتدأ خلق الإنسان من طين وهو آدم ، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، كما قال تعالى : ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ) [ البقرة : 280 ] أي : كيف تجحدون ربكم ، ودلالته عليكم ظاهرة جلية ، كل أحد يعلمها من نفسه ، فإنه ما من أحد من المخلوقات إلا ويعلم أنه كان معدوما ثم وجد ، وليس وجوده من نفسه ولا مستندا إلى شيء من المخلوقات ؛ لأنه بمثابته فعلم إسناد إيجاده إلى خالقه ، وهو الله ، لا إله إلا هو ، خالق كل شيء ؛ ولذا قال :

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا (37)

يقول تعالى ذكره: قال لصاحب الجنتين صاحبه الذي هو أقل منه مالا وولدا، (وَهُوَ يُحَاوِرُهُ) : يقول : وهو يخاطبه ويكلمه: (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ) يعني خلق أباك آدم من تراب (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) يقول: ثم أنشأك من نطفة الرجل والمرأة ، (ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا) يقول: ثم عدلك بشرا سويا رجلا ذكرا لا أنثى، يقول: أكفرت بمن فعل بك هذا أن يعيدك خلقا جديدا بعد ما تصير رفاتا

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[37] ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ﴾ صاحبه كافر، ومع ذلك حاوره؛ من أراد الحقيقة يناقش الفكرة لا الأشخاص.
وقفة
[37] ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ﴾ إخبارك بحقيقته، لا يعني أنه خروج من أدب الحوار.
وقفة
[37] ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ﴾ على المؤمن ألا يستكين أمام عزة الغني الكافر، وعليه نصحه وإرشاده إلى الإيمان بالله، والإقرار بوحدانيته، وشكر نعمه وأفضاله عليه.
وقفة
[37] الصاحب الصالح يذكرك بربك: ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا﴾ [طه: 33]، يصبرك: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّـهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40]، ويصحح أخطاءك: ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ﴾.
وقفة
[37] ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾ من أفضل أساليب وعظ المتكبر والمتعالي؛ أن تذكِّره بأصل نشأته!
وقفة
[37] ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾ أعظم الجحود أن تجحد من خلقك، وأبشع نكران للجميل ما كان تجاه من سواك فعدلك.
وقفة
[37] ﴿قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا﴾ الصاحب الحق هو الذى ينصح صديقه ويثنيه عن خطأه، وأيضا يضرب له مثلًا عمليًّا ويكون قدوة له ليحتذى حذوه.
عمل
[37] انصح أحد أصحابك المخالفين لأمر الله ورسوله؛ فالصحبة لا تعني عدم التناصح ﴿قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا﴾.
اسقاط
[37] ﴿بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن (تُرَابٍ) ثُمَّ مِن (نُّطْفَةٍ) ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾ إذا رأيتَ في نفسك الكِبْر؛ فذكِّرْها بمواطن الضعف.
وقفة
[37] ﴿أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ﴾ أيها الإنسان خلقت من تراب، وأصلك من تراب، وستعود يومًا إلى التراب، أيعقل أن تتكبر وتغتر بنفسك؟!
وقفة
[37] من أعظم ما يذكر به المتكبر والجاحد للنعم: تنبيهه على أصل خلقته، التي يستوي فيها الأغنياء والفقراء، والملوك والسوقة، وهذا ما سلكه الرجل المؤمن -وهو يحاور صاحبه المتكبر-: ﴿أَكَفَرتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا﴾.
وقفة
[37، 38] من سبل المعالجة في القصة: التذكير بمنة الله عليه بالقوة ﴿ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾، وبيان حقيقة شكر النعمة ﴿لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ:
  • اعربت في الآية الكريمة الرابعة والثلاثين. والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي:
  • الهمزة: همزة انكار وتعجيب بلفظ‍ استفهام. كفرت:فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطب والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. الباء حرف جر. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بكفرت.
  • ﴿ خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به. بمعنى: خلق اصلك. من تراب: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الكاف في «خلقك».وجملة خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ» صلة الموصول لا محل لها
  • ﴿ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلاً:
  • ثم: حرف عطف. من نطفة:معطوفة على مِنْ تُرابٍ». ثم: حرف عطف يفيد الترتيب. سواك: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به اول بمعنى «جعلك».رجلا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة ويجوز اعرابها حالا. من نطفة: تعرب اعراب مِنْ تُرابٍ». '

المتشابهات :

الكهف: 34﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَـ قَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا
الكهف: 37﴿ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     وبعد أن أنكرَ الكافرُ الساعةَ؛ وعظَه هنا صاحبُه المؤمنُ، وذَكَّرَهُ بأصلِ خلقِه، قال تعالى:
﴿ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [38] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا ..

التفسير :

[38] لكن أنا لا أقول بمقالتك الدالة على كفرك، وإنما أقول:المنعم المتفضل هو الله ربي وحده، ولا أشرك في عبادتي له أحداً غيرَه.

تفسير الآيتين 37 و 38:ـ

أي:قال له صاحبه المؤمن، ناصحا له، ومذكرا له حاله الأولى، التي أوجده الله فيها في الدنيا{ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} فهو الذي أنعم عليك بنعمة الإيجاد والإمداد، وواصل عليك النعم، ونقلك من طور إلى طور، حتى سواك رجلا، كامل الأعضاء والجوارح المحسوسة، والمعقولة، وبذلك يسر لك الأسباب، وهيأ لك ما هيأ من نعم الدنيا، فلم تحصل لك الدنيا بحولك وقوتك، بل بفضل الله تعالى عليك، فكيف يليق بك أن تكفر بالله الذي خلقك من تراب، ثم من نطفة ثم سواك رجلا، وتجحدنعمته، وتزعم أنه لا يبعثك، وإن بعثك أنه يعطيك خيرا من جنتك؟! هذا مما لا ينبغي ولا يليق. ولهذا لما رأى صاحبه المؤمن حاله واستمراره على كفره وطغيانه، قال مخبرا عن نفسه، على وجه الشكر لربه، والإعلان بدينه، عند ورود المجادلات والشبه:{ لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا} فأقر بربوبية لربه، وانفراده فيها، والتزمطاعته وعبادته، وأنه لا يشرك به أحدا من المخلوقين، ثم أخبره أن نعمة الله عليه بالإيمان والإسلام، ولو مع قلة ماله وولد، أنها هي النعمة الحقيقية، وأن ما عداها معرض للزوال والعقوبة عليه والنكال، فقال:

ثم يعلن الرجل الصالح موقفه بشجاعة ووضوح، فيقول لصاحبه صاحب الجنتين:

لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي، وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً.

أى: إن كنت أنت يا هذا قد كفرت بالله الذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا، فإنى لست بكافر، ولكني أنا مؤمن، أعترف له بالعبادة والطاعة وأقول: هو الله- تعالى- وحده ربي، ولا أشرك معه أحدا من خلقه لا في الربوبية، ولا في الألوهية، ولا في الذات ولا في الصفات.

وقوله- سبحانه- في هذه الآية لكِنَّا ... أصله: «لكن أنا» أى: لكن أنا أقول هو الله ربي. فحذفت همزة «أنا» وأدغمت نون «لكن» في نون أنا بعد حذف الهمزة.

وجمهور القراء يقرءون في الوصل «لكن» بدون ألف بعد النون المشددة وقرأ أبو عامر في الوصل «لكنا» بالألف- أما في حالة الوقف فقد اتفق الجميع على إثبات الألف.

قال صاحب الكشاف: قوله: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي أصله: لكن أنا فحذفت الهمزة، وألقيت حركتها على نون لكن، فتلاقت النونان فكان الإدغام، ونحوه قول القائل:

وترميننى بالطّرف أى أنت مذنب ... وتقليننى، لكنّ إياك لا أقلى

أى: لكن أنا لا أقليك.

و «هو» ضمير الشأن: أى: والشأن أن الله ربي: والجملة خبر أنا. والراجع منها إليه ياء الضمير.

فإن قلت: هو استدراك لأى شيء؟ قلت: لقوله «أكفرت..» قال لأخيه أنت كافر بالله، لكني مؤمن موحد، كما تقول: زيد غائب لكن عمرا حاضر» .

( لكنا هو الله ربي ) أي : أنا لا أقول بمقالتك ، بل أعترف لله بالربوبية والوحدانية ( ولا أشرك بربي أحدا ) أي : بل هو الله المعبود وحده لا شريك له .

القول في تأويل قوله تعالى( لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي ) يقول: أما أنا فلا أكفر بربي، ولكن أنا هو الله ربي، معناه أنه يقول: ولكن أنا أقول: هو الله ربي ( وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ). وفي قراءة ذلك وجهان: أحدهما لكنّ هو الله ربي بتشديد النون وحذف الألف في حال الوصل، كما يقال: أنا قائم فتحذف الألف من أنا، وذلك قراءة عامة قراء أهل العراق. وأما في الوقف فإن القراءة كلها تثبت فيها الألف، لأن النون إنما شددت لاندغام النون من لكن، وهي ساكنة في النون التي من أنا، إذ سقطت الهمزة التي في أنا، فإذا وقف عليها ظهرت الألف التي في أنا، فقيل: لكنا، لأنه يقال في الوقف على أنا بإثبات الألف لا بإسقاطها. وقرأ ذلك جماعة من أهل الحجاز: (لَكِنَّا) بإثبات الألف في الوصل والوقف، وذلك وإن كان مما ينطق به في ضرورة الشعر، كما قال الشاعر:

أنــا سَــيْفُ العَشِـيرَة فـاعْرِفُونِي

حــميدا قــد تــذريت الســناما (1)

فأثبت الألف في أنا، فليس ذلك بالفصيح من الكلام، والقراءة التي هي القراءة الصحيحة عندنا ما ذكرنا عن العراقيين، وهو حذف الألف من " لكنّ" في الوصل، وإثباتها في الوقف.

التدبر :

وقفة
[38] ﴿لَّـٰكِنَّا هُوَ اللَّـهُ رَبِّي﴾ كلمة التوحيد الحق لا تتغير فى قلب المؤمن مهما تغير واقعه بتغير العطاء والمنع.
وقفة
[38] ﴿لَّـٰكِنَّا هُوَ اللَّـهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا﴾ الفخر الحقيقي بالإسلام، والنعمة الباقية هي نعمة التوحيد، وكل ما عدا ذلك عرضة للزوال.

الإعراب :

  • ﴿ لكِنَّا:
  • اصلها: لكن انا. حذفت الهمزة اختصارا وادغمت النون في النون وبالتقاء النونين جاء التشديد لذلك. لكن: مخففة مهملة وهي تفيد الاستدراك لقوله «اكفرت» قال لاخيه انت كافر بالله لكنني مؤمن موحد.انا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ لان «لكن» مخفف لا عمل له.
  • ﴿ هُوَ اللهُ رَبِّي:
  • هو: ضمير الشأن مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان.الله لفظ‍ الجلالة: خبر «هو» مرفوع للتعظيم بالضمة. ربي: بدل من لفظ‍ الجلالة مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة. والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. والجملة الاسمية هُوَ اللهُ رَبِّي» في محل رفع خبر المبتدأ الاول «انا».
  • ﴿ وَلا أُشْرِكُ:
  • الواو عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. اشرك: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره انا.
  • ﴿ بِرَبِّي أَحَداً:
  • جار ومجرور متعلق بأشرك والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. احدا: مفعول به منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

الكهف: 38﴿لَّـٰكِنَّا هُوَ اللَّـهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا
الجن: 20﴿قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     وبعد أن وعظَ المؤمنُ صاحبَه الكافرَ؛ أعلن المؤمنُ هنا بكل وضوح عن موقفِه الذي يُضادُّ اعتقادَ صاحبِه، فقال له:
﴿ لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لكنا:
وقرئ:
1- بتشديد النون، بغير ألف فى الوصل وبألف فى الوقف، وأصله: لكن أنا، نقلت حركة الهمزة إلى نون «لكن» ، وحذفت الهمزة، فالتقى مثلان، فأدغم أحدهما فى الآخر، وهى قراءة الكوفيين، وأبى عمرو، وابن كثير، ونافع، فى رواية ورش وقالون.
2- بإثبات الألف وقفا ووصلا، وهى قراءة ابن عامر، ونافع فى رواية المسيلى، وزيد بن على، والحسن، والزهري، وأبى بحرية، ويعقوب فى رواية، وأبى عمرو.
3- لكن هو، بغير «أنا» ، وهى قراءة عيسى الثقفي.

مدارسة الآية : [39] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ..

التفسير :

[39] وهلَّا حين دخَلْتَ حديقتك فأعجبتك حَمِدت الله، وقلت:هذا ما شاء الله لي، لا قوة لي على تحصيله إلا بالله. إن كنتَ تراني أقل منك مالاً وأولاداً،

أي:قال للكافر صاحبه المؤمن:أنت -وإن فخرت علي بكثرة مالك وولدك، ورأيتني أقل منك مالا وولدا -فإن ما عند الله، خير وأبقى، وما يرجى من خيره وإحسانه، أفضل من جميع الدنيا، التي يتنافس فيها المتنافسون.

ثم أرشده إلى ما كان يجب عليه أن يقوله عند دخوله جنته فقال: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ....

قال الإمام ابن كثير: هذا تحضيض وحث على ذلك. أى: هلا إذ أعجبتك جنتك حين دخلتها ونظرت إليها، حمدت الله على ما أنعم به عليك وأعطاك من المال والولد ما لم يعط غيرك وقلت ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ولهذا قال بعض السلف: من أعجبه شيء من حاله أو ولده أو ماله، فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.. وهذا مأخوذ من هذه الآية الكريمة. وقد روى فيه حديث مرفوع.. فعن أنس- رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فيرى فيه آفة دون الموت»

وقال الآلوسى: وقوله: «ما شاء الله، أى: الأمر ما شاء الله، أو ما شاء الله- تعالى- كائن، على أن «ما» موصولة مرفوعة المحل. إما على أنها خبر مبتدأ محذوف. أو على أنها مبتدأ محذوف الخبر.. وأيما كان فالمراد تحضيضه على الاعتراف بأن جنته وما فيها بمشيئة الله- تعالى- إن شاء أبقاها وإن شاء أبادها .

ثم قال : ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا ) هذا تحضيض وحث على ذلك ، أي : هلا إذا أعجبتك حين دخلتها ونظرت إليها حمدت الله على ما أنعم به عليك ، وأعطاك من المال والولد ما لم يعطه غيرك ، وقلت : ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) ؛ ولهذا قال بعض السلف : من أعجبه شيء من حاله أو ماله أو ولده أو ماله ، فليقل : ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) وهذا مأخوذ من هذه الآية الكريمة . وقد روي فيه حديث مرفوع أخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده :

حدثنا جراح بن مخلد ، حدثنا عمر بن يونس ، حدثنا عيسى بن عون ، حدثنا عبد الملك بن زرارة ، عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد ، فيقول : ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) فيرى فيه آفة دون الموت " . وكان يتأول هذه الآية : ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) .

قال الحافظ أبو الفتح الأزدي : عيسى بن عون ، عن عبد الملك بن زرارة ، عن أنس : لا يصح حديثه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة وحجاج ، حدثني شعبة ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبيد مولى أبي رهم ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ لا قوة إلا بالله " . تفرد به أحمد

وقد ثبت في الصحيح عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله "

وقال الإمام أحمد : حدثنا بكر بن عيسى ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون قال : قال أبو هريرة : قال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا هريرة ، أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش ؟ " . قال : قلت : نعم ، فداك أبي وأمي . قال : " أن تقول : لا قوة إلا بالله " قال أبو بلج : وأحسب أنه قال : " فإن الله يقول : أسلم عبدي واستسلم " . قال : فقلت لعمرو - قال أبو بلج : قال عمرو : قلت لأبي هريرة : لا حول ولا قوة إلا بالله ؟ فقال : لا إنها في سورة الكهف : ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله )

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالا وَوَلَدًا (39)

يقول عز ذكره: وهلا إذ دخلت بستانك، فأعجبك ما رأيت منه، قلت ما شاء الله كان ، وفي الكلام محذوف استغني بدلالة ما ظهر عليه منه، وهو جواب الجزاء، وذلك كان.

وإذا وجه الكلام إلى هذا المعنى الذي قلنا كانت " ما " نصبا بوقوع فعل الله عليه، وهو شاء ، وجاز طرح الجواب، لأن معنى الكلام معروف، كما قيل: فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض، وترك الجواب، إذ كان مفهوما معناه ، وكان بعض أهل العربية يقول " ما " من قوله: ( مَا شَاءَ اللَّهُ ) في موضع رفع بإضمار هو، كأنه قيل: قلت هو ما شاء الله ( لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ) يقول: لا قوة على ما نحاول من طاعته إلا به.

وقوله: ( إِنْ تَرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالا وَوَلَدًا ) وهو قول المؤمن الذي لا مال له، ولا عشيرة، مثل صاحب الجنتين وعشيرته وهو مثل سَلْمان وصُهَيب وخباب، يقول: قال المؤمن للكافر: إن ترن أيها الرجل أنا أقل منك مالا وولدا ، فإذا جعلت أنا عمادا نصبت أقل ، وبه القراءة عندنا، لأن عليه قراءة الأمصار، وإذا جعلته اسما رفعت أقل.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[39] قد يصيب العبد ماله وولده ورزقه بالعين، من حيث لا يشعر، وعلاج ذلك في قول الله: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ﴾.
وقفة
[39] قال ابن هبيرة عند قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ﴾ ما قال: (ما شاء الله كان) أو (لا يكون)، بل أطلق اللفظ؛ ليعم الماضي والمستقبل والراهن.
وقفة
[39] ينبغي لكل من أعجبه شيء من ماله أو ولده أن يضيف النعمة إلى مُولِيها ومُسْدِيها بأن يقول: ﴿مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ﴾، إذا أراد الله بعبد خيرًا عجل له العقوبة في الدنيا.
وقفة
[39] ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا﴾ أي: ما اجتمع لك من المال فهو بقدرة الله تعالى وقوته، لا بقدرتك وقوتك، ولو شاء لنزع البركة منه فلم يجتمع، تواضع لعباد الله، وإياك والعلو والكبر.
وقفة
[39] ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا﴾ إذا أردت أن تحاور من يشكك في المبادئ، فركز على الأسس المتفق عليها.
وقفة
[39] ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا﴾ ومن سبل المعالجة في القصة: بيان الواجب حال رؤية النعمة، ومن سبل معالجة الطغيان المادي في القصة: التذكير بمن هو دونه في النعمة.
وقفة
[39] ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا﴾ إخبارك بحقيقته، لايعني أنه خروج من أدب الحوار.
وقفة
[39] ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا﴾ قالها الرجل المؤمن لصاحبة الكافر, قالها بطيب قلب وبياضه, لأن من سلم قلبة من الكبر والأحقاد لم تصبة أعين الحساد.
وقفة
[39] ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ﴾ لم يطلب منه التخلي عن جنتيه وأنهاره وزروعه، لكن طلب منه كلمات وخضوعًا لربه.
وقفة
[39] ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ﴾ يا له من أمر سهل، لم يطلب منه مغادرة جنته، أو التخلي عن شبر واحد منها، فقط كن شاكرًا.
عمل
[39] تأمل إنجازات حققتها في حياتك، وانسب الفضل فيها إلى الله تعالى، وقل: «ما شاء الله، لا قوة إلاّ بالله»، ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا﴾.
وقفة
[39] ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ﴾ لن تخسر شيئًا حين تدعو بالبركة إذا رأيت شيئًا يعجبك، لكن إذا لم تفعل ربما يخسر غيرك حياتهم أو سعادتهم.
وقفة
[39] ﴿مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ﴾ معناها: الحضُّ على الاعتراف بأن جنته وما فيها تحت مشيئة الله، إن شاء أبقاها، وإن شاء أبادها، وهذا حال المؤمن مع كل نعمة من نعم الله عليه.
عمل
[39] هدي رباني لكل من رأى ما يعجبه في نفسه أو غيره أن يقول: ﴿مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ﴾.
وقفة
[39] ﴿مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ﴾ ما الفرق بين الحول والقوة؟ الجواب: (الحول) من التحوُّل، وهو الحركة والاستطاعة، (القوة) هي القدرة على الحركة والتحوُّل.
لمسة
[39] ﴿إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَ وَلَدًا﴾ فائدةُ ذكرِ (أَنَا) في مثل ذلك: حصر الخبر في المبتدأ، كما في قوله تعالى: ﴿إنّي أَنَا ربُّكَ﴾ [طه: 12]، وقوله: ﴿إنِّي أنَا الله﴾ [القصص: 30].
وقفة
[39] من سبل معالجة الطغيان المادي في القصة: التذكير بمن هو دونه في النعمة ﴿إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَ وَلَدًا﴾.
وقفة
[39، 40] علمتني سورة الكهف ‏﴿إِنْ تَرَن أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ﴾‏ ‏الإرشاد إلى التسلي عن لذات الدنيا وشهواتها، بما عند الله من الخير.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَوْلا إِذْ:
  • الواو استئنافية. لولا: حرف توبيخ بمعنى «هلا».اذ: ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب.
  • ﴿ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ:
  • الجملة في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف «اذ».دخلت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطب والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. جنتك: مفعول به منصوب بالفتحة.والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قُلْتَ:
  • تعرب اعراب «دخلت» والجملة بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-بمعنى: هلا قلت عند دخولها والنظر الى ما رزقك الله منها.
  • ﴿ ما شاءَ اللهُ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: الامر ما شاء الله او هذا ما شاء الله. شاء: فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. وجملة شاءَ اللهُ» صلة الموصول لا محل لها. بمعنى: قلت هذا اعترافا بأنها وكل خير فيها انما حصل بمشيئة الله وفضله اي معترفا بعجزك. ويجوز ان تكون «ما» اداة شرط‍ جازم بمعنى: اي شيء شاء الله. وتكون في محل نصب مفعولا به مقدما. وجوابها محذوف بتقدير: اي شيء شاء الله كان.
  • ﴿ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ:
  • لا: نافية للجنس تعمل عمل «ان».قوة: اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب. الا: اداة حصر لا عمل لها. بالله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر «لا» المحذوف. بتقدير: لا قوة كائنة الا بالله.
  • ﴿ إِنْ تَرَنِ:
  • ان: حرف شرط‍ جازم. ترن: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه: حذف آخره-حرف العلة-.النون: نون الوقاية لا محل لها. والياء المحذوفة خطا واختصارا ضمير المتكلم في محل نصب مفعول به اول. والكسرة دالة على حذف الياء. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. وجواب الشرط‍ في الآية الكريمة التالية فَعَسى رَبِّي» الفاء رابطة لجواب الشرط‍.والجملة: جواب شرط‍ جملة فعلية فعلها ماض جامد غير متصرف مقترنة بالفاء في محل جزم.
  • ﴿ أَنَا أَقَلَّ:
  • انا: ضمير فصل لا محل له ويجوز ان يكون ضميرا منفصلا مبنيا على الالف في محل نصب توكيدا للياء ضمير المتكلم والوجه الاول اصوب.أقل: مفعول به ثان منصوب بالفتحة ولم ينون لانه ممنوع من الصرف على وزن-أفعل-صيغة تفضيل ولانه على وزن الفعل.
  • ﴿ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً:
  • جار ومجرور متعلق بأقل. مالا: تمييز منصوب بالفتحة.وولدا: معطوفة بالواو على «مالا» منصوبة مثلها. وتعرب اعرابها. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     وبعد الوعظ؛ نصحَ المؤمنُ صاحبَه الكافرَ، وأرشدَه إلى ما كان يجب عليه أن يقوله عند دخوله جنته، قال تعالى:
﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أقل:
1- بالنصب، مفعولا ثانيا، ل «ترنى» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، خبر «أنا» مبتدأ، وهى قراءة عيسى بن عمر.

مدارسة الآية : [40] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا ..

التفسير :

[40]فعسى ربي أن يعطيني أفضل من حديقتك، ويَسْلُبَك النعمة بكفرك، ويرسل على حديقتك عذاباً من السماء، فتصبح أرضاً ملساء جرداء لا تثبتُ عليها قدم، ولا ينبت فيها نبات،

{ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا} أي:على جنتك التي طغيت بها وغرتك{ حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ} أي:عذابا، بمطر عظيم أو غيره،{ فَتُصْبِحَ} بسبب ذلك{ صَعِيدًا زَلَقًا} أي:قد اقتلعت أشجارها، وتلفت ثمارها، وغرق زرعها، وزال نفعها.

وبعد أن حضه على الشكر لله- تعالى- رد على افتخاره وغروره بقوله- كما حكى القرآن عنه-: إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً. فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ.

أى: إن ترن- أيها المغرور- أنا أقل منك في المال والولد فإنى أرجو الله الذي لا يعجزه شيء، أن يرزقني ما هو خير من جنتك في الدنيا والآخرة.

وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ أى: عذابا من جهة السماء كالصواعق والسموم وغيرها مما يشاء الله- تعالى- إرساله عليها من المهلكات التي تذرها قاعا صفصفا.

قال صاحب الكشاف: والحسبان مصدر كالغفران والبطلان بمعنى الحساب. أى: ويرسل عليها مقدارا قدره الله وحسبه، وهو الحكم بتخريبها.

«فتصبح» بعد اخضرارها ونضارتها «صعيدا» أى: أرضا «زلقا» أى: جرداء ملساء لا نبات فيها، ولا يثبت عليها قدم.

والمراد أنها تصير عديمة النفع من كل شيء حتى من المشي عليها. يقال: مكان زلق، أى: دحض، وهو في الأصل مصدر زلقت رجله تزلق زلفا، ومعناه: الزلل في المشي لوحل ونحوه.

وقوله : ( فعسى ربي أن يؤتيني خيرا من جنتك ) أي : في الدار الآخرة ( ويرسل عليها ) أي : على جنتك في الدنيا التي ظننت أنها لا تبيد ولا تفنى ( حسبانا من السماء ) قال ابن عباس ، والضحاك ، وقتادة ، ومالك عن الزهري : أي عذابا من السماء .

والظاهر أنه مطر عظيم مزعج ، يقلع زرعها وأشجارها ؛ ولهذا قال : ( فتصبح صعيدا زلقا ) أي : بلقعا ترابا أملس ، لا يثبت فيه قدم .

وقال ابن عباس : كالجرز الذي لا ينبت شيئا .

القول في تأويل قوله تعالى : فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل المؤمن الموقن للمعاد إلى الله للكافر المرتاب في قيام الساعة: إن ترن أيها الرجل أنا أقلّ منك مالا وولدا في الدنيا، فعسى ربي أن يرزقني خيرا من بستانك هذا(وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا) يعني على جنة الكافر التي قال لها: ما أظن أن تبيد هذه أبدا(حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ) يقول: عذابا من السماء ترمي به رميا، وتقذف. والحسبان: جمع حُسْبانة، وهي المرامي.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ) عذابا.

حُدثت عن محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك، قال: عذابا.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد ، في قوله: (وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ) قال: عذابا، قال: الحُسبان: قضاء من الله يقضيه.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: الحُسبان: العذاب.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ) قال: عذابا.

وقوله: (فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا) يقول عز ذكره: فتصبح جنتك هذه أيها الرجل أرضا ملساء لا شيء فيها، قد ذهب كل ما فيها من غَرْس ونبت، وعادت خرابا بلاقع، زَلَقا، لا يثبت في أرضها قدم لاملساسها، ودروس ما كان نابتا فيها.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: (فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا) : أي قد حصد ما فيها فلم يترك فيها شيء.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: (فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا) قال: مثل الجُرُز.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال ابن زيد، في قوله: (فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا) قال: صعيدا زلقا وصعيدا جُرُزا واحد ليس فيها شيء من النبات.

التدبر :

وقفة
[40] ﴿فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ﴾ من فوائد قصة الرجل صاحب الجنيتن في سورة الكهف: الكافر بكبريائه يجحد ويتألي, والمؤمن بتواضعه يرضي ويؤمل, وهذا يؤكد على أن الكبر يقود للكفر, والتواضع يقود للإيمان.
وقفة
[40] ﴿فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ﴾ آتاه الله خيرًا من جنة صاحبه، بل ومن جنان الدنيا: دوّن ذِكره داعيًا إلى التوحيد في أعظم كتاب.
وقفة
[40] ﴿فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ﴾ كل متع الدنيا تبدو سخيفة حين تسلي نفسك بما أعده الله لمن أطاعه واتقاه.
وقفة
[40] علمتنى الكهف ﴿فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ﴾ تعلقك بعطاءات الله يجعلك ترى ما في أيدى الناس صغيرًا.
عمل
[40] إذا رأيت ما أعطي أهل الدنيا فقل: ﴿فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ﴾، وعطاء الله واسع من خيري الدنيا والآخرة.
وقفة
[40] من سبل معالجة الطغيان في القصة: إظهار أن النعمة والعطاء الحقيقي في الآخرة ﴿فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ﴾، أي في الآخرة.
وقفة
[40] ﴿فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ أخبره أن نعمة الله عليه بالإيمان والإسلام -ولو مع قلة ماله وولده- أنها هي النعمة الحقيقية، وأن ما عداها مُعَرَّضٌ للزوال، والعقوبة عليه والنكال.
وقفة
[40] ﴿فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ وقد آتاه الله خيرًا من جنان الدنيا، فخلد ذكره في أعظم كتاب.
وقفة
[40] ﴿فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ فقير لا مال له ولا نفر، لا جنة عنده ولا ثمر لكنه معتز بما هو أبقى وأعلى معتز بعقيدتهوإيمانه!
وقفة
[40] ﴿فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ الله قادر في لحظة واحدة على أن يقلب حالك، فتصبح جنتك أرضًا (زَلَقًا) أي جرداء ملساء لا تُخِرج نبات، ولا تثبت عليها قدم، أي تصير عديمة النفع من كل شيء حتى من المشي عليها.
وقفة
[40] ﴿فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ فيه دليل على جواز الدعاء بتلف مالِ من كان مالُه سببَ طغيانه وكفره وخسرانه، خصوصًا إن فضَّل نفسه على المؤمنين، وفخَر عليهم.
وقفة
[40] ﴿وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ﴾ (حُسْبَانًا) أي بقدرها، لا تتجاوزها إلى غيرها، فهي مفصلة تفصيلًا خاصًا بها.
وقفة
[40] ﴿وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ (صَعِيدًا زَلَقًا) أي تصبح غير صالحة لأي شيء، حتى للمشي عليها.
وقفة
[40] كل ما في القرآن العظيم من (حسبان), فهو: الحساب إلا: ﴿حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ﴾، فمعناه: العذاب المحسوب المقدر.

الإعراب :

  • ﴿ فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ:
  • اعربت جميع الأوجه في الآية الكريمة الثانية بعد المائة من سورة التوبة. وحذفت الياء من «يؤتين» خطا واختصارا وبقيت الكسرة دالة عليها وهي ضمير متصل في محل نصب مفعول به اول.
  • ﴿ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ:
  • مفعول به ثان ليؤتي «أي أن يمنحني خيرا» منصوب بالفتحة. من جنتك: جار ومجرور متعلق بخيرا والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَيُرْسِلَ عَلَيْها:
  • الواو عاطفة. يرسل: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. عليها: جار ومجرور متعلق بيرسل.
  • ﴿ حُسْباناً مِنَ السَّماءِ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. من السماء: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «حسبانا» اي صواعق جمع حسبانة.
  • ﴿ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً:
  • الفاء سببية. تصبح: فعل مضارع ناقص من اخوات كان منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه الفتحة. ويجوز ان تكون الفاء عاطفة. واسم «تصبح» ضمير مستتر جوازا تقديره هي:صعيدا: خبرها منصوب بالفتحة. زلقا: صفة-نعت- وصفت بالمصدر لصعيدا منصوبة مثلها بالفتحة بمعنى: فتصبح ارضا ملساء لا شيء عليها. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     وبعد النصحية؛ بَيَّنَ الرجلُ المؤمنُ هنا أنه يرجو اللهَ أن يحوِّل ما به وما بصاحبه من الفقر والغنى، قال تعالى:
﴿ فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [41] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن ..

التفسير :

[41]أو يصير ماؤها الذي تُسقى منه غائراً في الأرض، فلا تقدر على إخراجه.

{ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا} الذي مادتها منه{ غَوْرًا} أي:غائرا في الأرض{ فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا} أي:غائرا لا يستطاع الوصول إليه بالمعاول ولا بغيرها، وإنما دعا على جنته المؤمن، غضبا لربه، لكونها غرته وأطغته، واطمأن إليها، لعله ينيب، ويراجع رشده، ويبصر في أمره.

أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً أى: غائرا ذاهبا في الأرض. فالغور مصدر وصف به على سبيل المبالغة وهو بمعنى الفاعل. يقال: غار الماء يغور غورا: أى: سفل في الأرض وذهب فيها.

ومنه قوله- تعالى-: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً، فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ.

فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً أى: فلن تستطيع أن تحصل عليه أو تطلبه بأية حيلة من الحيل، لأنه لا يقدر على الإتيان بهذا الماء الغائر إلا الله- عز وجل-.

وإلى هنا نجد أن الرجل المؤمن قد رد على صاحبه الكافر، بما يذكره بمنشئه، وبما يوجهه إلى الأدب الذي يجب أن يتحلى به مع خالقه ورازقه، وبما يحذره من سوء عاقبة بطره.

وهكذا الإيمان الحق، يجعل المؤمن يعتز بعقيدته، ويتجه إلى الله وحده الذي تعنو له الجباه، ويرجو منه وحده ما هو خير من بساتين الدنيا وزينتها.

ثم يختتم- سبحانه- هذه القصة ببيان العاقبة السيئة التي حلت بذلك الرجل الجاحد المغرور صاحب الجنتين فيقول.

وقوله : ( أو يصبح ماؤها غورا ) أي : غائرا في الأرض ، وهو ضد النابع الذي يطلب وجه الأرض ، فالغائر يطلب أسفلها كما قال تعالى : ( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين ) [ الملك : 30 ] أي : جار وسائج . وقال هاهنا : ( أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا ) والغور : مصدر بمعنى غائر ، وهو أبلغ منه ، كما قال الشاعر

تظل جياده نوحا عليه تقلده أعنتها صفوفا

بمعنى نائحات عليه .

القول في تأويل قوله : ( أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا ) يقول: أو يصبح ماؤها غائرا ، فوضع الغور وهو مصدر مكان الغائر، كما قال الشاعر:

تَظَـــلُّ جِيَــادُهُ نَوْحــا عَلَيْــهِ

مُقَلَّــــدَةً أعِنَّتَهـــا صُفُونـــا (2)

بمعنى نائحة ، وكما قال الآخر:

هَــرِيقي مِــنْ دُمُوعِهِمـا سَـجَاما

ضُبــاعَ وجَــاوِبي نَوْحــا قِيامَـا (3)

والعرب توحد الغَور مع الجمع والاثنين، وتذكر مع المذكر والمؤنث، تقول: ماء غور، وماءان غَوْر ومياه غَور.

ويعني بقوله: (غَوْرًا) ذاهبا قد غار في الأرض، فذهب فلا تلحقه الرِّشاء.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا ) أي ذاهبا قد غار في الأرض.

وقوله: ( فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ) يقول: فلن تطيق أن تدرك الماء الذي كان في جنتك بعد غَوْره، بطلبك إياه.

التدبر :

وقفة
[41] ﴿أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا﴾ لو غار الماء في باطن الأرض، وأراد الله حرمانك منه، فلن تستطيع الوصول إليه، ولو طلبته بكل الآيات والمعدات، وإن كان الجسد يستطيع تحمل الحرمان من الطعام حتى ستة أسابيع، فإنه لا يستطيع تحمل الحرمان من الماء إلا من ثلاثة إلى خمسة أيام على الأكثر قبل أن يموت.

الإعراب :

  • ﴿ أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً:
  • معطوفة بأو على ما قبلها وتعرب اعرابها.ماء: اسم «يصبح» مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل في محل جر بالاضافة. غورا: خبر «يصبح» منصوب بالفتحة بمعنى: غائرا وهو مصدر بتقدير «ذا غور».
  • ﴿ فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً:
  • الفاء استئنافية للتعليل. لن: حرف نصب ونفي واستقبال. تستطيع: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه:الفتحة. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. له: جار ومجرور متعلق بتستطيع. طلبا: مفعول به منصوب بالفتحة. بمعنى: فلا تستطيع ان تطلبه. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     وبعد أن هَدَّدَ المؤمنُ صاحبَه الكافرَ بأن يرسلَ اللهُ على حديقته عذابًا من السماء؛ هدده هنا بأن يصير ماؤها الذي تُسقى منه غائرًا في الأرض، فلا يقدر على إخراجه، قال تعالى:
﴿ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

غورا:
قرئ:
1- بفتح الغين، وهى قراءة الجمهور.
2- بضم الغين، وهى قراءة البرجمي.
3- «غؤورا» ، بضم الغين وهمز الواو، وبواو بعد الهمزة، وهى قراءة فرقة.

مدارسة الآية : [42] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ..

التفسير :

[42] وتحَقَّقَ ما قاله المؤمن، ووقع الدمار بالحديقة، فهلك كل ما فيها، فصار الكافر يُقَلِّب كفيه حسرةً وندامة على ما أنفق فيها، وهي متهدِّمة قد سقط بعضها على بعض، خالية مما كان فيها، ويقول:يا ليتني عرفت نِعَمَ الله وقدرته فلم أشرك به أحداً. وهذا ندم منه ح

فاستجاب الله دعاءه{ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} أي:أصابه عذاب، أحاط به، واستهلكه، فلم يبق منه شيء، والإحاطة بالثمر يستلزم تلف جميع أشجاره، وثماره، وزرعه، فندم كل الندامة، واشتد لذلك أسفه،{ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا} أي على كثرة نفقاته الدنيوية عليها، حيث اضمحلت وتلاشت، فلم يبق لها عوض، وندم أيضا على شركه، وشره، ولهذا قال:{ وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا}

أى: وكانت نتيجة جحود صاحب الجنتين لنعم ربه، أن أهلكت أمواله وأبيدت كلها.

فصار يقلب كفيه ظهرا لبطن أسفا وندما، على ما أنفق في عمارتها وتزيينها من أموال كثيرة ضاعت هباء، ومن جهد كبير ذهب سدى.

وقوله- سبحانه-: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ معطوف على مقدر محذوف لدلالة السباق والسياق عليه.

وأصل الإحاطة مأخوذة من إحاطة العدو بعدوه من جميع جوانبه لإهلاكه واستئصاله.

والمعنى: فحدث ما توقعه الرجل الصالح من إرسال الحسبان على بستان صاحبه الجاحد المغرور «وأحيط بثمره» بأن هلكت أمواله وثماره كلها.

وجاء الفعل «أحيط» مبنيا للمجهول، للإشعار بأن فاعله متيقن وهو العذاب الذي أرسله الله- تعالى- أى: وأحاط العذاب بجنته.

وقوله: فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها تصوير بديع لما اعتراه من غم وهم وحسرة وندامة. وتقليب اليدين عبارة عن ضرب إحداهما على الأخرى، أو أن يبدي ظهرهما ثم بطنهما ويفعل ذلك مرارا، وأيّا ما كان ففعله هذا كناية عن الحسرة الشديدة، والندم العظيم.

«وهي» أى الجنة التي أنفق فيها ما أنفق خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها أى: ساقطة ومتهدمة على دعائمها وعلى سقوفها.

وأصل الخواء السقوط والتهدم. يقال: خوى البيت إذا سقط. كما يطلق على الخلاء من الشيء. يقال: خوى بطن فلان من الطعام أى: خلا منه، وخوت الدار إذا خلت من سكانها.

والعروش جمع عرش، وهو سقف البيت.

والمقصود أن الجنة بجميع ما اشتملت عليه، صارت حطاما وهشيما تذروه الرياح.

وجملة: «ويقول يا ليتني لم أشرك يربى أحدا» معطوفة على جملة «يقلب كفيه..» .

أى: صار يقلب كفيه حسرة وندامة لهلاك جنته، ويقول زيادة في الحسرة والندامة:

يا ليتني اتبعت نصيحة صاحبي فلم أشرك مع ربي- سبحانه- أحدا في العبادة أو الطاعة.

وهكذا حال أكثر الناس، يذكرون الله- تعالى- عند الشدائد والمحن، وينسونه عند السراء والعافية.

والمتدبر لهذه الآية الكريمة يراها قد صورت فجيعة الرجل الجاحد في جنته تصويرا واقعيا بديعا.

فقد جرت عادة الإنسان أنه إذا نزل به ما يدهشه ويؤلمه. أن يعجز عن النطق في أول وهلة. فإذا ما أفاق من دهشته بدأ في النطق والكلام.

وهذا ما حدث من ذلك الرجل- كما صوره القرآن الكريم- فإنه عند ما رأى جنته وقد تحطمت أخذ يقلب كفيه حسرة وندامة دون أن ينطق، ثم بعد أن أفاق من صدمته جعل يقول:

يا ليتني لم أشرك بربي أحدا.

يقول تعالى : ( وأحيط بثمره ) بأمواله ، أو بثماره على القول الآخر . والمقصود أنه وقع بهذا الكافر ما كان يحذر ، مما خوفه به المؤمن من إرسال الحسبان على جنته ، التي اغتر بها وألهته عن الله ، عز وجل ( فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها ) وقال قتادة : يصفق كفيه متأسفا متلهفا على الأموال التي أذهبها عليه ( ويقول ياليتني لم أشرك بربي أحدا)

القول في تأويل قوله تعالى : وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)

يقول تعالى ذكره: وأحاط الهلاك والجوائح بثمره، وهي صنوف ثمار جنته التي كان يقول لها: مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا فأصبح هذا الكافر صاحب هاتين الجنتين، يقلب كفيه ظهرا لبطن، تلهفا وأسفا على ذهاب نفقته التي أنفق في جنته ( وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ) يقول: وهي خالية على نباتها وبيوتها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ) : أي يصفق ( كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا ) متلهفا على ما فاته ، (وَ) هو ( يَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ) ويقول: يا ليتني ، يقول: يتمنى هذا الكافر بعد ما أصيب بجنته أنه لم يكن كان أشرك بربه أحدا، يعني بذلك: هذا الكافر إذا هلك وزالت عنه دنياه وانفرد بعمله، ودّ أنه لم يكن كفر بالله ولا أشرك به شيئا.

التدبر :

لمسة
[42] ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾ ولم يقل: (بزرعه)؛ لأن الإحاطة بالثمر القريب قطفه أشد على النفس من الزرع الذي هو في أوله.
وقفة
[42] علمتني سورة الكهف: ‏﴿أَنا أَكثَرُ مِنكَ مالًا﴾ [34]، ‏﴿وَأُحيطَ بِثَمَرِهِ﴾ ‏النعمة التي تتفاخر بها على أصحابك‏ دائمًا تعرضها للضياع والزوال.
عمل
[42] ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ﴾ اعمل لنفسك قبل أن يحاط بمالك، أو يحاط بصحتك، أو يحيط بك ورثتك.
تفاعل
[42] ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.
وقفة
[42] ﴿وَأُحيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيهِ عَلى ما أَنفَقَ فيها﴾ لغة الجسد تظهر ما هو مختبئ فى داخل النفس..
وقفة
[42] ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا﴾ وأحاط به هذا العقاب لا لمجرد الكفر؛ لأن الله قد يمتع كافرين كثيرين طول حياتهم، ويملي لهم، ويسْتدرجهم، وإنما أحاط به هذا العقاب جزاء على طغيانه، وجعله ثروته وماله وسيلة إلى احتقار المؤمن الفقير.
عمل
[42] استغفر الله من نعمة نسبتها إلى نفسك، ونسيت فيها فضل الله عليك؛ فإن عقوبة الله قريبة من الغافل عن شكره، ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِۦ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَٰلَيْتَنِى لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّى أَحَدًا﴾.
وقفة
[42] ﴿يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا﴾ مشهد الآلام: الأكف الحائرة والبستان الذاوي.
وقفة
[42] ﴿وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا﴾ ولا يستبعد من رحمة الله ولطفه أن صاحب هذه الجنة التي أحيط بها تحسنت حاله، ورزقه الله الإنابة إليه، وراجع رشده، وذهب تمرده وطغيانه؛ بدليل أنه أظهر الندم على شركه بربه، وأن الله أذهب عنه ما يطغيه، وعاقبه في الدنيا، وإذا أراد الله بعبد خيراً عجل له العقوبة في الدنيا.
وقفة
[42] هناك من يقبل الحوار ظاهرًا، لكنه يمارس عقلية العناد والاستكبار واقعًا، فلا ينفع معه في نهاية المطاف إلا إخضاعه لمنطق الحق والقوة، كما في قصة مالك الجنتين، إذ حاوره حوارًا إيمانيًّا منطقيًّا، فكابر وعاند، فوجه له سهام (الدعاء) التي أحاطت بثمره، فعض أصابع الحسرة والندم ﴿وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا﴾.
عمل
[40-42] قال الرجل الصالح: ﴿وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾، فقال الله: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾، فاحذر من كلمات الصالحين، فإنهم يرون بنور الله!
وقفة
[40- 42] ﴿وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾، الدعوة على الكافر في زوال السبب المانع لكفره واستكباره مستجابة.

الإعراب :

  • ﴿ وَأُحِيطَ‍ بِثَمَرِهِ:
  • الواو استئنافية. احيط‍: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي ماله.بثمره: جار ومجرور متعلق بأحيط‍ ويجوز ان يكون في محل رفع نائب فاعل للفعل «احيط‍» والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالاضافة بمعنى: واهلكت امواله.
  • ﴿ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ:
  • الفاء عاطفة. اصبح: فعل ماض ناقص من اخوات «كان» مبني على الفتح. واسمه: ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.يقلب: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يقلب» في محل نصب خبر «اصبح» بمعنى: فأصبح مقلبا كفيه تحسرا.
  • ﴿ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها:
  • كفيه: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لانه مثنى وحذفت النون للاضافة. والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. على: حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بيقلب. انفق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. فيها: جار ومجرور متعلق بأنفق اي في عمارتها. وجملة أَنْفَقَ فِيها» صلة الموصول لا محل لها.والعائد ضمير منصوب محلا لانه مفعول به اي انفقه وتقليب الكفين: كناية عن الندم والتحسر لان النادم يقلب كفيه ظهرا لبطن.
  • ﴿ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها:
  • الواو حالية. والجملة بعدها في محل نصب حال. ويجوز ان تكون الواو اعتراضية. والجملة بعدها: اعتراضية لا محل لها. هي: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. خاوية اي ساقطة: خبر «هي» مرفوع بالضمة. على عروش: جار ومجرور متعلق بخاوية. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة اي على سقوفها. والعروش: جمع «عرش» ومن معانيه: السقف.
  • ﴿ وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي:
  • الواو عاطفة. يقول: تعرب اعراب «يقلب».يا:حرف تنبيه او حرف نداء والمنادى محذوف وقد حذف اكتفاء بحرف النداء كما يحذف حرف النداء اكتفاء بالمنادى. ليت: حرف تمن ونصب مشبه بالفعل من اخوات «ان».النون للوقاية والياء: ضمير متصل في محل نصب اسم «ليت».وتقدير المنادى المحذوف هو: يا هؤلاء. مثلا.
  • ﴿ لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً:
  • الجملة في محل رفع خبر «ليت».لم: حرف نفي وجزم وقلب. اشرك: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره.والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره. انا. بربي: جار ومجرور متعلق بأشرك والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. احدا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. '

المتشابهات :

البقرة: 259﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَـٰذِهِ اللَّـهُ بَعْدَ مَوْتِهَا
الكهف: 42﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا
الحج: 45﴿فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     وبعد ما رجاه الرجلُ المؤمنُ؛ أخبرَ اللهُ عز و جل هنا أنه حقق ما رجاه وتوقعه، ووقعَ الدَّمارُ بالحديقةِ، وأصبح الكافرُ يُقَلِّبُ كفَّيهِ حسرةً وندامةً، قال تعالى:
﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ ..

التفسير :

[43] ولم تكن له جماعة ممن افتخر بهم يمنعونه مِن عقاب الله النازل به، وما كان ممتنعاً بنفسه وقوته.

{ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا} أي:لما نزل العذاب بجنته، ذهب عنه ما كان يفتخر به من قوله لصاحبه:{ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} فلم يدفعوا عنه من العذاب شيئا، أشد ما كان إليهم حاجة، وما كان بنفس منتصرا، وكيف ينتصر، أي:يكون له أنصارا على قضاء الله وقدره الذي إذا أمضاه وقدره، لو اجتمع أهل السماء والأرض على إزالة شيء منه، لم يقدروا؟"

ولا يستبعد من رحمة الله ولطفه، أن صاحب هذه الجنة، التي أحيط بها، تحسنت حاله، ورزقه الله الإنابة إليه، وراجع رشده، وذهب تمرده وطغيانه، بدليل أنه أظهر الندم على شركه بربه، وأن الله أذهب عنه ما يطغيه، وعاقبه في الدنيا، وإذا أراد الله بعبد خيرا عجل له العقوبة في الدنيا. وفضل الله لا تحيط به الأوهام والعقول، ولا ينكره إلا ظالم جهول.

فيا له من تصوير بديع. يدل على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى-.

ثم ختم- سبحانه- هذه القصة ببيان عظيم قدرته ونفاذ إرادته فقال.

وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً. هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ، هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً.

أى: ولم تكن لهذا الجاحد المغرور بعد أن خوت جنته على عروشها، عشيرة أو أعوان ينصرونه، أو يدفعون عنه ما حل به، وإنما القادر على ذلك هو الله- تعالى- وحده،

وما كان هذا الرجل الذي جحد نعم ربه منتصرا لأنه- سبحانه- قد حجب عنه كل وسيلة تؤدى إلى نصره وعونه، بسبب إيثاره الغي على الرشد، والكفر على الإيمان.

فالآية الكريمة تبين بجلاء ووضوح، عجز كل قوة عن نصرة ذلك الرجل المخذول سوى قوة الله- عز وجل-، وعجز ذلك الرجل في نفسه عن رد انتقام الله- تعالى- منه.

أي : عشيرة أو ولد ، كما افتخر بهم واستعز ( ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك الولاية لله الحق ) اختلف القراء هاهنا ، فمنهم من يقف على قوله : ( وما كان منتصرا)

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43)

يقول تعالى ذكره: ولم يكن لصاحب هاتين الجنتين فئة، وهم الجماعة ، كما قال عَجَّاح:

كَمَا يَحُوزُ الفِئَةُ الكَمِيّ (4)

وبنحو ما قلنا في ذلك، قال أهل التأويل، وإن خالف بعضهم في العبارة عنه عبارتنا، فإن معناهم نظير معنانا فيه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى " ح " ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله عز وجل: (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ) قال: عشيرته.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ) : أي جند ينصرونه ، وقوله: (يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ) يقول: يمنعونه من عقاب الله وعذاب الله إذا عاقبه وعذّبه.

وقوله (وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا) يقول: ولم يكن ممتنعا من عذاب الله إذا عذّبه.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا) : أي ممتنعا.

التدبر :

وقفة
[43] ﴿وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا﴾ من خذله الله تعالى فإنه لا يُنصر أبدًا.
اسقاط
[43] ‏﴿أَنا أَكثَرُ مِنكَ مالًا وأعز نفرا﴾ [34]، ﴿وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ﴾ من استعز بغير الله خذله الله.
وقفة
[43] لم يشفع لصاحب الجنتين جاهه ولا كثرة أمواله ولا وفرة ثماره، حيث أن ميزان التفاضل عند الله مختلف. وهنا درس لإصلاح الباطن والاهتمام بتهذيب النفس والعمل على تقوية الصلة بالله عزوجل.
وقفة
[43، 44] مهما بلغ الإنسان من قوة وسند وجند في الدنيا فلن تنفعه عند الله ﴿وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا*هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّـهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ:
  • الواو استئنافية. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تكن:فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الواو لالتقاء الساكنين. له: جار ومجرور متعلق بخبر «تكن».فئة: اسم «تكن» مرفوع بالضمة. و «فئة» هنا بمعنى-اقوام-ولهذا جاءت الجملة مذكرة للجمع.
  • ﴿ يَنْصُرُونَهُ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع صفة-نعت-لفئة. ويجوز ان تكون في محل نصب خبرا «لتكن» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ مِنْ دُونِ اللهِ وَما:
  • جار ومجرور متعلق بينصرون. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة. الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها.
  • ﴿ كانَ مُنْتَصِراً:
  • كان فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. منتصرا: خبره منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

الكهف: 43﴿ وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا
القصص: 81﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     ولَمَّا وقعَ الدَّمارُ بالحديقةِ؛ لم يجد عشيرة تمنع عنه عذابَ اللهِ ممن افتخر بهم، قال تعالى:
﴿ وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تكن:
قرئ:
1- بالياء، لأن تأنيث «الفئة» مجاز، وهى قراءة الأخوين، ومجاهد، وابن وثاب، والأعمش، وطلحة، وأيوب، وخلف، وأبى عبيد، وابن سعدان، وابن عيسى الأصبهانى، وابن جرير.
2- بالتاء، وهى قراءة باقى السبعة، والحسن، وأبى جعفر، وشيبة.

مدارسة الآية : [44] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ ..

التفسير :

[44] في مثل هذه الشدائد تكون الولاية والنصرة لله الحق، هو خير جزاءً، وخير عاقبة لمن تولَّاهم من عباده المؤمنين.

{ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} أي:في تلك الحال التي أجرى الله فيها العقوبة على من طغى، وآثر الحياة الدنيا، والكرامة لمن آمن، وعمل صالحا، وشكر الله، ودعا غيره لذلك، تبين وتوضح أن الولاية لله الحق، فمن كان مؤمنا به تقيا، كان له وليا، فأكرمه بأنواع الكرامات، ودفع عنه الشرور والمثلات، ومن لم يؤمن بربه ويتولاه، خسر دينه ودنياه، فثوابه الدنيوي والأخروي، خيرثواب يرجى ويؤمل، ففي هذه القصة العظيمة، اعتبار بحال الذي أنعم الله عليه نعما دنيوية، فألهته عن آخرته وأطغته، وعصى الله فيها، أن مآلها الانقطاع والاضمحلال، وأنه وإن تمتع بها قليلا، فإنه يحرمها طويلا، وأن العبد ينبغي له -إذا أعجبه شيء من ماله أو ولده- أن يضيف النعمة إلى موليها ومسديها، وأن يقول:{ ما شاء الله، لا قوة إلا بالله} ليكون شاكرا لله متسببا لبقاء نعمته عليه، لقوله:{ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} وفيها:الإرشاد إلى التسلي عن لذات الدنيا وشهواتها، بما عند الله من الخير لقوله:{ إِنْ تَرَن أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ} وفيها أن المال والولد لا ينفعان، إن لم يعينا على طاعة الله كما قال تعالى:{ وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا} وفيه الدعاء بتلف مال ما كان ماله سبب طغيانه وكفره وخسرانه، خصوصا إن فضل نفسه بسببه على المؤمنين، وفخر عليهم، وفيها أن ولاية الله وعدمها إنما تتضح نتيجتها إذا انجلى الغبار وحق الجزاء، ووجد العاملون أجرهم فـ{ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} أي:عاقبة ومآلا.

وقوله- سبحانه-: هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ.. تقرير وتأكيد للآية السابقة. ولفظ هنالك ظرف مكان.

وكلمة «الولاية» قرأها الجمهور بفتح الواو، بمعنى الموالاة والصلة والنصرة كما قرأ الجمهور كلمة «الحق» بالجر على أنها نعت للفظ الجلالة.

فيكون المعنى: في ذلك المقام وتلك الحال تكون الولاية- أى الموالاة والصلة- من كل الناس، لله- تعالى- وحده إذ الكافر عند ما يرى العذاب يعترف بوحدانية الله- تعالى- كما قال- سبحانه- فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا .

ويجوز أن يكون المعنى: في ذلك المقام وتلك الحال تكون الولاية أى الموالاة لله- تعالى- وحده، فيوالي المؤمنين برحمته ومغفرته وينصرهم على أعدائهم، كما قال- سبحانه- ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا، وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ .

وقرأ حمزة والكسائي: الْوَلايَةُ بكسر الواو، بمعنى الملك والسلطان كما قرأ أبو عمرو والكسائي لفظ الْحَقِّ بالرفع على أنه نعت للولاية.

فيكون المعنى: في ذلك المقام تكون الولاية الحق، والسلطان الحق، لله رب العالمين، كما قال- سبحانه-: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ، وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً .

قال بعض العلماء: وقوله «هنالك» يرى بعضهم أنه متعلق بما بعده، والوقف تام على قوله وَما كانَ مُنْتَصِراً.

ويرى آخرون أنه متعلق بما قبله.

فعلى القول الأول يكون الظرف «هنالك» عامله ما بعده أى: الولاية كائنة لله هنالك.

وعلى القول الثاني فالعامل في الظرف اسم الفاعل الذي هو «منتصرا» . أى: لم يكن انتصاره واقعا هنالك .

وقوله- سبحانه-: هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً أى: هو- عز وجل- خير إثابة وإعطاء لأوليائه، وخير عاقبة لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى.

وعاقبة الأمر: آخره وما يصير إليه منتهاه. و «ثوابا» و «عقبا» منصوبان على التمييز، بعد صيغة التفضيل «خير» التي حذفت منها الهمزة تخفيفا لكثرة الاستعمال كما قال ابن مالك- رحمه الله-:

وغالبا أغناهم خير وشر ... عن قولهم أخير منه وأشر

وبذلك نرى أن هذه القصة التي ضربها الله- تعالى- مثلا للأخيار والأشرار قد بينت لنا بأسلوب بليغ أخاذ، صور عاقبة الجاحدين المغرورين وحسن عاقبة الشاكرين المتواضعين، كما بينت لنا الآثار الطيبة التي تترتب على الإيمان والعمل الصالح، والآثار السيئة التي يفضى إليها الكفر وسوء العمل، كما بينت لنا أنّ المتفرد بالولاية والقدرة هو الله- عز وجل- فلا قوة إلا قوته، ولا نصر إلا نصره، ولا مستحق للعبادة أحد سواه، ولا ثواب أفضل من ثوابه ولا عاقبة لأوليائه خير من العاقبة التي يقدرها لهم، وصدق- سبحانه- حيث يقول:

هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ، هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً.

ثم تنتقل السورة الكريمة من ضرب المثل الجزئى الشخصي، إلى ضرب مثال آخر عام كلى، فبينت أن الحياة الدنيا في قصرها وذهاب زينتها.. كتلك الجنة التي أصبحت حطاما، بعد اخضرارها وكثرة ثمرها، كما بينت أن هناك زينة فانية، وأن هنالك أعمالا صالحة باقية قال- تعالى-:

أي : في ذلك الموطن الذي حل به عذاب الله ، فلا منقذ منه . ويبتدئ [ بقوله ] ( الولاية لله الحق ) ومنهم من يقف على : ( وما كان منتصرا ) ويبتدئ بقوله : ( هنالك الولاية لله الحق ) .

ثم اختلفوا في قراءة ( الولاية ) فمنهم من فتح الواو ، فيكون المعنى : هنالك الموالاة لله ، أي : هنالك كل أحد من مؤمن أو كافر يرجع إلى الله وإلى موالاته والخضوع له إذا وقع العذاب ، كقوله : ( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين ) [ غافر : 84 ] وكقوله إخبارا عن فرعون : ( حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ) [ يونس : 91 ، 90 ]

ومنهم من كسر الواو من ( الولاية ) أي : هنالك الحكم لله الحق .

ثم منهم من رفع ) الحق ) على أنه نعت للولاية ، كقوله تعالى : ( الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا ) [ الفرقان : 26 ]

ومنهم من خفض القاف ، على أنه نعت لله عز وجل ، كقوله : ( ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين ) [ الأنعام : 62 ] ؛ ولهذا قال تعالى : ( هو خير ثوابا ) أي : جزاء ( وخير عقبا ) أي : الأعمال التي تكون لله - عز وجل - ثوابها خير ، وعاقبتها حميدة رشيدة ، كلها خير .

القول في تأويل قوله : ( هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ) يقول عزّ ذكره: ثم وذلك حين حلّ عذاب الله بصاحب الجنتين في القيامة.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله الولاية، فقرأ بعض أهل المدينة والبصرة والكوفة ( هُنَالِكَ الْوَلايَةُ ) بفتح الواو من الولاية، يعنون بذلك هنالك المُوالاة لله، كقول الله: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا وكقوله: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا يذهبون بها إلى الوَلاية في الدين. وقرأ ذلك عامَّة قراء الكوفة ( هُنالِك الوِلايَةُ ) بكسر الواو: من الملك والسلطان، من قول القائل: وَلِيتُ عمل كذا، أو بلدة كذا أليه ولاية.

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب، قراءة من قرأ بكسر الواو، وذلك أن الله عقب ذلك خبره عن مُلكه وسلطانه، وأن من أحلّ به نقمته يوم القيامة فلا ناصر له يومئذ، فإتباع ذلك الخبر عن انفراده بالمملكة والسلطان أولى من الخبر عن الموالاة التي لم يجر لها ذكر ولا معنى، لقول من قال: لا يسمَّى سلطان الله ولاية، وإنما يسمى ذلك سلطان البشر، لأن الوِلاية معناها أنه يلي أمر خلقه منفردا به دون جميع خلقه، لا أنه يكون أميرا عليهم.

واختلفوا أيضا في قراءة قوله (الحَقِّ) فقرأ ذلك عامَّة قرّاء المدينة والعراق خفضا، على توجيهه إلى أنه من نعت الله، وإلى أن معنى الكلام: هنالك الولاية لله الحقّ ألوهيته، لا الباطل بطول (5) ألوهيته التي يدعونها المشركون بالله آلهة ، وقرأ ذلك بعض أهل البصرة وبعض متأخري الكوفيين ( للهِ الحَقُّ ) برفع الحقّ توجيها منهما إلى أنه من نعت الولاية، ومعناه: هنالك الولاية الحقّ، لا الباطل لله وحده لا شريك له.

وأولى القراءتين عندي في ذلك بالصواب، قراءة من قرأه خفضا على أنه من نعت الله، وأن معناه ما وصفت على قراءة من قرأه كذلك.

وقوله: ( هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا ) يقول عزّ ذكره: خير للمنيبين في العاجل والآجل ثوابا( وَخَيْرٌ عُقْبًا ) يقول: وخيرهم عاقبة في الآجل إذا صار إليه المطيع له، العامل بما أمره الله، والمنتهي عما نهاه الله عنه ، والعقب هو العاقبة، يقال: عاقبة أمر كذا وعُقْباه وعُقُبه، وذلك آخره وما يصير إليه منتهاه.

وقد اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة (عُقْبا ) بضم العين وتسكين القاف. (6) والقول في ذلك عندنا ، أنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

التدبر :

وقفة
[44] ﴿هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّـهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾ إن أردتَ وليًّا ونصيرًا لا يخذلك في آخر لحظة؛ فاجعله الله.
وقفة
[44] بعد مشهد خراب الجنة، هنا يتفرد الله بالولاية والقدرة: فلا قوة إلا قوته، ولا نصر إلا نصره ﴿هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّـهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾.
وقفة
[44] ﴿هُوَ﴾ الضمير المراد به: الله سبحانه, فكم من الفضائل تحت قوله: ﴿خَيْرٌ ثَوَابًا﴾! وكم من المعاني تحت قوله: ﴿وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾! والآية الكريمة تربي المؤمن على أنه لا شئ يفرح به المؤمن مثل ربه.
وقفة
[44] ﴿هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾ الأعمال التي تكون لله عز وجل ثوابها خير، وعاقبتها حميدة رشيدة.
وقفة
[44] ﴿هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا﴾ لأن غير الله يثيب على العمل بمثله، ولكن الله يثيب عليه بعشر أمثاله إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ﴿وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾ جل جلاله، لأن من تولاه الله فاز في الدنيا والآخرة.
وقفة
[44] إذا تولاك الله فلا تسأل عن العاقبة ﴿هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ هُنالِكَ:
  • اسم اشارة للمكان مبني على السكون في محل رفع متعلق بخبر مقدم.اللام للبعد والكاف حرف خطاب.
  • ﴿ الْوَلايَةُ:
  • مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. بمعنى: هنالك اي في الدار الآخرة النصرة لله او في ذلك المقام وتلك الحال النصرة لله وحده. والولاية بكسر اللام تعني «السلطان».
  • ﴿ لِلّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الولاية». الحق: صفة لله مجرورة بالكسرة. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. خير: خبر «هو» مرفوع بالضمة واصلها أخير وحذف الالف أفصح.
  • ﴿ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً:
  • ثوابا: اي مكافأة لاوليائه: تمييز منصوب بالفتحة.وخير عقبا: معطوفة بالواو على خَيْرٌ ثَااباً» وتعرب اعرابها بمعنى:واحسن عاقبة. وعلامة نصب الكلمة الفتحة المقدرة على الالف للتعذر قبل تنوينها لأنها اسم نكرة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     ولَمَّا نزلَ العذابُ بحديقةِ الكافرِ، ولم يجد من ينصره ويدفع عنه؛ تبَيَّنَ هنا أن النصرةَ والولايةَ لله وحده، فمن كان مؤمنًا؛ تولاه ودفع عنه الشر، ومن لم يؤمن به؛ خسر دينه ودنياه، قال تعالى:
﴿ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الولاية:
قرئ:
1- بكسر الواو، بمعنى: الرياسة والرعاية، وهى قراءة الأخوين، والأعمش، وابن وثاب، وشيبة، وابن غزوان عن طلحة، وخلف، وابن سعدان، وابن عيسى الأصبهانى، وابن جرير.
2- بفتحها، بمعنى: الموالاة والصلة، وهى قراءة باقى السبعة.
الحق:
وقرئ:
1- بالرفع، صفة ل «الولاية» ، وهى قراءة النحويين، وحميد، والأعمش، وابن أبى ليلى، وابن مناذر، واليزيدي، وابن عيسى الأصبهانى.
2- بالخفض، وصفا لله تعالى، وهى قراءة باقى السبعة.
3- بالنصب، على التأكيد، وهى قراءة أبى حيوة، وزيد بن على، وعمرو بن عبيد، وابن أبى عبلة، وأبى السمال، ويعقوب، عن عصمة عن أبى عمرو.
عقبا:
وقرئ:
1- بسكون القاف والتنوين، وهى قراءة الحسن، والأعمش، وعاصم، وحمزة.
2- بضم القاف والتنوين، وهى قراءة الجمهور.
3- بألف التأنيث المقصورة، ورويت عن عاصم.

مدارسة الآية : [45] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ..

التفسير :

[45] واضرب أيها الرسول للناس -وبخاصة ذوو الكِبْر منهم- صفة الدنيا التي اغترُّوا بها في بهجتها وسرعة زوالها، فهي كماء أنزله الله من السماء فخرج به النبات بإذنه، وصار مُخْضرّاً، وما هي إلا مدة يسيرة حتى صار هذا النبات يابساً متكسراً تنسفه الرياح إلى كل جهة.

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أصلا، ولمن قام بوراثته بعده تبعا:اضرب للناس مثل الحياة الدنيا ليتصوروها حق التصور، ويعرفوا ظاهرها وباطنها، فيقيسوا بينها وبين الدار الباقية، ويؤثروا أيهما أولى بالإيثار. وأن مثل هذه الحياة الدنيا، كمثل المطر، ينزل على الأرض، فيختلط نباتها، تنبت من كل زوج بهيج، فبينا زهرتها وزخرفها تسر الناظرين، وتفرح المتفرجين، وتأخذ بعيون الغافلين، إذ أصبحت هشيما تذروه الرياح، فذهب ذلك النبات الناضر، والزهر الزاهر، والمنظر البهي، فأصبحت الأرض غبراء ترابا، قد انحرف عنها النظر، وصدف عنها البصر، وأوحشت القلب، كذلك هذه الدنيا، بينما صاحبها قد أعجب بشبابه، وفاق فيها على أقرانه وأترابه، وحصل درهمها ودينارها، واقتطف من لذته أزهارها، وخاض في الشهوات في جميع أوقاته، وظن أنه لا يزال فيها سائر أيامه، إذ أصابه الموت أو التلف لماله، فذهب عنه سروره، وزالت لذته وحبوره، واستوحش قلبه من الآلام وفارق شبابه وقوته وماله، وانفرد بصالح، أو سيئ أعماله، هنالك يعض الظالم على يديه، حين يعلم حقيقة ما هو عليه، ويتمنى العود إلى الدنيا، لا ليستكمل الشهوات، بل ليستدرك ما فرط منه من الغفلات، بالتوبة والأعمال الصالحات، فالعاقل الجازم الموفق، يعرض على نفسه هذه الحالة، ويقول لنفسه:قدري أنك قد مت، ولا بد أن تموتي، فأي:الحالتين تختارين؟ الاغترار بزخرف هذه الدار، والتمتع بها كتمتع الأنعام السارحة، أم العمل، لدار أكلها دائم وظلها، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين؟ فبهذا يعرف توفيق العبد من خذلانه، وربحه من خسرانه

قال الإمام الرازي: اعلم أن المقصود: اضرب لهم مثلا آخر يدل على حقارة الدنيا، وقلة بقائها. والكلام متصل بما تقدم من قصة المشركين المتكبرين على فقراء المؤمنين..» .

والمعنى. واذكر لهم- أيها الرسول الكريم- ما يشبه هذه الحياة الدنيا في حسنها ونضارتها، ثم في سرعة زوال هذا الحسن والنضارة، لكي لا يركنوا إليها، ولا يجعلوها أكبر همهم، ومنتهى آمالهم.

وقوله: كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ.. بيان للمثل الذي شبه الله- تعالى- به الحياة الدنيا أى: مثلها في ازدهارها ثم في زوال هذا الازدهار، كهيئة أو كصفة ماء أنزلناه بقدرتنا من السماء، في الوقت الذي نريد إنزاله فيه.

فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ والاختلاط والخلط: امتزاج شيئين فأكثر بعضهما ببعض.

أى: كماء أنزلناه من السماء، فاختلط وامتزج بهذا الماء نبات الأرض، فارتوى منه، وصار قويا بهيجا يعجب الناظرين إليه.

وفي التعبير بقوله: فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ دون قوله: فاختلط بنبات الأرض إشارة إلى كثرة الماء النازل من السماء، وإلى أنه السبب الأساسى في ظهور هذا النبات، وفي بلوغه قوته ونضارته.

وقوله: فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ بيان لما صار إليه هذا النبات من يبوسته وتفتته، بعد اخضراره وشدته وحسنه.

قال القرطبي ما ملخصه: «هشيما» أى متكسرا متفتتا، يعنى بانقطاع الماء عنه، فحذف ذلك إيجازا لدلالة الكلام عليه، والهشم، كسر الشيء اليابس. والهشيم من النبات: اليابس المتكسر.. ورجل هشيم: ضعيف البدن.

و «تذروه الرياح» أى تفرقه وتنسفه.. يقال: ذرت الريح الشيء تذروه ذروا، إذا طارت به وأذهبته» .

أى: فأصبح النبات بعد اخضراره، يابسا متفتتا، تفرقه الرياح وتنسفه وتذهب به حيث شاءت وكيف شاءت.

فأنت ترى أن الآية الكريمة قد شبهت حال الدنيا في حسنها وجمال رونقها، ثم في سرعة زوالها وفنائها بعد ذلك، بحال النبات الذي نزل عليه الماء فاخضر واستوى على سوقه، ثم صار بعد ذلك يابسا متفتتا تذهب به الرياح حيث شاءت.

والتعبير بالفاء في قوله- سبحانه- فاختلط. فأصبح.. يزيد الأسلوب القرآنى جمالا وبلاغة، لأن فاء التعقيب هنا تدل على قصر المدة التي استمر فيها النبات نضرا جميلا، ثم صار هشيما تذروه الرياح.

وهكذا الحياة تبدو للمتشبثين بها، جميلة عزيزة، ولكنها سرعان ما تفارقهم ويفارقونها، حيث ينزل بهم الموت فيجعل آمالهم تحت التراب.

ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله، وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً أى: وكان الله- تعالى- وما زال- على كل شيء من الأشياء التي من جملتها الإنشاء والإفناء كامل القدرة، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

وقد ذكر- سبحانه- ما يشبه هذه الآية في سور كثيرة، ومن ذلك قوله- تعالى-:

إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ، حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ، وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها، أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ، كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ .

يقول تعالى : ( واضرب ) يا محمد للناس ( مثل الحياة الدنيا ) في زوالها وفنائها وانقضائها ( كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض ) أي : ما فيها من الحب ، فشب وحسن ، وعلاه الزهر والنور والنضرة ثم بعد هذا كله ( فأصبح هشيما ) يابسا ( تذروه الرياح ) أي : تفرقه وتطرحه ذات اليمين وذات الشمال ( وكان الله على كل شيء مقتدرا ) أي : هو قادر على هذه الحال ، وهذه الحال ، وكثيرا ما يضرب الله مثل الحياة الدنيا بهذا المثل كما في سورة " يونس " : ( إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت ) الآية [ يونس : 24 ] ، وقال في سورة " الزمر " : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب ) [ الزمر : 21 ] ، وقال في سورة " الحديد " : ( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) [ الحديد : 20 ] .

وفي الحديث الصحيح : " الدنيا حلوة خضرة "

القول في تأويل قوله تعالى : وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45)

يقول عزّ ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واضرب لحياة هؤلاء المستكبرين الذين قالوا لك: اطرد عنك هؤلاء الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ، إذا نحن جئناك الدنيا منهم مثلا يقول: شبها( كَمَاءٍ أَنـزلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ ) يقول: كمطر أنـزلناه من السماء ( فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ ) يقول: فاختلط بالماء نبات الأرض ( فَأَصْبَحَ هَشِيمًا ) يقول: فأصبح نبات الأرض يابسا متفتتا( تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ) يقول تطيره الرياح وتفرّقه ، يقال منه: ذَرَته الريح تَذْروه ذَرْوًا، وذَرتْه ذَرْيا، وأذرته تذْرِيهِ إذراء ، كما قال الشاعر:

فَقُلْــتُ لَــهُ صَـوّبْ ولا تُجْهِدَنَّـهُ

فَيُـذْرِكَ مِـنْ أُخْـرَى القَطـاةِ فَتزْلَقِ (7)

يقال: أذريت الرجل عن الدابة والبعير: إذا ألقيته عنه.

وقوله: (وكان الله على كل شيء مقتدرا) يقول: وكان الله على تخريب جنة هذا القائل حين دخل جنته: مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وإهلاك أموال ذي الأَمْوَالِ الباخلين بها عن حقوقها، وإزالة دنيا الكافرين به عنهم، وغير ذلك مما يشاء قادر، لا يعجزه شيء أراده، ولا يعْييه أمر أراده.

يقول: فلا يفخر ذو الأموال بكثرة أمواله، ولا يستكبر على غيره بها، ولا يغترنّ أهل الدنيا بدنياهم، فإنما مَثَلُها مثل هذا النبات الذي حَسُن استواؤه بالمطر، فلم يكن إلا رَيْثَ أن انقطع عنه الماء، فتناهى نهايته، عاد يابسا تذروه الرياح، فاسدا، تنبو عنه أعين الناظرين ، ولكن ليعمل للباقي الذي لا يفنى، والدائم الذي لا يبيد ولا يتغير.

--------------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

(1) البيت من شواهد النحويين ، على أن ثبوت ألف " أنا " في الوصل عند غير بني تميم لا يكون إلا في ضرورة الشعر . ( خزانة الأدب للبغدادي 2 : 390 ) ثم قال : قال ابن جني في شرح تصريف المازني : أما الألف في " أنا " في الوقف فزائدة ، ليست بأصل ؛ ألا ترى أنك تقول في الوصل : أن زيد ، كما قال تعالى : إِنِّي أَنَا رَبُّكَ تكتب بألف بعد النون ، وليست الألف في اللفظ ، وإنما كتبت على الوقف ، فصار سقوط الألف في الوصل ، كسقوط الهاء التي تلحق في الوقف لبيان الحركة في الوصل وبينت الحركة بالألف كما بينت بالهاء ، لأن الهاء مجاورة للألف . ا هـ . و " حميدا " بدل من الياء في اعرفوني ، يروى مصغرا ومكبرا . وفي الصحاح : " جميعا في موضع " حميدا " . وتذريت السنام : علوته . ونسب ياقوت هذا البيت في حاشية الصحاح إلى حميد بن بحدل ، شاعر . وهو حميد بن حريث بن بحدل ، من بني كلب بن وبرة ، ينتهي نسبه إلى قضاعة . وهو شاعر إسلامي ، كانت عمته ميسون بنت بحدل ، أم يزيد بن معاوية .

(2) البيت لعمرو بن كلثوم فارس تغلب وسيدها ، من معلقته المشهورة ، ورواية الشطر الأول منه في شرح التبريزي والزوزني وجمهرة أشعار العرب طبع القاهرة : " تركنا الخيل عاكفة عليه " . قال الزوزني : الصفون : جمع صافن . وقد صفن الفرس يصفن صفونا : إذا قام على ثلاث ، وثنى سنبكه الرابع . يقول : قتلناه ، وحبسنا خيلنا عليه ، وقد قلدناها أعنتها في حال صفونها عنده . والبيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( 1 : 403 ) قال : " أو يصبح ماؤها غورا " أي غائرا . وللعرب قد تصف الفاعل بمصدره ، وكذلك الاثنين والجمع ، على لفظ المصدر قال عمرو بن كلثوم " تظل جياده نوحا عليه " . . . البيت : أي نائحات .

(3) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( 1 : 404 ) قال بعد الشاهد السابق : وقال باك يبكي هشام بن المغيرة : " هريقي . . . البيت " قال خفقه لعله هشام بن عقبة بن عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي . ا هـ . والشاهد فيه كالشاهد في البيت الذي قبله ، يريد بقوله " نوحا " . نائحات ، وهذا في المصدر كثير . وضباع مرخم ضباعة : اسم امرأة .

(4) البيت للعجاج من أرجوزة له مطولة ( أراجيز العرب للسيد محمد توفيق البكري طبعة القاهرة سنة 1346 ص 184 ) وقبله :

* يحـــوذهن ولــه حــوذي *

* خـوف الخـلاص وهـو أجنبي *

* كمــا يحــوذ الفئـة الكـمي *

وقال في شرحه : ويحوذ : يسوق ويطرد . وله حوذي : أي له ما يطردهن به . والكمي : الشجاع . وأجنبي : أي مجانب لهن ، متخوف ، ولا يمكنهن من نفسه . ا هـ . و ( في اللسان : حوذ ) حاذ الإبل يحوذها : إذا حازها وجمعها ليسوقها . وحاذه يحوذه حوذا : غلبه ، وحاذ الحمار أتنه : إذا استولى عليها وجمعها ، وكذلك حازها ، والفئة : الفرقة والجماعة من الناس في الأصل ، والطائفة التي تقيم وراء الجيش ، فإن كل عليهم خوف أو هزيمة التجئوا إليهم .

(5) لعل كلمة " بطول " هذه مقحمة من قلم الناسخ ، وأن الأصل ، لا الباطل ألوهيته . . . ألخ .

(6) سقط من قلم الناسخ القراءة الثانية ، وهي : عقبا ، بضم العين والقاف .

(7) البيت لامرئ القيس بن حجر ( مختار الشعر الجاهلي طبعة مصطفى البابي الحلبي بشرح مصطفى السقا ص 125 ) قال في شرحه : فيدرك : يصرعك ويلقك ؛ يقال : أذريت الشيء عن الشيء : إذا والقطاة : مقعد الرديف. يقول : قلت للغلام : صواب الفرس نحو القصد ، وخذ عفوه ، ولا تحمله على سرعة العدو ، فيلقيك من آخر القطاة . ويروى : من أعلى القطاة .

التدبر :

وقفة
[45] ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ التشبيه يوصل المعنى، ويقرب الحقيقة، ويسهل الفهم، ويقنع العقل.
وقفة
[45] ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ﴾ شبه الله الدنيا بالماء؛ ﻷن الماء ﻻ يستقر في موضع،كذلك الدنيا ﻻ تبقى على حال واحدة.
وقفة
[45] ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ﴾ ما بين ثلاث جمل قصار ينتهي شريط الحياة.
وقفة
[45] ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا﴾ قالت الحكماء: إنما شبه تعالى الدنيا بالماء؛ لأن الماء لا يستقيم على حالة واحدة، كذلك الدنيا، ولأن الماء لا يبقى، ويذهب، كذلك الدنيا تفنى، ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل، كذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفتها، ولأن الماء إذا كان بقدر كان نافعًا منبتًا، وإذا جاوز المقدار كان ضارًّا مهلكًا، وكذلك الدنيا: الكفاف منها ينفع، وفضولها يضر.
وقفة
[45] ﴿فَأَصْبَحَ هَشِيمًا﴾ مشكلتنا: ضحينا بالنعيم المقيم من أجل هذا الهشيم، لقد قامت كل عقيدة بالصفوة المختارة, لا بالزبد الذي يذهب جفاء، ولا بالهشيم الذي تذروه الرياح.
عمل
[45] ﴿وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا﴾ لا تجعلْ لأمنيةٍ مِن أمنياتكَ أنْ تكونَ مستحيلةً.
وقفة
[45] ﴿وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا﴾ أ. (المقتدر): من أسماء الله، تكرر في القرآن أربعًا، فالله قادر على نصرة المستضعفين مع قلة عددهم، وقادر على إهلاك الظالمين مع كثرتهم. ب. (المقتدر) قادر على هداية الظالين مع قسوة قلوبهم، وعلى دلالة الحيارى مع شدة ظلمتهم، وقادر على شفاء المرضى مع تعذر حالتهم. جـ. (المقتدر): قادر على كل شيء، وقدير على كل أمر، وبكل شيء قدير ومهيمن ومالك وحاكم ومتصرف. د. (المقتدر): ما من قدرة في الأرض إلا وقدرة الله فوقها. هـ. (المقتدر): فرج للمرضى، وبشارة لأهل العقم، وطمأنينة للضعفة، ونصر للمغلوبين، ورازق للمعدومين، وغافر للمذنبين، وتهديد للظالمين، ووعيد للمتجبرين، وقادر على تبديل الحال، ولا يستحيل في ملكه شي، ولا يعجزه أمر. و. (المقتدر): رزق زكريا الشيخ الكبير وامرأته عاقر، وفلق لموسى البحر، وأنجى يونس من ظلمات ثلاث، وأعطى الْحُكْم ليحيى صبيًّا، فلا تيأس بعد هذا.
وقفة
[45] ﴿وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ مُقتَدِرًا﴾ ينام العبد على أمر قد يئس منه ويستيقظ على انفراجه؛ دع الخالق يجبر كسر قلبك. مَا لِي سِوَى قَرْعِي لِبَابِكَ حِيلَةٌ ... فَلَئِنْ رُدِدْتُ فَأَيَّ بَابٍ أَقْرَعُ
عمل
[45] ﴿وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا﴾ لا تستبعد أي شيء عن قدرة الله، فمقاليد الأمور بيده، يبدل الحال ويغير الأحوال، يعز الذليل، ويذل العزيز.
عمل
[45] ﴿وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا﴾ يا من أنهكته الأوجاع ادع المقتدر، يا من أبكته الآلام ادع المقتدر، فوجعك وألمك عليه هين مقدور.
وقفة
[45] ﴿وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا﴾ ينام العبد على أمر قد يئس منه ويستيقظ على انفراجه؛ دع الخالق يجبر كسر قلبك، وارمِ همومك وراء ظهرك.
عمل
[45] ﴿وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا﴾ ‏لا تستبعد أي شيء عن قدرة الله، فمقاليد الأمور بيده، يبدل الحال ويغير.
وقفة
[45] يا أصحاب الحاجات، يا أصحاب الهموم والكربات، أنيخوا مطاياكم بمن لا يعجزه شيء ﴿وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا﴾، قادر على (كل شيء) مهما كان.

الإعراب :

  • ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ:
  • الواو استئنافية. اضرب: فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. لهم: جار ومجرور متعلق باضرب. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام.
  • ﴿ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا:
  • مثل: مفعول به منصوب بالفتحة. الحياة: مضاف اليه مجرور بالكسرة. الدنيا: صفة-نعت-للحياة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الالف للتعذر. بمعنى: مثل الحياة الدنيا في سرعة زوالها.
  • ﴿ كَماءٍ:
  • كاف اسم مبني على الفتح بمعنى «مثل» يفيد التشبيه في محل نصب مفعول باضرب او بفعل محذوف تقديره: وجعلنا مثل الحياة مثل ماء وهو مضاف و «ماء» مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ:
  • الجملة في محل جر صفة-نعت-لماء. انزل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. من السماء: جار ومجرور متعلق بأنزلنا
  • ﴿ فَاخْتَلَطَ‍ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ:
  • الفاء عاطفة. اختلط‍: اي فنما: فعل ماض مبني على الفتح. به: جار ومجرور متعلق باختلط‍ اي بسببه و «نبات» فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف. الارض: مضاف اليه مجرور وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ فَأَصْبَحَ هَشِيماً:
  • الفاء عاطفة. اصبح: فعل ماض ناقص من اخوات «كان».واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. هشيما: خبر «اصبح» منصوب بالفتحة. بمعنى: مهشوما مفتتا وهو من صيغ المبالغة: فعيل بمعنى مفعول.
  • ﴿ تَذْرُوهُ الرِّياحُ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من نَباتُ الْأَرْضِ» او يجوز ان تكون في محل نصب صفة-نعتا-لهشيما. تذروه اي تثيره او تفرقه الى كل جهة: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. الرياح: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ وَكانَ اللهُ:
  • الواو استئنافية. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله لفظ‍ الجلالة: اسمها مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً:
  • جار ومجرور متعلق بمقتدرا. شيء: مضاف اليه مجرور بالكسرة اي على كل شيء من الانشاء والاغناء. مقتدرا: خبر «كان» منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

الكهف: 32﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ
يس: 13﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ
الكهف: 45﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ عز و جل في المَثَلِ الأولِ حالَ الكافر والمؤمن، وما آل إليه ما افتخر به الكافر إلى الهلاكِ؛ بَيَّنَ هنا في المَثَلِ الثاني حالَ الدنيا وحقارتَها وسرعةَ زوالِها، وأن مصير ما فيها من النعيم والترفه إلى الهلاكِ، قال تعالى:
﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تذروه:
1- هذه قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- تذريه، رباعيا، من «أذرى» ، وهى قراءة ابن مسعود.
الرياح:
1- بالجمع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- الريح، بالإفراد، وهى قراءة زيد بن على، والحسن، والنخعي، والأعمش، وطلحة، وابن أبى ليلى، وابن محيصن، وخلف، وابن عيسى، وابن جرير.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف